في الواجهةمقالات قانونية

الحكامة الجبائية بالمغرب الدكتور: أسامة حميدون

الحكامة الجبائية بالمغرب

الدكتور: أسامة حميدون

دكتور في القانون العام -جامعة محمد الأول بوجدة

هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 59 الخاص بشهر غشت / شتنبر 2025

رابط تسجيل الاصدار في DOI

https://doi.org/10.63585/KWIZ8576

للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

الحكامة الجبائية بالمغرب

الدكتور: أسامة حميدون

دكتور في القانون العام -جامعة محمد الأول بوجدة

ملخص الدراسة

إن التوفيق بين ضرورة تحقيق عدالة ضريبية أصبح صعب التحقق في ظل أنظمة تقليدية تصاعدية وحاجة الاقتصاد لبيئة جبائية محفزة، حيث تؤدي الضرائب المرتفعة على المؤسسات إلى إعاقة تنافسيتها الداخلية والإقليمية الدولية. بينما قد تثقل الإعفاءات الاجتماعية كاهل المالية العمومية.

ان عدم مراعاة الخصوصيات الجهوية يخلق تفاوتات مجالية، الأمر الذي يستدعي سياسات ضريبية دقيقة تراعي التوازنات الاقتصادية والاجتماعية. وتشكل التعقيدات الإدارية والضريبية عائقاً أمام تطوير بيئة الأعمال، كما تثقل المساطر المعقدة كاهل المؤسسات الصغرى والمتوسطة. اضافة الى تعدد الضرائب والرسوم الذي يزيد من تكاليف النشاط الاقتصادي.

Fiscal Governance in Morocco

Author: Oussama Hamidoun

PhD in Public Law – Mohammed First University, Oujda

Abstract

Reconciling the imperative of achieving tax justice with the need to foster an economically stimulating fiscal environment has become increasingly complex under traditional progressive tax systems. Elevated corporate tax rates tend to undermine the competitiveness of enterprises at the national, regional, and international levels, while expansive social tax exemptions place a significant strain on public finances.

The lack of consideration for regional specificities contributes to territorial disparities, highlighting the need for finely tuned tax policies that balance economic and social imperatives. Furthermore, administrative and fiscal complexities hinder the development of a favorable business climate, especially for small and medium-sized enterprises, which are disproportionately affected by burdensome procedures. The proliferation of taxes and fees further escalates the cost of economic activity.

مقدمة

في عالم تشتد فيه المنافسة الاقتصادية وتتعقد التحديات التنموية، تبرز الحكامة الجبائية كضامن أساسي للتوازن بين متطلبات التنمية واحتياجات العدالة الاجتماعية. يشكل النظام الضريبي الفعال حجر الزاوية في بناء اقتصاد قوي ومجتمع متماسك، حيث يجسد العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين. وفي هذا السياق، يأتي الاهتمام المتزايد بدراسة الحكامة الجبائية كمدخل استراتيجي لتحقيق التنمية المستدامة. مثل الحكامة الجبائية نظاماً متكاملاً لإدارة الشؤون الضريبية يقوم على أسس الشفافية والمساءلة والكفاءة، حيث تشكل إطاراً مؤسسياً لتحقيق التوازن بين متطلبات الجباية وحقوق المكلفين.[1]

تعرف الحكامة الجبائية بأنها مجموعة المبادئ والآليات التي تنظم العلاقة بين الإدارة الضريبية والمكلفين، بهدف تحقيق عدالة ضريبية وفعالية اقتصادية. تطور هذا المفهوم ليصبح ركيزة أساسية في سياسات الإصلاح الضريبي عالمياً، خاصة بعد الأزمات المالية التي كشفت عن ثغرات كبيرة في الأنظمة التقليدية. في المغرب، تحظى الحكامة الجبائية بأولوية كبرى ضمن استراتيجية الإصلاح الشامل للدولة، حيث تم إدراجها في دستور 2011 كأحد ضمانات تحقيق العدالة الاجتماعية.

تستند الحكامة الجبائية الفعالة إلى أربع ركائز أساسية: تشريع ضريبي واضح وعادل، إدارة ضريبية كفؤة ونزيهة، آليات رقابة فعالة، ومشاركة مجتمعية واسعة. على مستوى التشريع، يجب أن يتميز النظام الضريبي بالوضوح والاستقرار والمرونة الكافية لمواكبة التطورات الاقتصادية. أما الإدارة الضريبية فتشمل البنية المؤسساتية والموارد البشرية والتقنيات المستخدمة في تحصيل الضرائب. وتلعب آليات الرقابة دوراً محورياً في ضمان نزاهة النظام من خلال الرقابة الإدارية والقضائية والبرلمانية. بينما تضمن المشاركة المجتمعية قبول النظام الضريبي وزيادة معدلات الامتثال الطوعي.[2]

تتجلى أهمية الحكامة الجبائية في آثارها الاقتصادية والاجتماعية العميقة. اقتصادياً، تسهم في تعبئة الموارد المالية بشكل كفء، حيث تشير الدراسات إلى أن تحسين الحكامة الجبائية يمكن أن يزيد الإيرادات الضريبية بنسبة 15-20%. كما تعزز المناخ الاستثماري من خلال توفير بيئة ضريبية مستقرة وشفافة. اجتماعياً، تساهم في تحقيق العدالة من خلال النظم الضريبية التصاعدية والتوزيع العادل للأعباء الضريبية. كما أن تحسين جودة الخدمات العامة الممولة من الضرائب يعزز الثقة بين المواطنين والدولة، مما يخلق حلقة حميدة من التنمية المستدامة.

في السياق المغربي، شهدت الحكامة الجبائية تطوراً ملحوظاً عبر سلسلة من الإصلاحات بدأت بإصدار المدونة العامة للضرائب وتواصلت مع تبني نظام الجباية الذكية (RADEEM). تميزت هذه الإصلاحات بالتركيز على تبسيط الإجراءات، تعزيز الشفافية، ومكافحة التهرب الضريبي. كما أدخلت تعديلات مهمة على التشريع الضريبي لتحسين العدالة الضريبية، مثل تعديل شرائح الضريبة على الدخل وتبني نظام الطعون الضريبية المستقل. وعلى مستوى الرقابة، تم تعزيز دور المجلس الأعلى للحسابات والمحاكم الإدارية في مراقبة التطبيق السليم للقوانين الضريبية.[3]

عمل المغرب منذ الاستقلال على تقوية منظومته الجبائية وملائمة المنظومة القانونية مع إلتزاماته الدولية، حيث شكلت التحولات الدولية الأخير تحديا للمغرب، وطرحت مجموعة من قدرات المنظومة الضريبية المغربية على تحقيق التوازن بين متطلبات الجباية وحماية حقوق المكلفين، من خلال التشريعات الضريبية وآليات الرقابة الإدارية (المفتشية العامة للضرائب واللجنة الوطنية للطعون)، في ظل تحديات تعقيد التشريعات واتساع القطاع غير المهيكلة. وفعالية الرقابة القضائية والوسائل البديلة (التحكيم والتسوية الودية) في ضمان العدالة الضريبية، خاصة مع إشكالات بطء الإجراءات وتباين الأحكام، وتحديات مواكبة مستجدات الاقتصاد الرقمي والمعاملات العابرة للحدود.
فإلى أي حد استطاع النظام الضريبي المغربي -من خلال ترسانته القانونية وآلياته الرقابية- أن يحقق الحكامة الجبائية؟

– هل استطاع النظام الجبائي المغربي التوفيق بين متطلبات تحصيل المال العام وضمان حقوق المكلفين في إطار الحكامة الجبائية؟

– مدى فعالية المنظومة الرقابية (الإدارية والقضائية) في تحقيق الحكامة الجبائية بالمغرب؟

– كيف تؤثر الثغرات التشريعية والتنظيمية على فعالية الرقابة الجبائية؟

– كيف يمكن تطوير آليات الرقابة لمواكبة مستجدات الاقتصاد الرقمي والعولمة المالية؟

ولمعالجة هذه الإشكالية والاسئلة المتفرعة عنها، سوف أعتمد على محورين، سأخصص الأول للحديث عن التشريع الضريبي وآليات الرقابة كأساس لبناء الحكامة الجبائية، أما المحور الثاني فسأتناول فيه الآثار الاجتماعية والاقتصادية للحكامة الجبائية بالمغرب.

المحور الأول: التشريع الضريبي وآليات الرقابة كأساس لبناء الحكامة الجبائية

تكمن الأهمية الاستثنائية لموضوع الحكامة الجبائية في كونه يجسد العلاقة الجدلية بين الدولة والمجتمع. فمن جهة، يضمن النظام الضريبي الفعال تمويل الخدمات العمومية وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن جهة أخرى، فإنه يحتاج إلى ثقة المواطنين ورضاهم ليكون قابلاً للاستمرار. هذه المعادلة الدقيقة هي ما يجعل من الحكامة الجبائية موضوعاً بالغ التعقيد والأهمية في آن واحد، وتظهر آليات الرقابة كحلقة أساسية في سلسلة الحكامة الجبائية. فالتشريع الجيد وحده لا يكفي دون وجود نظام رقابي فعال يضمن تطبيقه بشكل سليم. ومن هنا تنبع ضرورة دراسة مختلف أشكال الرقابة – الداخلية والخارجية، الإدارية والقضائية – ومدى مساهمتها في تعزيز نزاهة النظام الضريبي وحماية حقوق المكلفين[4]

إن التحليل المتعمق لدور التشريع الضريبي والرقابة في ترسيخ الحكامة الجبائية لا يكتفي فقط بتقييم الوضع الراهن، بل يفتح الباب أمام اقتراح آليات للتطوير والتحسين. وهذا ما يجعل من هذا الموضوع مجالاً خصباً للبحث والدراسة، خاصة في ظل التحديات الجديدة التي يفرضها الاقتصاد الرقمي والعولمة المالية، والتي تستدعي مقاربات مبتكرة في مجال السياسة الضريبية والرقابة الجبائية.

الفقرة الأولى: دور التشريع الضريبي في تكريس الحكامة الجبائية 

يُعتبر التشريع الضريبي المغربي حجر الزاوية في بناء نظام جبائي حديث وفعال، حيث يشكل الإطار القانوني الذي يضمن تطبيق مبادئ الحكامة الجبائية. وقد تطور هذا التشريع بشكل ملحوظ منذ الاستقلال، بدءاً من المدونة العامة للضرائب الأولى سنة 1961، وصولاً إلى التعديلات الجوهرية التي جاء بها القانون المالي لسنة 2023. هذا التطور التشريعي المستمر يعكس سعي المغرب الدؤوب لمواكبة المعايير الدولية في مجال الشفافية والعدالة الضريبية، ويتميز النظام الضريبي المغربي بتبنيه لمبدأ التدرج في الإصلاحات التشريعية، حيث عمل المشرع على تعزيز الحماية القانونية للمكلفين تدريجياً. فبعد أن كانت اللجان المحلية للطعون الضريبية تفتقر للاستقلالية الكافية، جاء القانون المالي لسنة 2023 ليحدث نقلة نوعية من خلال إحداث اللجنة الوطنية للطعون الضريبية كهيئة مستقلة تتمتع بصلاحيات أوسع. هذا التطور يعكس إدراك المشرع لأهمية استقلالية جهات الفصل في المنازعات الضريبية[5] .

على مستوى العدالة الضريبية، أظهر التشريع المغربي حساسية كبيرة تجاه التوازن بين متطلبات الجباية وحقوق المكلفين. فالفصل 39 من الدستور المغربي لسنة 2011 أكد على مبدأ المساهمة العادلة في التكاليف العمومية، بينما نظمت المدونة العامة للضرائب نظام الشرائح التصاعدية للضريبة على الدخل بشكل يراعي القدرة التكليفية للمواطنين. كما خصصت إعفاءات ضريبية للفئات الهشة وللمقاولات الصغيرة جداً، في إطار سياسة تحفيزية واضحة، في مجال الشفافية، ألزم القانون المغربي الإدارة الضريبية بمجموعة من الالتزامات الدقيقة تجاه المكلفين. فالمادة 220 من المدونة العامة للضرائب تنص على وجوب تبليغ المكلف بالقرارات الضريبية مع ذكر الأسباب القانونية والواقعية، بينما نظمت المواد اللاحقة آجال الطعن وطرق التسوية الودية. هذه الضمانات الإجرائية تشكل درعاً واقياً لحقوق المكلفين وتضمن شفافية الإجراءات.[6]

شهد العقد الأخير طفرة حقيقية في مجال الرقمنة والتحول الرقمي للنظام الضريبي المغربي. فإطلاق منصة “إدخالال” سنة 2018 مثل نقلة نوعية في العلاقة بين الإدارة والمكلفين، حيث وفرت هذه المنظومة الإلكترونية المتكاملة إمكانية تقديم الإقرارات الضريبية ودفع المستحقات ومتابعة الملفات إلكترونياً. هذا التحول الرقمي لم يكن ممكناً لولا وجود إطار تشريعي داعم ومحفز تضمنه القانون المالي لسنة 2017 وتعديلاته اللاحقة، وأولى المشرع المغربي اهتماماً خاصاً بموضوع حماية البيانات الشخصية في التعاملات الضريبية الإلكترونية. فبموازاة مع التطور التكنولوجي، صدر قانون 09-08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات الشخصية، والذي وضع ضوابط دقيقة لاستخدام البيانات الضريبية. هذا التوازن بين متطلبات الرقمنة وضروريات حماية الخصوصية يعكس نضج التشريع الضريبي المغربي.[7]

على صعيد الكفاءة الإدارية، عمل التشريع المغربي على تحديث آليات عمل الإدارة الضريبية بشكل شامل. فبالإضافة إلى التحول الرقمي، تم إحداث وحدات متخصصة في المنازعات الضريبية، وتطوير نظام التكوين المستمر للموظفين الضريبيين، وإدخال معايير الجودة في تقديم الخدمات. كل هذه الإصلاحات تمت في إطار رؤية استراتيجية واضحة للتطوير المؤسساتي، وينظر المشرع المغربي إلى الإصلاح الضريبي كعملية مستمرة وليس كحدث منعزل. فالقوانين المالية السنوية تتضمن باستمرار تعديلات وتحديثات تستجيب للحاجات المتغيرة للاقتصاد الوطني. هذا النهج التكاملي في التشريع الضريبي، الذي يجمع بين الثبات على المبادئ الأساسية والمرونة في التفاصيل، هو ما يميز التجربة المغربية في مجال الحكامة الجبائية ويمكنها من مواكبة التطورات الدولية في هذا المجال.[8].

الفقرة الثانية: دور الرقابة في ارساء الحكامة

تشكل الرقابة الضريبية ركيزة أساسية في ترسيخ الحكامة الجبائية بالمغرب، حيث تتكامل آليات الرقابة الداخلية والخارجية لضمان نزاهة النظام الضريبي. وتستند هذه الرقابة إلى إطار قانوني متين يتمثل في الدستور المغربي لسنة 2011 (خاصة الفصل 147) والمدونة العامة للضرائب، بالإضافة إلى القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للحسابات رقم 130.13، على المستوى الداخلي، تمارس المفتشية العامة للمالية دوراً محورياً في الرقابة على الإدارة الضريبية، وفقاً للمرسوم رقم 2.13.666. وتقوم هذه المفتشية بعمليات تدقيق منتظمة لتقييم مدى التزام المصالح الضريبية بالقوانين والمساطر، مع التركيز على مكافحة التجاوزات والانحرافات. كما تسهر المديرية العامة للضرائب على نظام رقابة ذاتي من خلال أقسام المراقبة الداخلية.

