في الواجهةمقالات قانونية

تبوث العلاقة الزوجية الغير موثقة بعد انقضاء الفترة الانتقالية ما بين النص والإجتهاد القضائي

بحث لنيـل الإجازة الأساسية في القـــانــون الخاص

حول موضوع

تبوث العلاقة الزوجية الغير موثقة بعد انقضاء الفترة الانتقالية ما بين النص والإجتهاد القضائي

الموسم الجامعي:

2023/2024

تحت إشراف الدكتورة : سعدية أمغرير

تأطير : عادل نصير

طالب باحث بسلك الدكتوراه

من انجاز الطلبة :

Ali assamou 21004363

Mariam assamou 21002378

بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى { يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبت منهما رجالا كثيرا ونساء واتقو الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } سورة النساء الآية

هذا العمل هو عبارة عن تعليق على قرار صادر عن محكمة النقض المغربية رقم 358 صادر بتاريخ 21 يونيو 2022 في الملف الشرعي رقم 372/2/1/2022

كلمة شكر وتقدير

نتشرف بأن نتقدم بالشكر الجزيل وعظيم الإمتنان إلى الأستاذة المشرفة على هذا العمل وكذلك الطالب الباحث بسلك الدكتواه عادل نصير وذلك بمواكبتهم الدائمة ومجهوداتهم المبدولة بالإرشاد والتوجيه من بداية البحث إلى غاية إتمامه فجزاهم الله عنا خير الجزاء.

كما نتوجه بالشكر لكافة الأساتذة الأجلاء الذين عملو طيلة هذه السنوات بدون كلل ولا ملل في سبيل تكوين رجال ونساء المستقبل، فألف تحية وشكر لكم.

إهداء

نهدي هذا العمل المتواضع إلى كل من كان لنا سندا في تكويننا سواء الشخصي والعملي وإلى كل من كان له الفضل علينا وإلى كل من علمنا حرفا في مسارنا الدراسي وإلى كل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاز هذا البحث ونرجو من العلي أن يوفقنا في قادم الأعمال إن جاء الله

جدول الرموز

ط الطبعة
ص الصفحة
ج الجزء
م س مرجع سابق
ع عدد
ق ل ع قانون الإلتزامات والعقود

مقدمة

تتلخص وقائع القرار المنشور تحت عدد 358 الصادر بتاريخ 2022 يونيو 21 في الملف الشرعي رقم 2022/1/2/372 أنه بتاريخ 14 غشت 2021 تقدم زوجان بمقال إلى المحكمة الابتدائية بمراكش قسم قضاء الأسرة، زعما فيه أنهما متزوجان منذ يناير 2007 زواجا عرفيا أي “زواج الفاتحة” [1]وأنهما أقاما حفلا حضره كافة العائلة وسمي فيه الصداق، إلا أنه لظروف خارجة عن إرادتهما حالت دون توثيق عقد الزواج في وقته، فضلا على أنه نتج عن علاقتهما ولادة تلاثة أبناء، المولود الأول ولد بتاريخ 2008/11/24 والثاني بتاريخ 2010/1/14 أما التالث فولد في 2014/9/25، وأنهما يرغبان في تصحيح الوضع القائم والتمسا من المحكمة الحكم بثبوت الزوجية بينهما منذ يناير 2007 إلى الآن مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك، بالإضافة الى أنهما أدليا بوثائق تفيد مزاعمهما وبعد إجراء المحكمة بحثا مع الطرفين والإستماع إلى شهادة الشهود، أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها بتاريخ 2021/11/8 بقيام العلاقة الزوجية منذ يناير 2007 إلى غاية التاريخ المذكور، وهو ما لم تستسغه النيابة العامة فستأنفته والتمست بإلغاء الحكم الابتدائي مؤسسة استئنافها على أن قبول سماع دعوى الزوجية المنصوص عليه في المادة 16 انتهى العمل بها من عشية يوم 2019/2/25 والتمست بإلغاء الحكم المطعون فيه لعدم ارتكازه على أساس قانوني، و بعد التصدي الحكم برفض الطلب أصدرت محكمة الاستئناف قرارها بإلغاء الحكم الابتدائي والحكم من جديد بعدم قبول الدعوى، وهو ما تم الطعن فيه من طرف الزوجان بالنقض، تضمن وسيلتين مجتمعتين للإرتباط بخرق القانون وعدم الإرتكاز على أساس قانوني سليم و فساد التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أنه وإن كانت المادة 16 من مدونة الأسرة وإن حددت الفترة الانتقالية لسماع دعوى الزوجية خلالها فإنها لم ترتب أي جزاء حيال وضع ثبوت الزوجية بعد انتهاء المدة الزمنية لذلك، خاصة وأنه لم ترتب عن سماعها بعد تلك الفترة ضرر لأي طرف ثم أن الدعوى قد رفعت من طرفي أصحاب العلاقة باعتبارها مدعين، مع أن الغاية من التمديد لعدة مرات الحفاظ على شرف المرأة ونسب الأولاد، وبناء على كل ما ذكر أصدرت محكمة النقض قرارها بنقض القرار الاستئنافي و إحالة القضية وطرفيها على نفس المحكمة للبت فيها بهيئة أخرى طبقا للقانون و تحميل الخزينة العامة المصاريف.

:إشكالية البحث

إن الإشكال التي يثيره القرار موضوع التعليق يتمحور حول مدى إمكانية إثبات العلاقة الزوجية الغير موثقة بعد انقضاء الفترة الانتقالية على ضوء الاجتهاد القضائي؟ ثم هل المحكمة وفقت في تطبيقها للنص القانوني أم هي خارجة عنه ؟ ثم هل هذا القرار يواكب العمل القضائي أم يخالفه ؟

:فرضية البحث

للإجابة على هذه الإشكالات يستدعي منا بالضرورة وضع فرضية أساسية لإعطاء تصور فرضي لهذا الإشكال، وهي أننا نفترض بأن ما ذهبت إليه محكمة النقض هو توجه صائب نظرا لما تتسم به هذه المؤسسة من مهنية عالية بفضل ما تزخر به من قضاة لهم دراية كبيرة بالمجال القانوني، فظلا على أنها محكمة قانون لها سلطة المراقبة على محاكم الموضوع للتطبيق السليم للقانون، بغض النظر كذلك على توحيد التوجه القضائي لمحاكم الموضوع، وعليه فعند تحليلنا للموضوع سنتحقق من صحة هذه الفرضية من عدمه.

:أهمية البحث

يحضى موضوع البحث بأهمية كبيرة ولاسيما وأن الأمر يتعلق بقضية من القضايا الأسرية التي نالت حضها من النقاشات والتجاذبات الفكرية بين مختلف التوجهات، والأمر هنا يتعلق بإثبات العلاقة الزوجية الغير موثقة بعد انقضاء الفترة الانتقالية، هذا الموضوع عرف ظهوره للساحة منذ صدور مدونة الأسرة لسنة 2004 إلى يومنا الحالي، بحيث أن المشرع سمح للأزواج الذين لم يوثقو عقود زواجهم وفقا الشكلية التي يرتضيها القانون، وذلك في ظرف فترة انتقالية حددت في بداية الأمر في خمس سنوات وتم تمديدها إلى أن حددت في خمسة عشر سنة، وبعد انصرام هذا الأجل لم يتدخل المشرع المغربي لتمديد آخر مما جعل القضاء يأخد موقفا بشأن ذلك وهو القرار الذي اتخدناه موضوع البحث، ومن هذا المنطلق نود أن نرى في هذا الموضوع مدى جدية القرار الذي اتخدته محكمة النقض ومدى قدرته .على حلحلة هذا المشكل الذي يؤرق النظام القانوني للأسرة

:الدوافع

تتمتل دوافع اختيار الموضوع فيما يلي:

  • كون هذا الموضوع محط جدل من قبل العديد من المهتمين، وكذلك أن هذا الموضوع يجد نفسه على الساحة كلما أوشكت الفترة الانتقالية من الإنتهاء.
  • الوقوف عند كيفية تفسير القضاء للنصوص القانونية، ومدى مساهمة الإجتهاد .القضائي والفقهي في تجويد القاعدة القانونية

:الصعوبات

إن أهم الصعوبات التي واجهتنا ونحن بصدد إخراج هذا العمل إلى حيز الوجود تتمتل :في تلاثة نقاط أساسية

أولا: البحث عن المراجع المؤطرة لهذا الموضوع والتي تكاد تنعدم، إلا أنه لتوفيق من الله .تغلبنا على هذا العائق

ثانيا: إعداد تصميم للموضوع لكون أن تقسيم القرار ليس بالأمر الهين على عكس البحوث العادية، لأنه لتسهيل مأمورية الوصول إلى تقسيم دقيق للقرار يستدعي البحث عن قرار يتضمن وسيلتين فقط أو تلاث، إلا أن ذلك لا يعني أن القرار الذي توجد فيه وسيلة واحدة لا يمكن إخراج منه تصميم، فقط الأمر يحتاج إلى مجهود مضاعف من طرف الباحث مع .اعتبار أن القدرات العقلية للأشخاص متفاوتة

تالثا: فتتجلى في منهجية التعليق على قرار قضائي، هذه الأخيرة تفرض على الباحث استبعاد بعض النقاط التي لا أهمية لها وتجعل تركيزه ينصب فقط في مناقشة الإشكاليات التي يثيرها .القرار دون الخروج عن هذا الإطار

:المنهج المعتمد

اعتمدنا في دراستنا لهذا الموضوع على تلاث مناهج وهي المنهج الوصفي والتحليلي القانوني والنقدي، بحيث أنه اعتمدنا على المنهجين التحليلي القانوني والوصفي من خلال تحليل للنصوص القانونية ووصفها واستحضار الإجتهادات القضائية والوقوف عند آراء الفقهاء مع إبداء رأينا في الأمر، فضلا عن ذلك فإننا لا نتردد في إعمال الجانب النقدي على مستوى الأحكام القضائية كلما اتضح لنا أنها لا تتماشى مع غاية المشرع، دون أن نغفل على المنهج المقارن وذلك من خلال الإنفتاح على أهم التجارب الدولية وطريقة معالجتها لهذا الإشكال وتحديدا العربية منها .

لتناول هذه الإشكالية بالدراسة وكذا التحقق من مدى صحة الفرضية التي وضعناها :سابقا فإننا سنعمل على تقسيم هذا الموضوع وفق الشكل الآتي

المطلب الأول : دور القضاء في إثبات العلاقة الزوجية الغير موثقة بعد انقضاء الفترة .الانتقالية

المطلب الثاني : توجه المحكمة بين الاجتهاد الفقهي والعمل القضائي وأهم تداعياته .الاجتماعية

المطلب الأول

دور القضاء في إثبات العلاقة الزوجية الغير موثقة بعد انقضاء الفترة الانتقالية

إن عقد الزواج يعتبرأهم وثيقة إتباتية يعتمد عليها عند نشوء أي نزاع، ويحتج بها في مجال ثبوت الزوجية أو النسب أو الإرث مما يستلزم كتابة عقد الزواج وفق الشكل المطلوب قانونا، لذا عتبرت مدونة الأسرة وثيقة الزواج الوسيلة الوحيدة المقبول لإثباته، بيد أنها أبقت الباب مفتوحا لسماع دعوى الزوجية عندما يتعذر توثيق عقد الزواج في وقته لسبب من الأسباب و التي اشترط فيها المشرع أن تكون قاهرة، وذلك خلال فترة انتقالية حددت بداية في خمس سنوات وقع تمديدها مرتين إلى أن حددت في خمسة عشرة سنة، فمنحت المحكمة صلاحية البحث عما يؤكد وجود هذه العلاقة ،حيث يمكن لها في إطار الفصل في الدعوى اللجوء إلى سائر وسائل الإثبات بما فيها الخبرة .

وعلى هذا المنحى إرتأينا مناقشة السبب القاهر الذي حال دون توثيق عقد الزواج موضوع القرار وكيف تم تقديره من طرف القضاء في (الفقرة الاولى) على أن نوضح الوسائل التي .)استندات عليها المحكمة في إثباث العلاقة الزوجية في (الفقرة التانية

الفقرة الأولى: توقف سماع دعوى الزوجية على إثبات السبب القاهر

مما لاشك فيه أن إنشاء عقد الزواج أضحى يستلزم فيه توفر الشكلية لانعقاده قانونا، كما أنه هو الوسيلة الوحيدة لإثبات العلاقة الزوجية وفقا لنص الفقرة الأولى من المادة 16 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه ” تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة الوحيدة المقبول لإثبات الزواج…” [2]، فالمشرع المغربي سواء في إطار مدونة الأسرة أو مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، خالف ما سار عليه نهج الفقهاء وأقر بضرورة الإشهاد على الإيجاب والقبول بين الزوجين من طرف شاهدي عدل منتصبين عند إبرام العقد وليس عند الدخول، كما خالفت من جهة أخرى موقف جمهور الفقهاء القائل برضائية عقد الزواج، إلا أنه وزيادة في صيانة الحقوق في توثيقه و تحصينه بكتابة رسم يتضمن الإشهاد، لكنه في بعض الأحيان ينشأ عقد الزواج بدون احترام هذه الشكلية نظرا لمجموعة من الظروف الخاصة بكل حالة على حدة، وهو ما عبر عنه المشرع بالظرف القاهر المشار إليه في الفقرة التانية من المادة 16 بقوله ” إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته …”، والذي من خلاله أعطى فرصة لمن لم يسعفه الحال في توثيقه بالشكل المطلوب قانونا عن كطريق رفع دعوى أمام القضاء بثبوت العلاقة الزوجية كما هو الأمر مع النازلة موضوع القرار التي كانت موضوع زواج غير موثق.

إلا أنه لم يبين في مدونة الأسرة مفهوم السبب القاهر[3]الواجب اعتماده في هذا الصدد ربما الأمر يتعلق بوقائع قد تختلف وتتغير من نزاع لآخر، مع ملاحظة أن المشرع يتحدث عن الأسباب مما يفيد ضمنيا تعددها، صحيح أن المشرع كان يتحدث في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة عن حالة الإستثناء وهو حاليا يتحدث عن الأسباب القاهرة، ويرى أحد الفقه أن الأمر يتعلق بتهذيب في الصياغة وضبطها لا بتغيير في جوهر المفهوم، وهكذا عرفه بأنه كل عقبة مادية حالت عمليا دون الإشهاد على عقد الزواج وتوثيقه أمام العدلين المنتصبين .للإشهاد[4]

انطلاقا من هذا التعريف يستشف بأن مفهوم السبب القاهر يتعلق فقط بالأسباب الواقعية .التي حالت دون توثيق عقد الزواج دون الأسباب القانونية

مما لاشك فيه أن إثبات السبب القاهر الذي حال دون توثيق العقد في وقته يعتبر مقدمة أولية لقبول دعوى إثبات الزوجية، حيث بعدم إثبات ذلك السبب يجب مبدئيا ونظريا التصريح بعدم قبول الدعوى المتعلقة بذلك الإثبات[5]، وهو ما أكده قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالناظورعلى أنه : ” وحيث إنه بمراجعة وثائق الملف ومستنداته لم تقف المحكمة عند أية أسباب قاهرة حالت دون توثيق المستأنف عليهما لعقد الزواج، هذا فضلا على أن السيد …متزوج بالمسماة…وهو الظرف الذي يحتم عليه سلوك مسطرة التعدد لا مسطرة سماع دعوى الزوجية.”[6]

وبالرجوع إلى القرار الذي بين أيدينا فإنه لم يشر إلى طبيعة تلك الأسباب التي اعتمدت عليها المحكمة الابتدائية بمراكش عند قبولها لسماع الدعوى، بحيث أن قرارالنقض أثناء إيراده للوقائع ذكر ” حيث… ، أن الطاعنين (أ) و (ب) تقدما بتاريخ 14غشت 2021، بمقال إلى المحكمة الابتدائية بمراكش قسم قضاء الأسرة، عرضا فيه أنهما متزوجان منذ يناير 2007 بإقامة حفل زفاف حضره جميع العائلة وسمي فيه الصداق، وأن ظروفا خارجة عن إرادتها حالت دون توثيق العقد في وقته “، والملاحظ أن الحكم الابتدائي لم يشر إلى الأسباب التي منعت الأطراف من توثيق عقد زواجهم بالشكل المطلوب، وفي هذا الشأن يرى أحد الفقه بأنه يتم المبالغة كثيرا في تقدير السبب المانع من لدن القضاء، فأحيانا لا يتم إظهارالمقصود به من لدن الطالب ومع ذلك تستجيب المحكمة للطلب، وأحيانا أخرى لا يجلي الحكم مظاهر وتجليات السبب المانع من خلال وقائع النازلة، وقد يورد بصفة عامة مرسلة، أو يعدد الواقعة دون بيان السبب المانع فيها،[7] لكن نفترض أن هذه الظروف جديرة بقبول سماع الدعوى، وذلك بناء على قناعة المحكمة في إطار سلطاتها التقديرية .

ويدخل ضمن الأسباب القاهرة التي اعتبرها القضاء مبررة لسماع دعوى الزوجية، تواجد طرفي الطلب بمنطقة نائية تنعدم فيها المصالح الإدارية لتوثيق عقد الزواج [8].

كما أن هناك أحكام وقرارات قضائية جعلت من عدم الحصول على الإذن سببا قاهرا يبرر سماع دعوى الزوجية، كما هو الشأن بالنسبة لعدم تمكن جندي من الحصول على الإذن بالزواج.[9]

ويمكن القول بأن الأسباب التي تم ذكرها، لا تعد أسباب حصرية لسماع دعوى الزوجية بصفة استثنائية، إذ يمكن أن تثار أسباب أخرى جدية تستدعي إنقاد العلاقة الزوجية، فصعوبة التنبؤ والتوقع تقتضي إذن منح القاضي السلطة التقديرية في التعامل مع كل قضية حسب الوقائع المعروضة أمامه، ليهتدي إلى الحل الأنسب مع مراعاة الضوابط والشروط المقررة من قبل المشرع[10].

ويرى أحد الفقه بأن الأسباب القاهرة تقدرها المحكمة وفق قناعاتها إذ تكون هذه الأسباب موضوعية كعدم وجود محكمة الأسرة أو ظروف أخرى حالت دون كتابة رسم الزواج [11].

وبناء على ما تقدم فإن قبول سماع دعوى الزوجية، لا يستفاد منه إثبات قيام العلاقة الزوجية، وإنما يعدو فقط أن يكون انتقالا إلى مرحلة ثانية من مراحل الدعوى، وهو ما يستفاد من نص الفقرة الثانية من المادة 16 من مدونة الأسرةعندما بدأت بالقول” إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة “، فالمرحلة الأولى تتمتل في تحقق المحكمة بداية من توفر السبب القاهر والتتبث من مدى جديته، ثم تمر بعد ذلك إلى الإعتماد على سائر وسائل الإثبات لإثبات العلاقة الزوجية.

الفقرة الثانية: الوسائل التي استندت عليها المحكمة في إثبات العلاقة الزوجية

خلافا لمدونة الأحوال الشخصية الملغاة التي كانت تقرر أنه يمكن استثناء إثبات العلاقة الزوجية عن طريق البينة الشرعية، والتي كانت في عرف القضاء المغربي مرادفة لشهادة اللفيف،[12] فإن مدونة الأسرة قد أعطت من خلال المادة 16 للمحكمة سلطة واسعة بشأن وسائل إثبات العلاقة الزوجية.

ومعلوم أن تعامل القضاء مع هذه المادة يجب أن يتم على أساس أنها كاشفة لعقد الزواج لا منشئة له، ففي إطارها يكون العقدقائما بأركانه وشروطه سلفا، أما مقتضياتها فتعمل على .كشفه ليس إلا[13]

والمحكمة حين تنظرفي دعوى الزوجية، تجري البحث عن الظروف والقرائن المؤكدة أوغير المؤكدة لوجود العلاقة الزوجية، معتمدة في ذلك جميع وسائل الإثبات وكذا الخبرة، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية[14].

لكن قبل مناقشة وسائل الإثبات التي استندت عليها المحكمة في قضائها، يجب أولا أن نشيرإلى أن دعوى ثبوت الزوجية موضوع القرار، تم رفعها أمام المحكمة الابتدائية بمراكش قسم قضاء الأسرة بتاريخ 14 غشت 2021، أي خارج فترة التمديد المحددة في الفقرة الأخيرة[15] من المادة 16 والتي انتهى العمل بها بتاريخ 2019/2/5، حيث جاء نص الفقرة على أنه ” يعمل بسماع الزوجية في فترة انتقالية لاتتعدى خمسة عشر سنة ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ “.

بناء على الفقرة أعلاه فإن المشرع وضع مدة محددة يمكن فيها قبول سماع دعاوى الزوجية التي يكون موضوعها إثبات الزيجات الغير موثقة، [16]عن طريق اللجوء إلى المحكمة قصد استصدار حكم قضائي يثبت هذه العلاقة التي تعذر توثيقها لأسباب قاهرة، ويستفاد من قول المشرع بشكل ضمني أن الدعاوى التي ترفع بعد انتهاء هذه المدة فسيكون مآلها رفض الطلب، إلا أن القضاء استمر في سماع دعوى الزوجية كما هو الحال مع الحكم الابتدائي المشار إليه أعلاه، ويستندون في ذلك إلى أن المادة 16 تحدتث فقط عن سماع دعوى الزوجية أتناء الفترة الانتقالية ولم تنص على دعاوى ثبوت الزوجية المرفوعة بعد انقضاء الفترة الانتقالية، وكنتيجة لذلك فإنه فيما لم يرد به نص في مدونة الأسرة يرجع فيها إلى المذهب المالكي والاجتهاد القضائي الذي يراعى فيه تحقيق قيم العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف[17]

وبالرجوع إلى نازلة الحال فإنها ذكرت أنه ” حيث يستفاد من وثائق الملف، والقرار المطعون فيه المشار إلى مراجعة أعلاه، أن الطاعنين (ع.ع) و (ر.ح) تقدما بتاريخ 14غشت 2021 بمقال إلى المحكمة الابتدائية بمراكش قسم قضاء الأسرة، عرضا فيه أنهما متزوجان منذ يناير 2007 …” .

يستفاد مما ذكر أن الطرفين أي الزوجان قد أقرا[18] بقيام العلاقة الزوجية بينهما، عن طريق رفعهم الدعوى أمام القضاء لاثبات العلاقة الناشئة بينهما منذ يناير 2007.

تم إن ما توصلت به المحكمة الابتدائية في حكمها، لم يقتصر فقط على إقرار الأطراف، بل أنها زكت هذا الإقرار بشهادة الشهود حيث أن القرار ذكر “…وبعد إجراء بحث مع الطرفين والشهود…” والملاحظ أن الحكم الابتدائي وإن استند إلى شهادة الشهود فإنه لم يذكر عدد الشهود المستمع إليهم، وموازاة مع ذلك فأن محكمة النقض في السابق لا تقبل شهادة الشهود إلا إذا توفرت على النصاب الشرعي للشهادة، حيث جاء في أحد قراراتها مايلي ” لئن كانت المادة 16 من مدونة الأسرة، أجازت بصفة انتقالية سماع دعوى الزوجية وإثباتها بجميع وسائل الإثبات ومنها شهادة الشهود، فإنه يجب أن تتوفر الشهادة على النصاب الشرعية المتمثل في شاهدين عدلين أو مايعادلهما من لفيف يتكون من إثني عشر شاهدا، كما هو مقرر في المشهور في المذهب المالكي، والمحكمة لما استندت في إثباث العلاقة الزوجية بين الطرفين على مجرد تصريحات تلاثة شهود غير عدول، تكون قد خرقت القواعد الفقهية المقررة وعرضت قرارها النقض “[19] غيرأنها استعاضت عن النصاب وجعلته مقتصرا على التنازع في العلاقة الزوجية فقط [20].

بالإضافة إلى ما سبق فإن وجود أطفال مابين الزوجين ورفع الدعوى في حياة الزوجين يزيد من إحتمالية إثبات العلاقة الزوجية إعمالا للفقرة التالثة من المادة 16من مدونة الأسرة التي جاءت بالقول “ تأخذ المحكمة بعين الإعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين”، ويستنتج أحد الفقه من هذا المقتضى أن المشرع يهدف إلى ترجيح جانب المرأة التي ترفع دعوى إثبات العلاقة الزوجية، مع وجود أطفال أو حمل عن تلك العلاقة يجب على القضاء .حفظ نسبهم[21]

وبالرجوع إلى النازلة فإن كافة الشروط المذكورة فإنها متوفرة، ومنها أولا أن الزوجين قاما برفع الدعوى في حياتهم، وثانيا أن الزواج انعقد في يناير 2007 أي بعد دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، وتالثا أن هذة العلاقة توجت بإنجاب تلاثة أبناء المولود الأول ولد في 2008/11/24 والثاني ولدت في 2010/1/14 أما التالث فولد بتاريخ 2014/9/25، وعليه أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها بتاريخ 2021/11/8 بقيام العلاقة الزوجية بين الطرفين منذ شهر يناير 2007 واستمرارها إلى الآن، مع ترتيب كافة الآثار القانونية وإنجابهما الأولاد المشارإليهم أعلاه.

لكن سرعان ما تم الطعن بالاستئناف في الحكم أعلاه من طرف النيابة العامة ومركزة استئنافها كما أشار إليه القرار،على أن العمل بالمادة 16 من مدونة الأسرة بعد التمديد توقف من عشية يوم 2019/2/25، وأن المحكمة جانبت الصواب فيما قضت به، والتمست إلغاء الحكم المطعون فيه لعدم ارتكازه على أساس قانوني، وبذلك أصدرت محكمة الاستئناف قرارها بإلغاء الحكم المستأنف، والحكم من جديد بعدم قبول الدعوى.

الأمرالذي لم يلقى ترحيبا وقبولا من طرف الزوجين، مما كان معهم إلا الطعن في القرار بالنقض تضمن وسيلتين مجتمعتين، للإرتباط بخرق القانون وعدم الإرتكاز على أساس قانوني سليم، وفساد التعليل الموازين لانعدامه، أجابت المحكمة (محكمة النقض) عليهما، في شأن الوسيلة الأولى أجابت بقولها “…والمحكمة مصدرة القرار لما عللت ماقضت به من عدم قبول دعوى الطاعنين بأن أجل سماع دعوى الزوجية يجب أن يتم قبل 5/2/2019 أي قبل انتهاء فترة التمديد، وأن تقديمها بتاريخ 14/08/2021 أي خارج فترة التمديد يجعلها غير مؤسسة على القانون، والحال أن الزواج المدعى به يعود لسنة 2007 الذي كانت وقته الفترة الانتقالية ما تزال سارية المفعول والتي لم تنته إلا في 5/2/2019، فإنها بذلك خرقت القانون، وعرضت قرارها النقض”.

وبناء على ما ذكر أعلاه، فإنه يلاحظ من جواب محكمة النقض أنها ألغت القرار الاستئنافي، الذي قضى بعدم قبول سماع دعوى الزوجية بعلة أن رفع الدعوى بعد انتهاء فترة التمديد المشار إليها سلفا يجعلها غير مؤسسة على أساس قانوني سليم، بحيث انطلقت في أساس حكمها على الفقرة الأخيرة من المادة 16من مدونة الأسرة ، ويفهم منها بمفهوم المخالفة أن الدعاوى المرفوعة بعد هذه المدة سيكون مآلها هو عدم القبول لكون الحق المطالب به قد طاله السقوط.

إلا أن محكمة الاستئناف لم تنتبه إلى نقطة مهمة في الدعوى حسب محكمة النقض، وهي أن الزواج موضوع الدعوى قد انعقد في سنة 2007 الذي كانت آنذاك الفترة الانتقالية ما تزال سارية المفعول، ولم تنته إلا بتاريخ 2019/2/5 بحيث أوردت ” …والحال أن الزواج المدعى به يعود لسنة 2007 الذي كانت وقته الفترة الانتقالية ما تزال سارية المفعول، والتي لم تنته إلا في تاريخ 2019/2/5، فإنها بذلك خرقت المادة 16 المذكورة، وعرضت قرارها النقض”.

يلاحظ أن محكمة النقض انطلقت من فكرة وهي أن قبول سماع دعوى الزوجية لا يتوقف على تقديم الدعوى بعد انصرام فترة التمديد، إذا كان الزواج نشأ أثناء الفترة الانتقالية، لكن حسب نظرنا فإن مضمون المادة 16 لا يصب إلى ما آلت إليه محكمة النقض، بحيث نصت على أنه “يعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمسة عشر سنة ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ “، إن القراءة المتأنية لهذه الفقرة والتدقيق في ألفاظها ، يؤكد لنا أن المشرع لم يعط أي إشارة إلى أنه يمكن سماع دعوى الزوجية بعد هذه المدة بالإضافة إلى أنه استعمل أداة نفي الممتلة في حرف ” لا ” أي كأن المشرع يقول لا يمكن قبول سماع دعوى الزوجية بعد هذه المدة، وبتالي سيصبح عقد الزواج الوسيلة الوحيدة المقبول لإثبات الزواج عملا بالفقرة الأولى من المادة 16.

أما فيما يخص الوسيلة الثانية التي أعابها الطاعنان على القرار الاستئنافي، ألا وهي فساد التعليل الموازين لانعدامه، أجابت عنها محكمة النقض بقولها، ” …ثم إنه على فرض انتهاء الفترة الانتقالية، ودونما وجود نص يحدد تاريخ سماع دعوى الزوجية فإنه يرجع حينئذ للنظر فيها، طبقا للمادة 400 من مدونة الأسرة إلى المذهب المالكي، والإجتهاد القضائي الذي يراعى فيه تحقيق قيم العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف، ولما لم تعتمد المادة 400 المذكورة فإنها قد خرقت القانون، وعرضت قرارها النقض.”.

يلاحظ من التعليل أن محكمة النقض أكدت على أنه، وإن كانت الفترة الانتقالية تم انتهاء العمل بها ودونما وجود نص يحدد تاريخ سماع دعوى الزوجية، فإنه يرجع حينئذ للمذهب المالكي والاجتهاد القضائي، وبالرجوع إلى المادة 400 فإنها تنص على أنه ” كل ما لم يرد به نص بهذه المدونة يرجع إلى المذهب المالكي والاجتهاد القضائي …”، بمعنى أنه في حالة عدم وجود نص خاص في مدونة الأسرة يؤطر قضية من القضايا الأسرية، فإنه يرجع حينئذ للنظر فيها اعتمادا على المذهب المالكي والاجتهاد القضائي، الذي يعتبر قاعدة احتياطية يمكن الركون إليها، والحال أنه في هذه النازلة يوجد نص خاص يحدد تاريخ سماع دعوى الزوجية، ألا وهو ما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 16، وكنتيجة لانتهاء تلك المدة سيصبح عقد الزواج شرط إنعقاد وليست وسيلة إثبات كما سلفت الإشارة إليه سابقا.

وانطلاقا مما سلف يتضح لنا أن محكمة النقض وإن كانت خارجة عن النص القانون :فإن ذلك راجع إلى مجموعة من الأسباب يمكن تعدادها في ما يلي

  • أن نازلة القرار نتج عنها ثلاتة أطفال مما يستدعى حماية نسبهم من الضياع، والحفاظ .كذلك على شرف المرأة الذي يعتبر من الأهداف التي يسمو القانون لبلوغها
  • وأن عدم تدخل المشرع المغربي لتمديد فترة سماع دعوى الزوجية جعل القضاء .أمام مأزق تشريعي، الأمر الذي يستدعي اتخاد قرار سليم يحيط بكافة جوانب النازلة
  • ثم أن طبيعة المجتمع المغربي التي تتسم بطغيان الأعراف والعادات التي تستحكم .فيه مما يجعل القاعدة القانونية ضعيفة أمامها
  • .بالإضافة إلى أن التفكير المجتمعي مافتئ يتشبث بكل ماقرره فقهاء المالكية

ولابد للإشارة إلى أن القرار تطرق إلى نقطة في غاية الأهمية عند قوله “ ثم إنه على فرض إنتهاء الفترة الانتقالية، ودونما وجود نص يحدد تاريخ سماع دعوى الزوجية ، فإنه يرجع حينئذ للنظر فيها، طبقا للمادة 400 “ هنا يمكن للقارئ البسيط أن يفهم أن محكمة النقض تتحدث في النازلة موضوع القرار فقط بل الأكثر من ذلك، فهو لم يتوقف عند حدود المدة الزمنية المشمولة بالمقتضيات المتعلقة بدعوى ثبوت الزوجية الواردة أحكامها في المادة 16 بل نظر إلى الحالة في جميع إفتراضاتها، سواء الحالات التي قد تقع خلال الفترة المشمولة .بدعوى سماع الزوجية أو تلك التي قد تقع بعد انقضاء تلك لفترة[22]

إن كل ما تمت الإشارة إليه في هذا الصدد يجعلنا نتسائل، هل هناك أحكام وقرارات موافقة أو مخالفة لما ذهب إليه القرارموضوع الدراسة ؟ وما موقف الفقه من هذا التوجه ؟ تم ماهي تداعيات والآثار التي يمكن أن يخلقها لنا هذا القرار؟.

كل هذه التساؤلات سيتم الإجابة سيتم الإجابة عنها في المطلب الثاني من هذه الدراسة.

المطلب الثاني

توجه المحكمة ما بين الإجتهاد الفقهي والعمل القضائي وتداعياته الإجتماعية

إن اعتراف القضاء بقبول سماع دعوى الزوجية المرفوعة بعد انقضاء الفترة الانتقالية، والتي كانت موضوع زواج صحيح نأشئ أثناء الفترة الانتقالية، مستجمع لكافة الشروط المقررة شرعا وخاصة ماجاء به المذهب المالكي ، بالرغم من عدم الإشهاد عليه من طرف عدلين شاهدين منتصبين كما نصت عليه المادة 13 من مدونة الأسرة، وعدم توثيقه كما حدده المشرع وفق الإجرءات المنصوص عليها في المواد 65 إلى غاية المادة 69، سيؤدي حتما إلى خلق نوع من التضارب ما بين آراء الفقهاء بين مؤيد ومعارض، وكذلك داخل ردهات المحاكم نفسها كما هو الحال مع النازلة موضوع الدراسة، وفظلا عن ذلك فإنه ستكون له آثار وانعكاسات اجتماعية على الأسرة التي تعتبر ركيزة أساسية في المجتمع المغربي، مما يستدعي ويلزم الدولة بجميع مكوناتها العمل على الحفاظ على هذه النواة من أي خطر قد يهدد استقرارها.

بناء على ذكر فإننا سنخصص (الفقرة الأولى) لدراسة موقف الإجتهاد القضائي والعمل القضائي من توجه محكمة النقض، على أن نعمل على مناقشة تداعياته والآثار التي يمكن أن تترتب عنه في (الفقرة التانية) .

الفقرة الأولى : توجه المحكمة في ظل الاجتهاد الفقهي والعمل القضائي

إن قبول سماع دعوى الزوجية الغير موثقة بعد انصرام فترة التمديد يعتبر من المواضيع التي تعرف تضاربا بين الفقهاء بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه، (أولا) على أن هذا التضارب شمل أيضا الأحكام القضائية المتعلقة به بالرغم من وضوح إرادة المشرع .بشأن ذلك (ثانيا)

أولا: الموقف الفقهي من قبول سماع دعوى الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية

تختلف آراء الفقه المغربي حول قبول سماع دعوى الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية، مابين مؤيد ومعارض لهذا الأمر، فبالنسبة للتوجه المؤيد لهذا الموقف نجد الفقيه محمد الكشبور الذي يرى أن من شأن إلغاء قاعدة إثبات عقد الزواج عن طريق أحكام تصدر عن المحاكم، أن يحول كتابة ذلك العقد بواسطة العدلين المنتصبين للإشهاد إلى شرط صحة فيه لا إلى وسيلة لإثباته، إضافة إلى أن من شأن ذلك أن يخلق تنافر بين مدونة الأسرة والفقه الإسلامي الذي لا يشترط الكتابة لإتمام عقد الزواج، فيغدو بالتالي عقد الزواج صحيحا أمام الله وباطلا أمام القانون، ذلك أن هذه المخالفة القانونية يجب ألا تكون على حساب الأنساب والأعراض التي يجب العمل على حفضها وهو المستفاد من المادة 16.[23]

وعلى هذاالنحو يرى الأستاذ محمد الأزهر[24] أنه كان من الضروري الإبقاء على المادة 16 في صياغتها القديمة نظرا لوجود تقاليد وعادات مستحكمة تحول دون الإمتتال لهذا المقتضىي التشريعي فكان من الأيسر توعية الناس وتيسير توثيق العقود، كما سار على هذا الدرب الأستاذ الحسين الموس [25] بحيث يرى أن عقد الزواج كما هو معلوم ليس كبقية العقود المالية حيث تترتب عنه آثار مهمة تشمل الأبناء والمجتمع بصفة عامة، ومن ثم كان بالإمكان الابقاء على إمكانية الإعتراف بالعقود العرفية والسماح بتوثيقها، أما بخصوص رأي الفقيه عبد الكريم شهبون[26] فيرى أنه كان من الأليق والأقفيد على المشرع الابقاء على تمديد الفترة الانتقالية، نظرا لما تعرفه البوادي من عادات وتقاليد وبعد الكثير من المناطق على المراكز القروية والحضرية، فإن الدولة ملزمة بتوعية الناس وتيسير توثيق العقود عليهم، وإعطاء مرحلة كافية لكي يتمكن الناس من توثيق عقودهم.

وعلى العكس من ذلك يوجد إتجاه آخر مخالف، يؤكد على ضرورة سد هذا المنفد واعتبار عقد الزواج شرطا لقيام العلاقة الزوجية، وفي هذا الإطار يرى الفقيه أحمد الخمليشي أن إجراءات توثيق عقد الزواج أضحت في الوقت الراهن ضرورة لا محيد عنها حماية لنسب الأطفال وحقوقهم، بل يرى أنه كان بالإمكان الاحتفاظ بالغرامة التهديدية التي كانت مقرر في المشروع لكل مسؤول عن عدم توثيق عقد الزواج[27].

وفي نفس المنحى يرى الأستاذ محمد الشافعي بأنه أصبح من الضروري إلزام الراغبين في الزواج إتخاذ الشكل الرسمي لإبرام عقد زواجهم، حيث يجب أن ينص المشرع .صراحة على معاقبة كل من أثبت زواجه بوسيلة أخرى غير رسم الزواج[28]

كما يضم الفقيه عادل حامدي صوته إلى الإتجاه الذي يرفض التمديد بحيث يرى أنه أصبح من الضروري إلزام الراغبين في الزواج إلتزام الشكل الرسمي لإبرام عقد الزواج على غرار ما يجري به العمل في العديد من الدول تفاديا للتنازع والتناكر، وحتى لاتبقى الكتابة مجرد شكلية زائدة ممكنة التدارك في كل لحظة وحين، وأن ينص المشرع على معاقبة كل من أثبت زواجه أو يريد إثباته بوسيلة أخرى غير رسم الزواج، أسوة بما توجبه بعض .القوانين العربية والتي لا تقبل إثبات الزواج إلا بحجة رسمية[29]

وفي هذا المقام كان لابد منا أن نتخد موقفا من هذين الإتجاهين، وعلى هذا الأساس فإننا سنتخد موقفا وسطا ما بين الإتجاهين معا، فمن جهة نؤكد على أن عقد الزواج لا بد أن تتوفر فيه الشكلية لانعقاده لكي نغلق هذا الباب الذي مافتئ يشككنا في قوة القاعدة القانونية، تم أن عقد الزواج ليس كباقي العقود الأخرى لكونه تترتب عنه آثار مهمة ليس فقط ما بين أطراف العلاقة بل تتعداها إلى ما دون ذلك، كما أن الوازع الديني قد انعدم في نفوس الأفراد مع ما يوازيه من انحطاط للقيم المجتمعية، مما يستدعى صون هذا الميثاق الغليظ بالكتابة وهوالذي قال عنه عزوجل{وكيف تاخدونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخدن منكم ميثقا غليضا }[30] واعتبارها شرطا للزواج، ويجب على المشرع أن يسن جزاء لذرء أي تلاعب على هذا النحو، ومن جهة ثانية فإننا نرى بضرورة التمديد لفترة رابعة لسماع دعوى الزوجية حتى يتم الإحاطة بكافة الزيجات الغير موثقة نظرا لانتشار الأمية وكسادها خاصة المناطق القروية أو بالأحرى الجبلية المنقطعة مع الحظارة والتطورالواقع في الوقت الحالي، بشرط أن تعمل الدولة بكل مكوناتها وفعاليات المجتمع المدني والأحزاب ومنابرالجوامع على نشر حملة واسعة ومكثفة لتوعية المواطنين بكل الوسائل المتاحة للتحسيس بأهمية توثيق الزواج عبر الرسم العدلي وفوائده وبأنه هو الطريق الوحيد للزواج، ومن إدعى الزواج بغير تلك الواسطة فيعاقب بعقوبات قاسية، وبغير ذلك فلا يمكن سد هذا النقص أما القول بضرورة التمديد دون هذه الاجراءات سيسقطنا في نفس الدوامة اللامتناهية.

إن هذا الاختلاف لا يقتصر فقط على الفقه بل يمتد ليشمل كذلك الأحكام والقرارات القضائية في حد ذاتها.

ثانيا: الموقف القضائي من قبول سماع دعوى الزوجية بعد إنقضاء الفترة الانتقالية

إن اختلاف آراء الفقهاء بشأن سماع دعوى الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية هو شيء محمود ولا بد من وجوده، لكن الإشكال هو وجود الاختلاف من داخل المحاكم فيما بينها، ما بين مطبق للنص القانوني تطبيقا حرفياً وبين مجتهد رغم وجود النص كما هو الحال مع القرار موضوع الدراسة، الأمرالذي يؤثر على سمعة القضاء ويؤدي إلى هتك حقوق المتقاضين، وهكذا نجد من بين الأحكام القضائية التي سمحت بقبول سماع دعوى الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية ما جاء به حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 2019/05/27 ما يلي:

” وحيث استمعت المحكمة إلى الشاهدين الذين أفادا بعد أدائهما اليمين القانونية بأن الطرفين متزوجان وأن العلاقة الزوجية بينهما لا زالت مستمرة إلى الآن.

عدم توثيق العقد يعد ظرفا استثنائيا ومانعا من توثيق عقد النكاح الخاص به وفق الأصول .المرعية لدى عدلين منتصبين للإشهاد عليه

وحيث إن الزواج المطلوب الإشهاد بثبوته قد انعقد مستوفيا لكافة أركانه وشروط صحته من ايجاب وقبول وصداقة معلوم ومحدد وولي ولم يبق سوى شكلية توثيقه.

وحيث إنه ولئن كانت المادة 16 من مدونة الأسرة تنص على أنه: ” تعتبر وثيقة الزواج…فإن واقع الحال أفرزاستمرار تسجيل القضايا المتعلقة بثبوت الزوجية مما يستدعي معه الأمر مراعاة الظروف التي جاءت في المادة 16 وهي وجود أبناء أو حمل ناتج عن العلاقة وأن نظر القضاء هو الحفاظ على مصالح الأبناء وكذا المرأة المطلوبة في ثبوت الزوجية يستوجب إعمال قواعد العدل والإنصاف المنصوص عليه شرعا طبقا للقاعدة القائلة بأن الضرر يزال وأنه لا ضرر أكبر من عدم قبول علاقة شرعية تامة أركان الزواج بين رجل وامرأة نتج عنها وجود أبناء، وأن من شأن عدم بقولها اعتبار الزوجين في علاقة غير شرعية مع ما يترتب عن ذلك من احتمال متابعتهما بالفساد، زيادة على أن من شأن ذلك اعتبار الأطفال ولدو خارج إطار العلاقة الشرعية وهو مايجعلهم في نظر القانون أبناء غير شرعيين لانتفاء الفراش المشترط من قبل المشرع، كما أن من شأن غمط حقوق المرأة والطفل المترتبة عن ذلك من نفقة وبيت الزوجية وتوارث وغيرها من الحقوق الشرعية الواجبة للمرأة والطفل معا، زيادة على الحقوق الشرعية، مما يكون معه ضررعدم قبول .العلاقة الزوجية السالفة الذكر ثابتا

وحيث أنه فظلا على كل ماذكر فإن الغاية من كتابة عقد الزواج هو إثبات تحققه وأن الكتابة ليست ركنا في العقد (قرار المجلس الأعلى عدد 511 بتاريخ 2006/09/13 ملف .شرعي )عدد 2005/2/1/581

وحيث إن الأساس القانوني الذي يجب أن يسار إليه لسماع الزوجية هو ما نصت عليه مدونة الأسرة في المادة 400 التي جاء فيها:” كل مالم يرد به نص خاص في المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد القضائي الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمسواة والمعاشرة بالمعروفف “.

وحيث إن أركان الزواج المتطلبة فيها متوفرة في نازلة الحال كما سلف وكما هي محددة فقها كما للشيخ الخليل : ” ركنه ولي وصداق ومحل وصيغة “.

:وهو ما أجمله ابن عاصم في قوله

والمهر والصيغة و الزوجان***** ثم الولي جملة الأركان

وحيث ثم إثبات الزواج المذكور كما هو متطلب فقها وفق ما للشيخ الخليل في مختصره الذي جاء فيه :” فصل إذا تنازعا في الزوجية، ثبتت ببينة، ولو بالسماع بالدف والدخان، وإلا فلا يمين “.

وحيث إنه وتحصيلا لما ذكر فإن المحكمة لا يسعها إلا التصريح بثبوت الزوجية .بين الطرفين[31]

وفي نفس السياق صدرحكم آخرحديث عن المحكمة الابتدائية بالجديدة حيث ذكر:

بناء على المقال الافتتاحي للدعوى الذي تقدم به المدعيان بتاريخ 2022/11/07 والمؤدى عنه الرسوم القضائية والذي يعرضان فيه أنهما متزوجين منذ 2019/08/15 وأنهما لم يتمكنا من توثيق عقد الزواج لأسباب قاهرة وأن زواجهما اشتهر وشاع وسط الأهل والأقارب، علاوة على أنهما يسكنان معا في ببيت الزوجية الكائن بعنوانهما أعلاه ويعاملان بعضها البعض معاملة الأزواج، وأنه نتج عن زواجهما ولادة الإبن إلياس، ملتمسا الإشهاد على قيام العلاقة الزوجية بين المعارضين وذلك منذ 2019/08/15 واستمرارها إلى الآن وإنجابهما للإبن إلياس بتاريخ 2021/09/19…

حيث إن الطلب جاء مستجمعا لكافة الشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين التصريح بقبوله من هذه الناحية.

وحيث يهدف الطلب إلى الحكم بثبوت الزوجية بين المدعيين وفق ما بسط بمقال الدعوى.

و حيث التمست النيابة العامة تطبيق القانون.

و حيث يجوز بصفة استثنائية وطبقا للمادة 16 من مدونة الأسرة سماع دعوى الزوجية واعتماد كافة الوسائل في إثباتها.

وحيث إنه، ولكن كانت الفترة الانتقالية المنصوص عليها بالمادة 16 من مدونة الأسرة قد انتهت إلا أنه يرجع في سماع دعوى ثبوت الزوجية إلى المذهب المالكي والاجتهاد القضائي الذي يراعى فيه تحقيق العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف طبقا لمقتضيات المادة 400 من مدونة الأسرة ( القرار رقم 1/358 بتاريخ 2022/06/21 الملف الشرعي عدد 2022/1/2/372) سيما أن روح المادة 16 من القانون المشار إليه أعلاه إنما شرعت حماية لشرف المرأة ونسب الأبناء.

و حيث إن المحكمة وتحققا منها من وجود رابطة شرعية صحيحة بين الطرفين ينقصها فقط التوثيق استمعت لهما، ولشهودهما الذين أكدوا أنهما تزوجا وفق كتاب الله وسنة رسوله منذ 2019/08/15 .

وحيث أكد الطالبان أن السبب المانع من إبرام عقد الزواج كون الطالبة كانت قاصرة

وحيث إن المحكمة واعتبارا منها لكون الدعوى قد رفعت من طرف الزوجين وأن دعوى ثبوت الزوجية كاشفة لزواجهم ولم تنشئها، إذ أكد الشهود أنهما متزوجان منذ 15/08/2019 وأن علاقتهما قد أسفرت عن إنجاب الإبن إلياس المزداد بتاريخ 19/09/2021، ورعيا منها في الحفاظ على الإستقرار الأسري إستنادا على وثائق الملف وماراج في الجلسة وعلى ما ذكر أعلاه، فقد ارتأت المحكمة الإستجابة للطلب

وحيث يتعين ترتيب كافة الآثار الشرعية الصحيحة على الزوجية موضوع الدعوى بعد ثبوتها

: وتطبيقا المواد… حكمت المحكمة

في الشكل: بقبول الدعوى

في الموضوع : بثبوت الزوجية بين المدعين السيد (أ) والسيدة (ب) منذ تاريخ 15/08/2019 .واستمرارها بينهما إلى الآن مع ما يترتب عن ذلك من على وجه شرعي صحيح[32]

في مقابل ذلك يجنح اتجاه قضائي آخر مخالف لما ذهبت إليه الأحكام المذكورة أعلاه، والتي طبقت القاعدة القانونية كما هي، ومن ذلك ماجاء به حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمكناس الصادر بتاريخ 2019/02/21 جاء فيه ما يلي:

” حيث يهدف الحكم إلى ثبوت الزوجية، وحيث أنه إذا حالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج في وقته إنما تقرر لفترة انتقالية وصلت في أقصاها إلى خمسة عشر سنة ابتداء من دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ بتاريخ 2004/2/5، وبعد مرور هذا الأجل فإن وثيقة الزواج وحدها التي تبقى الوسيلة المقبول لإثبات الزواج، وحيث إنه بذلك تكون الدعوى في جميع الأحوال غير مسموعة لتقدم المدعين بها بتاريخ 2019/2/6 أي بعد انصرام الفترة الانتقالية المذكورة أعلاه مما يتعين معه التصريح بعدم بقولها “.[33]

وفي حكم آخر صادر عن نفس المحكمةجاء فيه ” بناء على المقال الافتتاحي للدعوى والمؤدى عنهالرسوم القضائية بتاريخ 2019/02/8 يعرض فيه المدعيان بأنهما متزوجان ويتعاشران معاشرة الأزواج منذ مدة وأنجبا بنتا واحدة، وأن هذا الزواج تم بصداق محوز وبولي معروف وأنهما أقاما حفل زفاف حضره مجموعة من الشهود، لكنهما تعذر عليهما إبرام عقد الزواج لأسباب خارجة عن إرادتهما ….وحيث تبين للمحكمة من خلال إطلاعها على المقال أنه مؤشر عليه بتاريخ 2019/02/18، وحيث أن مدة سماع دعوى الزوجية انتهت بمضي الفترة الانتقالية بتاريخ 2019/02/05…وحيث أن المدعيان تقدما بطلبهما خارج الأجل القانوني واعتبارا لما ذكر يكون طلبهما أعلاه عديم الأساس ويتعين تبعا لذلك .التصريح بعدم قبوله وتحميل رافعيه الصائر[34]

من خلال استقراء الأحكام المشار إليها أعلاه يتضح أن أغلب الدعاوى المرفوعة إلى القضاء والتي تكون موضوع ثبوت الزوجية يتم قبولها مع التصريح بثبوت الزوجية إذا نتج عن العلاقة الزوجية أبناء أو حمل وذلك كله حماية لشرف المرأة ونسب الأبناء وما يترتب عن ذلك من آثار باستتناء بعض الأحكام كما هو مشار إليه سابقا، وبالمقابل فإن انتفاء الرابطة الزوجية بين طرفين لم ينتج عن علاقتهم أي حمل أوأطفال، لا يكون له أثر كبير بالنسبة لهما حيث يمكنهما في هذه الحالة إبرام زواج جديد بالكيفية التي نظمتها مدونة الأسرة إن كانا يرغبان فعلا في ذلك، أما ما ثم فيما قبل فأمره موكول إلى الله الذي يعلم الجوهر وما أخفى.[35]

إن الإتجاه الثاني الذي يرفض قبول سماع دعوى الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية لن يكون له وجود بعد صدور قرار محكمة النقض الذي فتح المجال لقبول سماع دعوى الزوجية لسماع دعوى الزوجية ولو بعد انصرام فترة التمديد المحددة في المادة 16، باعتبار محكمة النقض محكمة موحدة للتوجه القضائي لمحاكم الموضوع مما يعني أن هذه الأخيرة ملزمة باختيار هذا الدرب وإلا كان ماقضت به مناط النقض استناذا لمبدأ الرقابة القضائية، التي تقوم بها محكمة النقض على محاكم الموضوع، وفي هذا المقام لابد أن ننوه إلى نقطة مهمة وهي أنه وإن كانت محكمة النقض صائبة في قرارها بناء على أنها تهدف إلى حماية نسب الأطفال وشرف المرأة ، فإن ذلك لا يمنع من فتح المجال أمام المتحايلين على القانون فظلا عما سيكون له من تداعيات وآثار كبيرة على مستوى الأسرة المغربية.

الفقرة الثانية : آثار وانعكاسات إثبات الزواج الغير موثق بعد انتهاء الفترة الانتقالية

في واقع الأمر لا بد من التأكيد على أنه وإن كان هذا التوجه الذي اتخدته محكمة النقض يراعي مجموعة من الظروف الاجتماعية التي تفرض نفسها، من شأنه أن يفتح الباب أمام مصراعيه على ذو النيات السيئة للتحايل والقفزعلى النصوص القانونية مما يؤدي إلى اعتبار هذه النصوص كحبر على ورق وهو أمر غير مقبول، وخصوصا على تلك المنظمة لمسطرة التعدد (أولا) وزواج القاصر(ثانيا).

أولا : التحايل على مسطرة التعدد

يقصد بالتعدد هو تعدد الزوجات أي أن تكون أكثر من زوجة في ذات الوقت على ذمة زوج واحد، وحتى يتهرب الزوج من مختلف القواعدالموضوعية والإجرائية التي نصت عليها مدونة الأسرة،[36]التي تروم إلى التضييق ما أمكن من ظاهرة التعدد يقوم باللجوء إلى دعوى ثبوت الزوجية كلما رفضت الزوجة الأولى منح الإذن بالتعدد، إلا أن القضاء اعتبر أن عدم منح الزوجة للإذن لايرتقي لأن يعتبر ظرفا قاهرا حال دون توثيق عقد الزواج،[37] لا كنه سمح مع ذلك في بعض قراراته بسماع دعوى الزوجية رغم عدم التقيد بمسطرة التعدد خاصة بعد البناء بالزوجة الثانية ووجود الحمل أو الولد، معتبرا أن هذه المسطرة تطبق قبل كتابة العقد أما بعد ثبوت الزواج بالزوجة ووجود الحمل أو الولد فإنها تصبح متجاوزة.[38]

وهكذا جاء في قرار محكمة النقض [39]” …لما ثبت للمحكمة تراضي الطرفين على الزواج واشتهاره كما صرح بذلك المشهود وإنجاب الولد (…) وعدم وجود موانع وقضت بثبوت الزواج بينهما، فإنها قد طبقت المادة 16 من مدونة الأسرة، وأما ما يتعلق لمسطرة التعدد فإنها تطبق قبل كتابة العقد، ولذلك يبقى ما أثير غير جدير بالإعتبار ويتعين رفض الطلب “.

إن القول بأن مسطرة التعدد متجاوزة بعد ثبوت الزواج بالبناء بالزوجة الثانية ووجود حمل أو أولاد والسماح بسماع دعوى الزوجية، من شأنه أن ينسف مضمون مسطرة التعدد من أساسها لأن إثبات الزواج عن طريق دعوى ثبوت الزوجية لايتم اللجوء اللجوء إليه من الناحية العملية إلا بعد البناء بالزوجة الثانية ووجود حمل أو ولد ناتج عن العلاقة.

وما يمكن استنتاجه في هذا الإطار، أن الأحكام والقرارات القضائية التي اعتبرت عدم الحصول على الإذن أو الرخصة سببا قاهرا يبرر سماع دعوى الزوجية، ولئن كان تكييفها لا يبدو سليما من الناحية القانونية، إلا أنه قد يجد مبرراته في أسباب اجتماعية[40] بمعنى أن المحكمة كلما ثبت لها وجود حمل أو أطفال عن العلاقة الزوجية فإنها تصرح بثبوت الزوجية حفاظا على حقوق الأطفال وشرف المرأة.

ومن هنا يتضح الوقع الكبيرالذي يمكن أن يخلفه هذا القرار موضوع التعليق، إذ أن من شأنه الزيادة في تعميق هذا الفج، وبذلك يمكن لكل من أراد الزواج بزوجة ثانية يشترط فيه فقط للإستجابة لطلبه البناء بالزوجة الثانية وأن تنتج عن علاقتهما حمل أو أبناء فقط سواء وافقت الزوجة الأولى أم لم توافق، وبتالي يصبح الأولاد أوالحمل كورقة رابحة تشفع لقبول الدعوى، فضلا عن ذلك فإن هذا الأمر قد يؤدي إلى ارتفاع عدد حالات التطليق في حال ما إذا لم تعد الزوجة الأولى ترغب في الوضع الجديد مما يدفعها إلى رفع دعوى التطليق وهو مشكل آخر ولا سيما وأن مستوى الطلاق في ارتفاع تصاعدي مع ما يستتبعه من عواقب، وهو الأمر الذي لا نرغبه، وهنا يثار تساؤل ألا وهو هل يمكن للقضاء الاعتراف بثوت الزوجية رغم كون الزوج متزوج بامرأة أخرى مع أن هذه الأخيرة اشترطت عليه في عقد زواجهما عدم التعدد ؟ وإذا افترضنا جدلا أن المحكمة قبلت هذه الدعوى فما هو موقع ذلك الشرط ؟ مع استحضار أن المادة 99 من مدونة الأسرة اعتبرت أن أي إخلال بهذا الشرط يعتبر سببا موجبا لطلب االتطليق، إذن فأي من المصلحتين سوف ترجح وهنا المحكمة ستقع في مأزق كبير لا يمكن تفاديه إلا بالكتابة، وزيادة على ذلك فآثار القرار ليست مقتصرة فقط على مسطرة التعدد بل تمتد كذلك لتشمل مسطرة الإذن بزواج القاصر.

ثانيا : التحايل على مسطرة زواج القاصر

كما هو معلوم فإن مدونة الأسرة حددت أهلية [41] الزواج لكل من الفتى والفتاة على حد السواء كأصل في ثمان عشر سنة شمسية كاملة متمتعين بكامل قواهما العقلية، واستثناء أجازت لكليهما الزواج دون سن الأهلية شريطة موافقة النائب الشرعي والحصول على إذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج،[42] حيث خوله المشرع سلطة تقديرية واسعة في الإذن بزواج القاصر، وذلك بواسطة مقرر معلل يبين فيه المصلحة التي ستتحقق للقاصر من وراء زواجه[43].

واستناذا إلى ما ذكر يتضح أن المشرع وضع مجموعة من الإجراءات الشكلية الإلزامية لزواج القاصر وخاصة البنت حماية لها ومراعاة لوضعيتها البيولوجية والنفسية، لكون أن الزواج تترتب عنه مسؤولية كبيرة قد لا تستطيع تحمل أعبائها، وعلاقة بالموضوع فإن المادة 16 سمحت بسماع دعوى الزوجية استثناء في حال وجود أسباب قاهرة حالت دون توثيق عقد الزواج، والمقصود بالأسباب القاهرة هي كل الأسباب الواقعية ولا تنصب إلى الأسباب القانونية، وعليه فإن من أراد الزواج بقاصر لابد أن يسلك مسطرة زواج القاصر للحصول على إذن من القاضي المكلف بزواج القاصر، ومن إدعى الزواج بقاصر دون احترام هذه المسطرة فإنه لا يقبل سماع دعواه، وهو ما أكده القضاء في العديد من أحكامه وقراراته[44] وعلى نقيض ذلك فإن هناك قرارات أخرى ومنه ما جائت به محكمة النقض في قرار لها حيث جعلت من صغره السن سببا قاهرا يحول دون توثيق عقد الزواج[45].

إن هذا التوجه الذي نحت محكمة النقض نحوه يضرب عرض الحائط النصوص القانونية المنظمة لمسطرة الإذن بزواج القاصر إذ أنه ما فائدة وضع هذه النصوص إذا لم يتم تفعيلها، ثم أن هذه المسطرة جاءت لحماية حقوق القاصر والحفاظ على كرامته من أي تدنيس وعدم تحميله ما لا يستطيع والقول بغير ذلك غير صحيح، إلا أن السبب الذي حمل محكمة النقض هو وجود حمل ناتج عن العلاقة كما في الحالة السابقة ونرى بأنه في حال عدم وجود أطفال أو حمل لتغير رأي المحكمة، وبذلك فكل من تزوج بقاصر ولم يحترم الشكليات المنصوص عليها في المواد 20، 21، 22 من مدونة الأسرة، ونتج عن هذه العلاقة حمل أو أطفال فسيتم إثبات زواجه، ومن هذا المنطلق فإن سماح محكمة النقض بسماع دعوى الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية سيزيد من تأزم الوضع مما يعطي مساحة أكبر للقفزعلى النصوص القانونية.

واستنادا إلى ماسبق يمكن القول أن ماذهبت إليه محكمة النقض أثارجدلا وتضاربا فقهيا وقضائيا، وإن كان البعض يستحسنهلأنه يستجيب لوضع إجتماعي مستحكم بل ويفرض نفسه على القواعد القانونية، إلا أن له تداعيات وآثار إجتماعية بغض النظر عن كونه فرصة سانحة للمتحايلين[46]كما بينا سابقا مما قد يؤدي إلى ارتفاع في دعاوى الزوجية[47]، ثم إن استناذ القضاء على قبول سماع دعوى الزوجية بدعوى الحفاظ على نسب الأطفال غير مقنع لكون أن دعاوى سماع الزوجية تختلف عن دعاوى إثبات النسب، بحيث يمكن أن يثبت النسب ولا يثبت معه الزواج والعكس صحيح وهو ما أكده قرار للمجلس[48] الأعلى الذي يبين إنعدام الصلة أحيانا بين دعوى ثبوت النسب ودعوة الزوجية.

خاتمة

ونافلة القول فإن موضوع سماع دعوى الزوجية الغير موثقة يعتبر من المواضيع الشائكة التي انبثقت منذ صدور مدونة الأسرة وإلى الوقت الحالي، وهذا الموضوع ما فتئ يجد نفسه في الساحة عند نهاية كل فترة التمديد، والتي كانت غاية المشرع من ذلك هو الإحاطة بكل الزيجات الغير موثقة إلا أن هذه الغاية بعيدة المنال بسبب تغلغل هذا النوع من الزواج في المجتمع المغربي وخاصة المناطق النائية، وكذا استمرار قضاء الموضوع في قبول هذه الطلبات في مقابل أخرى يتم رفضها، وهذا التضارب أدى إتخاد محكمة النقض قرارا غير مسبوق للحسم في هذا الإشكال، بحيث أنه سمحت بقبول سماع دعوى الزوجية ولو بعد انقضاء الفترة الانتقالية بعلة أنه لا يوجد تاريخ يحدد سماع دعوى الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية وبالتالي فإن الأساس الذي يجب الإعتماد عليه هوما جاء به المذهب المالكي والاجتهاد القضائي الذي يراعى فيه تحقيق قيم العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف إعمالا للمادة 400 من مدونة الأسرة، زيادة على ذلك فإن هذا القرار لا يقتصر فقط على الزيجات الناشئة أتناء الفترة الانتقالية بل إمتد ليشمل حتى الزيجات الناشئة بعد انتهاء فترة التمديد، إلا أن القرار قد خالف المادة 16 من نفس القانون التي ربطت تقديم هذه الدعوى بمدة زمنية محددة في خمسة عشر سنة وبذلك فإن المفروض على القضاء هو رفض هذه الدعاوى لكونها قدمت خارج الأجل المشار إليه سلفا، ولاسيما وأنه ملزم بتطبيق النص القانوني وبالخصوص محكمة النقض لكونها محكمة قانون لها سلطة الرقابة على محاكم الموضوع والحرص على تطبيقها للقانون، تم أن وجود الحمل أو أولاد عن العلاقة الزوجية هو السبب الرئيسي الذي دفعها إلى سلوك هذا المنحى والإعتراف بالزيجات الغير موثقة حفاظا على .شرف المرأة ونسب الأطفال

ومما لاشك فإن هذا التوجه قد تنتج عنه آثار مهمة على الأسرة كما أشرنا سلفا، فظلا عن كونه فرصة سانحة أمام المتحايلين والسفهاء الذين مافتئو يتلاعبون بالرابطة الزوجية وفقا لأهوائهم ومصالحهم الخاصة، وتجنبا لكل هذه الآثار فإنه كان على المشرع أن يقطع مع هذه الأفعال والتلاعبات عن طريق معاقبة كل من تسوي له نفسه ارتكاب هذه الأفعال، وكذلك لابد أن نؤكد وخاصة ونحن على أعتاب تعديل جديد لمدونة الأسرة، على أنه لابد من التمديد لفترة رابعة للإحاطة بكافة الزيجات المتبقية إلا أن ذلك لا يمكن بلوغه إلا إذا عملت الدول وبكل مكوناتها على التحسيس بأهمية كتابة عقد الزواج وفق الشكل المطلوب قانونا بكل الوسائل الممكنة كما جرى به العمل أتناء جائحة كرونا، بالإضافة إلى أنها ملزمة بتقريب الإدارات ومكاتب العدول وكذلك مراكز القرب إلى المناطق النائية البعيدة عن المراكز القروية وفي ذلك تحقيق لغاية تقريب القضاء من المتقاضين، وبالقيام بكل هذه المجهودات فإنه لا يقبل الإدعاء بالزواج بغير الرسم العدلي ومن إدعى بغير ذلك يجب معاقبته، وذلك على غرار ما كرسته بعض القوانين العربية التي لا تقبل حاليا إثبات الزواج إلا بحجة رسمية كما هو الأمر بالنسبة للقانون الأسري التونسي والليبي والمورتاني والجزائري بل ويستلزم بعضها معاقبة كل رجل عقد زواجه خارج عتبات المحكمة بعقوبات مغلظة .

:توصيات

قبل الإشارة إلى أهم التوصيات التي توصلنا إليها، يجب أولا أن نذكر إلى أن هذه النتائج التي توصلنا إليها تجعلنا ندرك أن هذا الموضوع جد معقد كونه يرتبط بواقع اجتماعي مستعصي، وما يؤكد هذا التعقيد هي المدة التي أخدها هذا الأمر منذ صدور مدونة الأسرة إلى الوقت الحالي، الأمر الذي يستلزم شجاعة كبيرة وإرادة من طرف مختلف الفاعلين لتغيير هذا الوضع، من أجل إستئصال هذا الورم الذي خلق مجموعة من الأمراض على مستوى البنية القانونية للأسرة المغربية، كما جعل القضاء في اختلاف كبير ما بين مطبق للنصوص القانونية وما بين من يخضع لهذا الوضع ويقبل به، وإسهاما منا من أجل الوصول إلى حل قد يغير هذا الأمر ولو بشيء نسبي، تفضلنا بوضع مجموعة من التوصيات التي يمكن في نظرنا ونظر البعض الذي يقاسم معنا نفس الرؤيا، أن يكون لها وقع كبير لحلحلة هذا الإشكال مما يستدعي بالضرورة الإهتمام بها ووضعها بعين الإعتبار، وخاصة ونحن مقبلين على تعديل جديد لمدونة الأسرة، وعليه فإننا نوصي بما يلي:

  • نوصي بضرورة سد هذا الفراغ التشريعي لأن من شأن السماح بقبول إتباث العلاقة الزوجية الغير موثقة بعد انقضاء الفترة الانتقالية على حساب نصوص قانونية أن يجعل هذه النصوص كحبرعلى ورق، وخاصة ما يتعلق بمسطرة التعدد والإذن بزواج القاصر.
  • كما نوصي بعدم جعل دعوى إتباث العلاقة الزوجية الغيرموثقة عن طريق أحكام .تصدر عن المحاكم ملجأ لكل من حاصرته نصوص ومساطر قانونية أخرى
  • نوصي بأن اعتماد القضاء في أحكامه على قبول سماع الزوجية بدعوى الحفاظ على نسب الأطفال وشرف المرأة غير مقبول، لكون أن دعاوى سماع الزوجية تختلف عن دعاوى إثبات النسب بحيث يمكن أن يثبت النسب ولا يتبث معه الزواج وهو مأكده .المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا)
  • كما نوصي المشرع بضرورة تعريف الظرف القاهر الوارد في المادة 16 من مدونة .الأسرة لكي يحد من التفسيرات القضائية المتضاربة
  • يجب معاقبة كل من تسوي له نفسه التلاعب بالرابطة الزوجية عن طريق .القفز على النصوص القانونية بعقوبات سالبة للحرية إلى جانب عقوبات مالية
  • نوصي بأنه لابد أن تعمل الدولة بكل مكوناتها على نشر حملات واسعة لتوعية المواطنين بكل الوسائل المتاحة للتحسيس بأهمية توثيق عقد الزواج عبر الرسم العدلي وفوائده وبأنه السبيل الوحيد للزواج، بالإضافة إلى أنها ملزمة بتقريب الإدارات ومكاتب العدول وكذلك مراكز القرب من المناطق النائية البعيدة عن المراكز القروية .وفي ذلك تحقيق لغاية تقريب القضاء من المتقاضين
  • كما نوصي بضرورة تمديد الفترة الانتقالية لفترة رابعة للقيام بهذه الإجراءات، وكذا فتح المجال للزيجات الغير موثقة من أجل إتباث زواجهم، وبعد القيام بكل الإجراءات لا يمكن لأي كان الإدعاء بالزواج بغير وتيقة الزواج، ومن ادعى بغير ذلك يجب معاقبته مسايرة لمجموعة من الدول العربية التي تفرض هذه الشكلية وتعاقب كل من .أبرم زواجه خارج عتبات المحكمة

لائحة المراجع المعتمدة

:الكتب

-محمد الكشبور،الواضح في شرح مدونة الأسرة، الطبعة الثابتة 2015،مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء، ص454، بتصرف.

-إدريس الفاخوري، قانون الأسرة المغربي الجزء الأول:أحكام الزواج ، دراسة مقارنة معززة بأحدث التطبيقات القضائية لمحكمة النقض ومحاكم الموضوع، منشورات مجلة الحقوق، مطبعة دار النشر المعرفة، طبيعة 2016.

-عبد الرحمان حموش، الزواج في مدونة الأسرة بين النظر الفقهي والعمل القضائي، ط 2019، مطبعة النجاح الجديدةCTP الدارالببيضاء.

-عبد الكريم شهبون، الشافي في شرح مدونة الأسرة، الجزء الأول، الطبعة الأولى 427ه‍-2006م، المطبعة غير مذكورة

-عادل حامدي، الدليل الفقهي والقضائي القاضي والمحامي في المنازعات الأسرية، الطبعة الأولى 1437ه‍-2016م، مطبعة المعارف الجديدة الرباط.

إدريس الفاخوري، المنازعات الأسرية أمام قضاء الموضوع ومحكمة النقض، منشورات- .مجلة الحقوق، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، طبعة 2015

-بوكنين أحمدناه وسعيد العيطوني، الوجيز في قانون الأسرة المغربية، الزواج وانحلاله، مطبعة SO-MEPRINT AGADIR

المقالات:

– محمد الكشبور، قراءة في المادة 16 من مدونة الأسرة ، منشور بمجلة المناظر، تحت عدد 18.

حميد بن برزير، مقاربة مقتضيات مدونة الأسرة بين البعيدين الإجتماعي والقضائي-توثيق- .ميثاق الزوجية نمودجا، موقع الجامعة بوان كوم

بوزياني حسن، أثرانقضاء دعوى الزوجية على إثبات النسب في ضوء أبرز الإجتهادات .القضائية، مقال منشور بالمجلة الإليكترونية مغرب القانون

-عبد العزيز وحشي، سماع دعوى الزوجية بين الإطار القانوني والعمل القضائي، مقال منشور بمجلة القضاء المدني سلسلة دراسات وأبحاث (قضايا الأسرة إشكالات راهنة ومقاربات متعددة)، الجزء الثاني، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2014.

-عادل حاميدي، ثبوت الزوجية بين حقيقة الاستثناء وواجبه التسيير واستشراء التحايل، مقال منشور بموقع العلوم القانونية.

المواقع الالكترونيه :

https://www.aljami3a.com

https://www.maroclaw.com

https://www.cspj.ma/

:التقارير

تقرير صادر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتاريخ 2023 حول القضاء الأسري .بالمغرب ما بين سنة 2017 و2021

الفهرس

 

كلمة شكر وتقدير – 1 –

إهداء – 2 –

جدول الرموز – 3 –

مقدمة – 4 –

المطلب الأول – 8 –

دور القضاء في إثبات العلاقة الزوجية الغير موثقة بعد انقضاء الفترة الانتقالية – 8 –

الفقرة الأولى: توقف سماع دعوى الزوجية على إثبات السبب القاهر – 9 –

الفقرة الثانية: الوسائل التي استندت عليها المحكمة في إثبات العلاقة الزوجية – 12 –

المطلب الثاني – 19 –

توجه المحكمة ما بين الإجتهاد الفقهي والعمل القضائي وتداعياته الإجتماعية – 19 –

الفقرة الأولى : توجه المحكمة في ظل الاجتهاد الفقهي والعمل القضائي – 21 –

أولا: الموقف الفقهي من قبول سماع دعوى الزوجية بعد انقضاء الفترة الانتقالية – 21 –

ثانيا: الموقف القضائي من قبول سماع دعوى الزوجية بعد إنقضاء الفترة الانتقالية – 23 –

الفقرة الثانية : آثار وانعكاسات إثبات الزواج الغير موثق بعد انتهاء الفترة الانتقالية – 28 –

أولا : التحايل على مسطرة التعدد – 29 –

ثانيا : التحايل على مسطرة زواج القاصر – 31 –

خاتمة – 34 –

لائحة المراجع المعتمدة – 40 –

الفهرس – 42 –

  1. الزواج العرفي أو زواج الفاتحة هما مسميات لنفس المفهوم، ويقصد به الزواج الذي يقتصر على الإيجاب والقبول بين رجل وامرأة دون إشهاد وإنما يوثقان عقدا عرفيا يحوي إعترافا منهما بزواج مفتقر إلى الولي والعلنية والشهود، وقد أصبح ظاهرة منتشرة في عديد من الدول ومنها المغرب.
  2. ظهير شريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004) بتنفيذ القانون رقم 70.03 المعتبر بمثابة مدونة الأسرة.
  3. هنا يجب ألا نعتبر السبب القاهر بمثابة القوة القاهرة المنظمة بالفصل 269 من ق.ل.ع، والتي تحول دون قيام المسؤولية المدنية سواء كانت عقدية أم تقصيرية والتي تعتمد شروطا صارمة يصعب اعتمادها في مجال إثبات عقد الزواج.
  4. محمد الكشبور،الواضح في شرح مدونة الأسرة، ط الثابتة 2015،مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء، ص454، بتصرف.
  5. محمد الكشبور،م س، ص 456.
  6. قرار رقم 232 صادر بتاريخ 2013/05/08 في الملف عدد 125/1611/2013، منشور لدى، إدريس الفاخوري، قانون الأسرة المغربي ج1:أحكام الزواج ، دراسة مقارنة معززة بأحدث التطبيقات القضائية لمحكمة النقض ومحاكم الموضوع، منشورات مجلة الحقوق،ط 2016، مطبعة دار النشر المعرفة، ص: 340.
  7. عادل حاميدي، الدليل الفقهي والقضائي القاضي والمحامي في المنازعات الأسرية، ط الأولى 2016م-1437ه‍، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، ص 212.
  8. جاء في قرار لمحكمة النقض”يجوز سماع دعوى الزوجية إذا تعذر توثيق العقد لسبب قاهر، وهو ثبت للمحكمة، إذ أن عقد الزواج أبرم بمنطقة الشاطئ الأبيض، وهي منطقة صحراوية لا يوجد بها عدول “، قرار ع 289 صادر بتاريخ 2009/06/10 ،في الملف ع 311/08، منشورات قرارات المجلس الأعلى غرفة الأحوال الشخصية والميراث، ص 72 وما بعدها.

    -كما جاء في حيثيات حكم للمحكمة الابتدائية بالسمارة ما يلي ” …حيث إن تواجد طرفي الطلب بالتاريخ المذكور في منطقة نائية يعتبر ظرفا استثنائيا ومانعا من توثيق عقد النكاح الخاص بهما وفق الأصول المرعية لدى عدلين منتصبين للإشهاد …” حكم صادر بتاريخ 2007/03/27 في الملف ع 2007/37، منشور لدى عبد الرحمان حموش، الزواج في مدونة الأسرة بين النظر الفقهي والعمل القضائي، ط 2019، مطبعة النجاح الجديدة CTP الدار البيضاء، ص274.

  9. جاء في قرار لمحكمة النقض”…الثابت من وثائق الملف أن بعض الشهود المستمع إليهم من طرف المحكمة صرحو بوجود العلاقة الزوجية بين الطالب والمطلوبة، وبعضهم حضر حفل الزفاف، وزفت المطلوبة إلى بيت الزوجية عند الطالب وازدادت لهما البنت المذكورة، …وثبت لها قيام العلاقة الزوجية بين الطالب والمطلوبة وازدياد البنت لهما خلال تلك العلاقة على الرغم من عدم كتابة العقد في حينه بسبب تعذر حصول الطالب على الرخصة من جهة عمله في الجندية، …فإنها تكون بذلك قد بنت قضائها على أساس وعللت قرارها بما فيه الكفاية، ولم تخرق المواد المحتج بها، ويبقى ما أثير لا أساس له “، قرار ع 296 صادر بتاريخ 2009/06/01 ، الملف الشرعي، ع 2007/1/2/557، مجلة المحاكم المغربية، ع م 128-129، م س، ص 404 و 405، أورده عبد الرحمان حموش، م س، ص 276.
  10. سمية عيدون ” القواعد الإستتنائية الواردة في مدونة الأسرة :الزواج نمودجا -دراسة مقارنة-“، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2007-2008، ص 39، أشار إليه عبد الرحمان حموش،م .س، ص 275.
  11. إدريس الفاخوري،م.س ص 333.
  12. يقصد بشهادة اللفيف شهادة إثني عشر شاهدا أو شهادة عدلين.
  13. عبد العزيز وحشي، ” سماع دعوى الزوجية بين الإطار القانوني والعمل القضائي “، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، سلسلة دراسات وأبحاث (قضايا الأسرة إشكالات راهنة ومقاربات متعددة)،ج2، مطبعة الدارالمعارف الجديدة، الرباط، 2014،ص192.
  14. جاء في قرار لمحكمة النقض”…استماع المحكمة إلى سبعة شهود دون النصاب الشرعي للشهادة، وتعزيز شهادتهم بالصور الفوتوغرافية الطرفين في حفل زفافهما أخدت لهما وهما في غرفة النوم، وإقرار الطالب بأن تلك الصور تتعلق به، كل ذلك يعد دليلا على توفر الرضى، إضافة إلى وجود طفل ناتج عن تلك العلاقة، وانتهت إلى القول بثبوت الزوجية، غير خارقة للمادة 16 من مدونة الأسرة التي تجيز سماع دعوى الزوجية وإثباتها بجميع وسائل الإثبات “، قرار ع 275 صادر بتاريخ 2007/05/16 في الملف الشرعي، ع 06/682، التقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 2007، ص 150.
  15. وقع تعديل هذه الفقرة تلاث مراث، بحيث عند صدور مدونة الأسرة وضع المشرع فترة انتقالية لسماع دعوى الزوجية الغير موثقة لاتتعدى خمس سنوات مابين ( 5 فبراير 2004 إلى 5 فبراير 2009)، ولكن هذه المدة لم تكن كافية لتصحيح وضعية الأزواج الذين لم يوثقوا عقود زواجهم في وقتها، الأمر الذي دفع بالمشرع إلى تمديدها المرة التانية (2009_2014) بمقتضى المادة الفريدة من القانون 08.09، وثم تمديدها للمرة التالثة مابين سنة (2014_2019) بمقتضى المادة الفريدة من القانون رقم 102.15.
  16. لا بد أن نوضح إلى أن المشرع المغربي تحدث في المادة 16 عن الزيجات الغير موثقة الناشئة بعد دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، ولا يتحدث عن التي ترجع إلى ما قبل تطبيق مدونة الأسرة، بحيث لا يستقيم القول بسريان قانون معين على ما نشأ قبل دخوله حيز التنفيذ من تصرفات، لأن القول بخلاف ذلك يعني التسليم برجعية القوانين، أي أن الأفراد سيكونون مجبرين على الخضوع لقاعدة لم تكن معلومة ولم تقم وقت إبرامهم لزواجهم، وهو ما يجعلنا أمام هدر لقاعدة دستورية هامة نص عليها الفصل 6 من دستور 2011 بالقول ” ليس للقانون أثر رجعي “.
  17. تنص المادة 400 من م أ س على ما يلي ” كل مالم يرد به نص بهذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والإجتهاد القضائي الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف “.
  18. يمكن تعرف الإقرار بأنه اعتراف الزوجين بقيام العلاقة الزوجية فيما بينهما، وهو وإن كان أقوى وسائل الإثبات لأن إقرار المرء على نفسه أقوى من قيام الحجة عليه، إلا أنه في موضوع ثبوت الزوجية لايغني عن شهادة الشهود، وذلك لأربعة أسباب أولها أنه قد يكون إقرارا على الغير وهو لا يجوز، وثانيهما أنه لامحيد عن شهادة الشهود لأن بها يتحقق الإشهاد لصحة عقد الزواج، وثالتهما لزوم تحقيق الشهرة والإعلام بالزواج والجهر به، وذلك لايتأتى بغير شهادة الشهود، ولا خلاف في أن عقد الزواج المبني على الشهرة والإستفاضة، ورابعهما أنه لا يمكن للمقر أن يستفيد من إقراره لذلك ذكره المشرع في وسائل إثبات النسب لتعلق حق الغير به وهو الولد المقر به، لهذه العلل نكاد لانجد في مقتضيات الفقه الإسلامي ما يجعل من الإقرار وسيلة مقبولة لإثبات الزواج، راجع عادل حاميدي، ” ثبوت الزوجية بين حقيقة الاستثناء وواجبه التسيير واستشراء التحايل، مقال منشور بموقع العلوم القانونية، ص 43.
  19. القرار الصادر بتاريخ 10 يوليوز 2006، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، ع 66، ص122 وما بعدها،
  20. قرار صاردر بتاريخ 10 يوليوز 2006، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، ع 66 ص 122 وما بعدها، أشار إليه ، محمد الكشبور، في مقال تحت عنوان “قراءة في المادة 16 من مدونة الأسرة “، منشور بمجلة المناظرة، ع 18، ص 70.
  21. محمد الكشبور، م س، ص 461.
  22. حميد بن برزير، مقاربة مقتضيات مدونة الأسرة بين البعيدين الإجتماعي والقضائي- توثيق ميثاق الزوجية نمودجا، مقال منشور بموقع Aljami3a.com، بتاريخ 16غشت2022، ثم النظر إليه بتاريخ 20/4/2024، على الساعة 15h 30min
  23. محمد الكشبور، م س ، ص 467 وما بعدها.
  24. محمد الأزهر، شرح مدونة الأسرة ، ط الثامنة 2017، مطبعة النجاح الجديدة، ص 67. أورده بوزياني حسن، ضمن مقال له بعنوان أثر انقضاء دعوى الزوجية على إثبات النسب، قراءة في ضوء أبرز الاجتهادات القضائية، تم النظر إليه بتاريخ 2024/4/24 فيmin 3010h
  25. الحسين الموس، مدونة الأسرة في ضوء تقييد المباح، ط الأولى 2015، مطبعة النجاح الجديدة، ص 85، ذكره بوزياني حسن، م س.
  26. عبد الكريم شهبون، الشافي في شرح مدونة الأسرة، ج الأول الزواج، ط الأولى 1427-2006، المطبعة غير مذكورة، ص63 .
  27. أحمد الخمليشي ، من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة ، ط 2012، مطبعة المعارف الجديدة، ص 247 وما بعدها، أشار إليه بوزياني حسن، م س.
  28. محمد الشافعي، م س، ص 106
  29. عادل حاميدي، م يس،ص 282 وما بعدها.
  30. سورة النساء الآية 21.
  31. حكم المحكمة الابتدائية بمراكش الصادر بتاريخ 2019/05/27 ملف عدد 2019/1611/538، منشور في مؤلف جماعي مابين، بوكنين أحمدناه وسعيد العيطوني، الوجيز في قانون الأسرة المغربية، الزواج وانحلاله، مطبعةSO-MEPRINT AGADIR، ص 142 وما بعدها.
  32. حكم المحكمة الابتدائية بالجديدة، حكم عدد 112 صادر بتاريخ 9/03/2023، ملف رقم 1271/1611/2022.
  33. حكم المحكمة الابتدائية بمكناس الصادر بتاريخ 2019/02/21، عدد 529 ملف عدد 2019/1611/457، أورده بوزياني حسن، م س.
  34. حكم المحكمة الابتدائية بمكناس، صادر بتاريخ 2019/20/28، رقم 19/1611/560، منشور في مقال بوزياني حسن، م س.
  35. محمد الكشبور، ص 463، م س.
  36. تنص المادة 40 على أنه :

    يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها .

    -أما المادة 41 فقد نصت على أنه :

    لا تأذن المحكمة بالتعدد :

    إذا لم يثبت لها االمبرر الموضوعي الاستثنائي .

    إذا لم تكن لطالبه الموارد الكافية لإعالة الأسرتين، وضمان الحقوق من نفقة وإسكان ومسواة في جميع أوجه الحياة.

  37. فقد جاء في حكم المحكمة الابتدائية بمراكش مايلي:”…حيث أمرت المحكمة تمهيدا بإجراء بحث مع الطرفين وشهودهما، وحضره الطرفان وأكدا على أنهما متزوجان منذ سنة، وأن الظروف التي حالت دون توثيقهما لعقد الزواج ترجع لكون الزوج متزوج بامرأة أخرى، وأن هذه الأخيرة رفضت إعطاء الموافقة على التعدد… وحيث إن الأسباب التي ذكرها الطرفان لاتعد أسبابا قاهرة تجيز سماع دعواهما، مما يكون معم طلبهما قد قدم معيبا شكلها، ويتعين التصريح بعدم قبوله …”، حكم ع صادر بتاريخ 12/05/2008 في الملف الشرعي ع 2094/27/07، منشور لدى عبد الرحمان حموش، ص 278 م س.
  38. عبد الرحمان حموشش ، م س ،ص 278.
  39. قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 651 بتاريخ 23/09/2014 ، م ش، ع 343/2/1/2014، منشورات قرارات محكمة النقض، السلسلة 4، ج 16، م س، ص26 وما يليها، منشور لدى عبد الرحمان حموش. ص 278.
  40. أحمد الخمليشي، م س، أشار إليه عبد الرحمان حموش، ص 280، م س.
  41. “الأهلية الشرعية هي صفة تمكن الشخص قانونا من الإلزام والإلتزام والأهلية هي الأصل، وعدم الأهلية هو الاستثناء، ويمكن أن يتمتع الشخص بالملكية دون التصرف فيها أو حق مباشرتها، كالصغير والمجنون، فيملكان بواسطة الوصي أو القيم، فلا يباشر الصبي ومن في حكمه شيئا “.عبد الكريم شهبون، م س، ص 71.
  42. الغاية من لزوم استصدار الإذن بزواج القاصر :

    التأكد من توفر المأذون على النضج العقلي الكافي لتحمل تبعات إنشاء أسرة.

    التحقق من القدرة البدنية لتحمل تبعات الزواج.

    التحقق من التوفر على التمييز الضروري المرضى بعقد الزواج، أشار إليه عادل حاميدي، م س، ص279

  43. – تنص المادة 19 من مدونة الاسرة على مايلي: ” تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثمان عشر سنة شمسية كاملة”

    – جاءت المادة 20 بالقول : ” لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الإستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والإستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي

    مقرر الإستجابة للطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن “.

  44. فقد جاء مثلا في قرار لمحكمة الاستئناف بالحسيمة “…وحيث إن المحكمة بعد دراستها ملف النازلة ومحتوياتها، ثبت لديها أن ماعبه المستأنفان على الحكم المطعون فيه غير ذي أساس، ذلك لأن البحث المجرى في النازلة في المرحلة الابتدائية أفاد أن المستأنف الأول أقام حفل الزفاف بالمستأنفة الثانية وهي لم تبلغ سن 18 سنة ولم يسلك مسطرة الإذن بزواج قاصرة، وأن ادعائه أنه حاول سلوك مسطرة الزواج العادية إلا أنه رد من طرف المحكمة مردود عليه، ذلك لكون المادة 16 من مدونة الأسرة تشترط وجود ظروف قاهرة لسماع دعوى الزوجية، وأن عدم سلوكه مسطرة الإذن بزواج قاصرة لا يعد ظرفا قاهرا يحول دون توثيق عقد الزواج، ويتنافى مع مقتضيات المادة 20 من مدونة الأسرة التي تشترط الحصول على الإذن بزواج قاصرة ….”، قرار صادر بتاريخ 09/01/2007، مجلة قضاء الأسرة، ع م 4-5، ص 225، أشار إليه عبد الرحمان حموش، م س، ص 276.
  45. جاء قرار محكمة النقض كما يلي:”…الثابت من أوراق الملف أن الطاعن صرح في محضر الدرك عدد 399 وتاريخ 03/09/2007 بأن العلاقة الزوجية قائمة بينه وبين المطلوبة، وأن سبب عدم إبرام العقد في إبانه مرده أن المطلوبة كانت صغيرة دون سن الزواج، فإن الإتفاق على إتمام حفل الزفاف والدخول وتأجيل كتابة العقد إلى وقت لاحق، وأن المطلوبة خرجت من بيت الزوجية وهي حامل الحمل الذي لم يطعن فيه بمقبول، والمحكمة لما اعتبرت وجود أسباب قاهرة لسماع دعوى الزوجية بين الطرفين بناء على رسم ثبوت الزوجية …وأن المانع من حضور شاهدين عدلين وقت الزواج هو أن المطلوبة لم تكن قد بلغت السن القانونية الزواج، …وبهذا تكون المحكمة قد طبقت المقتضيات القانونية تطبيقا سليما…” حكم صادر بتاريخ 12/03/2008 في الملف ع 454/12/20007، مذكور عند إدريس الفاخوري ” المنازعات الأسرية أمام قضاء الموضوع ومحكمة النقض “، منشورات مجلة الحقوق، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ط 2015،ص 9 وما ياايها.
  46. ولمزيد من التوضيح فقد مكنت دراسة من إستخلاص الإعتبارات الكامنة وراء استجابة القضاء لهذا النوع من الطلبات رغم تحايلها، والتي ارتبطت أساسا بوجود حمل أو أبناء، ذلك أن بعض المحاكم راعت في استجابتها لهذه الطلبات مصلحة الأبناء الذين أثمرتهم الزيجات المطلوب توثيقها، وهو ما تبين من خلال دراسة عينة من الأحكام القاضية بالقبول والبالغ عددها 259 حكما، حيث أظهرت أن المحاكم أقرت بثبوت الزوجية حفاظا على حقوق الأبناء في 156 حالة (أي مايعادل 60.23٪ من الأحكام القاضية بقبول الطلب)، بينما أقرتها في 70 حالة نظرا لوجود حمل (أي مايقارب 27.03٪ من مجمل الأحكام).

    أما الحالات التي لم تتم الإستجابة إليها والبالغ عددها 1021 حالة، أي بنسبة 79.77٪، تعود ذلك إلى عدة أسباب وهي:

    عدم قبول الطلب أو رفظه نظرا لتقديمه خارج الأجل القانوني بحيث بلغ عدد الأحكام التي قضت بعدم الإستجابة للطلب ثبوت الزوجية لهذه العلة 808 أحكام، أي بنسبة 63.13٪ مجموع عينة الأحكام المدروس.

    عدم قبول الطلب أو رفضه نظرا لعدم احترام مسطرة التعدد بحيث بلغ عدد الأحكام التي قضت بعدم الإستجابة للطلب ثبوت الزوجية لهذه العلة 9 أحكام. تقرير حول القضاء الأسري بالمغرب ما بين سنة 2017 و2021، صادر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتاريخ 2023، ص 25 و 26.

  47. هذا الإطار فقد ثم إنجاز دراسة لعدد الدعاوى المرفوعة أمام القضاء مابين سنة (2017-2021) وهو ما يبينه الجدول التي:
    السنوات 2017 2018 2019 2020 2021
    عدد قضايا ثبوت الزوجية 13431 14736 925 388 469

    بناء على الجدول أعلاه فإنه يلاحظ أن عدد قضايا ثبوت الزوجية عرفت ارتفاعا مابين سنة 2017 و2018 حيث وصلت إلى 14736 حالة، إلا أنها سجلت إنخفاظا مهما خلال سنة 2019 حيث وصلت إإلى 925 وذلك راجع لانتهاء الفترة الإنتقالية المحددة في المادة 16 من مدونة الأسرة،

    إلا أنه رغم ذلك استمر القضاء في قبول هذا النوع من الطلبات بشكل قليل نسبيا خلال سنة 2020، التي عرفت توقف نسبي لعمل المحاكم بسبب جائحة كرونا (COVID19) إلا أنه رجعت في الارتفاع بشكل تدريجي بعد رفع الحجر الصحي في سنة 2021 لتصل ل 469 طلب. تقرير صادر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حول القضاء الأسري بالمغرب ما بين سنة 2017 و2021، ص 23..

  48. …إن المحكمة رتبت إنتفاء العلاقة الزوجية إنتفاء نسب الإبن المذكور مع أن نسبه يمكن إثباته بجميع الوسائل المنصوص عليها في المادة 158من مدونة الأسرة ولو كان الزواج غير صحيح وبالتالي فإن المحكمة لما ثبحث نسب الإبن طبقا المقتضيات المادة المذكورة، فإن قرارها جاء ناقص التعليل الذي هو بمثابة انعدامه…”، قرار شرعي صادر بتاريخ 30 أبريل 2008-ملخص منشور ضمن التقرير السنوي للمجلس الأعلى، 2008،ص196و197، أشار إليه محمد الكشبور ضمن مقال منشور في مجلة المناظرة، ص 99، م س.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى