استقلالية الانحراف بالسلطة عن التعسف في استعمال الحق بين القانونين المدني والإداري
الدكتور مصطفى موسى العجارمة - الدكتور أيمن يوسف الرفوع - الدكتور أحمد إبراهيم بلل
استقلالية الانحراف بالسلطة عن التعسف في استعمال الحق بين القانونين المدني والإداري
The Autonomy of Abuse of Power from the Abuse of Rights Between Administrative and Civil Law
الدكتور مصطفى موسى العجارمة
أستاذ مساعد، جامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، عمان/الأردن
الدكتور أيمن يوسف الرفوع
أستاذ مشارك، جامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، عمان/الأردن
الدكتور أحمد إبراهيم بلل
أستاذ مساعد، جامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، عمان/الأردن
رابط DOI
https://doi.org/10.63585/UZNI1464
الملخص:
يتناول هذا البحث استقلالية نظرية الانحراف بالسلطة عن النظريات القانونية المشابهة، مع التركيز على علاقتها بنظرية التعسف في استعمال الحق في القانون الخاص. يوضح البحث أن الانحراف بالسلطة يُعد أحد أخطر العيوب التي تصيب القرارات الإدارية، حيث يستخدم رجل الإدارة سلطاته لأغراض غير مشروعة؛ كما يستعرض البحث أوجه التشابه والاختلاف بين النظريتين، من حيث المفهوم، والمعيار المستخدم للتمييز بينهما، والجزاء القانوني المترتب عليهما؛ وخلص البحث إلى أن الانحراف بالسلطة يركز على القرارات الإدارية ويُنظر إليه بمعيار موضوعي، في حين أن التعسف في استعمال الحق يتعلق بالأفعال المدنية ويعتمد أحيانًا على معيار شخصي. تقدم الدراسة رؤية معمقة حول كيفية تفاعل هاتين النظريتين في الفقه القانوني والقضاء، مع تحليل تطبيقاتهما في النظام القانوني الأردني.
الكلمات المفتاحية: الانحراف بالسلطة، التعسف في استعمال الحق، القانون الإداري، القانون المدني، الرقابة القضائية.
Abstract:
This Research Paper examines the autonomy of the abuse of power theory from similar legal theories, particularly its relationship with the theory of abuse of rights in private law. The research highlights that abuse of power is one of the most serious defects in administrative decisions, where an official misuses their discretionary authority for unlawful purposes. It explores the similarities and differences between both theories in terms of concept, distinguishing criteria, and legal consequences. The study concludes that abuse of power is primarily concerned with administrative decisions and assessed through an objective criterion, whereas abuse of rights pertains to civil actions and sometimes relies on a subjective standard. This research provides an in-depth analysis of the interaction between these theories in legal jurisprudence and their application in Jordanian law.
Keywords: Abuse of Power, Abuse of Rights, Administrative Law, Civil Law, Judicial Review.
مقدمة
يُعد مبدأ سيادة القانون من الركائز الأساسية التي يقوم عليها النظام القانوني في الدولة الحديثة، حيث يهدف إلى ضمان التوازن بين السلطات ومنع أي تجاوز أو تعسف في استعمال الصلاحيات المخولة قانونًا. وفي هذا الإطار، برزت العديد من النظريات القانونية التي تهدف إلى ضبط أداء السلطة التنفيذية، ومن أهمها نظرية الانحراف بالسلطة، التي تعد أحد الضمانات الأساسية لحماية الأفراد من تعسف الإدارة. فالقاعدة العامة تقتضي أن تمارس الإدارة سلطاتها وفقًا للهدف الذي حدده المشرع، غير أن الواقع العملي يكشف عن حالات يتم فيها استغلال هذه السلطات لتحقيق أغراض شخصية أو غير مشروعة، مما يؤدي إلى الإضرار بالمصلحة العامة وحقوق الأفراد.
وبالتوازي مع ذلك، ظهر في القانون الخاص مفهوم التعسف في استعمال الحق، الذي يهدف إلى وضع قيود على ممارسة الحقوق المدنية والتجارية، بحيث لا يُسمح لصاحب الحق بإساءة استخدامه على نحو يضر بالغير دون مبرر مشروع. وقد أثار التشابه بين هذين المفهومين تساؤلات فقهية حول مدى ارتباطهما ببعضهما البعض، وما إذا كانا يُعبّران عن مبدأ قانوني واحد بصيغتين مختلفتين، أم أن لكل منهما نطاقًا متميزًا وأساسًا قانونيًا خاصًا به.
إن نظرية التعسف في استعمال السلطة كانت وما تزال من أدق نظريات القانون العام على تعددها، إن لم تكن أدقها جميعاً، إذ ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأصول القانون الإداري الحديث الذي يقوم على مبدأ المشروعية وضمان عدم انحراف الإدارة عن تحقيق الصالح العام. وتتمتع هذه النظرية بمكانة مركزية بين نظريات القانون الإداري، حيث تتيح للقاضي توسيع رقابته على تصرفات الإدارة، ليس فقط من حيث مشروعيتها الشكلية، وإنما أيضًا من حيث دوافع متخذ القرار الإداري ونياته. فالتعسف في استعمال السلطة يعد من أخطر العيوب التي تشوب القرار الإداري، حيث قد تستتر الإدارة وراء مظهر الشرعية لارتكاب مخالفات قانونية قد تلحق ضررًا جسيمًا بالأفراد والحقوق العامة.
وتزداد أهمية هذا البحث في ظل التطورات الحديثة في مجال القانون الإداري، حيث أصبح من الضروري التمييز بين نظرية التعسف في استعمال السلطة والنظريات القانونية المشابهة، وأبرزها نظرية التعسف في استعمال الحق في القانون الخاص. وعلى الرغم من أن كلا النظريتين تهدفان إلى منع إساءة استخدام الصلاحيات الممنوحة قانونًا، إلا أن لكل منهما مجال تطبيق مختلف ومعايير تمييز خاصة بها. لذا، يسعى هذا البحث إلى تحليل أوجه التشابه والاختلاف بين النظريتين، وتوضيح مدى استقلالية نظرية الانحراف بالسلطة عن غيرها من النظريات المشابهة.
وتتمتع هذه النظرية بين نظريات القانون الإداري الحديثة على تعددها بمركز ممتاز فهي لا تتيح للقاضي أن يخضع الأغراض التي تتوخاها الإدارة إلى رقابته فحسب، بل إنها تتيح له أن يمد هذه الرقابة إلى ما يدور في نفس رجل الإدارة من بواعث وما يجيش في صدره من دوافع وهو يتخذ قراره. والتعسف في استعمال السلطة هو من أخطر العيوب التي تلحق بالعمل الإداري. ففي ثوب من الشرعية ترتكب الإدارة ما شاء لها الهوى من المخالفات القانونية. وإذا كان الظلم بغيضاً عامة، فإن أبغضه ما أُلبس ثوب العدالة ([1]).
وإلى هنا يثار التساؤل حول مدى استقلالية نظرية الانحراف بالسلطة عن نظرية التعسف في استعمال الحق، خاصة في ظل التشابه الظاهري بينهما. فبينما تُعد نظرية الانحراف بالسلطة من العيوب التي تصيب القرار الإداري، فإن نظرية التعسف في استعمال الحق ترتبط باستخدام الحقوق المدنية بطريقة غير مشروعة. ومع ذلك، فإن القضاء في بعض الحالات قد يواجه صعوبة في تحديد الإطار القانوني المناسب عند نظر النزاعات ذات الصلة. ومن هنا، يسعى هذا البحث إلى الإجابة عن الإشكالية الآتية: هل يمثل الانحراف بالسلطة صورة من صور التعسف في استعمال الحق، أم أن لكل منهما نطاقًا قانونيًا مستقلًا؟ وكيف يمكن تحديد معيار واضح للتمييز بينهما في التطبيقات الفقهية والقضائية؟
لذلك ارتأينا في هذا البحث أن نستعرض عن موقع هذه النظرية من النظريات المشابهة لها، ومدى استقلاليتها عنها، ولقد استرعى انتباه الباحثين من بين هذه النظريات المشابهة نظرية التعسف في استعمال الحق في القانون الخاص، فكان لزاماً عليّنا قبل أن ننهي الفقرة الاولى أن نتعرض للشبه القوي بين نظرية الانحراف في القانون العام ونظرية التعسف في استعمال الحق في القانون الخاص.
وقد استرعى انتباه الباحثين التشابه القوي بين نظرية الانحراف بالسلطة في القانون العام ونظرية التعسف في استعمال الحق في القانون الخاص، وهو ما دفع فقهاء القانون العام وفقهاء القانون الخاص إلى إيلاء أهمية خاصة لدراسة هذه الرابطة المتينة بينهما؛ من هذا المنطلق، يسعى هذا البحث إلى تسليط الضوء على هذه العلاقة، حتى يتسنى للقارئ الكريم الوقوف على معيار ومجال التفرقة بين هاتين النظريتين.
ولتحقيق ذلك، سيتم تقسيم البحث إلى محورين رئيسيين: الأول يتناول المفهوم العام لكل من نظريتي الانحراف بالسلطة والتعسف في استعمال الحق، والثاني يعرض أوجه التقارب والاختلاف بينهما من حيث الأساس القانوني والمعيار المستخدم لتحديد وجود التعسف أو الانحراف، بالإضافة إلى الجزاء القانوني المترتب على كل منهما؛ ويهدف هذا التحليل إلى تقديم رؤية واضحة تسهم في تطوير الفقه القانوني وتدعيم دور القضاء في مواجهة إساءة استخدام السلطة، بما يعزز مبدأ سيادة القانون وحماية الحقوق.
الفقرة الأولى: الانحراف بالسلطة ونظرية التعسف في استعمال الحق
تعد نظرية الانحراف بالسلطة من المبادئ الأساسية في القانون الإداري، إذ تُعنى برقابة مشروعية تصرفات الإدارة وضمان عدم استخدامها سلطاتها لتحقيق أهداف غير مشروعة. وبالمقابل، تحتل نظرية التعسف في استعمال الحق مكانة بارزة في القانون الخاص، حيث تحدد الضوابط التي تمنع الأفراد من إساءة استخدام حقوقهم بطريقة تلحق الضرر بالغير. وعلى الرغم من الاختلافات الجوهرية بين المجالين، فإن هناك تشابهًا واضحًا بين النظريتين، مما دفع الفقه القانوني إلى دراستهما في سياق مقارن، لبيان أوجه الاتفاق والاختلاف بينهما من حيث المفهوم، والأساس القانوني، ومعايير التمييز، وآثار كل منهما في نطاقي القانون العام والخاص.
أولاً: مفهوم نظرية التعسف في استعمال السلطة
يعرف التعسف في استعمال السلطة بأنه: “استعمال رجل الإدارة سلطته التقديرية لتحقيق أغراض غير معترف بها”، ومن هذا التعريف يتبين لنا بأن التعسف في استعمال السلطة يتحقق عندما يستخدم رجل الإدارة ما له من صلاحيات وسلطات لتحقيق أغراض غير معترف له بها ومجانبة المصلحة العامة، ومخالفة القانون فرجل الإدارة عند استخدام سلطته التقديرية، واستعمال سلطاته من أجل تحقيق أغراض غير مشروعة، أو قد تلحق الضرر بالغير، فعندها يصبح عمله هذا تعسفياً ويصبح هذا التصرف مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة مما يجوز الطعن به أمام القضاء.
ويُعرَّف هذا العيب كذلك بأنه: “استخدام الإدارة لسلطاتها لغير الغرض الذي وضعه المشرع لها”([2]).
وعرَّفه الأستاذ “فالين” بأنه: “استعمال الإدارة سلطتها لتحقيق أغراض غير التي يحددها المشرع لهذه السلطات”([3]).
ويعرِّفه “دي لوبادير” بالقول: “يعتبر تعسفاً في السلطة عندما تستخدم أية سلطة إدارة نفوذها، لتنفيذ أمر غير الذي يجب أن ينفذ قانوناً وذلك من أجل مصلحة خاصة”([4]).
ثانياً: مفهوم التعسف في استعمال الحق في القانون المدني
قبل تعريف التعسف في استعمال الحق لابد من تعريف الحق، حيث يعرَّف الحق بأنه: “مكنة قانونية محددة تحقق مصلحة ذاتية مباشرة، فالغاية من الحق والمكنة التي ينطوي عليها هي تحقيق مصلحة ذاتية مباشرة لها قيمة اجتماعية، فالحق لا يتقرر ولا يجوز استعماله إلا تحقيقاً لهذه الغاية، ولهذا فإن استعمال الحق لا يكون مطلقاً متروكاً لمحض تقدير صاحبه، وإنما يتقيد استعمال الحق في النطاق المحدد له بعدم الانحراف عن الغاية التي تقرر من أجلها”([5]).
ومن المعلوم أن لكل حق مضمون يتمثل في السلطات التي يمنحها لصاحبه، فمضمون حق الملكية مثلاً، هو ما يمنحه للمالك من سلطات الاستعمال والاستغلال والتصرف، فإذا تجاوز صاحب الحق وهو يستعمل حقه مضمون هذا الحق فهو يكون خرج عن حدود حقه ويعتبر مخطئاً، ومما لا شك فيه أن مجاوزة الحق أو الخروج عليه يعتبر خطأ يـوجـب مسئولية من ارتكبه إذا ما أضر بالغير وقامت بين الخطأ وذاك الضرر علاقة سببية”([6]).
وقد عرَّفه الدكتور أحمد فهمي أبو سنه بأنه: “استعمال الإنسان لحقه على وجه غير مشروع”، وعرَّفه أيضاً بتعريف آخر: “تصرف الإنسان في حقه تصرفاً غير معتاد شرعاً”([7]).
ومن هنا فالتعسف في استعمال الحق يفترض وجود فعل يدخل في حدود مضمون الحق فيكون مشروعاً في ذاته؛ لأنه سلطة من السلطات التي يخولها الحق لصاحبه ولكنه ينقلب معيباً أو غير مشروع للانحراف في غرضه أو نتيجته”([8]).
ويرى جانب من الفقه([9])، أن الحق وسيلة لتحقيق الغاية، وأن هذه الوسيلة عندما نتعرض لها بالتحليل تفترض “صلة أو رابطة قانونية” هذه الرابطة يمكن قيامها بين الفرد وآخر وبين الفرد والشيء، والنوع الأول من الروابط هو روابط اقتضاء، والثاني روابط تسلط.
أمـا نظريـة التعسف في استعمال الحق فقد عرَّفها المشرع المصري في نص المادة (5) من القانون المدني المصري رقم131 سنة1948، حيث نصت المادة على: “يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية:
- إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير.
- إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة.
وكذلك عرَّفها المشرع الأردني حيث نص في المادة (66) من القانون المدني الأردني رقم (43) لسنة 1976 على أنه: 1- يجب الضمان على من استعمل حقه استعمالاً غير مشروع. 2- ويكون استعمال الحق غير مشروع:
- إذا توافر قصد التعدي.
- إذا كانت المصلحة المرجوة من الفعل غير مشروعة.
- إذا كانت المنفعة منه لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر.
- إذا تجاوز ما جرى عليه العرف والعادة([10]).
والحق إن محدث الضرر إذ يستعمل حقه لا يفيد من وجود هذا الحق باعتباره سبباً من أسباب التسويغ على نحو مطلق؛ ذلك لأن مسئوليته تتحقق إذا ما ألحق ضراراً بالغير نتيجة إساءته استعمال هذا الحق([11]).
ومن هنا فإن التعسف في استعمال الحق هو: “استعمال الشخص حقه بوجه غير مشروع انحرف به عن الغرض منه أو عن وظيفته الاجتماعي، وبوجه خاص إذا كانت المصلحة التي تترتب عنه غير مشروعة أو إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصلحة التي تترتب عنه لا تتناسب البتة مع الضرر الملحق بالغير، إذا كان من شأنه أن يلحق بالغير ضرراً فاحشاً غير مألوف”.
الفقرة الثانية: أوجه التقارب والاختلاف بين النظريتين
نتحدث في هذا البند عن الرابطة القوية التي تجمع هاتين النظريتين من ناحية ثم نقارن بينهما من حيث المجال والمعيار والجزاء على النحو الآتي:
أولاً: التشابه بين النظريتين
لقد كان للتشابه الكبير والترابط المتين بين هاتين النظريتين ودورهما في النظم القانونية الدور البارز الذي لفت انتباه فقهاء القانون العام والقانون الخاص على السواء.
ويتحدث الدكتور سليمان الطماوي([12]) عن أهم العلماء الذين تحدثوا عن هذه الرابطة، فنرى العلامة “جوسران” أوفى من كتب عن نظرية التعسف في استعمال الحق وأشد أنصارها تحمساً يصور لنا الرابطة التي تجمع بين النظريتين في أسلوب أخاذ، فيقول: “إن الرابطة بين نظرية التعسف في القانون الخاص، والانحراف في القانون العام، تفرض نفسها بنفسها، فما كانا إلا فرعين وارفين لأصل مشترك، وصدى لفكرة واحدة تتلخص في أن امتيازاتنا سواء أكان مردها إلى القانون الخاص أو العام وسواء تعلقت بأشخاصنا أم بوظائفنا، ذات قيمة اجتماعية، الذي يختلف حتماً باختلاف البلاد والروابط القانونية، ولكنه موجود دائماً في كل مكان لأنه روح حقوقنا وبدونه تفقد سبب قيامها وكل ما يبررها”.
كما أن العميد “هوريو” قد أشار بدوره إلى تلك العلاقة في تعليقه على حكم مجلس الدولة الصادر بتاريخ 27 فبراير سنة 1903، حيث يقول: “إن أساس النظريتين واحد (نظرية التعسف والانحراف)، وهو أن العضو لم يراع المسلك الذي يجب عليه سواء في استعمال حقوقه أو وظائفه”.
ويتحدث الفقيه “هوريو” بأن هذا كله ليس غريباً فالنظريتان تصدران من أصل واحد، بل إن إحداهما أُستحدثت عن الأخرى، وهكذا يرى هذا الفقيه أن نظرية التعسف قد استحدث على الأقل في جزء منها من نظرية الانحراف الإدارية.
أما العلامة “جوسران” فيؤكد العكس قائلاً أن نظرية الانحراف إن هي إلا: “غصن تفرع عن نظرية التعسف المدنية”، وأن الأولى هي تطبيق الثانية على الوظائف الإدارية.
ويرى الدكتور الطماوي أنه إذا كان الفقهاء في فرنسا قد اختلفوا على مصدر كل من النظريتين فإن ذلك لا محل له في مصر؛ حيث أن القضاء في مصر يعتبر الإدارة منحرفة إذا ما استعملت سلطاتها استعمالاً تعسفياً، وبمعنى آخر أن نظرية الانحراف في مصر هي وليدة نظرية التعسف.
كما أن هذا الاختلاف الفقهي لا وجود له في الأردن؛ حيث لم أجد أي من الفقه قد تحدث عن هذا الاختلاف – على الرغم من قلة من تحدثوا – وعلى ذلك سار القضاء الإداري الأردني على ذات النهج الذي خطه القضاء المصري.
ولكن ما يهمنا هنا ليس الخلاف على أصل النظريتين، وكل ما يهمنا هنا حقيقة واضحة ساطعة، أن هناك نظريتان شقيقتان، تستقلان وتتميزان في الشخصية والوسائل التي يتحقق بها كل منها، وهذه الحقيقة ثابتة في القانون الفرنسي والمصري والأردني، على الرغم من أن كلا النظريتين خلقا من دم واحد ويعبران عن فكرة واحدة، كما سبق الحديث.
ثانياً: مقارنة بين النظريتين
إن مقارنة النظريتين تستلزم توضيح خصائص نظرية التعسف حتى يكون هذا العمل مثمراً وذلك للحيلولة دون إثارة الشكوك في سلامة فكرة التعسف في ذاتها، حيث استقرت هذه النظرية أي نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه والقضاء في كل من فرنسا ومصر والأردن، كما أنها حظيت بتأييد المشرع في القانون المدني المصري([13]) والأردني([14]).
إن أحد أبرز الفروقات الجوهرية بين النظريتين هو معيار القصد والنية. ففي نظرية الانحراف بالسلطة، تُعتبر نية رجل الإدارة غير ذات أهمية كبيرة، بل يكفي أن يكون القرار قد صدر لتحقيق غرض غير مشروع حتى لو لم تكن هناك نية سيئة. أما في التعسف في استعمال الحق، فإن القصد الشخصي لصاحب الحق يلعب دورًا جوهريًا، حيث يعتمد إثبات التعسف على ما إذا كان الهدف الأساسي من ممارسة الحق هو الإضرار بالغير[15]؛ كما أن الرقابة القضائية على الانحراف بالسلطة تعتمد غالبًا على معايير موضوعية، بينما في التعسف قد يلجأ القاضي إلى فحص نية صاحب الحق من خلال قرائن متعددة.
ولهذا ستتم المقارنة بين هاتين النظريتين في مجالهما ومعايير تمييزهما والجزاء المترتب على قيامهما.
- مجال النظريتين:
أن مجال نظرية التعسف في استعمال السلطة هي السلطة التقديرية للإدارة، فحينما منح القانون رجل الإدارة حرية التصرف في أمر من الأمور، كان له أن يتخذ في هذا الصدد ما يشاء من قرارات بغير معقب من القضاء الإداري ما لم يثبت أنه قد انحرف في استعمال تلك السلطات عن مسارها الحقيقي وعن مراميها، وسعى بها إلى تحقيق أغراض غير مشروعة أو على الأقل غير معترف له بها، فمن هنا فإن مجال هذه النظرية في القانون العام هي فكرة الاختصاص وتقسيمه إلى نوعين، اختصاص مقيد واختصاص تقديري وربط فكرة التعسف في استعمال السلطة أو الانحراف بهذه السلطة أو الاختصاصات التقديرية، وعلى ذلك فإن مجال هذه النظرية في القانون الإداري من السهل التعرف عليه([16]).
أما فيما يتعلق بمجال نظرية التعسف في استعمال الحق، فإنه لا يمكننا أن نحدد مجال التعسف في القانون المدني بنفس الطريقة السابقة، وذلك لأن التعسف في استعمال السلطة يقوم على تقسيم السلطات إلى سلطة محددة وسلطة تقديرية حيث أن هذا التقسيم لا يوجد في القانون المدني؛ وذلك لأن استعمال الأفراد لحقوقهم لم يخضع بعد، ولا يمكن إخضاعه إلى نفس القيود التي يخضع إليها رجل الإدارة العامة وهو يستعمل صلاحياته وسلطاته.
وعلى الرغم من تعدد الأعمال التي تصدر من الأفراد، وهم يستعملون حقوقهم أو يقصدون استعمالها فقد ردها الفقه إلى ثلاثة أعمال:
- الأعمال غير المشروعة: وهي الأعمال التي يقوم بها الأفراد دون استناد إلى أي حق معلوم، وكذلك الحالات التي يخرج فيها صاحب الحق عن الحدود المادية لحقه.
- الأعمال التعسفية: حيث أن الفرد الذي ينسب إليه العمل التعسفي هو صاحب حق، ويستعمل حقه.
- يفرق “جوسران” بين العمل التعسفي وبين العمل الزائد عن المعقول، ففي الحالتين نكون أمام صاحب حق يستعمل حقه، غير أن صاحب الحق في الحالة الثانية يكون في استعماله لحقه صادراً من مقاصد مشروعة، ومتخذاً كل الوسائل اللازمة حتى لا يضار به الغير لكن الضرر يتحقق رغماً عنه.
لذلك فإن مجال نظرية التعسف في استعمال الحق أوسع بكثير من نظرية التعسف بالقانون العام، وذلك لأنه لا يمكن إثارته إلا بالنسبة للسلطات التقديرية، ومجاله أصبح ضيقاً ونخرج من ذلك بأن مجال الانحراف هو الجانب التقديري من سلطات الإدارة، وهو آخذ في الضيق، أما مجال التعسف فهو جميع الحقوق الخاصة إلا تلك الطائفة التي يستثنيها القضاء([17]).
- معيار النظريتين:
إن تعريف استعمال السلطة يكشف عن معيارها فهي كما قلنا استعمال رجل الإدارة سلطته التقديرية لتحقيق غرض غير معترف له به، فالمعيار هنا ذو صبغة موضوعية إذ في كل مرة تسيء الإدارة وتنحرف عن الهدف المشروع، ولو كان ذلك عن حسن نية ولغرض نبيل في ذاته، يعد قرارها معيباً، وفي حقيقة الأمر أن القاضي لا يهمل الدوافع الشخصية التي تغري الإدارة باتخاذ قرارها، ولكن ذلك كما قدمنا يكون في مجال تلمس الدليل على الإساءة في استعمال السلطة الذي يتميز في نهاية الأمر بصفة موضوعية([18]).
أما معيار التعسف في استعمال الحق، فلقد قام خلاف بين الفقهاء، ففريق ينادي بمعيار شخصي والبعض الآخر يؤثر عليه معياراً موضوعياً.
ومن غير أن نتطرق للتفاصيل الواسعة في هذا الموضوع، يمكن أن نلخص المعايير فيما يلي:
- المعيار الشخصي:
يقوم هذا المعيار أصلاً على قصد الإضرار الذي يكون الدافع الأساسي لصاحب الحق على استعمال حقه، ويعتبر الغش والتدليس الذي يرتكبه صاحب الحق مكملاً لذلك الأصل المتقدم، ونلاحظ أن هذا المعيار يقوم على البواعث والنيات.
ويعد هذا المعيار من أقدم المعايير التي قدمها فقهاء القانون، وهو ذو صلة وثيقة بأصل النظرية، وإليه تشير المحاكم كثيراً في فرنسا ومصر والأردن، كما أن القانون المدني المصري جعله أول حالة من حالات التعسف في استعمال الحق([19])، ولقد نهج المشرع الأردني نفس النهج المصري حيث جعله أول حالة من حالات التعسف في استعمال الحق([20])، وعلى أية حال فإن جميع الفقهاء متفقون على أن من استعمل حقه بقصد الإضرار بالغير يكون متعسفاً، ولما كانت هذه الحالة من حالات التعسف نادرة، فقد حاول أنصار هذا المعيار أن يوسعوا قليلاً من مداه، فألحقوا بالحالة السابقة حالة الغش والتدليس الصادرين من صاحب الحق وهو يستعمل حقه فيما يتعلق بنية الإضرار كمعيار للتعسف إنه لا يشترط أن تكون هذا النية هي الدافع الوحيد للعمل الضار، بل يكفي إذا اختلطت هذه النية بدوافع أخرى أن تكون هي الدافع الأكبر والدافع الرئيسي لصاحب الحق عند مباشرة حقه([21]).
ولكن يرى جانب من الفقه بأن هذا المعيار قاصراً عن أن يتناول جميع حالات إساءة استعمال الحق التي تحدث في العمل خاصة في الحالة التي قرر بها الفقه والقضاء صفة التعسف وهي الحالات التي يستعمل فيها المالك حقه وهو خالٍ تماماً من كل نية لإلحاق ضرر بالغير، وبدون أن يشوب استعماله غش أو تدليس، ذلك أن الأساس الذي يستند إليه المعيار الشخصي يقوم على فكرة الاقتصاد الحر وسلطان الإرادة، ولكنه لم يعد يتماشى مع مذاهب الاقتصاد الموجه التي جعلت الدولة تتدخل في كثير من الميادين والتي غيرت كثيراً من مدلولات الحقوق الخاصة فضلاً عن أن المعايير التي تقوم على القصد والنية هي معايير دقيقة يصعب إثباتها لاتصالها بخفايا وبواعث مستعمل الحقوق([22]).
ويضيف اتجاه آخر أنه بالإضافة إلى صعوبة إثبات المعيار الشخصي؛ لما يتسم به من غموض، فإنه ينطوي أيضاً على خطورة كبيرة، لهذا كان الفقه والقضاء يميلان إلى استبعاد العناصر النفسية في المسئولية التقصيرية، بل وخارج نطاق المسئولية التقصيرية([23]).
- المعيار الموضوعي:
من أجل ما تقدم فلقد حاول الفقه جرياً وراء البحث عن عناصر موضوعية وضع معيار موضوعي لا يقف عند حد البحث عن إرادة صاحب الحق، وإنما تتعدى ذلك بالبحث عن نتائج العمل وثمرة هذا الاستعمال؛ ومرد ذلك أن الحقوق ليست بغاية في ذاتها، وإنما هي وسائل لتحقيق المصالح، وقد تكون هذه الحقوق خاصة لصاحب الحق أو للغير، إلا أن ذلك يجب أن يكون في حدود الغرض العام وهو مصلحة الجماعة كلها.
ولقد انقسم أصحاب هذا المعيار عند تحديد ماهيته بين معيارين مختلفين:
1- المعيار الاقتصادي أو انعدام المصلحة المشروعة
ويقصد بهذا المعيار عدم مشروعية المصلحة المرجوة من الفعل، أي المصلحة التي يرمي صاحب الحق إلى تحقيقها، وهو معيار موضوعي لأنه ليس من السلوك المألوف للشخص العادي أن يستهدف من استعمال حقه مصلحة غير مشروعة، والمصلحة لا تكون غير مشروعة إذا كان تحقيقها يخالف حكماً من أحكام القانون فحسب، إنما يتصل بها هذا الوصف أيضاً، إذا كان تحقيقها يتعارض مع النظام العام أو الآداب، وإذا كان ظاهر هذا المعيار مادياً إلا أن النية كثيراً ما تكون العلة الحقيقية وراء نفي صفة المشروعية عن المصلحة، وأبرز تطبيقات هذا المعيار يعرض بمناسبة إساءة الحكومة لسلطاتها كفصل الموظفين لغرض شخصي أو شهوة حزبية (كقانون تطهير القضاء المشهور الذي صدر في مصر)([24]).
ولما كانت الحقوق إن هي إلا وسيلة لتحقيق غايات مشروعة، فإن استعمال الحق يكون تعسفاً إذا لم يكن لصاحبه مصلحة من وراء استعماله، أو كانت المصلحة من الضآلة بحيث لا تبرر الأضرار الناجمة عن ذلك الاستعمال، وعدم التناسب بين المنفعة من استعمال الحق وما يصيب الغير من ضرر، وهو معيار موضوعي أيضاً قوامه السلوك المألوف للرجل العادي، فالرجل العادي لا يستعمل حقه على وجه يضر ضراراً بليغاً بالغير ولا يعود عليه إلا بنفع ضئيل، فهذا المعيار على درجة كبيرة من الدقة والوضوح، فقد أشارت إليه المحاكم في فرنسا كثيراً، لاسيما في مجال استعمال حق الملكية، وحق التعاقد وحق التقاضي، وقد طبق المشرع المصري هذا المعيار عندما نص عليه في القانون المدني في المادة 818/2 التي تقرر أنه: “ومع ذلك فليس لمالك الحائط أن يهدمه مختاراً دون عذر قوي إن كان هذا يضر بالجار الذي يستتر ملكه بالحائط”، وإلى هذا المعيار أيضاً تشير الفقرة (ب) من المادة الخامسة من القانون المدني المصري التي تنص على عدم مشروعية استعمال الحق: “إذا كانت المصالح التي يرمي تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها”، وكذلك نص القانون المدني الأردني في مادته (66) في فقرتها (ج): “إذا كانت المنفعة منه لا تتناسب مع يصيب الغير من ضرر” حيث أشار إلى هذا المعيار.
ويشمل هذا المعيار فضلاً عن انعدام المصلحة أو تفاهتها، استعمال الحق بقصد الإضرار بالغير لأن استعمال الحق لمجرد الإضرار بالغير هو استعمال للحق يغير مصلحة مادية فيه لصاحبه([25]).
2- معيار الغاية الاجتماعية للحق
هذا المعيار أوجده العلامة “جوسران”، وهو معيار أوسع من المعيار السابق ووفقاً لهذا المعيار تصبح الحقوق الخاصة وظائف اجتماعية لها غايات مرسومة شأنها في ذلك شأن اختصاصات القانون العام، فيعد متعسفاً كل من استعمل حقه أو الرخص الموضوعة تحت تصرفه بقصد تحقيق غايات غير اجتماعية أو غير مشروعية أياً كانت المصلحة الشخصية التي يهدف إليها من وراء استعمال حقه.
وهنا نصل كما يقول الدكتور سليمان الطماوي([26]) إلى نفس المعيار الذي يميز عيب إساءة استعمال السلطة في القانون العام، ففي الحالتين يقوم العيب أساساً على أن من صدر عنه التصرف سواء كان قد استعمل حقاً خاصاً، أو اختصاصاً عاماً قد أساء أو انحرف عن الهدف المشروع، وأن المحاكم الفرنسية قد لجأت إلى هذا المعيار، ونعتقد أن الفقرة (ج) من المادة الخامسة من القانون المصري تشير إلى هذا المعيار، حيث تجعل استعمال الحق غير مشروع “إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة وهكذا نرى أنه من الممكن أن نستعمل معياراً مادياً واحداً، مستمداً من الغرض الاجتماعي للحق أو السلطة لتمييز النظريتين، ولكن نعتقد أن كلاً من النظريتين تحتفظ بخصائصها الذاتية رغم هذا المعيار المشترك، وعلاوة على ذلك فإن العلامة “جوسران” بعد أن وصل إلى معياره السابق، سارع إلى إضافة المعيار الشخصي المستمد من الدوافع والبواعث الشخصية كمكمل ومتمم لذلك المعيار، وذلك لأن العناصر الشخصية تلعب دوراً بارزاً في مجال التعسف في القانون الخاص لا يقاس عليه دورها في مجال إساءة استعمال السلطة في القانون العام لاعتبارات منها أن الحق يقوم في القانون الخاص على أنه ذاتي نفعي، فالفرد يعمل لمصلحته أولاً ثم لمصلحة الجماعة ثانياً، كما أن الفرد العادي حين يستعمل حقه فهو ليس ملزماً بأن يعلن للملأ الأسباب التي دفعته إلى ذلك، أما رجل الإدارة وإن كان الأصل فيه ألا يعلن أسباب إصداره للقرارات الإدارية إلا أنه كثيراً ما يفعل ذلك اختياراً كما أن القانون قد يلزمه بذلك في بعض الأحيان، ومن هذه الاعتبارات أنه من المستطاع للقاضي الإداري والمشرع أن يحدد غرضاً معيناً أو أغراضاً واضحة لكل سلطة تستعملها الإدارة، أما بالنسبة للحقوق الخاصة فإن تحديد غرض معين لكل حق من الصعوبة بمكان؛ لهذه الأسباب فإن إساءة استعمال الحق تغلب عليها الصفة الشخصية وأن معيار الانحراف تغلب عليه الصفة الموضوعية.
ويرى الباحث أن القانون المدني الأردني رقم (43) لسنة 1976 يشير إلى معيار “جوسران” فإن الفقرة (ب) من المادة (66) والتي تجعل استعمال الحق غير مشروع إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة.
وهنالك من الفقه من ينتقد هذا المعيار كأساس للتمييز بين نظرية الانحراف ونظرية التعسف في استعمال الحق حيث يقول إذا كان القضاء الإداري قد صدرت عنه تطبيقات حافلة لهذا المعيار حول الانحراف السلطة، فيعد العمل الإداري تعسفياً، إذا قصد به مصلحة شخصية، فإنه لا يصح مقارنة ذلك بمجال القانون الخاص لاختلاف طبيعة السلطات التي منحت في مجال القانون العام لتحقيق مصالح معينة، إذ لا يعدو الأفراد أن يكونوا مفوضين في استعمالها من قبل السلطة العامة لتحقيق مصالح عامة، وليس بقصد إشباع مصالح هؤلاء الوكلاء، ولا يصح مقارنة ذلك بطبيعة الحقوق الممنوحة للأفراد، وفضلاً عن ذلك فإن طبيعة دور القاضي الإداري وسلطته تختلف عن طبيعة دور القاضي المدني وسلطاته([27]).
وعلى كل الأحوال فإذا كان من الممكن استعمال معياراً مادياً واحداً مشتركاً إلا أن كلا النظريتين يحتفظ بخصائصه الذاتية وتبقى نظرية التعسف في استعمال الحق ذات صفة شخصية والانحراف بالسلطة ذات صفة موضوعية، وهذا ما يميل إليه الباحث لعدم وجود معيار دقيق لنظرية التعسف في استعمال الحق.
- جزاء النظريتين:
عيب إساءة استعمال السلطة هو وجه من أوجه الإلغاء، أي عيب يشوب القرار الإداري فيجعله قراراً غير مشروع، ومجرد تحقق هذا العيب يجعل العمل الإداري قابلاً للإلغاء، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يطلب ذلك من القضاء الإداري دون حاجة إلى أن يبدأ تنفيذ القرار، أو أن يمس بحق مكتسب لفرد من الأفراد.
ومن هنا فعيب إساءة استعمال السلطة ينصب أساساً على القرار الإداري ذاته ودعوى الإلغاء توجه إليه أصلاً، فأما تقضي عليه بالنسبة للكافة، وإما تبقي عليه سليماً.
غير أنه يحدث أحياناً أن ينفذ القرار قبل إلغائه وينشأ عن هذا التنفيذ ضرر يلحق بعض الأفراد، ففي هذه الحالة – وبشرط إثبات الضرر وعلاقة السببية – يكون للمضرور أن يطالب بتعويض ذلك الضرر، فالدعوى إذن في الحالة السابقة توجه إلى القرار في ذاته ويكفي فيها مجرد المصلحة، ولكنها في الحالة الثانية توجه إلى أثر من آثار التنفيذ، ولابد فيها من اعتداء على حق ينتج عنه ضرر([28]).
أما فيما يتعلق بجزاء التعسف في استعمال الحق، فإنه يتمثل في التعويض عن الأضرار المترتبة عليه، وتوجه دعوى التعسف في استعمال الحق إلى عمل من أعمال التنفيذ يصدر من صاحب حق أثناء استعماله حقه أو يسبب ضرراً للغير فيكون عليه أن يعوض ذلك.
وإذا كان الأصل في الجزاء الحكم على المتعسف بمبلغ من المال يدفعه للمضرور عن الضرر الذي لحقه، فهل يجوز الحكم على المتعسف كذلك بالتعويض العيني، بدلاً من التعويض بمقابل، أي الحكم بإزالة العمل الضار؟
ذهب فريق من الفقه في بادئ الأمر إلى أن جزاء التعسف في استعمال الحق ينحصر فقط في الحكم على المتعسف بالتعويض النقدي، على عكس تجاوز حدود الحق التي يصح فيها الحكم بالتعويض العيني، غير أن الرأي الغالب فقهاً وقضاءاً يرى أنه إذا كان من العدل علاج الضرر بالتعويض عنه، فمن الواجب تلافي تكراره باستئصال سببه، ولا يكون ذلك إلا بالتعويض العيني، وهذا الرأي يتفق ونص المادة (62) من القانون المدني الأردني التي تقرر أنه: “لا ضرر ولا ضرار والضرر يزال”، وهذا التعويض العيني يشترط فيه أن يكون ممكناً ولا يكون بمقابل إلا إذا تعذر التعويض العيني، والتعويض العيني قد يحكم به مع التعويض بمقابل ويكون الغرض من ذلك التعويض عن الضرر السابق وتلافي الضرر اللاحق([29]).
كانت هذه المقارنة الخاطفة بين نظرية التعسف في القانون الخاص والانحراف في القانون العام، تكشف لنا بوضوح عن الطبيعة المشتركة لهما وعن الدور المتشابه للنظريتين في النظام القانوني العام.
فكلا النظريتين صدى للفكرة الحديثة عن العلاقات الاجتماعية، كما أنهما خلاصة تلك المجهودات المتتالية التي بذلت وما زالت، لكي تجعل من الحقوق والسلطات عناصر تضامن وتعاون أكثر منها أسلحة أنانية وعدوان([30]).
كما ورغم التشابه المفاهيمي بين النظريتين، إلا أن تطورهما الفقهي يختلف بصورة جوهرية. فقد نشأت نظرية الانحراف بالسلطة في القانون الإداري الحديث استجابةً للحاجة إلى فرض رقابة على السلطة التنفيذية، بينما نجد جذور نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه الإسلامي، حيث نجد أن القاعدة الفقهية “لا ضرر ولا ضرار” تمثل أحد الأسس المبكرة لهذا المفهوم[31]؛ كما أن بعض المحاكم المدنية لجأت إلى تطبيق نظرية التعسف حتى في حالات كان من الممكن تصنيفها ضمن الانحراف بالسلطة، مما يعكس التداخل التشريعي والقضائي بين المفهومين[32]؛ لذا، من الضروري التمييز بينهما من خلال تحليل التطبيقات القضائية المختلفة لكل منهما.
لذا عند دراسة التطبيقات القضائية الأردنية، نجد أن القضاء الإداري قد تعامل مع حالات الانحراف بالسلطة وفق معيار موضوعي بحت، حيث أكدت محكمة العدل العليا في عدة أحكام أن المعيار الأساسي هو مخالفة القرار الإداري لمبدأ تحقيق الصالح العام، بغض النظر عن نية مصدر القرار (قرار صادر عن المحكمة الإدارية العليا الأردنية رقم 12/2017). بينما في قضايا التعسف في استعمال الحق، تم اعتماد معيار مزدوج يجمع بين القصد والنتائج المترتبة على ممارسة الحق (حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم 45/2019). لذا، فإن الاختلاف الجوهري في التطبيقات القضائية بين النظريتين يؤكد على ضرورة عدم الخلط بينهما.
الخاتمة:
خلص هذا البحث إلى أن نظرية الانحراف بالسلطة تمثل أحد الضمانات الأساسية لحماية الأفراد من تعسف الإدارة، حيث تُعد من العيوب الجوهرية التي تصيب القرار الإداري، وتجعل من الطعن عليه أمرًا مشروعًا أمام القضاء. ورغم التشابه الظاهري بين هذه النظرية ونظرية التعسف في استعمال الحق في القانون المدني، فإن التحليل العميق يبين أن لكل منهما مجاله القانوني الخاص، ومعاييره المميزة التي تحدد نطاق تطبيقه وآثاره القانونية. فالانحراف بالسلطة يرتبط بالإدارة العامة وقراراتها التي يجب أن تصدر لتحقيق الصالح العام، بينما يتعلق التعسف في استعمال الحق بالمجال المدني، حيث يكون لصاحب الحق حرية في ممارسة حقوقه بشرط عدم الإضرار بالغير.
وقد أوضحت الدراسة أن المعيار الأساسي في تحديد الانحراف بالسلطة هو معيار موضوعي، يقوم على التأكد من أن القرار الإداري قد صدر لغرض غير الذي حدده المشرع، بصرف النظر عن نوايا مصدر القرار. أما في التعسف في استعمال الحق، فقد تبنى الفقه معايير متعددة، منها المعيار الشخصي القائم على قصد الإضرار، والمعيار الموضوعي الذي يركز على عدم التناسب بين ممارسة الحق والضرر الناجم عنه، مما يُظهر تباينًا جوهريًا بين النظريتين.
كما تبين من خلال البحث أن الجزاء القانوني للانحراف بالسلطة يتمثل في إلغاء القرار الإداري أو التعويض في بعض الحالات، في حين أن التعسف في استعمال الحق يؤدي إلى إلزام المتعسف بالتعويض النقدي أو العيني، مما يعكس اختلاف الأثر القانوني لكل من النظريتين رغم التشابه المفاهيمي بينهما.
- التوصيات:
وبناءً على ما توصل إليه البحث من نتائج، يمكن اقتراح مجموعة من التوصيات التي من شأنها تعزيز الفهم والتطبيق الصحيح لنظريتي الانحراف بالسلطة والتعسف في استعمال الحق:
- تعزيز الدور الرقابي للقضاء الإداري لضمان عدم استغلال السلطة العامة لتحقيق أغراض غير مشروعة، وتطوير أدوات الإثبات لإثبات الانحراف بالسلطة بشكل أكثر دقة.
- إدراج مفهوم الانحراف بالسلطة ضمن المناهج الدراسية في كليات الحقوق بشكل أعمق، لضمان وعي طلاب القانون والمحامين والقضاة بهذا العيب القانوني المهم.
- توضيح الفروق بين النظريتين في التشريعات الوطنية، بحيث يتم وضع معايير قانونية واضحة لتحديد نطاق تطبيق كل نظرية، ومنع الخلط بينهما في المحاكمات والإجراءات القانونية.
- إجراء دراسات مقارنة بين التطبيقات القضائية في الدول العربية والغربية حول مفهوم الانحراف بالسلطة، للوقوف على أفضل الممارسات في الرقابة الإدارية وتطبيقها في التشريع والقضاء العربي.
- المقترحات البحثية المستقبلية.
كما يمكن أن تتناول الدراسات القانونية المستقبلية موضوعات أكثر تفصيلًا في هذا المجال، ومنها:
- دراسة تطبيقات القضاء الإداري الأردني بشأن الانحراف بالسلطة ومدى انسجامها مع الاجتهادات القضائية المقارنة.
- تحليل مدى تأثير نظرية الانحراف بالسلطة على فعالية مبدأ سيادة القانون في الأنظمة القانونية الحديثة، خاصة في الدول التي تعتمد على نظام الرقابة الإدارية القوية.
- البحث في العلاقة بين الانحراف بالسلطة ومبدأ الشفافية في الإدارة العامة، ومدى تأثير الشفافية على الحد من إساءة استعمال السلطة.
- إجراء دراسة مقارنة بين الانحراف بالسلطة في النظام القانوني الفرنسي والأنظمة العربية، لتحديد أوجه التشابه والاختلاف والاستفادة من التجارب التشريعية والقضائية المختلفة.
وفي الختام، فإن هذا البحث يساهم في تسليط الضوء على إحدى الإشكاليات الجوهرية في القانونين الإداري والمدني، ويؤكد على ضرورة التعامل مع كل نظرية وفقًا لطبيعتها الخاصة، لضمان تحقيق العدالة والموازنة بين الحقوق والواجبات، سواء في المجال العام أو الخاص. كما أن التوصيات والمقترحات المطروحة قد تسهم في تطوير الفقه القانوني والتشريعات، وتعزيز دور القضاء في حماية مبدأ المشروعية والحد من إساءة استعمال السلطة.
لائحة المراجع
أولًا: الكتب والمؤلفات
- أبو السعود، رمضان. الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني – النظرية العامة للحق. الدار الجامعية للطباعة والنشر، بدون تاريخ.
- أبو الليل، إبراهيم الدسوقي، وإبراهيم، جلال محمد. نظرية الحق في القانون المدني. مطبوعات جامعة الكويت، 1994.
- الحلو، ماجد. القضاء الإداري، دار المطبوعات الجامعية، سنة 1985.
- خليفة، عبد العزيز عبد المنعم. الإنحراف بالسلطة كسبب لإلغاء القرار الإداري. منشأة المعارف، 2009.
- الداودي، غالب علي. المدخل إلى علم القانون، الطبعة السابعة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2024.
- الزعبي، عوض أحمد. المدخل إلى علم القانون، الطبعة الخامسة، المكتبة الوطنية، 2013.
- الزهاوي، سعيد أمجد. التعسف في استعمال حق الملكية في الشريعة والقانون – دراسة مقارنة. دار الاتحاد العربي للطباعة، القاهرة، 1976.
- سلطان، أنور أحمد. مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني – دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي. المكتب القانوني، الطبعة الثانية، 1998.
- سِوار، محمد وحيد الدين. شرح القانون المدني – النظرية العامة للالتزام، الجزء الأول. دار الكتاب، دمشق، 1978.
- السيد، محمد شوقي. التعسف في استعمال الحق. الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1979.
- الطماوي، سليمان محمد. نظرية التعسف في استعمال السلطة “الانحراف بالسلطة”: دراسة مقارنة، الطبعة الثالثة، القاهرة، دار الفكر العربي، 2014.
- الطماوي، سليمان. نظرية التعسف في استعمال السلطة، “- دراسة مقارنة، مطبعة جامعة عين شمس، الطبعة 3، سنة 1978.
- العمري، إسماعيل. الحق ونظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة والقانون. مطبعة الزهراء الحديثة، 1984.
- العنبكي، قتيبة نزار. عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها في القرارات الإدارية، الطبعة الأولى، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، 2020.
- كنعان، نواف. القضاء الإداري في الأردن. المكتبة الوطنية، 1999.
ثانيًا: المقالات العلمية
- البوريني، عمر عبدالرحمن. “عيب الانحراف بالسلطة: ماهيته، أساسه، حالاته في ضوء اجتهاد محكمة العدل العليا الأردنية.” مجلة الحقوق المجلد31 العدد 4، لسنة 2007. https://doi.org/10.34120/jol.v31i4.1545
- حلمي، محمود. “عيوب القرار الإداري”، مجلة العلوم الإدارية، العدد الثاني، 1970.
- الطماوي، سليمان. “نظرية التعسف في استعمال السلطة”، مجلة العلوم الإدارية، العدد الثاني، 1967.
ثالثًا: القوانين والتشريعات
- القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948.
- القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976.
رابعًا: الرسائل الجامعية
- خليف، حابس رقاد. عيب استعمال السلطة في القرار الإداري – دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة عمان العربية للدراسات العليا، كلية الدراسات القانونية، عمان، 2003،
خامساً: الاحاكم القضائية
- الحكم رقم 2650 لسنة 2023 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية.
- الحكم رقم 3380 لسنة 2023 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية.
- الحكم رقم 6147 لسنة 2022 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية.
خامسًا: المراجع الأجنبية
- Le Droit Administratif. 9e édition, Éditions Seray, 1963.
André de Laubadère. Le Droit Administratif. Bibliothèque générale de droit et de jurisprudence, Paris, 1963.
([1]) الدكتور سليمان الطماوي: مقال بعنوان “نظرية التعسف في استعمال السلطة”، منشور في مجلة العلوم الإدارية، العدد الثاني، سنة 1967، ص263.
([2]) الدكتور محمود حلمي: مقال بعنوان “عيوب القرار الإداري”، منشور في مجلة العلوم الإدارية، العدد الثاني، سنة 1970، ص134، وانظر كذلك الدكتور نواف كنعان: القضاء الإداري في الأردن، المكتبة الوطنية، سنة 1999، ص307.
([3]) فالين: الحق الإداري، الطبعة التاسعة، منشورات سيراي، 1963، ص480، مشار إليه في رسالة الماجستير بعنوان “عيب استعمال السلطة في القرار الإداري – دراسة مقارنة”، للباحث حابس رقاد خليف، مرجع سابق، ص68.
([4]) أندري لوبادير: الحق الإداري، المكتبة العامة للقانون والقضاء، باريس، 1963، ص479، مشار إليه في رسالة الماجستير بعنوان “عيب إساءة استعمال السلطة في القرار الإداري- دراسة مقارنة”، للباحث حابس رقاد خليف، مرجع سابق، ص68.
([5]) الدكتور رمضان أبو السعود: الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني، النظرية العامة للحق، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بدون تاريخ، ص635، وانظر ذلك الدكتور، إسماعيل العمري، الحق ونظرية التعسف في استعمال الحق في الشريعة والقانون، مطبعة الزهراء الحديثة، سنة 1984، ص111 وما بعدها.
([6]) الدكتور إبراهيم الدسوقي أبو الليل، الدكتور جلال محمد إبراهيم: نظرية الحق في القانون المدني، مطبوعات جامعة الكويت، سنة 1994، ص410 وما بعدها.
([7]) أشار إليه الدكتور سعيد امجد الزهاوي: التعسف في استعمال حق الملكية في الشريعة والقانون، دراسة مقارنة، دار الاتحاد العربي للطباعة، القاهرة، 1976، ص105.
([8]) راجع الدكتور إبراهيم الدسوقي أبو الليل، الدكتور جلال محمد إبراهيم: نظرية الحق في القانون المدني، مرجع سابق، ص412.
([9]) الدكتور المستشار محمد شوقي السيد: التعسف في استعمال الحق، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1979، ص54-55.
([10]) تقابل المادة الخامسة من القانون المدني المصري.
([11]) الدكتور محمد وحيد الدين سِوار: شرح القانون المدني، النظرية العامة للالتزام، الجزء الأول، دار الكتاب، دمشق، 1978، ص98 وما بعدها.
([12]) الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص157-158.
([13]) راجع المادة (5) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948.
([14]) راجع المادة (66) من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976.
([15]) الدكتور رمضان أبو السعود: الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني – النظرية العامة للحق، مرجع سابق، ص112.
([16]) راجع في ذلك الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص159 وما بعدها، وانظر الدكتور نواف كنعان: القضاء الإداري في الأردن، مرجع سابق، ص309 وما بعدها، وانظر الدكتور ماجد الحلو: القضاء الإداري، مرجع سابق، ص397.
([17]) راجع الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص160-163، وانظر الدكتور سعيد أمجد الزهاوي: التعسف في استعمال حق الملكية في الشريعة والقانون، دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص120 وما بعدها، وراجع كذلك الدكتور رمضان أبو السعود: الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني – النظرية العامة للحق، مرجع سابق، ص653 وما بعدها.
([18]) الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص163-164.
([19]) انظر المادة الخامسة من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948.
([20]) انظر المادة 66 من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976.
([21]) الدكتور أنور أحمد سلطان: مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني – دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي، المكتب القانوني، 1998، الطبعة الثانية، ص368.
([22]) الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص165-166.
([23]) الدكتور المستشار محمد شوقي السيد: نظرية التعسف في استعمال الحق، مرجع سابق، ص133.
([24]) الدكتور أنور أحمد سلطان: مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني – دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص368-389.
([25]) الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص167.
([26]) الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص168-170.
([27]) الدكتور المستشار محمد شوقي السيد: التعسف في استعمال الحق، مرجع سابق، ص137.
([28]) الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص170 وما بعدها.
([29]) الدكتور أنور أحمد سلطان: مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني، دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص370 وما بعدها.
([30]) الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص171.
([31]) الدكتور سعيد أمجد الزهاوي: التعسف في استعمال حق الملكية في الشريعة والقانون، دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص45.
([32]) الدكتور سليمان الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة، مرجع سابق، ص78.