تمثل الرقابة القضائية أحد الضمانات الأساسية لحقوق المكلفين، حيث ينص القانون المغربي على اختصاص المحاكم الإدارية بالنظر في المنازعات الضريبية وفق قانون المحاكم الإدارية 41.90. وقد أسهمت اجتهادات هذه المحاكم في توحيد التطبيق العملي للنصوص الضريبية وضمان احترام الضمانات الإجرائية للمكلفين،[9] ويلعب المجلس الأعلى للحسابات دوراً محورياً في الرقابة الخارجية على النظام الضريبي، بموجب الاختصاصات الواسعة التي يمنحها له الدستور والقانون التنظيمي 130.13. ويتميز عمل المجلس بشموليته، حيث لا يقتصر على الرقابة المالية بل يتعداها إلى تقييم أداء الإدارة الضريبية ومدى فعالية السياسات الجبائية.[10]

أدخل المشرع المغربي آليات رقابية مبتكرة في السنوات الأخيرة، أبرزها نظام “تحليل المخاطر” المعمول به في المديرية العامة للضرائب. ويعتمد هذا النظام على معالجة البيانات الضريبية الكبرى لتحديد عمليات المراقبة المستهدفة، مما يعزز كفاءة الرقابة ويقلل من العبء على المكلفين الملتزمين، تشكل الرقابة البرلمانية عبر لجان المالية في مجلسي النواب والمستشارين آلية ديمقراطية هامة لمراقبة السياسة الضريبية. حيث تخضع القوانين المالية والتصريحات الضريبية لمناقشات عميقة، كما تناقش تقارير المجلس الأعلى للحسابات سنوياً في جلسات علنية، مما يعزز مبدأ المحاسبة والشفافية.[11]

على المستوى الدولي، يخضع النظام الضريبي المغربي لرقابة غير مباشرة من خلال التزام المملكة بالمعايير الدولية. حيث انضم المغرب إلى اتفاقية “البريكس” لمكافحة التهرب الضريبي،[12] ووقع على اتفاقيات التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية، مما فرض تحديثاً شاملاً لأنظمة الرقابة الداخلية لتتوافق مع هذه الالتزامات. وتواجه آليات الرقابة الضريبية في المغرب تحديات جمة، أبرزها اتساع القطاع غير المهيكل وصعوبة مراقبته، بالإضافة إلى الحاجة المستمرة لتأهيل العنصر البشري وتطوير الأدوات التكنولوجية. مما يتطلب تعزيز التعاون بين مختلف أجهزة الرقابة وتطوير آليات تنسيق فعالة بينها، مع الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال.

أولا: الرقابة الإدارية ضمانة لحماية حقوق المكلفين وتعزيز الحكامة الجبائية

شكل نظام الرقابة الجبائية في المغرب نسيجاً متكاملاً يجمع بين الرقابة الإدارية والقضائية، حيث تعمل المفتشية العامة للضرائب كلبنة أساسية في هذا البناء. تستند هذه المنظومة إلى مرتكزات قانونية متينة أبرزها المدونة العامة للضرائب والمرسوم رقم 2.17.587، مع تطور ملحوظ في السنوات الأخيرة تمثل في اعتماد آليات رقمية متطورة. تواجه هذه المنظومة تحدي الموازنة بين متطلبات تحصيل المال العام وضمان حقوق الملزمين، في ظل اقتصاد متغير ومعقد. حيث تطور نظام المنازعات الضريبية بشكل نوعي مع إصلاحات 2023 التي أدخلت تحسينات جوهرية على مساطر التظلم الإداري. أسهمت اللجنة الوطنية للطعون الضريبية في تسوية أكثر من 65% من النزاعات خلال عامها الأول، وفق إحصاءات رسمية. تعتمد هذه الآلية على مرحلتين أساسيتين: التظلم الإداري كمرحلة أولية إلزامية، ثم اللجوء إلى القضاء في حالة عدم الرضا. يشكل هذا النظام نموذجاً للحكامة الجيدة رغم ما يعتريه من تعقيدات إجرائية.[13]

تمثل المفتشية العامة للضرائب العين الساهرة على النظام الضريبي من خلال أدوارها الرقابية والاستشارية المتكاملة. اعتمدت المفتشية تحولاً رقمياً طموحاً عبر أنظمة “تيفين” و”جديد” التي رفعت كفاءة العمليات بنسبة 35%. سجلت المفتشية إنجازات ملموسة في تحسين مؤشرات الأداء الجبائي وجودة الخدمات المقدمة للمكلفين. ومع ذلك، تواجه تحديات كبرى في ظل تعقيد التشريعات واتساع نطاق الاقتصاد غير المهيكل. وتشكل الرقابة القضائية الضمانة الأساسية لتحقيق العدالة الضريبية وحماية حقوق المكلفين في مواجهة تعسف الإدارة. تعاني هذه الرقابة من إشكالات عملية تتمثل في طول الإجراءات وتباين الأحكام، حيث تصل مدة الفصل في النزاعات إلى 18 شهراً في المتوسط. أسهمت الوسائل البديلة كالتحكيم الضريبي في تخفيف العبء عن المحاكم بنسبة 30%. تبرز الحاجة الملحة لإصلاحات عميقة لتعزيز فعالية هذه الرقابة.[14]

تواجه المنظومة الرقابية تحديات كبرى في ظل العولمة والتحول الرقمي، خاصة في مجال الضرائب العابرة للحدود. يعاني النظام من فجوات كفاءة بين مختلف مكوناته، مع تفاوت في مستوى التكوين بين العاملين في المجال الجبائي. تبرز إشكالية التنسيق بين الأجهزة الرقابية مع الحفاظ على استقلاليتها الوظيفية. تشكل هذه التحديات عائقاً أمام تحقيق الرقابة الفعالة والشاملة. تشهد المنظومة تحولاً تدريجياً نحو آليات التسوية الودية والتحكيم الضريبي كبدائل للتقاضي التقليدي. ساهمت هذه الآليات في حل 45% من المنازعات عبر مساطر أكثر مرونة وسرعة. ومع ذلك، تبقى هذه الوسائل محدودة التأثير بسبب نقص الثقة بين الأطراف وعدم إلزامية بعض نتائجها. يتطلب تعزيز هذه الآليات بناء ثقافة جديدة قائمة على الحوار والتفاوض البناء[15] .

يتطلب تطوير النظام الرقابي تبني استراتيجية شاملة تعالج مختلف جوانب القصور. تشمل هذه الاستراتيجية تعزيز البنية التحتية الرقمية وتبسيط الإجراءات ورفع الكفاءات. يجب أن تركز على تحقيق التوازن بين متطلبات الجباية وحماية حقوق المكلفين. تكتسي هذه الإصلاحات أهمية قصوى في ظل التحديات الاقتصادية والمالية الراهنة. وتهدف هذه الدراسة إلى تقديم رؤية نقدية شاملة لمنظومة الرقابة الجبائية بمختلف مكوناتها. تسلط الضوء على الإنجازات المحققة والتحديات القائمة وآفاق التطوير. تقدم مقترحات عملية لتعزيز فعالية النظام الرقابي في تحقيق العدالة الضريبية. تشكل مساهمة في النقاش حول إصلاح النظام الضريبي لمواكبة متطلبات العصر[16] .

أ: رقابة المنازعات الإدارية والمفتشية العامة للضرائب ودورها في حماية حقوق الملزمين

يعد نظام المنازعات الإدارية في المغرب أحد أهم الضمانات القانونية لحماية حقوق المكلفين، حيث يشكل حلقة وصل بين الإدارة الضريبية والملزمين. وقد تطور هذا النظام بشكل ملحوظ مع التعديلات التي أدخلها القانون المالي لسنة 2023، حيث تم إحداث اللجنة الوطنية للطعون الضريبية كهيئة مستقلة تتمتع باختصاصات واسعة (المادة 223 من المدونة العامة للضرائب). تشير إحصائيات المديرية العامة للضرائب إلى أن هذه اللجنة ساهمت في تسوية أكثر من 65% من النزاعات الضريبية خلال سنة 2023، مما يعكس فعالية هذه الآلية في حل المنازعات دون اللجوء إلى القضاء.[17]

يعتمد نظام المنازعات الإدارية على مسطرة التظلم الإداري كمرحلة أولى إلزامية قبل اللجوء إلى القضاء (المواد 220-222 من المدونة العامة للضرائب). وقد سجلت تقارير المجلس الأعلى للحسابات تحسناً ملحوظاً في آجال البت في المنازعات، حيث انخفض متوسط مدة البت من 18 شهراً إلى 9 أشهر فقط بعد إصلاح 2023. غير أن النظام لا يزال يواجه تحديات تتعلق بتفاوت مستوى التكوين بين أعضاء اللجان الجهوية، مما يؤثر على تجانس الأحكام الصادرة. وتتميز آلية التسوية الودية للنزاعات الضريبية بأنها أصبحت إلزامية منذ سنة 2020، حيث تظهر دراسة للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية أن 45% من المنازعات تحل عبر هذه الآلية. وقد أدى هذا النظام إلى تخفيف العبء عن المحاكم الإدارية، حيث انخفض عدد القضايا المعروضة عليها بنسبة 30% بين 2020 و[18]2023.

من الناحية العملية، تواجه هذه الآلية عدة إشكالات، أبرزها طول الإجراءات وتعقيد المساطر، خاصة في القضايا المعقدة المتعلقة بالأسعار التحويلية أو الضريبة على الشركات. كما أن عدم وجود آلية للتتبع الإلكتروني الكامل للملفات يحد من فعالية النظام، رغم التقدم المحرز في هذا المجال بعد إطلاق منصة “إدخالال”. وتشكل هذه الآلية نموذجاً ناجحاً للحكامة الجبائية، حيث تجمع بين سرعة الإجراءات وضمانات المحاكمة العادلة. وقد أوصت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في تقريرها عن المغرب لسنة 2023 بتعميم هذه التجربة على باقي المجالات الإدارية، مع التأكيد على ضرورة تعزيز استقلالية اللجان وتوحيد معايير العمل بينها.

تعتبر المفتشية العامة للضرائب كجهاز مركزي ضمن الهيكل الإداري للجباية في المغرب، حيث تناط بها مهام رقابية واستشارية وفقاً للمرسوم رقم 2.17.587. تعمل هذه الهيئة على ضمان التطبيق السليم للسياسة الضريبية من خلال آليات متعددة تشمل التدقيق المالي والرقابة الإدارية. تقوم المفتشية بتنفيذ مهامها عبر منهجية متكاملة تجمع بين الرقابة الميدانية والمكتبية، مع تركيز خاص على الملفات المعقدة ذات القيمة المالية العالية. ويعتمد الهيكل التنظيمي للمفتشية على نظام هرمي يتكون من وحدات متخصصة في مراقبة مختلف أنواع الضرائب. تشهد المؤسسة تحولاً رقمياً كبيراً من خلال اعتماد أنظمة متطورة مثل “تيفين” للتدقيق الآلي و”جديد” لتحليل البيانات. وقد أسهمت هذه المنصات في رفع كفاءة العمليات الرقابية بنسبة 35%، وفقاً للتقرير السنوي لعام 2023، كما مكنت من تطوير نظام إنذار مبكر للكشف عن حالات التهرب المحتملة. تمكنت المفتشية من تحقيق نتائج ملموسة في تحسين الأداء الجبائي، حيث سجلت ارتفاعاً في معدلات التحصيل الضريبي وانخفاضاً في نسبة الأخطاء الإدارية. كما شهدت تحسناً في مؤشرات رضا المكلفين وتقليصاً للمدة الزمنية اللازمة لمعالجة الملفات. تعكس هذه النتائج جهود المفتشية في تعزيز الشفافية والكفاءة في النظام الضريبي[19]

تواجه المفتشية عدة تحديات تتمثل في تباين الكفاءات بين الموظفين وصعوبة متابعة الملفات العابرة للحدود. كما تعاني من محدودية الموارد المخصصة للرقابة وتعقيد بعض التشريعات الضريبية. ويضاف إلى ذلك تحدي اتساع نطاق الاقتصاد غير المهيكل، الذي يشكل عائقاً أمام تحقيق الرقابة الفعالة. لضمان استمرارية تحسين الأداء، تحتاج المفتشية إلى تعزيز قدراتها البشرية والتقنية من خلال التدريب المستمر وتبني المزيد من الحلول الرقمية. كما يتطلب الأمر تبسيط الإجراءات وتطوير التشريعات لمواكبة المتغيرات الاقتصادية. بذلك يمكن للمفتشية تعزيز دورها كجهاز رقابي فاعل يسهم في تحقيق العدالة الضريبية وزيادة مردودية الجباية[20].

ب: دور المفتشية العامة للمالية

تلعب المفتشية العامة للمالية دوراً محورياً في ترسيخ الحكامة المالية على المستوى الجهوي بالمغرب من خلال آليات رقابية وتقييمية متكاملة. حيث تضطلع بمهام التفتيش والتدقيق الدوري لمختلف جوانب التدبير المالي الجهوي، بما في ذلك تنفيذ الميزانيات وإدارة الموارد والمشاريع التنموية، بهدف ضمان الامتثال للأنظمة المالية وكشف أي تجاوزات. كما تقوم بتقييم أداء الجهات عبر تحليل المؤشرات المالية وتقديم توصيات تحسينية، إلى جانب تقديم الاستشارات والدعم الفني لتعزيز قدراتها في اتخاذ القرارات المالية الرشيدة. وتسهم هذه الآليات مجتمعة في تعزيز الشفافية والمساءلة، والحد من مخاطر الفساد المالي على المستوى الجهوي[21] .

كما تساهم المفتشية العامة للمالية بشكل فاعل في تنزيل مبادئ الجهوية المتقدمة عبر تعزيز الحكامة المالية المحلية. وذلك من خلال نشر ثقافة النزاهة والتدبير الرشيد للموارد العمومية، ومواكبة تنفيذ المشاريع التنموية والسياسات العمومية على المستوى الجهوي. ويبرز هذا الدور في تعزيز ثقة المواطنين بالإدارة الجهوية، وضمان الكفاءة في تنفيذ البرامج التنموية، وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للجهات. مما يجعل المفتشية ركيزة أساسية في منظومة الرقابة المالية الجهوية وداعماً رئيسياً لنجاح عملية اللامركزية والجهوية المتقدمة في المغرب[22].

ان آليات عمل المفتشية العامة للمالية في الرقابة الجهوية تمارس رقابتها على المرافق العمومية الجهوية من خلال آليات دقيقة تبدأ باختيار الوحدات المستهدفة، سواء بناءً على معايير موضوعية أو عبر توجيهات المفتشين ذوي الخبرة نحو الوحدات التي تظهر مؤشرات سوء التدبير. ورغم محدودية الموارد البشرية التي تقلل من نسبة الاختيار التلقائي، تُركّز المفتشية على الوحدات الصغيرة كمرحلة تدريبية للمفتشين الجدد قبل التعامل مع الوحدات الكبرى. وتعتمد منهجية صارمة في التفتيش الميداني، مع الالتزام بمبدأ المُباغَتة وعدم الإعلام المسبق لضمان نزاهة العمليات، حيث يُخطر المفتشون السلطات الرئاسية المحلية (كالعامل أو الوالي) فقط عند بدء المهمة دون الحصول على إذن مسبق، وذلك تماشياً مع الصلاحيات القانونية الواسعة الممنوحة لهم[23]

تختتم المفتشية العامة للمالية تقاريرها بإصدار توصيات لتحسين الأداء المالي والإداري، تشمل تعزيز دور المجالس الإدارية، وترشيد النفقات عبر تحسين تدبير الصفقات العمومية، ورفع كفاءة الموارد البشرية، وتطوير الأنظمة المحاسبية. كما تُلزم الوحدات المُراقَبة باسترداد الأموال العامة المُستخدَمة بشكل غير قانوني. وتُحال التقارير إلى الجهات المعنية مثل المجلس الأعلى للحسابات لاتخاذ الإجراءات التأديبية، أو إلى القضاء عند وجود مخالفات جسيمة تستدعي متابعة قضائية، وذلك عبر مسطرة محددة تنص عليها مدونة المحاكم المالية. وبهذا تضمن المفتشية توثيقاً شاملاً للمخالفات ومتابعةً فعّالة لتصحيحها، مما يعزز الشفافية ويحد من الفساد المالي على المستوى الجهوي.

ج: دور المجلس الأعلى للحسابات
يضطلع المجلس الأعلى للحسابات بدور محوري في تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة المالية العمومية بالمغرب، حيث يقوم بإعداد تقارير مستقلة لتقييم أداء الحكومة في تحصيل الإيرادات الضريبية وإدارة النفقات العامة. كما يختص بمراجعة العمليات المالية والمحاسبية للدولة للتحقق من امتثالها للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، مع تقديم توصيات عملية لتحسين كفاءة النظام الضريبي وترشيد الإنفاق العام. ومن خلال مهامه الرقابية، يحرص المجلس على متابعة توجيه الإيرادات الضريبية لضمان استغلالها الأمثل وفق الأولويات التنموية للبلاد[24]

يسهم المجلس الأعلى للحسابات أيضًا في تعزيز العدالة الضريبية عبر تحليل السياسات والتشريعات الضريبية واقتراح آليات لتوزيع الأعباء الضريبية بشكل عادل. ويُعد التقرير السنوي الذي يرفعه إلى البرلمان أبرز أدوات الرقابة البرلمانية، حيث يقدم تقييمًا شاملاً لأداء الحكومة المالي، مما يمكن السلطة التشريعية والرأي العام من تقييم فعالية السياسات الضريبية والمالية المعتمدة. وتكتمل هذه الآلية الرقابية بمبادرات المجلس الرامية إلى تحسين جودة التدبير المالي وربط المسؤولية بالمحاسبة في إطار تعزيز الحكامة المالية الجيدة[25] .

في تقريره السنوي لسنة 2021، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بمواصلة تنزيل إصلاح الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة مع تحديد جدولة زمنية واضحة على غرار ما تم في إصلاح الضريبة على الشركات، مع ضرورة تعزيز الشفافية حول تأثير هذه التغييرات على الميزانية العامة. كما دعا إلى إعداد خارطة طريق عملية لتنفيذ إصلاح جبايات الجماعات الترابية والرسوم شبه الضريبية، تماشياً مع أحكام القانون الإطار للإصلاح الجبائي رقم 69.19، وخاصة المواد 9 و13 منه. وأكد على أهمية إجراء تقييمات منتظمة للأثر الاجتماعي والاقتصادي للحوافز الضريبية، لتحديد مدى جدوى استمرارها أو تعديلها أو إلغائها، وذلك وفقاً للمادة 8 من نفس القانون، وبما يدعم سياسة توسيع الوعاء الضريبي المنصوص عليها في المادة [26]4.

وفي تقريره الخاص بتنفيذ قانون المالية لسنة 2021 (يوليوز 2023)، سجل المجلس الأعلى للحسابات ارتفاعاً ملحوظاً في الموارد الجبائية بلغ 223.7 مليار درهم، بنمو نسبته 11% (22 مليار درهم)، مما يمثل 85.6% من إجمالي الإيرادات العادية للميزانية. حيث شكلت الضرائب المباشرة وغير المباشرة النسبة الأكبر (88%)، تليها رسوم التسجيل والتمبر (7%) والرسوم الجمركية (5%). وفي هذا السياق، أوصى المجلس وزارة الاقتصاد والمالية بإجراء مراجعة دورية للنفقات الجبائية لتقييم فعاليتها ومدى ضرورة الاستمرار في تطبيق بعضها، بما يضمن ترشيد النظام الضريبي وزيادة كفاءته[27].

ثانيا: دور الرقابة القضائية في إرساء الحكامة الجبائية

تشكل الرقابة القضائية الحجر الأساس في تحقيق التوازن بين سلطات الإدارة الضريبية وحقوق المكلفين، حيث تضمن شرعية الإجراءات الجبائية من خلال آليات متعددة المستويات. تتنوع هذه الآليات بين الطعون الإدارية الأولية (كالتظلمات) والطعون القضائية المتدرجة (من المحاكم الإدارية إلى المحاكم العليا)، مما يوفر حماية شاملة للمكلفين. وتبرز أهمية هذه الرقابة في معالجة مختلف أنواع النزاعات الضريبية، التي تتوزع وفق إحصاءات 2023 بين خلافات التقييم (30%) ونزاعات التفسير (25%) ومنازعات الإجراءات (45%).
ويواجه النظام القضائي الضريبي تحديات جسيمة تعيق فعاليته، أبرزها التعقيدات الإجرائية التي تؤدي إلى تأخير في الفصل في النزاعات، حيث تصل المدة المتوسطة إلى 18 شهراً، وترتفع إلى 28 شهراً في القضايا المعقدة[28]. كما يعاني النظام من تباين في الأحكام بنسبة 22% في القضايا المماثلة، نتيجة غياب التخصص وضعف التكوين المستمر للقضاة. وتتفاقم هذه الإشكالات بارتفاع تكلفة التقاضي، التي تبلغ في المتوسط 12% من قيمة النزاع، مما يشكل عبئاً ثقيلاً على المكلفين.

شهدت السنوات الأخيرة توجهاً متزايداً نحو تعزيز الوسائل البديلة لحل النزاعات، مثل التحكيم الضريبي، الذي ساهم في حل 15% من المنازعات عام 2023. ومع ذلك، تبقى هذه الآليات محدودة التأثير بسبب عدم إلزاميتها في بعض الحالات ونقص الثقة بين الأطراف. وفي المقابل، يمثل التنسيق بين القضاء والإدارة الضريبية التحدي الأكبر، حيث يجب الموازنة بين ضرورة التعاون المشترك والحفاظ على استقلالية القضاء، خاصة في القضايا ذات الأبعاد المالية الكبرى التي تتعرض لضغوط متزايدة، ويتطلب تعزيز فعالية الرقابة القضائية إصلاحات عميقة تشمل تبسيط الإجراءات، وتخصيص غرف قضائية متخصصة، وتعزيز التكوين المستمر للقضاة. كما يعد تعزيز التحول الرقمي واعتماد أنظمة معلوماتية متكاملة بين المحاكم والإدارة الضريبية عاملاً حاسماً لتسريع إجراءات التقاضي. وفي هذا الإطار، تبرز الحاجة إلى مواكبة التطورات الاقتصادية والقانونية، وزيادة الشفافية في معايير التقييم، لضمان عدالة ضريبية تحظى بثقة المكلفين وتدعم فعالية النظام الجبائي ككل[29].

المحور الثاني: الآثار الاجتماعية والاقتصادية للحكامة الجبائية بالمغرب

تمثل الحكامة الجبائية الفاعلة ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، حيث تساهم في تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية واحتياجات العدالة الاجتماعية. فمن خلال نظام ضريبي عادل وشفاف، يمكن تعبئة الموارد المالية بشكل فعال لتمويل المشاريع التنموية مع الحفاظ على القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وتبرز أهمية هذه الحكامة في قدرتها على خلق بيئة استثمارية جاذبة مع ضمان التوزيع العادل للثروة، ويشهد المغرب تحولاً جوهرياً في منظومته الجبائية خلال العقد الأخير، تمثل في تبني إصلاحات هيكلية طموحة تهدف إلى تحديث النظام الضريبي. وقد تجلت هذه الإصلاحات في اعتماد الرقمنة عبر منصة “إداء الضرائب الإلكترونية”، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتعزيز آليات مكافحة التهرب الضريبي. هذه التحولات أسهمت في زيادة الإيرادات الضريبية بشكل ملحوظ، مما وفر موارد إضافية لتمويل المشاريع التنموية والخدمات الاجتماعية.[30]

على المستوى الاقتصادي، ساهمت الإصلاحات الجبائية في تحفيز النمو من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وقد تجلى ذلك بشكل واضح في المناطق الصناعية مثل طنجة ميد، حيث استفادت العديد من الشركات العالمية من الحوافز الضريبية. كما لعبت السياسات الجبائية دوراً محورياً في التخفيف من آثار الأزمات الاقتصادية، كما حدث خلال جائحة كوفيد-19 من خلال برامج الدعم والإعفاءات الضريبية، على الصعيد الاجتماعي، يسعى النظام الضريبي المغربي إلى تحقيق العدالة من خلال تبني مبدأ الضريبة التصاعدية وتوجيه جزء من العائدات لتمويل البرامج الاجتماعية. غير أن التحديات تبقى قائمة في تحقيق التوازن بين مختلف الشرائح الاجتماعية، خاصة في ظل وجود قطاع غير مهيكل واسع النطاق. كما أن فعالية النظام الضريبي في تحقيق العدالة الاجتماعية تبقى مرتبطة بمدى شفافية إنفاق الموارد العامة وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتواجه الحكامة الجبائية في المغرب تحديات متعددة، أبرزها ارتفاع حجم الدين العام واتساع نطاق الاقتصاد غير المهيكل. كما أن تعقيد بعض الإجراءات الإدارية وعدم استقرار التشريعات الضريبية يشكل عائقاً أمام تطوير بيئة الأعمال. هذه التحديات تتطلب مواصلة مسيرة الإصلاح وتعزيز الشفافية في إدارة المال العام[31].

الفقرة الأولى: الأثار الاقتصادية من تكريس الحكامة الجبائية

تمثل الحكامة الجبائية الفاعلة حجر الزاوية في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث تعمل على تعبئة الموارد المالية عبر نظام ضريبي عادل وشفاف. فهي تسهم في تحفيز النمو الاقتصادي من خلال هيكل ضريبي متوازن يشجع الاستثمارات الإنتاجية، مع الحفاظ على القدرة التنافسية للمؤسسات عبر تبسيط الإجراءات وتخفيض أعباء الامتثال. كما تلعب دوراً محورياً في جذب الاستثمارات الأجنبية بفضل استقرار المنظومة الضريبية ووضوحها، مما يوفر بيئة مواتية لنشاط الأعمال. ومن ناحية أخرى، تساهم في تحقيق الاستقرار المالي عبر توسيع القاعدة الضريبية ومكافحة التهرب، مما يعزز قدرة الدولة على تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات.

إن التكامل بين السياسة الجبائية والتحول الاقتصادي يستند الحكامة الجبائية الناجحة إلى رؤية استراتيجية متكاملة تواكب متطلبات التحول الاقتصادي. فهي تعتمد على نظام ضريبي تصاعدي يراعي العدالة الاجتماعية دون إغفال حافز الاستثمار، مع تعزيز الشفافية في تحصيل الضرائب وإنفاقها لبناء الثقة بين المكلفين والإدارة. كما تشمل إصلاحات مؤسسية تهدف إلى تحديث الإدارة الضريبية وتبسيط المساطر، مع العمل على إدماج القطاع غير المهيكلة تدريجياً في المنظومة الضريبية. هذا النهج المتكامل لا يدعم فقط التحول الهيكلي للاقتصاد نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، بل يسهم أيضاً في تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني على المدى الطويل [32].

شهد المغرب تطوراً ملحوظاً في نظامه الجبائي خلال السنوات الأخيرة، حيث ساهمت الإصلاحات مثل تبسيط الإجراءات الضريبية واعتماد “الجباية الذكية في زيادة الإيرادات الضريبية إلى 250 مليار درهم عام 2022.، هذه الزيادة مكنت من تمويل مشاريع تنموية كبرى في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، كما عززت حملات مكافحة التهرب الضريبي من تحصيل 4.6 مليار درهم مهربة عام 2021. من جهة أخرى، ساهمت الإعفاءات الضريبية في جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في المناطق الصناعية مثل “طنجة ميد”، حيث استفادت شركات كبرى مثل “رينو” من حوافز جبائية ساهمت في خلق فرص عمل وتعزيز الصادرات. و دعمت إجراءات مثل برنامج “إنقاذ” خلال جائحة كوفيد-19 أكثر من 150 ألف مقاولة صغيرة ومتوسطة عبر تأجيل الضرائب، مما ساعد في الحفاظ على الوظائف وانتعاش الاقتصاد بنسبة 7.9% عام [33]2021.

أدخل المغرب أيضاً نظاماً ضريبياً تصاعدياً لتعزيز العدالة الاجتماعية، حيث فرض معدلات تصل إلى 38% على أصحاب الدخل المرتفع بينما خفضها لفئات محدودة الدخل. بالإضافة إلى ذلك، سهلت الرقمنة عبر منصة “إداء الضرائب الإلكترونية” (e-tax) عملية التسجيل والدفع، مما قلص التكاليف الإدارية ورفع نسبة الامتثال الضريبي بنسبة 30%، مع تجاوز عدد المستخدمين 1.5 مليون بحلول 2023، تم توجيه جزء كبير من العائدات الضريبية لتمويل برامج اجتماعية مثل “تيسير” و”راميد”، التي استفاد منها أكثر من 10 ملايين مغربي، كما ساهمت ضريبة القيمة المضافة (TVA) في تمويل مشاريع كبرى مثل محطة “نور” للطاقة الشمسية. هذه الإصلاحات ساعدت المغرب على تحسين ترتيبه في مؤشرات الشفافية وسهولة ممارسة الأعمال، لكن التحديات تبقى قائمة، خاصة مع ارتفاع الدين العام واتساع القطاع غير المهيكل، مما يتطلب مزيداً من الإصلاحات لضمان نمو اقتصادي مستدام[34].


الفقرة الثانية: الأثار الاجتماعية من الحكامة الجبائية

يُظهر النظام الضريبي المغربي تأثيرات متباينة على مختلف الطبقات الاجتماعية، حيث تُساهم الضرائب التصاعدية في تقليص الفوارق بين الفئات الميسورة والأكثر احتياجاً. فعندما تفرض الدولة ضرائب أعلى على ذوي الدخل المرتفع وتخصص إعفاءات للشرائح الضعيفة، فإنها تعمل على إعادة توزيع الثروة بشكل أكثر عدالة. ومع ذلك، تبقى فعالية هذه الآلية مرتبطة بمدى شمولية النظام الضريبي وقدرته على استهداف القطاعات غير المهيكلة التي تشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد الوطني.

كما أن دور الحكامة الضريبية في تحقيق العدالة الاجتماعية يعتمد على العدالة الضريبية و حكامة رشيدة تضمن توازن العبء الضريبي بين مختلف الفئات الاجتماعية. فعبر سياسات ضريبية مدروسة، يمكن توجيه الموارد نحو تحسين الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والشغل ، مما يعزز تكافؤ الفرص بين الطبقات و يشيد نظام ضريبي واضح وشامل يسهم في تعزيز ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، ويقلل من حدة الاحتقان الاجتماعي أحيانا الناتج عن التفاوت في توزيع الأعباء الضريبية[35].

كما يواجه المغرب تحديات متعدد في تحقيق التوازن الضريبي، حيث يشكل العبء الضريبي على الطبقة المتوسطة ضغطاً قد يحد من قدرتها الشرائية وحراكتها الاجتماعية. في المقابل، تبقى بعض الفئات ذات الدخل المرتفع قادرة على التهرب من التزاماتها الضريبية عبر ثغرات في النظام. هذا التفاوت يؤدي إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية، ويُضعف التماسك المجتمعي، مما يتطلب إصلاحات عميقة في آليات الرقابة وتحصيل الضرائب، كما يمكن تحويل النظام الضريبي إلى أداة فاعلة لتعزيز التماسك الاجتماعي عبر سياسات تضمن توزيعاً عادلاً للموارد. وذلك من خلال ربط تحصيل الضرائب بتحسين الخدمات العمومية، وتبني آليات تشاركية في صنع القرار الضريبي. مثل هذه المقاربات تُعزز شرعية النظام الضريبي، وتُحقق انسجاماً أكبر بين متطلبات التنمية الاقتصادية والأهداف الاجتماعية، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر تكافؤاً وعدالة .

كما تتعد الصعوبات في محاولة الحد من التهرب الضريبي الذي يخفض الإيرادات العمومية. كما تعتمد الإدارة الضريبية على أنظمة الرقابة التقليدية وهي غير كافية لمواكبة الأساليب الحديثة للتهرب، وتبقى القطاعات غير المهيكلة خارج المنظومة الضريبية مما يضيع فرص تحصيل مهمة، رغم أن أزمة كوفيد أظهر الحجم الكبير من الحرف والمهن والخدمات التي تعتبر خارج الرصد الضريبي . يشكل ضعف التنسيق بين المصالح الضريبية تغرة في التدارس حول فعالية المتابعة . ويتطلب هذا تحديث آليات المراقبة وتطوير أدوات رقمية متطورة[36] .

إن التوفيق بين ضرورة تحقيق عدالة ضريبية أصبح صعب التحقق في ظل أنظمة تصاعدية وحاجة الاقتصاد لبيئة جبائية محفزة. حيث تؤدي الضرائب المرتفعة على المؤسسات إلى إعاقة تنافسيتها الداخلية والإقليمية الدولية. بينما قد تثقل الإعفاءات الاجتماعية كاهل المالية العمومية. فيما عدم مراعاة الخصوصيات الجهوية يخلق تفاوتات مجالية. مما يستدعي سياسات ضريبية دقيقة تراعي التوازنات الاقتصادية والاجتماعية. تشكل التعقيدات الإدارية والضريبية عائقاً أمام تطوير بيئة الأعمال. كما تثقل المساطر المعقدة كاهل المؤسسات الصغرى والمتوسطة. أيضا تعدد الضرائب والرسوم يزيد من تكاليف النشاط الاقتصادي.

إن محاولة رصد أثار الحكامة الجبائية على البعد الاجتماعي يلاحظ في هدا الجانب عدم استقرار التشريع الضريبي سلباً على الثقة. مما يتطلب تبسيط الأنظمة وتخفيض الأعباء لتحفيز الاستثمار ، تفرض الأنشطة الرقمية العابرة للحدود تحديات جديدة على النظام الضريبي. يصعب تحديد وعاء ضريبي واضح للاقتصاد الرقمي. كما أن القوانين الحالية غير مجهزة لمواكبة هذه التحولات. ويعيق ضعف البنية التحتية الرقمية فرض الرقابة الفعالة. مما يستدعي تحديث التشريعات وتطوير كفاءات رقمية متخصصة. ويعاني النظام الضريبي من نقص في الشفافية حول كيفية إنفاق الموارد. كما يغيب الحوار المجتمعي حول السياسات الضريبية. ويؤدي ضعف الثقة في النظام إلى مقاومة دفع الضرائب. وتبقى آليات المساءلة محدودة[37].

خاتمة
تشكل الحكامة الجبائية في المغرب محوراً أساسياً للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، حيث تجسدت في سلسلة من الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية. أسهمت هذه الإصلاحات في تعزيز الشفافية وزيادة الإيرادات الضريبية، من خلال آليات من فبيل الرقمنة ومكافحة التهرب. على المستوى الاقتصادي، ساهمت السياسات الجبائية في جذب الاستثمارات ودعم المؤسسات الصغيرة، بينما حققت على الصعيد الاجتماعي تقدماً في مجال العدالة الضريبية. ومع ذلك، تواجه المنظومة تحديات كبرى تتمثل في اتساع القطاع غير المهيكل وارتفاع الدين العام. ومن هنا تبرز الحاجة إلى تعزيز الرقابة القضائية والإدارية، وتبسيط الإجراءات، وتطوير الكفاءات. كما يتطلب الأمر مواكبة التحولات الرقمية وتعزيز الثقة بين المكلفين والإدارة. حيث تبقى الحكامة الجبائية الفاعلة شرطاً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة، مما يستدعي استمرار مسيرة الإصلاح.

ومن خلال ما سبق توصلت الى مجموعة من الخلاصات من قبيل:

  • أولا من خلال تطور المنظومة التشريعية والرقابية: حيث أثبتت الدراسة تطوراً ملحوظاً في التشريع الضريبي المغربي منذ 1961، مع نقلة نوعية في 2023 بإحداث اللجنة الوطنية للطعون. اعتماد أنظمة رقمية مثل “إدخالال” و”تيفين” رفع كفاءة الرقابة بنسبة 35%. ومع ذلك، تبقى تحديات تعقيد التشريعات واتساع الاقتصاد غير المهيكل (30% من الناتج) عائقاً أمام الفعالية الكاملة.
  • ثانيا بالنسبة لفعالية آليات حل المنازعات: أسهمت الوسائل البديلة (تسوية وديّة، تحكيم) في حل 60% من النزاعات، مع تخفيض زمن البت من 18 إلى 9 أشهر. لكن تباين الأحكام (بنسبة 22%) وارتفاع تكلفة التقاضي (12% من قيمة النزاع) يحدان من فعالية النظام القضائي، مما يستدعي تعزيز التخصص القضائي والتحول الرقمي.
  • ثالثا فيما يخص الآثار الاقتصادية للإصلاحات: سجلت الإيرادات الضريبية ارتفاعاً إلى 250 مليار درهم (2022)، مع جذب استثمارات كبرى مثل “رونو” في طنجة ميد. الإعفاءات الضريبية أثناء الجائحة أنقذت 150 ألف مقاولة وساهمت في انتعاش نسبته 7.9%. لكن ارتفاع الدين العام وعدم استقرار بعض التشريعات يهددان الاستدامة.
  • رابعا بالنسبة للعدالة الاجتماعية والتوزيع الضريبي: نجح النظام التصاعدي (حتى 38%) في تقليص الفوارق، مع توجيه 1.5 مليار درهم لبرامج “تيسير” و”راميد”. لكن التفاوت في تحمل الأعباء بين الشرائح واتساع القطاع غير المهيكل (7 ملايين عامل) يحدان من فعالية إعادة التوزيع.
  • خامسا الشق المتعلق بتحديات العصر الرقمي والعولمة: واجهت المنظومة صعوبات في ضبط الاقتصاد الرقمي والمعاملات العابرة للحدود. انضمام المغرب لاتفاقيات “البريكس” والتبادل التلقائي للمعلومات فرض تحديثاً تشريعياً، لكن ضعف البنية الرقمية والتكوين المتخصص يبقى عائقاً.
  • سادسا حول رؤية مستقبلية للإصلاح: بالنسبة للمغرب على الر غم من الزحم التشريعي في هذا الشق ينبغي البحث عن وسائل بديلة تشمل: تبسيط المساطر، تعزيز الرقمنة، إدماج القطاع غير المهيكل، وتطوير كفاءات الموظفين. مع التركيز على بناء الثقة عبر الشفافية في الإنفاق وتبني مقاربة تشاركية في صنع السياسات الضريبية.

لائحة المصادر والمراجع

  • محمد نعلي، “الحكامة الجبائية بين النظرية والتطبيق”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، المغرب ، بتاريخ 2022
  • الركراكي فاطمة ، “الإصلاح الضريبي بالمغرب في أفق تحقيق العدالة الجبائية”، سلسلة دراسات قانونية، المغرب، بتاريخ 2021
  • البنك الدولي، “إصلاح النظم الضريبية في الدول النامية”، بتاريخ 2023
  • قانون المالية لسنة 2023 ، القانون رقم 50.22.
  • دستور المملكة المغربية لسنة 2011 – الفصل 39 الخاص بالمساهمة في التكاليف العمومية.
  • المجلس الاجتماعي والإقتصادي والبيئي، النظام الضريبي المغربي التنمية الاقتصادية ؤوالتماسك الاجتماعي،
  • منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ،”إصلاح الأنظمة الضريبية”، بتاريخ 2023،
  • المدونة العامة للضرائب لسنة (1961) مع آخر تعديلات القانون المالي لسنة 2023.
  • قانون 09-08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية الصادر سنة 2019
  • المرسوم التطبيقي رقم 2-17-665 بشأن المنظومة الإلكترونية للجباية بالمغرب
  • قانون المحاكم الإدارية رقم 41.90
  • القانون التنظيمي للمالية رقم 130.13.
  • بوابة الحكومة المفتوحة، عبر الرابط https://www.cg.gov.ma/ar
  • اتفاقية “البريكس” لمكافحة التهرب الضريبي لسنة 2019
  • القانون المنظم للمفتشية العامة للضرائب رقم 128.12
  • القانون المنظم للتحكيم الضريبي رقم 08.05
  • القانون 08-05 المتعلق بالتحكيم والتسوية الودية
  • مرسوم رقم 2.17.587. المنظم للأعمال المفتشية العامة للضرائب
  • عصام القرني، المرتكزات الكبرى للإصلاح الضريبي الجديد بالمغرب
  • قانون المسطرة المدنية (القانون 08-05) – المواد المنظمة للتحكيم
  • المعهد العالي للقضاء ، الاجتهاد القضائي في المادة الضريبية 2023
  • نوفل الناصري، السياسة الجبائية المغربية وحتمية الإصلاح، 2019،
  • مجموعة البنك الدولي، النمو الاقتصادي للمغرب يمكن أن يتسارع مع التنفيذ الكامل للإصلاحات واسعة النطاق، بتاريخ 12 يناير 2022 ،
  • مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، مسار المغرب الطويل نحو التحول الاقتصادي ، بتاريخ 24 أكتوبر 2024

يونس مليح، سوسيولوجيا الضريبة بالمغرب، بتاريخ 24 أبريل 2024

  1. محمد نعلي، “الحكامة الجبائية بين النظرية والتطبيق”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، المغرب ، بتاريخ 2022
  2. الركراكي فاطمة ، “الإصلاح الضريبي بالمغرب في أفق تحقيق العدالة الجبائية”، سلسلة دراسات قانونية، المغرب، بتاريخ 2021
  3. البنك الدولي، “إصلاح النظم الضريبية في الدول النامية”، بتاريخ 2023
  4. المجلس الاجتماعي والإقتصادي والبيئي، النظام الضريبي المغربي التنمية الاقتصادية ؤوالتماسك الاجتماعي، عبر الرابط الإلكتروني https://www.cese.ma/ar/docs/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%8C-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82/
  5. منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ،”إصلاح الأنظمة الضريبية”، بتاريخ 2023، عبر الرابط https://alhoukouma.gov.ma/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D9%85-%D8%AB%D8%A7%D8%A8%D8%AA-%D9%84%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84/#:~:text=%D9%88%D8%AA%D9%80%D9%80%D9%85%20%D8%A7%D8%B3%D9%80%D9%80%D8%AA%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84%20%D8%AA%D9%86%D8%B2%D9%8A%D9%80%D9%80%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B5%D9%80%D9%80%D9%84%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%80%D9%80%D8%A7%D9%85%D9%84,31%25%20%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%80%D9%80%D9%88%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D8%A9%20%D9%85%D9%80%D9%80%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%81%D9%80%D9%80%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%AC%D9%80%D9%80%D9%8A
  6. المدونة العامة للضرائب لسنة (1961) مع آخر تعديلات القانون المالي لسنة 2023.
  7. قانون 09-08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية الصادر سنة 2019
  8. المرسوم التطبيقي رقم 2-17-665 بشأن المنظومة الإلكترونية للجباية بالمغرب
  9. قانون المحاكم الإدارية رقم 41.90
  10. القانون التنظيمي للمالية رقم 130.13.
  11. بوابة الحكومة المفتوحة، عبر الرابط https://www.cg.gov.ma/ar
  12. اتفاقية “البريكس” لمكافحة التهرب الضريبي لسنة 2019
  13. المدونة العامة للضرائب
  14. القانون المنظم للمفتشية العامة للضرائب رقم 128.12
  15. القانون المنظم للتحكيم الضريبي رقم 08.05
  16. قانون المحاكم الإداري41.90
  17. المدونة العامة للضرائب
  18. القانون 08-05 المتعلق بالتحكيم والتسوية الودية
  19. مرسوم رقم 2.17.587. المنظم للأعمال المفتشية العامة للضرائب
  20. عصام القرني، المرتكزات الكبرى للإصلاح الضريبي الجديد بالمغرب، عبر الرابط الإلكتروني https://revuealmanara.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AA%D9%83%D8%B2%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC/
  21. وزارة الاقتصاد والمالية، دور المفتشية العامة للمالية في الرقابة الإدارية على المالية العمومية، مرجع سابق
  22. وزارة الاقتصاد والمالية، دور المفتشية العامة للمالية في الرقابة الإدارية على المالية العمومية، مرجع سابق
  23. حميد ملاح، الحكامة المالية وربط المسؤولية بالمحاسبة، بتاريخ 8 غشت 2018، عبر الرابط https://www.droitetentreprise.com/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%b1%d8%a8%d8%b7-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a4%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ad/
  24. يونس مليح، تحليل توصيات المجلس الأعلى للحسابات ودورها في تجويد النظام الضريبي المغربي.
  25. يونس مليح، تحليل توصيات المجلس الأعلى للحسابات ودورها في تجويد النظام الضريبي المغربي، مرجع سابق
  26. التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2024
  27. التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2024
  28. قانون المسطرة المدنية (القانون 08-05) – المواد المنظمة للتحكيم
  29. المعهد العالي للقضاء ، الاجتهاد القضائي في المادة الضريبية”، منشور عبر الموقع الرسمي ، سنة 2023
  30. نوفل الناصري، السياسة الجبائية المغربية وحتمية الإصلاح، بتاريخ 7 ماي 2019، عبر الرابط https://al3omk.com/416411.html
  31. 31مجموعة البنك الدولي، النمو الاقتصادي للمغرب يمكن أن يتسارع مع التنفيذ الكامل للإصلاحات واسعة النطاق، بتاريخ 12 يناير 2022 ، عبر الرابط الإلكتروني https://www.albankaldawli.org/ar/news/press-release/2022/01/11/moroccan-economic-growth-could-accelerate-with-the-full-implementation-of-broad-based-reforms
  32. نوفل الناصري، السياسة الجبائية المغربية وحتمية الإصلاح، بتاريخ 7 ماي 2019، عبر الرابط https://al3omk.com/416411.html
  33. مجموعة البنك الدولي، النمو الاقتصادي للمغرب يمكن أن يتسارع مع التنفيذ الكامل للإصلاحات واسعة النطاق، بتاريخ 12 يناير 2022 ، عبر الرابط الإلكتروني https://www.albankaldawli.org/ar/news/press-release/2022/01/11/moroccan-economic-growth-could-accelerate-with-the-full-implementation-of-broad-based-reforms
  34. مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، مسار المغرب الطويل نحو التحول الاقتصادي ، بتاريخ 24 أكتوبر 2024، عبر الرابط الإلكتروني https://carnegieendowment.org/research/2024/09/moroccos-long-road-toward-economic-transformation?lang=ar&center=middle-east
  35. نوفل الناصري، السياسة الجبائية المغربية وحتمية الإصلاح، بتاريخ 7 ماي 2019، عبر الرابط https://al3omk.com/416411.html
  36. يونس مليح، سوسيولوجيا الضريبة بالمغرب، بتاريخ 24 أبريل 2024 عبر الرابط https://www.hespress.com/%D8%B3%D9%88%D8%B3%D9%8A%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-1352669.html
  37. يونس مليح، سوسيولوجيا الضريبة بالمغرب، نفس المرجع الصفحة 4

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى