الواجبات الدستورية والقانونية للمؤسسة الجامعية تجاه الطالب الجامعي
الواجبات الدستورية والقانونية للمؤسسة الجامعية تجاه الطالب الجامعي
إعداد: نورالدين مصلوحي، عدل متمرن وخريج ماستر القانون والممارسة القضائية بالرباط
تعد المؤسسة الجامعية مكانا لتلقي العلم والمعرفة بالدرجة الأولى، وهي فضاء لبناء جيل قيادي قادر على الابتكار والإبداع؛ عن طريق ما توفره الجامعة للطالب من بيئة جيدة للتواصل الاجتماعي وتكوين العلاقات وتطوير المهارات واكتساب العادات المفيدة.
ويعتبر الطالب الجامعي ثروة لا تقدر بثمن ورأسمالا لاماديا تحرص الأمم على إيلائه الأهمية اللازمة، فهو، أي الطالب الجامعي؛ يمثل الطاقات الشبابية الناجحة في المجتمع، التي تحمل لواء العلم والمعرفة، والتي تمثل مستقبل الدول واستمراريتها ونهضتها وتطورها.
وإذا كان الطالب الجامعي هو الأجدر أن يكون قطب الرحى في منظومة التعليم العالي، فإن الحرص على تمكينه من القيام بالأدوار المنوطة به على أحسن وجه، لن يتأتى إلا بتقنين حقوقه، هذه الحقوق التي هي واجبات ملقاة على مجموعة من الفاعلين منها المؤسسة الجامعية، وقد ارتأينا في هذا المقال المتواضع بسط هذه الواجبات معززة بأساسها الدستوري والقانوني.
أولا: تمكين الطالب الجامعي من خدمات أساتذة أكفاء وذوي خبرات عالية:
إن أساس تمكين الطالب الجامعي من خدمات أساتذة أكفاء وذوي خبرات عالية هو الفصل 31 من الدستور الذي يجعل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسر استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من خدمات ضرورية، منها الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة. فالمؤسسة الجامعية أثناء تعاقدها أو توظيفها لأساتذة جامعيين يجب أن تراعي عدة معايير منها جودة البحوث التي أنجزها هؤلاء المترشحون للتوظيف أو للتعاقد، وخبرتهم المهنية ومدة هذه الخبرة، وتمتعهم باللياقة المهنية وقدرتهم على حسن التواصل مع الطالب الجامعي، وحسن استعمالهم لتكنلوجيا المعلوميات، ولابد من الإشارة أن من أهم الأهداف التي تعمل منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي على تحققها حسب المادة 3 من القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي؛ تنمية القدرات الذاتية للمتعلمين وصقل الحس النقدي لديهم، وتفعيل الذكاء، وإتاحة الفرص أمامهم للإبداع والابتكار، وتمكينهم من الانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل، ولن يتم تحقيق كل ما ذكر إلا باعتماد المؤسسة الجامعية على مبادئ دستورية في تنظيمها لمباريات توظيف الأساتذة، ومن أهم هذه المبادئ مبدأ الاستحقاق “الفصل 31 “، وكذا المساواة “الفصل 154” والشفافية “155” ولابد من مراعاة مبدأ المناصفة بين النساء والرجال، باعتبارها مبدأ تسعى الدولة لتحقيقه طبقا للفصل 19 من الدستور، ولا يجب إغفال معيار الاستقامة والنزاهة، إذ هذين المعيارين يبعثان انطباعا جيدا في نفس الطالب الجامعي ويحققان له ما يمكن تسميته بالأمن التعليمي.
ثانيا: حسن التفاعل مع ملاحظات واقتراحات وتظلمات الطالب الجامعي:
يتمتع الطالب الجامعي بهذه الصفة وبصفته مواطنا بحرية التعبير وحقه في تقييم خدمات المؤسسة الجامعية، وتقديم مقترحات ارتآها أو تظلمات بشأن حقوق مهضومة، فالمؤسسة الجامعية باعتبارها مرفقا عموميا، يقع على كاهلها التزام دستوري ورد النص عليه في الفصل 156 من الدستور الذي جاء فيه ما يلي: تتلقى المرافق العمومية ملاحظات مرتفقيها، واقتراحاتهم وتظلماتهم، وتؤمن تتبعها.” فيجب على المؤسسة الجامعية تخصيص بوابة إلكترونية وشباك داخل مرفق الجامعة يخول إليه تلقي هذه التظلمات والملاحظات والاقتراحات وعرضها على الجهات المسؤولة، وما أكثر ما يشتكي الطالب الجامعي مثلا من معايير تنقيط الاختبارات، أو تماطل المؤسسة الجامعية في استصدار الشواهد الجامعية مما يفوت على الطالب فرصا ثمينة في الالتحاق بوظيفة أعلن عنها، كما أقترح أن تنشئ الجامعات خلية يعهد إليها بتتبع وتقييم مدى احترام الأساتذة والإدارة لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا.
ثالثا: تيسير استفادة الطالب من الخدمات الاجتماعية ومن حقه في تسيير مؤسسته والدفاع عن مصالحه:
ورد تعريف الخدمات الاجتماعية للطلبة في المادة 75 من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، وتتمثل في الخدمات المقدمة إلى الطلبة في إطار الحياة الجامعية ولاسيما ما يتعلق منها بالإيواء والإطعام والتغطية الصحية والمنح والقروض الدراسية، وحسب الفقرة الثانية من المادة أعلاه، فإن تمويل هذه الخدمات يرصد من جهات منها مؤسسات التعليم العالي.
وبموجب المادة 71 من القانون 01.00 السابق الإشارة إليه، فإن الطالب الجامعي يشارك في تسيير المؤسسة التي تستقبله، ويشارك كذلك في تنظيم الأنشطة الثقافية والرياضية في إطار جمعيات مؤسسة بكيفية قانونية، ومسيرة طبقا لأنظمتها الخاصة، وجوز هذا القانون كذلك للطالب الجامعي الانتظام في جمعيات أو منظمات تهدف إلى الدفاع عن مصالحه.