في الواجهةمقالات قانونية

الضمانات القانونية لحماية الأجور في التشريع الموريتاني –   الباحث : المختار باباه افيد باحث بمدرسة الدكتوراه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية ـ جامعة نواكشوط ـ موريتانيا

الضمانات القانونية لحماية الأجور في التشريع الموريتاني

Legal guarantees for the protection of remuneration in Mauritanian legislation

  الباحث : المختار باباه افيد

باحث بمدرسة الدكتوراه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية ـ جامعة نواكشوط ـ موريتانيا

 

 

الملخص:

أدى ظهور الثورة الصناعية وما رافقها من تقدم صناعي ووجود مشاريع إنتاجية كبيرة واستخدام كبير للآلة إلى توعية العمال شيئا فشيئا، حيث بدأوا باستخدام سلاح الإضراب لمواجهة تعسف أرباب العمل وأصحاب المشاريع الإنتاجية، بالإضافة إلى تكوين النقابات العمالية، ومما ساعدهم على ذلك هو الظروف السياسية التي سادت في أوربا خلال تلك الفترة، فازداد ضغط العمال مطالبين بأجور تتلاءم مع ظروفهم العملية، مما أدى إ لى تدخل الدول تدريجيا من أجل وضع الأحكام والضمانات القانونية لحماية الأجر باعتباره من أهم حقوق العامل، لتكفل بذلك التدخل تحقيق التوازن والاستقرار في مجال العمل، وقد أدى هذا النضال بالدول إلى سن قوانين تكرس ضمانات تشكل سياجا واقيا يحول دون المساس بأجور العمال من طرف أصحاب العمل، أو الغير، حيث كرس المشرع الموريتاني هذه الضمانات في نصوص قانونية بعضها صدر حديثا.

وقد أقرت تلك النصوص التشريعية مجموعة من الضمانات لحماية أجر العامل، سنقوم بمناقشتها وتحليلها للوقوف على مكامن القوة والضعف فيه.

 وتتمثل هذه الضمانات في وضع حد أدنى للأجور لا يمكن لأصحاب العمل النزول عنه، إضافة وضع ضمانات أخرى تحول دون المساس بهذا الأجر، سواء من طرف صاحب العمل، أو من طرف الغير، أو من دائني صاحب العمل، حيث أحاطت تلك النصوص ديون الأجر بامتياز خاص يحميه من مزاحمة دائني صاحب العمل.

ولم يكتفي المشرع بتكريس هذه الضمانات الأساسية لحماية لأجر، وإنما وضع قواعد قانونية أخرى تشكل ضمانا احتياطيا لتلك الحماية، حيث حدد الزمان والمكان الذي يجب أن يدفع فيه الأجر، إضافة تقرير وسائل خاصة لإثباته، لكي يتمكن العامل في حالة نشوب نزاع بينه مع صاحب العمل في دفع الأجر من إثبات ذلك بسهولة، كما نص المشرع على تقرير جزاء لمخالفة القواعد الخاصة بحماية الأجر.

كلمات مفتاحية: الضمانات القانونية ـ حماية الأجورـ مدونة الشغل ـ حقوق العمال. امتياز دين الأجر..

 

 

 

Abstract

The advent of the Industrial Revolution and the accompanying industrial progress, the existence of large production enterprises and the significant use of the machine gradually increased the workers ‘ awareness of their rights, as they began to use the strike weapon to confront the arbitrariness of employers. In addition to the formation of trade unions, they were helped by the changes that took place in the political systems in Europe during that period, where the pressure of workers increased demanding wages appropriate

to their working conditions, and the provision of legal guarantees to protect them, which led to the gradual intervention of states in order to establish the provisions regulating the contract of the Mauritanian legislator has enshrined these guarantees In legal texts, some of them are newly issued. These legislative texts have approved a set of guarantees to protect the worker’s wages, which we will discuss and analyze to identify their strengths and weaknesses. These guarantees consist in setting a minimum wage that employers cannot waive, in addition to setting other guarantees that prevent prejudice to wages, whether by the employer, by third parties, or by the employer’s creditors, as these texts surrounded wage debts with a special privilege that protects him from the creditors of the employer when he dies or declares bankruptcy. The legislator not only devoted these basic guarantees to the protection of wages, but also established other legal rules that constitute a backup guarantee for that protection, where he specified the time and place where wages should be paid, adding a report of s pecial means to prove it, so that in the event of a dispute between him and the employer about the payment of wages Penalty for violation of the rules on wage protection.

Key words: legal guarantees – protection of wages-labor code-workers ‘ rights

 

 

مقدمة

يعتبر الأجر ذلك العوض الذي يؤدى للعامل في مقابل العمل الذي يقوم به، وهو من الأمور الهامة التي أصبحت تشغل بال العمال وأصحاب العمل ومنظمات العمل الدولية والحكومات على حد السواء، نظرا للدور البارز الذي يلعبه في حياة العامل. كما يعتبر من أهم عناصر عقد العمل، وهو الذي يميزه عن غيره من العقود، وهو من أهم الحقوق التي يحصل عليها العامل في إطار هذا العقد، مقابل الالتزامات المتفق عليها في العقد، أو المحددة في النصوص التشريعية والتنظيمية. وبالتالي تكون العناية به ووضع ضمانات قانونية من أجل حمايته لها دور كبير في الاستقرار الاجتماعي للعمال باعتبار الأجر هو المصدر الأساسي لإشباع حاجات أسرهم الضرورية، كما أنه من أسباب رفع إنتاجيتهم، مما ينعكس على الاستقرار السياسي والاقتصادي للدولة.

وإضافة إلى الأهمية الاجتماعية والاقتصادية للأجر تظهر أهمية كبيرة له من الناحية القانونية، لأن تحديد طبيعة المبالغ التي يحصل عليها العامل من طرف صاحب العمل ومعرفة ما إذا كانت أجرا أم لا، يتوقف عليه تحديد الكثير من الحقوق التي قد يستحقها العامل أو حتى أسرته بعد موته، مثل: تحديد أجر الساعات الإضافية وأجر الإجازات، وتعويضات الضمان الاجتماعي… وكذلك احتساب الاشتراكات و الاقتطاعات..[1]

وقد عرف مفهوم الأجر عدة تطورات، حيث مر بمراحل عديدة قبل أن يصل إلى مفهومه الحالي، فلم يعد الأجر ذلك العنصر الأساسي من عناصر عقد العمل، ولا الثمن المقابل لسلعة العمل كما يعرفه الرأسماليون، بل اتخذ أبعادا اجتماعية واقتصادية، من حيث أهدافه ومكوناته باعتباره المصدر الوحيد الذي يضمن للعمال الحاجات الضرورية في الحياة اليوم.

لذلك اهتمت كل قوانين العمل، والاتفاقيات الدولية والعربية للعمل بحمايته، ولم يكن تكريس هذه الحماية للأجر في القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية تلقائيا، وإنما كرست هذه الحماية عبر نضال تاريخي طويل من طرف العمال ونقاباتهم في العالم، وقد أدى هذا النضال بالدول إلى سن قوانين تكرس ضمانات تشكل سياجا واقيا يحول دون المساس بأجور العمال من طرف أصحاب العمل، أو الغير، حيث كرس المشرع الموريتاني هذه الضمانات في القانون رقم: 017/2004 الصادر بتاريخ 6 يونيو 2004 المتضمن مدونة الشغل الموريتانية. والأمر القانوني رقم 126/89 الصادر بتاريخ 14 سبتمبر 1989 المتضمن قانون الالتزامات والعقود الموريتاني المعدل بالقانون رقم: 31/2001 الصادر بتاريخ 7 فبراير 2001، إضافة إلى المراسيم والمقررات التنظيمية المتعلقة بهذا الشأن.

وقد أقرت تلك النصوص التشريعية مجموعة من الضمانات الأساسية لحماية أجر العامل، تتمثل في وضع أدنى الأنى للأجور لا يمكن لأصحاب العمل النزول عنه، إضافة وضع ضمانات أخرى تحول دون المساس بهذا الأجر، سواء من طرف صاحب العمل، أو من طرف الغير، أو من دائني صاحب العمل، حيث أحاطت تلك النصوص ديون الأجر بامتياز خاص يحميه من مزاحمة دائني صاحب العمل.

ولم يكتفي المشرع بتكريس هذه الضمانات الأساسية لحماية لأجر، وإنما وضع قواعد قانونية أخرى تشكل ضمانا احتياطيا لتلك الحماية، حيث حدد الزمان والمكان الذي يجب أن يدفع فيه الأجر، إضافة تقرير وسائل خاصة لإثباته، لكي يتمكن العامل في حالة نشوب نزاع بينه مع صاحب العمل في دفع الأجر من إثبات ذلك بسهولة، كما نص المشرع على تقرير جزاء لمخالفة القواعد الخاصة بحماية الأجر.

وسنتناول هذا الموضوع من خلال مبحثين على النحو التالي:

ـ المبحث الأول: الضمانات الأساسية لحماية الأجر في التشريع الموريتاني

ـ المبحث الثاني: الضمانات الاحتياطية لحماية الأجر في التشريع الموريتاني.

 

 

المبحث الأول: الضمانات الأساسية لحماية الأجر

نظرا لما للأجر من أهمية في حياة العامل لكونه يمثل مصدر رزقه الأساسي إن لم يكن الوحيد أحاطه المشرع بضمانات قانونية أساسية لحمايته، سنستعرضها في المطالب التالية:

المطلب الأول: ضمان الحد الأدنى للأجور

يعتبر وضع حد الأدنى للأجور من الضمانات الأساسية في حماية حقوق العامل، وتحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق بناء نظام قانوني يساهم في إحداث تنمية اجتماعية واقتصادية. فشعور العامل بالاستقرار المادي والمقدرة على توفير المستلزمات الضرورية لحياته من خلال منحه أجرا كافيا يضمن استقراره النفسي ويزيد من قدرته على الانتاج.

وقد بدأت هذه الفكرة تنمو وتتطور بتزايد ضغوط النقابات العمالية مما جعل كل الدول تتخذ سياسات عامة، وتسن تشريعات خاصة بتحديده، إدراكا منها لما للأجر من دور في حياة العامل. كما كرس دوليا عن طريق إصدار العديد من الاتفاقيات الدولية بشأن تحديده.

لذلك سنقسم هذا المطلب إلى الفروع التالية.

الفرع الأول: تعريف الحد الأدنى للأجر

يعرف الحد الأدنى للأجر بأنه الأجر الأدنى المطبق على كافة العمال والقطاعات والنشاطات دون استثناء، حيث يتم تحديده من قبل السلطة العامة بمقتضى نصوص تنظيمية بالنظر إلى عدة اعتبارات اقتصادية واجتماعية، لا سيما فيما يتعلق بالأسعار في البلاد، وتطور مستوى المعيشة، والذي لا يجوز بأي حال من الأحوال النزول عنه في علاقات العمل فردية كانت أم جماعية، كما أنه يغطي نفقات المعيشة في حدودها الانسانية، دون الاخلال بالتوازن الواجب بين الأجور والاسعار[2].

ولم يتعرض المشرع الموريتاني لتعريف الأجر الأدنى للأجور خلاف غيره من التشريعات المقارنة، كالمشرع المغربي الذي عرفه في المادة: 358 من مدونة الشغل التي نصت على أنه:” يقصد بالحد الأدنى القانوني للأجر القيمة الدنيا المستحقة للأجير، والذي يضمن للأجراء ذوي الدخل الضعيف قدرة شرائية مناسبة لمسايرة تطور مستوى الأسعار والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير المقاولة”[3].

وعموما يمكن القول إن الأجر الأدنى المضمون هو القدر اللازم لتوفير أشكال العيش المتوسط.

وحتى يمكن الوصول إلى الأجر الذي يمثل حدا أدنى لأجر العامل بصورة صحيحة دون إفراط ولا تفريط لا بد أن يؤخذ عند تحديده بالاعتبارات التالية:

ـ الاعتبار الأول: الحاجات الضرورية للعامل من مأكل ومشرب ومسكن على أن يراعى التوسط في تقدير هذه الأشياء.

ـ الاعتبار الثاني: المستوى العام للأسعار في البلد حيث يتعين أن يكون هناك توازن معقول بينها وبين القوة الشرائية للعامل، وهذا يقتضي من المعنيين عدم الاكتفاء بوضع حد أدنى للأجور والتأكد من تلبيته للحاجات الضرورية للعامل فقط، وإنما يجب عليهم إضافة إلى ذلك تعهده بين الحين والآخر بالتغيير ليواكب تقلبات الأسعار وميلها الدائم إلى الارتفاع والزيادة. وإلا لظهرت الفجوة الكبيرة بين أجور العمال ومستوى أسعار السلع على نحو يضرهم ويحرمهم من تأمين حاجاتهم الضرورية، نظرا لما أصاب أجورهم من ضعف في قوتها الشرائية.[4]

ـ الاعتبار الثالث: مراعاة المستوى العام للدخل لكل أفراد المجتمع، وذلك تفاديا لوجود تفاوت كبير بين طبقة العمال وغيرهم من الطبقات الأخرى، على نحو مؤجج للنزاعات ومثير للحقد والكراهية بين طبقات المجتمع[5].

ولا شك أنه كلما حرص المجتمع على توفير الحد الأدنى اللازم لمعيشة العمال كلما ساعد ذلك في رضاهم وتصالحهم مع بقية طبقات المجتمع.

الفرع الثاني: تكريس الحد الأدنى للأجر في التشريع الموريتاني

لقد كان تحديد أجر العامل في ظلال الفكر الفردي بتطرفه المقيت متروك لإرادة أطراف العقد دون قيد، وذلك احتراما للحرية التعاقدية التي تجعل من العقد شريعة للمتعاقدين، لا يمكن تعديله أو إلغاؤه إلا بالتوافق بينهما، وهذا يعتبر ثمرة من ثمار سلطان الإرادة في مجال التعاقد.

ومن الطبيعي أن يكون أجر العامل في هذه الفترة ضئيلا لا يتناسب مع حجم المجهود الذي يبذله العامل ولا مع متطلبات حياته الضرورية. فالعامل نتيجة لحاجته المادية سيذعن لإرادة رب العمل الذي يعتبر الطرف الأقوى في عقد العمل.

وبناء على ما سبق فقد الأجر دوره الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي أدى بالدول في العصر الحالي إلى التدخل من أجل حماية طبقة العمال من تعسف أصحاب العمل، باعتبار أن العمال يمثلون غالبية المجتمع، وذلك بفرض قيد تشريعي يجعل أصحاب العمل عند تحديدهم لأجر العامل بالاتفاق معه لا يستطيعون النزول عن الحد الأدنى للأجر المضمون بين المهن.

وهذا ما حدا بالمشرع الموريتاني إلى التدخل من أجل وضع حد أدنى للأجر، حيث نص في المادة:195 من مدونة الشغل الموريتانية على أنه: ” یحدد مرسوم صادر بعد أخذ رأي المجلس الوطني للشغل والتشغيل والضمان الاجتماعي مقدار الأجر الأدنى المضمون بین المهن”.

وفي هذا الشأن صدرت عدة مراسيم تدرجت في تحديد الأجر الأدنى، كان آخرها المرسوم رقم: 237/2011ــ الصادر بتاريخ 24 اكتوبر   2011 المتعلق برفع الحد الأدنى للأجور المضمون بين المهن، حيث قرر هذا المرسوم رفع الحد الأنى للأجر ليكون 173.080 أوقية قديمة للساعة بالنسبة للعمال المقدرة أجورهم على أساس الأربعين ساعة في الأسبوع.

وهذا الحد ينسحب على كافة التراب الوطني وهو مشترك بين المهن أي أنه ينطبق على كافة النشاطات، وفي كل القطاعات باستثناء النشاط الزراعي، حيث يجوز تخفيض أجور العمال في هذا المجال عن الحد الأدنى للأجر المضمون بين المهن الصناعية والتجارية، حيث نصت المادة: 195 من مدونة الشغل الموريتانية في فقرتها الثانية على أنه: ” يجوز أن يحدد بمرسوم نسب مختلفة بالنسبة للنشاط الزراعي”، وقد حدد المرسوم رقم: 23/ 2011ــ سالف الذكر الحد الأنى للأجر في هذا القطاع ب 164.080 أوقية قديمة للساعة بالنسبة لعمال قطاع الزراعة المحدد نظامهم بالقرار رقم: 10/284  الصادر بتاريخ 2 يونيو 1965.[6]

كما استثنت المادة:195 سالفة الذكر أيضا العمال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، حيث يجوز أن يتقاضى هؤلاء أجورا دنيا تقل عن الحد الأدنى للأجور.

وقد كان عقد العمل وما يترتب عليه من تحديد لأجر العامل  قبل صدور مدونة الشغل 2001   يخضع لأحكام الفصل الثاني من الكتاب الثالث من القانون رقم: 126/ 89الصادر بتاريخ 14سبتمبر 1989 المتضمن قانون الالتزامات والعقود الموريتاني الذي نلاحظ أنه ورغم تضمنه لمجموعة من المواد المنظمة لعقد العمل لم يتطرق إلى تحديد حد أدنى للأجر، وإنما كرست هذه المواد جميعها مبدأ الحرية التعاقدية، حتى إن المادة: 712 التي تحدثت عن وجوب تحديد الأجر لم تشر إلى حد أدنى له، وكذلك المادة: 715 التي تناولت إمكانية تحديد الأجر من قبل المحكمة عندما يغفل الطرفان تحديده في العقد، حيث تحيل المحكمة إلى العرف ولم تحلها إلى أي قانون يتعلق بالحد الأدنى للأجر. وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها رقم:30/2016 بقولها: أن” للمحكمة الحق في أن تقدر تحديد نسبة الأجر اللازم إذا رأت أن تحديد نسبة الأجر باطلة، طبقا للمادة: 715 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني”[7].

كما نلاحظ أن المشرع الموريتاني ترك تحديد الحد الأني للأجر للمراسيم وحسنا فعل من أجل تيسير مراجعته ليتلاءم مع تطور الحياة الاجتماعية للعامل، وتغير الظروف الاقتصادية، ولذلك كان هناك اتفاق بين النقابات والوزارة المعنية على التفاوض بعد عامين بشأن مراجعته، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

الفرع الثالث: علاقة الحد الأدنى للأجر بالنظام العام

إن المشرع الموريتاني وحرصا منه على حماية حقوق العمال حدد الحد الأدنى للأجر بقواعد آمرة لا يجوز لأطراف عقد العمل الاتفاق على خلافها، وأضفى على الفعل المخالف للحد الأدنى للأجور الطابع الإجرامي باعتباره جنحة يترتب عليها توقيع جزاء مدني وآخر جزائي.

أولا: الجزاء المدني

من المعروف في فقه قوانين العمل أن قواعده تتسم بالصفة الآمرة عموما، لأنها تهدف إلى حماية الطرف الأضعف في عقد العمل وهو العامل، وبالتالي لا تجوز مخالفة قواعد قانون العمل في العقد، لأنها من النظام العام، ونظرا لخصوصية هذه القواعد فقد جعل المشرع النظام العام الذي يطبعها نسبيا، أي أنه لا يجوز الاتفاق على خلافه إلا إذا كانت تحقق فائدة أكبر للعامل. ولذا نصت المادة الأولى من مدونة الشغل الموريتانية في فقرتها الرابعة على أنه: ” لا تتعارض أحكام هذا القانون مع الأحكام الأكثر صلاحية التي تمنح للعمال بموجب اتفاقيات جماعية أو عقود فردية أو عادات”.

وبناء عليه فإن أي شرط يرد في عقد العمل مخالفا لأحكام قانون العمل يعد باطلا ولا أثر له. فمثلا إذا تضمن عقد العمل شرطا يقتضي بإعطاء العامل أجرا يقل عن الحد الأدنى المضمون، فإن هذا الشرط يعتبر باطلا لمخالفته لأحكام المادة:196 من مدونة الشغل الموريتانية التي تنص على أنه:” یحظر على كل صاحب عمل أن یدفع لأي عامل أجرا یقل مقداره عن الأجر الأدنى المضمون بین المهن

لكن المشرع الموريتاني لم يكن صريحا في تقريره للبطلان لكل شرط ورد في عقد العمل مخالفا لقانون العمل، وإنما يستشف ذلك من مفهوم المخالفة للمواد السابقة، في حين نجد المشرع المغربي أكثر دقة وصراحة في تقرير بطلان علاقة العمل بسبب تقاضي العامل أجرا أقل من الحد الأدنى المضمون، حيث نصت المادة 360 من مدونة الشغل المغربية على أنه:” يكون باطلا بقوة القانون كل اتفاق فرديا كان أو جماعيا، يرمي إلى تخفيض الأجر، إلى ما دون الحد الأدنى القانوني للأجر”[8].

إلا أنّ البطلان المقرر في قانون العمل يختلف عن البطلان بالمعنى العام والمقرر في القانون المدني، فالبطلان كقاعدة عامة يترتب عليه رجوع المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، ولكن نظرا لخصوصية عقد العمل، فإنّ هذا البطلان لا يكون له أثر رجعي، ومن ثم فإن هذا البطلان لا يؤدي إلى ضياع الأجر المستحق للعامل عن العمل الذي قام به، باعتبار أنّ عقد العمل من العقود الزمنية التي لا يسري فيها البطلان إلا على المستقبل، ولأن جهد العامل غير قابل للاسترجاع[9].

ثانيا: الجزاء الجزائي

لا يعتبر البطلان كجزاء مدني لمخالفة الحد الأدنى للأجر هو الجزاء الوحيد، فقد رتب المشرع الموريتاني عقوبة جزائية، تتمثل في الحبس وغرامة مالية يطبقان على كل مشغل يدفع للعامل أجرا يقل عن الحد الأدنى المضمون، وهذه الغرامة تتراوح ما بين عشرين ألف أوقية قديمة 20000 إلى ثمانين ألف أوقية قديمة 80000، وبالحبس من خمسة عشر يوما إلى أربعة أشهر، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط[10].

ومما لا شك فيه أن هذه العقوبات غير رادعة وينبغي أن يتدخل المشرع للنظر في الأحكام الجزائية في هذا المجال لتكييفها مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية، وحتى تكون مطابقة لجسامة الخطأ وخطورته.

المطلب الثاني: ضمان عدم المساس بالأجر

لما كان الأجر هو المصدر الأساسي إن لم يكن الوحيد لحياة العامل أحاطه المشرع بضمانات خاصة من أجل حمايته من أي خطر من شأنه المساس به، سواء كان ذلك الخطر من جهة صاحب العمل كالاقتطاع أو المقاصة.. أو من جهة الغير كالحجز.

لذلك سنحاول في هذا المطلب التطرق لهذه الضمانات القانونية التي تحول دون المساس بأجر العامل في الفروع التالية:

الفرع الأول: تقييد صاحب العمل في المقاصة والاقتطاع من الأجر.

طبقا للقواعد العامة في الالتزامات فإن المقاصة تعد سببا من أسباب انقضاء الالتزامات[11]، ولا تقع المقاصة إلا إذا كان أحد الطرفين دائنا للآخر ومدينا له بصفة شخصية، ولا يتطلب القانون أن تكون في شكل معين، بل يكفي فيها تراضي الطرفين، إضافة إلى مراعاة الشروط الواجب توفرها في الدينين[12].

ونظرا للعلاقة التي تربط العامل بصاحب العمل قد يضطر الأول ـ نتيجة للعديد من الأسباب ـ إلى الاقتراض من الثاني، مما يجعله نتيجة لذلك مدينا له. فهل يمكن اتباع القواعد العامة للمقاصة الواردة في قانون الالتزامات والعقود الموريتاني للوفاء بهذه الديون؟   أم أن الضمانات التشريعية لحماية الأجر الواردة في مدونة الشغل الموريتانية تحول دون ذلك؟

لا شك أن السماح لصاحب العمل ـ الدائن ـ باللجوء إلى القواعد العامة للمقاصة من شأنه أن يعرض أجر العامل للضياع، ويعرض العامل وأسرته إلى عدم استقرار وضعهم الاقتصادي والاجتماعي، باعتبار أن الأجر هو مصدر عيشهم الأساسي. لذلك جاء المشرع الموريتاني في مدونة الشغل بضمانات من شأنها تقييد حرية صاحب العمل في الاقتطاع من أجر العامل عن طريق المقاصة، مراعاة لمصلحة العامل، وحفاظا على الطابع المعيشي للأجر. ولذلك استبعد تطبيق القواعد العامة للمقاصة الوارد في المواد:332 وما بعدها من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني. واشترط لإجراء أي مقاصة بين طرفي عقد العمل أن تكون أمام القضاء[13]، مما يعني استبعاد المقاصة الاتفاقية، حرصا منه على مصلحة العامل الذي قد يستغل ضعفه وحاجته من طرف صاحب العمل.

وإذا ما رجعنا إلى القواعد العامة للمقاصة الواردة في قانون الالتزامات والعقود الموريتاني نجدها تضع شروطا للمقاصة من أهمها: ألا تؤدي إلى ربا، فكان جديرا بالمشرع أن يقر هذا الشرط في مدونة الشغل من أجل إضفاء المزيد من الحماية على الأجر، لئلا يستغل صاحب العمل مركزه ويضع فوائد على القروض التي يمنحها للعامل، مثل ما فعلت أغلب تشريعات العمل المعاصرة[14].

كما اشترط المشرع أيضا ــ حرصا منه على عدم إثقال كاهل العامل بالديون ــ ألا تزيد القروض والمبالغ المدفوعة من طرف صاحب العمل عن الحصة القابلة للتنازل أو الحجز[15] ست مرات[16].

وإذا كان المبدأ العام في مدونة الشغل الموريتانية هو منع الاقتطاع من أجر العامل، فإن المشرع أقر استثناءات ــــ زيادة على الاقتطاعات المتعلقة بالقروض وتسبيقات الأجرــــ تتعلق بالاقتطاعات من أجل الضمان الاجتماعي[17]. وما عدا هذه الاقتطاعات المنصوص عليها في القانون يعد باطلا، ولو نصت عليها اتفاقيات جماعية، أو اتفق الأطراف عليها في عقد العمل[18].

كما حظر المشرع ـــ مراعاة منه لحماية أجر العامل من اقتطاع صاحب العمل ــ الاقتطاع من الأجر جراء توقيع غرامات تأديبية على العامل، حيث نصت المادة:110 من مدونة الشغل على أنه:” لا يجوز لرئيس المؤسسة توقيع غرامة أو جزاء مالي يترتب عليه انخفاض أجر العامل المستحق عادة مقابل العمل الذي تتم تأديته”

مما سبق يتبن لنا أن المشرع الموريتاني في مدونة الشغل قد أقر ضمانات لا بأس بها من شأن احترامها توفير الحماية لأجر العامل من تصرفات صاحب العمل، إلا أن هذه الضمانات تبقى ناقصة إذا ما قورنت بالضمانات التي توفرها قوانين العمل المقارنة، كما أنها تتسم بالغموض خاصة إذا ما لاحظنا عدم إحالة مدونة الشغل فيما يتعلق بالمقاصة إلى مقتضيات قانون الالتزامات والعقود الموريتاني ليكون هناك تكامل بينهما في هذا الموضوع.

الفرع الثاني: حظر الحجز أو التنازل الكلي عن الأجر

تقتضي القواعد العامة أن للدائن الحجز على أموال مدينه تحت يد هذا المدين، أو تحت يد الغير. ولا يتطلب منه ذلك أكثر من استصدار أمر من القاضي بإيقاع الحجز[19].

لكن المشرع الموريتاني حرصا منه على حماية أجر العامل أقر قواعد خاصة تتعلق بالحجز عليه، لأنه يعتبر مصدر رزق العامل الأساسي إن لم يكن الوحيد، حيث قيد دائني العامل في الحجز على أجره تحت يد صاحب العمل، فلا يجوز لهم توقيع الحجز على كل الأجر، لكي يبقى للعامل جزء من أجره بعيدا عن يد دائنيه، مهما كانت طبيعة دينهم، نظرا لما للأجر من أهمية في حياة العامل.

فالمشرع الموريتاني ترك تنظيم قواعد الحجز والتنازل عن الأجر لينظمها قانون الاجراءات المدنية والتجارية والإدارية، حيث منع هذا القانون الحجز أو التنازل عن الأجر إلا في حدود معينة، فنص في المادة:326 جديدة على أن:”… أجور العمال لا يجوز حجزها أو التنازل عنها إلا في حدود الحصة التالية:

ــ 15% في الحصة التي تتراوح ما بين 30000 و60000أوقية قديمة شهريا

ــ 25% في الحصة التي تتراوح ما بين 60000 و90000 أوقية قديمة شهريا

ــ100% ففي الحصة التي تفوق 140000 أوقية قديمة شهريا.

لكن هذه القواعد التي تقيد التي تقيد دائني العامل في الحجز على أجره خاصة بالأجر الذي ما يزال تحت يد صاحب العمل أو الذي تم تحويله ولم يستلمه بعد[20]، وعليه إذا استلم العامل أجره ودخل في ذمته المالية مختلطا بأمواله الأخرى فإن لدائنيه أن يحجزوا عليه كليا، لأنه أصبح خاضعا للقواعد العامة للحجز على ذمة المدين. فالحماية خاصة بالأجر، وليس لكل ذمة العامل المالية[21].

وقد أقرت هذا الضمان المتمثل في حماية الأجر من الحجز الكلي من قبل دائني العامل مختلف التشريعات العمالية المقارنة[22]، كما كرسته اتفاقيات منظمة العمل العربية[23]، والدولية[24].

ويجدر التنبيه هنا أن المقصود بالأجر في مجال الحجز أو التنازل ليس الأجر بمعناه الضيق، وإنما كل ما يحصل عليه العامل من أجر وملحقاته أو المعاشات، باستثناء البدلات الغير قابلة للحجز عليها[25].

 

المطلب الثالث: تضامن أصحاب العمل في الوفاء بالأجر

تقتضي القواعد العامة في الالتزامات أن العقد نسبي، وبالتالي لا تنصرف آثاره إلا إلى طرفيه، وبالتالي لا يمكن أن ينتفع منه الغير أو يتضرر إلا في الحالات التي يحددها القانون[26].

ومن الحالات التي تعتبر استثناء من مبدأ نسبية العقد ما نصت عليه مدونة الشغل الموريتانية من وجوب التضامن بين أصحاب العمل، عندما يحدث تغيير على الوضع القانوني لصاحب العمل، أو في شكل المؤسسة، وذلك حرصا من المشرع على حماية أجر العامل من الضياع نتيجة لهذا التغيير.

ولما كان التضامن[27] بين المدينين أمر لا يفترض ــ حسب القواعد العامة ــ وإنما لابد فيه من نص صريح[28]، جاءت المادة :26 من مدونة الشغل فنصت على: أنه” إذا حدث تغيير على الوضع القانوني لصاحب العمل أو تغيير قانوني في شكل أو ملكية أو استغلال المؤسسة، لا سيما في حالة الإرث أو البيع أو الإدماج أو تغيير رأس المال، أو التحويل إلى شركة أو أي نوع آخر من التغيير، تبقى جميع عقود العمل القائمة في تاريخ التغيير سارية بين صاحب العمل الجديد وعمال المؤسسة…”

كما نصت المادة:27 من نفس المدونة على انصراف آثار العقد إلى أصحاب العمل المتتالين بقولها:” يظل أصحاب العمل المتتالين ملزمين نحو العمال الذين يتم تحويلهم بجميع الالتزامات التي كانت تقع على عاتق صاحب العمل السابق، وذلك مع مراعاة الحق في تقديم دعوى الرجوع من طرف صاحب العمل التالي ضد صاحب العمل السابق.”

من خلال المادتين السابقتين نستشف الحماية الكبيرة التي يوليها المشرع لأجر العامل بالمحافظة على العلاقة التي تربطه بالمؤسسة مهما تكن التغييرات التي تطرأ على الشكل القانوني لها، أو على الوضع القانوني لصاحب العمل، حيث يبقى عقد العمل ساريا منتجا لآثاره بين العامل وصاحب العمل الجديد الذي لم يبرم العقد شخصيا. فعقود العمل وإن كانت قائمة على الاعتبار الشخصي من جهة العامل، فإنها لا تقوم على ذلك الاعتبار من جهة صاحب العمل.

ولكي يكون التضامن قائما بين أصحاب العمل، عند تغير الوضعية القانونية للمؤسسة، أو لصاحب العمل لا بد من توفر شروط، منها:

أولا: أن يكون هناك عقد عمل ساري المفعول وقت حدوث التغيير في وضعية المؤسسة أو صاحب العمل، وبالتالي لا تطبق المادتين السابقتين على العمال الذين انتهت عقودهم قبل حدوث التغيير. فلا يلزم صاحب العمل بأداء التزامات لعمال انتهت عقودهم قبل شرائه للمؤسسة. لكنه يكون ملزما بأداء الالتزامات المترتبة عن العقود المعلقة بسبب إضراب أو التي تجري بشأنها مهلة إنذار[29].

ثانيا: حدوث تغيير في وضعية صاحب العمل أو في شكل المؤسسة: ويقصد بذلك تغيير المركز القانوني لصاحب العمل، بسبب أي تصرف كان، كنقل ملكية المؤسسة بالبيع أو الإرث أو التنازل…، أو بسبب الاستغلال مثل: الكراء أو التنازل المؤقت.

ويقصد بتغيير الشكل القانوني للمؤسسة تحويلها ـ مثلاـ من شخص من أشخاص القانون الخاص إلى شخص من أشخاص القانون العام أو العكس، أو تحويلها إلى شركة.

ومن الواضح أن حالات تغير وضع صاحب العمل أو شكل المؤسسة التي نصت عليها المادة: 26 السابقة أنها للمثال لا الحصر.

ثالثا: استمرار الكيان الاقتصادي: ويقصد بذلك استمرار وجود المؤسسة. لقد توسع الفقه في تطبيقه لهذا الشرط، حيث لم يعد يشترط استمرار المؤسسة نفسها، أو حتى النشاط نفسه، وإنما أصبح يكتفي باستمرار نشاط مشابه[30].

و متى توافرت هذه الشروط السابقة  فإن صاحب العمل القديم وصاحب العمل الجديد يكونان مسؤولين على وجه التضامن فيما بينهما عن جميع الالتزامات الناشئة عن عقد العمل قبل التصرف الذي نقل ملكية المؤسسة إلى صاحب العمل الجديد،  ولم يحدد المشرع الموريتاني في المادتين السابقتين لهذا التضامن  مدة معينة وحسنا فعل، لأن ذلك أضمن لحقوق العمال،  في حين نجد أن المشرع الأردني  بموجب  نص المادة: 16 من قانون العمل  حدد مدة تضامن صاحب العمل القديم والجديد   بستة أشهر يكونان مسؤولين بالتضامن فيها  تجاه العامل عن حقوقه المستحقة الأداء قبل تاريخ الانتقال، ولكن الالتزامات التي تنشأ بعد انتقال المؤسسة، يكون صاحب العمل الجديد وحده هو الذي يتحملها وليس للعامل مطالبة صاحب العمل السابق بأي منها، والعبرة في تقدير ذلك هو بوقت نشوء الحق واستحقاقه ولا دخل لتاريخ انتهاء العقد في ذلك او بتاريخ بدايته، بمعنى أنه إذا كان عقد العمل قد انتهى قبل التغيير ولكن الحقوق المستحقة عنه ظلت قائمة فإن صاحب العمل الجديد يضمن الوفاء بها، وعكس ذلك إذا كان عقد العمل قد أبرم في ظل صاحب العمل القديم واستمر ممتدا إلى الجديد ولكن الحقوق التي يطالب بها العامل قد نشأت بعد التغيير فإنّ صاحب العمل الجديد وحده هو الذي يتحملها دون صاحب العمل القديم[31].

والتضامن يشمل جميع الالتزامات الناشئة قبل انتقال الملكية سواء منها ما كان لصالح العامل
أو لهيئات الضمان الاجتماعي أو لأي شخص آخر، والعامل هنا مخير بين الرجوع بحقوقه على صاحب العمل القديم أو صاحب العمل الجديد، أو أن يرجع عليهما معا، وهذا هو مقتضى التضامن بين المدينين[32].

فإذا أدى صاحب العمل الجديد الدين للعامل كان له الحق في دعوى الرجوع بكل ما أداه على صاحب العمل القديم، لأنّه هو المدين به[33]. أما إذا أدى صاحب العمل القديم هذا الدين فليس له الرجوع بشيء مما أداه على صاحب العمل الجديد، فهذا الأخير ليس مدينا بما نشأ قبل انتقال المؤسسة إليه.

والقانون هنا قد اعتد بعقود العمل في المؤسسة أكثر من اعتداده بشخص صاحب العمل، الأمر الذي يعني بقاء عقود العمل قائمة في حالة استمرار نشاط المؤسسة تحت إدارة صاحب العمل الجديد دون اعتبار لانتقالها إليه بتصرف ناقل أو غير ناقل الملكية، وعليه يستبعد تطبيق القاعدة متى توقف النشاط نهائيا كما في حالة الإغلاق النهائي للمؤسسة فلا يمكن وجود هذا التضامن ، ومن أسباب الغلق النهائي مثلا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية بعدم تطبيق القاعدة عندما أصبحت المؤسسة من الناحية الواقعية غير قادرة على الاستغلال، سواء كان ذلك بسبب سوء إدارة صاحب العمل مثلا، أو في حالة وفاة صاحب العمل وقرر الورثة إغلاق المؤسسة والتوقف عن النشاط نهائيا، فالعمال في مثل هذه الحالة يسرحون ويسأل صاحب العمل عن كل الآثار المترتبة عن ذلك[34].

المطلب الرابع: ضمان حق الحبس

تعتبر ممارسة حق الحبس من الضمانات التي تمكن العامل من استيفاء أجره كاملا من طرف صاحب العمل، حيث أجازت المادة:228 من مدونة الشغل الموريتانية استعمال هذه الوسيلة من طرف العامل على الأشياء التي صنعها طبقا للقواعد العامة للحبس الواردة في قانون الالتزامات والعقود الموريتاني، الذي عرف الحبس في المادة:305 بأنه:” حق حيازة الشيء المملوك للمدين، وعدم التخلي عنه إلا بعد وفاء ما هو مستحق للدائن، ولا يمكن أن يباشر إلا في الأحوال الخاصة التي يقررها القانون”. لكن المشرع اشترط لممارسة هذا الوسيلة شروطا لا بد من توافرها لكي يكون الحبس صحيحا حيث نص في المادة:309 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني على أنه:” لا تجوز مباشرة حق الحبس إلا بالشروط الآتية:

١.أن يكون الشيء في حيازة الدائن؛

٢.أن يكون الدين حالا. وإذا كان الدين غير محدد المقدار تضرب المحكمة للدائن أقصر أجل ممكن ليعمل على تحديده؛

٣.أن يكون الدين ناشئا عن معاملات قائمة بين الطرفين أو أن يكون ناشئا من ذات الشيء محل الحبس”.

من خلال هذه المادة السابقة نجد أن المشرع اشترط شروطا لصحة ممارسة هذا الحق الذي يشكل ضمانا للوفاء بأجر العامل، وهي:

1ــ أن يكون دين الحابس (أجر العامل) حالا: لأن الهدف من الحبس هو حمل صاحب العمل على تنفيذ التزامه الذي نشأ عن في ذمته لصالح العامل، وبالتالي يجب أن يكون هذا الالتزام قد حل وقت تنفيذه، ولا يشترط التساوي بين قيمة الأجر وقيمة الشيء المحبوس، بل يجوز الحبس ولوكان ثمت تفاوت كبير بين القيمتين.

لكن المشرع أجاز ــ استثناء من الشرط السابق ــ ممارسة هذا الحق، وإن لم يكن الالتزام الواقع على عاتق صاحب العمل قد حل، في حالتين:

ـــ إذا كان المدين (صاحب العمل) قد أشهر إعساره.

ــ إذا كان قد أجري عليه تنفيذ وأعطى نتيجة سلبية[35].

2ــ وجود التزام سابق بين الطرفين: لأن حق الحبس يفترض وجود التزام في ذمة الحابس (العامل) لطرف آخر، وبالتالي يجوز للعامل بعد أدائه لهذا الالتزام حبس الشيء تحت يده حتى ينفذ له الالتزام المقابل وهو الوفاء بالأجر.

3ـــ أن يكون الشيء المحبوس في حيازة العامل: وإذا انتقل هذا الشيء الذي يحبسه العامل خفية، أو برغم معارضته يجوز له استرداده لإعادته إلى مكانه خلال مدة 30 يوما تبدأ من وقت علمه بالنقل، وإلا سقط حقه في التتبع[36]. لكن حق الحبس قد يعود ــ إن كان قد سقط بسبب فقد الحيازة إذا حاز العامل هذا الشيء من جديد بحدث لاحق كإصلاحه أو تنظيفه[37].

4ـ.أن يكون هناك ارتباط بين حق الحابس وبين التزامه: وهو شرط جوهري في ممارسة حق الحبس، فبدونه لا يجوز استعمال حق الحبس، ويكون هذا الرابط موجودا إذا كان ناتجا عن عقد عمل بين العامل وصاحب العمل الذي يلتزم بأداء حق العامل عن طريق الوفاء بأجره.

إضافة إلى الشروط السابقة أوجبت المادة:306 أن يكون الحابس حسن النية، وأن يكون سبب دينه مشروعا.

ويترتب على توقيع حق الحبس على الأشياء التي بحوزة العامل والتي لم تسحب خلال ستة أشهر[38]، أنه يجوز له عند عدم الوفاء له بأجره أن يوجه إنذارا لصاحب العمل، وإذا لم يستجب لإنذاره، له أن يحصل من المحكمة على إذن ببيع تلك الأشياء التي بحوزته ويستوفي أجره من ثمنها بالأولوية[39] على باقي الدائنين الآخرين[40]. حيث نص قانون الالتزامات والعقود الموريتاني في المادة:1178على أن:”أجر الصانع عن عمله وما أنفقه من أجل المصنوع له امتياز على الأشياء التي سلمت إليه ما دامت في حوزته”.

وإذا كانت القاعدة العامة في ممارسة حق الحبس أن الدائن يجوز لحسابه الشخصي، فإن تطبيق هذه القاعدة على العامل الذي يوجد في علاقة تبعية اتجاه صاحب العمل تطرح إشكالا، مادام العامل لا يحوز لحسابه الشخصي، وإنما لصالح صاحب العمل، وبالتالي تكون ممارسته لهذا الحق لا أهمية عملية له.

المطلب الخامس: ضمان امتياز[41] الأجر

مما لا شك فيه أن ممارسة العمل في المجال التجاري غير مضمون النتيجة، فقد يؤدي إلى الربح كما قد يؤدي إلى الخسارة، وبالتالي قد يصير صاحب العمل مفلسا لا يستطيع تأدية أجور العمال، فيدخل في إجراءات التصفية القضائية، عند ذلك قد يكون العمال دائنين له بأجورهم، إضافة لدائنيه الآخرين من غير العمال.

وإذا ما طبقنا هنا القواعد العامة في الالتزامات[42] التي تقضي بأن أموال المدين ضمانا عاما لدائنيه، يوزع ثمنها عليهم حسب دين كل واحد منهم، نكون قد ألحقنا ضررا على العمال لأنهم عند تزاحمهم مع الدائنين الآخرين قد لا يحصلون على أجورهم كاملة، لذلك أقر المشرع في الفصل الخامس من الباب الثالث من مدونة الشغل المعنون بامتيازات وضمانات دين الأجر أحكاما خاصة في هذا المجال من شأن احترامها ضمان حماية دين الأجر نظرا لطابعه المعيشي، حيث نص في المادة:225 من مدونة الشغل على امتياز خاص بدين الأجر، سواء كانت هذه الديون ناشئة عن  تنفيذ عقد العمل أو بفسخه أو بأداءات نقدية أو عينية، فالأجر هنا حسب المادة:224 من مدونة الشغل يشمل كل دين الأجر مهما كان الاسم الذي يطلق عليه وملحقاته ومخصص الإجازات والعلاوات والبدلات..

وهذا الامتياز الذي قررته المادة:225 من مدونة الشغل الموريتانية يجعل دين الأجر يجب أن يستوفى أولا قبل كل الديون الأخرى، ولو كانت ممتازة، حيث أعطاه الرتبة الأولى على كل الامتيازات الأخرى. وينصب هذا الامتياز على أموال المدين العقارية والمنقولة إذا كان مبلغ الأجر داخلا ضمن الشريحة غير القابلة للحجز. أما شريحة الأجر القابلة للحجز فتتمتع بامتياز عام لا ينصب مبدئيا إلا على أموال صاحب العمل المنقولة، ولا ينصب على عقاراته إلا بعد استيفاء الدائنين المرتهنين[43].

وزيادة من المشرع في حماية أجر العامل وضمان مصلحته أقر مسطرة سريعة من أجل تسوية عاجلة لدين الأجر، حيث نصت المادة:226 من مدونة الشغل على أنه:” في حالة الإفلاس أو التصفية تؤجل مع مجموعة الديون المبالغ المستحقة للخزانة العامة والتحويلات الواجبة الأداء والمستحقة على صاحب العمل، بعد تاريخ التوقف عن الدفع.

ويقوم أمين التفليسة أو المصفي بموجب أمر عادي من القاضي المفوض بدفع ديون العمال في أجل أقصاه عشرة أيام من الحكم المشهر للإفلاس أو للتصفية القضائية..”

وفقا لأحكام هذه المادة فإن ديون أجور العمال لا تخضع للمسطرة العادية للتصفية والتي تتميز بالتعقيد والبطء، حيث يجب أن يدفع أمين التفليسة أجور العمال المستحقة على صاحب العمل المفلس خلال مدة قصيرة لا تزيد على 10 أيام من إعلان الإفلاس، ويكون ذلك الدفع بناء على أمر من القاضي المفوض.

وإذا كان ما حصل لدى المصفي لا يكفي لأداء ديون الأجر وقام هو نفسه أو أي شخص آخر بدفع مبلغ من المال سلفة لقضاء أجور العمال، فإنه يحل محل العمال في الامتياز المقرر لديون أجرهم، فيجب أن تدفع لهذا الشخص المقرض مستحقاته من أول ما يتحصل لدى المصفي أو أمين التفليسة[44].

وهذه الاحكام والإجراءات المتعلقة بإعطاء امتياز لدين الأجر من الدرجة الأولى وتسريع إجراءات التسديد عند التصفية القضائية الواردة في المادة: 225 وما بعدها، نجدها متطابقة مع الأحكام التي كرستها مدونة التجارة الموريتانية في المواد: 1394 وما بعدها، مما يؤكد حرص المشرع على وضع ضمانات أساسية من شأن احترامها حماية أجر العامل، لكن يبقى سكوت المشرع في قانون الالتزامات والعقود الموريتاني عن ذكر دين أجور العمال عند حصره للديون الممتازة على المنقولات ومراتبها في المادة:  1176[45] أمر غير مفهوم، وينم عن نوع من عدم  الانسجام بين القوانين الوطنية. خصوصا أن أغلب القوانين المدنية المقارنة[46] ذكرتها وإن أعطتها مرتبة متأخرة بين الديون الممتازة.

 

المبحث الثاني: الضمانات الاحتياطية لحماية الأجر

إضافة إلى الضمانات الأساسية التي كرسها المشرع الموريتاني من أجل حماية الأجر بوصفه مصدر رزق العامل الأساسي، أقر المشرع ضمانات أخرى احتياطية لحماية الأجر تتلخص أساسا في ضمان الدفع السليم بالأجر، وضمان إثبات هذا الدفع عن طريق إعطاء كشف الأجر للعامل، ومسك دفتر للأجور من طرف صاحب العمل، إضافة إلى الجزاء الذي قرره المشرع لمخالفة القواعد المتعلقة بحماية الأجر.

وللوقوف على هذه الضمانات بشكل أكثر تفصيلا سنقسم هذا المبحث إلى المطالب التالية:

المطلب الأول: ضمان الدفع السليم للأجر

حرصا من المشرع على مصلحة العامل وحماية أجره لم يترك طرق دفع الأجر للقواعد العامة في الالتزامات واتفاق الأطراف، حماية للطرف الضعيف في العقد، وهو العامل، وتيسيرا لحصوله على أجره دون مشقة أو عناء، وإنما أقر قواعد خاصة بطرق دفع الأجر، وزمان ومكان دفعه، وأضفى على هذه القواعد صفة النظام العام. لذلك سنتناول هذا المطلب في الفروع التالية:

الفرع الأول: دفع الأجر نقدا وبالعملة الوطنية

من المبادئ التي أقرتها معظم قوانين العمل الحديثة لحماية أجر العامل مبدأ الدفع النقدي للأجر، إضافة إلى أن يكون الدفع بالعملة الوطنية.

ولنقف على تفاصيل أكثر عن هذين المبدأين سنقسم هذا الفرع إلى الفقرتين التاليتين:

 

الفقرة الأولى: مبدأ الدفع النقدي للأجر

مر نظام دفع الأجور في السابق بمراحل، حيث كان العامل في النظام الإقطاعي يأخذ مقابل عمله مؤونته من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، دون أن يكون له الحق في أجر آخر، إلى أن ظهرت الثورة الصناعية، حيث أصبح العامل يتقاضى مقابل عمله سلعا من إنتاج المصنع الذي يعمل فيه، وكذلك الحال بالنسبة للمزارع حيث يحصل على كمية من المحاصيل الزراعية كأجر مقابل عمله. لكن هذه الطرق ألحقت ضررا كبيرا بالعمال لحرمانهم من النقود التي هم بحاجة إليها لتأمين أغراضهم المختلفة من إيجار وكهرباء… وغير ذلك، مما جعل العمال ينتفضون رافضين لهذا الوضع عبر سلسلة من الإضرابات، الأمر الذي أدى إلى تدخل الدولة أواخر القرن التاسع عشر من أجل فرض طرق بديلة لدفع الأجر غير الطرق التي كانت معمولا بها، حيث كان أول قانون يقرر هذا المبدأ قانون فرنسي صدر في 7 سبتمبر 1909م[47].

ثم تتالت أغلب التشريعات العمالية في إقراره، حيث كرسه المشرع الموريتاني في المادة:216 من مدونة الشغل، لكن ينبغي تفسير هذا المبدأ تفسيرا موسعا حتى يمكن أداء الأجور عن طريق الشيكات والحوالات المصرفية، وهي الطرق التي أصبحت الأكثر استعمالا في العصر الحالي، لأنها تعطي العامل الحرية في التصرف في أجره بعيدا عن أي ضغط نفسي أو اقتصادي من طرف صاحب العمل.

وإذا كان ما نصت عليه المادة هو المبدأ العام فإنه ترد عليه بعض الاستثناءات، حيث أجاز المشرع أن يكون جزءا من الأجر عبارة عن مزايا عينية[48]. لكن لا يجوز ذلك إلا بشرط وهو ألا تكون تلك المزايا العينية مواد كحولية[49].

فالمشرع مراعاة منه لضعف العامل أمام إرادة صاحب العمل جعل هذه الأحكام المتعلقة بطرق دفع الأجر من النظام العام التي لا يجوز الاتفاق على خلافها، ولم يترك تحديدها لاتفاق الأطراف كما هو مقرر في القواعد العامة للالتزامات[50].

إن مبدأ الدفع النقد النقدي وإن كان وفر بعض الحماية للأجر إلا أن رغبة أصحاب العمل وطمعهم في إنقاص أو استرجاع بعض أجور العمال ما زالت قائمة، حيث يقيم أصحاب العمل عادة محلات داخل مؤسساتهم تحوي على كل حاجيات العمال والتحايل على القانون من أجل إرغام العمال على التبضع من هذه المحلات، والتي عادة ما تكون أسعارها مرتفعة من أجل استرجاع أكبر قدر من الأجور التي ستدفع لهم، حيث لا يجد العامل في نهاية الشهر إلا جزءا يسيرا من أجره، لأنه قد أخذه على شكل منتجات من محل صاحب العمل. لكن المشرع قد تنبه لهذه الثغرة فمنع إنشاء المتاجر داخل المؤسسة إلا إذا توفرت فيها الشروط التالية:

1ــ ألا يلزم صاحب العمل العمال على التبضع منها.

2ــ أن يكون البيع فيها نقدا وبدون أرباح.

3ــ أن تكون محاسبة المتجر مستقلة تماما عن المؤسسة وخاضعة لرقابة العمال.

4ــ أن تثبت الأسعار على البضائع في المتجر بصورة واضحة.

5ــ ألا تباع في هذا المتجر مواد كحولية أو روحية.

6ـــ أن يكون هذا المتجر مرخصا من طرف السلطات المختصة[51].

فالمشرع باشتراطه لهذه الشروط لإنشاء المتاجر داخل المؤسسات من طرف أصحاب العمل قد احتاط لحماية العامل من أجل الحصول على أجره كاملا، وصرفه في حاجاته دون أي تدخل من طرف صاحب العمل، حيث أكدت ذلك الفقرة الثالثة من المادة:210 من مدونة الشغل بقولها:” يحظر على صاحب العمل الحد من حرية العامل في التصرف في أجره كما يشاء”.

الفقرة الثانية: دفع الأجر بالعملة المتداولة قانونا في البلد

من المبادئ التي كرستها مختلف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمل[52]، والتشريعات العمالية الحديثة[53] مبدأ دفع الأجر بالعملة الوطنية المتداولة قانونا، سواء كانت نقودا أو ورقا، حيث نصت المادة:216 من مدونة الشغل الموريتانية على أنه:” يجب أن يدفع الأجر بالعملة المتداولة قانونا في موريتانيا حتى ولو نص على خلاف ذلك.” فالمشرع ضمانا منه لحماية الأجر ألزم صاحب العمل بدفع أجور عماله بالعملة الوطنية وهي الأوقية، وهو بذلك يريد تحقيق مصالح متعددة:

ـ المصلحة الأولى: وهي أجدر بالحماية وتتعلق بحماية الاقتصاد الوطني، ولا يمكن أن يتحقق ذلك، إلا إذا كان التعامل السائد بالعملة الوطنية.

ـ المصلحة الثانية: تتعلق بالعامل فهي وإن كانت خاصة إلا أن المشرع ربطها بالنظام العام، حتى لا يدخل نقص على أجر العامل نتيجة لتقلبات سعر صرف العملة الأجنبية في السوق[54]، وكذلك تسهيلا على العامل ليتصرف في أجره بمجرد قبضه من أجل قضاء حاجاته[55].  وأيضا حماية للعامل مما قد يلجأ إليه العامل من أساليب وطرق ملتوية من أجل التحايل على احترام الحد الأدنى للأجر نتيجة لاختلاف أسعار العملات الأجنبية مع العملة الوطنية[56].

الفرع الثاني: زمان ومكان دفع الأجر

من الضمانات القانونية التي أقرها المشرع لحماية الأجر إلزام صاحب العمل بدفع الأجر في الزمان والمكان المحددين في القانون. فالمشرع بإقراره لهذه الضمانات في مدونة الشغل وعدم تركها للقواعد العامة في الالتزامات يكون قد احتاط لحماية أجر العامل من كل أشكال التبذير والنصب والاحتيال عليه، نظرا لطابعه المعيشي.

وللوقوف بشيء من التفصيل على هذه الضمانات المتعلقة بزمان ومكان دفع الأجر، سنتناول هذا الفرع في الفقرتين التاليتين:

الفقرة الأولى: زمان دفع الأجر

القاعدة العامة في الالتزامات والعقود تقضي بأن يدفع الأجر للعامل في الزمان المحدد في العقد، أو بمقتضى العرف وإذا لم يتم تحديده بهما لا يستحق العامل أجره إلا بعد أداء العمل المتفق عليه[57]. لكن المشرع كما ذكرنا سابقا لم يترك تحديد زمان دفع الأجر لهذه القواعد العامة للالتزامات، بل جاء بقواعد خاصة آمرة في مدونة الشغل تنظم وتحدد زمان دفع الأجور نظرا لأهمية ذلك بالنسبة للعامل، لأنه يساعده في تنظيم ميزانيته العائلية، حيث يكون على علم مسبق بزمان قبض أجره، ليجنب نفسه الاقتراض أو الاستدانة من غيره.

كل هذه الأسباب السابقة حدت بالمشرع إلى إقرار مبدأ دورية الأداء، الذي يعد من المبادئ المهمة التي تحمي العامل وتضمن له الحصول على أجره في مواعيد دورية منتظمة متقاربة، سواء كان هذا العامل يتقاضى أجره عن الساعة أو اليوم أو الشهر، حيث نصت المادة: 219من مدونة الشغل على هذا المبدأ وحددت مواعيد لدفع الأجر تختلف باختلاف العمال على النحو التالي:

– بالنسبة للعامل الذي يتقاضى أجره بالساعة أو اليوم، يجب أن يدفع له الأجر في مواعيد دورية لا تزيد عن 15 يوما.

– بالنسبة للعامل الذي يتقاضى أجره بالشهر يجب دفع أجره في مواعيد دورية لا تزيد عن شهر.[58]

وقد استثنى المشرع من القاعدة السابقة العامل المعين بالساعة أو اليوم للقيام بعمل لمدى قصير، حيث يجب أن يتقاضى أجره فور انتهاء العمل، وذلك لضمان عدم مماطلة رب العمل له في أداء أجره.

كما أعطى المشرع في الفقرة الثانية من المادة:219من مدونة الشغل ترخيصا للمؤسسات التي تشغل أكثر من 50 شخصا باليومية أو الساعة، حيث يمكنها دفع أجور هؤلاء كل شهر بشرط أن يدفع لهم تسبيقات تمثل على الأقل نصف أجر الشهر السابق وذلك كل 15 يوما.

أما بالنسبة للعامل غير المحدد أجره على أساس الزمن، فقد حدد له مواعيد دفع على النحو التالي:

أولا: الأجر بالقطعة أو الإنتاج

بالنسبة للعمل بالقطعة أو الإنتاج فقد أعطى المشرع للأطراف حرية نسبية تتمثل أن لهم الاتفاق على مواعيد لدفع الأجر تكون مناسبة لهم إذا كان العمل يستغرق أكثر من 15 يوما[59].

ولكن في مقابل هذه الحرية النسبية أعطى المشرع للعامل عناية خاصة تمكنه من عدم تأثير هذا الاتفاق على حياته المعيشية، حيث نص في المادة 220 ق ع م على أنه: «ينبغي أن يتقاضى العامل دفعات تحت الحساب كل 15 يوما لا تقل عن 90% من الأجر الأدنى، وينبغي تسليم الأجر كاملا خلال ال 15 يوما التالية لتسليم العمل.

ثانيا: العمولات

قد يحدث في بعض النشاطات (الوكلاء التجاريين) أن يكون الأجر يتمثل كله أو بعضه في عمولات وهذه يتم حسابها على شكل تخفيض بقدر نسبة من الأرباح.

فهذا النوع من الأجور نصت الفقرة الثالثة من المادة 220 على أنه:” يجب أن تدفع العمولات المستحقة عن ثلاثة أشهر خلال الثلاثة الأشهر التالية من نهايتها”.

ثالثا: المشاركة في الأرباح

قد يتمثل الأجر في حق يعترف به للأجير في نسبة من أرباح المؤسسة التي يعمل فيها، فهذا النوع من الأجور يتعين أداؤه خلال الأشهر التسعة التالية للسنة المالية[60].

فالأجير في هذا النوع يستفيد فقط من الأرباح دون أن يتحمل الخسارة، وإلا كانت الرابطة بينه ورب العمل شراكة وليست عقد عمل.

وفي حالة فسخ العقد بين العامل وصاحب العمل يجب أن يؤدى للأجير أجره وكامل مستحقاته فور انتهاء العقد، باستثناء حالة وجود نزاع فإنه يحق لصاحب العمل أن يطلب من رئيس المحكمة أن يجمد مؤقتا تحت يده كل أو بعض الشريحة القابلة للحجز من الأجر[61].

وتعزيزا من المشرع لحماية العامل نص في المادة:218 من مدونة الشغل على أنه:” تدفع الأجور خلال ساعات العمل عندما توافق هذه الساعات المواعيد العادية لفتح الخزانة وذلك طبقا للنظام الداخلي للمنشأة”. فالمشرع بتحديده لهذه الوقت يجنب العامل الحضور في مكان العمل، أو مكان الدفع أيام عطلته، حفاظا على راحته، لكنه اشترط أن توافق ساعات العمل مواعيد فتح الخزينة.

مما سبق يتضح أن المشرع الموريتاني في المواد السابقة التي تحدد أوقات أداء الأجور خرج عن القواعد العامة التي تترك الحرية للأطراف في الاتفاق على وقت الأداء، وحسنا فعل حين لم يترك أهم حق للعامل الذي هو الأجل لإرادة الأطراف، وذلك حرصا منه على مصلحة العامل بالحصول على أجره في وقت محدد قانونا، نظرا للطابع الحيوي الذي يميزه، لكونه في الغالب مصدر الرزق الوحيد للعامل، فدفعه في أوقات متقاربة يجنب العامل تراكم مبالغ كبيرة منه لدى صاحب العمل قد تتعرض للضياع حالة إفلاسه.

الفقرة الثانية: مكان دفع الأجر

تقتضي قواعد قانون العمل العامة أن يكون مكان استيفاء الأجر هو مكان العمل، حتى لا يتكبد العمال عناء الانتقال إلى مكان آخر إلا إذا اتفق الطرفان أو جرى العرف على خلاف ذلك، وللطرفين أن يتفقا على أن يودع صاحب العمل الأجر في أحد المصارف المتفق عليها في الآجال المحددة[62].

ويبدو أن المشرع الموريتاني لا يعطي للأطراف في عقد العمل حرية في اختيار مكان دفع الأجر، حيث نصت المادة 217 من مدونة الشغل الموريتانية على أنه:” يجب أن يدفع الأجر في مكان العمل أو في مكتب صاحب العمل عندما يكون مجاورا لمكان العمل إلا في حالة القوة القاهرة”.

والمقصود بمكان العمل هو مكان المنشأة التي يؤدي فيها العامل عمله فعليا، وبالتالي لا يجوز لصاحب العمل دفع الأجر للعامل في فرع آخر من فروع المؤسسة إلا إذا كان به مكتب صاحب العمل[63].

فالمشرع في مدونة الشغل كان حريصا على وضع ضمانات لحماية أجر العامل، حيث أضفى على الأحكام المتعلقة بمكان دفع الصفة الآمرة، وعليه يكون كل اتفاق بين العامل وصاحب العمل على مكان للدفع غير المكان المحدد في المادة السابقة باطلا، إلا إذا كان أصلح وأنفع للعامل، حيث نصت الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من مدونة الشغل على أنه:” لا تتعارض أحكام هذا القانون مع الأحكام الأكثر صلاحية التي قد تمنح للعمال بموجب اتفاقيات جماعية أو عقود فردية أو عادات”. لأن الهدف العام من إلزام صاحب العمل بالدفع في المكان المحدد في النص السابق هو التيسير على العامل حتى لا يتحمل مشقة أو تكاليف في استلام أجره.

ومراعاة للقاعدة الآمرة الواردة في المادة:217 السابقة يعتبر صاحب العمل ممتنعا عن تنفيذ التزامه بدفع الأجر إذا أجبر العامل على تسلم أجره في غير المكان المحدد في النص، وللعامل أن يمتنع من استلام أجره في هذه الحالة متمسكا بوجوب الدفع في المكان الذي حدده القانون.

وحماية لأجر العامل من التبذير حظرت المادة السابقة دفعه في محل مشروبات، أو محل بيع إلا بالنسبة للعمل الذين يعملون فيه عادة، لكن ما المقصود بمحل مشروبات الذي يمنع على صاحب العمل أن يدفع فيه الأجر للعامل؟

بالرجوع إلى القوانين المقارنة والاتفاقيات العربية والدولية في مجال حماية الأجر نرى بأنه قد يكون مقصود المشرع من “محل مشروبات:” هي المشروبات الكحولية والخمور، حيث نجد المادة:13 من الاتفاقية الدولية رقم 95 المتعلقة بحماية الأجر تمنع على صاحب العمل أن يدفع أجر العمل في أماكن التسلية، أو بيع المشروبات الكحولية باستثناء العاملين بها. وهذا هو مضمون المادة:243 من قانون العمل الفرنسي.[64]

المطلب الثاني: ضمان إثبات دفع الأجر

يعتبر إثبات دفع الأجر من المسائل التي تثور بسببها الكثير من النزاعات بين العامل وصاحب العمل، وعليه لم يترك المشرع الموريتاني تنظيمها للقواعد العامة في قانون الالتزامات والعقود التي تجعل عبء إثبات الالتزام على مدعيه[65]، وإنما نظمه في مدونة الشغل بقواعد خاصة تشكل ضمانا لحماية أجر العامل، مراعاة لدوره المعيشي، وحماية للعامل الذي يعتبر الطرف الأضعف في عقد العمل.

وهذه الضمانات تتمثل في إلزام صاحب العمل بتسليم العامل كشفا للأجر، إضافة إلى مسك صاحب العمل لسجل للأجور.

لذلك سنتناول هذا المطلب في الفرعين التاليين:

الفرع الأول: كشف الأجور

ألزمت مدونة الشغل الموريتانية في المادة:221 صاحب العمل بتسليم كشف للأجر للعامل، وهو عبارة عن ورقة تتضمن مجموعة من البيانات المفصلة عن الأجر، من أهمها:

ـ فترة العمل، وتاريخ الأداء.

ــ نوع العمل المؤدى، ودرجة العامل.

ـ الأجر النقدي، أو العيني مع تفصيل عناصر الأجر (العلاوات ـ تعويض السلعات الإضافية ـ ملحقات الأجر..).

ـ مجموع الأجر المؤدى في النهاية وتاريخ دفعه..

إنّ المشرع من خلال تعداد كل هذه البيانات، لم يدع أي مجال لإثارة الشكوك بين طرفي عقد العمل، فيعتبر كشف الأجر أداة للتحري والإثبات في يد العامل، ليتمكن بواسطتها التحقق من مدى تنفيذ صاحب العمل لالتزاماته العقدية، وتكون كذلك أداة للإثبات ليتمكن العامل بها من الاحتجاج عند عرض أي نزاع حول الأجر أمام القضاء، لكن تسلم العامل لهذا الكشف من طرف صاحب العمل لا يعد تنازلا منه عن الأجر كله أو بعضه. فالعامل قد يتسلم كشف الأجر دون أن يكون تسلم أجره، فقبول العامل للكشف يشكل قرينة على دفع الأجر، لكنها قابلة لإثبات العكس من طرف العامل بكافة وسائل الإثبات[66]، حيث نصت الفقرة2 من المادة:222 على أن:” قبول العامل دون اعتراض أو تحفظ لكشف الأجر لا يعتبر تنازلا منه عن دفع كل أو بعض الأجر وملحقاته والعلاوات…”

وزيادة من المشرع في حماية الأجر نصت الفقرة الأولى من المادة السابقة على أنه:” لا يعتد في مواجهة العامل بعبارة) مخالصة عن كل حساب (أو أية عبارة مماثلة يتنازل بمقتضاها العامل عن كل أو بعض حقوقه التي اكتسبها بموجب عقد العمل سواء أثناء تنفيذ عقد عمله أو بعد فسخه.”

الفرع الثاني: مسك دفتر الأجور

أوجب المشرع على صاحب العمل مسك دفتر للأجور يحتفظ به في مؤسسته، ويكون محتواه مطابقا لمحتوى كشف الأجور، حيث نصت المادة:221 على أنه:” يجب إعادة تحرير كل البيانات المدونة على كشف الأجور المشار إليها في الفقرة السابقة، في كل مرة يتم فيها دفع الأجور في سجل يطلق عليه سجل الأجور “. وعند كل دفعة يوقع العامل على هذا السجل إلا إذا كان أميا فيوقع شاهدان يختار أحدهما العامل…”

وإذا كان المشرع قد أوجب على صاحب العمل تسليم كشف للأجور لعماله فإن ذلك لا يعني أن هاتين الوسيلتين هما وسيلة الإثبات الوحيدة لدى العامل في مواجهة صاحب العمل، بل أعطاه حرية الإثبات في عدم تسلمه لأجره بكافة وسائل الإثبات، مراعاة لأهمية الأجر وضمانا لخمايته[67].

وفي مقابل حرية الإثبات التي منحت للعامل قيد المشرع صاحب العمل بإثبات دفع الأجر كتابة فقط عن طريق كشف الأجر وسجل الأجور، حيث نص في المادة:223على أنه:” في حالة المنازعة حول دفع الأجر وملحقات الأجر والعلاوات والبدلات أيا كان نوعها يفترض عدم الدفع إذا لم يكن في وسع صاحب العمل تقديم سجل الأجور الموقع عليه من العامل والشهود بصورة قانونية تحت البيانات المتنازع عليها أو تقديم الصورة الموقعة بنفس الشروط لكشف الأجور المتعلق بالدفعة المتنازع عليها…”

إن ما دفع المشرع الموريتاني والتشريعات المقارنة له[68] إلى إعطاء العامل حرية الإثبات، وتقييد حرية صاحب العمل بالإثبات كتابة هو أهمية الأجر بالنسبة للعامل من جهة، والمشكلات التي قد تعترضه في إثبات أجره من جهة أخرى، خاصة أن صاحب العمل يمتلك الكثير من الوسائل الفنية للإثبات، بينما قد تقصر إمكانيات العامل عن ذلك، إضافة إلى أن العامل يعتبر هو الطرف الأضعف في علاقة العمل، رغم أنه هو الدائن بعكس غالب الأحوال التي يكون فيها الدائن هو الطرف الأقوى.

مما سبق نجد أن المشرع أتاح للعامل حرية إثبات دفع أجره أو عدم دفعه بكافة الوسائل بما فيها شهادة الشهود، وإن كان لم ينص على ذلك صراحة، إلا أن ذلك لا ينفي الاعتماد على هذه الوسيلة المهمة باعتبارها من الوسائل العامة للإثبات في قانون الالتزامات والعقود، ولإحالة المادة 221 عليها إذا كان العامل أميا، حيث نصت على أنه:” عند كل دفعة يوقع العامل على هذا السجل إلا إذا كان أميا في وقع شاهدان يختار أحدهما العامل …”.

فشهادة الشهود لها دور كبير في إثبات دفع الأجر وخاصة عند عدم وجود كشف الأجر أو ضياعه، ولا يمكن لصاحب العمل أن يدحض هذه البينة إلا بالدليل الكتابي المتمثل في كشف الأجر أو سجل الأجور على أن العامل قد تلقى أجره كاملا كغيره من العمال.

 

المطلب الثالث: الجزاء المترتب على عدم احترام الأحكام المنظمة للأجر

حرصا من المشرع على توفير أعلى ضمان لحماية الأجر جعل أغلب القواعد التي تنظمه قواعد آمرة، كما أضفى صبغة جنائية على معظم مخالفات صاحب العمل للقواعد المنظمة للأجر، نظرا لما يمثله من أهمية للعامل وأسرته بوصفه المصدر الوحيد أو الرئيسي لرزقه.

وقد قسم المشرع في مدونة الشغل مخالفة صاحب العمل للمواد المنظمة لحماية الأجر إلى جنح ومخالفات، وأعد لكل منهما جزاء، لذلك سنقسم هذا المطلب إلى الفرعين التاليين:

الفرع الأول: الجنح المتعلقة بالأجر

نص المشرع الموريتاني في المادة:439 على مجموعة من الجنح تتمثل في عدم احترام صاحب العمل للنصوص المنظمة للأجر، وحدد لها عقوبتين تتمثلان في غرامة مالية تتراوح ما بين 20000 أوقية قديمة إلى 80000أوقية قديمة، وبالحبس من 15 يوما إلى أربعة أشهر، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط. وهذه الجنح التي يعاقب عليها بهاتين العقوبتين أو بإحداهما سنفصلها على النحو التالي:

أولا: عدم احترام الحد الأدنى للأجر

حظرت المادة:196 من مدونة الشغل الموريتانية على صاحب العمل أن يدفع لأي عامل أجرا يقل عن الحد الأدنى للأجور، وإلا كان عرضة للمعاقبة بالعقوبتين اللتين نصت عليهما المادة:439 سالفة الذكر، أو بإحداهما.

كما يعاقب بنفس العقوبة السابقة صاحب العمل الذي لم يحترم مقتضيات المادة:197 المتعلقة بتحديد الأجور الأساسية للفئات العمالية المقررة في الاتفاقية الجماعية للشغل، أو المقررات الصادرة عن وزير الشغل.

ثانيا: مخالفة قواعد الدفع السليم للأجر

إذا لم يحترم صاحب العمل القواعد المنظمة لطرق دفع الأجر يكون عرضة للمعاقبة بالعقوبات السابقة، وخاصة مخالفة مقتضيات المادة:216 التي أوجبت أن يدفع الأجر بالعملة الوطنية أي الأوقية، وألا يكون المدفوع على شكل كحول أو مشروبات كحولية، حماية لأجر العامل، واعتبر ذلك جنحة.

ولكي يتمتع العامل بالحرية في التصرف في أجره حظر المشرع على صاحب العمل تقييد حرية العامل في ذلك، واعتبر ذلك جنحة يعاقب على عليها بالعقوبات السابقة.

وكذلك الأمر بالنسبة لصاحب العمل الذي لم يحترم مقتضيات المادة:198 الذي تحظر عليه أن يدفع للعامل أجرا بالإنتاج أو بالقطعة أقل من الأجر المحدد بالوقت لعامل عادي متوسط الكفاءة ويعمل نفس العمل[69].

ويعاقب بالعقوبتين السابقتين أيضا صاحب العمل الذي يمارس الأجر بالإنتاج أو بالقطعة عندما لا يرخص له في ذلك في الاتفاقية الجماعية، حيث تثبت هذه الجنحة عن طريق محضر يحرره مفتش الشغل المختص، مستندا في ذلك خبرة خبير عند الاقتضاء.

بقي أن نشير إلى أن تلك العقوبتين توقعان بعدد مرات تكرار المخالفة، وذلك دون أن يزيد المبلغ الإجمالي للغرامات الموقعة عن خمسين ضعفا[70].

الفرع الثاني: المخالفات المتعلقة بالأجر

عدد المشرع الموريتاني في المادة:450 من مدونة الشغل مجموعة من المخالفات البسيطة المتعلقة بالأجور وكيفية أدائها، وحدد لمرتكبيها العقوبتين التالتين، أو إحداهما، وهاتان العقوبتان تتمثلان في:

ــ غرامة تتراوح ما بين 5000 خمسة آلاف أوقية قديمة، و20000 عشرين ألف أوقية قديمة.

ــ حبس يتراوح ما بين يوم إلى خمسة عشر يوما.

وهذه المخالفات التي تستوجب العقوبتين السابقتين هي:

أولا: عدم تعليق الإعلانات بالحدود الدنيا للأجور

أوجب المشرع على صاحب العمل أن يعلق إعلانات توضح الحد الأدنى للأجور، وكذلك كيفية احتساب الأجر بالإنتاج أو القطعة، تحت طائلة العقوبتين السابقتين، وهذه الإعلانات يجب أن تعلق في مكاتب أصحاب العمل، وأماكن دفع الأجور[71].

ثانيا: مخالفة الأحكام المتعلقة بزمان ومكان دفع الأجر

حرصا من المشرع على مصلحة العامل وحماية أجره قرر مجموعة من القواعد تتعلق بزمان ومكان دفع أجره، حيث أوجب على صاحب العمل أن يدفع الأجر في مكتب صاحب العمل أو مكان مجاور له، وحظر دفعه في محل مشروبات كحولية، أو محل بيع إلا بالنسبة للعمال الذين يعملون به عادة[72].

كما نص على قواعد آمرة تحدد أوقات معينة دورية ومنتظمة، سبق التطرق لها سابقا[73].

وكل مخالفة لهذه القواعد يستوجب صاحبها بالعقوبتين السابقتين، أو بإحداهما[74].

ثالثا: عدم تسليم كشف للأجر، أو مسك دفتر للأجور

من أجل تسهيل إثبات عملية دفع الأجر للعامل حدد المشرع قواعد تلزم صاحب العمل بتسليم كشف للأجر ومسك دفتر للأجور، تحت طائلة العقوبتين السابقين، أو إحداهما، لكي يحقق للعامل حماية خاصة، ووسيلة إثبات في حالة وقوع نزاع بينه مع صاحب العمل، ولكي يتسلم العامل أجره كاملا دون نقص[75].

إن المشرع بإقراره لعقوبات على مرتكبي تلك الجنح أو المخالفات يجعل أصحاب العمل يحذرون من مخالفة النصوص المنظمة للأجر، وذلك لما للتجريم والعقاب من روع في نفوس أصحاب العمل، مما يدفعهم إلى الحرص على عدم مخالفة قواعد قانون العمل، تفاديا لتطبيق تلك العقوبات المقررة.

 

خاتمة:

من خلال بحثنا عن الضمانات التي كرسها المشرع الموريتاني لحماية الأجر من خلال هذا المقال الذي مزج بين التحليل والمقارنة بين التشريع الاجتماعي الموريتاني والتشريعات المقارنة له لا يمكننا أن ننكر الأهمية التي أولاها مشرعنا لتنظيم وحماية أجر العامل بوصفه أهم الحقوق التي تترتب عن عقد العمل وهو الذي يكفل له ولأسرته عيشة كريمة، من خلال وضع ضمانات أساسية من شأن احترامها توفير الحماية لهذا الحق، ووصوله لمستحقه دون نقص، حيث تحميه من تعسف أصحاب العمل، تمثل هذه الضمانات في وضع قواعد آمرة تحدد أجرا أدنى لا يمكن لأصحاب العمل النزول عنه، وإلا كانوا عرضة للعقاب، إضافة إلى القواعد الخاصة التي تنظم المقاصة والاقتطاع والتنازل عن الأجور، حرصا منه على مصلحة العامل لئلا يستغل صاحب العمل ضعف العامل وحاجته فينقص من أجره عن طريق هذه الوسائل.

وأكثر هذه الضمانات أهمية ذلك الامتياز الذي أعطاه المشرع في مدونة الشغل لدين الأجر عند تزاحم الدائنين في حال إفلاس صاحب العمل. والذي لم يكن منصوصا عليه في القواعد التي تنظم عقد العمل في قانون الالتزامات والعقود.

كما كرس ضمانات أخرى احتياطية تسهل عملية إثبات دفع وتحديد مقداره، من شأن احترامها حماية الأجر في حالة نشوب نزاع بين العامل وصاحب العمل، حيث ألزم المشرع صاحب العمل بمسك دفتر للأجور يتضمن مجموعة البيانات توضح قدر الأجر وتاريخ ومكان دفعه، وتدوين هذه البيانات في كشف يسلم للعامل بعد استلامه لأجره وتوقيعه على سجل الأجور. إضافة إلى العقوبات التي أقرها لمخالفي هذه المواد المنظمة للأجر.

إلا أن هذه الضمانات التشريعية لحماية الأجر تبقى ناقصة ما دام المشرع لا يولي أهمية كبيرة لوسائل الرقابة على تطبيق هذه القواعد المنظمة للأجر من طرف أصحاب العمل من الناحية القانونية بإعطاء مفتشي الشغل الصلاحيات الكافية، ومن الناحية الواقعية بتكوينهم ومدهم بالوسائل التي تعينهم في أداء عملهم، وسد النقص الحاصل فيهم بالاكتتاب. فواقع الرقابة واحترام القوانين المعلقة بالشغل مازال بعيدا مما يصبو إليه المشرع. نتيجة لذلك صار أصحاب العمل لا يولون أهمية لتلك القواعد المتعلقة بحماية الأجر، وزادهم في ذلك عدم وعي العمال لحقوقهم، وفساد نقابات العمال و تمالؤهم مع أصحاب العمل.

لذا نهيب بالمشرع أن يقوم بمراجعة العقوبات المقررة لمن يخالف القواعد المنظمة للأجر، وخاصة الغرامات المالية لتكون أكثر ردعا.

فالضمانات التي كرسها المشرع لحماية الأجر وإن كانت لا بأس بها، إلا أنها متفرقة بين النصوص ، حيث نجد بعضها في مدونة الشغل، و بعضها في قانون الالتزامات والعقود، وقانون الاجراءات المدنية والتجارية والإدارية، إضافة المراسيم والمقررات المطبقة لمدونة الشغل ، مما يصعب على المعنيين بها من أصحاب عمل وعمل وحتى الدارسين الاطلاع عليها، لذا نهيب ونقترح على المعيين جمع كل أو أغلب النصوص المتعلقة بالعمل في مدونة الشغل، على أن توضع المراسيم والمقررات المطبقة لنصوص هذه المدونة بالهامش لتسهيل الاطلاع عليها من طرف المعنيين بها.

 

 

قائمة المصادر والمراجع:

أولا: النصوص التشريعية والتنظيمية:

ـ القانون رقم: 017/2004 الصادر بتاريخ 6 يونيو 2004 المتضمن مدونة الشغل الموريتانية.

ـ الأمر القانوني رقم 126/89 الصادر بتاريخ 14 سبتمبر 1989 المتضمن قانون الالتزامات والعقود الموريتاني المعدل بالقانون رقم: 31/2001 الصادر بتاريخ 7 فبراير 2001.

ـ القانون رقم:039/67 الصادر بتاريخ 3 فبراير 1967 المنشئ لصندوق الضمان الاجتماعي.

ـ المرسوم رقم: 237/2011ــ الصادر بتاريخ 24 اكتوبر   2011 المتعلق برفع الحد الأدنى للأجور المضمون بين المهن، المنشور في الجريدة الرسمية، العدد رقم: 1259 الصادر بتاريخ 15 نوفمبر .2011.

ـ الاتفاقية الجماعية العامة للشغل، الصادرة بتاريخ 21 ديسمبر 1974.

. ظهير شريف رقم: 1.03.194 صادر في 14 من رجب  22 سبتمبر 2003 المتعلق بتنفيذ القانون رقم:  65.99المتضمن مدونة الشغل المغربية

ـ القانون رقم:12/2003 الصادر بتاريخ:16 يوليو 2003 المتضمن قانون العمل المصري الجديد.

.القانون رقم:11/90 الصادر بتاريخ:21 ابريل 1990 المتضمن قانون علاقات العمل الجزائري، الجريدة الرسمية، العدد17 السنة:.27

ـ القانون رقم:6/2010 الصادر بتاريخ 10 فبراير 2010 المتضمن لقانون العمل في القطاع الخاص الكويتي.

ـ انظر القرار رقم 30/ 2016، الصادر بتاريخ:22/006/2016 عن الغرف المجمعة بالمحكمة العليا، مجلة المحكمة العليا، العدد:04، 2016،

ـ الاتفاقية العربية رقم 15 لسنة 1982  المعلقة بشأن تحديد وحماية الأجور.

ثانيا: الكتب

ـ د. محمد يحي ولد عبد الودود (ولد الصيام)، الوجيز في شرح القانون الاجتماعي الموريتاني، مطبعة القرنين، نواكشوط، 2010.

 محمد حسين منصور، قانون العمل في مصر ولبنان، ط1 بيروت 1995.

ـ أحمية سليمان، التنظيم القانوني لعلاقات العمل في التشريع الجزائري، علاقة العمل الفردية، ج2، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية،2000 .

ـ همام محمد محمود مهران، قانون العمل ـ عقد العمل الفردي، ط 1دار الجامعة الجديدة بالإسكندرية، مصر، 2003،

ـ محمود سلامة جبر، الحماية الدستورية والقضائية للحقوق الأساسية في العمل، منشورات مكتب الإعلام لمنظمة العمل العربي.

ـ أ د، حسن كيرة، أصول قانون العمل، ج1 ط3 1979 .

ـ د، السيد عيد نايل، الوسيط في شرح نظامي العمل والتأمينات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، مطابع جامعة الملك سعود، د، ت.

ـ د. كرم، عبد الواحد، قانون العمل في التشريع الأردني، ط1 دار الثقافة عمان، 1998.

ـ همام محمد محمود زهران، قانون العمل، دار المطبوعات الجامعية، 1997.

ـ علي عوض حسن، مختصر الوجيز في شرح قانون العمل، ، دار الفكر الجامعي. 2001.

ـ جلال مصطفى القريشي، شرح قانون العمل الجزائري، علاقة العمل الفردية، ج1، ديوان المطبوعات الجامعية، 1984.

[1] محمد حسين منصور، قانون العمل في مصر ولبنان، ط1 بيروت 1995.ص 167 ـ164

[2] ـ أحمية سليمان، التنظيم القانوني لعلاقات العمل في التشريع الجزائري، علاقة العمل الفردية، ج2، ط2002، ديوان المطبوعات الجامعية، ص 230.

[3] ظهير شريف رقم: 1.03.194 صادر في 14 من رجب  22 سبتمبر 2003 المتعلق بتنفيذ القانون رقم: 65.99المتضمن مدونة الشغل المغربية

[4] أحمية سليمان مرجع سابق ص 23

[5] همام محمد محمود مهران، قانون العمل ـ عقد العمل الفردي، ط 2003، جار الجامعة الجديدة بالإسكندرية، مصر، ص 441.

[6] الجريدة الرسمية الموريتانية العدد رقم: 1259 الصادر بتاريخ 15 نوفمبر .2011

[7] ـ انظر القرار رقم 30/ 2016، الصادر بتاريخ:22/006/2016 عن الغرف المجمعة بالمحكمة العليا، مجلة المحكمة العليا، العدد:04، 2016، ص 47.

[8] .انظر المادة 360 من مدونة الشغل المغربية

[9] . د. محمد يحي ولد عبد الودود (ولد الصيام)، الوجيز في شرح القانون الاجتماعي الموريتاني، مطبعة القرنين، نواكشوط، 2010، ص 215.

[10] انظر المادة: 439و 434 من مدونة الشغل الموريتانية.

[11] انظر المادة: 332 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني

[12] حددت المادة:359و 360 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني تلك الشروط بأنه يلزم أن يكون الدينان:

ـ من نفس النوع، وعلى سبيل المثال، بين الأشياء المنقولة المحددة صنفا ونوعا.

ـ متحدي المقدار ومستحقي الأداء.

[13] انظرالمادة:235 من مدونة الشغل الموريتانية

[14] مثل المشرع الكويتي في المادة:31، والبحريني في المادة:74….

[15] نصت المادة: 326 من قانون الاجراءات المدنية والتجارية والادارية على أن:” الرواتب أو أجور العمال الخاضعة لقانون العمل وكذا الرواتب بكامل أنواعها والأجور والرواتب والمعاشات المدفوعة من أموال الدولة أو البلديات أو الإدارة أو المؤسسات العمومية أو الشركات الوطنية أو الشركات ذات رأس المال المختلط، أو من الشركات أو الخصوصيين لا يجوز حجزها أو التنازل عنها إلا في حدود الحصة التالية:

  • ـ%15 في الحصة التي تقل عن 30.000 أوقية شهريا؛

%25 ·ـفي الحصة التي تتراوح ما بين 30.000 و 60.000 أوقية شهريا؛

%50 ·في الحصة التي تتراوح ما بين 60.000 و 90.000 أوقية شهريا؛

%100 ·في الحصة التي تفوق 140.000 أوقية شهريا.

[16] انظرالمادة:234 من مدونة الشغل الموريتانية.

[17] قانون رقم:67_039 الصادر بتاريخ 3 فبراير 1967 المتضمن لقانون الضمان الاجتماعي.

[18] انظرالمادة:237 من مدونة الشغل الموريتانية

[19] ـ محمود سلامة جبر، الحماية الدستورية والقضائية للحقوق الأساسية في العمل، منشورات مكتب الإعلام لمنظمة العمل العربي، ص 227

[20] ـ أ د، حسن كيرة، أصول قانون العمل، ج1 ط3 1979 ص 162.

[21] أـ د ، محمد حسين منصور ، مرجع سابق ص.19 .

[22] انظر مدونة الشغل المغربية المادة:387 وقانون العمل المصري في المادة:41، والبحريني في المادة:75…

[23] نصت على منع الكلي على الأجر الاتفاقية العربية رقم:15 لسنة:1983 .في المادة: 12.والاتفاقية العربية رقم:6 لسنة1976.

[24] انظر المادة:10 من الاتفاقية الدولية رقم:95 لسنة:1949.

[25] انظر المادة:236 من مدونة الشغل الموريتانية.

[26]انظر المادة:245 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني.

[27] التضامن وصف يضفيه القانون أو الاتفاق على الالتزام يمنع من انقسامه بين طرفيه عند التعدد، ويكون بين الدائنين والمدينين.  انظر د. خالد جمال أحمد الحسن، أحكام الالتزام في ظلال القانون المدني البحريني2008 ص 247 .

[28] نصت المادة ١٨١من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني: على أنه:” لا يفترض التضامن بين المدينين، بل يلزم أن ينتج صراحة عن السند المنشئ للالتزام أو من القانون…”

[29] د. محمد عبد الودود ول الصيام، مرجع سابق، ص 219

[30] د، السيد عيد نايل، الوسيط في شرح نظامي العمل والتأمينات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، مطابع جامعة الملك سعود. ص: ،234 د، ت

[31] . وقد نصت المادة 90 من نظام العمل السعودي صراحة على انه:” يكون صاحب العمل الأصلي والجديد مسؤولين بالتضامن عن تنفيذ جميع الالتزامات الناشئة عن العقد والمستحقة قبل التصرف الناقل للملكية، أما الالتزامات الناشئة بعد ذلك فيتحملها صاحب العمل الجديد منفردا”.

[32] نصت المادة: ١٨٢من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني على أنه:” يحق للدائن أن يجبر أيا منهم على أداء هذا الدين كله أو بعضه لكن لا يحق له أن يستوفيه إلا مرة واحدة”.

[33] انظر المادة:27 من مدونة الشغل الموريتانية.

[34] . فتحي عبد الرحيم عبد الله، احمد شوقي محمد عبد الرحمن، شرح قانون العمل والتأمينات الاجتماعية، منشأة المعارف بالإسكندرية، 2001-2002 ص 234.

[35] انظر المادة:311 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني.

[36] انظر المادة: 310 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني.

[37] انظر المادة: 313 من نفس القانون.

[38] انظر المادة:228 من مدونة الشغل الموريتانية

[39] نصت المادة:1170 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني على أن:” الأسباب القانونية للأولوية هي الامتيازات والرهون وحق الحبس “.

[40] انظر المادة:317 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني.

[41] عرف قانون الالتزامات والعقود الموريتاني الامتياز في المادة:1171 بأنه:” الامتياز حق أولوية يمنحه القانون على أموال المدين نظرا لسبب الدين”.

[42]انظر المادة:1169من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني

[43] د، محمد عبد الودود ولد الصيام، مرجع سابق، ص 248.

[44] انظر المادة: 225 من مدونة الشغل الموريتانية.

[45] نصت هذه المادة على أن:” الديون الممتازة على كل المنقولات هي التي ستذكر فيما بعد، وهي تباشر وفقا للترتيب التالي:

١.مصروفات الجنازة أي نفقات غسل الجثة وتكفينها ونقلها ودفنها مع مراعاة المركز المالي للمدين الميت؛

٢.الديون الناشئة عن مصروفات مرض الميت أيا كانت، سواء كانت قد أنفقت في منزل المريض او في مؤسسة علاجية عامة أو خاصة، وذلك خلال الستة أشهر السابقة على الوفاة أو على افتتاح التوزيع؛

٣.المصروفات القضائية، كمصروفات وضع الأختام وإجراءات الإحصاء والبيع وغيرها مما يلزم للمحافظة على سلامة الشيء وحفظه؛

٤. المبالغ المستحقة للخزينة العامة من ضرائب ورسوم وحقوق أخرى من أي نوع كانت.

[46] كالمشرع المغربي الذي نص على اعتبار دين الأجر من الديون الممتازة على المنقولات في المادة1248 من قانون الالتزامات والعقود، وجعلتها في المرتبة الرابعة بعد مصروفات الجنازة، والديون الناشئة عن مهر الزوجة، والمصروفات القضائية.

[47] أحمية سليمان، مرجع سابق، ص 250.

[48] انظر المادة: 194 من مدونة الشغل الموريتانية.

[49] أنظر المادة: 216 من نفس المدونة.

[50] انظر المادة: 333 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني.

[51] انظر المادتين: 205و 206 من مدونة الشغل الموريتانية.

[52] نصت المادة 02 من الاتفاقية العربية رقم 15 لسنة 1982 بشأن تحديد وحماية الأجور على أنّه:” يدفع الأجر النقدي بالعملة المتداولة محليا ويجوز الاتفاق على غير ذلك في حدود التشريعات المعمول بها”.

[53] قانون العمل الفرنسي في المادة 1/L 143-، والمصري في المادة: 33. ومدونة الشغل المغربية في المادة 362 …

[54] د. خالد جمال أحمد الحسن، مرجع سابق، ص 254.

[55] السيد عيد نايل مرجع سابق، 207.

[56] رمضان جمال كامل، موسوعة التأمينات الاجتماعية، ط2 مزيدة ومنقحة، 2001، الأصيل للنشر والتوزيع ص 172.

[57][57] انظر المادة:716 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني.

[58] انظر المادة:219 من مدونة الشغل الموريتانية

[59] -انظر المادة:220 من نفس المدونة.

[60] انظرالمادة:220 /6 من مدونة الشغل الموريتانية

[61] انظر المادة 220 من نفس المدونة

[62] – د. كرم، عبد الواحد، قانون العمل في التشريع الأردني، ط1 دار الثقافة عمان، 1998، ص222

[63] همام محمد محمود زهران، قانون العمل، دار المطبوعات الجامعية، 1997.ص 587

[64] .Jean- Maurice verdier, Droit du travail, Dalloz, 1996, p274

[65] انظر المادة: 397 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني

[66] علي عوض حسن، مختصر الوجيز في شرح قانون العمل، 2001، دار الفكر الجامعي.ص 308.

[67] جلال مصطفى القريشي، شرح قانون العمل الجزائري، علاقة العمل الفردية، ج1، ديوان المطبوعات الجامعية، 1984. ص 33.

[68] قانون العمل المصري، والمغربي، والتونسي.

[69] انظر المادة: 439 من مدونة الشغل الموريتانية

[70] انظر المادة:427 من نفس المدونة.

[71] انظر المادة: 198 من مدونة الشغل الموريتانية.

[72] انظر المادة:217 من نفس المدونة

[73] انظر المادتين:218و219 من نفس المدونة .

[74] أنظر المادة: 450 من نفس المدونة.

[75] انظر المادة:221 من نفس المدونة.

 

للاطلاع على الاصدار كاملا 

اضغط هنا 

للتوثيق 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى