جريمة التعذيب في القانون الدولي
إعداد
د. منى كامل تركي
مستشارة البحث العلمي جامعة الحياة
تقديم وتمهيد
خلق الله الإنسان وجعله خليفته في الأرض لقيم عليها أسس العدل والحق لقوله تعالى:﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾([1]) وقد عملت المواثيق الدولية والدساتير والقوانين الوطنية على تعزيز مكانة الإنسان وتوفير الحماية والصيانة التامة له باعتباره أساس المجتمع ، تحميه من التعسف والظلم وممارسة التعذيب بكافة أشكاله
فالتعذيب من أقصى صور انتهاكات حقوق الإنسان، ففيه اعتداء على حق الإنسان في السلامة الجسدية، وذلك من خلال إلحاق الآلام والمعاناة البدنية والعقلية وفقدان الحق في الحياة فضلاً عما في أساليب التعذيب من امتهان لكرامة الإنسان وإهدار لأدميته، وأمام ذلك الواقع من استمرار الانتهاكات الجسيمة التي تهدر الكرامة الإنسانية بذل المجتمع الدولي دوراً كبيراً في التأكيد على أن الحماية من استخدام التعذيب تمثل حق أساسي من حقوق الإنسان، كما حرصت الاتفاقيات الدولية على تحريم استعمال القسوة والعنف واستبعاد كافة الوسائل التي تحط من الكرامة الإنسانية وتحريم تعذيب الإنسان
إن دراسة موضوع جريمة التعذيب وحق الفرد في عدم التعرض للتعذيب يكتسب أهمية من الناحية القانونية نظراً لاستمرار ممارسات التعذيب واتساعها في المجتمع الدولي وخطورة الأثار الناتجة عنها سواء جسدية كانت أم نفسية تتمثل في تحطيم الشخصية الإنسانية، وانحراف للعدالة الجنائية عن مسارها الصحيح، فالتعذيب هو أحد أبشع انتهاكات حقوق الإنسان ومن الوسائل الوحشية التي يجب نبذها وحظر استخدامها على الإطلاق ومعاقبة كل من يلجأ لاستعمالها لأنها تحط من كرامة الإنسان وتؤثر على إرادته الحرة مهما كان العذر ولو كان ذلك الوصول إلى الحقيقة، فالتعذيب لا يقتصر على الناحية البدنية كالضرب والحرمان بل يتناول جميع النواحي النفسية والمعنوية التي لا حد لتأثيرها على إرادة المتهم وفي ظل وجود العديد من المنظمات الدولية والإقليمية التي تهتم بحقوق الإنسان
وتتمثل إشكالية الدراسة في طرح السؤال الرئيسي التالي: ما مدى فاعلية الحماية التي يوليها القانون الدولي لحق الإنسان في عدم التعرض للتعذيب؟ وهل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بجريمة التعذيب تحقق العدالة الجنائية لمنتهكين هذا الحق في العقاب عليها؟
وعلى ضوء هذه الإشكالية يمكن طرح عدة أسئلة فرعية والتي ستساعدنا في دراسة وتحليل جريمة التعذيب في إطار القانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي تحرمها والواقع الفعلي لتطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني على ضحايا هذه الجريمة: ما مدى تكييف قواعد القانون الدولي في فرض قيود وموانع على معاملة الأشخاص في عدم التعذيب؟ وما هي الأساليب والوسائل التي وضعها القانون الدولي لضمان حد التعذيب والتي توصف بأنها معاملات لا إنسانية في إطار الاتفاقيات الدولية؟ وما مدى فاعلية دور منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية في التنفيذ الرقابي المنوط بها للحماية من التعذيب؟ هل تعد فعالية هذه المنظمات مرهونة بعوائق تجعلها غير قادرة على مواجهة بعض الدول التي تقوم بانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان؟
وفي ضوء الإجابة على هذه الأسئلة يمكنا الوصول إلى الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها في هذه الورقة، التأكيد على حظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية الحاطة من قدر الإنسان في مجال القانون الدولي لما يشكله الحظر كجزء من القانون العرفي الدولي الذي يلزم كل عضو من أعضاء المجتمع الدولي لما إذا كانت الدولة قد صادقت على المعاهدات الدولية التي تحظر التعذيب صراحة أو لم تصادق عليها وتشكل ممارسة التعذيب على نحو منتظم وبشكل واسع النطاق جريمة ضد الإنسانية فان الخطر مضاعف اذا كان الخصم والحكم جهة واحدة لما يتوجب الحظر المطلق المفروض على التعذيب وغير ذلك من سوء المعاملة أو العقوبة الاجراءات التي تتخذها الهيئات الدولية ازاء دولة ما للتأكد من مدى التزامها بتنفيذ ما تعهدت والتزمت به في الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان والكشف عن انتهاكاتها ووضع مقترحات أو اتخاذ اجراءات لمنع هذه الانتهاكات
اعتمدنا في الدراسة على عدة مناهج المنهج الوصفي من خلال وصف الجريمة بين مختلف القوانين التي تثيرها الحماية من التعذيب وسبل المواجهة والمنهج التحليلي لما جاءت به النصوص القانونية الواردة ضمن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بجريمة التعذيب، وسوف نبحث هذه الجريمة
المبحث الأول
الإطار المفاهيمي لجريمة التعذيب وعناصرها في القانون الدولي
أكدت اتفاقية مناهضة التعذيب من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم 39/46 المؤرخ في 10ديسمبر 1984 في تأكيد مبدأ المسئولية الجنائية الفردية، وعدم جواز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب، ورتبت الاتفاقية التزاما على الدول الأطراف باتخاذ إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة لمنع التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي، وقد تضمنت كافة المواثيق الدولية أحكام حظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية الحاطة من قدر الإنسان في مجال القانون الدولي، والعالمي، والإقليمي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 5)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 7)، واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (المادة 3)، واتفاقية البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (المادة 5-2)، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (المادة 5)، والميثاق العربي لحقوق الإنسان (المادة 8) ([2])
أولاً: جريمة التعذيب إن الجريمة بصفة عامة في أبسط تعريف هي كل فعل أو امتنع عن فعل يخالف نص قانوني يقرر لها عقوبة ([3]) وقد عرف الفقه الجريمة بأنها سلوك إنساني بلغ حدا من الجسامة إلى حد الإخلال بالتزام يتعلق بكيان المجتمع ووجوده ويشكل استهجاناً للضمير البشري استوجب شموله بالجزاء الجنائي فالجريمة على الجانب الدولي هي فعل غير مشروع في القانون الدولي صادر من شخص ذب إرادة معتبرة قانوناً ومتصل على نحو معين بالعلاقة بين دولتين أو أكثر وله عقوبة توقع من أجله ([4]) وهي كل فعل أو سلوك مخالف لقواعد القانون الدولي، يتضمن اعتداء على القيم والمصالح الدولية يرتكبه اشخاص طبيعيون، أو مجموعة أشخاص سواء لحسابهم الخاص أو للمصلحة الدولية أو لمصلحة جماعية عرقية أو دينية التي يقر القانون الدولي بحمايتها ويقرر جزاءات عقابية لمنتهكيها ([5])
وقد أكد ذلك ميثاق الأمم المتحدة في المادة الأولى أن المصالح الدولية الجديرة بالحماية الجنائية تلك الأفعال التي تتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين ([6]) فكل اعتداء على مثل هذه المصالح المحمية يعد جريمة دولية خاصة وأن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد كلفت لجنة القانون الدولي بصياغة قانون يتضمن تجريم كافة الأفعال الماسة بهذه المصالح ووصفتها بأنها دولية، فالتعذيب يعني التعمد في تسبب الألم الشديد والمعاناة، سواء أكان بدنياً او فكرياً على شخص قيد الاحتجاز أو تحت سيطرة المتهم، على أن التعذيب لا يشمل الألم والمعاناة الناجمة عن العقوبات القانونية أو ذات علاقة بها، وبموجب القانون الدولي فإن التعذيب جريمة محظور تماماً وفق جميع الصكوك ذات الصلة، ولا يمكن تبريره في ظل أية ظروف وهو حظر يشكل جزءاً من القانون العرفي الدولي ويعني ذلك انه يلزم كل عضو في اعضاء المجتمع الدولي، دون اعتبار لما اذا كانت الدولة قد صادقت على المعاهدة الدولية التي تحظر التعذيب صراحة او لم تصادق عليها، وتشكل ممارسة التعذيب على نحو منتظم وبشكل واسع النطاق جريمة ضد الإنسانية ([7])
فقد ركز القانون الدولي على الجرائم باعتبارها وقائع ضارة بمصالح المجتمع الدولي لما ينتج عنها من أضرار جعلت التعذيب من أجدر مواضيع البحث القانوني وأخطرها لأنه يمثل عدم احترام القانون من قبل القائمين على تنفيذه، وعدم احترام السلطة للقانون، وبالتالي إن التعذيب جريمة بموجب القانون الدولي جريمة تؤدي إلى إفناء شخصية الضحية وإنكار الكرامة الكامنة لدى الكائن البشري وهو محظور تماماً ولا يمكن تبريره في ظل أية ظروف ([8])
ونصت المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على منع التعذيب وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة وفيما يتعلق بالبلدان العربية تحديدا ([9]) كما حظر البروتوكول الإضافي لاتفاقية جنيف الرابعة بصورة شاملة الاعتداء على حياة الأشخاص وصحتهم وسلامتهم البدنية أو العقلية ولاسيما القتل والمعاملة القاسية كالتعذيب أو التشويه أو أية صورة من صور العقوبات البدنية، غير أن أحكام البروتوكول الثاني لا تسري على حالات الاضطرابات والتوتر الداخلية مثل الشغب وأعمال العنف العرضية وغيرها من الأعمال ذات الطبيعة المماثلة التي لا تعد منازعات مسلحة ([10])
ثانياً: الركن المادي في جريمة التعذيب الدولية عرفت القواعد الدولية لحقوق الإنسان التعذيب على أنه كل فعل عمدي يصدر ذلك العمل عن عون الدولة أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية، بتحريض منه، برضائه أو بسكوته أو عندما يلحق مثل هذا الالم أو العذاب لأي سبب من أسباب التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها وهذه النقاط تشكل الأركان المكونة لجريمة التعذيب ([11]) فأركان جريمة التعذيب تنهض في ثلاثة أركان أساسية: الركن المادي، الركن المعنوي، الركن الدولي للجريمة وبهذا الركن تتميز بطابعها الدولي
الركن المادي: ويتمثل في سلوك الجاني وما يترتب عليه من أثار متمثلة في التعذيب وغيره من طرق وأشكال حيث لا يتصور أن تقع الجريمة بغير نشاط إيجابي أو سلبي وهذا النشاط يأخذ تعبير السلوك ليجمع في معناه الفعل والامتناع معاً ([12]) والذي يحقق به الجاني مخالفة للقاعدة القانونية أي الضرر الذي يهدد مصلحة محمية جنائياً على المستوى الدولي والذي يترتب عليه نتيجة إجرامية تربطها بالسلوك في صورته الإيجابية والسلبية علاقة سببية وبذلك ينهض الركن المادي في جريمة التعذيب
ويأخذ الركن المادي في جريمة التعذيب الدولية العناصر التالية
(1) السلوك: وهو النشاط الصادر عن الدولة من خلال فرد أو مجموعة من الأفراد من أجل تحقيق غاية إجرامية على نطاق واسع وممنهج، وتتجسد في اتخاذ أساليب معنوية تحط من كرامة الشخص ومن إنسانيته، وهو بذلك يشمل استخدام أحد أعضاء جسم الجاني الذي يحدث أثراً يتمثل في أي شكل من أشكال التعذيب، والثاني يمثل إحجام الإرادة عن الفعل المطلوب القيام به أي كان على الجاني واجب تجاه منع التعذيب ولكنه أحجم عن هذا السلوك ([13]) ويترتب على ذلك أثر يعاقب عليه القانون في صورة إحجام سلطات الدولة أو أحد تابعيها عن اتخاذ سلوك أو موقف معين كان من شأن القيام به الحيلولة دون وقوع النتيجة التي يجرمها القانون في جريمة التعذيب بدنياً أو نفسياً، ويأخذ السلوك ثلاث السلوك الإيجابي والسلوك السلبي المجرد، والسلوك الإيجابي ([14])
كل عمل عمدي ينجم عنه معاناة جسدية وعقلية شديدة؛ يتم من أجل الحصول من الضحية أو من الغير على معلومات أو اعتراف، تخويفه، معاقبته، أو الضغط عليه أو لأي سبب بدافع التمييز؛ فلا توجد قائمة محددة تورد الأفعال التي تشكل تعذيبا وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة، ولكن هناك عناصر تدخل في تعريف التعذيب تساعد على تحديد الأفعال المحظور ارتكابها أو الامتناع عن ارتكابها وترتبط هذه العناصر بالأسئلة المتعلقة بنوع الأفعال وهوية مرتكبيها وأسباب ارتكابها، فالفعل العمد هو كافة الأفعال المرتكبة عن قصد أو تلك التي يمتنع الشخص عن ارتكابها وعليه فإن الإحجام عن القيام بفعل ما أحيانا من قبيل الامتناع عن تقديم الطعام أو الماء للمحتجز أو منعه من الاستحمام أو الاتصال بالعالم الخارجي أن يفضي إلى ألم شديد أو معاناة كبيرة بما يجعلها أفعالا تُعد بمثابة التعذيب وإذا لم تشكل هذه الأفعال تعذيبا، فسوف تُعتبر بمثابة شكل من أشكال سوء المعاملة إذا ارتُكبت في سياق الحجز ([15])
(2) النتيجة الإجرامية: هي حقيقة مادية أو طبيعية مستقلة بكيانها الذاتي عن السلوك الإجرامي، وتتمثل فيما يحدثه هذا السلوك من تغيير يطرأ على العالم الخارجي، وينصب على المحل المادي للجريمة، كالنتيجة الإجرامية المتمثلة في أعال التعذيب والمعاملات اللا إنسانية في جريمة التعذيب والدليل على استقلال النتيجة عن السلوك يتمثل في الشروع في الجريمة ففي الشروع لا يحقق السلوك نتيجة إجرامية([16]) وفي إطار جريمة التعذيب الدولية تعتبر النتيجة القانونية عنصر جوهري في تحقق الركن المادي بغض النظر عن الآثار المادية لأنها تنطوي على مساس بمصلحة دولية محمية في القانون الدولي الجنائي كما أن النتيجة في جريمة التعذيب الدولية لها مدلول مادي يتمثل في الأثر الخارجي الذي يتجسد فيه الاعتداء على المصالح التي يحميها المشرع بمعنى ما يحدثه السلوك الإجرامي من تغيير مادي تدركه الحواس والمتمثل في فعل من أفعال التعذيب والمعاملات اللا إنسانية على نطاق واسع وبطريقة منهجية ([17])
(3) الرابطة السببية: وهي الرابطة بين السلوك الإجرامي الذي يمثل دور السبب والنتيجة الإجرامية والتي تمثل دور الأثر المترتب على هذا السبب، فإذا انتفت رابطة السببية بين السلوك والنتيجة فإن كان تحقيقها لا يرجع إلى السلوك الجاني فلا يمكن أن تقوم مسؤولية الجاني عن الجريمة ([18]) وفي إطار جريمة التعذيب الدولية من يطلق قنابل كيماوية إقليم معين، بقصد إهلاكه وتشويه المدنيين كلياً وجزئياً فتتحقق المسؤولية الجنائية كسلوك إجرامي، فجريمة التعذيب الدولية تنهض كاملة إذا تعمد الجاني على حرمان مجموعة من السكان من الحصول على الطعام والدواء، فإن كانت لا توجد رابطة بين الحصار (السلوك) والنتيجة بأفعال التعذيب بالمنع من الطعام والدواء فلا تنهض المسؤولية الجنائية ضد الجاني([19])
ثالثاً: صور الركن المادي في جريمة التعذيب الدولية الركن المادي عامة يكون في صورته التامة إذا باشر الجاني بمفرده السلوك الإجرامي وحقق نتيجته الإجرامية وهو الشكل الأصلي للركن المادي وتأخذ صور الركن المادي في جريمة التعذيب الدولية صورتان الشروع في جريمة التعذيب الدولية، والمساهمة في الجريمة الدولية
أولاً: الشروع في جريمة التعذيب الدولية: فالشروع بالجريمة وفقاً للقاعدة العامة يمر بثلاثة مراحل وهي مرحلة العزم على ارتكاب الجريمة، ومرحلة تجهيز الجريمة، ثم مرحلة تنفيذ الجريمة وإتمامها، ووفقاً لنظام روما الأساسي في المادة (25/2 / الفقرة ب) والتي نصت بالقول (يكون للمحكمة اختصاص على الأشخاص الطبيعيين عملاً بهذا النظام الأساسي، الأمر أو الإغراء بارتكاب أو الحث على ارتكاب جريمة وقت بالفعل أو شرع فيها) ومعنى ذلك أن المشرع الدولي قد استوجب لقيام تلك المرحلة اتخاذ خطوات ملموسة في سبيل تنفيذ الجريمة وتكون صعوبة المسألة في تحديد المراد بتلك الخطوات الملموسة
(1) مرحلة العزم على ارتكاب الجريمة: لا يعاقب القانون على مرحلة العزم لأنها فكرة نفسية داخل الشخص لم تخرج إلى العالم المحسوس، ولكن تمر مرحلة العزم وتتداخل معها مرحلتي التفكير والتصميم، وهما يخرجان من نطاق التجريم لأنهما محض إرادة فقط لا تخرج إلى العالم الملموس، ولكن القانون يعاقب على أفعال تؤدي ظاهرة مثل العقاب بتهديد نشوب نزاع أو التهديد بنذور فعل من أفعال التعذيب الداخلية ضمن الجرائم ضد الإنسانية ( مادة 7 من نظام روما الأساسي) كما يحد التحريض على العدوان أو إعداد خطة لارتكاب جريمة ضد أمن السلام تجاه دولة أخرى ([20])
(2) مرحلة التحضير للجريمة: وفي هذه المرحلة يعد الفاعل وسيلة لارتكاب الجريمة ويهيئ ظروف ارتكابها، فتلك المرحلة تنطوي على خطر يهدد بارتكاب الجريمة الدولية، ولذلك تعد الأعمال التحضيرية جديرة بالتجريم والعقاب للحيلولة دون وقوع الجريمة محل التحضير، وهذه الأعمال يكون لها تهديد على وشك الوقوع ولذلك يحرص المشرع الدولي على تحديد المسؤولية الجنائية ومثال ذلك جرائم التعذيب التي تندرج تحت جرائم الحرب (مادة 8 من نظام روما الأساسي) وتطبيقاً لذلك فقد نصت المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة على أنه يتمتع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأرض
(3) مرحلة تنفيذ الجريمة: وهي الانتقال من مرحلة التحضير والإعداد إلى مرحلة التنفيذ فتقع المسؤولية الجنائية عليه لإن الفاعل أتي فعلاً يهدد مصلحة محمية جنائيا على مستوى الجريمة الدولية فإن تحققت النتيجة الإجرامية في رابطة السببية مع سلوك الفاعل تحققت أركان الجريمة التامة ([21]) ، ومتى بدأ الجاني في التنفيذ فإن الشروع يتحقق وبالتالي يستوجب الأمر مجازاة مرتكبيها، والشروع في جريمة التعذيب الدولية في تعمد الجاني حرمان مجموعة من الأشخاص الذين هم تحت سيطرته من الطعام والدواء بغرض تدهور حالتهم الصحية، وإلحاقهم بالمعاناة الشديدة ، فحينما تتدخل المنظمات الدولية لتقدم الطعام والدواء والشراب وتقوم برعايتهم قبل تحقق النتيجة التي قصدها الجاني وتحول بالتالي دون تحقق النتيجة الإجرامية أو إصدار أمر بالتعذيب ولم يتحقق لظروف خارج إرادة الجاني كأن ينقطع التيار الكهربائي عن المكان ، وبالتالي فإن الشروع في القانون الدولي الجنائي معاقب عليه تطبيقاً لما ورد في نصوص القانون وقد سوى القانون في العقاب بين الجريمة التامة والجريمة المشروع فيها لأن كلاهما يعد مساس بحق أو مصلحة محمية جنائية ولاستقرار الأمن والسلام ( المادة 77/ من نظام روما الأساسي)
ثانياً: المساهمة في الجريمة الدولية: يقصد بالمساهمة الجنائية تدخل مقصود متى كان تدخلهم لا يستلزمه القانون لتجسيم النموذج القانوني للجريمة وتتحد بذلك أركان المساهمة الجنائية وهي ركن تعدد الجناة، ووحدة الجريمة، والركن المعنوي هنا يتمثل في قصد التدخل في الجريمة، وركن وقوع الجريمة محل المساهمة الجنائية التامة أو مشروعا فيهاً المادة (25 /1 من نظام روما الأساسي) ([22]) ، والمثال على ذلك في نطاق جريمة التعذيب الدولية في أشكال المساهمة عامة والتعذيب خاصة وهي التحريض والمؤامرة والمساعدة بجميع أشكالها تطبيقا للمادة (25/2/د من نظام روما الأساسي) بالإضافة إلى المادة(6 / من نظام نورمبرج) ويقابلها المادة(5/ من نظام طوكيو) وقد سوى المشرع الدولي بين جميع المساهمين أيا كانت الصورة في المساهمة التحريض، المؤامرة، المساعدة وذلك تطبيقا للمادة (25 /1 من نظام روما الأساسي)
الفاعل المعنوي: فإن المشرع الدولي لا يفرق بين الفاعل الأصلي والفاعل المعنوي فقد اتخذ موقفاً موحداً في التسوية بين الفاعلين في المساهمة في الجريمة الدولية وفي العقاب لغرض الخطورة التي تمثله الجرائم الدولية، وفي خطورة جريمة التعذيب بصفة خاصة، وخطورة المساهمين في جريمة التعذيب الدولية سواء على مستوى الدول أو على المستوى الداخلي من رؤساء وقادة ومرؤوسين ولدواعي الامن والاستقرار، ففي القانون الدولي الجنائي إن فكرة واجب الطاعة بين المرؤوسين والرئيس وجريمة التعذيب نجد مصدرها في الجرائم ضد الإنسانية ( المادة 7 / من نظام روما الأساسي) وفي جرائم الحرب ( المادة 8 / من نظام روما الأساسي)
والمثال الواقعي على ذلك ما حدث في ثورة ليبيا من إبادة الشعب الليبي، وما يحدث ومازال يحدث في سوريا من أفعال القتل الجماعي والتعذيب والمعتقلات وغيرها من الأفعال اللا إنسانية والحاطة بالكرامة الإنسانية، وما حدث قبل وأثناء ثورة 25 يناير في مصر لصد المتظاهرين وتفريقهم من أعمال القمع والاعتقالات ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وغيرها من أفعال قهر ومعاملة لا إنسانية
أما من حيث الاتفاق على جريمة التعذيب الدولية: فقد نجد إن الاتفاق هو تعادل إرادتي طرفيه ابتداء أو انتهاء وهو أمر معاقب عليه في القانون الجنائب الدولي لما يشمله من خطورة إجرامية ضد أمن وسلامة المجتمع الدولي وذلك تطبيقا للمادة (25 / من نظام روما الأساسي) وبالتالي تتساوى المسؤولية الجنائية في المساهمة بجريمة التعذيب الدولية سواء في التحريض أو المؤامرة أو المساعدة ولا فرق بين فاعل أصلي وفاعل معنوي فيها تطبيقاً لخطورة وجسامة الفعل الذي يهدد أمن وسلامة الأوطان([23])
المبحث الثاني
الركن المعنوي في جريمة التعذيب الدولية
فالجريمة الدولية لابد أن تصدر عن شخص ذي إرادة معتبرة قانوناً على نحو يقره القانون مع العلم بالنتائج، فالإنسان يعاقب لأنه مسؤول أدبياً عن أعماله التي ارتكبها بإرادته، وإن الإرادة الاثمة هي التي يعتمد عليها في إسناد التصرفات الإجرامية إليه وعقابه عنها، ولا تكون الإرادة الأثمة إلا إذا كانت مدركة، أي لديها قدرة التمييز بين الأفعال المحرمة والافعال المباحة، وأن تكون إرادة مختارة، أي لديها مكنة المفاضلة بين دوافع السلوك وبين الإقدام على ما هو مباح والإحجام عما هو محظور، فالإرادة الأثمة هي جوهر الخطأ الذي هو أساس المسؤولية الجنائية، وهو المعنى الحقيقي لمفهم الركن المعنوي، فهو يمثل الإدراك والإرادة نحو الواقعة الإجرامية، أو بمعنى أخر يقصد به كافة الصور التي تتخذها الإرادة في الجريمة عن عمد أو خطأ غير عمدي أو جريمة متعدية القصد، إلا إذا وجدت أسباب خاصة تمنع مساءلته جنائياً، أي هناك مانع من موانع المسؤولية الجنائية ([24])
أولاً: صور الركن المعنوي في جريمة التعذيب الدولية
القصد الجنائي: فعنصر العلم والإرادة سجلته المواثيق الدولية وأشارت إليه (المادة 30/ من نظام روما الأساسي) 1-مالم ينص على غير ذلك لا يسأل الشخص جنائياً عن ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة ولا يكون عرضة للعقاب على هذه الجريمة إلا إذا تحققت الأركان المادية مع توافر القصد والعلم، 2- لأغراض هذه المادة يتوافر القصد لدى الشخص عندما :أ) يقصد هذا الشخص، فيما يتعلق بسلوكه، ارتكاب هذا السلوك، ب) يقصد هذا الشخص، فيما يتعلق بالنتيجة، التسبب في تلك النتيجة أو يدرك أنها ستحدث في إطار المسار العادي للأحداث، 3- لأغراض هذه المادة تعني لفظة، العلم أن يكون الشخص مدركاً أنه توجد ظروف أو ستحدث نتائج في المسار العادي للأحداث، وتفسر لفظتا، يعلم أو عن علم تبعاً لذلك
القصد الخاص: فيجب أن ينصرف علم الجاني وإرادته ليس فقط إلى السلوك غير المشروع، وإنما إلى تحقيق النتيجة الإجرامية في تلك الجريمة، وهي المساس بسلامة جسم المجني عليهم وتعريض صحتهم للخطر الشديد، أو الوصول إلى حالة نفسية ومعنوية غير الحالة التي كانوا عليها قبل ذلك، إذن فالقصد العام لا يكفي في جرائم التعذيب الدولية، بل يجب أن يضاف إليه القصد الجنائي الخاص، الذي يتمثل في نية جريمة التعذيب في إحدى أشكاله وطرائفه، وذلك لانتمائها إلى عقيدة معينة أي يجب أن يستهدف الجاني غاية معينة وهذا هو جوهر القصد الجنائي
القصد الاحتمالي: سوى المشرع الدولي بين القصد الاحتمالي والقصد المباشر، والمثال على ذلك في حال اجاه إرادة الدولي في جريمة التعذيب الدولية إلى حصار مكان ما للضغط على المناهضين لنظام الدولة أو دولة أخرى بقصد إضعاف أجسادهم لعدم المقاومة، فيموت على أثر ذلك الأطفال الموجودين بهذا الإقليم، علماً بأن إرادة الجاني، الدولة المعتدية، لا تنصرف إلى قتل الأطفال، ولكن مجرد الحصار دون الطعام ودواء من شأنه أن يفضي إلى قتل الأطفال، ومن هنا يجب أن يسأل الجاني عن جرائم قتل عمدية ضد الأطفال ([25])
الخطأ غير العمدي: الأصل أن تكون الجريمة عمدية ولا يحتاج هذا الأصل إلى نص يصرح بهذا والاستثناء هو الخطأ غير العمدي إذن فلابد من وجود نص يجرم هذا الوصف لكل جريمة على حدة، ففي القانون الجنائي الدولي هناك تفاوت في العقاب ما بين العمد والغير عمد إلا أن الواقع العملي يرفض فكرة الخطأ غير العمدي ومثالاً لذلك قيام إحدى الدول بقذف مكان ما وأخطأت الهدف وذهب إلى مكان أخر ملئ بالمدنيين فهل يقبل الخطأ هنا أم لا يقبل؟ وكذلك إذا تم التأديب الجماعي وإهلاك أجساد المعتقلين البدنية والنفسية بغرض إقصاء مجموعة معينة فقط فيتعرض الجميع للهلاك
ثانياً: الركن الدولي وهو ما يميز الجريمة التعذيب الدولية عن سميتها الداخلية ويترتب على توافر هذا الركن إضفاء وصف الجريمة الدولية على جريمة التعذيب وبانتفائه ينتفي هذا الوصف وهذا الركن ينطوي على جانبين شخصي، وموضوعي، فالجانب الشخصي ويتمثل في ضرورة أن تكون الجريمة الدولية ترتكب باسم الدولة أو برضاء منها، فالشخص الطبيعي عندما يرتكب الجريمة الدولية لا يرتكبها لشخصه، وإنما بصفته ممثلاً لدولته وحكومته وقد ترتكب الجريمة الدولية بعلم أو طلب من الدولة أو باسمها أو بمباركتها وموافقتها، والجانب الموضوعي يتجسد في أن المصلحة المشمولة بالحماية لها صفة دولية، فالجريمة الدولية تقع مساساً بمصالح أو قيم المجتمع الدولي أو مرافقه الحيوية ([26]) ويظهر صور الركن الدولي في الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد أمن وسلامة البشرية
الجرائم ضد الإنسانية: وهو ما نصت عليه المادة (7 / من نظام روما الأساسي) وهي تفترض قيام دولة ما بناء على خطة مديرة وممنهجة باضطهاد مجموعة من الاشخاص بناء على أي سبب كان، أو ممارسة أفعال تعذيبيه ضد جماعات ذات مرجعية دينيه معينة وتهدف الدولة أو أحد أتباعها إلى القضاء على وجود تلك الجماعة قضاء تام أو جزئي، فالصفة الدولية هنا أفعال التعذيب المتكررة والممنهجة وضخامة عدد الضحايا، كما أن هذه الأفعال منطوية على خطر ضد الإنسانية
جرائم الحرب: وهو ما نصت عليه المادة (8/2/أ / من نظام روما الأساسي) وهي أفعال التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية، والمادة (8/3/ب / من نظام روما الأساسي) والمادة 1300 من اتفاقية جنيف الثالثة، وهي الجرائم الواقعة أثناء الحرب مثل قتل الأسرى وسوء معاملة المدنيين ويتوافر الركن الدولي هنا متى ارتكبت بناء على تخطيط وهجوم واسع النطاق
الجرائم ضد أمن وسلامة البشرية: وهي الجرائم التي تمس سيادة الدولة وسلامة إقليمها، وقد نصت المادة (21/ من مدونة أمن وسلامة البشرية لسنة 1991، على كل تعذيب يرتكب أو يأمر به بصورة منتظمة وعلى نطاق جماعي، فالركن الدولي هو التخطيط على ارتكاب جرائم التعذيب بصورة منتظمة ومتكررة وفي نطاق جماعي واسع، بحيث يهدد أمن وسلامة الوطن والبشرية
معاقبة مرتكبي التعذيب وسوء المعاملة: يتطلب ضمان معاقبة مرتكبي أفعال التعذيب وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة عند ارتكابها القيام بعدة خطوات فيجب أولا تجريم التعذيب وسوء المعاملة وفق أحكام القوانين الوطنية ولا يقتصر ذلك على ارتكاب أفعال التعذيب وسوء المعاملة وحسب، بل يتجاوزها إلى شمول جميع محاولات الشروع في ارتكاب التعذيب وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة أو التواطؤ بشأن ارتكابها أو المشاركة فيها وثمة مسؤولية واضحة تتحملها الدولة من خلال وجوب النص على العقوبات الملائمة لهذه الأفعال آخذة بالحسبان فداحة هذه الجرائم وطبيعتها ولذلك شدد المقررون المعنيون بمسألة التعذيب غير مرة على وجوب معاقبة التعذيب حاله كحال الجرائم الخطيرة الأخرى التي تعاقب القوانين الجنائية عليها وعليه فإن النص على اعتبار التعذيب جنحة وليس جريمة ([27])
كما هي الحال في معظم البلدان العربية، لا يتسق ومتطلبات اتفاقية مناهضة التعذيب كما ينبغي أن يستلزم ذلك توصيف أفعال التعذيب كجرائم تعذيب، لا أن يتم إدراجها تحت جرائم أخرى تنص القوانين الوطنية عليها من قبيل جرائم التسبب بالإصابة أو الأذى البدني
وتقع على السلطات العامة بما في ذلك الشرطة ومدراء السجون وموظفيها والحكام الإداريين وغيرهم مسؤولية ضمان احترام جميع الضمانات الوقائية والتحقيق في أي خروج عليها أو انتهاك لها من خلال هيئة مستقلة وإحالة المتهمين للمحاكمة التي تراعي ضمانات المحاكمة العادلة وفرض العقوبة المناسبة.
التعذيب كجريمة دولية فجريمة التعذيب جريمة خطيرة بحيث يتعين على المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولية التصدي لها بشكل جماعي، فالقانون الدولي ينص على مسؤولية واضحة تقتضي إما تسليم المتهمين بارتكاب جريمة التعذيب أو محاكمتهم جنائيا، وإن هذه المسؤولية مسؤولية عابرة لحدود الدولة، وبالإضافة إلى ذلك، يتيح مبدأ الولاية القضائية العالمية للدول إصدار تشريعات تتيح لها ممارسة هذا المبدأ، أو بعبارة أخرى، إصدار قوانين تجيز لها تفعيل ولاياتها القضائية على الجرائم التي تخالف أحكام القانون الدولي حتى لو ارتُكبت بحق أشخاص من غير مواطنيها أو على أراضٍ من غير أراضيها
الركن الشرعي : وقد أكد نظام روما الأساسي على مبدأ الشرعية في المادة(22) لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص بالقول (لا جريمة إلا بنص: 1-لا يسأل الشخص جنائياً بموجب هذا النظام الأساسي ما لم يشكل السلوك المعني وقت وقوعه، جريمة تدخل في اختصاص المحكمة، 2-يؤول تعريف الجريمة تأويلاً دقيقاً ولا يجوز توسيع نطاقه عن طريق القياس، وفي حالة الغموض يفسر التعريف لصالح الشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو الإدانة، 3-لا تؤثر هذه المادة على تكييف أي سلوك على أنه سلوك إجرامي بموجب القانون الدولي خارج إطار هذا النظام الأساسي)
لذا فإن الركن الشرعي ما هو إلا القاعدة القانونية التي تجرم السلوك وتحدد له جزاء جنائي لذلك لا يصح اعتبار قاعدة التجريم ذاتها ركناً في الجريمة، لأن دور قاعدة التجريم يقتصر على إضفاء الوصف أو التكييف القانوني على السلوك، وتحديد الجزاء الجنائي المقرر له، ولا يمكن أن تكون هذه القاعدة ذاتها ركناً في الجريمة إذ من غير المنطقي اعتبار قاعدة التجريم التي تنشئ الجريمة وتحدد الوصف القانوني لها والعقاب عليها وتكون لذلك مصدراً لها ركناً في الجريمة
ثالثاً: المسؤولية الجنائية الناشئة عن جريمة التعذيب الدولية ففكرة المسؤولية الجنائية الدولية والجزاء المترتب عليها نتيجة لتطور الفكر الدولي بغرض القضاء على الجرائم الدولية بصفة عامة والتعذيب بصفة خاصة، وجرائم التعذيب الدولية التي تقع من خلال جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، حيث أثبتت محكتما نورمبرج وطوكيو هذه القاعدة، حيث تمت محاكمة ومعاقبة مسؤول الجرائم المقترفة أثناء الحرب العالمية الثانية، ومن هذا المنطلق سعت الدول من خلال الأمم المتحدة على الصلاحيات المخولة للأمم المتحدة لاتخاذ التدابير اللازمة لضمان احترام حقوق الإنسان وحمايته من التعذيب بما في ذلك إنشاء محاكم جنائية دولية ومن خلال فكرة التطور للقضاء الدولي الجنائي تم إنشاء محاكم يوغسلافيا 1993، ورواندا 1994، والتي تختص بتحديد المسؤولية والجزاء في جرائم الحرب والمادة 3، و4، و5، والتي تعد جريمة التعذيب الدولية إحدى جرائمها
فوجود نظام لمحكمة جنائية دولية دائمة يتولى اختصاص النظر في الجرائم الدولية والعقاب عليها واستمرت المحاولات منذ عام 1989 ولصدور القر رقم 44/39 عن الجمعية العامة أنيط فيه بلجنة القانون الدولي حتى مؤتمر روما 1998، وبينت المادة(5) من نظام روما الأساسي اختصاص المحاكمة على الجرائم الأشد خطورة المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان، ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها المحكمة مبدأ لا جريمة إلا بنص مادة(22) ومبدأ لا عقوبة إلا بنص (مادة 23) كما تناولت المادة(25) المسؤولية الجنائية الدولية للفرد، وحددت المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء في نص المادة(28) من نظام روما الأساسي، فالمتفق عليه في فقه القانون الدولي أن المسؤولية المترتبة على الإخلال بقواعده تنحصر كقاعدة عامة في الالتزام بتعويض ما ترتب على الإخلال من أضرار وتطبيقاً لذلك فقد صدر حكم عن محكمة العدل الدولية في القضية المعروضة عليها بين بريطانيا وإسبانيا والمعروفة بقضية مضيق كورفو حيث قررت المحكمة أن التعويض يكون مستحق الأداء بمجرد الحكم بمسؤولية الدولة طبقاً لقواعد القانون الدولي العام ([28])
وتنشأ المسؤولية الدولية القانونية في حال قيام دولة أو شخص من أشخاص القانون الدولي بعمل أو امتناع عن عمل مخالف للالتزامات المقررة وفقاً لأحكام القانون الدولي ويترتب على تلك المسؤولية القانونية تطبيق جزاء على الشخص الدولي المسؤول فالمسؤولية الجنائية تقوم على الخطأ الذي يتجسد في سبق الإصرار أو عدم التبصر والحيطة، وتؤدي تلك المفاهيم والأنظمة القانونية الخاصة بإسناد التهمة إلى الجاني ومراحل اقتراف الجريمة والاشتراك في العقوبة، فلا تترتب المسؤولية الجنائية إلا على الافراد الذين يتصرفون باسم الدولة ولحسابها، وبالتالي فإن الاتهامات المختلفة الموجهة ضد المتهمين المتصرفين بصفتهم الرسمية في أعمال الحكومة يكونون محلاً للمسؤولية الجنائية في القانون الدولي ([29]) إذن المسؤولية الدولية القانونية هي تلك العلاقة القانونية لشخصين أو أكثر دوليين قوامها حدوث ضرر ما نتيجة فعل أو امتناع أو تحريض أو تهديد عن فعل صدر من شخص دولي وهو ملزم بالتعويض أو إصلاح الضرر
شروط قيام المسؤولية الدولية: وفقا للفقه الدولي يجب توافر ثلاثة شروط حتى نكون بصدد مسؤولية دولية وهي الواقعة المنشأة للمسؤولية الدولية أي صدور فعل من أحد أشخاص القانون الدولي سواء كان هذا الفعل يحظره القانون الدولي أو لا يحظره وفقا لنظرية المسؤولية الموضوعية، كما يلزم كشرط ثاني حدوث ضرر لأحد أشخاص القانون الدولي، أما الشرط الثالث فيتمثل في علاقة السببية بين الفعل والضرر
(1) الشرط الأول: الواقعة المنشأة للمسؤولية الدولية: ويقصد بذلك، الفعل غير المشروع دوليا أو حتى المشروع الذي يسبب ضررا لأي شخص من أشخاص القانون الدولي، كما يعبر عنه البعض بالعنصر الموضوعي للمسؤولية الدولية، ويمكن أن يكون هذا الفعل جريمة دولية كالانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والصورة الغالبة للواقعة المنشأة للمسؤولية الدولية هي الفعل غير المشروع، والذي يقصد به العمل المخالف أو غير المتفق مع قواعد القانون الدولي العام، الصادر عن أحد أشخاص هذا القانون سواء الدول أو المنظمات الدولية وحتى الأشخاص الطبيعيين كما يمكن أن تسأل الدولة على أساس نظرية المخاطر، إذا كانت الأفعال المرتكبة مشروعة لكنها تحدث أضرارا للغير، فيكون الفعل المشروع هو الواقعة المنشئة للمسؤولية الدولية، ويتم خرق الالتزام الدولي بإتيان تصرفات إيجابية أو الامتناع عن تنفيذ التزام تفرضه معاهدة دولية فهو أمر يؤدي إلى قيام المسؤولية الدولية في كلتا الحالتين([30])
اكدت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة على وجود المسؤولية الدولية على أساس عمل غير مشروع دوليا صادر عن دولة معينة يرتب مسؤولياتها وتكون نتيجة للإخلال بالالتزام القانوني المرتب للجزاء المتمثل في التعويض، وقيامها لابد من وقوع فعل يصلح في نظر القانون الدولي كأساس للمسؤولية أي وجود فعل غير مشروع سواء كان الفعل في صورة إيجابية أو سلبية من خلال الامتناع أو الترك عن عمد وأن تصح نسبة هذا الفعل إلى دولة أو دول ما وان يترتب على هذا الفعل ضرر بشخص من اشخاص القانون الدولي العام ([31])
(2) الشرط الثاني: شرط الإسناد في المسؤولية الدولية: المقصود بالإسناد نسبة الواقعة المنشأة للمسؤولية الدولية إلى أحد أشخاص القانون الدولي العام سواء دولة أو منظمة دولية، أما أعمال الأفراد أي الوقائع التي تنشئ المسؤولية الدولية وتنسب إلى أفراد عاديين فإن الدولة تسأل عنها في حدود وبشروط معينة بالنسبة لإسناد الواقعة المنشئة للمسؤولية الدولية للدولة أو أحد أجهزتها أو سلطاتها العامة فالقاعدة أن كل ما يصدر عن هذه الأجهزة ينسب للدولة على أساس أنها تتصرف باسمها، فلو تجاوزت هذه الأجهزة حدود اختصاصاتها التي سطرها لها القانون فإن الدولة هي التي تتحمل المسؤولية([32])
(3) الشرط الثالث: شرط الضرر في المسؤولية الدولية يقصد بالضرر كشرط من شروط المسؤولية الدولية المساس بمصلحة أو بحق مشروع لأحد أشخاص القانون الدولي العام، وهذا الضرر قد يكون ماديا أو معنويا، يصيب شخصا من أشخاص القانون الدولي سواء الدول أو المنظمات الدولية أو حتى الأفراد العاديين ، غير أن هناك رأي في الفقه الدولي لا يعتبر الضرر من شروط المسؤولية الدولية ، مبررا رأيه بأن معظم الاتفاقيات الدولية تتناول مجموعة من الالتزامات الدولية، دون أن تشير إلى الأضرار المادية التي تترتب على انتهاك هذه الالتزامات، ومع ذلك تقوم المسؤولية الدولية بمجرد انتهاك الالتزام الوارد بالاتفاقية([33])، إذ أن الضرر حسب رأيه يعتبر نتيجة محتملة لفعل دولي غير مشروع، وليس أحد عناصره، فأن مجرد ارتكاب فعل غير مشروع دوليا يترتب عليه المسؤولية الدولية، أما حدوث الضرر من عدمه فهو أمر مستقل، إذ أن الضرر واقع حكما بمجرد مخالفة الالتزام الدولي، وتحقق الضرر في الواقع مهم لإمكانية قيام التعويض من عدمه ([34])
صور المسؤولية الدولية: يمكن تقسيم المسؤولية الدولية إلى عدة أنواع حسب الزاوية التي ينظر منها إلى هذه المسؤولية
(1)المسؤولية الدولية المباشرة وغير المباشرة: تعتبر المسؤولية الدولية المباشرة الصورة الأصلية للمسؤولية الدولية، فتوجد هذه المسؤولية عند إخلال الدولة بشكل مباشر بأحد التزاماتها الدولية، والتي تصدر من الممثلين الرسميين للدولة كرئيس الدولة أو رئيس الحكومة، أو حتى الأفراد المفوضين من قبل تلك الدولة أو إحدى أجهزتها أو سلطاتها، أما المسؤولية الدولية غير المباشرة فتستلزم وجود رابطة قانونية بين دولتين إحداهما تتحمل المسؤولية الدولية بطريقة غير مباشرة عن عمل دولة أخرى، ويتجسد ذلك في حالة الدولة الفدرالية أو في حالة الوصاية أو الانتداب أو الاحتلال ([35])
(2) المسؤولية الدولية العقدية والتقصيرية: تنشأ المسؤولية الدولية العقدية عند إخلال الدولة بأحد التزاماتها التعاقدية والمجسدة خاصة في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تبرمها مع أشخاص القانون الدولي الأخرى، أما المسؤولية التقصيرية فتترتب عند ارتكاب الدولة لعمل أو الامتناع عن عمل يعد إخلالا بالتزام يفرضه القانون الدولي والمبادئ العامة والأعراف الدولية ([36])
(3) المسؤولية الدولية المدنية والمسؤولية الدولية الجنائية: وهو إتيان فعل يحظره القانون الدولي أو لا يحظره، متى رتب ضررا لأحد أشخاص القانون الدولي الآخرين، الأمر الذي يوجب فاعله بجبر الضرر أو التعويض، وقد تكون هذه المسؤولية عقدية أو تقصيرية، أما المسؤولية الدولية الجنائية بدأت فكرة المسؤولية الدولية الجنائية تظهر خاصة إثر الحرب العالمية الأولى التي تعتبر نقطة بدايتها، بسبب محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية، وتجسدت المسؤولية الدولية الجنائية أكثر بعد الحرب العالمية الثانية وبذلك يمكن القول أن المسؤولية الدولية الجنائية تثور عند انتهاك أحد أشخاص القانون الدولي أحكام هذا القانون مما يستوجب توقيع عقوبات جزائية عليه، إذا كان هذا الانتهاك يمس مصلحة عامة للمجتمع الدولي، أي أن المسؤولية الدولية الجنائية تقوم عند ارتكاب إحدى الجرائم الدولية حرصا على عدم إفلات المجرم من العقاب الرادع، خاصة وأن المبادئ القانونية العامة تقرر أنه لا عقوبة دون مسؤولية، لذلك فإن الفقه الدولي اعترف بوجود مسؤولية دولية جنائية كأساس لمحاكمة مرتكبي الجرائم شديدة الخطورة على المجتمع الدولي بما فيها الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني أي جرائم الحرب .
(4) المسؤولية الجنائية الدولية للقادة والرؤساء: ان قيام المسؤولية الدولية هو النتيجة المترتبة على التصرف الدولي وما ينتج عنها من ضرر مادي أو معنوي يصيب أحد أشخاص القانون الدولي وإمكانية اسناده إلى شخص من اشخاص القانون الدولي وتعد المسؤولية من المبادئ العامة للقانون ([37])
وبات موضوع المسؤولية الجنائية الدولية للقادة والرؤساء على درجة كبيرة من الأهمية وخاصة مع الأحداث التي شهدها ومازال يشهدها العالم الآن في كافة أرجائه فما حدث في البوسنة والهرسك وما حدث في راوندا من جرائم إبادة جماعية، وما يحدث في دارفور وفلسطين والعراق وسوريا وأفغانستان من جرائم دولية يقف وراءها عدد من القادة المدنيين والعسكريين
وهذه الأحداث تبين أهمية موضوع المسؤولية الجنائية الدولية للقادة والرؤساء حيث أنه إذا صدق المجتمع الدولي في وعده واستطاع محاكمة هؤلاء القادة عن طريق القضاء الجنائي الدولي، فإن وجه العالم سوف يتغير إلى الأفضل مع العلم أن الوصول إلى قضاء جنائي دولي مكتمل لقادة ورؤساء الدول يعد شيئاً شاقاً وشائكاً، وخاصة في ظل الظروف الحالية ولكن هذه الظروف لا تعود للإعفاء من العقاب أو حتى المسؤولية الجنائية مما يتطلب وقفة قانونية دولية للنظر في وضع قواعد قانونية لمحاكمة هؤلاء المسؤولين دون النظر إلى الحصانة باعتبار إن القيم الإنسانية فوق أية حصانة أو اعتبار وأن تهديد المجتمعات أمراً لا يمكن السكوت عليه لأن الشعوب ليست ملكاً لرؤسائها ليفعلا بهم ما يشاؤون وتقوم المسؤولية الجنائية ولا تعفى المرؤوس إطاعة الأوامر العليا، إذا عرف المرؤوس إن الفعل المأمور به غير قانوني أو كان بوسعه أن يعرف بسبب الطبيعة الغير قانونية الواضحة للفعل، فإن القانون الدولي يأخذ في الحسبان تصرفات أو أعمال الجنود الذين ينفذون الأوامر وتكون في إطار وحدات متسلسلة إداريا وعسكرياً لأن القانون يفرض التزامات محددة على الجنود لكن إطاعة الأوامر الصادرة من الرئيس الأعلى لا يمكن أن تكون مانعة من نهوض المسؤولية تجاه هؤلاء الجنود عند ارتكابهم لجرائم دولية فهي ليست من موانع المسؤولية أو العقاب وفقاً للقانون الدولي، بل يسألون عما ارتكبوه من جرائم وانتهاكات ([38])
الخاتمة
أكدت اتفاقية مناهضة التعذيب من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم 39/46 المؤرخ في 10ديسمبر 1984 في تأكيد مبدأ المسئولية الجنائية الفردية، وعدم جواز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب، ورتبت الاتفاقية التزاما على الدول الأطراف باتخاذ إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة لمنع التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي، وقد تضمنت كافة المواثيق الدولية أحكام حظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية الحاطة من قدر الإنسان في مجال القانون الدولي، والعالمي، والإقليمي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان
وخلاصة القول بعد كل ما سبق استعراضه من جهود فقهية وتعاريف صادرة بالمواثيق الدولية، ومن خلال العمل القضائي الدولي، يمكن القول إن الانتهاك الجسيم لقواعد القانون الدولي الإنساني يعتبر بمثابة جريمة حرب، والتي تتمثل في كل عمل غير مشروع صادر عن عسكري أو مدني خلال فترة النزاع المسلح الدولي أو الداخلي، يكون هذا الفعل مخالفا لقواعد القانون الدولي الإنساني العرفي أو الاتفاقي، وتثور بإتيانه فكرة المسؤولية الجنائية الدولية للفرد مرتكب السلوك المحظور
أولاً: النتائج
- التأكيد على حظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية الحاطة من قدر الإنسان في مجال القانون الدولي لما يشكله الحظر كجزء من القانون العرفي الدولي الذي يلزم كل عضو من أعضاء المجتمع الدولي لما إذا كانت الدولة قد صادقت على المعاهدات الدولية التي تحظر التعذيب صراحة أو لم تصادق عليها
- إن ممارسة التعذيب تشكل على نحو منتظم وبشكل واسع النطاق جريمة ضد الإنسانية فان الخطر مضاعف إذا كان الخصم والحكم جهة واحدة لما يتوجب الحظر المطلق المفروض على التعذيب وغير ذلك من سوء المعاملة أو العقوبة الاجراءات التي تتخذها الهيئات الدولية ازاء دولة ما للتأكد من مدى التزامها بتنفيذ ما تعهدت والتزمت به في الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان والكشف عن انتهاكاتها ووضع مقترحات أو اتخاذ اجراءات لمنع هذه الانتهاكات في جريمة التعذيب الدولية
- التعذيب كجريمة دولية خطيرة يتعين على المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولية التصدي لها بشكل جماعي فلكل شخص يزعم تعرضه للتعذيب الحق في تحرير شكوى بهذا الخصوص
- تقع على السلطات العامة بما في ذلك الشرطة ومدراء السجون وموظفيها والحكام الإداريين وغيرهم مسؤولية ضمان احترام جميع الضمانات الوقائية والتحقيق في أي خروج عليها أو انتهاك لها من خلال هيئة مستقلة وإحالة المتهمين للمحاكمة التي تراعي ضمانات المحاكمة العادلة وفرض العقوبة المناسبة
ثانياً: التوصيات
- يستلزم ذلك وجوب قيام السلطات المختصة بإجراء تحقيق محايد في أقرب فرصة كلما توافرت أسس تدفع إلى الاعتقاد بارتكاب التعذيب في الأراضي التابعة لنطاق الاختصاص القانوني لتلك السلطات (المادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب)
- ينبغي أن يكفل القانون الجنائي هذه الإجراءات أيضا وعدم الاقتصار على إدراجها ضمن الدعاوى المدنية للمطالبة بالتعويضات.
- ينبغي أن يتضمن جبر الضرر التعويضات المالية وإعادة التأهيل أو رد الاعتبار وتوفير ضمانات بعدم تكرار وقوع مثل هذه الحالات أو القضايا.
[1])) القرآن الكريم: سورة ص الآية رقم 26
[2])) قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3448 (30) بتاريخ 9/12/1975 الذي يجرم التعذيب وسوء المعاملة والاعتقال التحكمي، وقد قررت مجموعة العمل الخاصة التي شكلتها الجمعية العامة لهذا الغرض جرائم التعذيب من بين الجرائم ضد الإنسانية وأنه يجب ملاحقتها بواسطة المجتمع الدولي UN DOCAB1259 PAR 511 بتاريخ 8/10/1976
[3])) د. هشام مصطفى محمد إبراهيم: الحماية الجنائية للإنسان من التعذيب، في ضوء المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، الإسكندرية، دار المطبوعات الجديدة، ط1، 2014، ص 158
[4])) د. رمسيس بنهام: نظرية التجريم في القانون الجنائي، الإسكندرية، منشأة المعارف، ط1، بدون سنة، ص 15
[5])) د. أشرف توفيق شمس الدين: مبادئ القانون الجنائي الدولي، القاهرة، دار النهضة العربية، ط2، 1990، ص 38
[6])) وقـِّع ميثاق الأمم المتحدة في 26 حزيران/يونية 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية وأصبح نافذاً في 24 تشرين الأول/اكتوبر 1945
[7])) د. محمد محي الدين عوض: دراسات في القانون الدولي الجنائي، مجلة القانون والاقتصاد، العدد الأول، 1965، ص 379
[8])) د. محمود شريف بسوني: الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان، المجلد الاول، الوثائق العالمية، القاهرة، دار الشروق، ط1، 2003 ص695
[9])) المادة(5) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة 217 الف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الاول /1948، والمادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بموجب القرار 2200 الف (د-21) المؤرخ 16 كانون الاول /1966
[10])) تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب (رقم وثيقة الأمم المتحدة: A/66/268 ) 5 أغسطس/ آب 2011
[11])) د. هشام مصطفى محمد إبراهيم: الحماية الجنائية للإنسان من التعذيب، في ضوء المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، الإسكندرية، دار المطبوعات الجديدة، ط1، 2014، ص 146
[12])) د. جلال ثروت: نظرية الجريمة المتعدية القصد، الإسكندرية، دار الهدى للمطبوعات، ط1، 2005، ص 40
[13])) د. محمد حنفي محمود: جرائم الحرب أمام القضاء الجنائي، القاهرة، دار النهضة العربية، ط1، 2006، ص 173
[14])) د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، القاهرة، دار النهضة العربية، ط1، 2004، ص 161
[15])) د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، مرجع سابق، ص 166
[16])) د. جلال ثروت: نظرية الجريمة المتعدية القصد، الإسكندرية، دار الهدى للمطبوعات، ط1، 2005، ص 40
[17])) د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، مرجع سابق، ص 168
[18])) د. علي أحمد راشد: مبادئ القانون الجنائي، القاهرة، دار النهضة العربية،ط3، 1974، ص 278 وما بعدها
[19])) د. عبد القادر صابر: القضاء الجنائي الدولي، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 2005، ص 386
[20])) نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17تموز/ يوليه 1998، والتصويبات في 25 أيلول / سبتمبر 1998 و 18 أيار / مايو 1999
[21])) د. أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون العقوبات، القاهرة، دار النهضة العربية، ط 13، 2016، ص 386
[22])) المــادة (25) المسئولية الجنائية الفردية:1- يكون للمحكمة اختصاص على الأشخاص الطبيعيين عملاً بهذا النظام الأساسي، 2- الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسئولاً عنها بصفته الفردية وعرضة للعقاب وفقاً لهذا النظام الأساسي
[23])) د. حسنين عبيد: الجريمة الدولية، القاهرة، دار النهضة العربية، ط1، 1999 ، ص 115
[24])) د. حسنين إبراهيم صالح عبيد: الجريمة الدولية، القاهرة، دار النهضة العربية، ط1، 1979، ص 726
[25])) د. محمود نجيب حسني: النظرية العامة للقصد الجنائي، دراسة تأصيلية، مقارنة، مركز الركن المعنوي في الجرائم العمدية، القاهرة، دار النهضة العربية، ط8، 2018، ص 750
[26])) د. هشام مصطفى محمد إبراهيم: الحماية الجنائية للإنسان من التعذيب، مرجع سابق ص 186
[27])) د. حسنين إبراهيم صالح عبيد: الجريمة الدولية، مرجع سابق ص 726
[28])) د. محمد سامي عبد الحميد: أصول القانون الدولي العام، القاعدة الدولية، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، ط1، 2005، ص 354
[29])) د. رشاد عارف: المسؤولية الدولية عن أضرار الحرب، القاهرة، دار النهضة العربية، ط1، 2004، ص21
[30])) د. صلاح الدين عامر: تطور مفهوم جرائم الحرب في المحكمة الجنائية الدولية الموائمات الدستورية والتشريعية، إعداد المستشار شريف عتلم الطبعة الرابعة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2006، ص 121
[31])) د. حسام علي الشيخة: دراسة في المسؤولية الدولية، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية للأهرام، ط1، 2002، ص 22 وما بعدها
[32])) د. عباس هاشم السعدي، مسؤولية الفرد الجنائية عن الجريمة الدولية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2002، ص 106
[33])) د. حسام علي عبد الخالق الشيخة: المسؤولية والعقاب على جرائم الحرب ، مع دراسة تطبيقية على جرائم الحرب في البوسنة والهرسك، الإسكندرية، دار الجامعة الجديد للنشر، ط1، 2004، ص 28
[34])) د. صلاح الدين عامر: تطور مفهوم جرائم الحرب في المحكمة الجنائية الدولية الموائمات الدستورية والتشريعية، مرجع سابق، ص 748
[35])) د. وائل أحمد علام: مركز الفرد من النظام القانوني للمسؤولية الدولية، مرجع سابق ص 22
[36])) د. السيد أبو عطية: الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق، الإسكندرية، مؤسسة الثقافة الجامعية،ط1، 2000، ص 265-266
[37])) د. عوض محمد عوض: قانون العقوبات، القسم العام، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، ط1، 1998، ص 560
[38])) د. أمين مصطفى محمد: قانون العقوبات القسم العام، القاهرة ، دار النهضة العربية، ط1، 2009، ص 297