غسل الأموال و علاقته بالفساد الإداري و المالي الأستاذ الباحث : محمد فهد عبدالرحمن حمد آل ثاني
الأستاذ الباحث : محمد فهد عبدالرحمن حمد آل ثاني باحث قانوني/ جامعة لوسيل / قطر
غسل الأموال و علاقته بالفساد الإداري و المالي
Money Laundering and Its Relationship with Administrative and Financial Corruption
الأستاذ الباحث : محمد فهد عبدالرحمن حمد آل ثاني
باحث قانوني/ جامعة لوسيل / قطر
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/EJTM3163
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

المستخلص
تتناول الدراسة موضوع غسل الأموال وعلاقته بالفساد الإداري والمالي مع تركيز خاص على البيئة القطرية، وذلك في ضوء الاتفاقيات الدولية والمعايير التشريعية الحديثة. وتتمثل إشكاليتها في بحث دور جرائم كالاختلاس والرشوة واستغلال النفوذ في تسهيل عمليات غسل الأموال، ومدى كفاءة التشريعات الوطنية في مواجهتها.
أهمية الدراسة تنبع من كونها تعالج موضوعاً معقداً يمسّ النزاهة المالية والإدارية، وتسعى إلى: تحليل العلاقة بين الفساد وغسل الأموال، تقييم انسجام التشريعات القطرية مع المعايير الدولية، رصد أوجه القصور، واقتراح سبل الإصلاح.
اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي والمقارن، وانطلقت من فرضيات تؤكد وجود علاقة سببية بين الفساد وغسل الأموال، وأن التشريعات القطرية رغم توافقها الدولي تعاني تحديات تطبيقية.
ومن أبرز النتائج: ثبوت العلاقة السببية بين الفساد الإداري والمالي وغسل الأموال، وجود ثغرات في التطبيق وضعف التنسيق المؤسسي، إضافة إلى محدودية الوعي بخطورة هذه الجرائم. وقد أوصت الدراسة بتعزيز التنسيق بين الجهات، وتحديث التشريعات، وتكثيف برامج التوعية والتدريب لمواجهة هذه الظاهرة بفعالية أكبر.
Abstract
. This study addresses money laundering and its relationship with administrative and financial corruption, with a particular focus on the Qatari context in light of international conventions and modern legislative standards. The core problem lies in examining how crimes such as bribery, embezzlement, and abuse of power facilitate money laundering operations, and in assessing the effectiveness of national legislation in combating them.
The significance of the study stems from its treatment of a complex issue affecting financial and administrative integrity. Its main objectives are to analyze the link between corruption and money laundering, evaluate the alignment of Qatari legislation with international standards, identify practical shortcomings, and propose reforms.
Relying on descriptive-analytical and comparative methods, the study is based on the assumption of a causal relationship between corruption and money laundering, while noting that Qatari legislation, despite its conformity with international frameworks, faces challenges in implementation.
The findings confirm a clear causal link between corruption and money laundering, reveal gaps in enforcement and weak institutional coordination, as well as limited awareness of these crimes. The study recommends strengthening inter-agency cooperation, continuously updating legislation, and intensifying awareness and training programs to more effectively combat financial and administrative corruption and money laundering.
المقدمة
يعتبر الفساد الإداري والمالي أحد أبرز التحديات التي تواجه الدول في سعيها نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مبادئ الحكم الرشيد، لما له من آثار مدمرة على ثقة المواطنين في المؤسسات العامة، وعلى كفاءة وشفافية أداء الأجهزة الحكومية. وتزداد خطورة هذه الظاهرة عندما تقترن بجريمة غسل الأموال، التي تُعتبر من الجرائم المنظمة العابرة للحدود، والتي تهدف إلى إضفاء صفة المشروعية على الأموال الناتجة عن أنشطة إجرامية متعددة، كالرشوة، والاختلاس، واستغلال النفوذ، وغيرها من صور الفساد..
إن العلاقة بين الفساد الإداري والمالي وجريمة غسل الأموال ليست علاقة عرضية، بل هي علاقة سببية وتكاملية، حيث يشكّل الفساد مدخلاً رئيسياً لغسل الأموال، ويُسهم في إخفاء مصادرها الحقيقية، مما يُضعف من فاعلية الرقابة القانونية والمالية، ويقوض مقومات النزاهة في الدولة. ومن هنا، يُنظر إلى مكافحة غسل الأموال والفساد باعتبارها قضية استراتيجية لا تقل أهمية عن قضايا الأمن والسيادة الوطنية، وهو ما جعلها محور اهتمام المجتمع الدولي، عبر سنّ الاتفاقيات الدولية ووضع المعايير والتوصيات الصادرة عن منظمات مثل الأمم المتحدة ومجموعة العمل المالي. (FATF).
وفي هذا السياق، أولت دولة قطر اهتماماً متزايداً بمكافحة غسل الأموال والفساد الإداري والمالي، إدراكاً منها لأهمية الحفاظ على نزاهة المنظومة المالية والإدارية، وتعزيز ثقة المستثمرين، وتحصين مؤسسات الدولة ضد ممارسات الفساد والإثراء غير المشروع. وقد تبنّت الدولة عدة تدابير تشريعية ومؤسسية لمكافحة هذه الجرائم، وانضمت إلى عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة، كما أنشأت وحدات مالية واستخباراتية متخصصة لرصد وتتبع الأموال المشبوهة.
ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، سواء على مستوى التطبيق العملي للقوانين، أو على مستوى الكشف عن الجرائم المعقدة التي تتسم بالسرية والتشابك المؤسسي. ويظهر ذلك بجلاء من خلال وجود بعض الثغرات في آليات الرقابة، أو ضعف التعاون المؤسسي، أو قلة الوعي المجتمعي بالقضية.
وانطلاقاً من هذا الواقع، تسعى هذه الدراسة إلى تحليل العلاقة المتبادلة بين جريمتي الفساد الإداري والمالي وغسل الأموال، وبيان مظاهرها القانونية والعملية في دولة قطر، في ضوء المعايير الدولية، مع محاولة تقديم مقاربة تحليلية نقدية للسياسات الوطنية في هذا المجال، وتقديم توصيات عملية لتعزيز فاعلية منظومة المكافحة، تحقيقاً لمبدأ الشفافية وحمايةً للاقتصاد الوطني من مخاطر الفساد وغسل الأموال.
الداخلية أو الانضمام إلى اتفاقيات مكافحة الفساد وغسل الأموال، إلا أن التحديات ما تزال قائمة على مستوى التطبيق والملاحقة الفعلية.
تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على العلاقة التفاعلية بين غسل الأموال والفساد الإداري والمالي في دولة قطر، ومدى انسجام التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية في هذا السياق.
مشكلة الدراسة
السؤال الرئيسي:
إلى أي مدى تُسهم مظاهر الفساد الإداري والمالي في تسهيل جريمة غسل الأموال في دولة قطر، وما مدى فاعلية الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية في مكافحتها؟
الأسئلة الفرعية:
ما هي الأطر القانونية الدولية والوطنية التي تُعنى بتجريم الفساد وغسل الأموال؟
كيف يُسهم استغلال النفوذ والرشوة والاختلاس في تسهيل عمليات غسل الأموال؟
هل تنسجم التشريعات القطرية مع المعايير الدولية ذات الصلة؟
ما أوجه القصور والتحديات في تطبيق تلك التشريعات في الواقع العملي؟
أهمية الدراسة
كونها تتناول موضوعاً راهناً يمس الأمن المالي والاقتصادي لدولة قطر.
إذ تساهم في إثراء الأدبيات القانونية حول العلاقة بين جريمتي الفساد وغسل الأموال، وربطها بالسياق القطري والدولي.
تقدم توصيات تدعم جهود تطوير وتفعيل القوانين الوطنية ذات الصلة.
تسلط الضوء على أوجه الخلل أو الضعف في الممارسات المؤسسية لمكافحة هذه الجرائم
أهداف الدراسة:
بيان العلاقة بين غسل الأموال والفساد الإداري والمالي من حيث الأسباب والنتائج.
تحليل الإطار القانوني الوطني في قطر المتعلق بمكافحة غسل الأموال والفساد.
استعراض أهم الاتفاقيات الدولية المعنية بالموضوع وبيان مدى التزام دولة قطر بها.
رصد المظاهر العملية للفساد الإداري والمالي التي تسهم في غسل الأموال.
تقديم توصيات قانونية وإجرائية لتحسين فاعلية المكافحة الوطنية في قطر.
فرضيات الدراسة:
هناك علاقة سببية وثيقة بين مظاهر الفساد الإداري والمالي وبين جريمة غسل الأموال في دولة قطر.
تشريعات دولة قطر تتماشى في جانب كبير منها مع الاتفاقيات الدولية، ولكنها تعاني من بعض الثغرات في التطبيق
ضعف الرقابة المؤسسية واستغلال النفوذ يؤديان إلى تسهيل عمليات غسل الأموال.
المعايير الدولية تشكل مرجعية مهمة لتحسين المنظومة الوطنية لمكافحة الفساد وغسل الأموال.
منهجية الدراسة:
المنهج الوصفي لتقديم الإطار المفاهيمي للفساد وغسل الأموال واستعراض النصوص القانونية والاتفاقيات الدولية، والمنهج التحليلي لتحليل النصوص القانونية القطرية ومقارنتها بالمعايير الدولية.
المنهج المقارن لرصد أوجه الاتفاق والاختلاف بين التشريعات القطرية والاتفاقيات الدولية في مجال المكافحة.
هيكلة البحث
المبحث الأول: مكافحة الفساد الإداري والمالي وغسل الأموال على المستوى الدولي
المطلب الأول: المعايير الدولية والوطنية لتكييف الفساد المالي والإداري
المطلب الثاني: مكافحة جريمة غسل الأموال على الصعيد الدولي
المبحث الثاني: مظاهر الفساد الإداري والمالي وغسل الأموال على الصعيد الوطني
المطلب الأول: جريمة الرشوة والاختلاس كمظهر للفساد الإداري
المطلب الثاني: استغلال النفوذ الوظيفي لعملية غسل الأموال كمظهر للفساد الإداري
الخاتمة
النتائج والتوصيات
المصادر والمراج
المبحث الأول : مكافحة الفساد الإداري والمالي وغسل الأموال على المستوى الدولي
يُعتبر الفساد الإداري والمالي وغسل الأموال من أخطر التحديات التي تواجه الدول والمجتمع الدولي؛ حيث يؤديان إلى: إضعاف المؤسسات، واستنزاف الموارد، وتقويض جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي ظل العولمة وتزايد الترابط الاقتصادي بين الدول، أصبح الفساد وغسل الأموال من الظواهر العابرة للحدود، مما يستدعي تبني مقاربات دولية متكاملة لمكافحتهما.
وعلى المستوى الدولي، تحظى مكافحة الفساد الإداري والمالي بأهمية كبرى؛ حيث تم تبني عديد من الاتفاقيات والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة؛ مثل: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، إضافة إلى جهود منظمات كبرى؛ مثل: منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ورغم هذه الجهود فلا تزال عديد من الدول تواجه تحديات في التنفيذ، خاصة في ظل تعقيد الشبكات الفاسدة واللجوء إلى التسويات الضريبية والاقتصاد الرقمي.
أما فيما يخص غسل الأموال فإن الجريمة تطورت بشكل كبير مع ظهور التقنيات المالية الحديثة، ما دفع المؤسسات الدولية إلى وضع تشريعات صارمة، أبرزها: توصيات مجموعة العمل المالي [1](FATF) التي تضع معايير عالمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. كما أصبح التنسيق الدولي عبر تبادل المعلومات المالية، وتعزيز الرقابة على المؤسسات المصرفية، وتطبيق العقوبات الدولية من الركائز الأساسية لمكافحة هذه الظاهرة.
ويركز هذا المبحث على دراسة الجهود الدولية المبذولة في مجال مكافحة الفساد الإداري والمالي، ثم ينتقل إلى تحليل آليات مكافحة جريمة غسل الأموال، مستعرضًا أهم الاتفاقيات الدولية، والتشريعات التنظيمية، والتحديات التي تواجه تنفيذ هذه السياسات في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية العالمية.
المطلب الأول: المعايير الدولية والوطنية لتكييف الفساد المالي والإداري
تتميز المرجعية المعيارية الدولية لمكافحة الفساد بالغنى والتعدد والتكامل؛ فقد ارتبطت في البداية بجملة من الاتفاقيات الدولية التي أنتجتها بشكل أساس منظمة الأمم المتحدة، غير أن التطور الذي لحق العلاقات الدولية، وظهور عديد من التكتلات الإقليمية أفرز جملة من الاتفاقيات الإقليمية، التي وإن كانت يرتكز على جزء كبير في مضامينها على تلك الاتفاقات الدولية فإن بها أحكامًا تميزها عنها، وإضافة إلى كل ذلك، فإن أحد أهم ما ميز المرجعية المعيارية الدولية لمكافحة الفساد هو الدور البارز الذي تلعبه عديد من المنظمات الدولية في إنتاج المعايير والقواعد القانونية ذات الصلة بالوقاية من الفساد ومكافحته، والتي يكون لها انعكاس مباشر على الأنظمة القانونية للدول.
الفرع الأول: الإطار المفاهيمي والنظري للفساد الإداري والمالي
لفظ كلمة (فساد) تبقى عامة وفضفاضة، فكثيرًا ما يتم التعبير عنها بمجموعة من السلوكيات والتصرفات؛ إما المخالفة للشرع الرباني في إطار ما هو ديني، أو ما يتعارض مع ما ألفه الناس وتم التعارف عليه من عادات وتقاليد في إطار بوتقة من الأخلاقيات، أو ما يخالف الأحكام القانونية والمعاملات الاقتصادية، والسياسية، والمالية، وغيرها. وتبقى هذه الأفعال المستوحاة من فسيفساء مختلف ومتنوع خاضع للإيديولوجيات الدينية والفلسفية وخصوصيات المجتمعات حول ما يمكن اعتباره فسادًا أو لا، وهذا الحكم على هذه الأفعال تفرز بدورها من صور ومظاهر الفساد، مما يكرس نوعًا من الغموض والالتباس في ضبط مصطلح الفساد.
وإذا كان وضع تعريف واضح ومحدد للفاسد الإداري يعد الخطوة الأولى لدراسة هذه الظاهرة وما يتعلق بها من موضوعات أخرى، فإن معظم المهتمين بهذه الظاهرة يتفقون على الصور الواضحة للفساد الإداري؛ كالرشوة واستغلال السلطة والنفوذ والاختلاس والوساطة والمحسوبية والزبونية وغيرها، فإن كان هذا لا يكفي للتعرف على صور أخرى قد تبدو أكثر غموضًا واشتباهًا، مما يجعل وجود تعريف جامع مانع أمرًا ضروريًّا ومهمًّا، وهذا ما اهتم به كثير من الباحثين في علم الإدارة وغيرها من العلوم الأخرى[2].
وفي محاولة منَّا في المحور الأول مقاربة المفاهيم الأساسية في البحث، عبر تناول مفهوم الفساد الإداري والمالي لغة، واصطلاحًا، لننتقل فيما بعد للحديث عن المعايير الدولية والوطنية لتكييف الفساد المالي والإداري.
أولًا: مفهوم الفساد الإداري والمالي بين اللغة والقانون والإدارة:
لقد تعددت التعريفات الرامية لتحديد مفهوم الفساد؛ نظرًا لتعدد الأشكال والمظاهر التي يتخذها في مجتمع ما، ولم يتفق الكتاب والمنظمات المعنية بمكافحة الفساد على تعريف شامل كامل دقيق مضبوط له؛ لذلك ليس هناك إجماع على تعريف شامل يطال جميع أبعاد الفساد، ويحظى بموافقة جميع الباحثين[3].
وتسنح لنا الفرصة هنا للحديث عن الفساد الإداري والمالي لغة واصطلاحًا (أ)، لننتقل بعدها لمقاربة المفهوم من الناحية القانونية (ب).
الفساد كمفردة تناولها عديد من اللغويين وكتاب الأدب والتاريخ والسياسية والباحثين في العلوم القانونية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإدارية. واختلفت التفسيرات في معانيها حسب اتجاهات هؤلاء وتبعًا لاختلاف توجهاتهم؛ حيث ورد في كتب اللغة عدة معانٍ للفظة الفساد ومشتقاتها، ومن أهم تلك المعاني:
(أن الفساد خلاف المصلحة، وأفسده أباره، أي: جعله يفسد، وأفسد المال إفسادًا: أخذه بغير حق، واستفسد ضد استصلح، وتفاسد القوم: تدابروا، وقطعوا الأرحام ([4])).
وجاء في لسان العرب: (الفساد نقيض الصلاح، وتفاسد القوم: تدابروا وتقاطعوا، والمفسدة خلاف المصلحة، والاستفساد خلاف الاستصلاح، ومن معاني الفساد أيضًا: الجذب والقحط ([5])).
وقال الراغب الأصفهاني: (الفساد خروج الشيء من الاعتدال، قليلًا كان الخروج عنه أو كثيرًا، ويضاده الإصلاح، ويستعمل ذلك في النفس والأشياء الخارجة عن الاستقامة [6]).
وبهذا يظهر جليًّا أن الفساد كلمة تجمع كثيرًا من المعاني التي تبدو فضفاضة وعامة، مما يجعل التنقيب عن المعاني الصريحة للفساد أمرًا محمودًا، ومن ثمَّ يتعين دراسة المعنى اللغوي الصريح للفساد والروافد اللغوية للفساد الإداري.
وللفساد عدة تعاريف؛ منها: تعاريف لغوية، وأخرى اصطلاحية، وتؤكد معاجم اللغة العربية أن الفساد هو نقيض: الإصلاح، والمفسدة خلاف المصلحة، وفسد اللحم أو اللبن فسادًا إذا نتن وعطب. وفسد العقد بطل، وفسد الرجل إذا جاوز الصواب والحكمة والفساد: التلف والعطب والاضطراب والخلل والعيب والقحط والمفسدة أي إحداث الضرر.
أما في المجال المالي فمرادفات الفساد كثيرة ومنها الرشوة، الاختلاس، النهب، السرقة، الاستيلاء، الإسراف، التبذير، الوساطة، المحاباة، الزبونية وغيرها.
وحسب المقاربة الإدارية خاصة في إطار العمل الإداري داخليا أي دون النظر إلى المرتفق. فإن مرادفات الفساد تختلف وتتعدد وذلك كاستغلال السلطة، استغلال النفوذ، استغلال الوظيفة، الاختلاس، الغش في العمل، الإهمال، عدم القيام بالواجب الوظيفي وغيرها.
لعل كلمة الفساد الإداري في علم الإدارة المعاصر لا يوجد تعريف موحد جاهز لها، مما يعني وجود صعوبة حقيقية لدى الباحثين في تصوير هذا المصطلح والتعبير عنه بطريقة دقيقة ومضبوطة، ويمكن إرجاع هذا الأمر إلى جملة من الأسباب أهمها:
1- عدم وجود منهج موحد لدراسة هذه الظاهرة وبحثها، فمعظم الفقهاء والباحثين والمهتمين بدراستها ينتمون إلى حقول معرفية مختلفة، مثل السياسة والعلوم الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والمالية، والعلوم التنظيمية والسلوكية وغيرها، ولذا فإن كل جهة منها تبحث الظاهرة حسب مشارب العلم المتخصصة فيه ومن خلال المنهج الخاص بها([7]).
2- اختلاف المرجعية القانونية أو التشريعية أو الثقافية التي تعتمد لوضع معايير لتميز الفعل الفاسد عن غيره، وذلك حسب خصوصيات كل مجتمع([8])، فأي تعريف للفساد لابد أن يبرز معايير محددة تقاس على ضوئها أفعال الناس وتقيم، وتوزن به ممارساتهم، خاصة وأن جل ممارسات الفساد معاقب عليها جنائيا. ففي الوقت الذي تعتمد بعض التعريفات معيار مناقض للمصلحة العامة، توجد تعاريف أخرى يعتمد فيها على معيار الرأي العام، وأخرى يتم الاعتماد فيها على أحكام القانون.
3- اختلاف مفهومه ومضمونه بين ما يراه الباحثون المتخصصون وما يراه عامة الناس([9])، “فلا يتحتم أن تتماشى التعريفات دائمًا مع مشاعر عامة الأفراد، أو أن تعاصر قضية الإصلاح، بل إنه حتى في المجتمعات التي حسمت مفاهيم الفساد تبعًا للمقاربات القانونية والاجتماعية ومختلف العلوم الأخرى، أصبحت إلى حد ما متوافقة، غير أنه ما تزال معظم التعريفات التحليلية تحوي جانبًا كبيرًا من الغموض في الأفعال التي تعد في نظر الكثيرين فسادًا([10]).
4- اختلاف مفهومه بين بيئة ثقافية ومرجعية فكرية وأخرى؛ فما يراه مجتمع من المجتمعات فسادًا قد يراه مجتمع آخر على عكس ذلك([11])، ومثال هذا عندما قام أحد الباحثين([12]) بدراسة السبب الذي جعل (بورما) إبان فترة الاستعمار تنعت بالفساد وفق المعايير البريطانية، وصل إلى نتيجة مفادها أن البورميين كانوا في كثير من الحالات يطبقون بسذاجة المعايير المعتادة عندهم بالنسبة للسلوك الصحيح.
5- تعدد الأشكال والمظاهر التي يتخذها الفساد في المجتمعات المختلفة([13])، فظهور صور جديدة منها باستمرار، حتى إن التعريفات التي تصدر في فترة زمنية معينة قد تصبح متجاوزة مع مرور الزمن، وذلك راجع بالأساس إلى الممارسين للفساد الذين يجددون آليات ووسائل ارتكابه حتى لا تكشفهم أعين المراقبين، أو أنهم يغيرون طرقهم كلما ثم كشفها من لدن المحاسبين.
6- تعدد النشاط الإنساني التي يمكن للفساد أن يستشري فيها وتشابكها؛ فهناك الفساد الإداري، والفساد المالي، والفساد الاقتصادي، والفساد السياسي، والفساد الاجتماعي، والفساد الثقافي، وغيرها من أشكال الفساد بحسب مجالاتها، وعليه فقد يعمد أحد الباحثين إلى تعريف الفساد بشكل عام لاعتقاده أن الفساد هو الفساد كيفما كانت أشكاله وصوره، وأينما وجد، فلا حاجة لتخصيصه بمجال دون غيره، في حين يرى البعض الآخر غير ذلك فيعمد إلى تعريف الفساد ضمن دائرة معينة من دوائر النشاط الإنساني حسب ما يعيشه ويلامسه.
7: اختلاف الأسلوب العلمي المعتمد في صياغة التعريف؛ فبعض الباحثين يفضل الالتزام بشروط الحدود التي يقتضيها علم المنطق، أو على الأقل الاستفادة منها، في حين يرى غيرهم التعبير باللغة المعتادة دون التقيد بتلك الشروط، وفريقٌ ثالثٌ يسوق كثيرًا من الأمثلة في تعاريفه وآخر لا يتطرق إليها مطلقًا.
ورصد بعض الباحثين عدة معايير يمكن إجمالها في أربعة غالبًا ما يتم الاعتماد على إحداها من لدن كل من أراد تحديد وضع تعريف للفساد الإداري، وهذه المعايير الأربعة هي: المعيار القانوني، والمعيار المصلحي، والمعيار القيمي، ومعيار الرأي العام. وهي المعايير التي يمكن اعتبارها الأساس الرئيس لمعظم التعريفات التي تم وضعها للفساد الإداري.
ثانيًا: الفساد الإداري حسب القانون الدولي:
إنَّ “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد” التي تم إعدادها من طرف الجمعية العامة بواسطة القرار 58/4 بتاريخ 13 أكتوبر 2003م، وتمت مناقشتها على مدى سبع سنوات من طرف لجنة خاصة تم تكليفها لمناقشة وصياغة الاتفاقية المذكورة أعلاه، وذلك تنفيذًا للقرار رقم 55/61 الصادر بتاريخ 4 ديسمبر 2000؛ حيث اعترفت الجمعية العامة بضرورة بلورة اتفاقية مكافحة الفساد بعد تفشي ظاهرة الرشوة وأفعال غير مشروعة في المعاملات الدولية، هذا وقد تم احتضان المكسيك لمؤتمر دولي خصص للمصادقة على نص الاتفاقية عملًا بالقرار رقم: 57/169 الصادر بتاريخ 18 ديسمبر 2002م.
وللإشارة، تعتبر الاتفاقية المذكورة هي الآلية الأممية لمكافحة الفساد إلى جانب ترسانة قانونية[14].
فإضافة إلى الأهداف المنصوص عليها في المادة الأولى من الاتفاقية فإن من الأسباب التي تشكل أسبابًا وأهدافًا والتي تسعى إلى مكافحتها، ويتعلق الأمر بما يأتي:
- خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر تمس استقرار المجتمعات، والمؤسسات الديمقراطية، وقيم العدالة، والأخلاق.
- العلاقة بين الفساد وأشكال الجريمة وخصوصًا الإرهاب والجرائم الاقتصادية التي نجد ترجمة لدواعيها في الاتفاقية والاتفاقيات الخاصة بمكافحة الفساد.
- الفساد لم يعد شأنًا محليًّا، بل ظاهرة عالمية تمس جميع المجتمعات الإنسانية.
- هذا ونصت المادة الأولى من الاتفاقية على أن هذه الاتفاقية تتمثل في:
- ترويج التدابير الرامية إلى منع ومكافحة الفساد بصورة أكثر نجاعة وفاعلية وتدعيمها.
- ترويج التعاون الدولي وتيسييره ودعمه والمساعدة التقنية في مجال منع مكافحة الفساد بما فيها استرداد الموجودات.
- تعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشئون العامة والممتلكات العمومية.
فإضافة إلى قضايا أخرى واردة في الاتفاقية فإن مجالات الاتفاقية السالف ذكرها تتمحور حول الوقاية، وتجريم الفساد والتعاون الدولي لمكافحته واسترداد الممتلكات الناجمة عنه.
- الوقاية:
الاتفاقية السالفة الذكر تلزم الأطراف بما يلي من أجل الوقاية من الفساد، وذلك بـ:
- اتخاذ تدابير تشريعية من خلال القوانين الداخلية، كما يجب أن تتم التدابير كذلك في القطاع الخاص.
- خلق جهاز معين لمكافحة الفساد.
- وضع مدونات للسلوك تُعْنَى بالحكم الرشيد، وسيادة القانون، والشفافية والمساءلة.
- إن مبادرات مكافحة الفساد تتطلب قيام المجتمع المدني بدوره في هذا الشأن.
وفي إطار التزام دولة قطر بمبادئ الحوكمة الرشيدة وربط المسئولية بالمحاسبة ينص الدستور الدائم لدولة قطر على عدة مواد تعزز هذه المبادئ:
“تؤكد على مسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء بالتضامن أمام الأمير عن تنفيذ السياسة العامة للحكومة، ومسئولية كل منهم الفردية أمام الأمير عن أداء واجباته وممارسة صلاحياته[15].”
إضافة إلى ذلك، تسعى قطر إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في القطاع الخاص من خلال تبني ممارسات الحوكمة الإلكترونية، مما يسهم في تعزيز الشفافية في هذا القطاع.
كما أصدرت قطر مجموعة من النصوص لتعديل بعض أحكام قانون الشركات التجارية؛ حيث تم تنظيم مبادئ الحوكمة للشركات المساهمة الخاصة والمدرجة في السوق المالي، مما يعزز من ممارسات الحوكمة الجيدة في القطاع الخاص[16].
هذه الجهود المشتركة بين القطاعين العام والخاص تؤكد التزام دولة قطر بتعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة وربط المسئولية بالمحاسبة، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية.
إن أهم المحاور التي تؤكد عليها الاتفاقية لمكافحة الفساد تتجسد في قيام الدول الأطراف بفتح تشريعاتها لاستيعاب أفعال الفساد الممكنة والتي تستوجب المكافحة غير المعروفة.
تؤكد الاتفاقية على أن مكافحة الفساد تتطلب مجهودات وتعاونًا دوليًّا؛ مثل: المساندة القانونية المتبادلة، وجمع الأدلة، وتسليم المطلوبين للعدالة، وملاحقة مرتكبي الفساد.
ثالثًا: استرداد الممتلكات الناجمة عن الفساد:
إن الموجودات من جوهر المطالبة الواردة في الاتفاقية؛ فبموجبها اتفقت الدول الأطراف على استردادها، خاصة وأن هذه الموجودات قد تشكل رصيدًا مهمًّا وأساسيًّا من موارد الدولة. وللتعرف على الآليات الدولية لمكافحة الفساد سنتوقف على المؤسسات الدولية المنوطة بمكافحة الفساد، ثم الاتفاقيات الأممية لمكافحة الفساد.
- المؤسسات الدولية المنوطة بمكافحة الفساد:
سيخصص هذا المطلب لدور “ترانسبارانسي الدولية”[17] أو ما يطلق عليها كذلك: “المنظمة العالمية للشفافية” وطرق عملها لمكافحة الفساد المحلي والعالمي.
وقد تأسست ” ترانسبرانسي الدولية ” في سنة 1993م من طرف “PETER EIGEN” ولد في “AUGSBURG” الألمانية وذلك في 11 يونيو 1938، وبالمناسبة قد شغل منصب مدير سابق للبنك الدولي لأفريقيا الجنوبية والشرقية، هذا وتقوم المنظمة بإصدارها تقارير تتمحور حول الفساد وخصوصًا الجانب المتعلق بالرشوة، كما أنها تصدر قرارات تخص الديمقراطية وتتبع السياسات العمومية والانتخابات.
- طرق الكشف عن الفساد:
تصدر “ترانسبرانسي الدولية” منذ العقد التاسع من القرن العشرين، ثلاثة تقارير عبارة عن مؤشرات تخص الفساد في عديد من الدول، ويتعلق الأمر بـ:
- مؤشر الفساد السنوي.
- تقرير عن الفساد المالي وهو عبارة عن باروميتر حول الفساد العالمي.
- دليل خاص حول دافعي الرشوة من المصدرين.
- مؤشر الفساد السنوي:
يأخذ هذا المقياس اهتمامات الدول والصحافة العالمية والرأي العام، فهو يعتمد على رؤى رجال الأعمال ورجال السياسة والباحثين، ومن بين أهدافه مكافحة الفساد عبر فضح المفسدين من الدول.
وللإشارة، فإن المنظمة تصدر هذا المؤشر منذ سنة 1995م، فعلى الرغم من أنه يتم اعتماده من طرف الجمعيات المدنية، وكذلك الدول، فإنه يتم توجيه الانتقاد له؛ لكونه يتأسس على معايير ذاتية لقياس الفساد.
- الباروميتر المتعلق بالرشوة:
وهو عبارة عن حصيلة “لاستطلاعات للرأي” حول الفساد، ويتعلق الأمر بالإجابة عن بعض الأسئلة حول: ما هي القطاعات التي تعرف تفشي ظاهرة الرشوة؟ وما تقييمك للإجابات المتخذة من طرف الحكومة المتعلقة بالفساد؟
- تقرير حول دافعي الرشوة:
هو إصدار يتعلق بإحصاء الرشاوي المقدمة من طرف المؤسسات المصدرة، وذلك لمكافحة الفساد في هذا القطاع[18].
إضافة إلى ذلك، وكما سبق الذكر، فإن المنظمة تقوم بتتبع السياسات العمومية للدول بشأن الفساد ومتابعة قطاعات أخرى.
وفقًا لتقرير مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2023، احتلت دولة قطر المرتبة الثامنة والثلاثين عالميًّا من بين 180 دولة شملها التصنيف، بحصولها على 58 نقطة من أصل 100. على المستوى الإقليمي، وجاءت قطر في المرتبة الثانية عربيًّا وخليجيًّا بعد الإمارات العربية المتحدة. ويُشير هذا التقييم إلى أن قطر تحقق نتائج متقدمة مقارنة بدول المنطقة فيما يتعلق بإدراك مستوى الفساد في القطاع العام، إلا أن حصولها على 58 نقطة يعكس وجود تحديات مستمرة في مجال مكافحة الفساد، مما يستدعي تعزيز الجهود والإصلاحات؛ لضمان مزيد من الشفافية والنزاهة في المؤسسات الحكومية[19].
- الاتفاقيات الأممية لمكافحة الفساد
إن إيلاء أهمية لمؤتمر مكافحة الفساد مرده كونه آلية خاصة لتنفيذ الاتفاقية، وفي هذا الشأن، أنشئ مؤتمر الدول الأطراف تنفيذًا للمادة 63 من الاتفاقية، والهدف منه العمل على بلورة المضامين الواردة في الاتفاقية، وهي طريقة للتنفيذ السريع لها، وفي هذا الشأن، وفي الدورة الثالثة المنعقدة في الدوحة بقطر تمت المصادقة على البنود المرجعية وطرق استعراض تنفيذها تحت وصاية المؤتمر.
ومن بين الأهداف التي حددها المؤتمر:
- تحسين قدرة الأطراف لبلوغ المضامين الواردة في الاتفاقية.
- ترويج الاتفاقية.
- إعطاء أهمية للمواضيع التي يتطرق إليها المؤتمر وطبيعة القرارات الصادرة عنه.
- كرونولوجيا المؤتمرات[20].
- المؤتمر الأول للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، 10-14 كانون الأول/ ديسمبر 2006 في عمان.
- المؤتمر الثاني للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، 28 كانون الثاني/ يناير – 1 شباط/ فبراير 2008 في نوسا بدوا بإندونيسيا.
- المؤتمر الثالث للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، 9-13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 في الدوحة بقطر.
- المؤتمر الرابع للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، ما بين 24/ 28 أكتوبر 2011.
إضافة إلى الإطار الدستوري الذي يعزز مبادئ الحوكمة الرشيدة وربط المسئولية بالمحاسبة، صادقت دولة قطر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب المرسوم رقم (17) لسنة 2007، مما يعكس التزامها بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد على المستويين الوطني والدولي.
وفي سبيل تعزيز هذا الالتزام، أنشأت قطر هيئة الرقابة الإدارية والشفافية بموجب القرار الأميري رقم (75) لسنة 2011، والتي أُعيد تنظيمها لاحقًا بالقرار الأميري رقم (6) لسنة 2015. تُعنى الهيئة بتعزيز النزاهة والشفافية في الوظيفة العامة، ومنع وقوع الجرائم التي تمس المال العام أو الوظيفة العامة، والعمل على ضبط ما يقع منها.
وتعمل الهيئة على تطوير الاستراتيجيات والتشريعات والنظم الداخلية في الجهات الوطنية المتعلقة بالنزاهة والشفافية، وتقديم التدريب وبناء القدرات للموظفين العموميين، ورفع الوعي العام حول الوقاية من الفساد ومكافحته، وتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والصكوك الدولية ذات الصلة.
إضافة إلى ذلك، أنشأت قطر مركز حكم القانون ومكافحة الفساد كمركز للأبحاث والتدريب وتقديم الدعم الفني للدول في مجالات حكم القانون ومكافحة الفساد، مما يعكس التزامها بتعزيز الشفافية والنزاهة على المستوى الدولي.
الفرع الثاني: خصائص الفساد الإداري
ما من شك أن ظاهرة الفساد الإداري[21] هي طابع مميز للممارسة الإدارية بالمرافق الجماعية تتعدد مظاهرها اليومية، كما تنعكس آثارها على العمل الإداري وعلى الخدمات التي يطلبها المواطنون. وهي ظاهرة يصعب من الناحية القانونية إرساء مقاربة لتخليق سلوك مقترفيها؛ وذلك بسبب حجم هذه الظاهرة وتجلياتها المتشعبة والمتناسلة، فضلًا عن تداعياتها وامتداداتها الوخيمة على عدة مستويات[22].
وسنبرز من خلال هذه الفقرة الخصائص المميزة لظاهرة الفساد الإداري والمالي، ثم تأثير تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة في تفشي هذه الظاهرة، يلي ذلك مناقشة ضعف وازع المواطنة الإدارية كعامل مؤثر، وأخيرًا دور البيروقراطية في إضعاف التخليق الإداري وتعزيز ممارسات الفساد.
أولًا: الخصائص المميزة لظاهرة الفساد الإداري والمالي:
للفساد -مهما اختلفت أنواعه- مجموعة من الخصائص التي يمكن أن تنطبق على جميع أشكاله؛ فهناك روابط مشتركة بين جميع أنواعه ألا وهي: أن المصلحة الخاصة، وتغليبها على مصالح المجتمع هي السمة البارزة في الفساد الوظيفي، هذا إضافة إلى أن أطراف الفساد الوظيفي مهما تعددت فقد تكون جميعها من الموظفين، أو على الأقل أحد أطرافها موظفًا عامًّا.
كما أن جميع أشكال الفساد لها سمة السرية؛ فلا يمكن أن يمارس هذا السلوك المرفوض من قبل المجتمع لدواعي قانونية، وأخلاقية، ودينية؛ بشكل علني؛ بل أن السرية هي صفة وخاصية مشتركة لأنواعه المختلفة.
وعلى هذا الأساس يمكن الإشارة إلى أهم خصائص الفساد على النحو التالي:
- سلوك منحرف
حيث يعتبر الفساد سلوكًا غير سوي يحدث لمخالفة القوانين واللوائح والضوابط والأخلاق القويمة، وهو ما نعبر عنه أيضًا بأنه فعل أجرامي يمثل جريمة يعاقب عليها القانون [23].
ويقصد بالسلوك هو التعبير الإيجابي عما يدور داخل الإنسان من أفكار تدفعه إلى اتخاذ تصرف معين مخالف للقانون، فلا يمكن أن يرتكب الإنسان سلوك الفساد الوظيفي دون أن تكون هناك دوافع وأفكار داخلية تدفعه لممارسة ذلك التصرف الخاطئ، وعلى هذا الأساس نجد أن هناك أسباباً تكمن وراء حدوث التصرف هذا، إضافة إلى أن ممارسة هذا التصرف لا يكون عبثيًّا، أي: دون توجه أو هدف محدد، فهو يسعى دائمًا لتحقيق غايات معينة أو رغبات ذاتية، فهي ـ أي الأخيرة ـ على الرغم من أنها متعددة ومتنوعة، فإنَّ ما يجمعها هو أنها عبارة عن رغبات يسعى الفرد لإشباعها، وإذا كان هذا يمكن أن يعتبر من خصائص الفساد الوظيفي على المستوى الفسيولوجي، فإن لهذا السلوك أيضا وصفًا من الناحية القانونية؛ فهو يتمثل بالانتهاك للقوانين التي وضعت لتحكم علاقة الأفراد فيما بينهم أو مع الدولة، وإذا كان الفساد مرفوضًا كظاهرة اجتماعية فهو بالتأكيد سيترجم هذا الرفض إلى عقوبة قانونية تختلف حسب نوع هذا السلوك وجسامته وأثره على المجتمع([24]).
وعلى هذا الأساس يمكن أن يكون الفساد الوظيفي عن سلوك يمثل مخالفة إدارية على مستوى قواعد التنظيم الوظيفي، وقد يتعداه إلى الارتباط بقوانين العقوبات التي تصل إلى حد العقوبة الجنائية.
- اشتراك متعدد الأطراف بممارسة السلوك:
قد يقع الفساد من شخص واحد، ولكن عادة ما يشترك في السلوك الفاسد أكثر من شخص؛ بسب العلاقات التبادلية للمنافع والالتزامات بين الأطراف العملية؛ إذ إن الفساد تعبير عن اتفاق إرادة صانع القرار والمؤثر بتكيفه مع إرادة أولئك الذين يحتاجون إلى قرارات محددة، تخدم مصالحهم الفردية أولًا وأخيرًا ([25])، وغالبًا ما تتم ممارسة الفساد عبر وسطاء مجهولين يلعبون الدور الرئيس في تسهيل مهمة الطرفين، دون أن يعرف أحدهما الآخر، أو دون أن يتقابلا وجهًا لوجه، ومع تقادم الزمن يصبح للفساد الوظيفي وكلاء محترفون يتوزعون على المناطق الجغرافية والقطاعات الإدارية؛ ليخدم بعضهم بعضًا بالطرق المباشرة أو من خلال وسطاء([26]).
- السرية:
تتصف الأعمال التي يمكن أن تسمى فسادًا وظيفيًّا بالطابع السري بشكلٍ عام([27])؛ لما يتضمنه الفساد من ممارسات غير مشروعة من جهة القانون، أو المجتمع، أو الاثنين معًا([28])؛ إذ تتباين الوسائل والأساليب التي يستتر الفساد الوظيفي خلفها تبعًا للجهة التي تقوم بممارسته؛ فالقيادات العليا تعتمد على أن تستر فساده باسم المصلحة العامة وتسبغه بهذا الطابع، ولا تقوم بالإعلان عن غايتها الحقيقة، بل تعلن عن شعار المصلحة العامة، ولكن الغاية الحقيقة هي انتهاز الفرصة والظروف الاستثنائية؛ لتمرير فسادها بعيدًا عن أنظار العاملين الصالحين، فتلك الممارسات غير المشروعة من جهة القانون مرفوضة اجتماعيًّا بشكلٍ كليّ، ومحاولة كشف حالات الفساد الوظيفي لا يمكن أن تصل في أفضل الحالات إلا عن الكشف عن جزء منه، ولكي تطمس معالمها وتستبعد عناصرها فإن جدلاً واختلافًا يثار حولها، وقد ينتهي الأمر إلى اتهام بعض الأبرياء وتسليط الأضواء عليهم، أو يتظاهر الجناة بالدفاع عنهم وتبرئة ساحتهم(4).
- سرعة الانتشار:
من خصائص الفساد الوظيفي أنه سريع الانتشار؛ فهو يوصف بصفة عامة بأنه وباء أو مرض معد؛ لقابليته للانتشار داخل أرجاء الدولة والمجتمع بسرعة كبيرة؛ كونه يمثل وسيلة سريعة للكسب الكبير الذي يشكل إغراء للآخرين بمقابل ضعف الرقابة([29])، وكذلك عندما يكون الفساد ناتجًا عن المسئولين، فتزداد سلطة الفاسدين ونفوذهم ما يعطيهم القوة للضغط على باقي الجهاز الإداري؛ للسير على خطاهم طوعًا أو كرهًا، كما أن خاصية انتشار الفساد لا تقتصر على حدود الجهاز الإداري في الدولة الواحدة، بل إن الفساد قابل للانتقال من دولة إلى أخرى خصوصًا في ظل العولمة والسوق المفتوح([30]).
فهو أذن يبدأ سلوكًا فرديًّا حتى ينتشر ويصبح سلوكًا جماعيًّا فيصبح الأمر كونه أشبه بالعادة المتبعة من قبل عناصر منحرفة عن القانون تدفع الآخرين إلى ممارسته، أما بالدعوة السلمية إليه أو بالإغراء لممارسته، أو قد يكون دفع الآخرين لممارسته بشكل ترهيب، مما يجعل منه وباءً مستشريًا في المجتمع.
فالفساد الوظيفي بهذا الوصف يمثل ظاهرة اجتماعية تسري داخل المجتمع، فإذا لم تواجه ردعًا فعَّالًا ووسائل رقابية صارمة، لا يمكن وقفها والتصدي لها؛ لأنها تيار سريع جارف لا يمكن لضعف الرقابة وهشاشة المعالجات أن توقفه أو تحد من مساره([31]).
لكن وبشكلٍ عام، يمكن أن نخلص إلى أن الفساد الوظيفي ظاهرة اجتماعية سلبية لا تقتصر على مجتمعٍ معين أو دولةٍ معينة، لكن ما يجعله نسبيًّا هو مستوى النمو السياسي والاجتماعي والاقتصادي في بلد مقارنةً مع ما يوجد في بلدٍ آخر، وطبيعة شكل الحكم والإجراءات الإدارية فيه.
إن الفساد الوظيفي في الأصل هو عبارة عن جرائم ومخالفات فردية ولكن انتشارها يجعل منها ظاهرة اجتماعية جماعية، ولكن يبقى المعيار أو نقطة الانطلاق لاعتبار مجموعة الأفعال التي تشكل ظاهرة الفساد في غاية الصعوبة، ذلك أن من غير الممكن وضع نسبة معينة له، لأن هذا لا يمكن أن يكون إلا بعد معرفة الأرقام الحقيقية لعدد المحاسبين له وهذا الأخير ليس بالأمر الهين([32]).
ثانيًا: تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة:
تمثل المصلحة العامة، المصلحة العليا والمشتركة لمجتمع معين في ظل نظام سياسي معين، فدائمًا ما يكون الفساد الوظيفي متصفًا بأن من يمارس هذا التصرف سيغلب مصلحته الخاصة على مصلحة المجتمع، إلا أن تحقيق ذلك لا يتم إلا من خلال الأضرار بالمصلحة العامة، فمع أن الموظف العام يحق له أن يحقق مصالحه الخاصة فإن هذا لا يكون إلا عن طريق الإضرار بالمصلحة العامة وحقوق الغير.
فالوظيفة العامة، هي وضع الشخص في مركز قانوني مُتَحَمِّلًا للأعباء ومتمتعًا بحقوق حسب مما تنص عليه القوانين، فلا يمكن له أن يعدل في حقوقه بتحقيق مكاسب شخصية على حساب الوظيفة العامة، وإلا وقع في المحظور قانونًا؛ حيث إن قيام الموظف العام بأي فعل فاسد فأنه بذلك يسبب ضررًا بالمصلحة العامة، وهذا سيولد بالنتيجة آثارًا على جميع المستويات، هذا إضافة إلى الأثر الكبير على كفاءة نشاط الدولة، مما يفضي إلى الظلم ويؤثر سلبيًّا على نظرة المجتمع للسلطة السياسية بشكل عام، مما يولد مشكلات عميقة مع الأفراد عند تعامل الحكومة معهم، فالإخلال بالواجبات الوظيفية يعتبر ضرر معنوي؛ لأنه يترك آثاراً سيئة على علاقة المواطن بالدولة، فالشعور بعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية يلحق عميق الضرر بجهود الإصلاح الإداري، ويؤدي إلى فقدان الثقة بين السلطة والأفراد، مما يشكل عزلة سياسية وعدم استقرار النظام العام؛ نتيجة استمرار النفور العام من تصرفات عناصر السلطة مما يمكن أن يصل إلى حد الهياج الشعبي، الذي يؤدي أحياناً إلى احتمالات تغيير نظام الحكم في الدولة([33]).
ثالثًا: ضعف وازع المواطنة الإدارية:
يرافق انتشار حالات الفساد الوظيفي ظواهر التخلف الإداري، كتأخير معاملات المواطنين، وتغيب الموظفين المتنفذين وأصحاب العلاقات الاجتماعية المتينة، مما يؤدي إلى سوء استغلال الوقت الممنوح للوظيفة العامة، والتعامل مع المواطنين بالفوقية والعصبية التي تؤدي إلى حدوث حالات من الاشتباك المستمر مع المتعاملين مع السلطة الإدارية، وهذا بدوره ينعكس سلبًا حتى على أداء الصالح في الوظيفة العامة، حينما يجد أن أقرانه من الفاسدين وظيفيًّا لا يحترمون الوقت المخصص للوظيفة العامة ولا يبذلون جهداً في عملهم دون محاسبة من الرؤساء الإداريين، مما يؤثر على المصلحة العامة ([34]).
وتعدُّ الأخلاقيات عنصرًا أساسًا في أية مقاربة تتوخى تحسين السلوك الإداري وتنمية العنصر البشري؛ ذلك أن مختلف الجهود المبذولة لإصلاح وتقويم العمل الإداري لا يمكن أن تؤتي أكلها دون وجود للأخلاقيات داخل محيط الإدارة.
فالأخلاقيات تبقى لأية تنمية إدارية أو إصلاح إداري بمثابة الروح للجسد، فهي تحث الموظف على أداء عمله وفق أحسن وأتم كيفية وتخلق لديه ضميرًا إنسانيًّا مهنيًّا حيًّا، يجعله يتجه للتطور والإبداع[35]، مما يتيح للمنظومة الاستفادة من عطاء هذا الموظف واستثماره لخدمة التنمية.
كما أن غياب الأخلاقيات بالإدارة العمومية يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على تحقيق التنمية، ولعل هذه الخسائر الفادحة التي تتكبدها الدولة من جراء غياب الأخلاقيات داخل الإدارة العمومية هو مما يؤكد على ضرورة هذه الأخلاقيات وأهميتها.
هذه الأهمية الخاصة، جعلت المختصين في علم الإدارة يستحدثون فرعًا جديدًا ضمن فروع هذا العلم يدعى: “علم الأخلاقيات” ويتناول المبادئ والمفاهيم السلوكية التي يتعين أن ينتهجها الموظف أثناء أداء واجبات عمله[36].
وعمومًا يمكن القول: إن الأخلاقيات داخل الإدارة العمومية هي مجموع السلوكيات المحمودة والمطلوب توافرها، كالنزاهة والعدالة والأمانة والحفاظ على المصلحة العامة والمسئولية وغيرها، في مقابل سلوكيات مذمومة ينبغي اجتنابها ومحاربتها كالرشوة والمحسوبية والزبونية وخيانة الأمانة والاختلاس واستغلال النفوذ والتزوير وانعدام المسئولية وغير ذلك.
رابعًا: البيروقراطية كعامل لضعف التخليق الإداري:
يتكون مصطلح البيروقراطية من مقطعين؛ هما: (بيرو Bureau) بالفرنسية ويعني المكتب، والآخر: (قراطية Cracy) باليونانية وتعني حكم، أي: إنها تعنى “حكم المكتب”، وتاريخيًّا في منتصف القرن التاسع عشر كانت كلمة البيروقراطية تشير الى إدارة حكومية تدار بإدارات من مسئولين غير منتخبين، وكثيرًا ما تكون خاضعة للنظام الملكي في بريطانيا.
النموذج البيروقراطي المثالي الذي وضعه ماكس فيبر يوضح المعنى الوظيفي لكلمة بيروقراطية، وفيما يلي معايير النموذج البيروقراطي؛ فالبيروقراطية تعني التسلسل الرئاسي أو التدرج الهرمي للسلطات. والتركيب العقلي للوظائف يقصد به هيكل تنظيمي رشيد؛ حيث يتم تقسيم العمل بطريقة منطقية، وكل منصب مصحوب بالسلطة القانونية اللازمة له[37].
العنصر الثالث من تعريف البيروقراطية هو الرسميات التي تعني اللوائح المكتوبة؛ حيث القواعد والقرارات والإجراءات تسجل للرجوع إليها. كما تشمل البيروقراطية فصل الإدارة عن الملكية؛ أي: يجب أن يكون هناك هيئة إدارية عليا يدفع لها أجر.
وتفيد البيروقراطية أن الوظيفة ليست ملكًا لمن يشغلها، أي: يمكن تغيير الشخص بنقله أو ندبه أو إعارته أو تقاعده في ضوء متطلبات العمل، أما الكفاءة والتدريب فهي أمر خاص للهيئة الإدارية. ويتم اختيار الأعضاء على أسس الكفاءة وفي ظل المنافسة، ويتضح من النموذج البيروقراطي لماكس فيبر أن البيروقراطية هي نمط معين للتنظيم في الهيكل الإداري.
وفي هذا الهيكل يتم تحديد المسئوليات والسلطات اللازمة لها ثم التنسيق بين الوظائف بشكل يمكن معه إنجاز الأعمال على خير وجه؛ إذ إنه دون تحديد المسئوليات والسلطات والعلاقات بين الأفراد أو الأجهزة المختلفة في الهيكل التنظيمي تصبح المجهودات الجماعية متعارضة أو متداخلة ولا يتم تحقيق الأهداف على أحسن وجه، وقد لا يتم تحقيقها على الإطلاق.
وكلما زاد حجم الأعمال المطلوب إنجازها وعظمت الأهداف المراد تحقيقها زادت المسئوليات والمستويات الإدارية والمناصب اللازمة لها، وتعقدت العلاقات وتشابكت وحدات التنظيم، وتطلب الأمر اتباع عدة أسس أو معايير تتلاءم مع كثرة الأعمال وتنوعها وهي تلك المعايير التي حددها (ماكس فيبر) في أنموذجه البيروقراطي.
وتمثل المركزية الإدارية واللاتمركز الإداري في مقابل (اللامركزية وعدم التركيز) مستوى ومرحلة تاريخية عاشتها جميع الدول على اختلاف خصوصياتها التاريخية والسياسية خاصة في عهد الدولة القومية والوطنية (Etat nation). وهذا ما أدى إلى ربط عهد المركزية والتمركز بالبيروقراطية والفساد السياسي والاقتصادي وما أفرزه من عدم استقرار سياسي واجتماعي في إطار إخراج الإدارة من العلاقة الكلاسيكية المتوترة مع المجال المحلي، وأتت مقاربة اللاتمركز الإداري لتجاوز عهد تمركز السلطات بالعاصمة وإغفال ضرورة الأخذ بالمجريات والتحولات التي يعرفها المجال المحلي. هذه المركزية أدت إلى تعدد الأنظمة والمساطر والآليات الإدارية وتعميق التداخل في الاختصاص والغموض في الصلاحيات.
وعلى الرغم من كوننا نعيش عهد العولمة والمسار المتسارع للمعلومات والنماذج التنموية، فإن سؤال الإدارة لا يزال يحظى بأهمية في إطار الدفع بالتطور العام للدولة. هذا الموضوع شكل اهتمام الباحثين والدارسين والعارفين بخبايا القضايا الإدارية والسياسية.
المطلب الثاني: مكافحة جريمة غسل الأموال على الصعيد الدولي
لقد توالت عديد من الاتفاقات الدولية لمكافحة غسل الأموال الواحدة تلو الأخرى في الفصل الأول، وسنتناول أولًا اتفاقية فيينا لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988م التي تعتبر المرجع الأساسي لجميع التشريعات الدولية والجهوية والإقليمية والوطنية التي صدرت فيما بعد، فقد تضمنت في فصولها عدة مقتضيات موضوعية عُنِيَت بالأساس بالشرط المفترض وتحديد الركن المادي والركن المعنوي لجريمة غسل الأموال، كما اهتمت أيضًا بالمقتضيات الإجرائية فيما يخص محاربة غسل الأموال كالاختصاص القضائي وبعض الإجراءات المنصبة على الأشياء وأيضًا المساعدة القانونية المتبادلة وبعض أشكال التعاون والتدريب في ما يخص محاربة الظاهرة، كما نصت المعاهدة على ضرورة الالتزام بتعقب عوائد الجريمة وتجميدها ومصادرتها، وأفردت عقوبات زجرية مهمة حول مخالفة بنودها، وتوسعت فيها حيث نصت على عقوبات أصلية وعقوبات تكميلية، ونظمت مجال الاعتراف بأحكام العقوبات الأجنبية بين الدول.
وأعقب صدور اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات والمؤثرات العقلية تحرك ونشاط دولي مكثف، ونذكر من ذلك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أناطت ببرنامج (UNDCP) مهمة التنسيق وقيادة أنشطة الأمم المتحدة بتعاون مع أطراف خارجية، كفريق العمل المالي (FATF) والشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، ومجلس التعاون الجمركي، والأمانة العامة للكمنولث، إضافة إلى عدة فاعلين إقليميين، فضلًا عن مجموعة العمل المالي الدولية، فكانت الحصيلة صدور التشريع النموذجي للأمم المتحدة المتعلق بغسل الأموال والمصادرة في مجال المخدرات والذي سنتناوله أيضًا بالنظر للمستجدات المهمة التي نص عليها.
هذا وقد أتت عدة اتفاقيات أخرى بعد صدور معاهدة فيينا والتشريع النموذجي للأمم المتحدة المتعلق بغسل الأموال، رغبة من المنتظم الدولي سد كل الثغرات وإيجاد الحلول للإشكالات العملية المتصلة بمحاربة هذه الظاهرة، وسنقتصر على دراسة أهمها؛ نظرًا لكثرتها وتعددها. وأهمها: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة غير الوطنية الصادرة بتاريخ 2000/11/15 والمعروفة باتفاقية باليرمو، وأهم ما ألحت عليه نصوص هذه الاتفاقية هو إنشاء نظام رقابة داخلي لضبط نشاط المؤسسات المالية وتنفيذ كل التدابير المجدية لكشف ورصد حركة النقد على الصعيد الوطني والدولي. وأيضا اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمدت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 31 أكتوبر 2003، وقد عُنِيَت بالأساس بمكافحة المشكل من منبعه؛ بتجريم كل مصادر الفساد وسعيها القضاء على كل الأنشطة الإجرامية التقليدية والجديدة المنتشرة عبر العالم؛ خصوصًا الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية بما فيها غسل الأموال.
لقد أكدت الاتفاقية على كون الفساد لم يعد شأنًا محليًّا؛ بل هو ظاهرة غير وطنية تمس كل المجتمعات والاقتصاديات، مما يجعل التعاون الدولي على منعه ومكافحته أمرًا ضروريًّا، وفرضت مدونات قواعد سلوك للموظفين العموميين وتدابير تخص النزاهة والشفافية في كل دواليب اشتغال الإدارة والقضاء والقطاع الخاص وألحت على إلزامية إشراك المجتمع.
وفيما يخص تدابير منع غسل الأموال، فقد ألزمت كل دولة بإنشاء نظام داخلي شامل للرقابة والإشراف على المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية وكشف ورصد حركة النقود وبتعزيز التعاون الدولي بين السلطات القضائية وأجهزة إنفاذ القانون وأجهزة الرقابة المالية من أجل مكافحة غسل الأموال، وجاءت الاتفاقية بعدة آليات في هذا الصدد؛ من أهمها: آليات استرداد الممتلكات من خلال التعاون الدولي في مجال المصادرة.
وباستقراء مختلف الوثائق الدولية الصادرة نجد أن بعضها يتضمن أحكامًا تتماشى وأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية[38]، والبعض الآخر يتضمن أحكامًا أخرى كرست بمقتضى التشريع النموذجي للأمم المتحدة أو بمقتضى نصوص أخرى لا يسع المجال للتطرق إليها جميعًا.
ولا يمكن فهم المبادرات الدولية الصادرة بمكافحة غسل الأموال إلا بتحليل ودراسة التعاون الدولي من خلال الأجهزة الدولية والمبادرات الجهوية والإقليمية المبذولة في هذا السياق؛ حيث تكمل بعضها البعض وتتضح معها أكثر مدى الجهود المبذولة من طرف الدول، ونخص بالذكر مجموعة العمل المالي التي أصدرت توصياتها الأربعين الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي أصبحت إلزامية للدولة التي ترغب في اعتبارها مستوفية للمعايير الدولية فيما يخص مكافحة غسل الأموال، وفي حالة عدم رغبة بلد ما في اتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق التقيد بالتوصيات الأربعين، توصي مجموع العمل المالي (GAFI) المؤسسات المالية بأن تولي أهمية خاصة لعلاقات العمل والمعاملات مع الأشخاص والشركات، والمؤسسات المالية في أو من ذلك البلد غير المتقيد بالتوصيات.
كما شكلت سنة 1974م لجنة بازل؛ للرقابة على البنوك من طرف محافظي البنوك المركزية لمجموعة من الدول الصناعية، وهي لجنة ليست لديها سلطة رسمية رقابية أو تشريعية في مواجهة الدول الأعضاء، فهي تضع المعايير والخطوط التوجيهية العامة للرقابة وتصيغ توصيات خاصة بأفضل الممارسات تغطي مجموعة واسعة من القضايا والمشاكل المتعلقة بالرقابة البنكية، ويتم اعتماد هذه المعايير والتوجيهات على أن تقوم السلطات المعنية في كل دولة باتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذها من خلال إجراءات تفصيلية تشريعية، أو تنظيمية الأكثر ملائمة للنظام العام في كل دولة.
كما تم توقيع اتفاقية ستراسبورغ حول غسل الأموال من طرف الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي في 8 نوفمبر 1990م، ودخلت حيز التنفيذ في 1 ديسمبر 1993م، وتهدف إلى تسهيل التعاون الدولي من أجل تتبع (Investigation) وكشف (Dépistage) وحجز (la Saisie) ومصادرة (la Confiscation عائدات مختلف الجرائم.
انطلاقًا مما سبق، سيتوجه البحث للتناول مجموعة من العناصر؛ إذ تشكل الأطر القانونية والتشريعية الأساس في مكافحة غسل الأموال عبر سنّ قوانين متوافقة مع المعايير الدولية لمنع استغلال الأنظمة المالية. وتلعب المؤسسات المالية دورًا أساسيًّا في تطبيق آليات الامتثال والكشف عن العمليات المشبوهة، مما يعزز النزاهة المالية. في المقابل، توفر التقارير الدولية تقييمًا لمستوى الشفافية في الدول، في حين يمثل الاقتصاد الرقمي تحديًا جديدًا؛ حيث تسهل العملات المشفرة والتكنولوجيا المالية عمليات غسل الأموال بطرق أكثر تعقيدًا، ما يستلزم تعزيز الرقابة الدولية.
الفرع الأول: الأطر القانونية والتشريعية لمكافحة غسل الأموال
تعتبر جريمة غسل الأموال من الجرائم التي تعاني منها دول العالم أجمع بصفتها جريمة غير تقليدية عابرة للحدود، ويزداد خطر هذه الجريمة لارتباطها العضوي في الغالب بالجرائم المنظمة وخاصة جريمة الاتجار بالمخدرات، حيث استفاد القائمون على هذه الجريمة من حجم التطورات المتلاحقة في مجال المعلومات والاتصالات ووسائل الانتقال، مستغلين مظاهر العولمة الاقتصادية وما استتبعها من تحولات كبرى.
فجرائم غسل الأموال لا تقع على فرد بعينه وإنما تقع على المجتمع بأسره، وبذلك فهي تعتبر جرائم ضارة بالمصلحة العامة وتقوم العصابات التي تتعامل بمثل هذه الجرائم بتجارة المخدرات والأسلحة وتجارة الرقيق والتزييف، مخترقة الأجهزة المالية الدولية والقوانين والأنظمة في تلك الدول ومتوارية عن أنظار الأجهزة الأمنية الدولية وفارة من وجه العدالة الجنائية.
كما أن الأموال القذرة المتحصلة من الجرائم المنظمة أو أي مصدر غير مشروع تدار من خلال خبراء ملمين بالاقتصاد والمال ضمن الأنظمة المالية العالمية لديهم الخبرة والكفاءة والمعرفة في آلية إدارة هذه الأموال وفي دورات اقتصادية متعددة الجوانب والاتجاهات والمواضيع بحيث يصعب اكتشافها وتتبعها، وأن التحدي يزيد شيئًا فشيئًا أمام القائمين على محاربة عمليات غسل الأموال بسبب اتساع عملية العولمة وإحاطتها مختلف أشكال المعاملات المالية، أضف لذلك التسارع التكنولوجي في مجال الاتصالات حيث التعاملات المعلوماتية والمالية تتم في لحظات، وحيث التزايد الكبير في حجم التجارة الإلكترونية المنجزة التي لها تأثير في كفاءة التقنيات العاملة لكشف الجرائم المالية، فقد فتح ذلك الباب على مصراعيه لعمليات غسل الأموال على نطاق واسع لا مثيل له.
ومما يزيد الأمر خطورة هو أن كل جهد يبذل لمكافحة عمليات غسل الأموال يقابله عمل مضاد، حيث يدخل في هذه العمليات عصابات إجرامية خطيرة تضم عناصر من حملة المؤهلات العلمية العليا وقانونيين وفنيين ومهندسي أنظمة حاسوب ومعلومات يعملون كشبكة واحدة أو كخلية نحل في غسل الأموال القذرة وتحويلها إلى أموال شرعية قانونية، وأصبحت هذه العملية “جريمة” خطيرة من ضمن الإجرام الدولي المنظم ومن أخطر الجرائم التي تهدد الأمن العالمي والإنسانية جمعاء، ومن أهم الجرائم الاقتصادية التي تهدد خطط الإصلاح الاقتصادي والتنمية وغيرها في عصر العولمة، وتؤثر سلبًا على استقرار أسواق المال الدولية وتهدد بانهيار الأسواق الرسمية التي تعتبر الأساس في بناء الاقتصاديات.
فقد استغل غاسلو الأموال الاندماج الحاصل في الأسواق المالية الدولية والتطور التقني في الأنظمة المالية والمصرفية التي أضحت قنوات رئيسة لنقل وتحريك الأموال المراد غسلها إلى أي مكان في العالم، وبالتالي تمويه وإخفاء مصدرها غير المشروع.
ونتيجة لضخامة العائدات الإجرامية محل الغسل وتدفقها السهل والسريع عبر الحدود الوطنية فقد استرعى ذلك انتباه مختلف البلدان إلى ضرورة تعزيز التعاون في مختلف المستويات لمواجهة هذه الظاهرة المستحدثة التي تستخدم الأنظمة المصرفية والمالية بشكل واسع، يدفعها في ذلك الطبيعة الدولية لجريمة غسل الأموال، لكون هذه الجريمة غالبًا ما تتوزع عناصرها التكوينية بين أكثر من دولة، وكذا لما تمثله هذه الجريمة من خطورة بالغة تهدد الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي على المستوى الدولي بشكل عام، مما حذا بتلك الدول إلى تصدير عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والقوانين الداخلية التي تجرم عمليات غسل الأموال.[39]
وتعتبر هذه العمليات من المشكلات المستحدثة التي اهتمت بها الاتفاقيات الدولية[40]. منها اتفاقية بالرمو، التي تم التوقيع عليها في 21 ديسمبر 1988م، وهدفت هذه الاتفاقية إلى ترجمة رغبة الدول الموقعة في الحفاظ على سمعة المؤسسات البنكية من ممارسات مرتبطة بالمجرمين، وقد تضمنت الاتفاقية مجموعة من المبادئ تهدف جميعها إلى إبعاد البنوك عن أية أنشطة ذات طبيعة إجرامية[41].
وقد ظهر اصطلاح (غسل الأموال) لأول مرة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والتي عقدت في فيينا عام 1988م[42]، وقد نصت في المادة الثالثة منها على أن غسل الأموال يتمثل إما في تحويل الأموال أو نقلها مع العلم بأنها من نتاج جرائم المخدرات، أو في إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو في اكتساب أو حيازة أو استخدام الأموال مع العلم وقت تسليمها أنها من حصيلة جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية.[43]
وفي إطار مكافحة هذه الجريمة تم توقيع اتفاقية ستراسبورغ، من قبل الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي في7 نوفمبر1990م، والمتعلقة بمكافحة غسل الأموال[44].
وقد أصدرت لجنة العمل المالي لغسل الأموال التي أنشأتها قمة الدول الصناعية السبع عام 1989م أربعين توصية عام 1990م[45] تضمنت ضرورة مكافحة ظاهرة غسل الأموال محليًّا ودوليًّا، واهتمت بضرورة التوسع في الجرائم حصيلة الأموال المغسولة وعدم قصرها على أموال المخدرات فقط، لتشمل جميع الجرائم الخطيرة التي يتحصل منها على قدر كبير من الأموال، ، وقد أكدت هذا الاتجاه توصيات المؤتمر الدولي لمنع ومكافحة غسل الأموال واستخدام عائدات الجريمة والذي انعقد في إيطاليا عام 1994م واقترحت إدراج جرائم أخرى كتجارة الأسلحة والذخائر والسرقة والابتزاز والاختطاف والاحتيال والتجارة غير المشروعة في الآثار وتجارة الرقيق الأبيض والدعارة والقمار.
وبالمثل أوصى المؤتمر التاسع للأمم المتحدة في مجال منع الجريمة سنة 1995م الدول الأعضاء، بمواصلة التعاون فيما بين قطاعاتها الوطنية المعنية بمعنى الجريمة والعدالة الجنائية، باتخاذ الإجراءات الفعالة لمكافحة الجرائم المنظمة غير الوطنية وخاصة غسل الأموال[46].
كما عقد مؤتمر المخدرات وغسل الأموال في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة من 20 – 22 فبراير 1997م، بمدينة ميامي الأمريكية، وقد ركز المؤتمر على الوسائل الفعالة لمحاربة غسل الأموال وظهرت في هذا الصدد ثلاثة طرق:
سياسة اعرف عميلك، والتي تقضي بأن على المؤسسات المالية أن تدقق في عملائها والتحقق عما إذا كان أي منهم يحصل على أموال طائلة لا تتناسب مع وظيفته أو التجارة التي يقوم بها.
سياسة أو مبدأ الإخطار عن العمليات المشبوهة suspicious activities فكل عملية أو نشاط مشبوه يكتشف نتيجة اتباع المبدأ السابق يجب الإبلاغ عنه should be reported، ورصد هذه النشاطات، وإبلاغ السلطات القضائية المختصة للتحقق فيها.
التعاون الوثيق بين الدول، سواء من خلال معاهدات جماعية أو ثنائية، وإصدار تشريعات تساعد وتحفز على الكشف عن هذه الجرائم[47].
كما أوصت مجموعة السبع[48] في اجتماعها الأخير في شهر مايو 1998م باتخاذ إجراء الكارت الأصفر، في مواجهة الدول التي يؤخذ عليها التورط أو المشاركة في تسهيل عمليات غسل الأموال.
وقد أصدر مجلس الأمن في سنة 2001م، توصية برقم 1373 تتضمن مراقبة المؤسسات المالية في الدول المختلفة للعمليات التي يشتبه في أنها تجري لتمويل الإرهاب وذلك بهدف تجفيف منابعه.
وأخيرا، أكد بيان ختام اجتماعات مؤتمر رؤساء أجهزة مكافحة المخدرات في الدول العربية، والذي انعقد في تونس، وانتهى يوم 13 يوليوز 2002م إلى تعزيز تبادل المعلومات بين أجهزتهم والقطاعين المصرفي والتجاري فيما يتعلق بغسل الأموال المتأتية من الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، من أجل زيادة التعاون في ميدان التحقيق في هذه الجرائم والنجاح في الملاحقة القانونية لمرتكبيها.
كما أوصى البيان الصادر عن الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، التي عقد المؤتمر في إطار أنشطتها بالموافقة على مشروع القانون العربي النموذجي الاسترشادي لمكافحة غسل الأموال، الذي يستهدف تعزيز سبل وإجراءات مكافحة غسل الأموال المتأتية من أعمال غير مشروعة، وخاصة من الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية[49].
كما استجابت عديدٌ من الدول لتوصيات المؤتمرات الدولية، فأصدرت تشريعات تجرم عمليات غسل الأموال، فأصدرت إنجلترا قانون جرائم الاتجار في المخدرات سنة 1986م، وذلك قبل عقد اتفاقية فيينا سنة 1988؛ نظرًا لتضررها من تجارة المخدرات[50].
وفي الولايات المتحدة صدر عام 1986 قانونان لمكافحة غسل الأموال، تم إدراجهما ضمن الباب الثامن عشر من المجموعة التي تشتمل على القوانين الجنائية الاتحادية، والقانون الأول، تضمنه الفصل 1956م ويتعلق “بغسل الأموال القذرة باستخدام العمليات المالية” والقانون الثاني تضمنه الفصل 1957، ويخص “غسل الأموال القذرة بواسطة المؤسسات المالية”.
وفي عام 1994م، صدر القانون الذي عرف بـ Money Laundering Suppression وهو قانون محاربة غسل الأموال، وبموجبه أصبحت جميع المؤسسات، سواء البنوك أو غيرها مجبرة على إخبار Fincen[51]،عن أية حركة مشبوهة للأموال، وعمل تقارير تتناول حركة المبالغ الكبيرة وتنظيم البيانات[52].
وفي اليابان، فقد سنت عدة قوانين جديدة من شهر يوليو 1992م ، بخصوص غسل الأموال، بموجبها تم إلزام البنوك والمؤسسات المالية، بتزويد وزارة المالية عبر القنوات المختصة بالمعلومات المتعلقة بالحركات المشتبه بها تحت إشراف المسؤولين، كما تم تجريم عمليات غسل الأموال المتأتية من تجارة المخدرات، ووضع إجراءات تهدف إلى تطوير التعاون القضائي بين الدول[53].
كما واجه المشرع الإيطالي ظاهرة غسل الأموال بنصوص جنائية، بواسطة المادة 416 مكرر من قانون العقوبات، والتي تم تعديلها بقانون مكافحة المافيا رقم 82-646، والقانون رقم (55) الصادر في 19 مارس 1990م، والذي تم تكملته في 3 مايو 1991م، حيث تضمن مجموعة من القواعد التي يتعين أن تلتزم بها المؤسسات المالية؛ وذلك للوقاية من حدوث غسل الأموال ابتداء عن طريقها، وفرض جزاءات جنائية عند مخالفتها، وفي عام 1993م وسع قانون العقوبات الإيطالي من نطاق جرائم غسل الأموال ليشمل “كل الأنشطة الجنائية الدولية”[54].
وفي لوكسمبورج، صدر قانون تجريم غسل الأموال الناتجة عن الاتجار في المخدرات، في 7 يوليو 1989، ثم أضيف إليه قانون 17 مارس 1992، والذي نص على عدة ظروف مشددة لهذه الجريمة، ليتوسع طبقا لقانون 11 غشت 1998، ليشمل جريمة غسل الأموال الناتجة من أية جناية أو جنحة (م 324)[55].
وفي سويسرا، جرم المشرع غسل الأموال الناشئة عن أية جريمة مهما كانت طبيعتها، طبقًا للمادتين (305) مكرر، (305) مكرر مرتين من قانون العقوبات، واللتين أضيفتا بالقانون الصادر في 23 مارس 1990م. كما أصدرت في 1990 قانونًا يلزم البنوك وموظفيها بتوخي الحيطة والحذر اللازمين عند فتح حساب للعميل ومعرفة اسمه وموطنه.
وقد نص المشرع الألماني على تجريم غسل الأموال، بالمادة (261) من قانون العقوبات، التي أضيفت بالقانون الصادر في 15 يوليو 1992م، والذي أطلق عليه اسم “قانون مكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات وغيرها من صور الجريمة المنظمة”، والمعدل بقانون غسل الأموال الصادر في 25 أكتوبر 1993م، وقانون مكافحة الجرائم الصادرة في 28 أكتوبر سنة 1994م [56].
أما المشرع الفرنسي فقد جرم غسل الأموال الناتجة عن الاتجار في المخدرات (المادة 222- 38 من قانون العقوبات، المعدلة بالقانون الصادر في 13 مايو 1996).
كما جرم غسل الأموال الناتجة عن إحدى الجرائم الجمركية (م 415 من قانون الجمارك)، أو الناتجة عن أعمال الدعارة أو القوادة (م 225 – 6 من قانون العقوبات).
وقد أدخل المشرع الفرنسي التجريم العام لغسل الأموال في قانون العقوبات الفرنسي، بالقانون رقم 96 – 392 الصادر في 13 مايو 1996، وأطلق عليه قانون مكافحة غسل الأموال في المخدرات والتعاون الدولي في مجال ضبط ومصادرة متحصلات الجريمة”.
ومن قبل صدر القانون رقم 90 – 614، في 12 يوليو 1990، والمعدل بالقانون رقم 98-546 الصادر في 2 يوليوز 1998، “والذي يتعلق بإسهام المؤسسات المالية في المكافحة ضد غسل الأموال الناتجة عن الاتجار في المخدرات”[57].
وبالمثل، صدر في كل من بلجيكا، ورومانيا، وإسبانيا، وسلوفانيا، قانون لمكافحة غسل الأموال[58].
أما في المنطقة العربية، فقد صدر في لبنان قانون مكافحة تبييض الأموال، رقم 318 بتاريخ 20 أبريل 2001م، وصدر في الكويت القانون رقم 35 لسنة 2002، بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال، وأصدر المشرع المصري القانون رقم 80 لسنة 2002 في 12 مايو 2002م لمكافحة غسل الأموال، لرفع اسم مصر من قائمة الدول غير المتعاونة في محاربة غسل الأموال، بعد أن أدرجت عام 1998م في هذه القائمة، بسبب عدم وجود قانون خاص لديها يحارب هذه الجريمة، ولمواجهة النقص التشريعي لمحاربة غسل الأموال[59].
وفي قطر، صدر القانون رقم 28 لسنة 2002م، في 3 رجب 1423هـ الموافق ل 10 شتنبر 2002م، لمكافحة غسل الأموال.
وفي هذا الصدد تولي دولة قطر أهمية كبيرة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقد اتخذت خطوات حثيثة لتعزيز إطارها القانوني والمؤسسي بما يتماشى مع المعايير الدولي، الأمر الذي سيتم تبيانه في القادم من هذا العمل.
إذن تشكل الأطر القانونية والتشريعية حجر الأساس في مكافحة جريمة غسل الأموال على الصعيد الدولي؛ حيث تسعى الدول والمنظمات العالمية إلى وضع معايير صارمة تحد من استغلال الأنظمة المالية في عمليات تبييض الأموال وتمويل الأنشطة الإجرامية. ومن أبرز المرجعيات القانونية في هذا المجال، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (اتفاقية باليرمو)، التي تُلزم الدول بسن تشريعات فعالة لمكافحة غسل الأموال، إضافةً إلى توصيات مجموعة العمل المال (FATF)، التي تعد المرجع الدولي الأهم في وضع معايير وإرشادات تضمن نزاهة النظام المالي العالمي.
كما تلعب الأنظمة الوطنية لمكافحة غسل الأموال دورًا محوريًّا من خلال إصدار تشريعات تُلزم المؤسسات المالية بالإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة، وتوفير آليات قانونية لملاحقة المتورطين واسترداد الأموال غير المشروعة. ومع ذلك، يواجه تنفيذ هذه القوانين تحديات عديدة، من بينها تعقيد العمليات المالية الحديثة، وانتشار الملاذات الضريبية التي توفر حماية قانونية للمتهربين والمبيضين للأموال.
الفرع الثاني: دور المؤسسات المالية في مكافحة غسل الأموال
تُعد المؤسسات المالية، وعلى رأسها البنوك، وشركات التأمين، ومؤسسات الاستثمار، الجبهة الأولى في مواجهة عمليات غسل الأموال؛ نظرًا لدورها المركزي في مراقبة التدفقات المالية وتحديد العمليات المشبوهة. ومن هذا المنطلق، فرضت المعايير الدولية على هذه المؤسسات تبني أنظمة الامتثال المالي (Compliance)، وأبرزها سياسة “اعرف عميلك” (KYC) التي تلزم المؤسسات المالية بالتحقق من هوية العملاء ومصدر أموالهم قبل تنفيذ أي عمليات مصرفية.
إضافةً إلى ذلك، تُلزم القوانين الدولية البنوك والمؤسسات المالية بتقديم تقارير عن الأنشطة المشبوهة (SARs) إلى وحدات التحريات المالية المختصة في كل دولة، والتي تتعاون بدورها مع الهيئات الدولية لمكافحة غسل الأموال. كما تُعزز الهيئات التنظيمية؛ مثل: هيئة الرقابة المالية الدولية وصندوق النقد الدولي، إجراءات الرقابة لمنع استغلال الأنظمة المصرفية في عمليات غسل الأموال، خاصة في ظل ظهور القنوات المالية غير التقليدية؛ مثل: التكنولوجيا المالية والعملات الرقمية، وتحليل دور البنوك والمؤسسات المالية في فرض أنظمة الامتثال؛ مثل: اعرف عميلك (KYC)، وأنظمة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة (SARs)، مع الإشارة إلى دور البنوك المركزية وهيئات الرقابة المالية.
الفرع الثالث: التنسيق بين الدول وتبادل المعلومات المالية
تُعد المؤشرات الدولية والتقارير السنوية من أهم الأدوات التي تقيس مستويات الفساد في الدول ومدى نجاح سياسات مكافحة غسل الأموال والجرائم المالية. ومن أبرز هذه المؤشرات مؤشر مدركات الفساد (CPI) الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، والذي يصنف الدول وفقًا لمستوى الشفافية والمساءلة في إدارتها المالية والسياسية. كما توفر تقارير مجموعة العمل المالي (FATF) تقييمات دورية عن مدى امتثال الدول لمعايير مكافحة غسل الأموال، وتصنفها ضمن قوائم الدول الملتزمة أو غير المتعاونة.
وتُسهم تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أيضًا في تحليل تأثير الفساد على النمو الاقتصادي والاستثمار الأجنبي، حيث تُظهر هذه التقارير كيف يؤدي الفساد وغسل الأموال إلى تعطيل التنمية وتقويض ثقة المستثمرين. وعلى الرغم من الجهود الدولية، لا تزال بعض الدول تعاني من ضعف تطبيق القوانين، مما يُبقيها ضمن “القائمة الرمادية” أو “القائمة السوداء” للدول غير المتعاونة في مكافحة الجرائم المالية.
مناقشة آليات تبادل المعلومات المالية بين الدول، خاصة من خلال اتفاقيات التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية (CRS) والتعاون بين وحدات التحريات المالية (FIUs) في الدول المختلفة.
الفرع الرابع: غسل الأموال والاقتصاد الرقمي
أحدثت التقنيات المالية الحديثة تحولًا جذريًّا في أنظمة الدفع والتحويلات المالية، مما أدى إلى ظهور تحديات جديدة في مجال مكافحة غسل الأموال. فقد أصبح غسل الأموال عبر العملات الرقمية؛ مثل: البيتكوين والإيثيريوم يمثل خطرًا متزايدًا، حيث تُستخدم هذه العملات في إخفاء مصدر الأموال غير المشروعة عبر أنظمة لا تخضع للرقابة المركزية. كما زادت المنصات المالية اللامركزية (DeFi) من تعقيد جهود المكافحة، حيث تسمح للمستخدمين بإجراء معاملات مالية دون الحاجة إلى وسطاء تقليديين مثل البنوك.
وعلى الرغم من ذلك، بدأت المؤسسات الدولية في تعزيز التشريعات الخاصة بالاقتصاد الرقمي؛ حيث فرضت مجموعة العمل المالي (FATF) معايير جديدة لإدراج مزودي خدمات الأصول الرقمية ضمن الجهات الملزمة بتطبيق قوانين مكافحة غسل الأموال. كما تعمل الحكومات على تطوير أنظمة رقابية قائمة على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لرصد الأنشطة المالية المشبوهة في عالم العملات المشفرة.
وفي ظل هذه التحولات أصبح من الضروري تطوير أطر قانونية دولية تتماشى مع الابتكارات التكنولوجية؛ لضمان عدم استغلال الاقتصاد الرقمي في تمويل الجرائم المالية، وهو ما يستدعي تعاونًا دوليًّا أكبر بين الحكومات والهيئات التنظيمية وشركات التكنولوجيا المالية.
ولقد سنحت لنا الفرصة هاهنا، لاستعراض التحديات الجديدة التي تواجه مكافحة غسل الأموال في ظل انتشار العملات الرقمية؛ مثل: البيتكوين، وتطور التقنيات المالية (FinTech)، إلى جانب التهديدات الناشئة؛ مثل: التمويل عبر المنصات غير التقليدية.
المبحث الثاني : مظاهر الفساد الإداري والمالي وغسل الأموال على الصعيد الوطني
تُولي دولة قطر أهمية متزايدة لمواجهة الفساد المالي باعتباره البيئة الخصبة التي تنمو فيها جرائم غسل الأموال. وفي هذا الإطار جاء إصدار القانون رقم: (20) لسنة 2019 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ليؤسس إطارًا تشريعيًّا حديثًا يواكب المعايير الدولية، ولا سيما تلك المعتمدة من مجموعة العمل المالي(FATF) ؛ فقد أدرك المشرع القطري أن مكافحة غسل الأموال ليست فقط أداة لحماية النظام المالي؛ بل تمثل أيضًا أحد المسارات الأساسية للحد من مظاهر الفساد وتعطيل قنواته المالية غير المشروعة[60].
وانطلاقًا من هذا التصور الشمولي، تم إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي أُنيط بها تنسيق جهود الدولة في هذا المجال الحيوي. وتضم اللجنة ممثلين عن قطاعات حكومية وقضائية وأمنية متعددة، مما يضفي على عملها طابعًا تكامليًّا بين مختلف أجهزة الدولة. ولا تقتصر مهمة اللجنة على تطوير السياسات الوطنية فحسب، بل تمتد إلى تعزيز التعاون الدولي، وتبادل المعلومات مع المنظمات الإقليمية والدولية، وهو ما يعزز من قدرة الدولة على رصد وتفكيك شبكات الفساد العابرة للحدود.
وعلى مستوى الممارسة، تُلزم القوانين القطرية المؤسسات المالية بتطبيق إجراءات صارمة لمكافحة غسل الأموال، يأتي في مقدمتها نظام “اعرف عميلك” (KYC) والتدقيق المستمر في المعاملات المالية للكشف عن الأنشطة المشبوهة. وتُعتبر هذه الإجراءات جزءًا من استراتيجية أوسع لفرض النزاهة داخل القطاعين المصرفي والاقتصادي، وضمان ألا تتحول المؤسسات إلى قنوات لتبييض عائدات الفساد.
وفي سياق موازٍ، تحرص دولة قطر على تطوير الكفاءات الوطنية وتعزيز الوعي بمخاطر غسل الأموال باعتبارها امتدادًا لمكافحة الفساد. ومن أبرز مظاهر هذا التوجه تنظيم دورات تدريبية وورش عمل متخصصة، من بينها الورشة التي عُقدت في فبراير 2025، والتي ركزت على تأهيل العاملين في المؤسسات المالية والأجهزة الرقابية، بما يمكنهم من التصدي بفعالية لجرائم غسل الأموال، وبالتالي الإسهام في خلق بيئة مالية أكثر شفافية ومساءلة.
وهكذا، يتجلى أن سياسة مكافحة غسل الأموال في قطر لا تُفهم بمعزل عن جهود أوسع لترسيخ النزاهة والشفافية في مختلف القطاعات، مما يعزز مسار التنمية المستدامة ويكرس قواعد الحوكمة الرشيدة.
من خلال ما سبق، سنسلط الضوء في هذه الفقرة على جريمة الرشوة والاختلاس باعتبارها من أبرز مظاهر الفساد الإداري وتأثيرها على نزاهة الوظيفة العامة، ثم نتناول استغلال النفوذ الوظيفي كآلية لعملية غسل الأموال، وما يمثله ذلك من تهديد لمنظومة الشفافية والمساءلة داخل الإدارة.
المطلب الأول: جريمة الرشوة والاختلاس كمظهر للفساد الإداري
يتخذ الفساد أشكالًا متعددة، كإساءة استخدام السلطة العامة والرشوة أو اختلاس الأموال العامة وممارسة الوساطة والابتزاز والاحتيال والمحاباة…وغيرها من الممارسات التي تسبب الضرر للمجتمع، ولها من انعكاسات اقتصادية وسياسية وإدارية واجتماعية تختلف درجاتها باختلاف الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلدان العربية، وكذا طبيعة مدى فاعلية القوانين والإطارات المؤسساتية لهذه الدول.
في هذا الصدد لم يورد المشرع القطري تعريفًا واضحًا لجريمة الفساد، إلا أنه ولغايات التعرف إلى مفهوم الفساد حدد الأفعال التي تندرج ضمن جرائم الفساد؛ حيث عالج قانون العقوبات القطري جرائم الفساد في الباب الثالث منه، والتي وردت تحت عنوان: (الجرائم المتعلقة بالوظيفة العامة وتشمل: جرائم الرشوة، والاختلاس والإضرار بالمال العام، واستغلال الوظيفة وإساءة استعمال السلطة، وانتحال الوظيفة).
ومن الملاحظ على التشريعات القطرية خلوها من قانون خاص لمكافحة الفساد، ويحدد الإطار القانوني لجرائم الفساد وآليات مكافحته والعقوبات المقررة لمرتكبي هذا النوع من الجرائم، فما زال تنظيم موضوع مكافحة الفساد من الناحية التشريعية مناطاً بقانون العقوبات.
وبناء على الالتزامات الدولية لدولة قطر، وتنفيذًا لتوجيهات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003، أفرد المشرع القطري عددًا من النصوص القانونية في العديد من تشريعاته النافذة، تتعلق بتجريم جميع الأفعال التي تشكل في مجملها جرائم فساد، وفرض عقوبات مشددة على مرتكبيها.
وسنعالج في هذا المطلب جريمة الرشوة باعتبارها أحد أخطر أشكال الفساد الإداري وتأثيرها على نزاهة الوظيفة العامة وثقة المواطنين في المؤسسات، ثم نناقش جريمة الاختلاس بوصفها اعتداءً مباشرًا على المال العام وانعكاساتها على فعالية الإدارة العمومية.
الفرع الأول: جريمة الرشوة وتأثيرها على نزاهة الوظيفة العامة
ففيما يتعلق بجريمة الرشوة، فقد حددت المادتان (140) و(142) من قانون العقوبات القطري الطبيعة القانونية لجريمة الرشوة والعقوبة المترتبة عليها، والمتمثلة بقيام موظف عام بطلب أو قبول مالٍ أو منفعة لنفسه أو لغيره، والعقوبة المقررة لذلك[61].
حيث نصت المادة (140) من القانون أن كل موظف عام طلب أو قبل، لنفسه أو لغيره، مالًا أو منفعة أو مجرد وعد بشيء من ذلك مقابل القيام أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيًا، ويُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على ما أعطي له أو وعد به على ألا تقل عن خمسة آلاف ريال. ويُعاقب بذات العقوبة، كل موظف عام طلب أو قبل، لنفسه أو لغيره، مالًا أو منفعة أو مجرد وعد بشيء من ذلك لأداء عمل أو الامتناع عن عمل لا يدخل في اختصاص وظيفته، ولكنه يعتقد خطأ أو يزعم أنه من اختصاصه. وتعد رشوة الفائدة الخاصة التي تعود على الموظف، أو على غيره، من بيع منقول أو عقار بثمن أزيد من قيمته، أو شرائه بثمن أنقص منها، أو من أي عقد يتم بين الراشي والمرتشي”. في حين جاء بنص المادة (142) من ذات القانون أنه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على خمسة عشر ألف ريال، كل موظف عام قبل من شخص أدى له عملًا من أعمال وظيفته، أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها، مالًا أو منفعة، بعد تمام ذلك العمل أو الامتناع عنه، بقصد المكافأة على أدائه أو الامتناع عنه، وبغير اتفاق سابق”[62].
ومن نص المواد السابقة، يبدو أن هناك توافقًا بين موقف المشرع القطري وما جاءت به المادة (15) من الاتفاقية؛ ففي الموقفين تم النص على ضرورة أن يصدر عن الموظف طلب أو قبول لمزية غير مستحقة أو وعد من أجل القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل من أعمال وظيفته لصالح نفسه أو كيان آخر، وعلاوة على ذلك فقد أضاف المشرع القطري موضوع الإخلال بالواجبات الوظيفية.
إضافة لذلك نجد الاتفاقية جاءت بعبارة “الكيان الآخر”، حيث تبدو هذه العبارة ذات أهمية خاصة؛ لأنها تعني توافر الرشوة ليس فقط في حال كانت المزية لشخص طبيعي قريب أو صديق لموظف، وإنما أيضاً في حال كانت الرشوة لصالح كيان آخر، والذي يتمثل بالشخص المعنوي أو جهة ما، وبالتالي نقترح على المشرع القطري أن يحدد الأطراف المشتركة بجريمة الرشوة، ومن ضمنها الأشخاص المعنوية ممثلة مجالس إدارات الشركات والهيئات والمؤسسات.
أما رشوة الموظف العام الأجنبي فلا يختلف النموذج القانوني لهذه الجريمة عن رشوة الموظف العام الوطني، إلا فيما يتعلق بصفة الفاعل (المرتشي)، فالمرتشي في الحالة الأولى هو كل من تتوافر فيه صفة الموظف العام الأجنبي أو الموظف الدولي، والتي تطرقت له الفقرة (ب) من المادة (2) من الاتفاقية. ويبدو أن المشرع القطري قد عالج ذلك الأمر فيما يتعلق بصفه الموظف الأجنبي في سياق المادة (140) من قانون العقوبات؛ لأنه جاء بتعبير صفة الموظف أو المكلف بخدمة عامة على وجه العموم والإطلاق، بغض النظر عن صفة أو جنسية ذلك الموظف.
ويلاحظ أن القانون القطري واكب التيار الدولي في تجريم الرشوة في الحياة العامة، وتخليق المرافق العمومية، ويعاقب أيضًا على الأفعال المرتبطة بالرشوة؛ مثل: استغلال النفوذ والتوسط في الرشوة. كما يُعاقب كل من يطلب أو يقبل لنفسه أو لغيره وعدًا أو عطية لاستغلال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول من أي سلطة عامة على قرارات أو مزايا، بالعقوبات المقررة للرشوة.
وفي إحدى القضايا المعروضة على الدوائر الجنائية بمحاكم التمييز، أشارت المحكمة في الطعن رقم 823 لسنة 2021م إلى أن جريمة الرشوة تقوم بمجرد عرض الرشوة، حتى لو لم تُقبل وفق المادة (145) من قانون العقوبات القطري. كما أكدت المحكمة أن الرشوة لا تستلزم أن يكون الفعل المطلوب أداؤه داخل نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفي أن يكون للموظف العمومي اتصال بها يسمح له بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة[63].
والجدير بالذكر أن القانون يُعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا بادر بإبلاغ السلطات بالجريمة قبل اكتشافها؛ تشجيعًا على الكشف عن جرائم الرشوة والفساد.
تأتي هذه التشريعات والتعديلات في سياق جهود دولة قطر المستمرة لتعزيز النزاهة والشفافية في القطاع العام، ومكافحة جميع أشكال الفساد؛ لضمان بيئة عمل نزيهة وموثوقة.
الفرع الثاني: جريمة الاختلاس وانعكاساتها على المال العام والإدارة
تُعد جريمة الاختلاس من الجرائم الخطيرة التي تمس المال العام وتؤثر سلبًا على الثقة في المؤسسات الحكومية. ففي دولة قطر تم تنظيم جريمة الاختلاس وعقوباتها ضمن قانون العقوبات القطري رقم (11) لسنة 2004م مع إدخال تعديلات لاحقة؛ لتعزيز مكافحة هذه الجريمة.
وقد تناولها المشرع القطري في (148) وحدد العقوبة المناسبة لها[64]. ومن ثمَّ فهناك توافق كبير بين ما جاء في المادة (148) من قانون العقوبات القطري مع ما أوردته الاتفاقية، بدعوة الدول الأطراف إلى اتخاذ التدابير والإجراءات التشريعية والقانونية بحق الموظفين العموميين الذين يرتكبون جريمة الاختلاس[65].
وعن جريمة غسل الأموال المتحصلة من جرائم الفساد فقد جاء القانون القطري متوافقًا مع أحكام اتفاقية مكافحة الفساد؛ سواء من حيث تعريفه وتحديده لنطاق جريمة غسل الأموال[66].
وبالرجوع إلى التشريعات القطرية في هذا الخصوص، وتحديد مدى توافق ما جاء به المشرع القطري مع ما حددته اتفاقية الأمم المتحدة، بضرورة تجريم فعل عرقلة سير العدالة باعتباره أحد أشكال وصور الفساد المنصوص عليها في الاتفاقية. إن التشريع القطري توافق مع ما جاءت به المادة (25) من الاتفاقية، عندما عالج قانون العقوبات القطري أحكام الجرائم المخلة بسير العدالة في الباب (4) منه من خلال المواد (172 – 203).
وفي السياق ذاته ذهبت محكمة التمييز في الطعن رقم 319 لسنة 2021 بتصنيف جرائم الاختلاس على أنها جنايات يعاقب عليها قانون العقوبات؛ إذ بيّنت المحكمة أن مجرد تصرف الموظف في الأموال التي بحوزته بسبب عمله الإداري بنية الاستيلاء عليها يُعد اختلاسًا. كما أكدت المحكمة أن تقدير جدية التحريات حول الاختلاس يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، ولا يمكن المجادلة فيه أمام محكمة التمييز[67].
انطلاقا مما سبق، يروم الجانب الأول، إلى تجريم عملية إخفاء الأموال أو الأشياء الناتجة عن أي جريمة دون أن يحدد ذلك بجرائم الفساد أو الجرائم الاقتصادية بشكل عام، وسواء كان المتضرر منها الأفراد أو الدولة بإداراتها ومؤسساتها العامة، أو المال العام.
أما الشق الثاني فيتمثل بشمولية الركن المادي لهذه الجريمة؛ لتشمل إضافة إلى الإخفاء، الحيازة والاستعمال والتصرف في الأموال المتحصلة من أعمال غير مشروعة[68].
وفي تفاصيل الحكم الخاص بجريمة الاحتيال المالي باستخدام بطاقات الدفع الإلكتروني في دولة قطر قضت المحكمة بأن استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني المسروقة من ماكينات الصراف الآلي بقصد الاستيلاء على الأموال العامة يُصنف ضمن جرائم الاحتيال المالي، ما يستوجب إحالة القضية إلى محكمة الجنايات للنظر فيها. وأكدت المحكمة أن هذا الفعل يشكل جناية يعاقب عليها القانون بموجب المادة 381، التي تجرّم التصرفات التي تتضمن الاستيلاء غير المشروع على الأموال عبر وسائل احتيالية[69].
حيث أكدت المحكمة على أن الجريمة تنطبق على الاستيلاء على أموال الغير بطريقة احتيالية باستخدام وسائل إلكترونية غير مشروعة، كما أشارت إلى اختصاص محكمة الجنايات في نظر القضية؛ نظرًا لخطورتها وتأثيرها المباشر على النظام المالي العام، بيد أن المتهم استغل تقنية الصراف الآلي في ارتكاب الجريمة، مما يندرج ضمن الجرائم التي تتطلب عقوبات مشددة وفق القوانين القطرية المتعلقة بحماية التعاملات المالية الرقمية.
إن العمل القضائي السالف يعكس تشدد القضاء القطري في التعامل مع الجرائم المالية الإلكترونية، خصوصًا تلك التي تستهدف الأنظمة المصرفية. كما يعزز دور المحاكم في حماية النظام المالي من التلاعب والاحتيال الرقمي، من خلال فرض عقوبات صارمة على من يثبت تورطهم في مثل هذه الجرائم.
وهنا يمكننا أن نسجل عددًا من الملاحظات حول السياسة الجنائية المتبعة لتجريم أفعال الفساد في القانون القطري، وهي على النحو الآتي:
- أخذ المشرع القطري بالسياسة الضيقة لتجريم الفساد، ويقصد بها، أن التشريع الجنائي القطري اكتفى ببعض الجرائم الواردة في قانون العقوبات فقط، باعتبارها جرائم فساد، ولم يفرد لها تشريعًا خاصًّا بها.
- حصر جرائم الفساد ببعض الجرائم الواردة في قانون العقوبات النافذ كجريمة الرشوة، والاختلاس، وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم، وجرائم أخرى وردت على سبيل الحصر في القانون آنف الذكر.
- كما أن قانون العقوبات القطري قد سكت عن تجريم صور أخرى للفساد لا تقل خطورة عن الصور التي جرمها، كجريمة الواسطة أو جريمة المحسوبية؛ بل إنه سكت عن تجريم صور للفساد وردت في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها؛ كجريمة الرشوة في القطاع الخاص، أو تجريم الرشوة للموظفين العمومين الدوليين، أو الموظفين الأجانب في المؤسسات الدولية. إضافة إلى جريمة الاتجار بالنفوذ، وجريمة الإثراء أو الكسب غير المشروع.
- وهو ما يعني إفلات الكثير من الفاسدين من طائلة المساءلة الجنائية، وهو ما يمثل إخلالًا كبيرًا بمكافحة السياسة الجنائية الرامية إلى مكافحة الفساد.
وتتسم جرائم الفساد في الغالب بأنها عابرة للحدود الوطنية، وهو ما يستلزم نصوصًا تشريعية تراعي هذه الخصوصية، وتطبق مبدأ عالمية النص الجنائي أو ما تطلق عليه بعض التشريعات بالاختصاص الشامل، وبالتالي يتعين على المشرع القطري الأخذ بهذا المبدأ عند إعادة النظر في السياسة الجنائية المطبقة لمكافحة جرائم الفساد في الدولة.
لكن الأمر الحتمي أن المشرع القطري يحاول بناء ترسانة قانونية تأتي هذه النصوص القانونية حرصًا منه على حماية المال العام وتعزيز النزاهة والشفافية في الوظيفة العامة، من خلال فرض عقوبات رادعة على كل من تسوّل له نفسه التعدي على أموال الدولة أو الإضرار بمصالحها.
ولا مناص من أن الأحكام القضائية المشار إليها تبرز أعلاه نهجًا قضائيًّا صارمًا في التصدي لجرائم الفساد الإداري، خاصة فيما يتعلق بالرشوة، والاختلاس، واستغلال النفوذ. ويبرز دور محكمة التمييز في تعزيز العدالة من خلال مراجعة الأحكام لضمان توافقها مع المبادئ القانونية والمصلحة العامة.
المطلب الثاني: استغلال النفوذ الوظيفي لعملية غسل الأموال كمظهر للفساد الإداري
يعد استغلال النفوذ الوظيفي أحد الأشكال البارزة للفساد الإداري؛ حيث يتم توظيف السلطة والنفوذ لتحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة العامة. ويأخذ هذا الاستغلال صورًا متعددة، من التدخل في القرارات الإدارية إلى تسهيل عمليات غير مشروعة مثل غسل الأموال، مما يؤدي إلى تقويض مبادئ الشفافية والنزاهة داخل المؤسسات.
في هذا الإطار، سنتناول في هذه الفقرة صور الاستغلال الوظيفي، مع التركيز على الأساليب والآليات التي يعتمدها بعض المسؤولين لتوجيه القرارات الإدارية بما يخدم مصالح خاصة (الفقرة الأولى). ثم سنعرض نماذج من استغلال النفوذ الوظيفي في دولة قطر، مستندين إلى معطيات واقعية وتحليل لمظاهر هذه الظاهرة داخل المنظومة الإدارية والاقتصادية (الفقرة الثانية).
الفرع الأول: صور الاستغلال الوظيفي
يتمثل جوهر النموذج القانوني لجريمة الاتجار بالنفوذ، والواردة في نص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بقيام الموظف أو أي شخص آخر باستغلال نفوذه الفعلي أو المفترض للحصول من الإدارة أو سلطة عمومية تابعة للدولة على مزية غير مستحقة، وذلك مقابل أي مزية غير مستحقة لصالحه أو لصالح شخص آخر، والتي نصت عليها الاتفاقية[70].
ويشتمل النموذج القانوني لجريمة الاتجار بالنفوذ على ركن مفترض هو صفة الفاعل، ففي أغلب الحالات يتم الاتجار بالوظيفة من قبل موظف عام، حيث يمكن أن يكون الفاعل شخصًا آخر لا تتوافر فيه صفة الموظف العام[71].
في ذات السياق، تعرف إساءة استغلال الوظيفة بأنها انحراف وإساءة استعمال الموظف لصلاحيات وسلطات وظيفته أو منصبه على نحو يخرق القوانين والتنظيمات؛ بهدف تحقيق مزية غير مستحقة لنفسه أو لشخص أو كيان آخر، وقد نصت اتفاقية الأمم المتحدة على جريمة إساءة استغلال الوظيفة التي يتمثل ركنها المادي في قيام موظف عام بإساءة استغلال وظيفته أو موقعه؛ بغرض الحصول على مزية غير مستحقة لصالحه هو أو لصالح شخص أو كيان آخر، مما يشكل انتهاكًا للقوانين[72].
وتتعدد صور هذه الجريمة، فقد تكون من خلال إخلال الموظف بواجبات وظيفته لتمييز أحد الأشخاص ممن تربطه به علاقة، أو إفشاء معلومات سرية قد يستفيد شخص له صلة بالموظف من الاطلاع عليها، ويتوجب أن يكون سلوك الموظف مخالفاً للقانون[73]، ولا يقتصر القانون في هذه الحالة على التشريعات، بل يشمل أيضًا اللوائح والنظم الإدارية ومدونات السلوك التي تحكم عمل الموظفين العموميين، ويتحقق الركن المعنوي بعلم الموظف بأن سلوكه مخالف للقانون و اتجاه إرادته للقيام به، فضلًا عن قصد خاص هو نية الحصول على مزية غير مستحقه لصالحه أو لصالح شخص آخر.
إن استغلال النفوذ الوظيفي في عمليات غسل الأموال أحد أخطر مظاهر الفساد المالي والإداري؛ حيث يستغل المسئولون مواقعهم لإضفاء الشرعية على أموال غير مشروعة من خلال النظام المالي الرسمي. ويؤدي هذا الشكل من الفساد إلى تقويض مبادئ الشفافية والنزاهة في المؤسسات، كما يُضعف ثقة المجتمع في الأجهزة الرقابية والمالية.
في حين يتخذ استغلال النفوذ الوظيفي في غسل الأموال عدة أشكال؛ أبرزها: التلاعب في العقود الحكومية، وتسهيل العمليات المصرفية المشبوهة، وإخفاء مصادر الأموال غير المشروعة من خلال المؤسسات العامة. ويُمكن للموظفين الفاسدين استغلال مناصبهم لتجاوز آليات الرقابة، أو تعطيل التحقيقات التي تستهدف الأنشطة المالية غير القانونية.
وقد يؤدي استغلال النفوذ في غسل الأموال إلى توسيع فجوة الفساد داخل المؤسسات، حيث يُستخدم هذا النفوذ لحماية المتورطين وتعزيز ثقافة الإفلات من العقاب. كما أن تسهيل تدفق الأموال غير المشروعة داخل النظام المالي يُؤدي إلى اختلال التوازن الاقتصادي وإضعاف بيئة الاستثمار، مما يؤثر سلبًا على التنمية المستدامة.
لمكافحة هذا النوع من الفساد تبنت معظم الدول -ومنها قطر- قوانين صارمة؛ مثل: القانون رقم 20 لسنة 2019 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي يجرّم استغلال الوظيفة العامة لتسهيل الجرائم المالية. وتُعزز الهيئات الرقابية مثل اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من إجراءات التدقيق المالي، كما تفرض البنوك والمؤسسات المالية أنظمة: اعرف عميلك (KYC)؛ للكشف عن العمليات المشبوهة.
وعلى العموم تتطلب مكافحة استغلال النفوذ الوظيفي في غسل الأموال تطوير آليات الرقابة الداخلية في المؤسسات العامة، وتعزيز دور الأجهزة الرقابية المستقلة، وتفعيل مبدأ حماية المبلغين عن الفساد. كما يجب تعزيز التعاون الدولي في تبادل المعلومات المالية وتطبيق العقوبات على المسئولين المتورطين في تسهيل عمليات غسل الأموال.
لا شك إذن أن استغلال النفوذ الوظيفي في غسل الأموال من أخطر أشكال الفساد؛ حيث يُشكل تهديدًا للنظام المالي والاقتصادي للدول. ولذلك، فإن تطوير التشريعات وتعزيز الرقابة المؤسسية، إلى جانب نشر ثقافة النزاهة والشفافية يُعتبران من أهم الأدوات لمكافحة هذه الظاهرة وحماية الاقتصاد الوطني من مخاطر الجرائم المالية.
الفرع الثاني: نماذج استغلال النفوذ الوظيفي في دولة قطر
يُعتبر استغلال النفوذ الوظيفي في عمليات غسل الأموال أحد أبرز مظاهر الفساد المالي والإداري؛ حيث يستغل بعض المسئولين مناصبهم؛ لتسهيل تمرير أموال غير مشروعة عبر النظام المالي الرسمي. ففي دولة قطر تُبذل جهود حثيثة لمكافحة هذا النوع من الجرائم، مع تعزيز الأطر القانونية والمؤسسية، وتطبيق معايير الشفافية الدولية.
كما أسلفنا في المحور السالف، أصدرت دولة قطر القانون رقم (20) لسنة 2019 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي يهدف إلى تعزيز التدابير الوقائية والرقابية لمكافحة الأنشطة المالية غير المشروعة. كما تم تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي تتولى تنسيق الجهود الوطنية وتطوير السياسات والإجراءات ذات الصلة..
ووفقًا لمؤشر مدركات الفساد لعام 2024 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، حصلت دولة قطر على 59 نقطة من أصل 100، مما يعكس تحسنًا في جهود مكافحة الفساد. احتلت قطر المرتبة 38 عالميًّا والثانية عربيًّا في هذا المؤشر.
في عام 2023، أصدرت وزارة التجارة والصناعة القطرية تقريرًا سنويًّا يبرز الجهود المبذولة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تضمن التقرير تحديث إطار الإشراف والرقابة على الأعمال والمهن غير المالية المحددة، وعقد ورش عمل للجهات المختصة والقطاع الخاص لزيادة الوعي بمتطلبات مكافحة غسل الأموال.
في حين تدأب دولة قطر على التعاون مع المنظمات الدولية لتعزيز قدراتها في مكافحة غسل الأموال في فبراير 2024م، وعقدت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ورشة عمل للاطلاع على تجربة دولة قطر في عملية التقييم المتبادل من قبل مجموعة العمل المالي (FATF، مما يعكس التزام قطر بتطبيق المعايير الدولية في هذا المجال.
تُظهر دولة قطر التزامًا واضحًا بمكافحة استغلال النفوذ الوظيفي في عمليات غسل الأموال، من خلال تعزيز الأطر القانونية، وتطبيق معايير الشفافية الدولية، والتعاون مع الجهات الدولية المختصة، مما يسهم في تعزيز النزاهة والشفافية في القطاعين العام والخاص.
وفي هذا الصدد تؤكد الأحكام القضائية أن استغلال النفوذ يتمثل في استخدام السلطة الوظيفية لتحقيق مكاسب غير مشروعة، سواء بتلقي منافع أو تسهيل حصول الغير عليها. وقد شددت المحكمة على ضرورة إثبات العلاقة بين النفوذ والميزة المتحصلة؛ استنادًا إلى أدلة واضحة ومباشرة؛ مثل: تسجيلات صوتية أو مراسلات رسمية.
وفي إحدى الأحكام الصادرة عن محكمة التمييز القطرية المتعلقة بالفساد الإداري، والرشوة، والاختلاس، واستغلال النفوذ
1. تفاصيل الحكم
رقم الطعن: 121 /2016تاريخ الجلسة: 05/12/2016
المحكمة: محكمة التمييز القطرية – الدائرة الجنائية
هيئة المحكمة:
- مسعود محمد العامري
- يحيى محمود محيي الدين
- محمد هلالي محمد
- نادي عبد المعتمد أبو القاسم
2. حيثيات الحكم:
- تناولت المحكمة جرائم غسل الأموال كجريمة مرتبطة بجريمة استغلال النفوذ؛ حيث تم النظر في أفعال تتعلق بتحويل أموال مشبوهة إلى حساب شركة دون التحقق من مصدرها، ما يشكل مخالفة للمادة (3) بند (4/أ، ب) من القانون رقم (4) لسنة 2010 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
- وأشارت المحكمة إلى أن الفعل الإجرامي يتحقق عند عدم اتخاذ الإجراءات القانونية للتحقق من هوية العملاء وفقًا للقانون.
- أكدت المحكمة أن الركن المعنوي للجريمة يتمثل في القصد العام، أي: إدراك المتهمين أن الأموال محل الجريمة مصدرها غير مشروع.
3. العقوبات المقررة في الحكم:
- قضت المحكمة بإدانة المتهمين، وتغريم الشركة المدانة خمسمائة ألف ريال قطري، وفقًا للمادة (72/3/أ) من قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
- كما أشارت المحكمة إلى أن الخطأ الذي وقعت فيه المحكمة الابتدائية كان في تعديل العقوبة دون الإشارة إلى أسباب ذلك، مما استدعى تصحيح الحكم.
4. العلاقة بجريمة الفساد الإداري واستغلال النفوذ:
- أوضحت المحكمة أن استغلال النفوذ الإداري؛ لغرض تسهيل غسل الأموال يشكل جريمة مزدوجة، تجمع بين الفساد الإداري والممارسات المالية غير المشروعة.
- تناول الحكم أيضًا كيفية استخدام المؤسسات المالية والبنوك كأدوات لتنفيذ عمليات غسل الأموال، وما يترتب على ذلك من مسئوليات قانونية.
خلاصة الحكم وتأثيره على مكافحة الفساد في قطر:
- أكدت المحكمة على تطبيق عقوبات صارمة بحق من يستغل منصبه الوظيفي في تسهيل الجرائم المالية.
- شددت على أهمية التزام المؤسسات المالية بالإجراءات القانونية للحد من التواطؤ في عمليات غسل الأموال.
- عزز الحكم من نهج القضاء القطري في التعامل مع قضايا الفساد المالي والإداري من خلال التشديد على ضرورة تحقيق النزاهة والشفافية في التعاملات المالية.
هذا الحكم يعكس التوجه القطري في تشديد الرقابة القانونية على المؤسسات المالية والوظيفية لمنع استغلال النفوذ في جرائم غسل الأموال والفساد الإداري.
الفرع الثالث: قراءة في اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة غسل الأموال في دولة قطر وعلاقتها بجريمة غسل الأموال
تعد اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (41) لسنة 2019م الإطار التنظيمي الذي يحدد آليات تطبيق القانون رقم (20) لسنة 2019 بشأن مكافحة غسل الأموال في دولة قطر. وتهدف هذه اللائحة إلى تنفيذ التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي (FATF) والالتزام بالمعايير الدولية ذات الصلة[74].
- حيث توضح اللائحة التنفيذية أن غسل الأموال يُعرَّف على أنه: أي عملية تهدف إلى إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال، سواء عن طريق تحويلها أو استبدالها أو استثمارها في أنشطة قانونية.
- تفرض اللائحة التزامات صارمة على المؤسسات المالية والشركات والمهن غير المالية المحددة؛ مثل: المحامين والمحاسبين ووكلاء العقارات، بضرورة الإبلاغ عن أي معاملات مشبوهة.
- تلزم اللائحة المؤسسات المالية بتطبيق مبدأ العناية الواجبة (Due Diligence) عند التعامل مع العملاء، والتحقق من هوية المستفيد الحقيقي من الأموال.
- كما تخضع البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين لإشراف مباشر من قبل مصرف قطر المركزي، الذي يراقب الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال.
- تفرض اللائحة عقوبات على المؤسسات التي تتقاعس عن الامتثال، بما في ذلك الغرامات المالية والإغلاق الإداري في حال تكرار المخالفات.
- تدعو اللائحة إلى التعاون الدولي في تبادل المعلومات حول غسل الأموال، من خلال التعاون مع منظمة الإنتربول، ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF).
في الشق المتعلق بجوانب المرتبطة بالفساد الإداري:
- ترتبط جرائم غسل الأموال في كثير من الحالات بممارسات الفساد الإداري؛ مثل: استغلال النفوذ الوظيفي والرشوة والاختلاس، حيث يتم تحويل الأموال الناتجة عن هذه الجرائم إلى النظام المالي بطرق ملتوية.
- تُشدّد اللائحة التنفيذية على ضرورة ملاحقة الموظفين الحكوميين الذين يستغلون مناصبهم في عمليات غسل الأموال، وفرض عقوبات صارمة بحقهم.
5. تأثير اللائحة على مكافحة غسل الأموال في قطر:
- تعزز اللائحة من قدرة دولة قطر على مواجهة غسل الأموال عبر الرقابة الصارمة والتعاون الدولي والتدريب المستمر للمؤسسات المالية.
- تسهم في تحسين تصنيف قطر في مؤشر مدركات الفساد، حيث أشادت مجموعة العمل المالي (FATF) بالجهود القطرية في مكافحة الجرائم المالية.
- تدعم الشفافية في التعاملات المالية، مما يعزز مناخ الاستثمار ويحد من الأنشطة المالية المشبوهة.
من خلال ما سبق تعد اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة غسل الأموال في قطر حجر الأساس في تطبيق القوانين المنظمة لهذه الجريمة. ومن خلال التدابير الرقابية والتعاون الدولي، تسعى الدولة إلى التصدي لغسل الأموال والحد من تأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني والنظام المالي[75].
الخاتمة:
تناولت هذه الدراسة بالتحليل العلاقة الوثيقة بين جريمتي غسل الأموال والفساد الإداري والمالي، من خلال استعراض الإطارين الدولي والوطني لمكافحة هاتين الجريمتين، مع التركيز على تجربة دولة قطر ومدى توافقها مع المعايير والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وقد تبين من خلال الدراسة أن الفساد الإداري والمالي يُعد من أهم المصادر المغذية لعمليات غسل الأموال، إذ يُوفر بيئة مواتية لتحريك وتدوير الأموال غير المشروعة بعيداً عن الرقابة القانونية، خاصة من خلال الرشوة، والاختلاس، واستغلال النفوذ الوظيفي.
كما أظهرت الدراسة أن دولة قطر بذلت جهوداً واضحة في سبيل تطوير منظومتها التشريعية والمؤسسية لمكافحة غسل الأموال والفساد، وذلك من خلال مواءمة تشريعاتها مع المعايير الدولية، وإنشاء وحدات متخصصة، والمصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات حقيقية على مستوى التطبيق العملي، خاصة فيما يتعلق بتكامل أدوار الجهات الرقابية، وتوفير الكوادر الفنية المؤهلة، وتعزيز الوعي المؤسسي والمجتمعي.
وانطلاقاً من ما تم التوصل إليه من نتائج، تؤكد هذه الدراسة على أهمية معالجة أوجه القصور في التشريعات والممارسات، وتكثيف التعاون المؤسسي والرقابي، وتبني مقاربة شاملة تتكامل فيها الأبعاد القانونية والإدارية والتوعوية، بما يعزز من فعالية الجهود الوطنية في التصدي لهذه الجرائم المعقدة والمترابطة. وتوصي الدراسة بضرورة العمل على تطوير آليات الرصد والمتابعة، وتفعيل مبدأ الشفافية والمساءلة، وتوسيع نطاق التعاون الدولي في تبادل المعلومات وملاحقة شبكات الفساد وغسل الأموال.
وبذلك، فإن الدراسة تُسهم في تسليط الضوء على أحد أبرز التحديات التي تواجه الدول الحديثة، وتقدم رؤية تحليلية يمكن أن ترفد صناع القرار والمؤسسات التشريعية بمرجع علمي يدعم جهود الإصلاح والوقاية والمساءلة.
النتائج:.
-
- وجود علاقة ارتباطية وثيقة بين غسل الأموال ومظاهر الفساد الإداري والمالي، لا سيما في ظل إساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة.
- تشكل جريمة الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ** بيئة خصبة لتسهيل عمليات غسل الأموال، إذ تُعد من أهم الوسائل المستخدمة في تمويه المصدر غير المشروع للأموال.
- التشريعات القطرية الخاصة بمكافحة غسل الأموال والفساد** متقدمة نسبياً وتتماشى مع العديد من الاتفاقيات والمعايير الدولية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وتوصيات مجموعة العمل المالي (FATF).
- تواجه دولة قطر تحديات في التطبيق العملي** للقوانين، خاصة فيما يتعلق بكفاءة أجهزة الرقابة والمتابعة، ومحدودية التنسيق بين الجهات المعنية.
- الفساد الإداري يمثل عائقاً أمام تنفيذ السياسات الوقائية** لمكافحة غسل الأموال، ويؤثر سلباً على فاعلية منظومة العدالة الجنائية في هذا المجال.
- الالتزام القطري بالاتفاقيات الدولية** وفّر إطاراً قانونياً قوياً، لكنه بحاجة إلى مزيد من التفعيل على مستوى المؤسسات والتنفيذ الفعلي.
- هناك ضعف نسبي في التوعية المؤسسية والمجتمعية** بمخاطر غسل الأموال والفساد، مما يقلل من فعالية التدابير الوقائية ويحد من المشاركة المجتمعية في المكافحة.
- غياب الشفافية في بعض المعاملات الإدارية والمالية** قد يُستخدم كغطاء لإخفاء عمليات غسل الأموال، مما يتطلب تعزيز آليات الكشف والتبليغ.
التوصيات:
-
- تعزيز التنسيق بين الجهات الرقابية والعدلية** في الدولة لضمان تكامل الجهود في مكافحة جرائم الفساد وغسل الأموال.
- مراجعة وتحديث التشريعات الوطنية بانتظام** بما يتلاءم مع التطورات المتسارعة في أساليب غسل الأموال والفساد الإداري.
- تفعيل مبدأ الشفافية والمسائلة داخل المؤسسات الحكومية**، وإخضاع المسؤولين للمساءلة القانونية عن أوجه الفساد المالي والإداري.
- تعزيز برامج التوعية والتدريب** لموظفي القطاعين العام والخاص، حول أساليب غسل الأموال ووسائل الكشف عنها والوقاية منها.
- تشجيع التعاون الدولي وتبادل المعلومات الاستخباراتية المالية** مع المنظمات والدول المعنية، لتتبع الأموال المشبوهة وضبط الشبكات العابرة للحدود.
- إنشاء قاعدة بيانات وطنية مشتركة** ترصد وتتابع حالات الفساد وغسل الأموال، وتوفر بيانات دقيقة لصناع القرار والجهات الرقابية.
المصادر:
- القرآن الكريم.
- السنة النبوية.
المراجع:
أولًا: الكتب
- ابن منظور، لسان العرب، بيروت، دار لسان العرب، د.ت.
- الأصفهاني، الراغب، المفردات في غريب القرآن، دار المعرفة، لبنان، د.
- أسامة ظافر كبّارة، الفساد في الأرض وموقف الإسلام منه، دار النهضة العربية، بيروت، 2009.
- داود خير الله، الفساد كظاهرة عالمية وآليات ضبطها، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، 2006.
- عبد المجيد حراحشة، الفساد الإداري: دراسة ميدانية، رسالة ماجستير، جامعة اليرموك.
- محمد أديب السلاوي، الرشوة (الأسئلة المعلقة)، البوكيلي للطباعة والنشر، 1999.
- عبد القادر الشيخلي، أخلاقيات الوظيفة العامة، دار مجدلاوي للنشر، عمان، ط2، 2003.
- ماكس فيبر، الاقتصاد والمجتمع، ترجمة: محمد التركي، فضل الله العميري، دار النشر لمنظمة الترجمة، 2017.
- أحمد محمد عبد الهادي، الانحراف الإداري في الدول النامية، مركز الإسكندرية للكتاب، 1997.
- سامي جمال الدين، الإدارة والتنظيم الإداري، الإسكندرية، 2004.
- عامر الكبيسي، الفساد والعولمة تزامن لا توأمة، المكتب الجامعي الحديث، الرياض، 2005.
- هيئة الأمم المتحدة، الفساد في الحكومة، ترجمة نادر أبو شيخة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، عمان، 1994.
- مصطفى كامل السيد، صلاح سالم زرنوقة، الفساد والتنمية، القاهرة، 1999.
ثانيًا: الرسائل الجامعية والمقالات العلمية
- عبد المجيد حراحشة، الفساد الإداري دراسة ميدانية لوجهات نظر العاملين في مكافحة الفساد الإداري في القطاع الحكومي الأردني، رسالة ماجستير، جامعة اليرموك
- فتوح عبد الله الشاذلي، جرائم التعزير المنظمة في المملكة العربية السعودية، دار المطبوعات الجامعية، 1428هـ.
- خالد خضير دحام، “تجريم الكسب غير المشروع ومبدأ البراءة”، مجلة رسالة الحقوق، العدد 2، 2015.
- داغر، “مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية”، المجلد 21، العدد الثاني، 2005.
- حسني عايش، “الفساد عوامله وعلاته وسبل التصدي له”، دراسات عربية، دار الطليعة، 1997.
- محمد محيي الدين عوض، “تطور المكافحة الدولية لغسيل الأموال ومعوقاتها”، المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، أكاديمية نايف، 2002.
ثالثًا: القوانين والتشريعات
- قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب القطري رقم (20) لسنة 2019، واللائحة التنفيذية له (قرار مجلس الوزراء رقم 41 لسنة 2019).
- قانون العقوبات القطري (المواد: 140-151)، بما في ذلك التعديلات بموجب القانون رقم (2) لسنة 2020.
- الفصل 66 من دستور دولة قطر، المرسوم الأميري رقم (11) لسنة 2004.
رابعًا: الاتفاقيات الدولية
- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (المادتان 18 و19).
- اتفاقية فيينا 1988 لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات.
- الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال 1990.
- اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بغسل وتعقب وضبط ومصادرة الأموال.
- التوصيات الأربعون لمجموعة العمل المالي (FATF).
- اتفاقية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE).
- اتفاقية مكافحة الرشوة للدول الأمريكية 1996.
- الاتفاقية الجنائية لمكافحة الرشوة للمجلس الأوروبي 1999.
- توصيات مؤتمر الأمم المتحدة التاسع لمنع الجريمة، 1995.
خامسًا: التقارير والمصادر الإلكترونية
- موقع اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: http://namlc.gov.qa/interrelations.html
- منظمة الشفافية الدولية:
- تقرير مؤشر مدركات الفساد 2023.
سادسًا: الصحف والمجلات والمصادر الإعلامية
- جريدة الراية القطرية، العدد 2506، 14 يوليو 2002.
سابعًا: المراجع الأجنبية
- J.F Thony, Blanchiment de l’argent de la drogue, Revue juridique et politique, 1989.
- Jacqueline Riffault, Le Blanchiment de capitaux illicites, Revue de science criminelle, 1999.
- Robert Powis, L’économie du blanchiment, in Pierre Kopp (dir.), Paris, 1995
- Institute of International Bankers, Global Survey, 1993.
Serge Brammertz et al., Revue de droit pénal et de criminologie, 1993. 5-
GAFI, Les quarante recommandations, mai 1990.6-
- – داود خير الله، “الفساد كظاهرة عالمية وآليات ضبطها”، دراسة منشورة في الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع المعهد السويدي بالإسكندرية، ط2، بيروت 2006، ص414. ↑
- – أسامة ظافر كبّارة، الفساد في الأرض وموقف الإسلام منه، دراسة في مفهوم الفساد وأبعاده المعاصرة، دار النهضة العربية، بيروت، الطبعة الأولى، 2009، ص 32-33. ↑
- 2- ابن منظور، لسان العرب، المحيط، المجلد الثاني، بيروت، دار لسان العرب، د ت، ص 1095. ↑
- – الأصفهاني، الحسين بن محمد الفضل المعروف بالراغب، المفردات في غريب القرآن، دار المعرفة، لبنان، د ت، ص 379. ↑
- – عبد الرحمن الهيجان، “استراتيجيات ومهارات مكافحة الفساد الإداري”، المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، المجلد 12، العدد 23، الرياض، 1418هـ، ص203. ↑
- – داغر، “مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية”، المجلد21، العدد الثاني، 2005، مرجع سابق، ص9. ↑
- – حسني عايش، “الفساد عوامله وعلاته وسبل التصدي له، دراسات عربية”، دار الطليعة، المجلد33، العدد11، بيروت، 1997، ص96. ↑
- – ميخائيل جونستون، “ترجمة: محمد البهنسي، البحث عن تعريفات حيوية السياسة وقضية الفساد”، المجلة الدولية للعلوم الاجتماعية، اليونسكو، العدد149، 2005، ص51. ↑
- – عايش، مرجع سابق، ص110 ↑
- – انظر: كليتجارد، مرجع سابق، ص21. ↑
- – حسن أبو حمود، “الفساد ومنعكساته الاقتصادية والاجتماعية”، مجلة جامعة دمشق، جامعة دمشق، المجلد18، العدد469، دمشق، 2002م. ↑
- – مجموعة من الاتفاقيات:
- اتفاقية مكافحة الرشوة فيما بين الدول الأمريكية بتاريخ 29 مارس 1996م.
- الاتفاقية الجنائية لمكافحة الرشوة للمجلس الأوروبي بتاريخ 27 مايو 1999م.
- اتفاقية 26 مايو 1997م لمكافحة رشوة موظفي المجموعة الأوروبية وموظفي دول أعضاء الاتحاد الأوروبي.
- اتفاقية منظمة التعاون للتنمية الاقتصادية (OCDE) والتي دخلت حيز التنفيذ في 15 فبراير 1999.
- – الفصل 66 من دستور دولة قطر، الفصل 66، صادر بموجب المرسوم الأميري رقم (11) لسنة 2004، منشور في الجريدة الرسمية لدولة قطر، العدد 6، 8 يونيو 2004. ↑
- – قانون رقم (8) لسنة 2021. ↑
- – مقتبس من الموقع الإلكتروني لمنظمة الشفافية الدولية. ↑
- – مقتبس من الموقع الإلكتروني لمنظمة الشفافية الدولية. ↑
- – Transparency International. Corruption Perceptions Index 2023: Corruption Undermines Progress, Rights, and Governance in the Middle East and North Africa. Transparency International, 2024, www.transparency.org/ar/press/2023-corruption-perceptions-index-corruption-undermines-progress- ↑
- – مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، مراكش 24/28 أكتوبر 2011 (الموقع الإلكتروني للمؤتمر). ↑
- – يعد الفساد الإداري ظاهرة عالمية لا ترتبط بدولة معينة أو بزمن معين؛ فهي قديمة منذ أن ظهر التنظيم الإداري في أبسط أشكاله، إلا أن مظاهره وأشكاله تختلف من دولة لأخرى حسب مواصفات وخصوصيات المجتمع وظروفه.
– محمد أديب السلاوي، الرشوة (الأسئلة المعلقة)، البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1999، ص10-11. ↑
- – مولاي عبد الله العزاوي: أسئلة الإصلاح الإداري في زمن الانتقال الديمقراطي، قراءة في مؤشرات الإصلاح، رسالة النيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات، السنة الجامعية 2008/2007، ص 36. ↑
- 1- حمد ي عبد العظيم، مرجع سابق، ص17. ↑
- 2- أحمد محمد عبد الهادي، الانحراف الإداري في الدول النامية، مركز الإسكندرية للكتاب، الإسكندرية، 1997، ص9 وما بعدها. ↑
- 1- هيئة الأمم المتحدة، الفساد في الحكومة، ترجمة نادر أحمد أبو شيخه، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، عمان، 1994، ص52. ↑
- 2- عامر الكبيسي، الفساد والعولمة تزامن لا توأمة، المكتب الجامعي الحديث، الرياض، 2005، ص52. ↑
- 3- هيئة الأمم المتحدة الفساد في الحكومة، مصدر سابق، ص52. ↑
- 4- عبد المجيد حرا حشة، الفساد الإداري دراسة ميدانية لوجهات نظر العاملين في مكافحة الفساد الإداري في القطاع الحكومي الأردني، رسالة ماجستير(غير منشورة)، جامعة اليرموك، اربد، ص 41. ↑
- 1- محمود محمد معابرة، مصدر سابق، ص102. ↑
- 2- عبد المجيد حراحشة، مصدر سابق، ص41. ↑
- – أحمد محمد عبد الهادي، مصدر سابق، ص 9. ↑
- – مصطفى كامل السيد و د. صلاح سالم زرنوقة، الفساد والتنمية، القاهرة، 1999، ص 296. ↑
- 1- سامي جمال الدين، الإدارة والتنظيم الإداري، الإسكندرية، 2004، ص 507. ↑
- 1- عبد المجيد حراحشة، مصدر سابق، ص41. ↑
- – عبد القادر الشيخلي: أخلاقيات الوظيفة العامة: دار مجدلاوي للنشر، عمان الطبعة 2، سنة 2003 ص 88. ↑
- – عبد القادر الشيخلي، المرجع نفسه، ص 5. ↑
- – ماكس فيبر” الاقتصاد والمجتمع- الاقتصاد والأنظمة الاجتماعية والقوى والمختلفة”، ترجمة، تحقيق: محمد التركي – فضل الله العميري، دار النشر لمنظمة العربية للترجمة، 2017، ص 56. ↑
- – صادقت دولة قطر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، المعروفة بـ «اتفاقية فيينا 1988″، بموجب المرسوم الأميري رقم (130) لسنة 1990. وتم توقيع وثيقة الانضمام في شهر رمضان عام 1410 هـ، الموافق لشهر أبريل 1990م. نُشر المرسوم في الجريدة الرسمية بتاريخ 11/4/1416 هـ، الموافق 6/9/1995 م. انظر:
الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، الجريدة الرسمية عدد 5001، 6 مايو 2002م.
التوصيات الأربعون لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية بشأن غسل الأموال، الصادرة في فبراير 1990م، وفي يونيو 1996م.
التشريع العربي النموذجي لمكافحة غسل الأموال.
البيان الصادر في 12 ديسمبر 1988م عن اللجنة المعنية بالأنظمة المصرفية والممارسات المالية.
الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال والتحفظ ومصادرة الأموال المتحصلة من جرائمها، المبرمة بستراسبورغ سنة 1990م.
اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بغسل وتعقب وضبط ومصادرة العائدات المتأتية من الجريمة الصادرة سنة 1990م (تعرف باتفاقية ماستريخيت). ↑
- – محمد بسيوني: “غسل الأموال الاستجابات الدولية وجهود المكافحة الإقليمية والوطنية” دار الشروق، القاهرة، 2005، ص: 56. ↑
- محمد محيي الدين عوض: “تطور المكافحة الدولية لغسيل الأموال ومعوقاتها”، المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المجلد 17، السنة 17 العدد 23 محرم 1423 هـ أبريل 2002م وخصوصا ص 162 وما بعدها. ↑
- ـJ.F THONY: « blanchiment de l’argent de la drogue, les instruments internationaux de lutte », Tev juridique et politique, indépendance et co-opération 1989 P147 ets. ↑
- ـ Convention des Nations Unies contre le traffic illicite de stupéfiants et de substances psychotropes – Vienne 1988. ↑
- – وعلى أثره وضعت لجنة بازل في نهاية ذلك العام، مبادئ عامة تم اتفاق الدول الأعضاء عليها، وهذه المبادئ هي:
- التعرف بطريقة صحيحة على هوية كل الأشخاص الذي يتعاملون بالتجارة مع البنك.
- قيام البنك بعمله بما يتفق مع المعايير الأخلاقية.
- التعاون مع السلطات القائمة على تطبيق القانون؛ مثل: الشرطة، في حدود القوانين النافذة.
- تدريب الموظفين في جميع المجالات المتعلقة بمحاربة التجارة غير المشروعة في المخدرات.
- – بمقتضى هذه الاتفاقية، تلزم الدول الموقعة بتجريم الأفعال التي تنطوي على تبديل أو تحويل أو إخفاء الأموال الناشئة عن الجريمة أو التعتيم عليها، كما تلزم هذه الدول بتجريم اكتساب هذه الأموال، أو حيازتها أو استعمالها أو الإسهام أو الاشتراك في أي من هذه الأفعال. ↑
- ـ GAFI, les quarante recommandation, mai – 1990. ↑
- ـ توصيات مؤتمر الأمم المتحدة التاسع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين 1995م منشورات الأمم المتحدة، ص 120. ↑
- ـ الدكتور محمود أحمد الكندري: “تقرير عن مؤتمر المخدرات وغسيل الأموال، الذي عقد في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة من 20 -22 فبراير 1997″، مجلة الحقوق جامعة الكويت، السنة الثانية والعشرون، العدد الثالث، جمادى الآخرة 1419هـ سبتمبر 1998م ص 397 – 399. ↑
- ـ الدول السبع هي: الولايات المتحدة الأمريكية، وإنجلترا، واليابان، وألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وكندا، وقد انضمت إليها مؤخرًا روسيا، فأصبحت تعرف بمجموعة الثمانية. ↑
- ـ جريدة الراية القطرية، الأحد 14 يوليه 2002 م، العدد 2506، ص 24. ↑
- – CF: Jecqueline RIFFAULT: « Le Blanchiment de capitaux illicites, le Blanchiment de capitaux en droit compare », Revue de science criminelle et de droit pénal compare 1999 p 232. ↑
- ـ اختصار: Financial crimes Enforcement Network ↑
- – Robert Powis: In « L’économie du blanchiment », sous la direction de pierre Kopp, La collection des “cahiers Finance, éthique, confiance” Paris 1995 p 227 ets, Riffault. Op cit p 23. ↑
- – Institute of international Bankers, Galobal survey 1993 p 49. ↑
- – RIFFAULT. Op cit p 236. ↑
- – RIFFAULT. Op cit p 235. ↑
- – CF: Serge BRAMMERTZ, Peter H.M Rambach: « la loi allemande sur la lutte contre le trafic illégal de stupéfiants et d’autres formes de criminalité organisée » (org: K G) Revue de droit pénal et de criminologie 1993 P 727 et S. ↑
- – Relative a la participation des organisme financiers a la lutte contre le Blanchiment des capitaux Provenant du trafic des stupéfiants. ↑
- – CF: RIFFAULT. OP. CIT p 234-236. ↑
- -خلافا لمن يرى أن مصر لم تكن بحاجة إلى إصدار مثل هذا القانون، لوجود مجموعة من التشريعات، كونت مجموعة متشابكة من الحصار حول الأموال غير المشروعة, محيي الدين علم الدين: دراسة حول قانون مكافحة غسل الأموال ص 2. ومن أنصار هذا الرأي أيضا في الجملة. أشرف توفيق شمس الدين: تجريم غسيل الأموال في التشريعات المقارنة، دار النهضة العربية 2001م، رقم 123 ص 154-155، ورقم 126 و ص 158. ↑
- – اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. القانون رقم (20) لسنة 2019 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع اللائحة التنفيذية. الدوحة: اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، 2020، ص51. ↑
- – وفقًا للمادة (140) من قانون العقوبات القطري، تُعرّف الرشوة بأنها قيام موظف عام بطلب أو قبول مال أو منفعة أو وعد بشيء من ذلك، لنفسه أو لغيره، للقيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته، أو للإخلال بواجباتها. يشمل ذلك الحالات التي يقوم فيها الموظف بطلب أو قبول الرشوة، حتى لو كان العمل المطلوب خارج نطاق اختصاصه، طالما أن الجاني يعتقد خطأً أو يوهم الآخرين بأن العمل من اختصاصه. ↑
- – تتفاوت العقوبات المقررة لجريمة الرشوة في القانون القطري بناءً على طبيعة الفعل المرتكب:
- المادة (141): يعاقب الموظف العام الذي يطلب أو يقبل رشوة للقيام بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه بالحبس لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وبغرامة تعادل ما أُعطي أو وُعد به، على ألا تقل عن خمسة آلاف ريال قطري.
- المادة (142): إذا كان الغرض من الرشوة الإخلال بواجبات الوظيفة، تكون العقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف ريال قطري.
- المادة (143): يعاقب كل من عرض رشوة ولم تُقبل منه بالعقوبة المقررة للراشي، أي: بالحبس والغرامة المذكورتين في المواد السابقة.
وفي إطار تعزيز مكافحة الفساد والرشوة، تم إدخال تعديلات على قانون العقوبات القطري بموجب القانون رقم (2) لسنة 2020. شملت هذه التعديلات تشديد العقوبات على بعض الجرائم، وتوسيع نطاق التجريم ليشمل أفعالاً وسلوكيات جديدة تهدف إلى مكافحة الفساد بجميع أشكاله. ↑
- – المجلس الأعلى للقضاء، محكمة التمييز القطرية. (2022). أحكام تمييز جنائية 2022، من إعداد القاضي / مصطفى عبد المجيد البدويهي، والقاضي د.ثقيل بن ساير الشمري، لمكتب الفني لمحكمة التمييز، ص 40. ↑
- – المادة (148): يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تجاوز عشر سنوات، كل موظف عام اختلس أموالًا، أو أوراقًا أو غيرها، وجدت في حيازته بسبب وظيفته. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سبع سنوات ولا تجاوز خمس عشرة سنة، إذا كان الجاني من الأمناء على الودائع، أو الصيارفة، أو كان مكلفًا بتحصيل الغرامات، أو الرسوم، أو الضرائب، أو نحوها، وسُلِّم إليه المال بهذه الصفة. ↑
- – تتفاوت العقوبات المقررة لجريمة الاختلاس في القانون القطري بناءً على طبيعة الفعل المرتكب:
المادة (149): يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات، كل موظف عام استولى بغير حق على أموال، أو أوراق، أو غيرها مملوكة للدولة، أو لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون، أو سهّل ذلك لغيره.
المادة (150): يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات، كل موظف عام أضر عمدًا بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها، أو بأموال الغير أو مصالحه المعهود بها إلى تلك الجهة.
المادة (151): يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات، كل موظف عام تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها، أو بأموال الغير أو مصالحه المعهود بها إلى تلك الجهة، وكان ذلك ناشئًا عن إهمال في أداء وظيفته، أو إخلال بواجباتها، أو إساءة استعمال السلطة. ↑
- – المادة (3) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب القطري رقم (20) لسنة 2019. ↑
- – المجلس الأعلى للقضاء، محكمة التمييز القطرية. (2022). أحكام تمييز جنائية 2022، مرجع سابق، ص15. ↑
- – ↑
- – الطعن رقم 803 لسنة 2022، بتاريخ 10 أكتوبر 2022، المجلس الأعلى للقضاء، محكمة التمييز القطرية. (2022). أحكام تمييز جنائية 2022، مرجع سابق، ص 228 ↑
- – المادة (18) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. ↑
- – الشاذلي، فتوح عبد الله (1428هـ)، جرائم التعزير المنظمة في المملكة العربية السعودية، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية، ص 105-106 ↑
- – المادة (19) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. ↑
- – دحام، خالد خضير (2015)، تجريم الكسب غير المشروع ومبدأ البراءة دراسة مقارنة، مجلة رسالة الحقوق السنة 7، العدد 2، ص 158. ↑
- – دولة قطر، مجلس الوزراء. اللائحة التنفيذية للقانون رقم (20) لسنة 2019 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (قرار مجلس الوزراء رقم 41 لسنة 2019). الدوحة، 2019. ↑
- – دولة قطر، مجلس الوزراء. اللائحة التنفيذية للقانون رقم (20) لسنة 2019 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (قرار مجلس الوزراء رقم 41 لسنة 2019). الدوحة، 2019. ↑
- فريد تومي وحيدرة سعدي، الظروف المؤثرة في العقوبة في قانون الفساد، مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد 9، العدد 3، الجزائر، ديسمبر 2018، ص337. ↑
- ساهر إبراهيم الوليد، الأحكام العامة في قانون العقوبات الفلسطيني، ج2، الجزاء الجنائي، ط2، 2012، ص166. ↑



