مقالات قانونية

الوسائل البديلة في الاتفاقيات الدولية”ـ الاتفاقية المتعلقة بالاستثمار؛ الأسرة والطفل ـ نموذجا

9999999

الطالب الباحث: محمد بنيسين

بماستر الوسائل البديلة

لفض النزاعات بكلية الحقوق بفاس

 

مقال تحت عنوان: " الوسائل البديلة في الاتفاقيات الدولية"

ـ الاتفاقية المتعلقة بالاستثمار؛ الأسرة والطفل ـ نموذجا

 

 

التصميــم:

مقدمة:

المحور الأول: الوسائل البديلة في الاتفاقية المتعلقة بالاستثمار

المحور الثاني: الوسائل البديلة في الاتفاقيات المتعلقة) بالأسرة

(المرأة، والطفل

1 ـ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

والبروتوكولات الملحقة بها

2 ـ اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها

 

المحول الأول: الوسائل البديلة في الاتفاقية المتعلقة بالاستثمار

تمهيــد:

نظرا للدور الذي يقوم به الاستثمار على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية فإنه أصبح يعد من أهم أوجه النشاط التجاري ولاسيما إذا أحسن توظيفه وتنظيمه على نحو تحقق التوازن بين أطرافه.

وكما هو معلوم في عصرنا الحالي تتسابق معظم الدول من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الاستثمارات الوطنية لما ترتبها هذه الاستثمارات من آثار إيجابية مؤثرة في القدرة الاقتصادية والصناعية والزراعي والسياحية للدول المضيفة للاستثمار، حيث يتم تزودها ببعض مقومات بناء اقتصاد متطور من خلال ما يقدمه المستثمر من رأس مال وخبرات فنية وإدارية وتكنولوجية حديثة، وفي الواقع يحتاج نجاح الاستثمار إلى توفير بيئة استثمارية صحية مشجعة.

وفي هذا الإطار وبخصوص المغرب الذي عمل على توفير ضمانات قانونية واقتصادية كفيلة بتوفير الأمان الاقتصادي والقانوني للمستثمر وتحقيق التوازن بين أطراف الاستثمار وذلك بمصادقته على اتفاقية واشنطن لسنة 1965، بشأن تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى، كآلية دولية ستوفر ضمانة لمعالجة المنازعات الخاصة بعقود الاستثمار، عن طريق التسوية الودية من خلال المفاوضات أو من خلال اللجوء إلى التحكيم والتوفيق، نظرا لما توفره هذه الوسائل من ضمانات قانونية للمستثمر الأجنبي للحفاظ على حقوقه، وبالتالي يمكن القول أن المغرب يسير في اتجاه تشجيع وتنمية الاستثمار الخارجي نظرا لما يقدمه على المستوى الدولي وذلك بمصادقة على اتفاقية واشنطن وأيضا كما تجب الإشارة إلى الاتفاق الموقع بين المملكة المغربية والاتحاد الأوربي بشأن وضع آليات لتسوية المنازعات ذات الطابع التجاري، نسبة 2010.

·
آليات تسوية نزاعات الاستثمار في اتفاقية واشنطن:

لقد قامت هذه الاتفاقية بتكريس مجموعة من الآليات في فصلها الثالث والرابع لتسوية نزاعات الاستثمار:(1)

P
التوفيق المواد من 28 35

يتم تسوية أي نزاع ينشأ بين مستثمر أحد الطرفين المتعاقدين والطرف المتعاقد الآخر فيما يتعلق باستثمار في إقليم الدولة المتعاقدة الأخرى بالطرق الودية كلها أمكن ذلك، حيث يسعى الأطراف بقدر الإمكان لتسوية المنازعات، من خلال المفاوضات ومن خلال اللجوء إلى نصيحة خبير من طرف ثالث إذا ما لزم الأمر، أو من خلال التوفيق بين الأطراف المتعاقدة من خلال القنوات الدبلوماسية، حيث تمر هذه الآلية من مجموعة من المراحل:         1 ـ طلب التوفيق: الماد 28

2 ـ تشكيل لجنة التوفيق: المادة 29

3 ـ إجراء التوفيق: المادة 32

وبالتالي يمكن القول أن هذه الآلية نوفرها الاتفاقية من أجل حل النزاع بين الطرفين المتعاقدين عن طريق التسوية الودية والتفاوض، كمرحلة أولى لمحاولة حل النزاع.

التحكيم: المواد من 36 55

يمثل اللجوء إلى التحكيم في حال نشوب نزاع مع الدولة المتعاقدة، الحل البديل لاختصاص المحاكم الوطنية وهو يشكل بالتالي أهم الضمانات الممنوحة للمستثمر الأجنبي من خلال هذه الاتفاقية.

والتحكيم كما هو معلوم آلية من خلالها يتم اتفاق الأطراف المعنية على تعيين شخص أو أشخاص للفصل في النزاع المعروض عليهم، كما يتميز بمجموعة من المميزات المتعددة كالسرية والسرعة في البت.

ونصت اتفاقية واشنطن على إمكانية اللجوء إلى التحكيم في فصلها الرابع بداية بتقديم الطلب تم تشكيل المحكمة إلى غاية صدور الحكم وتوضيح طرق الطعن فيه، وذلك بهدف رئيسي هو تسوية نزاعات الاستثمار وتشجيع المستثمر عن طريق المركز الدولي لفض النزاعات المتعلقة بالاستثمار.

وتجب الإشارة هنا أن للأطراف المتعاقدة إمكانية اللجوء على المركز في صورة (تحكيم مؤسساتي) كما يمكنهم اللجوء إلى تسوية النزاع الذي ينظمه أطراف النزاع نفسهم بتعيين المحكم والإجراءات في صورة (تحكيم حر) .

خاتمة:

يمكن القول على أن أهمية الاستثمار لا يقتصر على كونه أحد مصادر التمويل ولاسيما للبلدان النامية بل لحجم المنافع التي تترتب عليه كنقل التكنولوجيا، وزيادة الصادرات المحلية والانفتاح على الأسواق العالمية وبالثاني تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في هذه البلدان المضيفة للاستثمار.

ونظرا للطبيعة الخاصة لعقود الاستثمار وتعدد أطرافها فإنه من المتصور نشوء منازعات بين أطرافها حول تطبيق أو تفسير بنودها مما استوجب توفير وسائل محايدة وفعالة لتسوية تلك المنازعات، ومن هنا نجد وسائل لتسوية المنازعات كالمفاوضات والتوفيق والتحكيم.

وتجب الإشارة أيضا أن المغرب قد التزم بأكثر من 40 اتفاقية استثمار دولية بالإضافة إلى قواعد حول حماية المستثمر والاستثمار الأجنبي في اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، ولابد من مراجعة وتقييم أثر هذه الالتزامات على المسار التنموي والانتاجي في المغرب وعلى القدرة التنظيمية للدولة على مستوى القطاعات الاقتصادية الوطنية وذلك قبل التوسع بالمفاوضات حول اتفاقيات إضافية، خاصة وأن المغرب تعرض لعدد من حالات التحكيم الدولي .

المحور الثاني : الوسائل البديلة في الاتفاقيات المتعلقة بالأسرة

أولا: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

ثانيا: اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها

 

1 ـ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) (1979) والبروتوكولات الملحقة بها.

تمهيـد:

لقد شكل موضوع المرأة أحد محاور النقاش العمومي والتدافع الوطني منذ الانخراط في بناء مغرب ما بعد الاستقلال واكتسب هذا الموضوع راهنة كبيرة في الثلاثين سنة الأخيرة بفعل تفاعل عدد من العوامل الداخلية والخارجية، حيث بدا تطور الاشتغال العالمي والأممي في مرحلة العولمة على قضايا المرأة وارتفاع الضغط الخارجي المستند على مجموع الاتفاقيات الدولية والمؤثرات العالمية وهو انشغال تنامي بشكل كبير منذ اعتماد اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" سنة 1979، والتي دخلت حيز التنفيذ سنة 1981.

وصادق المغرب على "سيداو" يوم 21 – 06 – 1993 مع إبداء تحفظاته على بعض المواد، كما صادق أيضا سنة 2015 على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية. ومن هنا يمكن القول أن بالمغرب وبعد مصادقة على هذا البرتوكول اتخذ خطورة جاسمة لتعزيز تفعيل اتفاقية "سيداو".

وعلى العموم فاتفاقية "سيداو" ومن بين أهدافها الرئيسية من تحقيق للمناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة، نصت أيضا في مادتها 29 "في حالة وقوع خلاف بين الدول الأطراف المتعاقدة جعل تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية إن يتم عرض هذا الخلاف إلى التحكيم إذا لم يسو عن طريق المفاوضات وذلك بناء على طلب واحدة من هذه الدول، وإذا لم يتمكن الأطراف خلال ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم الوصول إلى اتفاق تنظيم أمر التحكيم جاز لأي واحد من أولئك الأطراف إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية طلب يقدم وفقا للنظام الأساسي للمحكمة .

·
موقف المغرب من الاتفاقية:

إن المغرب وتجسيدا لمبدأ المساواة ما بين الرجل والمرأة فقد نص من خلال دستور 2011 في الفصل(2) 19 على مناصفة المرأة في الحقوق مع الرجل وإن تتمتع بها بدون قيد ولا شرط فدستور 2011 جاء استجابة لهذه الاتفاقيات التي تنادي بضرورة إنصاف المرأة ومحاربة أشكال التمييز ضدها.

إلا أن هذه الاتفاقيات قد لا تتلاءم مع خصوصية وطبيعة المجتمع المغربي لكونه بلد عربي ومسلم مما يجعل المغرب يبدي بعض تحفظاته من بعض بنود هذه الاتفاقية لمجموعة من الدواهي والأسباب التي تمس دين الدولة وطابعها المجتمعي. وعلى العكس من ذلك ومن جهة أخرى فالمغرب لا يبدي أي تحفظات بشأن المادة (3)29 التي تنص على إمكانية اللجوء إلى التحكيم كآلية لفض النزاعات في حالة وقوعها، مما يفسر من جهة تشجيع وانفتاح المغرب على هذه الوسائل كأهم المميزات التي تدفعه للانخراط الإيجابي في المواثيق الدولية وإغناء منظومته القانونية.

وبالتالي يمكن القول وارتباطا بموضوعنا مساطر الوسائل البديلة ضمن الاتفاقيات الدولية التي صادق ووقع عليها المغرب على وجه العموم، أن العموم أن هذه الوسائل أصبحت ضمن أهم المقتضيات والشروط الواجبة في وضع مواد أي اتفاقية، نظرا لأهمية هذه الوسائل الودية في جل النزاعات بشكل ودي وخصوصا النزاعات ذات الطابع الدولي والتي تحتاج لشمل هذه الآليات لفض النزاع.

وبخصوص المملكة المغربية فقد صادقت على مجموعة من الاتفاقيات في مجموعة من المجالات منها التجارية على وجه الخصوص والتي نظرا لطابعها تحتاج إلى اللجوء لوسائل بديلة عن القضاء لفض النزاعات ذات الطابع التجاري السريع والمرن وتشجيع الاستثمار وتطوير الاقتصاد عامة، وفي هذا الإطار يتضح جليا توخي المغرب نحو تكريس هذه الوسائل البديلة وتشجيع اللجوء إليها سواء على المستوى العلاقات الدولية أو على مستوى القوانين الداخلية.

 

2 ـ اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها:


يعتبر موضوع حقوق الطفل من أكثر المواضيع التي تحظى بعناية خاصة من قبل المجتمع الدولي، للقناعة الراسخة في أن صيانة هذه الحقوق هو الدعامة الأساسية لأي تقدم وازدهار هذا ما تجسد في بلورة عدد من المبادئ الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان بشكل عام وإبرام مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية تحمي الطفل بشكل خاص. (4)

ومن أهم الاتفاقيات الدولية المعاصرة التي اهتمت بحقوق الطفل، نذكر اتفاقية حقوق الطفل التي شهد العالم ميلادها في 20 نونبر 1989،(5) وهذه الاتفاقية تعالج بشكل متكامل ومفصل وملزم حقوق الطفل المختلفة، ونظرا لكون الطفل يحتاج إلى حماية خاصة في مجموعة من الحالات والظروف والتي قد تؤثر بشكل كبير على نموهم العقلي والجسدي، فقد ألحق بالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ثلاث بروتوكولات اختيارية، الأول يتعلق ببيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية والثاني يتعلق بإشراكك الأطفال في النزاعات المسلحة، والثلث المتعلق بإجراء تقديم البلاغات.

وارتباطا بهذه الاتفاقيات فالمغرب، صادق عليها وأبدى اهتماما كبيرا بمجال حقوق الطفل، العديد من المناسبات الدولية لما ستوفره هذه الاتفاقية وبروتوكولاتها من مكانة للمغرب وحماية للطفل والنهوض بحقوقه بصفة عامة من جهة، وما تتضمنه هذه الاتفاقية من مقتضيات حول اعتماد الوسائل الودية لفض النزاعات التي تختلف حسب طبيعة موضوع كل اتفاقية والنزاعات التي قد تنشأ بين أطرافها.

ومن هذا المنطلق وارتباطا بموضوعنا سنحاول التركيز عن مساطر الوسائل البديلة ضمن اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها، نظرا لمصادقة المغرب عليها وأيضا لما تتضمنه من مواد تنص على إمكانية اللجوء إلى الوسائل الودية وإمكانية تفعيلها في حل النزاعات.

ولهذا سنسلط الضوء على وجه الخصوص على 1 ـ البروتوكول المتعلق ببيع الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحة(6)، والبروتوكول 2 ـ المتعلق بإجراء تقديم البلاغات.(7)

وارتباطا بموضوع البروتوكول الأول الذي يهدف إلى حماية الأطفال من خطر البيع والاستغلال الجنسي كجرائم جنائية، يكون الأطفال ضحايا تجب حمايتهم وتوفير ظروف مناسبة لهم. وهنا يمكن الإشارة إلى إمكانية إعمال الوسائل البديلة في إطار الأفعال التي يجرمها البروتوكول، وذلك اعتبارا لأهمية الوسائل البديلة كل المنازعات ولما تضمنه من آليات حديثة للفصل بشكل فعال في القضايا باعتماد الحل الودي وخصوصا في القضايا التي يكون أحد أطرافها طفل، حيث يثور الإشكال حينما ترتكب هاته الجرائم من قبل قاصرين حتى. وهنا لابد من معاملتهم معاملة خاصة غير تلك التي يعامل بها الراشدين ومن ضمنها اللجوء إلى الصلح الحرجة بصفة خاصة وبدائل العقوبات السالبة للحرية بصفة عامة، وذلك نظرا لوضعيتهم الحرجة من جهة ومن جهة أخرى مراعاة لمصلحتهم العليا أو الفضلى كما نصت عليها المعاهدات والمواثيق الدولية.

وتتجلى هذه البدائل أساسا في تحديد ساعات معينة من الخدمة الأجل المنفعة العامة "للطفل الجاني" بالإضافة إلى إمكانية توفير متابعة طبية نفسية لهؤلاء الأطفال لمعرفة دواعي ارتكابهم لهذه الجرائم . (8)

كما يمكن الإشارة أيضا إلى البروتوكول الثالث المتعلق بإجراء تقديم البلاغات وما نص عليه هذا البرتوكول من أهداف نص أيضا في مادته 9، و12 على دور اللجنة التي تتلقى الشكاوى والبلاغات في إجراء اتفاقات التسوية الودية وضمان متابعة التوصيات المقدمة إلى الدول،(9) حيث تعرض اللجنة مساعيها الحميدة على الأطراف المعينة بهدف التوصل إلى تسوية ودية للمسألة، ويعتبر الاتفاق على تسوية ودية يتم التوصل إليه برعاية اللجنة بمثابة إنهاء للنظر في البلاغ بموجب هذا البرتوكول.

وتجدر الإشارة في الأخير على أن المملكة المغربية في الآونة الأخيرة عملت على تعزيز ترسانتها القانونية بعدد من المستجدات التشريعية التي تنسجم مع المعايير الدولية المتعلقة بالموضوع على رأسها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والبروتوكول الملحقة بها.

الهوامش

 

  • اتفاقية واشنطن- بشأن تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى لسنة 1965،الباب الثالث والرابع.
  • الفصل 19 من دستور المملكة المغربية.
  • المادة 29 من اتفاقية SIDAW
  • حومالك محمد ، حقوق الطفل بالمغرب بين المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، بحث لنيل شهادة الماستر، جامعة محمد بن عبد الله 2012-2013، ص2
  • اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989،
  • البرتوكول الاختياري المتعلق ببيع الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية، سنة 2002.
  • البروتوكول الاختياري الثالث متعلق بإجراء تقديم البلاغات الصادر عن لجنة الأمم المتحدة بتاريخ 27 يناير 2012.
  • نفيسة فارس ، الصلح في المادة الجنائية ، بحث لنيل شهادة الماستر ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس سنة 2011-2012.ص 5.
  • المواد 9 و12 من البرتوكول الثالث ، مرجع سابق.

 

 

 

 

 


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى