آثار المسئوليَّة التقصيريَّة في التشريع العُماني – الدكتور : أحمد محمد أحمد الزين – الدكتور : أحمد عبدالكريم موسى الصرايرة
آثار المسئوليَّة التقصيريَّة في التشريع العُماني
Effects of Tort Liability In Omani Legislation
الدكتور : أحمد محمد أحمد الزين (باحث أول )
أستاذ القانون الخاص المشارك جامعة ظفار- سلطنة عمان
الدكتور : أحمد عبدالكريم موسى الصرايرة (باحث ثاني)
أستاذ القانون المساعد جامعة عجلون الوطنية -الأردن
لتحميل الاصدار كاملا
مجلة القانون والأعمال الدولية : الاصدار رقم 49 لشهري دجنبر 2023 / يناير 2024
مخلص البحث
هدف هذا البحث للتعرُّض بالدراسة لموضوع آثار المسئوليَّة التقصيريَّة؛ لما لهذا الموضوع المهمّ من وجود على أرض الواقع في قضايا المحاكم المختلفة، وهو يعالج مشكلة حقيقية تتزايد يوماً بعد يومٍ، وذلك نسبة لتطوُّر الحياة وتزايد المخاطر والأضرار التي يتعرَّض لها الإنسان.
البحث يدور حول آثار المسئوليَّة التقصيريَّة المتمثِّلة في: الدعوى، التعويض، وبطلان شرط الإعفاء من المسئوليَّة بغرض فهم هذه القضيا القانونيَّة الهامة وتأثيرها على أطراف الدعوى، ومن ثمَّ تحليل هذه الآثار سواءً كانت ماديَّة أو معنويَّة وتقديم حلول بشأنها استناداً على المبادئ القانونيَّة والأحكام القضائيَّة المتعلِّقة بالموضوع.
تدور مشكلة البحث في إنَّ تقدير التعويض قد يثير مشكلة متعلِّقة بكيفة توضيح عناصر الضرر، نوعه، مداه، وأثر ذلك في تقدير التعويض، كما أنَّه من العسير في بعض الحالات تقديره، ولمعالجة مشكلة البحث تمَّ استخدام المنهج الوصفي لإيراد السوابق القضائية والنصوص القانونيَّة المتعلِّقة بموضوع البحث، وتمَّ استخدام المنهج التحليلي لتقديم تحليل علمي وفقاً لمناهج البحث وذلك لتقديم حلول ناجعة لمشكلة البحث.
في ختام البحث تمَّ تقديم عدد من النتائج والتوصيات التي يمكن أنْ تسهم في تطوير التشريع، وإتخاذ قراراتٍ قانونيَّة سليمة، ونتطلَّع أنْ تكون نتائح البحث ذات فائدة وقيمة للباحثين وذوي الاهتمام في مجال القانون وأن يكون لها اسهام في البحوث في المستقبل، ومن أهمِّ النتائج التي تمَّ تقديمها في البحث: بأنَّ المُشرِّعَ العُماني لم يتطرَّقْ لموضوع التعويض الاسمي والذي يكون في الحالة التي يرتكب المدعى عليه خطأ دون أنْ يسبب ضرراً للمدعي بل يُثبت أنّ حقّ من حقوق المدعي القانونيَّة قد تمّ انتهاكها، وبناءً على هذه النتيجة تمَّ تقديم توصية مفادها بأنَّه عند مراجعة قانون المعاملات المدنية العُماني رقم 29/2013 في المستقبل أنْ يتمَّ إعادة النظر في موضوع التعويض الاسمي وإدراجه في القانون.
الكلمات المفتاحية : المسئوليَّة التقصيريَّة ، التعويض ، التقادم ، الإعفاء من المسئوليَّة، الضرر .
Abstract
The aim of this research is to study the effects of negligence liability, given its significant presence in various court cases. It addresses a real problem that is increasing day by day, due to the development of life, the increasing risks, and the damages that humans are exposed to.
The research revolves around the elements of negligence liability, specifically the lawsuit, compensation, and the invalidation of liability exemption clauses. The purpose is to understand these important legal issues and their impact on the parties involved in the lawsuit. Furthermore, the research analyzes these effects, whether material or moral, and provides solutions based on legal principles and relevant judicial rulings.
The research problem revolves around the estimation of compensation, which may raise issues regarding how to clarify the elements of harm, its type, extent, and the impact on the estimation of compensation. Estimating compensation can be challenging in some cases. To address this problem, a descriptive approach was used to present judicial precedents and legal texts related to the research topic. Additionally, an analytical approach was employed to provide a scientific analysis following research methodologies, aiming to offer effective solutions to the research problem.
At the end of the research, several results and recommendations were presented, which can contribute to the development of legislation and the adoption of sound legal decisions. It is hoped that the research findings will be useful and valuable to researchers and individuals interested in the field of law, with the potential to contribute to future research. One of the key findings presented in the research is that the Omani legislator did not address the issue of nominal compensation, which applies in cases where the defendant commits an error without causing harm to the plaintiff but violates one of the plaintiff’s legal rights. Based on this result, a recommendation was made to reconsider the inclusion of nominal compensation in the Omani Civil Transactions Law No. 29/2013 in the future.
Keywords: Negligence liability, compensation, statute of limitations, liability exemption, damages
مُقدِّمة :
يُعتبر موضوع البحث المتمثِّل في آثار المسئوليَّة التقصيريَّة من المواضيع المهمَّة والمعقَّدة في ذات الوقت في مجال القانون، فهو يتعلَّق بما يترتَّب على الفعل الضار والأثر الذي يحدثه بالغير وما يترتّب على ذلك من جبر الضرر سواءً كان عن طريق التعويض النقدي أو التعويض العيني، ولأهميَّة هذا الموضوع فقد تناولته معظم النظم القانونيَّة في العالم، ولكن المبادئ التي تقررها تلك النظم القانونية تختلف من تنظيم لآخر.
الغرض من دعوى المسئوليَّة التقصيريَّة هو تحقيق العدالة بتعويض الأشخاص الذين أصابتهم أضرار نتيجة لسلوك لا يتوافق مع القانون أو مخالف لمعايير المهنة والالتزامات التي يرفضها ويجب على الكافة احترامها، وتكون تلك الدعاوى نتيجة لحوادث المركبات، الخطأ الطبي، وغيرها من الدعاوى.
إنَّ الآثار التي تترتَّب على الفعل الضار تختلف من حيث مداها وطبيعتها وتأثيرها، فيمكن أنْ تشمل الإصابات الجسدية، تلف الأموال، والأضرار المعنوية.
الإعفاء من المسئوليَّة يمكن أنْ يكون في مجال العقود، وفي العادة يتمُّ وضع تلك الشروط في العقد للحدِّ من المسئوليَّة وتحديد نطاق التعويض عنها، أو الإعفاء منها كليَّةً، أمَّا في مجال المسئوليَّة التقصيريَّة فإنَّ أي شرط يعفي من المسئوليَّة يقع باطلاً لحكم القانون الذي ينظِّم المسئوليَّة التقصيريَّة وتطبيقاً لمبادئ العدالة التي تأبى بأن يبقى المضرور بدون تعويض يجبر الضرر الذي تعرَّض له .
سوف يتمُّ في هذا البحث مناقشة آثار المسئوليَّة التقصيريَّة، وكيفية تعويض الضرر، بالإضافة إلى التأمين من المسئوليَّة وبطلان شرط الإعفاء منها، وسوف يتمُّ استعراض المبادئ القانونيَّة وقرارات المحكم التي تعكس الجانب العملي لهذه المسألة، بجانب ذلك يتمُّ التعرُّض لآراء الفقهاء وتحليلهم القانوني المُتعلِّق بموضوع البحث، ويشتمل البحث أيضاً على الجدل المثار حول موضوع البحث ومدى تأثير ذلك على الأفراد بشكلٍ عام.
بالنظر إلى الأهميَّة العظمي لموضوع البحث فإنَّه يسعى إلى توفير فهم متكامل ومتعمِّق لآثار المسئوليَّة الثلاثة بعناصرها: الدعوى، التعويض، وبطلان شرط الإعفاء من المسئوليَّة والتأمين منها، ومن المتوقَّع بأنْ يكون لهذا البحث أهميَّةً من الناحية القانونيَّة والأكاديمية في نطاق القانون، وربما يسهم في التأثير على التشريع في المستقبل.
إنَّ هذه الدراسة تعتمد على مصادر قانونيَّة وكتب أكاديمية متخصِّصة، وسوف تعتمد هذه الدراسة على التحليل وفقاً لمناهج البحث العلمي القانوني بغرض تقديم نتائج وتوصيات تستند على التحليل الموضوعي بهدف تسليط الضوء على آثار المسئوليَّة التقصيريَّة وتطوير بعض النصوص القانونيَّة.
-
مشكلة البحث: تدور مشكلة البحث في إنَّ تقدير التعويض قد يثير مشكلة مُتعلِّقة بكيفية توضيح عناصر الضرر، نوعه، مداه، وأثر ذلك في تقدير التعويض كما أنَّ تقديره في بعض الحالات قد يكون من الصعوبة بمكان.
-
أهداف البحث : تتمثَّل أهداف البحث في تحديد مفهوم آثار المسئوليَّة التقصيريَّة، وتحيليها، لمعالجة مشكلة البحث، وتقديم إقتراحات من شأنها أنْ تقدِّم حلولاً ناجعة لتطوير التشريع المُتعلِّق بموضوع البحث.
-
أهميَّة البحث: تتبلور أهميَّة البحث النظرية في أنَّه يساهم في تعزيز المعرفة والفهم المتعمِّق لموضوع البحث، ومن جانب آخر فإنَّه يساهم في تطوير النظريات المُتعقلِّة بموضوع البحث، ويمكن أنْ يغطي بعض الفراغ، ويمكن أنْ يكون البحث من خلال نتائجه مصدراً لباحثين أُخر لمواصلة البحث في هذا المجال الهام، أمَّا بالنسبة للأهميَّة العملية فإنَّ البحث يمكن أنْ يساهم بشكلٍ فاعلٍ في عملية التشريع ويكون أساساً لتبني بعض النصوص التشريعية.
-
منهج البحث : في هذا البحث تمَّ الاعتماد على المنهج الوصفي والمنهج التحليلي في ذات الوقت، فالمنهج الوصفي يتمُّ استخدامه لإبراز النصوص القانونيَّة والسوابق القضائية وتحليل ذلك بطريقة علمية بإستخدام المنهج التحليلي.
-
هيكل البحث: تمَّ تقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث: يتعرَّض المبحث الأوَّل بالدراسة لموضوع دعوى المسؤوليَّة، بينما يتناول المبحث الثَّاني موضوع التعويض، وقد تمَّ تخصيص المبحث الثَّالث لدراسة موضوع بطلان شرط الإعفاء من المسؤوليَّة والتأمين منها.
المبحث الأوَّل
دعوى المسؤوليَّة
إذا توافرتْ أركان المسؤوليَّة من خطأ وضرر وتوافرتْ علاقة السببية بين الخطأ والضرر فإنّ الأثر المترتّب على ذلك هو الحكم بالتعويض من خلال دعوى التعويض، إلّا أنّه في بعض الحالات قد لا يتمّ الحكم بالتعويض لسقوط الدعوى بالتقادم، وفي دعوى المسؤوليَّة سوف يتمّ الحديث عن أطراف الدعو ى وإثباتها وكذلك تقادمها.
أوَّلاً-أطراف الدعوى:
أطراف دعوى المسئوليَّة عن الفعل الضار هما المدعي وهو المضرور، والمدعى عليه وهو المسؤول عن الضرر.
1-المدعي:
إنّ المدعي في دعوى المسؤوليَّة التقصيريَّة هو المضرور، وهو من له الحقّ في رفع الدعوى والمطالبة بالتعويض الذي يجبر الضرر الذي حدث له، ويمكن أنْ يباشر الدعوى نيابةً عنه وكيله، الولي، أو الوصي إذا كان فاقداً للأهلية أو ناقصها، وإذا توفي المضرور انتقل الحقّ في التعويض لورثته، وقد يتعدّد المضرورين كما لو كان الضرر قد أصاب عُدَّة أشخاص فيحقُّ لكلٍ منهم المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه.
2-المدعى عليه:
المدعى عليه هو المسؤول عن الضرر، أي الذي كان فعله سبباً في حدوث الضرر، فإنْ توفي هذا الشخص فترفع الدعوى على ورثته، ويوفى مبلغ التعويض من تركته قبل توزيعها على الورثة.
هنالك حكماً مفاده أنّه في حالة تعدّد المسئولين عن الفعل الضار فأنّ مسئوليتهم ليست تضامنية وبالتالي لا بد من إقامة الدعوى عليهم جميعاً، وليس على بعضهم ومطالبته بالتعويض، والقاضي لديه سلطة في أن يقدّر نسبة مساهمة كل منهم في الخطأ وبالتالي الحكم عليه بالتعويض حسب نسبة مساهمته في الخطأ، إلّا أنّ هنالك استثناء وهو سلطة تقديريَّة للمحكمة بأنْ تجعل مسؤوليتهم تضامنية وبالتالي يمكن إقامة الدعوى على أي منهم ومطالبته بكامل التعويض، ويمكن لمن قام بالوفاء دون باقي المساهمين أنْ يرجع عليهم كل بحسب نصيبه .
ثانياً-إثبات الدعوى:
يجب على المضرور إثبات الضرر الذي حدث له، كما يجب عليه أيضاً إثبات علاقة السببية بين الفعل والضرر، أي بمعنى عليه إثبات أنَّ الضرر الذي أصابه كان نتيجة للفعل الذي قام به المدعى عليه المسؤول عن الضرر .
يُعتبر الضرر واقعةً مادية وبالتالي يمكن إثباته بكافة طرق الإثبات بما فيها الشهادة والقرائن، على أنّ ثبوت الضرر من عدمه يُعتبر من المسائل الواقعية والتي تُعتبر سلطة تقديريَّة لمحكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض، أمّا تحديد طبيعة الضرر وتعيين العناصر المكونة له وتكييف الوقائع بأنّها خطأ فإنّها تُعتبر من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض .
ثالثاً-تقادم الدعوى:
1- عدم سماع دعوى التعويض بمرور خمس سنوات:
تسقط دعوى المطالبة بالتعويض عن الفعل الضار بالتقادم بمرور خمس سنوات من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالفعل الضار وكذلك بالشخص المسؤول عنه دون أنْ يطالب بالتعويض، وقد اعتبر المُشرّعُ أنّ عدم مطالبة المضرور طوال تلك الفترة قرينة على تنازله عن المطالبة بالتعويض .
بيد أنّ هذه القرينة تُعتبر من القرائن البسيطة التي تقبل إثبات العكس؛ إذ يجب على من يتمسَّك بسقوط الدعوى إثبات أنَّ المضرور قد علم علماً حقيقاً وليس علماً ظنياً بالضرر وكذلك بالشخص المسؤول عنه ومرور الفترة التي حدّدها القانون من اليوم الذي علم فيه بذلك .
2-سقوط دعوى التعويض الناشئة عن جريمة:
قد تشكِّل بعض الوقائع سبباً لدعوى جنائية وأخرى مدنية، ويحدث ذلك عندما يرتكب شخص جريمة يترتّب عليها ضرراً للغير، فينشأ عن هذه الواقعة دعوى جنائية لتوقيع العقاب على الجاني، ودعوى أخرى مدنية للحكم بالتعويض للشخص المضرور، وقد يترتّب على ذلك صدور حكم مدني يعارض الحكم الجنائي، إذ قد تحكم المحكمة الجنائية بإدانة المتهم والحكم عليه بالغرامة، وقد لا تحكم المحكمة المدنية بالتعويض على أساس عدم وقوع الجريمة أو لأنّ المدعي عليه لم يرتكبها، وتفادياً لهذا التعارض بين الأحكام قرّر المُشرّعُ جعل الحكم الجنائي حُجةً على الحكم المدني، حتى لا يصدر حكم جنائي يتعارض مع حكم مدني، ويجب إيقاف السير في الدعوى المدنية حتى يتمّ الفصل في الدعوى الجنائية التي تمّ رفعها بعد الدعوى الجنائية أو إثناء السير في الدعوى الجنائية.
في بعض الحالات قد تسقط الدعوى الجزائيَّة بالتقادم من يوم وقوع الجريمة إمّا لعدم اكتشافها أو لعدم معرفة الجاني أو لعدم رفع الدعوى الجزائية في الوقت الذي قرّره القانون، إذ تسقط الدعوي الجزائية بمرور عشرين سنة في الجنايات التي يحكم فيها بالإعدام أو السجن المطلق، وعشر سنوات في غيرها من الجنايات، وثلاث سنوات في الجُنح وسنة في المخالفات وذلك كله من يوم وقوع الجريمة “.
إنّ المُشرّعَ العُماني قد وضع معياراً لحساب مدّة تقادم الدعوى الجزائية حيث قرّر بأنّ تلك المدّة تبدأ من تأريخ وقوع الجريمة، وليس من تأريخ العلم بالجريمة أو من تأريخ معرفة المسؤول عنها، كذلك يبدأ من التأريخ الذي تمّ فيه إتخاذ آخر إجراء فيها من قبل المحكمة أو سلطات التحقيق ثمَّ مرور مدّة من الزمن لم يتمّ فيها إتخاذ أي إجراء فيها بل ظلتْ راكدة طوال الفترة التي حدّدها القانون .
في الحالة التي يكون فيه التعويض ناشئ عن جريمة فإنّ الدعوى المدنية لا تسقط بالتقادم مع قيام الدعوى الجنائية، إذ إنّ المُشرّعَ أراد أنْ يتفادى الحكم على الجاني في الدعوى الجنائية دون التمكُّن من الحكم عليه في الدعوى المدنية بالتعويض فنصّ على عدم سقوط الدعوى المدنية بالتقادم بل تبقى الدعوى المدنية قائمة مع دامت الدعوى الجنائية قائمة ولا تسقط إلّا بسقوط الدعوى الجنائية؛ وذلك حتى تتاح الفرصة للمضرور من أنْ يحصل على التعويض من الجاني في الوقت الذي يعاقب فيه، وخلافاً لذلك أيضاً إذا كانت الجريمة التي نشأ عنها الضرر مخالفة بسيطة فإنّ الدعوى تسقطت بمرور سنة من يوم وقوعها وبالرغم من ذلك تبقي الدعوى المدنية لأنّ المضرور قد لا يكون قد علم بالضرر وبالمسئول عنه ومرّت خمس سنوات، أو لم تسقط بمرور خمس عشرة سنة من يوم وقوع الجريمة .
3-سقوط الدعوى بإنقضاء خمس عشرة سنة:
إنّ دعوى التعويض عن الفعل الضار تسقط بمرور خمس سنوات من علم المضرور بالضرر وبالشخص المسؤول ، وفي كل الأحوال تسقط بمرور خمس عشر سنة من يوم وقوع الفعل الضار حتى ولو لم يعلم المضرور بحدوث الضرر أو بالشخص المسؤول عنه.
المبحث الثَّاني
التعويض
تمّ تعريف التعويض بأنّه:” مبلغ مالي أو عيني يعادل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب نتيجة للفعل الضار .
على أنَّ الغرض من التعويض هو جبر الضرر الذي لحق بالمضرور، وليست الغاية منه بأي حال من الأحوال إثراء المضرور .
للحديث عن التعويض لا بد من تناول طرق التعويض وكيفية تقديره والعوامل المؤثِّرة فيه:
أوَّلاً-طرق التعويض:
يمكن أنْ يكون العويض نقدياً، أو عينياً، أو يكون بمقابل غير نقدي في بعض الحالات التي تقتضي ذلك، وقد يكون كاملاً، أو اسمياً، أو تحقيرياً.
1-التعويض النقدي:
قد يكون التعويض نقداً كما في حالة فوات الكسب والتعويض عن الدواء والعلاج في حالة الإصابة، وهو عبارة عن مبلغ من المال يدفع من المسؤول عن الضرر للمضرور جبراً للضرر الذي لحق بالأخير، والأصل أنْ يتمّ سداد المبلغ دفعة واحدة، وليس هنالك ما يمنع القاضي -بحسب ظروف الضرر- أنْ يحكم به على أقساط دورية، أو في شكل مرتّب مدى حياة المضرور .
2-التعويض العيني:
قد يكون عينياً وهو من أنجع طرق التعويض إذ أنّه يؤدِّي إلى إزالة الضرر بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل حدوث الضرر كما في الحالة التي يحكم فيها بهدم الحائط الذي يحجب الهواء والضوء عن العقار المجاور، أيضاً كالحكم بإلزام المسؤول عن الضرر بإصلاح السيارة التي صدمها.
3-التعويض بمقابل غير نقدي:
قد يكون التعويض بمقابل غير نقدي كما في حالة الحكم في دعاوى السب والقذف بالقضاء بنشر الحكم الذي يصدر بإدانة الشخص الذي إرتكب ذلك الفعل في الصحف، بيد أنَّ التعويض النقدي يُعتبر من أكثر السبل ملاءمة لإزالة الضرر الناتج عن الفعل الضار.
4-التعويض الكامل:
يتعيّن على القاضي أنْ يحكم بالتعويض الذي يجبر كل الضرر ولو في أصغر جزئياته، بيد أنّه في ذات الوقت يجب ألّا يكون التعويض أكبر من قيمة الضرر؛ لأنّ الحكمة من ذلك أنّه في حالة إنْ كان التعويض أكبر من الضرر فسوف يثري المضرور على حساب المسؤول عن الضرر.
5 -التعويض الأسمي والتعويض التحقيري:
في بعض الأحيان قد يرتكب المدعى عليه خطأً دون أنْ يسبب ضرراً للمدعي، بل يُثبت أنّ حقّاً من حقوق المدعي القانونيَّة قد تمّ انتهاكها كمن يدخل أرضاً زراعية لآخر دون إذنه فإنّه يكون متعدياً، بيد أنَّ المدعي لم يلحقه أي ضرر، في هذه الحالة يمكن للمحكمة أنْ تحكم بتعويض اسمي للمدعي.
التعويض التحقيري وهو يحكم به في الحالة التي ترى فيها المحكمة بأنّ المدعي قد نجح في دعواه من الناحية الشكلية البحتة إلّا أنّه لا يجب أنْ يحكم له بالتعويض الكامل؛ إذ أنّه إدعاء حقير، و لأنّ فعل المدعى عليه كان ردة فعل لفعل من المدعي، كما إذا تهجم المدعى عليه على المدعي نتيجة لاستفزازٍ شديدٍ وعبارات مهينة من المدعي وجهها للمدعى عليه في تلك الحالة يجوز الحكم بتعويض تحقيري .
المُشرِّعُ العُماني لم ينصّْ على التعويض الاسمي والتحقيري، ولكنَّه فقط نصَّ على التعويض النقدي والتعويض بمقابل، ومن الأفضل إعادة النظر في هذا الأمر عند مراجعة القانون في المستقبل، وأنْ يتمَّ إدراج هذه الأنواع من التعويض؛ وذلك لما لها من أهميَّة.
ثانياً-تقدير التعويض ووقت نشوئه ووقت تقديره وإعادة النظر فيه والعوامل المؤثِّرة فيه:
1-تقدير التعويض:
يجب أنْ يكون التعويض جابراً للضرر الذي أصاب المضرور، وكذلك يجب أنْ يعوَّض المضرور عن الكسب الذي فاته والخسارة التي لحقته نتبجة للفعل الضار، بيد أنّه يشترط أنْ يكون ذلك من النتائج الطبيعة للفعل الضار.
نصَّ المُشرِّعُ العُماني فقط على التعويض عن فوات الكسب، وفوات الكسب هو ما كان سوف يجنيه المضرور من أموالٍ إذا لم يقع الفعل الضار، ولكنَّه لم ينصّْ على التعويض عن الخسارة التي لحقتْ المضرور نتيجة للفعل الضار، ويجب مراجعة هذا الأمر عن النظر في تعديل القانون في المستقبل بأنْ يكون نصُّ المادة 181 من قانون المعاملات المدنية العُماني كالآتي: يُقدَّر التعويض في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب وما لحقته من خسارة بشرط أنْ يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار.
كما إذا قام شخص بجرح آخر فإنّه يجب أنْ يقوم بدفع تعويض عبارة عن تكلفة العلاج والدواء، وإذا نتج عن ذلك عدم قدرة المضرور على العمل فيجب على المعتدي تعويضه عمّا فاته من كسب خلال توقفه عن العمل بسبب تلك الإصابة، ولكن يجب إثبات أنّ التوقُّف عن العمل بسبب الإصابة والفترة التي وقفها عن العمل والمبلغ الذي فقده نتيجة التوقُّف عن العمل.
أيضاً من الأمثلة على ذلك إذا أصابتْ سيارة طبيب اسنان -وكانت لديه عيادة خاصة يعمل فيها صباح مساء -فإنّ تقدير التعويض يجب أنْ يشمل نفقات العلاج كالمبالغ التي تقاضاها الأطباء وثمن الدواء، كما يجب أنْ يشمل التعويض الكسب الذي فات هذا الطبيب وهو عدم العمل وفقدانه قيمة ما كان يجنيه من عيادته الخاصة.
إنَّ تقدير التعويض عن الضرر المباشر لا يثير صعوبة كبيرة، بيد أنّه من العسير تحديد الضرر الأدبي، وهو من الأهميّة بمكان؛ إذ أنّه الأساس الذي يقوم عليه تقدير التعويض، فإنْ كان هذا الضرر متجسِّداً في آلام نفسيه يعاني منها المضرور يمكن للقاضي أنْ يستعين برأي الطبيب من ذوي الاختصاص لكي يصف تلك الآلام، ومَّما تجدرالإشارة إليه بأنَّ تلك الآلام تختلف من شخص لآخر بحسب سنه، جنسه، ودرجة إصابته ومحلها، كما أنّها تختلف بحسب قدرة الناس على الاحتمال وطباعهم ومزاجهم، ويجب على القاضي أنْ يضع كل تلك الظروف نصب عينيه عند تقديره للتعويض، فإذا ما أصيب شخص بتشويه في جزء من جسمه، فالتشويه الذي يحدث للفتاة يكون أثره أكثر من التشويه الذي يصيب الرجل، كما أنّ التشويه الذي يحدث للمرأة المتزوجة يكون تأثيره أقل من التشويه الذي يحدث لفتاة في مقتبل العمر ترغب في الزواج .
يجب على القاضي عند تقديره للتعويض أيضاً أنْ يأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي للمصاب، فالتشويه الذي يحدث في وجه امرأة لها نشاط ثقافي واجتماعي يحتّم عليها الاشتراك في المحاضرات، والندوات يكون له أثر أكبر من التشويه الذي يحدث لامراة أخرى تظلُّ حبيسة المنزل لا تمارس أي نشاط .
مَّما لا ريب فيه بأنَّ محكمة الموضوع تقوم بتقدير التعويض، ولكن يقع عليها إلزاماً بأنْ تقوم بتوضيح عناصر الضرر، ونوع الضرر الذي لحق بالمضرور، مبلغه، مداه، وأثر ذلك في تقدير التعويض وإلَّا فإنَّ حكمها يكون معيباً مستوجباً نقضه.
2-وقت نشوء الحقّ في التعويض:
اختلف الفقه في وقت نشوء التعويض فذهب البعض إلى أنّه ينشأ وقت الحكم به فيكون بذلك منشأً للحقّ وليس مقرَّراً له أو كاشفاً له، بينما الرأي الراجح يذهب إلى أنّ الحقّ في التعويض ينشأ مجرد حدوث الضرر ويُعتبر الحكم كاشفاً له وليس منشأً له .
3- وقت تقدير التعويض:
إنَّ الوقت الذي يركن إليه في تقدير التعويض عن الضرر هو اليوم الذي تصدر فيه المحكمة الحكم بالتعويض؛ لأنّ الضرر قد يزيد أو يقلُّ في الفترة من وقوعه إلى وقت صدور الحكم لا سيما إذا كانت هنالك حالة تضخُّم مهما كان حجمه وأثر ذلك في انخاض العملة وارتفاع قيمة الأشياء.
4-إعادة النظر في تقدير التعويض:
قد يحكم القاضي للمضرور في الإصابة الجسمانية التي لا تؤدِّي إلى الوفاة بالتعويض، بيد أنّ هذه الإصابة قد تتفاقم وتؤدِّي بحتف المضرور، وفي هذه الحالة يحقّ للزوجة والأقارب المطالبة بالتعويض عمَّا لحق بهم من ضرر مادي ومعنوي مرتد، كما يحقّ للمصاب إذا زادت نسبة الإصابة وتفاقم الضرر أنْ يطلب من المحكمة إعادة النظر في تقدير التعويض كما إذا كانت نسبة العجز 40% ثمّ تفاقمتْ بعد صدور الحكم ووصلتْ نسبة العجز إلى 80% بقرار طبي؛ إلّا أنّه من الأنسب من البداية أنْ يؤجِّل القاضي قراره في الحكم بالتعويض حتى يستقرَّ الوضع الصحي نهائياً للمضرور، أو أنْ يقوم بالحكم بتعويض مؤقت وأنْ يحفظ للمضرور حقّه في المطالبة بالتعويض الذي يستحقَّه بصورة نهائية خلال مدّة معقولة .
5-العوامل المؤثِّرة في تقدير التعويض:
يتعيّن على المحكمة مراعاة جميع الظروف الملابسة، والمقصود بها الظروف التي تحيط بالمضرور وليس المسؤول عنه؛ إذ يجب على القاضي مراعاة حالة المضرور المالية، الصحية، الجسمانية، المهنية، وغيرها من الظروف التي يراها قاضي محكمة الموضوع ضرورية لتقدير التعويض المناسب، إذ يجب على القاضي رفع قيمة التعويض إذا تبيّن له من الظروف الملابسة أنّ الضرر الذي لحق بالمضرور أشدّ جسامةً نظراً لتأريخه المرضي، كبره، مهنته، وحالته الاجتماعية (يعول أسرة، أعزب )، وكذلك مقدار ما فاته من كسب فمن كان دخله أكبر كان الضرر الذي يصيبه أكبر، إلّا أنّه يتعيّن ألّا يأخذ القاضي بعين الاعتبار الموقف المالي للمسؤول عن الضرر .
6-تقدير التعويض تستقل به محكمة الموضوع:
إنَّ استخلاص الضرر، مقداره، ومداه يُعتبر سلطة تقديريَّة لمحكمة الموضوع متى كان قضاءها مبنياً على أسباب كافية تكفي لحمل الحكم عليه .
من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع هو تقدير التعويض كما تمَّتْ الإشارة لذلك من قبل، ولكن هذا الأمر ليس على إطلاقه بل لا بد أنْ يتمَّ تقدير التعويض على أسباب سائغه ولها ما يؤيّدها في مستندات الدعوى وأوراقها، وطالما أنَّ التقدير سلطة تقديريّة لمحكمة الموضوع فإنَّه لا يخضع لرقابة المحكمة العليا، بيد أنَّ عناصر الضرر تخضع لرقابة المحكمة العليا لأنَّها من زمرة التكييف القانوني للواقع .
هذا ما أكّدته أيضاً المحكمة العليا العُمانية في حكم لها بقولها :” تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع بشرط أنْ يكون مبنيّاً على أُسس وضوابط ومعايير شرعية ومعتمداً على أسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق “.
هذا ما أكّدته المحكمة العليا العُمانية في أحد أحكامها، حيث ذهبتْ إلى أنَّ: ” تقدير التعويض من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، إلّا أنَّ هذا مشروط بأنْ يكون تقدير التعويض سائغاً ويقوم على عناصر ثابتة بالأوراق طالما أنَّه لا يوجد في القانون نصٌّ يلزم بإتباع معايير معيّنة في هذا الصدد “.
هذا أيضاً ما أكّدته المحكمة العليا في حكم آخر لها بقولها :” المقرّر في قضاء المحكمة العليا من أنَّ فهم الواقع وتقدير الأدلّة وموازنتها وقبولها وردّها وتقدير التعويض الجابر للضرر يدخل في سلطة محكمة الموضوع إذا أقامتْ قضاءها على أسباب صحيحة لها وجهها الصحيح الذي يؤهّله إلى الحمل على الوجه الصحيح اللائق به والواضح من الحكم المطعون فيه أنَّه ذكر عناصر الضرر وذكر أسباباً لحكمه واضحة تمكّنه من حمله على الوجه اللائق به .”
إنَّ تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع ولكن يجب أنْ يكون التعويض مناسباً للضرر، وألَّا يكون التقدير جزافاً دون الإشارة لكافة ما أصاب المضرور من الأضرار، فمتى ما كان التعويض غير مناسب مع الضرر وقائماً على الجزاف فإنَّ هذا يجعل الحكم معيباً ، فيجب أنْ يكون التعويض مبنياًّ على البيّنة التي تقنع المحكمة؛ لأنَّ التعويض المكافئ للضرر لا يقوم على مجرد التخمين والاحتمالات .
7-يُبنى تقدير التعويض على التحقّق من عناصر الضرر :
عندما تقوم المحكمة بتقدير التعويض فإنَّ ذلك يجب أنْ يكون بعد التحقّق من عناصر الضرر، ثمَّ بعد ذلك يتمُّ تقدير التعويض بناءً على ذلك؛ إذ أنَّ الهدف من التعويض هو جبر الأضرار.
هذا ما أكّدته المحكمة العليا في أحد أحكامها بأنَّه على المحكمة أنْ” تتحقّق في فحص نسبة العجز هل هي في كل الأعضاء المصابة بالحادث أو في عضو واحد فقط؟ أو سرى هذا العجز في جميع جسم المصاب؟ فعند ذلك يجري قضائها وفق ما صحَّ من نسبة عجزيّة في المصاب بما تستحقّه من تعويض شرعاً، وإذا أغفل عن هذا التفصيل فإنَّ حكمها يكون مشوباً بالقصور في تسبيب قضائه “.
هذا أيضاً ما قرّرته المحكمة العليا العُمانية في حكم آخر لها:” يجب في هذه الحالة إتباع المعايير التي حدّدها الشرع ومعنى ذلك أنَّه يجب تحديد نوع الإصابات وموقعها من الجسم وتبعاً لذلك مقدار الديّة أو الأرش المقدّر شرعاً ؛ لأنَّ نسبة العجز التي تُعتبر من العناصر التي يُبنى عليها التعويض وفقاً لأحكام الديَّات والأروش إلّا في بعض الحالات المحدّدة وبالتحديد في حالة فوات أي عضو من الأعضاء فإنَّ التعويض في تلك الحالة يقدّر بقيمة تلك المنفعة الفائتة.
المبحث الثَّالث
بطلان شرط الإعفاء من المسؤوليَّة والتأمين منها
أوَّلاً-بطلان شرط الإعفاء من المسؤوليَّة:
هنالك مبدأ قانوني مفاده بأنّه يحظر الإتفاق على الاعفاء من المسؤوليَّة الناتجة عن الفعل الضار وذلك في أي صورة من الصور، سواءً كان الاعفاء كليَّاً أو جزئيَّاً، أو إنقاص قيمة التعويض أو تحديد مبلغ معيّن أو تحديد فترة معيّنة ينقضي فيها حقّ المضرور في أنْ يطالب بالتعويض بخلاف فترة التقادم التي قرّرها القانون، فلكل ذلك يكون مصيره البطلان لتعلّق ذلك الحكم بالنظام العام، وقد يثور التساؤل كيف يتّم الإتفاق لأنّ المسؤوليَّة عن الفعل الضار تنشأ عن فعل غير متوقَّع وبين إناس قد لا يعرفون بعضهم وهذا الأمر صحيحاً في أغلب الأحيان، ولكن قد يحدث إتفاق بين أصحاب مصانع متجاورين على تعديل أحكام المسؤوليَّة إذا أصاب أحدهما ضرر من مصنع الآخر، أو بين أصحاب مصانع والجيران لهذه المصانع سواءً كانت محلات تجارية أو سكان .
ثانياً-توقيع الجزاء في المحكمة الجزائيَّة لا يعفي من التعويض:
متى ما تمّت محاكمة المتهم أمام المحكمة الجزائيَّة وتوقيع عقوبة عن الإتهام الذي واجهه كقيامه بضرب شخص أو تسبيب أذى جسيم فإنّ ذلك لا يحول بينه وبين الحكم بالتعويض أمام المحكمة المدنية جبراً للأضرار التي أحدثها كما في حالة الأذى الجسيم فإنّه يتّم تعويض المضرور عن نفقات العلاج، وكذلك عمّا فاته من كسب أو ما لحقته من خسارة نتيجة لعدم عمله خلال فترة الإصابة .
ثالثاً-التأمين من المسؤوليَّة:
كما تمّت الإشارة لذلك من قبل فإنّه لا يجوز الإتفاق على الإعفاء من المسؤوليَّة، بيد أنَّ التأمين من المسؤوليَّة نظام قانوني معمول به وهو إتفاق لحصول المضرور على التعويض في حالة حدوث الخطأ أياً كان نوعه سواءً كان جسيماً، أو يسيراً ما عدا الخطأ العمدي، وهو عقد بين شركة التأمين وبين المؤمن له يلتزم بموجبه الأوَّل بتعويض المضرور عن الضرر الذي كان نتيجة لفعل المؤمن له ، ولذلك التأمين من المسؤوليَّة جائز بل أنّه في بعض الحالات مفروض بقوة القانون، أمّا الإعفاء من المسئوليَّة يقع باطلاً بحكم القانون كما سبق القول .
الخاتمة
نحمده سبحانه وتعالى على جزيل نعمه وعطائه الذي أعاننا على إنجاز هذا البحث، ونشير ،إلى أن الخاتمة تحتوى على نتائج وتوصيات البحث:
أوَّلاً-النتائج :
-
لم ينصّْ المُشرِّعُ العُماني على موضوع على التعويض الأسمي والذي يكون في الحالة التي يرتكب المدعى عليه خطأ دون أنْ يسبب ضرراً للمدعي بل يثبت أنّ حقّ من حقوق المدعي القانونيَّة قد تمّ انتهاكها كمن يدخل أرضاً زراعية لآخر دون إذنه فإنّه يكون متعدِّياً، بيد أنَّ المدعي لم يلحقه أي ضرر، في هذه الحالة يمكن للمحكمة أنْ تحكم بتعويض اسمي للمدعي.
-
لم ينصّْ المُشرِّعُ العُماني على التعويض التحقيري وهو يحكم به في الحالة التي ترى فيها المحكمة بأنّ المدعي قد نجح في دعواه من الناحية الشكلية البحتة إلّا أنّه لا يجب أنْ يحكم له بالتعويض الكامل؛ إذ أنّه إدعاء حقير، و لأنّ فعل المدعى عليه كان ردة فعل لفعل من المدعي، كما إذا تهجم المدعى عليه على المدعي نتيجة لاستفزازٍ شديدٍ وعبارات مهينة من المدعي وجهها للمدعى عليه في تلك الحالة يجوز الحكم بتعويض تحقيري.
-
إنَّ تقدير التعويض قد يثير مشكلة متعلِّقة بكيفة توضيح عناصر الضرر، نوعه، مداه، وأثر ذلك في تقدير التعويض كما أنَّ تقديره في بعض الحالات قد يكون من الصعوبة بمكان.
-
المُشرِّعُ العُماني نصَّ فقط على التعويض عن فوات الكسب وفوات الكسب هو ما كان سوف يجنيه المضرور من أموال إذا لم يقع الفعل الضار، ولكنَّه لم ينصّْ على التعويض عن الخسارة التي لحقتْ المضرور نتيجة للفعل الضار.
ثانياً- التوصيات :
بناءً على النتائج المذكورة أعلاه، يمكن توجيه التوصيات التالية:
-
نقترح عند مراجعة قانون المعاملات المدنية العُماني رقم 29/2013 أنْ تتمَّ إعادة النظر في موضوع التعويض الإسمي وإدراجة في القانون .
-
نقترح إعادة النظر في موضوع التعويض التحقيري الذي لم ينصّْ عليه قانون المعاملات المدنية العُماني رقم 29/2013 م؛ وذلك لما له من أهميَّة، وأنْ يتمَّ إيراد نصٍّ في القانون يحكم مثل هذا النوع من التعويض.
-
يجب على محكمة الموضوع عند تقدير التعويض أنْ تقوم بتوضيح عناصر الضرر، نوع الضرر الذي لحق بالمضرور، مبلغه، مداه، وأثر ذلك في تقدير التعويض.
-
نقترح تعديل نصَّ المادة 181 من قانون المعاملات المدنية العُماني رقم 29/2013 بحيث تنصّ على التعويض عن الضرر عن الخسارة التي يتعرَّض لها المضرور نتيجة للفعل الضار عن تعديل القانون في المستقبل بأنْ يكون نصُّ المادة كالآتي: يُقدَّر التعويض في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب وما لحقته من خسارة بشرط أنْ يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار.
قائمة المصادر والمراجع
أوَّلاً- المراجع :
-
أنور سلطان، مصادر الالتزام في القانون المدني ” دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي” (ط 7) دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان، المملكة الأردنية الهاشمية، 2014 م
-
د. جلال محمد ابراهيم، مصادر الالتزام (ط3)، دار النهضة العربية، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 2011م.
-
د. دريد محمد علي، النظرية العامة للالتزام ” مصادر الالتزام “، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2012م، ص 437.
-
رائد كاظم محمد الحداد، (التعويض في المسؤوليَّة التقصيريَّة) ، مجلة الكوفة، العدد (8)، دار التنوير، بيروت ، ص 72.
-
د. طارق أحمد ماهر زغلول، شرح قانون الإجراءات الجزائيَّة (ج 1)، دار الكتاب الجامعي، العين، دولة الإمارات العربية المتحدة، 2015 م، ص 186.
-
د. عبدالرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني (نظرية الالتزام بوجه عام -مصادر الالتزام )، (ج 1)، دار إحياء التراث العربي ، بيروت، لبنان، (ب.ت).
-
أ.د. عبيد حاج علي، المسئوليَّة التقصيريَّة (ط2) ، (ب .ن )، الخرطوم، جمهورية السودان، 2017 م.
-
د. علي نجيدة، النظرية العامة للإلتزام (الكتاب الأوَّل -مصادر الالتزام)، دار النهضة العربية، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 2005، ص 286-287.
-
د. محمد حسام محمود لطفي، النظرية العامة للالتزام ” المصادر -الأحكام -الإثبات” ، (ب.ن)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 2013م
-
أ.د. محمد عثمان خلف الله، النظرية العامة في المسئوليَّة التقصيريَّة (ج 2)، جامعة النيلين، الخرطوم، جمهورية السودان، (ب.ت)
-
د. منذر الفضل، مصادر الالتزام (ج 1-مصادر الالتزام )، مكتبة دار الثقافة لللنشر، عمان، الأردن، 1996 م.
ثانياً-أحكام القضاء :
-
الطعن رقم (1065/2009 م مدني عليا )، جلسة يوم السبت الموافق 3/4/2010 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1/10/2009 م وحتى 30/6/2010 م، السنة القضائية العاشرة، إصدار المكتب الفني بالمحكمة العليا العُمانية، ص 71.
-
الطعن رقم (475/2017 م )، جلسة يوم الاثنين الموافق 12/2/2018 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1/10/2016 م وحتى 30/6/2018 م، إصدار المكتب الفني بالمحكمة العليا العُمانية، السنتين القضائيتين السابعة عشرة والثامنة عشرة، ص 1536.
-
الطعن رقم 929/2015 مدني عليا ، جلسة يوم الاثنين الموافق 4/11/2015 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا، والمبادئ المستخلصة في الفترة من 1/10/2014 م وحتى 30/6/2016، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، مسقط، السنتين القضائيتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة (2015-2016 )، ص 94.
-
الطعن رقم 405/2011 م الدائرة المدنية (ب)، جلسة يوم السبت الموافق 29/10/2011 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الوائر المدنية والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1/10/2011 م، وحتى 30/6/2012 م، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، السنة القضائية الثَّانية عشرة، ص 204.
-
القرار رقم (39) في الطعن رقم 24/2004 م، جلسة يوم الأحد الموافق 20/5/2004 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن دوائر المحكمة العليا، دائرة المحكمة الشرعية” الدائرة المدنيّة الأولى -الدائرة المدنيّة الثَّانية ” والمبادئ المستخلصة منها من 1/1/2004 م وحتى 31/12/2004 م، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، مسقط، سلطنة عُمان، السنة القضائيّة الرابعة (ط 2)، ص 347.
-
الطعن رقم 941/2011 م الدائرة المدنية (ب)، جلسة يوم السبت الموافق 23/يونيو/2012 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1/10/2011 م، وحتى 30/6/2012 م، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية ، السنة القضائية الثَّانية عشرة ، ص 346.
-
القرار رقم (55) في الطعن رقم 5/2004 م، جلسة 23/10/2004 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن دوائر المحكمة العليا، دائرة المحكمة الشرعية” الدائرة المدنية الأولى -الدائرة المدنية الثَّانية ” والمبادئ المستخلصة منها من 1/1/2004 م وحتى 31/12/2004 م، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، مسقط، سلطنة عُمان، السنة القضائية الرابعة (ط 2)، ص 216.
-
الطعن رقم 19/2010 م ، مدني عليا، جلسة يوم السبت الموافق 12 يونيو 2010، مجموعة أحكام دائرة التعويضات مع المبادئ المستخلصة منها، الصادرة عن المحكمة العليا، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية (ط 1)، 2018 م، ص 106.
-
الطعن رقم 877/2017، جلسة يوم الأحد الموافق 24/12/2017 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا، والمبادئ المستخلصة في الفترة من 1/10/2016م وحتى 30/6/2018، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، مسقط، سلطنة عُمان، السنتين القضائيتين 2017-2018 ، ص 454.
-
القرار رقم (49) في الطعن رقم 37/2004 م، جلسة 30/6/2004 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن دوائر المحكمة العليا، دائرة المحكمة الشرعية” الدائرة المدنية الأولى -الدائرة المدنية الثَّانية ” والمبادئ المستخلصة منها من 1/1/2004 م وحتى 31/12/2004 م، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية ، مسقط، سلطنة عُمان، السنة القضائية الرابعة (ط 2)، ص 202.
-
الطعن رقم 835/2017، جلسة يوم الأحد الموافق 28/1/2018 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا، والمبادئ المستخلصة في الفترة من 1/10/2016 م وحتى 30/6/2018، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، مسقط، سلطنة عُمان، السنتين القضائيتين 2017-2018 ، ص 479.
-
القرار رقم (34) في الطعن رقم 2/2005 م، جلسة يوم الأحد الموافق 17/4/2005 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن دائرة المحكمة الشرعية والدائرتين المدنيتين الأولى والثَّانية مع المبادئ المستخلصة منها لسنة 2005، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، مسقط، سلطنة عُمان، ص 418.
-
الطعن رقم 941/2011 م الدائرة المدنية (ب)، جلسة يوم السبت الموافق 23/يونيو/2012 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1/10/2011 م ، وحتى 30/6/2012 م، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، السنة القضائية الثَّانية عشرة، ص 346.
-
القرار رقم (40) في الطعن رقم 121/2003 م، جلسة السبت الموافق 29/5/2004 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن دوائر المحكمة العليا، دائرة المحكمة الشرعية” الدائرة المدنية الأولى -الدائرة المدنية الثَّانية ” والمبادئ المستخلصة منها من 1/1/2004 م وحتى 31/12/2004 م، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، مسقط، سلطنة عُمان، السنة القضائية الرابعة (ط 2)، ص 181.
-
القرار رقم (120) في الطعن رقم 153/2005 م، جلسة يوم السبت الموافق 31/12/2005 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن دائرة المحكمة الشرعية والدائرتين المدنيتين الأولى والثَّانية مع المبادئ المستخلصة منها لسنة 2005، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، مسقط، سلطنة عُمان، ص 338.
الطعن رقم 420/2012 م الدائرة المدنية (ب)، جلسة يوم السبت الموافق 2/يونيو/2012 م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من 1/10/2011 م، وحتى 30/6/2012 م، إعداد المكتب الفني الفني بالمحكمة العليا العُمانية، السنة القضائية الثَّانية عشرة، ص 337.