” القضاء المتخصص كآلية لضمان مناخ ملائم للاستثمار الأجنبي: التخصص القضائي في الضرائب نموذجا” الدكتور : محند بوكوطيس
Specialized judiciary as a Mechanism for Ensuring a Favorable Environment for foreign investment: The Case of Tax Jurisdiction
” القضاء المتخصص كآلية لضمان مناخ ملائم للاستثمار الأجنبي:التخصص القضائي في الضرائب نموذجا”[1]
Specialized judiciary as a Mechanism for Ensuring a Favorable Environment for foreign investment: The Case of Tax Jurisdiction
الدكتور : محند بوكوطيس
دكتور في العلوم القانونية والسياسية جامعة محمد الخامس بالرباط-المغرب
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/EJTM3163
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665
” القضاء المتخصص كآلية لضمان مناخ ملائم للاستثمار الأجنبي:
التخصص القضائي في الضرائب نموذجا”[1]
Specialized judiciary as a Mechanism for Ensuring a Favorable Environment for foreign investment: The Case of Tax Jurisdiction
الدكتور : محند بوكوطيس
دكتور في العلوم القانونية والسياسية جامعة محمد الخامس بالرباط-المغرب
الملخص:
يحتاج جلب الاستثمارات الأجنبية توفير مناخ وطني للأعمال، يتيح ممارسة الأنشطة الاقتصادية وفقا للمعايير المتعارف عليها دوليا. ولتحقيق هذا المبتغى لا بد من توفر عدة مقومات أساسية، وعلى رأسها وجود قضاء فعال، قادر على القيام بدوره المنوط به في حل مختلف النزاعات التي تعرض أمامه. ومن أبرز تجليات هاته الفعالية القضائية، وجود قضاء متخصص. ذلك أن القضاء المتخصص يمكن أن يقدم خدمة قضائية فعالة، وله إيجابيات كثيرة على عدة أصعدة، ويشكل أحد الجوانب التي يستحضرها المستثمرين عند الاستثمار.
وأحد المداخيل المحورية في جلب الاستثمارات الأجنبية، ما يتعلق بمجال الضرائب، حيث يفضل المستثمرون الاستثمار بالدول التي توفر الامتيازات الضريبية (إعفاءات، تخفيضات جبائية على الأنشطة الاستثمارية…)، وبالتالي ففي حالة نشوء نزاع يتعلق بضرائب المستثمر، تصبح الحاجة ملحة لقضاء فعال، ليس فقط للبت في النزاع في أجل معقول، وإنما لتقديم خدمة قضائية توفر التخصص في المجال الضريبي، ضمانا للأمن القانوني والقضائي للمستثمرين.
الكلمات المفتاح: الاستثمار الأجنبي، النظام الضريبي، القضاء المتخصص.
Abstract:
Attracting foreign investments requires providing a national business environment that allows economic activities to be conducted according to internationally recognized standards. To achieve this goal, several essential components must be in place, foremost among them is the presence of an effective judiciary capable of fulfilling its role in resolving various disputes presented before it. One of the most prominent manifestations of this judicial effectiveness is the existence of specialized judiciary. Specialized judiciary can provide efficient judicial service and has many advantages on several levels. It represents one of the aspects that investors consider when investing.
Among the key factors in attracting foreign investments is the aspect related to taxation. Investors prefer to invest in countries that offer tax privileges (exemptions, tax reductions on investment activities, etc.). Consequently, in the event of a dispute related to investor taxation, there becomes an urgent need for an effective judiciary, not only to resolve the dispute within a reasonable timeframe but also to provide judicial services specialized in the field of taxation, ensuring legal and judicial security for investors.
Key words: Foreign investment, tax system, specialized judiciary.
مقدمة:
يرتبط تقدم الدول بقوة اقتصاداتها، ما يجعلها أو بالأحرى يفرض عليها العمل على تقوية منظومتها الاقتصادية الوطنية، وهو ما يفسر على سبيل المثال المكانة التي تحتلها “وزارة الاقتصاد والمالية” كقطاع وزاري محوري في بنية الحكومات الوطنية.
ومن بين المداخيل الجوهرية التي تساهم بشكل أساسي في تقوية الاقتصاد وتطوره ونموه، ما يرتبط باستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، التي يتم توظيفها في خلق استثمارات تساهم في التنمية الاقتصادية للبلد المضيف، بحيث يمكن أن تساعد في تسريع هذه التنمية، والحد من الفقر عن طريق توفير فرص العمل ونقل التكنولوجيا والعمليات التجارية، وفي توفير الهياكل الأساسية من نقل ومرافق واتصالات، وتوفير الموارد للاستثمار في التعليم والصحة وغيرها من الخدمات الاجتماعية[2].
ولكي تستطيع الدول استقطاب الاستثمارات الأجنبية، تحتاج لتوفير مناخ للاستثمار، الذي يقتضي بدوره المبادرة باتخاذ تدابير وإجراءات على صعيد كل ما له علاقة بموضوع الاستثمار. ويأتي على رأسها اتخاذ تدابير داخلية على مستوى المنظومة الضريبية، بالنظر لتأثير السياسات الضريبية والمالية والنقدية للدولة، على جذب رؤوس الأموال الأجنبية.
وينجم عن تطبيق النظام الضريبي للدولة المضيفة المعنية، وفرض الضرائب على الاستثمار، إثارة منازعات قانونية. مما يعطي أهمية كبيرة لدارسة فعالية النظام القضائي القائم على التخصص في فض تلك المنازعات.
الإشكالية الرئيسية المطروحة:
إذا كانت الضرائب تشكل عاملا جوهريا في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وخلق استثمارات تحقق التنمية الاقتصادية، فإن إثارة ونشوء المنازعات بمناسبة تطبيق التشريع الضريبي الداخلي للدولة المضيفة، ينتج الحاجة لضمان الأمن القضائي للمستثمر الأجنبي. وفي ظل هذه المعادلة، يطرح تساؤل رئيسي يتمثل في: الدور الذي يمكن أن يلعبه وجود قضاء متخصص في المجال الضريبي، في ضمان فعالية وكفاءة المنظومة القضائية أثناء تدبيرها للمنازعات المترتبة عن ضرائب المستثمرين؟
وتقتضي مقاربة هذه الإشكالية، الإجابة عن ثلاث تساؤلات أساسية:
- ما هو تأثير النظام الضريبي القائم بالبلد المضيف على جلب الاستثمار الأجنبي؟
- ما هي طبيعة المنازعات التي تترتب عن إعمال مقتضيات التشريع الضريبي الداخلي المتعلقة بالاستثمار الأجنبي؟
- كيف يمكن للنظام القضائي القائم على التخصص أن يساهم في ضمان الأمن القضائي للمستثمر الأجنبي؟
وللإجابة عن الإشكالية الرئيسية المطروحة، والتساؤلات المتفرعة عنها، سيتم تناول الموضوع، بناء على مقاربة منهجية قانونية، تعتمد أساسا على المنهج التحليلي، واستحضار التجربة المغربية، وذلك وفقا للخطة التالية:
المبحث الأول: علاقة الضرائب باستقطاب الاستثمار الأجنبي
أولا: السياسات الضريبية الوطنية وتشجيع الاستثمار
ثانيا: الإطار المعياري للنظام الضريبي القادر على جلب الاستثمار
المبحث الثاني: المنازعات القانونية المترتبة عن ضرائب المستثمرين
أولا: نطاق المنازعات المثارة خلال تحديد الوعاء الضريبي
ثانيا: نطاق المنازعات المثارة خلال عملية تحصيل الدين الضريبي
المبحث الثالث: اسناد البت في المنازعات الضريبية للاستثمار لقضاء متخصص
أولا: ضمان النظام القضائي للتخصص في المادة الضريبية
ثانيا: التحديات التي تواجه القضاء المتخصص في المادة الضريبية
المبحث الأول: علاقة الضرائب باستقطاب الاستثمار الأجنبي
تتحكم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، عدة عوامل، وعلى رأسها السياسة الضريبية التي تتبعها الحكومة الوطنية للبلد المضيف، والتي تؤثر على قرار المستثمرين في استثمار رؤوس أموالهم، وتحدد في النهاية مصير الاستثمارات الأجنبية، وتبعاتها على مستوى تطور المنظومة الاقتصادية (أولا). وتحدد تلك السياسة، معالم النظام الضريبي، الذي يتطلب توفره على عدة خصائص، ليكون قادرا على جذب الاستثمارات الأجنبية (ثانيا). ا
أولا: السياسات الضريبية الوطنية وتشجيع الاستثمار
تعتبر البيئة القانونية والتنظيمية من الجوانب المحورية في تشجيع استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وعلى هذا الأساس فالتشريعات والقوانين المؤطرة للمجال الضريبي، والتي تحدد الامتيازات التي يستفيد منها المستثمر الأجنبي، وكيفية تطبيق المقتضيات الضريبية على أنشطة الاستثمار، ومختلف المساطر والإجراءات التي تهم العملية الضريبية، تشكل مؤشرا قويا، لوجود مناخ استثمار مشجع.
ولذلك تسعى جل الدول لتطوير منظومتها القانونية الضريبية، بما يتيح تحسين مناخ الأعمال وتسهيل الاستثمار. وفي هذا المضمار يمكن الإشارة للتجربة المغربية. فقد وضع المغرب (الذي يصنف اقتصاديا كدولة في طريق النمو)، سنة 1995 قانون إطار بمثابة ميثاق للاستثمارات[3]، في شقيه الداخلي والأجنبي[4]، حدد مختلف التدابير لإنعاش وتحفيز الاستثمارات وتحسين مناخ وظروف الاستثمار، ومن بين هذه التدابير ما يتعلق بالمنظومة الضريبية[5]، حيث نص الميثاق في هذا السياق (من خلال المادة 2) على:
-تخفيض العبء الضريبي المتعلق بعمليات شراء المعدات والآلات والسلع التجهيزية والأراضي اللازمة لإنجاز الاستثمار؛
-تخفيض نسب الضريبة المفروضة على الدخول والأرباح؛
-سن نظام ضريبي تفضيلي لفائدة التنمية الجهوية؛
-تعزيز الضمانات الممنوحة للمستثمرين بتيسير طرق الطعن فيما يتعلق بالنظام الضريبي الوطني والمحلي؛
-تحقيق توزيع أفضل للعبء الضريبي وتطبيق أحسن للقواعد المتعلقة بالمنافسة الحرة وخاصة عن طريق مراجعة نطاق تطبيق الإعفاء من الضريبية.
وحدد الميثاق أيضا مختلف التدابير الضريبية، بحسب نوع الضريبة، بحيث وضعت تدابير خاصة بالضريبة على القيمة المضافة، الضريبة على الشركات، الضريبة على الدخل، والضريبة على الأرباح العقارية، فضلا عن الرسوم ذات الطابع الضريبي، كالرسوم الجمركية، ورسوم التسجيل، والتدابير المتعلقة ببعض الضرائب المحلية (الضريبة المهنية، الضريبة الحضرية).
وهو الميثاق الذي ظل ساريا، لغاية إقرار قانون إطار جديد للاستثمار سنة 2022[6]، والذي يحدد الأهداف الأساسية لعمل الدولة في مجال تنمية الاستثمار وتشجيعه. وفيما يتعلق بالتدابير الضريبية لتشجيع الاستثمار، أحال هذا الميثاق على النصوص التشريعية والتنظمية في المجال الضريبي[7]، ممثلة بشكل خاص في المدونة العامة للضرائب، والنصوص التنظيمية الصادرة بتطبيقها. مع الإشارة إلى أن القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، والصادر سنة 2021[8]، نص على أن، من بين الأولويات التي يتعين على الدولة من أجل تنزيل سياستها الجباية، أن تأخذها بعين الاعتبار، ما يتعلق بشجيع الاستثمار المنتج للقيمة المضافة والمحدث لفرص الشغل ذات جودة.
ويتم التأكيد أيضا في الأنظمة الضريبية الداخلية المشجعة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، على الضمانات الأساسية التي تمنح للمستثمرين، وقد أفرد الإطار القانوني الوطني للمغرب، من خلال ميثاق الاستثمار، بابا خاصا بالضمانات الممنوحة للمستثمرين[9]، بالتنصيص على الاستفادة من نظام للتحويل يضمن الحرية الكاملة في:
-تحويل الأرباح الصافية دون تحديد للمبلغ أو المدة؛
-تحويل حصيلة تفويت الاستثمار أو تصفيته، كلا أو بعضا، بما في ذلك فائض القيمة.
علاوة على التنصيص على حماية حقوق المكلية الفكرية للمستثمرين، وعلى الالتزام بالحفاظ على سرية المعطيات ذات الطابع الشخصي والمعلومات المرتبطة بعملية دراسة ملفات المستثمرين.
وإجمالا، وحتى يتم توفير مناخ ملاءم لتشجيع الاستثمار الأجبني، يلزم أن يتميز النظام الضريبي القائم بعدة خصائص.
ثانيا: الإطار المعياري للنظام الضريبي القادر على جلب الاستثمار
يقتضي إرساء نظام ضريبي جداب ومتين للاستثمار، فضلا عن ارتكاز نظام البلد المضيف على المبادئ الأساسية التي تحكم المنظومة الجبائية، توفير إطار معياري يتسم بالكفاءة والشفافية والفعالية، الذي يمكن تلخيص أبرز تجلياته في النقط الآتية:
من حيث التوجهات العامة للدولة في المجال الضريبي:
-وضع نظام ضريبي وطني واضح المعالم، يحدد بدقة أنواع الضرائب المفروضة، ونطاقها، والمساطر والإجراءات الكفيلة بتطبيقها بأنجع السبل.
-نظام ضريبي يضمن العدالة الضريبية[10].
-حكامة المنظومة الضريبية.
-توفير مناخ ملائم لتطبيق الأحكام الضريبية على المستوى العملي.
من حيث مضمون النظام الضريبي القائم:
-منح تحفيزات وامتيازات ضريبية.
-تجنب الازدواج الضريبي، من خلال مبادرة الدولة المضيفة للانخراط في الاتفاقيات الدولية للازدواج الضريبي، سواء أكانت ثنائية أم متعددة الأطراف[11].
-مرونة في الأداء والتحصيل الضريبيين.
من الناحية الإجرائية:
-إتاحة وسائل للتواصل مع السلطات الضريبية المكلفة بإنفاذ التشريع الضريبي، مع ضمان توفير المساعدة التقنية، والمواكبة لذليل العقبات التي تواجه المستثمرين الجدد في علاقتهم بالنظام الضريبي للبلد المضيف.
-إتاحة طرق الطعن والمنازعة في الضرائب المفروضة.
وتشكل هذه النقطة الأخيرة، حجز الزاوية في اتخاذ المستثمر قراره باستثمار رؤوس أمواله بالبلد المضيف. وإذا كان حق اللجوء إلى المحاكم من الحقوق الأساسية المكفولة بمقتضى القوانين الداخلية والدولية، سواء لمواطني الدولة المضيفة أو للأجانب المقيمن لديها، فإن توفير هذا الحق في حد ذاته، لا يشكل عنصرا كافيا لتشجيع الاستثمار، بل لابد من فعالية النظام القضائي للبلد المضيف، والتي تتمثل أحد تجلياتها، في وجود قضاء متخصص في مجال المنازعات الضريبية.
المبحث الثاني: المنازعات القانونية المترتبة عن ضرائب المستثمرين
ينجم عن فرض الضرائب على الاستثمارات الأجنبية، نشوء معاملات مالية معقدة، ناجمة عن التداخل الذي يربط تحقيق الاستثمار لمداخيل وعائدات مالية، بالعمليات المحاسباتية التقنية، التي ينتج عنها في نهاية المطاف، ضرائب تؤدى لفائدة خزينة الدولة المضيفة.
إن خلق الاستثمار وتدبيره، ينتج نشوء علاقة بين المستثمر وبين السلطات الضريبية، هذه الأخيرة التي تتكلف بتدبير المنظومة الضريبية، وتطبيق الأحكام والمقتضيات التي يسنها التشريع الجبائي الداخلي، أو الدولي (بمقتضى الاتفاقيات الدولية للضرائب). وإبان هذا التطبيق، يحدث أن تطرح إشكالات على المستوى الممارسة العملية، تؤدي إلى منازعة المستثمر الأجنبي في الضرائب المفروضة عليه من طرف السلطات الضريبية للدولة المضيفة المعنية.
إن المنظومة الضريبية المؤطرة ضريبيا لمجال الاستثمار؛ في رمتها يمكن أن تخلق نزاعات قانونية، خاصة إذا تم استحضار التعقيد الذي يميز المادة الضريبية، من حيث طغيان الجوانب التقنية والمحاسبية في قواعدها، وارتباطها بمسائل واقعية، مما يصعب من تأطير القانون الضريبي لكل المستجدات الواقعية التي تنجم عن العمليات الإنتاجية التي يخلقها الاستثمار، وهنا تظهر أهمية تسوية منازعات المستثمرين المتعلقة بالضرائب.
أولا: نطاق المنازعات المثارة خلال تحديد الوعاء الضريبي
يخضع المستمثر الأجنبي للنظام الضريبي القائم بالبلد المضيف، ويمكن كما سبق الإشارة لذلك، أن يترتب عن تطبيق النظام المذكور، نشوء منازعات، خلال مختلف المراحل التي يمر منها فرض الدولة المضيفة للضريبة.
وهكذا، يمكن أن يشمل النزاع، المنازعة في الإعفاءات والامتيازات الممنوحة للمستمثر الأجنبي، سواء بمقتضى القانون الضريبي الداخلي للدولة المضيفة، أو بمقتضى أحكام الاتفاقيات الدولية. فقد يحدث على سبيل المثال، أن يقع اختلاف في تأويل المقتضى القانوني المتعلق بمنح الإعفاء أو الامتياز، بحيث تعطي السلطات الضريبية للبلد المضيف تأويلا معينا، ينازعه المستثمر الأجنبي، أو من حيث الشروط التي يفرضها القانون الضريبي للاستفادة من الامتياز، وينازع الطرفين في تحقق هذه الشروط من عدمه.
ويمكن أن تنصب أوجه المنازعة بين السلطات الضريبية للبلد المضيف، والمستثمر الأجنبي، من الناحية التقنية عدة جوانب، كالنسب المئوية للضريبة المطبقة[12]، أو الأساس الضريبي التي تحدده الإدارة الضريبية، بحيث يخضع تحديد هذا الأساس لعمليات حسابية، غالبا ما تكون مرتبطة بمسائل واقعية أكثر منها قانونية، وكذلك يمكن أن ينصب النزاع على العلميات المفروضة عليها الضريبة، كأن يتمسك المستمثر ببعض الخصوصيات التي تميز العمليات المرتبطة بالنشاط التجاري موضوع الاستثمار، وخروجها عن نطاق التضريب، أو في طبيعة الحاصلات الخاضعة للضريبة عن طريق الحجز من المنبع، أو في التكاليف المرتبطة بمشروع الاستثمار، والتي قد يحددها المستثمر في مبالغ مالية معينة، لا تقبلها السلطات الضريبية من الناحية المحاسبية والجبائية، أو قد يشمل النزاع الفترة التي شملتها الضريبة، أو تحديد رقم المعاملات المسجل بمناسبة تحقيق الأرباح، وغيرها من الأوجه التقنية والقانونية العديدة التي يمكن أن يشملها النزاع بين الطرفين.
علاوة على ذلك، يمكن استحضار مجال المنازعة بخصوص الازوداج الضريبي، الذي تنظمه بشكل أساسي الاتفاقيات الدولية للازدواج الضريبي[13]، سواء أكانت ثنائية أو متعددة الأطراف، حيث يمكن للدولة المضيفة عند عدم مراعاة تلك الاتفاقيات[14]-حالة وجودها-، أن تخضع المستثمر لتضريب مزدوج، ما يضطر المستثمر الأجنبي لسلوك إجراءات المنازعة في الفرض الضريبي.
وتملك السلطات الضريبية في معظم الأنظمة، سلطة مباشرة المراقبة الضريبية، التي يؤطرها القانون الضريبي الداخلي للدولة المضيفة، ويمكن أن تترتب عن هذه المراقبة، منازعة المستثمر الأجنبي، سواء في المراقبة في حد ذاتها، أو في مسطرة المراقبة، أو في النتائج التي تنتهي إليها على مستوى الفرض الضريبي.
ولا تقتصر المنازعة التي يمكن أن تنتج عن تطبيق النظام الضريبي على المستثمر الأجنبي، فقط على مستوى الوعاء الضريبي، وإنما قد تنشأ أيضا على مستوى تحصيل الدين الضريبي.
ثانيا: نطاق المنازعات المثارة خلال عملية تحصيل الدين الضريبي
تعد القواعد المنظمة لتحصيل الديون العمومية في أغلب الأنظمة القانونية، من النظام العام، وتدرج الضرائب ضمن فئة هذه الديون، حيث تخضع من حيث استخلاصها، وبخلاف الديون الخصوصية، لمجموعة قواعد وإجراءات هي من صميم القانون العام، وتقر الحكومات فضلا عن القوانين الموضوعية المؤطرة للضرائب، قوانين خاصة، تعنى بالجانب الإجرائي المتعلق بعملية التحصيل.
وتتميز قواعد التحصيل[15] المذكورة، بالقوة القانونية التي تضفى على نفاذها، حيث تصدر الضرائب عن طريق سندات تنفيذية قابلة للتنفيذ بذاتها، بخلاف الديون الخاصة، التي تحتاج للمرور بعدة مراحل، وإصدار أوامر قضائية لإضفاء الصيغة التنفيذية عليها، في حين أن إصدار الضرائب وتحصيلها لا يحتاج لمباشرة المسطرة القضائية.
ولهذا الاعتبارات، فإن المستثمر الأجنبي، قد يواجه عند إعمال السلطات الضريبية للبلد المضيف للتشريع الضريبي، إجراءات نافذة بخصوص تحصيل الضرائب التي تفرض عليه، ليمتد مجال المنازعة، من المنازعة على مستوى الوعاء الضريبي إلى المنازعة على مستوى إجراءات تحصيل الدين الضريبي.
وتشمل عملية تحصيل الدين الضريبي من الناحية الإجرائية، على عدة مساطر تهدف لاستخلاص هذا الدين. وتترتب عن هذه المساطر آثار قانونية خطيرة على المستوى الذمة المالية للجهة التي تباشر في حقها هذه المساطر، ومنها مسطرة حجز الأموال[16]، حيث تعمد السلطات الضريبية المكلفة بالتحصيل، بمباشر إجراءات حجز أموال المدين (المستثمر الأجنبي المفترض)، لاستخلاص الضريبة أو الضرائب موضوع الدين بشكل جبري.
ومن هنا تكمن، الخطورة بالنسبة لمجال الاستثمار، حيث يصبح المستثمر الأجنبي مهددا بالحجز الجبري على رؤوس الأموال المستثمرة، بما لهذا الإجراء من آثار وخيمة على استمرار المستثمر في جلب رؤوس الأموال، بما ينعكس على الاقتصاد، والتنمية بشكل عام للبلد المضيف.
ومع أن بعض الأنظمة القانونية، تضع مبدأ عدم جواز الحجز على أموال الاستثمار، إلا أنه غالبا ما يقتصر على الجانب المتعلق بالديون الخصوصية، أي في نطاق علاقات المديونية التي تربط المستثمر الأجنبي سواء كان شخصا ذاتيا أو شخصيا معنويا، بباقي أسخاص القانون الخاص، من شركات تجارية وغيرها، في إطار التعاملات التي يجريها في إطار قواعد القانون الخاص، في حين أن موضوع الضرائب تنظمه قواعد القانون العام.
هذا التوجه، هو ما سار عليه على سبيل المثال النظام القانوني المصري، في قانون الاستثمار[17]، حيث نصت الفقرة الرابعة من المادة 4 من هذا القانون على أنه:
“لا يجوز الحجز على أموال المشروعات الاستثمارية أو مصادرتها أو تجميدها إلا بناء على أمر قضائي أو حكم نهائي، وذلك عدا الديون الضريبية، واشتراكات التأمينات الاجتماعية المستحقة للدولة التي يجوز تحصيلها عن طريق الحجز بجميع أنواعه، مع عدم الإخلال بما يتفق عليه في العقود التي تبرمها الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة مع المستثمر”.
ولا تقتصر مساطر التحصيل الدين الضريبي على إجراء الحجز، بل تشمل مساطر أخطر، ومنها إجراء البيع الجبري للأموال (حالة تعلق الأمر بالعقارات والممتلكات)، الأمر الذي قد ينتج عنه حالة تطبيقه، أضرار مالية للمستثمر الأجنبي.
وعلى هذا الأساس، فإن للمستمثر الأجنبي، أن ينازع من الناحية القانونية في إجراءات التحصيل التي تباشرها السلطات الضريبية للبلد المضيف في مواجهته، خاصة عند عدم قيام هذه الإجراءات على أساس صحيح، أو عدم احترامها للضمانات القانونية الممنوحة للمستثمر، وغيرها من أوجه المنازعة التي تترتب عن عملية التحصيل برمتها.
واستنادا للتحليل السابق، فإن منازعات الاستثمار المتعلقة بالضرائب، سواء في شقها المرتبط بالوعاء الضريبي، أو في الشق المتعلق بالتحصيل، تتطلب قضاء متخصص، منتجا وقادرا على تحقيق الفعالية المتطلبة، بما يضمن العدالة ونجاعتها.
المبحث الثالث: اسناد البت في المنازعات الضريبية للاستثمار لقضاء متخصص
يتوخى المستثمر الأجنبي فيما يصادفه من عوائق وإشكالات مرتبطة بتطبيق النظام الضريبي للبلد المضيف، خلال منازعته مع السلطات الضريبية الوطنية المكلفة بإنفاذ التشريعات الضريبية، ليس فقط إتاحة سبل الانصاف عن طريق ضمان حق الولوج للعدالة، وضمان البت في النزاع في أجل معقول، ومرونة في عملية التنفيذ للحكم القضائي الذي يصدره القضاء في النزاع، بل فضلا عن كل ذلك، ضمان فعالية القضاء، من خلال كفاءته، التي تبرز تجلياته بشكل ملموس على مستوى تخصص الهيئات القضائية التي تنظر في منازعات المستثمرين المتعلقة بالضرائب.
أولا: ضمان النظام القضائي للتخصص في المادة الضريبية
تندرج منازعات الاستثمار في عمومها في نطاق مجال الأعمال (القوانين المنظمة للتجارة والأعمال)، وهذا ما يفسر كون غالبية الدراسات والأبحاث القانونية التي تناولت منازعات الاستثمار، تقتصر على الجانب المرتبط بالقانون التجاري، والمنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون، في شقه المنظم لمجال المال والأعمال المنصبة على موضوع الاستثمار، والتي تدخل على مستوى معظم الأنظمة القانونية الوطنية، ضمن اختصاصات القضاء التجاري، كقضاء متخصص في المادة التجارية[18].
ونادرا ما تم تناول الجانب المتعلق بالضرائب في موضوع منازعات الاستثمار، بحيث أن الطابع القانوني الذي يضفى على هذا النوع من المنازعات، وبخلاف المنازعة التجارية المحضة، يشمل مجال القانون العام، بحيث أن أوجه المنازعة، تنشأ بين السلطات الضريبية للبلد المضيف، كشخص من أشخاص القانون العام، وبين المستثمر الأجنبي، الذي يعتبر، سواء تعلق الأمر بشخص ذاتي، أو اعتباري، من الوجهة القانونية، شخص من أشخاص القانون الخاص.
وعلى هذا الأساس، فمعظم الأنظمة القضائية الوطنية، لا تمنح الاختصاص القضائي، حينما يكون أحد طرفي النزاع، شخص من أشخاص القانون العام، للمحاكم التجارية، ولو تعلق الأمر بنزاع ذو طابع تجاري. ولهذا فمجال المنازعات المتعلقة بالضرائب، وباعتبار أن السلطات الضريبية هي المختصة بإعمال التشريعات الضريبية، بما فيها تلك المنظمة والمطبقة على مجال الاستثمار، فتكون النزاعات المترتبة عن الاستثمار في هذا المضمار خارج اختصاص القضاء التجاري.
ولهذا يرجع الاخصاص للنظر في المنازعات الاستثمار المتعلقة بالضرائب، في بعض الأنظمة القانونية، لنوع آخر من القضاء المتخصص، وهو القضاء الإداري. وهو ما ينطبق على سبيل المثال على النظام القضائي المغربي، حيث تختص المحاكم الإدارية[19]، بالبت في النزاعات المترتبة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالضرائب وبتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة[20].
هكذا تدخل النزاعات الضريبية ضمن المنازعات الإدارية، التي يختص قضاة المحاكم الإدارية للبت فيها، وبالتالي فلا نتحدث في النظام القانوني المغربي، والأنظمة المقارنة التي يعتمد نظامها القضائي نفس التوجه، عن قاضي مختص في المادة الضريبية، وإنما قاضي مختص في مختلف المنازعات الإدارية[21]، بما فيها تلك المتعلقة بالضرائب.
من هنا، يطرح إشكال التخصص القضائي في منازعات المستثمرين المتعلقة بالضرائب، ومدى ضمان الأنظمة القانونية الوطنية للتخصص القضائي في هذا المجال. فإذا اخذنا التجربة المغربية على سبيل المثال، فالتكوين الأساسي في الجامعات التي تدرس فيها العلوم القانونية، يعتمد التقسيم المعمول به في النظام الفرنكوفوني، من خلال التمييز بين تخصص القانون العام، وتخصص القانون الخاص، على أن التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة[22]، يشترط لولوج مهنة القضاء، الحصول على شهادة جامعية يحدد القانون نوعها والمدة اللازمة للحصول عليها. وبالرجوع إلى القانون المتعلق بالمعهد العالي للقضاء[23]، نجده نص في المادة 28 على أنه:
“يشترط في المترشح لإجتياز مباراة الملحقين القضائيين أن يكون حاصلا على شهادة الماستر أو الماستر المتخصص أو دبلوم الدراسات العليا المعمقة أو المتخصصة، في العلوم القانونية، أو ما يعادلها مشفوعة بالإجازة في القانون الخاص، أو شهادة الماستر أو الماستر المتخصص أو دبلوم الدراسات العليا المعمقة أو المتخصصة، في الشريعة مسلمة من إحدى كليات الشريعة، أو ما يعادلها مشفوعة بالإجازة في الشريعة أو القانون الخاص”.
وتوضح هذه المقتضيات، ارتكاز التكوين المتطلب في القاضي، على تخصصي القانون الخاص، والشريعة، في حين أن متطلبات النظر في المنازعات الاستثمار المتعلقة بالضرائب، تقتضي التكوين الأساسي على صعيدين، أولا توفير التكوين على صعيد قوانين التجارة والأعمال، وثانيا على صعيد القانون الضريبي، وهذا الأخير يتم تدريسه في التكوين الأساسي لطلاب القانون في الجامعات ضمن تخصص القانون العام، وهو ما يؤدي إلى وجود خصاص على مستوى التخصص القضائي في المادة المادة الإدارية عموما، والمادة الضريبية بشكل خاص.
وللخروج من هذا الإشكال، يلجأ مع ذلك المعهد العالي للقضاء بالمغرب، على مستوى الممارسة العملية، لتفعيل مهامه المتعلقة بالتكوين التخصصي للقضاة، بمقتضى المادة 4 من القانون المنظم للمعهد، إلى تقسيم بعض الأفواج التي تلج للمعهد، وتوزيعهم على تكوين تخصص القضاء التجاري، وتكوين تخصص القضاء الإداري، هذا الأخير، الذي يتيح تكون قضاة متخصصين في المنازعات الإدارية، بما فيها المنازعات الضريبية.
ومن هنا، يمكن التمييز، بين تخصص المحاكم (الاختصاصات القانونية للمحاكم التي تناط بها بمقتضى القانون)، وبين تخصص القضاة (التكوينات التي توفرها معاهد التكوين القضائي للقضاة). ويكتسي هذا الجانب الأخير أهمية قصوى، بحيث أنه حتى مع وجود قصور على مستوى التنظيم القضائي القائم، من حيث عدم إمكانية توفير محاكم متخصصة في المجال الضريبي، لأسباب قد ترجع لاعتبارات متعددة، فيمكن تجاوز هذا القصور على مستوى التكوين الأساسي للقضاة، عن طريق توفير تكوين متخصص، بما يسمح بتوزيع القضايا التي تحال على المحاكم، عل القضاة بحسب تكوينهم وتخصصهم، بصرف النظر عن الاختصاص القضائي للمحكمة التي ينتمي لها هؤلاء القضاة.
ولا يقتصر ضمان تخصص القضاة خلال المرحلة القضائية، فاعتبارا للخصوصية التي تميز المنازعات الضريبية في بعض الأنظمة القانونية، على غرار النظام القانوني المغربي، حيث تسند لهيئات يطلق عليها “اللجان الضريبية”[24]، الاختصاص للنظر في المنازعات التي تثار بمناسبة تطبيق التشريع الضريبي قبل المرحلة القضائية، وهي اللجان التي خول المشرع رئاستها للقضاة، مع أن عرض النزاع على هذه اللجان، يبقى أمرا اختياريا[25]، يرجع الأمر فيه للمستثمر كطرف منازع، أن يختار عرض نزاعه عليها قبل اللجوء إلى القضاء، أو عرض النزاع مباشرة على القضاء.
وكيفما كان الحال، فإن البت في منازعات الاستثمار المتعلقة بالضرائب، تطرح عدة تحديات على القضاء المتخصص
ثانيا: التحديات التي تواجه القضاء المتخصص في المادة الضريبية
لا شك أن التخصص القضائي في المادة الضريبية، مما يعزز توطيد الأمن القانوني[26] للمستثمر الأجنبي الذي ينازع السلطات الضريبية، بمناسبة فرض هذه الأخيرة للضرائب. فتخصص القاضي، يجعله ملما بجميع التقنيات والمساطر والجوانب المتعلقة بموضوع النزاع بشكل أعمق، ويمنحه مجالا واسعا للاجتهاد.
وتواجه القاضي الضريبي، وهو ينظر في منازعات الاستثمار المتعلقة بالضرائب، معادلة مركبة، تتمثل في ضمان، من جهة؛ حقوق خزينة الدولة المضيفة، على اعتبار الموارد المالية المستخلة من الضرائب، تشكل العمود الفقري للمالية العمومية[27]، ومن جهة أخرى؛ تأمين حقوق وضمانات المستثمر الأجنبي، المكرسة سواء بمقتضى القانون الداخلي للبلد المضيف، أو بمقتضى الاتفاقيات الدولية، بما يضمن بالتبعية الحفاظ على الاستثمارات الأجنبية، التي تساهم في توطيد الأمن الاقتصادي للبلد المعني.
وبمأن المجال الضريبي، يتميز بطغيان الجوانب المحاسبية التقنية، فيفترض في القاضي المتخصص، أن يلم على الأقل بالحد الأدنى من المعاريف التقنية المتعلقة، من جهة أولى؛ بالمحاسبة المطبقة على الشركات التجارية، وعلى مجال التجارة والأعمال بشكل عام، ومن جهة ثانية، بالقواعد والمعاريف التي تحكم علم الاقتصاد.
والأكيد أن المعاريف القانونية هي أساس التكوين للعاملين في المجال القانوني، لكن توسيع مجال الإدارك، بالنسبة للتكوين القضائي، للقضاء المتخصص الذي يرجع له الاختصاص للنظر في منازعات الاستثمار المتعلقة بالضرائب، يحقق النجاعة والفعالية المتطلبة في هذا النوع من القضاء. فعملية استثمار رؤوس الأموال، تفترض وجود مناخ للاستثمار، هذا الأخير الذي يتكون من عناصر غير قانونية متشعبة، تتصل بمختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهي العناصر التي تتشابك أحيانا مع العناصر القانونية[28]، كما أن المنظومة الضريبية، تأخذ بعين الاعتبار مختلف هذه العناصر، عند وضع المقتضيات الضريبية، مما يحتم على القضاء المتخصص عند نظره في المنازعات التي تهم ضرائب الاستثمار، الإحاطة بمختلف تلك العناصر، ولو في الحدود الدونيا.
أضف إلى ذلك، اتصال المجال الضريبي، في جانب كبير منه، بالمسائل والأسئلة الواقعية، من حيث أن القاعدة الضريبية في نهاية المطاف، يكون منطلقها، الواقعة المنشئة للضريبة، وهذه الواقعة هو ما يتصل بالواقع الذي يمارس فيه النشاط المهني أو التجاري المعني، وطبيعته، والمعطيات الاقتصادية الذي ترتبط به، مما يضطر القضاء، ومن أجل إعمال القاعدة القانونية المناسبة، لضرورة فهم واقع الاستثمار والإكراهات التي يواجهها على المستوى العملي، مع ربط ذلك بالمعطيات المالية، سواء في جانبها المتعلق بالاقتصاد، أو بالمحاسبة، ما يسهل إعمال القواعد الضريبية، والبت بالتالي في المنازعة القضائية باحترافية وفعالية.
وإذا كانت الممارسة العملية، تبين لجوء القضاء فيما يتعلق بالمسائل المحاسبية التقنية في مجال المنازعات الضريبية، إلى الخبرات التقنية للخبراء في مجال المحاسبة والاقتصاد، كإمكانية قانونية متاحة للقضاء في إطار إجراءات تحقيق الدعوى القضائية[29]، فإن إلمام القاضي المتخصص بالحد الأدنى من المعاريف التقنية في مجالي الاقتصاد والمحاسبة، يعطيه القدرة على استعياب وفهم أعمق لتقارير الخبراء التي تنجز بطلب من المحكمة، من حيث التحاليل والمعطيات التي يعتمدها الخبراء في النتائج التي يتوصلون إليها في تقاريرهم، ما يعطي للقضاء دورا فاعلا وأساسيا في تحقيق الدعوى من الناحية التقنية، ما يعزز ثقة أكبر للأطراف في القضاء المتخصص.
إن حماية المراكز القانونية للأطراف في منازعات الاستثمار المتعلقة بالضرائب، تفرض على القضاء، فضلا عن عما ذكر أعلاه، الإلمام بالقواعد والمعايير والممارسات الفضلى المكرسة على الصعيد الدولي في مجال الضرائب، بما في ذلك، الاتفاقيات الدولية للضرائب، والاتفاقيات الدولية للاستثمار، أكانت ثنائية، أو متعددة الأطراف، ومواكبة التحولات الدولية في المجالين، ليس فقط في جانبها القانوني، ولكن في جوانبها الأخرى، خاصة منها الاقتصادية.
ولا يمكن تصور تحقق هاذ المبتغى، إلا من خلال قضاء متخصص، بما يتحيه، من مجال واسع لتكوين مهارات ورصيد معرفي، يرسخ فعالية الأداء على صعيد الممارسة، ويمنح بالتالي ثقة للمستثمر الأجنبي، في القضاء الوطني للبلد المضيف.
خاتمة:
استنادا إلى التحليل السابق، يمكن الخروج بخلاصتين جوهريتين، لهما تأثير على النتيجة التي عمل المقال على تأكيدها، والمتمثلة في الدور الذي يجسده القضاء المتخصص على مستوى جلب الاستثمارات الأجنبية:
وتتجلى الخلاصة الأولى، في العلاقة الوطيدة التي تربط المنظومة الضريبية القائمة بالبلد المضيف، باستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، بحيث يتم استخذام الضريبة كعامل مؤثر في هذا الاستقطاب، وأن غياب التحفيزات الضريبية، يؤثر سلبا على قرار المستثمرين الأجانب باستثمار أموالهم. وهو ما يبرز أهمية النظام الضريبي الداخلي، الذي يفترض أن يتميز بعدة مقومات ومعايير، حتى يلعب دوره القانوني والاقتصادي والسياسي في جلب الاستثمارات الأجنبية.
وتتحدد الخلاصة الثانية، في أن إعمال التشريع الضريبي الداخلي للدولة المضيفة، فيما يرتبط بالاستثمارات الأجنبية، يخلق منازعات قانونية، وأن هذه المنازعات من حيث طبيعتها، لها صبغة تقنية، يتداخل فيها ما هو محاسبتي واقتصادي، بما هو قانوني، فضلا عن ارتباطها بقواعد هي من صميم القانون العام، مما يقوي الحاجة للتخصص على المستوى النظام القضائي، لضمان فعالية البت في تلك المنازعات.
وبناء على هاتين الخلاصتين، يمكن الانتهاء إلى استنتاج رئيسي، يتمثل في أن القضاء المتخصص، بما يتيحه من نتائج إيجابية، على مستوى الفعالية والكفاءة في البت في المنازعات الضريبية المتعلقة بالاستثمار، يساهم لا محالة في تشجيع المستثمرين الأجانب لاستثمار رؤوس أموالهم بالبلدان المضيفة التي توفر قضاء متخصص. مما يؤدي إلى نتيجية بديهية، وهي أن أي دولة تسعى لتنمية اقتصادها، يتوجب عليها توفير نظام قضائي يعتمد على التخصص، مما يساعد في تحقيق الهدف المنشود المتجلي في استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
قائمة المراجع:
الكتب:
الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، دليل الاتفاقيات الثنائية للاستثمار، 2011، وثيقة مرجعية عدد: E/ESCWA/EDGD/2011/1/1/Manual، بتاريخ 6 يوليوز 2011.
أندرو جويل وآخرين، العدالة الضريبية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مذكرة مناقشات خبراء صندوق النقد الدولي، سبتمبر 2015، SDN/15/16.
رفعت عبد الله، مبدأ الأمن القانوني، دراسة تحليلية في ضوء أحكام القضاء الإداري والدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011.
مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان النامية غير الساحلية، الاتجاهات والسياسات والطرق إلى الأمام، نيويورك 1 أكتوبر 2008، الوثيقة المرجعية: UNCTAD/ALDC/2008/3.
المقالات العلمية:
عبد المجيد غميجة، مبدأ الأمن القانوني وضرورة الأمن القضائي، عرض مقدم في إطار الندوة المنظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة بمناسبة المؤتمر الثالث عشر للمجموعة الإفريقية للاتحاد العالمي للقضاة، الدار لبيضاء 28 مارس 2008.
مجلة الإرشاد القانوني، محند بوكوطيس، الأمن القانوني في المجال الضريبي، عدد مزوج-الثاني والثالث، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2018.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، علي الحنودي، الأمن القانوني: مفهومه وأبعاده ، عدد 96، يناير-فبراير 2011.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، محند بوكوطيس، إعمال وتكييف الاتفاقيات الدولية للازدواج الضريبي أمام القضاء، اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ما بين المغرب واسبانيا نموذجا، عدد 170-171، ماي-غشت، 2023.
التقارير والوثائق:
-United Nations, Departement of Economic and Social Affairs, UN Model Double Taxation Convention between Developed and Developing Countries, New York, 2001, document N° ST/ESA/PAD/SER.E/21.
النصوص التشريعية:
مصر. قانون رقم 72 لسنة 2017 بإصدار قانون الاستثمار، والمعدل بالقانون 141، سنة 2019.
المغرب. ظهير رقم 1.91.225 بتنفيذ القانون رقم 41.90، بإحداث محاكم إدارية، الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 3 نوفمبر 1993، ص 2168.
المغرب. ظهير رقم 1.16.41 الصادر في 24 مارس 2016 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الجريدة الرسمية عدد 6456 صادرة بتاريخ 14 أبريل 2016، ص 3160.
المغرب. الظهير رقم 1.23.60 بتنفيذ القانون رقم 37.22 الصادر بتاريخ 10 أغسطس 2023، الجريدة الرسمية عدد 7228، بتاريخ 07 سبتمبر 2023.
المغرب. ظهير رقم 1.22.76 صادر بتاريخ 9 ديسمبر 2022 بتنفيذ القانون-الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار، الجريدة الرسمية عدد 7151 صادرة بتاريخ 12 ديسمبر 2022، ص 7900.
المغرب. ظهير رقم 1.95.213 صادر بتاريخ 8 نوفمبر 1995، بتنفيذ القانون الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق للاستثمارات، الجريدة الرسمية عدد 4335 بتاريخ 29 نوفمبر 1995، ص 3030.
المغرب. ظهير رقم 1.97.65 الصادر في 12 فبراير 1997 بتنفيذ القانون رقم 53.95، بإحداث المحاكم التجارية، الجريدة الرسمية عدد 4482 صادرة بتاريخ 15 ماي 1997.
المغرب. ظهير رقم 1.21.8 صادر بتاريخ 2 يوليوز 2021 بتنفيذ القانون-الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي، الجريدة الرسمية عدد 7007 صارة بتاريخ 26 يوليوز 2021، ص 5684.
المغرب. ظهير رقم 1.00.175 بتنفيذ القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية المغربية، الجريدة الرسمية عدد 4800 صادرة بتاريخ فاتح يونيو 2000، ص 1256.
- مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان النامية غير الساحلية، الاتجاهات والسياسات والطرق إلى الأمام، نيويورك 1 أكتوبر 2008، الوثيقة المرجعية: UNCTAD/ALDC/2008/3. ص 3. ↑
- ظهير رقم 1.95.213 صادر بتاريخ 8 نوفمبر 1995، بتنفيذ القانون الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق للاستثمارات، الجريدة الرسمية عدد 4335 بتاريخ 29 نوفمبر 1995، ص 3030. ↑
- بحيث أن الميثاق لم يشر لطبيعة الاستثمار، ما يجعله يشمل الاستمثار بنوعيه الداخلي والأجنبي. ↑
- تجدر الإشارة إلى أن ميثاق الاستثمار، وضع إطار للتدابير التحفيزية الخاصة بالمنظومة الضريبية في ظل النظام الضريبي الذي قائما أنذاك، بحيث سيعرف المغرب لاحقا سنة 2007 تحول جذري للنظام الضريبي الوطني. ↑
- ظهير رقم 1.22.76 صادر بتاريخ 9 ديسمبر 2022 بتنفيذ القانون-الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار، الجريدة الرسمية عدد 7151 صادرة بتاريخ 12 ديسمبر 2022، ص 7900. ↑
- من خلال مقتضيات المادة 10 التي نصت على أنه:
«علاوة على أنظمة الدعم المنصوص عليها في هذا الباب، يستفيد كل مشروع استثماري كان موضوع اتفاقية استثمار مبرمة مع الدولة من امتيازات ضريبية وجمركية وفق الشروط المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظمية الجاري بها العمل». ↑
- ظهير رقم 1.21.8 صادر بتاريخ 2 يوليوز 2021 بتنفيذ القانون-الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي، الجريدة الرسمية عدد 7007 صارة بتاريخ 26 يوليوز 2021، ص 5684. ↑
- من خلال مقتضيات المواد: 31، 32 و33 من ميثاق الاستثمار 2022 المومأ له أعلاه. ↑
- حول العدالة الضريبية بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يراجع:أندرو جويل وآخرين، العدالة الضريبية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مذكرة مناقشات خبراء صندوق النقد الدولي، سبتمبر 2015، SDN/15/16. ↑
- يشار إلى أن هناك على المستوى الدولي نموذجين للاتفاقيات الدولية للازدواج الضريبي:
-اتفاقية الأمم المتحدة النموذجية للازدواج الضريبي بين البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية.
United Nations, Departement of Economic and Social Affairs, UN Model Double Taxation Convention between Developed and Developing Countries, New York, 2001, document N° ST/ESA/PAD/SER.E/21.
-الاتفاقية الجبائية النموذجية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ((OECD.
Model Tax Convention on Icome and on Capital, Condensed Version 2017 : https://oecd.org. ↑
- تتنوع هذه المعدلات والنسب حسب نوع الضريبة، وتتوزع ما بين المعدلات والأسعار العادية والمخفضة والنوعية والأسعار الخاصة. ↑
- لأجل تفادي الازدواج الضريبي، يتم ابرام اتفاقيات جبائية بين الدول، كآلية عملية يتم بواسطتها إعطاء الحق في التضريب لأحدى الدولتين المتعاقدتين دون الأخرى، أو إعطاء الدولتين معا الحق في فرض الضريبة، مع إتاحة إمكانية الاستفادة من الإعفاء أو الخصم بإحدى الدولتين المتعاقدتين.
محند بوكوطيس، إعمال وتكييف الاتفاقيات الدولية للازدواج الضريبي أمام القضاء، اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ما بين المغرب واسبانيا نموذجا، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 170-171، ماي-غشت، 2023. ↑
- من بين المقتضيات القانونية في النظام القانوني المغربي التي تنص على مراعاة الاتفاقايت الدولية في المجال الضريبي، ما نصت عليه المادة 19 المكررة، من المدونة العامة للضرائب من أنه:
«عندما تفرض على الحاصلات والأرباح والدخول ذات المصدر الأجنبي المنصوص عليها في المادتين 4 و8 أعلاه ضريبة على الشركات في البلد الذي نشأت فيه والذي أبرم المغرب معه اتفاقية تهدف إلى تجنب الازدواج الضريبي فيما يتعلق بالضريبة على الشركات، فإن مبلغ الضريبة الأجنبية الذي تثبت الشركة أداءه يستنزل من الضريبة على الشركات المستحقة في المغرب في حدود كسر هذه الضريبة المطابق للحاصلات والأرباح والدخول الأجنبية». ↑
- تنص مقتضيات المادة 1 من القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية المغربية، على أنه:
“يقصد بالتحصيل مجموع العمليات والإجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، أو ناتجة عن أحكام وقرارات القضاء أو عن الاتفاقات”.
ومما لاشك فيه أن تحصيل الموارد الجبائية يعتبر حجز الزاوية في العملية الضريبية، فلا فائدة ترجى من فرض الضرائب بدون تحصيلها، وإذا كان الأداء التلقائي للضرائب هو الأصل، فإن عدم الأداء هو الاستثناء. هذا الاستثناء المتمثل في عدم الأداء، يرتب آثار قانونية، والتي من حيث مباشرة التحصيل وفق مساطر وإجراءات، تهدف في نهاية الأمر إلى تحصيل الدين الضريبي المتخلذ في ذمة الملزم بالضريبة-المدين ولو جبريا. ↑
- يدخل إجراء الحجز ضمن نطاق إجراءات التحصيل الجبري، وعلى سبيل المثال تنص مقتضيات المادة 39 من القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية المغربية على أنه:
“تباشر إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية حسب الترتيب التالي:
-الإنذار؛
-الحجز؛
-البيع”. ↑
- قانون رقم 72 لسنة 2017 بإصدار قانون الاستثمار، والمعدل بالقانون 141، سنة 2019. ↑
- أحدتث على سبيل المثال في النظام القانوني المغربي، المحاكم التجارية كمحاكم متخصصة سنة 1995، وذلك بمقتضى ظهير رقم 1.97.65 الصادر في 12 فبراير 1997 بتنفيذ القانون رقم 53.95، الجريدة الرسمية عدد 4482 صادرة بتاريخ 15 ماي 1997. ↑
- أحدتث المحاكم الإدارية في النظام القضائي المغربي سنة 1993 بمقتضى ظهير رقم 1.91.225 بتنفيذ القانون رقم 41.90، الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 3 نوفمبر 1993، ص 2168. ↑
- بمقتضى المادة 8 من القانون 41.90 المومأ له سابقا. ↑
- تشمل المنازعات الإدارية مجالا واسعا، يتسع ويضيق بحسب الأنظمة القانونية، وعموما من منطلق المعيار العضوي، فكل منازعة يكون أحد طرفيها شخص من أشخاص القانون العام، تدخل في المنازعة الإدارية التي يختص القضاء الإداري للبت فيها. ↑
- ظهير رقم 1.16.41 الصادر في 24 مارس 2016 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الجريدة الرسمية عدد 6456 صادرة بتاريخ 14 أبريل 2016، ص 3160. ↑
- الظهير رقم 1.23.60 بتنفيذ القانون رقم 37.22 الصادر بتاريخ 10 أغسطس 2023، الجريدة الرسمية عدد 7228، بتاريخ 07 سبتمبر 2023. ↑
- تتكون هذه اللجان في النظام الضريبي المغربي وفقا للمدونة العامة للضرائب من ثلاث لجان وهي: اللجان المحلية لتقدير الضريبة (المادة 225 من المدونة)، اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة (المادة 225 المكررة من المدونة)، ثم اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة (المادة 226 من المدونة)، وتظم تركيبة هذه اللجان، قاضي رئيسا للجنة، بالإضافة إلى ممثل كل من إدارة الضرائب، وممثل الملزمين (كأعضاء أساسيين). ↑
- حيث نصت المدونة العامة للضرائب على عدم إمكانية تقديم الطعن في آن واحد أمام المحاكم، وأمام اللجان الضريبية (سواء تعلق الأمر باللجان المحلية أو الجهوية، أو اللجنة الوطنية بحسب ختصاص كل لجنة على حدة). ↑
- “يقصد بالأمن القانوني تحقيق قدر من الثبات النسبي للعلاقات القانونية وحد أدنى من الاستقرار للمراكز القانونية المختلفة بهدف إشاعة الأمن والطمأنينة بين أطراف العلاقات القانونية من أشخاص قانونية عامة وخاصة، بحيث تتمكن هذه الأشخاص من التعرف باطمئنان على هدى من القواعد والأنظمة القانونية القائمة وقت قيامها بأعمالها وترتيب أوضاعها على ضوء منها دون التعرض لمضايقات أو تصرفات مباغتة صادرة عن السلطات العامة، يكون من شأنها زعزعة هذه الطمأنينة أو العصف بهذا الاستقرار”.
رفعت عبد الله، مبدأ الأمن القانوني، دراسة تحليلية في ضوء أحكام القضاء الإداري والدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011، ص 11.
يمكن الرجوع أيضا:
– محند بوكوطيس، الأمن القانوني في المجال الضريبي، مجلة الإرشاد القانوني، عدد مزوج-الثاني والثالث، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2018.
– علي الحنودي، الأمن القانوني: مفهومه وأبعاده، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 96، يناير-فبراير 2011.
– عبد المجيد غميجة، مبدأ الأمن القانوني وضرورة الأمن القضائي، عرض مقدم في إطار الندوة المنظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة بمناسبة المؤتمر الثالث عشر للمجموعة الإفريقية للاتحاد العالمي للقضاة، الدار لبيضاء 28 مارس 2008. ↑
- وذلك بالنسبة للدول التي تعتمد ميزانيتها على الضرائب كمورد أساسي. ↑
- الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، دليل الاتفاقيات الثنائية للاستثمار، 2011، وثيقة مرجعية عدد: E/ESCWA/EDGD/2011/1/1/Manual، بتاريخ 6 يوليوز 2011. ↑
- ينص قانون المسطرة المدنية المغربي في هذا المضمار في الفصل 55 على أنه:
“يمكن للمحكمة بناء على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن تأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف على عين المكان أو بحث أو تحقيق خطوط أو أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق”. ↑
- يعد الناقل البحري للبضائع أحد الفاعلين الرئيسيين في مجال التجارة الدولية، لما له من دور محوري في ربط الأسواق العالمية من خلال نقل السلع والبضائع عبر المسالك البحرية. ويُقصد به كل شخص طبيعي أو معنوي يتعهد، بموجب عقد نقل بحري، بنقل البضائع من ميناء إلى آخر بواسطة سفينة بحرية، مقابل أجر يُسمى “أجرة النقل”. وتُعتبر العلاقة بين الشاحن والناقل البحري علاقة تعاقدية تخضع في غالب الأحيان إلى قواعد القانون البحري والاتفاقيات الدولية، وأهمها اتفاقية لاهاي (1924) وبروتوكولها المعدل في فيسبي (1968)، وكذلك اتفاقية هامبورغ (1978) وقواعد روتردام (2008).
وتتعدد التزامات الناقل البحري، ومن أبرزها: تسلم البضائع في حالة سليمة، وشحنها وتخزينها ونقلها بحرص، ثم تسليمها إلى المرسل إليه في الوجهة المتفق عليها، في الأجل المحدد، وبنفس الحالة التي تسلمها بها، تحت طائلة المسؤولية في حال الإخلال بذلك. إلا أن الناقل قد يُعفى من المسؤولية في حالات القوة القاهرة، أو الخطأ الملاحي، أو العيوب الكامنة في البضاعة، وفق ما يحدده القانون أو الاتفاق. ↑