في الواجهةمقالات قانونية

تأثير فيروس كوفيد 19 على الإجراءات المسطرية لمساطر صعوبات المقاولة

 

تأثير فيروس كوفيد 19 على الإجراءات المسطرية لمساطر صعوبات المقاولة

 

تعتبر مساطر صعوبات المقاولة أرضا للتنازع بين مصالح متعددة ومتناقضة، فالمدين العاجز عن أداء ديونه يصبح في حالة نزاع بينه وبين مورديه والمتعاقدين معه وعملائه وأحيانا كثيرة حتى مع العمال والمستخدمين التابعين له، ومن جانب آخر فهناك نزاعات بين المقاولة المدينة ومموليها من أبناك ودائنين ومقرضين.

وبالتالي فالأدوار المنوطة بالقانون المنظم لمساطر صعوبات المقاولة، تتحدد في حل هذه النزاعات بين جميع الأطراف المرتبطة بالمقاولة، غير أن اتجاهات كل القوانين المتعلقة بمساطر صعوبات المقاولة تتجه نحو التركيز على اعتماد الحل التوافقي بدل الحل التنازعي، وذلك بالنظر الى الوعي بالأهمية الإقتصادية والإجتماعية والمالية للمقاولة، والمحاولة للإبقاء على المقاولة المدينة داخل النسيخ الإقتصادي. وانقاذها ما أمكن وذلك بالحفاظ في الأخير على جميع المصالح المتعارضة والمرتبطة بالمقاولة المدينة قدر الإمكان، مما يعطي لهذا النوع من المساطر بعدا أخلاقيا[1].

الى جانب أن مساطر صعوبات المقاولة تتميز بطغيان التحليل الإقتصادي على التحليل القانوني، كما أنه يهدف بالأساس الى ايجاد حلول اقتصادية للمقاولة المتعثرة أو العاجزة عن تسديد خصومها، مما يفسر على اعتماد حلول اقتصادية بصبغة ولغة قانونية.

إلا أن اجراءات مساطر صعوبات المقاولة لما لها من حتمية في انقاذ المقاولة المتعثرة قد يحدث أمر طارىء يحول دون اتباعها، كحالة الكوارث الطبيعية من فيضانات وزلازل وبراكين، وكذلك كوارث بشرية كالحروب وانتشار الأوبئة، هذه الأخيرة هو كما هو عليه الحال اليوم بحيث نشهد انتشار فيروس كوفيد 19 ، الذي ظهر في الصين في أواخر سنة 2019 بمدينة “يوهان”. هذا الأخير الذي انتشر في جل دول العالم ومنهم المغرب كالنار في الهشيم. مما اضطر معه المغرب الى اعلان حالة الطوارىء[2] الصحية بأرجاء التراب الوطني عن طريق مرسوم وزاري بتاريخ 23 مارس [3]2020.

بحيث جاء في مادته السادسة توقيف سريان جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة الطوارىء …، هذا الأمر يطرح  عدة اشكالات بالنسبة للمقاولة المتعثرة التي تعاني من التوقف عن الدفع ( المادة 575 من مدونة التجارة[4] عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة)، سواء قبل اعلان حالة الطواريء أو بعدها التي يجب عليها فتح احدى مساطر صعوبات المقاولة ( التسوية القضائية – التصفية القضائية). فرغم أن المرسوم السابق الذكر أوقف الآجال القانونية إلا أن طبيعة اجراءات صعوبات المقاولة لها طابع خاص وحساس لا يقبل التأجيل أو التأخير لأن بالتأخير قد يضيع أحد حقوق الدائنين أو الأجراء أو المقاولة بنفسها من حقها بالإستفاذة من مساطر صعوبات المقاولة في الوقت المناسب، خصوصا أن حالة الطواريء وانتشار الفيروس غير معلوم كم من يوم أو شهر أو سنة سوف يبقى، هذا الأمر الذي يدفعنا الى طرح اشكالية مفادها:

  ماهو تأثير فيروس كوفيد 19 على الإجراءات المسطرية لصعوبات المقاولة؟

هذه الإشكالية التي سوف أعالجها من خلال مطلبين:

  • المطلب الأول: فتح مساطر صعوبات المقاولة في زمن كورونا
  • المطلب الثاني: وضعية مخطط الاستمرارية في زمن كورونا

المطلب الأول: فتح مساطر صعوبات المقاولة في زمن كورونا

يتعين على المقاولة ان تقوم بنفسها عن طريق طلب فتح احدى المساطر القضائية لمساطر صعوبات المقاولة، من أجل تصحيح ما من شأنه أن يخل باستمرارية استغلالها.

لكن الأمر الذي يدفعا في الوقت الحالي حول ما مدى امكانية فتح المساطرالقضائية لصعوبات المقاولة في زمن كورونا (الفقرة الأولى)، وكذلك التقسي حول انعكاسات كورونا على المقاولة المتعثرة (الفقرة الثانية).

   الفقرة الأولى: إمكانية فتح المساطر القضائية لصعوبات المقاولة في زمن كورونا

تتميز مساطر صعوبات المقاولة بعدة خصائص ومميزات بحيث نجد أنها تتميز فيما بينها، سواء من حيث الأجهزة المشرفة أو طريقة فتحها، لكن الأمر الأوحد والمشترك هو أن رئيس المقاولة يعتبر الرجل الأكثر الزاما للقيام بوضع طلب من أجل فتح احد المساطر منذ علمه بالصعوبات التي تعاني منها المقاولة التي من شأنها أن تدفع المقاولة الى الهلاك، وباعتباره ممثلها القانوني والرجل الذي يعلم بخبايا المقاولة ووضعيتها الحقيقية، لذلك أقر المشرع المغربي من خلال مدونة التجارة جزاء بسقوط الأهلية التجارية بالمادة 748 بحيث نصت المادة ببندها الرابع على أنه اغفال القيام بتقديم طلب فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التوقف عن الدفع تسقط أهليته التجارية إذا ثبت في حقه هذا الفعل.

يتبين من المادة أعلاه أن رئيس المقاولة ملزم بوضع طلب يطلب فيه فتح احدى المساطر سواء التسوية أو التصفية، ويبين من خلاله وضعية المقاولة المتوقفة عن الدفع، فإذا أغفل ذلك فهو معرض بسقوط الأهلية التجارية إلا أن يثبت العكس.

والمستجد مع الحالة الوبائية بالمغرب، فقد قامت الحكومة المغربية بتعليق مجموعة من الأنشطة سواء مدنية أو تجارية، وكذلك تعليق وتوقيف سريان الأجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارىء الصحية المعلن عنها، بالمادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر في 23 مارس 2020.

إذن من خلال ما سبق فرئيس المقاولة المتعثرة التي عانت مقاولته توقفا عن الدفع من تاريخ 23 مارس 2020، الذي لا يستطيع وضع طلب بفتح احدى المساطر سواء تسوية أو تصفية بسبب الحالة الوبائية وتطبيق حالة الطواريء الصحية التي تم اعلانها بمرسوم كما سبق القول فقد اوقف سريان حميع الأجال القانونية أي أن الآجال سوف يستأنف بعد العودة الى الوضع الطبيعي.

لكن الأشكال الحقيقي مثلا من وضع طلب فتح احدى المساطر القضائية لصعوبات المقاولة قبل اعلان حالة الطواريء، ومقاولته متوقفة عن الدفع فما مصير طلبه بعد اعلان حالة الطوارىء الصحية؟ وما مصير الاجراءات التي يجب على المحكمة القيام بها؟

فالبنسبة للتساؤل الأول فمصير طلب فتح احدى المساطر القضائية (التسوية أو التصفية)، الذي تم وضعه قبل اعلان حالة الطوارىء الصحية فإنه يتم تجميده وأي اجراء آخر لن يتم الا بعد رجوع الأمور الى وضعها الطبيعي.

أما السؤال الثاني، فكما نعلم أنه بمجرد وضع طلب من طرف رئيس المقاولة فإن رئيس المحكمة التجارية يقوم بمجموعة من الإجراءات كدراسة الطلب، استدعاء رئيس المقاولة الى غرفة المشورة، الى غيرها من الاجراءات فكل الاجراءات لن يقوم بها رئيس المحكمة الا بعد رجوع الأمور الحالة الطبيعية طبقا للمادة السادسة من مرسوم حالة الطواريء الصحية.

من خلال ما تقد يتبين أن المرسوم بقانون 2.20.292 لم يعطي أي امكانية لا لرئيس المقاولة المتعثرة ولا للشركاء أو النيابة العامة أو رئيس المحكمة، بوضع طلب لدى المحكمة من أجل فتح احدى مساطر صعوبات المقاولة خلال حالة الطوارىء الصحية، فالحكومة أغفلت الوضعية الحساسة للمقاولات بشكل عام وبالأخص المتعثرة منها التي تحتاج الى الكشف المبكر للمشاكل القانونية والمالية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها من اجل حلها، وتعليق وايقاف سريان الآجال القانونية سوف يؤدي الى التأخير في فتح احدى المساطر خصوصا أن أجل عودة الأمور الى نصابها غير معلوم سوف يزيد من تأزم المقاولة وضياع حقوق المقاولة من استفادتها من احدى المساطر في وقت مبكر وضياع حقوق الاجراء والدائنين.

كانت على الحكومة أن تضع استناءات تخص المقاولة المتعثرة التي تعاني من مشاكل خصوصا المتوقفة عن الدفع واعطاءها امكانية فتح احدى المساطر القضائية سواء عن طريق فتح منصة الكترونية يمكن لرئيس المقاولة وضع طلبه في الوقت المحدد وكذلك الاعتماد على تقنيات التواصل عن بعد بإستخدام تقنية الاتصال المرئي المسموع  خصوصا في المراحل الأولى قبل الحكم بإحدى المساطر، كإستدعاء رئيس المقاولة من طرف رئيس المحكمة التجارية لغرفة المشورة عن بعد باعتماد تقنيات التواصل.

كما يمكن استدعاء رئيس المقاولة الى غرفة المشورة بأن يحضر حضورا ماديا مع احترام شروط واجراءات السلامة الصحية من تعقيم ووضع الكمامة، هذه الاجراءات قد يساعد المقاولة على تجاوز صعوباتها.

  الفقرة الثانية: انعكاسات كورونا على المقاولة المثعترة

تعتبر الأوبئة الصحية واقعة مادية صرفة، تكون لها آثار سلبية واضحة يمكن رصد ملامحها على العلاقات القانونية بوجه عام والعلاقات التعاقدية على وجه الخصوص، حيث تتصدع هذه الروابط نتيجة ركود أو شلل يصيب بعض القطاعات الاستثمارية ما يجعل من المستحيل (أو على الأقل من الصعب) تنفيذ بعض الالتزامات أو يؤخر تنفيذها.

هذا الشلل والركود قد يؤدي ببعض المقاولات الى التأزم، وأخرى الافلاس اي التوقف عن الدفع، ولا تستطيع المقاولات أن تطلب فتح احد مساطر صعوبات المقاولة بسبب مرسوم وزاري لم يراعي خصوصية المقاولات التجارية، فإنعكاسات فيروس كورونا على المقاولات المتعثرة ستكون على ثلاث مستويات:

على مستوى المقاولة نفسها: في الأوضاع العادية فالمقاولة المتعثرة التي تعاني من مشاكل إقتصادية أومالية، وإجتماعية يمكن لها أن تستفيذ من حقها من مساطر صعوبات المقاولة في الوقت المناسب  شرط قيام من لهم الحق بالمطالبة بفتح احدى المساطر القضائية لصعوبات المقاولة على رأسهم رئيس المقاولة، لكن مع حالة الطوارىء الصحية المعلن عنها فلا يمكن فتح احدى المساطر القضائية لأن مرسوم حالة الطواريء في مادته السادسة قد أوقف سريان الأجال القانونية والتي يستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة، هذا الأمر الذي لا يمكن معه اسستفادة المقاولة من مساطر صعوبات المقاولة في الوقت المناسب مما سيكلف المقاولة ضياع فرصة من كشف الاختلالات ومعالجتها قبل تفاقمها، ومع المشاكل التي تعاني من المقاولة المتعثرة والوضعية الإقتصادية التي يمر منها المغرب بكون أغلب الاسواق تم إغلاقها بسبب تفشي فيروس كورونا سيزيد من تأزم المقاولة.

على مستوى الدائنين:تعتبر فئة الدائنين إلى جانب المقاولة أهم فئة التي تحدد مصير المقاولة في مساطر صعوبات المقاولة خصوصا أن هذه الفئة تقدم مجموعة من المساعدات كالتخفيض في الديون واعادة برمجة آجال الأداء جديدة الى جانب اعطاء رأي في مخطط الاستمرارية أثناء التدوال داخل جمعية الدائنين، كما يمكن لهذه وضع طلب من أجل فتح احدى المساطر القضائية لصعوبات المقاولة المادة 578 من مدونة التجارة التي جاء في فقرتها الأولى يمكن فتح المسطرة (التسوية القضائية) بمقال افتتاحي للدعوى لأحد الدائنين كيفما كانت طبيعة دينه. وكذلك يمكن فتح مسطرة التصفية القضائية طبق للمادة 651 تفتتح مسطرة التصفية القضائية تلقائيا أو بطلب من رئيس المقاولة أو الدائن… .

لكن مع حالة الطوارىء الصحية وطبقا للمادة السادسة فإن الاجراءات سيتم ايقافها وتعليق الآجال الى ما بعد حالة الطواريء وعودة الأمور الى نصابها، وخلال هذه المرحلة هذه الفئة لا يمكن لها أن تمارس حقها في وضع طلب بفتح احدى المساطر القضائية لأن الأجال تم توقيفها، كذلك فحقوق هذه الفئة يمكن أن تضيع بسبب عدم امكانية فتح مساطر صعوبات المقاولة في حق المقاولة، ومع ازدياد الأمر صعوبة بسبب انتشار فيروس واغلاق الأسواق فوضعية المقاولة سوف يصيبها الشلل.

فرغم جهود الدولة بجانب المؤسسات البنكية محاولة بتخفيف من وطأة وانعكاسات فيروس كورونا، بتعليق أداء الديون التي في ذمتهم لصالح الأبناك إلا بعد رفع حالة الطوارىء، الى جانب منح قروض بدون فوائد لصالح المقاولات المتوسطة والصغيرة، الا انها جهود تنقص من الحدة ولا تنهيها خصوصا بالنسبة للمقاولات التي توقفت عن الاشتغال بسبب الغرض التي تشتغل فيه وبذمتها ديون يجب ان تؤديها في تواريخها.

على مستوى الأجراء:تعتبر هذه الفئة هي الفئة الهشة بحيث اذا توقفت المقاولة عن الاشتغال بسبب عدم قدرتها مزاولة نشاطها بسبب فيروس كورونا، فإن عقد الشغل يتوقف بسبب قوة قاهرة، هذا الأمر الذي سينعكس على هذه الفئة الهشة بأن مدخولهم سوف يتوقف وا يمكن لهم مزاولة نشاطهم أو أنشطة أخرى بسبب حالة الطوارىء الصحية الأمر الذي دفع الدولة من أجل حماية هذه الفئة خلال حالة الطوارىء الصحية بمنح كل أجير مسجل لدى الضمان الاجتماعي وتوقف عن الاشتغال بسبب فيروس كورونا يستفيذ من مساعدة مالية شهرية قيمتها 2000 درهم طيلة مدة الحجر الصحي.

لكن الاشكال هو أن وضعية المقاولة المتعثرة خلال الحجر الصحي سوف يزيد وضعها تأزما لأنها لا يمكن أن تطلب فتح احدى المساطر القضائية لصعوبات المقاولة، الأمر الذي قد يفضي الى مشاكل لا يمكن الخروج منها وانقاذ المقاولة مما يستدعي تصفيتها الأمر الذي لا يخدم فئة الاجراء لأنهم سيفقدون عملهم الذي كان بالامكان أن يكون أحسن مما كان لو تم اعطاء امكانية فتح احدى المساطر لصعوبات المقاولة في حق المقاولة المشغلة.

المطلب الثاني: وضعية مخطط الاستمرارية في زمن كورونا

يعتبر اختيار وتبني الحل بالتسوية القضائية عن طريق اعتماد مخطط الاستمرارية من أنجع الحلول للمقاولة المفتوحة ضدها مساطر صعوبات المقاولة، مقارنة مع مخطط التفويت لأموال المقاولة أو تصفيتها.

انطلاقا من هذا الاعتبار يكون مخطط الاستمرارية واحدا من الحلول التي تهدف التسوية القضائية إلى تحقيقها، بحيث يتم في إطاره متابعة النشاط بنفس المالك الذي يحتفظ بالمقاولة في ذمته المالية، وبهذا يبقى على رأسها، على أنه ينبغي في هذا الصدد التفريق بين ما إذا كان المدين شخصا طبيعيا، أو شخصا معنويا، وذلك بالرغم من أنه قد يكون عوض بالسنديك في المرحلة الانتقالية، أو أنه يمارس مهام التسير الى جانب السنديك.

وقصد يصدف قبل حصر مخطط الاستمرارية، حدوث حالة طارئة كما هو عليه الأمر الآن انتشار فيروس كورونا وتعليق ووقف سريان الآجال القانونية، ما مدى امكانية حصر مخطط الاستمرارية في حالة الطوارىء الصحية (الفقرة الأولى)، وكذا المقاولة التي تم الحكم لصالحها بمخطط الاستمرارية، هل يمكن تعديل مخطط الاستمرارية في حالة الطوارىء الصحية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: إمكانية حصر مخطط الإستمرارية في حالة الطواريء الصحية

   بحسب المادة 624 من مدونة التجارة، أن المحكمة تقرر استمرارية المقاولة إذا كانت هناك إمكانات جدية لتسوية وضعها وسداد خصومها. لكن بعد أن يطلب رئيس المقاولة بحسب المادة 576 من مدونة التجارة فتح مسطرة التسوية القضائية في أجل أقصاه ثلاثون يوما من تاريخ توقف المقاولة عن الدفع تحت سقوط الأهلية التجارية بحسب المادة 747 من مدونة التجارة، بحيث يقوم رئيس المقاولة طلبه بكتابة ضبط المحكمة ويشير فيه الى أسباب التوقف عن الدفع مع ترفاق الطلب بمجموعة من الوثائق المنصوص عليها بالمادة 577 من مدونة التجارة.

لكن قد تتوقف الاجراءات المسطرية بسبب حالة طارئة كما هو عليه الأمر الأن بسبب انتشار فيروس كورونا الذي ألزم السلطة العامة بإعلان حالة الطوارىء الصحية بمرسوم الذي سبق الاشارة اليه، وهذا التوقف يجد ظالته في المادة السادسة من مرسوم حالة الطواريء الذي جاء فيه يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة. تستثنى من أحكام الفقرة الأولى أعلاه آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي.

اذن من خلال ماسبق فإذا سبق الحكم لمقاولة بفتح مسطرة التسوية القضائية واعطاء السنديك سلطات الى جانب رئيس المقاولة بحسب المادة 592 من مدونة التجارة، فإن السنديك يباشر اعداد تقرير تفصيلي للموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة، وذلك بمشاركة رئيس المقاولة والمساعدة المحتملة لخبير أو عدة خبراء.

وعلى ضوء هذه الموازنة، يقترح السنديك إما مخططا للتسوية يضمن استمراريةالمقاولة أو تفويتها إلى أحد الأغيار أو التصفية القضائية، الى أن هذه الاجراءات لا يمكن مباشرتها من طرف السنديك الى جانب رئيس المقاولة بسبب حالة الطورىء الصحية التي أوقفت الآجال القانونية بإسثتناء آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي.  هذا الأمر هو الذي يعاب على المرسوم بسبب اغفاله لإجراءات مساطر صعوبات المقاولة التي لها حساسية وخصوصية، لأن أي تأخر قد يؤدي الى تعثر المقاولة في مشاكل لا رجعة فيه، كان بإمكان إعطاء إمكانية وجعل مساطر صعوبات المقاولة من الاسثناءات بحيث كان بإمكان منح مباشرة الاجراءات سواء في اعداد التقارير التي سبق الاشارة اليها أما عن طريق استعمال وسائل الاتصال أو عن طريق التباعد الاجتماعي باحترام مسافة الأمان واحترام اجراءات الوقاية الصحية بين رئيس المقاولة والسنديك وباقي المتدخلين اثناء اعداد التقرير.

كما يمكن للسنديك الاجتماع بالدائنين بعدة طرق من بينها الحضور عن طريق وسائل الاتصال السمعي البصري، مع هذه الامكانية يمكن للجمعية التداول بشأن  مشروع مخطط الاستمرارية طبقا للمواد 606 الى 621 من مدونة التجارة.

كما يمكن أيضا لأصحاب الديون التصريح بديونهم طبقا للمواد 719 الى 723 من مدونة التجارة، كما يمكن لأصحاب الأموال المنقولة استرداد حقه الذي تحت حيازة المقاولة، في أجل ثلاثة أشهر التالية لنشر الحكم القاضي بفتح التسوية أو التصفية القضائية، مع سكوت المشرع بالمادة 567 عن آجال ممارسة حق الاسترداد بمسطرة الانقاذ.

 

الفقرة الثانية: إمكانية تغير اهداف ووسائل مخطط الإستمرارية في حالة الطواريء الصحية

   ما يجب الاشارة اليه أنه لا يكون الحكم القاضي باعتماد مخطط الاستمرارية طابع نهائي من حيث المضمون، بحيث يمكن للمحكمة مصدرة الحكم أن تقضي تغيير أهداف ووسائل المخطط بطلب من رئيس المقاولة وبناء على تقرير السنديك، وذلك طبقا لما جاء في مقتضيات المادة 629 من مدونة التجارة.

لكن هذا الأمر لايمكن في هذه الأونة بسبب حالة الطوارىء الصحية المعلن عنها، التي جاء فيها توقيف سريان الآجال القانونية إلا بعد رفع حالة الطوارىء واستئناف الاجال، هذا الأمر ما سيجعل وضعية المقاولة تتأزم ويمكن أن تضيع مجموعة من الحقوق للأطراف المتداخة كحقوق المقاولة نفسها من امكانية الاستفاذة من الاجراءات التي تسمح بتعديل مخطط الاستمرارية التي سبق الحكم عليها بحصر المخطط، وحقوق الدائنين الذين لن يستطيعوا استفاء ديونهم في الاجال المنصوص عليها بمخطط الاستمرارية بسبب تأزم الوضعية الاقتصادية للمقاولة، هذا الأمر راجع الى اغلاق مجموعة من الوحدات الاقتصادية واغلاق مجموعة من الاسواق الوطنية هذا الأمر الذي يحد من امكانية تسويق منتجات المقاولة.

وكذلك حقوق الاجراء التي تعتبر الفئة الهشة بين جميع المتداخلين، حيث أن عدم اعطاء امكانية تعديل مخطط الاستمرارية في حالة الطوارىء الصحية الحالية سيكون له تأثير على المقاولة مما سينعكس هذا التأثير الاجراء سواء بفقدان عملهم بسبب افلاس المقاولة أو تقليل من الاجراء بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر منها المقاولة.

كان على الحكومة عن طريق مرسوم حالة الطواريء الصحية الذي أصدرته أن تظيف استثناء بالمادة السادسة متعلق بإجراءات مساطر صعوبات المقاولة عكس وقف سريان آجالها إلا ما بعد تعليق حالة الطوارىء الصحية.

يسمح  بتعديل مخطط الاستمرارية في مسطرة التسوية القضائية، خصوصا أن اجراءات المسطرية قبل موافقة المحكمة على التعديل الجديد لمخطط الاستمرارية يمكن القيام بها مع احترام القواعد الاحترازية للسلامة الصحية سواء بوضع طلب لدى كتابة الضبط من طرف رئيس المقولة سواء عن طريق منصة إلكترونية أو أي طريقة تحترم السلامة الصحية، ويمكن للسنديك استدعاء جمعية الدائنين خصوصا إذا كان من شأن تغيير أهداف ووسائل مخطط الاستمرارية التأثير سلبا على التخفيضات أو الأجال التي وافق عليها الدائنون، من أجل التداول ومناقشة الأوضاع الجديدة والتغيرات في الأهداف والوسائل التي سوف تستعمل وفق الظرفية الحالية، عن طريق الاجتماع بوسائل الاتصال السمعي البصري.

 

وأخيرا يمكن القول أن انتشار فيروس كورونا جعل الحكومة المغربية تتخبط في العشوائية ما قبل 20 مارس 2020 ، وبعد اصدار مرسوم حالة الطوارىء الصحية بدأت تتضح الرؤية لأصحاب القرار بإتباعهم مجموعة من الاجراءات الاحترازية والوقائية التي سيذكرها التاريخ، لكن ما هو مأكد هو أن هذه الأزمة أبانت على أن الاقتصاد العالمي اقتصاد هش بحيث تأثر بسبب انتشار فيروس لا يرى بالعين المجردة، بحيث أن الأزمة الاقتصادية المتوقعة ستكون أكثر من أزمة سنة 2008، وكذلك ما يعاب على الحكومة أنها بالمادة السادسة من مرسوم حالة الطوارىء الصحية أوقفت سريان الآجال القانونية باستثناء آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي.

لكن أغفل وضع كذلك استثناء يخص مساطر صعوبات المقاولة واعطاء امكانية للمقاولات المتعثرة خلال حالة الطوارىء الصحية اللجوء اليها من أجل انقاذ المقاولة والحفاظ على الوحدة الاقتصادية والتخفيف من أثار انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد الوطني.

[1] مصطفى بونجة، نهال اللواح، مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون رقم 17.73 -دراسة تحليلية للكتاب الخامس من مدونة التجارة في ضوء المستجدات القانون رقم 73.17 الصادر بتاريخ 2018-04-23- منشورات المركز المغربي للتحكيم ومنازعات الأعمال، مطبعة ليتوغراف طنجة، الطبعة الأولى 2018، ص14.

[2] حالة الطوارئ هي حالة تخوّل الحكومة بالقيام بأعمال أو فرض سياسات لا يُسمح لها عادةً القيامُ بها. وتستطيع الحكومة إعلان هذه الحالة أثناء الكوارث، أو حالات العصيان المدني، أو الصراعات والنزاعات المسلّحة بحيث تنبه المواطنين إلى تغيير سلوكهم الطبيعي وتأمر الجهات الحكومية بتنفيذ خطط طوارئ. جاستيتيوم (بالرومانيّة: Justitium) هو ما يعادل حالة الطوارئ في القانون الروماني، وهو مفهوم يمكّن المجلس الأعلى من طرح مرسوم نهائيّ لا يخضع للنزاع. https://ar.wikipedia.org

[3] مرسوم بقانون رقم 292.20.2 صادر في 28 من رجب 1441(23 مارس 2020 )يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها. منشور في الجريدة الرسمية  عدد 6867 مكرر 29 رجب 1441 (24 مارس 2020) الصفحة 1782.

[4] القانون رقم 73.17 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.18.26 بتاريخ 2 شعبان 1439 ( 19 أبريل 2018) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 6 شعبان 1439 ( 23 أبريل 2018) ص: 2345.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى