في الواجهةمقالات قانونية

الإطار القانوني لجريمة الاختفاء القسري في المغرب

الإطار القانوني لجريمة الاختفاء القسري في المغرب

أمين الفحلي꞉ حاصل على الماستر في العلوم الجنائية والأمنية بجامعة القاضي عياض بمراكش.

مقدمة

مما لا شك فيه أن حماية حقوق الإنسان وحرياته تعد من أهم القضايا المطروحة على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية، لذلك حرصت كافة المواثيق والعهود وكذا التشريعات الوطنية التنصيص عليها وعلى الضمانات التي تكفل ممارستها و التمتع بها دون انتقاص منها أو إهدارها، وتعد الحرية الشخصية وهي حق طبيعي للإنسان أسمى حقوق الفرد لدرجة يمكن معها القول أنها لا تقل أهمية عن الحق في الحياة ذاتها، وذلك يكفي أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد جمع بين الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية في نص واحد، ومن المتعارف عليه أن مسألة الاهتمام بحقوق الإنسان ليست جديدة أو وليدة اليوم، بل ساهمت الأديان والفلسفات والحركات الاجتماعية والسياسية في بلورتها منذ زمن ليس بالقريب.

وكما هو معلوم أنه قد شهدت البشرية و على مر التاريخ أبشع الجرائم وأشد الانتهاكات لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي بشكل عام، والقانون الدولي الإنساني بالخصوص، ونظرا لما خلفته الحربان العالميتين الأولى والثانية من أبشع الجرائم ضراوة ووحشية بحق بني البشر، والمتمثلة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة والعدوان و غيرها من الجرائم الدولية، و ما خلفتاه من خراب و دمار وقتل ملايين الأبرياء وانتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بشكل لا مثيل له من قبل، فنتج عن ذلك اهتمام واسع للمجتمع الدولي للحد من هذه الجرائم، خصوصا بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها[1]، ومن بين تلك الجرائم التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية المرتكبة إبان الحرب العالمية الثانية على أيدي النازيين “جريمة الاختفاء القسري”، وهي موضوع بحثنا.

فالاختفاء القسري أو ما يصطلح عليه “بالاختفاء غير الطوعي”، والذي يقع في دول عديدة و على نحو مستمر في كثير من الأحيان ضد المعارضين السياسيين، يعد أخطر صور انتهاكات حقوق الإنسان، و يعتبر جريمة ضد الكرامة الإنسانية، وينتهك على وجه صارخ منظومة متكاملة من حقوق الإنسان، بحيث يرجع أصل مصطلح الاختفاء القسري  إلى اللغة الاسبانية “Desaparecidos” الذي يعني الناس الذين تم إخفاؤهم خاصة فيما سمي بعملية “كوندور condor” أو ما عرف بالحرب القذرة، فالمصطلح جاء أساسا لوصف حالات خطف المعارضين السياسيين والتخلص منهم في بعض دول أمريكا اللاتينية.

فهذه الجريمة تبدأ عندما يصل بعض الرجال تم يقتحمون مسكن أسرة معينة في أي مكان كان، يرتدون ملابس عادية أو زيا رسميا، عادة يحملون أسلحة معهم، تم وبدون مقدمات يخرجون واحدا أو أكتر من أفراد الأسرة إلى السيارة مستخدمين العنف ويكون هذا هو النشاط الأول لقيام جريمة الاختفاء القسري، هذه هي القصة البسيطة والتي تتكرر لدرجة التشابه، حتى وإن اختلفت الأساليب تبقى واحدة في العديد من دول العالم، غير أن السؤال المهم هو من يمارس مثل هذه الأعمال؟ ولماذا؟ وكيف يستطيعون استهداف الإنسان وهدر كرامته ومصادرة حقوقه؟[2].

وعليه فان الاختفاء القسري يساوي في قسوته محو الوجود الإنساني للأشخاص وحرمانهم من الحماية الأساسية التي يكفلها لهم القانون، مذنبين أو غير مذنبين، وكما يعد انتهاكا لحقوقهم فهو أيضا انتهاكا يطال حقوق عائلاتهم، فما يعود عليه من ضرر يمتد ويدوم طويلا، وعلى العكس ممن تيقنوا من فقدان أحبائهم، وتستمر عائلات المختفيين في التمسك بالأمل على الرغم من انعدام ما يدعوا إلى ذلك فيمتد الضرر ليطول لا الأفراد فقط بل حتى المجتمعات التي يعيشون فيها أيضا.

لكن للأسف فان عمليات الاختفاء القسري التي تقوم بها الدولة أو التي تتم بمباركتها أو دعم منها واحتجاز الأشخاص في أماكن سرية وعمليات القتل خارج نطاق القانون الناتجة عنها، كلها ليست جديدة علينا فلطالما ارتكبت هذه الأفعال مرارا وتكرارا في كل قارات العالم ولازالت ترتكب في وقتنا هذا، بحيث أصبح هذا الأخير أسلوبا ووسيلة تستعمل لقمع المعارضين السياسيين الذين تنظر إليهم السلطات على أنهم تهديد للنظام العام.

ونظرا لكون هذه الجريمة قد مورست في العديد من دول العالم، فالمغرب بدوره لم يسلم من هذه الممارسة الشنيعة التي تعد من أخطر الانتهاكات التي عرفتها البلاد منذ فجر الاستقلال، ومن تم اعتبر وضع تسوية بشأنها من أهم قضايا حقوق الإنسان والانتقال الديمقراطي لمغرب اليوم، تزامنا مع ما شهدته البلاد في السنوات الأخيرة من تطورات ساهم فيها بالدرجة الأولى الوعي الحقوقي، وانخراط العديد من هيئات المجتمع المدني في الدفاع عن حقوق الإنسان، مما جعل ملف ضحايا الاختفاء القسري يظهر بصورة قوية ليكسر جدار الصمت الذي كان يخيم على ضحايا الاختطاف و عائلاتهم.

 

المبحث الأول꞉ أركان جريمة الاختفاء القسري

يشترط لقيام أي جريمة بصفة عامة قيام ثلاث أركان أساسية، تتمثل في الركن الشرعي أو القانوني تم الركن المادي والمعنوي وهو نفس الأمر يسري على جريمة الاختفاء القسري، بحيث قد نص المشرع  المغربي في المادة 231.9 من مشروع القانون الجنائي المغربي على ما يلي “يقصد بالاختفاء القسري، كل اعتقال أو احتجاز أو اختطاف أو أي شكل من الأشكال السالبة للحرية. يرتكبه موظفون عموميون أو أشخاص يتصرفون بموافقة الدولة أو بإذنها أو بدعم منها. ويتبعه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته و إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده مما يحرمه من الحماية التي يكفلها له القانون .”

انطلاقا من نص الفصل أعلاه، والذي عمل من خلاله المشرع على تنزيل مقتضيات المادة الثانية من اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، فانه لا يمكن أن ننتقل للحديث عن أركان هذه الجريمة دون الوقوف أولا على شرط مهم وجب توفره لكي نكون أمام اختفاء قسري بمفهوم الفصل أعلاه، بحيث إذا تخلف هذا الشرط  فمن الممكن أن تخضع الوقائع المرتكبة لتكيف أخر.

حيث وبالرجوع للفقرة الثانية من الفصل 231.9 من مشروع القانون الجنائي المغربي نجد عبارة “يرتكبه موظفون عموميون أو أشخاص يتصرفون بموافقة الدولة أو بإذنها أو بدعم منها”. وبالتالي فانه ينبغي لقيام جريمة الاختفاء القسري أن يكون الفاعل فيها إما موظفا عموميا، وكما هو معلوم فان تعريف الموظف العمومي يتنازع في القانون المغربي بين مفهومين[3]، فالأول هو السائد في القانون الإداري والذي جاء به الفصل الثاني من ظهير24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية، والذي ينص على أنه “يعد موظفا عموميا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في احدي رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة”.

أما المفهوم الثاني وهو الوارد في الفصل 224 من مجموعة القانون الجنائي المغربي والذي نص على أنه “يعد موظفا عموميا، في تطبيق أحكام التشريع الجنائي، كل شخص كيفما كانت صفته، يعهد إليه، في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة، أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية، أو المؤسسات العمومية، أو مصلحة ذات نفع عام، وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فان هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته، إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها”.

فمن خلال الفصلين أعلاه يتضح أن مفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي أوسع و أعم عن ما هو وارد في قانون الوظيفة العمومية، بحيث يمكن القول أن كل موظف عمومي بالمفهوم الإداري يعد كذلك بالمفهوم الجنائي والعكس غير صحيح.

وكذلك يشمل كل شخص يتصرف بموافقة الدولة أو بإذن منها أو بدعم منها، فالغرض بصفة عامة هو أنه قد استغل وظيفته في ارتكاب الجريمة، فطالما أن الأمر يتعلق بالاختطاف أو الاعتقال أو الاحتجاز في مكان مجهول بالنسبة للآخرين والأجهزة في الدولة، فيفترض أن يكون الفاعل من الموظفين العاملين في حقل البحث عن الجرائم والتحقيق فيها أو أجهزة الاستخبارات الأخرى.[4]

المطلب الأول꞉ الركن المادي في جريمة الاختفاء القسري

عاقب المشرع الجنائي مرتكب الجريمة بسبب ما تحدثه هذه الأخيرة من اضطراب اجتماعي، وهذا الاضطراب غير وارد ما لم يصدر أي نشاط من المرء، إما في صورة ايجابية (فعل يمنعه القانون) أو في صورة سلبية (امتناع عن تنفيذ ما يأمر القانون بفعله)، وهذا النشاط المادي الذي يصدر عن الشخص ويؤدي إلى المساس بحقوق الأفراد أو الجماعة، هو ما يسمى بالركن المادي للجريمة، والذي لا يتصور أبدا قيام أية جريمة بدون إتيانه من طرف إنسان معين على اعتبار آن القانون الجنائي لا يعاقب على النوايا والأحاسيس[5].

كما هو معلوم أن للركن المادي لكل جريمة وكذلك الأمر بالنسبة لجريمة الاختفاء القسري ثلاث عناصر أساسية وهي꞉

الفقرة الأولى꞉ السلوك الإجرامي

تتجلى خصوصية الركن المادي  في جريمة الاختفاء القسري في كون أن السلوك الإجرامي فيها يقع بنشاط ايجابي أو سلبي، بمعنى وجود فعل أو امتناع عن فعل، وبقصد بالفعل هنا القيام باعتقال أو اختطاف أو احتجاز لشخص أو أكتر، في حين أن الامتناع عن الفعل يقصد به رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده.

أولا)النشاط الايجابي في جريمة الاختفاء القسري

انطلاقا من نص المادة 231.9 من مشروع القانون الجنائي المغربي، وكذلك المادة الثانية من اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، فان النشاط الايجابي في هذه الجريمة يمكن أن يتحقق بإحدى الآتية ꞉

  • الاعتقال
    جعل القانون الدولي الحرية هي القاعدة والاعتقال يكون فقط في الحالات الاستثنائية، بمعنى أن الاعتقال يمكن أن يكون كإجراء قانوني في حالات محددة وفق ما يتناسب مع مبادئ حقوق الإنسان وأن يكون مجردا من التعسف وأن يكون ضروريا في جميع الأحوال كمنع هروب المعني بالأمر أو اندثار الأدلة أو حماية المتهم وبعبارة أخرى لا ينبغي أن يقتصر على كونه مشروع ولكن يجب أن يكون أيضا معقولا وضروريا في كافة الظروف، وهذا ما تم تنزيله مستوى مختلف دساتير العالم وأنزله المشرع المغربي[6] على مستوى سياسته الجنائية بحيث لا يتم اللجوء إلى الاعتقال إلا في الحالات الاستثنائية والتي يتم تحديدها على سبيل الحصر حماية لحريات الأشخاص كما رتب جزاءات على من يخالف ذلك[7]. بحيث إذا لم يكن للاعتقال أساس قانوني ويقوم على أسباب معقولة فانه يعد اعتقالا تعسفيا وهو الصورة الواضحة لجريمة الاختفاء القسري باعتباره اعتقالا يخالف أحكام قواعد حقوق الإنسان التي نصت عليها مختلف المواثيق الدولية والقوانين الوطنية.

 

  • الاحتجاز

يتحقق الاحتجاز بصفة عامة عندما يتم المساس بحرية التنقل لدى المجني عليه والحركة والتجول داخل المدينة أو الحي أو الدولة.

وفي هذا الإطار يثار نقاش حول التمييز بين مصطلح الاحتجاز والحبس، بحيث يميز بعض الفقه بينهما من حيث الوسيلة أو الطريقة المستعملة في الحرمان من الحرية ففي حالة الحبس تكون الوسيلة مادية كإغلاق أبواب ونوافذ الغرفة التي يتواجد فيها، أما في حالة الاحتجاز فالوسيلة هنا تكون معنوية تتمثل في منع المجني عليه من الحركة والتنقل عن طريق الإكراه والتهديد[8].
لكن بالرجوع إلى القانون22.12 وكذلك الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري فانه لم يتم التمييز بين المصطلحين، فالمهم فقط أن يقع احتجاز للمجني عليه يمنعه من الحركة والتنقل والتواصل مع العالم الخارجي، بمعنى أن الشخص يكون قد تعرض للاحتجاز عندما تقوم سلطات الدولة بصفتها الرسمية أو أشخاص يتصرفون بموافقتها بإذنها أو بدعم منها بحرمانه من إجراء أي اتصال بأهله أو أقاربه ومنعه من الحركة والتنقل.
وبالتالي فالاحتجاز المقصود في نص المادة 231.9 كفعل مادي في جريمة الاختفاء القسري ليس حرمان الشخص من حريته واحتجازه في مكان سري فقط بل قد يتحقق كذلك عندما يكون في مكان معترف به الرسمية السجن أو مخافر الشرطة أو مراكز تابعة للجيش .

  • الاختطاف
    تمت الإشارة إلى الاختطاف كصورة من صور جريمة اختفاء القسري في المادة 231.9 من مشروع القانون الجنائي المغربي، وبالرجوع إلى مجموعة القانون الجنائي المغربي لا نجد أن المشرع المغربي قد وضع تعريفا لهذا الفعل بحيث اقتصر على ذكر العقوبة المقررة له فقط[9].
    وهو ما دفع بعض الفقه إلى تعريفه بكونه إخراج المجني عليه من المحل الذي يقيم فيه وإبعاده عنه، بحيث يكفي لقيام واقعة الاختطاف إخراج المخطوف من بيئته وقطع صلته مع أهله ولا يشترط أن يتم فعل الاختطاف في مكان أقامته بل يستوي كذلك أن يكونمن مؤسسة معينة أو من الطريق العام أو أي مكان أخر طالما أنه يترتب على الخطف إجلاء المخطوف على بيئته وقطع صلته بأهله والمحيط الذي يستقر فيه.
    وفي هذا الإطار يمكننا أن نتفق مع هذا التعريف باعتبار أن المراد المقصود من الجريمة هو إجلاء وإبعاد الشخص عن مكان جوده.
    يمكن تعريف الاختطاف كذلك  بكونه انتزاع شخص من البيئة التي يعيش بأي وسيله وقطع صلته بها، ويتبع ذلك إنكار للفعل مما يحرم الشخص المنتزع من حماية القانون.
    وفعل الاختطاف يمكن تصوره بكونه أول مرحلة من مراحل الاختفاء القسري، فهذه الجريمة تبدأ عادة عند تمام عملية الخطف وتكون طويلة الأمد يليها بعد ذلك الاحتجاز وتعذيب المجني عليه أو إعدامه.
    كذلك يمكن أن يثار نقاش حول الخلط بين الاختطاف كصورة صور جريمة الاختفاء القسري و اختطاف كرهينة مثلا، ففي الحالة الأخيرة يحاول الجاني بكافة الطرق المحافظة على حياه المجني عليه إلى حين الحصول على الفدية كما هو مشار إليه في المادة 436 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، لذلك نجد غالبا فترة الاختطاف قصيرة فالهدف هو الحصول على الفدية بأسرع وقت وفي حال فشلهم في ذلك يمكن أن يتم قتل الضحية، الأمر الذي لا يوجد في جريمة الاختفاء القسري.

 

 

 

 

  • أي شكل من الأشكال السالبة للحرية

نلاحظ من خلال نص المادة 231.9 من مشروع القانون الجنائي المغربي، أنها قد تضمنت عبارة ” أو أي شكل من الأشكال السالبة للحرية”. الأمر الذي يدفعنا للقول أن المشرع المغربي يقصد من خلال ذلك الإشارة إلى أن تعداد الصور التي تتحقق من خلالها جريمة الاختفاء القسري هي واردة على سبيل المثال وليس الحصر، وعلى أن جريمة الاختفاء القسري يمكن أن تتحقق بأية صورة من الصور السالبة للحرية وذلك تكريسا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب.

ثانيا ) النشاط السلبي في جريمة الاختفاء القسري

قد يتحقق الركن المادي لجريمة الاختفاء القسري كذلك في شكل امتناع وهو نشاط سلبي يتحقق بمجرد الترك والامتناع، عما يأمر القانون بفعله، كما في الامتناع عن إصدار الحكم(الفصل 240 من ق ج)، أو السكوت العمد عن أداء الشهادة (الفصل378 من ق ج)، أو الامتناع عن إخطار السلطة المحلية بالعثور على منقول مصادفة (الفصل 527 من ق ج)[10]. كما يعرفه البعض أيضا بكونه إحجام شخص عن إتيان فعل ايجابي معين كان المشرع ينتظر منه في ظروف معينة، بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزم بهذا الفعل و أن يكون في استطاعة الممتنع بإرادته، ويتحقق النشاط السلبي (الامتناع) في جريمة الاختفاء القسري في صورة رفض الجاني الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده[11].

وعليه يتطلب الامتناع عن هذه الجريمة توفر ثلاث عناصر꞉

ـ ضرورة الإحجام عن إتيان فعل ايجابي معين يتطلب اعتراف جهات معينة في الدولة بوجود الضحية على قيد الحياة أو البوح بتواجده للجهات المختصة بحقوق الإنسان.

ـ ضرورة أن يكون الامتناع من شأنه الإخلال بالتزام قانوني، لأن الامتناع المجرم يفترض التزاما قانونيا سواء كان أساس هذا الالتزام القانون الجنائي أو القوانين المكملة له.

ـ ضرورة توفر الصفة الإرادية للامتناع أي أن تكون الإرادة هي مصدر الامتناع، و أن تتوافر العلاقة السببية بين الإرادة و السلوك السلبي الذي اتخذه الممتنع الرافض[12].

و في هذا الإطار يثار التساؤل حول ما إذا كانت الأخلاق تصلح كمصدر لهذا الالتزام، بمعنى هل يمكن أن نقول بأننا أمام امتناع جنائي إذا كان الجاني يخرق التزاما أخلاقيا ؟ كالشخص الذي يرى جماعة مسلحة ترتدي زيا رسميا تلقي القبض قسريا على شخص في وضع يثير الشك ولم يتدخل لإنقاذه بأية وسيلة، ففي الوقع لا نكون هنا بصدد امتناع من وجهة القانون الجنائي على الرغم من قداحة الفعل الأخلاقي الذي يرتكبه الممتنع، ولكن يتعين ملاحظة أن هذا التساؤل يأخذ بعدا أخر إذا تبين أن الممتنع كان يريد النتيجة التي ترتبت على هذا الامتناع وكانت النتيجة تخضع لأحد نصوص التجريم والعقاب ففي هذه الحالة يمكن أن نتحدث عن المسؤولية. كما يجب الإشارة كذلك إلى أنه لا يختلف في هذا الباب القانون الدولي عن القانون الجنائي الداخلي، فكما يقوم  النشاط السلبي في النطاق الداخلي يتحقق أيضا على المستوى الدولي كحالات منع الخدمات الصحية والغداء عن ضحايا الاختفاء القسري بقصد إلحاق الأذى بهم أو بقصد إهلاكهم بصورة كلية أو جزئية[13]، كما قد يشمل السلوك السلبي الامتناع عن تنفيذ التزام تفرضه المعاهدات والمواثيق الدولية ولا تستطيع الدولة في هذه الحالة أن تحتج بنصوص تشريعاتها الوطنية الداخلية للتخلص من تنفيذ التزاماتها الدولية كون أن المعاهدات والاتفاقيات الدولية تسمو على التشريعات الوطنية، وعلى الدول في حالة التناقض أن تلجأ إلى تعديل نصوص التشريع الوطني بما يتلاءم وينسجم مع نصوص المعاهدات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان[14].

الفقرة الثانية꞉ النتيجة الإجرامية

يقصد بالنتيجة الإجرامية، الأثر المترتب عن نشاط الجاني (ايجابيا كان أم سلبيا) في مدلوله المادي الذي يظهر في التغيير الذي يحدثه في العالم الخارجي، كأثر ملازم لهذا النشاط، بحيث لا يكتفي المشرع عادة لقيام الجريمة بارتكاب النشاط و إنما يستلزم نتيجة معينة، ويمكننا القول هنا أن بعض الأفعال أو الامتناع تشكل جرائم يعاقب عليها بغض النظر عن الضرر الذي يمكن أن تسببه أو النتائج التي يمكن أن تترتب عليها، وفي هذا الإطار يثار نقاش بخصوص طبيعة جريمة الاختفاء القسري، بحيث ذهب البعض لاعتبارها جريمة خطر أو جريمة شكلية، وذلك على اعتبار أن أثرها يشكل خطرا على المصلحة العامة والنظام العام مثل الجرائم الماسة بالأمن الداخلي، ومن هنا فان المشرع في مثل هذه الجرائم لا يستوجب تحقق النتيجة الإجرامية و إنما يستلزم مجرد وقوع السلوك الإجرامي لقيامها أو اكتمالها إذ تكون النتيجة مفترضة، فان المشرع هنا يفترض مجرد ارتكاب السلوك الإجرامي المتمثل في الاختفاء القسري بإلقاء القبض أو الاحتجاز أو الاختطاف قد رتب النتيجة المنتظرة وهي الحرمان من الحرية بل ربما تكون النتيجة المتوقعة أشد جسامة وتصل إلى القتل أو الايداء أو سوى ذلك[15]، وبالتالي فان جريمة الاختفاء القسري تعد من جرائم الخطر وليس من جرائم الضرر، لأنها ستفضي إلى الإخلال بالأمن والنظام العام، وذلك بخلاف جرائم الخطف العادي التي قد تمس حقوقا شخصية أكتر منها حقوقا مجتمعية عامة. في حين دهب البعض الأخر للقول بأن النتيجة الإجرامية المترتبة في جريمة الاختفاء القسري هي الحرمان من الحماية التي يكفلها القانون، وهو نفس ما نصت عليه المادة 231.9 من مشروع القانون الجنائي المغربي وكذلك المادة الثانية من اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي جاءت فيها عبارة “مما يحرمه من الحماية التي يكفلها القانون”. وعليه فان جل التعريفات التي أعطيت للاختفاء القسري تبين أن ضحية هذه الجريمة تحرم من حماية القانون، وهذه هي الخصوصية المميزة للاختفاء إذ يترتب عنه وقف تمتع الضحية بحقوقها الإنسانية وحرياتها الأخرى ووضعها في حالة استسلام كاملة، ولهذا علاقة وطيدة ووثيقة بحق كل فرد في الاعتراف به كشخص أمام القانون، إضافة إلى إهدار حقها الشخصي في حرية التنقل والأمن، وحقها في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وغير الإنسانية، كما ينتهك أهم الحقوق على الإطلاق وهو الحق في الحياة أو يشكل تهديدا خطير له.

وعليه فان النتيجة الإجرامية في هذه الجريمة هي حرمان الضحية من حماية القانون وعلى الأغلب لفترة زمنية طويلة عن طريق قطع حبل التوصل مع أسرتها[16]، وهذا التوجه الذي نطمئن إليه على اعتبار أن المشرع نص صراحة على ذلك وأن خطورة هذه الجريمة تكمن في الحرمان من الحماية التي يوفرها القانون.

الفقرة الثالثة꞉ العلاقة السببية

لا يكفي لقيام أية جريمة صدور فعل إجرامي من الجاني ونتيجة إجرامية، بل لابد أن يكون ذلك النشاط الإجرامي هو الذي أدى إلى تحقق النتيجة الإجرامية، بمعنى وجود علاقة سببية بين النشاط الإجرامي والنتيجة، نفس الأمر يسري بالنسبة لجريمة الاختفاء القسري، فللحديث عن وجودها من الناحية القانونية يجب أن يترتب عن فعل الجاني المتمثل في إلقاء القبض أو الاحتجاز أو الاختطاف حرمان الشخص من الحمية التي يكفلها له القانون[17].

 

 

المطلب الثاني꞉ الركن المعنوي في جريمة الاختفاء القسري

لا يكون كافيا للمساءلة عن نشاط إجرامي يعتبر جريمة من الناحية القانونية، أن يأتي الفاعل ماديا هذا النشاط، بل لابد أيضا من توافر الركن المعنوي الذي يسند معنويا الجريمة إليه، بحيث إذا انتفى هذا الركن انتفت كذلك الجريمة فهو يعبر عن الإثم الذي يدور في نفس الجاني، حيت تتجرد النفس من هذا الإثم، فلا توجد الجريمة[18].

وعليه فان أهمية الركن المعنوي مستمدة من كونه وسيلة القانون كي يطبق على الأفراد وهو بذلك وسيلة في تحديد الشخص الجدير بالمسؤولية تبعا لذلك أن يفرض بحقه في العقاب، وتتحقق فيه أغراضه الاجتماعية، ولما كانت جريمة الاختفاء القسري جريمة عمدية ومستمرة، فانه يلزم لقيام المسؤولية الجنائية لدى الجاني أن يتوافر لديه القصد الجرمي، أما إن انتفى القصد الجرمي لديه تنتفي مسؤوليته الجنائية عن النتيجة التي أحدتها، ولقيام القصد الجنائي لدى الفاعل فيجب توافر نوعين من القصد꞉

الفقرة الأولى꞉ القصد العام

لما كان القصد العام يقوم على عنصرين أساسيين وهما العلم والإرادة، فإتيان الجاني للنشاط بإرادة مدركة لا يتحقق مع القصد الجرمي ما لم يقترن علمه بعناصر الجريمة كافة والتي نص عليها القانون، فعند ارتكاب فعل الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف المكون للركن المادي للجريمة، يتطلب علم الجاني أن القانون يجرم نشاطه و يعاقب عليه، والعلم الذي يقوم عليه القصد العام هو العلم التام والحقيقي، وبهذا ينفرد القصد الجنائي عن صور أخرى كالإهمال مثلا .

وفي هذا الإطار يجب الإشارة إلى أنه لا يختلف مفهوم القصد العام في القانون الجنائي الدولي عن القانون الجنائي الداخلي بخصوص جريمة الاختفاء القسري، فهو يقوم على نفس العناصر وهي العلم والإرادة، كما أنه محل إجماع لدى الفقه[19].

 

 

 

 

الفقرة الثانية꞉ القصد الخاص

يقصد بالقصد الخاص توجيه نية الجاني إلى تحقيق غاية معينة أو باعت خاص فضلا عن توافر القصد العام.

ومما تجدر الإشارة إليه من خلال نص المادة 231.9 من م ق ج فانه يتبين أن القصد الخاص الذي يهدف الجاني إلى تحقيقه هو إبعاد الضحية وحرمانه من الحماية التي يوفرها له القانون، فهذه العبارة الأخيرة تعد إضافة هامة لتمييز الاختفاء القسري عن بعض الأفعال المشابهة له.

 

المبحث الثاني꞉ العقوبة في جريمة الاختفاء القسري

بناء على التنظيم التشريعي للعقوبة، فالملاحظ أن المشرع المغربي كغيره لم يعرف العقوبة تعريفا تشريعيا وإنما تعرض لأحكامها فقط، وفي هذا الإطار يمكن تعريفها بأنها ذلك الجزاء الذي يوقعه القضاء باسم المجتمع على كل شخص ارتكب فعلا أو تركا مخالفا بذلك القانون الجنائي، وتكون الغاية المباشرة من تطبيقها على الجاني هي ردعه و ذلك يتأتى بإيلامه في بدنه أو في حريته أو ماله بقصد إصلاحه، ذلك أن الألم الذي تلحقه العقوبة بالمحكوم عليه بها غير مقصود بذاته وإنما المقصود به أولا وقبل كل شيء إصلاحه وتقويم ما أعوج من سلوكه و ذلك خلال فترة تنفيذ العقوبة عليه[20]، وكذلك تحقق العقوبة انتقاصا من شخصية المحكوم عليه بها، وهذا الانتقاص ملاحظ على مستوى الوسط الاجتماعي الذي ينظر إلى المحكوم عليه بعقوبة جنائية بنظرة تجعله يشعر بالذنب على خطورة جرمه، وهو ما تمت بلورته في العقاب على جريمة الاحتفاء القسري والتي أحاطها المشرع كذالك بظروف تشدد وتخفيف للعقوبة حسب الأحوال[21].

 

المطلب الأول꞉ عقوبة جريمة الاختفاء القسري

جدير بالذكر أن نشير إلى أنه لا يكفي لقيام الجريمة أن يكون الفعل غير مشروع منصوص عليه ومحددا في القانون الجنائي، بل يتعين فوق ذلك أن يكون الفعل معاقبا عليه، فالعقوبة تعد عنصرا جوهريا وأساسيا من عناصر الجريمة وذلك طبقا لقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.

وفي هذا الإطار يجب الإشارة  بداية إلى أن المشرع المغربي في تجريمه للاختفاء القسري من خلال مشروع القانون الجنائي فانه لم يتضمن أي تنظيم أو إشارة إلى عقوبة الإعدام بشكل عام، بل اكتفى بتقرير العقوبات السالبة للحرية والعقوبات المالية، وهو نفس الأمر الذي تبناه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وطبقا للفقرة الأولى من المادة السادسة من اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي تنص على أنه꞉ “تفرض كل دولة طرف عقوبات ملائمة على جريمة الاختفاء القسري تأخذ في الاعتبار شدة جسامة هذه الجريمة…”

وكذلك تنص المادة 80 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه ꞉ “ليس في هذا الباب ما يمنع الدول من توقيع العقوبات المنصوص عليها في قوانينها الوطنية أو يحول دون تطبيق قوانين الدول التي لا تنص على قوانين محددة في هذا الباب.”

ففي ضوء ما تقدم يتضح أن عقوبة الإعدام رغم عدم ذكرها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أن هذا النظام أو المواثيق الدولية ذات الصلة فإنها تقدم الضمانات الكافية للدول بأن العقوبات المنصوص عليها بموجبه لا تؤثر على العقوبات المنصوص عليها بموجب قوانينها الوطنية، من تم فانه يجوز للدول أن تطبق العقوبات الخاصة بها عندما تحكم على أفراد مدنيين وذلك عند مباشرتها للاختصاص الوطني والذي قد يتضمن عقوبة الإعدام كذلك[22] .

والمشرع المغربي قد عاقب على جريمة الاختفاء القسري من خلال المادة 231.9 التي تنص على꞉ “يقصد بالاختفاء القسري، كل اعتقال أو احتجاز أو اختطاف أو أي شكل من الأشكال السالبة للحرية. يرتكبه موظفون عموميون أو أشخاص يتصرفون بموافقة الدولة أو بإذنها أو بدعم منها، ويتبعه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته و إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده مما يحرمه من الحماية التي يكفلها له القانون. ويعاقب عنه بالسجن من عشر إلى عشرين سنة وغرامة من 10000 إلى 100000 درهم “.

إضافة إلى دلك ألزم المشرع المحكمة بموجب الفصل 231.15 بالتنصيص على أنه يجب على المحكمة في جميع الحالات المنصوص عليها في هذا الفرع إذا حكمت بالإدانة أن تأمر بنشر المقرر القضائي أو تعليقه طبقا للفصل 48 من هذا القانون.

والمشرع الفرنسي بدوره قد عاقب على ارتكاب جريمة الاختفاء القسري في الفصل 221-12 من القانون الجنائي الفرنسي بالسجن المؤبد[23].

 

المطلب الثاني ꞉ ظروف التخفيف والتشديد في جريمة الاختفاء القسري

مما لا شك فيه أن ارتكاب الجاني للفعل المكون للجريمة تترتب عنه المسؤولية ويجب معاقبة من هو أهلا لإسناد الفعل إليه، على اعتبار أن تقدير العقوبة يكون بالدرجة الأولى بناء على خطورة الجريمة وخطورة الجاني كذلك، فكلما كانت هذه الخطورة في درجاتها البسيطة كلما اقتربت العقوبة من حدها الأدنى، والعكس صحيح.

وعليه سنتناول بداية ظروف التشديد في جريمة الاختفاء القسري تم ظروف التخفيف.

الفقرة الأولى꞉ ظروف التشديد في جريمة الاختفاء القسري

يكمن سبب تشديد عقوبة مرتكب جريمة الاختفاء القسري للأشخاص في الآثار النفسية والجسدية لهذا الشكل من أشكال التجريد من الصفة الإنسانية وللوحشية والتعذيب اللذين يقترنان به، فهو مشكلة عالمية لم يعد حكرا على مكان معين من العالم فهو وسيلة للضغط السياسي على الخصوم ممن يدافعون على حقوق الإنسان بهدف إقصائهم عن دائرة حماية القانون وإخفائهم  عن المجتمع محرومين من جميع حقوقهم وواقعين تحت رحمة أسريهم.

ولهذا نجد المشرع المغربي الذي بدوره شدد العقوبة في العديد من الحالات وهي كالتالي ꞉ حيث نص في المادة 231.10 على أنه “يعاقب بالسجن من خمس عشرة إلى عشرين سنة وغرامة من 20000 إلى   200000درهم، إذا ارتكب الاختفاء القسري:

” – 1ضد موظف عمومي أثناء ممارسته لمهامه أو بمناسبة ممارسته لها؛

” – 2ضد شاهد أو ضحية أو طرف مدني بسبب إدلائه بتصريح أو تقديمه لشكاية أو إقامته لدعوى أو للحيلولة دون القيام بذلك؛

” – 3من قبل مجموعة من الأشخاص بصفتهم فاعلين أو مشاركين؛

” – 4ضد مجموعة من الأشخاص في وقت واحد؛

” – 5مع سبق الإصرار أو باستعمال السلاح أو التهديد به؛

” – 6للتهديد بارتكاب جريمة ضد الأشخاص أو الممتلكات؛

” – 7عن طريق ارتداء بذلة أو حمل شارة نظامية أو مماثلة لما هو منصوص عليه في الفصل 384 من هذا القانون ولو عن طريق انتحال اسم كاذب أو تقديم أمر بإلقاء القبض أو بالاعتقال، ملغى أو مزور؛

” – 8باستعمال وسيلة من وسائل النقل ذات محرك.

وبالتالي فان المشرع المغربي قد رفع من قيمة الغرامة المالية في الحالات المشار إليها أعلاه واحتفظ بنفس العقوبة السجنية.

وتوخيا للتوسع في تحديد حالات الاختفاء القسري الذي يمس الأطفال مباشرة، بما يعزز التزامات المملكة المغربية في  مضمار منع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، قد اقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه يستحسن في هذا المقام الاستئناس بتفسيرات التعليق العام بشأن الأطفال وحالات الاختفاء القسري الذي اعتمده الفرق المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي[24]، لإدراج حالات جديدة مقرونة بظروف مشددة تهيكل تواطؤ أو تسهيل عملا وتقديم دعم من قبل موظفين عموميين لأشخاص أو مجموعات لاختطاف أطفالا أو  تسخيرهم أو استغلالهم جنسيا أو نقلا لأعضائهم أو استضعافهم أو إلحاقهم قسرا بمجموعات مسلحة غير مشروعة وذلك كما يلي[25]:

” عاقب المشرع بالسجن من … إلى … إذا ارتكب الاختفاء القسر ي:

1- ضد موظف عمومي…؛

9- لاستغلال جنسي لقاصر يقل سنه عن ثمان عشرة سنة، أو نقل لأعضائه أو استضعافه أو إلحاقه  قسرا بمجموعات مسلحة غير مشروعة”.

كما تشدد العقوبة  كذلك بالنسبة لجريمة الاختفاء القسري في حالات أخرى حيث نجد المادة 231.11 التي تنص على ما يلي꞉” يعاقب بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 50000إلى 500000درهم:

-1إذا ارتكب الاختفاء القسري ضد قاصر دون الثامنة عشرة؛

-2إذا ارتكب الاختفاء القسري ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو بسبب المرض أو الإعاقة أو نقص بدني أو نفسي على أن تكون هذه الوضعية ظاهرة أو معروفة لدى الفاعل؛

-3إذا ارتكب الاختفاء القسري ضد امرأة حامل سواء كان حملها بينا أو كان معروفا لدى الفاعل؛

-4كل من انتزع قاصرا يقل سنه عن ثمان عشرة سنة ضحية الاختفاء القسري؛

-5كل من انتزع قاصرا يقل سنه عن ثمان عشرة سنة يكون أبواه أو أحدهما ضحية الاختفاء القسري؛

” -6كل من زور أو أخفى أو أتلف المستندات التي تثبت هوية القاصرين المشار إليهم في البندين (4) و(5) أعلاه؛

-7إذا كان الاختفاء القسري قد سبقه أو اقترن به أو تلاه تعذيب أو اعتداء جنسي؛

-8إذا كان الاختفاء القسري قد نتج عنه وفاة دون نية إحداثها؛

-4في حالة الاعتياد على ارتكاب أفعال الاختفاء القسري.

وبالتالي انطلاقا من نص الفصل أعلاه فان تحققت إحدى الحالات المنصوص عليها فان العقوبة ترفع إلى مابين عشرين و ثلاثين سنة وغرامة من 50.000 إلى 500.000 درهم.

وفي هذا الإطار كذلك يؤيد المجلس  الوطني لحقوق الإنسان تأطير الظروف المشددة لجريمة الاختفاء القسري، ويستشهد بمضامين التعليق العام بشأن الأطفال وحالات الاختفاء القسري الذي اعتمده الفرق المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي[26] المذكور أعلاه، الذي حدد ثلاث حالات يكون فا الأطفال ضحايا الاختفاء القسري:

  • تعرض الطفل ذاته للاختفاء القسري؛
  • ولادة الطفل في مركز احتجاز سري، والتي غالبا ما يتم إتلاف الوثيقة التي تبين هوته الحقيقية أو يتم تزورها؛
  • كون الطفل ضحية باعتبار أن الاختفاء القسري يطال أمه أو والده أو وصيه القانوني أو المتكفل به من أقاربه، حيث يفرز الاختفاء القسري شبكة من الضحايا تتجاوز الأفراد الذين يخضعون مباشرة لهذا النوع من الانتهاكات لحقوق الإنسان.

ومن منظور إنساني، يقترح المجلس  نفس الاتجاه التشديد على حالات الاختفاء القسري التي تتعرض لها المرأة باعتبارها ضحية للعنف القائم على نوع الجنس، بما يشمل ارتكاب الاختفاء القسري ضد المرأة مباشرة أو قرابتها بأحد المختفين، لما تعانيه هذه الحالات من آثار مختلفة بسبب الأدوار المرتبطة بالنوع، كأدوار اجتماعية راسخة بعمق  التاريخ والتقاليد والدين والثقافة8.

لذلك، يرى المجلس إعادة صياغة الفصل 11-231 كما يلي:

  • البند 3 لاحتواء كافة أعمال الاختفاء القسري الموجهة ضد المرأة ،بصفة مباشرة أو غير مباشرة؛
  • البند5 لاستيعاب الحالة التي يكون فيها الطفل ضحية الاختفاء القسري، وخصوصا بالنسبة لوليه أو المتكفل به قانونيا المعني بالاختفاء بصفة مباشرة.

وإن الصيغة المقترحة للفصل 11-231 ترتيبا ع ذلك :

” عاقب بالسجن من … إلى … درهم:

1 -… ؛

3- إذا ارتكب الاختفاء القسري ضد امرأة، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، أو ضد امرأة حامل…؛

كل من انتزع قاصرا… يكون أبواه أو أحدهما أو وليه أو المتكفل به ضحية الاختفاء القسري؛

– … ؛[27].

في حين نجد أن التشريع الفرنسي، قد جاء خاليا من أي نص ينطوي على التشديد عند وقوع اختفاء قسري للأشخاص، فقد جاء مغايرا للمشرع المغربي على اعتبار أنه ليس هناك ما يدعو للتشديد طالما أن الحد الأقصى للعقوبة هو السجن المؤبد.

 

 

الفقرة الثانية꞉ ظروف التخفيف في جريمة الاختفاء القسري

تكمن علة تخفيف العقوبة على الجاني في الرغبة على تشجيعه في قطع استمرار جريمته والأخذ بيده لتسهيل مهمة الجهات المختصة في كشف خفايا الأحداث، ولا شك أن فطنة السياسة الجنائية تكمن في تشجيع الجاني على عدم الاستمرار في الجريمة وذلك بإغرائه بالعذر المخفف، فمتى كان القبض عليه يعرضه للجزاء لن يبقى ما يدفعه إلى التغلب على نوازع الشر على نفسه.[28]

وفي هذا الإطار قد اختلفت التشريعات الجنائية المقارنة بشأن تحديد ظروف التخفيف الخاصة بجريمة الاختفاء القسري، حيث أن البعض منها تضمنت نصوصا خاصة تحدد حالات التخفيف في العقاب والبعض الأخر اكتفت بالظروف المخففة المنصوص عليها في القانون الجنائي.

وبالرجوع للمشرع المغربي نجده قد حدد الحالات التي تخفف فيها العقوبة وهي كالتالي ꞉ ينص الفصل 231.13 من مشروع القانون الجنائي على ما يلي꞉ ” يستفيد من العذر المخفض للعقوبة، كل من وضع من تلقاء نفسه حدا للاختفاء القسري، طبق ” الكيفيات الآتية:
” – 1في الحالة المنصوص عليها في الفصل 231-4أعلاه، إذا أطلق سراح الشخص المختفي قسريا وهو يتمتع بصحة جيدة قبل مضي أقل من خمسة أيام على يوم الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف، فإن العقوبة هي الحبس من ثلاث إلى”خمس سنوات وغرامة من5000 إلى 50000درهم.

إذا أطلق سراح الشخص بين اليوم السادس واليوم الثلاثين المواليين ليوم الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف، فإن العقوبة هي السجن من خمس إلى عشر سنوات وغرامة من 10000إلى 100000درهم؛

” – 2في الحالات المنصوص عليها في الفصل 231-11أعلاه، إذا أطلق سراح الشخص المختفي قسريا وهو يتمتع بصحة جيدة قبل مضي اليوم الخامس على يوم الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف، فإن العقوبة تخفض إلى السجن من خمس إلى عشر سنوات وغرامة من 10000 إلى 100000 درهم.

إذا أطلق سراح الشخص بين اليوم السادس واليوم الثلاثين المواليين ليوم الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف، فإن العقوبة هي السجن من عشر إلى خمس عشرة سنة وغرامة من 10000 إلى 1000000 درهم؛

” – 3في الحالات المنصوص عليها في الفصل 231-11 أعلاه ، إذا أطلق سراح الشخص المختفي قسريا وهو يتمتع بصحة جيدة قبل مضي اليوم الخامس على يوم الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف، فإن العقوبة تخفض إلى السجن من عشر إلى خمس عشرة سنة وغرامة من 20000 إلى 200000 درهم.

إذا أطلق سراح الشخص بين اليوم السادس واليوم الثلاثين المواليين ليوم الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف، فإن العقوبة هي السجن من خمس عشرة إلى عشرين سنة وغرامة من 20000 إلى 200000 درهم.

وكذلك طبقا للفصل 231.13 فانه يستفيد من عذر مخفض كذلك من علم بارتكاب جريمة الاختفاء القسري أو الشروع فيها ولم يشعر بها السلطات القضائية أو الإدارية ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 5000 درهم إلى 50000 درهم.
غير أن المشرع استثنى من تطبيق دلك بالنسبة لكل من أقارب مرتكب جريمة الاختفاء القسري وأصهاره إلى غاية الدرجة الرابعة، ولا يسري هذا الاستثناء إذا كان ضحية الجناية أو الجنحة أو محاولة ارتكابها قاصرا تقل سنه عن ثمان عشرة سنة أو امرأة حامل، أو شخصا عاجزا أو معروفا بضعف قواه العقلية.

أما بالنسبة للتشريع الفرنسي فقد جاء خاليا من أي نص صريح ينطوي على التخفيف لعقوبة جريمة الاختفاء القسري.

وفي الأخير يثار التساؤل حول عقوبة من شارك في ارتكاب جريمة الاختفاء القسري، الأمر الذي تطرق له المشرع المغربي حيت نص في الفصل 231.12 على أنه علاوة على حالات المشاركة المنصوص عليها في الفصل 129 من هذا القانون، يعاقب بنفس العقوبات المقررة في هذا الفرع، كل من يقدم عن علم محلا أو أدوات أو وسائل لاعتقال المجني عليه أو احتجازه أو اختطافه أو نقله.

و يستحسن إدراج فقرة جديدة تنص على توسيع دائرة المساءلة الجنائية، وفق الصيغة التالية:  “دون الإخلال بتطبيق أحكام الفصل 129، يعتبر الموظف الأعلى  رتبة شريكاً في جريمة الاختفاء القسري المنصوص عليها في الفصل9-231إذا ارتكبت:

1) بأمر أو تحريض أو تواطؤ منه؛

2) من قبل المرؤوسين الخاضعين لسلطته ومراقبته الفعلية، إذا كان على علم بأية معلومات تفيد بوضوح أن مرؤوسيه يرتكبون أو سيرتكبون جريمة الاختفاء القسري أو تعمد إغفال معلومات مفيدة لكشف ارتكاب الجريمة أو محاولة ارتكابها، أو تبليغ السلطات القضائية أو الإدارة، لما كانت تلك الجريمة مرتبطة بالأنشطة التي تدخل في نطاق مسؤوليته أو مراقبته الفعلية[29].

 

[1] مسعود محمد صديق السليفاني، جريمة الاختفاء القسري على ضوء النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، رسالة الدكتوراه في الحقوق، جامعة المنصورة كلية الحقوق قسم القانون الجنائي، سنة 2018 ص 2.

[2]  جنادي نسرين، الحماية الدولية للأشخاص من الاختفاء القسري، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، تخصص القانون الدولي والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر كلية الحقوق، سنة 2017/2018، ص 4.

[3] عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي الخاص،  الطبعة الأولى، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب، يناير 2018، ص 120.

[4]  محمد عبد اللطيف فرج، مواجهة الاختفاء القسري في المواثيق الدولية والتشريع المصري، الطبعة أولى، مطابع الشرطة مصر، 2010،.ص23.

[5]  عبد الواحد العلمي، مرجع سابق، ص164.

[6]  ينص الفصل 23 من الدستور المغربي لسنة 20011 على ما يلي꞉ “لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون.الاعتقال التعسفي أو السري والاختفاء القسري، من أخطر الجرائم، وتعرض مقترفيها لأقسى العقوبات.   يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت. ويحق له الاستفادة، في أقرب وقت ممكن، من  مساعدة قانونية، ومن إمكانية الاتصال بأقربائه، طبقا للقانون.

 قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان.

 يتمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية، وبظروف اعتقال إنسانية. ويمكنه أن يستفيد من برامج للتكوين وإعادة الإدماج.

  يُحظَر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف، يُعاقب القانون على جريمة الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان”

[7]  جنادي نسرين، الحماية الدولية للأشخاص من الاختفاء القسري، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، تخصص القانون الدولي والعلاقات الدولية، كلية الحقوق جامعة الجزائر، موسم 207/2018، ص75 .ذ

[8] جنادي نسرين، الحماية الدولية للأشخاص من الاختفاء القسري، مرجع سابق

[9]  ينص الفصل 436 من مجموعة القانون الجنائي على ما يلي “يعاقب بالحبس من خمس إلى عشر سنوات كل من يختطف شخصا أو يقبض عليه أو يحجزه دون أمر من السلطات المختصة وفي غير الحالات التي يجيز فيها القانون أو يوجب ضبط الأشخاص.
وإذا استغرقت مدة الحبس أو الحجز 30 يوما أو أكثر كانت العقوبة من 10 سنوات إلى 20 سنة.
وإذا ارتكب القبض أو الاختطاف عن طريق ارتداء أو حمل شارة نظاميه مماثله لما هو منصوص عليه في الفصل384، وإما عن طريق انتحال اسم كاذب أو تقديم أمر مزور ضد الأشخاص الممتلكات العقوبة سجن من 20 إلى 30 سنه.
تطبق العقوبة المشار إليها في الفقرة الثالثة أعلاه إذا كان بالفعل احد الأشخاص يمارسون سلطه عموميه أو احد الأشخاص المنصوص عليهم ف الفصل 225 من هذا القانون متى ارتكب الفعل لغرض ذاتي او بقصد إرضاء أهواء شخصية”.

[10]  عبد لواحد العلمي، شرح القانون الجنائي العام، ص166، مرجع سابق.

[11] مازن خلف ناصر، الحماية الجنائية للأشخاص من الاختفاء القسري دراسة مقارنة، المركز العربي للنشر و التوزيع، الطبعة الأولى، 2018،  ص109،

[12] تثير الصفة الإرادية للامتناع بعض الصعوبات بالنسبة لجرائم النسيان وهي جرائم امتناع غير مقصـودة ومنها عدم الاحتفاظ بسجلات رسمية يجري تحديثها باستمرار بأسماء الأشخاص الذين حرموا من حريتهم في كل مكان من أمكنة الاحتجاز أو عدم التبليغ عن مولود لإحدى النساء اللواتي تم احتجازهن أو اعتقالهن قسرا، إذ تقوم هذه الجرائم بمجرد نسيان الجاني القيام بالفعل الايجابي المفروض عليه، والراجح أن الصفة الإرادية تعد متوافرة في هذه الحالة، إذا ثبت انه كان في استطاعته لو بذل القدر المعتاد من العناية والحـرص أن يعلم بواجبه فلا يحجم عن أدائه إلا وهو يريد هذا الإحجام، وإذا ثبت أن الإحجام قد تجرد من الصفة الإرادية فلا يوصف بأنه امتناع في المعنى القانوني، د. رمسيس بهنام، النظرية العامـة للقـانون الجنـائي، منشـاة المعارف، الإسكندرية، ،1990ص.

[13] نصت 129من اتفاقية حنيف الأولى بشأن معاملة أسرى الحرب على انه” تتعهـد الأطـراف السـامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة علي الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية، المبينة في المادة التالية. ويلتزم كـل طـرف متعاقـد بملاحقـة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها، وبتقديمهم إلي المحاكمة، أيا كانت جنسيتهم. وله أيضا، إذا فضل ذلك، وطبقا لأحكام تشريعه، أن يسلمهم إلي طرف متعاقد معني آخر لمحاكمتهم ما دامت تتـوفر لدي الطرف المذكور أدلة اتهام كافية ضد هؤلاء الأشخاص. وعلى كل طرف متعاقد اتخاذ التدابير اللازمة لوقف جميع الأفعال التي تتعارض مع أحكام هذه الاتفاقية بخلاف المخالفات الجسيمة المبينة في المـادة التاليـة.ينتفـع المتهمون في جميع الأحوال بضمانات للمحاكمة والدفاع الحر لا تقل ملائمة عن الضمانات المنصوص عنها المادة 105 وما بعدها عن هذه الاتفاقية “. كما نصت المادة130 على أن” المخالفات الجسيمة التي تشير إليها المـادة السابقة هي التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقيـة: مثـل القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شـديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة، وإرغام أسير الحرب علي الخدمة في القوات المسـلحة بالدولـة المعادية أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وبدون تحيز وفقا للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقيـة

[14] عبد العزيز لعروسي، حقوق الإنسان بالمغرب꞉ ملائمات دستورية وقانونية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، الطبعة الأولى، 2018، ص 75.

مازن خلف ناصر، الحماية الجنائية للأشخاص من الاختفاء القسري ـدراسة مقارنةـ، ص164 ، مرجع سابق. [15]

[16] جنادي نسرين، الحماية الدولية للأشخاص من الاختفاء القسري،ص88ـ89 ،مرجع سابق.

[17] وفي تقديرنا إن الحجة المستمدة من صعوبة إقامة علاقة سببية بين الامتناع والنتيجة الجرمية ليسـت بحجة قاطعة، ذلك لأن الامتناع ليس مجرد مفهوم فكري أو مجرد عدم وإنما هو شكل من أشكال السـلوك الإنساني يضاف إلى ذلك أن الإرادة وهي ايجابية ونشطة بطبيعتها تدخل في تكوين الامتناع، ومـؤدى ذلك أن الامتناع أيضا هو ظاهرة ايجابية تتكون من سلوك أنساني مدرك محيط ومميـز ومسـيطر علـى الظروف المادية الواقعية التي بمساعدتها يصل الامتناع إلى غايته، فعلى سبيل المثال إذا امتنع شخص عن الاتصال برجال الأمن لرؤيته الناس – كان لديه شك في إنهم جماعة إجرامية مسلحة – قـد داهمـت دار جاره ليلاً فألقت القبض عليه فإن هذه الواقعة المادية تعد جزءاً من امتناعه عن تقديم المساعدة لـه تتجـه إلى تحقيق النتيجة الجرمية، كذلك فإنه من السهل إثبات قيام علاقة السببية بين الامتناع والنتيجة الجرمية،ذلك أنه إذا أمكن إثبات هذه العلاقة بين النشاط الايجابي وعدم تحقق النتيجة الجرمية، أمكـن فـي نفـس الوقت إثبات عدم ارتكاب هذا الفعل يعد سببا لتحقق النتيجة الجرمية. مازن خلف ناصر،  ص165، مرجع سابق.

 

[18] عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي العام، ص 221، مرجع سابق

[19]  ولقد أشارت مقدمة الفقرة الأولى للمادة 7 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليـة وبكـل وضوح لعنصر العلم بالنسبة للجرائم ضد الإنسانية بشكلٍ عام وجريمة الاختفاء القسـري بشـكلٍ خـاص عندما ترتكب في إطار هجومٍ واسع النطاق أو منهجي ضد السكان مع علم الفاعل بهذا الهجوم.

[20]  قد يعترض على هذا القول بأن عقوبة الإعدام تقضي نهائيا على حياة المحكوم عليه بها بحيث لا تظهر فيها غاية الإصلاح أبدا، وهذه المقولة تصح لو أن الغاية من إيلام الجاني الوحيدة هي إصلاحه وإدماجه في حظيرة المجتمع كفرد سوي فقط، ولكن لألام العقوبة إلى جانب هدف إصلاح الجاني وتقويمه بهدف دمجه في المجتمع هدف أخر هو ترضية للمجتمع بجعل العقوبة جزاء فعليا على سلوك الجاني، ولذلك كلما كانت جسامة الفعل أو الترك واضحة إلا وازدادت العقوبة إيلاما بالجاني في حريته أو ماله أو حقوقه إلى أن تصل جسامة الجريمة درجة لا يرى معها المجتمع فائدة من إيلام الجاني بهدف إصلاحه، و إنما يختار تخليص المجتمع نهائيا منه جراء فعلته الخطيرة، بالعقوبة البدنية الوحيدة الموجودة في القانون المقارن هي الإعدام. عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي العام، ص ، مرجع سابق.

[21] عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي العام، ص 402 ، مرجع سابق

[22]  مازن خلف ناصر،الحماية الجنائية للأشخاص من الاختفاء القسري ـ دراسة مقارنة ـ ص 195، مرجع سابق.

[23] Créé par LOI n°2013-711 du 5 août 2013 – art. 15

[24] A /HRC/WGEID/98/1 du 14 février 2013.

[25] المجلس الوطني لحقوق الإنسان، رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان  بخصوص مشروع القانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي ص 35، ماخود من موقع https://www.cndh.ma/.

[26] Observation générale sur les femmes touchées par les disparitions forcées, adoptée par le Groupe de travail sur les disparitions forcées ou involontaires à sa quatre-vingt-dix-huitième session (31 octobre – 9

novembre 2012) ; A/HRC/WGEID/98/2 du 14 février 2013

 

 

[27] المجلس الوطني لحقوق الإنسان، رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان  بخصوص مشروع القانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي ص 36، ماخود من موقع https://www.cndh.ma/

[28]  تنص الفقرة الثانية من المادة السابعة من اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري على أنه ” يجوز لكل دولة طرف أن تحدد ما يلي

ـ الظروف المخففة ، وخاصة لكل من يساهم بفعالية، رغم تورطه في ارتكاب جريمة اختفاء قسري في إعادة الشخص المختفي وهو على قيد الحياة، أو في إيضاح ملابسات حالات اختفاء قسري، أو في تحديد هوية المسئولين عن اختفاء قسري.

[29] المجلس الوطني لحقوق الإنسان، رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان  بخصوص مشروع القانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي ص 36، ماخود من موقع. https://www.cndh.ma/

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى