استعراض أساسيات تعيين المحكم واستنفاذ ولايته وفق القانون رقم 08.05 – عبد العالي عصفور
استعراض أساسيات تعيين المحكم واستنفاذ ولايته وفق القانون رقم 08.05
الاسم الكامل: عبد العالي عصفور
خريج ماستر قانون الأعمال من جامعة عبد المالك السعدي
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان
مقدم
إن الحديث عن نظام التحكيم[1] كمكانيزم قضائي ليس وليدا حديث النشأة، ذاك أنه أقدم من السلطة القضائية كهيئة تتولى الفصل في نزاعات الأفراد، ولما كان الأمر كذلك، يمكن على هذا المنوال أن نعرف التحكيم بكونه تلك العملية التي يباشرها المتعاقدان في حال نشوب نزاع بينهما بتعيين شخص يسمى المحكم باعتباره جهة غير قضائية تحدد شروط التزاماته وعمله من قبل من عينوه، بغية فض النزاعات بسرعة وفعالية بعيدا عن تعقيدات المساطر القضائية.
وفي التشريع المغربي تحديدا في قانون المسطرة المدنية[2]، استلزم المشرع كي يعتبر اتفاق التحكيم صحيحا، ضرورة تعيين الهيئة التحكيمية[3] أو التنصيص على طريقة تعيينها، سواء تعلق الأمر بعقد التحكيم أو بشرطه، وهو ما ورد في الفصلين 315 و317 من القانون رقم 08.05[4]، ما يوضح بجلاء أن مجموع المقتضيات المكرسة بمقتضى الفصلين المذكورين، هي أركان جوهرية في عقد التحكيم، ذاك أن تشكيل هيئة التحكيم تقوم على تحديد عدد المحكمين الذين سيكونون الهيئة القائمة بالإشراف على فض موضوع النزاع.
وعليه، يمكن أن نعرف المحكم بأنه ذلك الطرف الذي يتوسط العلاقة النزاعية بين طرفي العقد بغية فض الخلافات بعيدا عن المساطر القضائية، والتي من المعلوم أنها تتسم بالتعقيد والبطء نظرا للضغط المسجل على كاهل المحاكم المختصة، ويعمل المحكم على تكريس كافة الإمكانيات التي من شأنها أن تساعده على القيام بالفصل عدلا في موضوع النزاع بسرعة ما أمكن إلى ذلك سبيلا وبسرية تامة.
ونظرا لما يتسم به هذا الموضوع المتمثل في هذا الجهاز الحيوي، وإن كان مختارا لا قضائيا، بأهمية بالغة على مستوى الساحة القانونية، وما يقدمه من مساعدات للجهاز القضائي من ناحية تخفيف العبء واختصار الطريق والوقت لفض النزاعات وتسوية الخلافات ذات الطابع التعاقدي، ارتأينا الإسهاب في تحليل ونقاش دور المحكم وسلطته، من ثم التعريج على تحقيق مبتغاه باستنفاذ ولايته، بناء على معالجة الإشكالات التالي: إلى أي حد استطاع المشرع إحاطة المحكم[5] كهيئة مستقلة بمقتضيات تمنحه صلاحية كافية في فض النزاع؟ وماهي حدود صلاحياته؟ ومتى تنتهي هاته الصلاحيات؟
وتوخيا لشمولية الطرح فإننا سنقتصر على التحكيم الداخلي، على أن نخصص مقالا أخر للتحكيم الدولي، وبسطا لما يطرحه الإشكال أعلاه من علامات استفهام، سنتناول الموضوع من خلال التأصيل القانوني لدور المحكم (المبحث الأول)، من ثم الحديث عن استنفاذ ولايته (المبحث الثاني).
المبحث الأول: التأصيل القانوني لدور المحكم
نص المشرع في الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية على: “اتفاق التحكيم هو التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقة قانونية معينة، تعاقدية أو غير تعاقدية، يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم”.
من خلال المادة أعلاه يتضح أن اتفاق التحكيم الأرضية الأساس في العملية التحكيمية، فهو بمثابة مرجع لمعرفة تفاصيل إرادة أطراف النزاع في الإحالة على المحكمين، وقد يأخذ هذا الاتفاق صورة شرط يعمل الأطراف على إدراجه في العقد، وهذه الحالة يسمى شرط التحكيم، وإما أن يأخذ صورة أخرى، وهو مشارطة التحكيم ويتم هذا المقتضى بعد نشوء النزاع[6].
بتعبير أخر، نكون أمام عقد التحكيم إذا التزم أطراف النزاع بعرض هذا النزاع على هيئة تحكيمية، ويمكن إبرام العقد المذكور ولو خلال دعوى جارية أمام المحكمة[7]، فيما أن شرط التحكيم فهو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف العقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور[8]، وكلاهما يمثلان اتفاقا للتحكيم والذي يرجع فيه الاختصاص للهيئة التحكيمية وينزع فيه الاختصاص من القضاء العادي[9].
ومهما كانت الصورة التي يأخذها هذا الاتفاق فلابد من توفر الشروط الموضوعية اللازمة لانعقاده، والأكيد أن للأطراف صلاحية الاتفاق على الاحتكام إلى المحكم لفض النزاع القائم بينهم، وهذا الاتفاق يلزم أن ينصب في عقد مستقل ولاحق للعقد الأصلي، إذا كان هذا الأخير يتضمن أنه في حالة النزاع يمكن الفصل فيه عن طريق التحكيم.
غير أنه يلزم توفر شروط مهمة في الهيئة التحكيمية، ولا يحق لهم الفصل إلا في النزاعات المخولة لهم قانونا (المطلب الأول)، وإذا توافرت الشروط لا يحق للمحكم سوى التصرف فيما له من صلاحيات واختصاصات سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو تلك المتعلقة بسير مسطرة التحكيم، من هنا سنخصص (المطلب الثاني) للحديث عن تشكيل هيئة التحكيم وصلاحيات المحكم.
المطلب الأول: الشروط الواجب توفرها في المحكم ومجال تحكيمه
استوجب المشرع لزوما توفر شروطا بعينها، منها ما هو مرتبط بشخص المحكم، ومنها ما هو متعلق بالمضمون وفق شكليات معينة (الفقرة الأولى)، إلى جانب أمر لا يقل أهمية عن الشروط وهو المجال الذي يجوز فيه التحكيم أو نطاق تطبيق التحكيم (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الشروط اللازمة في المحكم
المحكم هو شخص يتمتع بثقة الخصوم الذين أولوه عناية الفصل في الخصومة القائمة بينهم، إذ يجب أن تتوافر فيه جملة من الشروط حتى يكون مؤهلا لإدارة العملية التحكيمية، فهناك شروط اتفق الفقه ومراكز التحكيم على وجوب توافرها في المحكم، وهناك شروط مختلف فيها متروكة لتقدير الطرفين.
أولا: الشروط القانونية
الشروط القانونية وفق القواعد العامة هي الأهلية (أولا)، الكتابة (ثانيا)، فضلا عن الاستقلالية والحياد (ثالثا).
أ. الأهليـة
نص الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية على أنه: “يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق الإجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب …..”..
مما يفيد أنه لا يكفي أن يتمتع الأشخاص (الأطراف) بأهلية التعاقد لإبرام اتفاق التحكيم، أو أهلية التقاضي، ولا يستلزم كذلك أن تكون لهم أهلية التبرع، لأن عقد التحكيم ليس من قبيل التبرع بالحق، أي يجب أن يكون الشخص متمتعا بأهلية التصرف في الحق موضوع النزاع.
وعلى هذا الأساس، فالأشخاص الذين لا تتوفر لديهم هذه الأهلية كالقاصر والمحجور عليهم ليسوا أهلا لإبرام اتفاقات التحكيم، فإذا ما أبرم أحدهم اتفاقا كان الاتفاق باطلا[10]، كما لا يجوز للوكيل بغير إذن خاص إبرام هذا العقد[11].
ب. الكتابـة
استوجب المشرع صياغة الاتفاق التحكيم في محرر مكتوب[12]، وهكذا لا يجوز إثبات عقد التحكيم بالقرائن أو بشهادة الشهود، ويبقى التساؤل المطروح حول إمكانية إثبات عقد التحكيم بالإقرار وأداء اليمين القانونية من جهة[13]، ومن جهة أخرى، حول ما إن كانت الكتابة شرط إثبات أم هي شرط وجود وصحة؟
الجواب هنا، أن عقد التحكيم يمكن أن يرد في محرر عرفي بمقتضى محضر يقام أمام المحكم أو المحكمين المختارين، أو في محرر رسمي بمقتضى وثيقة أمام موثق أو عدلين، أو بأي سند كالرسائل المتبادلة أو البرقيات، شريطة أن تكون إرادة الطرفين ظاهرة[14].
أما بالنسبة لشرط التحكيم فإن الفصل 313 من قانون المسطرة المدنية، يستوجب أن يكون شرط التحكيم مكتوبا باليد، وموافقا عليه بصفة خاصة من لدن الأطراف تحت طائلة البطلان، هذا إذا ثم تعيين المحكم أو المحكمين مسبقا وفي نفس العقد، أما إذا لم يتم هذا التعيين المسبق للمحكمين، فإن المشرع لم يورد لشرط التحكيم أي شكليات خاصة به.
وبالرجوع للفصل 314 من قانون المسطرة المدنية، نجد أن عقد التحكيم شرط إثبات، ويجوز الاتفاق عليه حتى أثناء سريان الدعوى أمام المحكمة، وإذا تم الاتفاق على التحكيم أثناء النظر في النزاع من قبل المحكمة، فعلى هذه الأخيرة أن تقرر إحالة الأطراف على التحكيم، ويعد هذا القرار بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب.
ت. الحياد والاستقلالية
يعد حياد المحكم واستقلاله من الضمانات الأساسية في التقاضي، فهما شرطان لمباشرة العملية التحكيمية أيا كان القائم بها قاضيا أو محكما، كما يعتبران ركيزتان أساسيتان لنجاح المحكم في مهمته.
ثانيا: الشروط الاتفاقية
الشروط الاتفاقية حتى وإن نص عليها القانون إلا أنها تأتي بصيغة الجواز، وإعمالها مقيد بعدم اتفاق الأطراف على مخالفتها، كونها غير متعلقة بالنظام العام، ومن هذه الشروط:
أ. جنس المحكم وجنسيته
التشريعات تركت للأطراف الحرية الكاملة في تحديد جنس، أو جنسية المحكم، وذلك تأكيدا لمبدأ سلطان الإرادة الذي يتميز به نظام التحكيم عن القضاء.
ب. خبرة وكفاءة المحكم
من الخيارات المتروكة للأطراف، إمكانية اتفاقهم على اشتراط الخبرة والكفاءة في المحكم الذي سوف يختارونه للقيام بإدارة العملية التحكيمية.
ونشير إلى أن الفصل 319 من قانون المسطرة المدنية، أقر بأنه لا يمكن أن يكون التحكيم إما خاصا أو مؤسساتيا، كما لا يمكن إسناد مهمة المحكم إلا إلى شخص ذاتي كامل الأهلية لم يسبق أن صدر عليه حكم نهائي بالإدانة من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفات الاستقامة أو الآداب العامة أو بالحرمان من أهلية ممارسة التجارة أو حق من حقوقه المدنية، وذلك بموجب الفصل 320 من قانون المسطرة المدنية[15].
ويجب على الأشخاص الطبيعيين الذين يقومون اعتياديا أو في إطار المهنة بمهام المحكم إما بصورة منفردة أو في حظيرة شخص معنوي يعتبر التحكيم أحد أغراضه الاجتماعية، أن يصرحوا بذلك إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف الواقع في دائرة نفوذها محل إقامة الأشخاص الطبيعيين المذكورين أو المقر الاجتماعي للشخص المعنوي، يسلم الوكيل العام وصلا بالتصريح ويقيد المعنيين بالأمر في قائمة المحكمين لدى محكمة الاستئناف المعنية، وذلك بعد دراسة وضعيتهم حسب ما جاء بالحرف في الفصل 321 من قانون المسطرة المدنية.
الفقرة الثانية: مجال ونطاق تطبيق المحكم لصلاحياته
بعد استجماع الشروط اللازمة، يحق لنا تسليط الضوء حول مجال تطبيق اختصاصات المحكم (أولا)، واستثناءات الواردة على ذلك (ثاني)، من ثم الحديث عن البيانات الواجب بيانها في عقد التحكيم تحت طائلة بطلانه (ثالثا).
أولا: مجال التطبيق
فيما يتعلق بنطاق تطبيق سلطات المحكم ومجالات اختصاصه فهي نفسها المخولة للمحاكم التجارية والمنصوص عليها في المادة 5 من قانون المحدث للمحاكم التجارية[16] بموجب الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية: “يمكن بوجه خاص أن تكون محل اتفاق تحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عملا بالمادة 5 من القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث محاكم تجارية[17]“.
كما يجوز للمقاولات العامة الخاضعة لقانون الشركات التجارية أن تبرم اتفاقات تحكيم وفق الإجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس إدارتها أو رقابتها أو أجهزة تسييرها، ويجوز للمؤسسات العامة إبرام عقود تحكيم وفق الإجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس إدارتها، وتكون الاتفاقات المتضمنة لشروط تحكيم محل مداولة خاصة يجريها مجلس الإدارة، حسب منطوق الفصل 311 من قانون المسطرة المدنية.
ثانيا: الاستثناء الواردة على مجال التطبيق
في هذا الإطار، لكل قاعدة استثناء، كما هو الحال بالنسبة لنطاق تطبيق مجال تحكيم المحكم، حيث نص المشرع في الفصلين 309 و310 من قانون المسطرة المدنية، وعلى بعض الحالات التي لا يجوز للمحكم التدخل أو الفصل فيها من قبيل:
- تسوية النزاعات التي تهم حالة الأشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة.
- التصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية[18].
- يرجع اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في نطاق هذا الفصل إلى المحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني.
- يجوز للمقاولات العامة الخاضعة لقانون الشركات التجارية أن تبرم اتفاقات تحكيم وفق الإجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس إدارتها أو رقابتها أو أجهزة تسييرها.
- قضايا حوادث السير[19].
ثالثا: البيانات اللازم توفرها في عقد التحكيم
من البيانات الأساسية التي أوجبها الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية في سند التحكيم تحديد موضوع النزاع، تعيين الهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة التعيين، وتحديد الأجل المزمع أن يصدروا فيه قرارهم التحكيمي، وإذا لم يحدد السند أجلا يستنفذ المحكمون صلاحياتهم بعد ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغ تعيين أخِر محكم.
مع مراعاة أحكام الفصول من 316 إلى 318، والتي تتحدث عن بيانات عقد التحكم وطبيعته القانونية، فهو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور، علاوة على أن يضمن شرط التحكيم كتابة في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه، بشكل لا لبس فيه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن شرط التحكيم اتفاق مستقل عن شروط العقد الأخرى، ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته.
المطلب الثاني: تشكيل هيئة التحكيم وصلاحيات المحكم
طبعا بعد أن يتم اختيار المحكم أو المحكمين، نكون أمام بداية تشكيل الهيئة والحديث عن اختصاصاتها، وقد خصص المشرع في لهذا التشكيل والصلاحيات الجزء الفرعي الثاني من الفرع الأول ضمن الباب الثامن، تحديدا من الفصول 2-327 إلى 21-327 من قانون المسطرة المدنية.
وعليه، يجب بداية وقبل أن نتحدث عن صلاحيات وواجبات وسلطات المحكم في (الفقرة الثانية)، أن نتحدث أولا عن تشكيل هيئة التحكيم في (الفقرة الأولى).
الفقرة الاولى: تشكيل هيئة التحكيم
لتشكيل الهيئة يجب أن يكون العدد وثرا (أولا)، وقد تشكل بواسطة الطرفين (ثانيا)، وقد تشكل بواسطة المحكمة (ثالثا).
أولا: وثرية عدد المحكمين
تتشكل هيئة التحكيم وجوبا من عدد وثري للمحكمين وذلك تحت طائلة البطلان، وعليه إن للأطراف حرية الاختيار بين محكم واحد أو ثلاثة محكمين، والحقيقة إن هذا الاختيار يتوقف إلى حد ما على مدى تعقيد النزاع وقيمة الجهد والوقت اللذين تستغرقهما عملية الحل، فإذا كان النزاع معقدا لزم اللجوء إلى ثلاثة محكمين أما إذا كان غير ذلك صار من الأفضل الاقتصار على محكم واحد، وقد أكد على وثرية عدد المحكمين في الفصل 2-327 من قانون المسطرة المدنية.
ثانيا: التشكيل بواسطة الطرفين
تتشكل هيئة التحكيم من المحكمين المعينين في اتفاق التحكيم، غير أنه إذا ثبت أن هؤلاء لا تتوفر فيهم الشروط اللازمة لممارسة التحكيم، فإن للأطراف أن تستبدلهم بمحكمين آخرين مع تفصيل أنه إذا اقتصر هؤلاء على تعيين عدد مزدوج من المحكمين، وجب تكميل تشكيل الهيئة بمحكم يتم اختياره إما طبقا لما اتفق عليه الأطراف، وإما من لدن المحكمين المعينين في حالة عدم حصول هذا الاتفاق، وفي حالة التحكيم المؤسساتي تتشكل هيئة التحكيم وفق نظامها الداخلي[20].
ثالثا: التشكيل بواسطة المحكمة
إذا تعذر تعيين المحكم الثالث وفق المسطرة السابقة، يمكن تعيينه من لدن رئيس المحكمة المختصة بمقتضى أمر غير قابل للطعن، ويتولى رئاسة هيئة التحكيم المحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي عينه رئيس المحكمة.
رابعا: قبول مهمة التحكيم
إن تشكيل هيئة التحكيم لا يكون صحيحا إلا إذا وافق المحكم أو المحكمون المعنيون على المهمة الموكولة لهم، ويكون هذا القبول كتابة وهي أيضا مناسبة مواتية لإعلان المحكم أو المحكمين عن الظروف التي من شأنها إثارة شكوك حول حيادهم واستقلالهم، وعليه إذا تحققت هذه الظروف يتعين على المحكم الذي يعلم بوجود أحد أسباب التجريح في نفسه أن يشعر الأطراف بذلك، وفي هذه الحالة لا يجوز له قبول مهمته إلا بعد موافقة الأطراف، وكما يكون قبول المهمة بالكتابة، يمكن كذلك أن يفصح عنه بالشروع في القيام بإجراءات التحكيم[21].
الفقرة الثانية: صلاحيات وواجبات وسلطات المحكم
سنتناول في هذه الفقرة مواضيع مختلفة من حيث المضامين، ومشتركة من حيث تعلقها بهيئة التحكيم التي اعترفت لها التشريعات الوطنية باختصاصات محددة ومنحتها سلطات معينة، كما أخضعتها لواجبات من أجل ضمان إدارة جيدة للنزاع.
أولا: اختصاص هيئة التحكيم
قبل النظر في الموضوع تبت هيئة التحكيم بأمر غير قابل للطعن في صحة اتفاق التحكيم وكذا في صحة أو حدود اختصاصاتها، كما يجوز لها أن تتأكد من صلاحية الحقوق المتنازع بشأنها للتحكيم بتوجيه طلب معلومات إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف ذات الاختصاص[22].
ثانيا: سلطات هيئة التحكيم
منح القانون المغربي سلطات واسعة لهيئة التحكيم كي تتمكن من تسيير الجلسات وإدارة النزاع على الوجه الأكمل، وهكذا تقوم الهيئة بجميع إجراءات التحقيق كالاستماع للشهود ولكل شخص إذا رأت في ذلك فائدة، أو تعيين الخبراء أو القيام بأي إجراء آخر، وإذا كانت بيد أحد الأطراف وسيلة إثبات، جاز لها أن تطلب منه الإدلاء بها[23].
أ. اختيار الإجراءات
يمكن للأطراف أن تتفق على الإجراءات الواجبة التطبيق أثناء النظر في النزاع القائم بينهم، غير أنه إذا لم يفصل الاتفاق التحكيمي في هذا الموضوع، يجوز لهيئة التحكيم أن تطبق القواعد المتبعة لدى المحاكم من تلقاء نفسها، كما لها أيضا أن تختار إجراءات مسطرية مغايرة مثل القواعد المسطرية المعمول بها في التحكيم المؤسساتي.
تشرع الهيئة في القيام بإجراءات التحكيم ابتداء من تاريخ اكتمال تشكيلها، عدا إذا اتفقت الأطراف على خالفه.
ب. حسم الهيئة في مكان ولغة التحكيم
من جهة أخرى تحدد الهيئة مكان التحكيم بشرط ألا يكون طرفي التحكيم قد اتفقا على مكان آخر، وأن يأخذ هذا التحديد بالاعتبار محل إقامة الأطراف وظروف الدعوى، غير أن اختيار مكان ما لا يمنع الهيئة من الاجتماع في أي مكان تراه مناسبا للقيام بسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو الاطلاع على المستندات أو معاينة بضاعة أو أموال أو إجراء مداولة بين أعضائها أو غير ذلك من الإجراءات.
ويجرى التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى، ويسري حكم الاتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات المكتوبة والوثائق والمرافعات الشفهية وكذا على كل قرار تتخذه الهيئة أو حكم تصدره، ما لم ينص اتفاق الطرفين أو قرار هيئة التحكيم على غير ذلك.
ولهيئة التحكيم كذلك أن تلزم الأطراف بإرفاق كل أو بعض الوثائق المكتوبة التي تقدم في الدعوى بترجمتها إلى اللغة المستعملة في التحكيم، وفي حالة تعدد هذه اللغات يجوز قصر الترجمة على بعضها[24].
ثالثا: واجبات هيئة التحكيم
على الهيئة أن تعامل أطراف التحكيم على قدم المساواة وتهيئ لكل منهم فرصة كاملة ومتكافئة لعرض دعواه ودفوعاته وممارسة حقه في الدفاع، ومن جهة أخرى إن الفصل 326 من قانون المسطرة المدنية[25] يلزم المحكمين بكتمان السر المهني طبقا لما هو منصوص عليه في القانون الجنائي.
هذا باقتضاب شديد فيما يتعلق بشروط الواجبة في المحكم إلى جانب صلاحياته، فماذا عن استنفاذ ولايته؟ هذا ما سنجب عنه في المبحث الموالي.
المبحث الثاني: استنفاذ ولايته
بعد أن أبرزنا شروط الواجب توفرها في المحكم ومجال صلاحياته، يتعين علينا الحديث الزاما عن نهاية مهامه، فبعد التمعن والتفحص في مقتضيات القانون رقم 08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية، نجده أنه تحدث في إطار استنفاذ ولاية المحكم أنها تنتهي إما بإصدار الحكم أو بتجريحه (المطلب الأول)، أو بانتهاء المدة القانونية للممارسة مهامه أو بعزله (المطلب الثاني).
المطلب الاول: انتهاء ولاية المحكم بإصدار الحكم أو بتجريحه
يمكن للمحكم أن تنتهي مهامه إما بإصدار حكم يفصل في النزاع (الفقرة الأولى)، أو بتجريحه لأحد الأسباب المنصوص عليها بمقتضى قانون المسطرة المدنية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: بإصدار الحكم
بإصدار المحكم حكم في النزاع الذي يفصل فيه تنتهي مهامه وصلاحياته والسلطات المخولة له، غير أن التساؤل المطروح ما هي أنواع الأحكام الصادرة عنه (أولا)، وماهي حجية الأحكام الصادرة عنه (ثانيا).
أولا: أنواع الأحكام
ترجع صعوبة تحديد أنواع حكم التحكيم، إلى اختلاف الفقه في تحديد ما يعتبر حكما تحكيميا بالمعنى الدقيق، وبالتالي يجوز الطعن فيه بالبطلان إذا توافرت موجبات ذلك الطعن، والقرارات الأخرى التي لا تعتبر أحكام تحكيم بالمعنى الدقيق، وبالتالي لا تقبل الطعن، مثل ندب الخبراء، وسماع الشهود.
لذا، سنتناول في هذه الفقرة أنواع الأحكام التي يصدرها المحكم خلال سير إجراءات التحكيم، والتي يطلق عليها البعض مصطلح الأحكام التمهيدية، والتي ينطبق عليها وصف الحكم بالمعنى الدقيق، حتى صدور الحكم النهائي الذي يضع به المحكم أو هيئة التحكيم حدا لمهمتهم التحكيمية وللنزاع القائم بين أطراف النزاع، وسنستعرض أهم الأحكام التحكيمية فيما يلي:
أ. أحكام التحكيم الجزئية
يقصد بالأحكام الجزئية تلك الأحكام التي تصدرها هيئة التحكيم في جزء من المنازعة، فقد يكون هناك من الضرورة ما يجعل المحكم يصدر أحكاما في مسألة لها صلة بموضوع النزاع المعروض على هيئة التحكيم، مثل الفصل في اختصاصها، أو تحديد القانون الواجب التطبيق، كأن يثور نزاع بين أطراف التحكيم.
ب. أحكام التحكيم الوقتية
هناك من الفقهاء من يرى أنه من الصعب التفرقة بين الحكم الجزئي والحكم الوقتي، فبعض الاتفاقيات تستعمل مصطلح حكم التحكيم المؤقت أو الوقتي، بينما تستعمل أخرى حكم التحكيم الجزئي، فهذه الأحكام تصدر قبل الفصل بحكم نهائي شامل في موضوع النزاع، ولا تنتهي بصدورها ولاية المحكم، فالحكم الذي يفصل في موضوع النزاع ككل، هو الذي تنتهي بصدوره ولاية المحكم.
ويرى بعض الفقه أنه لا يوجد فرق بين الحكم الجزئي والحكم المؤقت، فكلاهما نهائيان فيما صدرا فيه، ولكن يختلف الحكم الجزئي عن الحكم المؤقت، في أن الحكم الجزئي في جزء من الخلافات المالية، أما الحكم الوقتي فيتعلق بمسائل أولية تقليدية، مثل موضوع الاختصاص القانون الواجب التطبيق، فالحكم الوقتي كما عرفه بعض الفقه هو الحكم الصادر في مسألة وقتية، أو اتخاذ اجراء تحفظي، إلى أن يفصل في موضوع المنازعة، وللمحكمة التي أصدرته العدول عنه أو تعديله، فهي لا تستنفذ ولايتها بالنسبة له بمجرد إصداره.
ويتضح من التعريف السابق، أن المقصود بالأحكام الوقتية، هي التي يمكن للمحكم أو هيئة التحكيم العدول عنها في أي وقت خلال إجراءات التحكيم، كالحكم بتعيين حارس، أو الحكم باستمرار المقاول بتنفيذ عقد المقاولة، إذا كان عدم التنفيذ سيتولد عنه أضرار جسيمة للطرف الآخر، وكان المقاول قد توقف عن الاستمرار في التنفيذ عند عرض النزاع الذي ثار بينهم على هيئة التحكيم، وبعد ذلك تم إصدار حكم نهائي ضد الطرف الآخر، مع النص فيه على جواز توقف المقاول عن الاستمرار في التنفيذ حتى ينفذ الطرف الآخر الحكم الصادر ضده.
والأحكام الوقتية، ينطبق عليها ما ينطبق على الأحكام الجزئية، إذ إنها مقيدة بأن لا يكون الأطراف قد نصوا في مشارطة التحكيم على عدم جواز إصدار المحكم لمثل هذه الأحكام، وفي حالة عدم النص على ذلك فيري جانب من الفقه أنه يجوز لهيئة التحكيم إصدار مثل هذه الأحكام، وذلك حسب طبيعة العلاقة التي نشأ بسببها النزاع، فيجب على الحكم الملائمة بين العلاقة التي ثار بسببها النزاع، وبين إصدار حكم جزئي أو وقتي.
ت. أحكام التحكيم الاتفاقية (الرضائية)
مثلما يحدث في التقاضي، قد تتوصل الأطراف في التحكيم التجاري الدولي إلى تسوية لنزاعها خلال سير إجراءات التحكيم، وإذا حدث هذا فإنه يجوز للأطراف أن تطبق ببساطة اتفاق التسوية وتلقي بالفعل تفويض محكمة التحكيم، وإذا توصلت الأطراف إلى اتفاق يترتب عليه إلغاء الإحالة إلى التحكيم فإن اختصاص محكمة التحكيم ينتهي، وكذلك السلطات التي تم إعطاؤها سلفا لها.
ث. أحكام التحكيم الغيابية
عند رفع الدعوى أمام القضاء العادي لا يؤثر غياب أحد أطراف الدعوى عن حضور الجلسات على سير إجراءات الدعوى، حتى صدور حكم في موضوع النزاع، وكذلك في التحكيم لا يؤثر أو يعرقل غياب أحد الأطراف عن حضور الجلسات على سيرورة الإجراءات، ويكفي أن تحترم محكمة التحكيم اعتبارات العدالة، والمساواة بين الأطراف، وحقوق الدفاع، بأن يكون لكل من الأطراف فرص متساوية مع الطرف الأخر في تقديم دفاعه، والطابع على ما يقدمه الطرف الآخر من مستندات، ويكفي أن يمكن الطرف الغائب من ذلك، فغياب أي من الأطراف لا يحول دون صدور حكم التحكيم، والحكم الصادر في غيبة أحد الأطراف، لا يتمتع بميزة عن الحكم الصادر في حضور الطرف الآخر.
ج. أحكام التحكيم النهائية
أحكام التحكيم النهائية هي الأحكام التي تضع حدا لمهمة المحكم، ويفصل بموجبها في كل المسائل المتنازع عليها، على نحو تام يؤدي إلى استنفاذ ولايته في نظر الدعوي، ويستخدم الفقه عادة للدلالة على المعنى السابق مصطلح حكم التحكيم النهائي، أو حكم التحكيم القطعي، حيث إنه استخدم مصطلح حكم التحكيم القطعي في الأعمال التحضيرية، بشأن القانون النموذجي للتحكيم الذي أعدته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي.
فحكم التحكيم القطعي يختلف عن حكم التحكيم النهائي، كون الحكم القطعي عندما تصدره هيئة التحكيم، لا يجوز لها من تلقاء نفسها تعديله أو التطرق إلى الموضوع مرة أخرى دون اتفاق أخر من الأطراف، أو دون إحالة الدعوى لها مرة أخرى من القضاء، وكذلك الحال بالنسبة إلى الحكم النهائي.
ولكن حكم التحكيم القطعي قد لا يكون نهائيا، وذلك في حال وجود اتفاق بين الأطراف على جواز استئناف حكم التحكيم، أما في حال اتفاق الأطراف على عدم جواز استئناف حكم التحكيم أو عدم تطرقهم في اتفاق التحكيم لمسألة جواز استئناف من عدمه، فوفقا للمستقر عليه في معظم التشريعات فإنه لا يجوز استئناف أحكام التحكيم.
ح. أحكام التحكيم الإضافية
قد يحدث أحيانا أن تغفل محكمة التحكيم عن الفصل في طلب معين، تقدم به أي من الخصوم أثناء إجراءات المحاكمة، وقبلت به المحكمة، أو أن تغفل في جزء من النزاع، ففي هذه الأحوال لا يكون حكم التحكيم كاملا فاصلا في جميع المسائل التي يتوجب على محكمة التحكيم الفصل فيها.
خ. أحكام التحكيم التفسيرية
قد يكون هناك غموض في منطوق حكم التحكيم الصادر من محكمة التحكيم، بحيث لا يتضح مضمون القرار الذي أصدرته، فالتفسير في الأحكام القضائية العادية المناط بالمحكمة التي أصدرته، والذي شاب منطوق الحكم الصادر منها بعض اللبس، وكذلك الحال بالنسبة لأحكام التحكيم، فالجهة المناط بها التفسير هي الهيئة التي أصدرت ذلك الحكم، وأحسن المشرع عندما نص على النظام القانوني الذي يخضع له تفسير حكم التحكيم الذي تصدره الهيئة ذاتها التي أصدرت حكم التحكيم، حيث إن هنالك من التشريعات المقارنة ما نص على جواز طلب التفسير، ولكنه لم ينص على أن حكم التحكيم الصادر بالتفسير متمم لحكم التحكيم الأصلي، كما فعل المشرع الفرنسي في المادة 1475 إذ نصت على أن “صدور الحكم التحكيمي من شأنه رفع يد المحكمين عن النزاع الذي فصلوه، ولكن للمحكم صلاحية تفسيره، أو تصحيح الأخطاء، أو السهو الذي وقع فيه، وإكماله في حال أغفل النظر بأحد الطلبات”[26].
ثانيا: حجية الحكم المحكم
لقد أثبت التحكيم التجاري أهميته على الأصعدة الإقليمية والدولية كافة حتى أصبح واقعا لا تخلو دولةٌ من دول العالم من النص عليه في قوانينها، كما أُنشئت له الهيئات والمراكز المحلية والإقليمية والدولية المعنية به، وأُعدت له المنتديات والملتقيات الكثيرة المتعددة التي تبحث في آخر مستجداته وتطوراته، وذلك وفقا لطبيعة القضايا التي ينظر فيها ومجمل الأحكام الصادرة بشأنها، ومن الأمور المهمة في هذا الجانب موضوع حجية أحكام التحكيم، إذ يُفترض أن تقوم هيئة التحكيم بحسم المنازعة المطروحة عليها بين الأطراف بمقتضى السلطة التي يمنحها لها اتفاق التحكيم، ونظرا لأن الطبيعة المركبة للتحكيم في كونه اتفاقي النشأة وقضائي الوظيفة، فإنها تؤثر تأثيرا كبيرا في احترام حجية أحكام هيئة التحكيم، كما أن افتقار أعضاء هيئات التحكيم الذين هم أفراد عاديون لسلطة الأمر والنفاذ للأحكام الصادرة عنهم لا يمنح أحكامهم طابع التنفيذ الجبري، الأمر الذي استلزم تدخل الدولة لإصدار أمر تنفيذ الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم.
وبالرجوع للفصل 26-327[27] يستشف منه أن الحكم الصادر من لدن المحكم يكتسب بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه، غير أن الحكم التحكيمي لا يكتسب حجية الشيء المقضي به، عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه، وفي هذه الحالة يطلب تخويل صيغة التنفيذ من قبل الطرف الأكثر استعجالا أمام القاضي المختص، مع تطبيق القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام على الأحكام التحكيمية التي لا يطالب في شأنها بصيغة التنفيذ.
مع الإشارة إلى أن الفصل 26-327 يحتم على المحكم تسليم نسخة من حكم التحكيم إلى الطرفين معا داخل أجل 7 أيام من تاريخ صدوره، مع عدم جواز نشر الحكم أو جزء منه إلا بعد موافقة طرفي التحكيم[28].
الفقرة الثانية: انتهاء ولاية المحكم بتجريحه
من البديهي أن يكون المحكم محايدا ومستقلا كما أومأنا سابقا، وبالتالي متى كان المحكم من قبيل أهل أو أقارب أو له عداوة مع أحد أطراف النزاع المحتكم فيه يمكن تجريحه، ولا يجوز تجريح المحكم إلى ممن له صلاحية ذلك، ولسبب طرأ أو اكتشف بعد تعينه حسب منطوق الفصل 322 من قانون المسطرة المدنية.
قد نص الفصل 323 من قانون المسطرة المدنية على الحالات التي يمكن تجريح المحكم بسببها وهي كالآتي:
1- صدر في حقه حكم نهائي بالإدانة من أجل ارتكاب أحد الأفعال المبينة في الفصل 320 من قانون المسطرة المدنية.
2- كانت له أو لزوجه أو لأصوله أو لفروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في النزاع.
3- كانت قرابة أو مصاهرة تجمع بينه أو زوجه وبين أحد الأطراف إلى درجة أبناء العمومة الأشقاء.
4- كانت هناك دعوى جارية أو دعوى منتهية في أقل من سنتين بين أحد الأطراف والمحكم أو زوجه أو أحد الأصول أو الفروع.
5- كان المحكم دائنا أو مدينا لأحد الأطراف.
6- سبق أن خاصم أو مثل غيره أو حضر كشاهد في النزاع.
7- تصرف بوصفه الممثل الشرعي لأحد الأطراف.
8- كانت توجد علاقة تبعية بين المحكم أو زوجه أو أصوله أو فروعه وبين أحد الأطراف أو زوجه أو أصوله أو فروعه.
9- كانت صداقة أو عداوة بادية بينه وبين أحد الأطراف.
هذا ويقدم طلب التجريح كتابة إلى رئيس المحكمة المختصة يتضمن أسباب التجريح، وذلك داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ علم طالب التجريح بتشكيل هيئة التحكيم أو بالظروف المبررة للتجريح، فإذا لم ينسحب المحكم موضوع التجريح من تلقاء نفسه بعد تجريحه، فصل رئيس المحكمة في الطلب داخل أجل عشرة أيام بقرار غير قابل للطعن فيه بأي طريقة من طرق الطعن، ولا يقبل طلب التجريح ممن سبق له أن قدم طلب تجريح المحكم نفسه في ذات التحكيم وللسبب ذاته، وإذا حكم بتجريح محكم تعتبر إجراءات التحكيم التي شارك فيها كأنها لم تكن بما في ذلك الحكم.
وحسب الفصل 7-327 من قانون المسطرة المدنية: “يتعين على المحكم الذي يعلم بوجود أحد أسباب التجريح في نفسه أن يشعر الأطراف بذلك، وفي هذه الحالة، لا يجوز له قبول مهمته إلا بعد موافقة الأطراف”.
وحسب الفصل 8-327 من نفس القانون: “إذا قدم طلب تجريح أو عزل أحد المحكمين، وجب وقف مسطرة التحكيم إلى أن يتم البت في هذا الطلب، ما عدا إذا قبل المحكم المعني بالأمر التخلي عن مهمته، ترفع الصعوبات الناتجة عن تجريح أو عزل المحكمين إلى رئيس المحكمة الذي يبت في الأمر بأمر غير قابل للطعن في إطار مسطرة حضورية”.
المطلب الثاني: بانتهاء المدة القانونية أو عزله
تنتهي ولاية أو مهام المحكم إما بانتهاء المدة القانونية المنصوص عليها في مقتضيات قانون المسطرة المدنية أو باتفاق الأطراف للجوء إلى الصلح الودي أو عزله (الفقرة الأولى)، غير أن هذا الحكم يمكن أن لا يقبله أحد الطرفين وهنا نكون أمام إمكانية الطعن فيه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: استنفاذ ولاية المحكم بعزله أو بانتهاء المدة القانونية
يمكن أن تنتهي صلاحيات المحكم إما بانتهاء المدة القانونية التي يتوجب عليه فيها إصدار حكم فاصل في النزاع (أولا)، أو بسبب عزله أو صلح الأطراف وديا بموجب اتفاق بينهما (ثانيا).
أولا: انتهاء مهام المحكم بالنظر للمدة القانونية
الأصل أنه يجب تحديد أجل للمحكمين لإصدار قرارهم في سند التحكيم حسب الفصل 20-327 من قانون المسطرة المدنية، حيث يعمد الأطراف إلى تحديد الأجل الذي يجب على المحكمين إصدار حكمهم فيه، إلا أن العبارة الأخيرة من الفصل المذكور، تفيد أنه يمكن بصفة استثنائية ألا يقع تحديد الأجل في سند التحكيم، ويترتب على ذلك أنه بعد فوات ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغ المحكمين، لم تعد لهم – المحكمين – أي صلاحية للبت في النزاع الذي عرض عليهم على أساس ذلك الاتفاق، ويحق للطرف ذي المصلحة أن يلجأ للقضاء العادي لأن التحكيم يكون في حكم المنتهي، وهذا ما أكده الفصل 312 من قانون المسطرة المدنية، ولا يترتب على عدم تحديد الأجل في سند التحكيم أي بطلان.
ثانيا: العزل أو الصلح الودي مكنتان لإنهاء ولاية المحكم
أجاز المشرع للأطراف إمكانية اللجوء للصلح الودي حتى وإن كان النزاع معروض على المحكم وبهذا الشكل تنتهي ولايته على موضوع النزاع، كما يمكن عزل المحكم إذا ما تجاوز حدود صلاحيته أو ظهرت أسباب قانونية كفقدانه الأهلية أو ارتكابه فعل يعد من قبيل الأفعال المجرمة وكان متابعا مثلا، وغيرها من الأسباب التي لا يمكن معها استمراره في التحكيم مؤداها جواز الاتفاق على عزله، غير أنه لا يجوز ذلك إلا بموافقة جميع الأطراف مع مراعاة مقتضيات الفصل 320 من قانون المسطرة المدينة، وتنتهي بالعزل المذكور مهمة المحكم بمجرد إعلامه بالأمر حسب ما جاء في الفصل 324 من ذات القانون.
والجدير بالذكر أن متى انتهت مهامه بأي سبب كان يجب أن يعين محكم عوضا عنه وفق نفس المقتضيات المشار إليها سابقا، حسب الفقرة الأولى من الفصل 325 من قانون المسطرة المدنية.
وبالرجوع للفقرة الثانية من الفصل 325 من القانون المذكور: ” … إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها بما يؤدي إلى تأخير غير مبرر لإجراءات التحكيم ولم يتنح ولم يتفق الأطراف على عزله، يجوز لرئيس المحكمة المختصة الأمر بإنهاء مهمته بناء على طلب أي من الطرفين بقرار غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن”.
الفقرة الثانية: الطعن في أحكام المحكم
يمكن، على غرار أحكام وقرارات المحاكم، الطعن في أحكام المحكم سواء إذا تعلق الأمر بالطرق العادية أو غير العادية، غير أننا سنقتصر فقط على طريقة واحدة والمتمثلة في الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي.
قبل المصادقة على القانون رقم 08.05، ونقصد لما كان هذا القانون مجرد مشروع فإنه نص في الفصل 33-327 على قابلية الأحكام التحكيمية للطعن بالبطلان طبقا للقواعد العادية أمام محكمة الاستئناف التي صدر الحكم في دائرتها.
ونفس الوضع احتفظ به بعد المصادقة عليه إذ أنه بالرجوع إلى الفصول من 36-327 إلى 38-327 من قانون المسطرة المدنية أن المشرع ذهب بعيدا في مجال إطلاق العنان لتدخل العمل القضائي وتراجع مبدأ سلطان الإرادة، ويتجلى ذلك في توسيع نطاق دعوى البطلان، خصوصا ما جاء في الفقرة 3 و6 من الفصل 36-327 من القانون ذاته، إذ أنه بالرجوع إلى الفقرة 3 من هذا الفصل فإن دعوى البطلان تجد مجالها كلما تجاوزت هيئة التحكيم حدود الاتفاق، وطبعا ليس هذا هو السبب الوحيد للقول ببطلان الحكم التحكيمي، بل هناك أسباب أخرى، إنما اقتصرنا على هذا السبب لغموضه ومساسه بجوهر العقد، الأمر الذي يفتح المجال على مصراعيه لقاضي موضوع لإعادة النظر في الاتفاق التحكيمي بتأويل آخر قد يقلب موازين الأشياء، فإذا كانت دعوى البطلان مستساغة عندما يتعلق الأمر بحالات الخروقات الشكلية كما أشار إليها المشرع في التعديل الأخير نظرا لوضوح هاته الخروقات، فإن رقابة القضاء على موضوع التحكيم سوف تلغي منظومة التحكيم ويكيف اتفاق أطرافه على أنه معلق على شرط مصادقة القضاء عليه.
وبالنتيجة، إن المشرع المغربي لم يذهب بعيدا في التعديل الأخير، بل عبر عن تذبذب رؤيته وعدم استيعاب غاية وهدف ودور منظومة التحكيم التجاري في الدورة الاقتصادية، لأننا نؤمن إلى حد بعيد أن هذا التعديل لم يستحضر الجانب الاقتصادي للتحكيم الداخلي الاختياري بما يلائم نظام العولمة الذي يقوم على المبادرة الفردية ولا يسعنا إلا القول أن لهذا التوجه تراجع خطير ويشكل ضربة قوية لمبدأ سلطان الإرادة.
ودعاوى بطلان الأحكام التحكيمية ليست هي المجال الوحيد الذي يكتنفه الغموض، بل إن مفهوم النظام العام مقارنة مع شروط عقد التحكيم سوف يوسع لا محالة من تدخل القضاء بشكل كبير، قد يسوقنا في آخر المطاف إلى تبني عقود نموذجية تتفادى القواعد التي خلقها القضاء في تحديده لمفهوم النظام العام.
وإذا كان المشرع في التعديل الأخير قد حاول التلطيف من تدخل القضاء عندما نص في الفصل 37-327 من قانون المسطرة المدنية أن محكمة الاستئناف إذا أبطلت الحكم التحكيمي لها أن تتصدى لجوهر النزاع، كما نص في الفصل 38-327 من نفس القنون على إلزامها أن تأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي ويكون قرارها نهائيا، لكن هذا التلطيف هو الآخر مفروغ منه مادام عامل الزمن هو العامل الحاسم في نزاعات التحكيم من جهة، ومن جهة أخرى يخرج التحكيم من طابعه التعاقدي ليصبح الأطراف أمام حكم قضائي[29].
خاتمة
في الأخير نؤكد أن المحكم أو المحكمين عند الإخلال بما خوله لهم القانون والاتفاق وتسبب في ضرر لأحد الطرفين يترتب عنه قيام مسؤوليتهم المدنية في شقها العقدي، مما يستوجب معه تعويض المتضرر.
هذا من جهة أما من جهة أخرى، هذا الاستعراض لسلطات المحكم تسمح لنا بتبديد الصورة المأخوذة عن التحكيم، فالمحكم يستطيع أن يمتلك الكثير من السلطات إلا أنه لا يفلت من مراقبة أطراف العقد له، فهؤلاء هم الذين يستطيعون توسيع أو تقليص سلطاته، فأطراف العقد لهم السيطرة على سلطات المحكم، فالطبيعة التعاقدية للتحكيم توضح هذه السلطات وتفرضها، ويعود لهؤلاء إذن أن يدركوا هذه السلطة التي تخولهم توسيع أو تقليص مدى سلطات المحكم.
لائحة المراجع
- شعيبي المذكوري، الاتفاق على التحكيم في قانون المسطرة المدنية، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 74، السنة غير مذكورة، ص 52.
- عبد الله درميش، اهتمام المغرب بالتحكيم، إلى أي حد؟، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 73، السنة غير مذكرة، ص 15.
- فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، الطبعة الثانية، بدون ذكر المطبعة، سنة 1981، ص 41.[1]
- محمد أمين اسماعيلي، التحكيم كآلية لحل نزاعات الشغل الفردية، مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية، العدد 31، شهر يونيو 2021، ص 338.
- محمد بقالي، المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي، مطبعة اسبارطيل، طنجة، سنة 2010، ص 20.
- محمود حسن، بجريدة الأحداث المغربية، ليوم 30 مارس 2001. ص 8.
- نجاة مسعودي، القيود الواردة على الحكم التحكيمي، المجلة المغربية للتحكيم العربي والدولي، عدد مزدوج 3 و4، سنة 2017، ص 191 وما بعدها.
- يوسف المخلوفي، الموانع القانونية لإصدار الأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي وموقع النظام العام – دراسة في ضوء الاجتهاد القضائي المغربي والمقارن، مقال بمجلة القانون والأعمال الدولية، العدد 23، غشت 2019، ص 225.
- مقال بعنوان أنواع أحكام التحكيم، متاح بالموقع الالكتروني الآتي:
تاريخ الإطلاع 22 يونيو 2020 على الساعة 01:23.
[1] الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية: “يراد بالتحكيم حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم”.
[2] ظهير شريف بمثابة قانون 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974)، ص 2741.
[3] الفصل 312 من قانون المسطرة المدنية: “يراد في هذا الباب بما يلي:1 – “الهيئة التحكيمية” المحكم المنفرد أو مجموعة محكمين؛ 2 – “نظام التحكيم” كل نص يحدد مسطرة معينة يجب اتباعها في مادة التحكيم، 3 – “رئيس المحكمة” رئيس المحكمة التجارية ما لم يرد خلاف ذلك”.
[4] ظهير شريف رقم 1.07.169 بتاريخ 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر2007) الصادر بتنفيذ القانون رقم 08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 ذو القعدة 1428 (6 ديسمبر 2007)، ص 3894.
[5] نشير إلى أننا لا نقصد المحكم كفرد واحد، وإنما كهيئة قد تتكون من فرد أو أكثر كما سيأتي معنا لاحقا.
[6] إدريس العلوي العبدلاوي، شرح القانون المدني – النظرية العامة للالتزام نظرية العقد، الطبعة الأولى، الجزء الثاني، سنة 1996، ص 228. أورده يوسف المخلوفي، الموانع القانونية لإصدار الأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي وموقع النظام العام – دراسة في ضوء الاجتهاد القضائي المغربي والمقارن، مقال بمجلة القانون والأعمال الدولية، العدد 23، غشت 2019، ص 225.
[7] الفصل 314 من قانون المسطرة المدنية: “عقد التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشأ بينهم بعرض هذا النزاع على هيئة تحكيمية. يمكن إبرام العقد المذكور ولو خلال دعوى جارية أمام المحكمة. إذا تم الاتفاق على التحكيم أثناء نظر النزاع من قبل المحكمة، فعلى المحكمة أن تقرر إحالة الأطراف على التحكيم. ويعد هذا القرار بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب”.
[8] الفصل 316 من القانون المسطرة المدنية: ” شرط التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور”.
[9] محمد رافع، اتفاق التحكيم في ظل القانون المغربي والاتفاقيات الدولية، مجلة المحاكم المغربية، نونبر – دجنبر 2008، العدد 117، ص: 39 وما بعدها. أورده محمد أمين اسماعيلي، التحكيم كآلية لحل نزاعات الشغل الفردية، مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية، العدد 31، شهر يونيو 2021، ص 338.
[10] عبد الله درميش، اهتمام المغرب بالتحكيم، إلى أي حد؟، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 73، السنة غير مذكرة، ص 15.
[11] فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، الطبعة الثانية، بدون ذكر المطبعة، سنة 1981، ص 41.
[12] الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية: ” اتفاق التحكيم هو التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقة قانونية معينة، تعاقدية أو غير تعاقدية. يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم”.
[13] شعيبي المذكوري، الاتفاق على التحكيم في قانون المسطرة المدنية، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 74، السنة غير مذكورة، ص 52.
[14] “….. وإن المستأنف عليه بسلوكه مسطرة التحكيم، يكون قد استجاب لإرادة البنك عبر قبوله الصريح بما جاء في المطبوع…مع أن المطبوع المعتمد من القرار (المطعون فيه) ذو طابع عام وغير موقع عليه من الطرفين، ولا يصمد في الإثبات أمام العقد الخاص، المؤرخ في 22/01/1980 المبرم بين الطالب والمطلوب وغير المنازع فيه، المعتبر شريعة المتعاقدين والذي أسند الاختصاص فيما ينشب بين طرفيه لمحاكم الدار البيضاء، ولم تتحدث مقتضياته على التحكيم، وهي بمنحاها تكون قد… بنت قرارها على أساس غير سليم وعرضته للنقض”. قرار المجلس الأعلى (الغرفة التجارية، القسم الأول) رقم 7968 بتاريخ 30/12/1998 في الملف التجاري، عدد 2064/1/4/96، منشور مع تعليق للأستاذ محمود حسن، بجريدة الأحداث المغربية، ليوم 30 مارس 2001. ص 8.
تم إحداث المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) وتعين مقره بموجب الظهير الشريف رقم 1.57.223 بتاريخ 2 ربيع الأول 1377 (27 شتنبر 1957) بشأن المجلس الأعلى، ج.ر عدد 2347 بتاريخ 23 ربيع الأول 1377 (18 أكتوبر 1957)، ص 2245 كما تم تغيره و تتميمه، إلى أن تم تغيير هذه التسمية بمقتضى القانون رقم 58.11 المتعلق بمحكمة النقض الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.170 بتاريخ 27 من ذي القعدة 1432 (25 أكتوبر 2011)، ج.ر عدد 5989 مكرر الصادرة بتاريخ 28 ذو القعدة 1432 (26 أكتوبر 2011)، ص 5228.
[15] الفصل 320 من القانون المسطرة المدنية: “لا يمكن إسناد مهمة المحكم إلا إلى شخص ذاتي كامل الأهلية لم يسبق أن صدر عليه حكم نهائي بالإدانة من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفات الاستقامة أو الآداب العامة أو بالحرمان من أهلية ممارسة التجارة أو حق من حقوقه المدنية، وإذا عين في الاتفاق شخص معنوي، فإن هذا الشخص لا يتمتع سوى بصلاحية تنظيم التحكيم وضمان حسن سيره”.
[16] قانون رقم 53.95 يقضي بإحداث محاكم تجارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.65 صادر في 4 شوال 1417 (12 فبراير 1997)، الجريدة الرسمية عدد 4482 بتاريخ 8 محرم 1418 (15ماي1997)، ص1141.
المادة 5 من القانون المحدث للمحاكم التجارية: “تختص المحاكم التجارية بالنظر في:
1- الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية؛
2- الدعاوى التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية؛
3- الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية؛
4- النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية؛
5- النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية.
وتستثنى من اختصاص المحاكم التجارية قضايا حوادث السير.
يمكن الاتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر…………”.
[17] تنص أحكام الفقرة الرابعة من المادة 5 من القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث محاكم تجارية، كما تم تغييرها بمقتضى المادة الثالثة من القانون رقم 08.05، سالف الذكر، على أنه:”… يجوز للأطراف الاتفاق على عرض النزاعات المبينة أعلاه على مسطرة التحكيم والوساطة وفق أحكام الفصول من 306 إلى 70-327 من قانون المسطرة المدنية”.
[18] غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها، يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق قانون جبائي.
[19] كما قلنا، أن المحكم يمكن له الفصل في جميع الدعوى التي يمكن أن تيبت فيها المحاكم التجارية، ونفس الشيء بالنسبة للاستثناء، حيث ما استثناه المشرع في إطار اختصاصات المحكمة التجارية يستثنى الفصل فيه من طرف هيئة التحكيم.
[20] محمد بقالي، المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي، مطبعة اسبارطيل، طنجة، سنة 2010، ص 20.
[21] محمد بقالي، مرجع سابق، ص 20.
[22] محمد بقالي، مرجع سابق، ص 22.
[23] محمد بقالي، مرجع سابق، ص 22.
[24] محمد بقالي، مرجع سابق، ص 23.
[25] ف 326 من قانون المسطرة المدنية: “يلزم المحكمون بكتمان السر المهني طبقا لما هو منصوص عليه في القانوني الجنائي”.
[26] مقال بعنوان أنواع أحكام التحكيم، متاح بالموقع الالكتروني الآتي:
تاريخ الإطلاع 22 يونيو 2020 على الساعة 01:23.
[27] ف 26-327 من قانون المسطرة المدنية: “يكتسب الحكم التحكيمي بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه. غير أن الحكم التحكيمي لا يكتسب حجية الشيء المقضي به، عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه، إلا بناء على أمر بتخويل صيغة التنفيذ. وفي هذه الحالة، يطلب تخويل صيغة التنفيذ من قبل الطرف الأكثر استعجالا أمام القاضي المختص تطبيقا للفصل 310 أعلاه حسب المسطرة المنصوص عليها في الفصل 31-327 بعده وبالآثار المشار إليها في الفصل 32-327 وما يليه، تطبق القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام على الأحكام التحكيمية التي لا يطالب في شأنها بصيغة التنفيذ”.
[28] ف 27-327 من قانون المسطرة المدنية: “تسلم هيئة التحكيم إلى كل من الطرفين نسخة من حكم التحكيم خلال أجل سبعة أيام من تاريخ صدوره. ولا يجوز نشر حكم التحكيم أو نشر أجزاء منه إلا بموافقة طرفي التحكيم”.
[29] نجاة مسعودي، القيود الواردة على الحكم التحكيمي، المجلة المغربية للتحكيم العربي والدولي، عدد مزدوج 3 و4، سنة 2017، ص 191 وما بعدها.