سلطة القاضي المدني بين الإلزام والتحرّر: بين حجية النص وهامش الاجتهاد – أنس بوزيد
سلطة القاضي المدني بين الإلزام والتحرّر: بين حجية النص وهامش الاجتهاد
أنس بوزيد
طالب باحث بسلك الماستر تخصص الدراسات القانونية ومهن العدالة
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس
مقدمة:
مما لا مراء فيه أن مبدأ حياد القاضي المدني يقتضي منه في الأصل الاكتفاء بتلقي ما يدلي به الأطراف من حجج دون أن يمتلك سلطة جمع الأدلة بنفسه، مع احتفاظه بصلاحية تقدير قيمة الأدلة وفق الحجية التي منحها القانون له، غير أن المشرع المغربي اعتمد مبدأ الحياد الإيجابي، فمكن القاضي من الامر بكل إجراء من إجراءات التحقيق تلقائيا، تفعيلاً لسلطته في تقصي العدل.
ويظهر جليًا أن تنظيم المشرع المغربي لوسائل الإثبات ومنحه للقاضي سلطة تقديرها يحمل في طياته نقيضه، فهي سلطة تتأرجح بين التقييد الصارم حين يتعلق الأمر بوسائل تلزم القاضي بحجيتها القانونية كاليمين الحاسمة والقرائن القانونية القاطعة، وبين التدخل الاستثنائي عند الطعن في الحجج بالزور الفرعي أو خلال سلوكه لمسطرة تحقيق الخطوط.
ومن هذا المنطلق، يلعب القاضي المدني دوراً محورياً في تقدير وسائل الإثبات، إذ بينما يلتزم بأثر النص القانوني في حالات محددة، مثل اليمين الحاسمة والقرائن القانونية القاطعة، يُمنح في الوقت نفسه هامشاً تقديرياً عند التعامل مع دعاوى الزور أو الطعون المتعلقة بحجية المستندات. هذا التوازن بين الالتزام بالحجية القانونية وممارسة السلطة التقديرية يطرح إشكالية جوهرية تتمثل في السؤال: إلى أي مدى يمتد دور القاضي المدني في تقدير وسائل الإثبات بين الالتزام بحجية النص القانوني وممارسة السلطة في دحضها؟
سيتم تناول الإشكالية عبر محورين:
- المحور الأول: مظاهر التقييد القانوني لسلطة القاضي في تقدير حجية اليمين الحاسمة والقرائن القانونية.
أولا اليمين الحاسمة: ضوابطها القانونية والإجرائية.
ثانيا القرائن القانونية: حجيتها القانونية وحدود سلطة القاضي في تقديرها.
- المحور الثاني: مظاهر التدخل الاستثنائي للقاضي في مسطرة تحقيق الخطوط والزور الفرعي.
أولا سلطة القاضي في مسطرة تحقيق الخطوط.
ثانيا دور سلطة القاضي في مسطرة الزور الفرعي.
المحور الأول: مظاهر التقييد على مستوى اليمين الحاسمة والقرائن القانونية القاطعة.
كما نعلم جميعا ان اليمين الحاسمة تمثل وسيلة إثبات ذات حجية مطلقة، ما يجعل دور القاضي المدني محدوداً في تقديرها، حيث يقتصر على التأكد من توافر الشروط القانونية لأدائها واحترام النصوص المنظمة لها، دون المساس بحجيتها، وبالمثل، تفرض القرائن القانونية، وخاصة القاطعة منها، احترام النصوص القانونية التي تحددها، بحيث يُحرم القاضي من التوسع في تفسيرها فيقتصر دوره على تطبيقها وفق ما نص عليه القانون.
ومن هذا المنطلق، سنتناول في هذه المحور أولاً ضوابط اليمين الحاسمة ومحدودية القاضي في تقدير حجيتها، ثم حُجية القرائن القانونية وامتداد التقييد المفروض على السلطة التقديرية للقاضي في هذه الوسيلة.
أولاً: اليمين الحاسمة؛ ضوابطها القانونية والإجرائية.
-
- مفهوم اليمين الحاسمة وشروط توجهها.
بادئ دي البدئ فإن اليمين قد عرفها الأستاذ السنهوري بأنها قول يتخذ فيه الحالف الله شاهدا على صدق ما يقول أو على إنجاز ما يعد، ويستنزل عقابه إذا ما حنث.[1] وفي الفقه المغربي عرفها الأستاذ محمد المجدوبي الإدريسي بأنها إخبار عن أمر مع إشهاد الله على صدق الخبر.[2] وعرفها الأستاذ ادريس العلوي العبدلاوي؛ بأن اليمين هي اشهاد الله تعالى على صدق ما يخبر به الحالف.[3]
ولا غرو ان التنظيم القانوني لليمين باعتبارها وسيلة اثبات في التشريع المدني المغربي يتسم بالازدواجية بين ق ل ع الذي خصها بالفصول 404.و460 من ق ل ع، وق م م الذي ضمنها في الفصول 85 الى 88، وهي على نوعان متممة وحاسمة.
فاليمين الحاسمة هي تلك التي يوجهها الشخص الملزم بالإثبات والمجرد قوله من اي دليل[4]، وعرفها القضاء بأنها وسيلة من وسائل الاثبات يوجهها الطرف الذي يعوزه الدليل[5]، على ضوء هاته التعاريف يتضح أن اليمين الحاسمة هي ملك لطرفي الدعوى فهي وسيلة قانونية وضعها المشرع في طوع يمين الخصم[6]، الذي عجز الإتيان بدليل قانوني يثبت مزاعمه ليستسلم إلى الذمة الدينية للمدعي عليه، يلتمس من القاضي توجيه يمين تحسم النزاع نهائيا.
والقاضي ليس له ان يوجه هذه اليمين الحاسمة من تلقاء نفسه بل بناء على طلب من أحد الخصوم وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار لها تقضى من خلاله” ان اليمين الحاسمة ملك للخصم الذي يبتغى منها إثبات دفوعه في مواجهة خصمه”[7]
واليمين الحاسمة يمكن استعمالها في إثبات جميع الحقوق دون استثناء، فهي حجة مطلقة، لهذه الغاية ومن اجل توجيهها يجب ان يتم ذلك من قبل المدعى الذي تجرد قوله من دليل، وان يكون هذا المدعى أهلا ومتمتعا بأهلية التقاضي، مادام أنها ذات طبيعة شخصية[8] ثم ثانياً ان يتجرد المدعى من اي دليل قانوني؛ فالقاضي لا يطلب من الطرف الموجهة إليه أداءها إلا بعد أن يتأكد بأن الملف جاء خاليا من دليل يثبت الواقعة محل اليمين.
أما إذا اتضح له وجود وسيلة إثبات غير اليمين فإنه لا يأخذ بها، ويرفض طلب توجيه اليمين، وهذا المقتضى يلعب دورا إيجابيا في تدعيم دور القاضي المدني في الاثبات، لاسيما وإن تبين للقاضي انها من باب التأخير، وتطبيقا لذلك ورد في قرار لمحكمة النقض؛ ” لكن حيث إن للمحكمة حق رفض توجيه اليمين الحاسمة إذا رأت أن الدين ثابت، وفي توجيهها تعسف كما أن المدعي عزز دعواه بوثيقة الاعتراف بالدين.
كما أنه لا يملك أي سلطة إزاء الأثر المترتب عن توجيهها لأن الخصم الموجهة إليه، متى كان مدعى عليه فإما أن يؤديها وفق الصيغة التي حددها القاضي فيرفض طلب المدعي، وإما أن يردها على من وجهها إليه، وإما أن ينكل عن حلفها فيخسر الدعوى ويُحكم وفق الطلب.[9]
وما ينبغي التأكيد عليه هو أن المنع من توجيه اليمين هو من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى الكثير من الرؤية وحسن الفهم، ف نية الخصم الذي يُوجه اليمين الحاسمة من الأمور النفسية الخفية التي لا يمكن الاهتداء إليها بسهولة، ومن العسير ان يُحرم المتقاضي من حق الالتجاء الى ذمة خصمه راضيا بيمينهِ ظنا بأنه يقصد الكيد من تحليفه، وإذا كان من حق القاضي أن يرفض توجيه اليمين التعسفية، فإن ممارسة هذا الحق يقتضى منه ان تكون النية التعسفية ظاهرة من وقائع الدعوى ظهوراً قاطعاً لا أثر فيه للشك أو الظن، وإلا انقلب الأمر من إيجابية للقاضي في الإثبات إلى تعسف وظلم[10].
كما أن القاضي ملزم بتوجيه اليمين الحاسمة حتى ولو وصفها من وجهها بأنها متممة[11]، ومتى حلف الخصم الذي وجهت إليه اليمين الحاسمة، فإنها تصبح حجة قاطعة تلزم القاضي، من هنا يتضح أن دور قاضي الموضوع في تقدير وتقييم اليمين الحاسمة متى توافرت شروطها وتم إحترام الإجراءات القانونية المنظمة لأدائها، محدود جدا، ولا يملك تجاهها أي سلطة.
-
- الضوابط الإجرائية لأدائها ومحدودية القاضي في تقدير حجيتها
المشرع لم يشترط لتوجيه اليمين الحاسمة ان تتم بواسطة مقال مؤدى عنه، بل يكفي ان تتم بواسطة دفع[12]، ويمكن توجيهها في أي مرحلة ابتدائية، وحتى أمام محكمة الاستئناف لأول مرة، باستثناء محكمة النقض لأنها ليست محكمة واقع بل محكمة قانون، وان توجيه اليمين الحاسمة يتعلق بإثبات الواقع وهو الامر الدي ليس من اختصاص هذه المحكمة.
وتوجيه اليمين يتم إستصدرها بمقتضى حكم تمهيدي، بدليل ان سياقها العام ورد ضمن اجراءات التحقيق والتي تصدر في مجملها بمقتضى أوامر تمهيدية، بيد انه يتطلب أولا الحسم في أدائها قبل الفصل في جوهر النزاع.
واستناد على هذه الأسس فإن المشرع المسطري في تنظيمه لإجراءات أداء اليمين الحاسمة حدد مكان أدائها ف 85 من ق م م، وبيان صيغتها في نفس المادة فقرتها الثانية بصيغة” اقسم بالله العظيم”، وعند عرضها على من يؤدها فإننا نكون امام فرضيتين اما ادائها او ردها (نكول عنها).
فإذا تم أدائها ممن وجهت ليه فإن النزاع يحسم بصدور الحكم الذي يثبت اداءها، وتكون عندئذ ذمة مؤذيها قد برئت تجاه موجهها، فيكون الحكم الصادر بناء على ذلك حاسما للنزاع نهائيا بصريح ف 85 من ق م م، غير أنه يقبل الطعن[13] هذا الطعن قد ينصب على شروطها -او صيغتها.[14]
بل والاكثر من هذا يمكن لمن وجه اليمين وتم قبولها بالأداء او لمن رد لليمين فتم أداءاها ممن وجهها ان يتقدم بشكاية مؤسسة على الفصل 377 من القانون الجنائي[15]، للنيابة العامة يطالب فيها متابعة مؤدي اليمين بجنحة اليمين الكاذبة مع تقديم الأدلة التي يؤكد بواسطتها كذب اليمين.
أما في حالة رد اليمين الحاسمة فقد يفضل من وجهت اليه ردها على موجهها عندما يكون غير متأكد بصفة قاطعة من صحة ما يطلب منه الحلف عليه فلا يطعن في ضميره بل يفضل ان يحتكم الى ضمير خصمه فيردها عليه، لكن الملاحظ المشرع المسطري وإن بيان طريقة أدائها، وأشار في نفس الوقت الى ردها فإنه لم يخص هذ الرد بأحكام وشروط، وإعمالا لذلك ذهب احد الباحثين الى القول انا المستخلص ضمنيا من الفصل 85/ 1 من ق م م، أنه من ردت عليه اليمين لا يمكن له ردها من جديد، وهذه الاستفادة الضمنية استقيناها من العبارة الواردة بهذا الفصل “أو ردها هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا؛ فإذا ردت اليمين إذن فهذا يعني أن من ردت عليه لا يملك إلا خيارين إما الحلف، أو النكول، فإذا حلف ربح الدعوى، وإذا نكل خسر الدعوى وفي الحالتين طبعا ينحسم النزاع.[16]
هذا عن رد اليمين أما عن النكول فالمشرع المغربي لم يُحط النكول عن أداء اليمين بالتفصيل الكافي؛ ذلك أن الإشارة الوحيدة إليه وردت في الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود الذي حصر وسائل الإثبات ومن بينها النكول، بمعنى أنه رتب عن نكول من وجهت إليه اليمين ثبوت الحق في ذمته لفائدة خصمه.
وصفوة القول ان أثر حلف اليمين الحاسمة او النكول عنها قاطع بالنسبة للخصوم وللقاضي، فمن خلالها يحكم بحكم لمصحته، ومن نكل عنها يحكم ضده، والقاضي يلتزم بهذا الأثر فلا يملك الفصل في الدعوى بغير ذلك.[17]
ثانيا: القرائن القانونية حجيتها القانونية ومحدودية القاضي في تقدير حجيتها:
-
-
- مفهوم وخصائص القرائن القانونية:
-
يظهر جيدا ان القرائن باعتبارها وسائل للإثبات نص عليها المشرع المغربي في الفصول من 449 الى 459 من ق ل ع. وهي نوعان قضائية وقانونية.
فالقرائن القانونية؛ تجد اساسها القانوني في الفصل 449 إلى 459 من ق ل ع، وقد عرفها المشرع بمقتضى ف 449 من ق ل ع على أنها” دلائل يستخلص منها القانون او القاضي وجود وقائع مجهولة “، فهي بهذه المعنى أدلة غير مباشرة تنطلق من أمر معلوم أصلا وثابت للقاضي، ليستنتج بالاستدلال العقلي وجود الواقعة محل الاثبات، اما بنفي وجودها او بتأكيدها.[18]
تتميز بخصائص تميزها عن باقي وسائل الاثبات الأخرى بحيث ان اساسها القانوني هو نص القانون؛ بمعنى ان المشرع هو الدي يقوم باستنباط واستنتاج لواقعة مجهولة من اخرى معلومة، مع ضرورة وجود الصلة القوية بين الأمر الظاهر وبين القرينة التي اخدت منه، فينص عليها في صيغة عامة مجردة وتصبح عندئذ قاعدة تطبق على جميع الحالات المماثلة.
والى جانب ذلك فإنها تتميز بخاصية الالتزام؛ التي مفادها ان القاضي يُمنع عليه حق التصرف في القرائن القانونية، ولو اعتقد عدم صحتها مادام أنها تقررت بنص القانون، فإقتناع المشرع أولى بالاعتبار من ّإقتناع القاضي وملزم له ولأطراف النزاع، فهو لا يقول في حكمه أنه حكم بناء على قرينة كذا… وانما بناء على المادة كذا، فمن ثم فإنه لا قرينة قانونية الا بنص من القانون ولذلك لا يجوز له التوسع فيها ولا القياس عليها، فدور القاضي في الاثبات بالقرينة القانونية دور حيادي يقوم بتحقيق نتيجة بإثبات الاطراف لحجتهم.[19]
لهذه الغاية يكفي لمن كانت القرينة في مصلحته أن يتمسك بالمادة التي نصت عليها، فليس عليه إلا أن يقيم الدليل على توفر الواقعة التي يشترط القانون قيامها بشروطها القانونية لانطباق حكم هذه القرينة، وقد جاءت المادة 453 من ق ل ع، تقضى بأنه ” القرينة القانونية تعفى من تقررت لمصلحته من كل اثبات”، فدور القرينة هنا ليس إعفاء من تقررت لمصلحته نهائيا من عبء الاثبات وانما نقل هذا العبء من الواقعة الأصلية المطلوب إثباتها الى واقعة اخرى بديلة، يسهل اثباتها مقارنة بالواقع الاصلية.
فاذا ثبت قيام الواقعة اساس القرينة القانونية، تعين على القاضي ان يأخذ بحكم القرينة فيجعلها اساسا لحكمه حتى لو بدا له عدم مطابقتها للواقع في القضية المعروضة وإلا كان حكمه قابلا للنقض، فالدلالة التي تنطوي عليها القرينة يفرضها القانون وليس للقاضي سلطة تقدير مدى مطابقتها لحقيقة الواقع[20]، فالحقيقة القضائية هنا هي من عمل القانون وحده يفرضها على القاضي وعلى الخصوم، وذلك على خلاف الحقيقة القضائية المستمدة من القرينة القضائية فهي من عمل القاضي كما سيأتي معانا البيان عند حديثنا عن القرينة القضائية.
-
-
- أصناف القرائن القانونية ومحدودية القاضي في تقدير حجيتها
-
لقد جرى تقسيم القرائن القانونية من حيث حجتها في الاثبات الى قرائن قانونية قاطعة وقرائن قانونية بسيطة هذآ التقسيم يجعل من سلطة القاضي في تقدر حجية كل وحد منها محدودا، (قرينة قاطعة) على أن يبقى دوره مع ذلك قائما ولو كان ضيقا في حالات معينة (قرينة بسيطة).
فالقرينة القانونية القاطعة هي الواردة على سبيل الحصر في م 450 من ق ل ع[21]، إذا لا تقبل إثبات ما ينقضها اي ان الخصم لا يمكنه أن يثبت ما يخالفها، ويتعين على القاضي احترامها، فهو مراقب في ذلك من طرف محكمة النقض ما دام الامر يتعلق بمسألة قانونية ترتبط بمدى تطبيق القانون وبقرائن قانونية لا تقبل اثبات العكس، وهو ما يؤكده العمل القضائي.[22]
فالتصرفات التي يقضي القانون ببطلانها بنص القانون بصرف النظر عن مصادرها؛ مفاده البطلان المطلق الذي يكون معه التصرف غير موجود نظرا لما له من مساس بالنظام العام، من ذلك مثلا؛ ما ينص عليه الفصل 109 من ق ل ع، وهوا ما اعتباره المجلس الاعلى باطلا ومبطلا للالتزام الذي يعلق عليه[23].
وكذلك ما نص عليه الفصل 61 من ق ل ع في فقراته الثانية، فهذه تصرفات لم تراعي مشاعر الانسان كما انها تعتبر تحايلا على احكام الإرث، من ذلك ايضا التصرفات التي يبرمها الشخص الذي فتحت في حقه إجراءات المسطرة الغيابية، والشخص الذي وقع عليه حجر قانوني في إطار عقوبات جنائية فالبرغم من كون هذه التصرفات صحيحة في ذاتها الا انها تمت مخالفة للقانون ما دام أن الحجر القانوني يجرد الشخص من صلاحية التعامل في أمواله[24].
كما قرر المشرع المغربي في الفصل 470 من ق ل ع، بطلان كل إشتراط للفائدة بين المسلمين وبالتالي بطلان عقد القرض المتضمن اشتراطا من هذا القبيل[25]، فمجمل هذه الأمثلة يلاحظ على أنها تصرفات تخفى في طياتها نوعا من التحايل على القانون لأجل ذلك رتب المشرع البطلان كقرينة قانونية قاطعة.
اما الظروف التي يستدل منها على وجود او انقضاء الالتزام كالتقادم؛ فالمشرع قد ينص على قرائن قاطعة تفيد اما لنشوء الالتزام؛ بحيث يعتبر الشروع في التنفيذ قبولا، إذا كان القبول غير مطلوب من الموجب، كما اعتبر أن السكوت يعتبر بمثابة رد إذا تعلق الأمر بمعاملات سابقة بدأت فعلا بين الطرفين، فالتنفيذ والسكوت، قرينة على القبول، يستنتج منه الرضا،[26] كما اعتبر تنفيذ العقد بدون تحفظ قبولا مطابقا للإيجاب ف 25 و 28 من ق ل ع، أما بالنسبة لانقضاء الالتزام فالتقادم كما هو معلوم لا يؤدي الى انقضاء الالتزام فحسب بل أيضا الى كسب الملكية او حق العيني، ومن أمثلة انقضاء الالتزام او التحلل منه بالتقادم؛ ما جاء في الفصل 38 من ق ل ع؛ أن الشخص الذي يحصل التصرف في حقوقه وهو حاضر عالم، ولا يوجد مانع يبرر سكوته، فإن ذلك قرينة قانونية على رضاه وإقراره.
وهكذا فإن التقادم قرينة قانونية قاطعة على الوفاء والتخلص والتحلل من الدين، فمن تم يعفى مبدئيا من تقرر لمصلحته من اي اثبات، فيكفي من رفعت عليه دعوى بعد مرور مدة التقادم التمسك به فاذا ثبت فإنه لا يطالب بإثبات الوفاء.[27]
ومن مظاهر القرينة القانونية على انقضاء الالتزام، اعتبرا المشرع أن إرجاع كل طرف في العقد للآخر ما أخذه تنفيذا للعقد قرينة على وقوع الإقالة قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس ف 394 من ق ل ع.[28]
في حين ان حجية الشيء المقضي به؛ تعد ايضا من بين الأمور التي أدرجها المشرع في زمرة القرائن القانونية القاطعة، الحجية التي تحوزها الأحكام الصادرة في موضوع النزاع، فهذه الأحكام ولو قبل صيرورتها حائزة على قوة الشيء المقضي به فإنها تحوز حجية، بحيث لا يمكن رفع دعوى جديدة بين نفس الأطراف بنفس الصفة وفي نفس الموضوع وبناء على نفس السبب، سواء صدر الحكم برفض الطلب أو بقبوله، فالدعامة التي ترتكز عليها قاعدة حجية الأمر المقضي هي أن الاحكام عنوان الحقيقة وحجة بما فصلت فيه، بمعنى أن ما جاء في هذه الاحكام يعتبر مطابقا للحقيقة، يترتب على هذه القاعدة أن الخصوم يمتنع عليهم أن يعاودا الالتجاء الى القضاء في شأن نزاع سبق الفصل فيه،[29] فاذا رفع أحد الخصوم دعوى جديدة تتعلق بهذا النزاع كان للخصم الآخر أن يدفع هذه الدعوى بحجية الأمر المقضي ، أي بسبقية البث ، وفصل 451 من ق ل ع قد بين الشروط الواجبة لتمسك بحجية الأمر المقضي به في ثلاث – اتحاد الموضوع -والسبب -واتحاد الخصوم.
ولكن ليس معنى هذا أنها تعتبر الحقيقة المجردة وعلى هذا لا يسوغ للمحكمة أن تحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من تلقاء نفسها أي بدون أن يدفع الخصم بذلك اذ أن هذا من حقه ومن البديهي أنه يجوز لكل شخص أن يتنازل عن حق اكتسبه، فالدفع بحجية الأمر المقضي ويقال له أيضا الدفع بسبق الفصل، هو الصورة العملية لقاعدة حجية الامر المقضي أي الطريقة العملية لإعمال هذه القاعدة، فإذا رفع أحد الخصوم دعوى جديدة في نزاع سبق الفصل فيه فإنه يجوز للخصم الآخر أن يدفع بعدم جواز نظر هذه الدعوى لسبق الفصل فيها، وهو دفع بعدم القبول يجوز ابداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو في الاستئناف ، ولكن لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض[30]، ويترتب على هذا الدفع أن يمتنع القاضي عن النظر في الدعوى الجديدة، أي يحكم بعدم قبول الدعوى.
وإعمالا لذلك وللوقوف على دور القضاء بخصوص موضوع القرينة القانونية وحجيتها لاسيما في حجية الأمر المقضي المشار إليه في ف 450 من ق ل ع موضوع التحليل سنتوقف على تطبيقات منها ما ينصرف لدوره في مراقبة الإطار القانوني للدعوى، ومدى توفر شروط حجية الشيء المقضي به، إذ أن تدخله في هذا المجال يبقى قائما، وهو ما أكدته محكمة النقض في قرار لها[31]، ثم دوره في تقدير جدية النزاع من عدمه، بحيث فإنه من الواضح ان الحجية التي يمنحها القانون للشيء المقضي به إذا كانت تشكل قرينة قانونية لا يمكن دحضها بالحجة المخالفة، فإن الاحتجاج بالحكم الصادر الذي يحوز حجية الأمر المقضي به في نقطة معينة يجب أن يكون أطراف الخصومة قد تنازعوا بشأنها نزاعا جديا وجوهريا وبت القضاء فيها بصورة حاسمة، أي أن الفصل في الدعوى يجب أن يمس جوهر الخصومة وتقدير جدية النزاع من عدمه يخضع لسلطة قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه.[32]
ومعلوم ان المشرع المغربي يعتبر أن الاصل في القرينة القانونية أن تكون قاطعة أي أنها لا تقبل اثبات يخالفها، وأن الاستثناء هو أن تكون القرينة غير قاطعة أي يجوز اثبات ما يخالفها وذلك بنصوص خاصة، ومن هذا المنظور فإن القرينة القانونية البسيطة او غير قاطعة يقصد بها تلك التي تقبل إثبات العكس، بمعنى أن من تقررت لمصلحته هذه القرينة يعفى من الإثبات اي تنقل عبء الاثبات الى خصمه[33].
فالدليل العكسي في القرينة القانونية البسيطة ليس نتيجة نقل عبء الاثبات الى الخصم الآخر بل هو تطبيق لأصل من أصول الاثبات الذي هو مقارعة الدليل بالدليل، بمعنى أن كل دليل يمكن معارضته بدليل معاكس، فالخصم إذا قدم دليلا كتابيا أو بينة على ما يدعيه فإنه يكون قد قدم دليلا كاملا، ولكن هذا لا يمنع خصمه من أن يقيم دليلا ينقض دليلا.[34]
ومن أمثلة ذلك ما نص عليه الفصل 63 من ق ل ع ” يفترض في كل التزام أن له سببا حقيقيا ومشروعا ولو لم يذكر” فهنا المشرع أعفى الدائن من اثبات أن الالتزام الذي يطالبه به المدين له سببا مشروعا، وعلى من يدعي خلاف ذلك إثبات ادعائه، قد استند على الغالب الشائع في تصرفات الناس كونها محمولة على الصلاح والسداد والصحة. فاستنتج من خلال ذلك هذه القرينة على توفر شروط السبب، فتنجب إلزام المدعي بإثبات مشروعية وحقيقة سبب الالتزام المذكور في العقد، ويكفيه إثبات وجود هذا الأخير[35].
ومن هذآ المنطلق فإن القرائن القانونية الغير القاطعة جاءت متفرقة في نصوص قانونية يمكن الاقتصار على بعض تطبيقاتها مع إبراز سلطة القاضي المدني التقديرية بشأنها، فعلى على مستوى قرينة التبرع في تصرفات المريض مرض الموت، فإنه من الواضح من ف 479 -345 من ق ل ع انه يُفترض أن تصرف الموروث في مرض الموت كان على سبيل التبرع، ويمكن للورثة إثبات العكس، شريطة أن يثبت الورثة أن التصرف صدر أثناء مرض الموروث، وقد أكدت محكمة النقض أن لإبطال العقد بسبب مرض الموت يجب أن يكون المتعاقد وقت الإبرام مريضاً يؤثر المرض على إدراكه العقلي. إذا ثبت أن التصرف لم يكن تبرعاً، يُمكن للمتعاقد الآخر إثبات أنه بيع أو عقد آخر، أي أن القرينة بسيطة وقابلة للإثبات العكسي.[36]
وفي نفس المنحى فإن المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير فإنه يفترض تقصير الوالدين في تربية القاصر وتحملهم المسؤولية، وكذلك رب الحرفة عن أخطاء المتعلمين تحت رعايته، إلا إذا أثبتوا أنهم فعلوا ما بوسعهم لمنع الضرر، ثم أيضا نجد على ان قرينة الخطأ في مسؤولية متولي الرقابة اسسها المشرع المغربي على فكرة الخطأ المفترض وهي قرينة قانونية غير قطعية قابلة لإثبات العكس، كما الحل بشأن حارس الشيء الذي أحدث ضرر، وكذلك مسؤولية الناقل عن حوادث السير التي تقع للمسافرين أثناء النقل فإن الناقل لا يمكن اعفاؤه من هذه المسؤولية إلا إذا أثبت حدوث قوة قاهرة أو خطأ المتضرر.
وهي نفس القرينة طبقها المشرع على أرباب الحرف بالنسبة لأخطاء المتعلمين الموجودين تحت عهدتهم، فكل خطأ يرتكبه المتعلم أثناء وجوده لدى صاحب الحرفة، يفترض أن هذا الأخير مسؤول عنه، لأن القاصر يكون قد خرج من نطاق المسؤولية الأبوية ودخل في نطاق مسؤولية رب الحرفة.[37]
المحور الثاني: مظاهر التدخل الاستثنائي القاضي في تحقيق الخطوط والزور الفرعي
لا ريب انه إذا استكملت الورقة الرسمية شروطها القانونية كانت لها حجية قوية في الاثبات، تتمثل في إفتراض صحة ما يكون فيها من بيانات، إفتراضا لا يكذب في كثير من الاحيان الا باتباع طريق الطعن بالتزوير، هذا الطعن او الإدعاء نوعان إدعاء التزوير الجنائي وإدعاء التزوير المدني هذا الأخير ينقسم الى ادعاء تزوير أصلي، وادعاء تزوير عارض (فرعي).
ولما كانت القاعدة العامة أن سلطة القاضي تضيق ومجال تدخله محدود كلما تعلق الأمر بوسائل الإثبات ذات الحجية المطلقة، فإن له هامشا للتدخل مع ذلك من خلال ما قد يقوم به من دور استثنائي في دحض هذه الحجية؛ وهو ما سنحاول استجلاءه في مسطرة تحقيق الخطوط (أولا)، والزور الفرعي (ثانيا).
أولا: سلطة القاضي في مسطرة تحقيق الخطوط
من الواضح ان الحق المدعى به قد يستند صاحبه على وجوده بدليل يُفنده، غير ان خصمه قد يطعن في صحته، وذلك بإنكار خطه، او توقيعه، او بإدعاء زوريته، ففي هذه الحالات يقوم القاضي بالرد، وان صح التعبير بإجراء تحقيق في الأدلة موضوع الادعاء، وتحقيق الخطوط والزور الفرعي من بين وسائل التحقيق الهامة التي تساعد القاضي في استجلاء حقيقة هذه الادعاءات.
وقد نظم المشرع المغربي تحقيق الخطوط في الفصول من 89 إلى 91 من ق.م. م، وهو عبارة عن إجراءات سنها القانون لإثبات صحة محررات عرفية يقع إنكارها لتنهض حجة يستند إليها في الدعوى من احتج بها.[38]
فمتى استظهر أحد طرفي الدعوى بورقة عرفية يدعي صدورها عن خصمه أو عن الغير، قامت المحكمة بعرضها على خصمه المحتج بها ضده فنكون أمام حالتين: الأولى أن يُقرَّ بها بصورة صريحة أو ضمنية فتصبح لها حجية الورقة الرسمية في الإثبات في مواجهة كافة الأشخاص طبق ما يقضي به الفصل 424 من ق. ل. ع. وفي هذه الحالة لا يلجأ إلى مسطرة تحقيق الخطوط، والثانية أن ينكر بصورة صريحة صدورها عنه، أو عن الغير من حيث الخط أو التوقيع[39]، وهذه هي بداية مسطرة تحقيق الخطوط طبقا لما قضى به ف الفصل 89 من ق م م [40]، ويكون هذا الإجراء في كلتا الحالتين موضوع حكم تمهيدي على أساس بطلان كل إجراء تمت مباشرته في غياب الحكم المذكور.[41]
فانطلاقا من هذا المقتضى التشريعي يتضح جليا ان المشرع الإجرائي قد منح سلطة تقديرية واسعة للقاضي في الأمر بتحقيق الخطوط كإجراء من إجراءات التحقيق في الدعوى المدنية، ولعل مما يزكي ذلك مقتضيات الفصل 55 من ق م م، التي وردت في الفرع الأول من الباب الثالث المتعلق بإجراءات التحقيق هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإنه تطبق على مسألة تحقيق الخطوط القواعد والأحكام الخاصة بالأبحاث والخبرة لا سيما انه كإجراء من إجراءات التحقيق متوقف على مجموعة من الشروط[42] تكون للقاضي من خلالها سلطة واسعة لا سيما في تقديره لجدية الادعاء وهذا ما يستشف من عبارة ان يكون الإجراء ذا فائدة في الفصل في النزاع.[43]
وهذا ما يدفعنا الى التمييز بين حالتين؛ أولهما توقف البت في الدعوى الأصلية على إجراء تحقيق الخطوط، حيث يأمر القاضي أو يستجيب لطلب أحد الأطراف بتحقيق الخطوط، وهذه الحالة لا تطرح أي إشكال قانوني، اما الحالة الثانية فهي التي يكون فيها الأمر بإجراء تحقيق الخطوط منتجا، وذا فائدة في الفصل في النزاع، ومع ذلك، يرفض القاضي الاستجابة لطلب الأطراف بالأمر بإجراء تحقيق الخطوط، وهنا يثار الإشكال حول مدى سلطة القاضي في رفض الاستجابة لهذا الطلب، وهل يلزم بتعليل قراره بالرفض، أو بتعبير أدق تسبيب حكمه التمهيدي القاضي بعدم الأمر بتحقيق الخطوط[44].
ويزداد الإشكال تعقيدا متى علمنا أن مسطرة تحقيق الخطوط تتم أمام المستشار المقرر عندما يكون النزاع معروضا أمام محكمة الاستئناف وهوا ما ورد ضمن الفقرة الأخيرة من الفصل 336 ق م م. على ما يلي:” تقع مسطرة تحقيق الخطوط والزور الفرعي أمام المستشار المقرر” وفي الحالة التي يصدر فيها هذا الأخير أمره بعدم إجراء مسطرة تحقيق الخطوط، فإن هذا الأمر يكون غير قابل للطعن، ف 344 ق م م[45]، إذن كيف يمكن إجبار المحكمة على الاستجابة لطلب إجراء تحقيق الخطوط؟
وإعمالا لذلك فإن تحقيق الخطوط يتم إما بمقارنة الوثيقة المطعون فيها مع غيرها من الوثائق الصادرة عن الشخص الذي يهمه الأمر، أو من خلال الاستماع إلى شهادة الشهود أو عن طريق الخبرة ففي الحالة الأولى، تكتفي المحكمة التي تنظر في النزاع بمقارنة الخطوط والتوقيعات التي تحملها الوثيقة المطعون فيها مع وثائق وتوقيعات يقر بها الطرف الصادرة عنه، أما في الحالة الثانية، فإن المحكمة تأمر باستدعاء الشهود الذين حضروا توقيع الوثيقة المطعون فيها قصد الاستماع إليهم، ولا يمكن في كلتا الحالتين أن يتم ذلك إلا في إطار جلسة بحث تأمر المحكمة بإجرائها، أما الوسيلة الثالثة فهي التي يتم فيها اللجوء إلى خبير قصد التأكد من صحة الخطوط والتوقيعات.[46]
وبناءا على ما سبق، فإن تحقيق الخطوط يتم بواسطة حكم تمهيدي بإجراء للبحث أو تعيين خبير، حيث تتم عملية التحقيق في الحالتين بصورة تواجهية بين الطرفين، وتكون باطلة عملية تحقيق الخطوط التي قامت بها المحكمة تلقائيا أثناء المداولة دون سابق حكم تمهيدي بها ودعت الطرفين إليها.[47]
والحاصل الدي يمكن رصده انطلاقا من هذه المقاربة، ان سلطة القاضي المدني في التعامل مع مسطرة تحقيق الخطوط كإجراء من إجراءات التحقيق، و كوسيلة من وسائل الإثبات، هي سلطة واسعة سواء في اعتماد طبيعة الإجراء في البحث، أي السند أو شهادة شاهد أو الاستعانة بخبير، أو في اختيار وجهة من الوجهات الثلاث التي يراها مناسبة للمقارنة حتى ينتهي إلى تكوين قناعته في تقييم حجية وسيلة الإثبات المعتمدة في الدعوى، وفي تأسيس الأسباب القانونية التي يبني عليها حكمه البات في النزاع ولعل مصدر اتساع هذه السلطة يرجع إلى أن إنكار الكتابة أو التوقيع، هي واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة وسائل الإثبات.[48]
علاوة على هذا فإن دعوى تحقيق الخطوط ولئن كانت دعوى عارضة تتم بواسطة حكم تمهيدي، وأن الأحكام التمهيدية تقبل الطعن مع الأحكام الفاصلة في الموضوع[49]، فإنها بالتالي تخضع للرقابة، لهذا كان لزاما تعليلها متى كانت تمس بحقوق الأطراف.[50]
ثانيا: دور سلطة القاضي في مسطرة الزور الفرعي
نظم المشرع المغربي الزور الفرعي كإجراء من إجراءات التحقيق في الفصول من 92 إلى 102 من ق.م. م. وهي دعوى / طلب عارضة ينصب على السند المقدم كدليل في دعوى مدنية قائمة اصلية بصريح الفصل 94 من ق م م.
غير انه الملاحظ بخصوص الصيغة القانونية للزور الفرعي تارة المشرع يعبر عنها، بأنها دعوى الفصول 9 – 98 – 102 وتارة يعبر عنها بأنها طعن 101-97-96-92 وتارة أخرى يعبر عنها بكونها طلب عارض الفصل 94، ونتيجة لهذا الازدواجية في الصيغة القانونية للزور الفرعي فقد تضارب العمل القضائي هوا الاخر في تحديد صياغته الإجرائية بين توجه قضائي يعتبره طلب عارض[51] واتجاه يقر بكونه دفع[52]، وعلى العموم فإنه مادام قد نص في الفصل 94 من قانون المسطرة المدنية على أن الزور الفرعي يعد من الطلبات العارضة كما ان الفصل 387 من ق م م، قد نص على أن طلب الزور الفرعي يرفع أمام محكمة النقض بواسطة مقال، وهي شكلية متطلبة في الطلبات دون الدفوع[53]، فمن ثم واجب ان تتوافر فيه شروط نوجزها فيما يلي:
أن يرد الادعاء على مستند مقدم في دعوى أصلية ثم أن يكون معه الادعاء منتجا وضروريا للفصل في الدعوى الأصلية، إذا أن المحكمة لا تستجيب لطلب مدعي الزور إلا إذا كان المستند أساسيا في الدعوى ويتوقف عليه الفصل، أما في الحالة التي لا يكون منتجا فيها، تقضي بعدم قبول الادعاء بالزور الفرعي، كما يشترط لقبول الادعاء بالزور الفرعي عدم قفل باب المناقشة أي أن تقدم هذه الدعوى في الوقت الذي مازالت فيه طيلة التحقيق أمام القضاء.[54]
وبعد بيان الطبيعة القانونية لادعاء الزور الفرعي والشروط المتطلبة لقبوله تأتي باقي الإجراءات المنصوص عليها في الفصلين 92 و 93 من قانون المسطرة المدنية من قبيل توجيه إنذار أولا: إلى الطرف المتمسك بالمستند المدعى فيه الزور للإفصاح عن نواياه فيما إذا كان يريد استعماله أم لا، والاجراء الثاني المتمثل في الأمر بإيداع أصل المستند المدعى فيه الزور لدى كتابة ضبط المحكمة داخل الأجل القانوني والمتمثل في 8 أيام.
ليتأتى بعد دلك للقاضي المقرر او المكلف بالقضية بإنجاز محضر يصف فيه حالة المستند وما لحقه من تغير بحضور النيابة العامة التي تدلي بمستنتجاتها بخصوص الزور، مادام أن الزور الفرعي من بين القضايا التي يجيب تبليغها إليها طبقا للفصل 9 من ق م م .
وبمجرد ما يتم تحرير المحضر وتحديد مواضيع الزور، فإن المحكمة تنتقل لجوهر النزاع من خلال الامر بمباشرة الاجراءات اللازمة للتأكد من زورية المستند من عدمه، فيكون للمحكمة في سبيل كشف الزور سلطة القيام بكافه الاجراءات اللازمة والممكنة، حيث يمكن المقارنة بين التوقعات والكتابة وتعتمد في المقارنة على الساندة الرسمية، واستماع الى الشهود، لتخلص المحكمة في الأخير اما لقبول الادعاء بالزور والحكم بزوية المستند مع الامر في نفس الحكم بحذف المحرر كلا او بعضا او الحكم بعدم ثبوت الزور وبالتالي الحكم على مدعي الزور المرفوض طلبه، بغرامة مالية تتراوح ما بين 500 الى 1500 درهم الفصل 89 .دون المساس بالتعويضات المدنية الممكن الحكم بها. وكدا المتابعات الجنائية.
وهكذا يتضح أن سلطة القاضي المدني في التعامل مع مسطرة الزور الفرعي كإجراء من إجراءات التحقيق، وكوسيلة من وسائل الإثبات سلطة واسعة، سواء في تكييف حجية المستند المطعون فيه بأن الفصل في الدعوى يتوقف عليه، أو في اعتماد طبيعة الإجراء في البحث أي بواسطة السند أو بشهادة شاهد أو بالاستعانة بخبير، أو في الحكم بصحة أو عدم صحة المحرر المطعون فيه.[55]
خاتمة:
يتضح من خلال ما سبق أن دور القاضي المدني في تقدير وسائل الإثبات يجسد توازنًا دقيقًا بين الالتزام بالحجية القانونية وممارسة السلطة التقديرية، فبينما يظل القاضي مقيدًا في تطبيق اليمين الحاسمة والقرائن القانونية القاطعة، حيث تفرض عليه النصوص القانونية احترام شروطها وأثرها النهائي، يمنحه القانون هامشًا واسعًا للتدخل في إجراءات تحقيق الخطوط والزور الفرعي، بما يتيح له كشف الحقيقة وتحقيق العدالة في الحالات التي تتطلب فحصًا معمقًا للأدلة، ومن هذا المنطلق، يظهر جليًا أن المشرع المغربي سعى إلى مزج مبدأ الحياد القانوني مع الحياد الإيجابي، ليضمن للقاضي القدرة على ضبط النزاع وتقييم الأدلة بما يخدم العدالة، مع الحفاظ على صرامة قواعد الإثبات المقررة قانونًا. هذا التوازن بين الصرامة القانونية والسلطة التقديرية يشكل حجر الزاوية في فعالية القضاء المدني في المغرب، ويؤكد على أهمية دور القاضي كمحور رئيسي في تحقيق العدالة وحماية الحقوق.
تم البحث بحمد الله وتوفيقه انس بوزيد.
لائحة المراجع المعتمدة:
- أولاً: الكتب
- عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الثاني: نظرية الالتزام بوجه عام – الإثبات وآثار الالتزام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، الطبعة الثالثة
- إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، الطبعة الأولى، 1997، بدون ذكر دار النشر.
- خالد سعيد، الإثبات في المنازعات المدنية – دراسة علمية وعملية على ضوء القانون المغربي والاجتهاد القضائي لمحكمة النقض، الطبعة الأولى 2014، دار السلام – الرباط
- عبد الكريم شهبون، الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1996
- محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، 2001
- محمد بفقير، قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي، ط 2012
- نور الدين البريس، نظرات في قانون المسطرة المدنية، الطبعة الأولى، 2012
- إبراهيم أحطاب، قانون المسطرة المدنية في الشروح، الطبعة الثانية، 2023
- ثانياً: الأطروحات والرسائل الجامعية
- بوعبيد الترابي، اليمين وأنواعها ومجالات إعمالها، بحث نهاية التمرين، المعهد العالي للقضاء، الفوج 37، 2011–2013
- بنسالم أوديجا، سلطة القاضي في الإثبات في المادة المدنية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق أكدال – الرباط، 2014/2015
- هدى التهامي، سلطة القاضي في تقدير أدلة الإثبات في المواد المدنية، رسالة ماستر، كلية الحقوق طنجة، 2016–2017
- آمال الزريفي العمراني، دور القاضي المدني في تقدير وسائل الإثبات، بحث نهاية التكوين، المعهد العالي للقضاء، 2013–2015
- عبد الكبير أيت قاسم، القرائن كوسيلة إثبات في التشريع المدني المغربي، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، 1996.
- ثالثاً: المقالات العلمية
- أنوار أبو هلال، التنظيم القانوني لليمين بالمادة المدنية في التشريع المغربي؛ الواقع والآفاق.
- المصطفى عافري، دعوى تحقيق الخطوط والزور الفرعي، مجلة الحدث القانوني، العدد 10، نوفمبر 1998.
- محمد الكشبور وعبد الرحمان دريوش، سلطة محكمة الموضوع في الأمر بتحقيق الخطوط، مجلة المناهج القانونية، العدد 8، 2005.
رابعاً: الأحكام والقرارات القضائية
- قرار المجلس الأعلى عدد 126 بتاريخ 17/01/1990، مجلة المجلس الأعلى، عدد 17.
- قرار المجلس الأعلى عدد 330 بتاريخ 01/03/2000، مجلة المجلس الأعلى، عدد 66.
- قرار المجلس الأعلى عدد 1934 بتاريخ 01/06/1994.
- قرار المجلس الأعلى بتاريخ 12/01/2005 عدد 29، الملف التجاري 04/1/3/52، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 64–65.
- قرار المجلس الأعلى بتاريخ 14/06/1989 عدد 1440، ملف 89/239.
- قرار المجلس الأعلى بتاريخ 21/07/1983، ملف 93341، مجلة القضاء والقانون، عدد 132، ص 127.
- قرار محكمة النقض عدد 2011 بتاريخ 03/10/2001، الملف التجاري 00/1659، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 59–60.
- قرار المجلس الأعلى عدد 1608 بتاريخ 11/11/1999، التقرير السنوي للمجلس الأعلى 1999.
- قرار محكمة النقض عدد 628 بتاريخ 18/09/2002، ملف 2002/1/2/89.
- قرار المجلس الأعلى 3 يونيو 1987، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 41.
- قرار المجلس الأعلى عدد 2191 بتاريخ 18/09/1985، ملف 81180، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 39، ص 70.
- قرار محكمة النقض عدد 722 بتاريخ 09/03/2005، المدني عدد 585/1/3/2004، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 67.
- قرار محكمة النقض عدد 1550 بتاريخ 05/05/2014.
- قرار محكمة النقض عدد 311 بتاريخ 23/01/2008، ملف مدني 78/2/1/2/2006.
- عبد الرزاق احمد السنهوري؛ الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الثاني نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات آثار الالتزام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، ص 42. ↑
- بوعبيد الترابي؛ اليمين وانواعها ومجالات إعمالها بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء؛ الفوج 37 سنة 2013/2011. ص4. ↑
- ادريس العلوي العبدلاوي؛ وسائل الاثبات في التشريع المدني المغربي. الطبعة الأولى. سنة 1997.بدون ذكر دار النشر. ص74. ↑
- خالد سعيد، الإثبات في المنازعات المدنية، دراسة علمية وعملية على ضوء القانون المغربي والاجتهاد القضائي لمحكمة النقض، الطبعة الأولى 2014، طبع دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع-الرباط. بتصرف ص 216. ↑
- قرار صادر عن المجلس الأعلى تحت عدد 126 بتاريخ 1990/01/17 مجلة المعيار العدد 17 ص 77. ↑
- والخصم هنا كل مكلف بإثبات واقعة قانونية لا يملك دليلها سواء اكان مدعيا يريد اثبات حق يدعيه او مدعى عليه يريد اثبات دفع يديع أيضا وهذا المعنى كرسه المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا في قرار لها ورد فيه” تعتبر اليمين الحاسمة وسيلة من وسائل الاثبات يوجهها الطرف الذي يعوزه الدليل – قرار عدد 126 في الملف المدني ع 67-85 صادر بتاريخ 17-01-1990 منشور بمجلة المجلس الأعلى. ع 17.ص 77 وما يليها. ↑
- قرار عدد 330. في الملف التجاري ع 4154-92.صادر بتاريخ 1-3-2000.منشور بمجلة المجلس الأعلى عدد 66. ص 287 ما يليها. ↑
- في هذا الصدد طرحت مجموعة أسئلة حول هل للقاصر حق توجيه اليمين الحاسمة ام يلزم توجهها من لدن نائبه القانوني؟ ولما كانت اليمين تقتضي شرط الأهلية في توجيهها فإنه أيضا تستلزم نفس الشرط في ادائها فطرح السؤال عندئذ ما إذا كانت موجهة إلى قاصر فإن نائبه القانوني لا يمكنه ان يحلف لان القاعدة أنه لا يحلف أحد ليستحق غيره؟ ثم هل يحق توجيه اليمن للشخص المعنوي؟ بحسب الأستاذ خالد سعيد في كتابه الإثبات في المنازعات المدنية م س ص 221. فإن القاصر والمحجور عليهم لا يوجهون اليمين الحاسمة بأنفسهم، بل يتولاها نائبهم القانوني، مع استثناءات حسب القاصر وقيمة المنقول محل الدعوى التي قد تتطلب إذنًا مسبقًا من القاضي. أما أداء القاصر لليمين فيتوقف على بلوغه الرشد. اما بالنسبة للشخص المعنوي، فهناك اتجاهان فقهيان: الأول يمنع توجيه أو أداء اليمين للشخص المعنوي لكون ممثله القانوني لا يلزم بذمته، والثاني يسمح بذلك ضمن نطاق التصرفات التي يقوم بها الممثل لتسيير المؤسسة، وهو الاتجاه الذي ذهبت اليه المحكمة التجارية بمراكش بتاريخ 2000/07/03 الذي جاء فيه؛ “توجيه اليمين بالنسبة للشخص الاعتباري لممثله القانوني”. ↑
- بنسالم أوديجا، سلطة القاضي في الإثبات في المادة المدنية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال-الرباط، السنة الجامعية 2014/2015.ص 63. ↑
- هدى التهامي؛ سلطة القاضي في تقدير ادلة الاثبات في المواد المدنية. رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص. تخصص المدني والاعمال كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. طنجة السنة الجامعية 2016-2017.ص 47 ↑
- صدر، في هذا الصدد، قرار عن المجلس الأعلى بتاريخ 2005/1/12 تحت عدد 29 في الملف التجاري رقم 04/1/3/52، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى الإصدار الرقمي دجنبر 2006 العدد 64-65، الصفحة 150، إذ ورد فيه المحكمة ملزمة بتوجيه اليمين الحاسمة ولو وصفها موجهها بأنها متممة، إذ العبرة عملا بأحكام الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية هي تطبيق القوانين المطبقة على النازلة، ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة ” مؤخود من أطروحة بنسالم اوديجا م س ص 64 ↑
- خالد السعيد؛ م س. ص 229. ↑
- خالد سعيد؛ م س. ص232 ↑
- إذا جاء في قرار لمحكمة النقض” توجيه اليمين الحاسمة الى الخصم يقصد به الاحتكام الى ضميره، فإن أداها اعتبر النزاع منتهيا بين الطرفين بصفة لا رجعة فيه، ولا يقبل الحكم المبنى عليها أي طعن من طرف الطاعن الا بشأن خلل في إجراءات أداء اليمين. قرار عدد 1934 في الملف ع 3559-91.صادر بتاريخ 1-6-1994. مشار اليه في مؤلف محمد بفقير؛ قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي ط 2012.ص 180. ↑
- ينص الفصل 377 من القانون الجنائي؛ كل شخص وجهت إليه اليمين أو ردت عليه في المواد المدنية، إذا أدى يمينا كاذبة، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى ألفي درهم. ↑
- انوار أبو هلال؛ التنظيم القانوني لليمين بالمادة المدنية في التشريع المغربي؛ الواقع والافاق مقال منشور بموقع العلوم القانونية MAROC DROIT ، رابط الاطلاع؛https://www.marocdroit.com/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B7%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AC%D9%87-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8_a11932.html على الساعة 12,21 بتاريخ 17-11- 2025 ↑
- العبدلاوي م س. ص 177 ↑
- خالد السعيد؛ م س. ص 246 ↑
- عبد الكبير ايت قاسم؛ القرائن كوسيلة اثبات في التشريع المدني المغربي. بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء سنة 1996. الصفحة 12. ↑
- العبدلاوي؛ م س. ص 134 ↑
- ينص الفصل 450 من ق ل ع على انه؛ ↑
- وهو ما ذهب اليه المجلس الاعلى سابقا محكمة النقض حاليا في قرار له ورد فيه ” قرينة وصل توصيل تصفيه الحساب ينظمه الفصل 745 مكرر من قانون التزامات والعقود وليس الفصل 253 فلا يعتبر من القرائن القانونية موضوع الفصل 450 من قانون التزامات العقود. قرار صادر عن الغرفة المدنية بتاريخ 14/ 06 /1989 تحت عدد 1440 في ملف عدد 89/239. اشار اليه بنسالم اوديجا م س ص 75. ↑
- قرار المجلس الاعلى بتاريخ 1983 7 21. ملف مدني 93341، مجله القضاء والقانون عدد 132 الصفحة 127. ↑
- خالد سعيد م س. ص 249. ↑
- عبد الكريم شهبون؛ الشافي في شرح قانون التزامات العقود مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة الاولى سنه 1996 الصفحة 431. ↑
- خالد سعيد م س. ص 250. ↑
- آمال الزريفي عمراني؛ دور القاضي المدني في تقدير وسائل الاثبات. بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، السنة القضائية 2015/2013 ص 22 ↑
- العبدلاوي م س ص 137. ↑
- خالد سعيد م س ص 251. ↑
- العبدلاوي م ن ص 142. ↑
- إذ ورد فيه لئن كان الحكم المؤسس عليه الدفع بسبقية البت قد قضى برفض طلب الإفراغ بأنه لم يبت في الواقعة المعروضة عليه، وإنما فصل في مسألة قانونية تتعلق بالإطار القانوني الذي ينبغي إخضاع النزاع إليه وهو ظهير 24 ماي 1955 وليس القواعد العامة المستند إليها في الملف موضوع الحكم المذكور، فلم تتوافر فيه شروط التمسك بحجية الأمر المقضي به، والمحكمة التي ردت الدفع لاختلال شروط سبقية البت بعلة أنه لا مانع من إعادة نفس الدعوى لأن العبرة بمضمون الحكم وعلله التي من شكلية الدعوى لا بمنطوقه، تكون قد سايرت المبدأ المذكور غير خارقة لأي مقتضى. قرار صادر بتاريخ 2001/10/3 تحت عدد 2011 في الملف التجاري رقم 00/1659، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 59-60 الصفحة 259 وما يليها. ↑
- قرار صدر عن المجلس الأعلى بتاريخ 1999/11/11 تحت عدد 1608 في الملف رقم 97/2570 منشور بالتقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 1999 الصفحة 94، إذ ورد فيه لكي يحوز الحكم حجية الأمر المقضي في نقطة معينة يجب أن يكون الخصوم قد تنازعوا فيها نزاعا جديا وأساسيا أمام المحكمة التي تكون قد نظرت فعلا في هذا النزاع وانتهت إلى الحسم فيه. أورده اوديجا م س.ص 76. ↑
- خالد سعيد م س. ص 247 ↑
- آمال الزريفي عمراني، ” م س. ص 22. ↑
- هدى التهامي؛ م س. ص 50. ↑
- قرار رقم 628 بتاريخ 2002/09/18، ملف مدني عدد 2002/1/2/89 مشار اليه هدى التهامي م س. ص 52. ↑
- خالد سعيد م س. ص 248 ↑
- بنسالم اوديجا؛ م س. ص 77. ↑
- بنسالم اوديجا؛ م س.ص 68. ↑
- إذا أنكر خصم ما نسب إليه من كتابة أو توقيع أو صرح بأنه لا يعترف بما ينسب إلى الغير أمكن للقاضي صرف النظر عن ذلك إن رأى أنه غير ذي فائدة في الفصل في النزاع. إذا كان الأمر بخلاف ذلك فإنه يؤشر بتوقيعه على المستند ويأمر بتحقيق الخطوط بالسندات أو بشهادة الشهود أو بواسطة خبير عند الاقتضاء. تطبق القواعد المقررة بالنسبة إلى الأبحاث والخبرة في تحقيق الخطوط ↑
- جاء في هذا الصدد قرار للمجلس الأعلى؛ إن المحكمة بدلا من أن تطبق ما يقتضيه نص الفصل 89 من ق.م. م. الذي ينص على أن تحقيق الخطوط تقدم بواسطة حكم تمهيدي بإجراء البحث بواسطة المستشار المقرر أو تعيين خبير في الخطوط حيث تتم عملية التحقيق في الحالتين بصفة تواجهية بين الطرفين اكتفت أثناء المداولة في القضية بعملية تحقيق الخطوط تلقائيا دون سابق حكم تمهيدي بها ولادعت إليها الطرفين لتصرح في حكمها بعدم وجود التشابه بين التوقيعين مخلة بالمقتضيات المذكورة وبحقوق الدفاع. قرار المجلس الأعلى الصادر في 3 يونيو 1987 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 41، ص. 20 وما بعدها ↑
- اولها إنكار الكتابة أو التوقيع من طرق الخصم او تصريحه بجهله لهما –ثانيا ان ينصب محل انكار التوقيع او الكتابة على ورقة عرفية بحيث لا يمكن سلوك مسطرة تحقيق الخطوط في الورقة الرسمية ذلك أن الورقة الرسمية لا تقبل الطعن إلا بالزور، وثالثا ان يتوقف الفصل في النزاع عن المستند موضوع الإنكار. ↑
- فمن شروط دعوى تحقيق الخطوط كما سبق البيان أن يكون الفصل في الدعوى متوقفا على المستند الوارد عليه الإنكار، أما إذا كانت الورقة غير ذات فائدة للفصل في الدعوى الأصلية، فإن المحكمة تصرف النظر عن الادعاء وتبت في القضية بما يستوجبه القانون، ويرجع في تقرير ما إذا كانت الورقة الوارد عليها الإنكار ذات فائدة للفصل في النزاع أم لا للسلطة التقديرية للمحكمة الفصل 89 ق م.م. ولها أيضا أن تقضي بصحة الورقة أو عدم صحتها دون إجراء التحقيق إذا كونت عقيدتها وقناعتها، كما لها أن تقضي بعدم الاعتداد بالانكار إذا لم يتم وفق الإجراءات التي حددها القانون. المصطفى عافري : ” دعوى تحقيق الخطوط والزور الفرعي ” مجلة الحدث القانوني العدد 10 نونبر 1998 ، صفحة 4. ↑
- محمد الكشبور وعبد الرحمان دريوش: سلطة محكمة الموضوع في الأمر بتحقيق الخطوط كإجراء من إجراءات التحقيق في الدعوى المدنية. مجلة المناهج القانونية العدد 8، السنة 2005 ص 14. ↑
- تنص الفقرة الثانية من الفصل 334 ق.م.م. على ما يلي: ” لا يمكن بأي حال أن تمس الأوامر التي تصدر في هذا الشأن الدعوى الأصلية وتبلغ بواسطة كتابة الضبط ولا تكون قابلة للطعن”، وتطبيقا لمقتضيات هذه الفقرة، جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى ما يلي: الأوامر التي يتخذها المستشار المقرر في مرحلة الاستئناف بجعل القضية جاهزة للحكم ومنها الأمر بإجراء خبرة -لا تقبل أي طعن. قرار رقم 2191 ملف مدني 81180، صادر بتاريخ 18 شتنبر 1985، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 39، ص 70 أشار إليه الاستاد الكشبور محمد بمؤلفه الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية “. ↑
- المصطفى عافري م س. ص 6. ↑
- قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 3 يونيو 1987، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 41 صفحة 20. ↑
- اوديجا م س.ص 69. ↑
- نص الفصل 140 م.م. على أنه لا يمكن استئناف الأحكام التمهيدية إلا في وقت واحد مع الأحكام الفاصلة في الموضوع وضمن نفس الأجال ويجب ألا يقتصر مقال الاستئناف صراحة على الحكم الفاصل في الموضوع فقط، بل يتعين ذكر الأحكام التمهيدية التي يريد المستأنف الطعن فيها بالاستئناف. ↑
- محمد الكشبور. «رقابة المجلس الاعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية» مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء الطبعة الأولى .2001. ص 371. ↑
- فنجد ان محكمة النقض تؤكد ضمن قرارها عدد 722 بتاريخ 9 مارس 2005 الصادر في المدني عدد 585. 1 .3 .2004 ” ان الادعاء بالزور الفرعي ليس دفعا حتى يطلب من المحكمة القيام بالإجراءات المنصوص عليها في القانون والمحكمة لما رفضت الدفع المتعلق بالزور الفرعي في رسم الشراء المستدل به في الدعوى لعدم تقديمه في شكل دعوى عريضة او اصلية تكون قد التزمت في قرارها القانون الواجب التطبيق. منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى العدد 67، وفي قرار اخر لها عدد 1550 بتاريخ 5 ماي 2014 انه ” وحيث ان اجراء مسطره الزور الفرعي يستوجب تقديمه من مدعي الزور مؤذى عنه وليس مجرد دفع عملا بما جرى عليه العمل القضائي اعتبارا لان المشرع ارتضا ان يطلق عليه دعوى الزور الفرعية وهي بالتالي تأخذ شكل دعوى مقابلة للدعوى الاصلية من هذا المنطلق وجب على من تمسك بالزور الفرعي ان يتقدم به بشكل دعوى او طلب متوفر على جميع الشروط الشكلية المنصوص عليه قانونا ولا يكفي مجرد الدفع به.” ↑
- في مقابل هذآ التوجه نجد قرار لمحكمة النقض يؤكد خلاف ما استقرت عليه مسبقا حيث جاء في قرار عدد 311 صادر بتاريخ 23/01/2008 في الملف المدني عدد 78/2/1/2 2006 ” حقا حيث إنه وحتى مع فرضية التسليم بأن ما أثير أمام المحكمة من طرف الطاعن هو طعن بالزور الفرعي في التوقيع المنسوب إليه يخضع للبت فيه للفصول 92 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، فإن قواعد المسطرة المدنية لا توجب إثارة الزور الفرعي بمقتضى مقال عارض مؤدى عنه الرسم القضائي، وأن إشارة الفصل 94 من قانون المسطرة المدنية إلى الطلب العارض المتعلق بالزور الفرعي لا يعني وجوب تقديمه بمقال مؤدى عنه الرسوم القضائية…” ↑
- نور الدين البريس.” نظرات في قانون المسطرة المدنية”. الطبعة الأولى 2012.ص 88. ↑
- إبراهيم أحطاب.” قانون المسطرة المدنية في الشروح” الطبعة الثانية. 2023.ص55. ↑
- اوديجا م س. ص 71. ↑



