في الواجهةمقالات قانونية

مسؤولية المرافق الصحية عن الإصابة بعدوى المستشفيات

مسؤولية المرافق الصحية عن الإصابة بعدوى المستشفيات

من إعداد:

الأستاذة عائشة المعاشي

محامية بهيئة المحامين بآسفي

 

 

تعتبر عدوى المستشفيات، أو ما بات يعرف في اللغة الفرنسية L’infection nosocomiale من أخطر المشاكل التي قد يعاني منها المريض خلال تلقيه العلاج بالمستشفى العام أو المصحة الخاصة.

كما أن استفحال ظاهرة انتقال عدوى المستشفيات قد أثار اهتمام الأطباء عندنا، وكذا المسؤولين عن قطاع الصحة، لكنه لم يحظ بعد باهتمام الحقوقيين بالرغم من كثرة الكتابات حول المسؤولية الطبية.

وقبل توضيح أهمية الموضوع، والإشكالية التي يطرحها، والمنهجية التي تقتضيها معالجته، يتعين أولا تحديد مفهوم عدوى المستشفيات، وضبط المصطلح العربي الذي تم اعتماده.

تعرف عدوى المستشفيات بأنها كل عدوى تنتقل إلى المريض من داخل مؤسسة للعلاج، والتي قد تظهر بعد 48 ساعة من دخوله إلى المستشفى، وفي حالة إجرائه عملية جراحية قد تظهر خلال 30 يوما التي تلي التدخل الجراحي، وفي حالات الجراحات التجميلية أو زرع الأعضاء يمكن أن تطول المدة لسنة بعدها.

وقد عربه بعض الأطباء فأطلق عليه اسم “العدوى المكتسبة خلال الإقامة الاستشفائية”، في حين عربه البعض الآخر” بالعدوى المستشفوية”.

لكني أعتقد بأن أنسب تعريب لها هو”عدوى المستشفيات”، نسبة إلى الاستشفاء أوL’hospitalisation باللغة الفرنسية،الذي قد يكون داخل مستشفى عام أو مصحة خاصة. لأن انتقال العدوى يشملهما معا، وحيث قد تنتقل إلى المريض سواء خلال إقامته الاستشفائية لفترة معينة داخل المستشفى العمومي أو المصحة الخاصة، أو خلال تلقيه علاجات مستقلة داخلها.

ويميز في إطار عدوى المستشفيات بين نوعين رئيسيين هما:

  • العدوى الخارجية: الناتجة عن انتقال العدوى من مريض إلى آخر أو من الأدوات المستخدمة من طرف الطاقم الطبي الملوثة بالميكروبات أو غير المعقمة بالشكل الصحيح، أو من البيئة المحيطة بالمريض داخل المستشفى.
  • ثم العدوى الداخلية: أي المنبثقة من داخل جسم المريض.

ويتسع مفهوم “عدوى المستشفيات” ليشمل:

  • العدوى الناتجة عن إصابة المريض بجراثيم أو بكتيريات.
  • كما يشمل العدوى الناتجة عن الإصابة بفيروسات خطيرة، مثل فيروس السيدا أو التهاب الكبد C.

إن انتشار “عدوى المستشفيات” في تزايد مستمر في كل دول العالم؛ هذا ما أكده تقرير منظمة الصحة العالمية خلال سنة 2008، الذي أفاد بأن عدد المرضى المصابين بهذا النوع من العدوى يقدر بحوالي تسعة ملايين مصاب، في حين تخلف مليون قتيل في العالم.

وفي سنة 2008 صدر منشور عن وزير الصحة  بخصوص تكوين لجان لمكافحة انتقال العدوى داخل المراكز الاستشفائية، فهو يعد أول خطوة رسمية لمكافحة عدوى المستشفيات، إلا أنه هو الآخر جعل تشكيل هذه اللجان محصورا بالنسبة للمرافق الصحية العامة فقط.

وبالرغم من أن المغرب بدأ يستشعر الخطورة التي تشكلها “عدوى المستشفيات” بوضعه استراتيجية وطنية لمكافحتها على مستوى المؤسسات العلاجية، إلا أنه لا توجد أية مقتضيات خاصة للحماية القانونية للمرضى بهذا الخصوص. على عكس الأمر في فرنسا التي تتوفر على نظام قانوني متكامل يوفر حماية كافية للأفراد في إطار النظام الصحي.

وهنا يبقى التساؤل مطروحا حول إلى أي حد يمكن تحقيق الحماية القانونية للمرضى في حالة الإصابة “بعدوى المستشفيات” بالاستناد إلى القواعد العامة لمسؤولية المرافق الصحية العامة والخاصة؟

فالإجابة عن هذا التساؤل تقتضي البحث عن أساس قانوني للمسؤولية عن عدوى المستشفيات في القانون المغربي، خصوصا مع وجود فراغ تشريعي و قلة في الاجتهاد القضائي مع الجرأة في المعالجة.

وعليه، فقد اختلفت قواعد المسؤولية عن “عدوى المستشفيات” بحسب الجهة التي تنظر في الموضوع سواء أمام القضاء الإداري إذا كانت الإصابة بالعدوى داخل مستشفى عام، أو أمام القضاء المدني إذا كانت الإصابة داخل مصحة خاصة.

ويعتبر القضاء الإداري أول من ناقش موضوع المسؤولية عن “عدوى المستشفيات”، و وضع قواعدها الأولى، باعتماده مبدأ المسؤولية عن الخطأ المفترض في تنظيم وتسيير المرفق الصحي، على أساس أن إصابة المريض بالعدوى تعني وجود خطأ في تنظيم وتسيير الخدمات داخل المرفق الصحي. لها.

أما بالنسبة للقضاء المدني فقد سار في نفس نهج القضاء الإداري، حيث اعتمد مبدأ المسؤولية المفترضة للمصحات الخاصة، ثم أصبحت هذه الأخيرة بعد ذلك ملتزمة بضمان سلامة المريض من العدوى، بحيث لا يمكنها التحلل من هذا الالتزام إلا بإثباتها السبب الأجنبي. وقد شمل هذا الالتزام الأطباء أيضا سواء كانوا يقومون بأعمال العلاج داخل المصحة أو داخل عياداتهم.

وباستقرائنا للنصوص القانونية يتضح وجود فراغ تشريعي حول موضوع المسؤولية عن عدوى المستشفيات، ومن تم يبقى التساؤل مطروحا كيف تعامل القضاء المغربي مع الموضوع في ظل وجود هذا الفراغ التشريعي؟

ونظرا لعدم وجود نص خاص، سنحاول دراسة الأساس القانوني لهذه المسؤولية من خلال القواعد العامة في القانون المغربي على التمييز فيها بين مرافق الصحة العمومية وبين المصحات الخاصة.

 

 

 

المبحث الأول: أساس مسؤولية مرافق الصحة العامة عن عدوى المستشفيات

يقتضي بحث مسؤولية مرافق الصحة العمومية الاعتماد على النصوص العامة التي تطبق على المرفق الصحي العمومي كما تطبق على غيره من المرافق العمومية، وهما الفصل 79 من ق ل ع و المادة الثامنة من قانون المحاكم الإدارية.

إن علاقة المريض والطبيب الممارس في مستشفى عام هي علاقة غير مباشرة لا تقوم إلا من خلال المرفق الصحي العام وتفترض وجود علاقة مباشرة بين المريض والمستشفى العام. لذلك فإن حقوق والتزامات كل من الطبيب والمريض تتحدد بمقتضى اللوائح المنظمة لنشاط المرفق الصحي العام الذي تديره المستشفى. وبالتالي فالعلاقة بين المرضى وبين المرافق الصحية العمومية ليست علاقة تعاقدية وإنما هي علاقة نظامية بين مرفق يؤدي خدماته لفائدة جميع المنتفعين من خدماته، ومن ثم فقواعد القانون هي التي تحكم هذه العلاقة.

وبالتالي فالأساس القانوني لمسؤولية مرافق الصحة العمومية – المستشفيات العامة –  عن عدوى المستشفيات، يتحدد وفقا للقواعد العامة التي تنظم مسؤولية المرافق العمومية بصفة عامة.

حيث نميز فيها بين نوعين من المسؤولية لكل منهما شروطهما الخاصة، الأولى نص عليها الفصل 79 من ق ل ع وهي المسؤولية الإدارية القائمة بحصر المعنى، والثانية نص عليها الفصل 80 من ق ل ع وهي التي لا تكون فيها الدولة مسؤولة بصفة أصلية وإنما تحل محل موظفها المسؤول شخصيا في حالة إعساره.

إلا أنه في حالة العدوى المكتسبة داخل المستشفيات، فإنه تؤسس مسؤوليتها على أساس الفصل 79 من ق ل ع فقط، إلا أن هذا الفصل عرف مجموعة من التأويلات، وأثار نقاشا كبيرا في الفقه والقضاء منذ وضعه أول الأمر إلى يومنا هذا، وتمخضت عن هذا النقاش عدة اتجاهات هيمن كل واحد منها على مرحلة تاريخية من مراحل تطبيق هذا النص.

فقد تأثر القضاء الإداري المغربي عند تأويله للفصل 79 من ق ل ع في البداية بموقف مجلس الدولة الفرنسي الذي يقول بتأسيس مسؤولية مرافق الصحة العمومية على الخطأ المرفقي. إلا أنه ظهر اتجاه آخر قام بتأسيس هذه المسؤولية على كون النشاط الإداري يشكل في حد ذاته أحيانا خطورة معينة بالنسبة للأفراد، فنشأت المسؤولية الإدارية بدون خطأ، سواء كانت على أساس المخاطر أو على أساس المساواة أمام الأعباء العامة.

وعليه، فتأسيس مسؤولية المستشفيات عن العدوى على الفصل 79 من ق ل ع المغربي، يستدعي الإحاطة بجميع النظريات التي أخذ بها الفقه والقضاء المغربي في تأويله لهذا الفصل.

لذلك فإننا سنعرض لأهم هذه الاتجاهات ومحاولة تكييفها مع موضوع عدوى المستشفيات، للوصول لأساس مناسب يمكن أن تقوم عليه مسؤولية المستشفيات عن العدوى المكتسبة داخلها.

وعليه، فإن هناك اتجاه أسس مسؤولية مرافق الصحة العمومية عن العدوى المستشفوية على أساس الخطأ المرفقي ( المطلب الأول)، ثم اتجاه آخر اعتبرها مسؤولية دون خطأ على أساس المخاطر العلاجية (المطلب الثاني).

المطلب الأول

تأسيس مسؤولية المستشفيات عن عدوى المستشفيات على أساس الخطأ المرفقي

ينص الفصل 79 من ق ل ع على أن ” الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها”.

وقد تأثر القضاء الإداري المغربي عند تأويله للفصل 79 من ق ل ع في البداية بموقف مجلس الدولة الفرنسي الذي يقول بتأسيس مسؤولية مرافق الصحة العمومية على الخطأ المرفقي.

ثم هناك اتجاه آخر أول الفصل 79 من ق ل ع باستقلال عن الاجتهاد القضائي الفرنسي، وميز بين المسؤولية الموضوعية والمسؤولية المبنية على الخطأ منطلقا من تشطير الفصل 79 إلى شطرين، بحيث يجد الخطأ المرفقي أساسه في الشطر الثاني من الفصل 79 الذي جاء فيه: “… وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها”.

والخطأ المرفقي هو الخطأ الذي ينسب إلى المرفق ولا ينسب إلى شخص الموظف، حتى ولو كان الذي قام به هو أحد موظفي المرفق العمومي وتسبب في إحداث ضرر بالغير سواء تمثل ذلك الفعل الضار في تصرف قانوني أو في عمل مادي. بحيث يجب أن تتوفر فيه بعض الشروط منها: أن ينسب الخطأ إلى مرفق عمومي وأن يخضع لقواعد القانون العام وليس لأحكام القانون المدني، وأن تكون قواعد المسؤولية الناجمة عنه مستقلة عن قواعد المسؤولية المدنية المعروفة في القانون الخاص، كما يمكن أن يشمل كل مرافق الدولة، فهو لا يرتبط بمصلحة معينة دون باقي المصالح الإدارية الأخرى.

فالخطأ المرفقي يتمثل حسب الحالات في “السير السيء للمرفق” أو “إخلال المرفق بالتزاماته”، دون أن يكون من الضروري البحث عن الموظف أو الموظفين الذين يوجدون وراء ذلك، فهويتهم لا تعتبر مسألة مهمة.

فمجال تطبيق فكرة الخطأ يحدد حسب طبيعة العمل، فيشترط القضاء لإقرار مسؤولية المرفق الطبي إثبات الخطأ الجسيم عن الأعمال الطبية، بينما يكتفي بإثبات الخطأ البسيط بالنسبة للأعمال العلاجية.

فالأعمال الطبية هي الأعمال التي لا يمكن أن يقوم بها إلا طبيب أو جراح أو أحد معاونيهما بشرط أن يقوم بذلك تحت مسؤولية الطبيب ومراقبته المباشرة.

أما الأعمال العلاجية هي الأعمال التي لا تقتضي تمييزا خاصا، ويمكن أن تنفذ بواسطة أي طبيب، وتنفذ في غالب الأحيان بواسطة المعاونين.

وتقوم مسؤولية المرفق الطبي العام على أساس الخطأ البسيط عندما يكون الضرر ناتجا من سوء تنظيم أو سوء إدارة المرفق أو عن سوء تقديم العناية والرعاية اللازمة للمرضى بصفة عامة.

وفيما يخص إثبات الخطأ المرفقي، فالدولة لا تكون مسؤولة عن هذه الأخطاء المرتكبة من طرف موظفيها إلا إذا أثبت المتضررون هذا الخطأ، لأن الخطأ هنا ليس مفترضا وإنما يجب على مدعي الضرر أن يثبت ذلك بكل الوسائل القانونية، وبالإضافة إلى ذلك فان على المتضرر أيضا أن يثبت العلاقة السببية بين الخطأ والضرر.

إذا يمكن اعتبار الإصابة بالعدوى المستشفوية بمثابة خطأ مرفقي ناتج عن سوء تنظيم وإدارة المستشفى، بحيث أصبح يكفي إثبات المضرور للخطأ البسيط لتحريك مسؤولية المرفق الطبي، ويعتبر ذلك لصالح المضرورين الذين ينجحون في إقامة الدليل على الخطأ المرفقي أو سوء تنظيم وإدارة المرفق، للحصول على تعويض عن الضرر الذي لحقهم.

وقد سار القضاء المغربي في أحكامه إلى اعتبار انتقال العدوى إلى مريض داخل المستشفى بمثابة خطأ مرفقي.

وجاء في حكم للمحكمة الإدارية بوجدة قسم دعاوى القضايا الشامل، رقم 16 بتاريخ 20 ذو الحجة 1425 موافق 31 /01/2005 ملف عدد 613/03 ش.ت ، “بأن تواجد المريض بالمستشفى يجعل مسؤولية صيانته ونظافته والعناية به على المستشفى نفسه، لذا فإن ترك نظافة الضحية لوالدتها المريضة يعد تقصيرا من القائمين على تسيير المستشفى في بذل العناية الواجبة.”

وبالتالي اعتبرت المحكمة بأن التعفن الذي أصيبت به الضحية يرجع إلى عملية التعقيم عند التلقيح، وعدم اتخاذ الاحتياطات الواجبة على الطاقم الطبي المشرف على العلاج بشأن صيانة المستشفى وتنظيف المريض.

وبالتالي اعتبرت بأن الأخطاء المرتكبة هي أخطاء مرفقية ترجع بالأساس إلى كيفية تسيير كل من المستوصف والمستشفى التابعين لوزارة الصحة العمومية وبالتالي تكون الدولة المغربية مسؤولة عن الأخطاء في إطار مقتضيات الفصل 79 من ق ل ع.

وهكذا، يتضح لنا بأن القضاء الإداري المغربي اتجه نحو اعتبار أن انتقال العدوى إلى المريض بمثابة خطأ مرفقي للمستشفى التي يتلقى بها المريض علاجه.

المطلب الثاني

نظام المسؤولية بدون خطأ عن الإصابة بعدوى المستشفيات

إن الأخذ بنظام المسؤولية القائمة بدون خطأ لمرافق الصحة العمومية، يعتمد على إقامة نوع من التوازن بين المزايا المترتبة على وجود هذه المرافق وبين الأضرار الناجمة عنها.

ونظرا للتطور الهائل في العلوم والأنشطة الطبية، وحماية للمتضررين، فإن القضاء الإداري لم يعد يشترط وجود الخطأ لإقرار مسؤولية الإدارة عن الأضرار التي تترتب على نشاط المرفق، بل أعطى المتضرر إزاء الخطر الذي قد يتعرض له من جراء هذه الأنشطة الطبية الحق في الحصول على تعويض عن الأضرار التي أصابته دون إلزامه بإثبات خطأ المرفق، سواء لصعوبة إثباته أو لعدم ارتكاب خطأ من جانب المرفق أصلا.

وعليه فبالإضافة إلى الاتجاه الذي يقيم مسؤولية مرافق الصحة العمومية على أساس الخطأ ، هناك اتجاه آخر يعتبرها مسؤولية موضوعية، بمعنى أنه يكفي وجود الضرر ونسبته إلى المرفق الصحي.

وهذا الاتجاه هو الذي أول الفصل 79 من ق ل ع بصفة شاملة وجعل المسؤولية موضوعية أساسها عنصر الضرر.

وفي هذا الإطار صدر حكم  للمحكمة الإدارية بالرباط عدد 256 بتاريخ 22 ذو الحجة 1422 موافق ل 07/03/2002، ملف رقم : 59/98 ت والذي جاء فيه ” إنه أمام تأكيد الخبير لوجود العلاقة السببية المذكورة، فإن المحكمة اعتبرت بأن مسؤولية المرفق الطبي تظل ثابتة بالملف وتتمثل في إهماله وتقصيره وعدم اتخاذه الاحتياطات اللازمة بخصوص تعقيم الأدوات الطبية المستعملة في إجراء عمليات الفحوص الطبية بالأشعة.

وبالتالي فإنه أمام ثبوت مسؤولية الإدارة عن الأضرار اللاحقة بالمدعي فإن هذا الأخير يبقى محقا في المطالبة بالتعويض عن تلك الأضرار.”

وعليه، نجد أن هذا الحكم ذهب إلى اعتبار مسؤولية المرفق الطبي مسؤولية بدون خطأ، حيث قضت بذلك المحكمة بناء على العلاقة السببية بين الفعل والضرر.

فالمسؤولية الموضوعية إذا تقوم بوجود علاقة سببية بين الضرر الحاصل و بين نشاط المرفق الصحي، والهدف من تقرير هذا النوع من المسؤولية هو ضمان تعويض مناسب للمرضى المتضررين من مخاطر العلاجات التي  لا ترجع لوجود خطأ طبي. وهذا ما يجد سندا قانونيا له في المادة الثامنة من قانون المحاكم الإدارية التي تتحدث عن “التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام”.فصيغة هذه المادة لا تتضمن أية إشارة لفكرة الخطأ، بل إن موجب المسؤولية وفقا لهذا النص هو “العمل الضار” أو “النشاط الضار”. و عليه يجب أن يتحقق عنصران أولهما الضرر وثانيهما العلاقة السببية بينه وبين عمل أو نشاط الإدارة. وبناء على هذه العلاقة يكتسب العمل أو النشاط صفة الضار.

وبهذا اختلفت الأسس التي قال بها الفقهاء في هذا الشأن، وتتمثل الأسس الرئيسية لمسؤولية مرافق الصحة العمومية دون خطأ في مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة وفي فكرة المخاطر.

إلا أن مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة ، لا يمكن اعتماده في حالات الإصابة بعدوى المستشفيات، لأنه يعتبر الأساس المباشر للمسؤولية دون خطأ عند تحقق الضرر غير العادي المرتبط بالنشاط أو العمل القانوني للسلطة العامة، سواء كان عن طريق قانون أو لائحة أو قرار إداري أو اتفاق دولي. لذلك تبقى فكرة المخاطر هي الأساس المناسب لقيام المسؤولية دون خطأ لمرافق الصحة العامة في حالات انتقال العدوى إلى المريض، لأنها تتحقق في حالة الأضرار غير العادية المرتبطة بالأعمال والأنشطة المادية للسلطة العامة، والتي تعتبر مجالا واسعا لفكرة الخطر، خصوصا وأن العمل العلاجي الذي يقدمه المستشفى يتضمن في حد ذاته خطرا على المريض المعالج به. ومما قد يضاعف هذا الخطر تعدد وتنوع الأعمال العلاجية وتعديها إلى القيام بالبحوث واعتماد الآلات والأدوات المتطورة تكنولوجيا سواء في التشخيص أو العلاج ناهيك عن احتكار القطاع العام، عن حق، لكثير من هذه الأعمال.

ففكرة الخطر استخدمت كأساس لمسؤولية الإدارة دون خطأ في مجالات عديدة ذات طبيعة خطرة، وكانت ملائمة لمنح التعويض للمضرور دون قيام خطأ من جانب الإدارة، وفي مجال أنشطة المرافق الطبية، نجد أن تبعات العمل الطبي أو الجراحي أصبحت غير عادية وجسيمة، كما في حالة المريض الذي دخل المستشفى العام للعلاج من مرض ما، وأثناء إقامته في المستشفى أصيب بمرض معد دون أي صلة بالمرض الذي دخل من أجله، ففي مثل هذه الحالة، لم يعد على المضرور إقامة الدليل على خطأ المستشفى، بل يكفي للحصول على التعويض أن يثبت أن الضرر الذي لحق به ذو طابع مؤكد ومباشر وغير عادي.

وبالتالي ينبغي للتغلب على هذه العقبات، ضرورة إقرار نظام المسؤولية دون خطأ للمرفق الصحي العام على أساس الخطر العلاجي.

المبحث الثاني: أساس مسؤولية المصحات عن الإصابة بعدوى المستشفيات

إن علاج المريض داخل مصحة خاصة يفترض وجود عقد بينه وبين إدارة المصحة يطلق عليه “عقد الاستشفاء” موضوعه تقديم الخدمات العادية للمريض أثناء إقامته وعلاجه، وتنفيذ تعليمات الطبيب فيما يتعلق بنظام الطعام والنظافة وتقديم العلاج بصفة منتظمة من أدوية وحقن وإجراء التحاليل، كما تلتزم إدارة المصحة أيضا بتوفير العدد الكافي من العاملين والممرضات المؤهلين لحسن أداء المستشفى للخدمات الطبية.

هذا العقد قد يكون مستقلا عن العقد الطبي الذي يقوم مع الطبيب ومحله الأعمال الطبية، كما قد يكون مبرما مع ذات الطبيب المسؤول عن العمل الطبي إذا كان مالكا للمصحة أو مستقلا بإدارتها بناء على عقد مع مالكها.

و لذلك يتضح أن العلاقة بين المريض والمصحة طبقا لعقد الاستشفاء هي علاقة ذات طبيعة تعاقدية، وبالتالي فانه يقع على عاتق المصحة مجموعة من الالتزامات تجاه المريض الذي يتلقى العلاج، بحيث يجب أن تنفذ هذه الالتزامات الناشئة عن أعمال العلاج أو عن أعمال الخدمات الطبية الأخرى  على وجه سليم. فالمريض، نظرا لحالته، يعهد تماما للمصحة بتوفير السلامة له، ويقتضي منها عدم وقوع حادثة له.

وينطبق هذا أيضا على الأطباء داخل عياداتهم لأنهم مرتبطين مع مرضاهم بموجب العقد الطبي الذي بمثابة اتفاق بين الطبيب وزبونه يلتزم بمقتضاه الأول بأن يقدم للثاني خدماته الفنية مقابل أجرة يدفعها الأخيرة. وتتمثل الخدمات الفنية التي يلتزم الطبيب بتقديمها للزبون في الاعتناء بصحته من خلال الوقاية من الأمراض أو تشخيصها أو علاجها أو القيام بغيرها من الأعمال الطبية المشروعة؛ وكل ذلك وفقا للضوابط المستقر عليها في علم الطب والقانون أيضا. أما الأجرة فيطلق عليها “الأتعاب” تمييزا للمقابل النقدي في هذا العقد عن نظيره في عقود الحرفيين مع زبنائهم.

فالإصابة بعدوى المستشفيات، لا يمكن أن تكون إلا نتيجة خطأ مهني قد يتخذ عدة صور تدل كلها على إخلال الطبيب أو المصحة بالالتزام باحترام قواعد الحيطة والحذر التي يقتضيها العلاج بمختلف صوره وأشكاله، والتي استقر عليها العلم منذ مدة طويلة، وهي تفرض عليهما مجموعة من الالتزامات أهمها: الالتزام بتعقيم الوسط العلاجي و الاستشفائي – الالتزام بالاستعمال الواحد للحقن والآلات – الالتزام بنقل دم سليم غير ملوث – الالتزام باستعمال أدوية سليمة غير معيبة، وأخيرا الالتزام بضمان سلامة المريض الذي يتلقى العلاج.

المطلب الأول

الالتزام بالتعقيم

يساهم الالتزام بالتعقيم في الوقاية من مخاطر الإصابة بعدوى المستشفيات.

وهو تلك العملية ذات النتيجة اللحظية التي تهدف إلى القضاء على الكائنات الدقيقة الموجودة في الأنسجة الحية و تعطيل الفيروسات.

ولتفادي انتقال العدوى إلى المريض خلال فترة علاجه يجب على الأطباء داخل عياداتهم أو على المصحات الالتزام بالقواعد التقنية الحديثة في مجال التعقيم، فهو التزام رئيسي يقع على عاتقهم.

ويتم ذلك بإتباع ضوابط معينة أو احتياطات وقائية من أجل الحد من انتقال العدوى سواء من مريض إلى آخر وذلك باحترام قواعد النظافة بالنسبة للمرضى، والاستعمال الواحد للحقن والأدوات.

المطلب الثاني

الالتزام بضمان سلامة المريض من الإصابة بعدوى المستشفيات

إن الالتزام بضمان السلامة فكرة ابتدعها القضاء في محاولته الخروج من الإطار التقليدي للمسؤولية القائمة على فكرة الخطأ، التي لم تعد تتفق ومستجدات العصر، حيث بدت قاصرة عن تحقيق الحماية القانونية للمضرورين وسلامتهم الجسدية. ومن ناحية أخرى فان الالتزام بالسلامة يتصف بسمات تميز عن غيره من الالتزامات العقدية الأخرى، علاوة على الطبيعة القانونية الخاصة به، من حيث كونه التزاما بتحقيق نتيجة في بعض صوره، وبذل عناية في صور أخرى، كما له أهمية أخرى من حيث مدى خضوعه لاتفاقات عدم المسؤولية.

لذلك فإن فكرة الالتزام بضمان السلامة هي في حقيقتها صياغة قانونية لمفهوم السلامة الجسدية للأشخاص.

وعليه، فإن وجود الالتزام بضمان السلامة في العقد يقتضي تحقق الشروط الآتية:

  1. وجود خطر يهدد السلامة الجسدية لأحد المتعاقدين؛
  2. أن يعهد أحد المتعاقدين بنفسه إلى المتعاقد الآخر؛
  3. أن يكون المتعاقد المدين بضمان السلامة مهنيا؛

 

 

 

أولا: مضمون الالتزام بضمان سلامة المريض

يختلف هذا الالتزام بوجه عام من حيث طبيعته القانونية، فقد يلتزم المدين بتحقيق نتيجة معينة، وقد يلتزم ببذل عناية. ويثور التساؤل هنا عن طبيعة مضمون الالتزام بضمان السلامة فيما يخص عدوى المستشفيات، وعما إذا كان التزاما بتحقيق نتيجة، أم أنه التزام ببذل عناية.

وتكمن أهمية تحليل مضمون التزام ما، في تحديد المكلف بعبء الإثبات، ففي الالتزام بتحقيق نتيجة يكفي أن يثبت الدائن وجود العقد مصدر الالتزام، و إثبات واقعة عدم تحقق النتيجة المنتظرة كليا أو جزئيا حتى تقوم مسؤولية المدين، ولا يدرأ المسؤولية عن هذا الأخير إلا إثبات السبب الأجنبي الذي لا يد له فيه وفقا لما يقضي به الفصل 268 من ظ ل ع.

أما في الالتزام ببذل عناية فعلى الدائن إثبات تقصير المدين أو سلوكه الخاطئ الذي كان السبب في الضرر الذي أصابه، ولا يكفي مجرد تحقق الضرر وإنما يلزم إثبات خطأ المدين وعلاقة السببية بينهما. وذلك لأن المدين ليس مكلفا هنا بتحقيق النتيجة وإنما ينحصر التزامه في بذل العناية والحرص اللازم من أجل تحقيقها.

فالعمل الطبي يقوم على أساسين يتناقض كل منهما مع الآخر، أحدهما يقوم على الضمان والآخر يقوم على الاحتمال، وبشكل من أشكال التفاعل الغائي يؤثر كل منهما ويتأثر بالآخر، فيتولد في النهاية الالتزام بضمان السلامة في العقد الطبي بمضمونه الخاص. و محله بذل عناية، فهي ليست عناية عادية وإنما متقنة وحذرة، متفقة في غير الظروف الاستثنائية أو النادرة مع المعطيات والأصول العلمية المستقر عليها.

إلا أن الالتزام بضمان السلامة والذي يقتصر محله على مجرد بذل العناية بالمريض، لم يحظ بالسيادة إلا في نطاق العمل الطبي بالمعنى الضيق، سواء كان تشخيصا للمرض أو علاجا بالدواء أو بغيره، أو تدخلا بالجراحة، أما غير ذلك خارج هذا النطاق حيث يكون العمل الطبي بعيدا إلى حد ما عن مهمة الطبيب بالمعنى الضيق، بحيث تصبح نتيجة تنفيذ التزام الطبيب لا مجال فيها لفكرة الاحتمال، أو على الأقل تضعف حدة وجودها، حينئذ يعود الالتزام بالسلامة إلى حجمه الطبيعي، ليصبح التزاما بالضمان أي بتحقيق نتيجة وخاصة في العقود الطبية المساعدة، إذا جاز لنا إطلاق هذا التعبير والتي تقع خارج المعنى الضيق الذي ذكرناه، والمتمثلة في عمليات نقل الدم، والتحاليل الطبية المختلفة، والأدوية والتركيبات الصناعية، واستخدام الأجهزة والأدوات.

لذلك، فإن الالتزام بضمان سلامة المريض من الإصابة بالعدوى خلال تلقيه العلاج يعتبر التزاما بتحقيق نتيجة.

ويعتبر نقل الدم من أهم تطبيقات الالتزام بضمان سلامة المريض،  فهو يعد من العمليات المألوفة في المجال الطبي.

فالطبيب وإن كان ليس مسؤولا عن شفاء المريض بواسطة الدم الذي يحقنه به، لأن التزامه أساسا هو التزام ببذل عناية يقظة في العلاج، إلا أنه يصبح ملتزما بنتيجة هي سلامة المريض من كل عدوى أو خطر يمكن أن يحدث خلال حقنه بالدم.

كما يظهر الالتزام بضمان سلامة المريض من العدوى، بشكل واسع في عقد الاستشفاء الذي يجمع بين المصحة الخاصة والمريض، بحيث يرتب عليها التزاما رئيسيا بالالتزام بضمان سلامة النزيل.

فالالتزامات التي تقع على عاتق المصحة ليست على درجة واحدة، فهناك التزام بتحقيق نتيجة معينة، وهناك التزام آخر ببذل عناية.

فالمصحة تلتزم في مواجهة المريض فيما يتعلق بتنفيذ تعليمات الطبيب ببذل عناية يقظة وأمينة دون أي التزام بالسلامة، بحيث يكون على المريض آنذاك إثبات إخلال المصحة بالتزاماتها.

أما فيما يتعلق بالخدمات الطبية الأخرى، كتدفئة المريض بعد العملية الجراحية، أو الإقامة، فيقع على عاتق المصحة التزام محدد بالسلامة، “لأن المريض بالضرورة كائن متضائل بصفة مؤقتة، ويعهد بنفسه كلية، لمن تعهد، في مقابل أجر، بالعناية به”. وكذلك فيما يتعلق بالأغذية، والأدوية التي تقدمها، أو التحاليل التي قد تقوم بها، فتتعهد في شأنها، بالتزام محدد بنظافة الأغذية، وسلامة الأدوية، وصحة نتائج التحاليل.

ثانيا: الأساس القانوني للالتزام بضمان سلامة المريض من الإصابة بعدوى المستشفيات

انقسم الفقه في تبرير الأساس التعاقدي للالتزام بضمان السلامة إلى اتجاهين، الأول ذو نزعة شخصية يقوم عل تفسير الإرادة الضمنية للمتعاقدين، إلا أن هذا التفسير تم التخلي عنه حيث تعرض كثيرا للانتقاد لأنه يقوم على التحكم والتخمين في تفسير إرادة المتعاقدين على نحو لا يصادف الواقع.

والاتجاه الثاني ذو نزعة موضوعية يستند إلى مستلزمات العقد، وإلى الفصل 231 من ق ل ع الذي ينص على أن “كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية، وهو لا يلزم بما وقع التصريح به فحسب بل أيضا بكل ملحقات الالتزام التي يقررها القانون أو العرف أو الإنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته”.

ويتضح من الفصل 231 المذكور أنه يضع عدة ضوابط هي حسن النية، التشريع، العرف والعادة، وأخيرا الإنصاف. غير أنه قيد توظيف هذه الضوابط بما تقتضيه طبيعة العقد أو التصرف المراد تحديد مضمونه، ومن ثم كانت أهمية تكييف العقد قبل تفصيل أحكامه وتحديد مضمونه.

فنطاق المسؤولية العقدية يتحدد، بداهة، على مقتضى تعيين مضمون العقد. وإذا كان تحديد الالتزامات الرئيسية، المترتبة عن العقد، يسيرا في العادة، فان تحديد الالتزامات الثانوية أكثر دقة. ويجب على كل حال الرجوع إلى إرادة المتعاقدين التي أنشأت العقد، لتعيين الالتزامات الناشئة عنه. على أن العقد لا يقتصر على إلزام العاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة، وبالتالي يمكن للقاضي أن يضيف إلى مضمون العقد ما يقتضي العرف والعدالة إضافته إليه، ويهدف ذلك إلى حماية الفرد وتحقيق التوازن بين المصالح المختلفة.

ويسمح لنا الفصل 231 من ق ل ع بالقول بأن الالتزام بتقديم العلاج هو الالتزام الرئيسي الذي يرتبه العقد الطبي. وهو ما عبر عنه الفصل المذكور “بالتعهد الذي وقع التصريح به”.

ومن جهة أخرى يجعلنا نستنتج في نفس الوقت أن هناك التزامات أخرى هي في الحقيقة – كما عبر عن ذلك الفصل 231 نفسه – “ملحقات الالتزام (الرئيسي) التي يقررها القانون أو العرف أو الإنصاف وفقا لم تقتضيه طبيعته”.

ذلك أن تدقيق النظر في محتوى الالتزامات التي يرتبها العقد الطبي أو عقد الاستشفاء يفيد أن هناك التزامات أخرى يقررها التشريع، أو العرف أو الممارسة المهنية، أو تقتضيها قواعد العدل والإنصاف. وإذا كان الفصل المذكور قد سماها “ملحقات الالتزام الرئيسي”، فإننا نكيفها بأنها التزامات فرعية أو ثانوية تمييزا لها عن الالتزام الرئيسي بتقديم العلاج.

ولعل أظهر تطبيق لسلطة القاضي في تكملة العقد، الالتزام بضمان السلامة في العقد الطبي وكذلك في عقد الاستشفاء، حماية للمريض من الإصابة بالعدوى خلال علاجه.

وقد أخذ القضاء المغربي بالالتزام بضمان السلامة في بعض أحكامه، ومنها حكم للمحكمة الابتدائية بالرباط جاء فيه: “إن الأصل هو أن الطبيب لا يلتزم بتحقيق نتيجة، ولكن ببذل طبيب يقظ جهودا صادقة لتحقيق ما تعهد به، إلا أنه يكون في بعض الأحيان مطوقا بالتزام بتحقيق نتيجة ليست هي شفاء المريض ولكن ضمان سلامته وعدم تعريضه لأي أذى أو إصابته بأي ضرر”.

وتجدر الإشارة إلى أن الالتزام بضمان السلامة قد يقع على الطبيب في القطاع الخاص أو المصحة الخاصة، كما قد يقع أيضا على المستشفى العام، فهو التزام محدد بتحقيق نتيجة. وكما يرى الفقه فإن الالتزام بتحقيق نتيجة ليس مقصورا على المجال العقدي، وإنما يوجد في المجال غير العقدي.

ولاشك أن الاعتراف بأن الالتزام بضمان سلامة المريض يكون بنتيجة، من شأنه تدعيم ثقة المرضى في المستشفيات العامة، خاصة بعد أن تعرضت هذه الثقة للاهتزاز في كثير من الأحوال.

إن الوقوف على خطورة موضوع العدوى المكتسبة داخل المؤسسات الصحية، والعمل على مكافحتها، يستدعي تكافل مجهودات جميع المعنيين من أطر صحية، بهدف ضمان جودة النظام الصحي و بتفعيل عمل لجان مكافحة العدوى داخل المستشفيات العامة والمصحات الخاصة على الصعيد الوطني أو الجهوي. وكذا القانونيين في اتجاه تحقيق حماية قانونية للمرضى سواء من خلال التشريع أو العمل القضائي.

فالمشرع المغربي يجب أن يتدخل لوضع إطار قانوني متكامل ينظم قواعد المسؤولية الطبية وأن يعمل على وضع مدونة للصحة العامة تضم جميع النصوص القانونية المتعلقة بتنظيم المجال الصحي كما هو عليه الأمر في فرنسا.

أما بالنسبة للقضاء فينبغي التوسع في تطبيق نظام المسؤولية دون خطأ على أساس المخاطر العلاجية في قضايا الإصابة بالعدوى حتى يتسنى تعويض المصابين عن الأضرار التي لحقتهم.

وفي الأخير يجب الإشارة إلى نقطة أساسية وعلى قدر من الأهمية، وهي أن المواطنين لازالوا يجهلون ماهية هذا النوع من العدوى ومخاطرها، وهذا ما يبرر قلة القضايا المطروحة على القضاء في الموضوع.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى