مقدمة:
في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها العالم من حولنا الآن،فأصبحت الصراعات والخلافات ثمنها باهظ سواء من الناحية النفسية أومن الناحية المادية أو البشرية، وفي النهاية لا تحل المشكلة.
الصراع لا يؤدي إلا إلى العداء…. والصراعات والاختلافات تؤدي في النهاية إلى خسارة للطرفين حتى الذين ينتهي الصراع أو المنافسة لصالحهم، قد يكون هذا الطرف أيضا خاسرا لأن هذه الصراعات لا تنتهي إلى ما لانهاية.
من هذا أصبح التفاوض هو الأسلوب الوحيد لحل الخلافات وحسم المشاكل المتنازع عليها بين مختلف الأطراف.
لم تتطرق التشريعات المدنية ومنها قانون الالتزامات والعقود المغربي، لتعريف التفاوض رغم أهميته في العقود، لذا كان للفقه نصيب في ذلك،حيث ذهب أغلب الفقه أن التفاوض هو نوع من الحوار وتبادل الاقتراحات والدراسات بين أطراف العقد من أجل إبرام عقد في المستقبل[1].
وتعني أيضا المناقشة المشتركة بين أطراف متقابلة بصدد عناصر عقد مستقبل، وهذه المناقشة المشتركة هي التي ترتب بعض الالتزامات على عاتق الأطراف المتنافسة[2].
إذا التفاوض كأسلوب للحياة ظهر مع ظهور الإنسان يوم خلق الله سيدنا آدم، يمارسه الإنسان العادي في جل تعاملاته اليومية، فهو لا يقتصر على مجد الالتقاء حول مائدة المفاوضات للتوصل إلى إبرام العقد، وإنما يدور التفاوض لمناقشة أي قضية اجتماعية، اقتصادية، سياسية أو قانونية، ومنتم نجد انه يغطي صور الحياة المختلفة.
وتبذر أهمية التفاوض في الوقاية من أسباب النزاع وذلك بإجراء مفاوضات يكون الأطراف قد تحصنوا بالتدابير والاحتياطات التي تمنع قيام أسباب النزاع مستقبلا، ويعمل التفاوض على تقريب وجهات النظر بين أطراف التفاوض لا سيما في العقود الدولية، كما تعد وسيلة فعالة لإعادة التوازن العقدي.
ونظرا لأهمية التفاوض في مختلف المجالات فإنها تثار مجموعة من الإشكاليات العملية في هذه المرحلة ككيفية تنظيم التفاوض في حد ذاته، والوسائل التي تمكن الطرف المفاوض من تحيق أهدافه، وكذا الحماية التي يقدمها كل طرف للآخر خوصا فيما يتعلق بالمعلومات الفنية التي لها طابع سري، ولا سيما عند قيام الطرف الآخر باستخدامها وإفشائها للغير، وما هي الاستراتيجيات والمهارات المتبعة في التفاوض.
هذه الإشكاليات التي سنطرحها في هذا البحث نحاول الإجابة عليها بالاعتماد على المنهج التحليلي وذلك من خلال محورين:
المحور الأول: أساسيات التفاوض
المحور الثاني: تطبيقات التفاوض
المحور الأول: أساسيات التفاوض
لنكون أمام عملية تفاوضية فعالة فلا بد من توفير أرضية ملائمة لهذه العملية التي يجب أن تحترم عدة عناصر(المطلب الأول)، وأن تكون هذه العملية ناجحة ومثمرة غير أن هذه الأرضية قد تختلف حسب شكل عملية التفاوض وشروطها (المطلب الثاني).
المطلب الأول: عناصر التفاوض
أولا: الموقف التفاوضي
يعد التفاوض موقف ديناميكي يقوم على الحركة والفعل إيجابيا أو سلبيا وتأثيرا أو تأثرا، والتفاوض موقف مرن يتطلب قدرات هائلة للتكييف السريع والمستمر، وللملائمة الكاملة مع المتغيرات، أو بصفة عامة فإن الموقف التفاوضي يتطلب مجموعة من العناصر يمكن إجمالها في النقط التالية:
1- الترابط: وهذا يستدعي أن يكون هناك ترابط على المستوى الكلي لعناصر القضية التي يتم التفاوض بشأنها.
2- التركيب: حيث يجب أن يكون الموقف التفاوضي من جزئيات وعناصر، ينقسم إليها ويسهل تناولها في إطارها الجزئي أو في إطارها الكلي.
3- إمكانية التعرف والتميز: يجب أن يتميز هذا الموقف التفاوضي بعدم الغموض لأي جزء أو لأي بعد من أبعاده أو معالمه.
4- الاتساع المكاني والزماني: أي المرحلة التاريخية التي يتم فيها التفاوض والمكان الجغرافي الذي تمثله القضية.
5- التعقيد: لما كان الموقف التفاوضي في غالبه معقد فإن على الأطراف ليصلوا إلى عملية تفاوضية ناجحة الإتمام بكل ومختلف النقط المعقدة في القضية ليتسنى التعامل معها ببراعة ونجاح.
6- الغموض: (الشك) يجب أن يحيط بالموقف التفاوضي ظلال من الشك والغموض النسبي الذي يدفع المفاوض إلى تقليل دائرة عدم التأكد عن طريق جمع كافة المعلومات والبيانات.
ثانيا: أطراف التفاوض
عادة ما يتم التفاوض بين طرفين وقد يشتمل أكثر من ذلك نظرا لتشابك المصالح وتعارضها بين الأطراف المتفاوضة ويمكن تقسيم أطراف التفاوض إلى:
أ- أطراف مباشرة: تجلس فعالا إلى مائدة المفاوضات وتباشر عملية التفاوض.
ب- أطراف غير مباشرة: وهي الأطراف التي تشكل قوى ضاغطة لاعتبارات المصلحة أو التي لها علاقة قريبة أو بعيدة بعملية التفاوض.
ثالثا: القضية التفاوضية:
تعد القضية التفاوضية حجر الزاوية في هذه العملية ونطاقها الذي يتقابل فيه المتفاوضون وقد يكون محورها قضية إنسانية أو شخصية، اجتماعية، اقتصادية، أو سياسية…
ومن خلال هذه القضية يتحدد الموقف التفاوضي وكذا الاستراتيجيات المتعين استخدامها في كل مرحلة من المراحل.
رابعا: الهدف التفاوضي
لكل عملية تفاوضية هدف أساسي يسعى المتفاوضون إلى تحقيقه وذلك بالاعتماد على الخطط والسياسات والمراحل وبناء على الهدف التفاوضي يتم قياس مدى تقدم الجهود ومدى نجاحها.
المطلب الثاني: شروط التفاوض
أولا: القوة التفاوضية
ترتبط القوة التفاوضية بالسلطة التفويضية التي تم منحها للفرد المتفاوض في إطار القضية أو الموضوع المتفاوض بشأنه.
ثانيا: المعلومات التفاوضية
وهي أن يملك فريق التفاوض المعلومات التي تتيح له الإجابة على مجموعة من الأسئلة كمثال عن هذه الأسئلة: كيف نستطيع تحقيق ما نريد ؟ هل يمكن تحقيقه دفعة واحدة أم يتعين الوصول إليه عبر مراحل ؟ وما هي تلك الأهداف المرحلية ؟ وكيف يتم تحقيقها ؟
ثالثا: القدرة التفاوضية
هذا الشرط يتصل أساسا بأعضاء الفريق أي مدى الكفاءة التي يتمتع بها كل فرد على حدة، ومن تم الاهتمام بالقدرة التفاوضية لهذا الفريق عن طريق بيان: الاختيار الجيد لأعضاء الفريق، وتحليهم بالمهارة، تحقيق الانسجام.
· تدريبهم وتثقيفهم وتحفيزهم
· تزويدهم بالبيانات والمعلومات الخاصة بالقضية التفاوضية
· المتابعة الدقيقة لأداء الفريق
· توفير كافة التسهيلات المادية التي من شأنها تسيير العملية التفاوضية.
رابعا: الرغبة المشتركة
ويتصل هذا الشرط أساسا بتوافر رغبة حقيقية مشتركة لدى الأطراف المتفاوضة لحل مشاكلها أو منازعتها بالتفاوض، وإقناع كل منهم بأن التفاوض الوسيلة الجيدة أو الأفضل لحل هذا النزاع أو وضع حدا له.
خامسا: المناخ المحيط
من خلال هذه الشروط يتضح لنا جليا أن وجوب توفرها ضروري لعملية تفاوضية ناجحة، فلا يمكن تصور هذه العملية دون التوفر على القوة التفاوضية التي تعتبر مكونا من مكونات النجاح في المفاوضات بالإضافة، إلى أن المعلومات التفاوضية هي واجبة أيضا وذلك بالإلمام بجميع المعلومات والجزئيات التي تمكن المتفاوضين من التقدم في مشاوراتهم وإمكانية تقديم تنازلات أو شروط حسب نوعية العملية التفاوضية وأهميتها.
بالإضافة إلى أن الرغبة المشتركة بين المفاوضين القائمين على الدخول للمفاوضات بحسن نية هي الفيصل لمفاوضات إيجابية وسريعة.
المحور الثاني: تطبيقات التفاوض
المطلب الأول: مراحل التفاوض
إن الهدف الحقيقي من اتخاذ مبدأ التفاوض في مواجهة المشاكل هو الوصول إلى المصالح المشتركة عن طريق تحسين الأداء والحصول على الفائدة العظمى لذلك على المفاوض الناجح أن يلتزم بمجموعة من الخطوات العملية وهي كالتالي:
1- مرحلة التحليل: وهي عملية جميع البيانات وتحديد الأهداف وعليه أن يستعد بإتباع مجموعة من الخطوات كمثال:
– الأعداد الجيد عن طريق كتابة نقط لتحليل موقف تفاوض وتحليل مصالح الطرف الآخر الذي سيدخل معه في عملية التفاوض.
– الاجتماع بأطراف النزاع واحترام آراء الآخر.
– التعرف على آليات الطرف الآخر في عملية التفاوض.
2- مرحلة التخطيط: يقوم المفاوض بناء على التحليل بإعداد خطة التفاوض وتشتمل هذه الأخيرة على ما يلي:.
– تحديد المصالح الأساسية للمفاوض.
– إعداد خطة التعامل مع المفاوضين وأساليبهم المختلفة في التفاوض.
– إعداد اختيارات إضافية يمكن مناقشتهم
3- مرحلة مناقشة التفاوض الفعلي:
· على المفاوض أن يتبع الخطوات التالية:
– التركيز الشديد في المفاوضات
– أخذ الوقت اللازم في استيعاب ما يقال حتى لو تطلب ذلك طلب فترة راحة لجلسة المفاوضات.
– محاولة تقديم حلول إيجابية جديدة وعدم تكرار الصيغ التفاوضية من أجل إحراز التقدم في الموقف التفاوضي.
– المرونة في التحاور وحسن استماع الأطراف المختلفة.
– التعبير عن المطالب بصدق والتأكيد عليها بدون تهديد.
– الابتعاد عن الصراعات.
– التركيز على الموضوع وليس الأشخاص المحاورين.
– الاستفسار المستهر عن كل شيء حول الموضوع للحصول على المعلومات والحقائق.
وإذا ما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود من الممكن التغلب عليها بما يلي:
– طلب فترة راحة لمراجعة الأمور.
– طلب مراجعة الأطراف لمواقفهم والنظر في الأسباب التي جعلت كل طرف يتمسك بموقفه.
– مراجعة نقاط الاتفاق في الحلول المطروحة والتركيز عليها وإبرازها.
المطلب الثاني: استراتيجيات التفاوض:
أشهر مناهج واستراتيجيات التفاوض:
I- استراتيجيات منهج المصلحة المشتركة:
يقوم على علاقة تعاون بين طرفين أو أكثر يعمل كل طرف منهم على تعميق وزيادة هذا التعاون وإثماره لمصلحة جميع الأطراف واستراتيجيات هذا المنهج هي:
1- إستراتيجية التكامل
تعمل على تطوير العلاقة بين طرفي التفاوض إلى درجة أن يصبح كل منهما مكملا للآخر في كل شيء بل قد يصل الأمر إلى أنهما يصبحان شخصا واحدا مندمج لمصالح والفوائد والكيان القانوني أحيانا.
2- إستراتيجية تطوير التعاون المالي:
تقوم على تحقيق مجموعة من الأطراف العليا،يمكن تنفيذها من خلال الآتي:
– توسيع مجالات التعاون تتم عن طريق إقناع الطرفين المتفاوضين بمد مجال التعاون.
– الارتقاء بدرجة التعاون: تقوم على الارتقاء بالمرحلة التعاونية خاصة أن التعاون يمر بعدة مراحل أهمها المراحل الآتية:
· مرحلة التفهم المشترك أو التعرف على مصالح كل الأطراف
· مرحلة الاتفاق في الرأي لقضاء المصالح
· مرحلة العمل على تنفيذ الاتفاق أو مرحلة تنفيذ المنفعة المشتركة
· مرحلة اقتسام عائدة أو دخل المشروعات المشتركة أو مرحلة تنفيذ واستثمار عائدات المنفعة المشتركة
3- إستراتيجية تعميق العلاقة القائمة:
تقوم على الوصول لمدى أكبر من التعاون بين طرفين أو أكثر تجمعهم مصلحة ما.
4- إستراتيجية توسيع نطاق التعاون بمده إلى مجالات جديدة
تعتمد على الواقع التاريخي الطويل الممتد بين طرفي التفاوض من حيث التعاون القائم بينهما وتعدد وسائله ومراحله وهناك أسلوبان لهذه الإستراتيجية هما:
أ- توسيع نطاق التعاون بمده إلى مجال زمني جديد:
حيث يقوم هذا الأسلوب على الاتفاق بين الأطراف المتفاوضة على فترة زمنية جديدة مستقبلية أو تكثيف التعاون خلال فترة مقبلة.
ب- توسيع نطاق التعاون بمده إلى مجال مكاني جديد:
ويتم عن طريق الإنفاق على الانتقال بالتعاون إلى مكان جغرافي آخر جديد
II- استراتيجيات منهج الصراع:
يمكن إنجاز أشهر استراتيجيات منهج الصراع في الاستراتيجيات التالية:
· الإستراتيجية الأولى: إستراتيجية الإنهاك
وتقوم هذه الإستراتيجية على الآتي:
1- استنزاف وقت الطرف الآخر: ويتم عن طريق تطويل فترة التفاوض لتغطي أطول وقت ممكن دون أن تصل المفاوضات إلى نتائج محدودة لا قيمة لها.
ويستخدم الأسلوب الآتي لتحقيق ذلك:
أ-التفاوض حول مبدأ التفاوض ذاته ومدى إمكانية استخدامه واستعداد الطرف الآخر للتعامل به ومدى أمكانية تنفيذه لتعهداته التي يمكن الوصول إليها.
ب- التفاوض في جولة أو جولات أخرى حول التوقيت والميعاد المناسب للقيام بالجولات التفاوضية التي تم الاتفاق أو جار الاتفاق عليها.
ج- التفاوض في جولة أو جولات جديدة حول مكان التفاوض أو أماكن التفاوض المحتملة والأماكن البديلة.
د- التفاوض في جولات جديدة حول الموضوعات التي سوف يتم التفاوض عليها.
هـ- التفاوض حول كل موضوع من الموضوعات التي حددت لها أولويات وفي ضوء كل موضوع من الموضوعات التي يمكن تقسيمها إلى عناصر يتم كل منها في جلسة أو أكثر من جلسات التفاوض.
2- استنزاف جهد الطرف الآخر إلى أشد درجة ممكنة:
يتم عن طريق تكثيف وحفز طاقاته واستنفار جميع خبراته وتخصصاته وشغلهم بعناصر القضية التفاوضية الشكلية التي لا قيمة لها عن طريق:
أ-إثارة العقبات القانونية المفتعلة حول كل عنصر من عناصر القضايا المتفاوض عليها، وحول مسميات كل موضوع والتعبيرات والجمل والكلمات والألفاظ التي تصاغ بها عبارات واسم كل موضوع من موضوعات التفاوض.
ب- وضع برنامج حافل للاستقبالات والحفلات والمؤتمرات الصحافية وحفلات التعارف وزيارة الأماكن التاريخية.
ت- زيادة الاهتمام بالنواحي الفنية شديدة التشعب كالنواحي الهندسية والجغرافية والتجارية والاقتصادية والبيئية والعسكرية.
3- استنزاف أموال الطرف الآخر:
زيادة معدلات اتفاقية و تكاليف إقامته وأتعاب مستشاريه طوال العملية التفاوضية.
الإستراتيجية الثانية: إستراتيجية التشتيت
تعتمد عليها بشكل كبير الأطراف المتصارعة إذا ما جلست إلى مائدة التفاوض وتقوم على فحص وتشخيص وتحديد أهم نقاط الضعف والقوة في فريق التفاوض الذي أوفده الطرف الآخر للتفاوض وتحديد انتماءاتهم وعقائدهم ومستواهم العلمي والفني وبناءا على هذه الخصائص يتم رسم سياسة ماكرة لتفتيت وحدة وتكامل فريق التفاوض والقضاء على وحدته وإتلافه وتماسكه، ليصبح فريقا مفتتا تدب الخلافات والصراعات بين أعضائه.
الإستراتيجية الثالثة: إستراتيجية إحكام السيطرة والإخضاع
تقوم على حشر كل الإمكانيات التي تكفل السيطرة الكاملة على جلسات التفاوض عن طريق:
أ- القدرة على التنويع والتشكيل والتعديل والتبديل للمبادرات التفاوضية التي يتم طرحها على مائدة المفاوضات.
ب- القدرة على الحركة السريعة والاستجابة التلقائية والفورية والاستعداد الدائم للتفاوض فور قيام الطرف الآخر بإبداء رغبته في ذلك لتفويت الفرصة عليه في أخذ زمام المبادرة والسيطرة على عملية التفاوض من أولها إلى آخرها.
ت- الحرص على إبقاء الطرف الآخر في مركز التابع
الإستراتيجية الرابعة: إستراتيجية الدحر (الغزو المنظم)
يتم استخدام التفاوض التدريجي خطوة خطوة ليصبح عملية غزو منظم للطرف الآخر حيث تبدأ باختراق حاجز الصمت أو ندرة المعلومات بتجميع كل البيانات والمعلومات الممكنة من خلال التفاوض التمهيدي مع هذا الطرف ثم معرفة أهم المجالات التي يمتلك فيها ميزات تنافسية خطيرة تهددنا والتفاوض معه على أن يترك لنا المجال فيها وأن يتجه إلى مجالات أخرى تستغرق وتستنزف قدراته وإمكاناته.
الإستراتيجية الخامسة: إستراتيجية التدمير الذاتي (الانتحار)
كلما كانت العقبات شديدة كلما ازداد يأس هذا الطرف وإحساسه باستحالة الوصول إليها وأنه مهما بذل من جهد فإنه لن يصل إليها وهنا عليه أن يختار بين بديلين هما: الأول صرف النظر عن هذه الطموحات والأهداف والثاني ارتضاء ما يمكن تحقيقه منها واعتباره الهدف النهائي.
· إجراءات تنفيذ هذه الإستراتيجية:
1- التسويف أو الصمت المؤقت: الامتناع عن الرد الفوري أو تأجيل الإجابة عن سؤال معين بتغيير مجرى الحديث أو الرد بسؤال آخر لغرض الاستفادة من الوقت.
2- المفاجأة: التغيير المفاجئ في الأسلوب أو طريقة الحديث أو التفاوض على الرغم من أن التغيير لم يكن متوقعا في ذلك الوقت.
3- الأمر الواقع: دفع الطرف الآخر لقبول تصرفك بوضعه أمام الأمر الواقع ولنجاح هذا التكتيك يجب توفر عدة شروط:
أ- أن يكون احتمال قبول الطرف المعارض للنتيجة في النهاية احتمالا كبيرا.
ب- أن تكون خسارة الطرف المعارض من استمرار معارضته اكبر ماديا ومعنويا من الخسارة التي تحدث نتيجة عدم تقبله الأمر الواقع.
4- الانسحاب الهادئ:
5- الانسحاب الظاهري: أي في اللحظة الحاسمة
6- الكر والفر والتحول:تحديد الموقف من الأمام إلى الخلف أو العكس طبقا لظروف التفاوض وملابساته.
7- التقييد: وضع قيد على الاتصال وذلك إجبار الطرف الآخر على الوصول إلى قرار سريع أو للنزول على رغبة معينة في التفاوض.
8- تحويل النظر عن القضايا الرئيسية لقضايا فرعية
9- ادعاء العجز
10- مفترق الطرق: أي تتبع أسلوب التنازل في بعض القضايا للحصول على أقصى ما يمكن الحصول عليه من تنازلات في القضايا الأكثر أهمية.
11-التدرج أو الخطوة خطوة: أي جزءا جزءا إلى أن تصل الأطراف المتفاوضة إلى الهدف النهائي
خاتمة:
بعد تناول موضوع التفاوض من حيث مفهومه وشروطه ومراحله ثم استراتيجياته، يمكن أن يخلص إلى أن وجود قضية أو نزاع مع طرف آخر لا يعني أحيانا المبادرة بالتفاوض لأن على المفاوض في البداية أن يكون يلعب بها لتحقيق أهدافه ولا يجب على المفاوض أن يعتمد على قدراته التفاوضية فقط للبدء في عملية التفاوض لأنه لا يمكن لمهارات التفاوض أن تمنحك القدرة على التفاوض، إذا لم يكن لديك شيء تبدأ به. وما لم يكن هناك شيء واقعي في التفاوض حوله أي إذا لم يكن لديك ما تساوم به فلن يكون هناك الكثير مما يكن أن يحسن موقفك.
والمفاوض الناجح هو الذي يستطيع أن يقوم ذاته ويعرف مواطن قوته، ليعرف متى يقدم على التفاوض ومتى يحجم ومتى يستطيع الانسحاب من غير أن تلحق به أضرار.