بحوث قانونيةفي الواجهةمقالات قانونية

المجتمع المدني كفاعل في مجال الإعاقة المركز الاجتماعي التربوي لإدماج المعاقين نموذجا الدكتور : كريم نبــيـه أستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات القصر الكبير –

المجتمع المدني كفاعل في مجال الإعاقة

المركز الاجتماعي التربوي لإدماج المعاقين
نموذجا

Civil society as an actor in the field of disability

The Social Educational Center for the Integration of the Disabled Model

الدكتور : كريم نبــيـه

أستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات القصر الكبير

الملخص:

لقد حظيت مسألة الإعاقة باهتمام خاص في دستور المملكة المغربية لسنة 2011، وذلك من خلال التنصيص على منع التمييز على أساس الإعاقة، ودسترة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأشخاص في وضعية إعاقة. فتصدير الدستور الجديد يؤكد على التزام المملكة حضر ومكافحة كل أشكال التمييز مهما كان. كما ينص الفصل 34 على أن تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة بمختلف أنواعها، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع. ورغم هذا الاهتمام الكبير من طرف الدولة لهذه الشريحة فإنها لم تكتمل إلا بوجود مجتمع مدني نشيط من أجل مصاحبة هؤلاء الأشخاص والاهتمام بهم في الجانب الصحي والتربوي والثقافي والرياضي.

كلمات المفاتيح: الأشخاص في وضعية إعاقة، المراكز الاجتماعية، المجتمع المدني

Abstract:

The issue of disability received special attention in the 2011 Constitution of the Kingdom of Morocco, by prohibiting discrimination on the basis of disability and constitutionalizing the political, social, economic and cultural rights of persons with disabilities. The promulgation of the new constitution confirms the Kingdom’s commitment to the prevention and combating of all forms of discrimination whatsoever. Article 34 also stipulates that public authorities shall develop and enforce policies directed at persons and groups with special needs, Through the rehabilitation of persons with disabilities of all kinds, their integration into social and civil life, and the facilitation of their enjoyment of the rights and freedoms recognized for all. Despite this great interest on the part of the State for this segment, it has not been completed without the presence of an active civil society in order to accompany these people and take care of them in the health, educational, cultural and sports aspects.

Abstract: Persons with disabilities, Community Centers, Civil society

مقدمــــة:

يعتبر موضوع الإعاقة أحد القضايا الاجتماعية المهمة في المجتمع المعاصر لما له من أبعاد تربوية، اقتصادية، اجتماعية، وسياسية على الشخص ذو الإعاقة وعلى أسرته والمجتمع ككل، وقد اهتم المجتمع الدولي بحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة على اعتبار أنه يعد من أعقد المشكلات التي تواجه الأسر والمجتمعات على حد سواء، حيث لا يوجد أي فرد معصوم من تلك المشكلة حتى وإن لم يولد بها فربما تصيبه في إحدى مراحل حياته، وذلك لأن أسبابها وعواملها متنوعة وعديدة منها  الأسباب الوراثية أو الأسباب البيئية، ولهذا كان لابد على المجتمع بجميع فئاته وطبقاته أن تتضافر جميعا لمنع حدوث تلك المشكلة ومواجهتها بالأساليب الوقائية العلمية قبل حدوثها والتكيف معها إن حدثت، والعلم بأن أصحاب أي إعاقة هم بشر لهم نفس حقوق وواجبات أي إنسان في المجتمع كلا حسب إمكانياته وقدراته.

وبالبحث عن المشكلات العديدة التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم نجد أنها ربما تكون لا حصر لها، نذكر منها على سبيل المثال: الخوف من زيادة تدهور حالة الطفل في المستقبل- ضعف قدرة الطفل على التواصل والتفاعل مع الآخرين- عدم وجود تعليم جيد سواء في الحضانات أو المدارس- وربما إهمال الأسرة للطفل واللامبالاة في علاجه وجهل الأسرة بمحدودية قدرات طفلها، فلعلها تتوقع منه أدوار لا يستطيع فعلها نظرا لقدراته البسيطة أو أن يكون العكس بأن تنظر الأسرة إلى طفلها على اعتبار أنه معاق لا يستطيع أن يحرك ساكنا على الرغم من أنه ربما يمتلك مهارة أخرى غير عادية ومتفوقة في مجال آخر، ذلك ربما يؤدي بالأطفال إلى استجابات مختلفة ربما إحدى تلك الاستجابات وردود الأفعال هي عمل محاولات متعددة للتخلص من ذلك السجن الذي يعيشون فيه داخل أسرهم وربما أطفال آخرون يستسلمون لتلك العزلة وينطوون على أنفسهم.

وفي المغرب ازداد الاهتمام في السنوات الاخيرة بالأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف أنواعهم، بتوفير التعليم والتربية والتأهيل، من أجل تمكينهم من المشاركة في الحياة العامة. ويتجلى هذا الاهتمام في سن قوانين وتشريعات من شأنها المساهمة في ضمان الحقوق الأساسية للمواطن في وضعية إعاقة، وفي إنشاء مؤسسات ومراكز تعنى بتأهيل وتعليم وتربية هذه الفئة. وجاء في تقرير البنك الدولي الأخير حول المغرب أن هذا البلد قد حقق تقدما لا يمكن إنكاره سواء على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، أو على مستوى الحريات الفردية والحقوق المدنية والسياسية، وبعد المصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة سنة 2009 اتجه جهود المغرب إلى ملائمة أحكام هذه الاتفاقية مع التشريعات الوطنية وقد تدعم هذا المسار بإقرار دستور المملكة بسمو جميع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب على التشريعات الوطنية فور نشرها، كما نص في ديباجته على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بما في ذلك القائم على أساس الإعاقة، وفي فصله 34 نص على قيام السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسة موجهة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة وإعادة إدماجهم.

هذا التقدم في رعاية هذه الفئة، يقابله عدة صعوبات وعراقيل في تعميم كل الخدمات على أغلب أفراد هذه الفئة وطنيا وجهويا وإقليميا، بسبب ضعف وعدم كفاية خدمات المراكز المعنية.

وقد لعب المجتمع المدني بدور هام في تخفيف العبء عن السلطات العمومية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وتعتبر الجمعيات إحدى لبنات الديمقراطية التشاركية بحيث تساهم الجمعيات في إعداد القرارات والبرامج والمشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها؛ وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون طبقا للفقرة الثالثة من الفصل 12 من الدستور المغربي.

انطلاقا من هذا المقتضى الدستوري أعلاه يمكننا التساؤل عن ماهية الدور الذي تلعبه جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالإعاقة من أجل تفعيل القوانين والتشريعات والقرارات الخاصة بهذه الفئة؟

للإجابة عن هذه الإشكالية، قمنا بالاعتماد على معطيات المركز الاجتماعي والتربوي لإدماج المعاقين بسطات في دراسة وضعية ذوي الاحتياجات الخاصة بهذا الإقليم، باعتباره المركز الوحيد بالمدينة للتأهيل وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة المتواجد بعاصمة الشاوية، إضافة للعمل الميداني الذي قمنا به من أجل تقييم عمل هذا المركز والوقوف على تنفيذ البرامج والصعوبات التي تعيق عمل الجمعية المشرفة على هذا المركز.

وبناء عليه قمنا بتقسيم هذا العرض إلى ثلاثة مطالب تناولنا في الأول: انسجام نظام الجمعيات مع مختلف أنواع الإعاقة، ثم تناولنا في المطلب الثاني، دراسة تجربة المركز الاجتماعي بسطات تجاه شريحة المعاقين، وختمنا في المطلب الثالث بتناول ترسيخ الحس التطوعي والدفاعي للجمعيات تجاه دوي الاحتياجات الخاصة.

المطلب الأول: انسجام نظام الجمعيات مع مختلف أنواع الإعاقة

تمكنت جمعيات المجتمع المدني مؤخرا من التأقلم في التعامل مع جميع الشرائح الاجتماعية التي تعاني من الإعاقة حيت لم يظهر ذلك على مستوى أنظمتها الداخلية بل حتى من خلال مسايرتهم علميا وصحيا ومعرفة الاحتكاك بهم، حتى سارت بعض الجمعيات بمثابة أم أو حاضنة ثانية لدوي الاحتياجات.

