قراءة اولية في تقرير مؤسسة الوسيط برسم سنة2021 – إسماعيل بلكبير مقبول
إسماعيل بلكبير مقبول
باحث في القانون العام
قراءة اولية في تقرير مؤسسة الوسيط برسم سنة2021
مدخل :اصدرت مؤسسة الوسيط تقريرها السنوي برسم سنة 2021 بتاريخ 30دجنبر2022 الذي نشر بالجريدة الرسمية عددت 7156 مكرر، ليشكل ثاني تقرير يصدر عن المؤسسة في نفس السنة ،حيث سبق لها ان اصدرت بتاريخ 18ابريل 2022 ، تقريرها السنوي برسم سنة 2020 ، الذي اكد على ان تحدي الرفع من جودة العطاءات ،ورفعة الارتفاقات، وانسيابية الحصول على الخدمات من طرف المرتفق، رهين بكسب تحدي اخر ،اساسه جعل الادارة تستشعر الدور الدستوري للمؤسسة، وبالغ اهمية التجاوب مع تدخلاتها وتوصياتها.
فإلى اي حد استطاعت المؤسسة كسب هذا التحدي من خلال تقرير سنة 2021 ؟ هذا ما سيكون موضوع مناقشتنا في الورقة، التي نقدمها في نقطتين هما: قراءة في تطور تنفيذ المخطط الاستراتيجي للمؤسسة2019-2023، وابراز واقع تفاعل الادارة وجوابها عن مراسلات مؤسسة الوسيط.
أولا : قراءة في تطور تنفيذ المخطط الاستراتيجي للمؤسسة 2019-2023 .
تعتبر مؤسسة الوسيط مؤسسة مستقلة ومتخصصة ، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الادارة والمرتفقين، والاسهام في سيادة القانون وتكريس مبادئ العدل والانصاف، وقيم التخليق والشفافية في تدبير الادارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية، وشكل تكريس دستور 30يوليوز 2011 لمؤسسة الوسيط ضمن مصاف المؤسسات المكلفة بترسيخ الحكامة الجيدة مكانة مهمة مما اضفى عليها دينامية اكثر فعالية ،ليتعزز مسار التطور التشريعي المؤسساتي لمكانتها بالقانون رقم 14.16سنة2019 .
في هذا الاطار وضعت المؤسسة مخططا استراتيجيا ،وفق رؤية تتأسس على جعل التوصيات والمقترحات اعلانا ومنطلقا للقطع مع الممارسات المعيبة ،والعمل بمنطق “حل مشكل هو حل نسقي لمشاكل مماثلة في اطار من المصاحبة التوجيهية”، كتعبير عن التزام معلن لمقاربة ناجعة في التدبير ،مبتغاه تجسيد ارادة قوية للمضي قدما في إثبات تواجد المؤسسة الفاعل داخل المشهد المؤسساتي الوطني والدولي ،وبناء جسور الثقة في ادائها .
على هذا الاساس قام المخطط الاستراتيجي ،لمؤسسة الوسيط {2019-2023 }،منذ البداية على تصور تنفيذي توقعي على اساس اجال ونسب ممتدة في الزمن، حيث استطاعت المؤسسة مواصلة تنفيذ ما خطط له ، اذ انه من نسبة تنفيذ توقعية تم تحديدها عند اقرار المخطط في 78 % بالنسبة لسنة2021 ،فقد حققت في نهاية السنة ما نسبته 71 % ،أي بنسبة تنفيذ سنوية بلغت 91% من مختلف الاجراءات العملية المشكلة للبرامج المعلنة.
ثانيا : واقع تفاعل الادارة وجوابها عن مراسلات مؤسسة الوسيط.
اذا كانت المؤسسة قد انتظمت في تخصيص جانب من تقريرها السنوي لتقارير مخاطبيها الدائمين بمختلف الادارات والمؤسسات العمومية ،كاطار ابتغى من خلاله المشرع ان يكون حيزا لإبراز ما رصده المخاطبون من جهود ، تجاويا مع توجهات مؤسسة الوسيط وانشغالات المرتفقين ،فالملاحظ ان هناك تفاوت في مستوى التفاعل والتجاوب مع الالتزام القانوني المتصل بهذه التقارير ،حيث ان المؤسسة سجلت ان تقارير بعض المخاطبين بالإدارات لم يكتمل فيها التقيد بكل المقتضيات القانونية المحددة في القانون 14.16 ،لعدم تضمينها المبادرات والاجراءات المتخذة من اجل تبسيط المساطر الادارية وتحسين بنيات الاستقبال وتجويد الخدمات الارتفاقية ، فيما اعربت عن اسفها لعدم توصلها بتقارير بعض القطاعات الادارية رغم مراسلتها في الموضوع منها وزارة الاقتصاد والمالية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومجموعة البنوك الشعبية والشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستيكية.
ورغم التقدم الملموس المسجل خلال سنة 2021 في كيفية تعامل الادارة مع مراسلات الوسيط ،فقد تبين من خلال تحليل علاقة المؤسسة بمختلف الادارات العمومية، وعلى غرار السنوات الماضية ،ان مفهوم حق المرتفق في الحصول على المعلومة الادارية والحق في الجواب لم يتبلور بعد عند العديد من الادارات حتى في علاقتها مع مؤسسة دستورية فبالأحرى في علاقتها مع المواطن.
ذلك انه مما مجموعه 3180مراسلة ،تهم تظلمات تقدم بها مرتفقون يرجون انصافهم من الحيف الذي طالهم في خلافاتهم المرفقية، وجهتها المؤسسة الى الادارات المعنية ،لم تتلق في شأن 393 منها أي جواب!،رغم انصرام اجل 60يوما المنصوص عليها في القانون ،أي بنسبة 12.36% من مجموع المراسلات الموجهة اليها عبر مستويات متعددة {ادارة معنية ،مخاطب دائم،رئيس الادارة..}.
من خلال هذه القراءة الاولية للتقرير، يتضح ان المؤسسة لازالت تواجه تحدي حمل الادارة على الانخراط في فلسفة الوساطة المؤسساتية، وبالتالي الاستجابة لانتظارات من يلجأ الى خدماتها بإجراءات ميسرة، وداخل اجال معقولة ،تراعي طبيعة الخدمة ودرجة ارتباطها بحاجيات المرتفقين.