حل التنازع بين المعاهدات الدولية في القانون الدولي – الباحث : هشام الميموني طالب باحث بسلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، مختبر الدراسات السياسية والحكامة الترابية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – المحمدية، جامعة الحسن الثاني – الد ار البيضاء.
حل التنازع بين المعاهدات الدولية في القانون الدولي
Settlement of the conflict between treaties in international law
الباحث : هشام الميموني
طالب باحث بسلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، مختبر الدراسات السياسية والحكامة الترابية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – المحمدية، جامعة الحسن الثاني – الد ار البيضاء.
الملخص:
يعبر التنازع بين المعاهدات الدولية، عن الحالة التي لا تستطيع فيها الأطراف الدولية المتعاقدة الامتثال في نفس الوقت لالتزاماتها المحددة بمقتضى المعاهدات المتضاربة، بسبب وجود شبكة معقدة من المعايير الدولية التي تتعارض أحيانًا مع بعضها البعض، ولحل المسألة يجب التضحية بإحدى المعاهدات على حساب الأخرى. لذلك، تهدف هذه المقالة إلى دراسة مسألة حل التضارب بين المعاهدات الدولية في القانون الدولي، باستخدام المقترب الوصفي التحليلي. وفي هذا السياق، خلصت الدراسة، إلى أن هناك شروطًا ووسائل وقواعد مختلفة يمكنها معالجة التنازع بين المعاهدات الدولية بشكل فعال، أهمها بند التنازع الوارد في المعاهدات المتعارضة، واللجوء إلى آليات تسوية المنازعات بالوسائل السلمية، إضافة إلى تطبيق قاعدة المعاهدات اللاحقة تسود على المعاهدات السابقة، أو نقيضها، وأخيراً مبدأ سمو المعاهدات الأكثر تخصيصا وتيسيرا.
الكلمات المفتاحية: المعاهدات الدولية، التنازع، القانون الدولي، تنازع المعاهدات الدولية.
Abstract :
The conflict between international treaties is considered the situation where contracting parties cannot simultaneously comply with their obligations under conflicting treaties without sacrificing one over the other, due to the existence of a complex network of international standards that occasionally contradict each other. Therefore, this article aims to study the issue of resolving conflicts between international treaties in international law, using a descriptive-analytical approach. Within this context, the study concludes that there are different conditions, means, and rules that can effectively address conflicts between international treaties. The most important among them are the provisions regarding conflict found in the treaties themselves, resorting to mechanisms for peaceful dispute settlement, the application of the rule that the later treaty prevails over the earlier one and its opposite, and finally, the principle of favoring the more specific and facilitating treaties.
Keywords: treaties International, The Conflict, International Law, The conflict Between treaties.
المقدمة
منذ القرن التاسع عشر، تزايدت أهمية المعاهدات الدولية في الساحة الدولية على حساب العرف الدولي، وأصبحت مصدر رئيسي لقواعد القانون الدولي العام الذي يعد في الأصل قانون اتفاقي وإرادي، حيث المخاطبين بأحكامه أي الدول والمنظمات الدولية الحكومية هم أنفسهم من يصنع قواعده بممارساتهم المتواترة واتفاقاتهم الصريحة مهما كانت تسميتها. وبالتالي فالمعاهدات الدولية هي اتفاق دولي مكتوب في وثيقة أو أكثر، يبرم بين الدول أو المنظمات الدولية الحكومية أو هما معا من أجل تحقيق غايات أو تنظيم مسائل معينة، وفقا لقواعد القانون الدولي مهما كانت تسميته.
وتكتسب الاتفاقيات الدولية أهميتها في القانون الدولي العام، من كونها الأداة الأكثر فاعلية لتحقيق الاستقرار في الساحة الدولية عندما تكون أزمة أو خلاف بين الأطراف الدولية، وذلك لقدرتها على تنظيم مسألة الخلاف أو أي مسألة أخرى على نحو يعبر عن رضا الأطراف المتعاقدة، كما يمكن اللجوء إليها أيضا لتنمية العلاقات الودية وزيادة التعاون والتضامن الدوليين في مختلف المجالات، والقضايا ذات الاهتمام الدولي المشترك. إضافة إلى دورها البارز في تدوين قواعد القانون الدولي وتطويرها بما يواكب التغيرات التي تعرفها الساحة الدولية. ويرجع ذلك لاتسامها بالوضوح والدقة في تحديد حقوق والتزامات الأطراف الدولية المتعاقدة، وتعبير الأطراف بمحض إرادتها عن قبولها الحقوق والالتزامات المقررة بموجب المعاهدة. فبحكم طبيعتها التعاقدية، تعد المعاهدات الدولية صكوك أفقية ليس لها أولوية متأصلة على بعضها البعض إلا إذا نصت على ذلك.
لأهميتها في التوفيق بين المصالح حتى وإن كانت متضاربة، تلجأ الأطراف الدولية في بعض الأحيان إلى إبرام أكثر من اتفاقية في موضوع واحد، مع طرف أو أكثر، اتفاقيات أحيانا قد تتضمن في نصوصها أحكام متعارضة، لا يمكن تنفيذ إحداها دون انتهاك الأخرى، ما يدفعنا إلى التساؤل حول أي معاهدة ترجح أحكامها التي تتنازع مع أحكام معاهدة أخرى؟
يتفرع عن هذه الإشكالية التساؤلات الفرعية التالية:
ما مدى قدرة بند التنازع على حل التضارب بين المعاهدات الدولية؟
كيف تساهم الوسائل السلمية لتسوية المنازعات في حل التنازع بين المعاهدات الدولية؟
متى يتم تسوية التنازع بين المعاهدات الدولية من خلال قاعدة الاتفاق اللاحق يلغي السابق ونقيضها؟
أي مكانة لقاعدتي الاتفاق الدولي الأكثر تخصيصا وتيسيرا في حل التنازع بين المعاهدات الدولية؟
بما أن المعاهدات اللاحقة هي اتفاق دولي أبرم بموجب إرادة الأطراف الدولية، فإنها تنطبق حتى وإن تعارضت نصوصها مع اتفاقية قائمة. لكن أهمية المعاهدات كمصدر رئيسي للقانون الدولي، فإن أي اتفاق دولي لاحق يتعارض مع أحكامها يكون غير صحيح وقابل للبطلان.
تكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تعالج مسألة التنازع بين المعاهدات الدولية، وبيان أي معاهدة ترجح نصوصها على المعاهدات الأخرى التي تتنازع معها وفقا لقواعد القانون الدولي العام، بالاعتماد على المقترب الوصفي التحليلي.
وللإجابة عن الإشكالية الرئيسية للدراسة، سوف نعالج في المبحث الأول دور بند التنازع الوارد في المعاهدات الدولية، والوسائل السلمية لتسوية المنازعات في حل التضارب بين الأحكام المتعارضة، ثم نتطرق في المبحث الثاني إلى القواعد القانونية الدولية الخاصة بحل التنازع، المستمدة من مصادر القانون الدولي العام.
المبحث الأول: حل التعارض وفق بند التنازع وطرق تسوية المنازعات الدولية سلميا
يمكن للأطراف الدولية حل التنازع بين المعاهدات الدولية، بالاعتماد على الوسائل السلمية لتسوية المنازعات الدولية، من قبيل تفسير نصوص المعاهدات المتضاربة لحل التعارض بينها، أو الدخول في مفاوضات لتعديل نصوصها بما يفضي إلى حل التضارب، بالإضافة إلى ما يتضمنه بند التنازع من أحكام بخصوص علاقة المعاهدة بالمعاهدات الدولية الأخرى التي تعالج نفس المسألة.
المطلب الأول: تطبيق بند التنازع الوارد في الاتفاقيات الدولية المتضاربة
سوف نتطرق في هذا الفرع إلى حالات ترجيح بند التنازع المعاهدات الدولية، والتي يمكن تصنيفها إلى نصوص أعطت الأولوية إلى المعاهدات الدولية اللاحقة، وأخرى كانت الأولوية فيها للمعاهدات الدولية السابقة، أو الأكثر تخصيصا.
الفرع الأول: حالة ترجيح بند التنازع المعاهدات الدولية اللاحقة
تضمنت العديد من الاتفاقيات الدولية، بند يقر بأولويتها على المعاهدات السابقة التي عالجت نفس الموضوع أو القضية أو المسألة التي تطرقت لها، بصفة عامة أو خاصة، وورد ذلك بعبارات تقر بحلول المعاهدة اللاحقة محل المعاهدات السابقة، أو غلبة أو نقض أو مراجعة المعاهدة اللاحقة للمعاهدات القائمة. وهذا يعني أن المعاهدات اللاحقة تكون لها الأولوية على المعاهدات السابقة في حالة وجود خلاف في المضمون. ومن ذلك حلول اتفاقية الرياض العربية الموقعة في العام 1983، محل الاتفاقات الثلاثة المعقودة سنة 1952 في نظام جامعة الدول العربية، بشأن الإعلانات والإنابات القضائية وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين،[1] وحلول اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير المبرمة في العام 1949، في العلاقات بين أطرافها، محل أحكام الاتفاق الدولي المعقود في 18 مايو 1904 حول تحريم الاتجار بالرقيق الأبيض المعدل بالبروتوكول الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 ديسمبر 1948، وكذلك الاتفاقية الدولية المعقودة في 4 مايو 1910 حول تحريم الاتجار بالرقيق الأبيض المعدلة بالبروتوكول السالف الذكر، والاتفاقية الدولية المعقودة في 30 سبتمبر 1921 حول تحريم الاتجار بالنساء والأطفال المعدلة بالبروتوكول الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 أكتوبر 1947، والاتفاقية الدولية المعقودة في 11 أكتوبر 1933 حول تحريم الاتجار بالنساء البالغات المعدلة بالبروتوكول السالف الذكر، وتنتهي هذه الصكوك عندما تنضم جميع الدول الأطراف فيه إلى هذه الاتفاقية.[2]
وإقرار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 غلبة أحكامها على اتفاقية جنيف لقانون البحار الموقعة في 29 أبريل 1958.[3] كما أنهت المادة 56/1 من اتفاقية النقل البري الدولي المبرمة في العام 1975، اتفاقية النقل البري الدولي المبرمة في العام 1959، وحلت محلها بشأن العلاقات بين الأطراف المتعاقدة. ونقضت اتفاقية شيكاغو للطيران المدني المبرمة في العام 1944، معاهدة تنظيم الملاحة الجوية الموقعة بباريس في 13 أكتوبر 1919، ومعاهدة هافانا الموقعة بتاريخ 20 فبراير 1928 الخاصة بالطيران المدني. وكذلك حلول الاتفاقية الدولية لمنع التلوث في السفن لعام 1973، بمجرد نفاذها، محل الاتفاقية الدولية لمنع تلوث البحار بالزيوت لعام 1954 في صيغتها المعدلة،[4] كما تعد اتفاقية العمل الدولية المتعلقة بشأن الأجور وساعات العمل وأعداد العاملين على ظهر السفينة لعام 1946، مراجعة لاتفاقية ساعات العمل وأعداد العاملين على ظهر السفينة لعام 1926 فيما يخص المادة 28 منها.[5]
ومن خلال استقراء هذه العينة، يستنتج أن بند التنازع يرجح المعاهدة اللاحقة على المعاهدات السابقة، عندما تكون الاتفاقية اللاحقة بمثابة اتفاق شامل لكل المجالات التي تنظمها الاتفاقيات السابقة، التي اهتمت بمجال معين، ومن ذلك اتفاقيات التعاون القضائي الدولي التي تكون شاملة لمجمل مجالات التعاون القضائي الدولي التي من الممكن أن تبرم فيها الدول الأطراف اتفاقيات خاصة، مثل اتفاقية خاصة بتسليم المجرمين، واتفاقية خاصة بنقل المحكوم عليهم أو التعاون في مجال الإعلانات والانابات القضائية. أو أن الاتفاقيات اللاحقة تتضمن أحكام تعد تطوير للحقوق والالتزامات الواردة في الاتفاقيات السابقة، في إطار مواكبة التطور الذي تعرفه الساحة الدولية بخصوص موضوع المعاهدتين. كما يمكن أن يستند بند التنازع إلى مبادئ القانون الدولي، كمبدأ المعاملة التفضيلية في التجارة العالمية، والخصوصية الثقافية والاقتصادية.
الفرع الثاني: حالة ترجيح بند التنازع المعاهدات الدولية السابقة
نصت العديد من الاتفاقيات الدولية على سمو أحكامها في حالة ما إذا حصل تعارض بينها وبين أي اتفاق دولي لاحق، ونشير في هذا السياق إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي أكد على أنه في حالة ما إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وفقا للميثاق مع أي التزام دولي آخر، فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة بموجب الميثاق،[6] بذلك تكون السيادة لميثاق الأمم المتحدة على باقي الاتفاقيات الدولية الأخرى التي من شأنها أن تتعارض مع نصوصه، وهذا يعني أن ما ورد في الميثاق يعد بمثابة قواعد قانونية دولية آمرة لا يجوز مخالفتها، ويترتب على مخالفتها انعدام مشروعية المعاهدات المخالفة.[7]
إلى جانب ميثاق الأمم المتحدة، نصت العديد من الاتفاقيات الدولية على سمو أحكامها على أحكام المعاهدات المبرمة بين الدول الأطراف المتعاقدة لاحقا، ومن ذلك تأكيد اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ المبرمة في العام 2003 وبروتوكولاتها، على أن أحكامها لا تمس بأي حال من الأحوال بحق الأطراف في أن تبرم اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف، بما في ذلك الاتفاقات الإقليمية أو دون الإقليمية بشأن القضايا ذات الصلة بهذه الاتفاقية وبروتوكولاتها، شرط تتوافق تلك الاتفاقات مع التزاماتها بموجب هذه الاتفاقية وبروتوكولاتها.[8] وكذلك تأكيد الاتفاقية المعنية بحماية التراث الثقافي غير المادي المنعقدة بباريس في العام 2003، على أنه لا يجوز تفسير أي حكم من أحكامها المعنية بحماية التراث الثقافي غير المادي، على أنها تعدل وضع أو تخفض مستوى حماية الممتلكات المعلنة تراثا ثقافيا في إطار الاتفاقية الخاصة بحماية التراث الثقافي والطبيعي لعام 1972، والتي يرتبط بها عنصر من التراث الثقافي غير المادي ارتباطا مباشرا،[9] حيث منحت الاتفاقية المبرمة في العام 2003 الأولوية للاتفاقية السابقة المبرمة في العام 1972.
الفرع الثالث: حالة ترجيح الاتفاقية الأكثر تخصيصا
ورد بند التنازع في بعض المعاهدات الدولية في صورة نص يرجح سمو المعاهدات الأكثر تخصيصا على المعاهدات التي لم تتطرق بدقة للمسألة أو القضية التي حدث التنازع بشأنها، خلال ظروف معينة. ومن الأمثلة على ذلك، الاتفاقية الخاصة بإعادة البحارة إلى وطنهم الصادرة عن منظمة العمل الدولية، التي نصت على أنها لا تنطبق على البواخر الحربية،[10] وكذلك اتفاقية قمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات المبرمة في العام 1970، التي نصت على أنها لا تسري على أنشطة القوات المسلحة أثناء النزاعات المسلحة، ولا تسري أيضا على أنشطة القوات المسلحة لدولة تمارس واجباتها الرسمية، التي تنظمها قواعد أخرى من القانون الدولي.[11]
عدم ترجيح هذه الاتفاقيات، والإقرار بسمو وأولوية الاتفاقيات الدولية الأخرى الخاصة بالنزاعات المسلحة، وأنشطة القوات المسلحة، يرجع بالأساس إلى أن تطبيقها في المسائل التي أبرمت من أجلها، أي إعادة البحارة والاستيلاء غير المشرع على الطائرات، يكون خلال الظروف العادية فقط، أما في حالة نشوب نزاع مسلح حيث تدخل اتفاقيات القانون الدولي الإنساني إلى حيز التنفيذ، وبالتالي قد يحدث التعارض بينهما، فالغلبة لقواعد القانون الدولي الإنساني الاتفاقية، كونها تتضمن قواعد أكثر تخصيصا لتحديد الأساليب والأفعال التي ينبغي على الأطراف المتحاربة القيام بها، ومنها حماية المرضى والجرحى الغرقى في البحار، والأفعال التي لا يجب القيام بها، ومن ذلك عدم استهداف الأعيان المدنية والثقافية، خلال العمليات العسكرية المستندة إلى قاعدتي الضرورة العسكرية والتناسب لردع الخطر القادم.
المطلب الثاني: حل التنازع بين المعاهدات الدولية وفق الطرق السلمية لتسوية النزاعات الدولية
لتجنب تطوير التنازع بين المعاهدات الدولية إلى موقف أو نزاع دولي من شأنه أن يهدد الأمن والاستقرار والتعاون بين الأطراف الدولية المتعاقدة، يمكن حل المشكلة المترتبة عنه بخصوص أي معاهدة ترجح أحكامها على أحكام المعاهدات الأخرى، عبر الأليات الدبلوماسية أو الهيئات القضائية الدولية.
الفرع الأول: الطرق الدبلوماسية لتسوية التنازع بين المعاهدات الدولية
يمكن للأطراف الدولية المتعاقدة أن تحل ما يثار بينها من تضارب في الأحكام بخصوص المعاهدات الدولية التي ترتبط بها مع الأطراف الدولية الأخرى، بواسطة الطرق الدبلوماسية، وذلك إما بتفسير نصوص المعاهدات الدولية المتضاربة لتحديد معناها الصحيح، أو الدخول في مفاوضات لتعديلها بما يزيل التضارب فيما بينهما. فيما يخص تفسير نصوص المعاهدات الدولية للوقوف على المعنى الدقيق للنصوص المتنازعة، يمكن للتفسير أن يحل التنازع شرط أن يكون تنازع ظاهري غير حقيقي، أي تلك الحالة أو الواقعية التي يبدو فيها للوهلة الأولى أنها واقعة أو قضية تنطبق عليها أحكام واردة في أكثر من اتفاقية دولية، لوجود عامل مشترك لنفس الموضوع الذي تتناوله الاتفاقيات الدولية، في حين أن النص الواجب التطبيق واحد فقط. وبالتالي يتم تحديد الاتفاقية الدولية التي ترجح أحكامها على الاتفاقيات الدولية الأخرى. وهناك مجموعة من القواعد العامة والوسائل التكميلية التي تساعد الأطراف الدولية على تفسير المعاهدات الدولية لتحديد الاتفاقية التي تنطبق أو ترجح أحكامها، ومن ذلك أن تكون عملية التفسير بحسن نية ووفقا للمعنى الذي يعطى لألفاظها ضمن السياق الخاص بموضوعها والغرض منها، بالإضافة إلى نص المعاهدة، بما في ذلك الملاحق، وسياق المعاهدة، وأي اتفاق لاحق بين الأطراف، وكذلك المعنى الخاص لأي لفظ إذا ثبت أن نية الأطراف قد اتجهت إلى ذلك، وحتى الأعمال التحضيرية وملابسات عقدها.[12]
أما المفاوضات الدولية باعتبارها تبادل الرأي بين الدول بشأن مسألة ما، تعتبر في القانون الدولي والعلاقات الدولية من أبرز مسائل تسوية النزاعات والخلافات الدولية سلميا، ومنها ما يحدث بين الدول بخصوص التضارب بين المعاهدات الدولية، حيث تسهل على الأطراف الدولية تقيم الحجج أو القيام بشرح الظروف القاهرة أو الدوافع الملحة وذلك بغرض التوصل إلى إعادة الأمور إلى نصابها أو في أسوأ الاحتمالات إيجاد حل وسطي يرضي الأطراف.[13] من خلال جهود يبدلها ممثلو الدول المتنازعة للوصول الى حل وسطي لمصالح مشتركة ومتداخلة، وهذا يعني أن المفاوضات تكون كل ما يقف بين السلام والأزمات الدولية، إذا نجد أن السوابق الدولية جعلت من المفاوضات الخطوة الأولى التي يتم اللجوء إليها من جانب الدول في حالة نشوب نزاع بينهما، بهدف الوصول إلى حل بشأن ما يثار بين الأطراف من خلافات ونزاعات. وأهمية الطرق الدبلوماسية في تسوية الصعوبات الناشئة عن تطبيق الاتفاقيات الدولية، التي تتسع للتنازع والتضارب بين أحكام الاتفاقيات الدولية، أكدتها العديد من الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقيات التعاون القضائي الدولي، في مختلف المجالات.[14]
الفرع الثاني: إحالة القضية إلى القضاء الدولي لتحديد الأحكام التي تسمو
في حالة فشل الطرق الدبلوماسية في حل التنازع بين المعاهدات الدولية، يمكن للأطراف المتعاقدة اللجوء إلى القضاء الدولي لحل النزاع بينهما بخصوص الاتفاق الذي ترجح أحكامه، لأهمية القرارات الصادرة عن الهيئات القضائية، كمصدر احتياطي للفصل في المنازعات وفقا لقواعد القانون الدولي. وقد عرفت الممارسة الدولية العديد من حالات لجوء الدول إلى المحاكم الدولية لتسوية التنازع بين المعاهدات الدولية، ومن الأمثلة عل ذلك، فصل محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية الاتحاد الجمركي بين النمسا وألمانيا، عندما أقرت أن الاتفاق المبرم بين البلدين في 1931، يتنافى مع التزامات النمسا المقررة بموجب معاهدة فرساي وسان جيرمان لعام 1919، وبروتوكول 1922 المتصل بهما،[15] وهو ما يعني ترجيح أحكام هذه المعاهدات.
وفي القضية التي عرضت على محكمة العدل لأمريكا الوسطى، بخصوص مس اتفاقية بريان تشامور المبرمة بين نيكاراغوا والولايات المتحدة الأمريكية في العام 1913، بحق كوستاريكا في الملاحة بنهر سان خوان، المنصوص عليه في المادة السادسة من اتفاقية كافياس خيريز التي أبرمتها مع نيكاراغوا في العام 1858، ألزمت المحكمة نيكاراغوا بتعديل اتفاقية بريان تشامور، لانتهاكها حق كوستاريكا،[16] والانتهاك هنا جاء نتيجة التضارب في أحكام المعاهدتين.
المبحث الثاني: تسوية التنازع بين المعاهدات الدولية وفق قواعد القانون الدولي العام
في حالة ما إذا كانت الاتفاقيات التي تتعارض أحكامها، لا تتضمن أي نص يرجح إحداهما على الأخرى، أو وجود نص غامض أو نصيين يتصادمان يرجحان المعاهدتين معا، وفشلت الأطراف المتعاقدة في حل التنازع بالوسائل الدبلوماسية أو القضائية، يمكن تحديد الاتفاقية التي تحظى بالأولوية وفقا لقواعد القانون الدولي العام.
المطلب الأول: قواعد ترجيح أحكام المعاهدات السابقة أو اللاحقة
يمكن تسوية التنازع بين المعاهدات الدولية من خلال تطبيق قاعدة النسخ، التي بمقتضاها تسمو أحكام الاتفاقيات الدولية اللاحقة على الاتفاقيات الدولية السابقة، شرط أن يكون هناك تماثل موضوعي وشخصي بين المعاهدتين المتعارضتين، وكذلك قاعدة الاتفاق القائم يلغي الاتفاقيات الدولية اللاحقة التي تتعارض مع أحكامه.
الفرع الأول: تطبيق قاعدة الاتفاق الدولي اللاحق ينسخ الاتفاق الدولي السابق
بعض حالات التنازع بين المعاهدات الدولية يمكن تسويتها، من خلال تطبيق قاعدة الاتفاق الدولي اللاحق ينسخ الاتفاق الدولي السابق، أي تطبيق قاعدة النسخ التي يقصد بها رفع أو إلغاء حقوق والتزامات قائمة بموجب اتفاقية دولية، بحقوق والتزامات واردة في اتفاقية دولية لاحقة، عندما لا تعلن الأطراف المتعاقدة عن إنهاء أو تعليق الاتفاقية السابقة. وتجد هذه القاعدة سندها في المادة 30/3 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية، التي أكدت على أنه في حالة ما إذا كانت الأطراف في المعاهدة السابقة أطراف في المعاهدة اللاحقة دون أن تكون المعاهدة السابقة ملغاة أو معلقة، فإن هذه الأخيرة تنطبق فقط على الحد الذي لا تتعارض فيه نصوصها مع المعاهدة اللاحقة،[17] لأن إبرام دولتان معاهدة لها نفس موضوع المعاهدة السابقة، يعني ضمنيا انقضاء المعاهدة السابقة أو إيقاف العمل بها، وهذا يدل على أن الحقوق والالتزامات الواردة في الاتفاقية اللاحقة هي التي تسري في المسائل التي تعرف تنازع بين المعاهدتين.
وحظيت قاعدة الاتفاق الدولي اللاحق ينسخ الاتفاق الدولي السابق بتأييد من كبار فقهاء القانون الدولي، فقد اعتبر أغلب فقهاء القانون الدولي أن المعاهدات اللاحقة المتعارضة مع معاهدة سابقة بين نفس الأطراف – بغض النظر عن عددهم سواء كانوا كلهم أو بعضهم – تعد معاهدات صحيحة غير باطلة،[18]خاصة بين المعاهدات الثنائية – الثنائية، والمعاهدات الجماعية – الجماعية،[19] أما فيما يخص الأحكام القضائية – باعتبارها من أبرز المصادر التي تستمد منها قواعد القانون الدولي – المؤيدة لقاعدة اللاحق ينسخ السابق، نجد تأكيد الفقيه أو بالأحرى القاضي أنزيلوتي Anzilotti، في قضية كهرباء صوفيا التي عرضت على محكمة العدل الدولية الدائمة، على أن إلغاء الاتفاقيات السابقة وتعليقها المؤقت، يجب اعتباره نتيجة لبدء نفاد معاهدة لاحقة.[20] وفي قضية ارتباط الأرجنتين باتفاقية مونتيفيديو لعام 1879 واتفاقية بروكسل لعام 1910، وكلاهما ينص على قواعد متضاربة فيما يتعلق بالقيود الزمنية لمطالبات الاصطدام البحري، قضت المحكمة بأن قاعدة القانون اللاحق المنصوص عليها في المادة 59 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، مبدأ قانوني كلاسيكي، مفاده أن قانونا تشريعيا لاحقا سيحل محل القانون السابق.[21]
ويشترط في تطبيق هذه القاعدة أن يكون هناك تماثل موضوعي وشخصي بين المعاهدتين، فيما يخص تماثل المحتوى الموضوعي، يقصد به أن تتناول المعاهدة اللاحقة نفس الموضوع أو القضية أو المسألة التي عولجت في الاتفاقية السابقة، أو تتطرق للموضوع نفسه مع مواضيع أو مسألة أخرى، أي يجب أن تكون المعاهدات متتابعة ومتتالية، وهذا يوحي بأن التماثل الموضوعي يجب أن يكون تاما بين موضوعي المعاهدتين،[22] وفقا لذلك سيخرج من إطار تطبيق قاعدة الاتفاق اللاحق ينسخ الاتفاق السابق، التنازع بين المعاهدات الدولية التي لا يتحقق تماثل موضوعي تام بينها، ومن ذلك حالة التنازع بين معاهدات تنتمي لنظم قانونية قائمة بذاتها، أي التنازع بين المعاهدات البيئة والمعاهدات التجارية، والتنازع بين اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقيات القانون الدولي الإنساني. ويستوفى معيار التماثل الموضوعي في أحوال معينة، كأن تعقد الأطراف المتعاقدة معاهدة في مجال مصائد الأسماك، بينما تكون المعاهدة السابقة أبرمت لتنظيم مجالات متعددة، مثل مجال الزراعة والغابات ومصائد الأسماك. ولتحديد ما إذا كانت المعاهدتان المتنازعتان تتصلان فعلا بموضوع واحد أم لا، يجب تقييم ذلك من خلال تحديد ما إذا كان الوفاء بالتزامات المعاهدة اللاحقة، تؤثر على الوفاء بالالتزامات القائمة بموجب المعاهدة السابقة.
أما التماثل الشخصي، فيعني أن قاعدة الاتفاق اللاحق ينسخ الاتفاق السابق، تنطبق بين الدول الأطراف في الاتفاقيتين، ولا تسري على الدول الأطراف في الاتفاقية السابقة فقط، فلا تنطبق الاتفاقية اللاحقة على الدول الأطراف في الاتفاقية السابقة فقط. وبالتالي فالتماثل الموضوعي والشخصي على ضوء مبدأ تنفيذ المعاهدات الدولية بحسن نية، يعدان بمثابة قرينة دالة على النية الضمنية للأطراف المتعاقدة في إنهاء المعاهدة السابقة بإبرام معاهدة لاحقة، كما يعد الاتفاق اللاحق بمثابة تطوير المعاهدة لتواكب الظروف المتغيرة في الساحة الدولية. وتعد المعاهدات الدولية المتضمنة لشرط الدولة الأكثر رعاية، من الحالات التي يظهر فيها تأثير المعاهدة اللاحقة على المعاهدة السابقة، حيث تنطبق الاتفاقيات اللاحقة التي يتعهد فيها طرف دولي سواء كانت دولة أو تكتل اقتصادي دولي بمنح الطرف الأخر مزايا محددة. وهذا ما يجعل من تطبيق قاعدة الاتفاق اللاحق ينسخ الاتفاق السابق أقل تعقيدا لحل التنازع بين المعاهدات التي تنتمي إلى نفس النظام، من تلك التي تنتمي لنظم مختلفة.
الفرع الثاني: حالة سمو الاتفاقيات الدولية السابقة على الاتفاقيات الدولية اللاحقة
لا يمكن لقاعدة النسخ أن تحل جميع أنواع التضارب بين المعاهدات الدولية، في هذا الصدد يمكن أحيانا تطبيق نقيضها، أي سمو الاتفاقيات السابقة على اللاحقة. قاعدة أكدتها مواقف كبار الفقهاء والعديد من الأحكام القضائية. ويكون سمو المعاهدات السابقة على المعاهدات اللاحقة في حالة المعاهدات ذات الطابع الخاص، عندما يفهم منها أنها تنتزع من الدولة سلطتها في التصرف بشيء ما، وبالتالي فالمعاهدات التي تتضمن أحكام مخالفة لمعاهدة قائمة، تكون باطلة تلقائيا بحكم عدم الاختصاص، وينطبق الأمر ذاته على معاهدات التحالف العسكري التي تكون فيها التزامات الأطراف خاضعة لنظام موضوعي له الأولوية المطلقة،[23] وقد تثار مسألة ترجيح نصوص المعاهدات الدولية القائمة على الاتفاقيات التي تبرم لاحقا، في حالة المعاهدات المؤسسة للمنظمات الدولية والاتفاقيات التي تصدر عن أجهزتها لاحقا، حيث تعد المعاهدة المؤسسة للمنظمة الحكومية الاتفاق الموجه والمحدد لما ينبغي أن تفسره وتفصل فيه الاتفاقيات اللاحقة، فلا ينبغي للأطراف الأعضاء في المنظمة المتعاقدة الخروج عن الإطار الذي تحدده، ما يجعل من المعاهدة المؤسسة اتفاق إطاري ودستور للأطراف لا ينبغي الخروج عنه عند إبرام اتفاق لاحق. كما أيد جانب من فقهاء القانون الدولي أن المعاهدة اللاحقة باطلة لأنها متعارضة مع معاهدة سابقة،[24] ومن الأمثلة على ذلك اعتبار الفقهين Grotius وPufendorf، أن الغلبة تكون للحليف الأقدم.[25]
وعلى نفس المنوال، أكدت بعض الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية على سمو أحكام المعاهدات السابقة على أحكام المعاهدات اللاحقة التي تتعارض معها، وألزمت الأطراف المتعاقدة بالالتزامات السابقة، ومن ذلك اعتبار محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية الاتحاد الجمركي بين النمسا وألمانيا المعلن بموجب اتفاق بينهما في العام 1931، أن هذا الأخير يتنافى مع التزامات النمسا المقررة بموجب معاهدة فرساي وسان جيرمان لعام 1919، وبروتوكول 1922 المتصل بهما،[26] وفي قضية اوسكار تشين اعتبر القاضيان M. Schücking و Jonkheer van Eysinga أنه يمكن اعتبار معاهدة سان جيرمان لعام 1919 وبروتوكول 1922 لاغية وباطلة تلقائيًا باعتبار أن الأحكام الواردة فيهما تحيد عن ميثاق برلين لعام 1885، المؤسس لنظام دولي يقلل بشكل كبير من خطر النزاعات الدولية.[27] وحكم محكمة العدل الامريكية الذي ألزم نيكاراغوا بتبديل المعاهدة التي أبرمتها مع أمريكا، المناهضة لمعاهدات أبرمتها نيكاراغوا مع سلفادور وكوستاريكا، بجميع الوسائل الممكنة لتتمكن من احترام المعاهدات السابقة التي أبرمتها مع الدول الأخرى.[28] وعندما اتفقت فرنسا وسويسرا على عرض مسألة بينهما على محكمة العدل الدولية الدائمة، لكن اتفقوا على أمور مخالفة للنظام الأساسي، فقد عبر المحكمة عن موقفها من هذا الاتفاق بوضوح، معلنة أن النظام الأساسي بمثابة قاعدة دستورية في التشريع الدولي، يجب على جميع الدول أن تحترمه وتعترف بتفوقه على جميع الاتفاقات الأخرى.[29] ومن الأمثلة الحديثة لترجيح القضاء الاتفاقيات الدولية السابقة على الاتفاقيات الدولية اللاحقة، قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية ماثيوز والأمير هانز آدم الثاني ملك ليختنشتاين ضد ألمانيا، حيث أعطت المحكمة الأولوية للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على المعاهدات المتضاربة اللاحقة.[30]
استنادا إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، فإن هذه المواقف الفقهية والأحكام القضائية، تؤسس لقاعدة قانونية دولية لحل النزاعات الدولية التي من شأنها أن تنشأ بين الدول الأطراف في المعاهدات المتضاربة، لتحديد المعاهدة التي تسمو أحكامها على أحكام المعاهدات الأخرى، التي تنطبق في الحدود التي لا تتعارض معها إن لم يتم إلغاؤها. وبالتالي فإن التنازع الذي يحصل بين المعاهدات ذات الطابع الخاص التي لا تتضمن بند التنازع أو يكون هناك تصادم بين البندين، ولا يمكن تطبيق قاعدة الاتفاق اللاحق ينسخ الاتفاق السابق، يمكن تسويته من خلال قاعدة الاتفاقيات الدولية السابقة تسمو على اللاحقة.
المطلب الثاني: ترجيح أحكام الاتفاقيات الدولية الأكثر تخصيصا وتيسيرا والاصلح
لا توفر قاعدة الاتفاق اللاحق ينسخ الاتفاق السابق ونقيضها، اليقين لحل التنازع بين المعاهدات الدولية، حيث يمكن تسوية بعض الحالات من خلال تطبيق قاعدة الاتفاقيات الدولية الخاصة تسود على الاتفاقيات الدولية العامة، أو الاتفاقية الأصلح للأطراف المخاطبة بأحكامها.
الفرع الأول: تطبيق الاتفاق الأكثر تخصيصا ودقة على الاتفاق العام
تعتبر قاعدة الخاص يقيد العام من القواعد القانونية المعروفة في المجال القانوني، ويقصد بها أنه في حالة ما إذا كان تعارض بين نصين قانونين، الأول ينظم مسألة ما أو موضوع معين بشكل خاص ودقيق، والثاني تطرق للمسألة بصفة عامة أو عرضية، ترجح أحكام القانون الخاص على القانون العام، ويفيد هذا المبدأ أنه كلما تناول معياران أو أكثر الموضوع نفسه، وجيب إعطاء الأولوية للمعيار الأكثر تحديد، سواء تعلق الأمر بأحكام معاهدة واحدة، أو بين أحكام معاهدتين على الأقل. وبتطبيق القاعدة على التنازع بين المعاهدات الدولية في القانون الدولي، يستنتج أنه في حالة عدم وجود بند الأسبقية أو الإلغاء، أحيانا تكون المعاهدة السائدة هي المعاهدة الأكثر تحديدا،[31] أي الاتفاقيات الدولية الخاصة تقيد وتسمو على الاتفاقيات الدولية العامة، والأساس المنطقي لهذا المبدأ، هو أن القانون الخاص يتسم بطابع ملموس أكثر، وغالبا ما يراعي السمات الخاصة للسياق الذي ينطبق عليه أفضل من أي قانون عام منطبق، كما أن تطبيق القانون الخاص كثيرا ما يؤدي إلى نتيجة أنصف ويعبر عن نحو أفضل عن نية أشخاص القانون.[32] وترجيح الاتفاقيات الخاصة لا يؤدي عادة إلى بطلان الاتفاقيات العامة، التي تظل منطبقة وصالحة وفقا لمبدأ المواءمة في الحدود والحالات التي لا يشملها القانون الخاص.
وتستمد قاعدة الخاص يقيد العام، أساسها القانوني لتسوية التنازع بين المعاهدات الدولية من كونها مبدأ عام تعترف به مختلف التشريعات الوطنية، بغض النظر عن طبيعة النظام القانوني الذي تنتمي إليه، وتضمنته العديد من المعاهدات الدولية، ومن الأمثلة على ذلك، تأكيد المادة 1 من الاتفاقية الخاصة بإعادة البحارة إلى وطنهم الصادرة عن منظمة العمل الدولي في العام 1926، على أنها لا تنطبق على البواخر الحربية، والقصد هنا أنها لا تسري على البواخر الحربية خلال النزاعات المسلحة التي يحكمها القانون الدولي الإنساني، ثم اتفاقية قمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات لعام 1970، التي نصت في المادة 3 مكرر الفقرة 2، على أنها لا تسري على أنشطة القوات المسلحة أثناء النزاعات المسلحة، باعتبار القانون الدولي الإنساني هو المنظم لتلك الأنشطة خلال النزاعات المسلحة، ولا تسري هذه الاتفاقية أيضا على أنشطة القوات المسلحة لدولة تمارس واجباتها الرسمية، بقدر ما تنظمها قواعد أخرى من القانون الدولي. ويرى بعض شراح القانون الدولي أنه في حالة إذا كان التنازع بين معاهدة دولية جماعية ومعاهدة ثنائية، فإن الغلبة تكون للمعاهدة الثانية، فإذا ما تم الاتفاق بين دولتين على التسهيلات التجارية بينهما، وكان هذا الاتفاق يتعارض مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية، يطبق الاتفاق الثنائي ويضحى باتفاق منظمة التجارة العالمية، وإذا كان التنازع بين اتفاقية دولية عالمية واتفاقية إقليمية، تطبق الاتفاقية الإقليمية، إلا في الحالات التي تمنع الاتفاقية الجماعية الاتفاق على خلافها.[33]
ويستثني من تطبيق قرينة قاعدة التخصيص التي تعد من أبرز أساليب التفسير وحل المنازعات في القانون الدولي، الحالات التي تتضمن نص يقر صراحة بعدم جواز تقييد الاتفاقيات العامة، أو عندما تبرز أولويتها من اعتبارات أخرى. كما هو الحال بالنسبة للحالة التي يؤثر فيها تطبيق قاعدة التخصيص سلبا على الأطراف المستفيدة، أو عندما يبطل تطبيق الاتفاقية الخاصة غرض الاتفاقية العامة، أو إذا كان توازن الحقوق والواجبات المقررة في القانون العام سيتأثر بالقانون الخاص.[34] وعليه، فقاعدة التخصيص تعد قاعدة مفيدة في حل التنازع بين المعاهدات الدولية الناشئة داخل نظام معين، تنطبق عندما تتناول الاتفاقيات العامة والاتفاقيات الخاصة الموضوع نفسه، أما الاختلاف في الموضوع يحد من قدرتها على حل التنازع بين المعاهدات الدولية.
الفرع الثاني: ترجيح الاتفاقية الدولية الأصلح والأكثر تيسيرا
بعض حالات التنازع بين المعاهدات الدولية، يمكن تسويتها من خلال تطبيق قاعدة الأولوية تمنح للالتزامات والحقوق الأصلح والأكثر تيسيرا بدل الحقوق والالتزامات الدولية الأخرى، شرط ألا يكون هناك بند خاص بشأن تسوية التضارب بينهما، قاعدة تجد لها تطبيق في المعاهدات الدولية الخاصة بالتعاون القضائي في مختلف الميادين الجنائية والإدارية والتجارية وحتى الأحوال الشخصية، حيث تنظم الاتفاقيات الدولية التعاون القضائي في مجال تسليم المجرمين ونقل المحكوم عليهم، وفي المساعدات القانونية والانابات القضائية والشكايات الرسمية وغيرها من مجالات الأخرى.
وعندما يكون التضارب بين الأحكام المتعلقة بحماية مصلحة لفئات أو جهات معينة، يمكن تطبيق قاعدة الأصلح، أو بالأحرى تكون الأسبقية والسمو للأحكام الأصلح، كتطبيق القواعد التي تقر حماية أشمل لفئات معينة على الأحكام التي تقرر حماية أقل، فالمصلحة والغاية تستدعي في بعض الأحيان ترجيح اتفاق يقرر عقوبات أو التزامات أخف، أو حماية وحقوق أوسع. والاتفاقية الأصلح هي الاتفاقيات التي تتضمن أحكامها أو تنشئ للمتهم أو المجرم أو الفئات الهشة وحتى الدول الأطراف فيها، مركزا أو وضعا يكون أصلح لهم، مما تتضمنه الاتفاقيات الدولية الأخرى. لأن القانون الأصلح يعد من ضوابط الشرعية القانونية، وضمانة مستقلة لحماية الحقوق، سيما حقوق المتهم. وهي قاعدة تناولتها أغلب التشريعات الوطنية وكفلتها المواثيق الدولية كمبدأ عالمي، ومن الأمثلة على ذلك اتفاقية تسليم المجرمين الموقعة بين دول الجامعة العربية في العام 1953، التي نصت على أنه في حالة تعارض أحكامها مع أحكام الاتفاقيات الثنائية المرتبطة بها دولتان من الدول المتعاقدة، تطبق هاتان الدولتان الأحكام الأكثر تيسرا لتسليم المجرمين،[35] ومن جانبها نصت اتفاقية العمل الدولي رقم 175، على أنها لا تمس بالأحكام الأكثر ملائمة التي تنطبق على العاملين بعض الوقت بمقتضى اتفاقيات عمل دولي أخرى.[36]
الخاتمة
باعتبارها اتفاق دولي يبرم بين الدول أو المنظمات الدولية الحكومة أو هما معا بإرادتهما الحرة والمتساوية، لتحقيق أهداف معينة، تعد المعاهدات الدولية صكوك دولية أفقية ليس لها الأولوية على بعضها البعض، إلا إذا نصت على ذلك. وبالتالي عندما يحدث تنازع بين معاهدتين أو أكثر، حيث لا تستطيع الأطراف المتعاقدة الامتثال في الوقت نفسه لالتزاماتها المقررة بموجب المعاهدات المتنازعة، دون التضحية بإحداهما على حساب الأخرى. يمكن إيجاد حلول مرضية للأطراف المتعاقدة من الناحية العلمية، بتطبيق ما ورد في بند التنازع المنصوص عليه في الاتفاقيات المتضاربة، أو عبر الوسائل السلمية لتسوية المنازعات سلميا، بإصدار تفسير ملائم ينهي التنازع، أو تعديل الأحكام المتضاربة، أو إحالة المسألة إلى القضاء الدولي. أو باتباع ما ورد في القانون الدولي من قواعد بشأن تسوية التنازع بين المعاهدات، كقاعدة الاتفاق الدولي اللاحق ينسخ السابق، شرط أن يكون هناك تماثل موضوعي وشخصي، وقاعدة الاتفاق السابق يلغي الاتفاقيات اللاحقة المتعارضة معه، وترجيح الاتفاقيات الدولية الأكثر تخصيصا وتيسيرا.
قائمة المراجع
أولا: قائمة المراجع العربية
الكتب وأطروحات الدكتوراه
محمد المجدوب، الوسيط في القانون الدولي العام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت – لبنان، الطبعة السابعة، 2018،
سهيل حسين الفتلاوي، الأمم المتحدة: الجزء الثاني أجهزة الأمم المتحدة، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان – الأردن، الطبعة الأولى، 2011،
على إبراهيم، الوسيط في المعاهدات الدولية: الابرام (الشروط الشكلية -الشروط الموضوعية-البطلان-الآثار والتطبيق والتفسير)، دار النهضة العربية، القاهرة – مصر، الطبعة الأولى، 1995،
محمد طلعت الغنيمي، الاحكام العامة في قانون الأمم دراسة في كل من الفكر المعاصر والفكر الإسلامي، التنظيم الدولي للأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، منشأة المعارف بالإسكندرية – مصر،
خنساء محمد جاسم الشمري، تجزؤ القانون الدولي العام في ظل تنوع وتوسع قواعده، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق – جامعة النهرين، العراق، 2019،
المقالات العلمية والتقارير
عمر أبو عبيدة الأمين، المفاوضات الدولية، مجلة جامعة الإمام المهدي، السودان، العدد 2، ديسمبر 2013،
لجنة القانون الدولي، تقرير الفريق الدراسي للجنة، المقدم خلال الدورة الثامنة والخمسون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، 2006، تجزؤ القانون الدولي: الصعوبات الناشئة عن تنوع وتوسع القانون الدولي، انظر الوثيقة: A/CN.4/L.702،
الاتفاقيات الدولية
اتفاقية إعادة البحارة إلى وطنهم، الصادرة عن منظمة العمل الدولي في العام 1926، المعرفة بالاتفاقية رقم 23،
اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المبرمة في العام 1982،
اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، الموقعة في 6 أبريل 1983، بالرياض،
اتفاقية العمل الدولي الخاصة بالأجور وساعات العمل وأعداد العاملين على ظهر الفينة لعام 194،
اتفاقية بشأن حماية التراث الثقافي غير المادي، المنعقدة في باريس يوم 17 أكتوبر 2003،
اتفاقية تسليم المجرمين المبرمة بين المغرب والصين ببكين في 11 ماي 2016،
اتفاقية التعاون القضائي في المسائل الجنائية وتسليم المجرمين وفي المسائل المدنية والتجارية وقضايا الأسرة (الأحوال الشخصية) بين الامارات العربية المتحدة والمملكة المغربية، الموقعة بالرباط في 21 أبريل 2006،
الاتفاقية المبرمة بمدينة الكويت في 10 ديسمبر 1996 بين المغرب ودولة الكويت، بشأن التعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والتجارية والاحوال الشخصية،
اتفاقية التعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والتجارية والاحوال الشخصية، المبرمة بين المغرب والبحرين، بالرباط في 29 نونبر 1997،
اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية، الموقعة في العام 1953،
اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، المعتمدة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 317 (د-4) يوم 2 ديسمبر 1949، التي دخلت حيز التنفيذ يوم 25 يوليو 1951،
اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969،
اتفاقية قمع والاستيلاء على غير المشروع على الطائرات، المبرمة في العام 1970،
اتفاقية منظمة الصحة العالمية الاطارية بشأن مكافحة التبغ، المبرمة في يونيو 2003 بجنيف،
الاتفاقية الخاصة بشأن العمل بعض الوقت،
الاتفاقية الدولية لمنع التلوث في السفن لعام 1973،
ميثاق الأمم المتحدة، الصادرة في العام 1945،
ثانيا: قائمة المراجع المعتمدة باللغات الأجنبية
- Christopher J Borgen, Resolving Treaty Conflicts, the geo wash int’l l Rev, Vol 37, 2005,
- Customs Regim between Germany & Austria, Advisory opinion P.C.I.J, Series A/B, No 41, 1931,
- Ghouri Ahmad Ali, determining hierarchy between conflicting treaties: are there vertical rules in the horizontal system? Asian Journal of International Law, Vol 2 – No 2, 2012,
- Gyuora Binder, Treaty Conflict and Political contradiction, the Dialectic of Duplicity, New York, Praeger, 1988,
- C.J.I, Série A/B No 63, Affaire Oscar Chinn, Arrêt du 12 December 1934, Separate Opinion of M. Schücking, P 149- 150. And Separate Opinion of Jonkheer van Eysinga,
Permanent Court of International Justice, Series A/B : Collection of Judgments, Orders and Advisory Opinions (from 1931), A/B 77 Electricity Company of sofia and Bulgaria, Opinion Dissidente de M Anzilotti, See https://www.icj-cij.org/sites/default/files/permanent-court-of-international-justice/serie_AB/AB_77/02_Compagnie_d_electricite_de_Sofia_Opinion_Anzilotti.pdf,
[1] اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، الموقعة في 6 أبريل 1983، بالرياض، المادة 72.
[2] اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، المبرمة يوم 2 ديسمبر 1949، المادة 28.
[3] اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المبرمة في العام 1982، المادة 311/1.
[4] الاتفاقية الدولية لمنع التلوث في السفن لعام 1973، المادة 9.
[5] اتفاقية العمل الدولي الخاصة بالأجور وساعات العمل وأعداد العاملين على ظهر السفينة لعام 1946، المادة 24.
[6] ميثاق الأمم المتحدة، الصادرة في العام 1945، المادة 103.
[7] محمد طلعت الغنيمي، الاحكام العامة في قانون الأمم دراسة في كل من الفكر المعاصر والفكر الإسلامي: التنظيم الدولي للأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، منشأة المعارف بالإسكندرية – مصر، ص 582.
[8] اتفاقية منظمة الصحة العالمية الاطارية بشأن مكافحة التبغ، المبرمة في يونيو 2003 بجنيف، المادة 2 الفقرة 2.
[9] اتفاقية بشأن حماية التراث الثقافي غير المادي، المنعقدة في باريس يوم 17 أكتوبر 2003، المادة 3.
[10] اتفاقية إعادة البحارة إلى وطنهم، الصادرة عن منظمة العمل الدولي في العام 1926، المعرفة بالاتفاقية رقم 23، المادة 1.
[11] اتفاقية قمع والاستيلاء على غير المشروع على الطائرات، المبرمة في العام 1970، المادة 3 مكرر الفقرة 2.
[12] اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية، الصادرة في العام 1969، المادة 31، والمادة 32.
[13] عمر أبو عبيدة الأمين، المفاوضات الدولية، مجلة جامعة الإمام المهدي، السودان، العدد 2، ديسمبر 2013، ص 239.
[14] اتفاقية تسليم المجرمين المبرمة بين المغرب والصن ببكين في 11 ماي 2016، المادة 18. واتفاقية التعاون القضائي في المسائل الجنائية وتسليم المجرمين وفي المسائل المدنية والتجارية وقضايا الأسرة (الأحوال الشخصية) بين الامارات العربية المتحدة والمملكة المغربية، الموقعة بالرباط في 21 أبريل 2006. والاتفاقية المبرمة بمدينة الكويت في 10 ديسمبر 1996 بين المغرب ودولة الكويت، بشأن التعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والتجارية والاحوال الشخصية، المادة 45. والمادة 46 من اتفاقية التعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والتجارية والاحوال الشخصية، المبرمة بين المغرب والبحرين، بالرباط في 29 نونبر 1997.
[15] Customs Regim between Germany & Austria, Advisory opinion P.C.I.J, Series A/B, No 41, 1931, P 42. مذكور لدى خنساء محمد جاسم الشمري، تجزؤ القانون الدولي العام في ظل تنوع وتوسع قواعده، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق – جامعة النهرين – العراق، 2019 سابق، ص 197 و198.
[16] Christopher J Borgen, Resolving Treaty Conflicts, the geo wash int’l l Rev, Vol 37, 2005, P 591 – 593. وانظر أيضا محمد المجدوب، الوسيط في القانون الدولي العام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت – لبنان، الطبعة السابعة، 2018، 612.
[17] اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969، المادة 30/ 3.
[18] على إبراهيم، الوسيط في المعاهدات الدولية: الابرام (الشروط الشكلية -الشروط الموضوعية-البطلان-الآثار والتطبيق والتفسير)، دار النهضة العربية، القاهرة – مصر، الطبعة الأولى، 1995، ص 968.
[19] سهيل حسين الفتلاوي، الأمم المتحدة: الجزء الثاني أجهزة الأمم المتحدة، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان – الأردن، الطبعة الأولى، 2011، ص 327.
[20] Permanent Court of International Justice, Series A/B : Collection of Judgments, Orders and Advisory Opinions (from 1931), A/B 77 Electricity Company of sofia and Bulgaria, Opinion Dissidente de M Anzilotti, See https://www.icj-cij.org/sites/default/files/permanent-court-of-international-justice/serie_AB/AB_77/02_Compagnie_d_electricite_de_Sofia_Opinion_Anzilotti.pdf, P 93 (33).
[21] Ghouri Ahmad Ali, determining hierarchy between conflicting treaties: are there vertical rules in the horizontal system? Asian Journal of International Law, Vol 2 – No 2, 2012, P 17.
[22] خنساء محمد جاسم الشمري، تجزؤ القانون الدولي العام في ظل تنوع وتوسع قواعده، مرجع سابق، ص 204.
[23] Gyuora Binder, Treaty Conflict and Political contradiction, the Dialectic of Duplicity, New York, Praeger, 1988, P 40-42. مذكور لدى خنساء محمد جاسم الشمري، تجزؤ القانون الدولي العام في ظل تنوع وتوسع قواعده، مرجع سابق، ص 197.
[24] على إبراهيم، الوسيط في المعاهدات الدولية: الابرام (الشروط الشكلية -الشروط الموضوعية-البطلان-الآثار والتطبيق والتفسير)، مرجع سابق، ص 968.
[25] خنساء محمد جاسم الشمري، تجزؤ القانون الدولي العام في ظل تنوع وتوسع قواعده، مرجع سابق، ص 197.
[26] Customs Regim between Germany & Austria, Advisory opinion P.C.I.J, Series A/B, No 41, 1931, P 42. مذكور لدى خنساء محمد جاسم الشمري، تجزؤ القانون الدولي العام في ظل تنوع وتوسع قواعده، مرجع سابق، ص 197 و198.
[27] P.C.J.I, Série A/B No 63, Affaire Oscar Chinn, Arrêt du 12 December 1934, Separate Opinion of M. Schücking, P 149- 150. And Separate Opinion of Jonkheer van Eysinga, P 132 and 134.
[28] محمد المجدوب، الوسيط في القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص 612.
[29] محمد المجدوب، الوسيط في القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص 611.
[30] Ghouri Ahmad Ali, determining hierarchy between conflicting treaties: are there vertical rules in the horizontal system? Op cit, P 18.
[31] Christopher J Borgen, Resolving Treaty Conflicts, op cit, P 604.
[32] لجنة القانون الدولي، تقرير الفريق الدراسي للجنة، المقدم خلال الدورة الثامنة والخمسون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، 2006، تجزؤ القانون الدولي: الصعوبات الناشئة عن تنوع وتوسع القانون الدولي، انظر الوثيقة: A/CN.4/L.702، ص 7.
[33] سهيل حسين الفتلاوي، الأمم المتحدة: الجزء الثاني أجهزة الأمم المتحدة، مرجع سابق، ص 327.
[34] لجنة القانون الدولي، تقرير الفريق الدراسي للجنة، المقدم خلال الدورة الثامنة والخمسون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، 2006، تجزؤ القانون الدولي: الصعوبات الناشئة عن تنوع وتوسع القانون الدولي، انظر الوثيقة: A/CN.4/L.702، ص 8.
[35] اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية، الموقعة في العام 1953، المادة 18.
[36] الاتفاقية الخاصة بشأن العمل بعض الوقت، المادة 2.