الغش في امتحانات البكالوريا: محاولة للبحث في تحول الظاهرة وتناميها -مقاربة سوسيو سياسية-. الدكتور : الكبير الجربي دكتور في القانون العام -المغرب-
الغش في امتحانات البكالوريا: محاولة للبحث في تحول الظاهرة وتناميها
-مقاربة سوسيو سياسية-.
Cheating in the baccalaureate exams- an attempt to search for the transformation and the growth of the phenomenon -Socio-political approach-
الدكتور : الكبير الجربي
دكتور في القانون العام -المغرب-
ملخص الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى محاولة البحث في مظاهر التحول الذي تعرفه ظاهرة الغش في الامتحانات من حيث الوسائل والتجليات وكذا الفاعلين. فالظاهرة اليوم في تنام ملحوظ في الأوساط المدرسية وتعرف امتدادها إلى المحيط الجامعي، بالشكل الذي يهدد المنظومة التعليمية ويساهم بشكل كبير في تقويضها. وقد أتبثت الدراسة في هذا الصدد أن الغش عرف تطوراً من حيث وسائله وأدواته خاصة مع التطور التكنولوجي والرقمي، وأيضاً من حيث الفاعلين فيه بسبب التحول في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والقيمية بالمجتمع، إذ نجد بالإضافة إلى التلاميذ، هناك انخراط فاعلين حتى من خارج المؤسسات التعليمية، وهو ما يسائل فعالية المنظومة القانونية ومعها أيضاً المنظومة القيمية السائدة في المجتمع.
الكلمات المفتاحية:
الغش المدرسي- المنظومة القيمية- الأدوات الرقمية- الإدارة التعليمية- امتحان البكالوريا
Summary:
The aim of this study is trying to search on aspects of the shift known to the phenomenon of cheating in exams in terms of its means, manifestations, as well as its actors.Today, the phenomenon is growing significantly in school circles it is even stretched to the university surroundings. In a way that threatens the educational system and contributes greatly to its deterioration. In this regard, the study has shown that fraud has evolved in terms of means and tools, particularly with technological and digital development, but also at the level of its actors due to the evolution of social and economic conditionsand value in society. Thus, we note, in addition to the students, an involvement of the actors even outside the educational establishments.
This raises questions about the effectiveness of the legal system and also the prevailing value system in society.
Key words:
School cheating-The value system- Digital tools- The educational administration- Baccalaureate exam.
تعيش العديد من المجتمعات مجموعة من الظواهر[1]، وهذا ليس بالأمر الذي يدعو إلى الاستغراب، على اعتبار أن المسألة تعد نتيجة طبيعية لمختلف التحولات التي تمر بها هذه المجتمعات سواء من حيث أوضاعها الاجتماعية أو الاقتصادية، الأخلاقية أو القيمية، وكذلك بسبب التغير على مستوى سلوكات الأفراد الناتج عن التحول غير العادي في البيئة الاجتماعية التي تتبدل هي الأخرى على مناح عدة وفق الظروف والأحوال، بل أكثر من ذلك يلاحظ حتى نوعاً من التحول على مستوى هذه الظواهر إما في التجليات أو الوسائل المستعملة أو الفاعلين. وبذلك فطبيعي أن ينزع الإنسان إلى فعل الخير كما ينحو إلى اقتراف الشر، وهذا مرتبط بطبيعة الحال بالنفس البشرية التي تبحث عن تحقيق مآربها وغاياتها وكذا مقاصدها المتعددة بكل الوسائل التي قد تكون أحياناً مشروعة وأحيانا أخرى غير مشروعة، لكن يبقى للضمير فيها دور مهم بل أساسي ومحكم في التوجيه والتأنيب وكذا الردع لتجنب ما قد يتنافى والقواعد الضابطة للسلوك البشري داخل أي مجتمع كان.
ومن الظواهر التي أصبحنا نعيشها اليوم، بل وتشكل سلاحاً في غاية الخطورة، لكونها تهدد أسس المجتمع وكيانه، ظاهرة الغش المدرسي، التي تعد آفة تتطور وتتفشى يوماً بعد يوم في الأوساط التعليمية وتنذر في الوقت ذاته بمستقبل مجهول بالنسبة لخريجي المدارس والجامعات وحاملي الشواهد بشكل عام، بل وتهدد المجتمع برمته بما فيه منظومته التربوية والتعليمية باعتبارها أحد أعمدة وركائز بناء الدولة وازدهارها، والتي يجب أن تحظى بالأهمية وكذا الأولوية اللازمتين ضمن السياسات العمومية وأن تبقى محصنة ضد مثل هذه الظواهر.
إن التربية تحتل مكانة متميزة في كل المجتمعات، لأنه من خلالها تحاول هذه الأخيرة البقاء على قيد الحياة والتأكيد على مثاليتها، وكذا فرض جدول قيمها. فلا يمكن بتاتاً الشك في كون التربية تكوّن الشخصية الفكرية والأخلاقية وتوجّه مجرى الحياة[2].
لذلك فتناول ظاهرة الغش المدرسي من خلال هذه الدراسة البحثية ليس من باب الترف الفكري ولا من كماليات البحث العلمي، ولكن تفرضه ضرورة البحث في موضوع يكتسي بالغ الأهمية على مستوى الدراسات في العلوم الاجتماعية وكذا السياسية، ليس فقط من باب تسليط الضوء على الظاهرة،كما تطرقت إلى ذلك مجموعة من الدراسات السابقة، ولكن كذلك للتمحيص فيها أكثر خاصة فيما يتعلق بهذا التحول الذي أصبحت تمر منه من حيث مظاهرها وتجلياتها، ثم وسائلها وكذا الفاعلين فيها، وهذا بطبيعة الحال بغاية القيام بتشخيص علمي ودقيق لفهم الظاهرة انطلاقاً من هذه الزوايا وكذا لتفسير هذا التحول التي تمر به في أفق الوصول إلى حلول لمعالجة الظاهرة إن لم نقل القطع معها بشكل كلي.
قد يبدو للوهلة الأولى أن تناول موضوع من قبيل الغش في الامتحانات قد لا يقدم قيمة مضافة مهمة على مستوى الدراسات والبحوث العلمية، بل وقد لا يكتسي الكثير من الأهمية في هذا الشأن خاصة إذا كان الأمر يتعلق ببعض الممارسات النادرة والمعزولة، لكن أن يصبح هذا السلوك أكثر شيوعاً وانتشاراً في صفوف العديد من التلاميذ والطلبة، بل وكعقيدة مترسّخة في ذهنهم وكأن الغش في تمتلاتهم هو بمثابة حق مشروع يجب التمسك به، وبالتالي لا مجال لمعاتبتهم أو معاقبتهم عليه، فهذا هو المنعطف الخطير في الظاهرة اليوم ونحن نعيش على إيقاع الامتحانات الوطنية لنيل شهادة البكالوريا لهذه السنة ببلادنا. وقد أكدت الدراسات التربوية على أن الغش يعتبر من أكثر الظواهر انتشاراً في الحقل التعلمي ومن بين المشاكل التي أصبحت تعرقل بشكل كبير المسيرة التعليمية، وقد أصبح هذا السلوك منتشراً بشكل كبير في مدارسنا حتى أصبح ينظر إليه على أنه سلوك طبيعي وعادي ساهمت في تثبيته والتعاطي له مجموعة من الأسباب التي قد تكون مبررة أو غير مبررة[3]. إن تعدد الفاعلين والوسائل المستعملة في ممارسة الغش وكذا التساهل إلى حد ما، إن لم نقل “التطبيع” معها أحياناً إن صحّ التعبير، هو ما يفرض البحث في الظاهرة بشكل معمق ويجعلها جديرة بالتنقيب أكثر عن أسبابها وتجلياتها وصورها المتعددة وكذا المتنوعة.
كما أن الخوض في هذه الظاهرة، والتي هي ليست لصيقة بالنظام التعليمي المغربي لوحده ولا بالجديدة عنه، بقدر ما تخترق في الوقت ذاته مجموعة من الأنظمة التعليمية بتجارب أخرى، ليس من باب التنقيص من المجهوذات التي بذلت وتبذل على مستوى قطاع التربية والتكوين، ولكن كمحاولة للبحث في ظاهرة تتقاطع فيها مجموعة من الحقول المعرفية منها علم الاجتماع وعلم السياسة وكذا علم النفس وعلم التربية وغيرها، ظاهرة أصبحت تنخر المنظومة التعليمية برمتها وتنسف المساعي والجهود الرامية إلى تحسين جودة التعليم والارتقاء بمستوى الخريجين حاملي الشواهد، وبالتالي فهي جديرة بالدرس والبحث وكذا التحليل للوصول إلى خلاصات وكذا استنتاجات بشأنها.
من هنا تحاول هذه الدراسة الإجابة عن الإشكالية المحورية التالية:
كيف يمكن تفسير هذا التحول الذي تمر به ظاهرة الغش في امتحانات البكالوريا وكذا التنامي الذي تعرفه سنة بعد أخرى ببلادنا؟
إن الإجابة عن الإشكالية المطروحة تفرض طرح الأسئلة الفرعية التالية، وذلك حتى يمكن ملامسة الموضوع من مجموعة من جوانبه الأساسية والتعمق فيه أكثر:
1- هل من مبررات لفعل اللجوء إلى الغش في الامتحانات؟
3- هل التدابير القانونية لمحاربة الغش في الامتحانات غير كافية لوقف تنامي الظاهرة؟
4- كيف ساعدت الوسائل الرقمية والتكنولوجية على ممارسة الغش المدرسي؟
5- كيف يمكن تفسير تعدد الفاعلين “المنخرطين”في ظاهرة الغش في الامتحانات؟
ولتأطير الدراسة من حيث عنصري الزمان والمكان، سيتم حصرها على حالة مترشحي الامتحان الوطني للبكالوريا برسم السنة الدراسية 2021-2022، وسيتم التركيز بالأساس بخصوص هذه الظاهرة على مراكز الامتحان بثانوية ابن زيدون التأهيلية وثانوية جابر بن حيان الإعدادية وكذا ثانوية ابن ياسين الإعدادية التابعة للمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة بسيدي سليمان- أكاديمية جهة الرباط سلا القنيطرة، كنموذج للدراسة، معتمدين في ذلك على المنهج الوصفي الذي يمكّن من وصف الظاهرة وصفاً علمياً من الناحية الكمية وكذا النوعية، مع توظيف معطيات إحصائية وكذا رقمية تتعلق بها وإعطاء تفسيرات وتوصيفات لها وكذا لأبعادها، ثم المنهج الاستقرائي الذي ينطلق من الجزء والوصول إلى الكل ومن الخاص إلى العام، خاصة وأننا سنركز على حالة من الحالات للدراسة، مع الاستعانة في الوقت ذاته بتقنية الاستمارة لاستقراء أراء ومواقف عينة من المترشحين بمراكز الامتحان المذكورة، حول ظاهرة الغش في الامتحانات، ومحاولة تفسير الظاهرة انطلاقاً من تجميع مواقفهم الشخصية المعبر عنها من خلال أجوبتهم عن الأسئلة المطروحة وتحليل مضامين هذه الردود والأجوبة.
هذا وستحاول الدراسة الانطلاق من أربع فرضيات، كأجوبة مؤقتة إلى حين تأكيدها أو نفيها، وهي على الصياغة التالية:
– الفرضية الأولى: تعدد الفاعلين «المنخرطين» في ممارسة الغش في الامتحانات.
– الفرضية الثانية: تعدد الأسباب والدوافع لممارسة الغش من طرف التلاميذ.
– الفرضية الثالثة: تعدد الطرق والوسائل المستعملة في ممارسة الغش المدرسي.
– الفرضية الرابعة: لم يعد الغش عبارة عن أفعال معزولة ونادرة، ولكن أصبح ممارسة ممنهجة.
ومما لا شك فيه، فإنه لا يمكن الادعاء بخلو الدراسة من صعوبات، بل لا بد من الإقرار بأن أي دراسة كيفها كانت لا بد وأن تواجهها عدة عقبات تختلف من باحث إلى آخر ومن موضوع إلى موضوع آخر وكذا من بيئة بحثية إلى بيئة بحثية أخرى.
ومن بين الصعوبات التي واجهتنا أثناء إعداد هذه الدراسة ما يرتبط بالأساس بملأ الاستمارة، حيث غالباً ما يتجنب المترشحون المستجوَبون تقديم إجابات صادقة وحقيقية عن الأسئلة الموجهة إليهم بشأن اللجوء إلى الغش في الامتحانات وذلك لمجموعة من الاعتبارات الذاتية بالدرحة الأولى، خاصة وأن الموضوع يكتسي نوعاً من الحساسية، حيث يحاول هؤلاء المترشحون تجنب الكشف عن ما صدر من جانبهم من سلوكات أثناء الامتحانات، أو نقل حقيقة الظروف التي مرت فيها هذه الأخيرة بشكل صادق، أو التعبير بشكل صريح عن مواقفهم حيال الظاهرة بشكل عام، ثم التردد أحياناً في تقديم إجابات جريئة عن الأسئلة الموجهة إليهم بالاستمارة وذلك لأسباب متعددة. كما أن جل الدراسات السابقة في هذا الموضوع لم تتطرق بما يكفي لمظاهر وأسباب التحول الذي تمر به الظاهرة خاصة من حيث الفاعلين والوسائل، ومن تم نسجل نقصاً على مستوى الكتابات التي تتناول الموضوع من هذه الزوايا.
أما من الناحية المنهجية، فسيتم اعتماد خطة ترتكز على تقسيم متوازن للدراسة من خلال مبحثين اثنين: مبحث أول وسيتناول الغش في الامتحانات: مظاهر التحول في الوسائل والفاعلين، في حين أن المبحث الثاني فسيتمحور حول الغش في الامتحانات: بين إشكالية استفحال الظاهرة وسؤال فعالية المنظومة القانونية.
المبحث الأول: الغش في الامتحانات: مظاهر التحول في الوسائل والفاعلين.
لم يبق الغش في الامتحانات تلك الممارسات غير المشروعة التي يخاف من عواقبها من قبل التلميذ بصفته الفاعل المباشر فيها والمعني بها بالدرجة الأولى، وإنما أصبح ظاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تعرف تحولاً ملحوظاً إن على مستوى التنوع في الوسائل خاصة التقنية منها أو التعدد في الفاعلين.
المطلب الأول: الوسائل المادية للغش: تعدد في الطرق وتنوع في الوسائل الرقمية المستعملة.
إن التطور في الوسائل التقنية وكذا التكنولوجية الذي نعيشه اليوم لم يكن من دون مساوئ على حياة الإنسان، بل إن هذا التطور، وإن كان يحمل في طياته العديد من الإيجابيات والمحاسن، فإنه مع ذلك يخفي في الوقت ذاته الكثير من المخاطر على سلوكات الأفراد وعلى حياتهم ككل.
وهكذا، أصبح واضحاً اليوم أن التقدم العلمي المادي ليس له حدود، ولا يبدو له نهاية. فالدولة المتقدمة تزداد تقدماً باستخدام تقنية المعلومات والاتصالات -والتي ثبَت بالتجربة أنها مفتاح التنمية المتواصلة، بينما تحاول الدول النامية اللحاق بالركب، واستخدام هذه التقنيات لعبور ما يسمى بالفجوة العلمية والتكنولوجية الواسعة التي تفصل ما بين الدول المتقدمة والدول النامية[4].
وقد تعددت وسائل الاتصال وتنوعت وتطورت من عصر إلى آخر، فمن الاتصال المباشر والاحتكاكي، إلى الاتصال وتبادل المعلومات عبر الرسائل، ثم إلى الاتصال عبر الوسائل السلكية واللاسلكية، والتي تعد إحدى مظاهر التطور في العصر الحديث[5]. إن اتساع رقعة التكنولوجيا وانتشارها بين مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية أوجد، بعد «المجتمع الصناعي»، ما بات يسمى «عصر المعلوماتية» أو «مجتمع المعلومات»، وهو المجتمع الذي يتميز بوسائل اتصال تفاعلية ومنتشرة بصورة غير محدودة[6]، أصبح معه العالم يجسِّد مفهوم القرية الكونية كما عبّر عن ذلك الفيلسوف الكندي مارشال ماكلوهان[7].
لقد أحدثت التطورات التكنولوجية الحديثة في منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي، نقلة نوعية وثورة حقيقية في عالم الاتصال، حيث انتشرت شبكة الإنترنت في أرجاء المعمورة كافة، وربطت أجزاء هذا العالم المترامية بفضائها الواسع، ومهدت الطريق للمجتمعات كافة للتقارب والتعارف، وتبادل الآراء والأفكار والرغبات، واستفاد كل متصفح لهذه الشبكة من الوسائط المتعددة المتاحة فيها[8]، ولما أفرزته العقود الأخيرة من ثورة معلوماتية أبهرت العالم بمزاياها، فأضحى العالم قرية صغيرة، فانتشار شبكة الأنترنيت بسرعة فائقة عزز فكرة الحق في المعلومات كمبدأ مقرر للدولة والأفراد معاً[9]، ويسَّر عملية التواصل وتبادل هذه المعلومات بشكل لا مثيل له.
لقد تسببت ثورة المعلومات في تضاعف المعرفة الإنسانية وتراكمها بسرعة رهيبة، وخصوصاً المعرفة العلمية والتكنولوجية، وأدت العولمة إلى إسقاط حواجز المسافات والزمن، وفتح كل محابس تدفق المعلومات والمعرفة بكل أشكالها، من خلال شبكة تواصل تحتية وفوقية سلكية ولا سلكية، ربطت كل البشر في دائرة واحدة مغلقة أتاحت لهم التفاعل والتداول وضبط الإيقاع[10]. وبذلك، ساهم التطور العلمي والتكنولوجي في تسهيل عملية التواصل والإعلام بين الأفراد والجماعات، وهو ما أدى إلى خلق سيولة عالية للمعلومات والوثائق وتبادلها، وكذا ترويجها بين مختلف الفاعلين الرسميين وكذا غير الرسميين، متجاوزة بذلك كل المعيقات المرتبطة بالزمان والمكان. فلم يعد الاعتماد فقط على تلك الوسائل التقليدية في توصيل المعلومة ونشرها وتلقيها، بل أصبحت الوسائل الإلكترونية الحديثة تفي بالغرض المطلوب وبشكل فعال وسريع.
بيد أن التطور السريع الذي طرأ على مستوى هذه الوسائل والتقنيات الحديثة للتواصل والإعلام، وعلى أهميته نظراً لما أسداه للبشرية من محاسن،لم يخل من مساوئ بل وحتى من مخاطر، خاصة فيما يتعلق بمجالات استعمالاتها المتعددة والمتنوعة ضمن هذا الزخم التقني وكذا الرقمي الذي أفرزه التطور العلمي المتسارع، والذي أصبح ملازماً لحياتنا اليومية، بل وجزءاً لا يتجزأ من متطلباتها.
لذلك، فلا غرابة اليوم أن نجد انحرافات عدة على مستوى توظيف هذه الوسائل والتقنيات في مجالات متعددة كالتجارة والخدمات والصناعة ومختلف المعاملات المالية والاقتصادية، بل إن مجال التربية والتعليم لم يبق هو الآخر في منأى عن مساوئ التوظيف غير الأخلاقي وغير المشروع لهذه التقنيات، حيث أصبح الغش المدرسي الرقمي ملازماً لكل محطة تعرف تنظيم امتحانات مدرسية وكذا جامعية.
إن توظيف التقنيات الحديثة في ما يسمى اليوم بالغش المدرسي لا يمكن اعتباره أمراً غريباً إلى حد ما، بل هو من إفرازات هذه الحداثة، ومن مخلفات هذا التطور الذي غيّر الكثير من سلوكاتنا وأحدث خلخلة على مستوى ثقافتنا، بل وحتى على الفطرة التي جبل عليها الإنسان. فاستعمال التقنيات الرقمية ومعه الأجهزة الإلكترونية أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للأفراد والجماعات، بل ويلازم هؤلاء في كل لحظة من أوقاتهم بالشكل الذي خلق أحياناً حتى نوعاً من الفجوة بين الفرد ومحيطه الاجتماعي بسبب الانغماس المفرط بل وحتى المزمن في الشبكات والأجهزة الإلكترونية.
وبالتالي، أصبح المجال التعليمي والمدرسي يواجه هذه الآفة الخطيرة التي أضحى الأفراد في ظلها يوظفون هذا الزخم الرقمي والتكنولوجي بشكل غير سليم خاصة في مجالات تمس حياتهم اليومية. فما نعيشه اليوم هو أننا تجاوزنا بكثير الوسائل التقليدية التي كانت تستعمل من قبل في الغش المدرسي كالوثائق الورقية سواء في حجمها الكامل أو من خلال عمليات التصغير أو عبر التواصل المباشر ما بين بعض الممتحنين داخل القاعات المدرسية، وما يرافق ذلك من شعور بالخوف لدى هؤلاء من السقوط في الرذيلة أو التعرض لعقوبات تأديبية أو متابعات قضائية في حالة ضبطهم وهم يغشون، إلى وسائل أكثر تطور ودقة، وفي نفس الوقت أكثر انفلات من الرقابة التي تمارسها الهيئات المكلفة بحراسة الامتحانات سواء كانت أطراً تربوية أو أجهزة إدارية. ولقد ساهمت الأساليب التكنولوجية الحديثة في التحول من الغش التقليدي والفردي إلى الغش الإلكتروني والجماعي والذي تنوعت وتطورت أساليبه[11].
وهكذا، فبعد أن كان التلميذ يستعين بقصاصات الورق المتضمنة للمادة الدراسية، أو يكتب بعض المعلومات في المقاعد الدراسية أو في يده، أو يستعين بزميله، أصبح يستعمل تقنيات أكثر تطوراً مثل رسائل الهاتف النقال والهواتف التي تتوفر على جهاز كمبيوتر مصغر، إلى غير ذلك من التقنيات التي تزداد مع ازدياد التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم المعاصر[12].
ومن تجليات هذه الاستعمالات، نجد أن التلاميذ أصبحوا يلجؤون إلى كل هذه التقنيات الحديثة التي تنتمي إلى ما يسمى بشبكات التواصل الاجتماعي من قبيل الفيسبوك، الواتساب، التلغرام، الانستيغرام، البريد الإلكتروني، بالإضافة إلى استعمال وسائل أخرى من قبيل الاستعانة بمحرك البحث “جوجل” وكذا مواقع خاصة بالتسريبات، وهي كلها تنتمي إلى ما يمكن تسميته بالوسائل الذكية للتواصل وتلقي المعلومات من صور وفيديوهات وغيرها.
وتعد هذه التقنيات متطورة للغاية في نقل المعلومة إلى الممتحن بشكل دقيق وفي نفس الوقت في زمن أسرع، بل نجد أن التلميذ قد يتوصل حتى بتصحيح دقيق لامتحان مادة بكاملها من طرف أحد مساعديه، الذي قد يكون أحد الطلبة من ذوي المستويات الجامعية أو حتى أستاذاً متخصصاً في المادة ذاتها. لذلك يتم اللجوء بالضبط إلى هذه الوسائل لضمان الحصول على معدلات متميزة ونسب نجاح مرتفعة للغاية. فالتلميذ لا يبذل في هذا الصدد أدنى مجهود يذكر للظفر بالنجاح، سوى أنه يقوم بالنقل الحرفي لما يتوصل به من أجوبة عبر هاتف ذكي أو لوحة إلكترونية أو جهاز آخر يتوفر عليه داخل قاعة الامتحان، أو من خلال ما يسجله عبر تواصله السمعي أو المرئي المباشر مع أحد المساعدين له. كما أن اللجوء إلى بعض المواقع الإلكترونية للبحث عن المعلومة وكذا الأجوبة كمحرك البحث “جوجل” والمواقع المتخصصة في نشر الأجوبة بما بسمى “تسريبات” أو بعض التطبيقات التي يتم تحميلها بالأجهزة الرقمية، أصبحت ممكنة الاستعمال من طرف الممتحنين، بحيث تمكنهم من الحصول على ما يفيدهم في الظفر بنتائج جيدة وكسب رهان النجاح. بل أكثر من ذلك، إن هذه الوسائل عادة ما تنفلت من الرقابة التي تقوم بها سواء الأطر التربوية المكلفة بحراسة الامتحانات أو حتى الأجهزة الإدارية ولجن التفتيش، علماً بأنه قد يكون من الصعب أحياناً ضبط حالة أو حالات الغش تتم من خلال هذه الأدوات وفي ظل مثل هذه الظروف.
إن تطور هذه الوسائل التكنولوجية والرقمية وتنوعها، بقدر ما حمل للبشرية الكثير من المزايا، فقد أسقطها في الوقت ذاته في متاهات سلوكية وأخلاقية، كما انحرف بها في مسارات غير سليمة قد تعصف بمستقبل الأجيال الصاعدة، بل وقد وتخرب كيان المجتمع برمته، لكون المدرسة، كمؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، هي التي من المفروض أن ترقى بالنسق القيمي إلى مستوى أحسن وليس العكس، لكونها تعد البيئة الحاضنة للتربية والتثقيف والأخلاق وكذا القيم، وبالتالي يجب أن تبقى محصّنة من كل هذه الشوائب لأداء هذه الوظيفة النبيلة وهي الارتقاء بالنسق القيمي والتربوي[13]. وبالتالي، فعوض أن تكون هذه الوسائل عنصراً مساهماً في بناء العملية التعليمية والتربوية من خلال استثمارها في جوانبها الإيجابية، أصبحت عكس ذلك تشكل عاملاً سلبياً بل وخطيراً على فئة المتمدرسين.
وعليه، فإن المدرسة بمنظومتها التربوية وقيمها النبيلة مدعوة للانخراط أكثر في تعزيز القيم وفي تنمية السلوك المدني وتشجيع الحوار البناء وجعله هدفاً في تدبير الخلاف والاختلاف. والواقع أن المدرسة هي الفضاء الأرحب لنشر القيم ولترسيخها، وعلى الرغم من أن المنظومة التربوية بالمغرب قد انخرطت، منذ مدة، في برامج التربية على القيم، إلا أن الواقع الذي نعيشه بعيد كل البعد عن تطبيقها وتمثلها، ولذلك، فإذا كنا بالفعل نود ترسيخ القيم، فلا بد من النظر إلى القيم من زاوية التربويين، وذلك من مكونات ثلاثة: مكون عقلي معرفي يتمثل بالاختيار ومكون وجداني انفعالي يتمثل بالتقدير، ومكون سلوكي ويكون بالفعل، كما أنه يستوجب النظر إلى أهمية فضاءات المؤسسة التعليمية في ترسيخ القيم إذ تعد فضاءات المؤسسات التعليمية مجالات متكاملة لأداء أدوار الحياة المدرسية، فهي المناخ الوظيفي الذي يوفر إمكانية الأداء لكل مكون من مكونات العمل المدرسي من تعلم و اكتساب قيم ومهارات وسلوكيات بناءة[14].
ولاستحضار هذه الأهمية، تحل القيمة مكانتها لدى الفرد حسب حاجته إليها واهتمامه بها، فيعطي الفرد أهمية ضئيلة للقيمة إذا لم يكن قد وصل بعد إلى المستوى أو الدرجة التي يعرف من خلالها مدى مناسبة هذه القيمة وأهميتها بالنسبة له[15].
المطلب الثاني: العوامل البشرية: تعدد الفاعلين «المنخرطين» في ظاهرة الغش المدرسي.
ما نعيشه اليوم من تعدد الفاعلين في ظاهرة الغش في الامتحانات يطرح أكثر من استفهام لسبب بسيط، هو أنه عوض أن يكون التلميذ “الممتحن” هو الفاعل الوحيد في هذه الظاهرة من حيث ارتكاب الفعل، أصبحنا نلمس انخراط مجموعة من الفاعلين: تلاميذ، آباء وأولياء الأمور، إدارة تعليمية، وسطاء،… ، وهذا ما يجعل الظاهرة أكثر تعقيداً على مستوى الدراسة حتى يمكن تفكيكها وفهمها بشكل جيد.
أ – الممتحنون: الغش من أفعال معزولة إلى ممارسة مألوفة وممنهجة.
لم تخل العديد من النماذج التعليمية المقارنة من ظاهرة الغش المدرسي، بيد أن الظاهرة هاته أصبحت اليوم تعرف تحولاً ملحوظاً على مستوى تعاطي الفاعلين المباشرين فيها معها وهم التلاميذ، خاصة من حيث تمثلهم للظاهرة ونظرتهم إليها.
وإذا كان الغش المدرسي يعد سلوكاً غير طبيعي وفي نفس الوقت غير مشروع، لكونه يخل بمبادئ الشفافية والنزاهة وأيضاً تكافؤ الفرص بين الممتحنين ويخرق القواعد القانونية لتقييم التعلمات والقدرات لدى المتعلمين، فإن اللجوء إليه كوسيلة للظفر بالنجاح في الامتحانات خاصة الاشهادية أصبح أمراً يمكن اعتباره شبه عادي إن لم نقل عادياً جدّاً في تمثل التلاميذ وثقافتهم، بحيث تحول إلى ظاهرة مستشرية بشكل يثير الاستغراب وكأنه أصبح حقّاً مكتسباً يجب ممارسته بل والتمسك به، وليس كفعل محظور مخالف للقانون وتستتبعه عواقب وتبعات وخيمة.
واللافت للنظر اليوم، ونحن نمر بمحطة امتحانات البكالوريا لسنة 2022، أن سلوك الغش المدرسي، لم يبق محصوراً، من حيث التعاطي معه من لدن الممتحنين، في كونه فعلاً غير مشروع ومناف للأخلاق وكذا الآداب والقيم، ولكن أصبحنا نعيش اليوم في ظل ما يمكن أن نطلق عليه مفارقات قيمية تجعل التلميذ يتمسك بالغش إلى درجة التشبت به كحق مكتسب يجب الدفاع عنه لممارسته بكل الوسائل المتاحة بما فيها ممارسة العنف ضد كل من يمنعه أو يندد به. وهذا التحول يعد نتيجة طبيعية لما نمر به من تغيرات على مستوى بيئتنا وأوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية وكذا القيمية بالخصوص.
إن الضغوطات الاجتماعية التي تمارس أحياناً خاصة لحظة الامتحانات، سواء من جانب الأسرة أو المحيط الاجتماعي من حولها بما فيه المدرسي، قد تجعل التلميذ يبحث عن كسب رهان النجاح بكل الوسائل والإمكانيات بما فيها المشروعة كالكد والاجتهاد وبذل المزيد من المجهودات والعطاء، وهذا أمر محمود، أو غير المشروعة من قبيل الغش المدرسي، ومن تم تجنب الرسوب، الذي لا يعد بأي حال من الأحوال فشلاً نهائياً في الحياة، ولكن فرصة لتصحيح الأخطاء وتدارك الهفوات، فإنه لا يزال من الأمور غير المقبولة وغير المسموح بها في الثقافة السائدة لدى المجتمع، بحيث تساهم هذه الضغوطات الممارسة على نفسية التلميذ ودفعه إلى المناورة والغش للبحث عن تحقيق النجاح والدفاع عنه بكل الطرق الممكنة ومهما كلف ذلك من ثمن. بل أكثر من ذلك، إن الممتحن لحظة الامتحان يصبح أحياناً غير مكترث بما قد يلحق به من سوء بسبب خرقه للضوابط والقوانين، وغير مبال بتاتاً بالتبعات القانونية سواء التأديبية أو القضائية.
إننا نتواجد أمام منعطف خطير كهذا الذي نعيشه اليوم مع هذه الظاهرة التي أصبحت تعرف تحولاً خطيراً يوماً بعد يوم في عناصرها وأبعادها، خاصة من حيث التعاطي معها من جانب التلاميذ الذين أصبح همّ شريحة واسحة منهم اليوم هو البحث على الأقل عن شهادة تضمن لهم تحقيق الاندماج في سوق الشغل في أسرع وقت ممكن، خاصة في ظل ما تعرفه بعض المجتمعات من أزمات اقتصادية واجتماعية وصعوبات تتعلق بعدم قدرة سوق الشغل على استيعاب الأعداد الكبيرة من حملة الشواهد العاطلين اليوم عن العمل.
كما أن ثقافة الاستياء، أو ما يمكن أن نطلق عليه ثقافة الانحصار، التي انتشرت بشكل لافت في صفوف شريحة واسعة من الشباب، جعلت هؤلاء ينظرون إلى المستقبل بآفاق جد محدودة وبرؤيا أكثر ضبابية، ومن تم، بنوع من الحذر بسبب الأوضاع التي أصبحنا نعيش في ظلها اليوم جراء ارتفاع نسب البطالة في صفوف العديد من خريجي الجامعات ومعاهد التكوين المهني وتردي الوضع الاقتصادي، وكأن الشاب أصبح اليوم لا يراهن كثيراً على الوصول إلى مستويات متقدمة من الدراسات الجامعية أو بالمدارس العليا ورفع التحدي العلمي والبحثي، ولكن يكتفي فقط بما يضمن له وظيفة أو منصب شغل ولو بأجر ما لتدبير ولو بشكل لحظي لأزمة اجتماعية قد يكون أفراد أسرته يعيشونها اليوم أو قد يعيشها هو نفسه في المستقبل القريب، ومن تم، قد يتدرع بهذه الأوضاع لممارسة الغش المدرسي لنيل شهادة ما ولو بمجهود أقل بسبب نظرته إلى المستقبل أقل ما يمكن القول عنها إنها نظرة ضبابية وكذا سلبية للمستقبل. لذلك لا غرو أن نجد أعداداً كبيرة من حملة الشواهد خاصة شهادة البكالوريا، عوض التفكير في استكمال مسارهم الجامعي أو البحث عن إمكانية الولوج إلى المدارس العليا، أصبحوا يبحثون عن حلول سريعة حيث يتوجهون اليوم مباشرة إلى الوحدات الإنتاجية المتخصصة في صناعة الألياف الكهربائية أو أجزاء السيارات أو غيرها للاندماج بسرعة في سوق الشغل. بل حتى هذه المصانع تحاول الاكتفاء بطالبي الشغل من الشباب الذين لا يتوفرون على مستوى تعليمي عال، وذلك كتدبير احترازي واستباقي منها للحيلولة دون مطالبتها بأجر يتجاوز الحد الأدنى للأجر المعمول به في القطاع الصناعي الممنوح لجل الأجراء المشغلين لديها أو السقوط في ما قد يتنافى وقوانين الشغل[16]، وهذا ما يمكن توصيفه بالاستغلال الاجتماعي لهذا الصنف من المقاولات للفئات الهشة من المجتمع.
إن ما يسجل اليوم من حالات عنف سواء ضد الأطر التربوية أو الأجهزة الإدارية من لدن التلاميذ خاصة لحظة الامتحانات، ما هو إلاّ مظهر مصغر من مظاهر هذا التحول الذي تمر به المؤسسات التعليمية التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من النسق الاجتماعي، ومعها ظاهرة الغش المدرسي. فالتلاميذ أصبحوا يبدون نوعاً من الاندفاع القوي ضد مدرسيهم أو مسؤوليهم التربويين، من خلال ممارسة العنف عليهم إما بدنياً أو لفظياً، كلما عارضهم هؤلاء الرأي أو نبّهوهم إلى خطورة كل سلوك غير مسموح القيام به قانوناً أو يخرق الضوابط والأنظمة المدرسية المعمول بها.
والعنف المدرسي أحد أشكال العنف التي انتشرت في المجتمع حديثاً ويرى بعض الباحثين فيه نتاج وانعكاس للعنف المجتمعي، مما جعل النظم التعليمية تواجه تحديات ومشكلات سلوكية لدى الطالب تعيق تطورها وتحقيق أهدافها التربوية وتجهض مساعي التنمية المجتمعية، ويصنف العنف المدرسي كأحد المشكلات الخطيرة التي تهدد الأمن المجتمعي في العديد من البلدان[17]. فالتلميذ الذي يعيش في أسرة يتواجد فيها العنف والضغوط النفسية يكون عدوانياً في البيئة المدرسية، ومما يساعده على ذلك وجود تلاميذ يتسمون بالعنف، مما يؤدي إلى انتشار الظاهرة بين التلاميذ، وهو ما يسمى بسيكولوجية الحشد أو الجماعة. فالعنف المدرسي هو نتاج لثقافة مجتمعية عنيفة، والمدرسة بما فيها من نظم إدارية وعدم وضوح للقوانين والقواعد المدرسية وكذلك وجود إحباطات متوالية من المعلمين للطلاب يكون محصلته ردود فعل سلبية من قبل التلاميذ نحو بعضهم البعض أو نحو معلميهم[18].
كما أن العنف له تأثيرات مؤذية على ثقة الطلاب بأنفسهم وتصوراتهم الذاتية عن أنفسهم. بل إن العنف المدرسي يحد من مشاركة الطلاب والطالبات في الحوار والنقاش ويقلل من إبداعهم وقدرتهم على التعلم ويؤدي بهم إلى الانعزال عن الآخرين أو حتى ممارسة العنف ضد الآخرين. كما أن العنف يمكن أن يسبب خسائر شخصية للمعلمين وبقية العاملين في حقل التعليم، حيث تقودهم مخاوفهم على سلامتهم إلى عدد من المصاعب في عملهم، وربما يقودهم في النهاية إلى مغادرة مهنة التدريس نهائياً[19]. وبالتالي، فتعامل الأطر التربوية بنوع من المرونة والتساهل مع ممارسة الغش أثناء الامتحانات المدرسية قد يعزى إلى محاولتهم تجنب أي سلوك عنفي قد يتعرضون له من لدن الممتحنين.
إن العنف سلوك مركب ومعقد للغاية ودوافعه متعددة ومتنوعة، منها ما يرتبط بالظروف الاجتماعية والبيئية والنفسية والاقتصادية وغيرها، وبالتالي، لا يمكن فهم ظاهرة الغش المدرسي وتفسيرها وكذا مواجهتها بمعزل عن مختلف هذه العوامل والأسباب، والتي يبقى معظمها ذي مصدر من خارج المؤسسة التعليمية نفسها.
ب- أباء وأولياء أمور التلاميذ وسؤال التنشئة.
من المفارقة أن نجد ظاهرة الغش المدرسي تتوسع يوماً بعد يوم من حيث الفاعلين فيها، ذلك أن مجموعة من آباء التلاميذ وأولياءهم أصبحوا بدورهم منخرطين في هذه السلوكات غير المشروعة ولو بطرق غير مباشرة. هذا الأمر يطرح أكثر من استفهام حول دوافع هذا الانخراط وكذا أسبابه ثم أبعاده، مما يفرض البحث في تفكيك الظاهرة من هذه الزوايا المتعددة وتفسيرها للوصول إلى استنتاجات بشأنها.
إن التحري في عملية انخراط آباء التلاميذ وأولياء أمورهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في ممارسة الغش المدرسي من شأنه أن يقدم قيمة مضافة على مستوى البحث العلمي، على اعتبار أن هذا الانخراط يشكل في حد ذاته مفارقة على مستوى وظيفة الأسرة كمؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، يستوجب التوقف عنده بمزيد من التأمل والتمحيص، بل وأحياناً بنوع من الحذر.
فإذا كان الأمر السوي والطبيعي أن نجد العديد من الآباء يحرصون شديد الحرص على توفير ظروف جيدة لأبنائهم من حيث إعالتهم وتربيتهم وكذا تعليمهم ثم مواكبتهم في حياتهم حتى يضمنوا مستقبلاً على الأقل غير مثقل بالإكراهات والمتاعب، فمن غير الطبيعي أن نجد آخرين يهملون هذه الجوانب أو على الأقل يقصرون في أدائها بما يخدم مصلحة أبنائهم خاصة إذا كان الأمر ينصرف إلى الوظيفة التربوية والتنشئوية بما تحمله من أبعاد قيمية وكذا أخلاقية.
وإذا كانت التربية عملية اجتماعية، من حيث طبيعتها وأهـدافها ومـضمونها، فـإن أساليب التربية الاجتماعية في الأسرة تكتسب أهمية كبيرة لتربية الأبناء وفق منظومة القيم الاجتماعية، بما تتضمنه من معايير وقوانين وأنظمة تحدد العلاقات بـين أبنـاء المجتمع، والتي يجب أن تترجمها الأسرة أمام الأبناء في علاقاتها الداخلية والخارجية، باعتبارها المؤسسة الاجتماعية الأولى التي يولد فيها الطفل، ويعـيش فيهـا مرحلـة طويلة ريثما يستطيع الاعتماد على ذاته[20].
إن وظيفة الآباء ومسؤوليتهم تجاه أبنائهم لا تتوقف عند حد الإعالة والتركيز على العناصر المادية بشكل عام في هذه التربية، ولكن يجب أن تطال هذه الأخيرة بطبيعة الحال حتى الجوانب المعنوية بما فيها القيمية والتهذيبية. وهكذا، فإنّنا نجد كثيراً من الآباء والأمهات لا يهتمون إلاّ بتأمين متطلبات النمو المادية للأطفال مثل (الغـذاء واللبـاس، والـصحة والألعاب.. وغيرها) أكثر من الاهتمام بالجوانب الاجتماعية التـي يجـب أن تؤهـل الطفل للحياة العامة المقبلة[21]، وتجنبه السلوك غير السوي.
إن العوامل التي تحكم نمو السلوك السوي هي نفسها التي تحكم السلوك غير السوي، والفيصل بين الحالتين هو الصورة التي تكون عليها هذه العوامل. فإذا كانت هذه العوامل على نحو موات ساعدت على أن يكون سلوك الفرد سويّاً محققاً للتكيف الصحيح في البيئة، أما إذا كانت على نحو غير موات، فإنها تسهم في نشأة السلوك غير السوي، والذي يفشل في تحقيق التكيف السليم للفرد. وتصنف العوامل المؤثرة في السلوك عادة إلى مجموعتين، المجموعة الولادية التي لا علاقة لها بالبيئة التي يعيش فيها الفرد، والمجموعة البيئية. وتتمثل المجموعة الأولى في العوامل الوراثية واضطرابات الغدد وبعض المتغيرات البيولوجية الأخرى، أما المجموعة البيئية فتتمثل في عمليات التعلم، وفي أسرة الطفل، ونوعية العلاقات التي تنشأ بينه وبين أفراد الأسرة، وبينه وبين زملائه في المدرسة، وكذلك الوسط الثقافي والاجتماعي العام المحيط بالطفل[22].
وإذا كانت الكثير من العوامل لها تأثيرها في بناء شخصية الطفل، فإن دور الآباء يحتل الصدارة ضمن باقي المؤثرات الأخرى. ويجمع علماء النفس من جميع الاتجاهات على أن أساليب التربية التي يتبعها الوالدان في تنشئة أطفالهما لها أكبر الأثر في تشكيل شخصياتهم في الكبر[23]. ولئن كان الطفل منذ سن التمييز تبدأ لديه القابلية للتعلم والتأمل والمحاكاة، فإن الأبوين يضطلعان بالدور الأكبر والأساس في هذا المضمار الحيوي الذي تبقى آثاره أمداً طويلاً من عمر الإنسان، ويفوق دورهما الأدوار التي تناط بالمدرسة والمجتمع والبيئة كمّاً ونوعاً وعمقاً، مرات عديدة[24]. لذلك، فمن الطبيعي أن يتشبع الأبناء بالقيم التي يتلقونها من آبائهم ومحيطهم الاجتماعي بشكل عام، فإن هم تلقوا تربية سوية متحوا منها مزايا متعددة، وإن تربوا على النقيض من ذلك تربية غير سوية، أصبحوا عالة ليس على أسرهم فحسب ولكن على المجتمع برمته. إن الوصول إلى أعلى الدرجات وأرفع الشهادات وأسمى المناصب عبر الحيل الملتوية من أسوء سبل الحياة ولها تداعياتها المخيفة على الحياة المجتمعية[25].
وتعتبر الأسرة المؤسسة الاجتماعية المسؤولة عن تنشئة وتربية الأبناء في مراحلهم العمرية المختلفة، فهي تؤثر على نموهم الشخصي في المراحل الأولى لتكوينهم، ومصدر مهم في تشكيل قيمهم واتجاهاتهم، وكذلك منوط بها ببناء وصقل الشخصية الاجتماعية والثقافية لأطفالها وأفرادها، وترشدهم إلى السلوكيات والتصرفات ذات القيم والمثل العليا، إذ تعلم الفرد مبادئ التربية الاجتماعية والسلوك الاجتماعي وآداب المحافظة على الحقوق والقيام بالواجبات، ومن هنا فإن الأسرة تحتل دورا متميزا في غرس القيم وتشكيلها.[26]
لذلك، فعندما نتحدث عن انخراط الآباء في ظاهرة الغش المدرسي، فهذا الأمر يبدو نشازاً عن الوظيفة الطبيعية لمؤسسة الأسرة، خاصة وأن هذا الانخراط قد يأخذ صوراً متعددة مثلما قد يظهر في تجليات عدة، من قبيل عدم التعبير عن رفضهم للظاهرة رفضاً صريحاً وقاطعاً، أو الحياد السلبي من جانبهم حيال ممارسة أبنائهم الغش المدرسي، وهذه الصورة هي الأقل حدة، أو حتى مساعدتهم على ذلك من خلال البحث عن من يقدم لهم الخدمة لحظة الامتحانات إما مجاناً أو بالمقابل المادي، أو أن يقوموا هم أنفسهم بهذه المساعدة. ولا غرابة أن تتولد عن هذه الممارسات، التي تنم عن ضمير غير حي وأخلاق رذيلة، قيم فاسدة حيث غياب الشعور بالمسؤولية وعدم الانضباط سواء لدى الآباء أو أبنائهم، ثم كذلك ضعف شخصية التلميذ. كما أن مثل هذه الممارسات قد تفرز أجيالاً تغيب فيها الثقة وروح المسؤولية، وكذا عدم الحرص على أداء الواجب وحفظ الأمانة على الوجه الأكمل، وبالتالي لا يمكن أن يكون التلاميذ على هذا الحال موضع ثقة أو تكليف في المستقبل.
قد يكون عصياً إلى حد ما تفسير أسباب ظاهرة انخراط الآباء في الغش المدرسي، لكن عندما نغوص شيئاً ما في الواقع الاجتماعي وتفاصيله، نجد، بالإضافة إلى تدني منظومة القيم داخل المجتمع، أن الهواجس المادية الصرفة والظروف الاجتماعية المثقلة بالتحملات والإكراهات ثم السعي نحو مستقبل ميسّر للأبناء من حيث أوضاعهم وظروف عيشهم تعتبر من الأسباب الرئيسية بل ومن محددات هذا الانخراط، الأمر الذي يدفع إلى إتيان مثل هذه السلوكات، التي ولئن كانت لها مبررات معينة، فهي تنطوي مع ذلك هي الأخرى على أفعال يجرمها القانون وتحظرها المبادئ والقيم، ولكون مثل هذه التصرفات لا تستقيم والوظيفة الأبوية والأسرية.
إن النظر إلى المستقبل بعين من التخوف والشك أو الشعور “باللّايقين”، بل وأحياناً من الحذر وحتى التشاؤم قد يدفع الآباء إلى البحث لأبنائهم عن النجاح بكل الوسائل بما فيها المشروعة وغير المشروعة حتى يتمكنوا من الاندماج في أسرع وقت ممكن في مجال الشغل أو الوظيفة. وبالتالي، فلا غرو أن نجد آباء يسخّرون لحظة الامتحانات كل ما لديهم من إمكانيات ووسائل لمساعدة أبنائهم للظفر بالنجاح، حتى وإن كان هذا الرهان غير مستحق لكونه من المفروض أن يتحقق بناء على مجهود بذل أو على تنافس شريف احترم. وبذلك، فالهواجس المادية الصرفة والاعتبارات الاجتماعية وكذا النظرة إلى المستقبل بنوع من الريب، قد تدفع الآباء إلى أن يكونوا فاعلين منخرطين في ظاهرة الغش المدرسي.
وطبيعي أن نصادف هذا التغير عند الأسرة، والذي تتحكم فيه عوامل مرتبطة بالمنظومة الاجتماعية برمتها. وقد أوضحت عدد من الدراسات السوسيولوجية المعاصرة أن التغير الذي يحدث في الأسرة إنما يعود إلى عدد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية والسكانية والايكولوجية والقيمية وغيرها من العوامل ذات الصلة والتأثير في حياة الأسرة التي تحدث في إطار التحولات الجارية في منظومة البناء الاجتماعي المكون للمجتمع الذي تعيش فيه الأسرة[27].
وبالتالي فالغش المدرسي، كغيره من الظواهر الأخرى المنتشرة في المجتمع، لا يمكن فصلها عن السياقات والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والقيمية المؤثرة في أفراد المجتمع ومنهم الأسرة كنواة اجتماعية، فهي ظاهرة اجتماعية بامتياز مادامت أنها، وكما اعتبرها عالم الاجتماع الفرنسي اميل دوركايم “كل ضرب من السلوك، ثابتاً كان أم غير الثابت، يمكن أن يباشر نوعاً من القهر الخارجي على الأفراد، أو هي كل سلوك يعم في المجتمع بأسره، وكذا ذا وجود خاص مستقل عن الصور التي يتشكل بها في الحالات الفردية”[28].
وبذلك، فأسباب الغش المدرسي لا يمكن فهمها بمعزل عن هذه السياقات والعوامل المتعددة وكذا التداخلة في ما بينها، بل والعسيرة والمعقدة أحياناً عن الفهم والتفسير، والتي يتداخل فيها ما هو اجتماعي واقتصادي وكذا قيمي وسلوكي وأيضاً سيكولوجي. وبالتالي فالباحث مطالب باستحضار كل هذه العوامل والمؤثرات في تناول الظاهرة ودوافعها.
ج- الإدارة التعليمية: بين السعي نحو التميز والالتباس في الموقف حيال الظاهرة.
تعد المقاربة التشاركية أحد مداخل نجاح المنظومة التعليمية والتربوية في أي نظام تعليمي يراد له التحديث والتطوير، وهذا ما تحرص بعض التجارب التعليمية على تفعيله على أرض الواقع.
هكذا، وبعد الانتهاء من عملية تنظيم الامتحانات الإشهادية وعلى الخصوص تلك المتعلقة بنيل شهادة البكالوربا والإعلان عن نتائجها، دأب المسؤولون الحكوميون ببلادنا على القيام في كل سنة دراسية بخرجات إعلامية أو إصدار بلاغات صحفية لإطلاع الرأي العام على نتائج هذه الامتحانات في إطار السياسة التواصلية التي ينهجونها في علاقتهم بالمواطنات والمواطنين وكذا المترشحين، بحيث عادة ما يتم تنظيم ندوة صحفية يقدم من خلالها الوزير المكلف بقطاع التربية الوطنية تفاصيل هذه النتائج من حيث عدد المترشحين وكذا الناجحين، مع تقديم تصنيف للناجحين من حيث الجنس ونسبة النجاح وكذا عدد المراكز التي تم تخصيصها لتنظيم الامتحانات وعدد الأطر التربوية وكذا الإدارية ولجان التفتيش الخاصة بالامتحانات، وكذا الوسائل التقنية والمادية واللوجيستية التي تمت تعبئتها، وغيرها من الأمور ذات الصلة. كما يتم في مثل هاته المناسبات الإعلان عن أعلى معدل محصل عليه على المستوى الوطني وإسم المترشح الذي حاز عليه وكذا مؤسسة الانتساب وإسم المديرية الإقليمية التابع لها[29]–[30]، وهو الأمر الذي ينطبق كذلك على الأكاديميات الجهوية للتربية التي تصدر بدورها بلاغات إخبارية في هذا الشأن.
وهذا الإجراء، بقدر ما يشكل حافزاً لدفع التلاميذ لبذل مجهود أكبر انطلاقاً من تنافس شريف واحترام مبدأ تكافؤ الفرص، فإنه قد لا يخلو من مساوئ بحيث قد يشكل عكس ذلك دافعاً للبحث عن كل السبل للحصول على أعلى المعدلات مهما كانت طبيعة الوسائل المعبئة سواء المشروعة أو غير المشروعة، ليس فقط من جانب التلاميذ ولكن حتى المؤسسات التعليمية، خاصة وأن التلاميذ يعيشون لحظة الامتحانات تحت ضغوط نفسية سواء من جانب الأسرة أو المدرسة.
لذلك، فلا غرابة أن نجد مجموعة من المؤسسات التعليمية أصبحت تسعى إلى البحث عن التموقع في الصدارة خاصة في علاقتها بباقي المؤسسات الأخرى إن على المستوى المحلي أو على النطاق الوطني، سيما من حيث نسب النجاح أو المعدات المحصل عليها من طرف الممتحنين بها، وبالتالي، حرص مسؤوليها على تلميع صورتهم لدى الإدارة المركزية (الوزارة المعنية) أو الجهوية (الأكاديمية الجهوية) أو الاقليمية (المديرية الاقليمية) وذلك لنيل رضاها والبحث عن إغناء رصيدهم من الإنجازات.
إن هذا الدافع جعل بعض المؤسسات تساهم أحياناً بطريقة أو بأخرى في تنامي ظاهرة الغش المدرسي في كل محطة تعرف تنظيم الامتحانات الإشهادية، ولعل الحياد السلبي حيال الظاهرة وعدم الحسم فيها بشكل قاطع من خلال إعمال القانون وتطبيقه بشكل صارم بدل العمل على إضفاء نوع من المرونة على ظروف وأجواء الامتحانات كما حدث في ظل انتشار وباء كوفيد-19 خلال موسم 2020 وما بعده[31]، تعتبر أحد أوجه هذا الانخراط في الظاهرة.
إن العبرة ليست بالنقط المحصل عليها، والتي لا يمكن اعتبارها بمفردها طريقة موضوعية للتقييم والتحصيل المدرسي والمعرفي لدى التلاميذ، ولكن تبقى فقط عنصراً واحداً من بين عدة عناصر أخرى لهذا التقييم.
إن تدخلات كهاته من جانب الإدارة التعليمية بقدر ما تؤثر على أجواء الامتحانات ويغيب معها التنافس الشريف وتخل بمبدأ تكافؤ الفرص، وتضعف بالتالي مهمة التقييم الموضوعي للمكتسبات والتعلمات لدى الممتحنين، بالقدر نفسه الذي تفقد كذلك معه المؤسسات التعليمية بريقها وتضعف وظيفتها التربوية وكذا التنشئوية، خاصة وأننا نتحدث عن القيم والأخلاق كمحددات أساسية لتقييم أداء المدرسة.
المبحث الثاني: الغش في الامتحانات: بين إشكالية استفحال الظاهرة وسؤال فعالية المنظومة القانونية.
بالرغم من توفر بلادنا على منظومة قانونية لزجر الغش في الامتحانات المدرسية، فإن الظاهرة تعرف تنامياً سنة بعد الأخرى، وهو ما يسائل فعالية هذه المنظومة في حد ذاتها وكذا الجهات المكلفة بإنفاذ القانون.
المطلب الأول: المنظومة القانونية لزجر الغش في الامتحانات وسؤال الفعالية.
لم يغفل المشرع المغربي عن تأطير الغش المدرسي ضمن المنظومة القانونية الوطنية، بل وقد أرسى له بشكل مبكر إطاراً تشريعياً سواء في إطار التدابير الوقائية أو الزجرية، وذلك منذ ما قبل وضع أول دستور عرفته بلادنا سنة 1962. وهكذا نجد أن الدولة قد أولت لهذا الجانب نوعاً من الاهتمام بما يكرس مبدأ تكافؤ الفرص بين مختلف الممتحنين أو المتبارين لولوج الوظائف العمومية.
وفي هذا الصدد، لا بد من التذكير بأن ظهير سنة 1958 شكل أولى النصوص القانونية بعد الاستقلال التي تم بموجبها ضبط الخداع في الامتحانات والمباريات العمومية[32]. والملاحظ أن هذا الظهير جاء مقتضباً للغاية بحيث لم يتضمن سوى خمسة فصول تطرقت إلى تعريف جنحة الخداع في الامتحانات والمباريات العمومية، وما يندرج ضمنها من أفعال تنطوي على جنحة من هذا القبيل[33]، ثم نص على الجزاءات الجنائية، والتي حددها في الحبس لمدة تتراوح ما بين شهر وثلاث سنوات وكذا بغرامة يتراوح قدرها بين 12.000 و1.200.000 فرنك أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، في حين تعين الجزاءات التأديبية، التي تترتب عن المخالفات المنصوص عليها في الظهير المذكور، بموجب قرار وزيري يصدر باقتراح رؤساء المصالح المنظمة فيها الامتحانات. كما يجري طبق نفس الكيفيات المذكورة وبموجب قرار وزيري بطلان ما يحتمل من نجاح في المباراة أو الامتحان المرتكب فيه الخداع[34].
وقد ألغى الظهير المذكور كل المقتضيات القانونية الأخرى المتعلقة بالامتحانات والمباريات العمومية التي سبق إصدارها في هذا الشأن، خاصة ظهير 11 شتنبر 1928 بشأن زجر الغش والخداع في الامتحانات والمباراة العامة[35]، والذي صيغ في ظل الحماية الفرنسية وكان يؤطر ارتكاب الغش في الامتحانات والمباريات العمومية المراد منها الحصول على شهادة علمية تسلمها سواء الدولة المغربية أو السلطات الفرنسية، بحيث كان ينص على عقوبة حبسية تتراوح ما بين شهر وثلاث سنوات[36]، وهي نفسها الواردة في ظهير1958[37]، مقابل غرامة مالية أقل والمحددة في ما بين 100 و10000 فرنك فرنسي أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط[38].
ولجعل المنظومة القانونية تواكب التطور الحاصل على مستوى الغش في الامتحانات ومواءمتها مع كل التحولات التي يعرفها المجتمع مع تغير أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية وكذا القيمية، ولسد الفراغات والنقائص التي أبان عنها ظهير 1958 خاصة مع تطور الوسائل والأساليب التي يتم اللجوء إليها، صدر القانون رقم 02.13[39] المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية الذي عمل على نسخ النص السالف الذكر، حيث جاء متضمناً في متنه عشر مواد مقسمة إلى أربعة أبواب تطرقت إلى كل من: التعريف ومجال التطبيق (الباب الأول)[40]، التأديب (الباب الثاني)، العقوبات (الباب الثالث)، ثم مقتضيات مختلفة (الباب الرابع) .
ومن خلال استقراء هذا النص التشريعي، يلاحظ أنه تطرق لزجر الغش المرتكب على مستوى مؤسسات التعليم والتكوين العمومي والخاص وكذا مؤسسات التكوين المهني العامة والخاصة، وحدد الأفعال التي تعتبر غشّاً في ثمان حالات[41]، في حين استبعد حالات الغش المتعلقة بمباريات التوظيف التي أطرها ظهيرا 1928 و1958. كما أن المشرع كان واعياً بالتطور الذي عرفه الغش المدرسي سواء من حيث الوسائل أو الفاعلين حيث تحدث عن كل من المترشحين وكذا غيرهم من المشاركين أو المساهمين في فعل الغش سواء من داخل المؤسسات التعليمية أو من خارجها[42]، وأيضاً عن مختلف الوسائل والطرق التقنية والرقمية التي يتم توظيفها لهذا الغرض[43]، لكن ما يلاحظ هو أنه حصر الغش في الامتحانات المدرسية فقط دون التطرق إلى الحالات الأخرى التي يتم فيها ضبط الغش أثناء الامتحانات التي لا تتوج بالحصول على شهادة أو دبلوم، وهي حالات كثيرة ولا يمكن الاستهانة بخطورتها، خاصة وأن ثقافة الغش عادة ما تتقوى بناء عن تراكم في ممارسة الخداع والتحايل منذ السنوات الأولى من المسار الدراسي للتلميذ لتمتد حتى إلى المستويات الجامعية، ليصبح الغش مرضاً مزمناً يصعب التخلص منه.
كما أن المشرع شدّد فيما يتعلق بالجزاءات الجنائية أو التأديبية بسبب ارتكاب جنحة الغش بالمقارنة مع ظهيري 1928 و1958، بحيث حدد الحبس في ستة أشهر إلى خمس سنوات، وغرامة مالية تتراوح ما بين 5000 و000 10 درهم أو بإحدى العقوبتين فقط، لكنه حصر هذه العقوبات في خمس حالات فقط من ضمن ثمان الحالات المذكورة، مستبعداً بذلك الثلاث الحالات الأخرى مراعياً في ذلك مصلحة التلميذ بالدرجة الأولى[44].
وضمن الجزاءات التأديبية، نص المشرع على سحب ورقة الامتحان من المترشح عند ضبطه في حالة غش[45]، ومنحه نقطة الصفر في المادة التي تبث غشه فيها مع إلغاء نقط جميع الدورة المعنية[46]. كما يمكن اتخاذ قرار الإقصاء النهائي من اجتياز الامتحان برسم السنة الجارية أو الإقصاء من اجتياز الامتحان بالنسبة للسنة الموالية[47]. في حين كان المشرع جد متشدد فيما يتعلق بحالة حيازة المترشح لوسائل إلكترونية أو وثائق أو مخطوطات غير مرخص بها داخل فضاء الامتحان، والتي ترتب جزاء الإقصاء من اجتياز الامتحان لسنتين دراسيتين متتاليتين[48].
هذا ولم يغفل المشرع عن التنصيص على تحميل المسؤولية لكل مسؤول أو متدخل أو مشارك في تحرير أو نقل أو حماية أوراق ومواضيع الامتحانات المدرسية في حالة تسريبها أو محاولة تسريبها، من خلال اتخاذ قرار التوقيف الاحترازي عن العمل بشكل فوري، مع إحالة محضر يحرر في الموضوع على أنظار النيابة العامة المختصة[49].
إن النص القانوني، وعلى أهميته في تأطير سلوكات الأفراد وتصرفاتهم، ووضع حدود فاصلة ما بين الحق والواجب وكذا المسؤولية، فإنه يبقى مع ذلك قاصراً مالم يتم تطبيقه بشكل صحيح وفعال. فالغش المدرسي ظاهرة تعرف اليوم تنامياً في الأوساط المدرسية، وعلاجها يتطلب مقابل ذلك، بالإضافة إلى التحسيس والتوعية والتأطير، تطبيقاً صارماً وسليماً للنص القانوني حتى يكون آلية وقائية أكثر مما هي وسيلة زجرية وعلاجية، ويتبث فعاليته على أرض الواقع، وهو ما يتطلب انخراط كل الفاعلين من آباء وأولياء الأمور، أطر تربوية، إدارة تعليمية، جمعيات مدرسية ومدنية، إعلام وغيرهم، خاصة وأن الظاهرة في تزايد ملحوظ بالرغم من أن النص التشريعي تضمن بعض المقتضيات الزجرية الصارمة كعقوبة الحبس أو الغرامات المالية أو الإقصاء من اجتياز الامتحان لسنة أو سنتين دراسيتين متتاليتين، وهو ما يبرر بأن هناك من دون شك خللاً أو تقصيراً ما على مستوى تطبيقه، وهو أمر مكفول للجهات المكلفة بإنفاذ القانون.
المطلب الثاني: تنامي ظاهرة الغش في الامتحانات: دراسة حالة.
سيتم التطرق من خلال هذا المطلب إلى ظاهرة الغش في الامتحانات ببعض المؤسسات الدراسية التي احتضنت الامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا برسم السنة الدراسية 2021-2022. ولهذه الغاية، تم اعتماد تقنية الاستمارة التي تضمنت مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالظاهرة، تم طرحها على عينة من التلاميذ الذين اجتازوا الامتحان الوطني، وذلك لاستقصاء آرائهم ومواقفهم سواء الرسميين منهم أو الأحرار من مختلف الشعب.
لقد همت الدراسة ثلاث مراكز الامتحان التالية: ثانوية ابن زيدون التأهيلية ثم الثانويتين الإعداديتين جابر بن حيان وابن ياسين، وهي مؤسسات تعليمية تابعة للمديرية الإقليمية لسيدي سليمان-أكاديمية جهة الرباط سلا القنيطرة، كحالة للدراسة.
وللإشارة، فقد احتضن المركز الأول المترشحين الرسميين، أما المركزين الثاني والثالث، فقد خصصا للمترشحين الأحرار فقط. ويأتي هذا التوزيع مراعاة لظروف المترشحين الرسميين حيث يتم الاحتفاظ بهم بمؤسساتهم التعليمية التي يتابعون بها دراستهم، وهو الحال بالنسبة لتلامذة ثانوية ابن زيدون التأهيلية.
وعلى سبيل الاستئناس والمقارنة، ومن خلال الإحصائيات المتوفرة، يلاحظ أن عدد المترشحين بمراكز الامتحان الثلاثة المذكورة بجميع المسالك، بلغ ما مجموعه 1388 منهم 646 رسميين و742 أحراراً. والملاحظ أن عدد المترشحين الأحرار تجاوز عدد الرسميين.كما أن نسبة النجاح بهذه المراكز الثلاثة كانت هي الأعلى بالمقارنة مع باقي مراكز الامتحان الأخرى التابعة للمديرية الإقليمية لسيدي سليمان.
أما على مستوى المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بسيدي سليمان برمتها، فقد بلغ عدد المترشحين والناجحين منهم بجميع المسالك، بمجموع مراكز الامتحانات، ما يلي[50]:
– عدد المترشحين:2515 * ذكور: 1116 * إناث:1399
– عدد الناجحين:2298 * ذكور:994 * إناث:1304
وقد بلغ عدد الناجحين ما مجموعه 2298، هو ما يشكل نسبة 91.37 %من مجموع المترشحين، حيث بلغ عدد التلميذات الناجحات من مجموع المترشحات البالغ عددهن 1399 ما مجموعه 1304، أي بنسبة93,21 %، وهي نسبة تفوق نسبة الناجحين من الذكور التي بلغت89.01 %من مجموع 994 مترشح من نفس الجنس، في الوقت الذي بلغت فيه نسبة النجاح برسم الدورة العادية84.29 % أي بزيادة 7.08% في الدورة الاستدراكية. وبهذا، فقد احتلت المديرية الإقليمية المذكورة، على مستوى أكاديمية الجهة، المرتبة الثانية بعد مديرية سيدي قاسم(92.79%)، متقدمة بذلك على المديريات الإقليمية لكل من الرباط (90.47%)، الصخيرات تمارة (86.38%)، الخميسات (86.24%) والقنيطرة (85.06%).
كما أنه بالرجوع إلى نتائج امتحانات البكالوريا المتعلقة بالست سنوات الأخيرة، يلاحظ أن نسبة النجاح على مستوى المديرية ذاتها عرفت وثيرة تصاعدية ملحوظة، بحيث انتقلت من 61.73% سنة 2018 إلى تم إلى 74.48% سنة 2019، و88.28% سنة 2020، ثم 87.91% سنة 2021، لترتفع إلى91.37% برسم الموسم الدراسي 2022، وهي نسبة تفوق المعدل الوطني الذي لم تتجاوز 78.84%من الناجحين برسم الدورتين العادية والاستدراكية الذين بلغ عددهم 273 ألف 333 ممدرسة وممدرساً[51]، مقابل 81.83 %من النجاح مسجلة برسم سنة 2021.
وإذا ما قمنا بقراءة في نسب النجاح قراءة واقعية ولو في ضوء النتائج المسجلة على مستوى المديرية برمتها، وكذلك في ضوء الوضع التعليمي الحالي ببلادنا، يمكن أن يتولد لدينا انطباع أولي، وهو أن المنظومة التعليمية بهذه المديرية، وكذلك على نطاق الأكاديميات الجهوية الستة عشر، في وضع جيد. ومن تم، فإن نسبة النجاح تعد نتيجة طبيعية لهذا الوضع وثمار ما يبذل من مجهودات على هذا المستوى، وهذا ليس صحيحاً، بحيث إنه إذا ما قارنا التعليم بالمغرب نجده يحتل تصنيفاً متأخراً على مستوى سلم الترتيب الدولي، بل وحتى بالمقارنة مع العديد من الدول العربية التي ارتقى فيها إلى مستويات مقبولة إلى حد ما وبعضها إلى مشرف[52]، وبطبيعة الحال، فالمديرية الإقليمية بسيدي سليمان ومعها المؤسسات التعليمية التابعة لها لا يمكن أن تشكل استثناء عن الوضع القائم. فعلى مستوى الجودة، يلاحظ عدم ارتياح شريحة واسعة من المنتفعين من المرفق التعليمي من الأداء ومن جودة الخدمات المقدمة، بما فيهم التلاميذ أنفسهم الذين يواجهون صعوبات جمة على مستوى التمدرس واستيعاب المقررات، وهو ما ينعكس على جانب التحصيل المعرفي والتعليمي، هذا زيادة على تقلص الزمن الدراسي لعدة أسباب كظاهرة غياب مجموعة من الأطر التربوية في السنوات الأخيرة بسبب خوضها لإضرابات متكررة طيلة السنة كما هو الحال بالنسبة لأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المتعاقدين وكذا حاملي الشواهد العليا[53]، بالإضافة إلى مخلفات جائحة كوفيد 19 وتأثيرها على التعليم خاصة في ظل العمل بنظام التعليم عن بعد، الذي أبان هو الآخر عن مجموعة من الأعطاب[54]. ومن، تم يلاحظ تأخر على هذا النطاق، وهذا ما تؤكده مجموعة من الدراسات والتقارير التي أثارت عدة ملاحظات فيما يتعلق بالمنظومة التعليمية ببلادنا. بل حتى المسؤولون الحكوميين عن القطاع يعترفون بذلك بشكل صريح، ولعل انعقاد الدورة الأولى من الولاية الثانية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لسنة 2022 لعرض خارطة الطريق 2022-2026[55] كانت فرصة سانحة لإثارة هذا الإشكال المرتبط بعدم فعالية المنظومة التعليمية ببلادنا وكذا الإشكالات التي لازالت مطروحة على هذا المستوى بالرغم من الخطط والاستراتيجيات التي تم وضعها والتي أبانت عن محدوديتها في تغيير الوضع القائم.
وبالمناسبة، لا بد من الوقوف عند ما أثارته خارطة الطريق 2022-2026 من إشكالات ومعيقات حيث جاء فيها أنه “بالرغم من وجود ارادة للإصلاح ورؤية استراتيجية مشتركة، فإن المدرسة العمومية لا تضمن اكتساب التعلمات الأساس ولا تحظى بثقة المواطنين، فالنتائج تبقى دون المستوى، بحيث إن التعلمات الأساسية تبقى غير متحكم فيها، ذلك أن 70% من التلاميذ لا يتحكمون في المقرر الدراسي عند استكمالهم التعليم الابتدائي، كما أن فرص التفتح وتحقيق الذات تبقى محدودة خاصة وأن 25% فقط من التلميذات والتلاميذ يشاركون في الأنشطة الموازية، هذا بالإضافة إلى أن التعليم الإلزامي غير محقق إلى درجة أن 000 300 حالة انقطاع عن الدراسة يتم تسجيلها سنوياً، بحيث تؤكد التقييمات الوطنية حول مكتسبات التلاميذ أزمة التعلمات بالمدرسة العمومية. فنسبة التحكم في المقرر الدراسي لا تتجاوز 30% من التلاميذ عند استكمال التعليم العمومي الابتدائي[56] و10% فقط عند استكمال التعليم العمومي الإعدادي.
كما أن تقارير ودراسات أخرى توقفت عند إشكالية ضعف التحصيل المعرفي سواء لدى تلامذة المدارس الابتدائية أو في المراحل الثانوية. وهكذا، فإن نتائج الدراسة الدولية لتقويم تطور الكفايات القرائية (PIRLS)، والتي تقيس الكفايات في مجال القراءة المدرسية، قد وضعت في نسختها برسم 2016 روسيا في صدارة التصنيف الدولي، تليها سنغافورة وهونغ كونغ، ويحتل المغرب في هذا التصنيف العالمي المركز 48، متقدماً على مصر (المركز 49) وجنوب أفريقيا (المركز 50)، ومع ذلك، تنبغي الإشارة الى أن النتيجة التي حصل عليها المغرب قد تحسنت بالمقارنة مع سنة 2011[57].
وبالتالي، فالحديث اليوم عن الغش المدرسي ومبرراته لا يستقيم من دون النظر إلى واقع التعليم في مراحله الأولى سواء الابتدائية أو حتى ما قبل المدرسية، حيث تسجل هذه المستويات هشاشة في المكتسبات والتعلمات لدى شريحة عريضة من التلاميذ وكذا ضعف في قدراتهم المعرفية، حيث تتراكم هذه الأزمة ويتزايد هذا العجز ويتفاقم لينتقل في ما بعد إلى المستويات الثانوية ثم الجامعية. فممارسة الغش اليوم ما هي سوى محصلة لتراكم الأزمات والأعطاب البنيوية التي يعرفها التعليم ببلادنا منذ المستويات الأولى من التمدرس. وبالتالي، فمن دون التفكير في تجويد الخدمة التعليمية والتربوية منذ السنوات الأولى من التمدرس، والبحث جدياً عن السبل والآليات الكفيلة والفعالة للرفع من قدرات المتمدرسين وبنائها على أسس صلبة لتمكينهم من تحصيل معرفي في المستوى، لا يمكن تجاوز الهشاشة التي يعاني منها التلاميذ في المراحل الثانوية، والتي جعلت المغرب يحتل مراتب جد متدنية من حيث الكفايات والتعلمات. وبذلك، فالتلميذ الذي يصل إلى المستويات الثانوية بتحصيل ضعيف لا يمكن أن نطلب منه أكثر مما يطاق.
وبذلك، فهذا الوضع المتأزم للتعليم ببلادنا هو أحد الأسباب من وراء انتشار الغش في الأوساط المدرسية لدى الممتحنين، الذين لا يجدون غير اللجوء إلى أساليب الغش والتحايل واستعمال كل الوسائل بما فيها المشروعة وغير المشروعة لكسب رهان النجاح.
وبذلك يمكن استنتاج:
– إن نسبة النجاح المحصل عليها لا يمكن أن تكون أساساً للقول بوجود تعليم جيد ومن دون مشاكل ببلادنا.
– إن نسبة النجاح لا تعكس بشكل كبير مستوى التحصيل المعرفي لدى معظم الناجحين في امتحانات البكالوريا بدليل أن عدم قدرة أعداد كبيرة منهم لا تتمكن من مسايرة التعليم الجامعي والذهاب إلى أبعد حد، بل إن الانقطاع عن الدراسة بالجامعة بالنسبة للذين يلجون إليها، في السنوات الأولى بل وحتى في الفصول الأولى يبقى السمة البارزة الذي تميز التعليم العالي ببلادنا.
إن ردود فعل التلاميذ الممتحنين تعكس إلى حد ما ضعف التحصيل المعرفي لدى هؤلاء واعتمادهم على الطرق غير المشروعة للحصول على أجوبة للامتحانات التي اجتازوها، وهو ما يتبين من خلال الأجوبة التالية، والتي أدلوا بها عن الأسئلة المضمنة بالاستمارة.
سؤال 1: هل أنت مترشح ؟
– متمدرس؟: 53 – حر؟ : 17
وهو ما يعني أن العينة تم اختيارها بشكل عشوائي، بحيث تشكل نسبة المترشحين الرسميين %76، أي ما يزيد بقليل عن ثلاثة أرباع عدد المترشحين الذين تم استقصاء آرائهم، مقابل 24% من المترشحين الأحرار.
- سؤال 2: ما هي الشعبة التي اخترتها عند اجتيازك امتحانات الباكالوريا 2022؟
– علوم: 24 – آداب: 29 – شعبة أخرى: 17
تتوزع العينة، من حيث التخصص، ما بين مسلك أو شعبة العلوم بنسبة 34%، والآداب 41 %، ثم شعب أخرى بنسبة 24%. وبالرجوع إلى نوعية التخصصات الممتحن بشأنها على مستوى المراكز الثلاث سالفة الذكر، نجد مسالك علمية وأدبية وكذا مهنية.
- سؤال3: هل هي شعبتك الأصلية؟
– نعم: 61 – لا : 09
هذه الأرقام تتطلب شيئاً ما من التوضيح، ذلك أن 61 مترشحاً، يتوزعون ما بين 53 مترشحاً رسمياً و 08 مترشحين أحراراً، ترشحوا كلهم برسم هذه السنة في شعبهم الأصلية، بالإضافة إلى 09 مترشحين أحراراً ترشحوا في شعب غير شعبهم الأصلية.
- سؤال4: هل سبق لك أن ترشحت من قبل لاجتياز امتحانات البكالوريا؟
– نعم:29 – لا (أي الترشح لأول مرة):41
من خلال هذه المعطيات، يلاحظ أن 29 من المترشحين سبق لهم أن ترشحوا من قبل لهذه الامتحانات، 18 منهم تمكنوا من النجاح فيها، بالمقابل نجد أن 41 هم مترشحون جدد هذه السنة.
- سؤال5: هل سبق لك أن حصلت على شهادة البكالوريا برسم سنة سابقة؟
– نعم: 18 – لا: 52
يلاحظ أن عدد المترشحين، الحاصلين من قبل على شهادة البكالوريا، وأعادوا ترشيحهم مرة أخرى للحصول على هذه الشهادة بلغ 18 من أصل 70 مترشحاً. في حين نجد 52 مترشحاً موزعين ما بين 49 مترشحاً متمدرساً وكذا 09 مترشحين من الأحرار غير حائزين من قبل على هذه الشهادة.
واللافت للنظر أن مسألة إعادة الترشيح لمرة أو مرات أخرى أصبحت ظاهرة معروفة في صفوف التلاميذ، بل وعرفاً من الأعراف المترسخة في ثقافة الشباب، قد تكون الغاية منها الحصول على شهادة في تخصص آخر، وقد تكون أهداف أخرى وراء ذلك. وهو ما يطرح أكثر من استفهام حول الجدوى من الرغبة في الحصول على أكثر من شهادة من نفس المستوى (البكالوريا)، بدل التفكير في الذهاب أبعد من ذلك انطلاقا من شهادة واحدة قد تكفي لاستكمال الدراسات الجامعية أو متابعة إحدى التكوينات التي تسمح بالولوج إلى الوظيفة سواء بالقطاع العام أو الخاص. لكن على ما يبدو أن تعثر الحاصلين على البكالوريا وعدم تمكنهم من تحقيق هذه الغايات قد يجعلهم يظلون تائهين وراء حلم النجاح وإعادة النجاح في امتحانات البكالوريا، وكأن هذا الهدف أصبح في نهاية المطاف هو كل شيء بل وأقصى ما يمكن تحقيقه في المسار التعليمي، بل أكثر من ذلك أن المترشح في مسلك غير مسلكه الأصلي يبحث عن كل الطرق للظفر بالنجاح بما فيه الغش الذي يبقى الوسيلة الأكثر استعمالا لتحقيق هذه الغاية[58].
أما الاستنتاج الثاني الذي يمكن التوصل اليه وهو أن مسألة الترشح لمرة ثانية أو ثالثة، والظفر بالنجاح، حتى بالنسبة للمترشحين الأحرار، أصبح بالأمر السهل تحقيقه، بل وأقرب من البديهيات في ذهن هؤلاء، وهذا ما يبين المرونة التي أصبحت تطبع إلى حد ما ظروف وأجواء هذه الامتحانات الإشهادية، مما يساعد على ممارسة الغش.
- سؤال6: هل توفقت في امتحانات البكالوريا برسم2022
– نعم: 50 – لا: 20
الملاحظة الأولى التي يمكن استنتاجها وهي أن 50 من المترشحين تمكنوا من النجاح في الامتحانات منهم 10 حائزين من قبل على الشهادة البكالوريا وترشحوا هذه السنة بصفتهم أحراراً. أما الملاحظة الثانية وهي أن هذه الأرقام تعطي، في ضوء هذه العينة من المترشحين، نسبة للنجاح تقدر ب 71,42 %، وهي نسبة تبقى أقل من المعدل الوطني برسم الدورتين العادة والاستدراكية الذي بلغ 78,84%، وأقل كذلك من نسبة النجاح المسجلة على مستوى المديرية الإقليمية لسيدي سليمان، التابعة لها مراكز الامتحانات المذكورة، والتي بلغت 91,37%.
- سؤال7: كيف مرّت أجواء الامتحانات هذه السنة مقارنة مع السنوات الفارطة؟
– حراسة مشددة ورقابة صارمة على المترشحين: 20
– مرونة وتساهل مع المترشحين (أي : اللجوء الى الغش في الامتحانات): 24
من خلال أجوبة المترشحين، يلاحظ أن 20 منهم من أصل 70 صرحوا بأن ظروف الامتحانات كانت مشددة مع رقابة صارمة، ومع ذلك فقد مارسوا الغش باستثناء اثنين منهم فقط، في حين أن 24 اعتبروا أنها اتسمت بالمرونة وبالتالي ممارسة الغش من طرف الممتحنين، باستثناء واحد منهم فقط من لم يمارس ذلك، بالمقابل لم يفصح 26 من المترشحين عن رأيهم بهذا الخصوص.
وهذا التفاوت في النسب ما بين التشديد في الحراسة والمرونة فيها تتحكم فيه مجموعة من العوامل ويبقى بطبيعة الحال خاضعاً لكيفية تعاطي الأطر التربوية المشاركة في الحراسة مع هذه العملية. فبينما يرى بعض هذه الأطر أن العملية يجب أن تمر في أجواء شفافة ومسؤولة بما يضمن تكافؤ الفرص ويعكس بشكل حقيقي درجة التحصيل والتقييم لدى التلاميذ، يميل آخرون إلى التعاطف مع الممتحنين والتعامل معهم لحظة الامتحانات بنوع من المرونة والتساهل، معتبرين ذلك نوعاً من التيسير لأمرهم وتمكينهم بالتالي من النجاح. وهذا التقدير غير سليم لأنه يخلق جيلاً متواكلاً وفي نفس الوقت مفتقداً للجدية والمسؤولية، وبالتالي لا يمكن أن يكون محل ثقة.
- سؤال8: هل تم إشعاركم أو تحسيسكم بخطورة الغش في الامتحانات وعواقبه؟
– نعم: 46 – لا: 21
بالرغم من عملية التوعية والتحسيس، في صفوف تلاميذ المؤسسات التعليمية بشكل عام والممتحنين على وجه الخصوص، بخطورة الغش المدرسي وتجنب نهج مختلف الأساليب غير القانونية خلال الامتحانات[59]، إلاّ أنها تبقى غير فعالة. فعرض الملصقات وتعليق الإعلانات أو التذكير بالقوانين لا يكفي للتصدي لهذه الّآفة التي أصبحت تنخر المنظومة التعليمية والتربوية ببلادنا، ولكن يجب تسخير كل الوسائل والآليات والإمكانيات حتى تصل الرسالة بشكل واضح وفعال إلى الفئة المستهدفة. هذا الأمر يتطلب انخراط، ليس فقط المؤسسة التعليمية لوحدها، ولكن الكل يجب أن يتحمل جزءاً من هذه المسؤولية: جمعيات المجتمع المدني بما فيهم جمعيات أمهات آباء وأوليات التلاميذ، الجمعيات المتخصصة في مجال التربية والتكوين، الأسرة، الإعلام، الدولة بمختلف مكوناتها، …
- سؤال9: هل اعتمدت على مساعدة الآخرين أو مارست الغش في اجتياز الامتحانات؟
– نعم: 66 – لا: 04
هذا الرقم له دلالة قوية فيما يتعلق بالحدة التي يمارس بها الغش المدرسي، ذلك أن نسبة 94,28% ممن مارسوا الغش تعتبر خطيرة للغاية وتعطي رسالة قوية لكل المتدخلين للتصدي لهذه الظاهرة التي تهدد المنظومة التعليمية والتربوية ببلادنا. فممارسات الغش لم تبق على شكل أفعال محدودة ومعزولة، ولكن سلوكات ممنهجة ومخطط لها، بشكل أصبحت أقرب إلى المألوف في ثقافة العديد من الممتحنين.
- سؤال10: بأية وسيلة قدمت لك هذه المساعدة؟
– الهاتف أو جهاز الكتروني آخر: 19
– الوثائق الورقية: 33
– وسائل شفهية (تبادل الكلام مع الآخرين في حجرة الامتحانات): 26
هذه المعطيات تبين مدى التنوع في الوسائل المستعملة في الغش لدى الممتحنين، والتي تتوزع ما بين الأجهزة الالكترونية والوثائق الورقية وكذا تبادل الحديث والمعلومات ما بين المترشحين، أو تدخل أشخاص آخرين سواء من داخل القسم أو خارجه للتوصل بالمعلومة أو إيصالها.
- سؤال11: من قدّم لك هذه المساعدة؟
– شخص أو أشخاص من خارج قاعة الامتحان: 14
– من داخل قاعة الامتحان: 19
– من أحد التلاميذ المترشحين: 23
– أحد المكلفين بالحراسة في الامتحانات (ولو عن طريق التسماح مع حالات الغش): 12
– أحد المسؤولين أو الموظفين بإدارة المؤسسة: 06
في حين أن مترشحاً واحداً لم يفصح عن موقفه بهذا الخصوص.
هذه الأرقام تعطي فكرة وهي تعدد المتدخلين في ممارسة الغش المدرسي، فالأمر لا ينحصر على التلاميذ لوحدهم بقدر ما يتعلق بعدة متدخلين وفاعلين في انتشار الظاهرة والتساهل معها سواء من داخل المدرسة أو من خارجها (حراس، إداريين، أطراف خارجية عن المدرسة، …).
– سؤال12: ما هو حجم المساعدة التي حصلت عليها عند اجتيازك للامتحانات؟
– في كل المواد: 15 – أكثر من مادة:34 – مادة واحدة فقط: 17
لم يبق الغش تلك الأفعال المعزولة والناذرة والتي يخاف من عواقبها، ولكن أصبح ممارسة تكاد تكون أقرب إلى المألوف من السلوكات لدى الممتحنين. لذلك، يلاحظ في ضوء هذه المعطيات، أن الغش يتجاوز المادة الواحدة للامتحان (%22,72) إلى مادتين (51,52%) أو أكثر من ذلك (25,76%). ولذلك تتأكد فرضية اعتبار الغش ممارسة ممنهجة وليس بأفعال معزولة وناذرة، قد يقتصر على مترشحين معدودين على رؤوس الأصابع أو مادة واحدة فقط، ولكنه أصبح يمتد إلى معظم المواد الممتحن فيها، وكذلك إلى معظم المسالك وأيضاً مختلف المترشحين بما فيهم حتى الرسميين.
– سؤال13: لماذا اعتمدت على مساعدة الآخرين؟
– عدم التحضير للامتحانات بشكل جيّد: 32
– عدم التحضير للامتحانات بشكل كلي: 30
يبرر المترشحون ممارستهم لهذا الفعل غير المشروع بعدم التحضير لهذه الامتحانات إما بشكل جيد (32 مترشحاً:أي بنسبة 48,49%)،)، أو بشكل نهائي (30 مترشحاً، أي ما يشكل نسبة 45,45%). بالمقابل، لم يفصح أربعة، من أصل 66 مترشحاً مارسوا الغش، عن موقفهم بخصوص طبيعة أسباب لجوئهم إلى ممارسة الغش. وتطرح هذه النسب استفهاماً عريضاً، حيث يتضح أن الغش أصبح سلوكاً ممنهجاً ويمارس من جانب شريحة عريضة من التلاميذ، ومن هنا تتأكد الفرضية الرابعة.
– سؤال14: هل تعتبر أن الغش في الامتحانات سلوك عادي؟
– نعم: 18
– سلوك غير مشروع:27
– يمسّ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين: 26
– هو حق للتلميذ يجب التمسك به: 07
عبر 38,57 % من المترشحين على أن الغش فعل غير مشروع، وأن 37,14 % اعتبرته يمس بمبدأ تكافؤ الفرص ما بين المترشحين، وهو اعتراف صريح منهم بلا مشروعية الفعل، ويمس بمبدأ تكافؤ الفرص على الرغم من إتيانه. بالمقابل، نجد أن نسبة 10 % تعتبر أن ممارسة الغش حق للتلميذ يجب التمسك به و25,71 % سلوكاً عادياً، وهذا الأمر يعبر عن تحول خطير بل وانحراف شاد في سلوكات و تمثلات بعض التلاميذ، ومعطى يجب النظر إليه بنوع من الحذر.
– سؤال15: هل يمكن ربط اللجوء إلى الغش في الامتحانات ب:
– خلل على مستوى المنظومة التعليمية والتربوية؟ : 25
– ضعف قدرتك على استيعاب المقرر الدراسي؟ : 21
– التساهل مع الظاهرة كممارسة أصبحت مألوفة لدى التلاميذ؟ : 18
– الرغبة في النجاح بأقل مجهود ممكن؟ : 14
يرجع الممتحنون أسباب الغش إما إلى وجود خلل في المنظومة التعليمية ببلادنا (35,71%)، أو ضعف القدرة على استيعاب المقرر الدراسي(30%)، أو التساهل مع الغش كممارسة أصبحت مألوفة لدى التلاميذ (25,71%)، أو إلى الرغبة في النجاح بأقل مجهود ممكن(20%).
وهذا ما يبين على أن هناك تعدداً على مستوى الدوافع من وراء اللجوء إلى الغش في الامتحانات، فمنها ما هو سلوكي مرتبط بالممتحنين، ومنها ما له صلة بالمنظومة التعليمية ببلادنا التي تعرف مجموعة من الاختلالات، أو التساهل مع الظاهرة. وهذا ما يؤكد فرضية تعدد أسباب وعوامل ممارسة الغش في الامتحانات (الفرضية الثانية).
وبالتالي، فالتقويم يجب أن ينصب على مجموعة من الجوانب وليس على جانب واحد. فالمسؤولة في هذا الإطار تتحملها الجهات المسؤولة عن القطاع وكذلك الأسرة ومحيطها الداخلي والخارجي كفضاءات للتنشئة والتوعية والتهذيب.
– سؤال16: هل أنت مع أو ضد الاستمرار في التساهل مع ظاهرة الغش في الامتحانات؟
-نعم: 21 -لا: 49
عبر 30% من المترشحين عن دعمهم للاستمرار في التساهل مع ظاهرة الغش في الامتحانات، مقابل 70% لها موقف مخالف لذلك. وهذا ما يعطي فكرة على أن الظاهرة وإن كانت قائمة على مستوى الممارسة وتفرضها اعتبارات ما، فإن أغلبية المترشحين ضد فكرة استمرار التساهل معها حسب صريحاتهم، وهو ما يبرز نوعاً من عدم التطابق ما بين القول والفعل عند هؤلاء.
– سؤال17: ما هو موقف الوالدين أو أولياء الأمر من ظاهرة الغش؟
– مع الظاهرة: 09 – ضد الظاهرة: 35 – بدون موقف: 26
يرى التلاميذ أن 12,85% فقط من أبائهم أو أولياء أمورهم من يؤيدون الغش، بينما هناك 50% منهم ضد الظاهرة، في حين تبقى 37,14% من دون موقف. وهذا الأمر يعتبر طبيعياً لأن الأسرة هي مركز التنمية القيمية ومشتل لتلقين الأخلاق والمبادئ، وبالتالي لا يمكن أن تكون مع أي انحراف سلوكي من جانب الأبناء. لكن يلاحظ أن هناك نسبة لها موقف ملتبس حيال الظاهرة ولم تعبر عن رفضها الصريح لها. وبالتالي، فتأييدها للظاهرة يبقى في تقديرنا أرجح من رفضها لها.
– سؤال18: هل تعكس النسبة المرتفعة في النجاح في البكالوريا لهذه السنة مستوى التحصيل الدراسي لدى التلاميذ؟
– نعم: 14 – لا: 27 – نسبياً: 29
يرى 20% أن نسبة النجاح المسجلة على مستوى امتحانات البكالوريا هي نتيجة ما يتلقنه التلاميذ وما يتحصلون عليه من معارف خلال دراستهم، وبالتالي فهي تمرة مجهوداتهم، في حين أن 38,57 % تعتبر عكس ذلك، هذا في الوقت الذي يرى 41,43 % أن هذه النتيجة تعبر نسبياً عن التحصيل الدراسي.
– سؤال19: هل يمكن للمترشح الذي لجأ إلى الغش في الامتحانات أن يراهن على مستقبل جامعي جيد وموفق؟
– نعم: 15 – لا:23 – البحث عن شغل ولو براتب شهري متواضع: 36
يرى 21,42% من التلاميذ أن من مارس الغش يمكن أن يراهن على مستقبل جامعي جيد وموفق، في حين أن 32,85% يرون عكس ذلك، بالمقابل نجد أن نسبة 51,43% تعتبر أن البحث عن شغل ولو براتب متواضع يبقى أقصى ما يسعى إليه المترشح الذي مارس هذه الوسيلة وليس أكثر من ذلك. وهذا ما يعبر عن نوع من الانحصار في الأفق والغايات من الدراسة ومن التعلم من جانب التلاميذ. لكن على ما يبدو أن الإكراهات الاجتماعية تنزل بثقلها، بل وتعتبر إلى حد كبير محدداً لدى المتمدرسين والشباب عامة في الاختيار ما بين الاستمرار في الدراسة واستشراف المستقبل بنوع من التفاؤل وكذا التحدي، أو البحث عن الشغل ولو بشكل متسرع إلى حد ما.
خاتمة:
لقد خلصت نتائج البحث إلى أن ظاهرة الغش في الامتحانات تعرف نوعاً من التحول سواء من حيث الوسائل والأدوات المستعملة أو الفاعلين والتجليات. وهذا التحول يعد نتيجة طبيعية للتغيرات التي يمر بها المجتمع خاصة من حيث أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية وكذا القيمية. وهو ما جعل الغش اليوم، والذي لا يقتصر على مسلك دون غيره، أو نوع محدد من المترشحين رسميين أو أحرار، يصبح في تمثل الممتحنين والمتمدرسين بشكل عام، ليس بسلوك يحظره القانون ويتنافى والأخلاق، ولكن ينظر إليه وكأنه أمر عادي، وهذا بطبيعة الحال نتيجة لنوع من التراخي في تطبيق القانون بشكل فعال وصارم وكذا التساهل مع الظاهرة، بالإضافة إلى ضعف حضور مؤسسات التنشئة الاجتماعية وعلى رأسها الأسرة باعتبارها أهم هذه المؤسسات، خاصة في الجانب المتعلق بالقيم التي تجعل الأفراد في منأى عن كل سلوك أو فعل غير مشروع، ثم المدرسة ومنظمات المجتمع المدني وكذا الإعلام. وهي كلها مؤسسات قادرة، إن قامت بأدوارها على الوجه الأكمل، على القضاء على كل المخاطر الذي تحدق بالشباب وتعرض مستقبلهم للخطر، ولعل من بين هذه المخاطر نجد الغش المدرسي كإحدى الظواهر التي تسائل في الواقع كل المعنيين بالمنظومة التعليمية والتربوية، خاصة مع هذا التحول التي يعرفه اليوم سواء من حيث توسع مجاله أو التعدد في أسبابه ودوافعه وكذا التعدد في أساليبه والفاعلين فيه.
إن الغش المدرسي يتطلب اليوم فتح نقاش مجتمعي حقيقي شفاف ومسؤول للبحث عن حلول فعالة لتطويق للظاهرة من كل جوانبها، والتي لربما إن سارت بهذه الوثيرة، ستقوض حتماً المنظومة التعليمية والتربوية برمتها.
لائحة المصادر والمراجع:
- مراجع باللغة العربية
- الكتب والمؤلفات
- اميل دوركايم: قواعد المنهج في علم الاجتماع، ترجمة محمود قاسم والسيد محمد يدوي، دار المعرفة الجامعية، ع.ش سوتير- اسكندرية، 1988.
- جيهان محمد رشاد وعمرو فكري سالم، المناخ المدرسي والعوامل النفسية والاجتماعية في علاقتها بالعنف المدرسي من وجهة نظر الطلاب، المجلة العلمية لكلية التربية بجامعة أسيوط، المجلد35 ، العدد الأول، 2019،
- فضل عبد الله الربيعي، التغير الاجتماعي: مقدمة في المفهوم والنظرية، بيت الحكمة -بغداد- العراق، 2020
- علاء الدين كفافي، التنشئة الوالدية والأمراض النفسية: دراسة امبيريقية- كلينيكية، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والاعلام، الطبعة الأولى، 1989.
- عبد الرب نواب الدين آل نواب، مسؤولية الآباء تجاه الأولاد، مطبوعات وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (المملكة العربية السعودية)، 1423 هـ.
- محمود سعيد الخولي، العنف المدرسي: الأسباب وسبل المواجهة، مكتبة الأجلو المصرية- القاهرة، الطبعة الأولى، 2008.
- المجلات والمقالات
- الطيار فهد بن علي، “شبكات التواصل الاجتماعي وأثرها على القيم لدى طلاب الجامعة: تويتر نموذجاً “، دراسة تطبيقية على طلاب جامعة الملك سعود، المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، العدد 61، السنة 2014.
- العزري عبد النبي وأخرون، ظاهرة الغش المدرسي بالسلك الثانوي التأهيلي، مجلة النداء التربوي (دراسات وأبحاث)، العدد 27، السنة 2021.
- الكبير الجربي، التعليم عن بعد بالمغرب في ظل الجائحة: بين إكراهات التجربة وآفاق التطوير”، مجلة القانون والأعمال الدولية، العدد 39، أبريل- ماي 2022.
- باسمة حلاوة، دور الوالدين في تكوين الشخصية الاجتماعية عند الأبناء “دراسة ميدانية في مدينة دمشق”، مجلة جامعة دمشق، المجلد 27، العدد3-4، 2011.
- هاجر علي عبد العزيز محمد احمد، دور بعض العوامل الثقافية في نمو ظاهر الغش الالكتروني لدى طلاب الجامعة ” دراسة ميدانية، المجلة التربوية لتعليم الكبار، كلية التربية، جامعة اسيوط- جمهوية مصر العربية، المجلد الثالث، العدد الأول، يناير 2021،.
- عبد اللطيف محمد خليفة، ارتقاء القيم -دراسة نفسية-، مجلة عالم المعرفة، العدد 160، أبريل 1992
- حليمي ابراهيم: “إشكالية إثبات الجرائم الالكترونية”، مجلة الممارس للدراسات القانونية والقضائية، العدد الثاني، يناير 2019.
- محمد بوكلاح، منظومة القيم بين الخطاب التربوي والواقع الاجتماعي، مجلة مسالك التربية و التكوين، المجلد3، العدد1، 2020.
- جيهان محمد رشاد وعمرو فكري سالم، المناخ المدرسي والعوامل النفسية والاجتماعية في علاقتها بالعنف المدرسي من وجهة نظر الطلاب، المجلة العلمية لكلية التربية بجامعة أسيوط، المجلد35 ، العدد الأول، 2019، ص94.
- يوسف بلعباس، الأسرة العربية ومنظومة القيم الاسلامية في ظل الاعلام الجديد: دراسة سوسيولوجية تحليلية لحيثيات الصراع القيمي في العصر الرقمي، مجلة العلوم الاجتماعية، المركز الديمقراطي العربي- ألمانيا- برلين، العدد 25، سبتمبر 2022.
11- لطيفة حسين الكندري، ظاهرة الغش في الاختبارات أسبابها وأشكالها من منظور طلبة كلية التربية الأساسية في دولة الكويت، كلية التربية الأساسية الكويت- الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، 2010، ص2. منشور على الرابط:
https://search.mandumah.com
تاريخ الزيارة: 07.21. 2022 الساعة الثانية بعد منتصف الليل.
12- يسين العمري: ظاهرة الغش في الامتحانات كمعيق للابداع الفكري: مقاربة تربوية اجتماعية وسيكولوجية-الجامعات المغربية أنموذجاً-، منار الإسلام -دراسات وأبحاث محكمة-، منشورة بتاريخ 2022.12.05،
الرابط:
www.islamanar.com
تاريخ الزيارة: 2023.05.18، الساعة الواحدة والنصف صباحاً.
- بحوث جامعية
1- قتلوني مصعب حسام الدين لطفي، “دور مواقع التواصل الاجتماعي”الفيسبوك” في عملية التغيير السياسي: مصر نموذجاً”، أطروحة لاستكمال متطلبات درجة الماجستير في التخطيط والتنمية والتنمية السياسية، جامعة النجاح الوطنية- نابلس-فلسطين، كلية الدراسات العليا، تاريخ المناقشة: 13 06 2012.
- النصوص القانونية
- الظهير الشريف في شأن زجر الغش والخداع في الامتحانات والمباراة العامة، الصادر في 28 ربيع الثاني 1347 (11 شتنبر 1928)، ج ر عدد 831 الصادرة بتاريخ 25 شتنبر 1928، ص2671.
- ظهير شريف رقم 58.060 الصادر بتاريخ 7 ذي الحجة 1377 (25 سونيو 1958) بشأن زجر الخداع في الامتحانات والمباريات العمومية، ج.ر عدد 2388 الصادرة بتاريخ 14 محرم 1378 (فاتح غشت 1958)، ص1767.
- القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 16.126 الصادر في 21 من ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016)، ج.ر عدد 6501 الصادرة في 17 من ذي الحجة 1437 (19 سبتمبر 2016) ، ص6642.
- التقارير – الدراسات- المذكرات- البلاغات
- البلاغ الصحفي الصادر عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ليوم 01 يوليوز 2022 حول نتائج الامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا – الدورة العادية.
- البلاغ الصحفي الصادر عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ليوم 23 يوليوز 2022 حول نتائج الامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا – الدورة الاستدراكية.
- البلاغ الصحفي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة حول التذكير بمضامين قانون زجر الغش في الامتحانات المدرسية والعقوبات الواردة فيه، الرابط:
النقر للوصول إلى commu%20exa31-05-2017.pdf
تاريخ الاطلاع: 12 09 2022 الساعة 2 بعد منتصف الليل
- الحكومة الإلكترونية، سلسلة دراسات: نحو مجتمع المعرفة، وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، معهد البحوث والاستشارات، جامعة الملك عبد العزيز، العدد9، 1427هـ.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (المغرب)، رأي حول “النهوض بالقراءة: ضرورة ملحة”، إحالة ذاتية رقم 40/2019، السنة 2019، ص12.
منشور على موقع المجلس:
https://www.cese.ma/media/2020/10/Av-as40a.pdf
تمت الزيارة بتاريخ: 2023.02.01 على الساعة 10 صباحاً.
- وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة (المغرب)، “خارطة طريق 2022-2026 (اثنا عشر التزاماً من أجل مدرسة عمومية ذات جودة)”، منشور على الموقع:
النقر للوصول إلى FRoute20222026ar.pdf
تمت الزيارة بتاريخ: 2023.03.26 على الساعة الثالثة بعد الزوال.
- مراجع بلغات أجنبية
- Leif et G. Rustin, Philosophie de l’Education –Pédagogie Générale, Tome 1, Librairie DELAGRAVE, 1970.
- OCDE, Résultats du PISA 2018, Résumés, Vol I-II-III, 2016, publiée sur le lien :
https://www.oecd.org/pisa/PISA2018%20_Resum%C3%A9s_I-II-III.pdf
Consulté le 26 03 2023 à 15 Heures.
[1] نجد من بين هذه الظواهر التي ترجع أسبابها إلى عوامل اجتماعية أو اقتصادية أو قيمية: الجريمة، تعاطي المخدرات، العنف الأسري، التسول،…
[2]J. Leif et G. Rustin, Philosophie de l’Education –Pédagogie Générale, Tome 1, Librairie DELAGRAVE, 1970, p.18.
[3] العزري عبد النبي وأخرون، ، ظاهرة الغش المدرسي بالسلك الثانوي التأهيلي، مجلة النداء التربوي (دراسات وأبحاث)، العدد 27، السنة 2021، ص:102.
[4] الحكومة الإلكترونية، سلسلة دراسات: نحو مجتمع المعرفة، وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، معهد البحوث والاستشارات، جامعة الملك عبد العزيز، العدد9، 1427هـ، ص:(ك).
[5] قتلوني مصعب حسام الدين لطفي، دور مواقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” في عملية التغيير السياسي-مصر نموذجاً-، أطروحة لاستكمال متطلبات درجة الماجستير في التخطيط والتنمية والتنمية السياسية، جامعة النجاح الوطنية- نابلس-فلسطين، كلية الدراسات العليا، تاريخ المناقشة: 13 06 2012، ص:63.
[6] نفس المرجع، ص:66.
[7] “مارشال ماكلوهان (1911–1980) أستاذ وفيلسوف وكاتب كندي. أحدثت نظرياته في وسائل الاتصال الجماهيري جدلاً كبيرًا، فهو يرى أن أجهزة الاتصال الإلكترونية ـ خاصة التلفزيون ـ تُسيطر على حياة الشعوب وتؤثر على أفكارها ومؤسساتها. عمله هو أحد أحجار الزاوية في دراسة نظرية الوسائط. صاغ ماكلوهان تعبير “الوسيط هو الرسالة” ومصطلح “القرية العالمية”، وهو الذي توقع شبكة الإنترنت قبل ثلاثين عامًا تقريبًا من اختراعها”، الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=650420&r=0 تاريخ الاطلاع: 14 02 2019 الساعة الثالثة بعد الزوال.
[8] الطيار فهد بن علي، “شبكات التواصل الاجتماعي وأثرها على القيم لدى طلاب الجامعة: تويتر نموذجاً “، دراسة تطبيقية على طلاب جامعة الملك سعود، المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، العدد 61، السنة 2014، ص:195.
[9] حليمي ابراهيم: “إشكالية إثبات الجرائم الالكترونية”، مجلة الممارس للدراسات القانونية والقضائية، العدد الثاني، يناير 2019، ص:66.
[10] “الحكومة الإلكترونية”، مرجع سابق، ص:(ع).
[11] هاجر علي عبد العزيز محمد احمد، دور بعض العوامل الثقافية في نمو ظاهر الغش الالكتروني لدى طلاب الجامعة ” دراسة ميدانية، المجلة التربوية لتعليم الكبار، كلية التربية، جامعة اسيوط- جمهوية مصر العربية، المجلد الثالث، العدد الأول، يناير 2021، ص:194 .
[12] العزري عبد النبي وأخرون، مرجع سابق، ص:102.
[13] للتفصيل أكثر فيما يتعلق بهذا موضوع ارتقاء النسق القيمي، الرجوع إلى: عبد اللطيف محمد خليفة، ارتقاء القيم -دراسة نفسية-، مجلة عالم المعرفة، العدد 160، أبريل 1992
[14] محمد بوكلاح، منظومة القيم بين الخطاب التربوي والواقع الاجتماعي، مجلة مسالك التربية و التكوين، المجلد3، العدد1، 2020، ص12.
[15] عبد اللطيف محمد خليفة، ارتقاء القيم –دراسة نفسية-، مرجع سابق، ص54
[16] نستحضر هنا نموذج المناطق الصناعية الحرة المتواجدة ببعض المدن المغربية أو ضواحيها كالمنطقة الحرة الأطلسية Atlantic” Free Zone”، التابعة للنفوذ الترابي لإقليم القنيطرة/ جهة الرباط سلا القنيطرة وكذا بجهات أخرى، والتي تحتضن وحدات إنتاجية تقوم بتشغيل عمال من صفوف الشباب من حملة شهادة البكالوريا والذين لا يتقاضون سوى الحد الأدنى للأجر في القطاع الصناعي.
[17] جيهان محمد رشاد وعمرو فكري سالم، المناخ المدرسي والعوامل النفسية والاجتماعية في علاقتها بالعنف المدرسي من وجهة نظر الطلاب، المجلة العلمية لكلية التربية بجامعة أسيوط، المجلد35 ، العدد الأول، 2019، ص94.
[18] محمود سعيد الخولي، العنف المدرسي: الأسباب وسبل المواجهة، مكتبة الأجلو المصرية- القاهرة، الطبعة الأولى، 2008، ص15.
[19] محمود سعيد الخولي، نفس المرجع ، ص17.
[20] باسمة حلاوة، دور الوالدين في تكوين الشخصية الاجتماعية عند الأبناء “دراسة ميدانية في مدينة دمشق”، مجلة جامعة دمشق، المجلد 27، العدد3-4، 2011، ص73.
[21] نفسه.
[22] علاء الدين كفافي، التنشئة الوالدية والأمراض النفسية: دراسة امبيريقية- كلينيكية، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلام، الطبعة الأولى، 1989، ص13.
[23] علاء الدين كفافي، نفس المرجع، ص. 14-15.
[24] عبد الرب نواب الدين آل نواب، مسؤولية الآباء تجاه الأولاد، مطبوعات وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (المملكة العربية السعودية)، 1423 هـ، ص5.
[25] لطيفة حسين الكندري، ظاهرة الغش في الاختبارات أسبابها وأشكالها من منظور طلبة كلية التربية الأساسية في دولة الكويت، كلية التربية الأساسية الكويت- الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، 2010، ص2. منشور على الرابط:
https://search.mandumah.com
تاريخ الاطلاع: 21 07 2022 الساعة الثانية بعد منتصف الليل.
[26] يوسف بلعباس، الأسرة العربية ومنظومة القيم الإسلامية في ظل الإعلام الجديد: دراسة سوسيولوجية تحليلية لحيثيات الصراع القيمي في العصر الرقمي، مجلة العلوم الاجتماعية، المركز الديمقراطي العربي- ألمانيا- برلين، العدد 25، سبتمبر 2022، ص.224.
[27] فضل عبد الله الربيعي، التغير الاجتماعي: مقدمة في المفهوم والنظرية، بيت الحكمة -بغداد- العراق، 2020، ص:162-163
[28] اميل دوركايم: قواعد المنهج في علم الاجتماع، ترجمة محمود قاسم والسيد محمد يدوي، دار المعرفة الجامعية، ع.ش سوتير- اسكندرية، 1988، ص.ص:68-69
[29]الرجوع إلى: البلاغ الصحفي الصادر عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ليوم 01 يوليوز 2022 حول نتائج الامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا – الدورة العادية.
[30] الرجوع إلى: البلاغ الصحفي الصادر عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ليوم 23 يوليوز 2022 حول نتائج الامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا برسم الدورتين العادية والاستدراكية.
[31]عرف التعليم بالمغرب في ظل انتشار وباء كوفيد 19، خلال الموسم الدراسي وما بعده، انتكاسة حقيقية حيث تم تقليص الزمن الدراسي ومعه المقررات الدراسية أيضاً، وكذا اعتماد التعليم عن بعد كبديل للتعليم الحضوري أثناء ذروة تفشي الوباء، مما ترتبت عنه نتائج جد سلبية على مستوى التحصيل المعرفي ومكتسبات التلاميذ.
[32] ظهير شريف رقم 1.58.060 الصادر بتاريخ 7 ذي الحجة 1377 (25 سونيو 1958) بشأن زجر الخداع في الامتحانات والمباريات العمومية، ج.ر عدد 2388 الصادرة بتاريخ 14 محرم 1378 (فاتح غشت 1958)، ص1767.
[33] الفصل الأول الظهير الشريف رقم 1.58.060.
[34] الفصل الثاني من الظهير الشريف رقم 1.58.060 بشأن زجر الخداع في الامتحانات والمباريات العمومية.
[35] الظهير الشريف في شأن زجر الغش والخداع في الامتحانات والمباراة العامة، الصادر في 28 ربيع الثاني 1347 (11 شتنبر 1928)، ج ر عدد 831 الصادرة بتاريخ 25 شتنبر 1928، ص2671.
[36] الفصل الثاني من الظهير الشريف الصادر في 11 شتنبر 1928.
[37] الفصل الثاني من الظهير الشريف رقم 1.58.060.
[38] الفصل الأول من الظهير الشريف الصادر في 11 شتنبر 1928.
[39] ظهير شريف رقم 1.16.126 صادر في 21 من ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016) بتنفيذ القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية، ج.ر عدد 6501 الصادرة في 17 من ذي الحجة 1437 (19 سبتمبر 2016) ، ص6642.
[40] يضم الباب الأول المادتين 1 و2، ويضم الباب الثاني المواد 7-4-5-6 و7، أما المادتين 8 و9 ، فقد أدرجهما المشرع ضمن الباب الثالث، في حين أن الباب الرابع يشمل المادة 10.
[41] المادة الأولى من القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية.
[42] المادتان الأولى والثانية من القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية.
[43] المادة الأولى (البند الثاني) من القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية.
[44] المادة الثامنة من القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية.
[45] المادة الثالثة من القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية.
[46] الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية.
[47] الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية.
[48] الفقرة الثالثة من المادة السادسة من القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية.
[49] الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية.
[50] معطيات محصل عليها من مصالح المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة بسيدي سليمان بناء على طلب للحق في الحصول عل المعلومة
[51]الرجوع إلى: -البلاغ الصحفي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ليوم الجمعة فاتح يوليوز 2022ـ.
– البلاغ الصحفي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ليوم السبت 23 يوليوز 2022.
[52]تؤكد بعض اختبارات القييم الدولي مثل PISA أن المغرب يحتل مراتب جد متأخرة في تصنيف الدول فيما يتعلق بنسبة التلاميذ المتوفرين على الحد الأدنى من الكفايات، بحيث يحتل، بالنسبة لمادة الرياضيات، المرتبة 77 من أصل 79، قبل كوسوفو، جمهورية الدومينيك ثم الفيلبين، والمرتبة 75 من أصل 79، بالنسبة لمادة القراءة، قبل كل من لبنان، كوسوفو، الفيلبين ثم جمهورية الدومينيك. في حين يحتل بالنسبة للعلوم المرتبة 76 من أصل 79 قبل كل من كوسوفو، الفيلبين ثم جمهورية الدومينيك.
الرجوع إلى:
OCDE, Résultats du PISA 2018, Résumés, Vol I-II-III, 2016, publiée sur le lien :
https://www.oecd.org/pisa/PISA2018%20_Resum%C3%A9s_I-II-III.pdf
Consulté le 26 03 2023 à 15 Heures.
[53] قدرت الوزارة المعنية هذه المدة ب 60 يوماً بالنسبة للموسم الدراسي 2021-2022.
[54] يمكن الرجوع في هذا الصدد إلى مقالتنا المعنونة ب: ” التعليم عن بعد بالمغرب في ظل الجائحة: بين إكراهات التجربة وآفاق التطوير”، مجلة القانون والأعمال الدولية، العدد 39، أبريل- ماي 2022، ص- ص:14-28.
[55] وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة (المغرب)، “خارطة طريق 2022-2026 (اثنا عشر التزاماً من أجل مدرسة عمومية ذات جودة)”،
منشورة على الرابط: https://www.men.gov.ma/Ar/Documents/FRoute20222026ar.pdf
تمت الزيارة بتاريخ 2023.03.26 على الساعة الثالثة بعد الزوال
[56] قدر البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات (2019) نسبة تلاميذ السلك الابتدائي العمومي الذين يتوفرون على مستوى مقبول في 42 % بالنسبة للغة العربية و27% للغة الفرنسية ثم 27% لمادة الرياضيات، أي بمعدل 31%. أما فيما يتعلق بالمستوى الاعدادي بالتعليم العمومي، فقد قدر هذه النسبة في 9 % بالنسبة للغة العربية و9% للغة الفرنسية ثم 9% لمادة الرياضيات أي ما يقارب في المتوسط 10%. حين يسجل التعليم الخصوصي في سلكي الابتدائي أو الإعدادي مستويات مرتفعة بالمقارنة مع التعليم العمومي (61% بالنسبة للسلك الابتدائي و49% للسلك الإعدادي).
[57] المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (المغرب)، رأي حول “النهوض بالقراءة: ضرورة ملحة”، إحالة ذاتية رقم 40/2019، السنة 2019، ص12.
منشور على موقع المجلس:
https://www.cese.ma/media/2020/10/Av-as40a.pdf
تمت الزيارة بتاريخ: 2023.02.01 على الساعة 10 صباحاً.
[58] في أحدى المقابلات مع بعض المترشحين الأحرار، الذين تفوقوا في الامتحان الوطني برسم هذه السنة وحتى برسم بعض السنوات الفارطة، خاصة في بعض المسالك العلمية، تبين أن معظمهم لا يميز حتى ما بين الرموز العلمية المستعملة سواء في الرياضيات أو الفيزياء أو علوم الحياة والأرض، ومع ذلك فقد تمكنوا من النجاح بميزة مستحسن على الأقل. وهذا ما يعطي فكرة حول الدرجة التي يمارس بها الغش المدرسي وكذا الدقة التي يتم بها توصيل المعلومة إلى المترشحين حتى من خارج مراكز الامتحانات، حيث غالباً ما يتم ذلك باستعمال الوسائل التكنولوجية والأجهزة الرقمية.
[59] من بين هذه الوسائل، نذكر البلاغ الصحفي للوزارة المعنية حول التذكير بمضامين قانون زجر الغش في الامتحانات المدرسية والعقوبات الواردة فيه، الرابط:
النقر للوصول إلى commu%20exa31-05-2017.pdf
تاريخ الاطلاع: 12 09 2022 الساعة 2 بعد منتصف الليل