آثار استثناء أعضاء الحكومة والبرلمان من المتابعة في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على الصفقات العمومية – الدكتور لحسن غازي
آثار استثناء أعضاء الحكومة والبرلمان من المتابعة في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على الصفقات العمومية
الدكتور لحسن غازي
كلية القانون، جامعة لوسيل – قطر
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/EJTM3163
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

آثار استثناء أعضاء الحكومة والبرلمان من المتابعة في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على الصفقات العمومية
الدكتور لحسن غازي
كلية القانون، جامعة لوسيل – قطر
ملخص:
يلاحظ على مدونة المحاكم المالية أنها استثنت من مجال المتابعة في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين طبقا للمادة 52، أمام هذا الوضع المعفي من المسؤولية فإن الاشكال المراد الإجابة عليه في هذه المداخلة هو : هل يمكن الحديث عن نجاعة مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية كآلية فعالة بيد القاضي المالي لتحسين تدبير الصفقة العمومية في ظل هذا الاستثناء المعفى من المسؤولية المتعلق بأعضاء الحكومة والبرلمان؟ خاصة وأن هذه السلطات السياسية المستثناة من مجال المساءلة أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية هي مصدر القرارات التي تتخذ على مستوى توجهات منظومة الصفقات العمومية ككل؟
وهل يمكن القول، ان عدم إخضاع هذه الفئة من المدبرين العموميين لهذه الرقابة يعني فتح هامش كبير لمسألة تبذير الأموال العمومية خاصة تلك التي يتم تمريرها عن طريق الصفقة العمومية؟ وهو ما يتنافى مع الغاية الأساسية لرقابة القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية والمتمثلة في تخليق التدبير المالي العمومي.
إلا أنه وعلى الرغم مما يبدو عليه الأمر تراجع كبير في مراقبة تدبير المال العام بصفة عامة والصفقة العمومية بصفة خاصة، وتحقيق عكس الأهداف المرجوة جراء هذا الاستثناء المعفي من المسؤولية أمام القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، إلا أن لاستثناء أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين من المساءلة أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ما يبرره، كما توجد حدود تحد من خطورته، إذ لا يمكن الاحتجاج بهذا الاستثناء أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أياً كان موضوع المخالفة المرتكبة وتاريخ ارتكابها، لأن هذا الاستثناء المعفى من المسؤولية في ميدان التأديب المالي إنما يهم الصفة التي أهلت مرتكب المخالفة لا الشخص بذاته.
“The Effects of Exempting Members of the Government and Parliament from Disciplinary Proceedings Related to Budgetary and Financial Matters on Public Procurement Contracts”
Dr. Lahcen Ghazi
College of Law, Lusail University
Summary:
It is observed that the Financial Courts Code excludes from its scope of disciplinary oversight related to the budget and financial matters the members of the government, the House of Representatives, and the House of Councillors, in accordance with Article 52. In light of this exemption from liability, the question addressed in this discussion is: can the disciplinary procedure related to the budget and financial matters be considered an effective mechanism in the hands of the financial judge to improve the management of public procurement, given this exemption for government and parliamentary members? This question is particularly relevant since these political authorities, who are exempt from accountability before the financial judge in disciplinary matters related to the budget and financial affairs, are the very source of decisions shaping the overall framework of the public procurement system.
Moreover, can it be argued that not subjecting this category of public managers to such oversight creates a significant margin for the mismanagement of public funds, especially those allocated through public procurement? Such a scenario would contradict the fundamental purpose of the financial judge’s disciplinary oversight in budgetary and financial matters, which aims at ensuring ethical management of public finances.
However, despite the apparent significant decline in the supervision of public fund management in general, and public procurement in particular, resulting in outcomes contrary to the intended objectives due to this exemption from liability before the financial judge in budgetary and financial disciplinary matters, there is a rationale for exempting members of the government and the parliament. Additionally, there are limits that mitigate its potential risks. Specifically, this exemption from liability before the financial judge does not apply indiscriminately to any violation, regardless of its nature or the time it was committed, because the exemption concerns the official capacity that qualified the violator, not the individual per se.
مقدمــــة:
إذا كان دستور المملكة لسنة 2011 نص لأول مرة على استقلال المجلس الأعلى للحسابات، وأناط به مسؤوليات جديدة إلى جانب صلاحياته المعهودة المتمثلة في ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية والتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون وتقييم كيفية تدبيرها لشؤونها، فقد أقر أيضا مبدأ الزجر عن مخالفة هذه المبادئ.
في هذا الإطار، يهدف اختصاص المجلس الأعلى للحسابات في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية باعتباره اختصاصا مستقلا ومختلف عن باقي الاختصاصات الأخرى للمجلس الأعلى للحسابات سواء القضائية منها والمتعلقة بالبت في حسابات المحاسبين العموميين أو غير القضائية. إلى معاقبة كل مسؤول أو موظف أو عون بأحد الأجهزة الخاضعة لاختصاصه في هذا المجال، وذلك في حالة ارتكابه لإحدى المخالفات المنصوص عليها في المواد 54 و55 و56 من مدونة المحاكم المالية.
وإذا كانت مدونة المحاكم المالية من خلال هذه المواد قد حصرت المخالفات المستوجبة للمسؤولية في مجال التأديب، وذلك باعتماد أسلوب اللائحة، فإن واقع الممارسة العملية، يُبين أن مخالفة عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية تعد من بين أكثر المخالفات المعروضة على القاضي المالي في مادة التأديب.
إلا أن مدونة المحاكم المالية استثنت مجموعة مهمة من المدبرين العموميين من المساءلة أمام القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، ويتعلق الأمر بأعضاء الحكومة والبرلمان. على الرغم من الدور الكبير الذي تلعبه هذه الفئة في صناعة نظام الصفقات العمومية ووضع الأنظمة المؤطرة لها، إلا أنه ونظرا لما تتوفر عليه من حصانات وامتيازات، استثناها المشرع من المساءلة عن المخالفات المنشئة للمسؤولية في مادة التأديب، وهو ما قد يكون له دور سلبي في حماية المال العام[1] وتأثير كبير على فعالية الصفقة العمومية
تبعا لذلك وارتباطا بسياقات الموضوع وبالأبعاد التـي يطرحها وتأسيسا على أهميته في مجال مساهمة المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة في تعزيز فعالية الصفقات العمومية، فإن المحاور المراد تناولها في هذه الورقة تستجمع عناصرها الأساسية في إشكالية مركزية تم صياغتها على الشكل التالي:
هل يمكن الحديث عن نجاعة مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية كآلية فعالة بيد القاضي المالي لتحسين تدبير الصفقة العمومية في ظل هذا الاستثناء المعفى من المسؤولية المتعلق بأعضاء الحكومة والبرلمان؟
للإجابة عن هذه الإشكالية تفكيك هذه الورقة إلى محورين إثنين:
المحور الأول: استثناء متابعة أعضاء الحكومة والبرلمان: المبررات والحدود
المحور الثاني: القاضي المالي والآثار المترتبة عن تفويض التوقيع في إطار صفقة عمومية
المحور الأول: استثناء متابعة أعضاء الحكومة والبرلمان: المبررات والحدود
تتأسس الأنظمة الديمقراطية الحقة على مبدأ سیادة القانون ومساواة المواطنین أمامه، باعتباره أسمى تعبير عن إرادة الأمة[2]. من هذا المنطلق يُعد إعمال مبادئ العدالة والمساواة أمام القانون دون تمييز ولا استثناء أحد أبرز وأسمى ركائز الدولة الحديثة. إلا أنه وبالعودة إلى مدونة المحاكم المالیة یتبين أن هذه الأخيرة استثنت بعض الفئات من الخضوع لبعض مقتضياتها في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، إذ لا يخضع لهذا الاختصاص القضائي، حسب المادة 52 من مدونة المحاكم المالية، أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه الصفة[3].
والحالة هذه يطرح سؤال، هل يمكن الحديث عن نجاعة مسطرة التأديب المالي كآلية فعالة بيد القاضي المالي لتحسين تدبير الصفقة العمومية في ظل هذا الاستثناء المعفى من المسؤولية؟ خاصة وأن هذه السلطات السياسية المستثناة من مجال المساءلة أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية هي مصدر القرارات التي تتخذ على مستوى توجهات منظومة الصفقات العمومية ككل؟
وهل يمكن القول أن عدم إخضاع هذه الفئة من المدبرين العموميين لهذه الرقابة يعني فتح هامش كبير لمسألة تبذير الأموال العمومية خاصة تلك التي يتم تمريرها عن طريق الصفقة العمومية؟ وهو ما يتنافى مع الغاية الأساسية لرقابة القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية والمتمثلة في تخليق التدبير المالي العمومي.
أمام هذا الوضع المعفى من المسؤولية، يطرح سؤال من نوع ثاني، هل مراقبة القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على الصفقة العمومية مراقبة قضائية مستقلة أم أنها لا تعدو أن تكون سوى مراقبة تقنية بيداغوجية؟
لكن وعلى الرغم مما يبدو عليه الأمر تراجع كبير في مراقبة تدبير المال العام بصفة عامة والصفقة العمومية بصفة خاصة، وتحقيق عكس الأهداف المرجوة جراء هذا الاستثناء المعفي من المسؤولية أمام القاضي المالي في مادة التأديب، إلا أن لاستثناء أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين من المساءلة أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ما يبرره، كما توجد حدود تحد من خطورته(أولا)، إذ لا يمكن الاحتجاج بهذا الاستثناء أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أياً كان موضوع المخالفة المرتكبة وتاريخ ارتكابها، لأن هذا الاستثناء المعفى من المسؤولية في ميدان التأديب المالي إنما يهم الصفة التي أهلت مرتكب المخالفة لا الشخص بذاته(ثانيا).
أولا: مبررات استثناء
من المبررات التي تطرح على مسألة استثناء الوزراء وأعضاء الحكومة والبرلمان من مجال المساءلة أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، ارتكاز هذا الاستثناء على طبيعة المهام، من خلال تمييز حالة الحاكمين عن حالة المحكومين و الأعوان المسيرين، وبالتالي تبرز حصانة الوزراء بوضعيتهم الخاصة، إذ يتوفر كل مكلف بمهمة سياسية على هامش من السلطة التقديرية، ويكون في بعض الأحيان مضطرا لتبرير أعماله، بالاستناد إلى مفهوم السلطة العليا للدولة، إضافة إلى أن الوزير يعتبر مؤهلا لتفعيل النظام العقابي لاختصاص التأديب المالي، باعتباره من السلطات المؤهلة لرفع القضايا في هذا المجال[4]، وهو ما يبدو معه بهذا المعنى نظام التأديب المالي كآلية بيد الحكومة للمحافظة على الانضباط في المجال الميزانياتي والمالي أكثر منه آلية لضبط العمل السياسي.
كما يجد مبرر استثناء أعضاء الحكومة و أعضاء البرلمان بمجلسيه، وبصفة عامة السلطة السياسية من مجال اختصاص التأديب المالي أساسه، في المبدأ القانوني الذي يقضي باستفادة كل ممارس لمهمة تمثيلية من الحماية القانونية في مجال إثارة مسؤوليته الشخصية بسبب ممارسته لمهامه بهذه الصفة، اعتبارا لكون هذه المسؤولية سياسية، بحيث تعتبر الحرية التي يجب توافرها لممارسة السيادة الوطنية جزءا لا يتجزأ من هذه السيادة[5]، وبالتالي فالاستثناء في الأصل هو مستمد من الحصانة السياسية و من مبدأ سيادة الأمة، نظرا للطابع الوطني غير القابل للتجزئة لوظيفتهم التمثيلية، كما أن مسؤولية أعضاء الحكومة في ميدان التسيير الإداري والمالي هي في العمق مسؤولية سياسية، فتكون بالتالي أمام الملك والبرلمان[6]، ومغزى هذه الحصانة أن النائب أو المستشار مسؤول أمام الأمة التي انتخبته لهذا المنصب وليس له حساب يؤديه إلا لها.
وتبعا لذلك، يتعين معالجة هذه الأعمال أمام محكمة لها طابع سياسي مع الابتعاد قدر الإمكان عن خصائص المسطرة القضائية، لأن معالجة النقائص والملاحظات التي يسفر عنها تدبير المسؤولين السياسيين لا يمكن أن تتم بطريقة أفضل إلا بإعمال المسؤولية السياسية الفعلية[7] التي تعوض المسؤولية التأديبية بالنسبة لهذه الفئة المستثناة من مجال المساءلة أمام القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الاستثناء يستمد تبريره من خلال المسؤولية السياسية الفردية والجماعية التي تمارس على أرض الواقع[8]، بالتخلي عن دعمهم سياسيا، من خلال معاقبة الناخبين لمنتخبيهم، والتصويت لجهة أخرى ذات مصداقية، لفشلهم في تدبير شؤونهم السياسية.
كما أنه عمليا يجد هذا الاستثناء مبرره في كون أن الوزراء بالخصوص، نادرا ما يرتكبون مخالفات في هذا المجال، نظرا لتفويض اختصاصاتهم الإدارية. فإذا كان من الواضح أن أغلب المخالفات التي قد ترتكب في التدبير العمومي، تضفي على المسؤولية طابعا إداريا وليس سياسيا، فإنه من النادر أن يتخذ الوزير قرار غير شرعي بشكل مباشر، مما يعني أن هذا النقاش المرتبط بمسؤولية الوزراء، له طابع نظري أكثر منه عملي[9]، بل هناك من يعتبر أن المسؤولية السياسية أهم بكثير من باقي أشكال المسؤولية الأخرى[10].
إلا أن كل هذه المبررات في حقيقة الأمر قد تكون مقبولة ومستساغة إذا كانت الأنظمة السياسية قوية، وفي ظل وجود معارضة صلبة قادرة على محاسبة هؤلاء المسؤولين سياسيا، لكن من الصعب استيعاب هذه المبررات في ظل وجود معارضة غير قادرة على تفعيل المحاسبة والمساءلة السياسية الفعالة.
إن المقصود باستثناء أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين من مجال المساءلة أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية عندما يتصرفون ماليا وإداريا بصفتهم تلك، أي للصفة التي أهلتهم لممارسة التدبير العمومي وليس لشخصهم، خاصة وأن فلسفة القاضي المالي في مجال العقوبات التي يقوم بفرضها في مادة التأديب، ليست إنتقامية بما للكلمة من معنى في عمقها. بمعنى ليس الهدف معاقبة روح المبادرة للمدبرين العموميين[11]، وإنما غايته في ذلك تخليق وتجويد التدبير المالي العمومي.
كما أنه ومهما تكن مبررات هذا الاستثناء، إلا أنه ولما كانت المسؤولية أمام القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية أقل خطورة من المسؤولية الجنائية، بالنظر إلى أركان ثبوت الجرائم والعقوبات التي يصدرها القاضي الجنائي[12]، فإن المخالفات المالية التي قد يرتكبها هؤلاء المدبرون العموميون المستثنون من مجال المساءلة التأديبية والمتسمة بخطورة كبيرة، تخضع للمساءلة أمام القاضي الجنائي، كما تنص على ذلك المادة 111 من مدونة المحاكم المالية، والتي كرست المبدأ الذي يقضي بقابلية تراكم المتابعات أمام المجلس في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية مع الدعوى الجنائية[13]، وبالتالي فإن المتابعة التأديبية لا تحول دون تحريك المتابعة الجنائية[14]. ولعل ذلك ينسجم وفق الدستور الذي ينص على أن أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة، عما يرتكبون من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم[15].
إلا أنه وإذا كان الوزراء ونواب الأمة، لا يخضعون لاختصاص القاضي المالي في مادة التأديب بناء على اعتبارات سياسية بالدرجة الأولى كما تم تبيان ذلك، فقد كرست مدونة المحاكم المالية مسؤولية رؤساء الجماعات الترابية، وبصفة عامة كل مسؤول يرتكب إحدى المخالفات المستوجبة للمسؤولية في هذا المجال، كما يخضع كذلك لقضاة المجالس الجهوية للحسابات في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية الوالي والعامل خضوعا مطلقا، في الحالات التي يعملان فيها باعتبارهما آمرين بالصرف لجماعة ترابية أو هيئة [16].
وعلى الرغم من هذا الاستثناء والخطورة التي قد يشكلها خاصة على مستوى تدبير الصفقات العمومية، ورغم التبريرات التي قدمناها آنفا، إلا أن هذا الاستثناء المعفى من المسؤولية أمام القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، ليس استثناء مطلق بل توجد مجموعة من الضوابط والشروط الواجب توافرها حتى يعفي صاحبه من المسؤولية.
ثانيا: حدود الاستثناء من المساءلة يخص الصفة لا الشخص بذاته
استثناء أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين من المساءلة أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، مقيد بمجموعة من الشروط، فبالعودة إلى الاستثناءات الواردة في المادة 52 من مدونة المحاكم المالية[17]، يتبين أن هذه الاستثناءات تنتفي بالنسبة لأعضاء الحكومة عندما يمارسون مهامهم بغير هذه الصفة، وتنتفي كذلك بالنسبة لأعضاء البرلمان عندما يتصرفون خارج حدود الحصانة البرلمانية[18].
وتبعا لذلك وبمفهوم المخالفة للشرط الذي وضعته المادة 52 من المدونة للحيلولة دون المساءلة لهؤلاء الأشخاص أمام القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، والمتمثل في ضرورة أن تكون المخالفات قد ارتكبت وهم يمارسون مهامهم بصفتهم الحكومية أو البرلمانية، فإن كل من أعضاء الحكومة وأعضاء البرلمان يصبحون منطقيا في مقابل ذلك مسؤولين أمام القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، في حالة اقترافهم للمخالفات المستوجبة لهذه المسؤولية، وهم لا يمارسون هذه الاختصاصات بصفتهم السياسية.
بمعنى آخر، لابد أن تكون المخالفات المرتكبة أثناء اكتساب الصفة التي أهلت المسؤول لارتكاب المخالفة لا قبله ولا بعده، ففي الوسيلة التي يعيب الطالب القرار المطلوب نقضه وهو رئيس جماعة (آمر بالصرف) إثر إصداره مجموعة من سندات الطلب لا تحترم الشروط القانونية الخاصة بنظام الصفقات العمومية، أن المجلس الأعلى للحسابات قد خرق مقتضيات الفصل 59 من القانون رقم 79-12 والذي ينص على أنه لا يخضع لاختصاص المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية كل من يمارس عمله بصفته عضوا في الحكومة ومجلس النواب، ما عدا إذا نزعت منه الحصانة النيابية، والطاعن عضو برلماني سابق بمجلس المستشارين، وبهذه الصفة يرى بأنه غير خاضع لمراقبة القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. إلا أن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) اعتبرت أن هذه المخالفة المتابع بشأنها والثابتة في حق الطاعن كانت قبل اكتسابه هذه الصفة البرلمانية المحتج بها، وهو ما ينفي كل الدفعات التي تقدم بها المعني بالأمر.
ومما جاء في القرار ما يلي:
” لكن حيث أن البطاقة التي استدل بها الطالب تتعلق بالولاية التشريعية 2002-1997 في حين أن المخالفات التأديبية التي بت فيها القرار المطلوب نقضه وكما يتبين. من صفحته الثالثة تتعلق بالسنتين الماليتين 1994-1993 وإحالتها من طرف وزير الداخلية على المجلس الأعلى للحسابات كانت في 1996-01-19، أي قبل اكتساب الطالب الصفة المحتج بها والأصل أن المخالفات موضوع المتابعة تدخل في مجال التأديب فكان ما أثير بغير أساس”[19]. وبالتالي يلاحظ، أن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بنت قرارها على اعتبار أن تاريخ ارتكاب المخالفات وتاريخ الإحالة على المجلس الأعلى للحسابات لا يتطابقان مع تاريخ حصول المعني بالأمر على الصفة البرلمانية، وبه قضى المجلس الأعلى-محكمة النقض- رفض الطلب.
إلا أن ما يمكن ملاحظته على هذا القرار أنه جاء ناقص التعليل إذ اكتفى المجلس الأعلى -محكمة النقض حاليا – في تعليله ليبن أن تاريخ ارتكاب المخالفة هو تاريخ سابق على تاريخ اكتساب المعني الصفة البرلمانية، دون أن يوضح أنه حتى ولو كان الطاعن قد ارتكب هذه المخالفات في الوقت الذي يتمتع فيه بهذه الصفة البرلمانية، فإن ذلك لا يعفيه من المسؤولية، نظراً لكون أن الطاعن ارتكب هذه المخالفات ليس بصفته برلمانيا بمجلس المستشارين، بل لأنه توبع بصفته رئيس جماعة محلية، مما يكون معه القرار – من وجهة نظرنا- ناقص التعليل .
لكن وفي إطار نظام الصفقات العمومية، فإنه يطرح سؤال، ماذا لو قام أحد هؤلاء المدبرون العموميين المستثنون من مجال المساءلة أمام القاضي المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، وخاصة الوزراء الذين وبحكم موقعهم الذي يسمح لهم بتفويض اختصاصاتهم، بتفويض بعض من مدراءهم إبرام صفقات عمومية لا تحترم الأنظمة المؤطرة لها، الشيء الذي يعد مخالفة تستوجب المتابعة أمام القاضي المالي في إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. فهل في هذه الحالة سوف يتم متابعة المفوض -المعفى من المسؤولية- أم المفوض له مرتكب المخالفة بناء على التفويض؟ خاصة في مجال تفويض التوقيع.
بمعنى آخر هل هذا الاستثناء يمتد إلى المسؤولين الذين ارتكبوا مخالفات موضوع قرارات اتخذوها بناء على تفويض التوقيع الصادر عن هذه الفئة من المدبرين العموميين المعفيون من المسؤولية أمام القاضي المالي في مادة التأديب؟
المحور الثاني: القاضي المالي والآثار المترتبة عن تفويض التوقيع في إطار صفقة عمومية
من أجل الحرص على حسن سير المرفق العام بشكل منتظم كان لابد أن يفوض بعض الرؤساء المختصين جزء من اختصاصاتهم إلى مرؤوسيهم لتخفيف العبء وتحقيق السرعة في الأداء، شريطة أن يسمح القانون بإجراء هذا التفويض[20]. وإذا كان من المعلوم أن آثار القرارات الصادرة في إطار تفويض الاختصاص[21] يتحمل تبعاتها المفوض إليه وليس المفوض الأصلي صاحب الاختصاص، فإن المسؤولية عن الآثار المترتبة عن القرارات الصادرة في إطار تفويض التوقيع[22] تبقى على عاتق المفوض إليه.
بهذا المعنى ونتيجة لذلك، فإن تحمل المسؤولية في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية عن فعل مخالف في إطار تفويض التوقيع ومن حيث المبدأ يكون على عاتق المفوض الأصيل ولا تنتقل تبعا لذلك المتابعة إلى المفوض إليه.
لكن، وحيث أن هناك فئة مهمة من المدبرين العموميين مستثنون من المساءلة أمام القاضي المالي في مادة التأديب، وحيث أنه وبحكم مهامهم الوظيفية المتشعبة فإن الواقع يفرض عليهم تفويض مجموعة من المهام الخاصة بهم. وإذا كانت ممارسة هذا الاختصاص لا تطرح أي إشكال بخصوص تفويض الاختصاص، إذ وكما تم الإشارة إلى ذلك فإن المسؤولية عن الآثار المترتبة عن هذا التفويض تبقى على عاتق المفوض إليه. فإن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المقام يتعلق بتفويض التوقيع الذي تنتقل المسؤولية عن الآثار المترتبة عنه للمفوض الأصلي.
وإذا كان هذا الإجراء طبيعي عندما يتعلق الأمر بفئة المدبرين العموميين العاديين غير المستثنون من المتابعة أمام القاضي المالي في مادة التأديب، إذ يمكن للقاضي المالي في هذه الحالة متابعة صاحب التفويض الأصلي. فإن هذا الوضع يطرح العديد من الإشكالات عندما يتعلق الأمر بالفئة التي استثناها المشرع من المتابعة أمام القاضي المالي.
بمعنى أكثر وضوح، ماذا لو تم ارتكاب مخالفة موجبة للمتابعة في مادة التأديب من طرف مدبر عمومي بناء على تفويض توقيع صادر عن الجهة المستثناة من المتابعة في مادة التأديب المالي، أمام من تكون المسؤولية في هذه الحالة؟ هل يجب متابعة المفوض له أم المفوض الأصلي؟
إلا أنه وحيث أن المتابعة أمام القاضي المالي لا تشمل هؤلاء المدبرون العموميون أصحاب هذا التفويض الأصلي، فإننا نخلص تبعا لذلك لطرح سؤال من نوع آخر، هل التدبير العمومي المعيب في هذه الحالة يكون من دون متابعة أمام القاضي المالي في مادة التأديب؟
لكن وبالعودة لاستقراء عمل القاضي المالي في مادة التأديب، فإن للقاضي المالي رأي آخر، إذ يرى أنه في حالة ارتكاب المدبر العمومي إحدى المخالفات المستوجبة للمسؤولية في مجال التأديب المالي عن طريق تفويض التوقيع، وإذا كان المفوِض من فئة الوزراء والبرلمانيين الذين استثناهم المشرع من المتابعة في هذا المجال، فإن مسؤولية المدبر العمومي مرتكب المخالفة تبقى في هذه الحالة قائمة ولا تنتقل إلى المفوِض الأصلي، وبالتالي لا يسري على المفوض له في هذه الحالة المبدأ الإداري العام الذي ينقل تبعات المسؤولية في إطار تفويض التوقيع إلى صاحبه الأصلي كما لا تسري على المفوَض له مقتضيات المادة 52 من مدونة المحاكم المالية.
ففي القضية موضوع صفقة عمومية، والتي تم من خلالها استلام مجموعة من اللوازم والأدوات بتاريخ سابق لتاريخ المصادقة على الصفقة العمومية (صفقة للتسوية)[23]، وهي بالإضافة إلى أنها مخالفة لنظام الصفقات العمومية، تعتبر كذلك مخالفة لقواعد الالتزام بالنفقات العمومية وتقديم أوراق غير صحيحة للقاضي المالي، وبالتالي تندرج ضمن المخالفات المنشئة للمسؤولية في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. إلا أن محامي المتابع دافع من خلال جلسة الحكم، بعدم مسؤولية موكله عن الأخطاء التي ارتكبها عندما صادق على الصفقة، على اعتبار أنه مفوض له بذلك من طرف وزير(..)، وبالتالي يجب أن تنتقل المخالفة موضوع المتابعة إلى من فوض لموكله إبرام هذه الصفقة.
لكن وحيث يكون من فوض للمتابع الذي صادقة على الصفقة المعيبة وزير، وحيث أن هذا الأخير معفي من المسؤولية أمام القاضي المالي في مادة التأديب، فإنه ووفق هذا المنطق تكون المخالفة من دون رقابة، إلا أن اجتهاد القاضي المالي في هذه القضية حمل المسؤولية للمفوض له، وذلك بضرورة العمل وفقا للقواعد القانونية الجاري بها العمل، ومما جاء في قرار القاضي المالي ما يلي:
” وحيث يفترض في القرار الصادر عن الوزير (…) بمنح تفويض (للكاتب العام)، للنيابة عنه في المصادقة على الوثائق المبررة، أن يعمل به وفقا للقواعد القانونية الجاري بها العمل،
وحيث لا يعفي (هذا القرار)، تبعا لذلك، الكاتب العام من المسؤولية أمام المجلس الأعلى للحسابات في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، طبقا للمادة 54 من مدونة المحاكم المالية،
وعليه يكون المعني بالأمر قد ارتكب مخالفات منصوص عليها في المادة 54 من القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية تتعلق بمخالفة الالتزام بالنفقات العمومية وعدم احترام النصوص التنظيمية المتعلق بالصفقات العمومية والإدلاء إلى المحاكم المالية (المجلس الأعلى للحسابات) بأوراق غير صحيحة “[24].
وبالتالي يمكن القول ونتيجة لما سبق، أن القاضي المالي أسس لمبدأ جديد في إطار المتابعة التأديبية وهو عدم انتقال المسؤولية عن الآثار المترتبة عن تفويض التوقيع للمفوض الأصيل.
إلا أنه ومهما تكن توجهات القاضي المالي بهذا الخصوص فإن الاشكال يكمن في عدم إخضاع فئة الوزراء والبرلمانيين للمتابعة في مادة التأديب، وهو ما يكون له لا محالة آثار على تخليق مسار الصفقة العمومية، خصوصا في ظل محدودية الرقابة السياسية التي يمارسها البرلمان. خاصة وأن حدود المتابعة في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية لا تقف عند هذا الحد، إذ وبالإضافة إلى استثناء الوزراء وأعضاء الحكومة والبرلمان، كذلك إذا أدلى مرتكبو المخالفات المتعلقة بالتأديب بأوامر كتابية صادرة عن رئيسهم التسلسلي موضوع المخالفة انتقلت المسؤولية لمن أصدر الأمر الكتابي[25].
خاتمة:
في الختام يمكن القول أنه إذا كانت المسؤولية في إطار تفويض التوقيع لا تشكل خطورة لما للكلمة من معنى، إذ لا تنتقل المسؤولية التأديبية إلى المفوض (فئة المدبرين العموميين المستثنون من المساءلة أمام القاضي المالي طبقا للمادة 52) كما تم تبيان ذلك في القرار السابق، فإن الأمر يزداد تعقيدا بعدم متابعة كل مدبر عمومي في مادة التأديب المالي إذا أدلى بأمر كتابي موضوع المخالفة المرتكبة صادر عن رئيسه التسلسلي[26].
لائحة المراجع:
بلخال، عبد الفتاح. التنظيم الإداري. سلسلة العلوم الإدارية والقانون الإداري، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، طبعة 2016.
براو، محمد. القواعد القانونية والقضائية للتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية للمسؤولين والموظفين والأعوان العموميين. مكتبة دار السلام، الطبعة الأولى 2017.
بن به، إبراهيم. نظام مسؤولية المدبرين العموميين أمام القاضي المالي: دراسة قانونية وقضائية مقارنة. طوب بريس، الطبعة الأولى 2017.
حسين صحيب. “الطعن بالنقض في قرارات المجلس الأعلى للحسابات وحماية المال العام”، في الرقابة على الأموال العمومية في البلدان المغاربية. أشغال الندوة المغاربية المنظمة يومي 18 و19 أكتوبر 2019 من طرف فريق الأبحاث والدراسات الإدارية والمالية – شعبة القانون – بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، بشراكة مع مركز الدراسات في الحكامة والتنمية الترابية ومنظمة هانس سايدل الألمانية وبدعم من مجلس جهة درعة تافيلالت، مطبعة الأمنية، الرباط.
الزباخ، عبد الودود. “مساهمة المحاكم المالية في إقرار الحكامة المالية”، مجلة الحقوق. مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2022.
عقاش، إبراهيم. “الطبيعة القانونية لمسؤولية الآمرين بالصرف”، مجلة مسالك، العدد السابع، ص 67.
Thébault, Stéphane. L’ordonnateur en droit public financier. D.G.D.J, Montechrestien, 2007.
قرار صادر عن المجلس الأعلى للحسابات في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، عدد 42/2012، بتاريخ 27 يونيو 2012.
قرار صادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، عدد 886، بتاريخ 11/12/2003.
دستور المملكة المغربية لسنة 2011، الصادر بتنفيذه الظهير شريف رقم 91-11-1 الصادر في 27 من شعبان 1432 الموافق 29 يوليو 2011.
ظهير شريف رقم 1.02.124 صادر في فاتح ربيع الآخر 1423 (13 يونيو 2002) بتنفيذ القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
- – حسين صحيب، الطعن بالنقض في قرارات المجلس الأعلى للحسابات وحماية المال العام، الرقابة على الأموال العمومية في البلدان المغاربية ، أشغال الندوة المغاربية المنظمة يومي 18و 19 أكتوبر 2019 من طرف فريق الأبحاث والدراسات الإدارية والمالية- شعبة القانون – بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية بشراكة مع مركز الدراسات في الحكامة والتنمية الترابية ومنظمة هانس سايدل الألمانية وبدعم من مجلس جهة درعة تافيلالت مطبعة الأمنية الرباط، ص 183. ↑
- – تنص الفقرة الأولى من الفصل السادس من دستور 2011 على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له. ↑
- – المادة 52 من مدونة المحاكم المالية لسنة 2002، مرجع سابق. ↑
- -عبدالودود الزباخ، مساهمة المحاكم المالية في إقرار الحكامة المالية، مجلة الحقوق، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2022، ص 101. ↑
- – إبراهيم بن به، نظام مسؤولية المدبرين العموميين أمام القاضي المالي دراسة قانونية وقضائية مقارنة، طوب بريس، الطبعة الأولى 2017، ص 122. ↑
- – محمد براو، القواعد القانونية والقضائية للتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية للمسؤولين والموظفين والأعوان العموميين، مكتبة دار السلام، الطبعة الأولى 2017 ص 49. ↑
- – إبراهيم بن به، مرجع سابق، 123. ↑
- – Stéphane Thébault, L’ordonnateur en droit public financier, D.G.D.J, Montechrestien,2007, p 194. ↑
- – عبدالودود الزباخ، مرجع سابق، ص 95. ↑
- – إبراهيم عقاش، الطبيعة القانونية لمسؤولية الآمرين بالصرف، مجلة مسالك، العدد السابع ص 67. ↑
- – Stéphanie Damarey , Le juge administratif, juge financier, Dalloz,2001,p92. ↑
- – لعل هذه النقطة الخاصة بتفعيل المتابعة الجنائية هي ما يميز عمل القاضي المالي عن القاضي الإداري، أنظر لحسن غازي ، رقابة القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على الصفقات العمومية بالمغرب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- أكدال ، 2023/2024. ↑
- – تنص المادة 111 من مدونة المحاكم المالية، على ما يلي : لا تحول المتابعات أمام المجلس دون ممارسة الدعوى التأديبيبة والدعوى الجنائية. وإذا اكتشف المجلس أفعالا من شأنھا أن تستوجب عقوبة تأديبية، أخبر الوكيل العام للملك بھذه الأفعال السلطة التي لھا حق التأديب بالنسبة للمعني بالأمر، والتي تخبر المجلس خلال أجل ستة أشھر في بيان معلل بالتدابير التي اتخذتھا. وإذا كان الأمر يتعلق بأفعال يظھر أنھا قد تستوجب عقوبة جنائية، رفع الوكيل العام للملك الأمر من تلقاء نفسه أو بإيعاز من الرئيس الأول إلى وزير العدل قصد اتخاذ ما يراه ملائما، وأخبر بذلك السلطة التي ينتمي إليھا المعني بالأمر. ويخبر وزير العدل المجلس بالتدابير التي اتخذھا. ↑
- – Mohamed Harakat, le droit de contrôle supérieur des finances publiques au Maroc, édition Babel, Rabat 1992, p 258. ↑
- – ينص الفصل 94 من دستور 2011 على أن أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة، عما يرتكبون من جنايات وجنح، أثناء ممارستهم لمهامهم. ↑
- – المادة 118 من مدونة المحاكم المالية لسنة 2002، مرجع سابق. ↑
- – تنص المادة 52 من مدونة المحاكم المالية على أنه “لا يخضع للاختصاص القضائي للمجلس في ميدان التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه الصفة”. ↑
- – تستمد حصانة النواب والمستشارين أمام المجلس الأعلى للحسابات من الحصانة السياسية المستمدة من مبدا “سيادة الأمة”، والمقصود بالحصانة هنا، الحصانة الموضوعية أي الحصانة المرتبطة يتصرف البرلماني ماليا وإداريا بصفته تلك، وليس الحصانة المقررة في الفصل 64 من دستور سنة 2011، وحتى هذه الأخيرة فإن الهدف منها حسب الفقه والقانون المقارن هو تمكين النائب أو المستشار من ممارسة مهامه بكيفية عادية، وليس تمتيعه بامتياز مخالف لمبدأ المساواة أمام القانون. وما يزكي هذا الطرح، توجه المشرع المالي المغربي، على خلاف نظيره الفرنسي، إلى عدم إدراج الآمرين بالصرف بالجماعات الترابية ضمن حالات عدم الاختصاص، فالبرلماني (على غرار الوالي أو العامل أو أي شخص آخر) قد يتابع أمام المجالس الجهوية للحسابات في ميدان التأديب المالي إذا كان أمرا بالصرف لجماعة ترابية أو هيئة، والمتابعة تكون بهذه الصفة الأخيرة، حيث لا دخل للحصانة في دفعها. أنظر: – محمد براو: “الوسيط في شرح مدونة المحاكم المالية”، مرجع سابق، ص: 209. ↑
- – قرار صادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، عدد 886 بتاريخ 2003/12/11. ↑
- – عبدالفتاح بلخال، التنظيم الإداري، سلسلة العلوم الإدارية والقانون الإداري، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، طبعة 2016، ص78. ↑
- – يقصد بهذا التفويض أن يعهد صاحب الاختصاص بممارسة جانب من اختصاصه سواء في مسألة معينة أو في نوع معين من المسائل إلى فرد آخر أو سلطة أخرى طبقا لما تقتضيه الأوضاع القانونية. فهذا النوع من التفويض ينقل السلطة بأكملها إلى المفوض إليه، وهذا يمنع الأصيل المفوّض من ممارسة الاختصاص الذي تم تفويضه أثناء سريان التفويض. وفي هذه الصورة من التفويض تكون قرارات المفوض إليه في نطاق التفويض منسوبة إلى المفوض إليه وتأخذ مرتبة درجته الوظيفية، ويوجه تفويض الاختصاص إلى المفوض إليه بصفته لا بشخصه فلا ينتهي التفويض بشغل موظف آخر لوظيفة المفوض إليه” ، أنظر عبدالفتاح بلخال، مرجع سابق، ص81. ↑
- – وهو تفويض شخصي يأخذ بعين الاعتبار شخصية المفوض إليه، فهو ينطوي على ثقة الرئيس به ومن ثم فهو ينتهي بتغير المفوض أو المفوض إليه، ويستطيع الرئيس الإداري ممارسة نفس الصلاحية المفوضة إلى مرؤوسيه. ↑
- – لا وجود لهذا النوع من الصفقات المسماة ” التسوية ” في التشريع المغربي، كما أن الاجتهادات في مجال الصفقات العمومية نفت كل تكييف قانوني لها، ذلك أن اللجوء إلى إبرام ” صفقات تسوية ” يشكل مخالفة للقواعد التنظيمية المتعلقة بتنفيذ الصفقات العمومية، حيث لا يوجد أي نص تنظيمـي أو تشريعـي يجيـز اللجوء إلى ” صفقات تسوية ” لإضفاء الشرعية على أعمال أنجزت خلافا للمقتضيات التنظيمية الواردة في المجال التعاقدي، فصفقات تسوية تعنـي تسوية أعمال سبق القيام بها قبل الالتـزام بالنفقة. بحيث يتم إصدار صفقات كتسوية للأعمال موضوع هذه الطلبيات تم القيام بها سلفا، وقد وردت الحالة الوحيدة الــتي يجوز فيها إبرام هذه الصفقات في إطار الصفقات التفاوضية عندما يتعلق الأمر بالأعمال المستعـجلة التي تهم الدفاع عن حوزة الوطن أو أمن السكان وسلامة السير الطرقي أو الملاحة الجوية أو ناتج عن حدث سياسي استثنائي يوجب الشروع في تنفيذها قبل أن يتسنى تحديد جميع شروط الصفقة (أنظر الفقرة الأخيرة من القسم الثاني من هذا البحث). ↑
- – قرار صادر عن المجلس الأعلى للحسابات في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، عدد42/2012، بتاريخ 27 يونيو 2012. ↑
- – تنص المادة 153 و المادة 137 من مدونة المحاكم المالية على ما يلي: إذا أدلى مرتكبو المخالفات المشار إليها في المواد 54 و 55 و 56 بأمر كتابي صادر قبل ارتكاب المخالفة عن رئيسهم التسلسلي أو عن أي شخص مؤهل لإصدار هذا الأمر، انتقلت المسؤولية امام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية إلى من أصدر هذا الأمر الكتابي. ↑
- – للتوسع أكثر حول الأمر الكتابي وشروط صحته وتأثير ذلك على الصفقات العمومية يراجع، لحسن غازي، رقابة القاضي المالي في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على الصفقات العمومية بالمغرب، مرجع سابق، ص 63. ↑





