المقاربة الإيكو مدنية لقانون الأخطاء المدنية الإنكليزي
Approach civil and economic of the law of torts
مقدمة
بحكم ترابط المصالح بين الأفراد وتنوعها، بات ضروريا البحث عن وسيلة من شأنها بعث الشعور بالطمأنينة لدى الأفراد جراء الأضرار التي قد يتعرضون لها كنتيجة حتمية لتزاحم المصالح وتشابكها [1]، وذلك بجبرها عن طريق التعويض .
ومن ضمن هذه الوسائل التي أوجدتها النظم القانونية ما يعرف بالعمل الغير المشروع [2]أو المسؤولية التقصيرية [3]، والتي يقابلها في النظام القانوني الإنكليزي[4] “الأخطاء المدنية“، التي تعالج المشكلات المتعلقة بتعرض حقوق الأشخاص للضرر نتيجة الإهمال أو الطيش أو السلوك الضار المتعمد الذي يرتكبه أشخاص آخرون[5] .
وباستقراء التطور التاريخي لمؤسسة المسؤولية التقصيرية في القانون الإنجليزي، نجد أنها لم توضع كلها جملة واحدة؛ وإنما تكونت مفاهيمها وتطورت أجزائها عبر محطات، فهي في البداية كانت تعتمد على قانون الأحكام العام common law المبني بالدرجة الأساس على السوابق القضائية، ثم الأعراف، لذا فإن تلك الأخطاء ذات أصل قضائي مستمد من قانون السوابق القضائية case law ، وليست ذات أصل تشريعي. إلا أن نقطة التحول الجوهرية تمت إبان القرنين الثامن عشر و التاسع عشر، حيث بدأ قانون الأخطاء المدنية أو المسؤولية التقصيرية الإنكليزي بالتحول شيئا فشيء، حيث انتقل من نظام الدعوى القديمة the old writ system ، إلى نظام جديد هو نظام الأخطاء المدنية الذي يقوم على أساس القصد أو النية، والتي تعرف بالأخطاء العمدية و الإهمال[6] . ليخطو بعد ذلك، خطوات مهمة في اتجاه التطور فصار لا يعتمد على قانون الأخطاء العام وحده [7]، بل يستند إلى مجموعة كبيرة من التشريعات statutory laws، لغرض وضع الحلول للكثير من المشاكل القانونية المعاصرة[8] . إلا أن التطور هذا لم يبلغ ذروته إلا بعد أن حصل التعاون بين المحاكم و البرلمان الإنكليزيين، وذلك بغية مواجهة حاجات و متطلبات المجتمع المتغيرة و المتجددة.
ومن هنا تتضح لنا فائدة دراسة موضوع الأخطاء المدنية الإنكليزي، كقانون ذات مرجعيات مختلفة، يجمع بين القواعد العرفية، و القضائية و حتى التشريعية، وذلك بالنظر إلى الأهمية التي يحضى بها الموضوع إن على الصعيد النظري أو على المستوى العملي.
فأما الأهمية النظرية، تتجسد في الوقوف عند مدى مساهمة كل من الفقه والقضاء في بلورة الإشكالات الناجمة عن اتساع نطاق الأفعال الغير المشروعة في النظام القانوني الإنجليزي.
أما الأهمية العملية، فتتجلى من خلال أن نظام المسؤولية التقصيرية، في النظام القانوني الإنجليزي، يعد من بين أهم المحاور التي يحصل فيها تداخل بين كل من قانون الأحكام العام، و نظام السوابق القضائية، و التشريعات المعاصرة؛ الأمر الذي يضفي على الموضوع أهميته العملية أيضا.
ومن ثم تتبدى لنا الإشكالية الجوهرية التي تشكل محور الدراسة هذه وهي: أنه لئن كان قانون الأحكام العام الإنجليزي يسعى إلى حماية كل من المصالح الشخصية للأفراد من جهة، ومصالحهم المالية من جهة ثانية، و مصالحهم الاقتصادية من جهة ثالثة، فإلى أي حد وفق النظام القانوني الإنجليزي في التوسيع من نطاق المسؤولية التقصيرية بشكل يشمل كل الأفعال الماسة بهذه المصالح؟
هذا، ويتفرع عن الإشكالية المومأ إليها أعلاه أسئلة من قبيل:
ما هي أهم مظاهر المسؤوليتين الشخصية و الموضوعية في قانون الأخطاء الإنكليزي؟ وهل يقتصر نطاق المسؤولية فيه على الأخطاء الماسة بالمصالح البدنية أو الشخصية، أم أن نطاقها يمتد ليشمل تلك الماسة بنظام الأموال و الحقوق الاقتصادية الخالصة أيضا؟
وبناء على ما تقدم، نستطيع المبادرة إلى القول وكفرض للإشكالية المسطرة أعلاه، أنه لئن كان النظام القانوني الإنجليزي يسعى إلى حماية الأفراد من كل الأفعال الماسة بمصالحهم الشخصية والمالية أيضا، فإن هيمنة الحرية الاقتصادية فيه لم تمنعه من وسم بعض الأفعال بعدم المشروعية لما يترتب عنها من اختلال في السوق الاقتصادية، حماية منه للحقوق الاقتصادية الخالصة.
وعلى هذا، يرتسم منهاج بحثنا لموضوع المسؤولية التقصيرية في النظام القانوني الإنجليزي وهو على الشكل الآتي:
المطلب الأول: المقاربة المدنية لنظام الأخطاء المدنية الإنكليزي
الفقرة الأولى: ملامح المسؤولية الشخصية ( المسؤولية الناجمة عن الإهمال أنموذجا)
لفقرة الثانية: ضلال المسؤولية الموضوعية(المسؤولية الناشئة عن الإزعاج نموذجا)
المطلب الثاني: المقاربة الاقتصادية للأخطاء المدنية وفق القانون الانكليزي
الفقرة الأولى: الأخطاء الاقتصادية العامة
الفقرة الثانية: الأخطاء الاقتصادية التدليسية أو المدبرة
المطلب الأول: المقاربة المدنية للمسؤولية المدنية وفق القانون الانكليزي
المقرر في التشريعات المدنية أن المسؤولية إما قائمة على خطأ واجب الإثبات ، أو أنها لا تستلزم إثبات الخطأ، بل تقوم على إثبات عنصر الضرر ، فهي بالمعنى الأول تسمى مسؤولية شخصية، ومسؤولية موضوعية بالمعنى الثاني[9].
ولا تختلف المسؤولية التقصيرية في القانون الإنجليزي عن ما ذكرناه، فهي الأخرى تنقسم إلى مسؤولية شخصية liability personal، وإلى مسؤولية موضوعية strict liability. ولكن، إذا كانت التشريعات اللاتينية تأسس المسؤولية التقصيرية عندها على المبدأ العام القاضي بعدم الإضرار بالغير، فإنه في النظم القانونية الأنكلوسكسونية عامة، و القانون الإنجليزي خاصة يقوم على نظام الأخطاء المدنية، والتي تنقسم إلى طائفتين: أما الأولى فهي المسؤولية الشخصية والتي سنأخذ المسؤولية الناشئة عن الإهمال كنموذج لها(الفقرة الأولى). أما الثانية فهي المسؤولية الموضوعية الني سنختار المسؤولية الناجمة عن الإزعاج كصورة من صورها(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المسؤولية عن الإهمال أنموذجا للمسؤولية الشخصية
إن أول ما يسترعي الانتباه في هذا الإطار هو أن صور المسؤولية الشخصية في نظام الأخطاء المدنية الإنكليزي، واسعة النطاق، بحيث إلى جانب المسؤولية الناجمة عن القذف، و التعدي على العقار، و التعدي على الخصوصية، نجد المسؤولية الناشئة عن الإهمال التي تشكل صورة لا تقل أهمية و مكانة عن سابقيها، والتي ستستأثر بقسط وافر من بحثنا هذا، على اعتباره أنها أهم الأخطاء المدنية الحديثة.
إذ الإهمال [10]كأحد أهم الأخطاء المدنية، عرف تعريفات كثيرة، على أن الاختلاف بين بينها لا يمس الجوهر، بقدر ما يهم تغليب أحد عناصره عن الأخرى، ويمكن إجمالها في ثلاث تعاريف:
فأما الأول، فيرى في الإهمال أنه القيام بعمل لم يكن من الواجب القيام به أو الامتناع عن عمل ما كان يجب القيام به نتيجة عدم الحرص أو الحيطة. والثاني، يعتبره سلوكا غير متبصر ينشأ عنه ضررا يلحق بشخص آخر. أما الثالث، فيرى أنه السلوك غير المتبصر يسلكه الشخص بسبب عدم تبصره أو حرصه أو حيطته، ويترتب عليه ضرر يصيب شخصا آخر[11]. ومنه يتضح أن للإهمال صورتين، فهو إما أن يتخذ مظهرا إيجابيا من خلال القيام بفعل كان من اللازم الإمساك عنه، أو أن يتخذ مظهرا سلبيا من خلال الامتناع عن ما يجب فعله، وكل ذلك يتم بغياب عنصر القصد إطلاقا، سواء كان عن عمد أو بغير عمد.
فالواضح من ذلك، أن القانون الإنجليزي، وعلى خلاف التشريعات اللاتينية، قد صنف الركن المعنوي للخطأ إلى مراتب ثلاث:
الخطأ العمدي، وهو الذي يتم بقصد إحداث الضرر. وخطأ غير عمدي، وهو الذي يتم بغير قصد لإحداث الضرر. وخطأ بإهمال، وهو الذي يترتب عليه إحداث ضرر للغير نتيجة عدم تبصر، وليس عن غير عمد، وهذا ما هو إلى تكريس للتصنيف المحدد عندنا في الفقه الإسلامي، حيث جرى تقسيمه إلى عمدي، غير عمدي، وخطأ، أي بإهمال أو عدم تبصر…
وبخصوص الأساس القانوني للمسؤولية الناشئة عن الإهمال، فإنه يختلف باختلاف صور هذا الخطأ و أنواعه. كما أن البحث في أساسه القانوني، يتطلب بحث الركن المعنوي في الإهمال، الذي يؤثر في تحول الأساس القانوني لهذه المسؤولية من المسؤولية الموضوعية إلى المسؤولية الشخصية [12].
وهكذا، فالحالة الذهنية المكونة للركن المعنوي للخطأ المدني في القانون الإنكليزي، لها صفات ثلاث وهي: سوء النية، العمد و الإهمال، وهي صفات تجعل المسؤولية المدنية في القانون الإنكليزي تنضوي تحت مفهوم النظرية الشخصية.
والإهمال إذن، هو إحدى السمات الثلاث البارزة التي تميز الركن المعنوي للخطأ المدني في القانون الإنكليزي، وباعتبار الإهمال خطأ من الأخطاء المدنية في القانون الإنكليزي، وأن الأخير يستند إلى السوابق القضائية، فإن الأخيرة أقرت مجموعة من القواعد بشان المسؤولية الناجمة عن الإهمال، ذلك أنه لتحقق المسؤولية هذه يقتضي توافر شروط معينة، يأتي في مقدمتها واجب الحرص أو الرعاية (أو العناية)، التي ينبغي أن تكون معتادة أو معقولة تقاس بمعيار الرجل العاقل أو المعتاد، وهو ما جسده القاضي Alderson في القضية المعروفة Bluthy v Brimingham water worts co 1856 [13]، ونظرا لعدم بلوغ الإنسان مستوى الكمال، فإن معيار المعقولية [14] الذي وضعته المحاكم الإنكليزية لا يحدد الحرص الواجب إبداؤه في دعاوى المسؤولية المدنية القائمة على الإهمال بالواجب المطلق لمنع إلحاق الضرر بالآخرين، بل ينحصر واجب الحرص على القيام بأي فعل يمكن أن يقوم به الشخص العاقل أو المعتاد لتلافي وقوع الضر، تفسير ذلك أن المدعى عليه ينبغي أن يكون على علم مسبق بإمكانية تعرض المدعي للضرر جراء إهماله، فيقوم إثرها عليه الدليل بإخلاله بواجب الحرص أو الرعاية المتطلبين. هو ما تبنته السابقة القضائية المشهورة ب CA 1997 Mansfield V Weetabix LTD [15]. والتي كرست قاعدة مفادها أن المسؤولية الناشئة عن الإهمال هي مسؤولية خطئية (شخصية) أساسها العلم، و الإدراك و الإرادة [16]، وهي بذلك تدخل في جبة النظرية الشخصية للمسؤولية.
والحاصل من القول، أن المسؤولية الناجمة عن الإهمال هي أحد أهم أنواع المسؤولية الشخصية في القانون الإنجليزي والتي تبرز تطور فكر الأخير في توسيعه من دائرة الركن المعنوي للخطأ المدني فيه، حيث إلى جانب العمد، غير العمد يوجد الإهمال، وهذا خلاف التشريعات اللاتينية التي اكتفت بصورتين فقط هما، الخطأ العمدي و الخطأ غير العمدي. وإذا كان هذا هو الأمر بالنسبة للإهمال كصورة من صور المسؤولية الشخصية في القانون الإنجليزي، فما الحال بالنسبة للإزعاج كخطأ من الأخطاء المدنية التي تبرز الجانب الموضوعي في المسؤولية التقصيرية في النظام القانوني الإنجليزي؟
الفقرة الثانية: ضلال المسؤولية الموضوعية(المسؤولية الناشئة عن الإزعاج نموذج)
يعد الإزعاج أحد الأخطاء المدنية التي تعترض، وعلى نحو غير مشروع أو غير قانوني [17]، استعمال الشخص لأرضه أو تمتعه وانتفاعه بها أو ببعض الحقوق المترتبة عنها[18].
هذا، و قد عرف تحديد مفهوم الإزعاج مبادرات عدة، من الفقه و القضاء. أما التعاريف الفقهية، فقد ذهبت، من جهة، إلى أن الإزعاج هو تطفل المدعى عليه على أرض المدعي كنتيجة لنشاط يقوم به الأول في أرضه أو عقاره. وغالبا ما يكون فعله هذا غير مشروع حينما تمتد نتائجه إلى أرض جاره أو عقاره. ومن جهة أخرى، اتجهت إلى أن الإزعاج هو عبارة عن إخلال في عملية التوازن بين حق المدعى عليه في استعمال أرضه أو عقاره كيفما يرغب، وحق المدعي أيضا في استعمال أرضه أو عقاره دون أي تدخل أو تعرض. على أن الحد الفاصل بين هذا وذاك، هو التعرض أو التدخل الجوهري، الذي يمكن أن يتخذ عدة أشكال ( كالدخان أو الضجيج، أو الضوضاء، أو أنواع أخرى من الترددات و الاهتزازات والانبعاثات الحرارية … .)[19]. أما عن القضاء، فقد وصف القاضي الانكليزي اللوردDemming[20]التعرض الذي يسبب الإزعاج، بأنه استعمال غير معقول أو غير منطقي[21] من قبل شخص ما لعقاره أو أرضه بحيث يترتب عليه ضررا أو أذى يلحق بجاره[22].
فضلا عن، أن الإزعاج له صور ثلاث هي: الإزعاج الخاص [23] ، والإزعاج العام [24]، والإزعاج التشريعي[25].
فأما الإزعاج الخاص، فهو الذي فصلنا فيه سابقا، ولعل الغاية من إقراره هي تنظيم عملية استعمال الأراضي و العقارات بين الجيران [26]، إلا أن اعتبار التدخل أو التعرض غير معقول، أو غير معتاد. يتوقف على السلطان التقديري للمحكمة، ذلك ما أبرزه مجلس اللوردات في قضية South wark london borgough concil v Mills 1999 . والصورة الواقعية لهذه القضية تدور حول قيام مجلس اللوردات بتحويل أحد المنازل إلى مجموعة من الشقق السكنية، وكانت المدعية تسكن إحداها، فعملت على مقاضاة المجلس تحت ذريعة عدم جاهزية البناء على نحو جيد بعوازل للصوت، وأنها تتعرض للإزعاج و المضايقات اليومية من الساكنين في الشقق المجاورة. إلا أن الحكم الصادر عن مجلس اللوردات أشار إلى أن الاستعمال المعتاد للشقق السكنية لا يعد إزعاجا، وأن الطريقة التي تم فيها تحويل المنزل إلى شقق سكنية كانت اعتيادية أيضا، كما أن الإزعاج الصادر هو إزعاج معتاد أو اعتيادي في مثل هذه الشقق السكنية [27]. وخسرت بذلك المدعية دعواها.
هذا، مع الإشارة إلى أن المحاكم الإنكليزية طورت – بمرور الزمن-مجموعة من المعايير الخاصة بتطبيق اختيار المعقولية the reasonableness ، وهو ما أفرز معايير تأخذها بعين النظر وهي بصدد تحديد مسألة المعقولية، نجملها في معايير خمسة: يتجسد الأول في معيار الحساسية sansitivity، ويتجلى الثاني في معيار الموقع locality ، ويخص الثالث معيار الاستمرارية continuity، ويهم الرابع معيار المدة duration ، بينما يخص المعيار الخامس معيار سوء النية malice.
أما بخصوص الإزعاج العام، فهو في الأصل جريمة جنائية، إلا أنه اكتسب فيما بعد خصائص الخطأ المدني، وذلك لما سمحت المحاكم الإنكليزية للمتضرر إقامة دعوى الخطأ المدني action in tort ، إلى جانب الدعوى الجنائية. وقد عرف القضاء الإنكليزي الإزعاج العام في معرض حكمه في قضية A GV PYA Quanised سنة 1957، بأنه كل فعل من شأنه أن يؤثر سلبا في سلامة وطمأنينة وراحة حياة أحد رعايا جلالة الملكة[28] .
أما عن الإزعاج التشريعي، أي المنظم بمقتضى التشريع، فإن تزايد القلق و المخاوف لدى الحكومة البريطانية بشأن مشكلات الصحة العامة و التلوث البيئي و الاكتظاظ المكاني، أدى إلى تحريك عجلتها التشريعية؛ من خلال سنها لعدد كبير من القوانين التي تعالج مشكلات الضوضاء و التلوث البيئي وغيرها التي تؤثر على راحة وسلامة الأفراد. ولعل أبرز التشريعات التي صدرت في بريطانيا و جسدت مفهوم الإزعاج التشريعي نجد، تشريع حماية البيئة لعام 1990 [29]، بالإضافة إلى تشريع السيطرة على التلوث لسنة 1974[30] ، والذي فرضت نصوصه المسؤولية على كل من يحدث ضجيجا غير اعتيادي أو مفرط، فضلا عن، تشريع نظافة الجو لسنة 1956[31] ، والذي عدت نصوصه إطلاق الدخان في الجو بمثابة خطأ مدني يستلزم نهوض المسؤولية المدنية الناجمة عن الإزعاج. وغالبا ما تلجأ السلطات المحلية إلى النصوص المنظمة لهذا النوع من الإزعاج لإصدار الأوامر التي تمنع الأنشطة الضارة بالبيئة و الصحة العامة وغيرها [32] .
ومن المهم البيان، أنه إذا كان كل من الإهمال و الإزعاج يلتقيان في أن كلاهما يشكلان خطأ من الأخطاء المدنية الواردة في القانون الإنكليزي[33] .إلا أنهما يختلفان في نقاط أخرى، نذكر منها:
من حيث دور المحكمة، بحيث المحكمة في دعوى الإهمال تتحقق من طريقة تصرف المدعى عليه. بينما في الإزعاج تتحقق من فعل المدعى عليه، ومدى تأثيره على استعمال الجار لعقاره، وكذا مصلحة الأخير التي يحميها القانون في استعمال عقاره والانتفاع به، ومن ثم الموازنة بين فعل المدعى عليه ومصلحة المدعي[34].
من حيث الإثبات، فإن الإثبات في دعوى الإهمال يقع على عاتق المدعي، الذي يثبت أن المدعى عليه قد أخل بواجب الحرص و العناية المطلوبين قانونا.على حين يثبت المدعي في دعوى الإزعاج أن الضرر الذي لحقه جراء تدخل المدعى عليه أو تعرضه.
من حيث أساس المسؤولية، فهي قائمة على أساس الخطأ في الإهمال، بينما هي قائمة على أساس الضرر في دعوى الإزعاج.
وتقديري من المقارنة المشار إليها آنفا، أنها مقارنة لا تخرج عن إبراز ضلال و ملامح وخصائص المسؤوليتين الشخصية و الموضوعية. على اعتبار أن الأولى، أي المسؤولية الشخصية، تنفرد بمزايا منها صعوبة الإثبات التي تقتضي من المتضرر إقامة الدليل أمام القضاء بوجود الخطأ، الضرر و العلاقة السببية بينهما، وهي خصيصة تتميز بها المسؤولية المترتبة عن الإهمال. أما الثانية، أي المسؤولية الموضوعية، والتي تتميز بسهولة الإثبات ، ذلك لأن المشرع عادة ما يفترض الخطأ في حق المدعى عليه، ومن ثم يكون أساسها هو الضر، وليس الخطأ، وهي سمة تتسم بها المسؤولية المترتبة عن الإزعاج.
هكذا، فإنه و على الرغم من أن الأمر له ما يكفي من الوضوح حتى الآن، إلا أنه رأينا بعدم وضوح صورة الأخطاء المدنية الإنكليزي، إلا بإضافة المقاربة الاقتصادية إلى المقاربة المدنية، حتى نصل في الأخير إلى مقاربة إيكو مدنية لقانون الأخطاء المدنية الإنكليزي. فما هي إذن الأخطاء الاقتصادية في قانون الأخطاء المدنية الإنجليزي؟
المطلب الثاني: المقاربة الاقتصادية للأخطاء المدنية وفق القانون الانكليزي
لقد رتب قانون الأخطاء المدنية الإنكليزي المسؤولية عن الخسارة الاقتصادية الناشئة عن أفعال عمدية، وتعرف بالأخطاء الاقتصادية Economic torts ، ويقصد بالأخير ذلك الجرم المدني الذي يلحق ضررا بالمصالح الاقتصادية للمدعي ويمثل تعديا على قواعد المنافسة التجارية المنصفة أو المشروعة ، مما يؤدي إلى الإخلال بتلك القواعد[35] . وقد اكتسبت الاسم هذا ، لأن الوظيفة الرئيسية للمسؤولية المدنية الناجمة عنها هي حماية المصالح الاقتصادية الخالصة ، فضلا عن حماية المنافسة التجارية المشروعة[36] .
وما يسترعي الانتباه ، في هذا المضمار ، أن الأخطاء المدنية الاقتصادية الإنكليزي جرى تصنيفها إلى طائفتين :تتجسد الأولى في الأخطاء الاقتصادية العامة (الفقرة الأولى ) بينما تتمثل الثانية في الأخطاء الاقتصادية التدليسية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الأخطاء الاقتصادية العامة
تتكون الأخطاء الاقتصادية العامة من أنواع ثلاث هي :الحث على الإخلال بالعقد [37]، التسبب في الخسارة بوسائل غير مشروعة ، و التواطؤ[38] .
فبخصوص الخطأ الأول، أي الحث على الإخلال بالعقد ، فتتمثل صورتها الواقعية، في أن تتجه نية أحد الأشخاص (عمر) مثلا، وبعد معرفته بإبرام عقد بين (محمد) و(أنس)، إلى إحداث إخلال بذلك العقد من خلال إقناعه (محمد) على الإخلال بالتزامها التعاقدي مع (أنس)، وبالفعل تقوم الأخيرة بذلك، مما يؤدي إلى الإضرار بالطرف الأخر (أنس). بحيث ذهب القضاء، في هذا الصدد، إلى وضع الأساس القانوني للمسؤولية الناشئة عن الحث على الإخلال بالعقد، وذلك بموجب قضية Lumley V GYE 1853 [39]، والتي استخلصت منها المحكمة، أنه لكي يتمكن المدعي من إثبات وجود خطأ مدني، لابد من تحقق شروط منها: علم المدعى عليه بأن سلوكه من شأنه أن يحث على الإخلال بالعقد، وأن يتوافر الإخلال بالعقد فعلا ، وأن ينوي ذلك، أي أن تتجه إرادته نحو الحث على الإخلال بالعقد، وأخيرا أن يترتب عن ذلك ضررا للمتضرر.
أما بالنسبة للخطأ الثاني، أي ذلك المتعلق بالتسبب في الخسارة بوسائل غير مشروعة، فإن جوهره يكمن في مسألتين هما: التدخل الخاطئ Wrongful interference في الأفعال التي يقدم عليها شخص من الأغيارThird party ، فتعود بنفع اقتصادي على المدعى عليه. والثاني، يهم اتجاه النية إلى التسبب في خسارة اقتصادية للمدعي[40] . وقد علق القانون الإنكليزي قيام المسؤولية الناجمة عن التسبب بخسارة بوسائل غير مشروعة، توافر أربعة شروط وهي :فأما الأول، فيتعلق بارتكاب المدعى عليه لفعل غير مشروع اتجاه الغير. والثاني، أن يؤثر عمل المدعى عليه على حرية الغير في التعامل مع المدعي . وعن الثالث، فيهم ضرورة اتجاه إرادة المدعى عليه نحو التدخل للتسبب في إلحاق الضرر أو الخسارة بالمدعي . أما الرابع، والأخير طبعا ، فهو نتيجة ما سبق و الحديث هنا عن الضرر .
وفيما يتعلق بالخطأ الثالث، و المتمثل في التواطؤ، فإنه يتخذ في القانون الإنكليزي صورتين بارزتين: تتمثل الأولى في التواطؤ بوسيلة مشروعة [41]، بينما تتجسد الثانية في التواطؤ بوسيلة غير مشروعة [42]، والذي يعرف أيضا بالتواطؤ البسيط. وإذا كان كل منهما يتقاطعان في ضرورة وجود اثنين أو أكثر من المدعى عليهم لتحقيق غاية مشتركة هي التسبب في إلحاق الضرر بالمدعي. فإنهما يختلفان من حيث أن الصورة الأولى، أي التواطؤ بوسيلة مشروعة، يتم بممارسة المدعى عليهم لحقوقهم القانونية بطريقة تتسبب الخسارة للمدعي، فمناط ترتيب المسؤولية على ذلك، هو تصرفهم ضد المدعي على نحو موحد كمجموعة واحدة Ganging [43]، بحيث إنه لو قام بها شخص بمفرده لما قامت المسؤولية ضده، ولعل غاية المشرع – في نظرنا – هي وضعه حدا للاتفاقات الجماعية لما تتسم به من السرية التي قد تمس حتى الكيان السياسي، أحيانا ، للدولة. أما الصورة الثانية، فإنها تتمحور على استعمال وسائل غير مشروعة تستلزم ترتيب المسؤولية، سواء كانت جماعية أم فردية، لان موضوعها ليس موافقا للقانون، وإنما هي مخالفة له.
هكذا، يتضح أن قانون الأخطاء الإنجليزي وسع من نطاق المسؤولية لتشمل حتى تلك الأفعال الماسة بالحقوق الاقتصادية الخالصة، كالحق في منافسة مشروعة إلى غير ذلك، إلا أن الملاحظ أيضا هو أنه تم التركيز على الأخطاء الاقتصادية العامة، فما هي إذن الأخطاء الاقتصادية التدليسية أو المدبرة ؟
الفقرة الثانية: الأخطاء الاقتصادية التدليسية أو المدبرة
إن وصف الأخطاء المدنية الاقتصادية بالتدليسية، لربما يرجع إلى الأساس الذي تقوم عليه ، بحيث إنها ترتكن – بالأساس – على تصوير غير حقيقي باستعمال الغش، أو التدليس، أو الاحتيال، و ما ينطوي عليه من سوء النية Malice .
ويمكن ذكر الأخطاء الاقتصادية المدبرة أو التدليسية، في القانون الانكليزي، على سبيل القصر لا الحصر. بحيث نجد إلى جانب خطأ الغش [44]، وخطأ الافتراء الكيدي[45] ، خطأ تضليل الجمهور[46] .
ففيما يخص خطأ الغش، فهو يشكل خطأ من الأخطاء المدنية الانكليزي، والذي ينطوي – وفقا للمفهوم السائد في قانون الأخطاء الانكليزي – على الإدلاء ببيانات كاذبة أو مضللة، أو تقديم أوصاف كاذبة، وهو بذلك جرم مدني يرتكبه المدعى عليه عند إدلائه ببيان كاذب للمدعي عن علم كامل بمحتواه الكاذب أو على نحو طائش أو متهور يتسم باللامبالاة ودون التحقق من مدى صحته أو صدقه، وبنية التأثير على المدعي، والذي تصدر عنه الاستجابة على أساس ذلك البيان. فالواضح مما تقدم، أن خطأ الغش يتكئ على عناصر ثلاثة وهي: العنصر الأول هو وجود وصف كاذب، أو بيان كاذب عن الواقع، والعنصر الثاني هو اتجاه نية المدعى عليه المدلي بالبيان إلى التأثير على المدعي المتضرر عن طريق ذلك البيان أو الوصف الكاذب [47]، أما العنصر الثالث فيتجسد في صدور الوصف أو البيان عن المدعى عليه إما: عن علم كامل بمحتواه الكاذب و المضلل، أو دون اعتقاد أو قناعة بصحته، أو على نحو طائش أو متهور يتسم باللامبالاة ودون التحقق من مدى صحته وصدقه [48].
أما عن خطأ الافتراء الكيدي، والذي عرف في أصله بخطأ القذف الشفوي الموجه ضد ملكية عقار شخص ما Tort of slander of title ، لأنه ينطوي على بيان شفوي يدلي المدعى عليه ويثير الشكوك في ملكية شخص ما لعقار معين. مما يترتب عليه عدم إمكانية بيع ذلك العقار مستقبلا، والإضرار بالمصالح الاقتصادية للمالك [49]Economic torts .وما يسترعي الانتباه في هذا الإطار أنه ما لبث أن تم توسيع نطاق خطأ القذف الشفوي، مع مطلع القرن التاسع عشر، الموجه ضد ملكية عقار شخص ما، ليشمل حتى المنقولات Tort of slander of goods . فالافتراء الكيدي إجمالا لما سبق هو ذلك الكذب المتعمد عن طر يق الإدلاء ببيان كاذب للنيل من السمعة المهنية أو التجارية لشخص ما و إلحاق الأذى بها[50].
أما بخصوص خطأ تضليل الجمهور عن طريق التظاهر بعدم ملكية المنتجات أو عن طريق إحداث الخلط أو اللبس مع اسم التاجر المنافس أو منتجاته، فإنه يتمثل في الحالة التي يقوم فيها المدعى عليه التاجر،بتضليل الجمهور من خلال تظاهره بعدم ملكية المنتجات العائدة له، وأن ملكيتها تعود للمدعي، وذلك لحث المشتري المحتمل على الاعتقاد بأن المنتجات أو السلع تعود ملكيتها لتاجر منافس وليس للتاجر المدعى عليه[51]. وجدير بالتنبيه، أن معالم هذا الخطأ قد تبلورت حديثا عن طريق الحكم الصادر في قضية Evan warnint and sans Hull LTD 1979 AC A31، ووقائعها تتلخص في أن ثمة مدعين ينتجون مشروب Advocant، في حين قام المدعى عليهم بإنتاج مشروب من نفس النوع أطلقوا عليه اسم Old English advocant، فطلب المدعون من المحكمة إصدار أمر قضائي يحظر على المدعى عليهم استعمال تسمية Advocant. وقد تمكن القاضي اللورد Diploct من تحديد مقومات هذا النوع من الأخطاء المدنية الاقتصادية، وشروط المسؤولية المدنية الناجمة عنه وهي: ضرورة وجود تدليس أو تصوير غير حقيقي، بالإضافة إلى صدور التدليس من تاجر بمناسبة قيامه بنشاطه التجاري، إلى جانب قيام المدعى عليه بتوجيه المستهلكين الذين يتعاملون معه أو إلى المستهلك النهائي للسلع أو المستفيد منم الخدمات. وكذا اتجاه نية المدعى عليه التاجر من وراء ذلك التدليس إلى إلحاق الضرر بالمشروع التجاري أو السمعة التجارية للتاجر الذي أقام الدعوى أو الذي من المحتمل أن يقيمها. علاوة على تسبب ذلك التدليس بضرر حقيقي يلحق بالمشروع التجاري أو السمعة التجارية للتاجر الذي أقام الدعوى أو الذي من المحتمل أن يقيمها. فقضت بعدها المحكمة لمصلحة المدعين و أصدرت الأمر القضائي الذي منع بمقتضاه المدعى عليهم من استعمال التسمية التي أطلقوها على المشروب. وجاء في حكمها بأنه طالما كانت التسمية التي استعملها المدعون تميز منتجاتهم عن أية منتجات أخرى، فمن حقهم الحصول على الأمر القضائي الذي يمنع المدعى عليهم من استعمال التسمية الجديدة [52].
وعليه، تكون إرادة النظام القانوني الإنجليزي واضحة بخصوص وضع حد لكل الأفعال أو الممارسات الماسة ليس فقط بالحقوق الشخصية والمالية، بل حتى الحقوق الاقتصادية أيضا.
خاتمة
خلص إلينا مما سبق، أن القانون الانكليزي إذ هو جسد الحرية الفردية و الاقتصادية، فإنه على الرغم من ذلك رتب المسؤولية على مجموعة من الأفعال الماسة بالسلامة الشخصية أو بالأموال أو بالمصالح الاقتصادية، وذلك في سبيل تحقيق الأمن و السلم الاجتماعيين، من جهة، وضبط جزء مهم من الأنشطة الاقتصادية؛ من أجل حماية المستهلكين، وخلق توازن في السوق، من جهة أخرى.
وفيما لدينا من اعتقاد، أن نظام المسؤولية المدنية الناشئة عن الأخطاء المدنية الانكليزي، وما حققه من حد معقول من السلم الاجتماعي و الاستقرار الاقتصادي، نابع بالأساس من أن هدفه لا ينحصر عند تطبيق القانون؛ وإنما هدفه أعلى مرتبة ومكانة من ذلك، ّذلك لأنه يسعى إلى العدالة التي هي أوسع نطاقا من القانون. ودليلنا الساطع فيما نقر، هو مبدأ هرمية أو تسلسل المصالح القائم في قانون الأحكام العام، بحيث يأتي على رأس هذا الهرم السلامة البدنية أو الشخصية للأفراد، ثم حماية نظام الأموال، أولها حق الملكية و ثانيها الحق في السمعة، وبعد ذلك تأتي الحقوق الاقتصادية الخالصة. هو أمر يدفعنا إلى التساؤل الآن- وأكثر من أي وقت آخر – حول ما إذا كان النظام القانوني المغربي يتبنى نفس المبدأ في ترتيب المصالح؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل الترتيب الذي اعتمده مشرعنا المغربي يعد من النظام العام، لا يجوز الخروج عنه، أم أن ثمة عوامل تجعله أحيانا يقدم بعضها عن البعض الآخر؟ .
ملحق: لأهم الأخطاء المدنية في القانون الإنجليزي
[1] محمد العروصي:المرشد في المنهجية القانونية : مطبعة مرجان ، الطبعة الثانية ، 2016 ، ص 207.
[2]إن مصطلح العمل غير المشروع لا أميل إليه ، وأفضل مصطلح الفعل غير المشروع عوض العمل ؛ لأن الأخير يقابله في الاصطلاح الفرنسي « acte » بينما يصطلح على الأول « fait illicite”وليس ثمة في الاصطلاح الفرنسي التصرف أو العمل غير المشروع ؛ وإنما هناك تصرفات أو أعمال صحيحة ، وأخرى معتلة.
[3]ترجمة للمصطلح الفرنسي la responsabilitè dèlectuelle ، كمصدر غير إرادي للالتزام.
[4]ترجمة للمصطلح الإنكليزيthe low of torts.
[5]يونس صلاح الدين علي : الوجيز في شرح قانون الأخطاء المدنية الإنكليزي ، مكتبة زين ، الطبعة ، 2018 ، ص 42 .
[6]يقابل المسؤولية الناجمة عن الإهمال باللغة الإنكليزية negligence liability . بينما يطلق على الأخطاء العمدية liability for intentional torts . أما في المغرب ، فيطلق على الأول ، أي الإهمال، شبه الجرم. أما الثانية ، أي الخطأ العمدي ، فيطلق عليه الجرم . على حين يسمى الأخير في التقنين المدني الفرنسي ، الجنحة ، بينما يسمون الأول شبه الجنحة .
[7]يراد بقانون الأحكام العام مجموع الأحكام العامة التي تعتبر كموجهات أو قواعد أو مبادئ عامة أقرتها المقررات القضائية الصادرة عن المحاكم الإنكليزية ، ومن ثم فالقانون الانكليزي ، قانون غير مكتوب مبني على السوابق القضائية ، التي كموجهات عامة تتقيد بمقتضاها الجهة القضائية العليا بما سبق وإن فصلت فيه في القضايا المماثلة .
[8]ولعل أبرز هذه المشاكل تلك المتعلقة بالشبكة العنكبوتية ، التي أصبحت بمثابة المجال الفسيح للتجاوزات المتعلقة بنشر الكراهية العرقية .
[9] مأمون الكزبري: نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات و العقود المغربي، الجزء الأول، مصادر الالتزامات، الطبعة الأولى، سنة 1972، ص367.
[10]ولعل الصورة الأقرب للإهمال في القانون المغربي ، تلك الواردة في الفقرة الثانية من الفصل 78 من ظ.ل.ع المغربي ، حيث جاء فيه ما يلي: الخطأ هو ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه ، وذلك من غير قصد لإحداث الضرر .
[11]يونس صلاح الدين علي :مرجع سابق ،56.
[12]ودأب الفقه الإنكليزي على تقسيم الأخطاء المدنية ، وبشكل عام ، إلى ثلاثة أنواع : الأخطاء العمدية intenational torts ، والذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة أصناف : أخطاء مدنية ضد الأشخاص، كالتعدي بالضرب أو الاعتداء الجسدي battery ، أو التهديدبالتعدي assult ، وأخطاء مدنية ضد الأموال . والأخطاء المدنية الناجمة عن الإهمال . والمسؤولية الموضوعية strict liability .
[13]ومما ذكره القاضي أيضا أن معيار الحرص الذي ينبغي على المدعى عليه إبداؤه هو معيار موضوعي لا يأخذ بعين النظر الظروف الشخصية للمدعى عليه وخصوصياته وما يعاني منه من عجز أو عوق أو حتى مزاجه أو غرائزه الفطرية .
[14] ترجمة للمصطلح الانكليزي standard of reasonableness .
[15] حيث ذكرت محكمة الاستئناف في مقرر لها الآتي :إذاكان سائق السيارة قد فقد السيطرة نتيجة ظروف و ملابسات كان يعلم بها أو ينبغي أن يعلم بها ، فعندئذ تنهض مسؤوليته ، أما إذا لم يكن على علم إطلاقا بهذه الظروف فلا مسؤولية عليه .
[16]يونس صلاح الدين علي ، مرجع سابق ، ص 95.
[17] يقابلها باللغة الانكليزية مصطلح unlawful interference ، وillicité في المصطلح الفرنسي .
[18]يونس صلاح الدين علي : مرجع سابق ، ص 398.
[19]Rogers , Winfield and jolozicz tort , sweet and Maxwell , 2006 ,p,645.
[20] يونس صلاح الدين علي : مرجع سابق ، ص 398.
[21] يقابلها باللغة الانكليزية مصطلح umasonable use .
[22]وهي صورة قريبة الشبه بمبدأ عدم التعسف في استعمال الحق المقرر في النظم القانونية المنتمية إلى عائلة القانون اللاتيني، يأتي في مقدمتها التقنين المدني الفرنسي الذي يعد مصدرا ماديا لدول عدة منها المغرب.
[23] يقابله في الاصطلاح الانكليزي private nuisance .
[24] ويطلق عليه في الاصطلاح الانكليزي public nuisance .
[25] ترجمة للمصطلح الانكليزي statutory nuisance .
[26] وهو ما كرسته السابقة القضائية المعروفة في القانون الانكليزي ب Davey v harrow corpC A 1958 . اعتبرت فيها محكمة الاستئناف بأن امتداد جذور الأشجار الطويلة من أراضي شخص ما ودخولها في أرض جاره ، إزعاجا خاصا يمكن رفع دعوى المسؤولية بشأنه .
[27]حيث من شروط التعسف في استعمال الحق في الفصل 94 من ق.ل.ع حيث يعتبر الشخص متعسفا في استعمال حقه في الحالات الآتية:
-إذا كان لم يقصد من وراء استعماله حقه سوى الإضرار بالغير؛
-إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها صاحب الحق قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب و ما يصيب الغير من ضرر بسببها؛
-إذا كان صاحب الحق قد تجاوز في ممارسته حقه الحدود المألوفة.
[28]للمزيد من التعمق ، انظر يونس صلاح الدين علي ، مرجع سابق ، ص 405.
[29]Environmental protection act 1990.
[30]Control of pollution act 1974 .
[31]Clean air act1956 .
[32] يونس صلاح الدين علي ، مرجع سابق ، ص407 .
[33] مر معنا أن الأخطاء المدنية واردة على سبيل الحصر ، ولم تأتي في شكل قاعدة عامة ، كما الحال بالنسبة للقوانين ذات الأصل اللاتيني ، لأن قانون الأخطاء المدنية الانكليزي مبني على-في معظمه- السوابق القضائية و تطبيقات المحاكم.
[34] يونس صلاح الدين علي : مرجع سابق ، ص 949.
[35]ويرى جانب من الفقه الإنكليزي، بأن السبب الرئيسي وراء عدم اهتمام القانون الانكليزي بهذا النوع من الأخطاء المدنية هو مبدأ هرمية أو تسلسل المصالح القائم في ظل قانون الأحكام العام ، الذي يضع تسلسلا هرميا للأولوية المصالح الجديرة بالحماية ، وعلى رأسه حق الملكية . ثم حق السمعة . وبعد ذلك تأتي الحقوق الاقتصادية الخالصة .
[36] صلاح الدين علي ، مرجع سابق ، ص 961.
[37]ترجمة للمصطلح الانكليزي.liability for inducing abreach of contract.
[38]ترجمة للمصطلح الانكليزي the tort of conspiracy .
[39]للمزيد من التعمق ، انظر صلاح الدين علي ، مرجع سابق ، ص 969.
[40]تجدر الإشارة إلى أن المسألة المهمة في هذا الشأن ، أنه لا يمكن عد جميع الأعمال المخالفة للقانون كأعمال غير مشروعة تبرر نهوض المسؤولية المدنية الناجمة عن خطأ التسبب في الضرر أو الخسارة بوسائل غير مشروعة . وقد ذكر القاضي اللورد walker ، في معرض تحديده لنوعية الأعمال التي يمكن تكييفها كأعمال غير مشروعة لهذا الغرض ، وذلك في قضية OBC V Allan 2007 ، بأنه من الأهمية بمكان أن يتضمن القانون آلية معينة للسيطرة control meachanism ، للحيلولة دون خروج فكرة الوسائل غير المشروعة عن السيطرة .
[41]Unlawful meanscon spiracy .
[42].lawful means conspiracy
[43]يونس صلاح الدين علي ، مرجع سابق ، ص 982 .
[44]يطلق عليه في الاصطلاح الانكليزي tort of deceit .
[45] ترجمة للمصطلح الانكليزي tort of malicious falsehood .
[46] والذي يصطلح عليه في القانون الانكليزيmisre presentation economic torts .
[48]يطلق عليه في الاصطلاح الانكليزي misleading or false misstatements .
[49] يونس صلاح الدين علي ، مرجع سابق ، ص987.
[50]False statement of fact
[51]يونس صلاح الدين علي ، مرجع سابق ، ص 1002 وما يليها .
[52]يونس صلاح الدين علي ، مرجع سابق ، ص1010 .