التدابير الوقائية لحماية البيئة في النزاعات المسلحة والمسـؤولية الجنائية الدكتور : سعد بن ناصر القحطاني
التدابير الوقائية لحماية البيئة في النزاعات المسلحة والمسـؤولية الجنائية
Preventive measures to protect the environment in armed conflicts and criminal responsibility
الدكتور : سعد بن ناصر القحطاني
جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/EJTM3163
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

التدابير الوقائية لحماية البيئة في النزاعات المسلحة والمسـؤولية الجنائية
Preventive measures to protect the environment in armed conflicts and criminal responsibility
الدكتور : سعد بن ناصر القحطاني
جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز
المستخلص:
تتناول هذه الدراسة موضوعًا بالغ الأهمية في القانون الدولي المعاصر، يتمثل في التدابير الوقائية لحماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة، وما يرتبط بها من مسؤولية جنائية على المستوى الدولي. وقد انطلقت الدراسة من فرضية مفادها أن النظام القانوني الدولي – ولا سيما القانون الدولي الإنساني – لا يزال عاجزًا عن توفير حماية كافية وفعالة للبيئة في ظل الحروب الحديثة، بسبب قصور الآليات القانونية والتطبيقية، وضعف الإرادة الدولية، وتضارب المصالح السياسية. تهدف الدراسة إلى تحليل الإطار المفاهيمي والقانوني لحماية البيئة في النزاعات المسلحة، وتحديد نطاق المسؤولية الدولية، سواء المدنية أو الجنائية، الناتجة عن الإضرار الجسيم بالبيئة. اعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي المقارن، من خلال استقراء الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ومواقف المحاكم الدولية، والاجتهادات الفقهية. وقد توصلت إلى أن حماية البيئة في زمن الحرب لا تزال مرهونة بتطوير النصوص القانونية، وتفعيل أدوات المساءلة الدولية، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية، بما يشمل إدراج الجريمة البيئية ضمن الجرائم الدولية الأساسية. واختُتمت الدراسة بجملة من التوصيات، أبرزها ضرورة إعادة تعريف البيئة كمصلحة قانونية جماعية تستوجب الحماية في جميع الظروف، وتعزيز التعاون الدولي في بناء قواعد وقائية وردعية أكثر فاعلية.
الكلمات المفتاحية:
القانون البيئي، القانون الدولي الإنساني، الجرائم البيئية، المسؤولية الجنائية الدولية، البيئة.
Abstract
This study addresses a highly significant topic in contemporary international law, namely the preventive measures for protecting the environment during armed conflicts and the associated international criminal responsibility. The study is based on the hypothesis that the international legal system, particularly international humanitarian law, remains incapable of providing adequate and effective protection for the environment during modern warfare. This inadequacy stems from shortcomings in legal and practical mechanisms, the weakness of international will, and conflicting political interests. The study aims to analyze the conceptual and legal framework for environmental protection in armed conflicts and to define the scope of international responsibility—whether civil or criminal—resulting from severe environmental harm. The research adopts a comparative analytical methodology by examining relevant international treaties, the positions of international courts, and scholarly opinions. The findings reveal that environmental protection during war remains contingent upon developing legal texts and activating international accountability mechanisms, foremost among them the International Criminal Court, including the formal recognition of environmental crime as one of the core international crimes. The study concludes with several recommendations, most notably the need to redefine the environment as a collective legal interest that requires protection under all circumstances, and to strengthen international cooperation in establishing more effective preventive and deterrent legal frameworks.
Keywords : Environmental Law, International Humanitarian Law, Environmental Crimes, International Criminal Responsibility, Environment.
المقدمة:
تشكل البيئة بمكوناتها الطبيعية إطارًا أساسيًا للحياة، ومصدرًا جوهريًا لاستمرار التوازن الإيكولوجي على كوكب الأرض، غير أن هذا الإطار أصبح مهددًا على نحو متزايد بسبب النشاطات البشرية غير المنضبطة، ولا سيما تلك المرتبطة بالنزاعات المسلحة. فقد شهدت العقود الأخيرة تفاقمًا ملحوظًا في الأضرار البيئية الناتجة عن استخدام أسلحة مدمرة، واستهداف البنى التحتية الحيوية، والإضرار بالمناطق الطبيعية، وهو ما يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية حول مدى كفاية النظام القانوني الدولي في التصدي لهذه الانتهاكات. ولئن كان القانون الدولي الإنساني قد تطور لحماية الإنسان خلال الحرب، فإن إدماج البيئة ضمن منظومة الحماية لا يزال متأخرًا في النصوص والممارسة على حد سواء. وفي هذا الإطار، يأتي هذا البحث ليتناول بالدراسة والتحليل التدابير الوقائية التي يقرها القانون الدولي لحماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة، ومسألة المسؤولية الجنائية المترتبة على الانتهاكات البيئية، في محاولة للكشف عن الفجوات القانونية، واستشراف آفاق تطوير قواعد ملزمة وفعالة.
إشكالية البحث:
تتمحور إشكالية هذا البحث حول السؤال التالي:
إلى أي مدى تُعد التدابير الوقائية التي يقرها القانون الدولي كافية لحماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة؟ وما مدى فعالية المسؤولية الجنائية الدولية في ملاحقة مرتكبي الجرائم البيئية؟
وينبثق عن هذه الإشكالية عدد من التساؤلات الفرعية، من أبرزها:
- ما هو الإطار المفاهيمي والقانوني لحماية البيئة في القانون الدولي الإنساني؟
- ما هي أهم الاتفاقيات والنصوص القانونية التي تتناول حماية البيئة في النزاع المسلح؟
- كيف تُحدد المسؤولية الجنائية عن الأضرار البيئية؟ وما حدود اختصاص المحكمة الجنائية الدولية؟
- ما أوجه القصور التشريعي أو المؤسسي في هذا المجال؟ وما المقترحات لسد هذه الفجوة؟
نطاق البحث:
ينحصر نطاق البحث في دراسة القواعد القانونية الدولية التي تُعنى بحماية البيئة خلال النزاعات المسلحة، سواء من خلال الاتفاقيات الدولية أو الأعراف أو مخرجات القضاء الدولي، مع التركيز على مسؤولية الأفراد أمام المحكمة الجنائية الدولية، دون التطرق إلى التشريعات الداخلية أو القواعد ذات الصلة بوقت السلم.
أهداف البحث:
يسعى هذا البحث إلى تحقيق جملة من الأهداف، أبرزها:
- بيان الإطار القانوني لحماية البيئة في النزاعات المسلحة.
- تحليل فعالية الآليات الدولية الوقائية والردعية.
- مناقشة نطاق المسؤولية الجنائية الدولية عن الجرائم البيئية.
- إبراز أوجه النقص في النظام القانوني الدولي الحالي.
أهمية البحث:
تتجلى أهمية هذا البحث في أنه يعالج موضوعًا حديثًا وحيويًا، يُعد من التحديات المتنامية في القانون الدولي المعاصر، ويتقاطع مع قضايا إنسانية وأمنية وتنموية كبرى. كما يكتسب البحث أهميته من ندرة الدراسات العربية المتخصصة في موضوع الجرائم البيئية زمن الحرب، ومحاولته الربط بين الأطر القانونية والواقع التطبيقي المتغير.
منهجية البحث:
اعتمد البحث على المنهج التحليلي الوصفي لقراءة وتحليل النصوص القانونية الدولية ذات الصلة، بالإضافة إلى المنهج المقارن بين المواقف الفقهية والتطبيقات القضائية الدولية، مع توظيف المنهج النقدي لتقييم فعالية النظام القائم واقتراح بدائل أكثر كفاءة.
خطة البحث:
جاءت خطة البحث وفقًا للتقسيم التالي:
المبحث الأول: القانون الدولي البيئي
المبحث الثاني: القانون الدولي الإنساني
المبحث الثالث: المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية أثناء النزاعات المسلحة
المبحث الأول: القانون الدولي البيئي
المطلب الأول: تعريف القانون الدولي البيئي ونشأته:
لقد أصبح موضوع حماية البيئة من أبرز القضايا التي استأثرت باهتمام المجتمع الدولي في العقود الأخيرة، نظراً لما تمثّله من تحدٍ وجودي يهدّد الإنسان والطبيعة والموارد على حد سواء. ومن هنا نشأ فرع جديد ضمن منظومة القانون الدولي العام يُعرف بالقانون الدولي البيئي، والذي يتمثل في مجموعة من القواعد والمبادئ القانونية التي تهدف إلى تنظيم نشاطات الدول والمنظمات الدولية والأشخاص المعنوية ذات الصلة من أجل الحد من الأضرار التي تمسّ البيئة أو الوقاية منها سواء داخل الحدود الإقليمية للدول أو خارجها. وقد أضحى هذا الفرع نتيجة طبيعية لتسارع وتيرة النمو الصناعي والتقدم التكنولوجي في العالم، وما رافقهما من استنزاف للموارد البيئية وارتفاع معدلات التلوث وتدهور عناصر النظام الإيكولوجي.
ويتسم القانون الدولي البيئي بخصوصية جوهرية تميّزه عن غيره من فروع القانون الدولي، تتمثل في طبيعة الأضرار البيئية ذات الطابع العابر للحدود، وهو ما يستدعي ضرورة التعاون بين الدول لتنظيم استخدامها للموارد الطبيعية وتقييد سلوكها حين يتصل بأثر بيئي يمتد إلى ما وراء الحدود السياسية. ومن هذا المنطلق، فإن الأسباب التي تدعو إلى حماية البيئة وفقاً لقواعد القانون الدولي لا تقتصر على بُعدٍ واحد، بل تتوزع إلى أبعاد متعددة منها الجغرافي، والعلمي، والاقتصادي، والقانوني، بل وتمتد إلى الجوانب الأخلاقية والإنسانية.[1] فعلى الصعيد الجغرافي، فإن عناصر البيئة كالهواء والماء لا تعترف بالحدود الجغرافية، ولذلك فإن تلوث الهواء أو المياه في دولة ما قد يؤدي إلى آثار بيئية وخيمة في دولة أخرى بعيدة كل البعد عن مصدر الانبعاث أو التلوث. أما من الناحية العلمية، فإن تطور المعارف البيئية والقدرات التقنية كشف عن مدى الترابط بين الأنظمة البيئية وضرورة إدارة الموارد بطريقة متكاملة، الأمر الذي يقتضي تضافر الجهود الدولية لتبادل الخبرات والمعلومات والمعايير الفنية.[2] وفيما يتعلق بالبُعد الاقتصادي، فإن الحفاظ على البيئة يعد شرطًا ضروريًا لتحقيق التنمية المستدامة، التي توازن بين احتياجات الحاضر دون الإضرار بحقوق الأجيال المقبلة. كما أن هناك أقاليم واسعة في الكرة الأرضية لا تخضع لسيادة أي دولة مثل أعالي البحار والمناطق القطبية والفضاء الخارجي، وهذه المناطق تُعد تراثًا مشتركًا للإنسانية وتتطلب آليات قانونية دولية لضمان استدامتها ومنع تدهورها بسبب الأنشطة العشوائية للدول أو الجهات الفاعلة من غير الدول.[3]
ولا تقتصر الجهود القانونية لحماية البيئة على القانون الدولي فقط، بل تمتد جذورها إلى الشريعة الإسلامية، التي نظرت إلى البيئة نظرة شمولية، باعتبارها نعمة إلهية أودعها الله في الأرض وسخّرها للإنسان ليعمرها لا ليفسدها. فقد أقرت مصادر الفقه الإسلامي مجموعة من القواعد التي تؤسس لمبدأ الوقاية البيئية، منها قاعدة “لا ضرر ولا ضرار”، وقاعدة “الضرورة تقدر بقدرها”، إضافة إلى مبادئ حفظ المال والنفس والعقل، والتي لا يمكن انفصالها عن حماية البيئة بوصفها وعاءً جامعًا لكل ضرورات الحياة. كما يتجلى في النصوص القرآنية والنبوية الحث على الزراعة، والنهي عن قطع الأشجار المثمرة، والتحذير من تلويث مصادر المياه أو الإضرار بالكائنات الحية، وهو ما يعكس اهتمامًا راسخًا بحماية النظم البيئية منذ فجر الإسلام.[4] وتؤكد الكتابات الفقهية المعاصرة على أن الإسلام يضع ضوابط واضحة لاستغلال الموارد، بحيث لا يتعدى الإنسان حدود الحاجة أو يفرط في استخدامها، فضلًا عن أنه يدعو إلى تنمية الموارد لا مجرد المحافظة عليها، بما يحقق مفهوم التنمية البيئية المتوازنة التي تقي الأضرار وتضمن الاستدامة.[5]
يُعدّ تحديد مفهوم البيئة خطوة أساسية في أي محاولة لإرساء قواعد قانونية أو أخلاقية تُعنى بحمايتها وتنميتها، حيث إن الغموض المفاهيمي أو الاختزال في تعريف البيئة قد يقود إلى قصور في فهم أبعادها المتشابكة أو تقنين سلوكيات تحكم التعامل معها. ووفقًا للتصور القانوني، تُفهم البيئة على أنها الإطار الطبيعي الذي يحيط بالإنسان ويحتضن جميع أشكال الحياة، وتشمل عناصرها الرئيسية: الهواء، والماء، والتربة، والكائنات الحية، إلى جانب العلاقات المتبادلة بينها.[6] غير أن البيئة لا تُختزل في عناصرها الفيزيائية فقط، بل تشمل أيضًا الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو ما يجعل من حمايتها شأنًا مركبًا يتجاوز مجرد السيطرة على التلوث، ليصل إلى إعادة صياغة علاقة الإنسان بمنظومته المحيطة على نحو أكثر توازنًا وعدلًا.
ويأتي التصور الإسلامي ليعزز هذا الفهم الشمولي للبيئة، حيث لا ينظر إليها بوصفها مجرد إطار مادي يُستغل، بل كأمانة في عنق الإنسان، ينبغي عليه المحافظة عليها واستثمارها ضمن ضوابط شرعية تضمن عدم الإفساد أو التجاوز. فالبيئة في الفكر الإسلامي تُعد مجالًا لاستخلاف الإنسان في الأرض، وهي بذلك ليست ملكًا شخصيًا يُستباح، وإنما موردٌ مشتركٌ أودعه الله تعالى ليكون محلًا للابتلاء والعمارة. ويستدل في ذلك بالنصوص القرآنية التي تكرر فيها وصف الله تعالى للكون بأنه “مسخَّر” و”متوازن”، مثل قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾ [الرحمن: 7]، وهو ما يُشير إلى وجود نظام بيئي متكامل لا يجوز العبث به دون حساب.[7] كما أن السنة النبوية وضعت جملة من المبادئ السلوكية التي تؤسس لوعي بيئي أصيل، مثل النهي عن تلويث الماء، أو قطع الأشجار، أو قتل الحيوانات عبثًا، مما يبين أن التشريع الإسلامي لم يكن بمنأى عن إدراك القيمة الفطرية للبيئة وأثرها في حياة الإنسان والمجتمع.
تُعدّ حماية البيئة ضرورة قانونية وأخلاقية في آنٍ معًا، تتلاقى فيها مصالح الدول والشعوب والمجتمعات في إطار واحد، وتُستمد هذه الضرورة من جملة أسباب موضوعية تبرر انخراط المجتمع الدولي في تنظيم آليات الحماية البيئية وتطويرها. وتُقسّم هذه الأسباب إلى محاور رئيسية أولها البُعد الجغرافي والطبيعي، إذ تُعدّ البيئة وحدة مترابطة لا تتجزأ، ترتبط عناصرها – مثل الهواء والماء والتربة – ببعضها البعض في شبكة دقيقة من العلاقات والتأثيرات المتبادلة. وهذا الترابط يجعل الأضرار التي تصيب أحد عناصرها، كالتلوث أو التصحر أو انقراض الأنواع، قابلة للامتداد إلى مناطق بعيدة كل البعد عن مصدر الضرر، وهو ما يجعل من التلوث خطرًا عابرًا للحدود لا يعبأ بالحواجز السياسية أو الجغرافية بين الدول. فعلى سبيل المثال، يمكن لانبعاثات الغازات السامة في دولة ما أن تنتقل عبر الرياح إلى دول أخرى، كما أن التلوث البحري الناجم عن تصريف المخلفات في البحر قد يصل إلى سواحل دول لا علاقة مباشرة لها بمصدر التلوث.
أما السبب الثاني فيتمثل في البعد العلمي والتقني، إذ أظهرت التجارب المعاصرة أن مواجهة المشكلات البيئية – لا سيما تلك المرتبطة بالتغير المناخي والتلوث الصناعي – تتطلب قدرات علمية متقدمة، ومعرفة دقيقة بالتفاعلات الإيكولوجية، فضلاً عن تقنيات عالية التخصص.[8] وهذا يفرض على الدول أن تتعاون فيما بينها لتبادل المعارف والخبرات ونقل التكنولوجيا البيئية الحديثة، بغية بناء أنظمة حماية فعالة ومتكاملة. وفي هذا السياق، تكتسب المؤتمرات الدولية والبرامج البيئية المشتركة بين الدول طابعًا استراتيجيًا، لا باعتبارها مناسبات دبلوماسية فحسب، بل كأدوات ضرورية لتنسيق الجهود العلمية وتوحيد المعايير الفنية اللازمة للحفاظ على النظام البيئي العالمي.[9]
ويتصل بذلك السبب الثالث، وهو البعد الاقتصادي، إذ إن البيئة ليست مجرد وعاء طبيعي صامت، بل هي مصدر للثروات الطبيعية التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي، كالنفط، والمعادن، والمياه، والأراضي الزراعية، والموارد البيولوجية. ولذلك فإن أي تدهور في البيئة أو استنزاف غير عقلاني لمواردها ينعكس سلبًا على الإنتاج والتنمية ومستوى المعيشة. وبات من المسلّم به اليوم أن تحقيق التنمية المستدامة لا يمكن فصله عن الالتزام بحماية البيئة وضمان استمرارية مواردها للأجيال القادمة. وهنا تبرز أهمية الربط بين السياسات البيئية والسياسات الاقتصادية ضمن استراتيجية واحدة تنموية متكاملة.
ومن أبرز الأسباب التي توسّع من نطاق الحماية البيئية أيضًا، ما يتعلق بالمناطق التي لا تخضع لسيادة أي دولة، كأعالي البحار، والمحيطات المفتوحة، والمناطق القطبية، والفضاء الخارجي، وهي كلها تُعدّ تراثًا مشتركًا للإنسانية. ومع أن هذه المناطق تُستخدم بشكل متزايد من قبل الدول – لأغراض اقتصادية أو علمية أو حتى عسكرية – إلا أنها غالبًا ما تكون عرضة للاستغلال غير المنضبط، مما يؤدي إلى اختلال توازنها البيئي. وقد استغلت بعض الدول النووية هذه الطبيعة “الخالية من السيادة” لإجراء تجارب نووية أو تصريف نفايات مشعة، وهو ما يُبرر من جهة قانونية تدخل القانون الدولي لتنظيم هذه الأنشطة من خلال اتفاقيات وقواعد وقائية تُعنى بصيانة هذه المناطق ومواردها من أي استغلال مفرط أو سلوك مدمر. كما تمتد أسباب الحماية لتشمل الثروات الطبيعية المشتركة بين دولتين أو أكثر، كالمياه الجوفية العابرة للحدود، والأنهار الدولية، والبحار المغلقة أو شبه المغلقة، وغيرها. إذ لا يمكن لأي دولة أن تنفرد باستغلال هذه الموارد دون مراعاة حقوق الأطراف الأخرى التي تشاركها، ما يستدعي بالضرورة وضع إطار قانوني للتعاون والتنسيق والرقابة المتبادلة على استغلال تلك الموارد بما يضمن عدالتها واستدامتها. ويمكن القول إن الحماية البيئية في هذه السياقات لا تقتصر على بُعد وقائي، بل تمثل وسيلة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين، وتجنّب النزاعات التي قد تنشأ نتيجة الاستخدام الأحادي أو الجائر للموارد البيئية المشتركة.
يُعد القانون الدولي البيئي نتاجًا تراكميًا لجهود المجتمع الدولي الرامية إلى مواجهة التحديات البيئية العابرة للحدود، وقد تشكلت قواعده من خلال عدة مصادر متنوعة تمثل الهيكل التشريعي الذي يستند إليه في ضبط السلوك الدولي تجاه البيئة. وتأتي الاتفاقيات الدولية في صدارة هذه المصادر، نظرًا لطبيعتها الملزمة وطابعها المكتوب، فهي تُعد المصدر الأكثر مباشرةً ووضوحًا، وتمثل أدوات تعاقدية بين الدول تتناول قضايا بيئية محددة مثل تلوث الهواء والماء، والتنوع البيولوجي، وحماية طبقة الأوزون، والتغير المناخي، وغيرها. وقد تزايد عدد هذه الاتفاقيات منذ سبعينيات القرن الماضي بشكل ملحوظ، حيث بلغت عدة مئات، منها اتفاقية فيينا لحماية الأوزون (1985)، واتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة (1989)، واتفاقية باريس للمناخ (2015)، وغيرها من المعاهدات المتعددة الأطراف التي أسهمت في تقنين عدد من المبادئ البيئية على المستوى الدولي.[10] ورغم فعالية هذه الاتفاقيات، فإنها تعاني من بعض القيود، أبرزها ضعف آليات الإنفاذ، وتباين درجات الالتزام بين الدول، وغياب صفة الإلزام القانوني في كثير من التوصيات والملاحق التي تصدر عنها.[11] كما أن بعض الاتفاقيات تُركت دون تحديث أو مراجعة لعقود طويلة رغم التطورات البيئية المتسارعة، مما يؤثر على قدرتها على المعالجة الفاعلة للمستجدات البيئية.[12]
إلى جانب الاتفاقيات، يُعَدّ العرف الدولي مصدرًا محوريًا في بناء القانون الدولي البيئي، خصوصًا في غياب اتفاقيات مكتوبة تنظم بعض الحالات. ويُقصد به السلوك الثابت للدول في مواقف معينة مع الشعور بالإلزام القانوني. ومن أبرز القواعد العرفية في هذا السياق، مبدأ “عدم التسبب في الضرر للبيئة خارج الحدود الوطنية”، الذي تم إقراره في إعلان ستوكهولم عام 1972، ثم تأكيده في إعلان ريو دي جانيرو عام 1992، والذي نص على أن للدول السيادة في استغلال مواردها الطبيعية وفقًا لسياستها البيئية، شريطة ألا تسبب أنشطتها أضرارًا لبيئة الدول الأخرى أو للمناطق الخارجة عن السيادة الوطنية.[13] كما تُمثّل قرارات المؤتمرات الدولية والمنظمات البيئية أحد المصادر الداعمة للقانون البيئي الدولي، رغم أن كثيرًا منها لا يرقى إلى مرتبة الإلزام القانوني. إلا أن هذه القرارات – مثل تلك الصادرة عن مؤتمر ستوكهولم (1972)، ومؤتمر ريو (1992)، وقمة جوهانسبرغ (2002) – تكتسب أهمية خاصة بوصفها تعكس الإرادة الجماعية للدول، وتؤسس لمبادئ توجيهية تُترجم لاحقًا إلى التزامات قانونية عبر الاتفاقيات والمعاهدات.[14]
ويُضاف إلى ذلك المبادئ العامة للقانون، وهي تلك التي تعترف بها النظم القانونية للدول المتحضرة، مثل مبدأ حسن الجوار، ومبدأ “عدم التعسف في استعمال الحق”، ومبدأ “من ألحق ضررًا بغيره فعليه تعويضه”، والتي تُعد ركائز قانونية يمكن اللجوء إليها لسد الفراغ التشريعي أو التفسير عند غياب نصوص واضحة. وقد استخدمت هذه المبادئ في قضايا بيئية أمام محاكم دولية، لتأكيد وجود مسؤولية قانونية حتى في غياب معاهدة صريحة.[15] كما أن أحكام القضاء الدولي، ولا سيما الصادرة عن محكمة العدل الدولية وهيئات التحكيم البيئي، تُعد مصدرًا تفسيرًا مهمًا لقواعد القانون البيئي الدولي، وتُسهم في توضيح نطاق الالتزامات الدولية ووسائل الإنفاذ.[16] ومن أبرز القضايا في هذا السياق قضية “Trail Smelter” بين الولايات المتحدة وكندا (1938–1941)، التي أرست مبدأ مسؤولية الدولة عن الأضرار البيئية التي تنشأ عن أنشطة تقع ضمن إقليمها وتمتد آثارها إلى دولة أخرى.[17] وأخيرًا، يُعد الفقه القانوني الدولي مصدرًا مكملاً وثانويًا، إلا أن له أهمية كبيرة في تطوير المفاهيم القانونية وتحليل المبادئ وتفسير النصوص، خصوصًا في المجالات الحديثة كالمسؤولية البيئية، والعدالة المناخية، والحقوق البيئية للأجيال القادمة. فآراء الفقهاء والخبراء القانونيين تُسهم في بلورة المبادئ الناشئة وتدعيمها بالنقاش العلمي، مما يُهيئ لدمجها لاحقًا في الاتفاقيات الدولية أو الأعراف القانونية.
المطلب الثاني: التغير المناخي
لقد بات التغير المناخي أحد أخطر التحديات البيئية التي يواجهها العالم المعاصر، ليس فقط لأنه يهدد استقرار النظم البيئية، بل لأنه يطال جميع أشكال الحياة على الأرض، بما فيها صحة الإنسان وأمنه الغذائي والاقتصادي.[18] وقد أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة أن السبب الرئيسي لهذا التغير يعود إلى الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري بأنواعه المختلفة، مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي، حيث تطلق هذه العمليات كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى احتباس حراري متصاعد.[19] ولعل الأخطر في هذه الغازات هو أنها لا تتفاعل كيميائيًا أو فيزيائيًا مع التغيرات الحرارية، مما يجعلها تبقى في الغلاف الجوي لفترات طويلة جدًا، مؤدية إلى اضطراب في توازن النظام المناخي للأرض.[20] وتؤكد الإحصاءات أن حجم الغازات المنبعثة نتيجة احتراق الوقود الأحفوري قد ازداد بنسبة 60% خلال 150 عامًا، وأن نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو ارتفعت بمقدار 310% مقارنةً بما كانت عليه في عام 1750، وهو ما يعكس أثر الثورة الصناعية بشكل مباشر على البيئة المناخية.[21] وتقدّر بعض الدراسات أن الطلب العالمي على الطاقة سيزداد بشكل مضاعف تقريبًا بحلول عام 2035، مما يعني تفاقمًا إضافيًا في انبعاثات الغازات الدفيئة وزيادة في درجات الحرارة العالمية بمعدل يتراوح بين 1 إلى 3 درجات مئوية، مع احتمالية حدوث موجات حرّ شديدة وجفاف ممتد في مناطق عدة، خاصة في الولايات المتحدة.[22]
لكن آثار التغير المناخي لا تقتصر على الظواهر الحرارية وحدها، بل تمتد لتشمل النظم البيئية كافة، البرية والبحرية. فقد أصبح من المؤكد أن هذه الظاهرة تُخل بتوازن التنوع الحيوي، وتؤدي إلى تغيّر في أنماط هطول الأمطار، وزيادة الحرائق، وفقدان خصوبة التربة، واضطراب عمليات امتصاص الكربون في الغابات، وتهديد الشعاب المرجانية والمناطق الساحلية الحساسة. كما أن إزالة الغابات وما يصاحبها من حرائق تُعد من العوامل المعززة لانبعاث الكربون، حيث يتم إطلاق كميات هائلة منه خلال فترات قصيرة، ما يزيد من تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.[23] وعلى الرغم من أن البعض يجادل بأن المناخ شهد تقلبات طبيعية على مدار آلاف السنين، مستشهدين بفترات مثل العصر الهولوسيني أو الحقبة النيوپروتيروزوية، فإن المؤشرات الحديثة، المستندة إلى قياسات عبر الأقمار الصناعية وتحليل حلقات الأشجار والأنوية الجليدية، تؤكد أن وتيرة التغير المناخي الحالي تفوق بعشرة أضعاف معدل التغيرات السابقة، مما يرجح كفة التدخل البشري كعامل رئيسي ومباشر في الظاهرة.[24] وتؤيد وكالة ناسا هذه الرؤية، مشيرة إلى أن الزيادة في الغازات الدفيئة، خاصة منذ منتصف القرن التاسع عشر، لا يمكن تفسيرها إلا بتأثير الإنسان.[25] أما على صعيد الحياة البرية، فإن التغير المناخي قد أدى إلى تغيّر أنماط السلوك والتكاثر والهجرة لدى كثير من الكائنات، منها الفراشات والطيور والمرجان، كما أن هناك مؤشرات مقلقة تدل على اقتراب انقراض عدد كبير من الأنواع، ومنها البرمائيات التي يعاني ثلثها تقريبًا من خطر الانقراض نتيجة انتشار فطريات قاتلة تعززها الظروف المناخية الجديدة.[26] كما تُهدد بعض الدراسات بانقراض ما يصل إلى 37% من الأنواع الحية بحلول عام 2050،[27] مما قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية تصل إلى مئات المليارات من الدولارات سنويًا.[28]
وفي ظل هذه التحديات، لم تعد المسألة منوطة بالنقاش العلمي أو الجدال النظري حول “درجة اليقين”، بل أصبحت أزمة وجودية تتطلب تحركًا دوليًا جماعيًا للحد من الانبعاثات والتكيف مع المتغيرات القادمة.[29] فالتردد في اتخاذ القرار بحجة عدم اليقين لا يُنقذ الكوكب، بل يؤخر الحل ويعزز الكارثة.[30] في سياق متصل، لا يقتصر خطر التغير المناخي على الأبعاد الحرارية أو المناخية المجردة، بل يمتد بشكل خطير إلى المساس بتوازن النظم البيئية والتنوع الحيوي الذي يُعد من أسس استقرار الحياة على كوكب الأرض. فقد أثبتت الدراسات أن التغير المناخي يسبب اختلالًا واسع النطاق في توزيع الأنواع الحية، كما يؤدي إلى اضطرابات في سلاسل الغذاء، وزيادة شدة انتشار الآفات والأمراض، وتغير في أنماط سقوط الأمطار، ودرجات حرارة المياه، وتدفق الأنهار، وجودة المياه، مما يجعل النظم البيئية – خصوصًا تلك الحساسة كالشعاب المرجانية والمناطق الساحلية – عرضة لانهيارات متتابعة.[31] وفي قارة إفريقيا، على سبيل المثال، تُظهر البيانات أن الغابات والمناطق الشجرية والسافانا مهددة بشكل خاص بسبب قلة الأمطار وتزايد الحرائق الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة.[32]
ولا يقف التأثير عند النباتات والتربة، بل يتعداه إلى الحيوان، حيث يشهد العالم تغيرات جذرية في سلوك بعض الأنواع التي تحاول التكيّف مع التغيرات المناخية، كالفراشات التي تقدّم موعد ظهورها في الربيع، أو الطيور التي باتت تهاجر في أنماط غير مألوفة.[33] إلا أن هذا التكيّف لا يكفي دائمًا، فبعض الكائنات، كالشعاب المرجانية، بدأت تظهر عليها علامات تدهور حاد عبر ما يُعرف بظاهرة التبييض، حيث تطرد الطحالب المتكافلة التي تمنحها اللون والغذاء، وذلك بسبب ارتفاع حرارة مياه البحار.[34] لكن الأبحاث أظهرت أن بعض أنواع المرجان أظهرت مرونة نسبية في قدرتها على التأقلم مع الحرارة المرتفعة، ما يفتح آفاقًا بحثية لاستكشاف إمكانات التكيف الطبيعي.[35] وفي المقابل، فإن التأثير الأكثر مأساوية يكمن في الانقراضات الواسعة التي تهدد آلاف الأنواع، خصوصًا الكائنات التي تعتمد على نظم بيئية محددة، مثل البرمائيات التي أُثبت أن فطر “Bd” القاتل يهدد وجودها، وازداد انتشاره بفعل ارتفاع درجات الحرارة، حيث يزدهر هذا الفطر في مدى حراري يتلاءم مع المناخ المتغير.[36] وتشير تقارير الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة إلى أن ثلث أنواع البرمائيات في العالم مهددة بالانقراض، وقد تسبب هذا الوضع في انقراض نحو 200 نوع من الضفادع في مناطق لم تمسّها يد الإنسان، مما يسلط الضوء على العلاقة غير المباشرة بين التغير المناخي والأوبئة الجديدة في عالم الحيوان.[37] ومما يزيد الوضع تعقيدًا أن هذه الخسائر البيئية لا تقتصر على الحياة البرية، بل تمتد لتؤثر في حياة الإنسان نفسه، سواء من خلال فقدان مصادر الغذاء الحيوي كالأسماك – التي يُتوقع أن تنخفض أنواعها بنسبة 50% بحلول عام 2055 – أو من خلال الأضرار التي تلحق بالنظم البيئية التي يعتمد عليها الاقتصاد والسياحة والزراعة.[38] إن هذه الأرقام والمعطيات تجعل من الضروري إدراك أن الحفاظ على التنوع البيولوجي لم يعد مسألة بيئية فحسب، بل أصبح ضرورة استراتيجية لحماية الحضارة الإنسانية نفسها من الانهيار التدريجي.
وفي امتدادٍ لتأثيرات التغير المناخي المتعددة، تبرز الصحة البشرية بوصفها إحدى أكثر المجالات تأثرًا وتعرضًا للخطر. فقد كشفت الأبحاث العلمية الحديثة أن للتغير المناخي آثارًا مباشرة وغير مباشرة على صحة الإنسان، بدءًا من التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، وصولًا إلى انتشار الأمراض والأوبئة وتغير أنماط العدوى.[39] ويُعد ارتفاع درجات الحرارة من أبرز المخاطر الصحية، لما له من أثر مباشر على قدرة الجسم البشري على تنظيم درجة حرارته الداخلية، وهو ما ينعكس على أداء الدورة الدموية والوظائف الحيوية الأخرى، خصوصًا لدى الفئات الضعيفة كالرضع وكبار السن ومرضى القلب والرئة.[40] كما أن المناخ يضطلع بدور مهم في توجيه الأنماط الوبائية وانتشار الأمراض المعدية، إذ تؤثر التغيرات المناخية في مدى انتشار الكائنات الناقلة للأمراض مثل البعوض والقراد، وتزيد من فرص تفشي أمراض مثل الملاريا، وحمى الضنك، والأمراض التنفسية، نظرًا لتغير درجات الحرارة والرطوبة وتوزيع المياه السطحية.[41] ومع تقلّب المناخ وتغير مواسم الأمطار، فإن مناطق كانت آمنة صحيًا أصبحت مهددة بانتقال الأمراض إليها، خاصة في الدول النامية ذات البنية الصحية الهشة. وفي هذا السياق، تؤكد الدراسات أن الفيروسات والطفيليات والميكروبات الحاملة للأمراض تتفاعل بقوة مع المتغيرات المناخية، ما يزيد من احتمالات تفشي أوبئة جديدة لم تكن مألوفة في مناطق معينة من قبل.[42]
المطلب الثالث: الاتفاقيات والمعاهدات البيئية
في إطار التفاعل الدولي المتزايد مع قضايا البيئة، شكّل مؤتمر ستوكهولم لعام 1972 نقطة تحوّل مفصلية في مسار القانون الدولي البيئي، حيث كان أول مؤتمر عالمي يُعقد خصيصًا لمناقشة قضايا البيئة الإنسانية، بمشاركة 113 دولة و13 وكالة متخصصة، إضافة إلى عدد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية.[43] وقد صدر عن هذا المؤتمر إعلان ستوكهولم الشهير، الذي يُعد بمثابة العمل التقنيني الأول في مجال البيئة على المستوى الدولي، رغم أنه لا يحمل صفة الإلزام، إلا أن المبادئ التي تضمّنها اعتُبرت فيما بعد من المرتكزات الأخلاقية والقانونية لتطور القانون الدولي للبيئة.[44] وقد تضمّن إعلان ستوكهولم 26 مبدأً جوهريًا، شكّلت ما يمكن وصفه بـ “الشرعة الأخلاقية” للعلاقة بين الإنسان والبيئة، حيث نصّ المبدأ الأول على أن للإنسان الحق في العيش في بيئة سليمة وصحية، وهو في ذات الوقت مسؤول عن حمايتها وتحسينها لصالح الحاضر والمستقبل، مشيرًا إلى أن البيئة لا تُفصل عن العدالة والكرامة الإنسانية.[45] كما أكّد الإعلان على أن الموارد الطبيعية، من ماء وتربة وهواء، هي موارد محدودة يجب الحفاظ عليها للأجيال القادمة، عبر سياسات رشيدة وتخطيط بيئي متوازن.[46] ومن بين أهم ما ميّز مؤتمر ستوكهولم تركيزه على البُعد التشاركي، حيث دعا إلى ضرورة التعاون الدولي بين الدول والمنظمات، لحماية البيئة والحد من التلوث وتطوير قواعد قانونية بيئية ملزمة مستقبلًا.[47] كما شجع على إدماج قضايا البيئة في استراتيجيات التنمية الوطنية، ودعا المنظمات الدولية إلى تبني القانون البيئي في أجنداتها وتحديث أطره من خلال البحوث والتشريعات والتدريب.[48] وقد تمخض عن المؤتمر خطة عمل دولية ضمّت 109 توصيات عملية، ركزت على الرصد البيئي، والتعليم، والتخطيط العمراني، وإدارة النفايات، ومكافحة التلوث البحري والجوي، والتعاون في إدارة الأنهار والمحيطات.[49]
وكان لافتًا في إعلان ستوكهولم التركيز على التوازن بين التنمية والبيئة، حيث شدد على أهمية التحضر المخطّط والمستوطنات الإنسانية المدروسة (المبدأ 15)، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية التي لا تضر بالبيئة (المبدأ 8)، والاستخدام المستدام للموارد المتجددة وغير المتجددة على حد سواء (المبادئ 3 و5)، بل إن الإعلان ذهب إلى أبعد من ذلك في مبادئه عبر التنبيه إلى خطورة الأسلحة النووية (المبدأ 26)، والتأكيد على مبدأ الوقاية والتعويض للمتضررين من التلوث البيئي (المبادئ 6 و22).[50]
كما عالج الإعلان مسألة السيادة الوطنية في استخدام الموارد الطبيعية، مؤكدًا أن هذه السيادة لا تُجيز الإضرار بدول أخرى أو بالبيئة الدولية، وهو ما جاء في المبدأ 21، الذي أصبح لاحقًا من أهم المبادئ في العرف الدولي البيئي.[51] كما أبرز الإعلان أهمية التعليم والبحث العلمي في تشكيل وعي بيئي جماعي، وحث على إنشاء مؤسسات وطنية لرصد وإدارة البيئة، والتأكيد على العدالة بين الدول النامية والمتقدمة في تقاسم أعباء الإصلاح البيئي دون تمييز أو تهميش.[52] لقد كان لمؤتمر ستوكهولم أثر عميق على تطور القانون البيئي، إذ مهد الطريق لعدد من الاتفاقيات البيئية الدولية، مثل اتفاقية التجارة الدولية للأنواع المهددة بالانقراض (CITES) عام 1973، وترك أثرًا على التشريعات الداخلية في دول عدة، مثل قوانين حماية الهواء والمياه في الهند في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.[53] وبهذا، يمكن القول إن إعلان ستوكهولم مثّل اللبنة الأولى في صرح القانون الدولي البيئي، وأسهم في تحويل القضايا البيئية من نطاقها العلمي والفني البحت إلى حقل قانوني وأخلاقي يتطلب التزامات جماعية ومبادرات متواصلة من جميع الفاعلين الدوليين.
في ضوء التحديات المتزايدة التي فرضتها الأزمات البيئية المتداخلة مع التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، ظهر مفهوم التنمية المستدامة بوصفه إطارًا شاملاً يسعى إلى تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والنمو من جهة، ومتطلبات الحفاظ على البيئة من جهة أخرى. وقد كان تقرير “مستقبلنا المشترك” الصادر عام 1987 عن اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية التابعة للأمم المتحدة نقطة الانطلاق الحقيقية لترسيخ هذا المفهوم في الأدبيات القانونية والسياسات الدولية، حيث قدّم تعريفًا شهيرًا للتنمية المستدامة بأنها: “التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها[54]. دعا التقرير إلى تحول سياسي عالمي يعالج في آنٍ واحدٍ مشكلتي التدهور البيئي والقصور التنموي، خاصة في دول العالم الثالث، مؤكدًا أن قضايا مثل الأمن الغذائي، الطاقة، الصناعة، الفقر، والمستوطنات البشرية لا يمكن فصلها عن البيئة، بل يجب التعامل معها في نسق تكاملي.[55] وقد مهّد التقرير الطريق لعقد مؤتمر قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، الذي شهد اعتماد عدة اتفاقيات وإعلانات مفصلية، من أبرزها “إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية”، و”أجندة 21″، واتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بتغير المناخ، التنوع البيولوجي، والتصحر.[56] وتُعد أجندة 21 بمثابة خارطة طريق غير ملزمة ولكنها ذات دلالة سياسية كبيرة، إذ تضمنّت مبادئ إرشادية لتنفيذ التنمية المستدامة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، متبنية ثلاث ركائز: العدالة، الاقتصاد، والبيئة.[57] وقد أقرّت الأجندة بالحاجة إلى موارد مالية إضافية للدول النامية لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها البيئية، كما دعت إلى مراجعة سياسات النقل والتصنيع ومصادر الطاقة لضمان تقليل الانبعاثات[58].
لاحقًا، جاء مؤتمر “ريو +10” في جوهانسبرغ عام 2002 ليؤكد مجددًا على الترابط بين الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مشيرًا إلى أن التحدي لا يكمن في غموض المفاهيم، بل في ضعف تنفيذ الالتزامات السابقة.[59] وقد تبنّت الدول المشاركة خطة تنفيذ تضمنت شراكات مرنة وغير ملزمة (Type II) تختلف عن المعاهدات الرسمية، وتمحورت حول تحقيق أهداف الألفية الإنمائية.[60] وفي عام 2012، عُقد مؤتمر “ريو +20” تحت شعار “العالم الذي نريد”، مؤكدًا من جديد على الركائز الثلاث للتنمية المستدامة، ومركّزًا على قضايا محورية كالقضاء على الفقر، خلق فرص العمل، والطاقة النظيفة، والاستخدام المستدام للموارد.[61] وقد تم في هذا المؤتمر الاتفاق على استبدال لجنة التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة بهيكل جديد يُعنى بوضع أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، التي أطلقت رسميًا لاحقًا في عام 2015.[62] وفي سياق محلي، شكّلت أجندة 21 مرجعًا مهمًا لتطوير السياسات البيئية في عدد من الدول، ومنها المملكة العربية السعودية، التي أنشأت اللجنة الوزارية للبيئة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء في التسعينيات لدراسة سبل تكييف الأجندة مع ظروف المملكة وإمكانياتها.[63] وقد شملت اللجنة وزارات معنية كالمياه والزراعة، الصناعة والكهرباء، الصحة، والمالية، إلى جانب الهيئات العلمية مثل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية، مما يعكس توجهًا وطنيًا منسقًا لتكريس مفاهيم التنمية المستدامة في السياسات البيئية السعودية.[64] إن استعراض مسار التنمية المستدامة من تقرير برونتلاند إلى أجندة 21 وما تلاها من مؤتمرات، يكشف عن تحول هذا المفهوم من رؤية نظرية أخلاقية إلى إطار شامل لصياغة السياسات الدولية، ورغم التقدم المؤسساتي، إلا أن التحديات العملية تزداد حدة، مما يُبرز الحاجة إلى التزامات أكثر جدية وشراكات فاعلة تضمن اتساق السياسات البيئية مع مقتضيات العدالة الاجتماعية والحق في الحياة الكريمة.
في خضم التحديات المناخية العالمية المتزايدة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وتزايد الكوارث الطبيعية، وتصاعد انبعاثات الغازات الدفيئة، جاء اتفاق باريس للمناخ عام 2015 كتتويج لمسار تفاوضي طويل امتد منذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (1992)، ومرّ عبر بروتوكول كيوتو (1997)، وصولًا إلى صيغة أكثر شمولًا وتوازنًا بين الالتزامات والمسؤوليات.[65] ويُنظر إلى اتفاق باريس بوصفه إنجازًا دوليًا غير مسبوق من حيث عدد الدول المشاركة، والطابع الملزم له من حيث المبادئ العامة والهيكل المؤسسي، ومرونته في تمكين الدول من تحديد التزاماتها بحسب قدراتها الوطنية.[66] يتأسس الاتفاق على مجموعة من المبادئ الجوهرية، أبرزها مبدأ “المسؤوليات المشتركة ولكن المتفاوتة”، الذي يراعي اختلاف قدرات الدول ومستويات انبعاثاتها التاريخية.[67] فقد أعفى الاتفاق الدول النامية من الالتزامات الكمية الصريحة التي فرضها بروتوكول كيوتو على الدول المتقدمة، وبدلًا من ذلك منحها حرية تحديد مساهماتها الوطنية المحددة (NDCs)، بشرط الإبلاغ عنها دوريًا والالتزام بالشفافية في متابعتها.[68] ووفقًا للمادة الثانية من الاتفاق، فإن الهدف الرئيس يتمثل في الحد من ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، والسعي لحصره في حدود 1.5 درجة مئوية، بما يضمن استدامة النظم البيئية ويحد من مخاطر المناخ على التنمية ومكافحة الفقر.[69] وقد أكدت الاتفاقية على أهمية التمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات كعناصر حاسمة لتمكين الدول النامية من الوفاء بالتزاماتها. وفي هذا السياق، ألزمت الدول المتقدمة بتقديم الدعم المالي والفني للدول النامية، مع تحديد هدف تمويلي يبلغ 100 مليار دولار سنويًا حتى عام 2025، دون أن تحدد آلية ملزمة لذلك، بل شجعت على استخدام أدوات تمويل متنوعة تشمل التمويل العام والخاص، والمصادر الثنائية ومتعددة الأطراف.[70]
ومن حيث التنفيذ والامتثال، أنشأت اتفاقية باريس نظامًا شفافًا لمتابعة الالتزامات عبر تقارير وطنية تُقدَّم كل خمس سنوات، إضافة إلى آلية مراجعة فنية غير عقابية من قبل خبراء دوليين، وذلك بهدف تعزيز الثقة المتبادلة بين الأطراف دون الإخلال بسيادة الدول. كما تضمنت الاتفاقية لجنة لتسهيل التنفيذ والتعامل مع حالات عدم الامتثال، تعمل بطريقة تيسيرية وشفافة تراعي تفاوت القدرات الوطنية.[71] أما من حيث التكيف والخسائر والأضرار، فقد نصت المادة 8 على أهمية الاعتراف بالخسائر الناتجة عن الظواهر المناخية المتطرفة والبطيئة، مثل ارتفاع منسوب البحار والجفاف والتصحر، داعية إلى تعزيز التعاون الدولي في مجالات مثل الإنذار المبكر، وتبادل المعلومات، ودعم الدول المتضررة، خاصة الدول الجزرية والدول الأقل نموًا. غير أن الاتفاق، بضغط من الدول المتقدمة، استبعد تحميل أي طرف مسؤولية قانونية أو التزام بتعويض مادي مباشر.[72] ويُعتبر اتفاق باريس فريدًا في طبيعته القانونية، فهو لا يفرض التزامات موحدة على جميع الأطراف، بل يعتمد على نهج تشاركي تطوعي ملزم سياسيًا وليس قانونيًا في بعض الجوانب، ما يجعل فعاليته مرهونة بإرادة الدول ونظمها الداخلية.[73] وقد دخل الاتفاق حيز التنفيذ في 4 نوفمبر 2016 بعد مصادقة 55 دولة تمثل 55% من الانبعاثات العالمية، وبلغ عدد الأطراف المصدقة لاحقًا 189 دولة.[74] جدير بالذكر أن الاتفاق واجه محطات حرجة، مثل انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب عام 2020، بسبب ما اعتُبره “عبئًا اقتصاديًا”، ثم عودتها مجددًا في عهد الرئيس جو بايدن عام 2021، مما يعكس حساسية الاتفاق تجاه التغيرات السياسية في الدول الكبرى.[75] وبالنظر إلى طبيعة اتفاق باريس، فإنه يُعد تحولًا مفاهيميًا في مسار القانون البيئي الدولي، حيث أدمج قضايا المناخ في سياق التنمية المستدامة، وأعاد تعريف أدوار الدول على أساس المسؤولية الجماعية الطوعية القابلة للقياس والمتابعة، بدلًا من النهج الصارم والمقيد الذي طبع بروتوكول كيوتو. ولهذا، فإن مستقبل الاتفاق سيعتمد على مدى التزام الدول بتحديث مساهماتها الوطنية، والوفاء بتعهداتها المالية، والانخراط في آليات المراجعة والتقييم الخماسي، وعلى رأسها ما بدأ بالفعل عام 2023 كأول عملية “حصيلة عالمية” لتقييم التقدم المحرز في أهداف الاتفاق.
المبحث الثاني: القانون الدولي الإنساني:
في خضمّ التطورات المعاصرة المتسارعة، سواء البيئية أو السياسية أو العسكرية، يبرز القانون الدولي الإنساني كأحد أبرز الفروع القانونية المتصلة بحماية الإنسان والقيود المفروضة على العنف أثناء النزاعات المسلحة، وهو بذلك يتكامل مع مساعي المجتمع الدولي لحماية الإنسان وبيئته، لا في زمن السلم فقط بل حتى في وقت الحرب.[76] ويُعرف هذا القانون بأنه مجموعة القواعد الدولية ذات الطابع العرفي أو التعاقدي، التي تهدف إلى حماية الأفراد الذين لا يشاركون أو توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية، وتنظيم استخدام القوة العسكرية بوسائل تحظر القسوة غير الضرورية، وتكفل الحد الأدنى من الاحترام الإنساني.[77] يتفرع القانون الدولي الإنساني إلى جناحين رئيسيين؛ أولهما ما يُعرف بـ قانون جنيف، الذي يعنى بحماية الضحايا، كالجرحى والمرضى وأسرى الحرب والمدنيين؛ وثانيهما قانون لاهاي، الذي ينظم سير العمليات القتالية، ويقيد وسائل وأساليب الحرب.[78] ويُعد التزاوج بين هذين الفرعين أكثر وضوحًا منذ اعتماد البروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف عام 1977، مما أرسى مزيجًا قانونيًا يعكس تطورًا نوعيًا في تنظيم العلاقة بين المتحاربين، والمجتمع الدولي، والضحايا.[79]
المطلب الأول: نشأة القانون الدولي الإنساني:
وقد تطور مصطلح “القانون الدولي الإنساني” نفسه تاريخيًا، إذ كان يُطلق عليه في السابق قانون الحرب أو قانون النزاعات المسلحة، إلى أن تم تبنيه رسميًا في المؤتمرات الدبلوماسية الدولية منذ السبعينيات، لا سيما في مؤتمر جنيف عام 1974، ليصبح الاسم المعتمد لهذا الفرع من القانون الدولي. ويتميز هذا القانون بطبيعته الثنائية، فهو يحمل جانبًا قانونيًا يتمثل في التشريعات والمعاهدات الدولية، وجانبًا إنسانيًا أخلاقيًا يُعلي من شأن الفرد وكرامته، حتى في ظل ظروف النزاع.[80] وتُعد اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولان الإضافيان لعام 1977، إلى جانب اتفاقيات لاهاي (1899 و1907)، هي الركائز الأساسية لهذا القانون.[81] كما تلعب الأعراف الدولية دورًا محوريًا في إثراء قواعده وتفسيرها، عبر ما تبديه الدول من ممارسات عملية أثناء الحروب والنزاعات. وتتمثل القواعد الأساسية لهذا القانون في مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وتحريم الهجمات العشوائية، والالتزام بعدم إلحاق أضرار مفرطة أو معاناة لا لزوم لها، بالإضافة إلى وجوب المعاملة الإنسانية لجميع الأشخاص الذين أصبحوا خارج نطاق القتال، بما في ذلك الأسرى والجرحى.[82] وقد أضيف إلى الإطار المفاهيمي للقانون الدولي الإنساني في العقود الأخيرة مبدأ مهم عُرف باسم “مسؤولية الحماية” (R2P)، والذي أقرته قمة الأمم المتحدة عام 2005.[83] ينص هذا المبدأ على أن الدولة تتحمل المسؤولية الأولى في حماية سكانها من الفظائع الجماعية، مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. وإذا فشلت في ذلك، تنتقل المسؤولية إلى المجتمع الدولي للتدخل، من خلال وسائل دبلوماسية أو إنسانية أو، في حالات قصوى، عبر استخدام القوة بتفويض من مجلس الأمن.[84] ورغم أن مبدأ “مسؤولية الحماية” ليس ملزمًا قانونيًا بشكل مباشر، إلا أن جذوره تتلاقى مع مبادئ القانون الدولي الإنساني، في التأكيد على منع الانتهاكات الجسيمة والرد عليها. وقد أشار البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف إلى أن الدول المتعاقدة تتعهد بالعمل بشكل جماعي أو فردي لضمان احترام أحكام القانون الدولي الإنساني، بما يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة.
المطلب الثاني: اتفاقيات القانون الدولي الإنساني
تُعد اتفاقيات لاهاي بداية تنظيم قواعد الحرب بصورة قانونية مكتوبة، وقد حددت المادة (22) من اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 أن “حق المتحاربين في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو ليس غير محدود”، وهو مبدأ شكّل أساسًا مهمًا لإدخال اعتبارات حماية البيئة ضمن قوانين الحرب لاحقًا.[85] كما نصت المادة (23) على حظر استخدام الأسلحة أو المواد التي تسبب معاناة غير ضرورية، مما يمكن تفسيره باعتباره يشمل الدمار البيئي عندما يكون غير مبرر عسكريًا.[86] أما اتفاقيات جنيف لعام 1949، فقد ركزت أساسًا على حماية الإنسان، إلا أنها قدمت حماية غير مباشرة للبيئة من خلال نصوص تحظر تدمير الممتلكات المدنية، خاصة ما ورد في الاتفاقية الرابعة التي تنص على أنه “يحظر على دولة الاحتلال تدمير ممتلكات خاصة أو عامة إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي ذلك حتمًا.[87] وعلى الرغم من عدم النص الصريح على البيئة، فإن الأعيان المدنية – كالمنشآت الزراعية والمياه والممتلكات العامة – تُعتبر من العناصر البيئية التي يشملها الحظر.
وقد تطور هذا الإطار القانوني مع اعتماد البروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف عام 1977، حيث شكّل البروتوكول الإضافي الأول خطوة نوعية، من خلال المادة (35) التي تحظر “استخدام وسائل أو أساليب قتال يقصد بها أو يُتوقع منها إلحاق أضرار واسعة النطاق وطويلة الأمد وشديدة بالبيئة الطبيعية”، والمادة (55) التي أكدت على ضرورة مراعاة حماية البيئة الطبيعية من الأضرار التي قد تضر بصحة السكان وبقائهم .[88]غير أن هذه النصوص، وإن بدت تقدمية، ما زالت تواجه انتقادات بسبب صعوبة إثبات “النية” في إحداث ضرر بيئي، ولأنها لا تنطبق بصورة واضحة على النزاعات المسلحة غير الدولية.[89] وقد تبلور وعي دولي إضافي بضرورة سد الثغرات من خلال إبرام اتفاقية حظر استخدام تقنيات تعديل البيئة لأغراض عسكرية أو عدائية أخرى (ENMOD) في عام 1976، والتي دخلت حيز النفاذ عام 1978.[90] وقد جاءت هذه الاتفاقية كرد فعل مباشر على استخدام الولايات المتحدة تقنيات التلاعب المناخي (مثل استمطار السحب) خلال حرب فيتنام، مما ألحق أضرارًا بيئية جسيمة في منطقة الهند الصينية.[91] ونصت الاتفاقية في مادتها الأولى على حظر استخدام أي تقنية من شأنها التسبب في تغييرات بيئية واسعة، دائمة أو شديدة، لأغراض عسكرية، كما حظرت على الدول تشجيع أو مساعدة أطراف أخرى على ذلك.[92] رغم أهمية ENMOD، إلا أن نطاقها يظل محدودًا، إذ يركّز على منع استخدام البيئة كوسيلة للحرب، ولا يشمل الأضرار البيئية الناتجة عن الأسلحة التقليدية، أو الاستهداف العرضي للبيئة في العمليات العسكرية، وهو ما أشار إليه الباحثون في نقدهم لقصور الاتفاقية عن توفير حماية شاملة.[93] من جهة أخرى، طورت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) في عام 2020 مبادئ توجيهية لحماية البيئة في النزاعات المسلحة، ركزت فيها على ضرورة اعتبار البيئة “كائنًا مدنيًا”، أي أنها تستحق نفس الحماية الممنوحة للسكان المدنيين.[94] تضمنت هذه المبادئ حظر الأضرار الواسعة، الطويلة الأمد والشديدة، وأكدت على ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية البيئة أثناء العمليات العسكرية، إلا أنها لا تعد ملزمة قانونًا، ولا تُطبق مباشرة على الفاعلين من غير الدول، مما يحدّ من فعاليتها.[95]
المطلب الثالث: الجرائم البيئية
بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية، فقد تطورت قواعد القانون الدولي العرفي لتعزيز حماية البيئة في حالات النزاع. فالإعلانات التاريخية مثل إعلان سان بطرسبورغ لعام 1868، أرسى مبادئ إنسانية أساسية، منها أن الهدف الوحيد المشروع من الحرب هو “إضعاف القوة العسكرية للعدو”، وليس التدمير غير المبرر للأعيان المدنية أو البيئة.[96] وقد تبنّى هذا الاتجاه لاحقًا مبدأ التناسب، ومبدأ التمييز، ومبدأ الضرورة العسكرية، والتي تُستخدم اليوم كمعايير لتحليل مشروعية الأفعال العسكرية التي تمس البيئة.[97] في ظل التحولات البيئية المعاصرة، أصبحت الجريمة البيئية إحدى أخطر الظواهر التي تهدد استقرار الأنظمة الإيكولوجية، وحقوق الإنسان، والأمن الدولي على حد سواء. وتُعرف الجرائم البيئية بأنها تلك الأفعال التي تنطوي على إضرار جسيم ومتعمد بعناصر البيئة الطبيعية، سواء في وقت السلم أو أثناء النزاعات المسلحة.[98] وتشمل هذه الأفعال أنشطة مثل التجارة غير المشروعة بالحياة البرية، وجرائم الشركات في قطاع الغابات، والاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية، والصيد الجائر، والاتجار في النفايات الخطرة، إضافة إلى الأفعال المرتبطة باستخدام أسلحة مدمرة أو سامة في النزاعات، والتي تؤدي إلى تدمير ممنهج للبيئة.[99]
تشير الإحصائيات إلى أن الجريمة البيئية تحتل اليوم المرتبة الرابعة بين أخطر الجرائم عالميًا، بعد المخدرات والتزوير والاتجار بالبشر، وهي تنمو بمعدل سنوي يتراوح بين 5 و7%، أي بأسرع من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي.[100] وقد بلغت كلفة هذه الجرائم نحو 258 مليار دولار في عام واحد، وفقًا لتقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الإنتربول.[101] وهو ما يعكس حجم التهديد الذي تمثله هذه الأفعال على الاقتصاد والبيئة وحقوق الإنسان في آنٍ واحد. وقد ساعد هذا التصاعد في الأثر والخطورة إلى بروز الحاجة إلى تكييف هذه الأفعال قانونيًا ضمن المنظومة الجنائية الدولية[102]. وفي هذا السياق، برزت دعوات إلى اعتبار الجرائم البيئية من الجرائم الدولية الأربع الأساسية: جريمة الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، وجريمة العدوان، المنصوص عليها في المادة 5 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.[103] ورغم أن النظام الأساسي لا يتضمن تعريفًا مستقلًا للجريمة البيئية، إلا أن عدداً من الفقهاء والهيئات الأممية أشاروا إلى أن بعض أشكال الإضرار البيئي تندرج ضمن هذه الجرائم إذا ما تحققت أركانها المادية والمعنوية.[104]
فمن منظور الإبادة الجماعية، يمكن أن تُصنف بعض الأفعال البيئية ضمن هذا النوع من الجرائم، متى كان الغرض منها إهلاك جماعة بشرية كليًا أو جزئيًا من خلال إخضاعها لأحوال معيشية كارثية، كتلويث مصادر المياه أو الهواء عمدًا باستخدام أسلحة كيميائية أو مشعة.[105] كما يمكن أن تُكيف الجرائم البيئية ضمن الجرائم ضد الإنسانية، إذا تسببت عن علم في معاناة شديدة أو أذى جسدي أو عقلي لسكان مدنيين، كما في حالة التلوث الشامل أو التدمير المنهجي للبنى التحتية الحيوية كالزراعة والمياه.[106] أما في سياق جرائم الحرب، فإن الفقرة 2(ب)(4) من المادة 8 من النظام الأساسي تجرم الأفعال التي تسبب “أضرارًا واسعة النطاق وطويلة الأمد وشديدة بالبيئة الطبيعية”، إذا كانت غير متناسبة مع المكاسب العسكرية المتوقعة. كما تجرّم الفقرتان 17 و18 من ذات المادة استخدام السموم أو الغازات السامة أو ما في حكمها، باعتبارها جرائم بيئية متى أُثبتت نية استخدامها لإلحاق الضرر المباشر بالبيئة والسكان.[107]
المبحث الثالث: المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية أثناء النزاعات المسلحة
المطلب الأول: المسؤولية المدنية الدولية عن الأضرار البيئية
ورغم هذا التقدم في الاعتراف بالبعد الجنائي للجرائم البيئية، لا تزال المنظومة الدولية تفتقر إلى آلية واضحة ومحددة لتصنيف هذه الجرائم وملاحقتها قضائيًا، خاصة في ظل غموض التكييف القانوني، وتضارب المعايير بين الأضرار “الواسعة والبعيدة الأمد”، وتفاوت الإرادة السياسية لدى الدول.[108] وهو ما دفع بعض النشطاء والباحثين، مثل الحائز على جائزة نوبل للسلام أدولفو بيريز إسكيفيل، إلى الدعوة لإنشاء محكمة جنائية دولية متخصصة بالجرائم البيئية، بحيث تشمل اختصاصها حوادث التلوث النووي، وتدمير الغابات، وقطع مصادر المياه، والإضرار العابر للحدود.[109] وإلى جانب ذلك، برزت دعوات فقهية وأممية أخرى لتطوير تشريع دولي موحد يُعرّف الجريمة البيئية، ويحدد أركانها ومسؤوليات أطرافها، سواء كانوا دولًا أو فاعلين من غير الدول، كالكيانات العسكرية، أو الشركات متعددة الجنسيات، التي ترتكب أفعالًا ملوثة ذات أثر عالمي.[110] ويعزز هذا التوجه الوعي المتزايد بأن البيئة لم تعد مجرد مصلحة عامة غير قابلة للتقنين، بل أصبحت مصلحة قانونية محمية تترتب على الإضرار بها مسؤولية جنائية دولية. تمثل المسؤولية المدنية الدولية إحدى أبرز الآليات القانونية التي كرسها القانون الدولي المعاصر لمواجهة الأضرار البيئية الناجمة عن النزاعات المسلحة، وتُعد مكملة للمسؤولية الجنائية في حماية البيئة، لكنها تختلف عنها في الأساس والنتائج، إذ تهدف بالدرجة الأولى إلى إصلاح الضرر وتعويض المتضرر، سواء كان دولة أو جماعة أو أفرادًا، دون اشتراط إثبات القصد الجنائي كما هو الحال في الجريمة الدولية.[111]
ولقيام هذه المسؤولية، يشترط توفر جملة من العناصر القانونية، على رأسها وجود قاعدة قانونية دولية تحمي البيئة.[112] وقد استقرت هذه القواعد ضمن القانون الدولي الإنساني، سواء في صورة أعراف أو نصوص مكتوبة، كما في المادة 35 الفقرة 3 والمادة 55 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، التي تحظر استخدام وسائل وأساليب قتال تسبب أضرارًا جسيمة وواسعة النطاق وطويلة الأمد بالبيئة الطبيعية.[113] وتأسيسًا على مبدأ الشرعية، فإن هذه النصوص تخلق التزامًا دوليًا يجعل من الإضرار بالبيئة أثناء النزاعات فعلاً غير مشروع يولّد مسؤولية مدنية على الدولة أو الطرف الذي ارتكبه. العنصر الثاني في المسؤولية المدنية يتمثل في وقوع ضرر بيئي جسيم، ويتعين أن تتوفر فيه شروط موضوعية، منها أن يكون الضرر بالغًا من حيث مداه وأثره، وأن يتسم بالامتداد المكاني (أي لا يقتصر على الدولة المتضررة فقط، بل يشمل البيئة في الدول المجاورة أو الممتلكات ذات الأهمية الدولية)، وأن يكون طويل الأمد بحيث تبقى آثاره قائمة لسنوات، وربما أجيال، كما هو الحال في التلوث الإشعاعي أو استخدام الأسلحة الكيميائية.[114] أما الشرط الثالث، فهو نسبة الفعل إلى جهة مسؤولة دوليًا، سواء دولة أو تنظيم مسلح، وأن يكون هناك رابط سببي مباشر بين الفعل الضار والنتائج البيئية. وقد اعتمدت لجنة القانون الدولي في مشروعها لعام 2001 بشأن “مسؤولية الدول عن الأفعال الدولية غير المشروعة” على هذا الإطار، معتبرة أن كل انتهاك لالتزام دولي يرتب مسؤولية دولية، بصرف النظر عن وجود نية أو خطأ، وهو ما يُعرف بنظرية الفعل الدولي غير المشروع.[115]
وبناءً على تحقق هذه العناصر، تُرتب المسؤولية المدنية للدولة آثارًا قانونية، أبرزها الالتزام بإصلاح الضرر، ويأخذ ذلك صورتين أساسيتين: الأولى هي التعويض العيني، أي إعادة الحال إلى ما كان عليه، وتُعد هذه الوسيلة الأفضل لأنها تعيد النظام البيئي إلى وضعه الطبيعي – كترميم الموارد البيئية المتضررة، وإزالة التلوث، وإعادة بناء البنى التحتية المدمرة – لكن يصعب تحقيقها في أغلب الحالات، خاصة في حال التلوث النووي أو التدهور البيئي طويل الأمد، الذي يستحيل معه استرجاع الحالة الأصلية.[116] أما الوسيلة الثانية، فهي التعويض المالي، وتُستخدم عندما يتعذر أو يستحيل تحقيق التعويض العيني. ويُقصد بها دفع مبالغ مالية تقدر وفقًا لحجم الضرر البيئي، لا على أساس القيمة السوقية فحسب، بل اعتمادًا على القيمة البيئية الشاملة، وما تمثله هذه البيئة من هوية وطنية وإرث حضاري وركيزة للتنمية.[117] وتُحتسب هذه المبالغ عادة من خلال مفاوضات بين الأطراف، أو عن طريق التحكيم أو القضاء الدولي، وقد تأخذ شكل تعويض عن الأضرار المباشرة أو عن الخسائر المعنوية والجماعية.[118]
وتؤكد العديد من الأحكام الدولية والتقارير الفقهية أن الدولة مسؤولة عن تعويض الضرر البيئي حتى في حال غياب القصد الجنائي، طالما أن الفعل الضار وقع نتيجة وسائل قتالية غير متناسبة أو دون مراعاة القواعد الدولية.[119] وهذا يشمل – على سبيل المثال – تدمير محطات معالجة المياه، أو تلويث التربة والمياه الجوفية، أو استخدام أسلحة تحدث خللًا في التوازن البيئي.[120] ومن الأمثلة العملية الدالة على الطابع المعقد لهذه المسؤولية، ما جرى في التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، حيث يطالب البعض بتعويض عيني يشمل إزالة الإشعاعات، وتوفير رعاية طبية، وإنشاء مساكن بديلة للمناطق المتأثرة، فضلًا عن تسليم الخرائط التفصيلية لمواقع التفجيرات، الأمر الذي يُظهر أهمية الاعتراف بالبعد البيئي للمسؤولية المدنية الدولية.[121] وهكذا، فإن المسؤولية المدنية الدولية عن الإضرار البيئي تمثل إحدى الأدوات القانونية الفاعلة للحد من الاعتداء على البيئة في زمن الحرب، كما أنها تُعيد الاعتبار لمبدأ الإنصاف، وتفتح المجال أمام المتضررين – دولًا أو شعوبًا – للمطالبة بالتعويض وإصلاح الخلل الناتج عن أفعال عسكرية غير مشروعة. ومع ذلك، فإن تفعيل هذه المسؤولية لا يزال يواجه تحديات واقعية، مثل غياب جهة دولية مختصة، وضعف آليات الإثبات، والتفاوت بين قدرات الدول في المطالبة بحقوقها، مما يستدعي مراجعة شاملة لنظام المسؤولية في القانون الدولي الإنساني والبيئي معًا.
المطلب الثاني: المسؤولية الجنائية الدولية عن الأضرار البيئية
في إطار السعي لضبط الانتهاكات الجسيمة للبيئة التي تقع في زمن النزاعات المسلحة، تتجه الجهود الدولية نحو تعزيز مفهوم المسؤولية الجنائية كوسيلة فعّالة لمحاسبة مرتكبي الجرائم البيئية. وقد نظم نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هذه المسؤولية من خلال إقرار مبدأ الاختصاص الجنائي الدولي على الأشخاص الطبيعيين، بصرف النظر عن صفتهم الرسمية، سواء كانوا قادة أو أفرادًا.[122] ووفقًا للمادة (25) من النظام الأساسي، يتحمل الفرد المسؤولية الجنائية الدولية عن الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة، ويُحاسب عنها بصفته الفردية، ما لم يكن دون سن 18 وقت ارتكاب الجريمة.[123] وتُعد الجرائم البيئية، لا سيما إذا تم ارتكابها خلال نزاع مسلح باستخدام أسلحة كيميائية أو إشعاعية أو من خلال تدمير ممنهج للموارد البيئية، من الأفعال التي يمكن تكييفها قانونًا ضمن الجرائم الدولية الأربع، لا سيما جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.[124] وفي هذا السياق، تؤكد المادة (27) من النظام الأساسي أن الصفة الرسمية – كرئاسة دولة أو عضوية حكومة – لا تُشكل مانعًا من المسؤولية، ولا توفر حصانة أمام المحكمة الجنائية الدولية، كما لا يمكن استخدامها لتخفيف العقوبة.[125]
أما على مستوى القادة العسكريين والرؤساء، فقد شدد النظام الأساسي، وتحديدًا في المادة (28)، على أنهم يتحملون المسؤولية الجنائية إن لم يتخذوا التدابير الكافية لمنع ارتكاب الجرائم من قِبل مرؤوسيهم أو محاسبتهم لاحقًا، بشرط أن يكونوا على علم أو يُفترض أن يكونوا على علم بوقوع الجرائم أو احتمال ارتكابها.[126] وهو ما يعكس تطورًا واضحًا في مفهوم القيادة المسؤولية، الذي لم يعد يسمح بالتذرع بالجهل أو التهرب خلف التسلسل القيادي.[127] إلا أن موضوع إطاعة الأوامر العسكرية كوسيلة للإفلات من المسؤولية لا يزال محل جدل واسع في الفقه الدولي. وقد انقسم الفقهاء إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية: الأول يرى أن تنفيذ أوامر الرئيس يُشكل مبررًا للإعفاء من المسؤولية، استنادًا إلى ضرورات الانضباط العسكري؛ والثاني يرفض هذا الدفع، مؤكدًا أن المرؤوس ليس آلة صماء، بل عليه أن يتحقق من مشروعية الأوامر قبل تنفيذها، خاصة إن تعلق الأمر بأفعال جسيمة؛ أما الاتجاه الثالث، فهو اتجاه توفيقي يجيز الدفع بالأمر غير المشروع فقط إذا لم تكن لا مشروعيته ظاهرة، أي في الحالات التي تتسم بالغموض أو الإكراه المعنوي، دون أن يمتد ذلك إلى الأوامر المتعلقة بجرائم الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية، إذ يُفترض فيها أن عدم مشروعيتها واضحة بذاتها.[128] وقد نصت المادة (33) من النظام الأساسي على ثلاث حالات يُمكن فيها إعفاء المرؤوس من المسؤولية الجنائية عن تنفيذ أمر غير مشروع: إذا كان ملزمًا قانونًا بإطاعة الأمر؛ إذا لم يكن يعلم بعدم مشروعيته؛ وإذا لم تكن لا مشروعيته واضحة.[129] لكن يُستثنى من ذلك الأوامر المتعلقة بجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، حيث لا يُقبل فيها الدفع بجهل المشروعية، نظرًا لفداحة الأثر وتكرار التحذيرات الدولية بشأنها.[130]
ويتجلى التطبيق العملي لهذه المبادئ في المحاكمات الدولية، مثل محاكم نورمبرغ ويوغسلافيا ورواندا، التي رفضت مرارًا التذرع بالأوامر الرئاسية أو الحصانات الرسمية، باعتبار أن الجريمة الدولية تتسم بطابعها الخاص الذي لا يسقط بمرور الزمن ولا يُغتفر بقرار سياسي.[131] وهو ما عزز من التوجه نحو مساءلة الفرد المسؤول عن الانتهاك البيئي سواء كان مرتكبًا مباشرًا أو شريكًا أو متسببًا بالإهمال في منعه. إن هذا التوجه الجنائي يحمل قيمة ردعية وأخلاقية كبيرة، حيث يوجّه رسالة واضحة بأن البيئة لم تعد فرعًا ثانويًا في القانون الدولي، بل أصبحت مصلحة قانونية جماعية تستوجب الحماية، وأن من يتجاوز ذلك – أيا كان موقعه – معرض للمساءلة الجنائية أمام المجتمع الدولي. شكّلت المحاكم الدولية أداةً قانونية بالغة الأهمية في تطوير وتفعيل قواعد القانون الدولي المتعلقة بحماية البيئة، لا سيما في سياق النزاعات المسلحة والانتهاكات ذات البعد البيئي. ويبرز في هذا الإطار دور محكمتين دوليتين رئيسيتين: محكمة العدل الدولية، بوصفها الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها الأداة الجنائية المختصة بملاحقة الأفراد على الجرائم الدولية، ومنها ما يتصل بالبيئة في ظروف معينة.
المطلب الثالث: دور المحاكم الدولية في تسوية النزاعات البيئية
ففيما يتعلق بـمحكمة العدل الدولية، فإن المادة (92) من ميثاق الأمم المتحدة تعتبرها الهيئة القضائية الرئيسية في المنظومة الأممية، وهي تمارس اختصاصها بموجب نظام أساسي يخولها البت في النزاعات القانونية بين الدول، وتقديم آراء استشارية قانونية.[132] ويبرز دور المحكمة في المسائل البيئية من خلال ما تنظر فيه من خلافات بشأن تفسير أو تطبيق المعاهدات البيئية أو اتفاقيات القانون الدولي الإنساني ذات الصلة. وتمنح بعض الاتفاقيات صراحة صلاحية المحكمة في تسوية النزاعات المتعلقة بها، كما في المادة (9) من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، والمادة (30) من اتفاقية مناهضة التعذيب.[133] وتكمن أهمية المحكمة في امتلاكها صلاحية الفصل في الأفعال غير المشروعة دوليًا، وتحديد طبيعة الالتزام المترتب عليها، ونوع التعويض المناسب، بما في ذلك في القضايا ذات الطابع البيئي، كما حصل في قضية “مضيق كورفو” و”الأنشطة العسكرية في نيكاراغوا”، حيث أحالت المحكمة إلى مبادئ القانون الإنساني ذات الطابع الإنساني والبيئي، وأسست لمبدأ وجوب مراعاة الاعتبارات الإنسانية والبيئية في النزاع المسلح.[134]
أما من جهة المحكمة الجنائية الدولية، فقد أولى نظام روما الأساسي – رغم محدودياته – اهتمامًا بالجوانب البيئية ضمن الجرائم الدولية الأربع: جرائم الإبادة، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، وجريمة العدوان. وقد نصّت المادة (8)(2)(ب)(4) تحديدًا على أن “شنّ هجوم مع العلم بأنه سيسبب ضررًا واسع النطاق وطويل الأمد وجسيمًا للبيئة الطبيعية”، يُعد من جرائم الحرب، ما يفتح الباب أمام المساءلة الجنائية الفردية في حالات محددة.[135] إلا أن هذه المحكمة تواجه جملة من التحديات الهيكلية والإجرائية تعيق اضطلاعها بدورها الكامل في ملاحقة الجرائم البيئية، منها أن النظام الأساسي لم يدرج صراحة الأسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية ضمن قائمة المحظورات البيئية، بفعل اعتراض الدول الكبرى، مما قلّص فعالية النصوص البيئية.[136] كما أن المحكمة مقيدة بشرط إقليم الجريمة وجنسية الجاني وفق المادة (12)، مما يعني أنها لا تختص بأي قضية ما لم تكن الدولة المعنية طرفًا في النظام، إلا إذا أحال مجلس الأمن الدولي الحالة إليها بموجب الفصل السابع، حيث يصبح اختصاص المحكمة إلزاميًا على جميع الدول، سواء كانت أطرافًا في نظام روما أم لا.[137]
ولا تقتصر الصعوبات على المسائل الشكلية، بل تمتد إلى الإشكاليات السياسية، إذ تتيح المادة (16) لمجلس الأمن تعليق إجراءات المحكمة لمدة اثني عشر شهرًا قابلة للتجديد، الأمر الذي يُضعف من استقلالية المحكمة ويجعلها رهينة الإرادة السياسية للدول الخمس دائمة العضوية، خاصة في ظل تضارب المصالح عندما يتعلق الأمر بجرائم بيئية تورطت فيها دول مؤثرة.[138] كما أن المحكمة تواجه موانع قانونية أخرى، مثل الحصانات السيادية لبعض المسؤولين، التي رغم أن المادة (27) من النظام الأساسي قد ألغتها نظريًا، إلا أن المادة (98) تعيدها فعليًا عندما تشترط موافقة الدولة المعنية على التنازل عن الحصانة قبل تنفيذ طلب المحكمة.[139] كما أن صعوبة جمع الأدلة البيئية، واستمرار آثار الضرر لفترات طويلة، وعدم وضوح لحظة “ارتكاب الجريمة”، تمثل كلها تحديات تقنية تؤثر على سير العدالة في الجرائم البيئية.[140] وفي ضوء هذه الصعوبات، تبرز دعوات دولية متزايدة لتطوير اختصاص المحاكم القائمة، أو إنشاء هيئة قضائية دولية متخصصة بالجرائم البيئية، على غرار ما اقترحه نشطاء القانون البيئي وعدد من المنظمات غير الحكومية، حيث أشاروا إلى ضرورة تأسيس “محكمة جنائية بيئية دولية” تتولى النظر في الجرائم الكبرى ضد الطبيعة، كالتلوث الشامل، وتدمير الأنظمة البيئية، واستهداف البنى البيئية خلال النزاعات المسلحة، وهو توجه يعزز فكرة أن البيئة لم تعد مصلحة غير قابلة للتقاضي، بل باتت مصلحة قانونية تستحق الحماية والمساءلة القضائية.
الخاتمة:
بعد استعراض المعطيات القانونية والفقهية والقضائية ذات الصلة بحماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة، يمكن القول إن النظام القانوني الدولي لا يزال قاصرًا عن تحقيق الحماية اللازمة للبيئة في ظروف الحرب، سواء من حيث النصوص أو من حيث التطبيق. فرغم وجود عدد من الاتفاقيات الدولية التي تتناول بشكل مباشر أو غير مباشر الأضرار البيئية، مثل البروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف، واتفاقية ENMOD، فإن الطابع غير الملزم لبعض النصوص، وضيق نطاق تطبيقها، وصعوبة الإثبات، كلها عوامل تُضعف من جدواها العملية. كما أن المحكمة الجنائية الدولية، رغم إدراجها بعض صور التدمير البيئي ضمن جرائم الحرب، لا تزال محدودة الصلاحية بسبب المعوقات السياسية والإجرائية. ومن ناحية أخرى، فإن غياب آلية دولية متخصصة لملاحقة الجرائم البيئية يفتح الباب للإفلات من العقاب، ويقلل من فعالية الردع القانوني. لذا، توصي الدراسة بإعادة النظر في مفهوم “الضرر البيئي الجسيم” وإدراجه ضمن قائمة الجرائم الدولية الأساسية، مع تطوير آليات التحقيق والمحاكمة والتعويض، وتوسيع دور الفقه والمنظمات الدولية في صياغة قواعد بيئية ملزمة. كما تدعو إلى تبني مقاربة وقائية شاملة، تتجاوز معالجة النتائج إلى تجفيف منابع الخطر، عبر تطوير التكنولوجيا العسكرية، وتعزيز الرقابة، وتكريس مبدأ المسؤولية المشتركة عن حماية كوكب الأرض حتى في أوقات الحرب
التوصيات:
1_ إدراج الجريمة البيئية ضمن الجرائم الدولية الأساسية في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بشكل صريح ومستقل، لتوفير إطار قانوني متكامل يضبط المسؤولية الجنائية عن الإضرار الجسيم بالبيئة زمن النزاعات المسلحة.
2_ توسيع نطاق الحماية البيئية في النزاعات غير الدولية، وتعديل نصوص البروتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنيف بما يشمل النزاعات الداخلية التي تزايدت فيها الانتهاكات البيئية من قبل أطراف غير دول.
3_ تطوير تعريف قانوني واضح للضرر البيئي الجسيم، يراعي الطبيعة التراكمية والطويلة الأمد للأثر البيئي، ويشمل مختلف صور الضرر المادي والمعنوي والبيولوجي.
4_ إنشاء هيئة قضائية دولية متخصصة بالجرائم البيئية، أو محكمة بيئية دولية مستقلة، تتولى النظر في الجرائم البيئية الجسيمة، وتوفر آليات للتقاضي والإنفاذ خارج البنية التقليدية للمحاكم القائمة.
5_ تعزيز دور محكمة العدل الدولية في المنازعات البيئية، من خلال تمكينها من اختصاص إلزامي في القضايا المتعلقة بالانتهاكات البيئية العابرة للحدود، خاصة في النزاعات بين الدول المتجاورة أو المشاركة في موارد طبيعية مشتركة.
6_ وضع آلية دولية لتعويض الأضرار البيئية زمن الحروب، تشمل إنشاء صندوق دولي للتعويضات البيئية يُمول من قبل الدول المسببة للضرر، ويخضع لإشراف هيئات بيئية وقانونية دولية.
7_ دعم البحوث والتقارير البيئية المحايدة خلال النزاعات، وتوفير آليات مستقلة للرصد البيئي وتوثيق الانتهاكات بالوسائل التكنولوجية الحديثة مثل الأقمار الصناعية وتحليل العينات البيئية.
8_ تضمين المفاهيم البيئية في المناهج العسكرية الوطنية والدولية، وتدريب أفراد القوات المسلحة على قواعد حماية البيئة أثناء النزاعات، بما يكرّس ثقافة الالتزام البيئي في العمليات العسكرية.
الشكر والتقدير
The author extends his appreciation to Prince Sattam bin Abdulaziz University for funding this research work through the project number (PSAU/2024/01/30431)
أولا: المراجع العربية:
- د. أحمد عبدالكريم سلامة، قانون حماية البيئة (مكافحة التلوث، تنمية الموارد الطبيعية)، دار النهضة العربية ٢٠١٩.
- د. يوسف حمادة ربيع، البيئة في الفقه الإسلامي وقاية تنمية، جامعة طنطا، ٢٠١٨.
- د. أحمد أبو الوفا، تأملات حول الحماية الدولية للبيئة من التلوث، المجلة المصرية للقانون الدولي، 1993.
- د. صالح محمد بدر الدين: المسؤولية عن نقل النفايات الخطرة في القانون الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٣
- د. معمر رتيب محمد عبد الحافظ، القانون الدولي للبيئة وظاهرة التلوث، دار النهضة العربية، ٢٠٠٧.
- د. عدنان عبدالوهاب، د. معمر عبدالحافظ، د. علاء محمد، دور الأمم المتحدة فى حماية البيئة من التلوث، مجلة البحوث والدراسات الإفريقية ودول حوض النيل، المجلد ٤(١) ٢٠٢٢.
- د. أحمد دسوقي محمد إسماعيل، الإدارة الدولية لقضايا البيئة، مجلة السياسة الدولية، العدد 147 ، ٢٠٠٢.
- د. داليا عبدالغني، القانون الدولي والبيئة، جامعة طنطا ٢٠١٩.
- د. محمد خلف البقور، الحماية القانونية الدولية للتغيرات المناخية، مجلة الميزان للدراسات الإسلامية والقانونية، المجلد ١١ (١) ٢٠٠٤.
- علي سيف النامي، الحماية القانونية الدولية للمناخ في ضوء إتفاقية باريس لعام ٢٠١٥، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، المجلد ٤٦(٣) ٢٠٢٢.
- د. أحمد علي ديهوم، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني “دراسة تاريخية مقارنة في حقوق الأسير في التنظيم الدولي والداخلي”، جامعة عين شمس ٢٠١٩.
- عيسى علي، مبطوش الحاج، حماية البيئة الطبيعية ضمن مبادئ القانون الدولي الإنساني، مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية، المجلد ٩(٢) ٢٠٢٠.
د. علي سليم صالح الحموري، نحو إنشاء محكمة دولية جنائية للبيئة، مجلة دراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد ٥(٤) ٢٠٢٢.
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي، المجلة الأردنية في القانون والعلوم السياسية، المجلد ١٦(٢) ٢٠٢٤.
ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات، مجلة الحقوق والعلوم الانسانية، المجلد ١٥(١) ٢٠٢٢.
صوفي بن داود، المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، مجلة الدراسات والبحوث القانونية، المجلد ٨(٢) ٢٠٢٣.
- البراهمي سفيان، المسؤولية القانونية الدولية عن الإنتهاكات الضارة بالبيئة زمن النزاعات المسلحة، الدراسات القانونية المقارنة، المجلد ٦(١) ٢٠٢٠.
- تركية ربحي و إلياس بودربالة، المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء على ضوء نظام روما الأساسي، مجلة قبس للدراسات الانسانية والاجتماعية، المجلد ٧(٢) ٢٠٢٣.
علي خالد دبيس، دور محكمة العدل الدولية في ضمان الألتزام بقواعد القانون الدولي الانساني، جامعة كربلاء، العدد السابع عشر، ٢٠١٥.
- رسالة الدكتوراه للدكتورة نورة بنت حمد، https://digitalcommons.pace.edu/lawdissertations/20/
انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة الجوهرة القحطاني، https://digitalcommons.pace.edu/lawdissertations/29/
ثانيا: المراجع الأجنبية
Environment Law: “An In – Depth Review UNEP Report, No2, 1981”, P.23
Trail Smelter Arbitration (United States v. Canada), Special Arbitral Tribunal, 3 U.N. Rep. Int’l Arb. Awards 1905 (1941)
Beniston, Martin. “Climate change and its impacts: growing stress factors for human societies.” International Review of the Red Cross 92.879 (2010)
Jeffers, James. “Climate change and the law: reducing Ireland’s greenhouse gas emissions.” Galway Student L. Rev. 3 (2007).
Abas, Naeem, Anam Kalair, and Nasrullah Khan. “Review of fossil fuels and future energy technologies.” Futures 69 (2015).
Bravo, Adriana, and Ana Luz Porzecanski. “Applying critical thinking to the amphibian decline problem.” (2018).
Thomas, Chris D., et al. “Extinction risk from climate change.” Nature 427.6970 (2004): 145-148.
Costanza, Robert, et al. “The value of the world’s ecosystem services and natural capital.” nature 387.6630 (1997): 253-260.
Dryzek, John S., Richard B. Norgaard, and David Schlosberg, eds. The Oxford handbook of climate change and society. Oxford University Press, 2011.
Lewandowsky, Stephan, et al. “Seepage: Climate change denial and its effect on the scientific community.” Global Environmental Change 33 (2015): 1-13.
Hodas, David R. “Ecosystem subsidies of fossil fuels.” J. Land Use & Envtl. L. 22 (2006): 599.
Cho, R. “What Helps Animals Adapt (or Not) to Climate Change.” Columbia Climate School. website (2018).
Warner, Robin. “Oceans in transition: incorporating climate-change impacts into environmental impact assessment for marine areas beyond national jurisdiction.” Ecology Law Quarterly 45.1 (2018): 31-52
Beniston, Martin. “Climate change and its impacts: growing stress factors for human societies.” International Review of the Red Cross 92.879 (2010): 557-568.
Matzarakis, Andreas, and Bas Amelung. “Physiological equivalent temperature as indicator for impacts of climate change on thermal comfort of humans.” Seasonal forecasts, climatic change and human health: health and climate. Dordrecht: Springer Netherlands, 2008. 161-172.
Robinson, Nicholas A., Parvez Hassan, and Françoise Burhenne-Guilmin. “Agenda 21 and the UNCED Proceedings.” (1992).
- انظر إلى د. أحمد عبدالكريم سلامة، قانون حماية البيئة (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى د. أحمد عبدالكريم سلامة، قانون حماية البيئة (مرجع سابق) ↑
- د. يوسف حمادة ربيع، البيئة في الفقه الإسلامي وقاية تنمية، جامعة طنطا، ٢٠١٨. ↑
- انظر إلى د. يوسف حمادة ربيع، البيئة في الفقه الإسلامي وقاية تنمية (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى د. أحمد عبدالكريم سلامة، قانون حماية البيئة (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى د. يوسف حمادة ربيع، البيئة في الفقه الإسلامي وقاية تنمية (مرجع سابق) ↑
- د. أحمد أبو الوفا، تأملات حول الحماية الدولية للبيئة من التلوث، المجلة المصرية للقانون الدولي، 1993. ↑
- انظر إلى د. أحمد أبو الوفا، تأملات حول الحماية الدولية للبيئة من التلوث (مرجع سابق) ↑
- Environment Law: “An In – Depth Review UNEP Report, No2, 1981”, P.23 ↑
- انظر إلى د. أحمد عبدالكريم سلامة، قانون حماية البيئة (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى د. أحمد عبدالكريم سلامة، قانون حماية البيئة (مرجع سابق) ↑
- د. صالح محمد بدر الدين: المسؤولية عن نقل النفايات الخطرة في القانون الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٣ ↑
- انظر إلى د. أحمد عبدالكريم سلامة، قانون حماية البيئة (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى د. صالح محمد بدر الدين: المسؤولية عن نقل النفايات الخطرة في القانون الدولي، (مرجع سابق) ↑
- د. معمر رتيب محمد عبد الحافظ، القانون الدولي للبيئة وظاهرة التلوث، دار النهضة العربية، ٢٠٠٧. ↑
- Trail Smelter Arbitration (United States v. Canada), Special Arbitral Tribunal, 3 U.N. Rep. Int’l Arb. Awards 1905 (1941) ↑
- Beniston, Martin. “Climate change and its impacts: growing stress factors for human societies.” International Review of the Red Cross 92.879 (2010) ↑
- انظر إلى تقرير ال EPA لعام 2019 المتعلق عن الوقود الأحفوري https://www.epa.gov/ghgemissions/overview-greenhouse-gases ↑
- تقرير ال EPA (مرجع سابق). ↑
- Jeffers, James. “Climate change and the law: reducing Ireland’s greenhouse gas emissions.” Galway Student L. Rev. 3 (2007). ↑
- Abas, Naeem, Anam Kalair, and Nasrullah Khan. “Review of fossil fuels and future energy technologies.” Futures 69 (2015). ↑
- انظر إلى تقرير ناسا بخصوص التغير المناخي https://climate.nasa.gov/evidence/ ↑
- انظر إلى تقرير الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي https://www.climate.gov/news-features/climate-qa/whats-hottest-earths-ever-been ↑
- تقرير وكالة ناسا (مرجع سابق) ↑
- Bravo, Adriana, and Ana Luz Porzecanski. “Applying critical thinking to the amphibian decline problem.” (2018). ↑
- Thomas, Chris D., et al. “Extinction risk from climate change.” Nature 427.6970 (2004): 145-148. ↑
- Costanza, Robert, et al. “The value of the world’s ecosystem services and natural capital.” nature 387.6630 (1997): 253-260. ↑
- Dryzek, John S., Richard B. Norgaard, and David Schlosberg, eds. The Oxford handbook of climate change and society. Oxford University Press, 2011. ↑
- Lewandowsky, Stephan, et al. “Seepage: Climate change denial and its effect on the scientific community.” Global Environmental Change 33 (2015): 1-13. ↑
- Hodas, David R. “Ecosystem subsidies of fossil fuels.” J. Land Use & Envtl. L. 22 (2006): 599. ↑
- انظر إلى مقالة Hodas, David R. “Ecosystem subsidies of fossil fuels.” (مرجع سابق) ↑
- Cho, R. “What Helps Animals Adapt (or Not) to Climate Change.” Columbia Climate School. website (2018). ↑
- انظر إلى مقالة Cho, R. “What Helps Animals Adapt (or Not) to Climate Change.” (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى مقالة Cho, R. “What Helps Animals Adapt (or Not) to Climate Change.” (مرجع سابق) ↑
- Bravo, Adriana, and Ana Luz Porzecanski. “Applying critical thinking to the amphibian decline problem.” (2018). ↑
- انظر إلى مقالة Bravo, Adriana, and Ana Luz Porzecanski. (مرجع سابق) ↑
- Warner, Robin. “Oceans in transition: incorporating climate-change impacts into environmental impact assessment for marine areas beyond national jurisdiction.” Ecology Law Quarterly 45.1 (2018): 31-52. ↑
- Beniston, Martin. “Climate change and its impacts: growing stress factors for human societies.” International Review of the Red Cross 92.879 (2010): 557-568. ↑
- Matzarakis, Andreas, and Bas Amelung. “Physiological equivalent temperature as indicator for impacts of climate change on thermal comfort of humans.” Seasonal forecasts, climatic change and human health: health and climate. Dordrecht: Springer Netherlands, 2008. 161-172. ↑
- انظر إلى مقالة Beniston, Martin (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى مقالة Beniston, Martin (مرجع سابق) ↑
- د. عدنان عبدالوهاب، د. معمر عبدالحافظ، د. علاء محمد، دور الأمم المتحدة فى حماية البيئة من التلوث، مجلة البحوث والدراسات الإفريقية ودول حوض النيل، المجلد ٤(١) ٢٠٢٢. ↑
- د. أحمد دسوقي محمد إسماعيل، الإدارة الدولية لقضايا البيئة، مجلة السياسة الدولية، العدد 147 ، ٢٠٠٢. ↑
- انظر إلى تقرير الأمم المتحدة لمؤتمر ستولكهولم https://docs.un.org/en/A/CONF.48/14/Rev.1 ↑
- انظر إلى تقرير الأمم المتحدة لمؤتمر ستولكهولم (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى تقرير الأمم المتحدة لمؤتمر ستولكهولم (مرجع سابق) ↑
- د. عدنان عبدالوهاب، د. معمر عبدالحافظ، د. علاء محمد، دور الأمم المتحدة فى حماية البيئة من التلوث (مرجع سابق) ↑
- د. داليا عبدالغني، القانون الدولي والبيئة، جامعة طنطا ٢٠١٩. ↑
- انظر إلى تقرير الأمم المتحدة لمؤتمر ستولكهولم (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى تقرير الأمم المتحدة لمؤتمر ستولكهولم (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى تقرير الأمم المتحدة لمؤتمر ستولكهولم (مرجع سابق) ↑
- د. عدنان عبدالوهاب، د. معمر عبدالحافظ، د. علاء محمد، دور الأمم المتحدة فى حماية البيئة من التلوث (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة نورة بنت حمد، https://digitalcommons.pace.edu/lawdissertations/20/ ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة نورة بنت حمد (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة نورة بنت حمد (مرجع سابق) ↑
- Robinson, Nicholas A., Parvez Hassan, and Françoise Burhenne-Guilmin. “Agenda 21 and the UNCED Proceedings.” (1992). ↑
- انظر إلى مقالة Robinson, Agenda 21 and the UNCED (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى اتفاقية الأرض 2002 https://www.un.org/ar/conferences/environment/johannesburg2002 ↑
- انظر إلى اتفاقية الأرض (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى اتفاقية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2012، https://www.un.org/ar/conferences/environment/rio2012 ↑
- اتفاقية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة نورة بنت حمد (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة نورة بنت حمد (مرجع سابق) ↑
- د. محمد خلف البقور، الحماية القانونية الدولية للتغيرات المناخية، مجلة الميزان للدراسات الإسلامية والقانونية، المجلد ١١ (١) ٢٠٠٤. ↑
- د. محمد البقور، الحماية القانونية الدولية للتغيرات المناخية (مرجع سابق) ↑
- علي سيف النامي، الحماية القانونية الدولية للمناخ في ضوء إتفاقية باريس لعام ٢٠١٥، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، المجلد ٤٦(٣) ٢٠٢٢. ↑
- علي سيف النامي، الحماية القانونية الدولية للمناخ في ضوء إتفاقية باريس لعام ٢٠١٥ (مرجع سابق) ↑
- علي سيف النامي، الحماية القانونية الدولية للمناخ في ضوء إتفاقية باريس لعام ٢٠١٥ (مرجع سابق) ↑
- علي سيف النامي، الحماية القانونية الدولية للمناخ في ضوء إتفاقية باريس لعام ٢٠١٥ (مرجع سابق) ↑
- علي سيف النامي، الحماية القانونية الدولية للمناخ في ضوء إتفاقية باريس لعام ٢٠١٥ (مرجع سابق) ↑
- علي سيف النامي، الحماية القانونية الدولية للمناخ في ضوء إتفاقية باريس لعام ٢٠١٥ (مرجع سابق) ↑
- د. محمد البقور، الحماية القانونية الدولية للتغيرات المناخية (مرجع سابق) ↑
- د. محمد البقور، الحماية القانونية الدولية للتغيرات المناخية (مرجع سابق) ↑
- علي سيف النامي، الحماية القانونية الدولية للمناخ في ضوء إتفاقية باريس لعام ٢٠١٥ (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعنوان القانون الدولي الإنساني ↑
- تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر (مرجع سابق) ↑
- تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر (مرجع سابق) ↑
- تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر (مرجع سابق) ↑
- د. أحمد علي ديهوم، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني “دراسة تاريخية مقارنة في حقوق الأسير في التنظيم الدولي والداخلي”، جامعة عين شمس ٢٠١٩. ↑
- تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر (مرجع سابق) ↑
- تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر (مرجع سابق) ↑
- تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر (مرجع سابق) ↑
- تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر (مرجع سابق) ↑
- عيسى علي، مبطوش الحاج، حماية البيئة الطبيعية ضمن مبادئ القانون الدولي الإنساني، مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية، المجلد ٩(٢) ٢٠٢٠. ↑
- عيسى علي، مبطوش الحاج، حماية البيئة الطبيعية ضمن مبادئ القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- عيسى علي، مبطوش الحاج، حماية البيئة الطبيعية ضمن مبادئ القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- عيسى علي، مبطوش الحاج، حماية البيئة الطبيعية ضمن مبادئ القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- عيسى علي، مبطوش الحاج، حماية البيئة الطبيعية ضمن مبادئ القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة الجوهرة القحطاني، https://digitalcommons.pace.edu/lawdissertations/29/ ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة الجوهرة القحطاني (مرجع سابق) ↑
- عيسى علي، مبطوش الحاج، حماية البيئة الطبيعية ضمن مبادئ القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة الجوهرة القحطاني (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة الجوهرة القحطاني (مرجع سابق) ↑
- انظر إلى رسالة الدكتوراه للدكتورة الجوهرة القحطاني (مرجع سابق) ↑
- د. أحمد علي ديهوم، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني “دراسة تاريخية مقارنة في حقوق الأسير في التنظيم الدولي والداخلي (مرجع سابق) ↑
- د. أحمد علي ديهوم، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني “دراسة تاريخية مقارنة في حقوق الأسير في التنظيم الدولي والداخلي (مرجع سابق) ↑
- د. علي سليم صالح الحموري، نحو إنشاء محكمة دولية جنائية للبيئة، مجلة دراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد ٥(٤) ٢٠٢٢. ↑
- د. علي سليم صالح الحموري، نحو إنشاء محكمة دولية جنائية للبيئة (مرجع سابق) ↑
- د. علي سليم صالح الحموري، نحو إنشاء محكمة دولية جنائية للبيئة (مرجع سابق) ↑
- د. علي سليم صالح الحموري، نحو إنشاء محكمة دولية جنائية للبيئة (مرجع سابق) ↑
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي، المجلة الأردنية في القانون والعلوم السياسية، المجلد ١٦(٢) ٢٠٢٤. ↑
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي (مرجع سابق) ↑
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي (مرجع سابق) ↑
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي (مرجع سابق) ↑
- ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات، مجلة الحقوق والعلوم الانسانية، المجلد ١٥(١) ٢٠٢٢. ↑
- ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات (مرجع سابق) ↑
- د. علي سليم صالح الحموري، نحو إنشاء محكمة دولية جنائية للبيئة (مرجع سابق) ↑
- د. علي سليم صالح الحموري، نحو إنشاء محكمة دولية جنائية للبيئة (مرجع سابق) ↑
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي (مرجع سابق) ↑
- صوفي بن داود، المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، مجلة الدراسات والبحوث القانونية، المجلد ٨(٢) ٢٠٢٣. ↑
- صوفي بن داود، المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية وفق قواعد القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- صوفي بن داود، المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية وفق قواعد القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- صوفي بن داود، المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية وفق قواعد القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- البراهمي سفيان، المسؤولية القانونية الدولية عن الإنتهاكات الضارة بالبيئة زمن النزاعات المسلحة، الدراسات القانونية المقارنة، المجلد ٦(١) ٢٠٢٠. ↑
- البراهمي سفيان، المسؤولية القانونية الدولية عن الإنتهاكات الضارة بالبيئة زمن النزاعات المسلحة (مرجع سابق) ↑
- البراهمي سفيان، المسؤولية القانونية الدولية عن الإنتهاكات الضارة بالبيئة زمن النزاعات المسلحة (مرجع سابق) ↑
- البراهمي سفيان، المسؤولية القانونية الدولية عن الإنتهاكات الضارة بالبيئة زمن النزاعات المسلحة (مرجع سابق) ↑
- صوفي بن داود، المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية وفق قواعد القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- صوفي بن داود، المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية وفق قواعد القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- البراهمي سفيان، المسؤولية القانونية الدولية عن الإنتهاكات الضارة بالبيئة زمن النزاعات المسلحة (مرجع سابق) ↑
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي (مرجع سابق) ↑
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي (مرجع سابق) ↑
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي (مرجع سابق) ↑
- صهيب المعايطة و عيسى العفيف، الطبيعة القانونية لجريمة الإرهاب البيئي وفقا للقانون الدولي (مرجع سابق) ↑
- تركية ربحي و إلياس بودربالة، المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء على ضوء نظام روما الأساسي، مجلة قبس للدراسات الانسانية والاجتماعية، المجلد ٧(٢) ٢٠٢٣. ↑
- تركية ربحي و إلياس بودربالة، المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء على ضوء نظام روما الأساسي (مرجع سابق) ↑
- تركية ربحي و إلياس بودربالة، المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء على ضوء نظام روما الأساسي (مرجع سابق) ↑
- تركية ربحي و إلياس بودربالة، المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء على ضوء نظام روما الأساسي (مرجع سابق) ↑
- تركية ربحي و إلياس بودربالة، المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء على ضوء نظام روما الأساسي (مرجع سابق) ↑
- ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات (مرجع سابق) ↑
- علي خالد دبيس، دور محكمة العدل الدولية في ضمان الألتزام بقواعد القانون الدولي الانساني، جامعة كربلاء، العدد السابع عشر، ٢٠١٥. ↑
- علي خالد دبيس، دور محكمة العدل الدولية في ضمان الألتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- علي خالد دبيس، دور محكمة العدل الدولية في ضمان الألتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني (مرجع سابق) ↑
- ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات (مرجع سابق) ↑
- ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات (مرجع سابق) ↑
- ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات (مرجع سابق) ↑
- ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات (مرجع سابق) ↑
- ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات (مرجع سابق) ↑
- ولهي المختار، المحكمة الجنائية الدولية والجرائم البيئية المواجهة والتحديات (مرجع سابق) ↑
- – في شهر يونيو من عام 1972 انعقد بستوكهولم (عاصمة السويد) أول مؤتمر للبيئة الإنسانية، وقد تقرر فيه ما يلي:” رغبة من الإنسان في الإنتاج أكثر، فانه يلوث الجو الماء والتربة ويبذر موارد مستنفدة، ورغبة منه في السيطرة على المرض دون أن ينشغل بالنمو الديمغرافي، فان الإنسان بصدد استنفاد الأرض. أين سنصبح خلال ثلاثين سنة عندما سيكون سكان الأرض ستة أو سبعة ملايير؟”
وبعد مرور إحدى عشر سنة أنشأت الأمم المتحدة عام 1983 لجنة دولية حول “البيئة والتنمية” وربطت بذلك بين هاتين المشكلتين اللتين تتحكمان في مستقبلنا. وقد أكد التقرير الذي أعدته رئاسة اللجنة على الخطورة البالغة لتهديد البيئة من قبل عاملين جديدين اخطر بكثير من جميع تهديدات العوامل الأخرى، واللذين ينذران بفناء البشرية على المدى المتوسط، أنهما: الثقب في طبقة الأوزون، وتأثير الحرارة أو سخونة الكرة الأرضية.
وأكد التقرير كذلك على الخطر الديمغرافي والتخريب الحقيقي للعالم الثالث، وألح بشكل قوي على أن الموارد الضرورية لمواجهة مجموع هذه الآفات بشكل فعال يمكن أن توجد بسهولة بتخفيض مكثف للمصاريف العسكرية (أكثر من 1000 مليار دولار سنويا). ومند عام 1989 أصبحت “أرباح السلم” هاته ممكنة بعد اختفاء، حلف وارسو، لكن مالبثت أن أجهضت بسبب حرب الخليج.
انظر:
_ المختار مطيع: مشاكل سياسية كبرى وقضايا دولية في القرن العشرين،مطبعة مكتبة الشباب الرباط، الطبعة الأولى، 1999، ص 381 و 382. ↑





