الأمن المائي بالمغرب بين محددات التخطيط الاستراتيجي ومقومات الذكاء الترابي. الدكتورة : سمية لكحل الدكتور : بدر الباز
الأمن المائي بالمغرب بين محددات التخطيط الاستراتيجي ومقومات الذكاء الترابي.
Water Security in Morocco : At the Intersection of Strategic Planning and Territorial Intelligence
الدكتورة : سمية لكحل
دكتورة في القانون العام
الدكتور : بدر الباز
دكتور في القانون العام
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/EJTM3163
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

الأمن المائي بالمغرب بين محددات التخطيط الاستراتيجي ومقومات الذكاء الترابي.
Water Security in Morocco : At the Intersection of Strategic Planning and Territorial Intelligence
الدكتورة : سمية لكحل
دكتورة في القانون العام
الدكتور : بدر الباز
دكتور في القانون العام
ملخص
مقاربة تدبير الموارد المائية من زوايا الندرة في علاقتها باحتياجات ومتطلبات الأفراد، يستوجبها تقييم السياسات التدبيرية المتبعة في إدارة الثروة المائية من زوايا مقومات تفعيل الذكاء الترابي، مقابل قياس فعالية التخطيط الاستراتيجي، بالنظر إلى هدف أصيل يتجلى في عقلنة وفعالية التدابير التي من شأنها تحصين الأمن المائي بالمغرب، وبالنظر إلى كون الذكاء الترابي يعد من أهم المقاربات المبتكرة لتوفير المعلومات الاستراتيجية لمختلف الفاعلين السياسيين.
وعليه، فالهدف من هذه الورقة البحثية هو مقاربة دور كل من التخطيط الاستراتيجي والذكاء الترابي في تعزيز الأمن المائي بالمغرب؛ باعتبار ذلك من بين المداخل الفعالة التي ترتكز على الفعل التشاركي وعلى تحصيل المعلومة والمعرفة الحقة، بهدف قياس أثر السياسات العمومية ودورها في تحصين الأمن المائي.
الكلمات المفتاح: الأمن المائي، الذكاء الترابي، التخطيط التشاركي، الفعالية.
Abstract
Managing water resources from the perspective of scarcity in relation to individual needs and demands requires a critical evaluation of current water governance policies. This assessment must consider the foundations for implementing territorial intelligence, while also measuring the effectiveness of strategic planning. The underlying objective is to rationalize and enhance the efficiency of measures aimed at strengthening water security in Morocco. Territorial intelligence is increasingly recognized as one of the most innovative approaches for providing strategic information to various political actors.
Therefore, the primary aim of this research paper is to explore the role of both strategic planning and territorial intelligence in reinforcing water security in Morocco. These approaches are regarded as effective entry points that rely on participatory action and the acquisition of accurate and relevant knowledge, with the ultimate goal of assessing the impact of public policies on the enhancement of water security.
Keywords: Water Security, Territorial Intelligence, Participatory Planning, Effectiveness
مقدمة
الحق في الماء والعيش في بيئة سليمة، هو حق أصيل له علاقة وطيدة بتحقيق الأمن الإنساني، سيماته الأساسية، أنه مرتبط بحقوق إنسانية جوهرية، تعد أساس حماية كرامة الفرد وحقوقه الطبيعية. ومصطلح “الأمن[1]“ ظهر في المجال العسكري فيما مضى إلى أن شمل العديد من المجالات التي تستوجبه؛ بما فيها الأمن المائي. وأهم عنصر قد يستند إليه صانع القرار العمومي لتعزيز وتحصين هذا الأخير (الأمن المائي)، هو الركون إلى صدقية المؤشرات ودقة وتنوع وشفافية المعلومات باعتبارها من أهم مقومات الذكاء الترابي،[2] وباعتبارها مدخلا جوهريا لعقلنة وترشيد الموارد المائية وتدبير نذرتها، والاستجابة إلى حاجيات الأفراد بشأنها، بغية تحقيق أهداف استراتيجية على المدى البعيد والقريب.
فالذكاء الترابي يعد من أهم وأحدث المداخل التي تنبى عليها المقاربات التدبيرية، التي من شأنها أن تؤسس لأرضية موجهة لصنع سياسة تدبيرية مائية فعالة؛ قد تتصف بالفعالة، وتساهم في تحصين الأمن المائي، بناء على ما يوفره الذكاء الترابي من مداخل، هي أصل عقلنة السياسة المائية.
وتأصيل الذكاء الترابي في علاقته بالمقاربات التدبيرية الخاصة بالماء متوقف على استحضار المقومات الدلالية للذكاء الاقتصادي بصفة عامة، حيث تم تعريفه على أنه: ” ابتكار مختلف الطرق التي توجه متخذي القرار في المؤسسة نحو اتخاذ قرارات صائبة، وذلك عبر توفير المعلومات في الوقت المناسب وبالجودة والدقة والكمية المطلوبة”.[3] وعليه، يمكن فهم الذكاء الترابي في علاقته بتحصين الأمن المائي على أنه مجموعة من التدابير التي تهدف إلى تطبيق مبادئ الذكاء الاقتصادي في إطار فعل عمومي يستهدف تنمية المجال الترابي وعقلنة السياسة الوطنية الجهوية الخاصة بالماء، باعتباره (الذكاء الترابي) أداة للمساعدة في اتخاذ القرارات من قبل الجهات المعنية بما يحقق تموقعها وتميزها في مسار تنزيل السياسات العمومية الخاصة بالماء.
فتدبير الثروة المائية بناء على مقومات الذكاء الترابي، يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الأخرى المتمثلة في تطوير قدرة الجهات المعنية على تشخيص ومعرفة أفضل بمجالاتها للتحكم أكثر في مواردها المائية، وتحسين تدبير البنيات التحتية سواء تعلق الأمر بالسدود أو الوديان أو الغابات …؛ إضافة إلى القدرة على الاستجابة الفورية والإيجابية للأزمات المرتبطة بشح المياه، والتوظيف الأمثل لجميع المؤهلات بهدف التسويق الترابي للمجال الجهوي المائي. فتحقيق هذه الأهداف ولو جزئيا يستلزمه هدف دستوري أصيل، يعد من بين أعمدة دستور 2011؛ يتجلى في مقتضيات الفصل31[4] منه، الذي يلزم الدولة بتيسير الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة، كما أن تفعيل الذكاء الترابي في علاقته بتدبير الثروة المائية، يستوجبه واقع المنظومة التشريعية الوطنية؛[5] التي من المفترض أن تحتوي على مجموعة من القوانين والنصوص التنظيمية، قد تستجيب ومقومات الذكاء الترابي- أي بمعنى آخر- فإن الهدف الدستوري السابق الذكر متوقف على فعالية المنظومة التشريعية والتدبيرية- الوطنية المائية ووضوح مقومات وضمانات تنزيلها على أرض الواقع؛ وبالأخص من حيث إقرار تدبير استراتيجي معقلن وفعال، بناء على لآليات ومقومات الذكاء الترابي؛ خاصة وأن المشرع المغربي من خلال ديباجة القانون المتعلق بالماء يصرح على أنه: “يسعى هذا القانون إلى إقرار سياسة وطنية مائية مبنية على نظرة مستقبلية .. تهدف إلى تحقيق الأمن المائي على مستوى مجموع تراب المملكة”.
هذه الاعتبارات، تستجوبها عدة محددات، هي أصل أزمة الماء في المغرب؛ من بينها أن المملكة المغربية لا تشكل استثناء من أزمة البيئة العالمية، بحيث تتسم وضعية الماء بتفاوتات مكانية في التساقطات المطرية، وهشاشة كبيرة في مواجهة التغيرات المناخية؛[6]فالمغرب يعتبر من دول الفقـــر المـــائي التـــي يـــراوح متوســـط نصيـــب الفـــرد فيهـــا ما بـــين 1000 – 500 مــتـر مكعـــب ســـنويا.[7]
فبالرغم من أنه(المغرب) أخذ بمجموعة من الاستراتيجيات والتدابير، بهدف الحفاظ على الموارد المائية والتقليل من آثار نذرتها، سواء على المستوى التشريعي أو على المستوى التدبيري أو المؤسساتي، فإن السياسة التدبيرية المائية تعاني من نقائـص لاتـزال قائمـة، وبالأخص من حيت تكاملها الوظيفي بين ما هو مركزي وجهوي ومحلي، مقابل محدودية استنادها على مقومات الذكاء الترابي. وعليه، فالإشكالية الرئيسية لهذه الورقة تتمحور حول حدود عمليات التخطيط الاستراتيجي في تحصين الأمن المائي اعتمادا على آليات الذكاء الترابي استجابة لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة ومقتضيات مواجهة أزمة المياه وتعزيز الأمن المائي من جهة أخرى. ومقاربة هذه الإشكالية، تستوجب الانطلاق من فرضية أساسية، تتجلى في ضعف إمكانية تفعيل مقومات الذكاء الترابي على مستوى السياسة العمومية الخاصة بالماء، خاصة وأن عملية التخطيط الاستراتيجي المائي غير متقاطعة وغير متكاملة من حيت محدداتها الأفقية والعمودية. وتأكيد أو نفي هذه الفرضية يستوجب الاعتماد على مناهج تتماشى وطبيعة الموضوع. منها الركون إلى تقنيات تحليل المضمون، وخطوات المنهج النسقي، والمنهج الوظيفي، وخطوات من المنهج الاستقرائي والاستنباطي، وفق التصميم التالي:
أولا: التخطيط الاستراتيجي وتحقيق الأمن المائي.
ثانيا: الذكاء الترابي وفعالية التدبير المائي.
أولا: التخطيط الاستراتيجي وتحقيق الأمن المائي.
قياس السياسات المائية، بغية معرفة دور صانع القرار في تحصين الأمن المائي، يستوجب الوقوف عند عمليات التخطيط الاستراتيجي لرسم سياسية مائية[8]، من المفترض أن تتصف بالفعالية. فالتخطيط الاستراتيجي[9] هو آلية تدبيرية أساسية لتحقيق حكامة[10]مائية ناجعة من أجل الموازنة بين الطلب المتزايد على الماء والتأقلم مع التغيرات المناخية، والموازنة بين تدبير وتطوير العرض، مقابل حماية الموارد المائية والحفاظ عليها.[11]
فبغية مواجهة وإدارة أزمة[12] الماء في المغرب وندرته، يتضح من حيث الظاهر أن صانع القرار تولى اتباع ما يسمى بالتخطيط المائي الأفقي والمندمج؛ الذي يأخذ بعين الاعتبار التفاعلات والتمفصلات الموجودة بين نظام الموارد المائية الطبيعية ونظام استعمال الماء السوسيو-اقتصادي، بهدف إرساء وتحديد الأهداف والآجال والتدابير الملائمة لبلوغها.[13] وعليه، فإن هذا التوجهات تساءل صانع القرار العمومي عن فعاليتها في ضل تمظهرات مرتبطة بمحدودية حكامة تدبير مادة الماء، من خلال عدة سلبيات لها صلة بالفعالية والالتقائية والتكامل بين المخطط الوطني للماء والمخطط الجهوي والمحلي.
- المخطط الوطني للماء.
تنفيذا للتوجيهات الملكية، لاسيما خطاب العرش بتاريخ 76يوليوز 2018، الذي دعا فيه الملك الحكومة إلى الإسراع بإعداد المخطط الوطني للماء،[14]عملت هذه الأخيرة على إعداد مشروع مخطط وطني للماء 2020–2050، بهدف رسم خارطة طريق وطنية لمواجهة التحديات المستقبلية في مجال الموارد المائية، خلال الثلاثين سنة القادمة، طبقا لمقتضيات القانون رقم 15-36 المتعلق بالماء.
هذا المشروع غايته إعطاء دفعة للسياسة المائية ورفع التحديات المرتبطة بهذا القطاع، حيث تم تحديد الأولويات الوطنية وبرامج العمل من أجل ضمان الأمن المائي على المدى المتوسط والبعيد، فضلا عن معالجته لمختلف الإشكالات المرتبطة بتدبير الموارد المائية، وتقديمه أجوبة لتحديات وطنية بأهداف تتماشى مع إكراهات النمو الديمغرافي والاقتصادي والتغيرات المناخية، في إطار تشاركي.[15]
اذن، هدفه الأساس هو معالجة مختلف الإشكالات المرتبطة بالموارد المائية خلال الثلاثين سنة القادمة، وبالتالي، هو قابل للمراجعة بصفة دورية كل 06 سنوات؛ ما عدا إذا اقتضت ظروف استثنائية تغيير محتواه قبل هذه المدة،[16]ويوجه مقترح المراجعة، في جميع الأحوال، إلى الوزير المكلف بالماء. لكن بالرغم من كونه وثيقة أساسية لاعتماد سياسة استشرافية ونظرة استباقية على مدى الثلاثين سنة المقبلة، لدعم المكتسبات الهامة التي حققها المغرب في مجال تدبير الطلب على الماء ومواكبة التطور الاقتصادي والاجتماعي، وما يوازيه من تزايد الطلب على الماء لتلبية مختلف الحاجيات من هذا المورد، غير أنه لم يتم اعتماده حتى الآن لأنه لا يزال قيد الدراسة.[17]
2ـ المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة للموارد المائية.
لم يقتصر التخطيط المائي على المستوى الوطني بوضع المخطط الوطني للماء فقط، وإنما تعداه ليشمل المستوى الجهوي، على صعيد كل حوض مائي،[18] أو مجموعة أحواض مائية، بحيث أن كل وكالة حوض مائي تتوفر على مخطط خاص بها، يأخذ بعين الاعتبار التوجهات العامة والاستراتيجية للدولة في قطاع الماء، وكذلك مقتضيات المخطط الوطني للماء.
فالمخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة للموارد المائية، قد تكون من الأدوات المهمة والضرورية لتحسين وتنمية الموارد المائية، التي تهدف إلى التأمين الكيفي والكمي للحاجيات المائية الراهنة والمستقبلية، مع تنظيم العمليات الضرورية لتعبئة وتوزيع وحماية الملك العمومي المائي لاسيما المنشآت المائية، أضف إلى ذلك الرفع من جودة المياه من خلال الحرص على حمايتها من كل أخطار التلوث على المستوى الجهوي.[19]
وبناء على ما يسمى بمبدأ التخصيص، تمكن المخططات التوجيهية من التوزيع الجيد والمدروس للموارد المائية، والتحكم في الفائض منها، ورسم كيفية ومعرفة توزيع هذا المورد على مختلف القطاعات ونفس الأمر عند تحقق عنصر الندرة، بغية تحقيق النجاعة المائية المستدامة جهويا.[20]
عموما، فالمخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة للموارد المائية ما هو الا آلية من اليات تعزيز الجهوية المتقدمة،[21]خاصة وأنه يناط بمجالس الجهات حسب القانون التنظيمي الخاص بها،[22]وضع استراتيجية جهوية لاقتصاد الماء وكذا استراتيجية جهوية لاقتصاد الطاقة، الشيء الذي يمكن الفاعلين الجهويين من بلورة رؤية استراتيجية مندمجة في هذين القطاعين، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بكل جهة.
ورغم هذه المحدد، فأن تدبير الموارد المائية والطاقية على مستوى الجهات خلال الفترة 2015-2023، اتسم بغياب استراتيجية رسمية، تترجم فيهما الأهداف المتوخاة خلال مدة زمنية محددة مع تحديد المؤشرات المرتبطة بها والموارد اللازم لتعبئتها، وكذا المناطق ذات الأولوية، لضمان تخطيط ناجع لاستغلال الموارد المائية والطاقية.[23]والسبب راجع لعدم استيفاء مجموعة من المتطلبات التي تتحدد أساسا في تفعيل ممارسة الاختصاصات الذاتية للجهة، وملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية، سيما، القانون 47.09[24] المتعلق بالنجاعة الطاقية، لمنح الجهة دورا مركزيا في إعداد برنامج التنمية الجهوية على مستوى النجاعة الطاقية وإنعاش المبادرات المتعلقة بالطاقات المتجددة، والقانون رقم 36.15 المتعلق بالماء من أجل إدراج الاستراتيجيات الجهوية لاقتصاد الماء ضمن الوثائق المعتمدة في التخطيط لسياسة الماء، وكذا إعداد نص تنظيمي يحدد مسطرة إعداد وتحيين وتقييم الاستراتيجيتين المشار إليهما أعلاه.[25]
فمسألة التخطيط الاستراتيجي الوطني والجهوي، تتسم بنوع من الارتجالية بالنظر إلى تبني المخطط الوطني للماء، الذي لا زال قيد الدراسة إلى يومنا هذا منذ سنة 2018، كما تم إطلاق مجموعة من البرامج المتداخلة، التي قد يصعب فهم أهدافها، بالنظر إلى تعددها وتداخلها، وكلفتها الزمنية والمالية؛ مثل برنامج تزويد العالم القروي بالماء الشروب، والبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2027_2020، بالإضافة إلى إطلاق استراتيجية 2030 لتنمية وتدبير الموارد المائية، مقابل أن تدبير الموارد المائية والطاقية على مستوى الجهات خلال الفترة 2015-2023، اتسم بغياب استراتيجية رسمية، تترجم فيهما الأهداف المتوخاة خلال مدة زمنية محددة.[26]
وعليه، إذا كان صانع القرار السياسي في مجال تدبير الموارد المائية على المستوى الوطني يعاني من تخمة البرامج والمخططات، وأن التخطيط الجهوي للماء يعاني من عدة مشاكل منها عدم صدور النصوص التنظيمية الخاصة بدور الجهات، مقابل النخبة الجهوية التي يطرح بشأنها عدة ملاحظات، فإن السؤال يطرح حول التخطيط المحلي ودوره في عقلنة تدبير الموارد المائية؟.
- المخطط المحلي لتدبير المياه.
أتاح المشرع بمقتضى القانون رقم 15-36 المتعلق بالماء، إمكانية لوكالة الحوض المائي في أن تضع بتنسيق مع الإدارات المحلية المعنية وبمشاركة لجنة العمالة أو الإقليم للماء مخططات محلية لتدبير المياه بغرض تحديد الإجراءات الواجب اتخاذها لتنفيذ مقتضيات المخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة لموارد المياه على المستوى المحلي.[27]وتحدد هذه الإجراءات طبقا للمادة الثامنة من المرسوم المتعلق بالمخطط الوطني للماء والمخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه والمخطط المحلي لتدبير المياه.
وبالرجوع إلى المادة 11 من نفس المرسوم، يجد القارئ أن المشرع ينص على أن “تتم مراجعة المخطط المحلي لتدبير المياه كلما تم تغيير مقتضيات المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه المراد تنفيذها، وذلك وفق نفس كيفيات إعداده”. وعليه، فالسؤال يطرح حول جوهر مراجعة المخطط المحلي لتدبير المياه، إذا كان المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه المراد تنفيذها، يعاني من عدة مشاكل؛ منها عدم صدور النصوص التنظيمية الخاصة بتدخل الجهات، مقابل محدودية النخبة الجهوية التي يطرح بشأن سلوكها عدة ملاحظات في علاقتها بتدبير السياسات العمومية الخاصة بالماء، خاصة وأن المخطط المحلي للماء حسب المادة الثامنة من نفس المرسوم جاء بهدف تنزيل المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه المراد تنفيذها؟
هذا الوضع، يحيل أيضا، على تدخل مجموعة من الهيئات والمؤسسات العمومية وشبه العمومية على المستوى المركزي والجهوي والمحلي، الشيء الذي من شأنه أن يسبب تشتت اتخاذ القرار بين هذه المؤسسات دون تجاوز التحديات والمشاكل التي تواجه قطاع الماء، في غياب ضبط وتحديد الاختصاصات؛ حيث لم تفلح المنظومة القانونية المطبقة في مجال تدبير الماء في تحديد الاختصاصات الموكولة إلى كل جهة، سواء على المستوى القطاعي أو الترابي، وفي غياب كذلك هيئة للتحكيم والضبط والتقنين.
هذه الإشكالات بغض النظر عن جزئيتها، وتمظهرات تشخيصها، تحيل بأن صانع السياسات العمومية المائية، لازال يفتقر إلى عنصر التكامل الأفقي والعمودي في مجال تدبير أزمة الماء.[28] إضافة الى نقص في التدبير المعلوماتي المتنوع والدقيق، الذي من شأنه ابراز مؤشرات كــميـة وكيفية ومركبة، يتم الارتكاز عليها للاستقراء واقع الوضعية المائية الراهنة وتقدير مدى حدة وخطورة الوضع الحالي من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة، أو على الأقل التسريع بتنزيل المخطط الوطني للماء، الذي لا زال قيد الرفوف.
فمداخل تجاوز نقائض التخطيط المتبع في تدبير الموارد المائية بالمغرب، رهين بمدى قدرة الفاعلين على اتباع أساليب جديدة تتماشى والتطور المعرفي والرقمي الذي يعرفه العالم. وهي أساليب تؤسس لتدبير استراتيجي موجه بما يسمى بالذكاء الترابي باعتباره آلية تعتمد على المعرفة والمعلومة الدقيقة، مقابل فعالية الفعل التشاركي المتكامل.
ثانيا: الذكاء الترابي وتعزيز الأمن المائي.
عملية توظيف الذكاء الترابي بهدف تعزيز الأمن المائي، هي ذات أهمية كبرى، حيث تجمع بين بعدين استراتيجيين: إدارة المجال الترابي بذكاء وفعالية من جهة، وضمان الأمن المائي باعتباره أساس التنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي من جهة ثانية. وهما غايتان متوقفتان على مشاركة الفاعلين الترابيين، من مؤسسات عامة وقطاعات خاصة، وكذا مؤسسات المجتمع المدني.[29].
فالذكاء الترابي لا معنى له إلا بوجود فاعلين محليين عموميين وخواص، حاملين لمعارف ومهارات تدبيرية لفهم الرهانات والتحديات ذات الصلة بتدبير الموارد المائية.[30]وبناء عليه، سيتم استحضار دور المقاربة التشاركية في تعزيز الأمن المائي باعتبارها آلية تدبيرية من اليات الذكاء الترابي، مقابل اعتماد نظم معلوماتية، تمكن من جمع وتحليل ونشر البيانات والمعرفة لتعزيز عمليات صنع القرار بمشاركة مختلف الفاعلين الترابيين.
1-المقاربة التشاركية.
المقاربة التشاركية في تدبير الموارد المائية، مقاربة استراتيجية، ذات أبعاد فكرية وتواصلية، تتجاوز كونها مجرد آلية إجرائية إلى كونها عملية بنيوية تهدف إلى إشراك مختلف الفاعلين (الدولة، الجماعات الترابية، القطاع الخاص، المجتمع المدني، الساكنة المحلية، الخبراء…) في تحديد الأهداف، وصياغة النتائج، وتنفيذها، وتقييمها.[31]وتتمثل جوهريا في استثمار القدرات الإبداعية والابتكارية لهؤلاء الفاعلين ودمجها في مختلف مراحل رسم وتنفيذ وتتبع السياسات المائية، بما يحقق التوازن بين متطلبات التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد المائية.[32]
في هذا السياق، نص المشرع المغربي من خلال المادتين 90 و92من القانون رقم 15-36 المتعلق بالماء، بشكل صريح على إلزامية اعتماد المقاربة التشاركية في التخطيط المائي، حيث ألزمت المادة 90[33] منه، إشراك الفاعلين في إعداد المخطط الوطني للماء، فيما أكدت المادة 92[34] على الطابع التشاركي في المخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة لموارد المياه، سواء على المستوى الوطني أو على مستوى الأحواض المائية. ويعكس هذا التكرار في التنصيص القانوني، أهمية ومكانة المقاربة التشاركية في صنع ورسم السياسات المائية، ليس باعتبارها إجراء شكليا، وإنما كمبدأ مؤطر لسياسات التدبير المائي.[35]
فالمقاربة التشاركية إذن، ترتكز على أساس قانوني واضح، وتتجسد في عدة مراحل: (تشخيص، تخطيط، تنفيذ، وتتبع تشاركي)، غير أن فعاليتها قد تكون محدودة بفعل عدة عراقيل، منها العراقيل المؤسساتية، وتتجلى في: ضعف التنسيق، والشفافية، والتكامل الوظيفي. وعراقيل اجتماعية تتمثل في: الهشاشة، وقلة الوعي، وسوء استغلال واستهلاك الموارد المائية[36]… الشيء الذي قد يعكس وجود فجوة بين الإطار القانوني والممارسة العملية، مما يستدعي تعزيز التنسيق المؤسساتي، وتقويم وتعزيز الوعي المجتمعي… مع الأخذ بعين الاعتبار التطور التقني والمعلوماتي ودوره في تعزيز عملية صنع القرار.
فمن الناحية العملية يتناسب الذكاء الترابي والوضعية الراهنة لتحسين أداء الفاعلين من أجل إعادة التوازن المستدام للموارد المائية والمساهمة في تعزيز الأمن المائي، كما يسمح بإبراز الوضع الحقيقي الذي تعيشه البلاد عبر مجموعة من التقنيات التي تمكن من جمع وتحليل ونشر البيانات والمعرفة لتعزيز عمليات صنع القرار بما في ذلك وضع واعتماد نظم معلومات جغرافية.[37]
- نظم المعلومات الجغرافية.
توظيف نظم المعلومات الجغرافية والتقنيات الرقمية الحديثة،[38]بمختلف ميزاتها وعناصرها، هو الرابط في الاستعانة بتقنيات الذكاء الترابي وتوظيفها في جمع وتحليل البيانات الجغرافية بدقة،الشيء الذي يتيح وضع خطط أكثر فعالية تساهم في تحسين إدارة الموارد المائية، من خلال توفير معلومات دقيقة حول الاستخدام الأمثل لهذه الموارد.[39]
فتقنيات نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، ساهمت في إغناء الدراسات المكانية وتعزيز دقتها. فقد أصبح بالإمكان، بالاعتماد على المرئيات الفضائية الملتقطة بواسطة مختلف الأقمار الصناعية، جرد الموارد المائية السطحية (كالأنهار والسدود والضايات)، والكشف عن أنواع التربة… مما يسمح بالتمييز بين المناطق الحارة والرطبة وبين السفوح الظليلة والمشمسة.[40]
ويتجلى دور توظيف نظم المعلومات في تعزيز الأمن المائي من خلال[41]:
- الرصد والمراقبة المستمرة: حيث تمكن نظم المعلومات الجغرافية من تتبع مصادر المياه السطحية والجوفية، ورصد التغيرات في منسوبها وجودتها، كما تساعد في الكشف المبكر عن مظاهر التلوث أو الاستغلال المفرط للموارد؛
- دعم اتخاذ القرار: إذ تتيح أدوات تحليل البيانات امكانية لمتخذي القرار، وضع سيناريوهات دقيقة لإدارة عملية الطلب والعرض المائي، كما تمكن من تحديد أولويات الاستثمار في البنية التحتية المائية (سدود، قنوات، محطات معالجة)؛
- التخطيط الاستراتيجي والوقاية من المخاطر: حيث تساعد نظم المعلومات الجغرافية في وضع خرائط المخاطر المرتبطة بالجفاف، الفيضانات، والتصحر وتساهم في تعزيز القدرة الاستباقية للتكيف مع التغيرات المناخية وتداعياتها على الموارد المائية؛
- تحسين توزيع الموارد المائية: إذ تسمح نظم المعلومات الجغرافية بتحليل التفاوتات المكانية في توزيع المياه وربطها بالكثافة السكانية والأنشطة الاقتصادية، كما تساهم في وضع خطط لتوزيع عادل وفعال للموارد؛
- تعزيز الشفافية والمشاركة: حيث تعد الخرائط والبيانات المرئية وسيلة فعالة للتواصل مع الفاعلين المحليين والمجتمع المدني، اذ تساهم في إشراك مختلف الأطراف في التخطيط واتخاذ القرارات المتعلقة بالماء؛
- التكامل مع الذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بعد: من خلال دمج بيانات الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد، يصبح بالإمكان الحصول على معطيات آنية حول الغطاء النباتي، الرطوبة، والموارد المائية. هذا التكامل يعزز دقة التوقعات المستقبلية.
مثل هذه الأنظمة، تمكن من ضمان التطبيق الفعلـي للتشـريعات البيئيـة حـول المـاء، علـى مختلـف المسـتويات، كما تمكن من تقيـيم وتتبـع ومعرفـة حالـة المـاء والأوسـاط المائيـة واسـتعمالاتها (مختلـف المسـتعملين) ومعرفـة الضـغوطات الممارسـة عليهـا جراء مختلف الأنشطة البشرية والاقتصادية.
فالنظام المعلومـاتي يمكن من تحديـد نوعيـة المعـارف الضـرورية والأساسـية، والحصـول علـى معلومـات موضـوعية، صـحيحة، حديثـة، ذات مصـداقية، ناجعـة وقابلـة للمقارنـة؛ وهو مـا يؤدي إلى إتاحة معلومات للأطراف المعنية، وبالتالي تحقيق تخطيط تشاركي فعال.
خاتمة
ختاما يمكن التأكيد على أن تحصين الأمن المائي، يستلزم العمل على ربح الزمن السياسي بتخطيط استراتيجي متكامل بين ما هو محلي وجهوي ومركزي، بهدف تحقيق حكامة مائية ذكية، أي حكامة تقتضي إدماج المقاربات الجيواستراتيجية والسياسية والمقاربات السوسيو-اقتصادية، بناء على عنصر المعرفة والابتكار والتخطيط التشاركي، ولن يتأتى ذلك في جزء كبير منه إلا بتأهيل المجال الترابي المائي، باعتباره النواة الفاعلة والمؤهلة لتسيير وتدبير الموارد المائية. الشيء الذي يؤسس لنمط تدبير جديد، يرتبط ارتباطا وثيقا باستخدام تقنيات الذكاء الترابي المتمثلة في اعتماد مقاربة تشاركية فعالة، ويقظة معلوماتية دقيقة، تتميز بالشمولية والموضوعية، وظيفتها تمكين صانع القرار العمومي من اتخاذ القرارات المناسبة بكل تبصر وثقة.
وتنزيلا لذلك عمليا يمكن اقتراح ما يلي:
- التسريع بإخراج المخطط الوطني للماء إلى حيز الوجود، بعد مراجعته وتصوبيه بناء على معطيات ومؤشرات دقيقة وذات مصداقية؛
- الحرص على التكامل الوظيفي في صنع القرار السياسي العمومي بين المركزي والجهوي والمحلي بهدف تأمين الموارد المائية، وبهدف تدبيرها بفعالية وباستدامة؛
- إرساء منصات رقمية ترابية لتبادل المعطيات المائية بين الإدارات، الجماعات الترابية، الجامعات والمجتمع المدني؛
- إطلاق منصات بيانات مفتوحة عن مستويات الموارد (مخزونات السدود، منسوب المياه الجوفية، خرائط استهلاك) ونظم معلومات جغرافية متاحة للفاعلين المحليين والباحثين؛
- الاهتمام أكثر بنظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، وجعله تخصصا مستقال قائما بذاته في مختلف الجامعات والمعاهد العلمية؛
- تشجيع الشراكة مع المقاولات الناشئة المتخصصة في التكنولوجيا المائية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
قائمة المراجع:
- العمراني عبد الواحد والعمراني سكينة.: “التدبير المؤسساتي لقطاع الماء، من تشتت وتداخل الاختصاصات إلى توحيد وتنسيق الجهود” مجلة الانسان والتنمية المستدامة، العدد الثاني 2023.
- احميدة العميمي: “السياسة المائية في المغرب بين الحاضر والمستقبل”، مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية، العدد 56 لشهر يوليوز 2023.
- البكاي سعيدي وفيصل فاتح:” تدبير الموارد المائية بالمغرب: الإمكانات والمعوقات: منطقة نفوذ المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي ملوية السفلى نموذجا”، مجلة الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، المجلد 7/ العدد 26 (مارس 2025).
- إدريس الكراوي وفيليب كليرك: “الذكاء الترابي والتنمية الجهوية بواسطة المقاولة، تجارب دولية مقارنة”، أعمال الملتقى الدولي للداخلة، مطبعة البيضاوي 2022.
- جواد الخافي وحميد بنسي: “الموارد المائية: الإمكانيات المتاحة وإكراهات التدبير المستدام بإقليم شفشاون: حالة الجماعات الترابية المحيطة بمدينة شفشاون”، مجلة الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، المجلد 7/ العدد 26 (مارس 2025).
- عبد الصمد الزو:” التخطيط الاستراتيجي للمغرب في مواجهة ندرة الموارد المائية وكسب رهان التنمية المستدامة: منطقة تساوت نموذجا”، مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ألمانيا/برلين، العدد 23لسنة 2024 .
- عبد اللطيف الكرار،” السياسة المائية بالمغرب ودورها في عقلنة تدبير الماء الفلاحي: سهل اشتوكة نموذجا”، مجلة الباحث، سلسلة الأبحاث المعمقة، العدد 107, 2017/2018.
- ياسين أوصار:” آليات الذكاء الترابي ودو رها في تطوير تنافسية المجالات وتحقيق التنمية المستدامة بالجماعات الترابية”، مجلة التعمير والبناء، المجلد 04/ العدد 02، 14 يونيو 2020.
- محمد المودن:” ضمان الامن المائي بالمغرب”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 158، السنة 2021.
- محمد زين الدين: “الحكامة: مقاربة إبيستيمولوجية في المفهوم والسياق”، مجلة الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد8، 2008.
- محمد ازكرار: “ظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد: النشأة التطور والآفاق المستقبلية”، كتاب جماعي حول :” توظيف نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد في الدراسات المجالية”، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ألمانيا / برلين 2021.
- محمد المودن: “ضمان الأمن المائي بالمغرب”، المجلة المغربية للإدارة المحلیة والتنمية، العدد – 158 ماي 2021.
- منية بنمليح: “التقسيم الترابي الجهوي ومتطلبات الجهوية المتقدمة”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 95-94، شتنبر-دجنبر 2010.
La liste bibliographique
- BERTACCHINI Y , « Intelligence territoriale. Le Territoire dans tous ses états ». Collection Les ETIC, Presses Technologiques, Toulon, 2007.
- Boutaîna HASSANI ; Omayma El Ibrahimi L’intelligence artificielle et la communication touristique : Innovations et pratiques émergentes dans la région de l’Oriental au Maroc. Revue des études stratégiques et militaires. Vol 7/N° 26 (Mars 2025).
- BURROUGH, & all. Principles of geographical information systems. Oxford university press, 2015.
- MAUD PELISSIER, Étude sur l’origine et les fondements de l’intelligence territoriale : l’intelligence territoriale comme une simple déclinaison de l’intelligence économique à l’échelle du territoire ? Revue internationale d’intelligence économique 2009/2 Vol 1.
[1] -يقدم BERTACCHINI تعريفا دقيقا للذكاء الترابي على أنه، “عملية معلوماتية أنثروبولوجيا منتظمة ومستمرة، تبادر بها الجهات الفاعلة المحلية الحاضرة أو البعيدة التي تناسب موارد المجال عن طريق حشد وتعبئة طاقة النظام الترابي ثم تحويلها الى طاقة وقدرة المشروع، ونتيجة لذلك يمكن تشبيه الذكاء الترابي بالترابية، التي تنجم علن ظاهرة تخصيص موارد الإقليم، ومن ثم نقل الكفاءات بين فئات العناصر الفاعلة المحلية من مختلف الثقافات“. راجع:
. – BERTACCHINI Y , « Intelligence territoriale. Le Territoire dans tous ses états ».. Collection Les ETIC, Presses Technologiques, Toulon, 2007, p.316.
[2] MAUD PELISSIER, Étude sur l’origine et les fondements de l’intelligence territoriale : l’intelligence territoriale comme une simple déclinaison de l’intelligence économique à l’échelle du territoire ? Revue internationale d’intelligence économique 2009/2 Vol 1, p.293.
[3] الفصل 31 من دستور 2011 “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في: [ …] الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة“.
[4] لتدبير أحسن للموارد المائية عمل المغرب على إصدار نصوص تشريعية مكنته من تدبير وحماية ومراقبة موارده المائية، وجاء ذلك بعد انعقاد الدورة الثانية للمجلس الأعلى للماء بفاس،1988فمن بين توصيات هذا المجلس: إصدار نصوص تشريعية تتعلق بتدبير الماء، لتقوم مقام النصوص التشريعية القديمة التي صدرت في عهد الحماية، والتي لم تواكب التطورات الديمغرافية والاقتصادية التي عرفها المغرب بعد استقلاله. وهكذا صدر قانون الماء بموجب الظهير الشريف رقم 1.95.154الصادر في 18من ربيع الأول 1416، 16غشت 1995بتنفيذ القانون رقم 10- 95 المتعلق بالماء “الجريدة الرسمية عدد 4325 بتاريخ 1995 ” وفي سنة 2016 تم تعديل وتجويد هذا القانون والمتمثل في الظهير الشريف رقم 1.16.113الصادر في 6 ذي القعدة 10،1437غشت 2016 بتنفيذ القانون رقم -15-36 المتعلق بالماء “الجريدة الرسمية عدد 6494 بتاريخ 2016”. كما توجد قوانين أخرى أفقية، تنص على إجراءات لها علاقة مع تدبير الموارد المائية، كالقوانين الهادفة الى حماية البيئية والتنمية المستدامة، أو القوانين القطاعية، والقوانين المنظمة للجماعات الترابية المحلية، ونخص بالذكر:
- قانون رقم 15-30 يتعلق بسالمة السدو: يهدف هذا القانون إلى تحديد القواعد المتعلقة بسالمة السدود بهدف تأمين حماية الأشخاص والممتلكات من المخاطر المرتبطة بوجود هذه المنشآت، وتحديد التدابير الناجعة التي يجب إتباعها بهدف تعميم التدابير والمعايير الخاصة في ميدان السدود؛
- القوانين المنضمة لعمليات السقي والتجهيزات الهيدرو-فلاحية: من أهم النصوص القانونية المتعلقة بالسقي الفلاحي والتي لها عالقة مع قطاع الماء، ميثاق الاستثمارات الفلاحية، والقانون المنظم لجمعيات مستعملي الماء الفلاحي؛
- ميثاق الاستثمارات الفلاحية: وهو المحدد بالظهير شريف رقم 1.69.25 بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز 1969) بمثابة ميثاق الاستثمارات الفلاحية، يحدد علاقة الدولة مع مستعملي الماء الفلاحي وخصوصا حقوق وواجبات كل الاطراف، ويحدد مساهمة الدولة في الاستثمارات ومسامة المستفيدين منها. ويحدد القانون أيضا قواعد عملية تسعير الماء الفلاحي وشروط توزيع المياه فيا لمدارات السقوية؛
- قانون رقم 2.84 الخاص بجمعيات مستخدمي مياه السقي الفلاحي: مرسوم رقم 2.84.106 صادر في 10 ذي القعدة (13ماي 1992) بتحديد كيفية خلق، تأسيس وتنظيم جمعيات مستعملي مياه السقي الفلاحي، في المدارات السقوية وجميع حيثيات التدبير الجماعي للسقي. ويحدد هذا القانون خصوصا تدابير مساهمة مستعملي مياه السقي الفلاحي في أشغال تهيئة قنوات الري وتحسيسهم بأهمية حسن تدبير المنشآت الفلاحية؛
- القوانين المتعلقة بحماية المناطق الرطبة والمحافظة على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة: وتتكون أساسا من القوانين التالية:
- ظهير شريف رقم 1.14.09 صادر في 4 جمادى الأولى 1435 (6 مارس 2014) بتنفيذ القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة؛
- قانون 11-03 بتاريخ 12 ماي 2003 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة؛
- قانون 12-03 بتاريخ 12 ماي 2003 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة، وقوانينه التنظيمية؛
- قانون 00-28 بتاريخ 22 نونبر 2006 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها؛
- قانون رقم 22-07 المتعلق بالمناطق المحمية، محدد بالظهير الشريف رقم 1-10-123 بتاريخ 3 شعبان سنة 1431 هجرية موافق ل 16 يوليوز 2010، ويهدف هذا القانون الى الحماية والمحافظة على المواطن الطبيعية الوطنية الغنية بالأنواع النادرة والنظم البيئية الطبيعية والمجالات ذات القيمة التي لا تقدر بثمن والحفاظ عليه.
- القوانين المتعلقة بالتعمير وتنظيم الجماعات الترابية المحلية: تضم تدابير تهم الماء، وخصوصا مهام تدبير المياه على الصعيد الجهوي، وعلى صعيد العمالات والجماعات المحلية، والتدابير المتعلقة بخدمات الماء والتطهير السائل. ومن أهم هذه القوانين:
- ظهير شريف رقم 83-15-1 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليوز 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 14-111 المتعلق بالجهات؛
- ظهير شريف رقم 84-15-1 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليوز 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 14-112 المتعلق بالعمالات والأقاليم؛
- ظهير شريف رقم 85-15-1 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليوز 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات؛
- قانون 90-12 الخاص بالتعمير ومرسوم تنفيذه؛
- قانون رقم 90-25 الخاص بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيمها، بظهير شريف رقم1-92-7 الصادر في 12 من ذي الحجة سنة 1412 موافق 17 يونيو1992؛
- القوانين المتعلقة بالمساهمة والشراكة بين القطاع العام والخاص إضافة الى التدابير المنصوص عليها في القانون رقم 36.15 للماء، فيما يخص المساهمة والشراكة بين القطاع الخاص والعام في ميدان الماء، منها:
- قانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة؛
- قانون رقم 86-12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
[5] تقرير موضوعاتي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (المملكة المغربية)، حول: “الحكامة عن طريق التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب: رافعة أساسية للتنمية المستدامة”، 2023، ص.21.
[6]علي عبد الصمد وعادل غانم :”تحديات الأمن المائي في المنطقة العربية: الواقع وسياسات المستقبل.” أوراق السياسات الأمنية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 2023،https://spp.nauss.edu.sa/index.php/spp، تاريخ التحميل 12/06/2025، على الساعة الرابعة زوالا، ص87 .
[7] ـ يهدف التخطيط الاستراتيجي في قطاع الماء إلى ضمان تحويل الرؤى السياسية وتنزيل توجهات وطموحات الدولة، بناء على خطط واقعية ومشاريع ملموسة تعمل من خلالها على إحداث نقلة كبيرة في تدبير وتطوير قطاع الماء… وتحقيق أهدافها على المديين المتوسط والبعيد.
[8] ـ للتخطيط الاستراتيجي مراحل عديدة تبدأ بوضع الرؤية الاستراتيجية، ثم مرحلة الرسالة الاستراتيجية إلى تحديد الأهداف الاستراتيجية، مع دراسة وتحليل البيئة الداخلية والخارجية، وأخيرا تنزيل وتطبيق الخيار الاستراتيجي. والتخطيط الاستراتيجي يعرف على أنه نظام متكامل يتم تنفيذه بخطوات متسلسلة، وهو وسيلة مهمة تساعد المؤسسات في القطاع الحكومي والخاص على تحديد رؤاها وطموحاتها والصورة المستقبلية التي ترغب في الوصول اليهها.
[9] – تجدر الإشارة إلى أن لفظة “الحكامة” ذكرت في القانون رقم 15-36 لمتعلق بالماء مرتين:
- المرة الأولى في المادة 2: “تدبير الماء والملك العمومي المائي بصفة عامة وفق قواعد الحكامة الجيدة“؛
- المرة الثانية، فقد تم التنصيص عليها في المادة 90 بمناسبة معالجة المشرع لمسألة التخطيط المائي “المخطط الوطني للماء”، حيث جاء ضمن مقتضيات المادة: “…يعرض هذا المخطط الذي يحدد الإطار المرجعي للسياسة الوطنية في مجال الماء على رأي المجلس الأعلى للماء والمناخ، وتتم المصادقة عليه بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية. ويتضمن على الخصوص: ـ الاصلاحات المؤسساتية والقانونية والمالية اللازمة لإرساء أساسات الحكامة الجيدة والتدبير المندمج والمستدام للماء والملك العمومي المائي”.
[10]– تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تقرير حول: «الحكامة…»، مرجع سابق، ص .4
[11] – يمكن تعريفها بأنها نقطة تحول أو موقف مفاجئ يؤدي إلى أوضـاع غير مستقرة، وينتج عنها أحداث غير مرغوب فيها، وفي وقت قصير ويستلزم أو يتطلب اتخاذ قرار محدد للمواجهة في وقت تكون فيه الأطراف المعنية غير مستعدة أو غير قادرة على المواجهة.
[12] عبد اللطيف الكرار،” السياسة المائية بالمغرب ودورها في عقلنة تدبير الماء الفلاحي: سهل اشتوكة نموذجا”، مجلة الباحث، سلسلة الأبحاث المعمقة، العدد 107, 2017.2018، ص. 24.
[13]– الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى التاسعة لتربع جلالته العرش، فاس، 30 يوليوز 2008.
[14] احميدة العميمي: “السياسة المائية في المغرب بين الحاضر والمستقبل”، مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية، العدد 56 لشهر يوليوز 2023، ص 278.
[15] -الفقرة الأخيرة من المادة 90 من القانون رقم 15.36 المتعلق بالماء، والمادة 4 من المرسوم المتعلق بالمخطط الوطني للماء والمخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه والمخطط الحلي لتدبير المياه، مرجع سابق.
[16]– محمد المودن: “ضمان الأمن المائي بالمغرب”، المجلة المغربية للإدارة المحلیة والتنمية، العدد – 158 ماي 2021، ص 137.
[17] -عرفت مقتضيات المادة الثانية من القانون رقم 35.70 المتعلق بالماء، الحوض المائي بكونه :“مجموع المساحة الطبوغرافية التي تصرفها شبكة هيدروغرافية نحو مخرج هذه المساحة”.
[18]– عبد اللطيف الكرار:” السياسة المائية بالمغرب ودورها في عقلنة تدبير الماء الفلاحي: سهل اشتوكة نموذجا”، مرجع سابق، ص 29.
[19]– عبد اللطيف الكرار:” السياسة المائية بالمغرب ودورها في عقلنة تدبير الماء الفلاحي: سهل اشتوكة نموذجا”، م س، ص30.
[20]– منية بنمليح: “التقسيم الترابي الجهوي ومتطلبات الجهوية المتقدمة”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 95-94، شتنبر-دجنبر 2010، ص11 .
[21] – ظهير شريف رقم 1.15.83 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليوز 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 14-111 المتعلق بالجهات.
[22]– رضوان زهرو: “الجهات والجماعة الترابية من الدستور إلى القوانين التنظيمية”، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2015، ص 27 .
[23]– ظهير شريف رقم 161-11-1 صادر في فاتح ذي القعدة 1432 بتنفيذ القانون رقم 09-47 المتعلق بالنجاعة الطاقية ج. ر .ع 5989 الصادر بتاريخ 24 أكتوبر 2011.
[24] – المجلس الأعلى للحسابات، تقرير موضوعاتي:” تفعيل الجهوية المتقدمة: الإطار القانوني والمؤسساتي، الآليات والموارد، والاختصاصات”، أكتوبر 2023، ص. 59.
[25]– عبد الصمد الزو:” التخطيط الاستراتيجي للمغرب في مواجهة ندرة الموارد المائية وكسب رهان التنمية المستدامة: منطقة تساوت نموذجا”، مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ألمانيا/برلين، العدد23/2024 ص11.
[26] – راجع المادة 91 من القانون رقم 15-36 المتعلق بالماء.
[27]– العمراني عبد الواحد والعمراني سكينة.: “التدبير المؤسساتي لقطاع الماء، من تشتت وتداخل الاختصاصات إلى توحيد وتنسيق الجهود” مجلة الانسان والتنمية المستدامة، العدد الثاني 2023، ص64.
[28] ـ ياسين أوصار:” آليات الذكاء الترابي ودو رها في تطوير تنافسية المجالات وتحقيق التنمية المستدامة بالجماعات الترابية”، مجلة التعمير والبناء، المجلد 04/ العدد 02، 14 يونيو 2020، ص.191.
[29]ـ إدريس الكراوي وفيليب كليرك: “الذكاء الترابي والتنمية الجهوية بواسطة المقاولة، تجارب دولية مقارنة”، أعمال الملتقى الدولي للداخلة، مطبعة البيضاوي 2022، ص514.
[30] ـ جواد الخافي وحميد بنسي: “الموارد المائية: الإمكانيات المتاحة وإكراهات التدبير المستدام بإقليم شفشاون: حالة الجماعات الترابية المحيطة بمدينة شفشاون”، مجلة الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، المجلد 7/ العدد 26 (مارس 2025)، ص97.
[31]ـ البكاي سعيدي وفيصل فاتح:” تدبير الموارد المائية بالمغرب: الإمكانات والمعوقات: منطقة نفوذ المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي ملوية السفلى نموذجا”، مجلة الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، المجلد 7/ العدد 26 (مارس 2025)، ص62.
[32]ـ المادة 90 من القانون 36.15 المتعلق بالماء تنص على أنه: “ يوضع المخطط الوطني للماء من طرف الإدارة بتنسيق مع الإدارات المعنية وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين المعنيين على الصعيد الوطني.“
[33]المادة 92 من القانون 36.15 المتعلق بالماء تنص على أنه: “يوضع المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه من طرف وكالة الحوض المائي، بتنسيق مع الإدارات والمؤسسات العمومية المعنية واللجنة التقنية لمجلس الحوض المائي ووفق مقاربة تشاركية مع الفاعلين المعنيين على صعيد منطقة نفوذ الوكالة”.
[34]– محمد المودن:” ضمان الامن المائي بالمغرب”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 158، السنة 2021.، ص130.
[35]– محمد زين الدين: “الحكامة : مقاربة إبيستيمولوجية في المفهوم والسياق”، مجلة الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد8، 2008، ص 10.
[36] Boutaîna HASSANI ; Omayma El Ibrahimi L’intelligence artificielle et la communication touristique : Innovations et pratiques émergentes dans la région de l’Oriental au Maroc. Revue des études stratégiques et militaires. Vol 7/N° 26 (Mars 2025), p. 185.
[37]– تعرف نظم المعلومات الجغرافية على أنها : “مجموعة من رزم البرمجيات التي تمتاز بقدرتها على إدخال وتخزين واستعادة ومعاجلة وعرض بيانات مكانية لجزء من سطح الأرض“. راجع :
-BURROUGH, & all. Principles of geographical information systems. Oxford university press, 2015, p 15 .
[38] -محمد ازكرار: “ظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد: النشأة التطور والآفاق المستقبلية”، كتاب جماعي حول :” توظيف نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد في الدراسات المجالية”، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ألمانيا / برلين 2021، ص17.
[39]– محمد ازكرار، م س، ص. 19
[40] – فاحل علي وشعوان مجال: “نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد مبادئ وتطبيقات”، كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس-فاس، مطبعة انفو-برانت،2012، فاس، 197 ص.
[41] – TSAYEM DEMAZE, Moise, « Paradoxes conceptuels du développement durable et nouvelles initiatives de coopération Nord-Sud: Le Mécanisme pour un Développement Propre (MDP) », article de Colloque, In Cybergeo: European Journal of Geography, Juillet 2009, P.9.



