في الواجهةمقالات قانونية

المصادر السوسيو تاريخية للقانون في المغرب: العرف، الشريعة الإسلامية، القانون الوضعي – مقاربة اجتماعية قانونية –

المصادر السوسيو تاريخية للقانون في المغرب:

العرف، الشريعة الإسلامية، القانون الوضعي

– مقاربة اجتماعية قانونية –

Socio-historical sources of law in Morocco:

Custom, Islamic law, positive law

Socio-legal study

 

سعيد عليد

Said alid

خريج ماستر القانون المدني والمعاملات الإلكترونية

باحث في المجال القانوني[1]

 

ملخص البحث:

حاولنا من خلال هذا المقال تسليط الضوء على موضوع جد مهم يتعلق بتاريخ تطور المنظومة القانونية ببلادنا، حيث كما نعلم جميعا فالمغرب بلد عريق غني بثقافاته المتعاقبة عليه، هذه الثقافات كانت لها الأثر البالغ في تكوين النظام القانوني الذي نشهده اليوم، والذي يكون على شكل قوانين الجريدة الرسمية، فبلدنا شهد ثلاثة محطات تاريخية، محطة الحضارة الأمازيغية، ومحطة الحضارة الإسلامية، ومحطة الاستعمار الفرنسي، كل منها كان يطبق قواعد قانونية مختلفة المنشأ والهدف، وبعد حصول المغرب على الاستقلال كان هناك صراع بين هذه الأنساق الثلاثة، صراع يتميز بالتأثير والتأثر بين من سيبقى ومن سيزول، لتنصهر هذه الأنساق في شكل القانون المعمول به حاليا.

Through this article, we tried to shed light on a very important topic related to the history of the development of the legal system in our country, where, as we all know, Morocco is an ancient country rich in its successive cultures, these cultures had a great impact on the formation of the legal system that we are witnessing today, which is in the form of Official Gazette laws, as our country witnessed three historical stations, the station of Amazigh civilization, the station of Islamic civilization, and the station of French colonization, each of which applied different legal rules of origin and purpose, and after Morocco gained independence, there was a conflict between these three formats, a conflict characterized by influence and influence between who will remain and who will be gone, to fuse these harmonies in the form of Currently applicable law.

 

مقدمة:

إن تاريخ القانون يشمل دراسة الحالة الأولى التي نشأت فيها الشرائع القديمة، والوقوف على التطورات التي مرت بها تلك الشرائع والتعديلات التي أصابتها في خلال العصور حتى وصلت إلى حالتها الحاضرة.

ويتضح لنا من هذه الدراسة مقدار ما أحدثته القوانين القديمة من الأثر في تكوين الشرائع الحديثة، وقيمة الميراث القانوني الذي آل إلى الأمم الحديثة من الأجيال السابقة، فنقف بذلك على الصلة بين الماضي والحاضر[2].

والقانون في المغرب ليس عبارة عن نظام واحد كما يظهر من خلال شكله، بل هو نظام مركب يمتزج فيه العرف والشريعة الإسلامية والقانون الوضعي من الحقبة الكولونيالية، ليظهر لنا في قالب القانون الوطني الذي تصدره الدولة، وليصل مستوى التشريع إلى ما وصل إليه الآن كان لا بد من المرور بمجموعة من المحطات التاريخية، اصطدم فيها العرف مع الشريعة الإسلامية أولا ثم اصطدام هذا الثنائي مع القانون الوضعي في علاقة بين تأثير وتأثر، حضور وغياب.

فقد شكلت هذه الأنظمة القانونية الثلاث (العرف والشريعة والقانون الوضعي) المصادر السوسيو تاريخية للقانون في المغرب بامتياز، لذلك كان لا بد من تسليط الضوء عليها، لندرس العلاقة التنافسية بينها ونستشف وظائف هذه التنافسية في المجتمع، ونحاول تبيان معيار عن طريقه يسهل علينا تمييز القواعد القانونية المدروسة ومعرفة النظام القانوني الذي تمخضت عنه، ومعرفة أهمية هذا النظام القانوني في هذا المجتمع.

فأهمية القانون في المجتمع المغربي لا تقاس بعدد النصوص المنشورة في الجريدة الرسمية، فخارج المدن الكبرى، نكتشف أن قوانين الجريدة الرسمية لا وجود ملموس لها، وأن غالبية المغاربة يخضعون لقوانين عرفية ممتزجة بالشريعة، وأن هذا القانون يفرض نفسه على الكل، بما في ذلك السلطات المحلية، وأن اللجوء إلى القانون المدون لا يفرض نفسه إلا حينما لا يمكن تفادي المحكمة[3].

وفي هذه الدراسة سنسلط الضوء على هذه النظم القانونية الثلاث خلال فترات زمنية مختلفة نظرا للطبيعة التي تولد بها كل نظام على حدا، فالعرف كان أول نظام قانوني معمول به لدى القبائل الأمازيغية، وقبل دخول الإسلام إلى المغرب، بعدها ظهرت القواعد الشرعية المستمدة من الشريعة الإسلامية والتي عمل بها في المغرب من خلال المذهب المالكي، ثم دراسة مصير هذه النظم خلال الفترة الكولونيالية، وتبيان التوظيفات التي وظفت فيها هذه النظم القانونية.

وأخيرا بعد الاستقلال، حيث حاولت الدولة استيعاب كل هذه المصادر القانونية التي تراكمت عبر التاريخ في شكل قانون وطني يمتزج فيه الماضي بالحاضر.

وذلك بإيجاد نسق وبنية ضمنية لتدبير هذه المصادر القانونية.

ومن خلال هذا التمهيد، تتحدد إشكالية موضوعنا على الشكل التالي:

  • إلى أي حد يمكن تصور تعايش وانسجام الأنظمة القانونية الثلاث رغم طبيعتها المختلفة؟

 

للإجابة عن هذه الإشكالية سنعتمد التصميم التالي:

المطلب الأول: المصادر المُنَشَّأَة والمُنَزَلَة للقواعد القانونية في المغرب

   الفقرة الأولى: التقاليد والأعراف كمصدر قانوني منشأ من المجتمع المغربي

   الفقرة الثانية: الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي كمصدرين منزلين على المجتمع المغربي

المطلب الثاني: العرف والشريعة والقانون الوضعي: توافق أم تقاطع ؟

   الفقرة الأولى: اصطدام الشريعة الإسلامية بالعرف

   الفقرة الثانية: البحث عن الانسجام بين العرف والشريعة والقانون الوضعي

 

 

 

المطلب الأول: المصادر المنشأة والمنزلة للقواعد القانونية في المغرب

القاعدة القانونية إما أن تكون متمخضة من المجتمع نفسه الذي تطبق فيه فتكون بذلك قاعدة منشأة، أي أن ظروف المجتمع وحاجات الأفراد هي التي أوجدتها وبالتالي يكون القانون مسايرا لتطور المجتمع وأفراده، وإما أن تكون منزلة على المجتمع أي لا يد للأفراد في خلقها وإنما هناك جهة أخرى فرضتها عليهم.

وعليه فالقاعدة القانونية لديها مصادر تستمد منها قوتها الإلزامية، وهو الأمر الذي سنقوم بتبيانه في هذا المطلب من خلال تقسيمه إلى فقرتين، نتناول في الأولى العرف كمصدر أول للنظام القانوني في المغرب، وبعدها نتطرق في الثانية للشريعة الإسلامية كمصدر ثان في التراتبية الزمنية التاريخية للنظام القانوني في المغرب، ثم نتحدث عن القانون الوضعي كمصدر ثالث ظهر إبان الفترة الكولونيالية التي مر بها المغرب.

الفقرة الأولى: التقاليد والأعراف كمصدر قانوني منشأ من المجتمع المغربي

 يمكن تعريف العرف بأنه مجموعة القواعد التي يتواتر الناس على اعتبارها بشكل عفوي، مع اعتقادهم بإلزامها وضرورة احترام أحكامها بتوقيع الجزاء على من يخالفها[4].

وإن العرف في المجتمع المغربي من الصعب التأكد علميا من تاريخ بدايته وظهوره في هذا المجتمع، غير أن ذلك لا يمنع من القول دون أن نجانب الصواب أن العرف سابق للفترة الإسلامية بحكم ارتباطه بالنظام القبلي السائد في البادية المغربية، وعلى وجه الخصوص في القبائل الأمازيغية[5]، فهو يرجع إلى مؤسسة القبيلة، فالمشرع في المجتمع القبلي يهتدي إلى أدوات وآليات لمعالجة المشاكل الطارئة على المجتمع وضبط العلاقات بين الأفراد والجماعات، ومن هنا فإن العرف هو إنتاج اجتماعي، يعبر عن ثقافة قانونية مطابقة لمستوى تطور هذا المجتمع[6].

ومن تم نفهم قوة وإلزامية القاعدة القانونية المستمدة من العرف وكيف يجد الفرد نفسه ملزما باحترامها والتقيد بها، حيث إذا قام بمخالفتها يسمى حينئذ خارجا عن الجماعة ومتمردا عنها، فالجماعة هي المصدر الوحيد لخلق وتفعيل أو تعديل أو إلغاء القاعدة العرفية بما يتناسب مع التطور الحاصل في المجتمع والمجال الذي تشغله هذه القاعدة العرفية.

لا أحد يمكن أن ينكر أن الأعراف لا زالت تلعب دورا مهما في حياة الأفراد بصفة خاصة والتشريع بصفة عامة، والدليل على ذلك هو أنه إلى اليوم نجد أن مجموعة من القبائل خاصة الأمازيغية منها لا زالت تهتدي إلى تسوية الخلافات بين الأفراد عن طريق إعمال الأعراف في مجلس مكون من كبار شيوخ القبيلة الذي يعادل حكمهم حكم المحكمة وأكثر دون اللجوء إلى المحاكم أو السلطات المحلية، ونجد كذلك أن بعض القوانين نظرا لدور الأعراف والتقاليد في المجال الذي ينظمه هذا القانون، تعمل على تسبيق إعمال العرف والعادة قبل أي مصدر آخر عند عدم وجود نص من هذا القانون يطبق على النازلة، وكمثال على ذلك نجد مدونة التجارة[7] في مادتها الثانية تنص على أنه ” يفصل في المسائل التجارية بمقتضى قوانين وأعراف وعادات التجارة أو بمقتضى القانون المدني ما لم تتعارض قواعده مع المبادئ الأساسية للقانون التجاري”.

فمن خلال هذه المادة نجد أن المشرع ألزم عند عدم وجود نص في مدونة التجارة الاهتداء أولا للتقاليد والأعراف ثم بعد ذلك لنصوص قانون الالتزامات والعقود شريطة عدم تعارض قواعده مع المبادئ الأساسية للقانون التجاري أي نصوص القانون التجاري والأعراف والعادات التجارية الأساسية، ويرجع السبب في تقديم العرف والتقاليد عن غيرها من المصادر الأخرى في المادة التجارية إلى كون أن هذا الفرع من فروع القانون نشأ أصلا نشأة عرفية في ظل نظام الطوائف، ولم يدون، إلا في فترة متأخرة عن بقية فروع القانون الأخرى[8].

وكمثال آخر على دور العرف في التشريع، نجد أن الأعراف المتعلقة بتقسيم الأراضي الجماعية أو السلالية تمت قولبتها في ظهير 1919 المتعلق بالأراضي السلالية، ونجد كذلك القواعد المتعلقة بمياه الري والحياة القروية كلها منظمة بالتقاليد العرفية.

الفقرة الثانية: الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي كمصدرين منزلين على المجتمع المغربي

سنتطرق في هذه الفقرة لمصدر الشريعة الإسلامية (أولا)، ثم لمصدر القانون الوضعي (ثانيا).

أولا: الشريعة الإسلامية كمصدر منزل للقواعد القانونية في المغرب

شهد المسرح الجغرافي في المغرب قديما عناصر متعددة من السكان، في مقدمة هذه العناصر قبائل الأمازيغ وهم الغالبية العظمى من السكان، وأصحاب البلاد الأصليين الذين تأسست منهم أكبر دولتين شهدهما المغرب في العصور الوسطى وهما دولتا المرابطين والموحدين[9]، وذلك بعد دخول العرب وهم العنصر الثاني المكون للمجتمع المغربي في تلك الفترة والذين كانوا سبب دخول الإسلام إلى المنطقة، وبذلك تكون الشريعة الإسلامية بقواعدها الذي مصدرها الله سبحانه وتعالى مصدرا منزلا على المجتمع المغربي الذي كان يسود فيه العرف كمصدر أول كما رأينا سابقا.

والشريعة كمصدر تاريخي للتشريع في المغرب لها مكانة خاصة وبارزة كون أن مجموعة من القواعد القانونية مستمدة منها، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد القواعد القانونية المتعلقة بالإثبات والكتابة والإشهاد[10] والوفاء بالعقود[11] كلها مستمدة من القرآن الكريم، ففي هذه الفترة أي بعد انتشار الإسلام في البلاد تم التخلي عن العمل بالعرف إلى حد معين وإرساء نظام المحاكم الشرعية التي كانت تفضي الخلافات بين المتخاصمين بالاهتداء إلى قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية وذلك إلى حدود الفترة الكولونيالية.

في حين أن الواقع الذي نعيشه اليوم أظهر أن مصدرية الشريعة الإسلامية ليست على درجة واحدة بالنسبة لجميع القواعد القانونية، فهي مصدر رسمي في بعضها كما في قضايا الأسرة (مدونة الأسرة) والوقف (مدونة الأوقاف) والعقار الغير محفظ (مدونة الحقوق العينية)، ومصدر احتياطي ليس إلا في غيرها، حيث يرجع إليها إذا لم توجد قاعدة في التشريع أو العرف، أو يرجع إليها عندما تحتاج قاعدة قانونية معينة فتوى شرعية لنفاذها.!

كما أنها تشكل مصدر قوة لبعض النصوص القانونية الوضعية مثل النصوص الجنائية المتعلقة بمعاقبة جرائم الفساد والاجهاض وعقوبة الإعدام، رغم أن هذه العقوبة موقوفة التنفيذ إلا أنها لا زالت تحتفظ بمكانتها في فصول القانون الجنائي.

ثانيا: القانون الوضعي كمصدر منزل للقواعد القانونية في المغرب

عرف المغرب مرحلة جديدة إبان فترة الاستعمار تولد عنها مجموعة من الأحداث التي غيرة المسار التاريخي للمغرب على عدة مستويات، فكان من بين هذه المستويات القانون، فبعد خروج المستعمر من المغرب خلف ورائه إرثا قانونيا مهما، هذا الأخير الذي كان يطبق على فئة معينة هم فئة المعمرين الأجانب، لكن كيف يكون القانون الوضعي الذي خلفه الاستعمار مصدرا تاريخيا منزلا للقواعد القانونية في المغرب؟

كجواب على هذا السؤال نجد أنه بعد نيل الاستقلال وضع أمام الدولة سؤال عريض للإجابة عليه وهو، ما مصير النصوص القانونية الصادرة ما بين سنتي 1912 و1956؟ هل سيتم حذفها ونسيانها كليا ومحو ماضي التشريع الكولونيالي، وهذا من شأنه أن يخلف فراغا تشريعيا كبيرا، فنحن نتحدث عن فترة زمنية ليست بالسهلة، أم سيتم الإبقاء عليها وتحمل تبعات هذا القرار؟

وأمام هذا الوضع تم في غشت 1955 خلق لجنة تشريعية برئاسة علال الفاسي لمراجعة كل الترسانة القانونية لفترة الحماية لتكييفها ومغربتها، لكن الوقت لم يتوفر للجنة سوى لتحرير مدونة الأحوال الشخصية، وحين كانت هذه اللجنة تقوم بمراجعة باقي القوانين الأخرى صدر قرار بإلغائها بصفة نهائية.

واتخذ قرار الحفاظ على التشريع الكولونيالي، غير أن هذا القرار كانت له تبعات كبيرة، فمن الصعب تصور أن هذه القوانين التي تم اتخاد القرار بالحفاظ عليها صدرت في البداية لصالح المعمرين، وبأخذ هذا القرار ستطبق لأول مرة في تاريخ المغرب على مجموع المغاربة الذين كانوا يطبقون الأعراف وقواعد الشريعة الإسلامية، قوانين صدرت في البداية لصالح أقلية خاصة (المعمرين الأوروبيين)، لذلك طرح مشكل تحقيق هذا الانتقال الحداثي في مجتمع تقليدي، فالدولة لم تعمل على تكييف هذا التشريع مع حاجات المجتمع، وهذا هو السبب الذي يفسر عدم فعالية مجموعة كبيرة من القوانين والسبب الذي يفسر أزمة النص القانوني والسبب وراء أن المشرع لازال يقوم باقتباس عدد كبير من القوانين.

*** وبذلك نكون قد تعرفنا في هذا المطلب على المصادر السوسيو تاريخية للقانون في المغرب ومن أين تستمد مكانتها.

ويكون بذلك النظام القانوني المغربي نظام مركبا من ثلاثة مصادر قانونية مختلفة لكل نظام خصائصه المميزة له، والحمولة الثقافية والاجتماعية التي تمخضت عنه، تتصارع مع بعضها البعض في علاقة تأثير وتأثر. فكيف ذلك.

المطلب الثاني: العرف والشريعة والقانون الوضعي: توافق أم تقاطع ؟

النظام القانوني المغربي هو نظام مركب في تطور مستمر، حيث تتنافس فيه نماذج قانونية ترجع إلى حقب تاريخية متباينة (قبل إسلامية، إسلامية، كولونيالية، مرحلة الاستقلال).

وباختلاف البيئة التي نشأ عنها كل نظام، طرحت مسألة اصطدام هذه النظم فيما بينها، ومن سيؤثر في الآخر، ومن سيبقى ومن سيزول، أم أنه سيتم إدخالها وسط نسق يضمن لها نوعا من الانسجام والتعايش؟

وهذا ما سنعمل على تبيانه، وذلك من خلال التطرق إلى اصطدام القواعد العرفية مع قواعد الشريعة الإسلامية بعد دخول الإسلام للمغرب (الفقرة الأولى)، ثم بعد ذلك نعمل على تبيان كيف استطاعة هذه الأنظمة الثلاث التكيف مع بعضها البعض (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: اصطدام الشريعة الإسلامية بالعرف  

الاصطدام بين قواعد الشريعة الإسلامية التي مصدرها الوحي وبين القواعد العرفية المتجذرة التي مصدرها المجتمع كان أمرا لابد منه أن يقع، ومن هنا بدأ الأخذ والرد حول من سيؤثر في الآخر ومن سيبقى ومن سيزول.

فأمام انتشار ظاهرة الألواح العرفية بين القبائل السوسية، كان على الفقهاء أن يدلوا بآرائهم في هذه العادة القديمة بعد انتشار الإسلام، وبعد أن تم التعرف على مضمون الشرع والقضاء الإسلامي وما يستجوبه العمل من أجل تطبيقه، فوجدوا هذه الوضعية والمفارقة، وابتداء من القرن الرابع عشر بدأ الجدل حولها يبرز شيئا فشيئا، وكثرت الأسئلة عنها وتوالت أجوبة الفقهاء والمفتين فظهر اختلاف المواقف وتباينت الآراء والمواقف بين التشدد والمرونة[12].

ويشير محمد حجي إلى أن أول الذين عنو بهذه المسألة في العصر السعدي الفقيه السوسي الحسن بن عثمان التملي تلميذ ابن غازي فقال عنها: “ألواح القبائل منها ما وافق الشرع، وهو أكثرها لكن على غير مذهب مالك، وأقلها مخالفة للشرع[13]“.

وقال السوداني علي خليل “تتبع النصوص وترك الأعراف ضلال وإضلال، وفي أمهات الوثائق ما يماثل ذلك[14]“.

ومن هنا احتلت هذه الأعراف حيزا كبيرا في انشغالات هؤلاء العلماء وشكلت موضوعا للنقاش والجدل، ومسرحا للاجتهاد الفقهي، حيث كانت لهذه الأخيرة الأثر الكبير في تكييف أعراف القبيلة مع الاتجاه العام للشريعة الإسلامية، وحرصت هذه الاجتهادات على مسألتين: أولاهما عدم ابتعاد الأعراف عن روح الشريعة الإسلامية، وثانيهما عدم الابتعاد عن روح عرف القبيلة المتجذر في ذهن الأفراد.

غير أنه كانت هناك اجتهادات فقهية تمنع منعا قاطعا التعامل بهذه الأعراف وتعتبرها قواعد فاسدة لا يجوز تطبيقها والأخذ بها، واعتبروها خارجة عن الشرع.

مع أنه تم دمجها من خلال أغلب الاجتهادات الفقهية مع قواعد الشريعة، لم يمنع ذلك الفقهاء المعارضين لها من التأسف والتشكي من استمرار هذه الممارسات، وقد اعتبروها بدعة لابد من محاربتها، فلم يقبل علماء فاس العرف كمصدر ولكنه مدمج بشكل كلي في القضاء والعمل القضائي الذي يلجأ للقياس أو المصلحة المرسلة، لموافقة قواعد العرف مع قواعد الشريعة الإسلامية في إطار ما يعرف بأسلمة العرف، وكان ذلك عبارة عن نتيجة حتمية لأن استسلام الفقهاء لهذه الأعراف ضرورة لابد منها لأنهم يعرفون أنهم لا يستطيعون محاربتها، لذلك فقد أرادوا ضمها وتجاوزها واخضاعها[15].

ومنه يتبين أن موقف أغلب الفقهاء من هذه الأعراف كان موقفا يتسم بالمرونة والتفهم العميق لما تتطلبه الضرورة المجتمعية والسياسية خاصة، لمجتمع ذي خصوصيات لا يمكن استئصالها دفعة واحدة دون الاصطدام العنيف مع القبيلة كمؤسسة اجتماعية وثقافية وسياسية، ولذلك لم يتردد هؤلاء الفقهاء من الالتجاء إلى أكبر باب من الأبواب المؤدية إلى الاجتهاد الذي يتمثل في القاعدة المالكية “الضرورات تبيح المحضورات”[16].

وفي خضم هذا الاصطدام التاريخي لعب الاستعمار الفرنسي الورقة الأخرى الذي كان هدفها هدفا استعماري محظ، فقد قابل العرف مع الشرع في إطار سياسة التفرقة بين الأمازيغ والعرب، ولقد حاول أن يخرج جزء من الشعب المغربي من مجال تطبيق القانون الإسلامي، وذلك بخلق محاكم عرفية يلجئ إليها الأمازيغ لفض نزاعاتهم إلى جانب المحاكم الشرعية[17].

هذا المجرى التاريخي المؤرخ لهذا الاصطدام كان له التأثير البالغ إلى يومنا هذا والمتمثل في الاحتفاظ بالنظم الثلاث وعدم القدرة على إلغاء أي نظام: العرف، الشريعة، القانون الوضعي. ومنه بقاء هذه الأنظمة في علاقة تأثير وتأثر، الأمر الذي دفع الدولة إلى إفراغ هذه الأنظمة في قالب واحد قانون وطني الدولة وحدها من تملك سلطة إصداره وبمراعات مسطرة تشريعية وجب الانضباط لها، الأمر الذي يدفعنا إلى البحث عن كيف تم ذلك؟

الفقرة الثانية: البحث عن الانسجام بين العرف والشريعة والقانون الوضعي

يقول إدريس العلوي العبدلاوي “ويلاحظ أننا قدمنا العرف على الشريعة الإسلامية في ترتيب المصادر الرسمية للقانون المغربي، وليس في هذا أية مخالفة لما تقضي به هذه الشريعة السمحاء، فمن ناحية لا يسوغ للعرف أن يخالف الأحكام الأساسية التي يقضي بها التشريع الإسلامي، اعتبارا بأن من شروط العرف عدم مخالفته للنظام العام، والأصول التي يقضي بها التشريع الإسلامي تمس النظام العام المغربي في الصميم، اعتبارا بأن المغرب بلد إسلامي دينه الرسمي هو الإسلام وفقا لما يقضي به الدستور، وهكذا فإن وجدت عادة مخالفة لأصل من أصول الإسلام أو لقاعدة أساسية من قواعد الشريعة، فإن هذه القاعدة لا ترتقي إلى مرتبة العرف، مهما شاع استعمالها ومهما امتد أصلها عميقا في دنيا الماضي، وفي هذه الحالة يتعين على القاضي القول بعدم وجود عرف، الأمر الذي يؤدي به إلى تطبيق ما تقضي به الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الثالث للقانون المغربي”[18].

نفهم من ذلك أن قواعد القانون العصري اليوم تخضع إلى نموذج من الترتيب الهرمي، من الدستور إلى الدورية، فتعطي تراتبية لنصوص القانون، وتحديد القانون الواجب التطبيق حسب ترتيب معين لا يجوز مخالفته، وحين وقوع الاصطدام ترجح كفة القواعد الشرعية لارتباطها بسلطة الوحي الإلاهي.

لكن أليس الاحتفاظ بالترتيب الهرمي يجعل هذه الأنظمة لا تتمتع بنفس القيمة؟

إن الجواب على هذا السؤال لا يمكن أن يكون بشكل مباشر لأن هناك أدلة سنعرضها تبين أن لكل نظام دور معين، نظام يؤثر في نظام ونظام يستند على نظام، كل ذلك من أجل أن تتمتع القاعدة القانونية بالشرعية ومن تم تقبلها من طرف المجتمع، أي أن المشرع يتحكم في هذه الأنظمة حسب الحالة والحاجة والظرفية.

*** الأمثلة الحية وحدها الكفيلة بتوضيح الصورة.

  • الجمع بين نظامين قانونيين في قاعدة قانونية واحدة (تأثير العرف في الشريعة وتأثير الشريعة في العرف)

حق الشفعة:

 هذا الحق المنصوص عليه في مدونة الحقوق العينية والمستمدة قواعدها من قواعد الشريعة الإسلامية، عند البحث عن الأحداث التاريخية الكامنة وراء تقريره نجد أنه دشن لتوتر دائم بين القانون الموحى به من جهة والتصور المحلي القبلي للرصيد العقاري وللحقل المزروع الذي يرى فيه توريث المرأة نقل للملكية والخروج عن الملكية العائلية والقبلية، عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للقطيع الذي يمكن لهن نقل نصيبهن معهن، فنظام الإراثة الإسلامي يدخل دخيلا على الورثة ويقسم الأرض التي يجب أن تبقى ملك موحد للعائلة، وأمام هذا الوضع لم يكن هناك حل سوى إيجاد طريقة يتم بها احتواء هذا العرف المتجذر في قالب شرعي، وكان ذلك من خلال نظام الملكية المشاعة التي تسمح للوارث بالتصرف في نصيبه مع بقاء الملكية مجتمعة، ونظام الشفعة الذي يُّمَكن ويحمي من دخول الغرباء على الإرث العقاري العائلي.

 

وضع المرأة في نظام أراضي الجماعات السلالية:

كما أشرنا سابقا إلى أن القانون المنظم لهذه الأراضي مستمد من الأعراف والتقاليد، هذه الأخيرة التي منعت المرأة من الانتفاع من هذه الأراضي إلى حدود صدور القانون 62.17 الذي أقر حق الانتفاع بالتساوي بين الذكور والإناث بشكل رسمي[19]، وذلك بعد طول انتظار وبتأثير فتوى شرعية.

حيث عمدت وزارة الداخلية بالمغرب إلى استصدار فتوى من المجلس العلمي الأعلى حول وضع المرأة داخل الجماعات السلالية، وحرمانها من الاستفادة من التعويضات المادية التي يستفيدها الرجال إثر العمليات العقارية التي تجري على بعض الأراضي الجماعية.

وقد عمدت الوزارة بعد صدور هذه الفتوى (التي رأت أنه لا مانع من استفادة المرأة من التعويضات المادية التي يستفيدها الرجل وذلك استجابة للمبررات الشرعية والموضوعية والواردة في هذه الفتوى)[20]، إلى إصدار منشور مؤرخ في 25 أكتوبر 2010 بين فيه الوزير أنه أسباب لزوم تغيير القواعد الجاري بها العمل على صعيد الجماعات السلالية وذلك بتمكين النساء من العائدات المادية والعينية مثلها مثل الرجل، الأمر الذي توج بصدور القانون 62.17.

هناك من سيقول هل كان من الضروري على وزارة الداخلية أن تطلب الإفتاء في الأمر من الناحية الشرعية لتستفيد المرأة من العائدات المادية والعينية مثلها مثل الرجل؟

وبدورنا نتساءل، هل كان سيتم قبول هذا التعديل وتجاوز فكر عرفي متجذر في التاريخ لولا هذه الفتوى الشرعية؟.!

  • عندما يحتاج نفاذ القانون الوضعي لفتوى!

هناك مجموعة من القوانين الوضعية التي لعبت فيها الفتوى الشرعية المستمدة من الشريعة الإسلامية دورا مهما، متمثل في شرعنة القاعدة القانونية كي يتم قبول تطبيقها داخل المجتمع، وسنقوم بطرح أحد هذه الأمثلة على الشكل التالي:

واقعة جريمة الزيوت المسمومة:

لا يمكن لأي مغربي ألا يكون قد سمع عن جريمة الزيوت المسمومة التي راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين[21]، هذه الجريمة التي كانت السبب وراء اصدار الظهير الشريف رقم 1.59.380 المتعلق بزجر الجرائم الماسة بصحة الأمة[22] والذي تضمن عقوبة الإعدام للأشخاص الذين قاموا عن تبصر قصد الاتجار بصنع منتوجات أو مواد معدة للتغذية البشرية وخطيرة على الصحة العمومية أو باشروا مسكها أو توزيعها أو عرضها للبيع أو بيعها.

غير أن هذا الظهير طبق بأثر رجعي طبقا للفصل الثاني منه الذي جاء فيه “يعاقب عن الجرائم المبينة في الفصل الأول ولو سبق اقترافها تاريخ صدور ظهيرنا الشريف هذا”. كي يتم تطبيقه على المتهمين في النازلة، خارقا بذلك قاعدة قانونية متأصلة وهي عدم رجعية قواعد القانون الجنائي أي أنه لا يمكن تطبيق النصوص الجنائية بأثر رجعي، فكيف تم تطبيق هذا الظهير بأثر رجعي، أي من أين استمد شرعية تطبيقه بأثر رجعي؟

كي يطبق الظهير بأثر رجعي أمر بالبحث عن فتوى شرعية يستمد منها الظهير شرعيته القانونية، فما كان من فقهاء الشريعة إلى الرجوع إلى كتاب الله القرآن فوجدوا قصة تنطبق على النازلة، وهي قصة سبب نزول آية الحرابة.

إذ يقول الله عز وجل في محكم التنزيل ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: الآية 33].

حيث نزلت هذه الآية بعد اقتراف الجرم الذي نزلت بسببه[23] وهو الأمر الذي ينطبق على جريمة الزيوت المسمومة فقد تم إصدار الظهير بعد ارتكاب الجريمة الشنعاء والمرتبطة بالفساد في الأرض كما جاء في الآية، ومن تم لم يكن هناك اعتراض في خرق الظهير لمبدأ عدم رجعية النص الجنائي.

نستنتج إذن أن بعض النصوص القانونية تحتاج إلى شرعيتين، شرعية شكلية والتي تتمثل في المرور بالمسطرة التشريعية وصولا إلى النشر في الجريدة الرسمية، وشرعية ثانية وهي الأهم أسميها شرعية الفتوى التي تهدف إلى تقبل المجتمع للنص وعدم معارضته.

خاتمة:

حاولنا من خلال هذه الدراسة تسليط الضوء قدر الإمكان على موضوع قلما يتم طرحه للنقاش، رغم أنه موضوع مرتبط بالمجتمع بدرجة أولى والنظام القانوني المطبق في هذا الأخير بدرجة ثانية، كما أن التطرق لهذا الموضوع كفيل بتكوين صورة واضحة على النظام القانوني في هذا المجتمع، وذلك لأن دراسة التاريخ هو وحده الذي يسمح لنا بمعرفة الماضي وفهم الحاضر واستشراف المستقبل.

حيث خلصنا إلى أن النظام القانوني المغربي يتكون من ثلاثة أنظمة عرف، شريعة إسلامية، قانون وضعي، كلها مجتمعة في قالب قانون وطني، ودائما نجدها في علاقة تأثير وتأثر فيما بينها.

الأمر الذي أذى إلى تقسيم الرؤى فنجد أن مدعو الحداثة  يعطون قيمة أكبر للقانون الوضعي المعاصر الحديث الذي تسنه الدولة، والمعبر عنه بطريقة ديموقراطية بتصويت الأغلبية، وبالتالي ينبغي لهذا القانون حسب رأيهم أن يلغي باقي المصادر أو يبتلعها، أما دعاة الشريعة فيرون أن وظيفة القانون في مجتمع إسلامي كما ينص على ذلك الدستور هي الحفاظ على الهوية، لهذا يطالبون بإعمال الشريعة بهذا القدر أو ذاك من الشمول، وتعليق القوانين العصرية ذات المصدر الخارجي، وكذا العرف ذي الأصول الما قبل إسلامية، لأن هذا التعدد يرى فيه تهديدا لوحدة البلاد وتماسكها، أو استمرار بقايا مؤسسات عتيقة أو شهادة حية على استمرار التأثير الكولونيالي في البلاد.

 

 

 

 

 

لائحة المراجع المعتمدة

الكتب:

  • أحمد إبراهيم حسن، تاريخ النظم القانونية الاجتماعية، نظم القسم الخاص، سنة 1998، بدون ذكر دار النشر والمطبعة.
  • أرحموش أحمد، العرف والقانون من روافد الثقافة الأمازيغية، نموذج ألواح جزولة، أعمال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية 2004 بالقنيطرة.
  • آسية بنعدادة، الفكر الإصلاحي في عهد الحماية (محمد بن الحسن الحجوي نموذجا)، الطبعة الأولى 2003، المركز الثقافي المغربي، الدار البيضاء- المغرب.
  • تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار الفكر، المجلد الأول، الجزء 6.
  • حجي محمد، الحركة الفكرية في عهد السعديين، الجزء الأول، مطبعة فضالة 1977، بدون ذكر دار النشر.
  • حسن علي حسن، الحضارة الإسلامية في المغرب والأندلس – عصر المرابطين والموحدين، مكتبة مصر، الطبعة الأولى 1980.
  • زهدي يكن، تاريخ القانون، الطبعة الثانية 1929، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت لبنان.
  • سعاد بنور، النظام القانوني للتاجر وفق آخر المستجدات القانونية والاجتهادات القضائية، الطبعة الثانية 2019، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء.
  • صدقي علي أزايكو، فتاوى بعض علماء الجنوب بخصوص نظام “اينفلاس” بالأطلس الكبير الغربي في أوائل القرن السابع عشر، التاريخ وأدب النوازل، منشورات كلية الآداب الرباط، مطبعة فضالة 1995.
  • عبد الرحمان بلوش، قراءة في أزرف الأمازيغي، الدورة الرابعة للجامعة الصيفية، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 1996.
  • عبد القادر بوراس، العرف بالبادية المغربية، اتحادية قبائل آيت عطا والعرف القبلي، أعمال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية 2004- القنيطرة.
  • علي المحمدي، السلطة والمجتمع في المغرب، نموذج آيت باعمران، دار توبقال 1989، بدون ذكر دار النشر والمطبعة.
  • فاطمة مسدالي، العرف بالبادية المغربية، التابث والمتغير في أعراف الأسرة البدوية بمنطقة دكالة، أعمال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية 2004 بالقنيطرة.
  • فتاوى الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء ما بين 2004 و2012، منشورات المجلس العلمي الأعلى لعام 2012.
  • محمد حنداين، الأعراف بالبادية المغربية- العرف والمجتمع السوسي، أعمال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية 2004- القنيطرة.
  • نجيب بودربالة، القانون بين القبيلة والأمة والدولة، جدلية التشريع: العرف الشريعة والقانون، أفريقيا الشرق المغرب، 2015.

المقالات:

  • ادريس العلوي العبدلاوي، الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي لمشروع القانون المدني العربي الموحد، مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد، العدد 3، دجنبر 1997.

[1] – البريد الإلكتروني: saidalid98@gmail.com

[2] زهدي يكن، تاريخ القانون، الطبعة الثانية 1929، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت لبنان، ص. 5.

[3] نجيب بودربالة، القانون بين القبيلة والأمة والدولة، جدلية التشريع: العرف الشريعة والقانون، أفريقيا الشرق المغرب، 2015، ص. 245.

[4] – أحمد إبراهيم حسن، تاريخ النظم القانونية الاجتماعية، نظم القسم الخاص، سنة 1998، بدون ذكر دار النشر والمطبعة، ص. 28.

[5] – حيث نجد مثلا أن العرف في المجتمع السوسي يتخذ عدة أسماء منها “أزرف” الذي يعني في اللغة الأمازيغية الطريق المستقيم، و“اللوح” التي تعبر على العقود والالتزامات في الأمازيغية، حيث هناك بعض القبائل إلى حدود الآن تسمي رسومها العقارية بـ “تالوحت”.

ونجد قبائل أيت عطا ترمز للعرف بكلمة “تعقيدين” التي تعني كمفهوم تسطير القواعد التقليدية الموروثة عن الأجداد، كما يعني اتفاق وميثاق بين المجموعات القبلية لخدمة الصالح العام، وكمصطلح يطلق مجازا على المجلس الذي يسهر على تطبيق تعقيدين أي القوانين، كما يطلق مجازا أيضا على المكان الذي ينعقد فيه المجلس.

– للمزيد من التوضيح راجع:

– عبد الرحمان بلوش، قراءة في أزرف الأمازيغي، الدورة الرابعة للجامعة الصيفية، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 1996، ص. 224.

– أرحموش أحمد، العرف والقانون من روافد الثقافة الأمازيغية، نموذج ألواح جزولة، أعمال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية 2004 بالقنيطرة، ص. 232.

– حجي محمد، الحركة الفكرية في عهد السعديين، الجزء الأول، مطبعة فضالة 1977، بدون ذكر دار النشر، ص. 298.

– علي المحمدي، السلطة والمجتمع في المغرب، نموذج آيت باعمران، دار توبقال 1989، بدون ذكر دار النشر والمطبعة، ص. 55.

– عبد القادر بوراس، العرف بالبادية المغربية، اتحادية قبائل آيت عطا والعرف القبلي، أعمال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية 2004- القنيطرة، ص. 58.

– فاطمة مسدالي، العرف بالبادية المغربية، التابث والمتغير في أعراف الأسرة البدوية بمنطقة دكالة، أعمال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية 2004 بالقنيطرة، ص. 101.

[6] – محمد حنداين، الأعراف بالبادية المغربية- العرف والمجتمع السوسي، أعمال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية 2004- القنيطرة، ص. 9-10.

[7] – ظهير شريف رقم 1.96.83 صادر في 15 من ربيـع الأول 1417 (فاتح أغسطس 1996) بتنفيذ القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، الجريدة الرسمية عدد 4418 الصادرة بتاريخ 19 جمادى الأولى 1417 )3 أكتوبر 1996) ص 2187.

[8] – للمزيد من التوضيح أنظر:

– سعاد بنور، النظام القانوني للتاجر وفق آخر المستجدات القانونية والاجتهادات القضائية، الطبعة الثانية 2019، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، ص. 19.

[9] – للمزيد من التوضيح أنظر:

– حسن علي حسن، الحضارة الإسلامية في المغرب والأندلس – عصر المرابطين والموحدين، مكتبة مصر، الطبعة الأولى 1980، ص. 292.

[10] – الآية 282 من سورة البقرة. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

[11] – الآية 1 من سورة المائدة. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾

[12] صدقي علي أزايكو، فتاوى بعض علماء الجنوب بخصوص نظام “اينفلاس” بالأطلس الكبير الغربي في أوائل القرن السابع عشر، التاريخ وأدب النوازل، منشورات كلية الآداب الرباط، مطبعة فضالة 1995، ص. 175.

[13] – حجي محمد، م س، ص. 299.

[14] – محمد حنداين، م س، ص. 12.

[15] – نجيب بودربالة، م س، ص. 235.

[16] – صدقي علي أزايكم، م س، ص. 168.

[17] – كانت السياسة البربرية من أهم الآليات التي استعملها المستعمر للتفرقة بين المغاربة ولاستعمار الأقاليم ذات الغالبية الأمازيغية بأدنى مقاومة ممكنة، وقد حاول المستعمر في ذلك الوقت إرساء هذه السياسة على أسس علمية فشجعت البحث في هذا المجال، وأدى فرنسيو الجزائر دورا مهما في ذلك، حيث استفادت سلطات الاستعمار من خبرتهم في مجال التعامل مع البربر في الأقاليم الجزائرية، وفي سنة 1915 أسست هذه السلطات لجنة الأبحاث البربرية وكلفها بجمع الأبحاث المتعلقة بالبربر لتطلع من خلالها على تنظيم هذه القبائل وتسييرها وكان الهدف منها تكوين أطر ملمة بالأعراف والعادات، وقد اشتهر في هذا المجال كل من إيميل لاووست ورونيه باسي.

حيث أصدرت الإقامة العامة عدة ظهائر خاصة بالقبائل الأمازيغية، حرصت فيها على تدعيم دور الجماعة والعرف، وأهمها اثنان: ظهير 11 شتنبر 1914 الذي ينص على أن تحتفظ هذه القبائل بعاداتها وقوانينها تحت مراقبة الحكومة، وظهير 16 ماي 1930 المنظم لسير العدالة في القبائل ذات الأعراف البربرية، وقد وجه هذا الظهير للمناطق التي كانت ذات أغلبية أمازيغية، حيث نص على انشاء قضاء عرفي أمازيغي مستقل عن القضاء المغربي الإسلامي، وتنظر المحاكم العرفية في الدعاوى المدنية، بينما تنظر المحاكم الفرنسية في الدعاوى الجنحية.

– للمزيد من التوضيح أنظر:

– آسية بنعدادة، الفكر الإصلاحي في عهد الحماية (محمد بن الحسن الحجوي نموذجا)، الطبعة الأولى 2003، المركز الثقافي المغربي، الدار البيضاء- المغرب، ص. 54.

نجيب بودربالة، م س، ص. 235-236.

[18] ادريس العلوي العبدلاوي، الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي لمشروع القانون المدني العربي الموحد، مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد، العدد 3، دجنبر 1997، ص. 52.

[19] – أنظر نص المادة 16 و17 من القانون السالف الذكر.

[20] – للرجوع إلى هذه الفتوى، أنظر: فتاوى الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء ما بين 2004 و2012، منشورات المجلس العلمي الأعلى لعام 2012.

[21] – تعود هذه القضية إلى عام 1959، حين ظهرت أعراض غريبة لدى آلاف المواطنين المغاربة في مدن مختلفة، منهم من مات وآخرون أصيبوا بشلل على مستوى الأطراف السفلى، وأظهرت التحقيقات أن أنواعا من زيوت الطبخ استهلكها الضحايا كانت تحتوي على مادة ثلاثي أورتو كرزيل فوسفات، ومصدرها زيوت تشحيم طائرات حربية اشتراها تجار جشعون من سماسرة في القواعد العسكرية الأميركية الموجودة بالمغرب، وخلطوها بزيوت نباتية، وبيعت للمغاربة بأثمان بخسة.

[22] – المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2453 بتاريخ 30/10/1959 الصفحة 3203.

[23] – حيث نزلت هذه الآية في المحاربين، وهم قطاع الطريق الذين يؤذون الناس في الطرقات يقتلون وينهبون الأموال ويفسدون في الأرض، هؤلاء هذا حكمهم، ونزلت في العرنيين الذين اشتكوا مرض بطونهم وأرشدهم النبي ﷺ إلى أن يخرجوا إلى إبل الصدقة فيكونوا فيها، فلما صحوا قتلوا راعي النبي ﷺ وأخذوا الإبل وشردوا بها، فألحقهم النبي ﷺ جيشًا فأدركوهم وأخذوا الإبل منهم وأمسكوهم، فأنزل الله فيهم هذه الآية فعاقبهم النبي ﷺ بهذه العقوبة، لأنهم قطاع طريق، اعتدوا على إبل وراعي إبل النبي ﷺ.

– للمزيد من التوضيح أنظر: تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار الفكر، المجلد الأول، الجزء 6، ص. 102.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى