بحوث قانونيةفي الواجهةمقالات قانونية

التنظيم القانوني لاتفاق الوساطة في المنازعات التجارية”دراسة في النظام السعودي” الدكتور : محمد بن عمر الحجيلي أستاذ القانون الخاص المساعد قسم الأنظمة – كلية الشريعة والأنظمة – جامعة تبوك – المملكة العربية السعودي

التنظيم القانوني لاتفاق الوساطة في المنازعات التجارية

“دراسة في النظام السعودي”

The Legal regulation of mediation agreement in commercial disputes

“Case Study of Saudi Law”

الدكتور : محمد بن عمر الحجيلي

أستاذ القانون الخاص المساعد

قسم الأنظمة – كلية الشريعة والأنظمة – جامعة تبوك – المملكة العربية السعودي

ملخص:

تناولت الدراسة موضوع الوساطة في المنازعات التجارية باعتبارها أحد الوسائل الهامة والسريعة لفض المنازعات التجارية، وقد خلصت الدراسة الى أن الوصول للتسوية الودية عن طريق الوساطة مرهون برضا وموافقة أطراف المنازعة مما يضفي على هذه الوسيلة خصوصية، كما أن هذه الوسيلة توفر قدراً كبيراً من الوقت والجهد وتساعد في حل المنازعات التجارية في وقت أقل من غيرها، وكان من الاحرى بالمنظم السعودي إصدار نظام خاص ينظم سير عمليات الوساطة ويضع تنظيم قانوني محكم لإنشاء مراكز للوساطة في فض المنازعات التجارية.

Abstract:

This article examines the subject of mediation in commercial disputes as one of the critical and rapid means of commercial settlements. The study concluded that reaching an amicable settlement through mediation is subject to the consent and approval of the parties to the dispute which is more confidential in nature. As this method is time saving and requires less effort, it would have been more appropriate for the Saudi regulator to issue a system regulating the conduct of mediation operations and create a tight legal guidline for the establishment of mediation centres in resolving commercial disputes.

منهج البحث:

اعتمد الباحث المنهج الوصفي التحليلي للوقوف على اهم مزايا ومعوقات تطبيق الوساطة في حل المنازعات التجارية كأحد الوسائل البديلة لحل المنازعات.

مشكلة البحث:

تكمن مشكلة البحث في عدم وجود تنظيم قانوني شامل للوساطة كوسيلة لفض المنازعات التجارية في المملكة العربية السعودية على الرغم من الاهمية الكبيرة التي تحتلها هذه الوسيلة كأحد الوسائل البديلة لحل المنازعات.

خطة البحث:

المبحث الأول

ماهية اتفاق الوساطة

اتفاقات الوساطة في العموم تتم بشكل رضائي بين الاطراف المعنية بالنزاع بإرادة حرة وقناعة بطريقة الوساطة كوسيلة لحل النزاع على أن يكون موضوع النزاع من الموضوعات التي تقبل الوساطة فيها، ونعرض فيما يلي للمقصود باتفاق الوساطة ونطاق تطبيقه في المنازعات التجارية.

المطلب الأول: اتفاق الوساطة وصوره وطبيعته القانونية

المطلب الثاني: نطاق تطبيق الوساطة

المطلب الأول

مفهوم الوساطة وصورها وطبيعتها القانونية

أولاً: تعريف اتفاق الوساطة:

تعددت التعريفات القانونية والفقهية لاتفاق الوساطة كوسيلة بديلة لحل المنازعات بشرط أن تكون قابلة للحل بالوساطة، وهو في العموم اتفاق بين طرفين او أكثر بموجبه يتم اللجوء للوساطة كوسيلة لحل النزاع سواء كان الاتفاق سابقا للنزاع أو بعد نشوئه، ويلزم فيه كاتفاق قانوني توافر كافة الأركان الموضوعية اللازمة لأى تصرف قانوني من رضا ومحل وأهلية وسبب.

وطبقاً لنص المادة (1) من قواعد الوساطة الصادرة عن المركز السعودي للتحكيم فالوساطة عبارة عن إتفاق الأطراف على إحالة منازعاتهم القائمة أو المحتملة للوساطة، ويمكن أن يكون اتفاق الوساطة في صورة بند في أحد العقود أو في صورة عقد مستقل.

وإن كنا نعتقد أن التعريفات التي يوردها المشرع في نص قانوني تكون مقبولة لتعريف معاملة جديدة وقد تثير لغطاً في فهمها من الناحية القانونية والفقهية على عكس الوساطة كوسيلة لحل المنازعات التجارية اذ يكتفي بوضع اطارها العام دون الخوض في تعريف مقنن لها.

ثانياً: صور اتفاق الوساطة:

يكون اتفاق الوساطة إما في صورة بند في العقد الأصلي (كشرط)، أو يتم الاتفاق عليه في عقد مستقل، وذلك كالآتي:

  1. اتفاق الوساطة في صورة بند في العقد

    في هذه الحالة يتم الاتفاق بين الأطراف على اللجوء للوساطة كأحد الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية ويكون في صورة شرط في عقد ينظم العلاقة الاصلية التي ثار بشأنها النزاع كأن يرد في ذلك العقد شرط ينص على أن أي نزاع في شأن تنفيذ هذا العقد أو تفسيره يحل باللجوء إلى الوساطة.

    ويُعد في حكم اتفاق الوساطة المكتوب، كل إحالة صريحة في عقد مكتوب إلى أحكام نموذجية أو وثيقة أخرى تتضمن تنظيم فض المنازعات بالوساطة، إذا كانت هذه الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد.

    ولا يؤثر شرط اللجوء للوساطة على حرية الأطراف في تعديل العقد الأصلي سواءً انصب التعديل على إلغاء هذا الشرط او تعديله او حتى عقد اتفاق مستقل للجوء للوساطة التجارية كوسيلة لحل المنازعة. ولا يمكن إلزام الطرف الأخر باللجوء للوساطة لفض المنازعة التي نشأت بين الأطراف مالم يكن برضاهم، يتضح من ذلك ان اللجوء لإتفاق الوساطة تصرف رضائي برضى الطرفين.

  2. اتفاق الوساطة في صورة عقد مستقل

    يعد اتفاق الوساطة في صورة العقد المستقل عبارة عن اتفاق على الوساطة كوسيلة بديلة لحل النزاع يتـم اللجوء إليها بعد نشوء النزاع كأصل عام، أي بعد وقوع الخلاف بين أطراف العلاقة القانونيـة من أجل اللجوء إلى الوساطة لفض النزاع، ونعتقد أنه لا يمنع أن يتم الاتفاق على اللجوء لحل المنازعات بطريق الوساطة بعد ابرام العقد وعن طريق عقد مستقل بغير اشتراط أن يكون هناك نزاع قد نشأ، فربما لا يرغب الطرفان في تعديل العقد وتضمينه شرط اللجوء للوساطة بل قد يرغب الاطراف في مرحلة معينة أن يعقدا اتفاق مستقل مفاده اللجوء للوساطة كوسيلة لفض المنازعات التجارية، ولا يوجد قالب تشريعي أو مانع نظامي يحول دون ذلك.

    فاللجوء للوساطة يعطى الاطراف الحرية في اختيار الطريقة والاجراءات وعدد كبير من القواعد التنظيمية ربما لا يرغب الطرفان في ادراجها ضمن العقد الاصلي بينهما، ولا يمكن اعتبار اتفاق الوساطة المستقل ملحقا للعقد الاصلي لاختلاف المحل في الحالتين بل يعتبر عقداً قائما بذاته.

    لذا يعتبر من مميزات اتفاق الوساطة في صورة العقد المستقل أنه يتضمن كثيراً من التفصيلات التي لا يمكن أن يشتمل عليها شرط الوساطة الذي لا يعدو أن يكون بنداً من بنود العقد. وسواء تم اللجوء للوساطة في المنازعات التجارية وفقاً لصورة البند في أحد العقود أو في صورة عقد مستقل، فإن لأطراف النزاع التجاري الحق في تنظيم كافة جوانبه الإجرائية والموضوعية بحيث تكون العلاقة بين الوسيط والأطراف علاقة مباشرة.

    بمعنى أن للأطراف الاتفاق على قواعد الوساطة التي تحكم تسوية المنازعة التجارية ، وللأطراف في أي مرحلة من مراحل المنازعة الاتفاق على تعديل أي جزء منها، على سبيل المثال، إجراء الوساطة بإستخدام تقنيات الاتصال الحديثة.

    وبشأن مضمون اتفاق الوساطة يجب أن يتضمن اتفاق الوساطة تحديد موضوع النزاع محل الوساطة، وتعيين او طريقة التعين للوسيط او الوسطاء، واللغة التي تتم بها عملية الوساطة، ومكان الوساطة…إلخ.

    ثالثاً: الطبيعة القانونية لاتفاق الوساطة

    تعد الوساطة بمثابة وسيلة اختيارية لأطراف النزاع التجاري سواء من حيث اللجوء إليها أو إختيار الوسيط، أو التسوية الناتجة عنها.

    ويلاحظ أن القاعدة الأساسية في الوساطة الخاصة هي حرية الأطراف في اللجوء إليها، ذلك أن الوساطة تقوم على الإرادة الحرة للأطراف وبأن الأطراف يتمتعون بحرية كبيره في اختيار إجراءات الوساطة والقبول بنتائجها، ولا يملك الوسيط فرض حلول على أطراف الوساطة. فنحن أمام اتفاق إرادي للأطراف، الأمر الذي يعنى بالدرجة الأولى أنه لا يمكن اللجوء للوساطة بدون اتفاق الطرفين معاً، فليس واردا أن يطالب أحد الأطراف منفرداً بالوساطة دون أن يوافق الطرف الآخر على ذلك.

    يأتي ذلك تطبيقاً لمبدأ سلطان الإرادة، والذي يعد أساس للحرية التعاقدية، وهو يعنى في ذاته حرية الأطراف في إبرام العقود والاتفاقيات وتضمينها ما يرغبون فيه من شروط وبنود، التي تعد أساس الالتزام التعاقدي والعدالة التعاقدية التي تمثل اللجوء للوساطة أحد صورها. فإمكانية اللجوء للوساطة لحل نزاع معين مرهونة باتفاق أطرافه بإرادتهم الحرة، وسواء كان اللجوء للوساطة في شكل بند أو عقد مستقل يسري على هذا الاتفاق ما يسري على العقود والاشتراطات بشكل عام.

    بذلك يمكن القول أن الطبيعة القانونية لاتفاق الوساطة هي طبيعة عقدية، سواء كان ذلك بعقد مكتوب أم غير مكتوب، أو تم إثباته في محاضر قضائية أمام المحكمة المختصة، وسواء كان المحرر ورقيا أم إلكترونياً، وإلا كان باطلاً. فلا إلزام على الوساطة، وفقدان أي ركن من الأركان العامة في العقود يوسم عقد وشرط الوساطة بالبطلان.

    المطلب الثاني

    نطاق تطبيق الوساطة في المنازعات التجارية

    نطاق تطبيق الوساطة بحسب طبيعته كوسيلة بديلة لفض النزاع التجارية يتميز انه نطاقاً واسعاً، حيث يشمل جميع النزاعات المتعلقة بالحقوق الخاصة، فالوساطة بطبيعتها يمكن تطبيقها في كافة مجالات الحياة الخاصة والعامة، والأنشطة الوطنية والدولية.

    ويقصد بالمنازعات التجارية تلك التي تخضع لأحكام القانون التجاري، سواءً كانت متعلقة بالعقود التجارية او التصرفات الانفرادية والأفعال الضارة والمسئولية التقصيرية والفعل النافع والكسب الغير مشروع.

    وتختلف الوساطة عن القضاء من حيث الحدود الموضوعية ونطاق التطبيق، فيجوز اللجوء للقضاء في جميع أنواع القضايا، وبدون استثناء من أي نوع، فالتقاضي حق مكفول للجميع وفق احكام الشريعة الاسلامية وكافة الوثائق الدستورية في المملكة العربية السعودية.

    ذلك أن كل شخص يحق له الادعاء بأي حق امام القضاء الرسمي حسب طبيعة ومحتوى الحق والاختصاص النوعي والولائي وما الى ذلك من اجراءات تناولها نظام المرافعات، فالحق في التقاضي محصن دستورياً، والحرمان من ممارسته إنكاراً للعدالة، فتتعدد المحاكم وتتعدد أنواع القضاء وتختلف الأشخاص وأطراف النزاع فهناك قضاء تجاري للمنازعات التجارية وللتجار، وقضاء إداري للقضايا التي تكون الدولة بمختلف مستوياتها طرفا فيها وقضاء عادي لباقي أنواع القضايا ولباقي الأشخاص”.

    وكذلك الوساطة يتنوع نطاق تطبيقها في مختلف فروع القانون، أما بالنسبة لنطاق تطبيق الوساطة في المنازعات التجارية، فالوساطة جائزة فيها، مادام النزاع يقبل الحل بالوساطة، فلا يمكن اللجوء للوساطة في المنازعات الآتية:

  • قضايا الأهلية والنسب والجنسية، فهنالك بعض النزاعات لا تكون بطبيعتها قابلة للوساطة؛ فالنزاعات التي تتعلق بالحالة الشخصية للأفراد، كالنزاعات التي تتعلق بالأهلية والموطن، أو الحقوق اللصيقة بالإنسان، كالحق في الاسم أو الحق في الحياة أو الحق في الجنسية، والنزاعات المتعلقة بتعيين الولي أو الوصي. وقد نصت المادة 1 – 2 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اتفاقات التسوية الدولية المنبثقة من الوساطة، على عدم سريان هذه الاتفاقية على اتفاقات التسوية المبرمة لغرض تسوية منازعة ناشئة من معاملات يشارك فيها أحد الأطراف (مستهلك) لأغراض شخصية أو عائلية أو منزلية والنزاعات المتعلقة بقانون الأسرة أو الميراث أو العمل.
  • القضايا التي لا يمكن إبرام الصلح بشأنها حيث يمكن إجراء الوساطة في كافة أنواع المنازعات التي يجوز الصلح فيها بما لا يتعارض مع النظام العام والقوانين الإلزاميّة النافذة.
  • الدعاوى المستعجلة، فلا تسري أحكام الوساطة على الدعاوى المستعجلة والوقتية، ومنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية.
  • المنازعات المتعلقة بقرارات ربط الضريبة، أيضاً لا تسري أحكام الوساطة على المنازعات المتعلقة بقرارات ربط الضريبة والاعتراضات عليها والتظلمات منها.
  • القضايا المتعلقة بالنظام العام، فيجب أن يكون اتفاق الوساطة مبنياً على سبب مشروع غير مخالف للنظام العام والآداب، أي أن اتفاق الوساطة لا يمكن أن يرد على المسائل التي لا يجوز التصالح بشأنها وخاصة الأمور التي تتعلق بالنظام العام. وعليه فإنه للمحكمة رفض توثيق اتفاق التسوية إذا كان مخالفاً للقانون أو للنظام العام، أو كان قد تم عن طريق الغش أو التدليس، أو لفقـدان أحد أطراف النزاع أهليته، أو كان موضوعه مما لا يجوز فيه الصلح، أو لاستحالة تنفيذ أحد بنوده.

    خلاصة القول فإن اتفاق الوساطة مقيد بالقيود القانونية التي تجعل بعض الحقوق غير قابلة لأن تكون موضوعا للوساطة وهي إجمالا المسائل التي لا يملك الإنسان حق التصرف فيها مثل “التركة المستقبلية، وما يتعلق بالأهلية، ومسائل الأحوال الشخصية، وما له ارتباط بالنظام العام”، وبعض القضايا التي لا يؤثر في إيقافها الصلح “القضايا الجنائية”. وهو ما عبر عنه الفقه من أن “الوساطة تجوز في كل ما يجوز فيه الصلح وما لا يجوز فيه الصلح لا يمكن أن يكون محلا للوساطة”.

    المبحث الثاني

    اجراءات عملية الوساطة في المنازعات التجارية

    تمهيد

    الوساطة كأحد الوسائل البديلة للقضاء الرسمي في تسوية المنازعات تتخذ طريقها من اللحظة التي يوافق فيها الطرفان على بدء إجراءات الوساطة، أو قبول طرف مبادرة الطرف الاخر اللجوء للوساطة، وتنتهي متي توصل الأطراف إلى اتفاق سواً بالتسوية أو عدمها.

    ونعرض من خلال المطلبين التاليين مراحل سير عملية الوساطة ثم انتهاء سير عملية الوساطة، وذلك على النحو التالي:

    المطلب الأول: مراحل سير عملية الوساطة

    المطلب الثاني: انتهاء عملية الوساطة في المنازعات

    المطلب الأول

    مراحل سير عملية الوساطة

    أولا: إنعقاد الوساطة

    لا يمكن البدء في عملية الوساطة إلا بعد إنعقادها إنعقاداً صحيحاً، بإرادة خالية من العيوب، ووفق القواعد القانونية السارية، وألا يكون محلها نزاع غير قابل للحل بالوساطة، فمهمة الوسيط تختلف عن مهمة القاضي والمحكم فمهمة الوسيط فقط الوصول الى مصالحة مرضية للطرفين من أجل إنهاء النزاع ، على غير التحكيم الذى يكون هدفه الاتفاق على عرض النزاع على شخص او أشخاص والتنازل عن اللجوء للقضاء الرسمي من أجل انهاء النزاع بحكم ملزم.

    اما اذا لم يرضي أحد الطرفين بنتيجة الوساطة فلا تثريب عليه، ولا يلتزم بذلك، ولا يمكن ان يعقد اتفاق الوساطة بداية شاملاً على ما يجعل نتيجة الوساطة ملزمه.

    أولا: اختيار الوسيط

    يجب أن يتضمن اتفاق الوساطة تعيين الوسيط أو طريقة تعيينه، وبموجب الشرط أو العقد يتم اختيار الوسيط الاتفاقي من قبل أطراف النزاع أنفسهم، وفى حالة تسمية الوسيط في مجال الوساطة المؤسسية، يلجأ أطراف النزاع إلى مركز أو مؤسسة متخصصة في تسوية المنازعات عن طريق الوساطة..

    وتعتمد الوساطة على مهارات الوسيط، والأساليب المستخدمة لحل النزاع، وقدرته العلمية والعملية في تقييم المراكز القانونية، وثقة طرفي النزاع فيه، وقدرته على إيجاد سبل ناجحة في التفاوض في جو ودي.

    ثانياً: الإعداد للوساطة وافتتاحها

    هذه المرحلة تأتي بعد إختيار الوسيط، ويتعين على الوسيط بمجرد قبوله بمهمة الوساطة أن يعلم الأطراف بذلك، وتشتمل هذه المرحلة على شرح مسار الوساطة وإلتزامات كل من الوسيط وأطراف النزاع وتحديد الأطراف، وبيان القواعد التي تحكم سير جلسات الوساطة والتي يجب على الأطراف إحترامها.

    وتعد هذه المرحلة حاسمة في تقرير مصير الوساطة، فيما إذا كان سينتهي بها الأمر بالاستمرار فيها أو إلغائها، إذ من المحتمل جدا أن يكون لدى الأطراف في البداية نوع من التشكك والانزعاج حيال إجراء الوساطة.

    ونعتقد أن من الواجب في هذه المرحلة تطبيق مبدأ الاختصاص بالاختصاص بما يتناسب مع طبيعة عملية الوساطة، حيث يجد هذا المبدأ أصله في التحكيم كوسيلة بديلة لفض المنازعات. ويقصد به في هذا الصدد أن يتولى الوسيط تحديد اختصاصه ونطاق سلطته والفصل في صحة انعقاد الخصومة من عدمه، كما يتحقق من السلطة المخولة له بمقتضى اتفاق الوساطة، وما إذا كان صالحاً لنظر الخصومة، كما يتأكد أيضاً من عدم تعلق موضوع النزاع بالنظام العام، وهذا المبدأ هو ركيزة استقلال التحكيم ومن مبادئه المسلم بها، وعلى الرغم مما أثير من جدل فقهى وقضائي واسع حول هذا المبدأ في البداية، إلا أن محكمة النقض الفرنسية أقرته في أول حكم لها في هذا الشأن سنة 1963م، وقد اتفقت أغلب التشريعات على إقرار هذا المبدأ، وكذلك درجت أحكام القضاء على الأخذ به وأيده جانب كبير من الفقه، ونعتقد أن هذا المبدأ قابل للتطبيق على اتفاقات الوساطة كما هو الحال بالنسبة لاتفاقات الحكيم بما يتناسب مع طبيعة الوساطة ومدى إلزامية النتائج المنبثقة منه وقدر الحرية الممنوح لطرفي النزاع.

    ثالثا: مرحلة دراسة النزاع والتفاوض

    وهي من المراحل الأساسية في عملية الوساطة وتتميز عن باقي المراحل بالدور الكبير الذي يلعبه الوسيط فيها بحيث يقوم بتهيئة البيئة المناسبة للتفاوض من أجل الوصول للحل المناسب للنزاع، وما يعقده من اجتماعات منفردة أو مشتركة ليحقق هذا الغرض، فدور الوسيط يتمحور حول تشجيع الأطراف على تسوية موضوع النزاع وتقريب وجهات النظر بأي طريقة يراها مناسبة دون أن يكون له سلطة فرض تسوية معينة على الطرفين.

    حيث يتم في هذه المرحلة التعامل مع موضوع النزاع إما جميعه كوحدة واحدة لتسويته أو تجزيئه إلى نقاط والتعامل معها نقطة تلو الأخرى، إذ يعمل الوسيط بعد موافقة الأطراف وفى نطاق الصلاحيات التي يخولها له القانون وإتفاق الوساطة في الاستماع للأغيار الذين يقبلون ذلك. فكما سبق يقتصر دور الوسيط على تشجيع الأطراف لتسوية موضوع النزاع بينهما بأي طريقة يراها مناسبة دون أن يكون له سلطة لفرض تسوية معينة على الطرفين.

    وأخيراً تنتهي الوساطة في حالة قبول او عدم قبول أطراف النزاع لاتفاق تسوية، وذلك كما في المطلب التالي.

    المطلب الثاني

    انتهاء عملية الوساطة في المنازعات التجارية

    تنتهي الوساطة في حالة قبول الأطراف لاتفاق تسوية؛ كما تنتهي في حالة إخفاق عملية الوساطة، وذلك كالآتي:

    أولاً: التوصل لإتفاق التسوية

    تنتهي الوساطة في حالة قبول الأطراف اتفاق التسوية، حيث تعد هذه المرحلة هي المرحلة النهائية التي يتم فيها التوصل للتسوية، حيث يعقد الوسيط في هذه الحالة جلسة يستعرض فيها نتائج مهمته، فإذا ما انتهت هذه المهمة بقبول الطرفين تسوية النزاع، كلياً أو جزئياً، فإن هذه الجلسة تخصص للتوقيع على وثيقة صلح كتابية تحرر لهذه الغاية من طرف الوسيط، حيث يجب لنفاذ اتفاق التسوية أن يكون مُوقعاً عليه من قبل الأطراف وممن يتطلب موضوع النزاع موافقته والوسيط.

  • ماهية اتفاق التسوية

    اتفاق التسوية عبارة عن ما تم التوصل إليه سواء كانت التسوية كلية أو جزئية مقبولة من طرفي النزاع، وقد أورت بعض التشريعات في هذا الصدد تعريفاً لإتفاق التسوية الناتج عن الوساطة بأنه “الاتفاق الذي تم التوصل إليه بناءً على الوساطة، سواء نتج عن هذا الاتفاق حل النزاع بين الأطراف بصورة كلية أو جزئية”. أو أنه “اتفاق الأطراف على ما تم التوصل إليه من تسوية لحسم النزاع فيما بينهم المنبثق عن الوساطة”.

    كما عرفته بعض التشريعات بأنه “هو الاتفاق الذي يتم التوصّل إليه بنتيجة الوساطة كحلّ جزئيّ أو كلّي للنزاع الحاصل والموقّع من الأطراف”.

    ونعتقد ان اتفاق التسوية يمكن تعريفه بأنه النتيجة التي توصل اليها الوسيط وقبلها أطراف النزاع كنتيجة لإتفاق الوساطة، فقبول التسوية من الاطراف، هو ما يعطى الحجة القانونية لاتفاق التسوية حيث يرتبط اتفاق التسوية وجوداً وعدماً بقول اطراف النزاع.

  • مضمون اتفاق التسوية

    يتضمن اتفاق التسوية وقائع النزاع وكيفية التسوية وما تم التوصل إليه لفض النزاع القائم بينهم، بشرط موافقته للقانون المنظم للوساطة، ثم يسلم كل طرف نسخة منه.

    ويجب أن يتضمن اتفاق التسوية على الأخص ما يلي

  • أسماء أطراف النزاع وبياناتهم وعناوينهم.
  • اسم الوسيط وبياناته وعنوانه.
  • اسم أي شخص آخر يجب حصول موافقته على الاتفاق.
  • ملخص موضوع النزاع.
  • اسم أي خبير عين في النزاع ورأي الخبرة الذي أصدره.
  • بيان مفصل لما تم الاتفاق عليه بين أطراف النزاع.
  • الطبيعة القانونية لإتفاق التسوية

    تعد الوساطة بمثابة وسيلة اختيارية لأطراف النزاع التجاري من حيث التسوية الناتجة عنها، ويؤكد ذلك أن ثمرة نجاح الوساطة هي التسوية التي يتوصل إليها الأطراف لإنهاء النزاع فالتسوية عبارة عن عقداً مبرماً بين أطراف النزاع يستلزم بالتالي جميع اركان العقد وشروطه العامة.

    وعليه فإن الطبيعة القانونية لاتفاق الوساطة هي طبيعة عقدة، فإتفاق الوساطة المقبول والموقع من الأطراف له قوته الملزمة ولا يمكن التنصل منه بالإرادة المنفردة، وهو ما يتماشى مع صحيح القانون بشأن عقود الصلح، فالصلح عقد بين طرفين ينقضي به نزاعهم، غير ان الوساطة تختلف عن الصلح في كونها ثمرة لجهود وساطة ناجحة حققت نتائجها.

    ويكون لإتفاق التسوية قوة السند التنفيذي بعد توثيقه أو التصديق عليه من المحكمة إذا تمت إجراءات الوساطة أثناء نظر الدعوى أمامها، حيث تعطيه المحكمة الصيغة التنفيذية بناء على طلب الأطراف كافة أو أحدهم في ضوء بنود اتفاق التسوية المرفوع إليها، و لا يقبل قرار المصادقة على اتفاق التسوية أياً من طرق الطعن العادية أو غير العادية.

    لذا يمكن القول أن المصادقة على قرار التسوية هو ما يمنحه القوة القانونية ليكون نافذاً، فقبل التصديق عليه يجوز لكل طرف رفضه دون أدنى مسئولية عليه.

    ثانياً: تعذر التوصل لإتفاق التسوية

    تنتهي التسوية بتعذر التوصل لتسوية بين أطراف النزاع، أو تصريح الوسيط كتابة أو شفاهةً بأن بذل المزيد من الجهود في الوساطة لن يسهم في تسوية المنازعة أو تصريح أحد الأطراف كتابة أو شفاهةً برغبته بإنهاء إجراءات الوساطة، أو إذا لم يحدث أي تواصل بين الوسيط وأي طرف أو ممثله بعد اختتام اجتماع الوساطة.

    وسواء تراضى الأطراف على بنود التسوية والصلح بمجهود الوسيط، أو قدم الوسيط نفسه اقتراحاً تولى بنفسه كتابة بنوده، وإفراغها في وثيقة أو محرر مكتوب يوقعه هو والأطراف، وتكون له قوة الإلزام.

    فعلى هذا الأساس يقوم الوسيط بتسليم وثيقة أو تقرير مفاده عدم التوصل لتسوية، مع الإلتزام بسرية كل ما أطلع عليه في كافة مراحل الوساطة، وعدم أحقيته في التمسك به أمام المحكمة، في حالة لجوء الأطراف إلي القضاء.

    وهنا يثور التساؤل حول مدي جواز نقد اتفاق الوساطة أو عدم الاعتداد بالشرط المنصوص عليه في العقد الاصلي بإرادة أحد الأطراف وهل يجوز إجبار الطرف الاخر على الخضوع للوساطة، وهل يلتزم الطرف الممتنع بتعويض الطرف الاخر؟

    نعتقد ان عدم الاعتداد بشرط الوساطة او اتفاق الوساطة مخالفةً لبند في العقد او الاتفاق المستقل بحرية تامة وبدون مسئولية يضفى على هذا الشرط وعلى عقد الوساطة المستقل عدم القيمة القانونية، ويوسمه بالضعف ويجعل التنظيم القانوني لكونه سابق او لاحق لنشوء النزاع وقيمته كوسيلة يركن الأطراف إليها أو يتفقوا على الركون اليها مجرد اتفاقاً فارغ قانوناً لا قيمة له.

    لذا نميل الى أن عدم الإعتداد بشرط وإتفاق الوساطة بشكل منفرد وبدون مبرر مشروع وثبوت تضرر الطرف الأخر يشكل مكوناً لمسؤولية الطرف الذي رفض الإعتداد بالشرط او العقد.

    الخاتمة

    تناول البحث موضوع التنظيم القانوني لاتفاق الوساطة في المنازعات التجارية من حيث ماهيته وظروف انعقاده واطرافه وظروف تنفيذه وقد خلصت الدراسة لعدد النتائج والتوصيات لعل أهمها:

    اولاً النتائج:

  1. الوساطة في المنازعات التجارية هي وسيلة ودية تتطلب اتفاق أطراف النزاع التجاري، لتسوية نزاعهم بتدخل طرف ثالث “الوسيط”.
  2. الوسيط في المنازعات التجارية “شخص محايد يختاره أطراف النزاع التجاري لتسوية نزاعهم من خلال تقديم مقترحات التسوية، وتنتهي مهمته بتوصية يصدرها بمشاركة الأطراف”.
  3. تعتمد السرعة في عملية الوساطة على كفاءة الوسيط ومهاراته وخبراته العلمية والعملية، وثقة الأطراف في الوسيط، وتعاونهم معه ومدى قبولهم بمقترحات التسوية.
  4. إنّ الوساطة باعتبارها وسيلة بديلة لتسوية النزاعات التجارية لا ترتبط بإجراءات المرافعات الشرعية ونظام المحاكم التجارية، بل هي وسيلة اكثر مرونة تستهدف الوصول الي تسوية يرتضيها اطراف النزاع التجاري.
  5. يستلزم اللجوء للوساطة في تسوية المنازعات التجارية رضى وقناعة الأطراف بها كوسيلة بديلة، وأن يكون النزاع قابلاً للتسوية بطريق الوساطة.
  6. أن الطبيعة القانونية لاتفاق الوساطة هي طبيعة عقدية، سواء كان ذلك بعقد مكتوب أو غير مكتوب تم إثباته في إطار قانوني آخر.

    ثانياً التوصيات:

  • من الأحرى بالمنظم السعودي إصدار نظام خاص بالوساطة كوسيلة بديلة لتسوية المنازعات التجارية لما تحققه من مزايا تخدم طبيعة العمليات التجارية من ناحية السرعة في تحقيق استقرار المراكز القانونية وتسوية المنازعات التجارية.
  • وضع الأطر القانونية اللازمة لتأهيل كوادر متخصصة في تسوية المنازعات التجارية.
  • إنشاء مراكز متخصصة في عمليات الوساطة لتسوية المنازعات التجارية على غرار مراكز التحكيم، فالوساطة اقل تكلفة من التحكيم وتتشارك في نفس النتائج المأمولة من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات.
  • اقرار المسئولية القانونية عن عدم الاعتداد باتفاقات وشروط اللجوء للوساطة متى كان الغرض منها الاضرار بالطرف الاخر أو بغرض اطالة امد النزاع.

  1. المراجع والمصادر
  1. د. أبو الوفا أحمد، عقد التحكيم واجراءاته، دار المطبوعات الجامعية، 2007 .
  2. د. أبوبكر عبد العزيز مصطفي، المركز القانوني للوسيط في المنازعات التجارية وضمانات الأطراف في مواجهته، 2022.
  3. د. أحمد عبد الكريم سلامة، نظام الوساطة كبديل عن القضاء في تسوية المنازعات، أكاديمية شرطة دبي الإمارات، مج22، ع 1، يناير 2014
  4. د. إبراهيم أحمد إبراهيم، التحكيم الدولي الخاص، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية 1997.
  5. د. خلف عبد اللطيف، الوسائل السلمية لحل منازعات العمل الجماعية، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، 1982.
  6. د. سامية راشد، التحكيم فـي العلاقـات الدوليـة الخاصـة، دار النهضـة العربيـة، القـاهرة، 1984.
  7. د. عبد الفضيل محمد أحمد، دراسة في القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن إنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، ع 29 لسنة 2001.
  8. د. محمد أحمد عبد النعيم، مدى إخلال آلية التوفيق الإجبارية بحق التقاضي، دار النهضة العربية، 2006.
  9. د. محمد أطويف، الوساطة الاتفاقية على ضوء القانون رقم 58-05، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، المغرب، منشورات مجلة القضاء المدني، سلسلة دراسات وأبحاث، ع 3 لسنة 2013.
  10. د. محمد إبراهيم موسى، التوفيق التجاري الدولي وتغير النظرة السائدة حول سبل تسوية منازعات التجارة الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2005.
  11. د. محمود محي الدين محمد مدي فاعلية الوساطة الاتفاقية في فض المنازعات التجارية، 2022.
  12. د. ممدوح طنطاوي، التوفيق والتحكيم ولجان فض المنازعات، مطبعة الانتصار، 2001.
  13. د. نائل علي المساعدة، أثر نجاح الوساطة على الدعوى المدنية في التشريع الأردني مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، المنصورة، المجلد 3 العدد 10، 2020.
  14. القانون رقم (22) لسنة 2019 بشأن الوساطة لتسوية المنازعات، البحرين، الصادر في 1 أكتوبر 2019.
  15. قواعد التحكيم قواعد الوساطة، اكتوبر 2018، سبتمبر 2021، فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية 1437.
  16. قانون الوساطة القضائيّة اللبناني رقم 82 صادر بتاريخ 10 أكتوبر 2018.
  17. القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2021 بشأن الوساطة لتسوية المنازعات المدنية والتجارية.

    المراجع الأجنبية :

  18. Al-Ghadyan, Ahmed. “The changing phases of arbitration in Saudi Arabia.” Arbitration: The International Journal of Arbitration, Mediation and Dispute Management 63.2 (1997).
  19. Al-Khafaji, Forqan Ali Hussein. “Mediation as an alternative means of resolving disputes.” Review of International Geographical Education Online 11.2 (2021).
  20. Assanova, Saida, et al. “Problem aspects of mediation dispute resolution. ” Problem aspects of mediation dispute resolution(2020): 215-233.
  21. Ben-Shahar, Omri. “Agreeing to disagree: Filling gaps in deliberately incomplete contracts.” Wis. L. Rev. (2004): 389.
  22. Born, Gary B. International Arbitration and Forum Selection Agreements, Drafting and Enforcing. Kluwer Law International BV, 2021.
  23. Boulle, Laurence, and Allan Rycrof. “Mediation: principles, process, practice.” JS Afr. L. (1998): 167.
  24. Constantinescu, Miruna, and Monica Simona Corchis. “Are Mediation Clauses Binding and Mandatory.” Juridical Trib. 7 (2017): 53.
  25. Della Noce, Dorothy J. “Mediation theory and policy: The legacy of the Pound Conference.” Ohio St. J. Disp. Resol. 17 (2001): 545.
  26. Drahozal, Christopher R. “Is arbitration lawless.” Loy. LAL Rev.40 (2006): 187.
  27. Hassan, Abida. “Informal dispute resolution in Islamic world Jordan, Egypt, Saudi Arabia and Pakistan.” Habibia Islamicus (The International Journal of Arabic and Islamic Research) 4.1 (2020): 109-118.
  28. Hietanen-Kunwald, Petra, and Helena Haapio. “Effective dispute prevention and resolution through proactive contract design.” Journal of Strategic Contracting and Negotiation 5.1-2 (2021): 3-23.
  29. Kaufmann-Kohler, Gabrielle, and Thomas Schultz. Online dispute resolution: challenges for contemporary justice. Kluwer Law International BV, 2004.
  30. Kirry, Antoine. “Arbitrability: current trends in Europe.” Arbitration International 12.4 (1996): 373-390.
  31. Leinyuy, Kifemmabuh Antonia, and Ayuk Macbert Nkhongho. “The Applicability of Mediation as an Alternative Dispute Resolution Mechanism under OHADA Law.” National Journal of Criminal Law 3.1 (2020): 102-107.
  32. Liebmann, Marian. Mediation in context. Jessica Kingsley Publishers, 2000.
  33. Mania, Karolina. “Online dispute resolution: The future of justice.” International Comparative Jurisprudence 1.1 (2015): 76-86.
  34. Martinez, Janet. “International Dispute System Design: Shoals and Shifting Goals.” J. Disp. Resol. (2020): 343.
  35. Mason, Paul E. “What’s Brewing in the International Commercial Mediation Process: Differences from Domestic Mediation and Other Things Parties, Counsel and Mediators Should Know.” Dispute Resolution Journal 66.1 (2011): 64.
  36. Melenko, Oksana. “Mediation as an Alternative Form of Dispute Resolution: Comparative-Legal Analysis.” Eur. JL & Pub. Admin. 7 (2020): 46.
  37. Michael L. Moffitt, Andrea Kupfer Schneider, Dispute Resolution: Examples and Explanations, Wolters Kluwer Law & Business, Second Edition, 2011, p.83
  38. Salehijam, Maryam. Mediation and Commercial Contract Law: Towards a Comprehensive Legal Framework. Routledge, 2020.
  39. Steele, Brette L. “Enforcing international commercial mediation agreements as arbitral awards under the New York convention.” UCLA L. Rev. 54 (2006): 1385.
  40. Zeller, Bruno, and Leon Trakman. “Mediation and arbitration: the process of enforcement.” Uniform Law Review 24.2 (2019): 449-466.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى