في الواجهةمقالات قانونية

الوسائل البديلة في مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة الباحثة:رحيمة العطاري تحت إشراف الأستاذ أحمد حميوي

الوسائل البديلة في مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
Alternative methods in the process of expropriation for public utility
الباحثة:رحيمة العطاري
طالبة باحثة بسلك الدكتوراه
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس
تحت إشراف الأستاذ أحمد حميوي
Rahima El Attari
PhD student
Faculty of Legal, Economic, and Social Sciences Sidi Mohamed Ben Abdellah University, Fez
Under the supervision of Professor Ahmed Hamioui

 

ملخص:
يرتبط الفصل في المنازعات بتطور المجتمع الشيء الذي أصبح معه اللجوء للوسائل البديلة لفض النزاعات ضرورة يفرضها الواقع، إذ أصبحت القوانين تنتقل من قوانين مفروضة الى قوانين قابلة للمفاوضة، وذلك راجع لعدة اعتبارات من بينها كثرة القضايا المعروضة على القضاء، البطء في البت في بعض القضايا التي لا تحتمل التأخير كالقضايا التجارية.
أما فيما يخص المنازعات الإدارية والتي تكون فيها الدولة صاحبة سلطة وامتياز فالقوانين هي الوسيلة الوحيدة للفصل في هذه المنازعات ويصعب تصور اعمال الوسائل البديلة لحلها، إلا أنه في بعض المنازعات يتم اعمال الوسائل البديلة بالرغم من كون النزاع متعلق بمصالح الدولة، ففي مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة يمكن ان يتم الاتفاق بين السلطة نازعة الملكية والمنزوعة ملكيته على تعويض معين تحدده اللجنة الإدارية للتقييم، فإذا وافق عليه المنزوعة ملكيته ينتهي النزاع خلال المرحلة الإدارية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة واذا لم يتفق المنزوعة ملكيته والسلطة نازعة الملكية على التعويض المقترح يتم إحالة النزاع الى القضاء الإداري للبت فيه، وخلال هذه المرحلة أيضا يمكن انهاء النزاع عن طريق الوسائل الودية وذلك إما من خلال عدم المنازعة في التعويض امام القضاء أو من خلال التصريح بالصلح، الشيء الذي يعزز إمكانية الوسائل البديلة على مستوى المنازعات الإدارية بالرغم من كون القوانين المؤطرة لها صارمة بعض الشيء لكون الدولة طرفا فيها .

 

 

 

 

Abstract:
The resolution of disputes is intricately linked to societal development, necessitating alternative dispute resolution methods. Laws have transitioned from mandatory to negotiable, driven by factors including Overburdened judiciary and Delayed resolution or slow pace of resolving certain cases such as commercial disputes, which cannot afford delays, in addition to Growing demand for expedited and Effective conflict resolution
within the realm of administrative disputes involving state sovereignty necessitate adjudication through traditional legal channels, thereby limiting the viability of alternative dispute resolution mechanisms, However, in certain disputes, alternative methods are applied, despite the fact that the dispute concerns the interests of the state, In the process of expropriation for public utility, an agreement can be reached between the expropriating authority and the expropriated person on a specific compensation amount determined by the administrative evaluation committee. Upon consent of the expropriation party, the dispute is resolved at the administrative stage of public utility expropriation. even so if the expropriated person and the expropriating authority do not agree on the proposed compensation, the dispute is referred to the administrative judiciary for a decision, during this stage, the dispute can also be resolved through amicable means, either by not contesting the compensation before the judiciary or by declaring an amicable settlement. This enhances the possibility of using alternative dispute resolution methods in administrative disputes, despite the fact that the laws governing them are somewhat strict due to the state’s involvement as a party.

مقدمة:
نظم المشرع المغربي الوسائل البديلة من خلال القانون رقم 95.17 المتعلق بالوساطة والتحكيم بالإضافة الى مقتضيات الفصول من 1098 الى 1116 من قانون الالتزامات والعقود الذي تطرق للصلح وغيرها من المواد الأخرى، اذ تعد الوسائل البديلة لفض النزاعات الالية التي يلجا اليها أطراف النزاع لحل خلافاتهم بعيدا عن القضاء وذلك لضمان السرعة في حلها بعيدا عن إجراءات المحاكم، فإعمال الوسائل البديلة يمكن تصوره في كافة المنازعات الا انه فيما يخص المنازعات الإدارية فإمكانية اعمالها من عدمه يختلف من منازعة الى أخرى لما تتميز به هذه الاخيرة من خصوصية، ومن خلال هذه الدراسة سأحاول التطرق الإمكانية إعمال لإمكانية إعمال الوسائل البديلة في منازعات نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، كإحدى المنازعات الإدارية الهامة التي تمس حقا مقدسا ألا وهو حق الملكية.
إن إعمال الوسائل البديلة في منازعات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة كمنازعة إدارية يعرف بعض الخصوصيات لكون حق الملكية من الحقوق التي أولاها الدستور المغربي والمواثيق الدولية عناية خاصة بتنظيمه والنص على حمايته إلى درجة اعتباره “حقا مقدسا لا يمكن أن يُحرم أي أحد منه إلا إذا فرضت ذلك الضرورة العامة بصورة قانونية بشرط دفع تعويض عادل ومسبق” ؛ ورغم أن الفصل 35 من الدستور المغربي لسنة 2011 نص على ان أن القانون يضمن حق الملكية، فإنه قد أعقب ذلك بنصه على أنه “يمكن الحد من نطاق الملكية وممارستها بموجب القانون”، اذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد؛ وبذلك فإن حماية وضمان حق الملكية ليس على إطلاقه، إذ يمكن الحد منه لفائدة المنفعة العامة من خلال مسطرة قانونية تسمى مسطرة نزع الملكية نظير تعويض في إطار ما حدده القانون، خاصة القانون رقم 81.7 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف الصادر بتاريخ3 رمضان1403 (15يونيه 1983).
ويعتبر القضاء الإداري هو الساهر على حماية حقوق المنزوعة ملكيته ومراقبة مدى احترام الإدارة لمسطرة نزع الملكية، لكن ليس هناك ما يمنع من اعمال الوسائل البديلة بين الجهة نازعة الملكية والمنزوعة ملكيته في حدود ما هو مسموح به قانونا، فالوسائل البديلة بصفة عامة تحظى بأهمية ودور كبير في التخفيف من حجم القضايا المعروضة على القضاء وفي حل النزاعات بسرعة وفعالية.
وتجدر الإشارة إلى أن مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ليست حديثة العهد؛ فقد كان المسلمون سباقون إلى الأخذ بها؛ فأول حالة لنزع الملكية قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قرر ان يبني مسجده الشريف بالمدينة المنورة واحتاج أرضا لأجل ذلك؛ كما أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لما ضاق المسجد الحرام على الناس وكانت الدور محدقة به من كل جانب ساوم أصحابها في شرائها، فرضي منهم أناس اشترى دورهم وأدخلها المسجد، ولم يرض بذلك أصحاب الدور الأخرى فأخذها منهم جبرا ووضع قيمتها بخزانة الكعبة فضلت بها إلى أن أخذها أصحابها؛ وبعد مرور حقب تاريخية متعددة جاءت حقبة التواجد الفرنسي بالمغرب حيث صدرت مجموعة من القوانين بهذا الخصوص؛ من بينها القانون الدبلوماسي لسنة 1908 الذي أكد على إمكانية إعلان المنفعة العامة بشأن الأشغال الكبرى؛ وتضمنت بنود اتفاقية الحماية سنة 1912م إمكانية وضع تشريعات حديثة في إطار دولة جديدة فصدر ظهير 26 مارس 1914م يتعلق بالأراضي الموجودة في طريق السكة الحديدية التي ستحدث بين طنجة وفاس ،الذي اعتبر أن المنطقة التي سيتم تشييد السكة الحديدية الرابطة بين مدينتي فاس وطنجة خاضعة لارتفاق عام يتم بمقتضاه منع أي معاملة عقارية في تلك المناطق إلا بعد الحصول على إذن من الإدارة العامة للأشغال العمومية، ثم جاء ظهير 31 غشت 1914 في شأن نزع الملكية بعوض وإشغالها موقتا للمصلحة العامة، الذي اعتبر أول نص عام وضع الأسس الأولية لنظام نزع الملكية من أجل المنفعة العامة بالمغرب والذي ألغي بمقتضى ظهير 26 جمادى الثانية عام 1370 (3 أبريل 1951)، وهو قانون استقى خطوطه الرئيسية من القانون الفرنسي الصادر في 3 ماي سنة 1841؛ وينطوي مفهوم نزع الملكية لأجل المنفعة العامة على اعتبار أساسي مفاده حرمان مالك العقار من ملكه جبرا للمنفعة العامة نظير تعويض مما يناله من ضرر؛ ويستند هذا التعويض على المقتضيات القانونية بما يعني مبدئيا أن مصدره القانون؛ أما تقديره فيرتبط بمجموعة من العناصر تقوم أساسا على النظر إلى الضرر الحاصل للمنزوعة ملكيته والموجب لتعويضه، ويراعى في اعتبار هذا الضرر كونه محققا وحالا وناتجا مباشرة عن نزع الملكية الذي قد تكون مسطرته سليمة ووفق القانون؛ وقد تكون هذه المسطرة قد شابها اختلالات فيكون فعل النزع مبنيا على الخطأ، فيكون التعويض عنه في هذه الحالة مصدره الجرم أو شبه الجرم.
تجدر الإشارة الى أنه خلال سريان مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة يبقى للمنزوعة ملكيته الخيار بين قبول التعويض المقترح من طرف الجهة نازعة الملكية أو المنازعة فيه من خلال رفع ملف نزع الملكية إلى القضاء، لكن الإشكالية التي تطرح هي ما مدى إمكانية اعمال الوسائل البديلة لفض المنازعات الناتجة عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة سواء من طرف القضاء او من طرف الاغيار؟
وسأعتمد في دراسة وتحليل هذا الموضوع على المنهج الوصفي التحليلي والمنهج الاستقرائي، والنصوص القانونية والأحكام القضائية ذات العلاقة بموضوع بحثنا.
ولدراسة هذه الإشكالية سنعتمد التقسيم التالي:
المطلب الأول: الإطار القانوني لإعمال الوسائل البديلة على مستوى المنازعات الإدارية.
المطلب الثاني: إعمال الوسائل البديلة على مستوى مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
المطلب الأول: الإطار القانوني لإعمال الوسائل البديلة على مستوى المنازعات الإدارية.
تشكل رقابة القضاء الإداري على المسطرة القانونية لعملية النزع الجبري للملكية ضمانة للمنزوعة ملكيتهم، وذلك من خلال مراقبته لمشروعية القرارات ذات الصلة بالموضوع، كما أن إعمال الوسائل البديلة خلال مسطرة نزع الملكية سواء خلال المرحلة الإدارية أو القضائية سيسهل إنهاء النزاع بشرط عدم المساس بحقوق الطرف المنزوعة ملكيته، لذلك سأعمل على دراسة الاطار القانوني لإعمال الوسائل البديلة على مستوى المنازعات الإدارية(الفقرة الأولى)؛ على أن أتطرق لإمكانية إعمالها خلال المرحلة الإدارية لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة في (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الإطار القانوني لإعمال الوسائل البديلة على مستوى المنازعات الإدارية.
عرفت الوسائل البديلة لفض المنازعات منذ القدم واعتمدتها الشعوب في حل نزاعاتها كشكل من إشكال إرساء العدالة، وعلى الرغم من تعدد أنواعها إذ نجد التحكيم، الوساطة الاتفاقية والصلح بالإضافة إلى التفاوض، إلا أن الغرض منها واحد وهو حل المنازعات بسرعة وسلاسة وتوفير كل من الجهد والمال على طرفي النزاع ونظرا لأهميتها فقد أطرها المشرع بمجموعة من القوانين، ومن بينها القانون 95.17 المتعلق بمدونة التحكيم والوساطة الاتفاقية (أولا) بالإضافة الى القانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة (ثانيا).
أولا: على مستوى القانون رقم 95.17 المتعلق بمدونة التحكيم والوساطة الاتفاقية.
نظم المشرع المغربي الوساطة والتحكيم من خلال قانون المسطرة المدنية بمقتضى القانون 08.05، وبعد ذلك تم تنظيم كل من التحكيم والوساطة الاتفاقية بمقتضى القانون رقم 95.17 وسمي بقانون التحكيم والوساطة الاتفاقية، فبقراءتنا للمادة الأولى من هذا القانون نجدها تنص على أنه: “يراد في مدلول هذا القانون بما يلي:
-” التحكيم”: عرض نزاع على هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق التحكيم؛
…-“رئيس المحكمة المختصة “: رئيس المحكمة الابتدائية أو رئيس المحكمة الابتدائية الإدارية، أو رئيس المحكمة التجارية أو من ينوب عنهم. “.
مما يفهم منها أن المشرع المغربي أعطى إمكانية فض النزاعات الإدارية بواسطة كل من التحكيم والوساطة الاتفاقية بالرغم من كون هذا النوع من المنازعات يمتاز بنوع من الخصوصية لكون الدولة طرفا فيها، كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي أعطى صلاحية فض النزاع بواسطة الوساطة أو التحكيم لرئيس المحكمة.
وبالرجوع إلى المادة 4 من القانون رقم 95.17 المشار اليه اعلاه نجدها تنص في فقرتها الرابعة وما يليها على أنه: ” يمكن إبرام عقد التحكيم ولو خلال دعوى جارية أمام المحكمة. إذا تم الاتفاق على التحكيم أثناء نظر المحكمة المختصة في النزاع، فعليها أن تحيل الأطراف إلى التحكيم، ويعتبر هذا الحكم بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب.
تصرح المحكمة في هذه الحالة، بالإشهاد على اتفاق أطراف النزاع على اللجوء الى التحكيم”.

فهل يمكن تصور فرضية إبرام عقد التحكيم بين الجهة نازعة الملكية والمنزوعة ملكيته؟ وحتى لو افترضنا ذلك فهل يمكن إعمال التحكيم على مستوى مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة؟
قبل التطرق لإمكانية إعمال التحكيم خلال هذه المسطرة يجب أن نميز أولا بين شرط التحكيم وعقد التحكيم؛ فشرط التحكيم هو الشرط الذي يتم الاتفاق عليه قبل قيام المنازعة وتتم الإشارة إليه في العقد الرابط بين الطرفين على أنه في حالة وقوع نزاع مستقبلا يتعلق بتنفيذ العقد يتم اللجوء الى التحكيم، ويمكن ان يتضمن شرط التحكيم تحديد الهيئة التحكيمية وغيرها من الامور التي من شانها تسهل عملية الفصل في المنازعة بعيدا عن القضاء.
وبخصوص إمكانية إعمال شرط التحكيم على مستوى مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ففي نظري لا يمكن تصورها؛ لكون قرار نزع الملكية ليس بعقد رابط بين نازع الملكية والمنزوعة ملكيته يخول لهما تضمين الشروط التي يرغبان بها وإنما الأمر يتعلق بمرسوم صادر عن الوزير المعني .
أما بالنسبة لعقد التحكيم؛ فهو ذلك الاتفاق المستقل الذي يكون بين أطراف المنازعة وتكون الغاية منه اللجوء الى التحكيم عوض القضاء لحل النزاع فيما بينهم، ويكون هذا الاتفاق لاحق للمنازعة وليس سابقا لها، وفي مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة يمكن تصور إبرام عقد التحكيم لحل منازعات مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة خلال المرحلة الإدارية والقضائية.
كما تجدر الإشارة أن النزاع المترتب عن مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة له خصوصية؛ ففي المسطرة العادية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة فالجهة نازعة الملكية هي التي تتحمل مصاريف التقاضي، فإذا كانت مسطرة نزع الملكية صحيحة يتم الحكم بنقل الملكية للجهة نازعة الملكية وبالتعويض للمنزوعة ملكيته مع تحميل الجهة نازعة الملكية المصاريف، ومنه فلإعمال التحكيم او أي وسيلة لفض النزاع خلال هذه المسطرة يجب أن تحترم بعض خصوصيات المنازعة ومن بينها المصاريف والتي يجب ان تبقى على عاتق الجهة نازعة الملكية، سواء خلال المرحلة الإدارية أو القضائية لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة لكون المنزوعة ملكيته يعتبر هو الطرف الضعيف وإذا تحمل المصاريف كيفما كانت سيكون اجحافا في حقه.
ومنه تبقى إمكانية اعمال الوسائل البديلة ممكنة في مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة لكن مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المنازعة.
بالإضافة إلى أن المشرع المغربي وسع من نطاق اعمال الوسائل البديلة لفض النزاعات وخاصة التحكيم والوساطة الاتفاقية، وأتاح إمكانية اللجوء إليها في حل النزاعات الإدارية، التي كان القضاء الإداري وحده الذي يملك صلاحية الفصل في منازعاتها.
ثانيا: على مستوى القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
الأصل أن المنازعات المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة تعرض على القضاء الإداري للبت فيها، وذلك من خلال رقابة القضاء الإداري على المسطرة القانونية لعملية النزع الجبري التي تشكل ضمانة للمنزوعة ملكيتهم، وكذا من خلال مراقبه لمشروعية مختلف القرارات ذات الصلة بالموضوع، من قبيل قرار إعلان المنفعة العامة ومقرر التخلي ، إذ يعد القضاء الإداري الساهر على حماية الملكية العقارية وحقوق المنزوعة ملكيتهم وذلك من خلال التدقيق في صحة المسطرة وفي مسالة التعويضات المقابلة لنقل الملكية باعتبارها نقطة حساسة.
فهل يمكن تصور اعمال الوسائل البديلة خلال مراحل مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة؟ وكيف تطرق القانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة لهذه الوسائل؟
بالرجوع إلى مقتضيات القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة نجده يتيح إمكانية فض النزاع بطرق ودية، وذلك من خلال الفصل 42 من القانون رقم 7.81 الذي ينص على أنه ” إذا اتفق نازع الملكية والمنزوعة ملكيته على الثمن الذي حددته اللجنة الإدارية للتقييم بعد نشر مقرر التخلي وعلى كيفيات تفويت العقار أو الحقوق العينية المنزوعة ملكيتها، فإن هذا الاتفاق الذي يجب أن يبرم طبقا لمقرر التخلي، يندرج في محضر أمام السلطة الإدارية المحلية التابع لها موقع العقار إذا كان المنزوع ملكيته يقيم بالمكان المذكور . أما إذا كان المنزوعة ملكيته غير مقيم بذلك المكان فإن هذا الاتفاق يبرم وفق مقتضيات القانون الخاص بواسطة عقد عرفي أو عدلي ويبلغ إلى السلطة الإدارية المحلية وتترتب عليه ابتداء من تاريخ إيداعه لدى المحافظة على الأملاك العقارية جميع الأثار المنصوص عليها في الفصل 37 وكذا سحب الدعوى عند الاقتضاء من قاضي نزع الملكية أو محكمة الاستئناف …” .
إن المنزوعة ملكيته في غالب الأحيان ينازع في قيمة التعويض الممنوح له والمقدر من طرف اللجنة الإدارية للتقييم، وبالجوع إلى مقتضيات الفصل أعلاه نجده يتيح إمكانية إعمال الطرق الودية، لكن باستقراء الفقرة الأولى منه نجدها تنص على أنه” إذا اتفق نازع الملكية والمنزوعة ملكيته على الثمن الذي حددته اللجنة الإدارية للتقييم…” فهل يفهم من هذه الجملة ان الثمن المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم غير قابل للنقاش وأن الاتفاق سيهم فقط كيفيات تفويت العقار والحقوق العينية المنزوعة ملكيتها؟ فإذا كان الجواب بنعم فعرض النزاع على القضاء الإداري سيكون أكثر ضمانا لحقوق المنزوعة ملكيته لأنه على الأقل له صلاحية مناقشة الثمن المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم بالإضافة إلى طلب اجراء خبرة لتحديد الثمن الحقيقي للعقار المنزوعة ملكيته. أما إذا كان الجواب ب لا وكان للمنزوعة ملكيته إمكانية مناقشة الثمن المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم فلا حرج في اللجوء للوسائل البديلة لفص النزاعات مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المنازعة التي تطرقنا اليها سابقا في إعمال هذه الوسائل والمتمثلة في جعل المصاريف على عاتق الجهة نازعة الملكية، وفيما يخص التحكيم اعمال عقد التحكيم وليس شرط التحكيم لكون إمكانية إعماله هذا الأخير غير متاحة في منازعات مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
اما إذا وافق المنزوعة ملكيته على التعويض المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم فيتم تفعيل مقتضيات الفصل 37 و42 وما بعده وتنهي مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة خلال المرحلة الإدارية.
فحل النزاعات بواسطة الوسائل البديلة سيسهل مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة وقد يساهم أيضا في التقليص من عدد القضايا المعروضة على القضاء الإداري بصفة خاصة، إلا أنه على المستوى العملي يصعب العمل بالوسائل البديلة في غياب نص تنظيمي يوضح كيفية إعمالها وتحديد شروط تطبيقها.
الفقرة الثانية: إعمال الوسائل البديلة خلال المرحلة الإدارية لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
إن المشرع المغربي من خلال ظهير 31 غشت 1914 وظهير 3 أبريل 1951 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت كان يلزم نازع الملكية بضرورة اللجوء إلى محاولة إبرام الاتفاق بالمراضاة، وكان استغناء الإدارة عن هذا الإجراء يعد سببا من أسباب تعييب المسطرة الإدارية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، أما في ظل القانون رقم 7.81 الخاص بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت فالمشرع المغربي لم ينص على ضرورة سلوك مسطرة الاتفاق بالمراضاة إذ تبقى للسلطة الإدارية صلاحية سلوك هذا الإجراء من عدمه.
ويعتبر الاتفاق بالمراضاة المحدد للتعويض عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة اختزالا للمرحلة القضائية للمنازعة، ويضع نهاية لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة وتترتب عنه جميع الاثار التي تترتب عن الحكم بنزع الملكية الذي يصدره قاضي الموضوع، وفي الاتفاق بالمراضاة يؤخذ بعين الاعتبار مكان اقامة المنزوعة ملكيته هل يقطن قريب من موقع العقار موضوع النزاع (1) أم خارج موقع العقار موضوع النزاع (2).
1: إقامة المنزوعة ملكيته في مكان العقار موضوع النزع
إذا كان الشخص المنزوعة ملكيته يقيم في المكان الكائن به موقع العقار المنزوع ملكيته، فيستدعى المعنيون بالأمر الى مقر السلطة المحلية وبإيعاز من السلطة نازعة الملكية، لأن السلطة المحلية تشرف على إجراءات التوقيع على محضر الاتفاق بالمراضاة الذي يتم إعداد مشروعه من طرف رئيس دائرة الأملاك المخزنية في أربع نظائر وفق النموذج رقم 22، ويقوم هذا الاخير بتوجيهها إلى الإدارة المركزية قصد تمكينه من القيام بالالتزام بالنفقة الذي يقدم اقتراحا بشأنه، وبمجرد التأشير على المقترح المذكور من طرف مراقب الالتزام بنفقات الدولة، يعمل رئيس دائرة الاملاك المخزنية على تسجيل محضر الاتفاق بالمراضاة ويهيئ ملفا بأداء التعويض عن نزع الملكية في أقرب الآجال بعد قيامه بإنجاز الإجراءات اللازمة لدى المحافظة العقارية، بحسب الوضعية القانونية للعقار ليسلم في النهاية محضر الاتفاق بالمراضاة للمالكين المعنيين.
2: إقامة المنزوعة ملكيته خارج موقع العقار موضوع نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
إذا كان الشخص المنزوعة ملكيته يقيم خارج مكان موقع العقار المنزوعة ملكيته يضمن الاتفاق بالمراضاة بشأن التفويت النهائي أو الحيازة في عقد عرفي، وهو ما جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط عدد 114 بتاريخ 30/01/2007 حيث جاء فيه أن “إبرام الطرفين نازع الملكية والمنزوعة ملكيته اتفاقا بالتراضي بمحض إرادتهما يحدد التعويض المناسب للقطعة المنزوعة ملكيتها، والمصادقة عليه أمام السلطة المحلية كما يوجبه الفصل 42 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة رقم 7.81، يكون والحال هذه ملزما لطرفيه ويضع حدا لأي منازعة قضائية”.
ويعد الاتفاق بالمراضاة حول التفويت والتعويض بمثابة عقد بيع تنتهي بمقتضاه مسطرة نزع الملكية إداريا، كما تترتب عنه نفس أثار الحكم الناقل للملكية وهو ما جاء في الفقرة الأولى من الفصل 42 من القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، إلى جانب وضع حد للدعوى إذا كانت مرفوعة، وهو ما قضت به المحكمة الإدارية بفاس في حكم لها جاء فيه: “وحيث إن الثابت من وثائق الملف المدلى بها من طرف المدعين ولاسيما منها محضر الاتفاق بالمراضاة أن المدعين قبلوا التعويض الممنوح لهم من طرف الإدارة.
وحيث أنه عملا بمقتضيات القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، فإن الاتفاق بالمراضاة على نقل الملكية وعلى التعويض المقابل لذلك يضع حدا لدعوى نقل الملكية إذا كانت مقامة ويغني هذا الاتفاق بالمراضاة عن اللجوء الى القضاء للمطالبة بنقل الملكية إذا لم تكن الدعوى قد رفعت بعد.
وحيث إن الاتفاق على نقل الملكية مقابل التعويض عنه بالتراضي هو عقد بيع بالمراضاة ولا يطعن فيه إلا لعيب من عيوب الرضى.”
وبعد إبرام الاتفاق بالمراضاة بين السلطة نازعة الملكية والمنزوعة ملكيته يتسلم هذا الأخير التعويض النهائي عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
إلا أن المشرع المغربي لم يوضح كيفية أداء هذا التعويض، فإذا رجعنا إلى مقتضيات الفصل 21 من قانون 7.81 نجده يحدد تعويضا واحد بالنسبة لمجموع قيمة العقار ، وإذا ما وجد حق عيني أصلي كحق الانتفاع، فصاحبه يمارس حقه في مبلغ التعويض إلى جانب مالك العقار، إلا أن الإشكال الذي يطرح هو رفض صاحب هذا الحق العيني تفويت حقه للجهة نازعة الملكية التي لا تستطيع توزيع المبلغ المحدد بين الطرفين ، والتي لا يبقى أمامها لتجاوز هذا الإشكال سوى إيداع مبلغ التعويض بصندوق الايداع والتدبير في انتظار حسم النزاع بين مالك العقار وصاحب الحق العيني، أما بالنسبة لذوي الحقوق العينية التبعية، فالمشرع في ظل المسطرة القضائية قد رتب على الاتفاق بالمراضاة الذي ينصب على نقل الملكية تطهير العقار من كل التحملات العقارية، ولا يبقى لأصحاب الحقوق العينية التبعية سوى الحق في التعويض كما أن قبولهم من عدمه للاتفاق بالمراضاة لا يؤثر في شيء على نقل ملكية العقار.
كما يطرح إشكال ايضا في كون الاتفاق بالمراضاة يعتبر عقدا، و أثاره نسبية لا تلزم إلا الأطراف المبرمة له دون المالكين الأخرين، سواء كانت الملكية فردية أم على الشياع، أي أن الأطراف الذين ليسوا طرفا في الاتفاق بالمراضاة فهو غير ملزم لهم.
لكن في حالة استمرار الخلاف بين أطراف نزع الملكية بخصوص التعويض أو الحيازة أو التفويت دون التوصل إلى اتفاق ودي، يجعل تدخل السلطة القضائية مسألة ضرورية لحماية الأطراف المنزوعة ملكيتهم من أي تعسف.
المطلب الثاني: أعمال الوسائل البديلة خلال المرحلة القضائية لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
يعد نظام نزع الملكية لأجل المنفعة العامة قيدا من القيود الواردة على حق الملكية؛ وهو بيع جبري للعقارات العائدة ملكيتها للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين لفائدة الدولة أو أحد المرافق التابعة لها أو المؤسسات ذات المنفعة العامة مقابل تعويض يدفع الى المنزوعة منه ملكيته، ويتم حل النزعات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة إما بالتراضي على التعويض المقترح من طرف السلطة نازعة الملكية، أو بواسطة حكم تصدره المحكمة الإدارية الواقع بدائرتها الترابية العقار المنزوعة ملكيته ، فكيف يمكن تصور إعمال الوسائل البديلة خلال هذه المرحلة؟ وجوابا على هذا السؤال سأقسم هذا المطلب الى (فقرة أولى) سأناقش من خلالها حالة عدم منازعة مالك العقار في الثمن المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم، أما (الفقرة الثانية) فستكون حول التصريح بالصلح أمام القاضي المقرر.
الفقرة الأولى: عدم منازعة مالك العقار في الثمن المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم.
يتم اللجوء إلى المسطرة القضائية لفض المنازعات الناتجة عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة في الحالات التي يرفض فيها مالك العقار الثمن المحدد من طرف اللجنة الادارية للتقويم، أو عندما يوقع المالك على محضر الاتفاق بالمراضاة من أجل الحيازة فقط، أو عندما يتقدم المالك أو المفروض أنه المالك إلى جلسة الوفاق دون أن يكون في حوزته ما يثبت تملكه للبقعة الأرضية المنزوعة ملكيتها، وتباشر المسطرة القضائية بوضع مقالين لدى المحكمة الإدارية المختصة:
– مقال من أجل الحصول على الحيازة لدى قاضي المستعجلات
– مقال من أجل نقل الملكية إلى السلطة نازعة الملكية لدى محكمة الموضوع.
وبعد أن يتم عرض النزاع على القضاء من طرف الجهة نازعة الملكية تتأكد المحكمة من الشروط الشكلية والموضوعية، ثم يتم إدراج الملف في الجلسة بعد تبليغ الأطراف بتاريخها وخلال هذه المرحلة يمكن للمنزوعة ملكيته أن يطالب بإجراء خبرة إذا كان يرى أن الثمن المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم لا يتناسب مع قيمة العقار وفي هذه الحالة تامر المحكمة بإجراء خبرة لتحديد قيمة العقار، ويتم اعتمادها بعد التأكد من نظاميها.
وفي بعض الأحيان يتوصل المنزوعة ملكيته بتاريخ الجلسة ويتخلف عن الجواب، ففي هذه الحالة تتأكد المحكمة من قانونية التوصل ومن الآجال القانونية المتطلبة في التبليغ ويتم البث في الطلب على حالته، حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط “…. وحيث انه ورعيا لما تضمنه محضر اللجنة الإدارية للتقييم من تحديد لقيمة العقار مقابل نزع ملكيته، بالنظر الى مختلف العناصر الضرورية واللازمة للتقدير وفق مقتضيات الفصل 20 من القانون 7.81 من تحديد لطبيعة العقار موضوع نزع الملكية ومواصفاته، وموقعه، وقيمة العقارات المجاورة والمماثلة له يوم نشر الإعلان عن نزع الملكية، وامام عدم منازعة الطرف المنزوعة ملكيته في التعويض المقترح رغم التوصل بالاستدعاء بصفة قانونية، فإن المحكمة تحدد التعويض المستحق للمدعي عليه عن نزع ملكية عقاره المذكور في مبلغ….” ، فعدم منازعة مالك العقار في الثمن المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم وعدم منازعته للجهة نازعة الملكية امام القضاء يمكن ان نعتبره بمثابة صلح بين الجهة نازعة الملكية ومالك العقار أي بمثابة صلح ضمني، فالصلح يتم اعماله بطريقة سهلة وبسيطة بعكس التحكيم والوساطة الاتفاقية، فبالرغم من النص على إمكانية اعمالهما لحل المنازعات الإدارية الا ان الصلح يبقى من الوسائل الأكثر اعمالا والأكثر فعالية لحل النزاعات بصفة عامة وعلى مستوى المنازعات الإدارية بالخصوص.

 

الفقرة الثانية: التصريح بالصلح امام القاضي المقرر.
يعتبر عقد الصلح وسيلة من الوسائل البديلة لفض النزاعات المنظمة في قانون الالتزامات والعقود وخاصة في الفصل 1098 منه الذي ينص على أن “الصلح عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقعان قيامه، وذلك بتنازل كل منهما للأخر عن جزء مما يدعيه لنفسه، أو بإعطائه مالا معينا أو حقا.”
والدعوى أو المخاصمة المقامة أمام القضاء ما هي إلا وسيلة من أجل حصول كل من المدعي والمدعى عليه على حقوقهما، وفي دعوى نزع الملكية تكون الجهة نازعة الملكية هي رافعة الدعوى وتطلب في الغالب بنقل الملكية مقابل التعويض المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم، و يتم تبليغ الطرف المدعى عليه فإذا تخلف عن حضور الجلسة بالرغم من توصله بصفة قانونية، اعتبر كأنه لم ينازع في المبلغ المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم، وفي بعض القضايا يحضر الطرف المنزوعة ملكيته ويصرح بكونه لا ينازع في الثمن المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم أو يصرح بأنه تم الصلح بينه وبين الجهة نازعة الملكية وفي هذه الحالة يتم الإشهاد بالصلح من طرف المحكمة وينتهي النزاع.

خاتمة:
وفي الأخير أود أن أختم بمقولة لبعض الفقه العربي” أمّن كان مظلوما وكان خصمه قويا كالإدارة فلابد من ملاذ يلوذ به ويتقدم إليه بشكواه ولا شيء أكرم للإدارة وأحفظ لمكانتها من أن تنزل مع خصمها إلى ساحة القضاء تنصفه منه وذلك أدنى إلى الحق والعدل وأبقى للهيبة والاحترام”، فالقضاء يعتبر الفيصل في حل المنازعات التي تكون بين الإدارة والمواطن، إلا أن للوسائل البديلة أيضا دور فعال في حل المنازعات وحتى على مستوى المنازعات الإدارية التي تكون الدولة طرفا فيها ويصعب تصور تنازل هذه الأخير عن بعض مصالحها لفائدة الطرف الاخر، ففي مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة نجد أن السلطة نازعة الملكية بالرغم من كونها ذات سلطة وامتياز إلا انها تتفاوض مع المنزوعة ملكيته وتقترح عليه تعويض معين فإذا قبل هذا الأخير بالتعويض تنتهي المنازعة.
وبالرغم من إقرار المشرع المغربي في القانون المتعلق بالوساطة والتحكيم لإمكانية اللجوء إلى الوسائل البديلة لفض النزاعات في المنازعات الإدارية إلا أن هذه الإشارة تبقى ضعيفة ومحتشمة ولا ترقى إلى مستوى إمكانية التطبيق والإعمال على المستوى العملي في غياب قانون تنظيمي يوضح كيفية إعمالها وتبقى الوسيلة الأكثر إعمالا هي الصلح، لذلك حبذا لو تم تنظيم وتحديد كيفية إعمال الوسائل البديلة على مستوى القضاء الإداري بشكل دقيق بواسطة نصوص واضحة وخالية من الغموض، بالإضافة إلى تحديد أشخاص محددين و أكفاء للقيام بمهمة الفصل في المنازعات الإدارية بواسطة الوسائل البديلة .
كما يحب ان تأخذ بعين الاعتبار خصوصية المنازعات الإدارية بصفة عامة قبل السماح بإمكانية إعمال الوسائل البديلة لحلها.
لائحة المصادر والمراجع.
المصادر:
– ظهير شريف رقم 1.81.254 صادر في 11 من رجب 1402 (6 ماي 1982)، بتنفيذ القانون رقم 7.81 المتعلق ينوع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 3 رمضان 1403 (15 يونيه 1983) ص 980.
– الظهير الشريف رقم 1.22.34 الصادر في 23 من شوال 1443 (24 ماي 2022) بتنفيذ القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 7099 بتاريخ 13 ذو القعدة 1443 (13 يونيو 2022)، ص 3579.
– ظهير الالتزامات والعقود.
الأطروحات الرسائل:
– الطيبي عبد القادر “دور القاضي الاداري في تقدير التعويض الناتج عن نزع الملكية ” رسالة لنيل دبلوم الماستر، جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا، السنة الدراسية 2013 2012/2013.
– الرجراجي زكرياء، حماية القضاء الإداري للملكية العقارية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة مولاي اسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية الاجتماعية بمكناس، السنة الجامعية 2016/2017.
– فتيحة السوسي “التعويض في ظل نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ” بحث نهاية التكوين الفوج 30،
– نورة عربي” نزع الملكية الخاصة من اجل المنفعة العامة بين التشريع ورقابة القضاء” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط، السنة الجامعية 2008-2009 .
المقالات.
– الزكراوي محمد، نزع الملكية لأجل المنفعة العامة بين مبدا المشروعية وعيب المشروعية” مقال منشور بالموقع الالكتروني https:// hazbane asso-web com
– نزع الملكية ” دفاتر المجلس الاعلى عدد 1-2000
عبد اللطيف أكدي، الحماية القضائية للملكية العقارية الخاصة من الاعتداء المادي؛ مقال بمجلة القانون والأعمال الدولية، الإصدار 43، دجنبر 2022/يناير 2023 ص 19 وما بعدها، منشور على الموقع الإلكتروني:
– https://www.droitetentreprise.com/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84/
الاحكام القضائية:
– حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط، ملف رقم 1010/7108/2023 بتاريخ 11 أكتوبر 2023، حكم غير منشور
– الحكم عدد 1708/99 الصادر بتاريخ 02/04/1999 في الملف رقم 2398/98 صادر عن المحكمة الإدارية بفاس، غير منشور.
– حكم عدد 114 بتاريخ 30/01/2007 ملف عدد 762/6/05، منشور بكتاب العربي مياد “الحق في التعويض العادل عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ص 218.
– حكم عدد: 3880 ملف رقم 146/7114/2023 صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط، غير منشور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى