اثر ظروف الجريمة على سلطة القاضي التقديرية في تفريد العقوبة
مقدمة
ترتبط الجريمة بالإنسان ارتباطا وثيقا باعتبارها ظاهرة اجتماعية، إذ لا يتصور صدورها ونسبتها إلا لكائن بشري فمن الصعب استحضار حضارة لم تشهد ولم تتأثر بأفعال إجرامية أقدم عليها أفراد مجتمعها سواء من الناحية الإجتماعية أو الإقتصادية، مما حدا بأغلب الدول إلى وضع مقتضيات زجرية تجرم وتعاقب عليها استنادا إلى مبدأ الشرعية.
وعلى حسب ما ذهب إليه بعض الفقه المغربي[1] أنه لا تكتمل دراسة الظاهرة الإجرامية فقط برصد تجلياتها الخارجية ومدى إحداثها للاضطراب الاجتماعي، وإنما من خلال البحث العميق عن سائر الأسباب والعوامل الكامنة وراءها، ولأن الإنسان يتمتع بقوام بدني من جهة ووجود إجتماعي من جهة آخرى كان لازما البحث عن العوامل والأسباب في أبعادها الفردية والإجتماعية معا، وهذه المهمة تكفل بها علماء الإجرام في وقت مضى من خلال نظرياتهم وأفكارهم التي وجدت لها موطأ قدم في التشريعات الجنائية الحديثة .
والواضح ان نظرية ظروف الجريمة كانت سببا في قلب اهتمام الفقه الجنائي وحولت تركيزه من الجريمة إلى المجرة كقبلة للنظريات والأفكار التي تسارعت إلي إلى تقييم السلوك الإجرامي ومحاولة البحث على العقوبة التي تتلاءم وشخصيته، باعتباره مريض اجتماعي وجب إعادته سالما ومعافى إلى المجتمع، لا النظر إليه كالورم الذي يستوجب استئصاله من المجتمع ومعاقبته بغرض الانتقام منه, وهذه الأخيرة كانت واضحة في مدونات قديمة خصوصا مدونة حمورابي والقانون الروماني عندما كانا تخلقان نوع من المساواة بين الضرر والفعل اذ في نظرهما ان جوهر التكافؤ هو في درجة الألم والتنكيل بالفاعل باعتباره معيار مهم في ضمان جودة العدالة الجنائية.[2]
هذا كله في اطار خلق توازن بين ما احدثه الفعل الإجرامي على نحو مباشر من اضطراب اجتماعي والشعور الذي يتولد الرأي العام ومصالح الشخص المتضرر والضحية الذي ليس كما نتصوره دائما بريء ولا يد له في دفع الجاني لارتكاب الجريمة، فعلى العكس تماما، قد يكون مسؤولا عن ارتكاب الجريمة وكذا عن الضرر الذي يلحقه أي انه يساهم بشكل إيجابي في ارتكاب الجريمة, وبين ضرورة الاهتمام بمعاقبته بالشخص الجاني بعقوبة تتلاءم وشخصيته, هنا نستحضر الفكرة التي نادى بها الأستاذ رايموند سالي التي هي ضرورة اخضاعه لتفريد العقوبة وأكد ان الغرض من هذه المؤسسة هو عقلنة العقاب وإضفاء الطابع الانساني عليها.[3]
وقد انعكست هذه النظريات على القانون الجنائي الفرنسي وكذا نظيره المغربي[4] سواء في قسمه العام أو الخاص، وتم بموجبه منح القاضي سلطة تقديرية عند إقراره للعقوبة بتشديدها او تخفيفها كضرورة حثمية للجريمة أو الفعل المرتكب مع مراعاة الظروف المحيطة بها من جهة مبدأ الشرعية،[5] غير أن التطبيق العملي لنظرية ظروف الجريمة قد تعترضه بعض الصعوبات وهذا واقع أفرزته المعاملة القضائية من النصوص الجنائية المؤطرة لها خصوصا من الفصول 141 إلى 162 من القانون الجنائي المغربي كما سنرى في مثن العرض.
اهمية الموضوع :
في نظرنا لكل موضوع اهمية هي التي تدفع بالطالب إلى البحث في جوهره والغوص في مكنوناته لعله ينور القارئ، واهمية موضوع ظروف الجريمة لا تحتاج إلى بيان، تبرز على مستويين الأول نظري والثاني تطبيقي عملي، فعلى المستوى النظري تعتبر المقتضيات القانونية الزجرية التي تعنى بظروف الجريمة كانت ولا زالت محل اهتمام وحديث وجدل بين اوساط الباحثين حول فلسفتها وطبيعتها في حداثتها من خلال الكتابات والمراجع المؤطرة, ويلاحظ ان المؤلفات حاولت معالجة هذه النظرية باعتبارها ارضية خصبة لتقدير الجزاء والحال انها اعمق من ذلك اي اشكال مرتبط بالظاهرة الاجرامية من جهة, ومن جهة اخرى عنصر تابع لأركان الجريمة كما سنرى لاحقا, اما على المستوى العملي فإنه هناك نوع من التعامل الالي للقضاء فيما يخص مراعاة ظروف الجريمة عند تقديرها للجزاء وذلك نابع من اكراه تخصصهم في العلوم الجنائية المساعدة وكذا قصور النصوص الزجرية المنظمة لهذه النظرية في بسطها وهيمنتها على منظومة الجزاء, وإنطلاقا من أن النص لا يمكن أن نحكم بجودته نظريا لأنه دائما ما يحتاج لتفعيل وتطبيق لذلك فضلنا ان يكون هذا العرض منفتحا على الأحكام والقرارات القضائية حتى يكون اكثر حيوية.
إشكالية الموضوع
انطلاقا مما سبقت الإشارة إليه يمكننا طرح إشكالا محوريا كالاتي ذكره :
الى اي حد استطاع المشرع المغربي تنزيل نظرية ظروف الجريمة بكل مقوماتها ضمانا لحقوق المتهم قبل نطق القاضي بالجزاء كأثر مباشر للجريمة وما يتلاءم وشخصيته ?
المنهج المعتمد و خطة البحث
يعتبر الواقع متحرك والقانون ساكن والرابطة التي تجمع الحركة والسكون هي التضاد والتضارب لدرجة من الغموض والتعقيد, فالأولى يقابلها القانون والثاني يقابله الواقع, كما أن علاقة القانون بالواقع هي علاقة جدلية بإمتياز اي علاقة تأثير وتأثر, هذه الأخيرة تجعل الصراع بين الواقع والقانون مستمرا دائما إلى أن يحدث تآلف بينهما وضابط ايقاع التآلف هو القضاء, بل اكثر من ذلك لابراز تلك العلاقة بين المجرم والظروف التي ارتكبت فيها الجريمة والتي تعامل معها المشرع في القانون الجنائي فإنه يقتضي منا الواقع الانطلاق من الثاني الى الاول مع تحليل كل واحد مهما ووصفه, وهذا ما يمكن التعبير عنه بمصطلحات علماء المناهج, المنهج الجدلي[6] والوصفي.
والضرورة المنهجية للإجابة على الإشكالية المحورية, ستتم وفق تصمـيم منهجي يعتمد المدرسة الفرنسية- التي تنتمي إلى العائلة اللاتينية الجرمانية- والتي تتميز بتقسيم ثنائي نتناول في أول مبحث الاول منه لماهية ظروف الجريمة وأقسامها, ولا يمكن بأي حال من الأحوال ان نقول على ان اقسام ظروف الجريمة في ماهيته لأنه موضوع ذو طبيعة خاصة, اما في المبحث الثاني سنتناول اثار ظروف الجريمة على سلطة القاضي التقديرية في تقديره للجزاء
المبحث الأول : ماهيــــــــــــــة ظـــــــــــــــــــــــــروف الجريمــــــــــــــة وأقسامــــــــــــــها
هناك شبه اجماع من طرف الفقه والقضاء ان الجريمة لا تقوم إلا بتوافر ركنيها المادي و المعنوي .[7]
فالركن المادي هو السلوك الإجرامي، والركن المعنوي هو القصد الجنائي، أي العلم بطبيعة السلوك و بالنتيجة التي يفضي إليها و إرادة السلوك و النتيجة معا بالنسبة للجرائم العمدية, والخطأ غير العمدي بالنسبة للجرائم غير العمدية وقد يلحق العنصرين ظرف من ظروف الجريمة فيغر من وصفها, وعلى حد تعبير بعض الباحثين الفرنسين ان الاحاطة بظروف الجريمة بمثابة معيار ذا صبغة موضوعية يساعد القاضي الى التوصل لإمكانيات إعادة الإدماج للشخص المدان مستقبلا,[8] لذلك سنحاول تناول ماهية ظروف الجريمة (المطلب الأول), وسنتناول اقسامها بعد ذلك (المطلب الثاني).
المطلب الأول : ماهيــــــــــــــة ظـــــــــــــــــــــــــروف الجريــــــــــــمــــــــــــة
حتى تكتمل دراسة ماهية ظروف الجريمة سنعالجها في فقرتين, الاولى تتعلق بالمفهوم والخصائص, اما الثانية فتتعلق بنطاق هذه الظروف.
الفقرة الأولى : مفهوم ظروف الجريمة و خصائصها
اولا. مفهوم ظروف الجريمة
الظرف لغة هو الوعاء أي كل ما يستقر فيه غيره، و يطلق في الاصطلاح القانوني للدلالة على ما يحتوي الجريمة من غير أن يؤثر في وجودها.
وظروف الجريمة هي مجموعة من الوقائع المعدلة للأثر القانوني المترتب على الجريمة بالتشديد أو بالتخفيف فهي تؤثر في مقدار العقاب تشديدا أو تخفيضا، وهي أيضا كل ما يحيط بالجريمة فهي عناصر تبعية تفترض وجود الواقعة الأساسية المكونة للجريمة لكامل عناصرها التكوينية و يختلف ظرف الجريمة عن ركنها.[9]
أما الظرف فإن وجوده أو عدمه لا يؤثر في الوجود القانوني للجريمة و يترتب على تحققه زيادة أو نقص في جسامة الجريمة مما يستوجب تشديد العقوبة أو تخفيفها.[10]
والظروف باعتبارها عناصر عرضية أو ثانوية قد تتعلق بالركن المادي أو المعنوي إلا أنها لا تدخل في البناء القانوني الذي يشتمل على الحد الأدنى من العناصر الأساسية لوجود الجريمة، وعلى حد تعبير بعض الباحثين الفرنسيين أن الإحاطة بظروف الجريمة بمثابة معيار ذا صبغة موضوعية يساعد القاضي إلى التوصل إلى إمكانيات إعادة الإدماج للشخص المدان مستقبلا.[11]
وقد تناول المشرع الفرنسي ظروف الجريمة في المادة الجنائية لأول مرة في القانون الجنائي لعام 1992 في المواد من 24-132 إلى 70-132 بنوع من التفصيل، ولو أنه كان موجودا بالفعل في القانون الجنائي الفرنسي منذ عام 1898، و يرجع الفضل في بروز هذه النظرية إلى الفقيه الفرنسي”رايموند سالي”، فالبنسبة له يجب أن تتلاءم العقوبة مع ظروف الجريمة و شخصية الجاني، فإلى جانب الجريمة يظهر الشخص مع ماضيه و مستقبله، ويجب أن تؤخذ كل هذه المعلمات في الاعتبار حتى تكون العقوبة عادلة تحملا في طياتها بعدا اصلاحيا للمجرم، وهكذا فإن إضفاء الطابع الشخصي على العقوبة يظهر كمظهر من مظاهر إضفاء الطابع الإنساني عليها، عن طريق تكييف العقوبة مع مرتكب الجريمة و قد كان الاعتراف بالطابع الشخصي متجليا من خلال المجلس الدستوري الفرنسي في قرار صدر عام 2005 مما جعله نتيجة طبيعية لمبدأ ضرورة العقوبات، هذا الأخير تطلب من المشرع أن ينص على كل جريمة بطريقة واضحة و دقيقة وأن كل عقوبة يجب أن تتناسب مع الجريمة المرتكبة و ظروفها، و ينطبق مبدأ التفريد على إجبار المشرع على إعطاء المحاكم الوسائل اللازمة لتغيير العقوبة وفقا لظروف كل جريمة و منع المشرع من إصدار أحكام تلبية في الوقت نفسه، و قد كرس قانون العقوبات الحالي هذا المبدأ حيث تنص المادة 1-132 في فقرتها الثانية على أن ” أي عقوبة مفروضة يجب أن تكون فرديا” و في الفقرة الثانية في نطاق الحدود بموجب القانون ، وتحدد المحكمة طبيعة الأحكام و النظام اعتمادا على ظروف الجريمة و شخصية الجاني و مادية و عائلية و حالة اجتماعية…
وقد ذهب بعض الباحثين[12] للقول على ان صلاحيات القاضي في التشريع الجنائي ليست محدودة وغير مؤطرة بمبدأ الشرعية الجنائية كما جاءت في المادة 8 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي[13] لسنة 1789[14] حرفيا عندما نصت انه “ لا يجوز أن يعاقب القانون إلا العقاب اللازم الضروري. ولا يجوز أن يُعاقب أحد إلا بموجب نظام مسنون قبل الجرم ومعمول به قانونياً قبله“, وإذا كان المفهوم الصارم لمبدأ الشرعية موضع تساؤل، فقد طور المشرع باستمرار صلاحيات القاضي الزجري بالسماح له بتكييف العقوبة مع الحالة الشخصية والخطورة الاجرامية للشخص المدان، بحيث يكون الأمر متروكًا له لاختيار طبيعة العقوبة من حيث الكم وأساليب تنفيذها.
اذ يمكن للمرء أن يعتقد مسبقاً أن مبدأ الشرعية الجنائية قد تم التضحية به، إذا قام المشرع بالفعل بتفويض جزء من صلاحياته للقاضي في مسائل إصدار الحكم, وهذا الامر غير صحيح لانه لا يزال المالك لهذه الصلاحية, اما الفقه يمارس فقط التأثير في هذا المجال “ضمن الحدود التي يحددها القانون “.
بصيغة اخرى فالقاضي ليس لديه الحرية في اختيار العقوبة فقط من بين العقوبات التي نص عليها المشرع للجريمة المعنية, بل هو ملزم بالحد الأقصى والادنى القانوني لها التي نص عليها المشرع لذلك ولا يحق للقاضي أن يحدد العقوبة إلا بتفويض من المشرع، أي عندما يعمد القانون بتقييد نفوذ المحاكم.
ولكن هل يتوافق هذا النظام من الجمل القابلة للتكيف مع مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون والعقاب؟
غير انه يمكننا القول ان مبدأ المساواة كمبدأ دستوري سواء في المغرب او في فرنسا يتميز بالنسبية في القوانين الجنائية, اذ الواضح أن القانون لا يمكن أن يميز بين الجناة في مرحلة العقوبة, والقاضي يضع بعين الحسبان وقت النطق بها شخصية الجاني وخطورته ويعدل الحكم المتوخى لتصحيح التجاوزات في المساواة الصارمة, لذلك ومن المقبول أن المساواة في العقوبة تعني أن الجناة في وضع مماثل فيما يتعلق بمعايير إصدار الأحكام السارية يعاقبون بنفس الطريقة اما اذا كانت احوالهم مختلفة فيعاقبون طبقا.
وبالتالي يجب أن نميز بين “المساواة الرسمية” و “المساواة الظاهرة” لاستخدام تعبيرات الأستاذة مورييل دلماس-مارتي ” المساواة الرسمية الصارمة تمنع مراعاة الخصائص محددة لكل حالة ولكل شخص”.[15]
ثانيا. خصائص ظروف الجريمة
من خلال التعريف اتضح أن ظروف الجريمة تمتاز لثلاث خاصيات أساسية الأولى أنها لا تدخل في التكوين القانوني للجريمة، فهي مجرد وعاء حسب مدلولها اللغوي، يؤثر في مقدار الشيء دون جوهره فهي تتعلق بالكم دون الكيف.
أما الخاصية الثانية فتتمثل في كون ظروف الجريمة ذات أثر معدل سواء بالنسبة للجسامة المادية للجريمة أو الخطورة الشخصية للجاني، مما يستوجب المغايرة في الجزاء الجنائي الواجب التطبيق و من ثم فهي تنال بالتشديد أو التخفيف أو الإعفاء من العقوبة أو تحدد نوع التدبير الملائم لمقدار الخطورة الكامل لشخصية الجاني.[16]
بينما تتجلى الخاصية الثالثة لظروف الجريمة في كونها عناصر يستعان بها في تفريد الجزاء، و المقصود بالتفريد كما أشار الأستاذ “رايموند سالي” هو ملائمة الجزاء لكل فرد على حدة، حيث يجعل العقوبة من حيث نوعها و مقدارها و كيفية تنفيذها ملائمة لظروف من تفرض عليه، فتفريغ العقاب هو تنويعه ليلائم حال كل فرد يراد عقابه، و أساس هذه النظرية كما أشار الأستاذ “محمد الفاضل” أن العقوبة ما هي إلا وجه من أوجه إصلاح المحكوم عليه .
وينقسم التفريد إلى تفريد قضائي وكذا تشريعي بموجبه يعمل المشرع على تحديد العقوبة حسب طبيعة الفعل المرتكب, بالاضافة الى التفريد التنفيذي الذي يقوم به قاضي تطبيق العقوبات في المؤسسات السكنية من خلال الإفراج المقيد بشروط مثلا عندما تزول الخطورة الإجرامية من السجين.
أما عن علاقته بظروف الجريمة كنظرية، هو اعتبار هذه الأخيرة ذلك مدخلا لإعمال مبدأ تفريد الجزاء التشريعي و القضائي أو بمعنى آخر تعد من أهم وسائله التي يستعين بها المشرع و القاضي في تفريد العقاب، حيث تعتبر المظهر الحقيقي الملموس و يظهر ذلك في تفريد العقوبة حيث يستطيع القاضي أن يقدر العقوبة وفقا للضوابط التي يرسمها المشرع، بمعنى أن ظروف الجريمة تعد مظهرا من مظاهر تفريد العقاب فمنها ما هي ملزمة للقاضي و هي تلك الظروف التي يقدرها المشرع سلفا وتتطلب التشديد أو التخفيف، و يلزم القاضي بالعمل بمقتضاها كما سنرى ذلك لاحقا.
الفقرة الثانية: نطاق تطبيق ظروف الجريمة
طبقا للمادة 130 التي جاءت بأن “المشارك في جناية أو جنحة يعاقب العقوبة المقررة لهذه الجناية أو الجنحة”.
ويتضح من خلال هذه المادة أن الفاعل و الشريك متساويان في العقوبة، لكن هذه المساواة في العقوبة ليست مطلقة، و لكي نعرف أن المساهم في الجريمة فاعلا أو شريكا، كان لابد من التمييز بين المساهمة الأصلية في الجريمة و المساهمة التبعية.
المساهمة الأصلية او الفاعل في الجريمة هو الذي يقوم بدور رئيسي في ارتكابها, والدور الذي يظطلع به يظهر في صورتين الاولى فاعلا ماديا للجريمة[17] يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من اعمال التنفيد المادي لها, اما الثانية فيظهر كفاعل معنوي[18] في الحالة التي يحمل شخصا غير معاقب بسبب ظروفه او صفته الشخصية على ارتكاب جريمة ويعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص.
بينما المساهم التبعي او الشريك فهو كل من لم يساهم مباشرة في تنفيدها ولكن اتى احد الافعال الاتية :[19]
1 – أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه، وذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو إساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي.
2 – قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل، مع علمه بأنها ستستعمل لذلك.
3 – ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها، مع علمه بذلك.
4 – تعود على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان للاجتماع، لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي.
وقد جعل المشرع من تعدد الجناة ظرفا مشددا خصوصا في الفصول 509 و510 من ق ج المتعلقة بجريمة السرقة، وذهب الفقه والقضاء إلى أن تعدد المساهمين الأصليين في الجريمة يقوم على ظرف التشديد، بينما إذا كان المساهم الأصلي في الجريمة واحداً و تضامن معه شريك كان ظرف الشديد منتافيا.[20]
أما بالنسبة للظروف فتنقسم كما سنرى لاحقا إلى الظروف الشخصية و هي أسباب خاصة بالمجرم و لا علاقة لها بالجريمة المرتكبة والتي يقتصر أثرها على مجرد العقاب مثلا الاعتياد على الجريمة (كالاعتماد على الإجهاض) طبقا للمادة 450,[21] والظروف العينية هي التي تتصل بالرقائق المادية للجريمة مما يجعل أثرها ممتدا إلى جميع المساهمين فاعلين كانوا أم شركاء، وسواء علموا بها أو لم يعلموا، و التي تغلظ العقوبة أو تخفضها ميلا ارتكاب جريمة السرقة ليلا المادة 509.[22]
وأخيرا الظروف المختلطة و تجمع بين الصفة الشخصية من حيث أنها لصيقة بالجاني، و الصفة العينية من حيث أنها تمثل عنصرا يتغير به وصف الجريمة، و التي تغلظ العقوبة أو تخفضها فإنها تنتج مفعولها بالنسبة لجميع المساهمين أو المشاركين في الجريمة و لو كانوا يجهلونها، مثلا جرائم الشطط في استعمال السلطة ( المواد 232-224) أو جريمة قتل الأصول المادة( 396).
المطلب الثاني: أقسام ظروف الجريمة.
سبق وان تطرقنا لمفهوم ظروف الجريمة وخصائصها، إلا ان أنواع هذه الظروف تختلف ويمكن ان نقسم هذه الظروف اما حسب طبيعتها (الفقرة الأولى) أو من حيث نطاق تطبيقها(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: ظروف الجريمة حسب طبيعتها
تنقسم ظروف الجريمة بالنظر إلى طبيعتها إلى كل من الظروف المادية والظروف المعنوية.
أولا :الظروف المادية.
تتعلق هذه الظروف بعنصر من عناصر الركن المادي للجريمة والمتمثل في النشاط الإجرامي سلبيا كان أو إيجابيا- والعلاقة السلبية إضافة إلى النتيجة الإجرامية.[23]
وتلحق هذه الظروف الركن المادي فتشدد العقاب او تخفضه ومنها ما يتعلق بالزمان كارتكاب جريمة السرقة ليلا المنصوص عليها في الفصل 509 من مجموعة القانون الجنائي، حيث تنقل العقوبة من سنة إلى خمس سنوات وغرامة ما بين 200 و 500 درهم حيث يستشف من هذا الفصل على أن جريمة السرقة تعتبر جنحة، إلا أنه وبالرجوع إلى الفصل 505 ق ج نجده ينص على تشديد العقوبة وجعلها محددة في السجن من عشر إلى عشرين سنة إذا اقترنت السرقة بظرفين على الأقل من الظروف المنصوص عليها في المادة 509 والتي من بينها ارتكاب السرقة ليلا وارتكابها بواسطة شخصين أو أكثر.
ومن هذه الظروف أيضا ما يتعلق بالمكان كالمنزل المسكون وايضا ما يتعلق بالوسيلة المستعملة في ارتكاب الجريمة كاستعمال مفاتيح مزورة في جريمة السرقة على سبيل المثال.
ومن الأهمية بما كان الإشارة إلى أن الظروف المادية أي العينية تنتج مفعولها بالنسبة لجميع المساهمين والمشاركين في الجريمة ولو كانوا يجهلونها وفقا الفقرة الأخيرة من الفصل 130 من القانون الجنائي.
ثانيا: ظروف الجريمة الشخصية.
الظروف الشخصية هي تلك الظروف التي تقترن بالركن المعنوي للجريمة, ولها صورتان الصورة الاولى تفترض ازديادا في خطورة الارادة الجنائية ومثل ذلك سبق الاصرار او الترصد في جرائم القتل العمد.[24]
وعلة هذا التشديد في اعتبار ارتكاب الجريمة بعد تصميم سابق عليها ينم فعلا عن شخصية على درجة كبيرة من الخطورة الإجرامية, والتصميم المسبق على القتل يسهل على الفاعل تنفيذ الجريمة ويزيد بالتالي في المخاطر التي يتعرض إليها المجني عليه مما يقتضي زيادة تدابير الوقاية الاجتماعية التي تشكلها العقوبة الجزائية, وهناك فريق من الفقهاء وعلماء الجريمة لا يسلم بدلالة هذا الطرق على خطورة الشخصية الإجرامية، مجادلا في أن يكون سبق الاصرار أفضل الضوابط لتحديد خطورة الجاني .
أما الصورة الثانية فتفترض صفة في الجاني وتعني تأثيرا على مقدار خطورة الشخصية الإجرامية و مثال ذلك صفة الخادم في جريمة السرقة,[25]وصفة الطبيب في جريمة الإجهاض.[26]
في ختام هذه الفقرة تجدر الإشارة إلى أن الظروف الشخصية يقتصر مفعولها على اصحابها من المساهمين حيث حرص المشرع المغربي على النص في الفصل 130 من مجموعة القانون الجنائي على انه لا تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد او تخفيف او إعفاء من العقوبة إلا بالنسبة لمن تتوفر فيه.
الفقرة الثانية: ظروف الجريمة حسب آثارها
يمكن تقسيم ظروف الجريمة حسب الآثار المتولد عنها إلى ظروف مشددة وأخرى مخففة.
أولا: الظروف المخففة
يقصد بالظروف المخففة تلك الأسباب التي اعترف المشرع بآثارها على مستوى تخفيف العقوبة المقررة اصلا للجريمة والنزول بها دون الحد الأدنى المقرر لها, ويعتبر نظام الظروف القضائية المخففة من أهم مظار السلطة التقديرية المقررة للقاضي الجنائي، يستطيع من خلالها استعمال تلك السلطة والوصول عن طريقها إلى تحقيق متطلب تفريد العقاب بالملائمة بين مضمون النص العقابي المجرد وبين ظروف وملابسات ارتكاب الجاني لجريمته.[27]
فإذا كان منح الظروف المخففة موكول للسلطة التقديرية للقضاء، فإنه مع ذلك ملزم بتعليل قراره في هذا الصدد بوجه خاص كما سنرى ذلك بمناسبة التعليل لاحقا, ومن آثار هذه الظروف أنها تظل شخصية بحتة إذ لا تخفف العقوبة إلا فيما يخص المحكوم عليه الذي منح التمتع بها ، عملا بمقتضيات الفصل 146 من القانون الجنائي.
وقد حدد المشرع في الفصول من 147 إلى 151 من ق.ج المدى الذي لا يجوز لقاضي الموضوع تجاوزه، مبينا شمول ظروف التخفيف لكافة أنواع الجرائم من جنايات وجنح ومخالفات.[28]
ولظروف التخفيف نتائج غاية في الأهمية لعل أبرزها أن ظروف التخفيف لا تؤثر على الوصف القانوني للجريمة، وآثارها لا يمتد سوى المحكوم عليه المستفيد منها علاوة على أنها تبقى مرتبطة لطبيعة العقوبة المحكوم بها، اي ما إن كانت عقوبة أصلية أو إضافية, والقضاء اعتاد على منح هذه الظروف حتى في حالة العود حيث جاء في قرارين صادرين عن محكمة الإستئناف بالرباط ما يلي :
القرار الاول:[29] ”حيث انه تطبيقا لمقتضيات المادة 430 من قانون المسطرة الجنائية تداولت هذه الغرفة في منح المتهم ظروف التخفيف أم لعدم منحه إياها فآرتأت تمتيعه بظروف التخفيف نظرا لظروفه الإجتماعية، ويتعين تبعا لذلك النزول بالعقوبة المقررة قانونا عن حدها الأدنى مع تطبيق مقتضيات الفصل 147 من القانون الجنائي”.
القرار الثاني: [30]” “حيث تداولت هذه الغرفة في منح المتهمين ظروف التخفيف من عدمه فقررت منحهم إياها لظروفهم الإجتماعية
وحيث إن العقوبة المحكوم بها في حق المتهم الأول تبدو جد منابة لخطورة الفعل المقترف من طرفه وتحقق الردع الخاص والعام الأمر الذي ارتأت معه هذه الغرفة تأييد القرار الإبتدائي فيما قضى به من عقوبة سجنية في حقه”
القرار الثالث :[31] “حيث أنه تطبيقا لمقتضيات المادة 430 من قانون المسطرة الجنائية تداولت هذه الغرفة في منح المتهم ظروف التخفيف او عدم منحه إياها فآرتأت تمتيعه بها مع تطبيق مقتضيات المادة 149 من القانون الجنائي وحيث أن العقوبة المحكوم بها جاءت كافية في حق المتهم وتحقق معها الردع العام والخاص مما ارتأت المحكمة الإبقاء عليها خاصة أن استئناف النيابة العامة لم يأتي بأي جديد في الموضوع”
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه إلى جانب الظروف القضائية المخففة نجد الأعذار القانونية المخففة ويقصد بها الاسباب التي يستخلصها المشرع من حالات العقاب وينص عليها حصرا باعتبارها ظروفا مخففة يتعين على القاضي ضرورة مراعاة أحكامها وترتيب أثرها المخفف وجوبا متى توافرت شروطها.[32]
وحري بالببيان ان المشرع المغربي وقد ضمن بالأحكام العامة المتعلقة بهذه الأعذار في الفصلين 143 و144من ق.ج, ومن أمثلة الأعذار القانونية المخففة[33] عذر الاستفزاز والمقصود به التماس المعذرة الجاني الذي يرتكب جريمته تحت تأثير حالة الهياج النفسي الناجمة عن السلوك الخاطئ المجني عليه والتي تستوجب التعديل في المعاملة العقابية المقررة اصلا للجريمة.
وجدير بالذكر أن المشرع المغربي اعتبر عنصر الاستفزاز من الأعذار القانونية المخففة للعقاب، لكنه لم يأخذ به كعذر قانوني عام موجب لتخفيف العقوبة على جميع الجرائم، وانما به في حالات محددة حصرا، وكمثال على ذلك جرائم القتل والضرب والجرح المرتكبة اما:
_نتيجة تسلق أو كسر حائط أو مدخل منزل أو بيت مسكون أو أحد ملحقاتهما نهارا حسب الفصل 417 من ق.ج
_نتيجة مفاجأة رب الأسرة لأشخاص في منزله وهم في حالة اتصال جنسي غير مشروع بناء على الفصل 420 من ق.ج.[34]
_نتيجة استفزاز بالضرب او العنف الجسيم حسب مقتضيات الفصل 416 من ق.ج, ففي هذا الاطار نستحضر قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط[35] الذي جاء فيه “وحيث تمسك دفاع المتهم امام هذه الغرفة بوجود ظرف الاستفزاز
وحيث ينص الفصل 416 من ف ج على انه ” يتوفر عذر مخفض للعقوبة اذا كان القتل او الجرح او الضرب قد ارتكب نتيجة استفزاز ناتج عن اعتداء بالضرب او العنف الجسيم على شخص ما”
وحيث ذهبت محكمة النقض في احد قراراتها عدد 1394-7الصادر بتاريخ 2003-4-24 في الملف الجنائي عدد 19500-2002 الى ان حالة الاستفزاز تثبت بأي عنصر من العنصار مادام قد تبتت للمحكمة تحرش الضحية بالطاعنة ومراودته لها مما دفعها الى ارتكاب الفعل المنسوب لها.
وحيث كرس قضاة الموضوع هذا التوجه في اعتبار الغضب المعنوي كافيا لوجود الاستفزاز فذهبت الغرفة الجنائية لمحكمة الاستئناف بمكناس في قرار لها الصادر بتاريخ 1978-4-24 *وحيث ان الذي تبث للمحكمة هو ان المتهمة كانت جالسة مطمئنة ببيتها تقسم الرمان لإبنها ففوجئت بوقوف شخص اجنبي بجانبها استفزها واثار غضبها العفوي وان المحكمة تحد ربها اعتبار غضبها المعنوي مما يجعل قرار السيد قاضي التحقيق الذي اعتبر وجود عذر الاستفزاز في النازلة مصادفا للصواب .
وحيث ان هذه الغرفة ثبت لها ما اثاره دفاع المتهم من استفزاز مؤسس على واقعتي معاكسة الهالك لوالدة المتهم مرارا وواقعة اشهار الاول مطرقة في حقه وضرب الثاني بها وهو ما اكده الشاهدين ..امام قاضي التحقيق بعد اداء اليمين القانونية موضحين ان الضحية اخرح مطرقة وضرب بها المتهم
وحيث يكون ظرف الاستفزاز متوفر في نازلة الحال لعذر مخفض للعقوبة فيتعين تطبيق مقتضيات الفصل 423 من ق ج الذي يجعل خفض العقوبة الحبس من سنة الى خمس. سنوات في الجنايات المعاقب عليها قانونا بالاعدام او السجن المؤبد كما في نازلة الحال
وحيث والحال ما ذكر فإنه يتعين تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من ادانة المتهم مع تخفيض العقوبة اعتبارا لظرف الاستفزاز كما اشرنا”.
_نتيجة مفاجأة أحد الزوجين لزوجه وشريكه متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية انطلاقا من الفصل 418 من ق.ج, غير انه هناك تشريعات من جعلت منه عذا اما معفيا او مخففا للعقاب.
المجموعة الأولى من القوانين عدتّه مجرد عذر مخفف للعقاب، كقانون العقوبات العراقي (المادة/409)[36] منه والمصري(المادة /237)[37] منه والجزاء الكويتي (المادة /153)[38]منه والاردني (المادة /340) منه, اما المجموعة الثانية عّدته عذراً معفياً من العقاب مع بعض الاختلاف في الأحكام، كقانون العقوبات السوري[39] (المادة/548)
إضافة إلى التشريع التونسي في الفصل 307 من قانون الجنائي حيث نص على عقوبة السجن لمدة خمس سنوات لقاتل زوجته او لمن وجده معها وهما في حالة دفاع, واخرى اعتبرته عذرا معفيا في بعض الحالات ومخففا في البعض الآخر، كما هو الشأن بالنسبة التشريع الأردني حيث ميز بين حالتين،[40] وفي نفس النهج سار المشرع اللبناني في المادة 562 من قانون العقوبات وكذلك التشريع السوري في المادة 548 من القانون الجنائي.
ومن الحالات كذلك التي اشار فيها المشرع المغربي الى الاعذار المخففة نذكر السرقات الواقعة على المحاصيل والمنتوجات الزراعية, وكذا سرقة الأشياء الزهيدة الثمن, حيث ان العقوبة تخفض الى ما بين ثلاثة ايام و خمسة عشر يوما.[41]
ثانيا: الظروف المشددة
للظروف المشددة تقسيمات متعددة وفقا الأساس الذي تبنى عليه. إذ يمكن تقسيمها إلى ظروف مشددة عامة يسري التشديد فيها على جميع الجرائم أي يتسع نطاقها ليشمل جميع الجرائم أو أغلبها وظروف مشددة خاصة لا يسري التشديد فيها سريانا عاما على جميع الجرائم، بل إنها خاصة بجرائم معينة أو بعدد قليل من الجرائم التي تنطوي تحت عنوان واحد . وكلاهما ينص عليهما القانون، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المشرع الفرنسي على خلاف الظروف المشددة الخاصة، أضاف ظروفا مشددة عامة والمتمثلة في العود واستعمال وسائل التشفير الأنظمة المعلوماتية إذ تنطبق على جميع الجرائم الجنائية بموجب الأحكام العامة لقانون العقوبات الفرنسي، مالم ينص المشرع على خلاف ذلك بموجب قانون الثقة في الاقتصاد الرقمي .[42]
وقد درج الفقه على تقسيم الظروف المشددة إلى ظروف شخصية وظروف موضوعية . ينقل على بعض هذه الظروف نظرا لما تتسم به من أهمية عملية بالغة، مسبق الإصرار والترصد في جرائم القتل والقتل بالسم أو التصميم حسب الفصل 371 من القانون الجنائي، فتشديد العقوبة في الحالة الأخيرة يعود الى ان ارتكاب هذه الجريمة اعتمادا على السم تتم بسهولة ويصعب اكتشافها، علاوة على أن الجاني في الغالب من الحالات يكون وثيق الصلة بالمجني عليه بما يسمح له من اقتراف حرمه تحت ثقة المجني عليه ، ومن تم كان العقاب المشدد ثمنا الغدر والخيانة.[43]
وغني عن البيان أن ظروف التشديد هي أسباب حددها القانون ونص عليها صراحة بالنسبة لجرائم معينة، فإذا توفرت وجب على القاضي أن يحكم بعقوبة أشد من العقوبة المقررة أصلا مما ينتج عنه تغيير نوع الجريمة ووصفها القانوني باستثناء حالة العود.[44]وكما سبقت الإشارة فهذه الظروف تنقسم الى ظروف شخصية ترجع إلى صفة في شخص الجاني كالقاضي أو الموظف العمومي أو المتولي لمركز نيابي في جريمة استغلال النفوذ حسب الفصل 250 من ق.ج، صلة القرابة في قتل الأصول ، اما عن ظروف التشديد العينية فتتعلق بالوقائع المادية للجريمة.
كما تعد حالة العود من الظروف المشددة للعقوبة وتتحقق متى ارتكب شخص جريمة عوقب عليها بحكم حائز اقوى الشيء المقضي به ثم يرتكب جريمة أو جرائم أخرى، وتتميز حالة العود بخصائص من بينها أن حالة العود تقتضي تعدد الجرائم من شخص واحد وتعد ظرفا شخصيا يتعلق بشخص العائد فقط كما تؤدي حالة العود إلى رفع العقوبة بالنسبة لكافة الجرائم، سواء تعلق الأمر بالجنايات او الجنح او المخالفات, ويمكن من ما سبق ان قيل ان نستشف على وجود شرطين لإعتبار حالة العود استنادا إلى مقتضيات الفصل 154 من ق.ج يتبين أنه لقيام حالة العود يلزم توافر شرطين هما:
الشرط الاول. يشترط لاعتبار الجاني عائدا أن يكون قد صدر عليه حكم سابق، ولا يكفي أن يكون قد ارتكب جريمة سابقة ما دام لم يحكم عليه فيها, وذلك أن علة التشديد في العود هي أن صدور حكم السابق يعد إنذار للجاني كافيا لردعه، فإذا عاد على الرغم من ذلك إلى ارتكاب جريمة كان في ذلك دليل على أن الحكم السابق لم يكن كافيا, والحم المقصود في هذا الصدد هو البات الذي لا يقبل الطعن بالطرق العادية ولا حتى الطرق الغير عادية.
الشرط الثاني. تشترط حالة العود إرتكاب جريمة ثانية بعد الحكم الاول النهائي على أن تكون الجريمة الثانية مستقلة عن الجريمة األولى المحكوم فيها، وهكذا قضى بأن تطبيق أحكام العود يقتضي أن يثبت في القرار الطابع النهائي للعقوبة السابقة, وهذا الشرط العنصر الجوهري للعود، وعلة التشديد فيه، ومراد ذلك أن ارتكاب جريمة تالية هو الذي يثبت أن الحكم السابق لم يكن له أي أثر رادع على المتهم، ولم يحد بينه وبين ارتكاب جريمة تالية، الامر الذي يستوجب تشديد العقاب.
كما ان لحالة العود أنواع تتمثل في العود المؤبد والعود المؤقت ، العود العام والعود الخاص.[45]
ففيما يخص العود العام فلا يشترط أن تكون الجريمة الالحقة من نفس نوع الجريمة التي سبق للعائد إن حكم عليه بها ،بمعنى آخر أن القانون لم يشترط أن تكون الجريمتين من نفس النوع.
اما العود الخاص او العود النوعي فانه لا يتحقق الا إذا كانت الجريمة الثانية مماثلة أو مشابهة مع الجر يمة, وقد تناول ذلك المشرع المغربي في الفصل 158 من ق ج
تعد جنحا متماثلة، لتقرير العود، الجرائم المجموعة في كل فقرة من الفقرات التالية :
- السرقة والنصب وخيانة الأمانة وخيانة التوقيع على بياض وإصدار شيك بدون رصيد والتزوير واستعمال الأوراق المزورة والتفالس بالتدليس وإخفاء الأشياء المتحصلة من جناية أو جنحة
- القتل خطأ والإصابة خطأ وجنحة الهروب عقب ارتكاب الحادث ؛
- هتك العرض بدون عنف والإخلال العلني بالحياء واعتياد التحريض على الفساد والمساعدة على البغاء
- العصيان والعنف والإهانة تجاه رجال القضاء والأعضاء المحلفين أو رجال القوة العمومية.
اما بالنسبة للعود المؤقت فانه يشترط القانون لقيامة مدة محددة تفصل بين صدور الحكم السابق وبين ارتكاب الجاني الجريمة الجديدة, والمشرع المغربي فرق بين الحالة التي يكون فيها الحكم قد صدر بشأن جناية او جنحة.
- فإذا صدر عليه الحكم عليه من أجل جناية بعقوبة تزيد عن الحبس لمدة سنة، بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم فيه، ثم ارتكب قبل مضي خمس سنوات من تمام تنفيذ تلك العقوبة أو تقادمها، جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس، يجب أن يحكم عليه بالحد الأقصى لتلك العقوبة، ويجوز أن تبلغ العقوبة إلى ضعفه.[46]
- فإذا صدر لحكم عليه من أجل جنحة بعقوبة الحبس، بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم فيه، ثم ارتكب جنحة مماثلة قبل مضي خمس سنوات من تمام تنفيذ تلك العقوبة أو تقادمها، يجب الحكم عليه بعقوبة الحبس الذي لا يتجاوز ضعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الثانية.[47]
اما العود المؤبد لا يشترط مدة معنية بين صدور الحكم أو بين انقضاء العقوبة وبين ارتكاب الجاني لجريمة جديدة، و لترتب العود على نحو مؤبد.
كما تدخل حالة التعدد ضمن أسباب تشديد العقوبة ، وتنشأ هذه الحالة حينما يرتكب الجاني جريمة أو جرائم دون أن يكون قد صدر بشأنها حكم نهائي على الجاني . والتعدد نوعان، تعدد معنوي وآخر مادي.
يتحقق التعدد الصوري أو المعنوي عندما يكون الفعل الجرمي الواحد ممكن وصفه بعدة أوصاف، حيث أن نشاطا إجراميا واحد يقع تحت طائلة عدة فصول معاقبة له، وهنا يجب على القاضي أن يطبق الوصف القانوني المتعلق بالعقوبة الأسد وفقا للمادة 118 من القانون الجنائي.
أما عن التعدد الحقيقي او المادي فيتحقق عندما نكون امام مجموعة من الجرائم المتعددة المرتكبة في آن واحد أو في أوقات متتالية دون أن يفصل بينها حكم غير قابل للطعن,[48] ففي هذه الحالة يحكم القاضي بعقوبة واحدة من أجل مجموع هذه الجرائم بحيث تندمج العقوبات فيما بينها في عقوبة واحدة شريطة ألا تتجاوز حدها الأقصى المقرر لها قانونا. ويقرر المشرع بالنسبة للتعدد الحقيقي ضم العقوبات المالية، وكذلك الأمر بالنسبة العقوبات الإضافية والتدابير الوقائية.
وللتمييز الموجود بين التعدد والعود يكمن القول انهما يتفقان في كون كل منهما لقيامه يجب توفره لشرط تكرار الجريمة من الجاني نفسه, اما بالنسبة لأوجه الاختلاف فيمكن اجمالها في
- أن العود يشترط لقيامه صدور حكم بات في جريمة سابقة قبل ارتكاب الجريمة الالحقة، في حين أن التعدد لا يتطلب لقيامه هذا الشرط إنما تتم محاكمة الجاني عن كافة الجرائم التي ارتكبها.
- أن العود يعتبر سبب لتشديد العقوبة، في حين أن التعدد في ذاته لا يبرر تشديد العقوبة إذ يحكم في كل منها كقاعدة عامة بعقوبتها دون تشديد.[49]
وقد ذهب بعض الباحثين[50] في نفس الطرح عندما اكد ان العود يرتكز على شرطين حتى يرتب اثره، وهما سبق وجود حكم بات أو السابقة وارتكاب العائد لجريمة العود وتعدد الجرائم: يتفق العود مع التعدد في أن الجاني يرتكب في الحالتين أكثر من جريمة، ولكنه في التعدد يرتكب جميع الجرائم قبل أن يحكم عليه نهائياً في واحدة منها، وتنص أغلب التشريعات على تشديد العقاب بسبب العود على خلاف التعدد، بل أنها تبدي تساهلاً في العقاب على التعدد، إذ تقيد قاعدة تعدد العقوبات بتعدد الجرائم بقاعدتي الجب وعدم زيادة العقوبات السالبة والمقيدة للحرية عن حد معين. والفكرة التي تستند إليها هذه التشريعات في تبرير مسلكها تقوم على أنه في حالة التعدد لم يسبق للجاني التعرض لتحذير قضائي يتمثل في سبق الحكم عليه، الأمر الذي يبرر من نظرها عدم التسوية في المعاملة بينه وبين المجرم العائد. العود المتكرر والاعتياد على الإجرام: العود المتكرر يعني أن المحكوم عليه قد سبق أن صدرت ضده أحكام إدانه من أجل نوع معين من الجرائم ، ثم عاد مرة أخرى إلى ارتكاب جريمة مماثلة من نفس النوع ، بحيث يدل الارتكاب الجديد على أن العقوبات السابقة لم تكن رادعة ومحققة للمنع الخاص، لذ يقرر تشديد العقوبة لتصل إلى الأشغال الشاقة, أما الاعتياد فهو صورة من صور العود المتكرر في نظرنا، إلا أنه يكشف عن خطورة إجرامية كامنة لدى المحكوم عليه مما يحسن معه ترك الاختيار لقاضي الموضوع في استبدال العقوبة بتدبير احترازي.
بالاضافة الى ذلك فإن عنصر الاعتياد يعتبر هو الاخر ظرفا مشددا, يقصد به إعتياد الجاني على نوع معين من النشاط فيلزم تكرار الفعل حتى يتكون الاعتياد، ومن أمثلة جرائم الاعتياد في قانون الجنائي المغربي، جريمة الاعتياد على ممارسة الاجهاض المنصوص عليها في الفصل 450 [51] ويتفق الاعتياد مع العود في أن كلاهما ظرف مشدد للعقوبة وكذا عنصر التكرار للواقعة الجرمية, غير انه يختلفان في أن جرائم الاعتياد هناك تكرار للنشاط الاجرامي يعتبر ظرفا مشددا دون الحكم عن الجريمة الاولى, عكس العود الى الاجرام يشترط فيه ان يصدر حكم بات قبل وقوع جريمة جديدة.
إذن وبعد أن ألقينا نظرة مجوزة حول ماهية ظروف الجريمة واقسامها ننتقل للحديث عن اثرها على سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء في المبحث الموالي.
المبحث الثاني: اثار ظروف الجريمة على سلطة القاضي التقديرية في التفريد
ان اثر ظروف الجريمة واضحة على سلطة القاضي التقديرية عند تفريد الجزاء, لإن كانت ضرورة اقامة العدل بين الناس وضبط افعال الجناة والمعاقبة عليها ف اطار مبدأ الشرعية يعتبر من بين اهم الالتزامات الملقاة على عاتق الدولة, والتاريخ يشهد على انهيار انظمة مزدهرة بسبب نظام قانوني اغراها بريقه بالرغم من انه كان اداة استبداد وظلم في يد الحاكم, فإن الحاكم او القاضي اناس منوط بهم ضمان حرية المواطنين وان يكونوا درعا يحميهم من التسلط والاعتداء في اطار ما يخوله لهم القانون من سلطة تقديرية, هذه الأخيرة التي لم توجد إلا لتحقيق اسمى وانبل الأهداف المتوخاة من العقاب اصلاح الجاني واعادته سليما معافا الى المجتمع.
فإذا كان للمجرم ظروف تجعله يستحق الرأفة امكن للقاضي ان يتحرك في اطار ما لا يتعارض والقاعدة القانونية الزجرية لإصدار حكم رحيم, اما في حالة العكس فإنه مدعو لتطبيق اقصى العقوبات,[52] وبالتالي تحقيق نوع من التناسب بين العقوبة وشخصية المجرم لأن قواعد القانون الجنائي تتسم بنوع التجريد, فإن هذا الأمر لا يجب ان يأخد بمفهومه الواسع بل عبر ضوابط معينة (المطلب الأول) وقيود تشكل حدا لهذه السلطة (المطلب الأول).
المطلب الثاني: ضوابط اعمال القاضي لسلطته التقديرية
لعل المقصود بالضوابط تلك المحددات التي تعتبر من صميم عمل المشرع الجنائي في إطار مبدأ الشرعية, هذه الاخيرة تشكل ضابطا اساسيا لحرية القاضي سواء تعلق الامر بتفسير النصوص اوتطبيقها, او تعلق الامر بسلطته التقديرية في التعامل كيفية التعامل مع الضوابط المؤطرة لمبدأ تفريد الجزاء, واذا ما عدنا الى مضمون الفصل 141 من ق ج نجدها محددة في الخطورة الجريمة المرتكبة من ناحية (الفقرة الاولى) وكذا شخصية المجرم من ناحية أخرى (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الخطورة الإجرامية
قبل ان نتناول فكرة الخطورة الاجرامية في التشريع المغربي يستوجب الأمر منا ان نوضح المقصود اولا.
اولا. المقصود بالخطورة الاجرامية في الفقه والتشريعات المقارنة
تُعدُّ نظرية الخطورة الإجرامية من النظريات العلمية المتطورة نسبياً، إذ برزت للوجود نتيجة لجهود عدد من المدارس والاتجاهات في الفقه الجنائي الحديث، وهي في الحقيقة ليست الا امتدادا لأفكار المدرسة الوضعية بقيادة القاضي Garofalo الذي اثار هذه الفكرة كأساس لملاءمة العقوبة لخطورة المجرم,[53] وعرفها انها الاهلية الجنائية التي تبين ما يبدو على المجرم من فساد دائم, كما انها تحدد مقدار الشر الذي يتوقع حدوثه منه ولتقدير الخطورة وجب مراعاة مدى قابليته للتجاوب مع المجتمع,[54] ويستشف من ذلك ان معيار الخطورة الاجرامية هو عدم تجاوب المجرم مع المجتمع, على خلاف لك عرف جرسبيني انهاا اهلية الشخص الواضحة في ان يصبح على جانب من الاحتمال انه تصدر عنه جريمة في المستقبل, بمعنى ان الخطورة في نظره تتمظهر في الاستعداد الجرمي السابق التي لها علاقة بالدوافع الداخلية والاخارجية فإذا كان الاستعداد قائما كانت الخطورة بادية وواضحة في احتمال الإقدام على الفعل والإحتمال ذو طابع علمي فهو لا يقوم على محض الظن أو التصور، وهو بذلك ليس مجرد تحكم من القاضي بأن الشخص سوف يقدم على ارتكاب جريمة مستقبلا وانما يفترض دراسة للعوامل الإجرامية وتحديدها وبيان مدى قوتها السببية التي تجعل من شأن هذه العوامل توجيه الفرد إلى ارتكاب الجريمة مستقبلا. [55]
والملاحظ من التعريفين انهما وضعا تعريفا للخطورة الاجرامية يتأرجح بين الحتمية والإحتمال، اما الفقيه المصري رمسيس بهنام فعرفها بالحالة النفسية التي تجعل صاحبها ان يكون مصدرا للجريمة مستقبلا.[56]
عموما, في جميع الاحوال تعتبر الجريمة المرتكبة في حد ذاتها تعبيرا واضحا عن فداحة الخطورة الاجرامية الكامنة في المجرم, والقاضي يتوصل لهذه الخطورة بشتى الوسائل لعل اهمها طريقة تنفيد الجريمة او اتيانه لركنها المادي, او على الاقل المحاولة عندما تكون الارادة الاثمة معيارا وسيلة يستخلص منها القاضي هذه الخطورة…….
اما بالنسبة للقوانين الوضعية فأغلبها متأثرة بالمدرسة التقليدية بشكل نسبي التي كانت تنادي بالمقاصة بين الجريمة والعقوبة، اذ عرفها قانون العقوبات اللبناني [57] في الفقرة الثالثة من المادة 211[58] انه” يعد خطر على المجتمع كل شخص او هيئة معنوية اقترف جريمة اذا كان يخشى ان يقدم على افعال اخرى يعاقب عليها القانون ” فبمفهوم المخالفة التي جاءت بها الفقرة الاولى من نفس المادة انه لا يتم تطبيق التدابير الاحترازية ما لم يكن خطرا على السلام العام.
اما بالنسبة للمشرع الليبي [59] عرف الخطورة الاجرامية انطلاقا من الشخص الخطر على انه هو من يرتكب فعلاً يعده القانون جريمة ويحتمل – نظراً للظروف المبينة في المادة 28 – أن يرتكب أفعالاً أخرى يعدها القانون جرائم وإن لم يكن مسئولاً أو معاقباً جنائياً, من خلال هذا التعريف فان وصف الخطورة تشمل الاشخاص غير المسؤولين والمعاقبين جنائيا عند توفر أي مانع من موانع المسؤولية الجنائية كما هو الحال بالنسبة للمجنون او الصغير او فاقد الادراك والارادة, اذ في نظر المشرع الليبي انه للخطوة الاجرامية شرطان, الاول يتعلق بالأشخاص المشار اليهم في المادة 28, اما الثاني فيتعلق بضرورة توفر دلائل تدل على احتمال اقدامهم مستقبلا على القيام بجرائم وهي ما جاءت به المادة 28 وهي :
– الفعل ونوعه والوسائل التي استعملت لارتكابه وغايته ومكان وقوعه ووقته وسائر الظروف المتعلقة به.
– جسامة الضرر أو الخطر الناتج عن الفعل
– مدى القصد الجنائي سواء أكان عمدياً أم غير عمدي.
وتتبين نزعة المجرم إلى الإجرام من الأمور الآتية:-
– دوافع ارتكاب الجريمة وخلق المجرم.
– سلوك المجرم وقت ارتكاب الجريمة وبعده.
– ظروف حياة المجرم الشخصية والعائلية والاجتماعية
فإذا كان المشرع اللليبي قد اوضح المقصود بالخطورة الاجرامية فماذا عن المشرع المغربي…
ثانيا. موقف المشرع والقضاء المغربي من الخطورة الاجرامية
نص المشرع المغربي في الفصل 141 من ق ج على ان ” للقاضي سلطة تقديرية في تحديد العقوبة وتفريدها، في نطاق الحدين الأدنى والأقصى المقررين في القانون المعاقب على الجريمة، مراعيا في ذلك خطورة الجريمة المرتكبة من ناحية، وشخصية المجرم من ناحية أخرى”
من خلال القراءة الفاحصة لهذا الاخير يتبين ان المشرع المغربي كما سبق ان اشرنا انه تأثر تقريبا بالمدارس الفهية التقليدية التي كانت ترفض المقاصة بين الجريمة والمجرم, نعم تناول الضابطين الا انه لم يقدم على توضيح المقصود بالخطورة الاجرامية كضابط اولي ومعايير استظهارها, كما فعل المشرع الليبي من قبل بل اكثر من ذلك حتى الفقه المغربي لم يكلف نفسه التصدي ومعالجة هذه النقطة التي تتسم بالغموض, هذا ما قد يجعل سلطة القاضي شبه تحكمية ولا سيما في حالة العود كما سبق سبق الاشارة لأنه في هذه الحالة التشديد في العقوبة من عدمه.[60]
والواقع ان القضاء المغربي اعتاد استظهار هذه العناصر من الركن المادي للجريمة, فمنها ما هو متصل بالركن المعنوي.
بالنسبة للركن المادي, يمكن للقاضي استظهاره الخطورة انطلاقا من طريقة طبيعة الفعل او السلوك الايجابي او السلبي وكذا الوسائل المستعملة في ارتكاب الجريمة من الات واجهزة متطورة وقد عرضت على القضاء المغربي مؤخرا احدى النوازل التي تدمي لها نفس البشرية عندما استعمل شخص بعض الالات لتقطيع جثة ضحيته فإستظهر خطورة هذا الاخير الاجرامية بقولها ‘‘ وحيث ان المتهم قام بتقطيع الجثة الى اجزاء وعمد الى رميها في اماكن متفرقة بين سلات القمامة والقطار حسب التفصيل المبين في الوقائع, وهي افعال وحشية تشمئز لها نفس البشرية عمد المتهم الى التمثيل بالجثة التي كرم الله بدفنها وسترها, وتبقى احكام الفصلين ثابتة في مواجهة المتهم.
وحيث تداولت الغرفة في منح ظروف التخفيف من عدمه حسب الالزام المنصوص عليه في الفصل 432 ق م ج فارتأت عدم تمتيعه بهذا نظرا لخطوره الافعال الاجرامية الثابتة في حقه وقناعتها، وانزال العقاب الاشد في حقه حسبما منصوص عليه في المنطوق ادناه .
وحيث …
وحيث …
لهذه الاسباب غرفة الجنايات الابتدائية علنيا وابتدائيا وحضوري بمؤاخدة المتهم من اجل ما نسب اليه وللحكم عليه بالاعدام “,[61] وايضا ذلك الحيز المكاني الذي كان مسرحا للجريمة مثلا مكان خالي او مجهور او بيت الجاني او الجناة, بالاضافة الى الظرفية الزمنية التي ارتكبت فيها ليلا او في الصباح,[62] ويكن استخلاصه كذلك من الشق الثاني للركن المادي اي النتيجة باعتبارها ظاهرة مادية او اثار مادية تحدث في العالم الخارجي كأثر للسلوك الاجرامي,[63] والتي يمكن تتمظهر في حصول عدوان على المصلحة المشمولة بحماية قاعدة التجريم في الحصول على المال المملوك للغير في جريمة السرقة او ازهاق روح انسان في جريمة القتل العمد, بداية من جسامة الضرر والخطر الناتج عن الفعل.
اما بالنسبة للركن المعنوي في الجريمة هو قوام المسؤولية الجنائية فلا يسأل شخص الا اذا كان مسؤولا جنائيا,[64] فالقاضي يبحث في البواعث مدى دناءتها لأن هذا الركن يعكس العلاقة النفسية بين الفعل والنتيجة .
ويلاحظ ان المحاكم المغربية اعتادت بمختلف درجاتها ان ستظهر هذه الخطورة انطلاقا من الركن المادي والمعنوي, فالقرار الذي سبق ان اشرنا إليه والصادر عن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط, عادت غرفة الجنايات الاستئنافية[65] وايدته واكدت على انه :
” وحيث ان العقوبة جاءت مناسبة وخطورة الافعال المرتكبة من طرف المتهم مما ينبغي معه تأيييد القرار المستأنف في حقه .
لهذه الاسباب تصرح غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف علنيا وحضوريا في الشكل قبول الاستئناف وفي الموضوع، تأييد القرار المستأنف مع تحميل المتهم الصائر بخصوص طلب فتح محل بعدم القبول الطلب”.
وفي قرار اخر عن نفس المحكمة,[66] “وحيث انه تطبيقا لمقتضيات المادة 430 من ق م ج تداولة هذه الغرفة في منح المتهم ظروف التخفيف – او عدم منحه اياها فارتأت عدم تمتيعه بظروف التخفيف لخطورة الفعل الجرمي وما خلفه من اثار على الضحية المعاقة”
الفقرة الثانية: النزعة الإجرامية.
لقد اثبت الواقع العملي انه من الصعب على القاضي ان يكون قناعته الا اذا استحضر الفعل والفاعل, هنا تبرز لنا أهمية ملف شخصية إذ يصعب على القاضي معرفة شخصية الجاني إلا أن اغلب التشريعات اهتدت الى التنصيص على ضرورة هذا الملف, والذي يكون رهن اشارة القاضي قبل ان يصدر عنه الحكم.
فمن متطلبات العدالة الجنائية البحث في ظروف الجريمة من اجل اعمال مبدأ تفريد الجزاء, عبر دراسة شخصيه الجاني هنا يرجع الفضل للمدرسة الوضعية في جعل الفكر الجنائي ينتقل من الجريمة الى المجرم فكان الاهتداء كما سلف الذكر بالملف, بذلك سنتناول في هذا الإطار التنظيم التشريعي لملف الشخصة (اولا), وكذا معايير المؤثرة في منح الظروف(ثانيا).
اولا. التنظيم التشريعي لملف شخصيه المجرم
عندما يلتمس من قاضي التحقيق[67] اجراء تحقيق اعدادي عليه ان يجري كذلك بحث طبقا لما نصت عليه المادة87[68] من ق م ج[69] بحت حول شخصية المتهم والظروف المحيطة به سواء كانت عائلية أو اقتصادية أو اجتماعية نفس الامر بالنسبة للقانون الجنائي الفرنسي في المادة 81 من قانون المسطرة الجنائية، بشكل إلزامي في مادة الجنايات واختياريا في مادة الجنح, وعند استكمال التحقيق الاعدادي يرافق هدا الملف مع المتهم إلى غاية المثول أمام المحكمة الزجرية يصبح ملفا متكاملا على شخصية المتهم والضروف المختلفة حتى تتمكن من اعمال الاسباب المؤثرة في تحديد العقوبة.[70]
والقضاء ادرج في كثير من الحالات الى القول ” نظرا لظروفه الاق والاجت ارتأت تمتيعه بظروف ….” كما رأينا العديد من القرارات لكن التساؤل المطروح كيف استطاع ان يصل الى هذه الظروف والحال ان التحقيق ليس دائما إلزاميا خصوصا في الجنح….. ?
وهناك جانب من الفقه الذي انتقد مسألة فحص الشخصية, على اعتبار ان خطورة الضرر الاحتمال الناتج عن الفعل ليس دائما مؤشرا كافيا على خطورة مرتكب هذا الفعل, فهناك افعال ليست ذات أهمية لكنها قد تنبئ بوجود تقلبات نفسية هامة.[71]
هنا تبرز اهمية التخصصات المساعدة للعلوم الجنائية, التي يطلق عليها علوم الاجتماع الجنائية التي تعتبر من العلوم المساعدة الذي يرجع اسباب الجريمة الى تأثير الوسط الاجتماعي وما يكتنفها من عوامل اجتماعية واقتصادية, وواضح ان العناية ترتكز في هذا العلم على دراسة العوامل الخارجية وكذا المحيط الذي يعيش فيه المجرم,[72] وملف الشخصية بطبيعة الحال يضم معلومات حول هذا الجاني والقضاء المغربي حتى في تعليلاته يستعين بهذه المعطيات خلال عملية التداول في منحه ظروف التخفيف من عدمه .
في نفس السياق يعتبر علم الاجتماع, علم يسعى حسب بعض الفقه المغربي[73] إلى تفسير الظواهر الاجرامية من خلال التحري عن اسبابها في نفسية المجرم وخواطره وانفعالاته, بعبارة أخرى فإن السلوك الاجرامي يجد تفسيره هذا في عوامل مرضية نفسانية وعصبية كاالإنحرافات الغريزية وجموح العواطف ومركبات النقص, او بما يسمى بالعقد النفسية ،وبالتالي فإن الاختبارات والجلسات التي تكون للطبيب النفساني مع المتهم ويقوم بدراسة شخصية المجرم, والمشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية الحالية اكد في الفصل الثامن والثمانون الفقرة الأولى على انه يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر في اي وقت باتخاد جميع التدابير المفيدة وان يقرر اجراء فحص طبي او يكلف طبيبا للقيام بالفحص الطبي النفساني.
فعلى ضوء هذا التقرير المنجز حول دراسة شخصية المجرم والعوامل النفسية فإن القضاء يقرر على ضوئها تمتيع المتهم بظروف تخفيف او تشديد, و للمشرع الفرنسي اول مرة اعتمادها بموجب المادة 64 من قانون العقوبات الفرنسي لسنة 1810، التي تنص على أنه “لا توجد جريمة أو جنحة حيث كان الفاعل في حالة جنون، وقت اقتراف الذنب أو أو حينما يكون قد اقترفه بوجود قوة لا يمكنه مقاومتها أثناء اقترافه ” وفي وقت مبكر، فهم الأطباء في فرنسا أهمية “الحاجة إلى الخبرة النفسية في القضايا الجنائية” لفهم ظروف ارتكاب الفعل مع الأخذ بظروف مخففة بموجب قانون 28 أبريل 1832، حيث كان على القاضي وهيئة المحلفين تقدير الظروف الخاصة للفعل ودوافعه, وبالتالي يمكننا أن نذكر قضية بيير ريفير، التي اتهمت عام 1835 بارتكاب جريمة قتل هذه القضية دفعت العدالة الجنائية في فرنسا لفهم المجرم والجريمة باستخدام الخبرة الطبية والنفسية. [74]
وبالتالي فإمكانيه هناك احتمال حصول تقييم طبي للمفاهيم القانونية, حيث ان الطب النفسي أصبحت مهمته تتطور يوما على يوم ليس كما هو في سابق فقط العلم بإصابة الشخص بامراض العقلية، اذ اليوم اصبح مجبرا على توقع تكرار الجرائم وهكذا، اكثر من القاضي الجنائي تثار مسألة التخصص والحاجة الى العلوم الجنائية المساعدة في حل المسائل الجنائية هذا من جهة, ومن جهة اخرى لم يخفي احد الباحثين الفرنسيين تخوفه من التقييم الخاطئ او الحكم المسبق من طرف الطبيب النفساني, التي سيستند عليها القاضي في تحديد الخطورة الاجرامية وبالتلي النطق بالعقوبة حيث استعمل مصطلح >>الفخ « piège ».[75]
في نظرنا انه اذا كان التخفيف والتشديد من طرف القاضي يكون مؤسسا على معلومات ومعطيات سابقة فهناك بعض الصعوبات التي تجعل هذا المكتسب الذي جاء به المشرع المغربي لفائدة المتهم في خبر كان، فمنها ما قد يكتسي طابع علمي ومنها ما قد يكتسي ايضا طابع مادي واخرى ذات طابع قانوني :
- صعوبات عملية ومادية.
بالنسبة لصعوبات العلمية فإنها تتمظهر، في ان اغلب القضاة المغاربة يفتقرون الى تكوين في العلوم الجنائية والاجتماعية المساعدة فيجعل امر البحت في شخص المجرم شبه ناقص او مستحيل، بالرغم من ان المشرع اناط مهام تكوين الملحقين للمعهد العالي للقضاء بموجب المادة الثانية من القانون 09.01,[76] فإنه هناك غياب شبه واضح لهذه العلوم المساعدة الجنائية, ونفس الإشكال اثاره بعض الباحثين الفرنسين حيث اكد ان القاضي له الأريحية في تقدير الظروف وفق ضوابط معينة فقط عليه ان يكون متخصصا في كل ما يرتبط بالجاني سواء الجانب القانوني او النفسي.[77]
اما بالنسبه للصعوبات المادية فالملاحظ كذلك غياب الوسائل التقنية التي تساعد القضاء في فحص شخصية المجرمين, ناهيك عن ذلك ففحص شخصية المجرم تتطلب جلسات عديدة مع أطباء نفسانيين والدولة لا يمكنها أن تدفع اتعاب الاطباء في كل جلسة على حده، وعدد من الدول تراجعت عن تبني هذه المسائل في تشريعاتها تخوفا من بطء وعدم فعالية الاجراءات التي تتميز بالبطء وخاصة في حالة الانتقال الاحتياطي .[78]
- الصعوبات القانونية
تبدو واضحة في الفصل 87 حيت يمتاز بعدم الشمولية وبالتالي ملف الشخص الزامي فقط في الجنايات واختياري في الجنح وبالتالي فإنه يفتح المجال امام القضاة لعدم اعماله لأنه لا يكتسي صبغة الالزام بموجب هذه المادة من جهة, ومن جهة اخرى غالبا ما يقوم قاضي التحقيق بإعداد ملف الضخصية في الواقع العملي بل يكون موضوع انابة قضائية لضابطة الشرطة القضائية .
ثانيا. المعايير الشخصية المؤثرة في منح الظروف
هناك تلاثة معايير شخصية يعتمدها القاضي عندما يقرر منح الظروف من عدمها وهي :
- دوافع ارتكاب الجريمة.
او بما تعرف بالبواعث والتي عرفها استاذنا عبد الحفيظ بلقاضي انها تلك الحالة النفسية التي تنبني على تصور الغاية وتمثلها في الذهن وتتكون من الاندفاع النفسي أو الحركة النفسية لبلوغ هذه الغاية.[79]
ويمكن ان نستشف من هدا التعريف ان الباعث قد يختلف بحسب تعدد الجناة في الجريمة الواحدة, ويمكن ان يكون شريفا كالقتل بدافع الشفقة ويمكن ان يكون ذنيئا كالقتل بسبب الانتقام, والباعث اذا كان لا يؤثر على قيام الجريمة والمسؤولية فإنه يؤثر على سلطة القاضي في منح المتهم ظروف التخفيف من عدمه.
- سلوك المجرم اثناء ارتكابه الجريمة وبعدها
من ابرز المعاير الشخصية التي يمكن للقاضي أن يتوصل إليها بشكل متيسر من خلال جلسة الاستنطاق مثلا, او من خلال لجوء المجرم الى الوسائل الاحتيالية يخفي من ورائها معالم الجريمة اثناء ارتكابها او بعد ارتكابها، وكذا فراره عند ملاحقة من طرف ضابطة الشرطة القضائية, ويمكن ان يندم المجرم بعد ذلك ويتوب إلا أن هذه ليست مانعا من قيام الجريمة او الاستفادة من العفو في القانون المغربي, بل تظهر أهميتها من خلال نظام الافراج الشرطي القاضي بإنتشاله من السجن على أن يبقى تحت الرقابة الى ان تنتهي هذه العقوبة المحكوم بها لما يبدوا عليه من معالم التوبة والندم حيت الإستقامة .[80]
3 – ظروف حياة المجرم الشخصية والعائلية والاجتماعية :
الواضح بعد إطلاعنا على عدد من القرارات القضائية نجدها تثير هذه المسألة بشكل واضح كما كما سنبين لاحقا .
فبالنسبة لظروف الشخصيه والعائلية, المقصود منها الوسط العائلي الذي يترعرع فيه المجرم والذي يمكن ان يكون مليء بالصراعات والمشاكل وحتى إفتقار المجرم لرعاية وحنان الابوين في طفولته فتكون له عقدة نفسية تجعل القاضي في موقف يستحيل معه الامتناع عن تمتيعه بالظروف المخففة بطبيعة الحال، بل اكثر من ذلك نجد المشرع نفسه يثير هذه الظروف في جرائم عديدة مثل قتل ام لوليدها حيث تكون الفاعلة في حالة ضعف واضحة فمن العيب ان لا تستفيد من الظروف المخففة في العقاب .
اما بالنسبة للظروف الاجتماعية فهي عديدة وتكون متصلة بالمركز المهني والدرجة الاجتماعية من ثراء او فقر او انتماء لجماعة تتبنى افكار معينة تحدد درجة الخطورة الإجرامية والنزعة الإجرامية, ففي احد الاحكام الصادرة عن المحكمة الإبتدائية بالرباط[81] في احدى النوازل التي كانت محل رأي عام ذهبت للقول “وحيث انه نظرا لعدم سوابق الظنينين الثاني والثالثة، ولظروف الظنينة الثانية الاجتماعية، فقد ارتأت المحكمة تمتيع الثانية بظروف التخفيف مع جعل العقوبة الحبسية موقوفة التنفيد في حقهمها معا ”
المطلب الثاني : حدود سلطة القاضي التقديرية في منح الظروف
إذا كان المشرع يستند في تحديده لما يعد جريمة وما يستوجب ذلك من جزاء على عدة معايير تتعلق بالقيمة الاجتماعية المعتدى عليها، وما أصابها من ضرر وما تعرضت له من خطر، ونوع الخطأ الذي وقع في سبيل المساس بها، والمشرع عند وضعه للجزاء يراعي ظروف كل جاني، فيفترض تطبيق عقوبة أشد أو أخف من العقوبة المقررة لنفس الفعل اذا وقع الجاني في ظروف معينة، فإنه كثيرا ما يترك للقاضي تطبيق القانون في ضوء الحدود الشرعية وهو ما يعرف بالتفريد القضائي للعقاب، حيث أنه رغم جسامة الجريمة الواحدة أيا كانت أسباب وقوعها، إلا أن المشرع وضع لها عقوبة مرنة تتمثل في حد أدنى وحد أقصى يترك للقاضي السلطة التقديرية لإختيار بينهما، فيحكم بأحدهما ( حد أدنى أو حد أقصى ) أو بما يتراوح بينهما، وللقاضي يمكنه ان ينزل عن الحد الأدنى للجزاء إذا وجدت ظروف مخففة كما له أن يتجاوز الحد الأقصى إذا توفر ظرف مشدد، وقبل الحديث عن حدود سلطة القاضي في تخفيف العقوبة ( الفقرة الأولى ), أو تشديدها ( الفقرة الثانية ) ينبغي التنبيه إلى أنه سنتحدث هنا عن الظروف القضائية وليس القانونية، ووجه الإختلاف بينهما هو كون الظروف القانونية حددها المشرع ، وتطبق متى وجدت ولا دخل للقاضي في ذلك، أما الظروف القضائية فليست محددة قانونا، بل تركت لحكمة القاضي وسلطته التقديرية .
الفقرة الأولى : على مستوى ظروف التخفيف
إذا كان المشرع لم يحدد الظروف المخففة في القانون عكس الأعذار القانونية ولم يضع ضوابط تعين وتساعد القاضي في إستنباطها، بل ترك ذلك كله لحسن تقدير هذا الأخير بحيث يستطيع منحها في أية جريمة جنائية كانت جناية أم جنحة أو مخالفة وذلك تبعا لظروف إرتكابها أو ظروف مرتكبها إلا أن هذه السلطة الممنوحة للقاضي ليست مطلقة وإنما مقيدة حرصا للتطبيق السليم للعقوبة, وهذا ما يستشف من مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 146 من مجموعة القانون الجزائي المغربي حيث أن المشرع ألزم القاضي بتعليل قراره في حالة منح الجاني ظروف التخفيف .
لكن السؤال المطروح في هذا الباب هل فعلا يقع إحترام هذا الإلتزام أم لا ؟ والمقصود من عبارة “إلتزام القاضي بتعليل قراره ” الواردة في الفصل 146 من القانون الجنائي المغربي.[82]
وللإجابة على هذين السؤالين نستدل بمجموعة من الأحكام والقرارات القضائية التي قررت بموجبهم المحكمة تمتيع المتهم بظروف التخفيف ومن ذلك مثلا حكم صادر على المحكمة في جناية الإغتصاب الناتج عن إفتضاض في حق قاصر حيث حكمت المحكمة على المتهم بثلاث سنوات حبسا نافدا مع تحميل الصائر مجبرا في الأدنى ، وطبقا للفصل 486 ( الفقرة الثانية ) والفصول 488 و 146 و 147 من القانون الجنائي والفصول 288 و 28 و 463 وما بعده و 473 ومابعده و 494 و 676 من القانون الجنائي و الظهير الشريف بتاريخ 1974 المتعلق بالإجراءات الإنتقالية .
وقد ورد في حيثيات القرار أيضا نفس العبارة الواردة في الحكم السابق، وحيث قررت المحكمة بعد تداولها في ذلك” تمتيع المتهم بظروف التخفيف نظرا لظروفه العائلية و الإجتماعية “[83]
وجاء كذلك في حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بمكناس ” وحيث أن المتهم قد وجه إرادته عن علم وحرية لتحقيق واقعة سحب شيك مع علمه بكون حسابه لا يتوفر على رصيد لتغطية قيمته، مما تكون معه الأركان التكوينية للجنحة أعلاه قائمة في حقه طبقا للمادة 316 من مدونة التجارة، وهو ماقتنعت به المحكمة وكونت قناعتها إستنادا إلى تصريحات المتهم التمهيدية، والشهادة البنكية المدلى بها في الملف ، مما يتعين معه التصريح بمؤاخدته من أجلها، مع تمتيعه بظروف التخفيف بالنظر إلى ظروفه الإجتماعية وتحميله الإجبار في الأدنى”.[84]
وفي حكم أخر صادر عن نفس المحكمة جاء فيه مايلي: ” وحيث إرتأت المحكمة بالنظر لظروف المتهم الإجتماعية تمتيعه بظروف التخفيف”.[85]
كما صدر كذلك قرار عن محكمة الإستئناف بالرباط بتاريخ 22 ماي 2019 ”وحيث قررت فيه المحكمة بعد المدوالة العمل بظروف التخفيف طبقا لمقتضيات الفصل 147 من القانون الجنائي و الفصل 430 من قانون المسطرة الجنائية وتمتيع المتهم بظروف التخفيف لظروفه الإجتماعية” .[86]
الحقيقة أننا في كافة الأحكام التي أدرجناها لا حظنا أن المحكمة فعلا تعلل قرارها القاضي بمنح المتهم ظروف التخفيف لكن لا تتضمن تعليلا كافي الموقف القاضي لأنها كلها تكتفي بذكر” إن المحكمة قد قررت تمتيع المتهم بظروف التخفيف نظرا لحالته المادية والإجتماعية ” بحيث أصبحت هذه العبارة عادية ومألوفة لدى المحاكم .
ولا نعتقد أن المحكمة تكلف نفسها مشقة البحث في وجود هذه الظروف من عدمه – بما في ذلك الحالة الإجتماعية للمجرم والتي تعني الشيء الكثير – بل تكتفي أحيانا بما ورد في محاضر الإستنطاق لدى قاضي التحقيق في الحالات التي يكون فيها هذا الإجراء واجبا ، والتحقيق بدوره يكتفي بالبحث في هوية المتهم.
و التعليل يقصد به بيان الأسباب والمبررات التي جعلت القاضي يقدر العقوبة على هذا النحو أو ذاك ، خاصة أنه في هذه الحالة بالضبط ينزل بالعقوبة عن حدها الأدنى ، ومن هنا موقف المشرع الحذر بالنسبة لهذه النقطة . لذا كان ينبغي أن تؤخد هذه المسألة بنوع من الجدية و الإهتمام .
ولتوضيح العلاقة بين قاعدة تسبيب الأحكام وسلطة القاضي التقديرية نورد بعض التوصيات التي خرج بها المؤتمر الدولي السابع للتشريع العقابي في أثينا سنة 1957[87] والمؤتمر الدولي الثامن المنعقد ببرشلونة سنة 1961 .
– إن السياسة الجنائية الحديثة لتفريد العقاب تحتم منح القاضي سلطة واسعة في تقدير العناصر المختلفة للدعوى، فيما يتعلق بتقدير الأدلة وإثبات الإدانة وتحديد العقوبات والتدابير .
– أن مبدأ قانونية الجرائم الذي يكون ضمانة جوهرية للحرية الفردية لا يمنع منح القاضي هذه السلطة .
– أنه لا يجوز إعتبار هذه السلطة الممنوحة للقاضي بمثابة السلطة التحكيمية، وإنما ينبغي أن تمارس في نظاق قانوني ، طبقا للمبادئ العامة للقانون ، و بحسب قواعد الإجراءات التي تحول دون التحكم .
– أنه على القاضي عند ممارسته لسلطته التقديرية في تحديد العقوبة أو التدبير أن يسترشد بالقواعد القانونية الموجهة في هذا الشأن والتي يجب أن ينص القانون عليها بوضوح.
– أن الحكم الجنائي يجب أن يسبب بطريقة محددة تظهر الأسباب الحقيقية للحكم ، وتقدم حصيلة المدوالة، وتجيب على جميع الدفوع التي أثيرت مع تجنب الصيغ النموذجية والصيغ الغامضة، والصيغ القانونية البحثة التي لا يفهمها الخصوم إلا إذا كان من الضروري إستعمالها.
نعتقد إذن أن أثر تعليل القاضي للحكم في حالة منح المتهم ظروف التخفيف يكمن في أن التكييف السليم للوقائع موضوع المتابعة تم تفسير النصوص المطبقة عليها بطريقة سليمة قد يؤدي غالبا إلى تقدير سليم للعقوبة أو التدبير الذي أفرده قاضي الموضوع لهذه الوقائع ، ومن هنا يتضح أن تسيب الأحكام الجنائية بصفة عامة هي قيد على سلطة القاضي التقديرية لأنه ملزم على الأقل من الناحية القانونية ببيان الأسباب التي جعلته يعطي هذا الوصف أو ذاك للوقائع المعروضة عليه ويطبق عليه هذا النص أو ذاك ولو أنه غير ملزم ببيان الأسباب التي جعلته يقدر العقوبة على هذا النحو أو ذاك لأن الأمر هنا يتعلق بمسألة الملائمة التي يختص بها قاضي الموضوع ، وهذا بالطبع بالنسبة لأغلب التشريعات التي لم تخضع سلطة القاضي في تقدير الجزاء للمراقبة .[88]
وما ينبغي الإشارة إليه هنا أن المحكمة إذا لم تنظر في وجود ظروف التخفيف ، أو إذا أغفل رئيسها أن يطلب منها ذلك ، تعرض قرارتها للنقض والإبطال وهذا ماجاء في قرار صادر بتاريخ 5 أبريل 1988 قضى فيه المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا ) بإبطال الحكم الصادر في القضية لكون المحكمة المذكورة لم تقوم بالبحث في وجود ظروف التخفيف من عدمه بالنسبة لكل شخص على حدة وقررت عدم تمتيع الكل بظروف التخفيف نظرا للظروف الشخصية التي أحاطت بإرتكاب الفعل ، وقد علل قراره هذا بالفصل 430 من قانون المسطرة الجنائية الذي يوجب على رئيس المحكمة أن يطلب منها كلما قررت إدانة المتهم أن تبت في وجود ظروف التخفيف من عدمه ذلك أنه إذا كان الإتهام موجها إلى أكثر من شخص واحد فإنه يتعين أن يقترح بشأن ظروف التخفيف فيما يخص كل من تقررت إدانته وذلك لإختلاف ظروف كل شخص. [89]
ومايستنتج من القرار أعلاه أن ظروف التخفيف مرتبطة أكثر بشخصية المجرم من إرتباطها بالجريمة ؛ لذلك وجب بحثها بالنسبة لكل مجرم على حدة وهو في ذلك يلتزم بما جاء في الفقرة الثانية من الفصل 164 الخاص بظروف التخفيف التي تعتبر أثار هذه الظروف شخصية بحثة فلا تخفف العقوبة إلا فيما يخص المحكوم عليه الذي منح التمتع بها .
وهكذا فإن سلطة القاضي في تخفيف العقوبة هي سلطة نسبية ، لأن المشرع من جهة ألزم القاضي كما أشرنا بتعليل قراره القاضي بمنح المتهم الظروف المخففة ومن جهة أخرى ألزم القاضي بممارسة هذه السلطة في نطاق الحدين الأدنى و الأقصى المقررين للعقوبة ، ووضع له ضوابط تساعده في تقدير العقوبة كما أشارنا سلفا.
أما بخصوص أثار منح القاضي ظروف التخفيف على العقوبة فانها تـختلف تبعا لاختلاف نوع العقوبة المقررة للجريمة ولقد اشار اليها المشرع في الفصول من 147الى 151 من القانون الجنائي المغربي .
بالنسبة للعقوبات الجنائية :
إنطلاقا من الفصلين 147 و 148 يتبين لنا أن منح ظروف التخفيف في الجنايات يترتب عنه ما يلي:
-تعويض بعض العقوبات الجنائية كالإعدام يعوض بالسجن المؤبد أو المؤقت من عشرين سنة إلى ثلاثين سنة، و السجن المؤبد يعوض بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى ثلاثين سنة، وإذا كانت العقوبة هي عشر سنوات سجنا تعوض بالسجن من خمس إلى عشر سنوات أو عقوبة الحبس من سنتين إلى خمس. وإذا كانت العقوبة المقررة هي خمس سنوات سجنا فإنها تعوض بعقوبة الحبس من سنة إلى خمس ،في حين إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن من خمس إلى عشر سنوات فإنها تعوض بعقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات.
أما الإقامة الإجبارية فتعوض بالتجريد من الحقوق الوطنية أو الحبس من 6 اشهر إلى سنتين.
أما التجريد من الحقوق الوطنية فيعوض بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين أو بالحرمان من بعض الحقوق الوطنية الواردة في الفصل 26 من القانون الجنائي.[90]
من خلال الفصل المذكور يتبين أنه اذا كانت ظروف التخفيف في الجنايات تؤدي الى تخفيف العقوبة الأصلية لزوما فان هذا الإلزام يمتد ليشمل العقوبات الأضافية كذلك ، وهذا ما يستشف من الفقرة الأخيرة من الفصل 147 من القانون الجنائي التي تنص على أنه كلما حكمت المحكمة الجنائية بعقوبة الحبس بدل من العقوبات الجنائية فإنه يجوز لها أن تحكم علاوة على ذلك ، يغرامة يكون حدها الأدنى 220درهم وحدها الأعلى 1200 درهم والحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار اليها في الفقرتين 1و2 من الفصل 26 من ق.ج وبالمنع من الأقامة لمدة تتراوح بين خمس سنوات وعشر.
بالنسبة للعقوبات الجنحية:
فبنبغي التمييز في العقوبات الجنحية بين العقوبات التأديبية والعقوبات الضبطية ويجري تخفيف العقوبة كما يلي:
فيما يتعلق بالجنح التأديبية بما في ذلك حالة العود.
يقع التخفيف بالنزول عن الحد الأدنى المقرر للحبس أو الغرامة على أن لا ينقص الحبس عن شهر واحد والغرامة عن 220 درهم ونزول القاضي هنا اختياري.
-في الجنح الضبطية بما في ذلك حالة العود :
يقع التخفيف بالنزول عن الحد الأدنى وبصفة جوازية للقاضي أيضا دون أن ينقص الحبس عن 6 أيام .
والغرامة عن 200 درهم. كما يقع الاقتصار على إحدى العقوبتين أو الحكم بالغرامة التي يمكن أن تصل إلى خمسة آلاف درهم بدل الحبس .
بالنسبة لعقوبة المخالفات:
إن مايأخذ من نصوص المجموعة الجنائية أنه في المخالفات يمكن للقاضي الجنائي اتخاذ نوعين من التخفيف ، فطبقا للمادة 151 من ق.ج يستطيع القاضي كلما أثبت لديه توفر الظروف المخففة أن ينزل بعقوبتي الاعتقال والغرامة إلى الحد الأدنى المقرر للمخالفات وهو يوم واحد للاعتقال وخمسة دراهم للغرامة،ويجوز له أن يحكم بالغرامة عوضا عن الأعتقال في الحالة التي يكون فيها الإعتقال مقررا في القانون .
والأن بعد ذكر العقوبات التي يمكن أن يحكم بها القاضي في حالة منح الظروف المخففة يمكن لنا أن نتساءل عن الحكم في حالة اجتماع هذه الظروف المخففة مع الظروف المشددة وهذا ما تجبناعليه المادة 161 من المجموعة الجنائية التي تنص على ما يلي : “في حالة اجتماع أسباب التخفيف وأسباب التشديد يراعي القاضي في تحديد العقوبة مفعول كل منهما على الترتيب الآتي:
1-الظروف المشددة العينية المتعلقة بارتكاب الجريمة .
2- الظروف المشددة الشخصية المتعلقة بشخص المجرم.
3- الأعذار القانونية المتعلقة بارتكاب الجريمة والمخفضة للعقوبة .
4- الأعذار القانونية المتعلقة بشخص المجرم والمخفضة للعقوبة .
5- حالة العود
6- الظروف القضائية المخفضة . وفي نفس السياق دائما المتعلق بحدود سلطة القاضي في تخفيف العقوبة نجد أن المشرع من خلال الفصل 146 قيد كذلك سلطة القاضي حينما نص على أنه لا يستطيع القاضي منح ظروف التخفيف إذا وجد نص يمنع من ذلك،[91] وأمثلة هذا النص متعددة في التشريعات الزجرية المغربية كحالة الفصل 18 من ظهير 21 يوليوز 1923 بحيث ينص على أنه لا سلطة للقاضي في منح ظروف التخفيف بالنسبة لمخالفات الصيد البري .[92]
إجمالا إذا كان كل ماسبق التطرق له يتعلق بحدود سلطة القاضي في تخفيف العقوبة فماذا عن حدود سلطة القاضي في تشديد العقوبة ؟
الفقرة الثانية: على مستوى ظروف التشديد
تجمع كافة التشريعات على تشديد العقوبة كلما توافرت شروطها او ظروفها، وتوافر هذه الظرف إنما ينم في حقيقته على أن الجريمة قد بلغت خطورتها تدرجا أكثر في الجسامة، والقاضي يملك صلاحية في تجاوز الحد الأقصى للعقوبة المطبقة في الحالات العادية عند تحقق ظرف ما مشدد للعقوبة,[93] ولتوضيح ذلك أكثر سنتطرق لظرف التعدد وعلاقته بالسلطة التقديرية للقاضي(أولا) ثم لحالة العود(ثانيا).
أولا: حالة التعدد وأثرها على سلطة القاضي التقديرية:
التعدد في الجرائم هو حالة ارتكاب شخص جرائم متعددة في آن واحد أو في أوقات متوالية دون أن يفصل بينهما حكم غير قابل للطعن. [94] والملاحظ بداية هو أن معظم التشريعات استقرت على عدم المساواة بين العود وبين التعدد في مدى المسؤولية، ففي حين تعتبر العود ظرفا مشددا مقتضيا بذاته تشديد العقاب، فإنها لا تعتبر التعدد كذلك، حيث يتخذ الموضوع في إطار المجرم المعتاد، وهذه الصورة تتجلى من خلال طرح السؤال التالي: هل تتعدد العقوبات تبعا لتعدد الجرائم أم يكتفي القاضي بتطبيق عقوبة واحدة، وتعدد العقوبات هل يكون مطلقا أو مقيدا بحد أقصى لا ينبغي تجاوزه؟؟ وللإجابة عن هذا السؤال ظهرت ثلاث نظريات لكل صورة من صور التعدد على حدة.
*بالنسبة للتعدد المعنوي:
ظهرت نظرية أولى في هذا الإطار تقضي بتشديد العقوبة وبالتالي تعددها، أما النظرية الثانية فتساوي بين التعدد المعنوي والتعدد المادي، إذ لا تقر بوحود فارق بين الإثنين، في حين تقضي النظرية الثالثة بتطبيق عقوبة الوصف الأشد، وهذه النظريك الأخيرة هي التي تبنتها عدة تشريعات وبالنسبة للمشرع المغربي فيقضي الفصل 118 من القانون الجنائي المغربي بأن الفعل الذي يقبل أوصافا متعددة يجب أن يوصف بأشدها، وهذه هي صورة التعدد المعنوي التي يكون فيها القاضي ملزما بتطبيق عقوبة الوصف الأشد، وهنا يمكن القول أن سلطة القاضي التقديرية في هذا الإطار مقيدة ولا يملك صلاحية واسعة في تقريره للعقوبة المطبقة في حق المجرم.
*بالنسبة للتعدد المادي:
فتقضي النظرية الأولى فيه بضم العقوبات، اما النظرية الثانية فهي تقول بعدم ضمها والحكم بالعقوبة المخصصة لأشد جريمة، في حين نجد النظرية الثالثة توفق بين الأولى والثانية وتكتفي بتشديد العقوبة، وهذه النظرية الأخيرة هي التي تبنتها جل التشريعات مع اختلاف تطبيقها، حيث تسمح بعضها للقاضي بتجاوز الحد الأقصى للعقوبة الأشد، وهنا يكون للقاضي سلطة تقديرية واسعة في هذا الإطار، في حين تضع بعض التشريعات الأخرى حدا معينا لكل نوع من أنواع الجرائم لا يمكن للقاضي تجاوزه عند وضع العقوبات وهو الأمر الذي يقيد من سلطة القاضي التقديرية[95]
أن موقف المشرع المغربي من التعدد المادي فهو يفرق بين حالتين:
-الحالة الأولى: وهي التي تتعد فيها الجنايات أو الجنح ولكنها تنظر أمام محكمة واحدة، حيث يحكم هنا بعقوبة واحدة سالبة لا تتجاوز مدتها الحد الأقصى المقرر قانونا لمعاقبة الجريمة الأشد.
-الحالة الثانية: وهي عند صدور عدة احكام بسبب تعدد المتابعات فتطبق العقوبة الأشد، وقد ترك المشرع الخيار للقاضي في الحالة الأخيرة بضم العقوبات كلها أو بعضها، لكن هذا الخيار مقيد ببعض الشروط وهي :
– أن تكون العقوبات المحكوم بها من نوع واحد
– عدم تجاوز الحد الأقصى للعقوبة الأشد
-وجوب تعليل القرار في هذه الحالة[96]
وتمثل هذه الحالة الأخيرة، الحالة الوحيدة التي استلزم فيها المشرع ضرورة تعليل القاضي لقراره على خلاف غيرها من الحالات الأخرى.
ثانيا: حالة العود وأثرها علي سلطة للقاضي التقديرية :
تعتبر حالة العود أهم ظرف مشدد يسمح للقاضي بتجاوز الحد الأقصى للعقوبة في الحالة العادية، وتفترض حالة العود من الجاني ارتكاب جريمة بعد أن حكم عليه بحكم لقوة الشيئ المحكوم به من أجل جريمة سابقة وذلك طبقا للفصل 154 من القانون الجنائي، ويمكن القول أن سلطة القاضي في تشديد العقوبة عند توافر حالة العود طبقا لما ينص عليه القانون الجنائي من خلال الفصول من 154 إلى 160، تعتبر سلطة واسعة لا قيود عليها إذ تسمح له بالحكم بضعف الحد الأقصى المقرر قانونا ، علاوة على أنا القاضي ليس هناك أي مقتضى قانوني يلزمه بتعليل قراره وذلك علي خلاف ما فعل بالنسبة لظروف التخفيف، ولو أن الأمر بالنسبة لحالة التشديد يشكل خطورة أكبر على حرية الجاني،[97] وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن القاضي إذا توافرت شروط العود فهو ليس ملزم بتشديد العقوبة إذ ان الأمر بالنسبة له جوازي محض وليس وجوبي، ولا يلزم في هذه الحالة أيضا بتعليله قرار عدم تشديد العقوبة. وهذا على خلاف ما تبنته مجموعة من التشريعات المقارنة كالتشريع اليوناني الذي ألزم القاضي بتعليل قراره القاضي بتشديد العقوبة في حق الجاني وهذا الأمر فيه ما فيه من حماية لهذا الأخير خاصة أن الأمر يتعلق بأسمى حقوقه وهي حريته.
هكذا إذا يلاحظ أن المشرع المغربي منح للقاضي سلطة تقديرية في تشديد العقوبة.
خاتمة
يتضح من خلال هذه الدراسة أن المشرع المغربي تعامل مع ظروف الجريمة كأرضية خصبة لتفريد الجزاء بنوع من الإنتقائية والغموض، بداية من عدم تحديد ماهية أو المقصود بالضوابط المتمثلة في الخطورة الإجرامية والنزعة الإجرامية إلى التعليل أو ما يعرف بتسبيب الأحكام في المادة الزجرية، على خلاف بعض التشريعات المقارنة التي سبق لنا ان تناولها.
فالمادة الجنائية يجب أن يكون تشريعها دقيقا ولا تحتمل مفاهيمه عدة تأويلات حتى لا يسقط القاضي عند تطبيقه لها في فخ إهدار حقوق المواطن بصفة عامة والمتهم بصفة خاصة، لأن جوهر العقوبة التي تتأسس على الظروف وجب أن تضم في طياتها فلسفة إصلاح الجاني باعتباره مريضا اجتماعيا، وبالتالي وجب إعادته إلى المجتمع سليما معافى.
ملاحق القرارات والأحكام القضائية.
قائمة المراجع
المراجع العامة
- عبد الواحد العلمي، شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية،الجزء الثاني” التحقيق الاعدادي والمحاكمة”، الطبعة السابعة2018, مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،
- عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي المغربي،القسم العام،دراسة المبادئ العامة التي تحكم الجريمة والمجرم والعقوبة والتدبير الوقائي،الشركة المغربية لتوزيع الكتب،الطبعة السابعة 2016.
- محمد العروصي، المختصر في شرح القانون الجنائي المغربي، الجزء الاول، القانون الجنائي العام، الطبعة الأولى2015، مطبعة مرجان
- عبد الحفيظ بلقاضي, القانون الجنائي المغربي ”القسم العام”, الطبعة الثانية 2010, الناشر Copie laila .
- عبد السلام المصباحي : “المنهج العلمي في البحث الاجتماعي”،(دون طبعة)، فنون الطباعة والإشهار، فاس، 2005.
- رؤوف عبيد : ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية وأوامر التصرف في التحقيق ، الطبعة 1986
- M Mireille DELMAS-MARTY, « La durée de la sentence : structures et stratégies du système pénal français », RIDC 1983 n° spécial,
المراجع الخاصة
- – زينب احمد محمد القدو, اثر الخطورة الاجرامية في السلطة التقديرية للقاضي في الجزاء الجنائي, مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية, دون سنة او طبعة او عدد.
- لطيفة المهداتي، حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء ،طوب بريس-الرباط، طبعة 2013. ”هذا الكتاب كان موضوع بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص سنة 1993 بجامعة محمد الخامس اكدال كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط ”
- رمسيس بنهام, علم الوقاية والتقويم ”الاسلوب الامثل لمكافحة الجريمة” منشأ المعارف الانسكدرية 1987.
الأطروحات والرسائل ( www.theses.fr/2016LYSE3054 Disponible sur : )
- ROY Alexandre. Étude du principe d’individualisation en matière pénale,THESE de
- DOCTORAT DE L’UNIVERSITE DE LYON opérée au sein de Université Jean Moulin – Lyon 3 Ecole Doctorale N° ED 492 Ecole doctorale de droit Discipline de doctorat : Doctorat de droit Spécialité : Droit pénal et sciences criminelles Soutenue publiquement le 09/11/2016 .
- Olivier CHASSAING : Réprimer les crimes, reconnaître les torts La fonction normative de la peine Thèse présentée et soutenue publiquement le 6 octobre 2017 en vue de l’obtention du doctorat de Philosophie de l’Université Paris Nanterre sous la direction de M. Christian Lazzeri.
- – GROULEZ Margaux. L’individualisation de la sanction pénale Mémoire Master 2 Recherche : Droit privé approfondi, spécialité pénale Université Lille 2 Droit et Santé Faculté des Sciences Juridiques, Politiques et Sociales / Année universitaire 2016/2017.
- باجة ساجية, زعكان ليندة, مشكلة العود الى الجريمة, مذكرة لنيل شهادة الماستر’ جامعة الرحمان ميرة, بجاية كلية الحقوق والعلوم السياسية” قسم القانون الخاص” السنة الجامعية 2014-2015
المقالات والمجلات
- – زينب احمد محمد القدو, اثر الخطورة الاجرامية في السلطة التقديرية للقاضي في الجزاء الجنائي, مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية, دون سنة عدد 187.
المواقع الإلكترونية
القوانين والظهائر
- ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي الجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253.
- ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 ( 3 أكتوبر 2002 ) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1424 (30 يناير2003).
- ظهير شريف رقم 1.02.240 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 09.01 المتعلق بالمعهد العالي للقضاء.
- قانون العقوبات اللبناني, مرسوم اشتراعي رقم 340 – صادر في 1/3/1943
- قانون العقوبات الليبي رقم 48 الصادر في 23 سبتمبر 1956 .
- دولة الكويت قانون رقم 16 لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء ( 16 / 1960 )
- قانون العقوبات العراقي رقم التشريع: 111 111 بتاريخ التشريع:1969 1969
- قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 تاريخ 1949/6//22
الفهرس
مقدمة 1
المنهج المعتمد و خطة البحث…. 3
المطلب الأول : ماهيــــــــــــــة ظـــــــــــــــــــــــــروف الجريــــــــــــمــــــــــــة. 5
الفقرة الأولى : مفهوم ظروف الجريمة و خصائصها 5
الفقرة الثانية: نطاق تطبيق ظروف الجريمة. 10
المطلب الثاني: أقسام ظروف الجريمة. 13
الفقرة الأولى: ظروف الجريمة حسب طبيعتها 13
الفقرة الثانية: ظروف الجريمة حسب آثارها 14
المبحث الثاني: اثار ظروف الجريمة على سلطة القاضي التقديرية في التفريد.. 26
المطلب الثاني: ضوابط اعمال القاضي لسلطته التقديرية. 26
الفقرة الأولى : الخطورة الإجرامية. 27
الفقرة الثانية: النزعة الإجرامية. 31
المطلب الثاني : حدود سلطة القاضي التقديرية في منح الظروف.. 36
الفقرة الأولى : على مستوى ظروف التخفيف.. 37
الفقرة الثانية: على مستوى ظروف التشديد. 43
ملاحق القرارات والأحكام القضائية. 48
[1] – عبد الحفيظ بلقاضي, القانون الجنائي المغربي ”القسم العام”, الطبعة الثانية 2010, الناشر Copie laila , الصفحة ص7.
[2] – ROY Alexandre. Étude du principe d’individualisation en matière pénale, sous la direction de Xavier Pin. – Lyon : Université Jean Moulin (Lyon 3), 2016. Disponible sur : www.theses.fr/2016LYSE3054 . c ‘est un THESE de DOCTORAT DE L’UNIVERSITE DE LYON opérée au sein de Université Jean Moulin – Lyon 3 Ecole Doctorale N° ED 492 Ecole doctorale de droit Discipline de doctorat : Doctorat de droit Spécialité : Droit pénal et sciences criminelles Soutenue publiquement le 09/11/2016/ page 11
la même idée déja citée par le professeur Olivier CHASSAING : Réprimer les crimes, reconnaître les torts La fonction normative de la peine Thèse présentée et soutenue publiquement le 6 octobre 2017 en vue de l’obtention du doctorat de Philosophie de l’Université Paris Nanterre sous la direction de M. Christian Lazzeri/ Pager 89 .
[3] – Olivier CHASSAING. Idem pager 417 (Raymond SALEILLES, L’individualisation de la peine. Étude de criminalité sociale, Paris, Alcan, 1898.)
[4] – ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي.
[5] – ROY Alexandre. Idem : page 48
[6] – عبد السلام المصباحي : “المنهج العلمي في البحث الاجتماعي”،(دون طبعة)، فنون الطباعة والإشهار ، فاس ، 2005، الصفحة 96.
[7] – هناك بعض المدارس الفقهية خصوصا العربية عالجت الركن المعنوي في اطار المسؤولية الجنائية.
[8] – Olivier CHASSAING : idem page 374
[9] – عبد الحفيظ بلقاضي, مرجع سابق, ص194
[10] – عبد الحفيظ بلقاضي, مرجع سابق, نفس الصفحة
[11] – Olivier CHASSAING : idem page 374
[12] – Alexandre Roy. Idem Page 8 et 9
[13] -https://www.legifrance.gouv.fr/Droit-francais/Constitution/Declaration-des-Droits-de-l-Homme-et-du-Citoyende- 1789, consulté le 8 janvier 2013.
[14] – لإعلان الذي أصدرته الجمعية الوطنية في 26 آب/أغسطس 1789. يعتبر الإعلان من وثائق الثورة الفرنسية الأساسية وتُعرَّف فيها الحقوق الفردية والجماعية للأمة. الإعلان متأثّر من فكر التنوير ونظريات العقد الاجتماعي والحقوق الطبيعية التي قال بها مفكرون أمثال جان جاك روسو، جون لوك، فولتير، مونتيسكيو، وهو يشكل الخطوة الأولى لصياغة الدستور. رغم أن الإعلان حدّد حقوق البشر دون استثناء (وليس حقوق المواطنين الفرنسيين فقط) إلا أنّه لم يحدد مكانة النساء أو العبودية بشكل واضح, وان لمبادئ هذا الإعلان مكانة دستورية في القانون الفرنسي الحالي. ” حسب ترجمة فرح أنطون 1901
[15] – M Mireille DELMAS-MARTY, « La durée de la sentence : structures et stratégies du système pénal français », RIDC 1983 n° spécial, , Page. 180
[16] – عبد الحفيظ بلقاضي, مرجع سابق, ص 196.
[17] – اطلق المشرع المغربي علىه المشرع المغربي وصف المساهم, في الفصل 128
[18] – انظر الفصل 131 من ق ج
[19] – الفصل 129 من ق ج
[20] – عبد الحفيظ بلقاضي, مرجع سابق ص 248.
[21] – الفصل 450 إذا ثبت أن مرتكب الجريمة يمارس الأفعال المشار إليها في الفصل السابق بصفة معتادة، ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف فيالحالة المشار إليها في الفقرة الأولى، وتكون عقوبة السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية.
وفي الحالة التي تطبق فيها عقوبة جنحية فقط، حسب هذا الفصل أو الفصل 449، فإنه يجوز علاوة على ذلك أن يحكم على الفاعل بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 وبالمنع من الإقامة، من خمس سنوات إلى عشر.
[22] – الفصل 509 ق ج المغربي
يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة على السرقات التي تقترن بظرفين على الأقل من الظروف الآتية:
– استعمال العنف أو التهديد به أو تزي بغير حق بزي نظامي أو انتحال وظيفة من وظائف السلطة.
– ارتكابها ليلا.
– ارتكابها بواسطة شخصين أو أكثر.
– استعمال التسلق أو الكسر من الخارج أو الداخل أو نفق تحت الأرض أو مفاتيح مزورة أو كسر الأختام للسرقة من دار أو شقة أو غرفة أو منزل مسكون أو معد للسكنى أو أحد ملحقاته.
– إذا استعمل السارقون ناقلة ذات محرك لتسهيل السرقة أو الهروب.
– إذا كان السارق خادما أو مستخدما بأجر، ولو وقعت السرقة على غير مخدومه ممن وجدوا في منزل المخدوم أو في مكان آخر ذهب إليه صحبة مخدومه.
– إذا كان السارق عاملا أو متعلما لمهنة، وارتكب السرقة في مسكن مستخدمه أو معلمه أو محل عمله أو محل تجارته، وكذلك إذا كان السارق ممن يعملون بصفة معتادة في المنزل الذي ارتكب فيه السرقة.
[23] عبد الحفيظ بلقاضي، مرجع سابق، ص 195
[24]-الفصل 394 من مجموعة القانون الجنائي
[25] -الفصل 509 من القانون الجنائي
[26] -الفصل 451 من مجموعة القانون الجنائي
[27] -علوي جعفر ، المعين في شرح القانون الجنائي العام المغربي فقها وقضاءا، الطبعة الأولى 2010،ص 233
[28] -محمد العروصي، المختصر في شرح القانون الجنائي المغربي، الجزء الاول، القانون الجنائي العام، الطبعة الأولى2015، مطبعة مرجان، ص338
[29] – قرار صادر عن غرفة الجنايات الإستئنافية بمحكمة الإستئناف بالرباط بتاريخ 28-9-2017 ملف عدد 31-2017-2644 قرار رقم 30. (انظر ملحق القرارات القضائية)
[30] – قرار صادر عن غرفة الجنايات الإستئنافية بمحكمة الإستئناف, قرار رقم747, بالرباط بتاريخ 15/11/2018 ملف عدد 236-18-2612. (انظر ملحق القرارات)
[31] – قرار صادر عن غرفة الجنايات الإستئنافية بمحكمة الإستئناف بالرباط بتاريخ 22-12-2016 ملف عدد 23-2016-2644 قرار عدد 56. (انظر ملحق القرارات)
[32] -علوي جعفر، مرجع سابق، ص 232
[33] – بالاضافة الى صغر السن بعض التشريعات العربية كمصر اعتبرته من الاعذار القانونية.
[34] – الفصل 420 ق ج ”يتوفر عذر مخفض للعقوبة في جرائم الجرح والضرب دون نية القتل، حتى ولو نشأ عنها موت، إذا ارتكبها رب أسرة على أشخاص فاجأهم بمنزله وهم في حالة اتصال جنسي غير مشروع.”
[35] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط “الغرفة الجائية الاستئنافية” ملف عدد 2612-2017-424 قرار رقم. . 555
صدر بتاريخ. 2017-12-26 ( انظر ملحق القرارات القضائية)
[36] – مادة 409 (قانون العقوبات رقم التشريع: 111 111 بتاريخ التشريع:1969 196)
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجأ زوجته أو احد محارمه في حالة تلبسها بالزنا أو وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال أو قتل احدهما أو اعتدى عليهما أو على احدهما اعتداء افضى الى الموت أو الى عاهة مستديمة.
ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر ولا تطبق ضده احكام الظروف المشددة.
[37] – المتعلقة بمفاجأة الزوج لزوجته متلبسة بالزنا أي في حالة الغضب ولا يعتبر عذراً مخففاً الا في حالة الزوج الذي يفاجئ زوجته حال تلبسها بالزنى فقتلها هي ومن يزني بها,
[38] – المادة رقم 153 (دولة الكويت قانون رقم 16 لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء ( 16 / 1960 ))
من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا ، او فاجأ بنته او امه او اخته حال تلبسها بمواقعة رجل لها ، وقتلها في الحال او قتل من يزني بها او يواقعها او قتلهما معا ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف روبية او باحدى هاتين العقوبتين.
[39] – قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 تاريخ 1949/6//22
[40] -تم النص عليهما في المادة 340-1 و340-2 من قانون العقوبات الأردني رقم 12 لسنة 1960
[41] – الفصل 506 من ق ج
[42] -loi du 21 juin 2004, n°2004-575,pour la confiance dans l’économie numérique
[43] -عبد الواحد العلمي، ،ص253
[44] -عصام المديني، المرشد في شرح القانون الجنائي المغربي، القسم العام، طبعة 2015، مطبعة سيدي مومن، ص241
[45] – للمزيد من التفاصيل راجع محمد العروصي، المختصر في شرح القانون الجنائي المغربي، مرجع سابق، ص341
[46] – الفصل 156 من ق ج المغربي
[47] – الفصل 157 من ق ج المغربي
[48] -عصام المديني، مرجع سابق، الصفحة 247و248
[49] – باجة ساجية, زعكان ليندة, مشكلة العود الى الجريمة, مذكرة لنيل شهادة الماستر’ جامعة الرحمان ميرة, بجاية كلية الحقوق والعلوم السياسية” قسم القانون الخاص” السنة الجامعية 2014-2015, ص 12 .
[50] – Mohamed Abou El Azem , Bachelor of Law , Bachelor of Law
Depuis 3 années
طرح منشور في الموقع الرسمي
https://specialties.bayt.com/fr/specialties
الاطلاع بتاريخ 20-12-2019 مع الساعة 3 مساءا.
[51]– الفصل 450 من ق ج المغربي
ذا ثبت أن مرتكب الجريمة يمارس الأفعال المشار إليها في الفصل السابق بصفة معتادة، ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى، وتكون عقوبة السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية وفي الحالة التي تطبق فيها عقوبة جنحية فقط، حسب هذا الفصل أو الفصل 449، فغنه يجوز علاوة على ذلك أن يحكم على الفاعل بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 وبالمنع من الإقامة، من خمس سنوات إلى عشر.
[52] – لطيفة مهداتي, مرجع سابق, الصفحة 49.
[53] – رافضة بذلك فكرة المدرسة التقليدية التي كانت تنادي بالمقاصة بين الجريمة والعقوبة
[54] – زينب احمد محمد القدو, اثر الخطورة الاجرامية في السلطة التقديرية للقاضي في الجزاء الجنائي, مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية, دون سنة او طبعة او عدد, الصفحة 187.
[55] – زينب احمد محمد القدو, مرجع سابق ص 192.
[56] – رمسيس بنهام, علم الوقاية والتقويم ”الاسلوب الامثل لمكافحة الجريمة” منشأ المعارف الانسكدرية 1987, ص 63.
[57] – قانون العقوبات اللبناني, مرسوم اشتراعي رقم 340 – صادر في 1/3/1943
[58] ا- المادة 211
لا ينزل بأحد تدبير احترازي ما لم يكن خطرا على السلام العام
يقضي بالتدابير الاحترازية بعد التثبت من حالة الخطر إلا في الحالات التي يفترض القانون وجود الخطر فيها.
يعد خطرا ع كل شخص أو هيئة معنوية اقترف جريمة إذا كان يخشى أن يقدم على أفعال أخرى ً على المجتم يعاقب عليها القانون. لا تتعرض الهيئات المعنوية لغير تدابير الاحتراز العينية.
[58] – قانون العقوبات الليبي رقم 48 الصادر في 23 سبتمبر 1956 .[59] – قانون العقوبات الليبي رقم 48 الصادر في 23 سبتمبر 1956 .
[60] – لطيفة مهداتي مرجع سابق, الصفحة 145.
[61] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط “الغرفة الجائية الابتدائية”
ملف . 2017/2610/453, قرار عدد 145, بتاريخ 2018/02/26 غير منشور ”انظر ملحق القرارات القضائية”
[62] – حاتم حسن موسى باكر, مرجع سابق, ص 409
[63] – عبد الحفيظ بلقاضي, مرجع سابق ص214
[64] – لطيفة مهداتي, مرجع سابق, ص 148.
[65] – محكمة الاستئناف بالرباط “الغرفة الجائية الاستئنافية”
ملف عدد 17-2016-2644 قرار رقم. . 52, صدر بتاريخ. 2016/12/5 1 غير منشور ”انظر ملحق القرارات القضائية”
[66] -قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط “الغرفة الجائية الاستئنافية”, ملف عدد 2612-2018-922 , قرار رقم. . 17. صدر بتاريخ. 2019-1-10 غير منشور ”انظر ملحق القرارات القضائية”
[67] – ونظام قاضي التحقيق تعود جدوره التاريخية الأولى إلى القانون الفرنسي عقب تصريح فرنسوا الأول François 1er الصادر بتاريخ 14 جانفي 1522 والذي قام بخلق ما يعرق بالملازم الجنائي Le Lieutenant Criminel الذي يعد ضابطا تابعا للملك حددت صلاحياته بالأمرين الملكيين لهنري الثاني Henri 2 الصادرين في ماي 1522 ونوفمبر 1554.
[68] – المادة 87 من ق م ج ”يقوم قاضي التحقيق إلزاميا في مادة الجنايات، واختياريا في مادة الجنح بإجراء بحث حول شخصية المتهم وحالته العائلية والاجتماعية...
يمكنه أن يكلف بذلك إما ضباط الشرطة القضائية طبقا للمادة السابقة وإما أي شخص أو مؤسسة مؤهلة للقيام بهذا البحث.
يترتب عن هذا البحث تكوين ملف خاص يضاف إلى المسطرة”
الملاحظ أن المادة 87 من ق م ج التي حلت محل الفصل 88 من ظ 10/2/1959 الملغى هو الذي أعطى لقاضي التحقيق هذه المهمة الإضافية .
[69] – ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 ( 3 أكتوبر 2002 ) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1424 (30 يناير2003)
[70] – عبد الواحد العلمي. شروح في قانون المسطرة, الجزء الثاني”التحقيق الاعدادي والمحاكمة” الطبعة السادسة 2018. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء, الصفحة 52.
[71] – لطيفة مهداتي مرجع سابق, الصفحة 154.
[72] – عبد اللطيف بلقاضي, مرجع سابق الصفحة 16.
[73] – عبد الحفيظ بلقاضي, مرجع سابق الصفحة 17 وما يلي ” من اجل الإحاطة اكثر بأفكار هذه المدرسة”
[74] – ROY Alexandre. Idem page 291
[75] – ROY Alexandre. Idem page 293 et 294…..
[76]– ظهير شريف رقم 1.02.240 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 09.01 المتعلق بالمعهد العالي للقضاء.
[77] – Alexandre Roy : Idem page 10 .
[78] – لطيفة مهداتي, مرجع سابق, الصفحة 158.
[79] – عبد الحفيظ بلقاضي مرجع سابق, الصفحة 294.
[80] – لطيفة مهداتي, مرجع سابق, الصفحة 165
[81] – حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط, في ملف جنحي تلبسي
رقم الملف 19/2103/1282, رقم الحكم 1542, صدر بتاريخ. 2019-9-30
[82] – الفصل 146 ق ج مغربي
إذا تبين للمحكمة الزجرية، بعد انتهاء المرافعة في القضية المطروحة عليها، أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة، أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم، فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف، إلا إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك.
ومنح الظروف المخففة موكول إلى تقدير القاضي، مع التزامه بتعليل قراره في هذا الصدد بوجه خاص، وآثار الظروف المخففة شخصية بحته، فلا تخفف العقوبة إلا فيما يخص المحكوم عليه الذي منح التمتع بها.
ومنح الظروف المخففة ينتج عنه تخفيف العقوبات المطبقة، ضمن الشروط المقررة في الفصول التالية.
[83] – قرار رقم 196 الصادر بتاريخ 24 دجنبر 1970 منشور في مجلة القانون والقضاء,1997 عدد 195, ص 141 و 142
[84] – حكم المحكمة الإبتدائية بمكناس صادر بتاريخ 07 نونبر 2012 في الملف عدد 2135 -12 منشور في مجلة القانون والقضاء, والقضاء,1997 عدد 195, ص146
[85] – حكم المحكمة الإبتدائية بمكناس صادر في الملف الجنحي التلبسي عدد 1086 / 2016 بتاريخ 2016 /06/13, منشور في مجلة القانون والقضاء,1997 نفس العدد, ص148
[86] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط “الغرفة الجائية الاستئنافية” ملف عدد 2612-2611-176, قرار رقم. . 231, الصادر بتاريخ 2019-5-22
[87] – Congrès international de droit pénal (Athènes, 26 septembre-2, octobre 1957)
[88] – رؤوف عبيد : ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية وأوامر التصرف في التحقيق ، الطبعة 1986 ، ص 5
[89] – قرار 2498 صادر بتاريخ 5 أبريل 1988 ملف جنائي عدد 87 / 13554 مجلة القانون والقضاء نونبر 1989 العدد 141- 140 ص 195 .
[90] – الفصل 26 من ق ج مغربي
التجريد من الحقوق الوطنية يشمل:
1 – عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف العمومية وكل الخدمات والأعمال العمومية.
2 – حرمان المحكوم عليه من أن يكون ناخبا أو منتخبا وحرمانه بصفة عامة من سائر الحقوق الوطنية والسياسية ومن حق التحلي بأي وسام.
3 – عدم الأهلية للقيام بمهمة عضو محلف أو خبير، وعدم الأهلية لأداء الشهادة في أي رسم من الرسوم أو الشهادة أمام القضاء إلا على سبيل الإخبار فقط.
4 – عدم أهلية المحكوم عليه لأن يكون وصيا أو مشرفا على غير أولاده.
5 – الحرمان من حق حمل السلاح ومن الخدمة في الجيش والقيام بالتعليم أو إدارة مدرسة أو العمل في مؤسسة للتعليم كأستاذ أو مدرس أو مراقب.
والتجريد من الحقوق الوطنية عندما يكون عقوبة أصلية، يحكم به لزجر الجنايات السياسية ولمدة تتراوح بين سنتين وعشر سنوات ما لم تنص مقتضيات خاصة على خلاف ذلك.
[91] – الفصل 146 من القانون الجنائي :” إذا تبين للمحكمة الزجرية، بعد إنتهاء المرافعة في القضية المطروحة عليها ، أن الجزاء المقرر في للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة ، أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم ، فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف ، إلا إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك”
[92] – قرار صادر بتاريخ 21 يوليوز 1994 ملف جنحي رقم 19139/ قضت فيه المحكمة بمايلي :
– ظروف التخفيف أو إيقاف التنفيذ لا سلطة للقاضي في منحهما بالنسبة لمخالفات الصيد البري عملا بمقتضيات الفصل 18 من ظهير 21/7/1923.
[93]لطيفة المهداتي، حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء، مرجع سابق، للصفحة: 79
[95]– لطيفة المهداتي، مرجع سابق، الصفحة:80
[96]الفصل 120 من القانون الجنائي المغربي
[97] – لطيفة المهداتي، حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء، مرجع سابق، الصفحة: 84