الحكامة الترابية والتوزيع العادل للمشاريع التنموية بالجهات – الدكتورة: إيمان اليزناسني
الحكامة الترابية والتوزيع العادل للمشاريع التنموية بالجهات
Territorial governance and equitable distribution of development projects in the regions
حاصلة على الدكتوراه في القانون العام باحثة في القانون العام
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/EJTM3163
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

الحكامة الترابية والتوزيع العادل للمشاريع التنموية بالجهات
Territorial governance and equitable distribution of development projects in the regions
حاصلة على الدكتوراه في القانون العام باحثة في القانون العام
الملخص:
إن التنمية الترابية تعد أهم المنطلقات الأساسية للإرتقاء بجهات المملكة على كل الأصعدة، خصوصا وأن المغرب على مشارف تنظيم مونديال 2030، مما من شأنه الدفع بالفاعلين في تدبيرها لضرورة البحث عن آليات ووسائل حديثة للتدبير الترابي لجعله مواكبا للتطلعات والحاجيات التنموية للساكنة عبر تعزيز البعد التنموي بها، وكذا التوزيع العادل للمشاريع التنموية قصد تحقيق العدالة المجالية في استفادة كل جهات المملكة المغربية منها.
كما أن رهان الحكامة الترابية كرافعة للبعد التنموي الترابي أضحى مطلبا جد مهم تفرضه التحديات الراهنة، وتقتضيه رهانات المرحلة المستقبلية، بما يجسد إرساء ركائز النموذج التنموي الذي يطمح إليه المغرب.
الكلمات المفتاحية:
التدبير الترابي- التنمية الترابية- الحكامة الترابية- المشاريع التنموية- التوزيع العادل
Abstract :
Territorial development is one of the most important basic principles for advancing the Kingdom’s regions at all levels, especially as Morocco is on the verge of hosting the 2030 World Cup. Which would push the stakeholders in its management to the need to search for modern mechanisms and means for territorial management to make it keep pace with the aspirations and development needs of the population by strengthening its development dimension. As well as the fair distribution of development projects in order to achieve spatial justice in benefiting all regions of the Kingdom of Morocco.
The challenge of territorial governance as a lever for territorial development has become a very important requirement imposed by current challenges and required by future challenges, embodying the foundations of the development model to which Morocco aspires.
Keywords :
Territorial management- Territorial development- Territorial governance – development projects – Fair distribution.
مقدمة:
إن الجماعات الترابية ما فتئت تلعب دور الشريك والمساهم الأساسي في تحقيق التنمية الترابية، استكمالا لورش الإصلاح الذي أطر معالمه دستور 2011، وذلك من خلال تسطير خريطة طريق للجماعات الترابية، وتجسيدا لذلك، جاءت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية[1] قصد إرساء دور الجهوية المتقدمة تفعيلا للتنمية الترابية. وبالتالي، فإن التنمية الترابية تعتبر أحد المنطلقات الأساسية لتحديث الدولة ودمقرطة مؤسساتها، وكذا ضمان التوزيع العادل للمشاريع التنموية قصد تحقيق العدالة في استفادة كل الجماعات الترابية منها.
فكما هو معروف أن التنمية الترابية تعد أحد أهم المنطلقات الأساسية لنجاح المشاريع التنموية، وانعكاساتها الإيجابية على كل الأصعدة، خصوصا وأن المغرب على مشارف تنظيم مونديال 2030، مما من شأنه تعزيز البعد التنموي للجهات والتوزيع العادل للمشاريع التنموية بها قصد تحقيق العدالة المجالية في استفادة كل جهات المملكة المغربية منها.
إن ربح رهانات التنمية الشاملة بالجماعات الترابية يحتم علينا التطرق للتحديات التي تقف حاجزا في طريق تحقيق التنمية الترابية، فالتطرق لها يسمح بالانتقال من مرحلة التشخيص إلى مرحلة تدبير الاكراهات، وإيجاد الحلول ووضع الاستراتيجيات التي من شأنها تحقيق حكامة على مستوى التدبير كمجال حيوي للتنمية الترابية، وذلك بالانتقال من التدبير التقليدي إلى التدبير الحكاماتي عن طريق الاعتماد على التخطيط والتدبير الاستراتيجي كمفاهيم جديدة للتنمية الترابية، إضافة إلى تنمية الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية كركيزة أساسية لتفعيل ذلك ، مع نهج مقاربة حديثة تقوم على أساس التحول من منطق التحكم أو المساعدة إلى منطق الشراكة والمواكبة والتضامن .
كما تعتبر الحكامة الترابية من أهم الرهانات التي يعول عليها لاستكمال مسار التنمية الشاملة والمستدامة على صعيد كل الجهات، وذلك في اتجاه مواكبة التغيرات المتسارعة على مستوى التدبير الترابي، والتي تسير في منحى زيادة توسيع الاختصاصات لفائدة المنتخبين المحليين، وذلك مجاراة ومواكبة للمستجدات المنصوص عليها في الباب التاسع من دستور المملكة لسنة 2011، والمرتبطة بالجهات والجماعات الترابية.
تتجلى أهمية الموضوع، باعتباره يستمد قيمته من خلال عمق التحديات التي أضحت تواجه الجهات من عدة جوانب، فالارتقاء بها إلى جهات تنموية أضحى أمرا حتميا، وأصبح من المسلم به أن الحكامة الترابية هي الدعامة الأساسية لربح رهانات التنمية الشاملة، وضمان عدالة تنموية بين جل الجهات.
ومن حيث أهداف هذه الدراسة فيمكن حصرها في:
– تشخيص واقع حال تدبير الجماعات الترابية عبر التطرق للتحديات والمعيقات التي تعرفها.
– تقييم التدبير الترابي ومدى انعكاساته على التنمية الترابية.
– رصد رهانات الحكامة الترابية كرافعة للتنمية الشاملة والمستدامة بالجهات.
ويمكن ذكر الإشكالية الرئيسية للدراسة في:
إلى أي حد استطاعت الجماعات الترابية تجاوز تحديات الواقع والسعي نحو الاستفادة من التنمية الترابية بشكل عادل؟
وعن هذه الاشكالية الرئيسية يمكن ذكر الأسئلة الفرعية التالية:
- ما هي التحديات والمعيقات التي يعرفها تدبير الجماعات الترابية؟
- وأين تتجلى انعكاساتها التنموية؟
- وما هي رهانات الحكامة الترابية باعتبارها رافعة للتنمية الترابية؟
يمكن تقسيم محاور هذه الدراسة إلى:
- المبحث الأول: واقع تدبير الجهات وانعكاساته على البعد التنموي
- المبحث الثاني: رهانات الحكامة الترابية كرافعة للبعد التنموي الترابي
المبحث الأول: واقع تدبير الجهات وانعكاساته على البعد التنموي
تعتبر الجهوية المتقدمة أداة هامة وبارزة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تهدف لتقليص التفاوتات المجالية بين الجهات، وكذا تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين كل مكونات المجتمع، إلا أنها لا زالت تواجه عدة تحديات كبرى تعوق التنمية العادلة المنشودة بين الجهات، وهي متعددة الأوجه، ولكن سيتم التطرق للفوارق التنموية بالجهات، والتحديات المالية والبشرية.
المطلب الأول: الفوارق التنموية بالجهات
بالرغم من الإصلاحات المتعددة الجوانب بالجماعات الترابية، إلا أنها لا زالت تعاني من عدة تفاوتات عميقة على مستوى التنمية بين الجماعات الحضرية الكبرى، وبين الجماعات القروية النائية.
الفرع الأول: التفاوتات السوسيواقتصادية والمجالية بين الجهات
إن بروز الاختلالات والتفاوتات السوسيواقتصادية والمجالية بين جهات المملكة المغربية أدى بالدولة لضرورة إعادة تقسيم الجهات ل 12 جهة بدل 16 جهة، حيث أصبحت المجالس الجهوية المنتخبة تتمتع بصلاحيات عدة، تحكمت فيها مجموعة من المبادئ التي تؤسس لفضاء جهوي منفتح يساهم في تقويم الإكراهات التي تعرفها الجهات، والتي جاء بها القانون 14/111 كمبدأ التدبير الحر ومبدأ التفريع اللذان من شأنهما تعزيز التدبير الجهوي.
وفي هذا السياق، جاء جواب السيد رئيس الحكومة السابق على سؤال برلماني متعلق بالسياسة العامة حول برنامج الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية[2] ، إذ أكد أن “الحكومة حرصت على تفعيل كل من صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات، اللذان يهدفان إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات، والتوزيع المتكافئ للموارد قصد التقليص من التفاوتات ، وذلك من خلال اعتماد المرسومين الخاصين بهما ، والذين ينظمان على الخصوص معايير استفادة الجهات من صندوق التأهيل الاجتماعي ومعايير توزيع الموارد المالية، لصندوق التضامن بين الجهات ، وهي المعايير التي روعي فيها تحقيق توزيع متكافئ للموارد بما يمكن من التقليص من التفاوتات بين الجهات”.
ويمكن اعتبار أن التباين الترابي بين الجهات في المغرب، بحسب مجموعة من الباحثين يعود إلى مرحلة ما قبل الاستعمار، عندما كان المغرب مقسما بين مجالين، واستمر هذا الفصل المجالي خلال مرحلة الاستعمار، حيث أصبح هناك “المغرب النافع”، وهي المناطق الغنية بالثروات الطبيعية والمعدنية، ومن ثمة عمل المستعمر على احتوائها وتشييد المؤسسات الإدارية والطرق والسكك الحديدية إضافة إلى المباني السكنية بها، و” المغرب غير النافع”، الذي يحيل إلى المناطق القروية النائية التي قاومت ورفضت دخول المستعمر، بالرغم من فحالة أراضيها وقلة ثرواتها وغياب بنيات تحتية أساسية بها[3].
ومن أجل تجاوز التحديات الجهوية بالمغرب تم اتخاذ مجموعة من التدابير، إذ يمكن ذكر أبرزها في برنامج تقليص الفوارق المجالية بالوسط القروي خلال الفترة الممتدة ما بين 2017/2023[4]، والذي جاء تنفيذا للتوجيهات الملكية، والذي يهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للمناطق الجبلية من خلال تلبية الاحتياجات من البنيات الأساسية، والمرافق الاجتماعية للقرب، وقد سطرت لهذا البرنامج ثلاثة أهداف استراتيجية تتمثل في:
- فك العزلة عن السكان في المناطق القروية والجبلية، عبر تحسين ولوج الساكنة إلى الخدمات الأساسية المتعلقة بالكهرباء، الماء الصالح للشرب، الصحة، التعليم، والخدمات.
- توفير وتنويع القدرات الاقتصادية للمناطق القروية والجبلية.
- تحسين مؤشرات التنمية البشرية في هذه المناطق.
الفرع الثاني: التوزيع غير العادل للمشاريع التنموية
يتجلى التوزيع غير العادل للمشاريع التنموية بالأساس في توجيه الكثير من الاستثمارات إلى المدن الكبرى والمناطق الحضرية، بينما تبقى المناطق القروية والنائية بعيدة عن مستويات التنمية، مما يزيد من حدة التهميش الاقتصادي والاجتماعي بها.
إن التفاوتات المجالية والفوارق الاجتماعية بين جهات المملكة تنعكس سلبا لا محالة على تحقيق التنمية الترابية المنشودة، إذ لا تزال بعض الجهات تحتكر الثروة الوطنية، بينما هناك جهات أخرى لا تزال تعاني من ضعف في نسب التنمية. وبحسب تقرير مدرج ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2021 [5] فإن تحليل الناتج الداخلي الخام للفترة ما بين 2001-2018 يظهر أن ست جهات بالمملكة تستحوذ على نسبة %70.9من إنتاج الثروة الوطنية، ويتعلق الأمر بكل من جهة الرباط سلا القنيطرة والشرق والدار البيضاء سطات وبني ملال خنيفرة ودرعة تافيلالت وفاس مكناس.
فبالرغم من كل الآليات والبرامج التي تم تبنيها على مستوى التوجه لبناء الجهوية الموسعة بخصوصية مغربية متفردة، فإن التباينات الجهوية بالمغرب على مستوى التنمية في أبعادها المجالية ساهمت في تكثيف الهجرات من القرى والمناطق المهمشة نحو المدن، ومن مدن الهامش الاقتصادي للجهة إلى مدن أخرى أكثر جاذبية، ومن إقليم إلى إقليم أكثر موارد وأكثر فرصا[6].
لا يمكن انكار أن العدالة الترابية تعتبر مدخلا أساسيا لترسيخ التنمية الترابية في شتى المجالات، نظرا لما تجسده من توزيع متوازن ومتكافئ للتقسيم الترابي من جهة، وكذلك من حيث الاستثمار وكذا الاستفادة المنصفة مما تحتوي عليه جهة من الجهات من ثروات طبيعية وطاقات بشرية من جهة أخرى، بل تعتبر مرتكزا بارزا لترسيخ الديمقراطية وتأسيس دولة الحق والقانون، مما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي للموطنين.
المطلب الثاني: التحديات البشرية والمالية كمعيق للتنمية الترابية
تعتبر الموارد الحلقة الأساسية في أي مسلسل تنموي، فالموارد المالية والبشرية هي الركيزة البارزة التي يمكن أن تعتمد عليها الجماعات الترابية لتحقيق أهدافها التنموية في جميع الأصعدة، لكنها لازالت تعاني من عدة صعوبات وإكراهات تؤثر بشكل سلبي على التنمية الترابية الشاملة.
الفرع الأول: المعيقات البشرية
إن قلة الأطر البشرية الملمة بآليات التدبير الحديث كالتدبير المبني على النتائج، والتدبير الاستراتيجي للمشاريع التنموية يعرقل بشكل مباشر تنفيذ البرامج التنموية على مستوى بعض الجماعات الترابية، علاوة على ذلك غياب سياسات محفزة وفعالة لتشجيع الموارد البشرية ذات الكفاءة للعمل بالمناطق النائية والمعزولة.
كما يطرح إكراه التفاوت في انتشار الكفاءات والأطر العليا بين الجهات، تأثيرات عميقة على جودة وفعالية الخدمات العمومية، وعلى سبيل المثال فبالرغم من التقدم الملحوظ في إرساء البنيات التحتية الصحية بالعالم القروي فإنها تظل تفتقد للفعالية المطلوبة في تقديم الخدمات الصحية للمرتفقين، بسبب غياب أو قلة الأطر الصحية في العديد من المراكز الصحية، الأمر الذي يفرض لزوما اعتماد تدابير تحفيزية لتشجيع الأطر الصحية على الاستقرار بالمناطق النائية.
كما أن التفاوتات في التدبير الترابي وقيادة برامج التنمية تؤثر سلبا على التنمية الترابية، لأن مركزة الأطر في الإدارات المركزية والمدن الكبرى يجعل باقي المناطق مفتقدة للموارد البشرية المطلوبة في تنفيذ مشاريع التنمية الترابية، مما ينعكس سلبا على تطبيق البرامج الكبرى الرامية إلى تقليص الفوارق المجالية والسوسيو اقتصادية.
كما أن غياب التدبير الاستراتيجي لمنظومة الموارد البشرية بالجماعات الترابية، يجعلها لا تساير المتطلبات والحاجيات الجديدة لتدبير الشأن العام المحلي، ولا يستجيب لطموحات الموظفين في تنظيم مسارهم الوظيفي بشكل أفضل وأمثل. لذا بات من الضروري إجراء دراسة ميدانية بواسطة إحداث بنك للمعطيات حول تطور عدد الموارد البشرية بمختلف الجماعات الترابية، مع تحديد اختصاصاتها الجديدة مواكبة للتطورات والتحولات التي تعرفها منظومة تدبير الموارد البشرية وطنيا وعالميا.
وفي إطار تدبير الجماعات الترابية عن طريق الموارد البشرية، لا يمكن فقط الحديث عن عنصر المنتخب دون التطرق للموظف، فأدور هاتين الفئتين يمكن اعتبارها متبادلة، لأن الإدارة تقوم بوظيفتها ارتكازا على خطط وتعليمات المجلس الجماعي، وتحت مراقبة الرئيس التسلسلي للموظفين أيضا، كون المجلس الجماعي لا يستطيع تسيير المصالح الجماعية وتنفيذ برامجه دون وجود إدارة جماعية مهيكلة ومنظمة وموظفين أكفاء[7].
ويمكن استخلاص أهم الاختلالات التي تعرقل نجاعة تدبير الموارد البشرية بالجهات، لاختلالات مرتبطة بنظام الوظيفة العمومية الترابية، وكذا معيقات تتعلق بتعدد المتدخلين في تدبيره وتحكم الأبعاد السياسية في ذلك، وكذا غياب التخطيط والتدبير الاستراتيجيين، وكذا التدبير التوقعي للوظيفة العمومية الترابية.
الفرع الثاني: التحديات المالية
يتوقف نجاح الجهات في أداء مهامها في مجال النهوض بالتنمية الترابية الشاملة على حجم مواردها المالية، فالتدبير المالي المحلي ببعضها يعاني من عدة صعوبات وتحديات، تقف معترضة سبيلها في تحقيق أهدافها التنموية، ومن أبرزها:
- التمويل المالي المحدود لبعض الجهات
إذ لا تزال بعض الجهات تعتمد بشكل كبير على ميزانية التمويل المنقول من طرف الدولة، نظرا لعدم كفاية ماليتها الذاتية لضمان تمويل المشاريع التنموية بها.
- ندرة الموارد المالية المحلية
وذلك، نظرا لضعف الموارد المالية للهيئات المحلية وعدم كفايتها لتغطية نفقتها التسييرية والتجهيزية، إذ أضحت تلجأ للموارد غير الذاتية كأداة يمكن أن تكون فعالة لتمويل ميزانياتها، وخصوصا الجزء المتعلق بالاستثمار.
ويمكن إجمال أسباب هذه الندرة على سبيل المثال لا الحصر في:
- محدودية النظام الجبائي المحلي؛
- نقص في الرصيد العقاري الجماعي؛
- ضعف موارد الأملاك الجماعية؛
- ضعف التمويل الخارجي أو الاستثنائي.
- سوء التدبير المالي
يعتبر عامل سوء تدبير الموارد المالية من طرف الجماعات الترابية من المعيقات الأساسية التي تعترض مسار الجهوية المتقدمة بالمغرب، ومن أبرز تجليات ذلك، تطور بعض الممارسات السلبية من طرف الملزم الضريبي، كالتهرب والغش الضريبي مما من شأنه الرفع من حدة أزمة التدبير المالي بالجماعات الترابية، إذ أن العلاقة التي يحكمها طابع الزبونية والمحاباة القائمة بين المنتخبين وسكان جماعاتهم، يتيح لهؤلاء فرصة التهرب من أداء مستحقاتهم لفائدة الجماعات التي ينتمون إليها.
- تكريس الفوارق الجبائية بين الجماعات الترابية
تبرز الفوارق الجبائية المحلية من خلال تفاوت درجات الاستفادة الجبائية حسب التشريع الجبائي، فالجماعات الحضرية والقروية تستفيد من 11 رسما محليا، بينما تقتصر استفادة العمالات والأقاليم من ثلاثة رسوم، أما الجهات فتستفيد من نفس العدد من الرسوم، خاصة الرسم على الصيد والمناجم والخدمات المقدمة بالموانئ، وبالتالي فاستفادة جميع الجهات من هذه الموارد تكون مستحيلة لعدم توفر بعضها على الأوعية الجبائية.
وتتجلى الفوارق الجبائية المحلية على مستوى الجماعات الحضرية والقروية، أساسا باعتبار أن أغلب الأوعية الجبائية تتواجد في المجال الحضري، كما أن ترك الحرية للمجالس الجماعية، بخصوص تحديد أسعار بعض الرسوم المحلية التي حدد لها القانون سقفا أقصى وأخر أدنى، خلق نوعا من التفاوت والتباين بين جماعة محلية وأخرى، بحيث يتم استغلال الحرية في تحديد الأسعار لأغراض انتخابية.[8]
- تفاقم مشكل الباقي استخلاصه
يعد إكراه الباقي استخلاصه من الأمور التي تزيد من تأزم الواقع المالي للجماعات الترابية، خاصة بالجماعات القروية ذات المداخيل الهزيلة (أكرية محلات تجارية وسكنية وعقارات في ملكيتها). وأضحى هذا العائق ورما ووباء يستنزف نسبة مهمة من ميزانية تسيير جماعات فقيرة بحاجة لإمدادات مالية تخرجها من أزمتها، وتتعدد أسباب عدم استخلاص تلك المداخيل كظاهرة مالية معقدة ومركبة، متأرجحة بين التهاون في التدبير، وغض الطرف لدوافع مرتبطة أحيانا بحسابات سياسية، دون مراعاة تأثيرها السلبي على السير الطبيعي للجماعات الترابية.
المبحث الثاني: رهانات الحكامة الترابية كرافعة للبعد التنموي الترابي
توجد هناك علاقة تكاملية بين الجهوية كسياسة والتراب كمجال خاضع له، لأن منطقهما وهدفهما وطريقهما واحد، لذلك فإن التحول من السياسة الجهوية في بعدها الإداري الصرف إلى سياسة جهوية متقدمة، يجب أن يرتكز بالدرجة الأولى إلى اعتماد مبادئ الحكامة الترابية، نظرا لفعاليتها في معالجة الاختلالات ومحاربة التفاوتات في خلق جهوية متطورة، تجعل من الجهة مجالا تنمويا للتكامل والتضامن الترابي.
المطلب الأول: تكريس البعد الترابي كأساس لتحقيق التنمية الترابية العادلة
لقد جاء في مضمون الرسالة الملكية السامية الموجهة في النسخة الثانية من المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، في إطار افتتاح أشغال المناظرة التي احتضنتها مدينة طنجة يومي 20 و21 دجنبر 2024، تحت شعار “الجهوية المتقدمة بين تحديات اليوم والغد[9]“:
“وإننا نتطلع لأن تشكل هذه المناظرة فرصة لاستعراض حصيلة تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، ولتكريس التفاعل الإيجابي بين كافة المتدخلين، من مسؤولين حكوميين وممثلين عن المؤسسات العمومية ومنتخبين، حول الأسئلة ذات الاهتمام المشترك المتصلة بالتفعيل الأمثل لهذا الورش، وكذا البحث عن أنجع السبل لجعل الجهوية المتقدمة رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، قادرة على مواجهة تحديات التنمية، ومعالجة أوجه النمو غير المتكافئ، والتفاوتات المجالية.”
ولضمان تنزيل أمثل لورش الجهوية المتقدمة دعت الرسالة الملكية “إلى مواصلة الجهود لمواجهة مختلف التحديات الراهنة والمستقبلية، التي يطرحها هذا الورش المهيكل “.
وبالتالي، أصبح التراب المحلي يشكل حجر الزاوية للحكامة الترابية، حيث إن كل تنمية اقتصادية واجتماعية تدعمها ديناميات ترابية محلية لتسيير الموارد البشرية، والشراكة ولسوق الشغل وللعطاء المضاد ولخلق علاقات الثقة[10]، ويجد هذا العنصر أساسه في العناصر التالية:
- يشكل التراب المحلي الفضاء الأكثر اندماجية للمستويات الموضوعية والإنسانية والاجتماعية.
- التراب المحلي هو الإطار الأكثر إجرائية لتنفيذ السياسات العمومية، ومتابعتها (سواء في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو البيئي…).
- يمثل الإطار الترابي المرجعية الأكثر حداثة لتطوير منظومة الحكامة نفسها، في ارتباطه بالخصوصيات المجتمعية المحلية على ضوء مبدأ المقاربة الترابية.
انطلاقا مما سبق ذكره، فإن المقاربة الترابية تفرض نفسها من كون أن التراب يشكل المستوى الذي يمكن من تقييم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، انطلاقا من الشراكة والمسؤولية على المستوى الترابي.
إن سمو المقاربة الترابية جزء لا يتجزأ من مبادئ الحكامة الجيدة، حيث أن الحكامة الترابية تنبني على أساس مبدأ التدبير الحر سواء من حيث اللامركزية واللاتمركز الإداريين ، ويقوم هذا المبدأ على اعتبار أن كل مستوى ترابي من مستويات الحكامة يلزمه إعطاء أجوبة نوعية ومحددة، لتساؤلات وقضايا مشتركة، بمعنى آخر ينطلق ذات المبدأ من أن الوحدات الأدنى هي صاحبة الاختصاص، ولا تتدخل الدولة إلا في حالة عجزها.
فمضمون هذه المقاربة مؤداه ضرورة تجاوز التعارض التقليدي بين التداخل في الاختصاص الذي يحد من فعالية ونجاعة التدخلات العمومية، أي أن ذات المبدأ يقضي بضرورة توضيح الاختصاص بين مستويات الحكامة وتعبئة العلاقات بينها، كما أن التعاون بين هذه المستويات يصبح أساسيا ومركزيا في تشكيل هندسة الحكامة[11].
إن الرؤية الجديدة للحكامة الترابية تكمن في اعتبار التراب المحلي ليس كجزء من المجال الطبيعي فقط، ولكن كنظام علاقات مفتوح، وهو ما يعني أن التراب أصبح حجر الزاوية في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، فالتنمية في شتى المجالات لابد أن تدعمها ديناميات ترابية كالجهات باعتبارها تمثل أقطابا للتنمية، لذلك فمن الضروري تبني أسلوب الحكامة الترابية، كأداة كفيلة لتحقيق التنمية خاصة وأنها تنبني على مجموعة من المقاربات والمبادئ والأليات، التي من شأنها أن تساعد على تحقيق التنمية، ليس فقط على مستوى المجال الحضري ولكن أيضا بالمجال القروي كذلك.
لقد وضحت الرؤية الملكية [12] بالملموس أن “نجاح الجهوية رهين باعتماد تقسيم ناجح، يتوخى قيام مناطق متكاملة اقتصاديا وجغرافيا ومنسجمة اجتماعيا وثقافيا”، فحسب الخطاب الملكي المذكور يرتبط نجاح الجهوية المتقدمة بنجاعة التقسيم الجهوي كأساس للإصلاح على المستويين البنيوي والوظيفي، فالتقسيم الترابي يعد من الإشكالات الدائمة في هذا النوع من الإصلاحات، فالخطاب الملكي نص بصريح العبارة على راهنية التقسيم الترابي، ودوره في التوفيق بين الهوية المجتمعية والتكامل بين الجهات.
المطلب الثاني: متطلبات تعزيز الحكامة الترابية
لقد أصبح من المسلم به أن هناك علاقة تأثير وتأثر بين كل من الجهوية المتقدمة والحكامة الترابية، إذ يمكن اعتبارها علاقة وظيفية فلا يمكن الحديث عن البعد التنموي للجهوية المتقدمة إلا عبر الأخذ بمتطلبات تعزيز الحكامة الترابية، قصد تجويد وتحسين أداء الجماعات الترابية.
ولتجاوز التحديات التي تعرفها بعض جهات المملكة يجب على كل المتدخلين في تدبير الشأن الترابي أن يأخذوا بعين الاعتبار المتطلبات التالية:
- وجوب التعاون بين القطاعين العام والخاص
إن تشجيع الشراكة البناءة بين القطاعين العام والخاص من شأنه تحقيق التنمية الترابية وتعزيز النشاط الاقتصادي والاستثماري بالجهات الاثني عشر بالمملكة. فالشراكة بين القطاعين العام والخاص على الصعيد الترابي تتم عبر المبادرة وكذا بدل الجهود من طرف الفاعلين من أجل تلبية أفضل لتطلعات المواطنين والفاعلين الاقتصاديين، فيما يخص البنيات التحتية والمرافق العمومية ذات الجودة، مما من شأنه تحسين الظروف المعيشية للساكنة المحلية.
وحتى يتسنى التوفيق بين ضرورة الاستجابة في أقرب الأجال الممكنة للانتظارات المتزايدة للمرتفقين بالمرافق العامة الترابية، وبين محدودية الموارد المالية المتوفرة لذا الجهات، يتعين عليها في هذا الصدد تفعيل عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص قصد تجويد وتحسين الخدمات المقدمة.
كما أن من شأن اللجوء إلى عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص التمكن من الاستفادة من القدرات الابتكارية للقطاع الخاص، وتمويله ومن ضمان توفير الخدمات بصفة تعاقدية وتقديمها في الأجال، وبالجودة المتوخاة وأداء مستحقاتها جزئيا أو كليا من طرف السلطات العمومية، وبحسب المعايير المحددة سلفا[13].
- ضرورة تعزيز الموارد المالية للجهات
وذلك عبر منح المزيد من الاستقلالية المالية للجماعات الترابية، عبر تطوير وسائل تحصيل الموارد المالية عبر الضرائب وتعزيز الأنظمة المحلية للاستثمار، خصوصا في المشاريع الاقتصادية المربحة والفعالة.
ولتعزيز الموارد المالية للجهات، يمكن اتخاذ عدة إجراءات، وذلك عبر:
- ايجاد مصادر تمويل جديدة؛
- تحسين إدارة الموارد المالية؛
- إبرام اتفاقيات شراكة مع شركات القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع تنموية مشتركة؛
- تحسين اليات التحصيل الضريبي؛
- نشر المعلومات المالية المتعلقة بالجهة على نطاق واسع؛
- تفعيل آليات الرقابة الداخلية والخارجية في إطار استخدام المال العام.
- ربط المسؤولية بالمحاسبة والتقييم المنتظم
إن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يعتبر من المبادئ الرئيسية التي كرسها دستور 2011، فمساءلة مختلف الفاعلين بالمرفق العام تبقى رهينة بالتطبيق الفعلي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، على أساس تقييم منتظم للأعمال التي يقومون بها بالنظر إلى الأهداف المحددة ومدى الامتثال للقانون.
كما أن تعزيز مهمة التقييم تعد رافعة أساسية في مجال المحاسبة، وبشكل أوسع رافعة لتحسين نجاعة كل فعل عمومي. وفي هذا الإطار، فإن تقييم الاستراتيجيات والسياسات والبرامج العمومية يجب أن يكون منتظما، سواء ضمن مقاربة تهدف لمساءلة صانعي القرار أو ضمن مقاربة تهدف إلى تحسين وتقويم الفعل العمومي على ضوء النتائج المتوصل إليها.
وبالإضافة لذلك، فإن عمل المجلس الأعلى للحسابات والبرلمان عبر مهام الافتحاص والمراقبة، قبل إدماج منهجية التقييم في عمل ونشاط القطاعات المكلفة بالتنفيذ، يكتسي أهمية كبيرة باعتباره أحد آليات قيادة وتقويم المشاريع، حسب النتائج المسجلة على أرض الواقع. وينطبق لزوم التقييم أيضا على شركاء الدولة، سواء تعلق الأمر بالقطاع الخاص أو بالمجتمع المدني، خاصة من خلال مواكبة مقاربة التعاقد التي ترتكز على النتائج وحسن الأداء[14].
- الاعتماد على آليات ووسائل التدبير الحديثة
إن تدبير المشاريع التنموية ترابيا يستدعي ضرورة الاعتماد على آليات ووسائل التدبير الحديثة كالتدبير الاستراتيجي، التدبير المبني على النتائج، التدبير التوقعي للموارد البشرية، وكذا حكامة تدبير المخاطر المحتملة.
فالأخذ بالتدبير المبني على النتائج جاء استجابة لمجموعة من المتطلبات الأساسية المتمثلة في تحقيق توازن الميزانية، وتوطيد الإطار الماكرواقتصادي، كشرطين ضروريين لتحقيق التنمية المستدامة وإشاعة ثقافة الشفافية، وتأكيد مصداقية الميزانية اتجاه العموم، وكذا دعم مبادئ المساءلة والمحاسبة، وأيضا عبر اعتماد تدبير يقوم على النتائج والفعالية.
وترسيخا لرقي النظام المالي للدولة تم اعتماد التعاقد كأداة ضرورية لتأطير العلاقات بين الإدارات المركزية ومصالحها الخارجية، تعميقا لعملية اللاتركيز الإداري من خلال إدخال علاقات تدبيرية جديدة مرتكزة على تحسين الأداء والنتائج، وكذا توسيع مجال مبادرات المدبرين من خلال إبرام عقد بين الإدارة المركزية والمصالح اللاممركزة التابعة لها. والتعاقد يتمثل في تحديد حقوق والتزامات الطرفين بموجب عقد يغطي عموما ثلاث سنوات، وبموجب العقد تستفيد المصالح اللاممركزة من تفويض للسلطة في مجال التدبير[15].
كما أن التدبير التوقعي للأعداد والوظائف والكفاءات، يعد تقنية حديثة لتدبير الموارد البشرية، إذ أضحى اللجوء إليها يتوسع أكثر فأكثر، سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام، ويهدف بشكل أساسي إلى توقع الحاجيات والموارد على مدى محدد، وبالتالي تحليل الفوارق بين الحاجيات والموارد المستقبلية.
يعرف “patrik Gilbert ” التدبير التوقعي بكونه ليس شيئا اخر غير ادخال الزمن بشكل واعي، في التدبير، فعند نقطة انطلاقة نظام تدبير الموارد البشرية، يسهل اتخاذ القرارات من خلال توفير تحليلات ملائمة، وعند نقطة النهاية يساهم في قيادة نجاعة أداء الموارد البشرية. إن تدبير الموارد البشرية ليس شيئا اخر غير اقناع المسؤولين بالتفكير في المستقبل، الذي يؤثر فعليا في القرارات التي يتم التحضير لاتخاذها في الوقت الراهن [16].
كما أن التدبير التوقعي للموارد البشرية بين الوزاري المحلي له دور جد هام على الصعيد الترابي، إذ تهدف خطواته إلى تدبير التضامن على المستوى بين المرفقي في مجال تدبير الموارد البشرية، وإلى تعزيز الحركية بين الوزارية المحلية، لذلك فتطوير التدبير التوقعي على مستوى الموارد البشرية يعد إحدى السبل البارزة لعقلنة الوسائل.
- تفعيل آليات التعاون والتضامن بين جهات المملكة للحد من الفوارق والتفاوتات التنموية
لقد نص الفصل 136 من الدستور[17] إلى اليات التعاون والتضامن باعتبارهما من المبادئ التي يرتكز عليهما التنظيم الجهوي، كما نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 143 منه، على أن الجماعات الترابية تتفق على كيفية تعاونها، إذا تعلق الأمر بإنجاز مشروع يتطلب التعاون بينها، بالإضافة إلى ذلك نص الفصل 144 من نفس الوثيقة الدستورية على إمكانية تأسيس الجماعات الترابية لمجموعات فيما بينها من أجل التعاضد في البرامج والوسائل.
كما نصت الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الرابع لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة ،[18] على أن رفع الجماعات الترابية لتحديات التنمية المحلية والمستدامة، رهين بقدرتها على تفعيل آليات التعاون والتضامن فيما بينها، وتعزيز قنوات التشاور وتبادل الأفكار والخبرات، وذلك من خلال الإنخراط الفاعل في مختلف الأنظمة والشبكات التعاونية والتشاركية، إن على المستوى الوطني، أو الإقليمي أو الدولي.
ويعد هذا الأمر ممكنا للدولة المساهمة فيه عبر قيامها بمحاربة الفوارق بين الجماعات، من خلال ضمان توزيع أكثر عدلا للإمكانيات المالية للمشاريع الوطنية المنجزة على تراب الجماعات. كما ينبغي وبشكل متوازي اعتماد الية فعالة يمكن من خلالها للجماعات الغنية نسبيا دعم نظيرتها ذات الموارد المحدودة، بما يقلص من حدة التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية[19].
وبالتالي، تعد الأهداف التنموية محددا رئيسيا للجوء إلى آلية التعاون بين الجماعات، فمن خلالها يتم إنجاز بعض المشاريع الاقتصادية والاجتماعية المشتركة، وبرامج التجهيز وتقوية الإنعاش الاقتصادي[20].
إن التعاون بين الجماعات يمكن أن يساهم بشكل فعلي وملموس في تقليص الفوارق بينها، من خلال تحسين وضعية الجماعات الفقيرة في إطار مبدأ التضامن بين الجماعات. وبالتالي، فإن تحقيق التنمية الترابية وترسيخ التوزيع العادل للمشاريع التنموية يستلزم إيجاد آليات فعالة لتكريس مبادئ التعاون والتضامن بين مختلف الفاعلين على المستوى الترابي، خصوصا بين الجماعات الترابية، وذلك من خلال بلورة شراكات بينهما بهدف تجاوز التفاوتات والاختلالات السوسيواقتصادية والمجالية، والتي تعتبر أبرز تحديات التنمية الترابية.
خاتمة
خلاصة القول، لقد أضحت متطلبات تعزيز الحكامة الترابية بالجهات مطلبا استعجاليا تقتضيه تحديات السياق الراهن، وتفرضه مستجدات المرحلة المقبلة، بما يمهد لإرساء ركائز النموذج التنموي الفعال الذي يطمح إليه المغرب، فذلك يعد خيارا استراتيجيا ضروريا لضمان نجاعة السياسات العمومية الترابية، وإسناد المشاريع التنموية على الصعيد الترابي باعتباره الأقرب للمواطنين واحتياجاتهم ،وكل ذلك يجب أن يكون الهدف الأساسي منه تحقيق تنمية عادلة بين الجهات، خصوصا وأن المملكة المغربية على مشارف انجاز عدة برامج تنموية جد مهمة، وأبرزها استضافة مونديال 2030، الشيء الذي سيعكس بالملموس صورة التنمية الترابية المغربية عالميا وقاريا في بعدها التنموي الايجابي.
وبالتالي، فإن الحكامة الترابية تعتبر آلية جد مهمة وفعالة للحد من التفاوتات التنموية بين مختلف الجهات، ولهذه الغاية تم إحداث نظام الجهوية المتقدمة الذي يهدف بالأساس إلى تحقيق التوازن في توزيع المشاريع التنموية بالجهات بشكل متكافئ ومنصف وعادل، ولكن كل هذا رهين بتجاوز التحديات التي تعرفها.
لائحة المراجع
- الكتب والمقالات:
- اشنيفخ محمد، “الوظيفة العمومية المغربية وسؤال تحديث مقاربة تدبير الموارد البشرية”، مطبعة دار السلام بالرباط، الطبعة الأولى سنة 2020.
بوسيدي أحمد، “التدبير الحر للجماعات الترابية”، مجلة المنبر القانوني عدد مزدوج أبريل -أكتوبر 2012.
دليل المصطفى: “المجالس الجماعية في المغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 40 سنة 2003.
ركملة أمين، ”مالية الجماعات المحلية بين دواعي التجديد وافاق التطوير”، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد عدد 30/29 سنة 2015.
السعيدي مزروع فاطمة، ” الإدارة المحلية اللامركزية بالمغرب”، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2003.
الصالحي يونس، “النموذج التنموي الجديد، التقرير العام”، دار القلم العربي للنشر والتوزيع الطبعة الأولى لسنة 2021.
لحرش كريم،” الحكامة المحلية بالمغرب”، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، عدد2، الطبعة الأولى سنة 2009.
هسكر بهيجة، “الجماعة المقاولة بالمغرب الأسس الممكنات الرهانات”، مطبعة طوب بريس الرباط، الطبعة الأولى 2010.
اليعكوبي محمد، “تأملات حول الديمقراطية المحلية بالمغرب”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 44 سنة 2003.
- الظهائر الملكية والنصوص التشريعية والتنظيمية:
- الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليوز 2011 والصادر بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، بتنفيذ دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
- الظهير الشريف رقم 1.15.83 صادر في 7 يوليوز 2015، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات.
- الظهير الشريف رقم 1.15.84 صادر في7 يوليوز 2015، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم.
- الظهير الشريف رقم1.15.85 صادر في7 يوليوز 2015، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14المتعلق بالجماعات.
- ظهير شريف رقم 1.14.192 صادر في فاتح ربيع الأول 1436 (24 شتنبر 2014)، بتنفيذ القانون رقم 86/12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الجريدة الرسمية عدد 6328 بتاريخ فاتح ربيع الثاني 1436 الموافق ل 22 يناير 2015.
- مذكرة التوزيع الجهوي للاستثمار المدرجة في مشروع قانون المالية لـسنة 2021، الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة.
- الخطب والرسائل الملكية:
- الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء ل 6 نونبر 2008.
- الرسالة الملكية السامية الموجهة في النسخة الثانية من المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، في إطار افتتاح أشغال المناظرة التي احتضنتها مدينة طنجة يومي 20 و21 دجنبر 2024، تحت شعار “الجهوية المتقدمة بين تحديات اليوم والغد”.
الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الرابع لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، الذي افتتحت أشغاله يوم الأربعاء 02 أكتوبر 2013 بالرباط.
- الدلائل والتقارير:
دليل إصلاح الميزانية، “المقاربة الجديدة المرتكزة على النتائج والمدمجة لمقاربة النوع الاجتماعي”، وزارة المالية والخوصصة الصادر سنة 2005.
تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة، الكتاب الأول، “التصور العام”، المملكة المغربية، سنة 2011.
- – الظهير الشريف رقم 1.15.83 صادر في 7 يوليوز 2015، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات.
– الظهير الشريف رقم 1.15.84 صادر في7 يوليوز 2015، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم.
– الظهير الشريف رقم1.15.85 صادر في7 يوليوز 2015، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14المتعلق بالجماعات.
- – جواب السيد رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني على السؤال المحوري الثاني بخصوص”برنامج الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية”، الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بتاريخ 12 فبراير 2019. ↑
- – السعيدي مزروع فاطمة،” الإدارة المحلية اللامركزية بالمغرب”، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2003، ص 22. ↑
- – اللجنة الاستشارية الجهوية “تقرير حول الجهوية المتقدمة”، الكتاب الأول “التصور العام” ص 7. ↑
- – مذكرة التوزيع الجهوي للاستثمار المدرجة في مشروع قانون المالية لـسنة 2021، الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ص 6. ↑
- – منصور مصطفى، ” تفاصيل توزيع سكان المغرب”، أسبوعية الأيام العدد 658 من 26 مارس إلى 1 أبريل 2015 ص 13. ↑
- – دليل المصطفى: “المجالس الجماعية في المغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 40 سنة 2003 ص 39. ↑
- – ركملة أمين، ”مالية الجماعات المحلية بين دواعي التجديد وافاق التطوير”، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد عدد 30/29 سنة 2015 ص 87. ↑
- -الرسالة الملكية السامية في النسخة الثانية من المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، في إطار افتتاح أشغال المناظرة التي احتضنتها مدينة طنجة يومي 20 و21 دجنبر 2024، تحت شعار “الجهوية المتقدمة بين تحديات اليوم والغد “. ↑
- – اليعكوبي محمد، “تأملات حول الديمقراطية المحلية بالمغرب”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 44 سنة 2003 ص 181. ↑
- – لحرش كريم،” الحكامة المحلية بالمغرب”، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، العدد الثاني، الطبعة الأولى سنة 2009، ص 23. ↑
- – الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء ل 6 نونبر 2008. ↑
- – ظهير شريف رقم 1.14.192 صادر في فاتح ربيع الأول 1436 (24 شتنبر 2014)، بتنفيذ القانون رقم 86/12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الجريدة الرسمية عدد 6328 بتاريخ فاتح ربيع الثاني 1436 الموافق ل 22 يناير 2015، ص 456. ↑
- – الصالحي يونس، “النموذج التنموي الجديد، التقرير العام”، دار القلم العربي للنشر والتوزيع الطبعة الأولى لسنة 2021 ص 87. ↑
- – دليل إصلاح الميزانية، “المقاربة الجديدة المرتكزة على النتائج والمدمجة لمقاربة النوع الاجتماعي”، وزارة المالية والخوصصة الصادر سنة 2005، ص 5 ↑
- – اشنيفخ محمد، “الوظيفة العمومية المغربية وسؤال تحديث مقاربة تدبير الموارد البشرية”، الطبعة الأولى سنة 2020، مطبعة دار السلام بالرباط ص 245. ↑
- – الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليوز 2011، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، بتنفيذ دستور المملكة المغربية لسنة 2011. ↑
- – الرسالة الملكية السامية إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الرابع لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، الذي افتتحت أشغاله يوم الأربعاء 02 أكتوبر 2013 بالرباط ↑
- – بوسيدي أحمد، “التدبير الحر للجماعات الترابية”، مجلة المنبر القانوني عدد مزدوج أبريل -أكتوبر 2012 ص 210. ↑
- – هسكر بهيجة، “الجماعة المقاولة بالمغرب الأسس الممكنات الرهانات”، الطبعة الأولى 2010 مطبعة طوب بريس الرباط، ص35. ↑



