الحاجة إلى توحيد المقتضيات المتعلقة بالكتاب المقررين للجان الضريبية – المختار السريدي
الحاجة إلى توحيد المقتضيات المتعلقة بالكتاب المقررين
للجان الضريبية
بقلم : المختار السريدي
باحث في المنازعات الضريبية
لم تحضَ مهمة الكاتب المقرر للجان الضريبية محلية كانت أم جهوية أم وطنية بنفس الحضوة التي حضيت بها المهام الأخرى كمهام المراقبة و مهام الوعاء و مهام التحصيل ، سواء من حيث التعيين والتسمية والإستفاذة من المنح والعلاوات أو من حيث تحديد الإختصاصات أو رسم السلطات ، خصوصا وأن المشرع المغربي حينما قام بتعيين كاتب مقرر منتسب لإدارة الضرائب كعضو من أعضاء اللجان الضريبية كان يبغي من وراء ذلك تقوية اختصاصات هذه اللجان ودعمها بعنصر قوي وفعال يفهم أبجديات الضريبة ويفك شفراتها المستعصية و يساعد بقية أعضائها في التعرف عن قرب على الملفات المطعون فيها أثناء دراستها ومناقشتها و البت فيها بسبب ما قد يصادفهم من صعوبات وما قد يعترضهم من إشكالات قد لا يعرفها إلا أهلها والمطَّلعون عليها الذين لهم دراية كبيرة وإلمام واسع بالمقتضيات الجبائية ذات الصلة بالإضافة إلى الخبرة والتجربة التي راكموها في الميدان الضريبي سواء على مستوى المراقبة أو على مستوى الوعاء .
فعلى مستوى اللجان المحلية لتقدير الضريبة واللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ، فقد أسندت المادتان 225 و 225 مكرر من المدونة العامة للضرائب إلى الكاتب المقرر عددا من المهام القوية تتمثل في كونه هو من يتلقى عرائض الطعن من إدارة الضرائب ويوجهها إلى القاضي رئيس اللجنة ، وهو من يقوم باستدعاء أعضاء اللجنة لحضور اجتماعاتها ، و هو من يتكلف أيضا بإخبار الطرفين الخاضع للضريبة ومفتش الضرائب بتاريخ انعقاد الإجتماع قصد الدفاع عن مواقفهما وتقديم ما بحوزتهما من وثائق و دلائل ومستنذات ، و هو من يتولى تحرير محاضر الإجتماعات، وتحرير المقررات الصادرة عن اللجنة و تبليغها إلى الأطراف ، وهو من يشعر الطرفين الخاضع للضريبة ومفتش الضرائب بانصرام أجل الإثني (12) شهرا المحددة للجنة قصد البت في الطعون ، بالإضافة إلى تمتعه بصوت تقريري عند إصدار المقررات .
غير أن هؤلاء الكتاب المقررين منهم من هو متفرغ للمهمة بشكل كلي ، ومنهم من يشغل المهمة بشكل موازي مع مهمته الأصلية كمفتش للضرائب مكلف بالتحقيق أو الوعاء الجبائيين .
و إذا كان التفرغ الكلي للمهمة في بعض العمالات والأقاليم الكبرى كالدار البيضاء والرباط وأكادير وفاس وتارودانت لا يطرح أي إشكال بسبب كثرة الطعون و تراكم الملفات التي ترد على اللجان وتزايد عدد الإجتماعات التي تعقدها ، فإن الأمر يختلف– خصوصا في العمالات والأقاليم المتوسطة و الصغرى حيث قلة وندرة الطعون والملفات – بالنسبة للكتاب المقررين الذين يوجدون في وضعية ” وحدة الشخص وازدواجية المهام ” أي الذين يقومون بمهمة كاتب مقرر بالموازاة مع مهمتهم الأصلية المتمثلة في القيام بأعمال وعاء أو مراقبة الضريبة ، مما قد يضر باستقلالية الكاتب المقرر ويضعه أمام حالة التنافي و يجعل مقرَّر اللجنة معرضا للتشكيك في صحته وفي حيادية التشكيلة التي أصدرته .
كل هذه الإختصاصات تستدعي أن يتم تعيين الكاتب المقرر من خيرة و علِّية الأطر و أن يكون على بينة و دراية تامة بالنصوص القانونية و صاحب تجربة مهمة و كفاءة كبيرة في الميدان الجبائي تؤهله لأن يكون مستشارا للقاضي و للجنة ككل قبل أن يكون مقرِّرا و أن يكون حَكما عدلا لا خصما منحازا .
ومع ذلك يبقى الكاتب المقرر مجرد عضو عادي من أعضاء اللجنة المحلية أو الجهوية يتمتعون جميعهم بصوت تداولي لكل عضو مع ترجيح كفة الرئيس في حالة تعادل الأصوات ، ذلك أن تمتعه بصوت واحد ضمن أربعة أو خمسة أصوات مع امتياز لصوت القاضي لا يمكن أن يكون له تأثير كبير على مصير تلك الملفات ، و بالتالي فلا خوف على حقوق الخاضعين للضريبة من أي تحيز أو محاباة .
ونظرا لجسامة المهمة وثقل المسؤولية التي أصبح يتحملها الكتاب المقررون للجان المحلية والجهوية و طريقة تعيينهم و اختيارهم سواء من طرف المديرين الجهويين للضرائب أو من طرف عمال العمالات والأقاليم وهي حالات نادرة جدا ، فإن مسألة التعيين هاته تبقى مثار شكوك حول انتمائهم وارتباطهم بإدارتهم الأصلية ( المديرية العامة للضرائب ) و الضغوط و التأثيرات التي من الممكن أن تمارسها عليهم هذه الإدارة بطريقة أو بأخرى ، خصوصا حينما نجدهم يتبعون إداريا إما للمصالح الجهوية للتحقيقات الجبائية أو لمصالح الوعاء الضريبي بحسب موقعهم ، مما قد يضر باستقلاليتهم ويؤثر على سير أعمالهم .
أما على مستوى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ، فإن الكاتب المقرر للجنة الفرعية الوطنية وحسب ما جاء في المادة 226 من المدونة العامة للضرائب ،هو من يتكلف باستدعاء أعضاء اللجنة للإجتماع ، وهو من يخبر الطرفين الخاضع للضريبة ومفتش الضرائب بتاريخ انعقاد الإجتماع .
ويتم اختيار الكاتب المقرر لكل لجنة فرعية وطنية من طرف القاضي رئيس هذه اللجنة من غير الموظفين الإثنين العضوين في اللجنة لحضور الإجتماع دون أن يكون له صوت تقريري ، وهذا بعكس الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة الذي يتمتع بصوت تقريري مع ثلاثة أعضاء وهو رابعهم والكاتب المقرر للجنة الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة الذي يتمتع أيضا بصوت تقريري مع أربعة أعضاء وهو خامسهم ، في حين أن اللجنة الفرعية الوطنية والمتكونة من خمسة أعضاء (قاضي رئيس وموظفين إثنين وممثلين للخاضعين للضريبة ) بالإضافة إلى كاتب مقرر معين من طرف الرئيس ، فإن الكاتب المقرر للجنة الوطنية الذي يحضر الإجتماع لايشارك في إصدار المقررات وليس له صوت تداولي .
أما بالنسبة لتبليغ المقررات إلى الطرفين فإن القاضي هو من يتكلف بذلك بعكس المقررات الصادرة عن اللجنتين المحلية والجهوية التي يتكلف بتبليغها الكاتب المقرر.
بعد استعراض هذه المقتضيات التي تفصل في مهام واختصاصات الكتاب المقررين للجان الطعن الضريبي ، فإننا نلاحظ ما يلي:
-
الكاتب المقرر في اللجنتين المحلية والجهوية هو من يتلقى عرائض الطعن من إدارة الضرائب ويوجهها إلى القاضي رئيس اللجنة ، أما بالنسبة للجنة الوطنية فإن هذه الأخيرة هي من تتلقى العرائض .
-
الكاتب المقرر في اللجان المحلية والجهوية له صوت تقريري أثناء إصدار المقررات ، وهو ما لا يتمتع يتمتع به الكاتب المقرر في اللجان الفرعية الوطنية .
-
الكاتب المقرر في اللجنتين المحلية والجهوية هو من يتكلف بتبليغ المقررات الصادرة عن اللجنتين إلى الطرفين إدارة الضرائب والخاضعين للضريبة ، أما بالنسبة للمقررات الصادرة عن اللجنة الوطنية فإن القاضي هو من يقوم بعملية التبليغ .
-
الكاتب المقرر في اللجان المحلية والجهوية والوطنية هو من يقوم باستدعاء أعضاء اللجنة لحضور اجتماعاتها .
-
الكاتب المقرر في اللجان المحلية والجهوية والوطنية هو من يتكلف بإخبار الطرفين الخاضع للضريبة ومفتش الضرائب بتاريخ انعقاد الإجتماع .
-
الكاتب المقرر في اللجان المحلية والجهوية والوطنية هو من يقوم بتحرير محاضر الإجتماعات وتحرير المقررات .
وعليه فإننا ندعو إلى توحيد المقتضيات الجبائية المتعلقة بالكتاب المقررين لجميع اللجان محلية كانت أم جهوية أم وطنية ، وذلك حتى تتوحد المهام والإختصاصات سواء عند تلقي عرائض الطعون واستدعاء الأعضاء أو الأطراف أو عند إصدار المقررات وتحريرها وتبليغها إلى المعنيين بها .
انتهى .