في الواجهةمقالات قانونية

التنظيم القانوني لحماية المبلغين عن جرائم الفساد في فلسطين – الدكتور: سامر نجم الدين أستاذ القانون الجنائي  – جامعة الخليل – فلسطين الدكتور : غازي الدرابيع أستاذ القانون الإداري – جامعة الخليل – فلسطين

الدكتور: سامر نجم الدين أستاذ القانون الجنائي  - جامعة الخليل – فلسطين الدكتور : غازي الدرابيع أستاذ القانون الإداري – جامعة الخليل – فلسطين

 

التنظيم القانوني لحماية المبلغين عن جرائم الفساد في فلسطين

Legal Regulation for the Protection of Corruption Whistleblowers in Palestine

الدكتور: سامر نجم الدين

أستاذ القانون الجنائي  – جامعة الخليل – فلسطين

الدكتور : غازي الدرابيع

أستاذ القانون الإداري – جامعة الخليل – فلسطين

 

 

الملخص

يعتبر التبليغ عن الفساد احد الاليات القانونية المتبعة في العديد من الدول لمكافحة جرائم الفساد، والتي من بينها فلسطين، التي عملت بعد انضمامها للاتفاقية الدولية لمكافحة ال فساد على مواءمة قانونها الداخلي وفقا لأحكام هذه الاتفاقية، والتي من بينها الاحكام الخاصة بالمبلغين عن وقائع الفساد وكذلك صور وتدابير الحماية الخاصة بهم، وذلك بموجب نظام خاص اصدره مجلس الوزراء الفلسطيني في العام 2019، وتضمن هذا النظام استحداث صور وتدابير جديدة لحماية المبلغين وافراد اسرهم  وعائلاتهم من اية تهديدات او تأثيرات او انتقام، هذا بالإضافة الى الاعفاء من العقوبة او تخفيفها لمن يكون متورطا بجريمة فساد، وغيرها من التدابير، والتي تعتبر ضمانات قانونية هامة في سبيل تشجيع مكافحة الفساد، وتحفيز المبلغين.

الكلمات المفتاحية : الحماية القانونية، المُبلغين، الفساد.

 

Abstract

Reporting corruption is one of the followed legal mechanisms by states for the purpose of combating corruption crimes. The State of Palestine is considered to be one of those states, as it has worked on integrating its domestic legislations in accordance with the signed and ratified United Nations Convention Against Corruption. Furthermore, the Palestinian Prime Ministry has issued a specialized regulation regarding Protection Measures for Whistleblowers in 2019, which includes creating new protection measures for whistleblowers and their families against threats, influencing or revenge acts, in addition to penalty exemption or mitigation to those involved in corruption crimes as well as other measures that are considered as important legal guarantees to fight against corruption and encourage whistleblowers.

 

 

مقدمة الدراسة

يعتبر موضوع الحماية القانونية للمُبلغين عن الفساد من المواضيع الحديثة والهامة في ميدان مكافحة الفساد، فهو موضوع ازدادا تطوره الاهتمام فيه مع بروز الفساد على الواجهة في العديد من الدول، وبالذات مع تكاتف الجهود الدولية للحد من الفساد، سواء من خلال الاتفاقيات الدولية أو الإقليمية، والتي تناولت حماية التبليغ عن الفساد وأولته أهميةً بالغة، بما انعكس بالضرورة ترجمةً تفصيلية على قوانين الدول الاطراف الراغبة في مكافحة الفساد، ومن بينها فلسطين.

إن حق المواطنين في الإبلاغ عن الفساد هو امتداد طبيعي لحق الشخص في التعبير عن رأيه، لكن هذا التعبير ليس تعبير مجرد للعموم، إنما تعبير لجهات الاختصاص، إذ لا يصح التعبير عن الفساد إلى جهات الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً إذا ما أفرد القانون جهةً خاصة لتقلي بلاغات وشكاوى وقائع أو شبهات الفساد.

إن من أبرز ما يواجهه التبليغ عن الفساد هو المفهوم السلبي في مجتمعاتنا لفكرة التبليغ، والتي يعتبرها البعض من باب الوشاية أو الخيانة، وهو مفهوم مجتمعي بحاجة للتغيير على الأقل في جرائم الفساد، من أجل استبدال الموروث السلبي لفكرة التبليغ، وتجديد مفهوم قيم المواطنة ومدى تأثير كشف الفساد وانعكاسها على مصالح الأفراد والمجتمع.

أهمية الدراسة : تنبع اهمية الدراسة من توجها الدولة الفلسطينية في مكافحة الفساد تماشياً مع الدعوات الدولية لذلك، حيث يعتبر الفساد بكافة أشكاله المعضلة الأكبر والمعوق الأساسي لتقدم الدول ونهضتها، وقد استدعى ذلك قيام اتفاقيات دولية وإقليمية وانعكاس ذلك على القوانين المحلي، كل ذلك سعياً لمحاولة الحد من الفساد، ويعتبر توفير الامان لأشخاص المبلغين عن وقائع فساد والأشخاص وثيقي الصلة بهم، من اكثر الطرق نجاعةً للوصول إلى مكافحة حقيقية للفساد، وتجفيف منابعه ومحاربة أباطرته.

المنهج المتبع : سيتم اتباع المنهج الوصفي التحليلي في هذه الدراسة، حيث سيتم تحليل النصوص القانونية الناظمة للموضوع محل الدراسة ووصف مدى مطابقتها للواقع ومدى قصورها القانوني في تغطية كافة الوقائع ذات الصلة.

إشكالية الدراسة: أشار قانون مكافحة الفساد إلى ضرورة وجود حماية للمبلغين عن وقائع فساد، واحال بذلك إلى نظام خاص يصدر عن مجلس الوزراء، والذي تضمن عدة صور ومظاهر للحماية مفصلة بشكل اكبر مما يمكن أن يرد في القانون، غير ان هذا التفصيل لا يشترط أن يكون كاملاً بل قد يعتريه النقص والقصور ، ولذلك تدور إشكالية هذه الدراسة حول السؤال المركزي او المحور التالي:

“ما مدى كفاية مظاهر الحماية التي وفرها القانون للأشخاص المُبلغين عن جرائم الفساد في التشريع الفلسطيني؟”

منهجية الدراسة : للإجابة على السؤال المحوري الوارد في إشكالية الدراسة فقد تم تقسيم هذه الدراسة وفق الآتي:

المبحث الاول: الإطار المفاهيمي للتبليغ عن الفساد

المطلب الأول: ماهية التبليغ عن جرائم الفساد

المطلب الثاني : محددات شمولية حماية المبلغين عن الفساد

المبحث الثاني : الإطار القانوني لحماية المبلغين عن الفساد

المطلب الاول : أوجه حماية مختلفة يشوبها القصور

المطلب الثاني : اوجه القصور التطبيقي في حماية المبلغين عن الفساد

 

المبحث الاول: الإطار المفاهيمي للتبليغ عن الفساد

إن حماية الأشخاص المبلغين عن الفساد فكرة لها ظهير دولي، وأساس في الشرعة الدولية، إذ نصت المادة (33) من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد[1]على ” تنظر كل دولة طرف في أن تُدخل في صلب نظامها القانوني الداخلي تدابير مناسبة لتوفير الحماية من أي معاملة لا مسوغ لها لأي شخصٍ يقوم بحسن نية ولأسباب وجيهة، بإبلاغ السلطات المختصة بأي وقائع تتعلق بأفعال مجرمة وفقاً لهذه الإتفاقية”، وقد أودعت فلسطين طلبها الخاص بالإنضمام لإتفاقية مكافحة الفساد في 2/4/2014 ودخل هذا الإنضمام حيز النفاذ بعد شهر من ذلك، وتلقت فلسطين رداً بالقبول من الامين العام للأمم المتحدة في حينها بان كي مون.

أما على المستوى الإقليمي فالاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام (2010)[2]، أشارت أيضاً إلى ضرورة حماية المبلغين عن الفساد في المادة (14) منها والتي نصت على “توفر الدولة الطرف الحماية القانونية اللازمة للمبلغين والشهود والخبراء والضحايا الذين يدلون بشهادة تتعلق بأفعال تجرمها هذه الإتفاقية وتشمل هذه الحماية أقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم، من أي إنتقام أو ترهيب محتمل…”، وقد وضعت الإتفاقية وسائل عديدة لتنفيذ الحماية المطلوبة[3].

إن هذا الإهتمام الدولي والإقليمي في حماية المبلغين، ألزم فلسطين أن تولي التبليغ عن جرائم الفساد اهتماماً موازياً له، خصوصاً وأنها طرف في هذه الإتفاقيات، بما يستلزم معه موائمة قوانينها المحلية مع الإتفاقيات الدولية والإقليمية التي وقعتها، والتزمت بها، وهو الأمر الذي انعكس سريعاً من خلال تعديل قانون الكسب غير المشروع رقم (1) لسنة (2005) من خلال القرار بقانون رقم (7) لسنة (2010) في المادة (11/2) منه والتي نصت على “تكفل الهيئة للشهود والخبراء والمبلغين عن جرائم الفساد حسني النية توفير الحماية القانونية والوظيفية والشخصية وتحدد إجراءات حمايتهم والتدابير الخاصة بذلك بموجب نظام تعده الهيئة ويصدر عن مجلس الوزراء”.

انعكست هذه القواعد العامة على التشريع الفلسطيني فانبرى مجلس الوزراء واًصدر قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم (7) لسنة (2019) الخاص بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم، فَصَّلَ فيه قواعد الحماية المذكورة استجابة للالتزامات الدولية والإقليمية في هذا الجانب.

وعليه يتناول هذا المبحث مطلبين: المطلب الأول بعنوان ماهية التبليغ عن جرائم الفساد، بينما المطلب الثاني بعنوان محددات شمولية حماية المبلغين عن الفساد

المطلب الأول: ماهية التبليغ عن جرائم الفساد 

يعتبر التبليغ عن الجرائم أو كما يسميه البعض الإخبار الجرمي (بكسر الهمزة)، هو أمر إيجابي في إطار السعي إلى توفير أكبر قدرٍ من الحماية للمجتمع، خصوصاً حمايته من الفساد، إذ أنه يحيط السلطات المختصة علماً بوقوع جريمة من الجرائم التي لم تكن تعلم بوجودها، أو يدلي بمعلومات تصل لأول مرة إلى علم السلطات، فكل ما يبديه المبلغ للسلطات المختصة يساهم في تكثيف الجهود لمنع وقوع حادثة فساد، أو لمعاقبة من ارتكبوها.

والحقيقة أن التبليغ عن الفساد ذو أثر قِيَمِيّ هام نظراً للمصلحة الشخصية والمجتمعية في اكتشاف الجريمة[4]، فهو يعزز مواطن ثقة الأفراد بحكوماتهم، بما يعزز من ثقتهم في قراراتها، ويخلق حالة من إنتماء المواطن لبلده وحكومته، لشعوره بعدم قدرة أشخاصٍ متنفذين على استهلاك مقدرات الدولة دون معاقبة، ولتوازي فرص الجميع في كل ما يتعلق بالدولة، بما يخلق ثقافةً وروحاً إيجابية تنعكس ولو على المدى البعيد، على شفافية مؤسسات الدولة، ولتبيان كل ماسبق سنتناول هذا المطلب في ثلاثة فروع على التوالي، الفرع الأول: تعريف التبليغ عن الفساد، الفرع الثاني: تمييز المبلغ عن الفساد عما يقاربه من مصطلحات، الفرع الثالث : مدى إلزامية التبليغ عن جرائم الفساد.

الفرع الأول: تعريف التبليغ عن الفساد

يعرف البلاغ بانه “إخطار إلى السلطات المختصة بوقوع جريمة من أي شخص، وهو قد يكون تحريرياً مقدماً من صاحبه مباشرةً أو مرسلاً بطريق البريد، أو منشوراً في الصحف أو وسائل النشر المختلفة، وقد يكون شفهياً من صاحب الشأن مباشرةً أو بالتليفون، وقد يكون البلاغ من شخص معلوم أو من شخص مجهول[5]“، أو هو “إخبار السلطات المختصة عن وقوع جريمة أو أنها على وشك الوقوع أو أن هناك إتفاقاً جنائياً على ارتكابها”، بينما يعرف المُبلغ بأنه كل شخص عادي أو موظف يقوم بالتبليغ عن الجرائم التي تقع في مجتمعه سواء وقعت أو لم تقع، وبإرادته المنفردة، إلى المصالح الأمنية، حيث تقوم بدورها في قمع الجريمة ومنع وقوعها واتخاذ التدابير اللازمة لذلك[6].

وقد عرف المشرع الفلسطيني المُبلغ[7] بأنه الشخص الذي يُبلغ أي من الجهات المختصة بواقعة فساد[8]، ولم يوضح المشرع آلية أو طريق التبليغ في التعريف، وبالتالي فإنه كأصل يمكن التبليغ كتابةً او شفاهةً، إلا أن هيئة مكافحة الفساد قد قامت بعمل نموذج شكوى مكتوبة يُمكن لمن يرغب بالتبليغ عن الفساد من تعبئته النموذج وتقديمه للهيئة، والبلاغ عن جرائم الفساد على نوعين[9]، الأول: البلاغ غير الملزم وهو البلاغ الذي يرد إلى السطات العدلية المختصة من أي شخصٍ تناهى إلى علمه بمعلومات عن جريم وقعت او ستقع، أما النوع الثاني: البلاغ الملزم ويكون كذلك عندما يكون من علم عن جريمة وقعت موظف عام أو من كُلفَ بخدمةٍ عامة.

وبالتدقيق نجد أن المشرع الفلسطيني في تعريفه للتبليغ لم يشترط التبليغ عن جريمة فساد، إنما نص على عبارة واقعة فساد، وهي عبارة أشمل وأوسع، إذ أن بعض الأعمال التي تندرج تحت المفهوم الواسع للفساد ليس شرطاً أن تكون مجرمة بالقصد، خصوصاً في حالات الإهمال وقلة الإحتراز والخطأ، أو في حال الأخطاء الإدارية، إضافة إلى أن التبليغ عن واقعة فساد قد ينتج عنه براءة المبلغ عنه، وبالتالي إعطاء حكم مسبق بالنص على أنها جريمة فساد، وهو ما يتنافى مع فكرة الحياد في الصياغة القانونية، وقاعدة قرينة البراءة، لذا فإن الباحث يوافق المشرع الفلسطيني في ذكره لعبارة واقعة فساد وليس جريمة فساد في التعريف.

 

الفرع الثاني : تمييز المبلغ عن الفساد عما يقاربه من مصطلحات

يتقارب المركز القانوني للشخص القائم بالتبليغ عن الفساد مع المركز القانوني لبعض الأشخاص المساعدين للعدالة، مثل الشاهد والخبير والمُخبر، فكلهم أذرع مساعده في الوصول إلى الحقيقة، وتحقيق العدالة بإرشاداتهم سواء من واقع مشاهدتهم أو علمهم وخبرتهم، ونظراً لتقارب المركز القانوني ما بين المبلغ والشاهد والمخبر والخبير، فأنه لابدَّ من توضحيها كما يلي:

أولاً : الشاهد

تكتسي الشهادة بالإضافة إلى التبليغ أهمية بالغة جداً لمحاصرة الجناة، للحيلولة دون هروبهم من العقاب، جراء الإدلاء بالشهادة، خصوصاً في القضايا المطبوعة بالتعتيم كالرشوة، ويعرف الشاهد بأنه الشخص الذي يعاصر ارتكاب الجريمة ويُعاينها بأي حاسةٍ من حواسه، سواء اكانت بالسمع أم بالبصر أم باللمس[10]، وقد عرف قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة (2019) الشاهد بأنه “الشخص الطبيعي الذي يدلي بشهادة أمام الهيئة أو النيابة العامة أو القضاء”، ويؤخذ على هذا التعريف الذي تبناه المشرع الفلسطيني للشاهد عدة أمور وهي :

  • تعريف فضفاض: إذ يدخل في مفهوم الشاهد وفق هذا التعريف من عاين الجريمة بأحد حواسه، ومن لم يعاينها، فهو مفهوم مُوَسع للشاهد يدخل فيه كل من كان على علاقة بالمتهم والجاني.
  • ساوى في الإدلاء بالشهادة بين جهات قضائية وهي النيابة والمحكمة وبين جهة غير قضائية وهي هيئة الفساد، والتي لا يحق لها مباشرة التحقيق، وإنما لها الحق بوصف أفرادها مأموري ضبط قضائي لهم صفة الضبطية القضائية في قضايا الفساد فقط، ان يقوموا بمحضر جمع الاستدلالات في المخالفات والجرائم الجنحوية، وأخذ الإفادات، دون الحق بالاستجواب، وسماع الشهود بصفةٍ قضائية، إلا في حالات التفويض[11].
  • مفهوم الشاهد يشمل هنا الجاني و المُبلغ والمجني عليه، والخبراء، والمُخبرين، والمدعيين بالحق المدني، فيما لو تواجدوا، علماً ان القانون لا يؤهل المدعين بالحق المدني ليكونوا شهود على وقائع الادعاء بالحق المدني.

ويتوجب عدم الخلط بين المبلغ والشاهد إذ يمكن القول أن كل مبلغ شاهد لكن ليس كل شاهد مبلغ، وهذا يدفع إلى توفير الحماية مبكراً للمُبلغ وليس الانتظار إلى أن يصبح شاهداً، فليست كل شبهة فساد قد تفضي إلى تحريك الدعوى العمومية باتجاه المبلغ عنه، بما يحتم وتشجيعاً للتبليغ عن الفساد أن تبدأ الحماية بأقصاها من لحظة التبليغ، في حال طلبها -أي الحماية- ومن هنا يمكن القول بأن المشرع الفلسطيني فرق بين المُبلغ والشاهد ابتداءً من خلال المبادرة، فالمُبلغ هو أول من يقوم بالتبليغ عن الفساد، ويتحول لاحقاً لشاهد، أما الشاهد فليس شرطاً ان يكون مُبلغاً ابتداءً عن الفساد، إنما تُستجلى أهمية شهادته والوصول له من خلال التحقيقات، وعليه نخلص إلى القول، أن كل مُبلغٍ شاهد، وليس كل شاهد مُبلغ.

ثانياً: الخبير

عرف قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة (2019) في مادته الأولى الخبير بأنه “الشخص المكلف من قبل الهيئة أو أي من الجهات المختصة ذات العلاقة بمعلومات تتعلق بالفساد”، والحقيقة أن المشرع جانب الصواب في تعريفه بذكره كلمة معلومات فقط في التعريف، فالمعلومات المجردة تتوفر لدى الشاهد والخبير والمُبلغ، أما المعلومات التي يفترض بالخبير الإدلاء بها هي معلومات فنية في حدود اختصاصه، مثل المهندس في بيان مدى مطابقة الباطون للمواصفات، أو المحاسب في بيان مدى سلامة إجراء العمليات المحاسبية، وبالتالي فاتصال الخبير بالجريمة هو اتصال لاحق لكشفها وإحالتها للجهات المختصة بينما اتصال المبلغ والشاهد والمخبر هو اتصال سابق بالجريمة عن موعد كشفها.

وعليه فلا يمكن للمبلغ أن يكون خبيراً في ذات القضية التي بلَّغ عنها، لأنه يصبح صاحب مصلحةٍ في إثبات صحة تبليغه، وبالتالي تكون شهادته بالخبرة شهادةً مجروحة وغير جائزة، لذا فمن غير المنطقي وغير القانوني على حدٍ سواء أن يصبح المبلغ خبيراً، حتى وإن كان هو بالفعل خبير في القضية محل النظر.

ويعتبر قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني الخبير شاهد[12]، لكنه شاهد من نوع خاص، يحلف اليمين ويشهد على خبرته[13]، وهو ما ذهبت له محكمة النقض الفلسطينية في أكثر من حكم لها[14]، كما نُظمت الخبرة بشكل مفصل باعتبارها إحدى وسائل الإثبات المدنية في قانون البينات في المواد المدنية والتجارية رقم (4) لسنة (2001) في الفصل الثامن من الباب الثاني في المواد (175-191).

ثالثاً: المُخبر

أضاف المشرع الفلسطيني مصطلحاً جديداً للنظام القانوني الفلسطيني ألا وهو مصطلح المُخبر[15]، وهذا المصطلح وإن كان مستحدثاً في فلسطين، فهو ليس كذلك في دول أخرى[16]، وليس المخبر هنا هو الشخص الذي يعمل سراً لمصلحة جهاز أمني بعينه كما هي العادة أو ما يسمى المخبر السري[17]، فالإخبار هو إعلام الجهات المختصة من شخص ما بوقوع جريمة ما[18]، أما المُخبر فقد عرفه قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم (7) لسنة (2019) بأنه الشخص الذي يقوم بإخبار الهيئة أو أي من الجهات المختصة ذات العلاقة بمعلومات تتعلق بواقعة الفساد[19]، ولم يوضح المشرع فيما إذا كان هذا المخبر مجهول الشخصية أو معروفاً، والحقيقة أن المشرع فرق بين المُبلغ والمُخبر، فالمُبلغ وفق المشرع هو المبادر الأول في إعلام الجهات ذات الإختصاص بوقوع شبهة فساد، أما المخبر فهو الشخص الذي يعزز إخبار المبلغ من خلال الإدلاء بالمعلومات التي يحوزها لجهات الإختصاص، وبالتالي فالمشرع لم يكرر نفسه فالمبلغ هو مخبر بما يدلي به من معلومات وهو يحوز الصفتين، أما المخبر فلا يحوز إلا صفة واحدة وهي كونه مخبراً.

غير أن المفهوم الموسع للشاهد وطبيعة تعريف المخبر تجعل من الممكن أن يصبح المخبر شاهداً، في مرحلة لاحقة بعد تحريك الدعوى العمومية وإحالة القضية إلى نيابة مكافحة الفساد.

إن هذه التفرقة المبدئية بين المبلغ والشاهد والخبير والمخبر، بالرغم من أهميتها، إلا أنه لا يمنع من القول بأنهم جميعاً في إحدى مراحل القضية المعروضة على المحكمة قد يحوزوا صفة الشاهد.

الفرع الثالث: مدى إلزامية التبليغ عن جرائم الفساد

إن التبليغ عن جرائم الفساد هو واجب أخلاقي واجتماعي قبل أن يكون واجب قانوني، لكن وحتى يكون الأمر ملزماً قانوناً لا بد من البحث عن مدى إلزامية النص على التبليغ عن جرائم الفساد التي تقع من قبل الجناة، وهذا الأمر يستلزم البحث في مدى إلزامية التبليغ عن الجرائم بالعموم ابتداءً ومن ثم الوصول إلى مدى إلزامية التبليغ عن جرائم الفساد؟

للإجابة عن هذا التساؤل يجب الرجوع إلى النصوص القانونية الناظمة للتبليغ عن الجرائم بالعموم، إذ نجد أن المشرع الفلسطيني نظم الأمر ابتداءً في قانون العقوبات النافذ وقانون الإجراءات الجزائية، حيث نص قانون العقوبات رقم (16) لسنة (1960) تحت مفهوم الجرائم المخلة بسير العدالة، على جريمة كتم الجنح والجنايات من قبل الأفراد والموظفين في المواد (206،[20]207[21]) والمتمعن في هذه المواد يجد أن المشرع قد صاغها كجريمة سلبية تقوم بالإمتناع، وليس كواجب على الأفراد أو الموظفين ليقوموا بالتبليغ عن وقوع الجريمة، أما قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة (2001) وبوصفه قانون إجرائي كان أوضح في النص على التبليغ عن الجرائم بشكل مباشر، حيث نصت المادة (24) منه على ” لكل من علم بوقوع جريمة أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها ما لم يكن القانون قد علق تحريك الدعوى الجزائية الناشئة عنها على شكوى أو طلب أو إذن”، كما نصت المادة (25) من القانون ذاته على “يجب على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة أن يبلغ عنها السلطات المختصة ما لم يكن القانون قد علق تحريك الدعوى الجزائية الناشئة عنها على شكوى أو طلب أو إذن”، والواضح أن صياغة المشرع في كلا النصين جاءت بصيغة الإلزام، إلا أنه لم يضع عقوبة على عدم التبليغ عن الجرائم، وبالتالي فالقاعدة القانونية التي لا تقترن بالجزاء تفقد إلزاميتها، وإذ ذلك نجد أن ظاهر التشريع يوقن إلزامية التبليغ إلا أن صياغة النصوص لا تسعف إرادة المشرع غير الظاهرة، ذلك أن عدم تبليغ الموظف بالذات عن الجرائم التي تقع في حدود عمله يعتبر إخلال خطير بواجبات الوظيفة أو الخدمة العامة[22]، فالمستخلص من نية المشرع في المواد (25،24) من قانون الإجراءات الجزائية هو ذات ما قررته محكمة النقض المصرية والتي قالت في أحد أحكامها” إن إبلاغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم – التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية فيها بغير شكوى أو طلب – يعتبر حقاً مقرراً لكل شخص وواجباً على كل من علم بها من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء وبسبب تأدية عملهم وذلك حماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون ومن ثم فإن استعمال هذا الحق أو أداء هذا الواجب لا تترتب عليه أدني مسئولية قبل المبلغ إلا اذا ثبت كذب الواقعة المبلغ عنها وأن التبليغ قد صدر عن سوء قصد بغية الكيد والنيل والنكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط ، أما إذا تبين أن المبلغ كان يعتقد بصحة الأمر الذي أبلغ عنه أو قامت لديه شبهات تبرر التبليغ فإنه لا وجه لمساءلته عنه ومن ثم فلا تثريب على المبلغ إذا أبلغ النيابة العامة بواقعة اعتقد بصحتها وتوافرت له من الظروف والملابسات الدلائل الكافية والمؤدية إلى اقتناعه بصحة ما نسب إلى المبلغ ضده”[23].

أما فيما يتعلق بجرائم الفساد فقد نصت المادة (11/1) من القرار بقانون رقم (7) لسنة (2010) بشأن تعديل قانون الكسب غير المشروع[24]رقم (1) لسنة (2005) على” كل من يملك معلومات جدية أو وثائق بشأن جريمة فساد منصوص عليها في هذا القانون وقعت من أي موظف أن يقدمها إلى الهيئة أو أن يتقدم بشكوى بشأنها ضد مرتكبها”، والملاحظ أن المشرع هنا يتحدث عن جريمة فساد وليس واقعة فساد، وهو حكم مسبق عن فعل قد لا يرتقي للفعل الجرمي، وهو معاكس لما ذكره سابقاً في تعريف المبلغ عن جريمة الفساد، لذا فمن الأفضل أن يقوم المشرع بتعديل كلمة “جريمة فساد” الواردة في المادة إلى كلمة “واقعة فساد”، وقد سارت على مبدأ إلزامية التبليغ عن وقائع الفساد من قبل الموظفين قوانين أخرى مثل قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية رقم (15) لسنة (2004)[25]، والقرار بقانون بشان الشراء العام رقم (8) لسنة (2014)[26].

 

المطلب الثاني : محددات شمولية حماية المبلغين عن الفساد

إن تمكين الأشخاص المبلغين عن الفساد من الإحساس بالثقة لا يجعلهم يتجاوزون الترهيب الذي يثيره الوقوف أمام القضاء، إنما يسمح لهم على وجه الخصوص تجاوز التخوف من الإنتقام الحقيقي أو المفترض منهم أو من أقاربهم[27]، لذا وسع المشرع في الأشخاص المشمولين بالحماية إثر التبليغ عن واقعة فساد، ولم يقصرها على المبلغ فقط، إنما وسعها لمن يفترض إمكانية الضغط على المبلغ من خلالهم في حال تم إيذائهم أو المساس بهم.

وتم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين : الأول بعنوان الأشخاص المشمولين بالحماية النطاق الشخصي لحماية المبلغين عن الفساد، والثاني بعنوان قواعد تمييزية أو تفضيلية في طلب الحماية وسيتم تناولها تباعاً.

الفرع الأول : الأشخاص المشمولين بالحماية النطاق الشخصي لحماية المبلغين عن الفساد

توسع المشرع الفلسطيني في دائرة الأشخاص المشمولين بالحماية لطالب التبليغ عن الفساد، فلم يقتصر عليه بشكل شخصي أو حتى على أقاربه المباشرين وهو ما نصت عليه المادة (3) من قرار مجلس الوزراء، إلا أن هذا التوسع هو توسع مضبوط  بضوابط تشريعية توسع من مفهوم الحماية، لكنها لا تجعله مفتوحاً، إذ شملت الحماية صنفين وهم الصنف الأول طالب الحماية وأقاربه حتى الدرجة الرابعة، أما الصنف الثاني فيشمل الأشخاص وثيقو الصلة بطالب الحماية.

  • طالب الحماية وأقاربه حتى الدرجة الرابعة.

أ: طالب الحماية: هو الشخص الذي تقدم ببلاغ لهيئة مكافحة الفساد أو الجهات المختصة، وتقدم بطلب الحماية لوحدة الحماية التابعة لهيئة مكافحة الفساد، ويستمر طلب الحماية من لحظة تقديمه إلى ما بعد نهاية القضية كأصل ما لم تتم مراجعة إجراءات الحماية والتغيير عليها.

ب: الأقارب حتى الدرجة الرابعة: وضع المشرع ضابطاً وحيداً لحماية أقارب المبلغ، وهي صلة القرابة حتى الدرجة الرابعة[28]، دون ضوابط أخرى مثل السكن المشترك، او العلاقات العاطفية أو الجنسية الدائمة، أو الأبناء بالتنبي[29]، وبالتالي فأن الأشخاص الذين تشملهم الحماية هم الأقارب حتى الدرجة الرابعة فقط، وهو أمر لا يمكن التوسع فيه أو القياس عليه، لوضوح قصد النص أولاً ولتوسع المشرع أساساً في دائرة الأشخاص المشمولين بالحماية.

  • الأشخاص وثيقو الصلة بطالب الحماية.

لقد شملت الحماية وفق نص المشرع الفلسطيني الأشخاص وثيقو الصلة بطالب الحماية، وليس بالقضية، فبعض التشريعات تتوسع في الحماية لتشمل كل شخص يتلقى تهديداً بسبب علاقته بالقضية، وهو ما يتضمن القضاة والمخبرين وأعضاء النيابة العامة، والمترجمين[30]، أما تحديد من هم الأشخاص وثيقو الصلة بطالب الحماية، فهو ليس أمراً يسيراً، فالمشرع وسع هذه الدائرة لتشمل أشخاصاً لا تربطهم روابط دم بطالب الحماية[31]، فقد تشمل الحماية الأصدقاء، أو الشركاء في العمل، أو الجيران في المنزل، أو الأبناء بالتنبي، وكل من تربطه علاقة وثيقة بالمُبلغ، وأمر تقدير ضمان الحماية يعود إلى شخص المطالب بهذا الحق بعد تقديم الأسباب الجدية لذلك[32]، والأمر بعدها متروك كسلطة تقديرية لرئيس هيئة مكافحة الفساد، ووحدة الحماية التابعة للهيئة، وهذه السلطة التقديرية تختلف من حالة إلى أخرى بحسب معطيات كل قضية على حدة، وكان من الأفضل أن تترك السلطة التقديرية في تحديد الأشخاص وثيقو الصلة لجهة قضائية من البداية وليس كمرحلة لاحقة كما هو الحال في التشريع الفلسطيني.

إن المشرع الفلسطيني لم ينص على الشمول التلقائي لأي شكل من أشكال الحماية، في حال التبليغ عن الفساد، وجعل الأمر كله مرهون بطلب المُبلغ ذاته، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا لو لم يرغب المبلغ عن الفساد بطلب الحماية لشخص قريب أو وثيق الصلة به لوجود خلاف معه، دون علم احد ممن يشكلون خطراً عليه بالخلاف؟

لم يشر المشرع إلى هذه الحالة بالمطلق، وبالتالي قد يستفيد المبلغ عن الفساد بالتخلص من أحد الأشخاص الذين لا يرغب بوجودهم عن طريق المبلغ عنهم، لاعتقادهم أنهم بذلك يردعون المبلغ من الإستمرار بما بدأ، وسيثنونه عن تقديم شهادته مستقبلاً، وهو الامر الذي يدعو لمطالبة المشرع الفلسطيني بضرورة تفعيل الحماية التلقائية للأشخاص المرتبطين بالمبلغ، وعدم ربط طلب الفساد بشخص المبلغ، إنما بكل من يستشعر خطراً وهو على علاقة بالمُبلغ.

الفرع الثاني : قواعد تمييزية أو تفضيلية في طلب الحماية

سعى المشرع إلى إضفاء مزايا تفضيلية لطلب الحماية المقدم من المبلغين عن الفساد سعياً منه لضمان مبدأ الشفافية في الحياة العامة الفلسطينية، تشجيعاً للتبليغ عن الفساد، وهذه المزايا منها ما يتعلق بطبيعة الطلب ومنها ما يتعلق بالحفاظ على مقدمه، وعلى المساس بحياته الخاصة، وقد وضعت هيئة مكافحة الفساد شروطاً على طالب الحماية[33] وهي:

  1. انطباق الصفة بحسب نص المادة (1) من نظام حماية المبلغين والشهود رقم 7 لسنة 2019.
  2. توافر حسن النية لدى مقدم طلب الحماية.
  3. وجود ضرر فعلي او محتمل الوقوع.
  4. وجود علاقة سببية بين البلاغ أو الشكوى أو المعلومات المقدمة للهيئة وبين الخطر والضرر المدعى بحدوثه أو بإمكانية حدوثه.
  5. ان يكون الطلب المقدم مبنيا على معلومات مرتبطة بأفعال فساد.
  6. تحديد هوية مرتكبي الأفعال المزعومة، وشركائهم.
  7. يجب ألا يكون قد تم النظر في الوقائع المزعومة في إجراءات قضائية أو إدارية منتهية رسمياً.
  8. المحافظة على السرية التامة من طالب الحماية.

 

إن هذه الشروط الواجب توفرها لدى طالب الحماية لا بد من تمييزها بقواعد فضلى لضمان فاعلية تنفيذ مثل هذه الحماية وتمثل هذه القواعد في محاور اهمها:

أولاً : الإستعجال 

من المعلوم ان السرعة في البت بطلبات الحماية أمر ضروري، فالسرعة قد تسعف طالب الحماية من ان يمسه ضرر او مكروه، فأوجد المشرع مدتين وحباهما بصفة الإستعجال المدة الاولى 7 أيام وهي مدة ممنوحة لوحدة الحماية من أجل دراسة طلب الحماية المقدم من قبل طالب الحماية، وعليها خلال هذه المدة ان تقوم برفع توصيتها بقبول أو رفض طلب الحماية إلى رئيس الهيئة مع تسبيب التوصية[34].

أما المدة الثانية فهي مدة ثمانية وأربعون ساعه وهي المدة الممنوحة لرئيس الهيئة من اجل إصدار قراره بتوفير الحماية لطالب الحماية من عدمه واشترط ايضاً ان يكون قرار مسبباً في الحالتين، وهو ما يؤكد ان رئيس الهيئة ليس ملزماً بتنسيب وحدة الحماية سواء بالقبول او الرفض.

لكن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو حول الأثر المترتب على صمت او سكوت الالأثر النترتبسكوت رئيس الهيئة عن اتخاذ موقف تجاه هذا التنسيب سواء بالرفض أو بالقبول؟

الأصل أنه يجب على المشرع معالجة القصور التشريعي في هذه الحالة المترتبة على الصمت او السكوت وذلك بتحديد الأثر القانوني صراحة بالقبول او الرفض في حالة الصمت، ولضمان حماية وفاعلية أكثر في حماية المبلغين نرى انه يجب ان يكون موقف المشرع نحو اعتبار الطلب مقبولا بعد مضي المدة المحددة فيما لو انقضت هذه المدة دون موقف صريح من رئيس الهيئة، وفي ذلك ضمانة لحماية المبلغين من أي اخطار او تهديدات يمكن ان يتعرضوا لها نتيجة عدم قبول الحماية او انتظار قبول طلب الحماية، لا سيما في حالة تجاوز المدة المحددة دون قرار صريح ولأي سبب قد يؤدي الى تفويت فرصة الحماية لمقدم الطلب هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى قد يفوت الفرصة على وحدة الحماية من اتخاذ الاجراءات العملية التي يتعين القيام بها مباشرة بعد البت في الطلب من قبل رئيس الهيئة في سبيل الوفاء والالتزام بالطبيعة الاستعجالية لطلب الحماية.

ثانياً: ازدواجية صفة الطلب

تنص المادة (6) من قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة 2019م بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم على “1. لطالب الحماية التظلم أمام الرئيس خلال (10) أيام من تاريخ صدور قرار رفض الطلب، على أن يتم البت في التظلم خلال (7) أيام من تاريخ تقديمه.2. لطالب الحماية اللجوء للمحكمة المختصة في حال رفض التظلم.”

إن التشريع الفلسطيني أضفى على عدم قبول طلب توفير الحماية المقدم لوحدة حماية المبلغين والشهود[35] نوعين من الحماية الاولى حماية إدارية والثانية حماية قضائية.

  • الحماية الإدارية: أعطى المشرع الفلسطيني طالب الحماية فرصة إضافية قبل الخروج من نظام هيئة مكافحة الفساد بأن سمح لطالب الحماية التقدم بتظلم على قرار عدم قبول طلبه توفير الحماية المقدم لوحدة حماية المبلغين والشهود، يقدم إلى رئيس هيئة مكافحة الفساد مباشرةً، وقد خص الأمر بمدد محددة قصيرة سواء في مدة اللجوء لمكنة التظلم والتي حددها بعشرة أيام أو بمدة البت في طلب التظلم والتي حددها في سبعة أيام من تاريخ تقديم التظلم، وهي مدد قصيرة تساهم في تحديد مركز طالب الحماية القانوني بشكل سريع تجاه ما يريده.

غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، هل اللجوء لمكنة التظلم لرئيس هيئة مكافحة الفساد أمر إلزامي على طالب الحماية أم اختياري؟  أو بتعبير آخر هل التظلم هنا وجوبي أم اختياري؟ وللإجابة عن السؤال يجب الرجوع لصياغة نص المادة (6/1) من قرار مجلس الوزراء والتي نجد أنها بدأت الصياغة بعبارة “لطالب الصياغة التظلم…”، ويستفاد من هذه الصياغة التخيير لا الإلزام، غير القراءة الكلية للمادة من خلال الفقرة الثانية للمادة ذاتها والتي تُعنى بالحماية القضائية لطالب الحماية قد تغير هذا الحكم المبدئي، إذ اشترطت هذه الفقرة من أجل اللجوء للمحكمة المختصة، رفض التظلم المقدم من قبل طالب الحماية من قبل رئيس الهيئة، بما يعني ان اللجوء للمحكمة المختصة مرتبط بتقديم التظلم ابتداءً، وإلا فالمحكمة لن تنظر الدعوى المقدمة لها في هذه الحالة كون أن هناك إجراء سابق كان من الواجب اتخاذه، بما يؤكد ان التظلم هنا هو تظلم وجوبي، وكان حريٌ بالمشرع ان يكون اكثر دقة في صياغة نصوصه لتجنب التفسيرات المختلفة للنص وأن يكون مباشراً في مقاصده، إذ ان نصاً بهذه الكيفية ينحى نحو الركاكة وتعدد التأويلات.

  • الحماية القضائية: رسم المشرع طريقاً إضافيا لطالب الحماية بحيث منحه فرصة اللجوء إلى القضاء وفق المادة (6/2) من قرار مجلس الوزراء المذكور، إلا أنه لم يحدد المقصود بالمحكمة المختصة وهو ما يثير إشكالية تحديد الملجأ القضائي المختص فيما إذا كان محكمة جرائم الفساد أو محكمة أخرى مثل المحاكم الإدارية، ولكن من خلال التنظيم القانوني لطلب الحماية نجد ان المشرع يتجه نحو اعتباره قراراً إدارياً كونه يصدر من جهة إدارية ويصدر بناء على إجراء إداري وهو التوصية الصادرة عن وحدة الحماية حسب نص المادة (5/3) من قرار مجلس الوزارء[36]، كما أخضع هذا القرار للتظلم والذي يعتبر طريقاً رئيسياً من طرق الإعتراض على القرارات الادارية.

إن المشرع الفلسطيني قيد حق طالب الحماية باللجوء للمحكمة في حالة واحدة وهي رفض التظلم، ويعتبر هذا انتقاصاً للحق في التقاضي ذلك ان الرئيس قد لا يجيب طلب طالب الحماية في كل طلباته، ويقتصر على بعضها دون البعض الآخر مثل قبول طلب الحماية لمقدمه دون أفراد أسرته او أشخاص وثيقي الصلة به، وهو في هذه الحالة قد يفوت المصلحة المرجوة التي ابتغاها المشرع من توفير الحماية لمقدم الطلب، كما ويعتبر ذلك قصوراً تشريعياً يحتاج إلى قواعد قانونية واضحة ومحددة حتى لا يستخدم رئيس الهيئة سلطاته على نحو مخالف للقانون.

وهذا يتنافى مع مبدأ التوقع المشروع الذي يعتبر من المبادئ الأساسية التي تحكم قواعد المسؤولية للإدارة. كما ان المشرع لم يحدد الأثر القانوني المترتب على عدم البت في التظلم المقدم من قبل طالب الحماية إلى رئيس الهيئة خلال المدة المحددة للنظر فيه، وذلك فيما إذا كان يعتبر مضي المدة قبولاً أم رفضاً، لا سيما وان هذه المواعيد تتسم بالقصر والإستعجال ولا يستقيم ألا يكون الاثر المترتب عليها غير محدد بمنح سلطة تقديرية واسعة لرئيس الهيئة في البت بالتظلم من عدمه.

نستنتج مما سبق بان المحكمة التي يمكن اللجوء إليها من للطعن بالقرار الصادر برفض التظلم من قبل رئيس هي مكافحة الفساد هي المحكمة الإدارية وفقاً للقرار بقانون رقم (41) لسنة (2020) بشأن المحاكم الإدارية، وهو ما يتيح أيضاً لطالب الحماية حق او فرصة طلب التعويض فيما لو تبين عدم مشروعية قرار رئيس مكافحة الفساد، ناهيك عن أن الطعن هنا يتسم بصفة الاستعجال كون الدعوى الإدارية تتسم بالسرعة، هذا فضلاً عما أصبحت تتمتع به المحكمة الإدارية من صلاحية النظر الطلبات المستعجلة أو طلبات الاستعجال الإداري.

ثالثاً: الالتزام بواجب السرية

لقد حرصت اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد على إضفاء صفة السرية على شخصية المبلغ عن الفساد[37]، وأحاطت ذلك بتدابير عديدة مثل عدم إفشاء المعلومات المتعلقة بهويتهم وأماكن تواجدهم أو بفرض قيود على إفشائها، إلا أنها لم تجرم ذلك صراحةً، وعلى ذات النهج سار المشرع الفلسطيني في حماية من تقرر إضفاء طابع السرية على معلوماته وهويته من المبلغين عن جرائم الفساد فوضع نظام حماية المبلغين النافذ قاعدة عامة تقضي بحماية طلبات توفير الحماية بالسرية في المادة (7/1) من النظام والتي نصت على ” تعامل طلبات توفير الحماية بسرية تامة”، وهذا يعني ان الحماية توفر بناء على الطلب وليس بشكل تلقائي، كما حظرت الفقرة الثانية من ذات المادة على وسائل الإعلام نشر أي بيانات تؤدي لكشف هوية الخاضع إذ نصت على ” يحظر على وسائل الإعلام نشر أي بيانات أو معلومات تؤدي إلى كشف هوية الخاضع للحماية”، والمتمعن في طبيعة هذا النص يجد قصوراً في أمرين، الاول: هو قصر المنع على وسائل الإعلام فقط، وهذا لا يتلاءم مع التطور التكنولوجي الذي بات فيه إمكانية وصول الأفراد لعموم الناس سهلاً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وبالتالي إمكانية إظهار معلومات عن طالب توفير الحماية لعموم الناس، اما الامر الثاني: فهو عدم وجود عقوبة واضحة منصوص عليها لمخالفة قرار السرية، وصحيح ان الاتفاقية الدولية لم تنص صراحة على تجريم ذلك إلا انها استخدمت مصطلح “تدابير مناسبة”، وهو ما يترك المجال مفتوحاً للدولة[38] إذا ما أرادت معاقبة إفشاء واجب السرية من خلال وضع النصوص اللازمة لذلك.

 

 

 

المبحث الثاني : الإطار القانوني لحماية المبلغين عن الفساد

لقد نظم نظام حماية المبلغين الصادر عن مجلس الوزراء صور واشكال متعددة لحماية المبلغ عن واقعة الفساد، غير أن هذه الاوجه المتعددة للحماية شاب القصور بعض جوانبها سواء قصور نقص أو تناقض أو غموض، وللوقوف على كل ذلك تم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين الاول يتناول أشكال الحماية للمبلغ عن وقائع الفساد والمطلب الثاني يتناول أوجه القصور التطبيقي في حماية المبلغين عن الفساد.

المطلب الاول : أوجه حماية مختلفة يشوبها القصور

سعت القوانين إلى إضفاء أشكال مختلفة من الحماية للمبلغين عن جرائم الفساد، وسار على ذات النهج المشرع الفلسطيني الذي سعى إلى توفير عدة صور لحماية المبلغين عن جرائم الفساد، وذلك لتحقيق أكبر قدر من الحماية لهم، ومن جوانب مختلفة، إضافة لتشجيع الآخرين لأجل التبليغ عن جرائم الفساد، وهو مبتغى المشرع، إضافة إلى امتداد هذه الحماية لتشمل المبلغ كشاهد يعتمد على شهادته كدليل إثبات له قيمته أمام المحكمة.

وقد عرف المشرع الفلسطيني الحماية في قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة (2019) بأنها “الحماية الوظيفية والقانونية والشخصية المقدمة من طالب الحماية وفق مقتضى الحال”، ومن الواضح أن المشرع قد قسم الحماية إلى أنواع ثلاثة وهي الحماية الوظيفية والقانونية والشخصية، وعليه سنتناول هذه الأنواع الثلاث على التوالي.

 الفرع الاول : الحماية الوظيفية

عرف قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة (2019) الحماية الوظيفية بأنها “الإجراءات المتخذة بهدف ضمان عدم وقوع أي ضرر لطالب الحماية على المستوى الوظيفي أو العمل نتيجة إبلاغه عن الفساد”[39]، والنظر في طبيعة التعريف يجد ان المشرع قد ذكر الوظيفة والعمل وهما مصطلحين منفصلين، فالوظيفة تنطبق على الوظيفة العامة التي يمارسها الموظف[40] المعين بشكل دائم في الدولة ويحمل رقم وظيفي تابع لديوان الموظفين العموميين، والمتمعن في القوانين الخاصة بالفساد تجد أنها ركزت على القطاع العام، ولم تولِ القطاع الخاص اهمية، ولم تدرجة ضمن الجهات التي ينطبق عليها قانون مكافحة الفساد، فهل يعني هذا ان كلمة العمل التي وردت في نص هي من باب التزيد أم قصد المشرع بها أمراً؟

لقد ازداد التوظيف في الآونة الأخيرة على نظام العقود المؤقتة في الدوائر الحكومية، أو بأنظمة توظيف لا تعطي الشخص مزايا الموظف الثابتة، وبالتالي فلا ينطبق عليه قانون الخدمة المدنية، إنما ينطبق عليه قانون العمل رقم (7) لسنة (2000) غير أن ما يمكن أن يطلع عليه بحكم عمله قد يصل به لإكتشاف وقائع فساد في مؤسسات حكومية علماً أنه ليس موظفاً فيها، أو قد يكون موظفاً في شركة خاصة على تعامل مباشر مع إحدى الجهات الحكومية بما يمكنه من إكتشاف وقائع واحداث تدل على وجود فساد، فهل تمتد سلطة هيئة مكافحة الفساد لحمايته وظيفياً داخل هذا الشركة الخاصة أم لا؟

بالرجوع إلى قرار بقانون رقم (7) لسنة 2010م بشأن تعديل قانون الكسب غير المشروع رقم (1) لسنة (2005)، نجد أن المادة (5/13) تنص على انطباق هذا القانون على الأشخاص الذين يكلفون بخدمة عامة من عير الموظفين إذ تنص على ذلك بقولها “الأشخاص المكلفين بخدمة عامة بالنسبة للعمل الذي يتم تكليفهم به”، بالإضافة إلى أن قرار حماية الشهود والمبلغين الصادر عن مجلس الوزراء الفلسطيني، لم يحصر طلب الحماية بالموظفين فقط، إنما جاء النص عاماً غير مخصص، ليشمل كل شخص قام بالتبليغ عن الفساد، وعليه فما دام القانون يحاسب كل من قام بخدمةٍ عامة ولو لم يكن موظفاً، فالأصل أن توفر الهيئة له الحماية ولو لم يكن يعمل لدى جهةً حكومية لسببين الأول: إعمالاً لقاعدة الغنم بالغرم، فمن يتحمل تطبيق قانون مكافحة الفساد عليه، يجب أن يستفيد من الحماية التي يوفرها في حال التبليغ أو الشهادة، والسبب الثاني: تشجيع الأشخاص من غير الموظفين للتبليغ عن وقائع وشبهات الفساد بتوفير الحماية الوظيفية لهم، وبالرغم من ذلك فإننا نجد انه من الأسلم والأحوط قانوناً أن يتم إضافة نص يوضح آلية شمول العاملين في الوظائف الخاصة بالحماية الوظيفية.

وقد وفر القانون للمبلغين عن الفساد حماية ضد نوعين من القرارات التي يمكن أن تمس المركز القانوني الوظيفي للمبُلغ عن الفساد، أو قد يمس سمعته أو يحط من قدره ويغير معاملته، وهذه الحالات هي:

الحالة الأولى: صدور قرار إداري يغير من المركز القانوني أو الإداري أو ينتقص من الحقوق[41].

إن توفير الحماية الوظيفية للموظف المُبلغ عن شبهات الفساد، يمنع من المساس بالمركز القانوني للموظف، سواء كان ذلك بتغيير مكان عمله، أو نقله إلى عمل آخر أقل، أو الإنتقاص من الحقوق والإمتيازات التي كان يتمتع بها قبل تبليغه عن الفساد، وبالتالي فإن هذه الحماية تعني كأصل عدم المساس بالموظف المبلغ عن الفساد، وفي حال المساس به، بطلان كافة القرارات الإدارية الماسة بمركزه القانوني أو الوظيفي أو المنتقصة لحقوقه، دون حاجة اللجوء للمحاكم المختصة لإلغاء هذا القرار، كونه صدر أصلاً في ظروف يشوبها الشك والريبة، وتغليب المصالح الشخصية لمصدري القرار، كما حصل مع موظفتا المحكمة الدستورية الفلسطينية العليا[42].

الحالة الثانية : اتخاذ أي إجراء يؤدي إلى إساءة المعاملة أو المكانة أو السمعة أو التمييز[43].

إن قرار الحماية الوظيفية الذي يتمتع به المبلغ عن الفساد لا يتوقف أثره عند منع المساس بالمركز القانوني أو الوظيفي للمبلغ، بل يتعداه إلى منع أية إجراءات من شأنها المساس بمكانتها وسمعته وإساءة معاملته، فلا يجوز مثلاً نقل مكتب المبلغ عن الفساد إلى غرفة صغيرة أو مكتب مشترك بعد ان كان في غرفة أكبر أو في مكتب مستقل، كما لا يجوز مثلاً عمل لجان تحقيق معه لغايات الإضرار بسمعته أو مكانته باختلاق مخالفات غير موجودة، أو غير حقيقية، بهدف معاقبته لتبليغه عن الفساد، مثلما حدث مع موظفتي المحكمة الدستورية العليا، واللتان شكلت لهما لجنة تحقيق[44]، بسبب تبليغهما عن وجود شبهات فساد في المحكمة الدستورية العليا[45]، كما لا يجوز التمييز بين الموظفين بأي حال[46]، والحقيقة أن المشرع وضع هذه القواعد دون أمثلة او حالات محددة في مسلك محمود، وبالتالي فإن أي فعل يؤدي إلى إساءة المعاملة أو المكانة أو السمعة أو التمييز للمبلغ عن الفساد يصده قرار الحماية الوظيفية.

الفرع الثاني : الحماية القانونية

أقر المشرع إعفاء المبلغين عن جرائم الفساد من العقوبة المقررة لفعلهم بالكامل، إذ نصت المادة (14/2)  قرار بقانون رقم (7) لسنة 2010م بشأن تعديل قانون الكسب غير المشروع رقم (1) لسنة 2005 ” يعفى من العقوبة المقررة في هذا القانون كل من بادر من الجناة بإبلاغ الهيئة عن جريمة فساد قبل علمها بها أو أي من السلطات المختصة، فإذا حصل الإبلاغ بعد العلم بالجريمة تعين للإعفاء أن يكون من شأن الإبلاغ ضبط باقي الجناة، والأموال محل الجريمة”، وقد أفرد قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة (2019) حماية قانونية للأشخاص المبلغين عن الفساد، وقد عرف القرار ذاته الحماية القانونية بانها “الإجراءات المتخذة بهدف ضمان عدم ملاحقة طالب الحماية جزائياً نتيجة إبلاغه أو شهادته عن واقعة فساد”[47]، ونصت المادة (11) من ذات القرار على “توفر الهيئة الحماية القانونية لطالب الحماية من الملاحقة الجزائية نتيجة إبلاغه أو شهادته عن جريمة فساد”، ويجب التفرقة بين حالتين للتبليغ حسب توقيت التبليغ:

الحالة الأولى : حالة المبلغ المشارك في جريمة الفساد قبل علم الهيئة

هذه الحالة تفترض أن المبلغ عن جريمة الفساد قام بالتبليغ عن وقوع الجريمة قبل علم هيئة مكافحة الفساد بها، او أي من الجهات ذات الإختصاص أو العلاقة، وهذا الإعفاء يدخل في باب تشجيع من بادر إلى الإبلاغ عن جريمة قبل العلم بها[48]من قبل الجهات المختصة، والمشرع هنا لم يضع شروطاً للإبلاغ سوى إنعدام العلم السابق عن وقوع جريمة الفساد، وبالتالي حتى لو لم يؤدي الإبلاغ عن الفساد إلى ضبط الجناة أو ضبط الأموال، يستفيد الجاني من تبليغه عن وقوع فعل الفساد.

الحالة الثانية : حالة المبلغ المشارك في جريمة الفساد بعد علم الهيئة

هذه الحالة تشمل التعاون اللاحق من قبل المبلغ عن الفساد بالرغم من علم هيئة مكافحة الفساد بالجريمة، أن الإستفادة من الإبلاغ، إستفاده مشروطة بان يساهم الإبلاغ في ضبط باقي الجناة أو ضبط الاموال محل الجريمة. وهذا الإعفاء لا ينفي قيام الفعل الجرمي وارتكاب الجريمة من قبل من بلغ عن الفساد، لا بل ان المبلغ في هذه الحالة يتم التحقيق معه وتقديمه للمحاكمة وفق القانون، وتقضي المحكمة بإدانته بجرم الفساد المُسند إليه إلا أن المحكمة تُضَّمٍنُ حكمها ما يفيد بإعفاء المُبلغ من العقوبة المقررة له.

ونحن لا نذهب مع الرأي القائل[49] بأن المشرع الفلسطيني قد بالغ في الحماية المقدمة للمبلغين من الجناة، وان الإعفاء يعتبر أمراً مبالغاً فيه، وغير متفق وأحكام المادة (33) من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد للعام (2003)[50]، إذ يرى الباحث أن التشجيع على الإبلاغ عن الفساد لا يكون إلا بالإعفاء الكامل من العقوبة، إذ أن إعفاء شخص قد يقابله كشف عدة فاسدين وإستعادة أموال للخزينة العامة، ولا يكون ذلك إلا بإغراء الجاني المُبِلغ بالإعفاء من العقوبة، لكن وحتى لا يعتبر المشرع مبالغاً في الإعفاء، بحيث تفقد النصوص التجريمية المتعلقة بالفساد غايتها، وتفقد السياسة التشريعية بوصلتها، يجب على المشرع أن يضيف نصاً يمنع المكررين من الإستفادة من الإعفاء، بمعنى أن يكون الإعفاء لمرة واحدة فقط، دون أن يمتد لفعل آخر، وهو أمر أدى للتشجيع على مكافحة الفساد.

إلا أن ما يثير التساؤل حقيقة هو مدى إمكانية الحماية للمبلغ عن الفساد في حال إختلاق جرائم له، أو فتح ملفات له، غير تلك التي بلغ عنها؟ إذ ان هذا قد يمنعه من التبليغ عن أي من شبهات الفساد خشية تحريك أي قضايا جزائية تجاهه[51] سواء أكانت حقيقية أم باطلة، كون النيابة العامة المختصة ستباشر التحقيق في هذه القضايا، حتى يتبين لها حقيقة حدوث جريمة من عدمه، لا بل إن إجراءات النيابة العامة تجاه الشكاوى المقدمة ضد المبلغ عن الفساد قد تكون أسرع من إجراءات التحقيق لدى هيئة مكافحة الفساد، مما قد يحول دون إقدامه على التبليغ أساساً، ونحن نرى أن يتم النص على منع مباشرة أي إجراء تحقيقي قضائي أو إداري بحق المُبلغ عن الفساد حتى إنتهاء صدور حكم نهائي في القضية التي قام بالتبليغ عنها حتى لا تتم مساومته على التراجع أو تعديل شهادته مستقبلاً، إضافة إلى النص على تخفيض عقوبة الجريمة المرتكبة من قبل المبلغ – عدا عن جريمة الفساد- كمكافئة له على تبليغه عن جريمة الفساد المرتكبة.

 

الفرع الثالث : الحماية الشخصية

إن الشعور بالأمن الشخصي يعتبر من أهم حقوق الإنسان، وهو ما يستوجب إتخاذ تدابير لحماية الأفراد من المخاطر المتوقعة التي تهدد حياتهم أو سلامتهم البدنية، من قبل أي أطراف فاعلة حكومية أو خاصة، كما يجب وفي آن واحد اتخاذ تدابير لمنع الإصابات المستقبلية، والأخرى ذات الأثر الرجعي[52]،

وقد أجاز المشرع لهيئة مكافحة الفساد اتخاذ جملةٍ من الإجراءات لضمان الحماية الشخصية لطالب الحماية، وترتكز هذه الإجراءات في معظمها على منع الوصول إلى طالب الحماية بأي شكل، والاستعاضة عن الإجراءات التقليدية بإجراءاتٍ أكثر حداثة من شأنها أن تساهم في تسيير إجراءات المحاكمة، دون تعرض طالب الحماية لخطر المواجهة المباشرة مع المحكمة أو الخصوم، وتتمثل إجراءات الحماية[53] فيما يلي:

  • حماية أماكن الإقامة أو توفير أماكن للإيواء عند الضرورة.

إن أماكن الإقامة تختلف عن أماكن السكن، فقد يكون مكان السكن هو ذاته مكان الإقامة وقد لا يكون، فمكان الإقامة هو المكان الذي يتواجد فيه طالب الحماية، وقد يكون هذا التواجد بصفة مؤقته، مثل السجن، أو دار إيواء، او في مكان خاص بطالب الحماية.

  • اتخاذ الإجراءات الكفيلة لسلامة التنقل، لا سيما عند حضور جلسات المحاكمة والتحقيق.
  • حماية المسكن والممتلكات وأماكن العمل، أو تغيير محل الإقامة أو مقر العمل أو كليهما بشكل مؤقت أو دائم، وتوفير البدائل المناسبة حسب الأحوال والظروف المحيطة.

يعتبر إجراء حماية المسكن ومكان العمل من أهم إجراءات الحماية، وإن كان يوحي بالطابع التقليدي إلا أنه يوفر أماناً كاملاً لطالب الحماية، دون إحداث تغييرات جذرية على تفاصيل حياته المعيشية، غير أن زيادة الخطر على طالب الحماية، قد تضطر جهات الحماية إلى تغيير محل إقامته أو مقر عمله، كلما كان ذلك ممكناً، سواء بشكل مؤقت أو دائم، ومحاولة إيجاد البدائل التي تتوافق مع ظروف الأمان التي يجب توفيرها لطالب الحماية في مسكنه وعمله.

  • تغيير أرقام الهواتف أو مراقبتها بناءً على طلب صاحبها وفقاً للتشريعات النافذة، وتوفير رقم هاتف للطوارئ يعمل على مدار الساعة لتلقي طلبات الإغاثة.

إن دخول التطور التكنولوجي، حتم على المشرع توسيع دوائر حماية طالب الحماية لتشمل صوراً جديدة من الحماية، وقد نص المشرع بوضوح على آلية حماية طالب الحماية بخصوص تغيير أرقام الهواتف، أو مراقبتها، وقد نص على أن المراقبة تكون وفق التشريعات النافذة، لضمان عدم خرق الخصوصية لطالب الحماية، كما ألزم المشرع الجهات ذات الإختصاص وهي هيئة مكافحة الفساد بالتعاون مع الجهات الأمنية، بضرورة توفير خط ساخن لطالب الحماية، يعمل لغايات الطوارئ على مدار الساعة، وذلك للإستنجاد وطلب الإستغاثة، ولأجل توفير أكبر قدر من الحماية، يفضل أن يكون الخط الساخن، خط خاص بطالب الحماية، وليس خط عام حتى يمكن توفير أكبر قدر من الحماية لحظة طلبها.

والحقيقة أن المشرع قصر الحماية بخصوص أرقام الهواتف فقط، دون أن ينص على أي تعديل أو تغيير أو مراقبة للصفحات الشخصية لطالبي الحماية على وسائل التواصل الإجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر، وغيرها من وسائل التواصل الإجتماعي.

  • استخدام تقنيات الإتصال الحديثة بما يكفل السلامة للإدلاء بالأقوال والشهادات.

إن مواجهة الشاهد للمتهم بالشهادة أمام القضاء عن الوقائع التي عاينها، تعد من أهم وسائل إثبات وقوع الجريمة،  الشهادة عبر الفيديوكونفرانس

  • إخفاء كافة المعلومات المتعلقة بالهوية والبيانات الشخصية، واستبدال ذلك برموز أو كنية غير دالة.

يعتبر هذا الإجراء تجهيل كلي لبيانات الشاهد، وهو الأمر الذي قد يتنافى مع مبدأ كفالة ممارسة حقوق الدفاع والمواجهة الجنائية وشفوية المحاكمة، لذلك ذهب البعض[54] إلى عدم جواز استناد حكم الإدانة بشكل أساسي وحيد او حاسم على شهادة أحد الشهود الذي لم يتمكن المتهم من سؤالهم سواءً أثناء التحقيقات أو المناقشات التي تمت في جلسة المحاكمة، وبالتالي فلا يجوز بناء حكم الإدانة على الشهادة المجهلة، التي لم تدعم بعناصر إثبات أخرى[55].

والحقيقة أن المشرع الفلسطيني في قرار مجلس الوزراء الخاص بحماية المبلغين عن جرائم الفساد، لم ينص على إظهار هوية المُبلغ أثناء المحاكمة خصوصاً انه سيتحول إلى شاهد، وبالتالي في حال طلب الحماية الشخصية فإن بيانات المُبلغ الشاهد لن تظهر أثناء المحاكمة، إلا أن هذه السرية قد تتصادم مع ما نصت عليه المادة (14) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل التي نصت على “المتهم برئ حتى تثبت ‏إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، وكل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه”، إذ ان هذا النص أكد على كفالة ضمانات الدفاع التي في مقدمتها إحاطة المتهم بكافة جوانب قضيته، ومنها معرفة الأشخاص المؤثرين فيها، او أولئك الذين تصلح شهاداتهم لتكوين عقيدة المحكمة، كي يتسنى له مناقشتهم في أقوالهم، وهو جوهر مبدأ شفوية المحاكمة، وهو ما اكدت عليه المحكمة الدستورية العليا المصرية في أحد أحكامها بقولها “إن افتراض براءة المتهم من التهمة الموجهة إليه -يقترن دائماً من الناحية الدستورية -ولضمان فعاليته- بوسائل إجرائية وثيقة الصلة بحق الدفاع، من بينها حق المتهم في مواجهة الشهود الذين قدمتهم النيابة العامة إثباتاً للجريمة ، والحق في دحض أقوالهم وإجهاض الأدلة التي طرحتها بأدلة النفي التي يعرضها”[56]، وشددت على ذلك في حكم آخر بقولها “” وضمانة الدفاع هذه هي التي اعتبرها الدستور ركناً جوهرياً في المحاكمة المنصفة … كإطار للفصل في كل اتهام جنائي تقديراً بأن صون النظام الاجتماعي ينافيه أن تكون القواعد التي تقررها الدولة في مجال الفصل في هذا الاتهام مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة، وانطلاقاً من أن إنكار ضمانة الدفاع أو فرض قيود تحد منها إنما يخل بالقواعد المبدئية التي تقوم عليها المحاكمة المنصفة، والتي تعكس نظاماً متكامل الملامح يتوخى صون كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسية، ويحول بضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها. كما ينال الإخلال بضمانة الدفاع من أصل البراءة، ذلك أن افتراض براءة المتهم من التهمة الموجهة إليه يقترن دائماً من الناحية الدستورية – ولضمان فعاليته – بوسائل إجرائية إلزامية تعتبر كذلك – ومن ناحية أخرى – وثيقة الصلة بالحق في الدفاع وتتمثل في حق المتهم في مواجهة الأدلة التي قدمتها النيابة العامة إثباتاً للجريمة، والحق في دحضها بأدلة النفي التي يقدمها”[57].

إن كل ما سبق يدفعنا للقول بأن هناك عوار دستوري، ومخالفة جسيمة تحملها هذه المادة، للقانون الأساسي، وأن أية دفع مستقبلي من قبل محامي أحد المتهمين بعدم دستورية هذه المادة، هو في محله، وقد يؤدي إلى تعطيل إجراءات محاكمة الجريمة أو الواقعة محل الفساد لغاية الفصل في دستورية المادة محل الطعن، وهو الامر الذي قد يؤدي إلى بطلان أعمال التحقق التي قامت بها هيئة مكافحة الفساد ونيابة مكافحة الفساد.

لذلك فمن الأفضل ولتخفيف حدة هذه المادة، السماح بإظهار هوية المبلغ او الشاهد في حالات محددة، وبذلك قد يخرج المشرع نفسه من شبهة عدم الدستورية إلى فكرة تنظيم إظهار الهوية الشخصية، فمثلاً وبالرغم من عمومية هذا المبدأ (مبدأ إخفاء هوية المبلغين والشهود) إلا أن بعض الدول سمحت بإظهار هويتهم في بعض الحالات مثل: عدم سداد الشخص لديونه أو التزاماته المالية كما هو الحال في أمريكا، أو مدى تدخل الشاهد في ظروف ارتكاب الجريمة بما يتيح ممارسة حقوق الدفاع كما هو الحال في فرنسا.

  • اتخاذ أي إجراء أو تدبير والقيام بأي عمل ضروري يضمن السلامة.

ماذا لو كان طالب الحماية متهماً لا يوجد نص واضح على الاجراءات الخاصة به حتى ولو قام بالتبليغ عن الجريمة فهذا لا يعني أنه لن يكون متهماً خصوصاً أن الإعفاء تقرره المحكمة وليس الهيئة

المطلب الثاني : أوجه القصور التطبيقي في حماية المبلغين عن الفساد

إن الكشف عن الفساد ليس كشف عن سر مهني وهذا أمر قد يجهله العديد من ذوي الاختصاص بكشف وقائع الفساد، ولعل الحالة التطبيقية الأبرز في هذا القصور هو ما واجهته موظفتي المحكمة الدستورية الفلسطينية اللواتي أبلغن عن وقائع فيها شبهات فساد[58]، فانتهى بهما الأمر إلى الفصل من العمل، هذا القصور مع ما قد يشوب أخطار التبليغ عن وقائع الفساد للمبلغين يجعل ضرورة لتدخل المشرع لحماية هذا القصور وضرورة أكبر لتطبيق صحيح القانون، وعدم إهمال نصوص الحماية كما حدث مع موظفتي المحكمة الدستورية.

الفرع الاول : غياب نصوص الثواب والعقاب لمخترقي الحماية

تختلف نفوس الأشخاص وتتباين، فمنهم من يردعه التلويح بالعقاب فيلتزم حدود القانون، وهذه الفئة يمكن ضبطها بقواعد العقاب، ومنهم من لا يردعه ذلك فلا يلتزم قواعد القانون وحدوده إلا عندما يشعر بكسب قد يحققه او بتحفيز قد يساهم في ترقيته مثلاُ او تحسين وضعه ، وهذه الفئة يكون التعامل معها بقواعد التحفيز والتشجيع وليس العقاب، وهذا الامر يمكن تطبيقه على المبلغين عن الفساد وكذلك مخترقي الحماية، فعدم وجود نصوص لمعاقبة مخترقي حماية المبلغين عن الفساد من، وعدم تحفيز الأشخاص للتبليغ عن الفساد من جهة اخرى، كلها أسباب تؤدي لقصور في حماية المجتمع من أفعال الفساد، وهو ما سيتم مناقشة توالياً من خلال مناقشة أعدم وجود نص قانوني لمعاقبة مخترقي الحماية، ومن ثم غياب تعزيز حافزية التبليغ عن أفعال الفساد.

  • عدم وجود نص قانوني لمعاقبة مخترقي الحماية

سندا للقانون الاساسي الفلسطيني باعتباره النص الدستوري الاعلى في سلم تدرج القواعد القانونية في الدولة، فان وضع او سن أي قاعدة قانونية جزائية لجريمة وتحديد عقوبة مترتبة عليها يجب ان يمكون مستندا الى نص قانوني[59]، وهو بذلك يشترط ان تكون هذه القاعدة القانونية قاعدة تشريعية صادرة من السلطة المختصة بذلك، وفي ضوء هذا النظام والذي خلا من وجود نص فان ذلك يتطلب تعديل النظام من خلال اضافة نصوص قانونية تجرم حالة اختراق الحماية المفروضة على طالب الحماية، سواء كان الاختراق من اشخاص خارجيين او من المشمولين بالحماية، وحيث ان شمولهم بالحماية احد اهم اهداف الرئيسية حماية العدالة وحماية الوصول اليها، وبالتالي فان المشمولين بالحماية أيا كان نوعها ليس لديهم خيارات مفتوحة لخرق هذه الحماية وتعريض انفسهم لمخاطر قد ينجم عنها في النهاية عدم الوصول الى عدالة حقيقة تضمن مواجهة حقيقية للمتهمين في قضايا الفساد المبلغ عنها.

ان إضافة نص بتجريم هذه الحالة يتطلب ان يكون هناك جزاءات كفيلة بالحماية سواء كانت هذه الجزاءات ذات طبيعة وقائية وحمائية للمبلغين قبل وقوع الفعل المجرم، او بعد وقع الفعل من خلا فرض جزاءات اشد في هذه الحالة بما يتناسب مع طبيعة الفعل المرتكب؟

  • غياب تعزيز حافزية التبليغ عن أفعال الفساد، فعدم وجود حوافز تشجيعية للتبليغ عن أفعال الفساد لا سيما المكافآت المالية والحوافز المعنوية للموظفين كجوائز النزاهة وتقييم الأداء والأوسمة والنياشين على سبيل المثال، إذ أنّ له كل الحق في الحصول على مكافأة قيمة تعوضه على ما انتابه من قلق و خوف و تهديد و تحسسه بتميزه و بأهمية الواجب الوطني العظيم الذي قام به لذلك على السلطات أن لا تهمل الدور الفعال للمكافأة كتحفيز لهم على كشف الفساد[60]، فغياب المكافآت تقلل من حافزية الموظفين في التبليغ عن أفعال يمكن ان تكون فساداً، فالترهيب صنو الترغيب، إذ ان تشريع العقوبة يجب أن يجاريه تشريع المكافأة ولكل أثره على تحفيز الشخص على التبليغ، فأثر الأشياء يختلف من شخص لآخر فمنهم من يرهبه العقاب فيدفعه للتبليغ، ومنهم من تشجعه المكافأة على اختلاف أشكالها ومسمياتها فتحفزه على التبليغ.

الفرع الثاني: غموض القواعد الزمنية في الحماية

إن الحماية التي يوفرها القانون للمبلغين عن الفساد ليست حمايةً دائمة كأصل، فهي غالباً حماية مؤقته حتى وإن كانت بعض الإجراءات توحي بالحماية الدائمة مثل تغيير مكان السكن أو تغيير رقم الهاتف، إلا أن جُل أشكال الحماية توحي بأنها مؤقتة ووقتية، وهو الأمر الذي قد يضعف من إقدام المواطنين على  التبليغ عن الفساد، ذلك أن الحماية غير المستمرة تعني ترك المبلغ عن الفساد بعد انتهاء القضية وحيداً في مواجهة المبلغ ضدهم، خصوصاً فيما لو قضت المحكمة ببراءتهم لأي سبب من الأسباب وهو أمر وارد.

وبالرغم من أن المادة (13/ج) من قرار مجلس الوزراء جاء فيها “تنقضي الحماية في حال توافر إحدى الحالات التالية… ج. إذا انتفت الحاجة للحماية”، إلا أن هذه المادة صياغتها فضفاضة، ولم تحدد الجهة التي تقرر انتفاء الحماية هل هي هيئة مكافحة الفساد أو المحكمة المختصة، لكن آلية الصياغة توضح ان الجهة المختصة هي الهيئة وهذا يعني ان قرارها بإنهاء حالة الحماية يخضع لما يخضع له القرار الإداري.

والحقيقة ان الإشكالية الاخرى هي تحديد الحماية بمدة زمنية فالمشرع لم ينص بوضوح على التجديد التلقائي لحماية المبلغ عن واقعة الفساد أو الحائزين على الحماية أياً كان نوعها، فاذا كان قرارا هيئة مكافحة الفساد بتحديد مدة زمنية لحماية طالب الحماية وانقضت المدة ولا زال الخطر موجوداً.

المشرع لم يضع نصاً تفصيلياً لهذه الحالة، ونحن هنا نقف أمام احتمالين الأول هو إعادة إجراءات طلب الحماية من جديد وفق نصوص المواد الخامسة والسادسة من النظام، أمام الاحتمال الآخر فهو تقديم طلب لذات الجهة لتجديد الحماية بناء على تنسيب الحماية الاولى وإن كان المشرع لم ينص على الحالة الثانية إلا أن طبيعة الحماية وضرورة سرعة توافرها قد تسمح بذلك بالذات أننا أمام اجراءات ادارية قد يسمح غياب النص بالاجتهاد بشأنها، بالذات في الحالة التي توضح أن الخطر لا يزال قائماً ولم يزل.

 

 

الخاتمة

لقد حرص المشرع الفلسطيني كغيره من التشريعات المقارنة على توفير حماية للمبلغين والشهود وغيرهم من الأشخاص، في جرائم الفساد سعياً منه التشجيع على التبليغ في مثل هذه الجرائم، للوقاية منها وحماية المجتمع من آثارها وأضرارها، ونهج بذلك نهجاً حسناً يُبنى عليه إذا ما رغب بالوصول إلى حماية مثالية للمبلغ عن جرائم الفساد، وباستعراض هذه الدراسات ودلالات ما تم عرضه يمكننا الخروج بمجموعه من النتائج والتوصيات على النحو التالي.

أولا: النتائج

  • فرق المشرع بين المُبلغ والمُخبر في جرائم الفساد، فالمبلغ وفق المشرع هو المبادر الأول في إعلام الجهات ذات الاختصاص بوقوع شبهة فساد، أما المخبر فهو الشخص الذي يعزز إخبار المبلغ من خلال الإدلاء بالمعلومات التي يحوزها لجهات الاختصاص.
  • يؤخذ على نظام حماية المبلغين رقم (7) لسنة (2020) الصادر عن مجلس الوزراء مبالغته في تعريف المصطلحات ومنها المعروفة، خصوصاً أن التعريفات مهمة الفقه والقضاء وليس التشريع.
  • لم يضع المشرع محددات تتعلق بخطورة الجريمة لتوفير الحماية مثل مدة العقوبة، أو قواعد المال أو غيرها من المحددات.

 ثانياً: التوصيات

  • على المشرع أن يضيف نصاً يمنع المكررين من الاستفادة من الإعفاء في حال التبليغ عن جرائم الفساد، بحيث يكون الإعفاء لمرة واحدة فقط، دون أن يمتد لفعل آخر.
  • على المشرع ان يعدل كلمة “جريمة فساد” إلى كلمة “واقعة فساد” الواردة في المادة (11/2) من القرار بقانون رقم (7) لسنة (2010) بشأن تعديل قانون الكسب غير المشروع رقم (1) لسنة (2005).
  • إضافة نص يوضح آلية شمول العاملين في الوظائف لدى الجهات الخاصة بالحماية الوظيفية.
  • ضرورة اضافة نص للمادة الخامسة تعالج حالة القصور التشريعي نتيجة الصمت او السكوت الذي يمكن ان ينسب لرئيس الهيئة عند تقديم طلب الحماية.
  • يتوجب على جهة التشريع المختصة النص على التجديد التلقائي للحماية المؤقتة في حال استمرار الخطر.

الكتب والمراجع

أولاً : الكتب

  • إبراهيم، رامي متولي، “حماية الشهود في القانون الجنائي”، مجلة الفكر الشرطي، مجلد24، عدد 95، مركز بحوث الشرطة، الشارقة، الإمارات، 2015،ص103.
  • جاوي، حورية، تفعيل كشف الفساد وحماية المبلغين، مجلة الحقوق والحريات، جامعة محمد خيضر- بسكره، الجزائر، المجلد (10) العدد (01)، 2022، ص868.
  • حمود، عبدالله، “حماية الشهود بمناسبة جرائم المال العام”، منشورات مجلة الحقوق، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، الإصدار الثامن عشر، المغرب، أكتوبر 2013 ،ص78.
  • خراشي، عادل، “المخبر الخاص ومدى شرعية الاستعانة به في كشف الجريمة وضمانات تطبيقه في الفقه الإسلامي والقانون الإجرائي” ،ص12-13.
  • زغلول، طارق، الحماية الإجرائية للمجني عليهم والشهود والمبلغين: دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة، مجلة العلوم القانونية والإقتصادية،مجلد59، عدد1، جامعة عين شمس، القاهرة مصر، 2017،ص176.
  • شرون، حسينة، وقفاف، فاطمة، “النظام القانوني لحماية الشهود والمبلغين في التشريع الجزائري”، مجلة الدراسات والبحوث القانونية ، المجلد الثاني، العدد الأول، جامعة محمد بوضياف بالمسلية، الجزائر، 2017 ،ص41.
  • عبد الباقي، مصطفي، “شرح قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3 لسنة 2011″دراسة مقارنة”، وحدة البحث والنشر العلمي، جامعة بيرزيت، فلسطين، 2015، ص163.
  • عثامنية، كوثر، “الحماية الجنائية للشهود المهددين”، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، العدد23، جامعة زيان عاشور، الجلفة، الجزائر، جوان 2015،ص189.
  • فرحان، مصطفى، والنقيب، آلاء، “أصول التحقيق في جرائم الفساد”، هيئة مكافحة الفساد و معهد الحقوق – جامعة بيرزيت، رام الله، فلسطين، 2015 ،ص26.
  • قندسي عبد النور، “حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين”، مجلة القانون والأعمال، العدد العاشر، جامعة الحسن الأول، المغرب، أكتوبر2016، ص144.
  • النعيمي، صفاء، “المخبر السري وأثره على المتهم وعقوبة السجن مدى الحياة في التشريع العراقي”، أطروحة دكتوراة، جامعة سانت كليمينتس العالمية – فرع العراق، العراق، 2012.

 

ثانياً: الإتفاقيات الدولية

  • اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 (UNCAC) بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (4) في الدورة الثامنة والخمسون
  • الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد 21 دولة عربية في 21ديسمبر/ كانون الاول 2010
  • التعليق العام رقم (35) الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وهي هيئة الخبراء المستقلين التي ترصد تنفيذ دولها الأطراف للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ثالثاً: القوانين والانظمة

  • القانون الاساسي الفلسطيني لسنة 2003 وتعديلاته لسنة 2005.
  • القانون اللبناني رقم (83) بشأن حماية كاشفي الفساد الصادر بتاريخ 10/10/2018 والمنشور في الجريدة الرسمية في العدد (45) بتاريخ 18/10/2018.
  • قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم (7) لسنة (2019) الخاص بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم، المنشور في العدد (161) من الوقائع الفلسطينية بتاريخ 28/11/2019.
  • قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة (2001)
  • قانون الإجراءات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة (2005)
  • قانون العقوبات رقم (16) لسنة (1960)
  • قانون مكافحة الفساد رقم (1) لسنة 2005م
  • قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية رقم (15) لسنة (2004)
  • القرار بقانون بشان الشراء العام رقم (8) لسنة (2014)

رابعاً: أحكام المحاكم

  • حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية رقم (25) لسنة (16) قضائية الصادر بتاريخ 3/7/1995.
  • حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية رقم (6) لسنة (13) قضائية الصادر بتاريخ 16/5/1992.
  • محكمة النقض الفلسطينية في رام الله في النقض الجزائي رقم (401/2016) بتاريخ 14/11/2016.
  • محكمة النقض الفلسطينية في رام الله النقض الجزائي رقم (401/2016) بتاريخ 14/11/2016.
  • محكمة النقض الفلسطينية في رام الله النقض الجزائي رقم (400/2016) بتاريخ 14/11/2016.
  • طعن جنائي مصري رقم (12857) لسنة 84 قضائية الصادر في 25/3/2014، منشورات المكتب الفني، ص 169.
  • طعن مدني مصري رقم (3225) لسنة 81 قضائية الصادر في 25/6/2012 منشورات المكتب الفني، ص 169.

خامساً: المواقع الإلكترونية

https://elibrary.mediu.edu.my/books/MAL04771.pdf، تاريخ الزيارة 26/7/2020.

https://www.cc.gov.eg/judgment_single?id=111385889&ja=256648، تاريخ الزيارة 5/8/202.

–  الصفحة الإلكترونية لهيئة مكافحة الفساد في فلسطين:

https://www.pacc.ps/Home/WitnProManual ، تاريخ الزيارة 8/12/2022.

  • عطية، محمد، حماية ذوي الصلة بدعوى مكافحة الفساد، (في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتشريع المقارن)، كلية الحقوق، جامعة المنوفية ص13، بحث منشور على الإنترنت على الرابط :

بحث منشور على الإنترنت على الرابط : https://jslem.journals.ekb.eg/article_182824_2ac7aa48ae47dca202553ecf1979677c.pdf ، تاريخ الزيارة 8/12/2022.

 سادساً: القرارات الادارية

  • القرار الإداري رقم (34) للعام (2019) بتاريخ 29/12/2019 والمتضمن إلغاء تكليف الموظفة (م.ف) من مهام عملها كمدير مكتب الأمين العام للمحكمة الدستوري العليا.
  • القرار الإداري رقم (36) للعام (2019) بتاريخ 29/12/2019والمتضمن إنهاء كافة القرارات الإدارية والتكاليف للموظفة (د.م).
  • القرار الإداري رقم (37) للعام (2019) بتاريخ 30/12/2019 والمتضمن نقل الموظفة (م.ف) للعمل بوظيفة مدخل بيانات في قلم المحكمة الدستورية.
  • القرار الإداري رقم (14) لسنة (2020) بتاريخ 7/6/2020

القرار الإداري رقم (17) للعام (2020) بتاريخ 29/6/2020 والمتضمن توقيف الموظفتين (د.م) و(م.ف) عن العمل

 

 

[1] عرضت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (4) في الدورة الثامنة والخمسون، في 31/10/2003، و دخلت حيز النفاذ في ١٤ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٠٥، و هي تُعد الاتفاقية الأكثر شمولاً وقوة في مكافحة الفساد على نطاق عالمي، إذ تحتوي على (71) مادة، وصادقت عليها 172 دولة.

[2] وقع على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد 21 دولة عربية في 21ديسمبر/ كانون الاول 2010 وقد حررت باللغة العربية وأودعت في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ووقع عن الدول الاعضاء وزراء الداخلية والعدل في كل دولة، ووقع عن دولة فلسطين وزير الداخلية سعيد أبو علي، ووزير العدل علي خشان، في حينها.

[3] للاطلاع على وسائل الحماية انظر المادة (14) من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد.

[4] زغلول، طارق، الحماية الإجرائية للمجني عليهم والشهود والمبلغين: دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة، مجلة العلوم القانونية والإقتصادية،مجلد59، عدد1، جامعة عين شمس، القاهرة مصر، 2017،ص176.

[5] زغلول، طارق، الحماية الإجرائية للمجني عليهم والشهود والمبلغين: دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة، مجلة العلوم القانونية والإقتصادية،مجلد59، عدد1، جامعة عين شمس، القاهرة مصر، 2017،ص216-217.

[6] شرون، حسينة، وقفاف، فاطمة، “النظام القانوني لحماية الشهود والمبلغين في التشريع الجزائري”، مجلة الدراسات والبحوث القانونية ، المجلد الثاني، العدد الأول، جامعة محمد بوضياف بالمسلية، الجزائر، 2017 ،ص41.

[7] سماه المشرع اللبناني الكاشف وعرفه في المادة الاولى من القانون رقم (83) الصادر بتاريخ 10/10/2018 والمنشور في الجريدة الرسمية في العد (45) بتاريخ 18/10/2018 بانه ” أي شخص طبيعي او معنوي يدلي للهيئة بمعلومات يعتقد بانها تتعلق بالفساد بمعزلٍ عن الصفة والمصلحة وفق أحكام هذا القانون”.

[8] المادة الاولى من قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم (7) لسنة (2019) الخاص بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم، المنشور في العدد (161) من الوقائع الفلسطينية بتاريخ 28/11/2019.

[9] انظر: عبد الباقي، مصطفي، “شرح قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3 لسنة 2011″دراسة مقارنة”، وحدة البحث والنشر العلمي، جامعة بيرزيت، فلسطين، 2015، ص163.

[10] إبراهيم، رامي متولي، “حماية الشهود في القانون الجنائي”، مجلة الفكر الشرطي، مجلد24، عدد 95، مركز بحوث الشرطة، الشارقة، الإمارات، 2015،ص103.

[11] تنص المادة (77) من قانون الإجراءات الجزائية على ” وكيل النيابة أو المحقق المفوض استدعاء جميع الأشخاص الذين يرى إمكانية الاستفادة من شهادتهم في كشف الحقيقة، سواء وردت أسماؤهم في التبليغات أو الشكاوى أو لم ترد، وله الاستماع إلى أقوال أي شاهد يحضر من تلقاء نفسه، وفي هذه الحالة يثبت ذلك في المحضر”.

[12] نظم قانون الإجراءات الجزائية ندب الخبراء في الفصل الثاني من الباب الثالث منه في المواد 64-71.

[13] تنص المادة (68) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة (2001) على “يجب أن يقوم الخبير بحلف اليمين بأن يؤدي عمله بنزاهة وصدق، وذلك قبل البدء بعمله ما لم يكن مقيداً في جدول الخبراء المعتمدين قانوناً”.

[14] انظر الأحكام الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية في رام الله في النقض الجزائي رقم (401/2016) بتاريخ 14/11/2016، والنقض الجزائي رقم (401/2016) بتاريخ 14/11/2016 والنقض الجزائي رقم (400/2016) بتاريخ 14/11/2016

[15] يستخدم الفقه والقضاء المصري مصطلح المرشد السري، للدلالة على المخبر، وهو ذلك الشخص الذي يتصل به مأمور الضبط القضائي سراً للحصول من على معلومات معينة تفيد في منع وقوع الجريمة أو كشف غموض جريمة وقعت بالفعل وذلك للوصول للجناة المساهمين فيها. انظر: خراشي، عادل، “المخبر الخاص ومدى شرعية الإستعانه به في كشف الجريمة وضمانات تطبيقه في الفقه الإسلامي والقانون الإجرائي” ،ص12-13.

منشور على الرابط التالي : https://elibrary.mediu.edu.my/books/MAL04771.pdf تاريخ الزيارة 26/7/2020.

[16] استخدم مصطلح المخبر في قانون الإجراءات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة (2005) إذ جاء في الفقرة الثانية من المادة (47) ما نصه ” للمخبر في الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي وجرائم التخريب الاقتصادي والجرائم الاخرى المعاقب عليها بالإعدام او السجن المؤبد او المؤقت ان يطلب عدم الكشف عن هويته وعدم اعتباره شاهداً، وللقاضي ان يثبت ذلك مع خلاصة الاخبار في سجل خاص يعد لهذا الغرض ويقوم بإجراء التحقيق على وفق الاصول مستفيداً من المعلومات التي تضمنها الاخبار، دون بيان هوية المخبر في الاوراق التحقيقية”.

[17] للمزيد عن القيمة القانونية لعمل المخبر السري انظر : النعيمي، صفاء، “المخبر السري وأثره على المتهم وعقوبة السجن مدى الحياة في التشريع العراقي”، أطروحة دكتوراة، جامعة سانت كليمينتس العالمية – فرع العراق، العراق، 2012.

[18] النعيمي، صفاء، “المخبر السري وأثره على المتهم وعقوبة السجن مدى الحياة في التشريع العراقي”، ص4.

[19] الفقرة الثامنه من المادة الاولى من قرار مجلس الوزاء الفلسطيني رقم (7) لسنة (2019) الخاص بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم.

[20] نصت المادة (206) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة (1960) على “1- يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة كل من علم باتفاق جنائي لارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد (135 و136 و137 و138 و142 و143 و145 و148) من هذا القانون ولم يخبر السلطة العامة بوجه السرعة المعقولة.2- لا يسري حكم هذه المادة على زوج أي شخص له يد في تلك المؤامرة ولا على أي من أصوله أو فروعه.”

[21] نصت المادة (207) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة (1960) على ” كل موظف مكلف بالبحث عن الجرائم أو ملاحقتها، أهمل أو أرجأ الإخبار عن جرمية اتصلت بعلمه، عوقب بالحبس من أسبوع إلى سنة أو بالغرامة من خمسة دنانير إلى عشرين ديناراً.

2- كل موظف أهمل أو أرجأ إعلام السلطة ذات الصلاحية عن جناية أو جنحة عرف بها أثناء قيامه بالوظيفة أو في معرض قيامه بها عوقب بالحبس من أسبوع إلى ثلاثة أشهر أو بالغرامة من خمسة دنانير إلى عشرين ديناراً، كل من قام حال مزاولته إحدى المهن الصحية بإسعاف شخص يبدو أنه وقعت عليه جناية أو جنحة ولم يخبر بها السلطة ذات الصلاحية عوقب بالعقوبة المنصوص عليها بالفقرة الثانية تستثنى من كل ذلك الجرائم التي تتوقف ملاحقتها على الشكوى.”

[22] طعن جنائي مصري رقم (12857) لسنة 84 قضائية الصادر في 25/3/2014، منشورات المكتب الفني، ص 169.

[23] طعن مدني مصري رقم (3225) لسنة 81 قضائية الصادر في 25/6/2012.

انظر الرابط التالي: https://www.cc.gov.eg/judgment_single?id=111385889&ja=256648 تاريخ الزيارة 5/8/202.

[24] تم تعديل تسمية القانون من قانون الكسب غير المشروع إلى قانون مكافحة الفساد بموجب المادة (1) من القرار بقانون رقم (7) لسنة 2010م بشأن تعديل قانون الكسب غير المشروع رقم (1) لسنة 2005م والتي نصت على “يستبدل مسمى قانون الكسب غير المشروع رقم (1) لسنة 2005م بمسمى “قانون مكافحة الفساد رقم (1) لسنة 2005م”.

[25] تنص المادة (36) من ديوان الرقابة المالية والإدارية رقم (15) لسنة (2004) على”على مفوضي الإنفاق في المراكز المالية كافة وجميع الجهات الأخرى الخاضعة لرقابة الديوان، إبلاغه بما يقع في هذه الجهات من وقائع الاختلاس، أو السرقة، أو التبديد، أو الإتلاف، أو الحريق، أو الإهمال، وما في حكمها، يوم اكتشافها، وعليهم أيضا أن يوافوا الديون بالقرارات الصادرة بشأنها فور صدورها وكذلك: أ. موافاة الديوان بالبيانات والمؤشرات اللازمة لمتابعة تنفيذ خطة تقويم الأداء، طبقا للنظم والنماذج التي يعدها الديوان. ب. الرد على ملاحظات الديوان خلال شهر من تاريخ إبلاغ هذه الجهات بها. ج. تزويد الديوان بجميع القوانين والأنظمة واللوائح والقرارات والتعليمات التي تصدرها هذه الجهات”، كما تنص المادة (44) من ذات القانون على “على جميع الجهات الخاضعة لرقابة الديوان، إبلاغ الديوان فور اكتشافها لأية مخالفة مالية إو إدارية لديها، أو أي حادث من شأنه أن تترتب عليه خسارة مالية للسلطة الوطنية، أو ضياع حق من حقوقها، أو يعرض أصولها الثابتة أو المنقولة للضياع أو التلف على أي وجه، وذلك لاتخاذ الاجراءات الواجبة طبقا لهذا القانون، ودون إخلال بما يجب أن تتخذه تلك الجهات من إجراءات أخرى”.

[26] تنص المادة (36) من القرار بقانون بشان الشراء العام رقم (8) لسنة (2014) على “1.على موظفي الجهات المشترية والمتعاقدين معها إبلاغ المسؤول المختص أو ديوان الرقابة المالية والإدارية، وعلى موظفي دائرة اللوازم العامة ودائرة العطاءات المركزية إبلاغ الوزير المختص أو ديوان الرقابة المالية والإدارية عن أي مخالفة لأحكام هذا القرار بقانون بشكل فوري وخلال أسبوع من تاريخ اكتشافهم لها. 2. تلتزم الجهة المشترية أو دائرة اللوازم العامة أو دائرة العطاءات المركزية بتوفير الحماية اللازمة للمبلغ وعدم إيقاع أية إجراءات عقابية بحقه في حال تبليغه عن أي مخالفة تقع أثناء عمله”.

[27] حمود، عبدالله، “حماية الشهود بمناسبة جرائم المال العام”، منشورات مجلة الحقوق، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، الإصدار الثامن عشر، المغرب، أكتوبر 2013 ،ص78.

[28] يشمل الأقارب حتى الدرجة الرابعة الأصول (الآباء والأجداد) و الفروع (الأبناء والبنات وأبناؤهم وأزواجهم) والأخوة والأخوات وأبناؤهم، والأعمام والعمات وأبناؤهم، والاخوال والخالات وأبناؤهم، الزوجة ووالديها وإخوتها وأخواتها.

[29] لا يعترف المشرع الفلسطيني بفكرة التبني، كون الشريعة الإسلامية هي دين الدولة ومصدر رئيسي للتشريع، وهي لا تعترف بالتبني، وبالتالي في حالة عدم اعتبارهم من الأقارب فهم بالتأكيد من الأشحاص وثيقو الصلة بالمبلغ.

[30] عثامنية، كوثر، “الحماية الجنائية للشهود المهددين”، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، العدد23، جامعة زيان عاشور، الجلفة، الجزائر، جوان 2015،ص189.

[31] عثامنية، كوثر، “الحماية الجنائية للشهود المهددين”، مرجع سابق، ص189.

[32] قندسي عبد النور، “حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين”، مجلة القانون والأعمال، العدد العاشر، جامعة الحسن الأول، المغرب، أكتوبر2016، ص144.

[33] للإطلاع على الشروط راجع الصفحة الإلكترونية لهيئة مكافحة الفساد في فلسطين عبر الرابط الإلكتروني :

https://www.pacc.ps/Home/WitnProManual تاريخ الزيارة 8/12/2022.

[34]  تنص المادة (5/3) من قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة 2019م بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم  على “توصي وحدة الحماية إلى الرئيس بقبول طلب الحماية أو رفضه مع بيان الأسباب، معززاً بالآتي:

أ. الوثائق التي تقرر وحدة الحماية إرفاقها بالطلب بموجب التعليمات الصادرة عن الرئيس.

ب. المعلومات والأدلة التي تحدد مدى جدية طلب توفير الحماية، وارتباطه بإثبات ارتكاب واقعة الفساد.

ج. إجراءات الحماية المقترحة، والتكاليف اللازمة لتنفيذها في حال قبول طلب الحماية.”

[35] تم إنشاء وحدة حماية المبلغين والشهود استجابة للمادة الرابعة من قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة 2019م بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم والتي نصت على ” تنشأ في الهيئة وحدة تسمى “وحدة الحماية” تتبع الرئيس ويرأسها مدير، ولها موازنة خاصة ضمن موازنة الهيئة، وتتولى المهام الآتية:

1.استلام طلبات توفير الحماية المحالة من الرئيس لدراستها، وتقييم المخاطر والتهديدات ذات الصلة

  1. تحديد آليات وإجراءات الحماية التي سيتم توفيرها لطالب الحماية الذي تم قبول طلبه وفق تقييم المخاطر لكل حالة.
  2. تلقي الطلبات من الأشخاص الراغبين في عدم الكشف عن هوياتهم من المبلغين والمخبرين، ودراستها.
  3. إعادة تقييم قرارات منح الحماية دورياً للأشخاص الذين صدر قرار بمنحها لهم.
  4. إخفاء بيانات طلبات توفير الحماية التي قد تؤدي إلى كشف عن هوية طالب الحماية، واستبدالها برموز خاصة.
  5. رفع توصية للرئيس بقبول أو رفض طلب الحماية أو طلبات عدم الكشف عن الهويات للبت فيها.
  6. إبلاغ الرئيس فور وقوع أي اعتداء على أي من الأشخاص المشمولين بالحماية أو تعرض أي منهم لتهديد، وإحالة الأمر لنيابة جرائم الفساد المتخصصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمنهم وسلامتهم.
  7. إجراء الدراسات والبحوث اللازمة لتطوير وسائل توفير الحماية وإجراءاتها.
  8. إعداد النماذج اللازمة لعمل وحدة الحماية، ورفعها للرئيس لاعتمادها.
  9. إعداد موازنة تقديرية لوحدة الحماية، ورفعها للرئيس لاعتمادها”.

[36] تنص المادة (5/3) من قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة 2019م بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم “3. توصي وحدة الحماية إلى الرئيس بقبول طلب الحماية أو رفضه مع بيان الأسباب، معززاً بالآتي:

أ. الوثائق التي تقرر وحدة الحماية إرفاقها بالطلب بموجب التعليمات الصادرة عن الرئيس.

ب. المعلومات والأدلة التي تحدد مدى جدية طلب توفير الحماية، وارتباطه بإثبات ارتكاب واقعة الفساد.

ج. إجراءات الحماية المقترحة، والتكاليف اللازمة لتنفيذها في حال قبول طلب الحماية.”

[37] انظر المادة (32) من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد.

[38] عطية، محمد، حماية ذوي الصلة بدعوى مكافحة الفساد، (في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتشريع المقارن)، كلية الحقوق، جامعة المنوفية ص13، بحث منشور على الإنترنت على الرابط :

https://jslem.journals.ekb.eg/article_182824_2ac7aa48ae47dca202553ecf1979677c.pdf : تاريخ الزيارة 8/12/2022.

[39] المادة (1/13) من قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة (2019) بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم.

[40] عرف القرار بقانون رقم (7) لسنة 2010م بشأن تعديل قانون الكسب غير المشروع رقم (1) لسنة 2005م الموظف في المادة (4/7) بأنه “كل من يعين بقرار من جهة مختصة لشغل وظيفة مدرجة في نظام تشكيلات الوظائف المدنية أو العسكرية على موازنة إحدى الدوائر الحكومية أياً كانت طبيعة تلك الوظيفة أو مسماها”.

[41] المادة (9/1) من قرار مجلس الوزارء رقم (7) لسنة (2019) بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم.

[42] وفرت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية الحماية الوظيفية لموظفتا المحكمة الدستورية (م.ف) و (د.م)، واللاتي تقدمتا بتبليغ لهيئة مكافحة الفساد الفلسطينية عن “وجود مخالفات إدارية قد تصل إلى شبهات فساد”، إلا أن قرار الحماية لم يمنع رئيس المحكمة الدستورية من اتخاذ العديد من القرارات الإدارية التي مست بشكل مباشر المراكز القانونية والوظيفية وأدت إلى إنتقاص الحقوق من الموظفتين على النحو التالي:

أ:- القرار الإداري رقم (34) للعام (2019) بتاريخ 29/12/2019 والمتضمن إلغاء تكليف الموظفة (م.ف) من مهام عملها كمدير مكتب الأمين العام للمحكمة الدستوري العليا.

ب:- القرار الإداري رقم (36) للعام (2019) بتاريخ 29/12/2019والمتضمن إنهاء كافة القرارات الإدارية والتكاليف للموظفة (د.م).

ت:- القرار الإداري رقم (37) للعام (2019) بتاريخ 30/12/2019والمتضمن نقل الموظفة (م.ف) للعمل بوظيفة مدخل بيانات في قلم المحكمة الدستورية.

ث:- حرمان الموظفة (د.م) من استخدام جهاز الحاسوب الذي بعهدتها وإيقاف نظام تشغيله بتاريخ 23/1/2020 بناء على تعليمات للموظف المختص.

ج:- القرار الإداري رقم (17) للعام (2020) بتاريخ 29/6/2020 والمتضمن توقيف الموظفتين (د.م) و(م.ف) عن العمل.

[43] المادة (9/2) من قرار مجلس الوزارء رقم (7) لسنة (2019) بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم.

[44] قام رئيس المحكمة الدستورية بتشكيل لجنة تحقيق مع موظفتا المحكمة (د.م) و(م.ف) بموجب القرار الإداري رقم (14) لسنة (2020) بتاريخ 7/6/2020، وقد نسب إليهم القرار خمس مخالفات لأجل التحقيق بها وهي : أ. تسريب بيانات ووثائق وإفشاء سرية معلومات تخص عمل المحكمة الدستورية العليا. ب. مخالفة قواعد السلوك المهني وأخلاقيات الوظيفة العامة. ج. إساء استخدام مواقع التواصل الإجتماعي بما يضر بمصلحة العمل ويسيئ للمحكمة الدستورية العليا. د. فقدان معاملات رسمية وأوامر توريد تخص عمل المحكمة الدستورية العليا. و. التشهير والذم والقدح واختلاق الجرائم بحق بحق قضاة المحكمة الدستورية العليا.

[45] إن المدقق في طبيعة المخالفات المنسوبة لموظفتي المحكمة الدستورية يجد انها ذات طابع إنتقامي أو ثأري، خصاصاً أن بعضها فضفاض وبعضها يخص الشكوى التي تقدمتا بها لدى هيئة مكافحة الفساد، وبعض يمس حرية الرأي والتعبير.

[46] قام رئيس المحكمة الدستورية بممارسة التمييز ضد الموظفتين (د.م) و(م.ف) وذلك بإنزال عقوبة التنبيه بحقهما بسبب التغيب عن العمل بتاريخ 24/6/2020 وهو ذات اليوم الذي استدعيت فيه الموظفتين لسرايا النيابة العامة في رام الله، وقد تم تبليغ رئيس المحكمة الدستورية وأمين عام المحكمة الدستورية بهذا الإستدعاء من قبل النائب العام خطياً، وهو الأمر الذي لا يتم تجاه الموظفين الآخرين في حال تعرضهم لذات الموقف.

[47] المادة 1/15 من قرار مجلس الوزارء رقم (7) لسنة (2019) بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم.

[48] فرحان، مصطفى، والنقيب، آلاء، “أصول التحقيق في جرائم الفساد”، هيئة مكافحة الفساد و معهد الحقوق – جامعة بيرزيت، رام الله، فلسطين، 2015 ،ص26.

[49] انظر بخصوص ذلك فرحان، مصطفى، والنقيب، آلاء، “أصول التحقيق في جرائم الفساد”، هيئة مكافحة الفساد و معهد الحقوق – جامعة بيرزيت، رام الله، فلسطين، 2015 ،ص26+27.

[50] تنص المادة (33) من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام (2003) على “تنظر كل دولة طرف في أن تثدخل في صلب نظامها القانوني الداخلي تدابير مناسبة لتوفير الحماية من أي معاملة لا مسوغ لها لأي شخصٍ يقوم بحسن نية ولأسباب وجيهة، بإبلاغ السلطات المختصة بأي وقائع تتعلق بأفعال مجرمة وفقاً لهذه الإتفاقية”.

[51] باشرت النيابة العامة بالتحقيق مع الموظفتين في المحكمة الدستورية (د.م)و(م.ف) في الملفين التحقيقيين رقم (2006/2020) و (2007/2020) لدى نيابة رام الله، بموجب كتاب موجه من رئيس المحكمة الدستورية إلى النائب العام، بالرغم من وجود قرار حماية صادر من قبل هيئة مكافحة الفساد بحق الموظفتين.

[52] انظر التعليق العام رقم (35) الذي أوضحته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وهي هيئة الخبراء المستقلين التي ترصد تنفيذ دولها الأطراف للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[53] انظر المادة (10) من قرار مجلس الوزارء رقم (7) لسنة (2019) بنظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم.

[54] انتهت إلى هذا الرأي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتبنى هذا التوجه المشرع الفرنسي من قانون الإجراءات المضافة بموجب القانون رقم 1026-2001 الصادر في 15 نوفمبر 2001، اظر : زغلول، طارق، الحماية الإجرائية للمجني عليهم والشهود والمبلغين: دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة، مرجع سابق، ص343.

[55] لمزيد من التفصيل انظر: زغلول، طارق، الحماية الإجرائية للمجني عليهم والشهود والمبلغين: دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة، مجلة العلوم القانونية والإقتصادية،مجلد59، عدد1، جامعة عين شمس، القاهرة مصر، 2017، ص343.

[56] حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية رقم (25) لسنة (16) قضائية الصادر بتاريخ 3/7/1995.

[57] حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية رقم (6) لسنة (13) قضائية الصادر بتاريخ 16/5/1992.

[58] انظر المطلب الاول من المبحث الثاني.

[59] المادة (15) من القانون الاساسي الفلسطيني لسنة 2003 وتعديلاته لسنة 2005.

[60] جاوي، حورية، تفعيل كشف الفساد وحماية المبلغين، مجلة الحقوق والحريات، جامعة محمد خيضر- بسكره، الجزائر، المجلد (10) العدد (01)، 2022، ص868.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى