آليات حمل الإدارة على تنفيذ أحكام القضاء في النظام القانوني الموريتاني. – الباحثة: لاله محمد كابر محمد أحمد
.
آليات حمل الإدارة على تنفيذ أحكام القضاء في النظام القانوني الموريتاني.
The mechanisms of making the administration executes the judicial orders in the Mauritanian legal system.
الباحثة: لاله محمد كابر محمد أحمد
باحثة بسلك الدكتوراه – كلية العلوم القانونية والاقتصادية – جامعة انواكشوط
لتحميل عدد المجلة كاملة
مجلة القانون والأعمال الدولية : الاصدار رقم 49 لشهري دجنبر 2023 / يناير 2024
ملخص:
يشكل امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام القضاء في موريتانيا، إحدى أكبر معوقات الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، التي أثرت على مصداقية القضاء وهزت الثقة في حمايته للحقوق والحريات المنصوص عليها دستوريا، بفعل غياب مسطرة قانونية محددة تلزم الإدارة بتطبيق أحكام القضاء، إذا لم تنفذها اختيارا، لذلك تحاول هذه الدراسة تسليط الضوء على هذا الإشكال، وتبحث في الخيارات المتاحة واقعيا وقانونيا لحمل الإدارة على التنفيذ في النظام القانوني الموريتاني.
الكلمات المفتاحية: الرقابة القضائية، أحكام القضاء، ا لإدارة.
Abstract :
There is a hug obstacle that affects the judiciary and shakes confidence in its protection of constitutionally stipulated rights and freedoms, as a result of refraining the Mauritanian administration from applying, executing and abiding by the judicial orders. Aldo, it gets worse when it comes to the absence of a specific legal procedure obliging the administration to implement court or judiciary orders, if it doesn’t implement them voluntarily. Therefore, this study tries to shed light on this problem and examines the options available realistically and legally in order to force the administration implement it in the Mauritanian legal system.
Key words: judiciary orders, judicial supervision and the administration.
مقدمة:
تمثل رقابة القضاء الإداري على أعمال الإدارة ضمانة مهمة لحماية الحقوق والحريات من شطط الإدارة وسطوتها، لما تتيحه من إمكانية إلغاء ما يخالف مبدأ المشروعية من هذه الأعمال،بواسطة دعوى الإلغاء، لكن فعالية هذه الرقابة تتوقف على مدى تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة، حيث يعد امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام القضاء الإداري من أخطر الأساليب التي تلجأ إليها هذه الأخيرة لمواجهة التنفيذ .
و بحسب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ، يطرح هذا الموضوع إشكالا كبيرا في موريتانيا، بفعل كثرة امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، الأمر الذي خلق صعوبة حقيقية في مجال ترتيب أحكام القضاء الإداري لآثارها القانونية، و أثر على فعالية هذا القضاء، بل وهز الثقة في أحكامه، وبناء على ذلك سنتطرق لمشكل افتقار القضاء الإداري لمسطرة تنفيذ خاصة بالأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة ( الفرع الأول) على أن نتطرق لوسائل حمل الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية في النظام القانوني الموريتاني.(الفرع الثاني).
الفرع الأول: أثر افتقار القضاء الإداري لمسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة.
يقتضي تحقيق العدالة على جميع مستوياتها ضرورة تنفيذ الإدارة للأحكام الصادرة في مواجهتها وذلك استنادا لما تتمتع به الأحكام من حجية الشيء المحكوم به واحترام مبدأ الحجية هذا يشكل في حد ذاته ضمانة لحريات الأفراد والمصلحة العامة على حد سواء.
ولا شك أن إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية ترتبط ارتباطا وثيقا بضمانات الحقوق الأساسية ،لأن تنفيذ الأحكام القضائية وخاصة الصادرة ضد الإدارة يعتبر من أهم ضمانات الحقوق إذ لا يمكن الفصل بينهما، ذلك أنه لا يمكن وجود دولة قانون في غياب آليات موجه لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم،خاصة أن امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام القضاء الإداري يعد من أخطر الأساليب التي تلجأ إليها هذه الأخيرة لمواجهة التنفيذ ،علما أنه في دولة القانون بمفهومها الحديث يفترض بل يلزم الادارة أن تحترم القضاء وأن ترى في الخضوع لأحكامه معيارا للخضوع للقانون وتكتفى بمجرد طلب تنفيذ قرار قضائي لتنفيذه ، لكن واقع الممارسة في أغلب الدول يوحي بعكس ذلك حيث تمثل إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية اتجاه الادارة معضلة شائكة بفعل عدم خضوع هذه الأخيرة للتنفيذ الجبري الذى يمارس على الخواص ،كما أنه ما كل دولة، دولة قانون وإن كانت في ظاهرها كذلك، فتنفيذ الاحكام القضائية في الصف الأخير من القانون في العديد من الدول التي تدعى صفة دولة القانون.
ويترتب عن هذا الوضع في كثير من الحالات توقف القاضي عند حد النطق بالحكم ،بدعوى عدم توفره على الوسائل القانونية والمادية للقيام بالتنفيذ ،مما يجعل دوره محدودا في حمل الإدارة على تنفيذ أحكام القضاء، وهو ما من شأنه أن يحد من قيمة وفعالية التكريس الدستوري للحماية القضائية للحقوق والحريات .
وإذا كانت هذه القاعدة أي استثناء الإدارة من إمكانية تطبيق مسطرة التنفيذ الجبري ليست بدعة موريتانية بل قاعدة تليدة في العديدة من الدول، إلا أنها لا تعني البتة إعفاء الإدارة من واجب احترام سلطة الشيء المقضي به ،لأن غياب هذه المسطرة يجب أن يقترن بتفعيل ميكانيزمات قضائية وغير قضائية ،ذات طبيعة خاصة تضمن تنفيذ الإدارة للقرارات القضائية الموجهة ضدها،باعتبار أن ضمان تنفيذ الأحكام القضائية خصوصا الموجهة للإدارة يمثل دعامة أساسية لاستكمال بناء دولة الحق والقانون، لما يطرحه من إشكال يحتم ضرورة إيجاد آلية توفق بين ضرورة احترام وتنفيذ أحكام القضاء وضمان استمرارية خدمات المرافق العامة .
وفي سبيل حل هذا الإشكال عمل الاجتهاد القضائي للقضاء الإداري – خاصة الفرنسي- معززا ببعض التشريعات إلى محاولة اكتشاف حلول لهذه القضية، لتفرز الممارسة العملية عدة آليات أبرزها (الغرامة التهديدية) الفقرة الأولى وإتاحة إمكانية الحجز على الأموال العمومية في حدود معينة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الغرامة التهديدية
يعرف فقه القانون الإداري الغرامة التهديدية بأنها “عقوبة تبعية تحد بصفة عامة بمبلغ معين من المال عن كل يوم تأخير بهدف تجنب عدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري أو التأخير في تنفيذها”، لذلك تشكل الغرامة التهديدية إحدى الوسائل التي اهتدى إليها الاجتهاد القضائي في المجال الإداري ، لحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية ،وقننتها بعض التشريعات ، كما هو الحال في فرنسا التي مر موضوع تنفيذ الأحكام من طرف الإدارة في فرنسا بعدة مراحل بدأت بأحداث لجنة التقرير والدراسات بمقتضى المرسوم رقم 30 يوليو 1963 والتي تسهر على تنفيذ الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة ،وذلك بتقديم الإرشادات إلى الإدارة بقصد مساعدتها على تنفيذ الأحكام ،عن طريق توجيه المراسلات للإدارة أو إجراء اتصالات شخصية مع رؤساء الإدارات علما بأن هذه اللجنة لا تتوفر على وسائل الضغط القانونية على الإدارة .
بعد ذلك تم إنشاء نظام ما يعرف “بنظام الوسيط” المنشأ بموجب القانون الصادر 3 يناير 1973 كجهة يمكن لها توجيه أوامر للإدارة قصد تنفيذ الأحكام القضائية تحت طائلة وضعه تقرير بالحالة ونشره بالجريدة الرسمية بل وإبلاغه لرئيس الجمهورية ، وهو النظام الذي تمت دسترته لاحقا نظرا لأهميته باسم حامي الحقوق بدل وسيط الجمهورية.
ولم يكتف المشرع الفرنسي بذلك في سعيه لضمان تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة حيث أصدر قانون 16 يوليو 1980 الذ استحدث ما يعرف بآلية (الغرامة التهديدية ) حيث نص هذا القانون على إمكانية فرض غرامة على الشخص المعنوي العام الممتنع عن تنفيذ الحكم القضائي بغية حمله على التنفيذ ، كما حمل هذا القانون مسؤولية التأخير في التنفيذ إلى الشخص المشرف على تسيير الإدارة التي تصدر ضدها الأحكام مانحا لمجلس الدولة صلاحية تحديد مبلغ الغرامة التهديدية التي تفرض على الشخص المعنوي العام الذي لا يحترم تنفيذ أحكام القضاء.
هكذا إذن منح قانون يوليو 1980 ومرسوم 12 مايو 1981 لمجلس الدولة فقط سلطة فرض الغرامة التهديدية ضد الأشخاص المعنوية ( الدولة ، الجماعات المحلية ، المؤسسات العمومية ) التي تمتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية ،وهو القانون الذي نعته بعض الفقه ” بالقانون الجريئ الذي أسقط الأسطورة القديمة المتمثلة في تحاشي توجيه أوامر للإدارة لأنه يؤكد أن قوة الشيء المقضي به تفوق كل الاعتبارات.
وبذلك تعتبر الغرامة التهديدية صنيعة فرنسية ،هدفها حمل الإدارة على تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، وهو الهدف الذي كان العميد “هوريو” قد دعا له قبل صدور القانون رقم 539 /1980 المعدل بالقانون 321/2000 بشأن تنفيذ الأحكام في مواجهة أشخاص القانون العام في فرنسا – مهد القضاء الإداري – بقوله “أنه في الصراع بين مجلس الدولة الذي لا يستطيع سوى أن يراقب ،وبين رجل الإدارة الذي لا يضع في اعتباره قوة الشيء المقضي به ،فإن مجلس الدولة يعتبر مهزوما مقدما، ذلك أن الإدارة تقع في نظامنا القانوني أعلى من القاضي أيا كان نوعه، وسيكون أكثر اتفاقا مع أحكام القانون أن يصبح القاضي الإداري أعلى من الإدارة ،ولدينا الاقتناع بأن هذا التحول في الأمور سوف يحدث مستقبلا.
وفي المغرب عزز القاضي الإداري دوره في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية بناء على نظام وحدة القانون التي تقتضي تطبيق قواعد قانون المسطرة المدنية على الدعوى الإدارية من خلال مقاربة جديدة تعتمد القواعد العامة المتعلقة بالتنفيذ الجبري المسعفة في إجبار الإدارة على التنفيذ ، فمع أن المحكمة الإدارية بوجدة رأت أن “إعمال الغرامة التهديدية استنادا إلى الفصل 448 من قانون م م على الإدارة أمر غير مبني على أساس قانوني لأن طلب الغرامة التهديدية يتنافى مع قاعدة قاضي الإلغاء يقضي ولا يدير”، إلا أن القضاء الإداري المغربي ،لم يساير هذا التوجه حيث حسم الجدل لصالح الاتجاه القائل بأحقية القضاء الإداري بفرض الغرامات التهديدية، كما هو الحال بالنسبة لحكم المحكمة الإدارية بالرباط رقم 134 بتاريخ 6/03/1997 في قضية ورثة عبد الله العشيري”، وهو ما كرسته المحكمة الإدارية بمكناس ، في حكمها الصادر بتاريخ 03/04/1998 ، الذي ذهبت أبعد من مجرد تكريس الغرامة التهديدية إلى بتقرير انعقاد المسؤولية الشخصية للمسؤول الذي امتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية، حيث أصدرت حكمها بتغريم رئيس المجلس القروي (لتونفيت) غرامة تهديدية حددتها بمبلغ 500 درهم عن كل يوم تأخير اعتبارا من تاريخ تبليغ القرار ، لكن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض ،لم تساير ذلك حيث قضت برفض ذلك مؤكدة بأن النزاع لا يدور بين الطاعن ورئيس المجلس الجماعي لتفرض عليه هذه الغرامة بل وبينه والمجلس الجماعي كشخصية معنوية .
ورغم هذا التوجه القضائي الهادف لضمان تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة في المغرب، فإن تجاوز إشكال عدم تنفيذ الأحكام القضائية في المغرب يبقى بحاجة إلى تدخل تشريعي من المشرع كما حصل في العديد من الدول.
وإذا كان إغفال التشريعات في كلا البلدين عن وضع مسطرة لتنفيذ الأحكام في المجال الإداري على غرار ما هو حاصل في الجانب المدني والتجاري قد دفع القضاء فيهما إلى ابتكار آليات لإلزام الإدارة – كما ألزم المشرع الخواص – عن طريق محاولة تطبيق مسطرة التنفيذ في القانون الخاص على الإدارة ، حيث سايره المشرع في فرنسا إلى حد ما ، وينتظر أن يسير المشرع المغربي في نفس الاتجاه، فإن المشرع الموريتاني ، لا يزال يتخلف عن ركب سن التشريعات التي تستهدف ضمان تنفيذ أحكام القضاء الإداري، بل منع بشكل صريح تطبيق مسطرة التنفيذ الجبري دون أن يقدم بديلا ،وذلك في المادة 327 من قانون الاجراءات المدنية والتجارية والادارية،وبالتالي فقد اتسم قانون الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية الموريتاني بالقصور في هذه المسألة حيث لم يتضمن أي ذكر صريح لإلزامية تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الإدارية، ولم يعط أبسط توضيح لكيفية تنفيذها وتحققها حتى ينال المتقاضي حقه المحكوم له به.و مع أن عدم ممارسة التنفيذ الجبري ضد الادارة لا يعنى بأي حال من الأحوال المساس بسمو أحكام القضاء الإداري وواجب تنفيذها كغيرها من ،( الأحكام القضائية) وإن كان هذا التنفيذ تتسم مسطرته بالخصوصية مقارنة بغيره حيث يكون بطلب موجه إلى الوزارة
المعنية لتنفيذه أو إلى وزارة المالية إذا كان ذا طبيعة مالية ، ما يعني استبعاد مسطرة التنفيذ الجبري في مواجهة الإدارة ،الأمر الذي شكل عائقا أمام القضاء الإداري الموريتاني أو على الأدق الجهات المختصة بالنزعات الإدارية في موريتانيا( الغرفتين الإدارية في محكمة الولاية ونظيرتها في المحكمة العليا) في إمكانية مواكبة الاجتهاد القضائي للقضاء الإداري في عديد الدول التي نتقاسم معها عديد القواسم في مجال المنظومة القانونية والقضائية ، بفعل هذا المنع الصريح الذي لم يترك فرصة لإمكانية تطور الاجتهاد القضائي نحو استعمال بعض آليات مسطرة التنفيذ الجبري في القانون الخاص وتطبيقها على المنازعات الإدارية كما حصل في بلدان أخرى .
الفقرة الثانية: مدى إمكانية الحجز على الأموال العمومية
يعتبر الحجز لدى الغير إجراء تنفيذيا يمنح المحكوم لفائدته إمكانية حجز أموال الأشخاص الممتنعين عن تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهتهم ، ولا يثير هذا الإجراء إشكالا كبيرا في المنازعات بين أشخاص القانون الخاص، باعتباره إجراء عاديا من إجراءات مسطرة التنفيذ الجبري في القوانين المدنية ،على عكس الحال بالنسبة للأحكام الصادرة ضد الإدارة ؛حيث يصطدم هذا الإجرام بعدم النص تشريعيا عليه صراحة اتجاه الإدارة أولا ،فضلا عن تعارضه مع مبدأ عدم قابلية الأموال العامة للحجز ثانيا وقد انقسمت التشريعات حول مدى جواز الحجز على الأول العامة بين تجاه يجيزه، كما هو الحال في ألمانيا ، النمسا وهولندا ،وآخر يمنعه كما عليه الحال في انجلترا وفرنسا ومصر.
ومع أن إغفال المشرع على النص على إمكانية الحجز على الأموال العامة لم يحل في بعض البلدان دون تفعيل القضاء الإداري لاجتهاده لخلق ميكانيزمات تساهم في حمل الإدارة على تطبيق أحكام القضاء ،بما فيها إمكانية الحجز على الأموال العامة في حدود معينة،فإن منع المشرع الموريتاني إمكانية التنفيذ على أشخاص القانون العام ،دفع بعض المختصين إلى القول بتكريس المشرع الموريتاني – تأسيا بنظيره الفرنسي- لمبدأ عدم خضوع أشخاص القانون العام للتنفيذ الجبري ولازمته عدم إمكانية الحجز على الممتلكات العمومية مستدلا على ذلك باعتماده نظام ازدواجية القانون وتمييزه بين أشخاص القانون العام وأشخاص القانون الخاص.
وإذا كان هذا الأمر أي حصانة الشخصيات العمومية اتجاه اجراءات التنفيذ الجبري المعتمدة في القانون الخاص ، قد فرض على الاجتهاد القضائي في الدول التي تشارك موريتانيا نفس المبدأ ايجاد حلول ولو نسبية لهذا الإشكال جسدها في اجتهاداته المتعلقة بفرض الغرامة التهديدية و الحجز على بعض الأموال المملوكة لشخصيات القانون العام ،فإن الواقع في موريتانيا لم يصل لتلك الدرجة لا من حيث عدد الأحكام ولا حدتها كما رأينا في المغرب ، مع العلم أن الاجتهاد القضائي للقضاء المدني ذهب مبكرا إلى القول بامكانية الحجز على أموال المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي ، حيث أكدت الغرفة المدنية والتجارية بالمحكمة العليا الموريتانية في حكمها الصادر بتاريخ 17 مايو 1978 مبدأ الخضوع الجزئي ،للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري لطرق تنفيذ القانون الخاص ، من خلال تقديرها “أن حسابات الشركة الموريتانية للتأمين وإعادة التأمين (سمار) المشكلة على صورة مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري يمكن أن تكون محلا للحجز” ، مستندة في حكمها على المادة 2 من القانون 046-77 بتاريخ 21 يناير 1977 المحدد لنظام المؤسسات العمومية وتحديدا مادته الثانية ، وهو الحكم الذي وإن كان يفتح المجال أمام إمكانية استعمال طرق تنفيذ القانون الخاص في مواجهة الإدارة ،إلا أن البعض يأخذ عليه أنه لم يأخذ بعين الاعتبار عدة اعتبارات من أهمها ضرورة المحافظة على انتظام سير المرفق العمومي المسير من طرف هذه المؤسسة ، خاصة في ظل الشكوك التي تحوم حول بعض الأحكام القضائية الصادرة في حق الشركة.
أما القضاء الإداري ممثلا في الغرفة الإدارية بمحكمة ولاية انواكشوط الغربية ،فقد ذهب إلى اعتبار امتناع الإدارة عن تنفيذ حكم الأحكام النهائية الصادرة ضدها خطأ يوجب التعويض، معتبرة الامتناع عن تنفيذ الأحكام النهائية ، وتعطيلها قرارا إداريا سلبي مخالف للقانون يوجب لصاحب الشأن الحق في التعويض عما يلحقه بسببه من أضرار مادية وأدبية ، مستندة في ذلك على استقر عليه فقه القضاء الإداري ،لذلك خلصت إلى الحكم على الإدارة ( ممثلة في المركز الوطني لمحاربة الجراد) بالتعويض.
ولم يقف القاضي الإداري الموريتاني عند هذا الحد، بل ذهب إلى الحكم بالتعويض على وزارة الوظيفية لامتناعها عن تنفيذ حكم قضائي يقضي بالإلغاء فصلها لموظف وامتناعها بعد ذلك عن سداد مستحقاته بعد قرار إلغاء الفصل من الوظيفة،الأمر الذي يترجم حقيقة أن دعوى المسؤولية الإدارية تكمل دور دعوى الالغاء في حماية الحقوق والحريات ،فهذا الحكم جاء بعد قرار الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا رقم 23/2016 الذي ألغى الحيثية المتعلقة برفض مجلس إدارة المركز الوطني لمكافحة الجراد من سداد مستحقات المعني ،لكن ذلك لم يكن يكفي لضمان حقوق المتضرر ،وإنما شكل هذا الإلغاء تمهيدا لاستعادة الحقوق عن طريق دعوى القضاء الكامل بجبر الضرر عن طريق التعويض.
الفرع الثاني: محدودية الخيارات البديلة لحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية في النظام القانوني الموريتاني.
كما أسلفنا يطرح غياب مسطرة لتنفيذ قرارات الغرف الإدارية الصادرة ضد الإدارة في موريتانيا إشكالا كبيرا يتعلق بتنفيذ هذه القرارات؛ ذلك أن الإدارة في موريتانيا كثيرا ما تمتنع عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها معتمدة على استثناء المشرع لها من مسطرة التنفيذ الجبري، الأمر الذي يجعل الطاعن ضدها في حيرة من أمره، فلا الإدارة نفذت حكم القضاء طوعا كما يفترض القانون ويستلزم مبدأ المشروعية، ولا القضاء قادر على حملها على التنفيذ بالإكراه، كما يفعل مع الخواص.
أمام هذا الواقع لا يبقى أمام المتضرر من امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام القضاء، سوى خيارات محدودة، قد تساهم في دفع الإدارة بل وحملها على تنفيذ الحكم الصادر في حقها، ومن أهم هذه الخيارات اللجوء للسلطة الرئاسية للإدارة (الفقرة الأولى) والتظلم أمام المجلس الأعلى للفتوى والمظالم (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: اللجوء للسلطة الرئاسية للإدارة
بحكم غياب مسطرة تحدد طريقة التنفيذ على الإدارة يكتفي القاضي الإداري بإصدار الحكم دون أن يكون بمقدوره تنفيذه في حالة امتناع الإدارة عن تنفيذه اختياريا، يتحتم على المحكوم له البحث عن سبيل للضغط على الإدارة لاحترام حجية أحكام القضاء ، وأمام استنفاد خيار القضاء باعتباره سلطة مستقلة مختصة بالفصل في النزعات يبقى خيار اللجوء إلى السلطة الرئاسية الأقرب للضغط على الإدارة ،لذلك عادة ما يلجأ الأشخاص المتضررون من امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام القضائية للسلطات الرئاسية للجهة المحكوم عليها ، وفي هذا الإطار
لجأت مجموعة من الموظفين تابعين لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى رئيس الجمهورية ملتمسة منه الأمر بتنفيذ حكم نهائي صادر لصالحهم على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعد رفض الوزارة تنفيذه رغم كونه حكما نهائيا حائزا على قوة الشيء المقضي به ، وقد دفع لجوء هذه المجموعة لرئيس الجمهورية والزخم الاعلامي الذي أخذته قضيتها بالوزير الأول إلى توجيه رسالة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي يحثه فيه على التعامل الايجابي مع الأحكام القضائية النهائية واصفا تجاهل الأحكام النافذة بالأمر ” الذي لا يساهم في التأسيس لدولة المؤسسات والقانون” ،خاتما التعميم بما يفهم منه الأمر بتنفيذ الحكم المتعلق بهذه القضية حيث جاء في الفقرة الأخيرة من التعميم ما يلي: “وفي هذا السياق أحيل إليكم من أجل التسريع في تسويته ملفا يتعلق بحكم قضائي لصالح مجموعة من الموظفين حصلوا على شهادات عليا إثر تكوين مرخص”.
ومع أن هذه الآلية قد تجدي في بعض الحالات، إلا أنها تبقى محدودة التأثير ،كما تكشف خللا كبيرا في المنظومة القانونية الوطنية ،لعدة أسباب منها أنها تتناقض مع استقلالية السلطة القضائية وتطعن في حمايتها للحقوق والحريات، كما أن من شأنها هدر الحقوق والحريات في حالة تمالؤ السلطة الرئاسية مع الإدارة أو تجاهل السلطة الرئاسية طلب الطاعن بتنفيذ الحكم القضائي ،وفضلا عن ذلك ليس من المنطقي أن تكون أوامر السلطة الرئاسية أكثر قيمة من أحكام القضائية.
وعلى العموم يكفي للتدليل على عدم محدودية تأثير هذه الطريقة وقلة فعاليتها أن نعلم أن رئيس الجمهورية – وهو أسمى سلطة رئاسية في البلد – سبق وأن “أصدر تعميما يلزم السلطات الإدارية باحترام الأحكام القضائية” ، دون أن يمنع ذلك الإدارة من الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء ، كما لم تفلح مراسلات رئيس المحكمة العليا – وهو رئيس أسمى هيئة في هرم التنظيم القضائي – المتكررة للسلطات الإدارية المعنية الممتنعة من التنفيذ في ضمان ذلك، الأمر الذي يعني بالضرورة أن حل هذا الإشكال يستلزم تشريعا عاما يحدد مسطرة التنفيذ وبين اجراءاتها ، لا أمرا خاصا يلتمس تسوية مظلمة أو اثنتين.
كما أن آلية الحلول لسلطات الوصاية فيما يتعلق بتسجيل التكاليف الواجبة الأداء في ميزانية تلك الجهات والتي قد تكون من بينها مصايف ناتجة عن أحكام قضائية نهائية ضد تلك الجهات لا تبدوا أحسن حالا ؛إذ لا تيم اللجوء لها رغم نص المادة 66 من الأمر القانوني رقم 287/89 الصادر بتاريخ 20 أكتوبر 1987 المنشئ للبلديات والمعدل ،و المادة 20 من القانون رقم 09/90 الصادر بتاريخ 04 إبريل 1990 المنظم لقانون المؤسسات العمومية والشركات ذات رأس المال العمومي وتحديد علاقتها بالدولة عليهما.
الفقرة الثانية: اللجوء إلى المجلس الأعلى للفتوى والمظالم.
تم إنشاء المجلس الأعلى للفتوى والمظالم لأول مرة بموجب المرسوم 2012/134 الصادر بتاريخ 24 مايو 2012 ، وتمت دسترته بموجب المادة 94 من القانون الدستوري الاستفتائي رقم 2017-022 الصادر بتاريخ 15 أغسطس 2017 المتضمن مراجعة بعض أحكام دستور 20 يوليو 1991.
وقد أسند إليه المشرع صراحة مهمة العمل على ضمان تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضد الإدارة ، فبعد أن منحت المادة 7 من القانون النظامي 2018 -014 المتعلق بالمجلس الأعلى للفتوى والمظالم للمجلس صلاحية استقبال الشكاوي من المواطنين ضد الدولة ،الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية،أتاحت الفقرة الأخيرة من المادة 9 من نفس القانون النظامي، لنفس المجلس سلطة إصدار أمر للجهة المعنية بالامتثال للقرار في أجل محدد، تحت طائلة إبلاغ رئيس الجمهورية بذلك الرفض.
وبالنظر لهذه الأحكام نلاحظ أن المشرع ، وإن كان قد خطى خطوة هامة في سبيل تسهيل ولوج المتضررين إلى خدمات المجلس الأعلى للفتوى والمظالم – مقارنة بسلفه وسيط الجمهورية -، فيما يتعلق بسماحه بالولوج المباشر لعرض القضايا على المجلس دون وسيط ، إلا أنه في المقابل لم يحمل جديدا بخصوص الجزاء المترتب على امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم المحال إليها من طرف المجلس الأعلى للفتوى والمظالم أو انقضاء الأجل المحدد لذلك دون رد ،حيث أبقى القانون النظامي المتعلق بالمجلس على نفس الآلية التي كان يقرها القانون المنظم لوسيط الجمهورية والمتمثلة في رفع تقرير في الموضوع إلى رئيس الجمهورية ، مع الإشارة إلى فرق جوهري في الأمر لا يخلو من دلالة وإمكانية تأثير وربما إحداث فارق ، وهو أن وسيط الجمهورية كان يقوم برفع عدم تجاوب الإدارة في تقريره السنوي ، بينما يفهم من نص المادة 9 من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الأعلى للفتوى والمظالم إمكانية رفع تقرير خاص بقضية معينة دون انتظار التقرير السنوي ، وهو أمر هام لأنه يتيح للمجلس سرعة حسم القضايا بالإحالة إلى رئاسة الجمهورية خاصة إذا كانت القضية مستعجلة ، كما يساهم في الحد من تراكم القضايا في حين يساهم التقرير السنوي في قتل بعض القضايا ، ويقلل من أهميتها لأنه يجعلها جزءا من كل هو التقرير السنوي الملزم المجلس بإحالته أصلا ، بينما تتيح الإحالة الفردية لفت انتباه رئيس الجمهورية.
ورغم هذه الخطوة الإيجابية يبقى إبقاء نص القانون النظامي المتعلق بالمجلس الأعلى للفتوى والمظالم على فكرة عدم نشر تقرير المجلس ، أمرا سلبيا، لأنها تحد من فعالية دور المجلس ، بدليل أن نشر التقرير سيشكل ضغطا وهاجسا للإدارة الممتنعة ،كما سيشكل ضغطا على رئيس الجمهورية ليس في انصاف المظلوم فقط، وإنما أيضا في معاقبة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام القضاء بوصفه الضامن لاستقلال القضاء،الذي امتنعت الإدارة عن تطبيق أحكامه، وحامي الدستور مصدر الحقوق والحريات، المهدورة بفعل عدم تنفيذ أحكام القضاء.
وعلى العموم ،ورغم عدم توفر المجلس على حصيلة دقيقة لعدد الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضد الإدارة التي ساهم في تنفيذها ،إلا أن تقاريره تؤكد تحوله إلى وجهة للمتضررين من تعنت الإدارة ، كما تظهر نجاحه في ضمان تنفيذ بعض هذه الأحكام ، كما هو الحال بالنسبة لقضية
عمال الشركة البرازيلية (مندز جنيور ) التي نفذت أشغال طريق الأمل في سبعينيات القرن الماضي وقد عمرت هذه القضية أزيد من ثلاثين سنة ، حتى أصبح كثير من المستفيدين منها ورثة ،رغم صدور أحكام قضائية نهائية فيها سنة 1982 م ، وبعد تدخل المجلس في هذه القضية سددت وزارة المالية لأصحابها مبلغا يربو علي مائة مليون(100.000.000) أوقية سنة 2014 ،و تنفيذ الحكم القضائي الصادر لأحد أفراد الشرطة يقضي بإلغاء قرار فصله من العمل ، حيث ساهم تدخل المجلس في تنفيذ هذا الحكم بعودة المعني لوظيفته بعد 14 سنة من الفصل التعسفي .
وإذا كان المجلس قد وُفق في ضمان تنفيذ بعض الأحكام، إلا أنه أخفق في حمل الإدارة على تنفيذ بعض الأحكام الأحرى ، كما هو الحال بالنسبة للحكم النهائي الصادر عن الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا في 17/ 11/ 2016 والقاضي بمنح طلبة الهندسة في مدارس التكوين المهني المدمجة أخيرا في مدرسة واحدة حق التجاوز إلى السنة الثالثة بعد أن تجاوزوا بنجاح امتحان السنة الثانية ،والذي رفضت الوزارة تنفيذه حتى بعد رفض نفس الغرفة لطلب وزارة التعليم العالي لها بالتراجع عن أمرها السابق الملزم للوزارة، وتدخل المجلس الأعلى للفتوى والمظالم.
نخلص إلى القول أن مصداقية القضاء في مواجهة سلطة الإدارة تكمن في فرض تنفيذ الأحكام و القرارات القضائية وحمل الجميع بما فيهم الإدارة على تنفيذ ما يقضي به القضاء ، لذلك فإن النقص الشديد الذي يطبع المنظومة القانونية الوطنية فيما يخص تنفيذ الأحكام الصادرة في المجال الإداري يشكل فراغا تشريعيا خطيرا يتعين على المشرع سده، حفاظا على الحقوق والحريات وانسجاما مع توصيات اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي باتت التوصية بضرورة تنفيذ أحكام القضاء الصادرة ضد الإدارة ثابتا من ثوابت تقاريرها.
قائمة المراجع:
الكتب:
د.ماجد راغب الحلو – القضاء الإداري –منشأة المعارف – 2000 .
د. حسن صحيب – القضاء الإداري المغربي – سلسلة دراسات وأبحاث في الإدارة والقانون – العدد الثالث – الطبعة الثانية 2019
د. محمود صالح الشافعي – آليات تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة في مجال النزاعات الإدارية – طبعة أبو المجد القاهرة – الطبعة الأولى 2013.
المقالات:
د. أحمد سالم بن ببوط – طرق التنفيذ ضد الأشخاص العمومية في القانون الموريتاني – مجلة الفقه والقانون – العدد 11.
ذ. القاضي الحاج ولد الطلبة – التنفيذ على الأشخاص الاعتبارية العامة – العوارض والنواقص- ورقة مقدمة ضمن أعمال اليوم العلمي المنظم بالتعاون بين المحكمة العليا وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية يومي 28 و 29 يوليو 2015 .
ذ.أحمد الصايغ – إشكاليات تنفيذ الأحكام الإدارية – مجلة رسالة المحاماة العدد 23 ابريل 2005.
ذ.امدلله الجعيدي محمد – الغرامة التهديدية ودورها في التنفيذ العيني للالتزام في القانون المدني الليبي – المجلة القانونية.
ذ. محمد صقيلي حسيني – التوجهات الدستورية في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية وآفاق تطبيقها – مقال منشور على الموقع – Marocjuridique.com.
الرسائل الجامعية:
– عبد الله ولد المصطفى– القضاء الإداري في موريتانيا – رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام – جامعة انواكشوط – كلية العلوم القانونية والاقتصادية – السنة الجامعية – 2016 -2017 –
– محمد المختار ولد الخليل – الحريات العامة في الدستور الموريتاني لسنة 1991 – عرض تحليلي مقارن – رسالة لنيل درجة الماجستير في القانون العام – جامعة أم درمان الإسلامية – كلية الاقتصاد والعلوم الاجتماعية السنة الجامعية – 1997 .
النصوص القانونية:
-الدستور الموريتاني لسنة 1991 المعدل.
-القانون النظامي 2018 – 014 الصادر بتاريخ 15 فبراير 2018 المتعلق بالمجلس الأعلى للفتوى والمظالم.
-القانون رقم 09/90 الصادر بتاريخ 04 إبريل 1990 المنظم لقانون المؤسسات العمومية والشركات ذات رأس المال العمومي وتحديد علاقتها بالدولة
-القانون رقم 27/ 93 الصادر بتاريخ 7 يوليو 1993 القاضي بإنشاء وظيفة وسيط الجمهورية.
القرارات القضائية:
قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في المغرب عدد 537 الصادر بتاريخ 01 نوفمبر 2012.
حكم المحكمة الإدارية بالرباط رقم 134 بتاريخ 6/03/1997
– حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 98/110 بتاريخ 03/04/1998.
– حكم الغرفة الإدارية بمحكمة ولاية انواكشوط الغربية رقم 07/2017 بتاريخ 27/04/2017..
التقارير :
– تقرير إدارة المظالم بالمجلس الأعلى للفتوى والمظالم لسنة 2014.
– تقرير إدارة المظالم بالمجلس الأعلى للفتوى والمظالم لسنة 2015 .