الفقرة الأولى: مفاهيم الإعاقة وتصنيفها

ما المقصود بالإعاقات؟ الإعاقة هي حدوث خلل في إحدى وظائف الجسم أو فقدان كلّي لهذه الوظيفة، وقد تظهر الإعاقة منذ الولادة، أو نتيجةً للتعرّض لحادثٍ معيّن، أو الإصابة بمرض معين، أو غير ذلك وفي أحيانٍ كثيرة قد تؤثّر الإعاقات على حياة المصاب بأكملها سواءً كان ذلك من الناحية الشخصية، أو الاجتماعية، أو المهنية، بحسب درجتها.

ما هي أنواع الإعاقات؟ توجد العديد من الأنواع للإعاقات، منها: الإعاقة الحركية تعبّر هذه الإعاقة عن عدم القدرة على التحرّك بشكلٍ جزئيٍ أو كلي، أو عن وجود مشكلة في القدرة البدنية، وبالتّالي عدم القدرة على القيام بالعديد من الأنشطة والمهارات الحركية، وقد يظهر ذلك في حالات الشلل النصفي، أو الكلّي، أو الرباعي بحسب الأجزاء المتوقّفة عن الحركة، كما قد يحدث بسبب وجود تشوّهات خلقية أو فقدان أطراف معينة.

وقد يكون السبب أيضًا وجود خلل في الجهاز العصبي العضلي الهيكلي أو بسبب التعرّض لإصابات في الدماغ، وقد يحتاج المريض لاستخدام أدوات معيّنة تساعده على الحركة بحسب أوامر الطبيب، مثل: العصا، العكاز، الكرسي المتحرّك، الأطراف الصناعية.

الإعاقة الحسية تشمل هذه الإعاقة أنواعًا عديدة تتمثّل في الإعاقات في الحواس المختلفة مثل الإعاقات السمعية والبصرية، وتكون بالشكل الآتي:

الإعاقة السمعية: يفقد فيها الشخص قدرته على السمع سواءً كان ذلك بشكلٍ جزئيٍ أو كلي بسبب اضطرابات في أجزاء الأذن المختلفة، أو في الأعصاب، أو التعرّض لصدمات معينة، ويستخدم الشخص فيها أدوات تساعده على السمع، أو يمكنه الاعتماد على لغة الإشارة.

الإعاقة البصرية: يفقد فيها الشخص الرؤية بشكلٍ كلي أو قد يعاني من مشكلات في الرؤية كضعف النظر، وقد تنتج عن خلل في شبكية العين، أو الإصابة بالمياه الزرقاء، أو بعض المشكلات الّتي تصيب عضلات العين، وقد يلجأ الشخص لاستخدام نظام برايل، أو النظارات الطبية، أو العدسات بحسب الحالة.

الإعاقة العقلية ينتج هذا النوع من الإعاقات عن الإصابة بأمراض أو اضطرابات نفسية معينة قد تؤثّر على الشخص، وعلى طريقة تفكيره، وتصرّفه، وتفاعله مع الآخرين، وتوجد الكثير من الاضطرابات الّتي قد يُصاب بها الشخص والّتي قد تكون ناتجة عن عوامل وراثية، أو بيئية، أو اضطرابات في كيميائية الدماغ. وتعتمد طريقة التعامل مع هذه الحالات على نوع الاضطراب الّذي يعاني منه الشخص، فتوجد العديد من العلاجات الدوائية، والجراحية، والتدابير المنزلية الّتي قد تساعد على التخلّص منها بحسب أوامر الطبيب وحالة الشخص.

الإعاقة الذهنية يطلق عليها البعض اسم الإعاقة التعليمية أو الضعف العقلي والّتي قد تنتج عن اضطراب في وظائف الدماغ العليا، بحيث تتمثل في عدم القدرة على التركيز، أو استرجاع المعلومات، أو التفكير المنطقي، أو حل المشكلات، إضافةً إلى المعاناة من مشكلات في الكلام والنطق. ويمكن الاستعانة بالمختصّين لمحاولة تخفيف هذه المشكلة، أو محاولة تعلّم مهارات أخرى تعزز جوانب مختلفة لدى الطفل كالمهارات الاجتماعية.

الفقرة الثانية: دور الجمعيات في العناية بالمعاقين

من الضروري أن نستحضر أن الطفل ذي الحاجة الخاصة هو إنسان له حقوق وعليه واجبات داخل مجتمعه الذي يعيش فيه، لذا كان لزاما أن يحيا حياة كريمة يتمتع بها بجميع الحقوق التي يتمتع بها غيره من الأفراد الآخرين، وعن بعض هذه الحقوق التي يلزم توفيرها لهؤلاء الأطفال حق التعليم والتكوين المهني باعتبارهم من الحقوق التي تجعلنا نستثمر هذا الطفل ونجعل له مستقبل مزدهر وعقل ناضج وواعي بالأحداث الجارية في وطنه فيجب توفير مناهج دراسية للأطفال المكفوفين.

على المستوي التعليمي: تقوم العديد من الجمعيات بإعطاء دروس للأطفال في المراحل التعليمية المختلفة حتى وإن لم يلتحقوا بالتعليم في المدارس، بالإضافة إلى دورات الحاسب الآلي والتنمية البشرية، تسجيل الكتب الدراسية على اسطوانات وتحويلها إلى كتب بطريقة برايل، التعليم بواسطة اللوح والكروت التعليمية التي تحتوي على المجموعات الضمنية، دورات عن طريق السمع وجلسات تعليم التواصل باللمس لتنمية المهارات والقدرات، التعليم بواسطة البازل والمكعبات، تعليم القراءة والكتابة، طباعة اسطوانات تعليمية، اللعب الجماعي بهدف التعليم.

على المستوي التأهيلي: تقدم الجمعيات العديد من الأنشطة والدورات والمساعدات مثل: جلسات التخاطب- التواصل البصري- التقليد قدر المستطاع- تعديل السلوك- النمو المعرفي والأكاديمي مثل: أسئلة وإجابات ما- ماذا، تعليم الحروف والأعداد، محاولة مسك القلم مهارات القراءة والكتابة- تنمية مهارات وقدرات مثل مهارات الطعام- تنفيذ أوامر- رعاية ذاتية- المساعدة في عمل الأطراف الصناعية.

على المستوي الأسري: يمتد دور الجمعيات ليشمل أيضا أسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة حيث تقدم لهم العديد من الخدمات والمساعدات التي تمثلت في: خدمات الإرشاد الأسري التي كانت أغلبها تتمثل في تعليم الآباء كيفية التعامل مع أبنائهم في المنزل لإعطاء نتيجة جيدة لما يتم تحصيله في الجمعية-تقديم غذاء-تقديم المساعدات الطبية المختلفة-إعفاء من مصاريف الحضانة التابعة للجمعية-تقديم ملابس لجميع أفراد الأسرة-تقديم المساعدات المالية للأسرة، وجميع تلك الخدمات تُقدم بصفة دائمة ومستمرة.

المطلب الثاني: الواقع العملي لتجربة المركز الاجتماعي بسطات تجاه شريحة المعاقين

يعتبر تواجد المركز الاجتماعي التربوي لإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة حلم ظل يراود ساكنة إقليم سطات لعقود من الزمن لما أصبح مرفق عمومي تشرف عليه الوزارة المعنية، جعل هذه الفئة تتنفس طعم جديد في الحياة من خلال الخدمات الجليلة التي يقدمها، ورغم ذلك لازالت تعترض أشغاله بعض الصعوبات المادية أو المالية أحيانا، الشيء الذي يدعو مختلف المؤسسات المعنية بالمساندة والتشجيع حفاظا على استمراره وتطوره.

الفقرة الأولى: الأساس القانوني والإداري لمركز إدماج المعاقين

يعد المركز الاجتماعي والتربوي لإدماج المعاقين التابع لجمعية دعم برنامج التأهيل المجتمعي من أهم المنشآت الاجتماعية الذي تم تمويل بناءه من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمدينة سطات، وذلك بغلاف مالي قدر ب 1.562.909.00 درهم.

وشيد المركز على مسافة 1000 متر مربع، ويحتوي على ست وحدات للتربية والتأهيل وهي: وحدة التربية، وحدة مدخل التكوين المهني، وحدة الدعم الاجتماعي، وحدة التكوين في المطبخ والحلويات، وحدة للترويض الطبي بجميع أنواعه، وفضاء للرياضة الخاصة بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وجناح للاستئناس المهني وجناح للمرافقة النفسية. هذا بالإضافة إلى إدارة ومرآب للسيارات ومرافق صحية.

ويستفيد من خدمات هذا المركز حاليا 122 نصفهم يستفيدون من مشروع تحسين ظروف تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة و72 معاق من خدمات الترويض الشبه الطبي والإدماج الأسري ويتوفرون على وسيلة النقل ذهابا وإيابا.

     ويندرج إحداث هذا المركز في إطار الجهود المبذولة على الخصوص من طرف جمعية دعم التأهيل المجتمعي بمدينة سطات والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف تمكين المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة من المشاركة الفاعلة وخلق فرص متكافئة في مجتمع دامج يضمن الحياة الكريمة لهم ولأسرهم.

وتوفر هذه المؤسسة الاجتماعية التي تم إنشاءها سنة 2007 الظروف الضرورية الكفيلة بتمكين ذوي الإعاقة من الاندماج الاجتماعي وتحقيق التأهيل والتكافؤ في الفرص لهم وذلك بفضل تأطير جمعية التأهيل المجتمعي والمعاقين أنفسهم وأسرهم وباقي المتدخلين في القطاع لجعل المعاق عنصرا فعالا ومنتجا داخل أسرته ومجتمعه.

وفي تصريح لرئيس جمعية دعم التأهيل المجتمعي، أن المجهودات المبذولة سواء من طرف جمعيته أو من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هي السبب في إخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود وبالتالي خلق إطار مناسب لتأهيل هذه الفئة بمدينة سطات. فكانت البداية بتحسيس أسر المعاقين بالمدينة بأهمية التأهيل والمواكبة ثم الإدماج الاجتماعي لهذه الفئة حتى تستطيع المساهمة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

وبخصوص تحقيق الأهداف التي من أجلها خلق المركز أوضح المتحدث أن العمل الذي تقوم به الجمعية مكنها من كسب مجموعة من الرهانات سواء على مستوى التكوين والمواكبة والتأهيل وكذا تحسيس أولياء وأسر المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة بضرورة الانخراط الفعلي في مسلسل التربية والمواكبة لهذه الفئة التي تستحق العناية والاهتمام.

الفقرة الثانية: إكراهات جمعية المركز في العناية بدوي الاحتياجات

بخصوص المعيقات التي تواجه عمل الجمعية، أشار رئيسها إلى المشاكل المرتبطة بالدعم الذي تخصصه الجهة الوصية لتسيير المركز والتي حسب نفس المتحدث لم تعد تفي بالتزاماتها تجاه الجمعية وقد حان الوقت لمراجعة دفتر التحملات الذي يربط هذه الأخيرة بالوزارة الوصية يضيف رئيس الجمعية وهو ما انعكس سلبا على تسييرها خلال هذه السنة (2023(.

وهو ما جعل المركز الاجتماعي التربوي لإدماج المعاقين، التابع لجمعية “دعم برنامج التأهيل المجتمعي” بسطات، يعلق خدماته من يوم الإثنين 2 يناير 2023 إلى غاية 31 من نفس الشهر بسبب الأزمة المالية الخانقة التي عانتها الجمعية المسيرة نتيجة عدم توصلها بالمنحة السنوية الخاصة بموسم 2022، حيث لم تستطع توفير مصاريف الكازوال وباقي الخدمات، فضلا عن أجور الأطر، التي لم تتوصل برواتبها منذ ما يقارب 7 أشهر.

وأوضح الكاتب العام للجمعية في جلسة معنا، أنه قبل اتخاذ خطوة تعليق الخدمات تم توجيه مراسلات للإخبار إلى الوزارة الوصية والتعاون الوطني، فضلا عن مراسلة عامل إقليم سطات، بعد معاناة كبيرة تتمثل في عراقيل مالية بالأساس.

وأكد أن الجمعية استنفدت كل احتياطاتها المادية طيلة هذه السنوات، وهو ما دفعها إلى تعليق خدمات المركز إلى حين التوصل بالمنحة بعد مرور سنة. وأضاف أنه قبل اتخاذ خطوة التعليق تمت مراسلة جميع المؤسسات المعنية، فضلا عن طلب لقاء مع المدير العام للتعاون الوطني، دون تلقي أي رد إلى حدود نهاية يناير 2023، وهو ما جعل الجمعية، تتخذ قرار تعليق الخدمات، في انتظار التوصل إلى حل مع الوزارة الوصية والتعاون الوطني والسلطات المحلية والإقليمية، التي دعمها من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لوجستيكيا، خاصة على مستوى النقل، لتقديم المركز لخدماته الكثيرة للمستفيدين من ذوي الإعاقة.

أيضا من بين الإكراهات الدعم المالي الذي يتم تحويله للمركز يشبه في محتواه صدقة أو هبة، في حين المركز هو مرفق عمومي قائم الذات، ويقدم خدمات جد مهمة وله وزارة مسؤولة. كذلك الرعاية الطبية، ليس بالمجان إن لم يكن ذلك في الإمكان ولكن على الأقل توفير الأطباء ذات الكفاءة بالمركز، لأنه بالتجربة الفعلية توجد الكثير من الحالات التي كان سبب إعاقتها وصف العلاج الخاطئ من قبل الطبيب المعالج مما أدى إلى زيادة تدهور الحالة سوءاً.

المطلب الثالث: ترسيخ الحس التطوعي والدفاعي للجمعيات تجاه دوي الاحتياجات

لقد ظهر بوضوح الدور الكبير الذي أبانت عنه فعاليات المجتمع المدني المعنية بالإعاقة تجاه الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، حيت ظلت حاضرة في كثير من المحطات للاطمئنان على هذه الفئة والدفاع عن حقوقها.

الفقرة الأولى: ترافع الجمعيات عن مصالح المعاقين

قامت العديد من الجمعيات مؤخرا بدور كبير في الدفاع عن مصالح المجتمع خاصة الترافع عن قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة، خصوصا أن هذه الشريحة من المجتمع المغربي التي تعاني من إكراهات عديدة وذلك رغم صدور العديد من التشريعات الخاصة بحماية حقوق الأشخاص المعاقين الذين يبلغ عددهم 2.264.672 شخصا حسب الإحصاء الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2016 أي بنسبة 24.5% من الأشخاص الذين يصرحون أن لديهم إعاقات بمختلف أنواعها، مما يستوجب إيجاد إطار قانوني للترافع المدني عن حقوقهم ومطالبهم المشروعة.

ونلاحظ في هذا الإطار ضعف الاهتمام بحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة عند بعض الجمعيات التي يقتصر دورها في تلقي الدعم من الجهات المعنية دون المساهمة في الترافع المدني عن قضايا الإعاقة بالمغرب بشكل جدي، وكذا إغناء النقاش مع مختلف الفاعلين الرسميين.

كما نسجل كذلك عدم إشراك فعاليات المجتمع المدني العاملة في مجال الإعاقة في إعداد النصوص التشريعية الخاصة بالإعاقة بالمغرب خاصة القانون الإطار المتعلق بحماية حقوق ذوي الإعاقة والنهوض بها رقم 97.13، لذا يجب إشراك جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في مجال الإعاقة في المراحل الأولى لإعداد السياسات العمومية والبرامج الخاصة بالإعاقة في إطار توافقي والمساهمة في إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها الشخص المعاق، منها النقص في الولوجيات وهو مشكل يتعرض له الشخص ذوي الاحتياجات الخاصة بكثرة في حياته اليومية مما يحرمه من قضاء مجموعة من الأغراض.

كذلك على مستوى وسائل النقل حيث أن بعض الشركات الموكول إليها تدبير مرفق النقل في بعض المدن كمدينة سطات أصبحت تقوم بإجراءات تعسفية تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة من قبيل إلغاء مجانية التنقل، هذا الحق الذي كانت تتمتع به هذه الفئة فيما مضى مما يستدعي تدخل مختلف الفاعلين الاجتماعيين المهتمين بشؤون الإعاقة على المستوى المحلي من أجل إيجاد حلول ترضي جميع الأطراف بشكل توافقي، وكذلك العمل على إخراج بطاقة المعاق إلى حيز الوجود التي تخول للشخص في وضعية إعاقة عدة امتيازات.

وأيضا تنظيم ورشات تكوينية لفائدة الأسر في كيفية التعامل مع الشخص في وضعية إعاقة وذلك باستضافة خبراء في التحليل النفسي وتقوية دور الأسرة في الدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة وكذلك إنشاء تحالفات بين مختلف الجمعيات من أجل الدفاع عن قضايا الإعاقة بالمغرب، وكذلك الضغط على المشرع من أجل تعديل بعض النصوص القانونية كقانون الولوجيات لتتلاءم مع المقتضيات الدستورية وكذلك القانون الإطار المتعلق بحماية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والنهوض أيضا بتكريس المبدأ الدستوري القاضي بسمو الاتفاقيات الدولية فور نشرها في الجريدة الرسمية عن التشريعات الوطنية.

هذه المطالب ولو كانت بسيطة إلا أنها يجب أن تلقى صدى لدى المسؤولين عن تدبير الشأن العام الوطني والترابي بالمملكة، وكذا تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية من خلال آلية العرائض التي يتم إيداعها لدى السلطات العمومية والمجالس المنتخبة، وكذا مساهمة فعاليات المجتمع المدني في اتخاذ القرارات في المشاريع والبرامج والسياسات العمومية المتعلقة بالأشخاص في وضعية إعاقة، وكذلك الترافع المدني الناجع والفعال في سبيل تحقيق المطالب العادلة والمشروعة لهذه الفئة المحرومة من المجتمع المغربي.
ومن أجل الترافع بشكل ناجع وفعال نقترح في هذا الصدد الخوض في مفاوضات بين فعاليات المجتمع المدني الفاعل في مجال اﻹعاقة والسلطات المعنية من أجل إيجاد حلول للعديد من الإكراهات التي يعاني منها الشخص المعاق وذلك في إطار توافقي، كما نحث المجتمع المدني على العمل على إيداع عرائض لدى المؤسسات المنتخبة من أجل إدراج نقطة ما في اجتماعاتها لكن نسجل في هذا الاتجاه أن هناك جمعيات قليلة هي التي تدافع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وهمومهم، ليبقى السؤال مطروحا هل فعلا كل الجمعيات قادرة على الترافع عن قضايا اﻹعاقة بالمغرب؟

الفقرة الثانية: توصيات المجتمع المدني لتدارك النقص الذي يعانيه المعاق

توصلت الدراسة إلى عدة توصيات تعمل على زيادة تفعيل دور الجمعية في حماية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، يمكن إيجازها على النحو التالي:

حق الدمج من أهم الحقوق التي تسعى الدراسة الحالية للتأكيد عليه كإحدى الحقوق الجوهرية لذوي الاحتياجات الخاصة، لذا يجب أن تتضافر كلاً من مؤسسات المجتمع المدني والأسرة والإعلام لمساعدة هؤلاء الأطفال على نيل هذا الحق الذي له أكبر الأثر على الحالة النفسية والإبداعية لدى الطفل.

تنظيم لقاءات تدريبية لأولياء أمور الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم لتوضيح الأسس العلمية الصحيحة للتعامل مع هؤلاء الأطفال وكيفية النهوض بهم لرفع مستواهم الشخصي والعلمي.

زيادة عدد الجمعيات الأهلية التي تهتم بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، وبصفة خاصة محاولة انتشارها في القرى التي هي في أمس الحاجة لتلك الجمعيات حيث تنعدم نهائيا بالجماعات القروية بإقليم سطات، كما ندعو لزيادة الفترة التي تعمل فيها الجمعيات يوميا حتى تناسب أوقات جميع الأسر وأطفالهم.

دعوة جميع الجمعيات الموجودة إلى الامتثال لتقديم واجبها على أكمل وجه، ذلك نظرا لوجود بعض الجمعيات التي يعد دورها سلبيا في تدعيم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بل الأكثر من ذلك أن تلك الجمعيات تستقبل الطفل ذي الحاجة الخاصة بمقابل مادي وللأسف يتعلم فيها سلوكيات غير لائقة نظرا لاختلاطه بأطفال آخرين ذات مستوى اجتماعي وأخلاقي سيء.

الاهتمام بالأساليب الوقائية قبل وبعد الزواج لمحاولة القضاء على أو تقليل التعرض لمشكلة الإعاقة، وخاصة إذا كان هناك زواج أقارب أو ظهرت حالات إعاقة في الأسرة قبل ذلك.

ضرورة التعامل مع الطفل ذي الحاجة الخاصة على اعتبار أنه طفل عادي مع مراعاة قدراته، فلا يجب التدليل الزائد شعورا منا بالذنب أو الشفقة تجاه هذا الطفل، أو في المقابل القسوة الشديدة وخاصة داخل بعض الأسر التي لا تدرك حالة طفلها، أو نبذ ذلك الطفل من قبل أفراد المجتمع.

نوصى الدولة بزيادة اهتمامها بالأطفال ذوي الحاجات الخاصة عن طريق: إصدار مزيد من القوانين تحافظ على حقوق هؤلاء الأطفال وتفعيل وتطبيق تلك القوانين على أرض الواقع، التخفيض المادي للخدمات المختلفة، توفير وسائل مواصلات مناسبة لهم وتمهيد الطرق، توفير التعليم الجيد في المدارس لذوي الاحتياجات الخاصة مما لا يضطرهم لأخذ دروس خصوصية، توفير قسم خاص في المكتبات لذوي الاحتياجات الخاصة يوجد بها من يساعدونهم على الاستفادة من الكتب، رفع مستوى الخدمات الطبية المجانية وخاصة التي تتبع التأهيل المهني صرف بدل إعاقة للأسر التي بها طفل معاق والرعاية الخاصة للأبناء في حالة انفصال الزوجين.

خــاتمـــة:

يبدو أن العديد من فعاليات المجتمع المدني أبانوا عن حس وطني إنساني تجاه دوي الاحتياجات، كما هو الشأن بدار العجزة، حيت استطاعت هذه الفئة من التكفل التطوعي البطولي في التخفيف عن أسر المعاقين من آلامهم وأحاسيسهم تجاه أولادهم، كما قاموا بدور مهم ربما لم تفلح الجهات الرسمية في القيام به وهو ما يظهر في العديد من المراكز التي تتولى العناية بهم وإعادة تربيتهم رغم قساوة الظروف المادية حيت أن الفقر يعقد وضعية المعاق وأسرته باعتباره حالة مزمنة. فعلى الرغم من الترسانات القانونية المهمة التي كرست العديد من الحقوق لهذه الفئة المحرومة، إلا أن أي سياسة عمومية من الوزارة الوصية أصبح من اللازم أن تعقد شراكات ولقاءات تم ندوات تروم تعزيز الدور الترافعي للمجتمع المدني الذي أصبح شريك وفاعل أساسي في مجال الإعاقة.

لائحة المراجع:

  1. المراجع باللغة العربية:
  • أوجار (خلاف)؛ العيش المشترك: دراسة في التواصل والإعاقة وأساليب الإدماج، منشورات مركز ابن عازي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، 2020.
  • السباعي )خلود(؛ الأشخاص في وضعية إعاقة وقضايا الدمج، دار الأمان، 2020.
  • النظام الداخلي للمركز الاجتماعي والتربوي لإدماج المعاقين التابع لجمعية دعم برنامج التأهيل المجتمعي.
  • غريب (عبد الكريم)؛ بيداغوجيا الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في وضعية إعاقة والموهوبين: وضعيات واستراتيجيات الدمج، منشورات عالم التربية، 2021.
  • مسفر (أمينة)؛ الدمج المهني للأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية: الصعوبات، العراقيل، التحديات: تجربة جمعية آباء وأصدقاء الأشخاص المعاقين ذهنيا “هدف”.
  • مديرية المناهج، الإطار المرجعي للتربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة، منشورات وزارة التربية الوطنية، 2019.

    2- المراجع باللغة الفرنسية:

  • Benmansour(Hassani); Amal ; Commission d’accessibilité de Settat : études et réalisation ; Société et handicap : solidarité et intégration : actes du Handi forum, Méknes, 2 -4 juillet 1999.
  • Hejam (Mustapha) ; L’orientation et la formation professionnelle. Des handicapés vecteurs de réadaptation et d’intégration social et professionnelle : l’expérience du centre de recherche de réhabilitation des aveugles de kénitra,Société et handicap : solidarité et intégration : actes du Handi forum, Méknes, 2 -4 juillet 1999.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى