أوجه الرقابة الخارجية على دستورية القوانين التنظيمية ” قرار المحكة الدستورية رقم 207.23 نموذجا” – الباحث : المهدي زرايدي باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانون و الاقتصادية و الاجتماعية – بمكناس محامي متمرن بهيئة الدار البيضاء
أوجه الرقابة الخارجية على دستورية القوانين التنظيمية
” قرار المحكة الدستورية رقم 207.23 نموذجا”
Aspects of external control over the constitutionality of regulatory laws
Constitutional Court Decision No. 207.23 as a model.
الباحث : المهدي زرايدي
باحث بسلك الدكتوراه
بكلية العلوم القانون و الاقتصادية و الاجتماعية – بمكناس محامي متمرن بهيئة الدار البيضاء
ملخص
تنقسم الرقابة على دستورية القوانين في المغرب إلى: رقابة قبلية و بعدية، فالأولى هي موضوعنا، قد تكون اختيارية أو إجبارية حسب طبيعة النص القانوني، فعلى سبيل المثال القوانين التنظيمية، تخضع لرقابة قبلية إجبارية، تحال من طرف رئيس الحكومة إلى المحكمة الدستورية.
يعتبر القرار رقم 207.23 الصادر بخصوص القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، سابقة قضائية في تاريخ القضائي الدستوري، الذي أسس لمجموعة من المبادئ المتعلقة بالمسطرة التشريعية، من قبيل ليس للمسطرة التشريعية أثر رجعي .
Summary
Oversight of the constitutionality of laws in Morocco is divided into: prior and post-monitoring. The first is our subject. It may be optional or compulsory depending on the nature of the legal text. For example, regulatory laws are subject to compulsory prior control, which is referred by the Prime Minister to the Constitutional Court.
Decision No. 207.23 issued regarding Organizational Law No. 86.15 related to determining the conditions and procedures for pleading the unconstitutionality of a law is considered a judicial precedent in the history of the constitutional judiciary, which established a set of principles related to legislative procedure, such as the legislative procedure has no retroactive effect.
تقــــــــديــــــم
تنقسم الرقابة على دستورية القوانين: إلى رقابة قبلـية و بـعدية، فالأولى قد تكون إجبارية، كما هو الحال بالنسبة للقوانين التنظيمية و النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان و الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية، أما الاختيارية ، فتنصب على القوانين العادية و الالتزامات و المعاهدات الدولية، أما الثانية، فهي من مستجدات دستور 2011، و تتعلق بالدفع بعدم دستورية نص قانوني معروض على القضاء العادي أو المتخصص بنوعيه الإداري و التجاري، و لكن ما يهمنا في إطار دراستنا هذه، هي الرقابة الإجبارية على دستورية القوانين التنظيمية .
يقوم القاضي الدستوري بفحص دستورية القوانين التنظيمية من الناحية الشكلية و الموضوعية، و مقارنتها مع الدستور عبر الاعتماد على مناهج التأويل، من أجل استئصال العيوب الدستورية .
و في بعض الحالات، يكتفي القضاء الدستوري بالرقابة الشكلية أو يسميه الفقه” بأوجه الرقابة الخارجية “، دون البحث في أوجه الرقابة الداخلية – الرقابة على الموضوع -، وهذا ما فعله أثناء مراقبته للقانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، الصادر بخصوصه القرار رقم 207.23 [1]، فإلى أي مدى بـــــــسط القضــاء الدستوري رقابته الـشكلية على القانون التنظيمي 86.15 المتعلق بتحديد شروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية القانون؟
و تتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة الفرعية وهي :
- ما هي العناصر التي استند عليها القاضي الدستوري خلال الرقابة الخارجية على دستورية القانون التنظيمي 86.15 ؟
- ما هي العيوب الشكلية التي شابت المسطرة التشريعية للقانون التنظيمي 86.15؟
- ما هي الحجج التي استند عليها القاضي الدستوري لتقرير عدم دستورية القانون التنظيمي 86.15.
و للإجابة على هذه الإشكالية المشار إليها أعلاه و على الأسئلة الفرعية، سوف نقسم موضوعنا إلى فقرتين، حيث تتعلق الأولى، برقابة القضاء الدستورية على اختصاص المشرع بإصدار القانون التنظيمي 86.15، فحين تتعلق الثانية، برقابته على الإجراءات الشكلية المتبعة لإقرار القانون التنظيمي 86.15.
الفقرة الأولى: رقابة القضاء الدستوري على اختصاص المشرع في تشريع القانون التنظيمي 86.15
يقصد بالاختصاص، القواعد التي تحدد الأشخاص و الهيئات التي تملك التصرفات العامة[2]، أما عدم الاختصاص، فهو يعنى القدرة من الناحية القانونية على إتيان تصرف معين[3].
و قد قسم الفقه الدستوري عيب عدم الاختصاص إلى: إيجابي و سلبي، فالأول، يعني تدخل البرلمان أو أحد مجلسيه بالتصويت في مجال لا يدخل ضمن اختصاصه، أو يدخل في اختصاصه لكن وفق إجراءات محددة [4]، أما الثاني، فقد عرفه لويس فافرو LOUIS FAVOREU ، بأنه الحالة التي يتجاهل فيها المشرع اختصاصه بعدم اتخاذ جميع التدابير التي يرجع له أمر اتخاذها [5].
و في إطار البحث في موضوع الاختصاص، يجب أن نميز بين اختصاص المشرع في تشريع القوانين التنظيمية ، و بين اختصاص المحكمة الدستورية في الرقابة على دستورية القوانين التنظيمية؛
فهذا الأخير، بالرجوع إلى قرار المحكمة الدستورية 207.23 المتعلق بالقانون التنظيمي 86.15[6]، نجد أن القاضي الدستوري استند في البحث عن اختصاص المحكمة الدستورية في البت في دستورية القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه، بناء على الفصل 132 من الدستور، الذي جاء في فقرته الثانية على أنه”… تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها… لتبت في مطابقتها للدستور…”[7]، حيث اكتفى بالاستناد إلى الفصل 132 من الدستور، دون الإشارة إلى المادة 21 من القانون التنظيمي 066.13 [8]، التي تشير بدورها إلى اختصاص المحكمة الدستورية بالبت في دستورية القوانين التنظيمية، و ربما يرجع ذلك، لكون الدستور هو الاطار المرجعي الأول الذي يستمد منه القانون التنظيمي 066.13 أساسه القانوني، و لكن نعتقد أنه يجب الإشارة إليه في صلب القرار، باعتباره أيضا إطار مرجعي أساسي في اختصاص القضاء الدستوري بالبت في دستورية القانون التنظيمي 86.15.
و حيث صرح القاضي الدستوري في القرار المشار إليه أعلاه، بأن المحكمة الدستورية مختصة للبت في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور، و لكن ما يهمنا في إطار دراستنا هو رقابة المحكمة الدستورية على اختصاص المشرع في تشريع القانون التنظيمي 86.15 المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين.
و حيث استند القاضي الدستوري في تقرير اختصاص المشرع في تشريع القانون التنظيمي 86.15، سواء عبر مشاريع القوانين التي تتقدم بها الحكومة، أو مقترحات القوانين التي يتقدم بها مجلسي البرلمان، على مجموعة من النصوص الدستورية؛
حيث جاء في الفقرة الأولى من الفصل 78 من الدستور، على أنه ” لرئيس الحكومة و لأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين”، كما جاء في الفقرة الأولى من الفصل 83 من الدستور على أنه ” لأعضاء مجلسي البرلمان و للحكومة حق التعديل …”، بالإضافة إلى هذه النصوص المشار إليها في صلب القرار، التي يستمد منها المشرع اختصاصه في تشريع القوانين التنظيمية، هناك نصوص أخرى تشير إلى ذلك ، حيث جاء في الفقرة الأولى من الفصل 85 من الدستور على أنه” لا يتم التداول في مشاريع و مقترحات القوانين من قبل مجلس النواب إلا بعد مضي عشرة أيام على وضعها لدى مكتبه…”، و جاء كذلك في الفصل 86 من الدستور على أنه” تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي صدور الأمر بتنفيذ الدستور”، و جاء كذلك في الفقرة الأولى من الفصل 84 من الدستور على أنه” يتداول مجلسا البرلمان بالتتابع في كل مشروع أو مقترح قانون…”.
و منه فإن، المبادرة التشريعية المتعلقة بتشريع القوانين التنظيمية، حق مشترك بين الحكومة و البرلمان، فالحكومة تقدم مشاريع القوانين التنظيمية، بينما يقدم مجلسي البرلمان مقترحات القوانين التنظيمية، مع الإشارة أن الحكومة لا ينتهي دورها في إيداع مشاريع القوانين التنظيمية بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب، بل تملك نفس الحقوق التي يتمتع بها مجلسي في تعديل المشاريع و المقترحات المتعلقة بالقوانين التنظيمية المعروضة على اللجان البرلمانية أو خلال الجلسة العامة للتصويت عليها.
و تجدر الإشارة ، أن القضاء الدستوري و هو يفحص القانون التنظيمي 86.15، فإنه يبحث في مجموعة من العناصر الأساسية للاختصاص، وهي العنصر العضوي و الموضوعي و الزمني و المكاني.
يقصد بالاختصاص العضوي، صدور القانون التنظيمي عن السلطة التي منحها الدستور الحق في تشريعيه[9]، وهي البرلمان عن طريق مقترحات، و الحكومة عن طريق مشاريع، القوانين التنظيمية، بالاستناد إلى الفصل 70 و 78 و 83 و 85 و 86 من الدستور، وقد جاء في القرار المشار إليه أعلاه 207.23 الصادر عن المحكمة الدستورية على أن ” مدى المبادرة التشريعية، المتاح، بشأن القانون التنظيمي المعروض على نظر هذه المحكمة…لا يتقيد المشرع في ذلك…إلا بضوابط ثلاثة… ثالتها، التقيد باتباع الإجراءات التي أقرها الدستور لوضع مشاريع القوانين التنظيمية…”، بمعنى ضرورة احترام المشرع للإجراءات المسطرية لتشريع القوانين التنظيمية المقررة في الدستور، تحت طائلة بطلانها و التصريح بعدم دستوريتها.
و يقوم الاختصاص كذلك على العنصر الموضوعي، الذي يعني تحديد اختصاصات كل سلطة فيما يتعين أو يحق لها أن تتخذه من تصرفات قانونية في حدود سلطاتها[10]، و قد جاء في القرار المشار إليه أعلاه 207.23 الصادر عن المحكمة الدستورية على أنه” ….و حيث إن مدى المبادرة التشريعية، المتاح، بشأن القانون التنظيمي…لا يتقيد المشرع، في ذلك ، علاقة بالقانون التنظيمي المعروض ، إلا بضوابط ثلاثة، أولها، أن لا يتعدى النطاق الموضوعي للقانون التنظيمي أو يقصر عن التشريع فيه، على النحو المقرر، و على وجه الخصوص في الفقرة الأخيرة من الفصل 133 من الدستور…”.
و يرتكز الاختصاص أيضا على ما يسمى بالاختصاص الزمني، الذي يعني صدور القانون التنظيمي في الوقت الذي تكون معه السلطة المختصة الحق في تشريعه [11]، أما العنصر الرابع في الاختصاص فهو العنصر المكاني، الذي يعني صدور القانون التنظيمي بالمقر الرسمي[12] للبرلمان المغربي، و هو العاصمة الرباط، تحت طائلة بطلان المسطرة التشريعية، و الإعلان عن عدم دستوريتها .
الفقرة الثانية: رقابة القضاء الدستوري على الإجراءات المسطرية لإقرار القانون التنظيمي 86.15
يقصد بعيب الإجراءات، عدم احترام القواعد الإجرائية المحددة في الدستور عند سن القوانين التنظيمية [13]، بمعنى أن المشرع الدستوري حدد مجموعة من المساطر التشريعية لسن القوانين التنظيمية، و يترتب على مخالفة القواعد المسطرية المحددة في الدستور لسن القوانين التنظيمية، بطلان جميع الإجراءات ، و يصرح القضاء الدستوري بعدم مطابقتها للدستور، و تجدر الإشارة أن العيوب الشكلية تغني القاضي الدستوري عن الدخول في موضوع الإحالة ، بشرط أن تكون المسطرة التشريعية شابتها اختلالات ، و انطلاقا من القرار المشار إليها أعلاه، نستنتج ثلاث مبادئ جوهرية، تقوم عليها الرقابة الشكلية للقضاء الدستور على القوانين التنظيمية، بحيث يتعلق الأول، بعدم تطبيق المسطرية التشريعية بأثر رجعي، فيما يتعلق الثاني، بالخرق الجوهري للمسطرة التشريعية، أما الثالث، فيتعلق بضرورة إثبات الخروقات المسطرية.
أولا: ليس للمسطرة التشريعية أثر رجعي
جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 6 من الدستور أنه ” ليس للقانون أثر رجعي ” ، فإذا كان هذا الأخير لا يمكن تطبيقه بأثر رجعي ، فالقاضي الدستوري لعب دور مهم في تأسيس اجتهادي قضائي أقل ما يمكن القول عنه أنه إيجابي ، بحيث صرح في قراره 207.23 المشار إليه أعلاه بأنه ليس للمسطرة التشريعية أثر رجعي .
و حيث أنه لا يمكن تطبيق الإجراءات المسطرية لتشريع القوانين التنظيمية بأثر رجعي، حيث لما صرحت المحكمة الدستورية بموجب قرارها 70.18 بعدم دستورية بعض مواد القانون التنظيمي 86.15 ، دون الإشارة في قرارها إلى إمكانية فصل تلك المواد من عدمه عن مجموع القانون التنظيمي، عمدت الحكومة إيداع المشروع الجديد للقانون التنظيمي مباشرة لدى مكتب مجلس النواب دون التداول فيه في المجلس الوزاري، و هو ما يشكل خرق جوهري في المسطرة التشريعية، هذا من جهة ، فالحكومة حاولت الاستناد إلى الإجراءات السابقة للمشروع الأول للقانون التنظيمي المصرح بعدم دستوريته طبقا للقرار 70.18، مما جعل القاضي الدستوري ينبهها إلى أنه لا يمكن الاعتداد بالأثر الرجعي للمسطرة التشريعية .
و يعتبر هذا القرار سابقة في تاريخ القضاء الدستوري المغربي، فهو أسس لاجتهاد قضائي مهم، قائم على مبدأ قضائي متعلق بعدم تطبيق الإجراءات المسطرية للقوانين التنظيمية بأثر رجعي، بحيث أن كل مبادرة تشريعية سواء من الحكومة أو البرلمان بمجلسيه، يجب أن تحترم المسطرة التشريعية المقررة دستوريا، لوضعها من جديد، و علل القاضي الدستوري قراره ، بكون القانون التنظيمي المعروض عليه، هو نص جديد، يفترض إمكانية استحداث مقتضيات جديدة، حلت محل تلك التي صرحت المحكمة الدستورية بمطابقتها أو عدم مطابقتها، أو تعديل تلك المقتضيات، و حدد للمشرع ثلاث ضوابط مهمة، فالأول، يفرض عليه أن لا يتعدى النطاق الموضوعي للقانون التنظيمي أو يقصر عن التشريع فيه، أما الثاني، فيتعلق بضرورة الامتثال لقرارات المحكمة الدستورية، بحيث لا تقبل أي طريق من طرق الطعن و تلزم كل السلطات العامة و جميع الجهات الإدارية و القضائية، مما يقتضي من المشرع ملاءمة المقتضيات المصرح بعدم دستوريتها مع قرار المحكمة الدستورية في الموضوع، امتثالا لحجته في المطلقة تعليلا و منطوقا، أما الضابط الثالث، فيرتبط باحترام الإجراءات التي أقرها الدستور لوضع مشاريع القوانين التنظيمية.
ثانيا: الخرق الجوهري للمسطرة التشريعية
إذا كان القضاء العادي أو المتخصص يصرح بعدم قبول الدعوى شكلا، أو إنذار الأطراف بإصلاح المسطرة، في حالات العيوب الشكلية التي تشوب المسطرة، فإن القضاء الدستوري لا يملك هذه الخاصيات، و يتميز في حالة اكتشاف العيوب الشكلية، بالتصريح ببطلان المسطرة، و عدم مطابقتها للدستور، دون الخوض في موضوع الإحالة.
و انطلاقا من القرار 207.23 المشار إليه أعلاه، استشف القاضي الدستوري أن المسطرة التشريعية للقانون التنظيمي 86.15 معيبة شكلا، حيث أنه لم يكن مدرج ضمن لائحة النصوص التشريعية التي تداول فيها المجلس الوزاري، المنعقد بتاريخ ( 4 يونيو 2019)، و إنما اكتفت الحكومة بتقديم عرضا حول ترتيب الأثار القانونية على قرار المحكمة الدستورية رقم 70.18 الصادر بتاريخ 6 مارس 2018 بشأن القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، و حيث أودعته بالأسبقية بمكتب مجلس النوب، دون التداول فيه بالمجلس الوزاري، مما يشكل عيب شكلي في المسطرة التشريعية، استنادا إلى الفصل 49 من الدستور الذي ينص على أنه ” يتداول المجلس الوزاري في القضايا و النصوص التالية: … مشاريع القوانين التنظيمية …”، وهذا ما جعله يصرح بكون الإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي رقم 86.15 غير مطابقة للدستور، و استند في ذلك على مجموعة من وسائل الإثبات، وهذا ما سنتطرق له في المحور الموالي .
ثالثا: الحجج المستند إليها
استند القاضي الدستوري في إثبات الخرق الجوهري للمسطرة التشريعية المتعلقة بالقانون التنظيمي 86.15 على مجموعة من الحجج الكتابية و القرائن ، حيث اعتمد أولا، على بيان أشغال المجلس الوزاري المنعقد بالرباط تحت رئاسة جلالة الملك،، بتاريخ 29 رمضان 1440 الموافق ل ( 4 يونيو 2019)، التي تضمنت عرض لوزير العدل حول ترتيب الأثار القانون للقانون التنظيمي المشار إليه أعلاه الصادر بخصوصه القرار رقم 70.18، هذا من جهة، ثم بحث في نفس البيان عن لائحة النصوص القانونية المصادق عليها من طرف المجلس الوزاري، ليخلص أنها لا تتضمن مشروع القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه، هذا من جهة أخرى؛
و قد اعتمد أيضا في إثبات الخرق المسطري، على البلاغ الذي تلاه الناطق الرسمي باسم القصر الملكي بشأن المجلس الوزاري ، هذا بالإضافة إلى وثائق أخرى لم يذكرها القاضي الدستوري في قراره، و حيث إن إيداع مشروع القانون التنظيمي بالأسبقية لدى مجلس النواب دون التداول فيه بالمجلس الوزاري يشكل قرينة قوية على الخلل المسطري في الإجراءات المتبعة لإقراره، ومنه خلص إلى عدم مطابقتها للدستور.
خاتمة
يعتبر القرار رقم 207.23 الصادر بخصوص القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، سابقة قضائية في تاريخ القضائي الدستوري، الذي أسس لمجموعة من المبادئ المتعلقة بالمسطرة التشريعية، من قبيل ليس للمسطرة التشريعية أثر رجعي .
إن الدور الذي يلعبه القاضي الدستوري في فحص أوجه الرقابة الداخلية سواء تعلق الأمر بالاختصاص أو الإجراءات المسطرية لتشريع القوانين التنظيمية، شاق جدا، بحاجة إلى فهم شامل و عميق للنصوص الدستورية، فمسألة التكييف القانوني للخروقات المسطرية و ربطها بالنص الدستوري و إثباتها، ليست بالهينة، فكلما ما كانت هناك عيوب شكلية و صرح بعدم مطابقتها للدستور يغنيها عن الدخول في موضوع الإحالة، فإذا كان هذا متعلق بأوجه الرقابة الداخلية، فإلى أي حد يبسط القاضي الدستوري رقابته على أوجه الرقابة الخارجية للقوانين التنظيمية؟
لائحة المراجع المعتمدة :
الكتب
- عصام سعيد عبد أحمد، الرقابة على دستورية القوانين- دراسة مقارنة، المؤسسة الحديثة للكتاب –لبنان الطبعة الأولى 2013.
- آلاء مهدي مطر، حجية أحكام و قرارات القضاء الدستوري ،منشورات زين الحقوقية بيروت – لبنان، الطبعة ألأولى سنة 2019.
- يحي حلوي ، المجلس الدستوري المغربي دراسات و تعاليق ( 1994 – 2017)، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط، الطبعة الأولى 2017.
- محمد عبد الله الشوابكة، رقابة الإمتناع على دستورية القوانين – دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الطبعة الأولى 1433ه- 2012م،.
الأطروحات
- محمد الساكت، الرقابة على دستورية القوانين في ضوء دستور 2011، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة مولاي إسماعيل – كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بمكناس ، السنة الجامعية 2019- 2020.
- حمد الراجي ، دور القضاء الدستوري في بناء دولة القانون بالمغرب، بحث لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام و العلوم السياسية، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية – سطات، السنة الجامعية 2016-2017.
- عبد السلام الزوير، الدفع بعدم الدستورية في التشريع المغربي- دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة ، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة مولاي إسماعيل – كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بمكناس، السنة الجامعية 2019-2020.
النصوص القانونية
- ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، بتنفيذ الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، 28 شعبان 1432 الموافق ل ( 30 يوليوز 2011).
- ظهير شريف رقم 1.14.139 صادر في 16 شوال 1435 ( 13 أغسطس 2014) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الجريدة الرسمية عدد 6288، صادرة في 8 ذو القعدة 1435 ( 4 سبتمبر 2014).
القرارات
قرار المحكمة الدستورية رقم 207.23 ، الصادر في الملف عدد 0252.23، المتعلق بالقانون التنظيمي رقم 86.15 المحدد لشروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، منشور على الموقع الرسمي للمحكمة الدستورية المغربية https://www.cour-constitutionnelle.ma/ .
[1] قرار المحكمة الدستورية رقم 207.23 ، الصادر في الملف عدد 0252.23، المتعلق بالقانون التنظيمي رقم 86.15 المحدد لشروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، منشور على الموقع الرسمي للمحكمة الدستورية المغربية https://www.cour-constitutionnelle.ma/ .
[2] عصام سعيد عبد أحمد، الرقابة على دستورية القوانين- دراسة مقارنة، المؤسسة الحديثة للكتاب –لبنان الطبعة الأولى 2013، ص 500.
[3] آلاء مهدي مطر، حجية أحكام و قرارات القضاء الدستوري ،منشورات زين الحقوقية بيروت – لبنان، الطبعة ألأولى سنة 2019، ص 119.
[4] يحي حلوي ، المجلس الدستوري المغربي دراسات و تعاليق ( 1994 – 2017)، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط، الطبعة الأولى 2017 ، ص 375 .
[5] محمد الساكت، الرقابة على دستورية القوانين في ضوء دستور 2011، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة مولاي إسماعيل – كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بمكناس ، السنة الجامعية 2019- 2020 ، ص 205.
[6] قرار المحكمة الدستورية 207.23 ، مرجع سابق.
[7] ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، بتنفيذ الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، 28 شعبان 1432 الموافق ل ( 30 يوليوز 2011).
[8] ظهير شريف رقم 1.14.139 صادر في 16 شوال 1435 ( 13 أغسطس 2014) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الجريدة الرسمية عدد 6288، صادرة في 8 ذو القعدة 1435 ( 4 سبتمبر 2014).
[9] محمد الراجي ، دور القضاء الدستوري في بناء دولة القانون بالمغرب، بحث لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام و العلوم السياسية، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية – سطات، السنة الجامعية 2016-2017.، ص 67.
[10] عبد السلام الزوير، الدفع بعدم الدستورية في التشريع المغربي- دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة ، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة مولاي إسماعيل – كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بمكناس، السنة الجامعية 2019-2020 ، ص 184.
[11] محمد عبد الله الشوابكة، رقابة الإمتناع على دستورية القوانين – دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الطبعة الأولى 1433ه- 2012م، ص 71.
[12] عبد السلام الزوير، مرجع سابق ، ص 185.
[13] محمد الساكت ، مرجع سابق ، ص 199.