في الواجهةمقالات قانونية

حماية الحق في الخصوصية الرقمية: دراسة في ضوء المواثيق الدولية والتشريع المغربي – الدكتورة آمال قاسيمي

 

حماية الحق في الخصوصية الرقمية: دراسة في ضوء المواثيق الدولية والتشريع المغربي

“Protection of the Right to Digital Privacy”

الدكتورة آمال قاسيمي

باحثة في حقوق الإنسان في الشريعة والقانون، أستاذة زائرة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس

هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 59 الخاص بشهر غشت / شتنبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/KWIZ8576
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

 

حماية الحق في الخصوصية الرقمية: دراسة في ضوء المواثيق الدولية والتشريع المغربي

“Protection of the Right to Digital Privacy”

الدكتورة آمال قاسيمي

باحثة في حقوق الإنسان في الشريعة والقانون، أستاذة زائرة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس

الملخص:

تتناول هذه الدراسة موضوع الحق في الخصوصية الرقمية باعتباره من الحقوق الناشئة في سياق التحول الرقمي المتسارع، وامتدادا جوهريا للحق في الحياة الخاصة، الذي يضمن كرامة الإنسان ويصون حريته في بيئة أصبحت فيها المعطيات الشخصية عرضة للاختراق والاستغلال. وقد أبرزت الدراسة أن التطورات التكنولوجية، رغم ما تحمله من مزايا، قد خلقت تهديدات جديدة لخصوصية الأفراد، مما استدعى تدخل المشرع على المستويين الدولي والوطني لوضع أطر قانونية كفيلة بحماية هذا الحق.

وقد انطلقت الدراسة من إشكالية رئيسة مفادها: إلى أي مدى توفر المنظومة القانونية الوطنية والدولية حماية فعالة للخصوصية الرقمية في ظل التحديات التقنية الراهنة؟

ومن أجل مقاربة هذا الإشكال، تم اعتماد منهج وصفي تحليلي، ومنهج مقارن، لرصد مفاهيم الخصوصية الرقمية وتطورها، وتحليل المرجعيات الدولية والداخلية المؤطرة لها، مع التركيز على التجربة المغربية.

وخلصت الدراسة إلى أن الخصوصية الرقمية ما تزال تواجه العديد من التحديات، سواء على مستوى التأصيل القانوني، أم على مستوى فعالية الحماية المؤسساتية والقضائية، مما يفرض ضرورة مراجعة الأطر التشريعية وتحيينها، وتعزيز الوعي المجتمعي بهذا الحق، وتفعيل الآليات الرقابية والتنظيمية الكفيلة بضمان حمايته.

الكلمات المفتاحية: الحق في الخصوصية الرقمية، الفضاء الرقمي، المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، القوانين المغربية.

Abstract:

This paper explores the right to digital privacy as a fundamental extension of the right to private life, gaining increasing importance amid rapid digital transformation. The growing use of digital technologies has heightened risks of privacy violations, prompting the need for legal safeguards. The study aims to define and analyze this right, focusing on international human rights instruments and Moroccan legislation. Using a descriptive-analytical and comparative approach, the paper finds that current legal protections remain insufficient against the fast-evolving digital environment. It concludes with a call for legal reform, institutional reinforcement, and greater public awareness.

Keywords:

Right to digital privacy, digital environment, international human rights law, Moroccan legal framework.

مقدمة:

تشهد المجتمعات المعاصرة تحولات رقمية متسارعة، ألقت بظلالها على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما أفرز واقعا رقميا أصبح فيه الإنسان محاطا بأنظمة معلوماتية متداخلة ومطوقا بتقنيات الاتصال ومطوقا بكم هائل من المعطيات التي يتم تجميعها، وتخزينها، ومعالجتها، بل وتداولها في أحيان كثيرة دون علمه أو موافقته. وقد ترتب عن هذا التحول بروز قضايا جديدة تتعلق بحقوق الأفراد في الفضاء الرقمي، في مقدمتها الحق في الخصوصية الرقمية، باعتباره تجليا حديثا للحق في الحياة الخاصة، وأحد الحقوق الأساسية التي أصبحت مهددة في ظل التطور السريع لتقنيات المراقبة والاعتماد المتنامي على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.

ورغم ما تتيحه الثورة الرقمية من مزايا متمثلة في تيسير الجهود، وتقليص التكاليف، وتقريب المسافات، فإنها خلفت آثارا عميقة على الحياة الخاصة للأفراد. فقد أصبحت تكنولوجيا الاتصال، وفي مقدمتها الإنترنت والهواتف الذكية، مكونا بنيويا من مكونات الحياة اليومية، الأمر الذي أدى إلى بروز تهديدات حقيقية تمس الحق في الخصوصية، من خلال تعريض المعطيات الشخصية والأسرار الفردية لخطر الاستغلال، أو النشر غير المشروع، أو التشهير، أو حتى الابتزاز الرقمي. كما أسهمت هذه البيئة الرقمية في توسيع قدرات الحكومات، والمؤسسات، بل وحتى الأفراد، على ممارسة أنشطة المراقبة، واعتراض الاتصالات، وتتبع السلوك الرقمي، وجمع البيانات على نطاق واسع، لذلك حظيت خصوصية الأفراد في البيئة الرقمية بحماية دستورية وقانونية دولية، كما شهدت السنوات الأخيرة استجابة تشريعية على مستوى القوانين الداخلية للدول على مستويات مختلفة لتكريس هذه الحماية.

وفي هذا السياق، انخرط المغرب، باعتباره فاعلا ضمن المنظومة الدولية، في العمل على تأهيل منظومته القانونية الوطنية وملاءمتها مع المقتضيات التي تنص عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية ذات الصلة بحماية الحق في الخصوصية الرقمية.

غير أن التحدي الجوهري الذي يواجه المنظومة القانونية المعاصرة يتمثل في قدرتها المحدودة على مواكبة التحولات المتسارعة التي تفرضها البيئة الرقمية، وما تطرحه من مستجدات تقنية معقدة. وفي هذا الإطار، يثار التساؤل، حول مدى كفاية النصوص القانونية القائمة في ضمان الحماية الفعلية للخصوصية الرقمية، ومدى فعالية الأطر المؤسساتية القائمة في التصدي للانتهاكات المتزايدة لهذا الحق. كما تطرح إشكالية التناغم بين التشريعات الوطنية والالتزامات الدولية، ومدى اتساقها في إرساء منظومة حمائية متكاملة تصون كرامة الأفراد وحقوقهم في الفضاء الرقمي.

إشكالية الدراسة:

تسعى هذه الدراسة إلى مقاربة موضوع الحق في الخصوصية الرقمية من زاوية قانونية تحليلية، من خلال الإجابة عن الإشكالية المحورية التالية:

ما مدى توفير الإطار القانوني، على المستويين الوطني والدولي، حماية فعالة للحق في الخصوصية الرقمية في ظل التحديات المتسارعة التي تفرضها البيئة الرقمية؟

وتروم الدراسة الكشف عن المفهوم الدقيق للحق في الخصوصية الرقمية، وتحديد مجالاته وحدوده، واستعراض أبرز صور انتهاكه في العصر الرقمي، إلى جانب تحليل أهم المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، ولا سيما المغربية، ذات الصلة بتكريس هذا الحق وضمان حمايته القانونية.

منهج الدراسة:

اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، من خلال الوقوف على مختلف المفاهيم المرتبطة بالخصوصية الرقمية، ووصف وتحليل الأطر القانونية والتنظيمية الناظمة لهذا الحق، ومنهج مقارن لرصد مدى اتساق المنظومة الوطنية المغربية، مع المعايير الدولية، بما يسمح ببناء رؤية نقدية موضوعية حول واقع الحماية القانونية للخصوصية الرقمية، وآفاق تطويرها تشريعيا ومؤسساتيا.

خطة الدراسة:

اعتمدت الدراسة على مقدمة تمهد للموضوع وعرض متضمن لمطلبين اثنين، نتطرق في الأول لتحديد الإطار المفاهيمي للحق في الخصوصية الرقمية، على أن نعرج في الثاني للحديث عن الإطار الدولي والوطني لحماية الحق في الخصوصية الرقمية، ثم خاتمة لخصت أهم النتائج والتوصيات المتوصل إليها.

المطلب الأول: الإطار المفاهيمي للحق في الخصوصية الرقمية

تقتضي الإحاطة بمفهوم الحق في الخصوصية الرقمية، الوقوف عند ماهية هذا الحق وتحديد مضمونه النظري (الفقرة الأولى)، ثم التوسع في بيان نطاق تطبيقه واستعراض أبرز صور انتهاكه في البيئة الرقمية المعاصرة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: من الحق في الحياة الخاصة إلى الحق في الخصوصية الرقمية

يعد الحق في الحياة الخاصة من الركائز الأساسية التي لا غنى عنها لضمان كرامة الإنسان وتمكينه من العيش في بيئة تحترم حريته وذاتيته داخل المجتمع. وقد اجتهد الفقه القانوني في تأصيل هذا الحق وتحديد أبعاده، في ظل غياب تعريف تشريعي جامع مانع له في أغلب النظم القانونية. ومع التحولات المتسارعة التي فرضها العصر الرقمي، شهد مفهوم الحياة الخاصة بدوره تحولا نوعيا، انتقل معه التركيز من مجرد حماية الحياة الشخصية في بعدها التقليدي إلى حماية خصوصية الأفراد في بيئة رقمية معقدة ومتغيرة. ومن هذا المنطلق، سأعمل على تفصيل هذا التحول المفاهيمي عبر فقرتين اثنتين: الأولى تبيّن ماهية الحق في الخصوصية الرقمية ومضمونه، والثانية تحدد نطاقه وتُبرز أبرز صور انتهاكه.

أولا ـ مفهوم الحق في الحياة الخاصة

بالرجوع إلى المعاجم اللغوية العربية، نجد أن الحياة الخاصة لغة تشتق وصفها من مصطلح الخصوصية الذي هو نقيض العمومية، ويقال اختص فلان بالأمر إذا انفرد به واختصه[1]، جاءت من فعل “خص” فيقال خصه بالشيء يخصصه خصوصا وتأخذ معنى الانفراد بالشيء دون غيره[2].والخصوصية لغة هي ما ينفرد به الإنسان لنفسه دون غيره من الأمور والأشياء، وتكون حرمة الحياة الخاصة هي التي يختصها الإنسان لنفسه بعيدا عن تدخل الغير. [3]

أما في اللغة الفرنسية فهناك مصطلحات أخرى تدل على الحياة الخاصة مثل دائرة السرية، والحق في الخلوة والحق رفي حرمة الحياة الخاصة[4].

وفي ظل غياب تعريف قانوني للحق في الحياة الخاصة و اكتفاء أغلب التشريعات بوضع نصوص تكرس حمايته وتبين صور انتهاكه ، لازال تحديد هذا المفهوم محل نقاش بين الفقهاء الذين وجدوا صعوبة في تعريفه، كما تباينت آراؤهم حول تفسيره وتحديد نطاقه، ولعل ذلك راجع إلى أن الحياة الخاصة مفهوم متطور يخضع لتغير المكان والزمان واختلاف الأفراد، كما قد يعود ذلك إلى التوسع الذي تتميز به خصوصيات الأفراد، أو التنوع الحاصل في العناصر والأشياء التي يدخلها الأفراد في نطاق خصوصياتهم على حسب البيئة الاجتماعية والثقافية والدينية والأخلاقية التي يتنمون إليها[5].

وعلى هذا الأساس، اختلف الفقهاء في تحديد مفهوم الحياة الخاصة، فهناك من جاء بتعريفات واسعة اكتفت بضبط المعنى الاصطلاحي دون الخوض في العناصر الجزئية المكونة لهذا الحق (التعريفات الموسعة)، بينما اتجهت تعريفات أخرى إلى تحديد مفهوم هذا الحق انطلاقا من رصد عناصره وتشريح مكوناته وتفصيل جزئياته (التعريفات الضيقة).

ألف ـ التعريفات الموسعة للحق في الحياة الخاصة:

حاول كثير من الفقهاء وضع تعريف للحياة الخاصة، واستند كل منهم إلى فكرة معينة، فمنهم من عرفها مستندا إلى فكرة الوحدة أو الخلوة أو الحرية.

فقد اتجه جانب من الفقه إلى اعتبار مفهوم الحياة الخاصة يستند إلى فكرة الوحدة أو العزلة، فالحق في الخصوصية يعني” الحق في أن يعيش الإنسان لوحده” [6] و “يترك وشأنه”[7] فالحياة الخاصة هي “حق الشخص في أن يحدد كيفية معيشته كما يروق ويحلو له وذلك مع أقل قدر من تدخل الغير في حياته”[8].

وجانب أخر من الفقه أخذ بفكرة الخلوة لتعريف الخصوصية، حيث ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى تعريف الحق في الخصوصية بأنه “التحفظ الذي يمكن الشخص من عدم تعرض شخصيته للجمهور بدون موافقته وبهذه الكيفية يستطيع المرء أن يتمتع بالسلم وأن يترك وشأنه أي يستطيع أن يعتزل الناس مقلدا المسيح ويخلو إلى نفسه[9]

ويربط جانب آخر هذا المفهوم بفكرة الحرية أي “أن يعيش الإنسان كما يحلو له، مستمتعا بممارسة أنشطة خاصة به حتى وإن كان على مرأى من الناس، فالإنسان حر في لباسه، وفي الظهور أمام الناس بالمظهر الذي تتميز به شخصيته”[10]، وقال البعض الآخر بأن الحق في حرمة الحياة الخاصة يعني حق الفرد في احترام طبيعته الشخصية وأن يعيش في سلام”[11]

يتبين من خلال استقراء التعريفات المتداولة بشأن الحق في الحياة الخاصة أو الخصوصية، أنها غالبا ما تُغفل وضع حدود فاصلة بين هذا الحق وحرية الفرد في التصرف في شؤونه الشخصية بوجه عام، أو رغبته في الانعزال والانفراد بعيدا عن الغير. مما يفضي إلى صعوبة بالغة في الإحاطة بجوهر هذا الحق وتمثُّل حدوده المفاهيمية وتحديد معالمه القانونية ونطاق حمايته بشكل دقيق ومتمايز عن غيره من الحقوق الفردية.

باء ـ التعريفات الضيقة للحق في الحياة الخاصة:

جاءت هذه التعريفات أكثر دقة، فهي ترتبط بعناصر محددة مثل السرية والسكينة والألفة.

ـ التعريفات التي تأخذ بفكرة السرية كمعيار لتعريف الحياة الخاصة:

ترتبط فكرة السرية ارتباطا وثيقا بفكرة الحياة الخاصة، فهناك تعاريف عدة ربطت الخصوصية بعنصر السرية منها أن “حق الفرد في حماية بعض مظاهر حياته الخاصة، وخاصة المحافظة على السرية بما يصون سمعة الشخص ويصون معطيات الحياة التي يحرص على عدم تدخل الناس فيها ” [12]

و لم يغب هذا الارتباط عن بعض الفقهاء الفرنسيين ، حيث عرفه “كاربونيه CARBONIE” بأنه: المجال السري الذي يملك الفرد بشأنه سلطة استبعاد أي تدخل من الغير، وهو حق الشخص في أن يترك هادئا أي يستمتع بالهدوء أو أنه الحق في احترام الذاتية الشخصية”[13]، وكذلك الفقيه “روجي نيرسون Nerson Roger ” عرف الحق في الحياة الخاصة بأنه حق الشخص بأن يحتفظ بأسرار من المتعذر على العامة معرفتها إلا بإرادته والتي تتعلق بصفة أساسية بحقوقه الشخصية، ويقرر أن الحق في الحياة الخاصة يقع في دائرة الحقوق الشخصية وإن كان لا يشملها كلها، فهي الظروف التي على أساسها يكون الشخص بعيدا عن مراقبة الآخرين، وهم العامة دون إذن، أو الحالة التي لا يتم فيها إزعاج للشخص أو مراقبته، وذهب الفقه الفرنسي التقليدي إلى فهم الخصوصية على أنها تتضمن كل ما يتعلق بالحياة العائلية كالعلاقة بالأبناء والزوجة والحياة العاطفية والصورة والذمة المالية وكيفية قضاء أوقات الفراغ[14].

ـ التعريفات التي تأخذ بفكرة الألفة كمعيار لتعريف الحياة الخاصة:

ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى اتخاذ فكرة الألفة لتعريف الحياة الخاصة، حيث عرفها “كاربونيه” بأنها الدائرة السرية للحياة، ويكون لصاحبها سلطة إبعاد الآخرين عن نفسه[15]، ويرى ” نرسن” أن الحياة الخاصة هي “أقل حيز مركزي يكون لكل شخص أن يحتفظ به لتفادي تعدي الأخرين”[16]، فهي “كل ما يتعلق بخصوصية الشخص، والتي لا تتعلق بغيره من حيث المبدأ” [17]

ومن زاوية أخرى، عرف جانب من الفقه هذا الحق بالنظر إلى المعلومات الشخصية، أي حق الفرد في المحافظة على معلوماته الشخصية[18]، وحقه في أن يحدد لنفسه متى وكيف وبأي قدر يمكن إيصال المعلومات الخاصة به إلى غيره” [19] وإلى أي حد يمكن أن يطلع الغير على شؤونه الخاصة، وتحديد ضابط هذه الشؤون لا يكون استنادا إلى ضابط موضوعي، وإنما مرجعه الشخص نفسه[20].

وهو كذلك “حق كل إنسان في التعامل مع حياته الخاصة بما يراه والاحتفاظ بأسراره التي لا يجب أن يطلع عليها الآخرون “[21]

تعددت التعريفات التي تحدد مضمون وعناصر الحق في الحياة الخاصة باعتباره أحد حقوق الإنسان الأساسية، على النحو المعترف به في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك في العديد من الصكوك الدولية والإقليمية الأخرى الحقوق الإنسان، ويمكن تعريف الحياة الخاصة بأنها التسليم بحق الأفراد في التمتع بفسحة للتنمية الذاتية، تقوم على مبدأي التفاعل والحرية، أو حقهم في “مجال خاص” يسع لهم فيه التفاعل أو عدم التفاعل مع الآخرين دون الخضوع إلى تدخل الدولة ولا إلى تدخل تطفلي زائد يمارسه أفراد آخرون بلا دعوة[22].

إن الحق في الحياة الخاصة يعتبر جوهريا في حياة الإنسان ومن بين الحقوق المتغيرة بتغير الزمان والمكان والأشخاص، فهو لصيق به ومستمر حتى بعد مماته، وإجمالا هو حقه في العيش بعيدا عن أنظار الغير في بيئة يسودها الهدوء والخلوة بمنأى عن تدخل الجماعة في أموره فيما تتراوح عناصره بين كل ما هو مادي ومعنوي. وبتطور العصر وتزايد استعمال وسائل الاتصالات التكنولوجية الحديثة كالشبكة العنكبوتية والهواتف الذكية وغيرها… أصبح العالم يعتمد على المجال الرقمي وهو ما غير المفهوم من الحياة الخاصة إلى الخصوصية.

ثانياـ الحق في الخصوصية الرقمية:

أدى التطور التكنولوجي إلى نشوء مجتمع معلوماتي يعتمد بشكل واسع على الوسيط الرقمي، الأمر الذي ترتب عنه مخاطر حقيقية تهدد خصوصية الأفراد، وظهور مفهوم جديد يُعرف بالخصوصية الرقمية، يختلف عن الخصوصية التقليدية في النشأة والخصائص. فبينما كان الحق في الحياة الخاصة مفهوماً مادياً يقتصر على الحيز الشخصي المادي، فقد تحول مع الثورة الرقمية إلى حق يتعلق بحماية البيانات والمعلومات الشخصية المعالجة آليًا من كل أشكال الانتهاك، وبدأت هذه الفكرة في التبلور والظهور نتيجة الدراسات التي قام بها الباحثان الأمريكيان “آلن ويستون” و “ميلر” سنة 1967 والتي نشرت تحت عنوان “الخصوصية والحرية” و”الاعتداء على الخصوصية”[23].

وأول تكريس لهذا المفهوم كان في مؤتمر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المنعقد بطهران في عام 1968، حيث تم تناول موضوع مخاطر التكنولوجيا على الحق في الخصوصية، أو الحق في البيانات الشخصية وتحديدا مخاطر بنوك وقواعد البيانات، ثم تلاه إصدار الأمم المتحدة لعدة قرارات في هذا السياق، وبعدها بدأت الدول بإصدار تشريعات خاصة بهذا الموضوع اختلفت تسمياتها بين الدول التي تتبع النظام الأنجلو أمريكي التي تطلق عليها اصطلاح قانون حماية الخصوصية، في حين عرفت في الدول التي تتبع النظام اللاتيني بقوانين حماية البيانات ، وكانت الريادة في إصدار أول قانون في هذا الموضوع للسويد سنة 1973.[24]

وقد ارتبط مفهوم الخصوصية الرقمية بمجموعة من المسميات كالخصوصية المعلوماتية والسرية المعلوماتية وحماية المعلومات من الاختراق والانتهاك.

الخصوصية المعلوماتية التي تعني ضمان حفظ المعلومات المخزنة في الأنظمة المعلوماتية، أو المنقولة عبر شبكة الانترنيت، وعدم تمكين الاطلاع عليها إلا من طرف الأشخاص المخولين بذلك، كما تعني حق الأفراد أو المؤسسات أو المجموعات أن يحددوا لأنفسهم متى وكيف وإلى أي مدى يمكن لمعلوماتهم أن تصل إلى الآخرين.[25]

السرية المعلوماتية التي يقصد بها أن المعلومات السرية يجب أن تبقى خاصة بمالكها أو من له سلطة قانونية عليها، أو ينحصر العلم بها بمجموعة محددة من الأشخاص بحكم صلتهم القانونية بمالكها سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، وتتضمن السرية أيضا حفظ تلك المعلومات من الاطلاع والكشف غير المصرح به[26]…. ويرى البعض أنه ليس من الضروري أن تتعلق المعلومة بسرية الحياة الخاصة، فلا ينبغي أن تمس المعلومات بالكرامة الإنسانية، أو بحقوق الإنسان، أو بحياته الشخصية أو العامة، ويكون للشخص الحق في الدخول إلى هذه المعلومات، والحق في الاطلاع عليها، وتصحيحها، إذا كانت غير صحيحة، ومحوها إذا كانت محظورة[27].

فالخصوصية الرقمية تدل على الحق الشخصي لكل فرد في أن يتحكم بمعلوماته الخاصة، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالشخص الطبيعي المعرف أو القابل للتعريف[28]، كما أنها حق الفرد في أن يضبط عملية جمع معلومات عنه، ومعاملاته آليا وحفظها ومحوها واستخدامها في تشكيل القرار أو صنعه سواء عن طريق بنك المعلومات أو عن طريق البريد الإلكتروني[29].

وخلاصة القول أن الخصوصية الرقمية هي حق الفرد في التحكم في بنك معلوماته حسب إرادته بطريقة تكفل حمايتها وعدم انتهاكها، ويحيل بنك المعلومات على كل مضمون رقمي للشخص عبر شبكة الإنترنيت أو قاعدة بيانات تفيد موضوعاً معيناً وتهدف إلى خدمة غرض معين، ومعالجتها بواسطة أجهزة الحاسبات الإلكتروني، سواء تعلق الأمر بالبريد الإلكتروني، حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، الحسابات البنكية الرقمية، أو الصور..

وهذا ما يجعلنا نتساءل عن نطاق الخصوصية الرقمية الذي يبدو أنه يتسع يوما بعد يوم انسجاما مع وتيرة التقدم في منظومة التكنولوجيا الرقمية.

الفقرة الثانية: نطاق الحق في الخصوصية الرقمية وبيان صور انتهاكه

أولاـ نطاق الحق في الخصوصية الرقمية

يشمل الحق في الخصوصية حمايةً شاملة لا تقتصر على محتوى الاتصالات، بل تمتد إلى البيانات الوصفية التي تكشف، عند تحليلها، عن سلوك الأفراد وهوياتهم وعلاقاتهم. كما تتجاوز الحماية الأماكن الخاصة لتشمل الفضاءات العامة والمعلومات المتاحة للعموم، إذ إن مجرد إتاحتها لا يسقط عنها صفة الخصوصية، خاصة في حال تم جمعها أو تحليلها من قبل سلطات أو جهات أخرى[30].

فنطاق الحق في الحياة الخاصة لم يعد يقتصر فقط على العناصر التقليدية المادية التي شملت الحق في حرمة المسكن، أو الاتصالات أوالمراسلات …، بل اتسع ليشمل عناصر جديدة اعتبرت بمثابة مكونات للحق في الخصوصية الرقمية، ومنها:

ـ خصوصية الاتصالات: وتشمل جميع وسائل الاتصال والتواصل، كشبكة الإنترنيت، والبريد الالكتروني، شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف النقالة…، وترد قيود على حرمة المحادثات حيث تجيز بعض الدول تقييد حرمة المحادثات الخاصة لأغراض تتعلق بالأمن العام ومكافحة الجريمة، لاسيما الجرائم الإرهابية والمنظمة، وذلك في إطار التحقيقات القضائية. وقد اختلف الفقهاء حول مشروعية التجسس والمراقبة، بين من يرى فيها ضرورة لحماية المجتمع، ومن يشترط أن تكون مقيدة بضوابط صارمة، أبرزها اقتصارها على حالات استثنائية وضمان محدودية نطاق استخدامها..[31]

ـ الحق في السمعة:

تعد السمعة أو الشرف والاعتبار أحد أهم مظاهر حرمة الحياة الخاصة باعتبارها تتعلق بجانب عزيز للإنسان، حيث إن السمعة الحسنة للرجل أو المرأة هي الجوهرة المكونة للروح، والحق في الشرف والاعتبار يحمي المكانة التي يتمتع بها الإنسان بين أقرانه في المجتمع، والتي تفضي عليه في نظرهم جانبا من التقدير والاحترام[32]. فالإساءة إلى السمعة أو الإضرار بها سواء من خلال التشهير أو السب، من شأنه التأثير على الحياة الخاصة، الأمر الذي يمثل انتهاكا لحرمتها وخصوصيتها.

ـ خصوصية البيانات الرقمية: تشمل المعاملات الرقمية اليوم إدخال بيانات شخصية في سياقات متعددة كالحجز، السفر، دفع الفواتير، التسجيل الانتخابي، والتجارة الإلكترونية. غير أن هذه الممارسات تثير تساؤلات حقيقية بشأن مصير تلك البيانات بعد انتهاء الغرض منها، ومدى أمان حفظها. إذ يتخوف الأفراد من إمكانية استخدامها لاحقًا بشكل مسيء، أو من تعرضها للسرقة والاحتيال. ويعكس هذا الوضع الحاجة الماسة إلى إطار قانوني صارم يؤمن الخصوصية الرقمية، وينظم عمليات جمع البيانات الشخصية ومعالجتها واستعمالها.

ـ الحق في النسيان الرقمي:

إذا كان النسيان صفة طبيعية لصيقة بالبشر فإن الذاكرة الرقمية لا تمتاز بهذه الخاصية، وبهذا يكون الحق في النسيان آليه ضرورية لحماية مجموعة من الحقوق الأخرى، لعل أهمها حق الفرد في السيطرة على معطياته الشخصية وحياته الخاصة، وحقه في تغيير وحذف كل معلومة كيفما كان نوعها وإزالة دعامتها على شبكة الانترنت[33].

وقد دعت العديد من المنابر إلى تفعيل هذا الحق الذي من خلاله يمكن للأفراد حذف معلومات عن تاريخ لهم يعتبرونه أسودا ومن المحتمل أن يلحق ضرراً جسيما على حياتهم الاجتماعية أو المهنية، ويعتبر الحق في النسيان الرقمي آلية فعالة لإزالة المعلومات والبيانات ذات الطابع الشخصي من الملفات والمواقع الالكترونية ومحركات البحث المختلفة عبر شبكة الانترنت.

ويعرف هذا الحق بكونه ” حق الشخص في السيطرة والتحكم في أية معلومة ذات طابع شخصي تخصه”[34]

إن هذه التعريفات الموسعة للحق في النسيان الرقمي تنسجم مع طبيعية البناء الهيكلي لشبكة الانترنت، فمستخدم الانترنت يفقد السيطرة على معلوماته الشخصية بمجرد نشرها، ومن ثم تنتقل من موقع إلى آخر، ومن شخص إلى آخر، وقد تصبح هذه المعلومة قديمة، وقد تكون في الأصل غير صحيحة لأنها منشورة من قبل الغير. وفي المقابل برزت تعريفات ضيقت من مجال هذا الحق، فاعتبرت أنه:” الحق الذي يمنح الأشخاص الوسائل القانونية التي تمكنهم من الحصول على حقهم في النسيان عبر الإنترنت وذلك من خلال الحد من الاحتفاظ بالبيانات الرقمية الشخصية، وإمكانية إلغائها “[35]. وعموما يطبق هذا الحق إما من خلال سحب المعطيات من المواقع الواردة فيها (الحق في مسح المعطيات)، أو من خلال حذف الموقع من قوائم البحث من قبل محركات البحث (الحق في الحذف من قوائم البحث( [36].

من خلال ما سبق، يتضح أن نطاق الحق في الخصوصية الرقمية يتسع بشكل مطرد بفعل تنامي استخدام الإنترنت وتطور تقنياته، ما يجعل البيانات الشخصية عرضة للاختراق، التخزين غير المرخص، أو التخريب. وتعد خصوصية الاتصالات من أكثر الجوانب انتهاكا، لاسيما عبر منصات التواصل الاجتماعي التي تجمع بيانات حساسة عن الأفراد. وقد أدى هذا الواقع إلى بروز حقوق رقمية ناشئة، مثل الحق في السمعة الرقمية، والحق في النسيان، كامتداد لحماية الخصوصية في البيئة الرقمية

ثانياـ صور انتهاك الحق في الخصوصية الرقمية

أدى التزايد المفرط لاستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة إلى تعرض الأفراد إلى تهديدات وانتهاك الخصوصية، أي الاطلاع على خصوصياتهم دون علمهم أو إذن منهم.

ويتخذ انتهاك الخصوصية أشكالا عديدة كجمع البيانات الرقمية والاختراق الحاسوبي.

ـ جمع البيانات الشخصية الرقمية والبيومترية:

في ظل الثورة الرقمية الراهنة، برزت ممارسات مقلقة من بينها جمع البيانات الشخصية دون موافقة أصحابها، مما يشكل انتهاكًا لحق أساسي من حقوق الإنسان. وتشمل هذه البيانات معطيات تُميز هوية الشخص مثل اسمه، رقم هاتفه، جنسه، جنسيته، وتاريخ ميلاده. ونظرًا لارتباط هذه البيانات بالهوية الفردية، فإن حمايتها تستوجب تدخلًا قانونيًا صارمًا، سواء على المستوى المدني أو الجنائي، لضمان صونها من الاستغلال أو الاعتداء[37].

وتتزايد كميات البيانات الشخصية التي تجمعها الدول ومؤسسات الأعمال من خلال أجهزة ذكية متنوعة، تشمل الحواسيب والهواتف والساعات وأدوات تتبع اللياقة والمنازل والمدن الذكية. وتغطي هذه البيانات مجالات حساسة كالهويات، والعناوين، والمعلومات البيومترية، والمالية، والصحية، والسلوكية. وغالبًا ما يتم جمعها واستخدامها دون علم الأفراد أو موافقتهم، مما يطرح تحديات قانونية كبرى تتعلق بحماية الخصوصية وضرورة ضبط هذه الممارسات ضمن إطار قانوني واضح وصارم.[38]

نفس الأمر ينطبق على البيانات البيومترية مثل الحمض النووي (DNA)، وبصمات الأصابع، وهندسة الوجه والصوت، وقزحية العين، التي تشكل معطيات شخصية بالغة الحساسية. وقد أنشأت بعض الدول قواعد بيانات مركزية لتخزين هذه المعلومات لأغراض متعددة، تتراوح بين حفظ الأمن القومي والتحقيقات الجنائية، وتحديد الهوية لتيسير الوصول إلى الخدمات الأساسية كالرعاية الاجتماعية، والتعليم، والخدمات المالية. وهو ما يثير تحديات قانونية تتعلق بمدى شرعية الجمع، وشروط المعالجة، وضرورة احترام مبدأ التناسب والخصوصية.. [39]

ورغم الإجماع القانوني على ضرورة الحصول على موافقة صريحة ومستنيرة من الأفراد قبل جمع بياناتهم الشخصية أو استعمالها، فإن الواقع يكشف عن هشاشة هذه الموافقة، إذ غالبًا ما يُفصح الأشخاص عن بياناتهم دون إدراك للعواقب، فيُعاد استعمالها وتفهرسها ونشرها دون تمكينهم من ممارسة حقوقهم عليها. وتتفاقم خطورة الأمر بتحوّل البيانات الشخصية إلى سلعة في سوق رقمية نشطة، تُتاجر بها المواقع الإلكترونية والشبكات، مما أسّس لاقتصاد جديد قوامه استغلال المعطيات الخاصة، مدفوعًا بسهولة جمعها وتدنّي تكلفتها.[40].

ـ الاختراق الحاسوبي:

الاختراق يعني العدوان على الحق في الخصوصية عبر تدمير الحواسيب والأجهزة الخاصة بالاتصال أو تخزين المعلومات أو استرجاعها أو تحوير مضمونها أو تغييره بلا إذن [41].

يُعد الاختراق الرقمي من أخطر التهديدات التي تواجه الحق في الخصوصية، إذ يمكّن المخترقين من النفاذ غير المشروع إلى الأجهزة الشخصية عبر استغلال ثغرات أمنية، مما يتيح الوصول إلى بيانات حساسة تتعلق بالحياة الخاصة والمهنية والعاطفية للأفراد. وتكمن الخطورة في الاستخدام الواسع للهواتف الذكية لتخزين كمّ هائل من المعطيات، مما يجعل اختراقها بمنزلة انتهاك شامل للخصوصية. كما أن بعض الحكومات توظف تقنيات التجسس الرقمي لمراقبة الأفراد وتوجيه الرأي العام، وهو ما يمسّ ليس فقط الخصوصية، بل أيضًا الحقوق الإجرائية، خصوصًا عندما تُستعمل المعطيات المستخلصة كأدلة في المحاكمات. وتثير هذه الممارسات إشكالات قانونية جدية بشأن مشروعية التجسس، وحدود تدخل الدولة في الحياة الرقمية للأفراد. [42].

يعد برنامج “بيغاسوس” أحد أخطر أدوات التجسس الرقمي في العالم، حيث يسوَّق من قبل الشركات إلى الحكومات، ويتيح عند تثبيته تحكّماً كاملاً وسريًا في الأجهزة المخترقة دون علم المستخدم. ويمكنه الوصول إلى الكاميرا والميكروفون، والموقع الجغرافي، والمراسلات والبيانات الشخصية بكافة أنواعها، مما يحوّل الهواتف الذكية إلى أدوات مراقبة دائمة. ويتميّز بخطورته التقنية عبر “هجوم النقر الصفري” الذي لا يتطلب أي تفاعل من الضحية، مما يجعل كشفه وتفاديه شبه مستحيل. ويثير استعمال مثل هذه البرمجيات إشكاليات قانونية جسيمة تمسّ جوهر الحق في الخصوصية، وحرمة الحياة الخاصة، وحرية التعبير، وتُسائل مشروعية تدخل الدولة في الحياة الرقمية للأفراد.[43]

المطلب الثاني: الإطار الدولي والوطني لحماية الحق في الخصوصية الرقمية

حظي الحق في الحياة الخاصة باعتراف التشريعات الدولية والوطنية، فأصبح حقا مستقلا له تنظيم قانوني محكم ونصوص خاصة به، تضمنتها القوانين الدولية والمواثيق الإقليمية، كما جاء متناثرة في القوانين الداخلية للدول ومنها القوانين المغربية.

فما هو الإطار الحمائي الذي وفرته المواثيق الدولية (الفقرة الأولى) والقوانين الوطنية (الفقرة الثانية) لهذا الحق؟

الفقرة الأولى: الإطار الدولي لحماية الحق في الخصوصية الرقمية

إن حماية الخصوصية الرقمية للأفراد ومكافحة الاعتداءات التي تطالها جراء التطور التكنولوجي وما رافقه من تقنيات حديثة في مجال التواصل، حظيت باهتمام دولي كبير باعتبارها المدخل الرئيسي لإيجاد الحلول التشريعية الناجعة في مواجهة هذه الانتهاكات. وقد أخذ المجتمع الدولي على عاتقه حماية خصوصية الفرد واعتبرها حقا لصيقا بكيانه وشخصه لا يجوز التعدي عليه أو انتهاكه، وتجلى هذا الاهتمام في مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات الدولية المنبثقة عن اللقاءات والاجتماعات بين أطراف المجتمع الدولي.

فما مدى كفاية المواثيق العالمية والإقليمية لحماية الحق في الخصوصية الرقمية؟

أولا: حماية الحق في الخصوصية الرقمية في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان

يمكن استجلاء حماية هذا الحق انطلاقا مقتضيات الشرعة الدولية لحقوق الإنسان المتمثلة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 68/167.

ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[44]

كرّس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحق في الخصوصية بشكل صريح في المادة 12، التي تحظر أي تدخل تعسفي أو غير مشروع في الحياة الخاصة أو المراسلات أو الشؤون الأسرية أو المسكن، مع ضمان الحماية القانونية ضد مثل هذه الانتهاكات. وتُعد هذه المادة منطلقًا أساسياً لتأصيل الحق في الحياة الخاصة، دون تقييده بوسيلة الانتهاك، سواء كانت تقليدية أو رقمية. كما تعزز المادة 8 من الإعلان الحق في اللجوء إلى القضاء لإنصاف المتضررين من انتهاك حقوقهم الأساسية، فيما تؤكد المادة 30 أن الإعلان لا يمنح أي جهة سلطة للانتقاص من هذه الحقوق، مما يعزز الحماية الدولية للخصوصية في سياقها المادي والرقمي على حد سواء. كما قررت المادة الثامنة من ذات الإعلان الحماية القضائية حين نصت على أن: “لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها الدستور أو القانون”، فضلا عن ذلك فقد نفى الإعلان في المادة 30 منه أن يكون قد منح أو خول لأي عنصر دولة أو جماعة أو فرد نصا يخول التعدي أو هدم هذه الحقوق التي يرمي إليها.

ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[45] الصادر سنة 1966

أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في مادته 17 على الحماية من أي تدخل تعسفي أو غير قانوني في الحياة الخاصة والمراسلات والشؤون الأسرية، مع ضمان الإنصاف القانوني ضد هذه الانتهاكات. وقد حمّل النص الدول مسؤولية حماية هذا الحق ضمن تشريعاتها الوطنية. غير أن تطور التكنولوجيا الحديثة كشف عن قصور هذا النص، ما دفع بعض الفقهاء إلى الدعوة لمراجعته، لغياب تعريف دقيق ومقبول عالميًا للخصوصية، ولاختلاف الظروف الاقتصادية والتكنولوجية بين الدول. وقد دعمت الجمعية العامة هذا التوجه في قرارها رقم 179/73، الذي أكد الحاجة إلى إعادة النظر في مفهوم الخصوصية ضمن السياق الرقمي، في ظل الطفرة التقنية التي تلت التعليق العام رقم 16 الصادر عن لجنة حقوق الإنسان.

ـ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 68/167

يعتبر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 68/167 من أول القرارات الصادرة عن الجمعية العامة والتي تعنى بموضوع الحق في الخصوصية منذ العام 1988 [46]

وقد حث هذا القرار جميع الدول والحكومات على إنهاء الانتهاكات التي تمس الحق في الخصوصية، بشكل لا يسمح بتعريض أي شخص لتدخل تعسفي أو غير قانوني في خصوصياته أو في شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، وحقه في التمتع بحماية القانون من مثل هذا التدخل على النحو المبين في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

أكدت قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا سيما القرار رقم 167/68 ثم القرار رقم 166/69، على أن الحقوق التي يتمتع بها الأفراد خارج الإنترنت يجب أن تحظى بالحماية ذاتها داخل الفضاء الرقمي، وعلى رأسها الحق في الخصوصية. وشددت على الطبيعة العالمية والمفتوحة للإنترنت، ودعت الدول إلى مواءمة قوانينها الوطنية مع التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وإحداث آليات وطنية مستقلة لمراقبة تدخل السلطات في الاتصالات. كما ركّز القرار رقم 166/69 على مسؤولية الشركات الرقمية، لاسيما الكبرى منها، في تمكين الحكومات من مراقبة الأفراد واعتراض بياناتهم، مما استدعى تعزيز الحوكمة الرقمية وضمان عدم تحوّل القطاع الخاص إلى أداة لانتهاك الخصوصية.

ثانيا: حماية الحق في الخصوصية الرقمية في المواثيق والاتفاقيات الإقليمية

أولت العديد من الاتفاقيات الإقليمية اهتمامًا خاصًا بالحق في الخصوصية، انطلاقًا من كون حقوق الإنسان لا تستند إلى الجنسية، بل إلى الكرامة المتأصلة في الشخصية البشرية، ما يبرر توفير حماية دولية مكمّلة للقوانين الوطنية. ومن أبرز هذه الاتفاقيات: الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، إضافة إلى اتفاقية الاتحاد الإفريقي بشأن الأمن السيبراني وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي لسنة 2014، التي تشكل إطارًا متقدمًا لحماية الخصوصية في الفضاء الرقمي.

ـ الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان[47]:

تكرّس المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية والمراسلات، مع السماح بتقييده وفقًا لمبادئ الضرورة والشرعية في مجتمع ديمقراطي. وتضع هذه المادة على عاتق الدول التزامًا مزدوجًا: سلبيًا يتمثل في الامتناع عن التدخل غير المشروع، وإيجابيًا يقتضي توفير حماية قانونية ومؤسساتية فعالة لضمان ممارسة هذا الحق في مختلف أبعاده.[48].

شكلت اتفاقية أوروبا لعام 1981 أول إطار دولي ينظم حماية الخصوصية في سياق المعالجة الآلية للبيانات الشخصية، حيث نصت في مادتها 7 على ضرورة اتخاذ تدابير أمنية فعّالة لمنع الوصول غير المشروع أو التلف أو الفقد العرضي للبيانات. ومع التطور التكنولوجي وظهور الإنترنت، صدر التوجيه الأوروبي لسنة 1995 ليضع معايير دنيا لحماية الخصوصية. وقد تم تعويض هذا التوجيه باللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) الصادرة سنة 2016، والتي دخلت حيز التنفيذ في 2018، لتصبح المرجع الأوروبي الرئيسي في حماية البيانات الشخصية. ويُعد هذا النص نقلة نوعية في القانون الدولي للخصوصية، لما أحدثه من تحوّل جوهري في علاقة المستهلك بالمؤسسات، وتعزيزه الصارم لحقوق الأفراد في التحكم في بياناتهم.[49].

ـ الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان[50]:

كفلت المادة 11 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان الحق في الخصوصية ومنعت أي تعرض اعتباطي أو تعسفي أو غير مشروع يطال جوهر هذا الحق أو مضمونه، كما أكدت على حق كل إنسان في أن يحميه القانون من هذا التدخل أو الانتهاك، كما تطرقت المادة 14 إلى حق الرد الذي يعطي لكل شخص تعرض إلى أذى معنوي في سمعته أو شرفه، من جراء أقوال أو أفكار غير دقيقة أو جارحة تم نشرها إلى الجمهور بوسيلة اتصال ينظمها القانون حق الرد أو التصحيح مستخدما الوسيلة ذاتها، وبالشروط التي يحددها القانون.

ـ الميثاق العربي لحقوق الإنسان[51]

نصت المادة 21 من الميثاق العربي على أنه” لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني للتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته أو التشهير بمس شرفه أو سمعته”، وعلى أن يكون كل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو المساس. أما المادة 23 والمادة 44 فقد نصت كل منهما على أن تتعهد الدول الأطراف بتوفير سبل انتصاف فعالة لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المنصوص عليها في الميثاق حتى لو انتهكت من أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسمية. وأن تتخذ طبقاً لإجراءاتها الدستورية، تدابير تشريعية أو غير تشريعية لإعمال كافة الحقوق والحريات المنصوص عليها في الميثاق.

ـ اتفاقية الاتحاد الإفريقي حول الأمن السيبراني وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي لسنة 2014

تشكل اتفاقية مالابو[52] نصا قانونيا محوريًا في المنظومة الإفريقية لمكافحة الجرائم الإلكترونية، حيث تناولت بتوسع قضايا الأمن السيبراني، وحماية البيانات الشخصية، وتنظيم المعاملات الإلكترونية. وتهدف إلى مواءمة تشريعات الدول الأعضاء والمجموعات الاقتصادية الإقليمية في مجال تكنولوجيا المعلومات، مع مراعاة الخصوصيات القانونية والثقافية والاجتماعية للقارة. كما تؤكد الاتفاقية على ضرورة تحقيق التوازن بين حماية الحريات الأساسية والخصوصية، من جهة، والمصالح المشروعة للجهات العامة والخاصة، من جهة أخرى، عند معالجة المعطيات الشخصية، بما يرسخ نهجًا إفريقيًا يحترم حقوق الإنسان في البيئة الرقمية.. [53]

وقد تطرقت هذه الاتفاقية لحماية البيانات الشخصية في المواد من 8 إلى 23، إلى حماية البيانات الشخصية في الفضاء السيبراني، من خلال تنظيم المعالجة الآلية للمعطيات، مع التأكيد على مبادئ أساسية كالمشروعية والتراضي. ورغم هذا التقدم، إلا أن المعالجة الإقليمية للحق في الخصوصية، بما فيها هذه الاتفاقية، لا تزال حبيسة المفهوم التقليدي المادي، دون مواكبة حقيقية للتحولات الرقمية المتسارعة. ويكشف هذا القصور عن الحاجة إلى تطوير النصوص الإقليمية بما يضمن حماية فعالة للخصوصية الرقمية أمام التعديات الإلكترونية اللامادية والمتزايدة.

إذا كان ما سبق قوله يصدق على المستوى الدولي، فماهي مظاهر الحماية القانونية للحق في الخصوصية الرقمية على المستوى الوطني؟

الفقرة الثانية: الإطار القانوني الوطني لحماية الحق في الخصوصية الرقمية

اتخذ المغرب موقفا مؤيدا لتعزيز حماية المواطنين ضد انتهاك حقهم في الخصوصية باعتباره حقا دستوريا (أولا) من خلال إصدار عدة قوانين ذات صلة بالموضوع (ثانيا).

أولا: التكريس الدستوري لحماية الحق في الخصوصية الرقمية

أسس المشرع المغربي للحماية الدستورية للحق في الحياة الخاصة بالمعنى الموسع، وذلك من خلال الدساتير السابقة لسنة 1992 وسنة 1996، وذلك بالتنصيص على حرمة المنزل وخضوع إجراءات التفتيش والتحقيق للإجراءات القانونية، كما نص على عدم انتهاك حرية المراسلات[54].

وقد وسع دستور 2011 من نطاق الحق في الحياة الخاصة وحدد مظاهرها، حيث نص في الفصل 24 منه على أن: ” لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة، لا تنتهك حرمة المنزل، ولا يمكن القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون، لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها، ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون.

كرّس دستور 2011 حماية خاصة للحق في الخصوصية الرقمية، من خلال التنصيص على سرية الاتصالات الشخصية، مما يعكس وعي المشرّع المغربي بخصوصيات الفضاء الرقمي. وتُعد ديباجة الدستور، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ منه، مرجعية قوية في تأكيد التزام المغرب بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الحق في الخصوصية. كما يتجلى هذا الالتزام في الفصل 27، الذي يقيد الحق في الحصول على المعلومات عندما يتعلق الأمر بحماية الحياة الخاصة، إلى جانب الأمن والدفاع وحقوق الأفراد، مما يعزز من البعد الدستوري لحماية المعطيات الشخصية في العصر الرقمي.

ثانيا: التكريس القانوني لحماية الحق في الخصوصية الرقمية

كرس الشرع المغربي حماية الحق في الخصوصية من خلال مجموعة النصوص القانونية، تناثرت بين مواد القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، كما تقررت هذه الحماية بمقتضى مجموعة من النصوص القانونية الخاصة.

ـ الحماية القانونية للحق في الخصوصية الرقمية من خلال القانون الجنائي والمسطرة الجنائية

ينص القانون الجنائي المغربي على حماية صريحة للبيانات الشخصية وسرية الاتصالات، حيث يجرم الفصل 1-447 التقاط أو تسجيل أو بث أقوال أو صور شخصية دون موافقة أصحابها، كما يعاقب الفصل 448 من يفتح أو يتلف المراسلات بسوء نية. وقد عزز القانون رقم 103.13، المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، هذه الحماية بإدراج عقوبات صارمة ضد نشر الصور والأقوال بقصد التشهير، كما في الفصل 2-447. وازدادت الحماية تشديدًا في الفصل 3-447 عند ارتكاب الأفعال من طرف أقارب أو في حالات العود، حيث ترتفع العقوبات إلى خمس سنوات حبس وغرامات مشددة. كما نصت المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية على منع اعتراض أو تسجيل المكالمات الهاتفية والاتصالات عن بُعد، إلا وفق الشروط القانونية، مما يعكس التزام المشرع بضمان الحق في الخصوصية الرقمية من خلال تأطير دقيق للتدخل في الحياة الخاصة.

ـ الحماية القانونية للحق في الخصوصية الرقمية من خلال القانون 13ـ31 الخاص بالحق في الحصول على المعلومات[55]

تضمن القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات مقتضيات حمائية للحق في حماية الحياة الخاصة والمعطيات ذات الطابع الشخصي، حيث جعلت المادة السابعة من هذا القانون من المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد أو التي تكتسي طابع معطيات شخصية من مشمولات الاستثناء من الحق في الحصول على المعلومات إلى جانب معطيات أخرى، وقد تأكدت حماية هذا القانون للحق في حرمة الحياة الخاصة حينما اعتبرت المادة الثامنة منه أنه إذا تبين أن جزء من المعلومات المطلوبة يندرج ضمن نطاق الاستثناءات المنصوص عليها في المادة 7 يحذف منها هذا الجزء ويسلم الباقي من المعلومات إلى طالبها .

ويتضح مما سبق أن المشرع حدا حدو ما تضمنه الفصل 27 من الدستور الذي جعل من الحق في حرمة الحياة الخاصة باعتبارها حق دستوريا قيدا على الحق في الحصول على المعلومة كحق دستوري أيضا.

ـ الحماية القانونية للحق في الخصوصية الرقمية من خلال القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي[56].

تجلت حماية الحق في الخصوصية الرقمية في المقتضيات التي جاء بها القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، انطلاقا من مبدأ أن المعلوميات في خدمة المواطن، وأنها تتطور في إطار التعاون الدولي، ويجب ألا تمس بالهوية والحقوق والحريات الجماعية أو الفردية للإنسان وينبغي ألا تكون أداة لإفشاء أسرار الحياة الخاصة للمواطنين[57].

وقد عرف القانون المعطيات ذات طابع شخصي بأنها كل معلومة كيفما كان نوعها بغض النظر عن دعامتها، وأن معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي هي كل عملية أو مجموعة من العمليات تنجز بمساعدة طرق آلية أو بدونها وتطبق على معطيات ذات طابع شخصي، مثل التجميع أو التسجيل أو التنظيم أو الحفظ أو الملاحة أو التغيير أو الاستخراج أو الاطلاع أو الاستعمال أو الإيصال عن طريق الإرسال أو الإذاعة أو أي شكل آخر من أشكال إتاحة المعلومات أو التقريب أو الربط البيني وكذا الإغلاق أو المسح أو الإتلاف[58]. وقد منع هذا القانون القيام بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، إلا في حالة الموافقة الصريحة للشخص المعني ورضاه التام عن العمليات المزمع إنجازها، كما نص عل عدم إمكانية إطلاع الأغيار على المعطيات ذات الطابع الشخصي الخاضعة للمعالجة إلا من أجل إنجاز الغايات المرتبطة مباشرة بوظائف المفوت والمفوت إليه ومع مراعاة الرضا المسبق للشخص المعني، وقد قيد شرط الرضا بكون المعالجة ضرورية[59].

وعموما يهدف هذا القانون إلى حماية الأفراد من الاستعمال التعسفي للمعطيات التي من شأنها انتهاك خصوصياتهم ومواءمة النظام القانوني المغربي المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي مع المواثيق الدولية ذات الصلة.

ـ الحماية القانونية للحق في الخصوصية الرقمية من خلال القانون 08-31 القاضي بتحديد تدابير الحماية المستهلك[60]

تعمل مقتضيات القانون 31.08 الخاص بحماية المستهلك على حماية الحق في الخصوصية من خلال إلزام المورد ـ عند القيام بكل إشهار عن طريق البريد الإلكتروني – بضمان حق التعرض للزبناء من خلال تقديم معلومات واضحة ومفهومة حول حق التعرض في المستقبل على تلقي الإشهارات والعمل على تحديد وسيلة ملائمة لممارسة هذا الحق بفعالية عن طريق البريد الإلكتروني ووضعها رهن تصرف المستهلك الزبون، كما منع المشرع أيضا على المورد استعمال العنوان الإلكتروني للغير أو هويته وكذا تزييف أو إخفاء كل معلومة تمكن من تحديد مصدر الرسالة الموجهة عن طريق البريد الإلكتروني أو مسار إرسالها عند إرسال كل إشهار عن طريق البريد الإلكتروني .

المستهلك الجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 7 أبريل 2011، ص 1072 75 الفقرة الأولى من المادة 24 القانون رقم 3108 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك. 76- الفقرة الثانية من المادة 24 من نفس القانون

ـ الحماية القانونية للحق في الخصوصية الرقمية من خلال القانون 96-24 المتعلق بالبريد والمواصلات[61]

أحاط القانون 24ـ 96 سرية المراسلات والاتصالات بالحماية من اعتداءات مقدمي خدمات الاتصالات، حيث نص على أن السرية والحياد تجاه الخطابات المنقولة والالتزام باحترام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف المملكة المغربية يعتبر من شروط إحداث واستغلال الشبكات العامة للمواصلات[62]

أكد المشرع المغربي، من خلال القانون المتعلق بالاتصالات، على حماية الحياة الخاصة وسرية المراسلات، حيث ألزمت المادة 26 متعهدي ومقدمي خدمات المواصلات باحترام سرية الخطابات المنقولة وشروط حماية المعطيات الشخصية، تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في المادة 92. كما فرضت الفقرة الثالثة من المادة 50 على طالبي الإذن بالاشتغال في هذا القطاع التعهد باحترام مبادئ السرية والحياد تجاه الرسائل المنقولة. وقد أوردت المادة 92 عقوبات تأديبية وجنائية ضد أي إخلال بهذه الالتزامات من طرف المتعهدين أو العاملين معهم، بما يضمن حماية فعلية للخصوصية الرقمية ضمن البيئة التكنولوجية المتصلة بخدمات الاتصالات.

ـ الحماية القانونية للحق في الخصوصية الرقمية من خلال القانون :88.13 المتعلق بالصحافة والنشر[63]

قرر القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر حماية الحق في الخصوصية من الانتهاك والاعتداء الذي قد يطاله من ممارسة حرية الصحافة والنشر باعتباره حقا أصيلا من حقوق الإنسان، وحرم على ممارسي الصحافة والنشر الخوض في خصوصيات الأفراد وخارج دائرة الحق في حرية الصحافة والتعبير.

وقد جعل هذا القانون من الولوج إلى مصادر الخير والحصول على المعلومات من مختلف المصادر حقا مكفولا للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة، غير أنه استثنى من ذلك تلك المعلومات المتعلقة بخصوصيات الأفراد والتي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور[64].

وقد اعتبر هذا القانون أن الخوض في الحياة الخاصة للأفراد عمل يستوجب العقاب، حيث إنه يعد تدخلا في الحياة الخاصة كل تعرض لشخص يمكن التعرف عليه وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية لأشخاص أو تتعلق بحياتهم الخاصة ما لم تكن لها علاقة وثيقة بالحياة العامة أو تأثير على تدبير الشأن العام وتبعا لذلك قرر مجموعة من العقوبات نص عليها في مواد مختلفة[65].

خاتمة:

يعتبر موضوع الحق في الخصوصية الرقمية من أهم المواضيع التي استأثرت باهتمام كبير لكونه حق أصيل من حقوق الإنسان التي تحتاج إلى حماية دولية ووطنية، ولا سيما في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم.

وقد وفر القانون الدولي لحقوق الإنسان إطارا واضحا وعالميا لتعزيز الحق في الخصوصية الرقمية وحمايته، كما بذل المغرب جهودا كبيرة في الانضمام والمصادقة على أهم الصكوك الدولية والإقليمية ذات الصلة، كما عمل على ملاءمة القوانين الوطنية مع مقتضياتها.

ورغم ذلك، لازالت الحاجة ملحة إلى تعزيز هذه المكتسبات الحقوقية والدستورية والقانونية وإلى بذل جهود إضافية تروم تجاوز الثغرات والنقائص التي مازالت تعتري المنظومة القانونية الحمائية، وتحيينها حتى تواكب المستجدات التقنية والاجتماعية والقيمية للمجتمع المغربي، وترتقي إلى مصاف التجارب الفضلى.

ومن جملة ما توصلت إليه الدراسة نذكر النتائج التالية:

ـ الحق في الخصوصية الرقمية مفهوم مستحدث يعبر عن قدرة الأشخاص على التحكم في تدفق بياناتهم الشخصية عبر الأنظمة المعلوماتية ومختلف تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة.

ـ تعتبر الحماية الدولية للحق في الخصوصية ذات أهمية كبرى، نظرا للدور الذي تقوم به مختلف المواثيق والمعاهدات الدولية في ترسيخ هذا الحق ودعمه على المستوى الإقليمي والحرص على تنفيذه على مستوى القوانين الداخلية للدول.

ـ استحدث المغرب إطارا وطنيا هاما لحماية الحق في الخصوصية الرقمية، تجسد في التكريس الدستوري لهذا الحق، كما تجلى في المقتضيات التي تضمنتها قوانين مختلفة، لكنها تظل غير كافية لتوفير الحماية القانونية اللازمة.

واستنادا على ما سبق من تشخيص وتحليل وضعية حماية الحق في الخصوصية الرقمية، وتوطيدا لمسار حمايته واحترامه والنهوض به، ندلي بالتوصيات التالية:

ـ مواصلة المغرب السير في مسار التصديق والانضمام إلى باقي الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، ولاسيما التي تسهر على حماية الحق في الحياة الخاصة في المجال لرقمي.

ـ العمل على ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية الحقوق الإنسان من خلال إرساء الحماية القانونية للحق في الخصوصية الرقمية تماشيا مع التحولات الرقمية والمجتمعية بالمغرب، وتعزيزا للمنظومة القانونية للقطاع الخاص، لاسيما قطاع الخدمات بما يضمن احترام الحق في حرمة الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية للزبناء.

– تقوية الرقابة القضائية والإدارية على الأجهزة الأمنية بخصوص عملها المتعلق بالتنصت واعتراض المكالمات الهاتفية والاتصالات…

قائمة المراجع:

المعاجم:

ابن منظور، لسان العرب، مطبعة بولاق، مصر، ج8، ط1.

المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية الهيئة العامة لشؤون المطابع المنيرية، ط1992.

الكتب:

باسم محمد فاضل، حماية الخصوصية عبر البيئة الرقمية، دار الفكر الجامعي، 2021.

عبد الرحمن جمال الدين، الحق في الخصوصية في مواجهة حق الإعلام، دار النهضة العربية القاهرة، ط 2005.

ممدوح خليل بحر، حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1983.

  1. توني مندل، أندرو بوديفات، دراسة استقصائية علمية حول خصوصيات الأنترنت وحرية التعبير. منظمة اليونسكو: 2000.
  2. ايموند واكس ترجمة ياسر حسن، الخصوصية، مؤسسة هنداوي للعلم والثقافة، مصر، 2013.

حسام الأهواني، الحرية الشخصية في روابط القانون الخاص، بحث مقدم إلى مركز دراسات وبحوث حقوق الإنسان، جامعة القاهرة، سنة 1990.

سعد رمضان، المسؤولية المدنية الناشئة عن الإخلال بالالتزام بالسرية، مطبعة دار النهضة، 2007.

إبراهيم كامل إبراهيم محمد الضوابط الشرعية والقانونية لحماية حق الإنسان في اتصالاته الشخصية في الفقه الإسلامي والقانون الجنائي دار الكتب القانونية، مصر 2010.

علي أحمد عبد الزعبي، حق الخصوصية في القانون الجنائي، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 2006.

حسن خليل إبراهيم، تطبيقات قضائية على جريمة الإزعاج المتعمد عن طرق وسائل الاتصال الحديثة، دار الفكر والقانون، مصر، 2015.

  1. أشرف توفيق شمس الدين، الصحافة والحماية الجنائية للحياة الخاصة، دار النهضة العربية، القاهرة – مصر، سنة 2007.
  2. باسم محمد فاضل، الحق في الخصوصية بين الإطلاق والتقييد: دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية،2018.

بولين أنطونيوس أيوب، الحماية القانونية للحياة الشخصية في مجال المعلوماتية (دراسة مقارنة)، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان،2009.

أمير فرج يوسف، الإثبات الجنائي للجريمة الالكترونية والاختصاص القضائي بها (دراسة مقارنة)، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، مصر،2016.

حنان ريحان مبارك المضحكي، الجرائم المعلوماتية (دراسة مقارنة)، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2014.

المقالات:

فتيحة حزام، الحق في الحياة الخاصة بالبيئة الرقمية دراسة مقارنة، مجلة الدراسات القانونية المقارنة، مج :8، ع 1، 2022.

  1. أحمد فتحى سرور، الحق في حرمة الحياة الخاصة، مجلة القانون والاقتصاد، مصر 1984، العدد 54.
  2. محمد بدر الدين، التطور التشريعي من الحق في الحياة الخاصة إلى الحق في الخصوصية، مجلة القانون والعلوم السياسية، مج 9، ع 2، 2023.

مارية بوجداين، من الحق في الحياة الخاصة إلى الحق في الخصوصية، مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية، ع 3، ماي 2019.

  1. عصام أحمد البهجي، حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق الانسان والمسؤولية المدنية، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2005.

بوكر رشيدة، تحديات العصر الرقمي في مواجهة خطط حماية الحق في الخصوصية، مجلة حقوق الإنسان و الحريات العامة، مج 1، ع 2، 2022.

بن قارة مصطفى عائشة، الحق في الخصوصية المعلوماتية بين التحديات التقنية وواقع الحماية القانونية، المجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث، المجلد الثاني، العدد 5، 4-يونيو-2016

  1. حرية التعبير وحماية الحق في السمعة، جمال بوعبدلي، مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد 10، العدد 02، سبتمبر 2019
  2. أمين الخنتوري، معالم تنظيم الحق في النسيان الرقمي في التشريع المغربي، مجلة الصدى للدراسات القانونية والسياسية، العدد الخامس ديسمبر 2020
  3. تقرير حول حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في إطار قطاع الأمن بالمغرب، ندوة لمركز جنيف للرقابة الديموقراطية على القوات المسلحة ومركز دراسات حقوق الإنسان والديموقراطية، أكتوبر 2015

القوانين:

المواثيق والتقارير الدولية:

  1. الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د – 3) المؤرخ في 10 كانون الأول / ديسمبر 1948.

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة2200 (د ـ 21) المؤرخ في 16 ديسمبر 1966.

  1. الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، مجلس أوروبا، 1950.

الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، سان خوسيه كوستاريكا، 22/11/ 1969.

  1. إعلان القاهرة بشأن حقوق لإنسان في الإسلام، 1990، مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي.
  2. اتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن أمن الفضاء الالكتروني وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي المعتمدة بتاريخ 27 يونيو 2014 مالابو (غينيا الاستوائية)

الحق في الخصوصية في العصر الرقمي، تقرير مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، 29/39/A/HRC.

  1. تقرير المقرر الخاص المعني بتعزيز و حماية الحق في حرية الرأي و التعبير، مجلس حقوق الإنسان، 23/40/AHRC
  2. تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الحق في الخصوصية في العصر الرقمي،A/HRC / 51/17

قرار الجمعية العامة 179/73 حول الحق في الخصوصية في العصر الرقمي، المؤرخ في 21 يناير 2019، الملحق رقم 73/179/A/RES.

القوانين المغربية:

  1. الدستور المغربي لسنة 2011.
  2. ظهير شريف رقم 1.18.15 صادر في 22 فبراير 2018 بتنفيذ القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات الجريدة الرسمية 12 مارس 2018 عدد 6655
  3. ظهير شريف رقم 1.09.15 صادر في 22 من صفر 1430 (18) فبراير (2009) بتنفيذ القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
  4. ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 18 فبراير 2011 بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير الحماية المستهلك الجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 7 أبريل 2011
  5. ظهير شريف رقم 197.162 صادر في 7 غشت 1997 بتنفيذ القانون رقم 24 ـ 96 المتعلق بالبريد والمواصلات الجريدة الرسمية: عدد 4518 بتاريخ 18 شتنبر 1997.
  6. ظهير شريف رقم 1.16.122 صادر في 10 غشت 2016 بتنفيذ القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر الجريدة الرسمية عدد 6491 بتاريخ 15 غشت 2016.

المراجع الأجنبية:

  1. ـ John SHATTUCK: Right of privacy, copyright, 1997, by National text book company.
  2. ـ NERSEN : la protection de la personnalité en droit privé français, Rapport présenté aux journées de madrid de la l’association H.capitant, T13, éd Dalloz, paris, 1963.
  3. ـ ARAMAZANI, le droit a l’oubli et internet RDTI n43-2/2011

Marion Barbezieux, Le droit à l oubli numérique: bilan et perpectives, editions Universitaires Europeennes-2016, Deutschland /Allemagne.

  1. ـ ابن منظور، لسان العرب، مطبعة بولاق، مصر، ج8، ط1، ص:390.
  2. ـ المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية الهيئة العامة لشؤون المطابع الميرية، ط1992، ص: 198.
  3. ـ عبد الرحمن جمال الدين، الحق في الخصوصية في مواجهة حق الإعلام، دار النهضة العربية القاهرة، ط 2005، ص: 24.
  4. ـ ممدوح خليل بحر، حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1983، ص: 163.
  5. ـ فتيحة حزام، الحق في الحياة الخاصة بالبيئة الرقمية دراسة مقارنة، مجلة الدراسات القانونية المقارنة، مج :8، ع 1، 2022، ص: 622.
  6. ـ توني مندل، أندرو بوديفات، دراسة استقصائية علمية حول خصوصيات الأنترنت وحرية التعبير. منظمة اليونسكو: 2000، ص: 21.
  7. ـ ايموند واكس ترجمة ياسر حسن، الخصوصية، مؤسسة هنداوي للعلم والثقافة، مصر، 2013، ص: 13.
  8. ـ حسام الأهواني، الحرية الشخصية في روابط القانون الخاص، بحث مقدم إلى مركز دراسات وبحوث حقوق الإنسان، جامعة القاهرة، سنة 1990، ص: 70.
  9. ـ تعريف نيرسون، أورده سعد رمضان، المسؤولية المدنية الناشئة عن الإخلال بالالتزام بالسرية، مطبعة دار النهضة، 2007، ص: 17.
  10. ـ John SHATTUCK: Right of privacy, copyright, 1997, by National text book company, p :197.
  11. ـ أحمد فتحى سرور، الحق في حرمة الحياة الخاصة، مجلة القانون والاقتصاد، مصر 1984، العدد 54، ص: 29.
  12. ـ إبراهيم كامل إبراهيم محمد الضوابط الشرعية والقانونية لحماية حق الإنسان في اتصالاته الشخصية في الفقه الإسلامي والقانون الجنائي دار الكتب القانونية، مصر 2010، ص: 53.
  13. ـ أورده محمد بدر الدين، التطور التشريعي من الحق في الحياة الخاصة إلى الحق في الخصوصية، مجلة القانون والعلوم السياسية، مج 9، ع 2، 2023، ص: 143.
  14. ـ مارية بوجداين، من الحق في الحياة الخاصة إلى الحق في الخصوصية، مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية، ع 3، ماي 2019، ص: 60.
  15. ـ عصام أحمد البهجي، حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق الانسان والمسؤولية المدنية، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2005، ص:60.
  16. ـ NERSEN : la protection de la personnalité en droit privé français, Rapport présenté aux journées de madrid de la l’association H.capitant, T13, éd Dalloz, paris, 1963, p 79
  17. ـ بوكر رشيدة، تحديات العصر الرقمي في مواجهة خطط حماية الحق في الخصوصية، مجلة حقوق الإنسان و الحريات العامة، مج 1، ع 2، 2022، ص: 69.
  18. ـ علي أحمد عبد الزعبي، حق الخصوصية في القانون الجنائي، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 2006، ص 32.
  19. ـ حسن خليل إبراهيم، تطبيقات قضائية على جريمة الإزعاج المتعمد عن طرق وسائل الاتصال الحديثة، دار الفكر والقانون، مصر، 2015، ص: 6.
  20. ـ أشرف توفيق شمس الدين، الصحافة والحماية الجنائية للحياة الخاصة، دار النهضة العربية، القاهرة – مصر، سنة 2007، ص: 30.
  21. ـ باسم محمد فاضل، الحق في الخصوصية بين الإطلاق والتقييد: دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية،2018 ص: 2.
  22. ـ الحق في الخصوصية في العصر الرقمي، تقرير مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، 29/39/A/HRC الفقرة 5، ص: 3. انظر كذلك: 13/37/A/HRC الفقرة 11، و23/40/A/HRC الفقرتين 22 و 42).
  23. ـ بولين أنطونيوس أيوب، الحماية القانونية للحياة الشخصية في مجال المعلوماتية (دراسة مقارنة)، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان،2009، ص: 80.
  24. ـ أمير فرج يوسف، الإثبات الجنائي للجريمة الالكترونية والاختصاص القضائي بها (دراسة مقارنة)، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، مصر،2016، ص: 112.
  25. ـ حنان ريحان مبارك المضحكي، الجرائم المعلوماتية (دراسة مقارنة)، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2014، ص: 327.
  26. ـ محمود نجيب حسني، شرح فانون العقوبات (القسم الخاص)، القاهرة،1986، ص: 753.
  27. ـ فتيحة حزام، الحق في الحياة الخاصة بالبيئة الرقمية – دراسة مقارنة (م س)، ص: 625.
  28. ـ بن قارة مصطفى عائشة، الحق في الخصوصية المعلوماتية بين التحديات التقنية وواقع الحماية القانونية، المجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث، المجلد الثاني، العدد 5، 4-يونيو-2016، ص 39.
  29. ـ محمد عبد المحسن المقاطع، حماية الحياة الخاصة للأفراد وضماناتها في مواجهة الحاسوب الآلي، 2013، ص:45
  30. ـ تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الحق في الخصوصية في العصر الرقمي، A/HRC/39/29، ص: 3.
  31. ـ أبو حجيلة، محمد رشيد حامد الحماية الجزائية للمعلومات الشخصية للأفراد في مواجهة أخطار بنوك المعلومات 2 دارسة مقارنة، ص: 24.
  32. ـ حرية التعبير وحماية الحق في السمعة، جمال بوعبدلي، مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد 10، العدد 02، سبتمبر 2019، ص: 138.
  33. ـ أمين الخنتوري، معالم تنظيم الحق في النسيان الرقمي في التشريع المغربي، مجلة الصدى للدراسات القانونية والسياسية، العدد الخامس ديسمبر 2020، ص: 33.
  34. -ARAMAZANI, le droit a l’oubli et internet RDTI n43-2/2011, P :34 .
  35. ـ Marion Barbezieux, Le droit à l oubli numérique: bilan et perpectives, editions Universitaires Europeennes-2016, Deutschland /Allemagne, P.12/13.
  36. ـ تقرير حول حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في إطار قطاع الأمن بالمغرب، ندوة لمركز جنيف للرقابة الديموقراطية على القوات المسلحة ومركز دراسات حقوق الإنسان والديموقراطية، أكتوبر 2015، ص: 13.
  37. ـ طارق جمعة السيد راشد الحماية القانونية لخصوصية البيانات الشخصية في القانون القطري والمقارن المجلة القانونية والقضائية وزارة العدل – مركز الدراسات القانونية والقضائية س 11، ع 2، 2017 ص 80.
  38. ـ تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الحق في الخصوصية في العصر الرقمي، A/HRC/39/29، ص: 5.
  39. ـ المرجع نفسه، ص: 6.
  40. ـ باسم محمد فاضل، حماية الخصوصية عبر البيئة الرقمية، دار الفكر الجامعي، 2021، ص: 183.
  41. ـ انتهاك الخصوصية الرقمية في الصحافة، مركز هوردو الدعم التغيير الرقمي، القاهرة، 2017، ص:7.
  42. ـ تقرير المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، مجلس حقوق الإنسان، 23/40/AHRC، ص: 21.
  43. ـ تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الحق في الخصوصية في العصر الرقمي،A/HRC / 51/17 ، ص: 3.
  44. ـ اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د – 3) المؤرخ في 10 كانون الأول / ديسمبر 1948.
  45. ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة2200 (د ـ 21) المؤرخ في 16 ديسمبر 1966.
  46. ـ اعتمدت الجمعية العمومية في العام 1988 التعليق العام رقم 16 المتعلق بالحق في حرمة الحياة الخاصة والصادر عن اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية المنشأة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
  47. ـ الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، مجلس أوروبا، 1950، مكتبة حقوق الإنسان جامعة مينيسوتا.
  48. ـ سارة علي رمال، الحق في الخصوصية في العصر الرقمي، منشورات الحلبي الحقوقية، ط 1، 2018، ص: 37.
  49. ـ غزيل عائشة، الحماية الدولية للحق في الخصوصية في الجال الرقمي، (م س)، ص: 416.
  50. ـ الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، سان خوسيه كوستاريكا، 22/11/ 1969.
  51. ـ إعلان القاهرة بشأن حقوق لإنسان في الإسلام، مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي، 1990، مكتبة حقوق الإنسان، جامعة مينيسوتا. متوفر على: http://www1.umn.edu/humanrts/arab/a004.htm
  52. ـ اتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن أمن الفضاء الالكتروني وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي المعتمدة بتاريخ 27 يونيو 2014 مالابو (غينيا الاستوائية)
  53. ـ مريم لوكال، قراءة في اتفاقية الاتحاد الإفريقي حول الأمن السيبراني وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي لسنة 2014، مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية، عدد 3، 2021، ص: 661.
  54. ـ الفصلان 10 و11 من الدستور المغربي لسنة 1996.
  55. ـ ظهير شريف رقم 1.18.15 صادر في 22 فبراير 2018 بتنفيذ القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات الجريدة الرسمية 12 مارس 2018 عدد 6655، ص 1438.
  56. ـ ظهير شريف رقم 1.09.15 صادر في 22 من صفر 1430 (18) فبراير (2009) بتنفيذ القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
  57. ـ المادة الأولى من القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
  58. ـ الفقرتان الأولى والثانية من المادة 1 من القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
  59. ـ تكون المعالجة ضرورية في الحالات التالية: لاحترام التزام قانوني يخضع له الشخص المعني أو المسؤول عن المعالجة، أو لتنفيذ عقد يكون الشخص المعني طرفا فيه أو لتنفيذ إجراءات سابقة للعقد تتخذ بطلب من الشخص المذكور، أو من أجل الحفاظ على المصالح الحيوية للشخص المعني إذا كان من الناحية البدنية أو القانونية غير قادر على التعبير عن رضاه، أو لتنفيذ مهمة تدخل ضمن الصالح العام أو ضمن ممارسة السلطة العمومية التي يتولاها المسؤول عن المعالجة أو أحد الأغيار الذي يتم إطلاعه على المعطيات، أو لإنجاز مصلحة مشروعة يتوخاها المسؤول من المعالجة أو المرسل إليه مع مراعاة عدم تجاهل مصلحة الشخص المعني أو حقوقه وحرياته الأساسية.
  60. ـ ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 18 فبراير 2011 بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير الحماية المستهلك الجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 7 أبريل 2011، ص 1072.
  61. ـ ظهير شريف رقم 197.162 صادر في 7 غشت 1997 بتنفيذ القانون رقم 24 ـ 96 المتعلق بالبريد والمواصلات الجريدة الرسمية: عدد 4518 بتاريخ 18 شتنبر 1997، ص: 3721.
  62. ـ الفقرة الأولى من المادة 92 من القانون رقم 24 ـ 96 المتعلق بالبريد والمواصلات.
  63. ـ ظهير شريف رقم 1.16.122 صادر في 10 غشت 2016 بتنفيذ القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر الجريدة الرسمية عدد 6491 بتاريخ 15 غشت 2016، ص 5966.
  64. ـ المادة 6 من القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر.
  65. ـ المادة 89 و90 من القانون نفسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى