مقــدمـــة
[xyz-ihs snippet=”adsenseAkhbar”]
ونشير إلى أن الحديث عن محاكم متخصصة في القضايا التجارية، تم الإعلان عنه سنة 1994، مع فارق بسيط يتمثل في أن الأمر كان يتعلق بمشروع إنشاء محاكم الأعمال- أي محاكم متخصصة في القضايا التجارية والاجتماعية أيضا-.
والمحاكم التجارية بالمغرب شبيهة إلى حد كبير بالمحاكم التجارية الفرنسية، مع بعض الفوارق البسيطة، كانتخاب القضاة وشفوية المسطرة، وعدم وجود محاكم استئناف تجارية.
وبما أن المحاكم التجارية، لها طابع القضاء المتخصص، فإن المشرع المغربي لم يتبنى المعيار القيمي في تحديد اختصاصها، وإنما تبنى المعيار النوعي لتوزيع الاختصاص بينها وبين غيرها من المحاكم، فالتخصص إذن يعتبر أساس وجود المحاكم التجارية والمعيار المرتكز عليه في تحديد اختصاصها النوعي.
وهكذا قام المشرع المغربي بوضع لائحة بالمنازعات التي تدخل في اختصاص المحاكم التجارية، وذلك من خلال المادة الخامسة من القانون رقم 95-53.
من بين أهم هذه المنازعات نجد النزاعات الناشئة بين الشركاء في شركة تجارية، ونشير إلى أن المشرع الفرنسي لم يكن يعطي الاختصاص في هذا النوع من القضايا للمحاكم القنصلية إلا بعد تعديل الفصل 2-631 من القانون التجاري بمقتضى قانون 17 يوليوز 1856، فقبل هذا التاريخ كان حل النزاع يتم باللجوء إلى مسطرة التحكيم الإجبارية.
ودراسة هذا الموضوع تكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى المشاكل العديدة التي يطرحها عدم تحديد الاختصاص النوعي بإتقان وإحكام، مما يهدد بضياع حقوق المتقاضين، وتأخير سير الدعوى.
كما أن أهمية هذا الموضوع تبرز أكثر ، بمعرفة أن القانون أسبغ الصفة التجارية على أغلب الشركات وذلك بحسب شكلها، مما يمدد اختصاص المحاكم التجارية.
والسؤال الذي يمكن لنا طرحه هو،إلى أي حد تمكن المشرع المغربي من تحديد اختصاص المحاكم التجارية في النزاعات الناشئة بين الشركاء في شركة تجارية؟
الإجابة عن هذا التساؤل ارتأينا اعتماد التصميم التالي:
المبحث لاول:الاشخاص المشمولين بهذا الاختصاص.
المبحث الثاني:تحديد المقصود بالنزاعات الناشئة بين الشركاء.
المبحث لاول:الاشخاص المشمولين بهذا الاختصاص
حسب البند الرابع من المادة الخامسة، تعتبر المحاكم التجارية مختصة في جميع الحالات التي يتعلق فيها النزاع بشركاء في شركة تجارية، لدى سنقوم في هذا المبحث بتحديد المقصود بالشركة التجارية، وذلك في(المطلب الأول)، ثم المقصود بشركاء في شركة تجارية وذلك في ( المطلب الثاني)
المطلب الأول :المقصود بالشركة التجارية:
تنقسم الشركات إلى شركات مدنية تخضع لقواعد القانون المدني، وشركات تجارية تخضع لأحكام القوانين التجارية.
والشركات التجارية تنقسم من حيث الاعتبار الذي يتحكم في تكوينها إلى شركات الأشخاص قائمة على الاعتبار الشخصي، وشركات للأموال قائمة على الاعتبار المالي، لكن هذا التقسيم أصبح يتراجع أمام تعميم الصفة التجارية بالشكل على جميع الشركات باستثناء شركة المحاصة.
وهكذا لم يعد للتمييز بين الشركات التجارية على أساس الغرض الذي أنشأت من أجله أي اعتبار يذكر إلا بالنسبة لشركة المحاصة، بمعنى أن جميع الشركات أصبحت تجارية من حيث الشكل مهما كان غرضها، ما عدى شركة المحاصة، فهي لا تكون تجارية إلا إذا كان غرضها تجاريا.
والمشرع المغربي بإتباعه المعيار الشكلي من أجل إضفاء الصبغة التجارية على الشركات، نهج مسلك القانون الفرنسي الذي اتبع معيار لشكلية بمقتضى قانون 24 يوليو 1966.
وذلك على عكس المشرع المصري الذي يتبع المعيار الموضوعي في تمييز الشركات المدنية عن الشركات التجارية، بحيث تعتبر الشركة تجارية إذا كان غرضها هو القيام بعمل تجاري، في حين تعتبر مدنية إذا كان غرضها هو القيام بنشاط مدني.
وسنقوم بإعطاء نبدة موجزة عن هذه الشركات التجارية كالتالي:
وهكذا كلما تعلق النزاع بأحد الشركات المشار إليها أعلاه، فإن المحكمة التجارية لا يمكنها أن تصرح بعدم اختصاصها النوعي، كما أن اختصاص هذه المحكمة يمتد حتى لو كانت الشركة التجارية تمارس نشاطا مدنيا.
لكن الإشكال يثور بصدد النزاعات التي يمكن أن تنشأ بين الشركاء في مرحلة التأسيس أي قبل تقييد الشركة في السجل التجاري، خصوصا إذا ما علمنا أن الشركة التجارية في القوانين الجديدة لا تكتسب الشخصية المعنوية إلا بالتسجيل في السجل التجاري، فهل تختص بها المحاكم التجارية، أم أن الاختصاص يرجع إلى المحاكم العادية؟، وما يؤجج هذا الإشكال هو ما جاء في المادة الثامنة من قانون شركات المساهمة والمطبقة على باقي الشركات، من أن العلاقات بين المساهمين في مرحلة التأسيس خاضعة لعقد الشركة وللمبادئ العامة في قانون الالتزامات والعقود.
وهناك من يرى أن الاختصاص ينعقد خلال هذه المرحلة للمحكمة التجارية، ما دام أن عقد الشركة يهدف بالأساس إلى تأسيس شركة تجارية، كما أن هذه المرحلة تدخل في إطار الأعمال التحضيرية لممارسة النشاط التجاري الذي يظل من صميم النشاط الاقتصادي للشركة، ولأن طبيعة النزاعات التي قد تثار بين الشركاء سوف لن تتعلق سوى ببنود عقد الشركة أو شروط التأسيس.
وهذا الرأي هو منطقي، خصوصا إذا ما علمنا أن مشروع قانون رقم 53-95، كان يساير إعطاء الاختصاص للمحكمة التجارية في النزاعات المتعلقة بالتأسيس، بحيث أن المادة الخامسة كانت تنص على: " النزاعات بين شركاء في شركة تجارية فيما يتعلق بتأسيسها أو مدتها أو حلها أو تصفيتها".
بعدما قمنا بتحديد المقصود بالشركات التجارية، سننتقل إلى تحديد المقصود بالشركاء في الشركة التجارية، وذلك من خلال المطلب الموالي.
المطلب الثاني :المقصود بالشركاء في شركة تجارية
بداية نشير إلى أن الشركاء في شركة تجارية، ليسوا من صنف واحد، فهناك شركاء يكتسبون الصفة التجارية، وهناك شركاء لا يكتسبون هذه الصفة بالرغم من أنهم منخرطون في شركة تجارية.
بحيث أن الشريك في شركة التضامن والشريك المتضامن في شركة التوصية البسيطة، وكذا الشريك المتضامن في شركة التوصية بالأسهم، يكتسب صفة تاجر عند دخوله كشريك في هذه الشركات.
وعلى خلافه فإن الشريك الموصي في شركة التوصية البسيطة أو شركة التوصية بالأسهم، والشريك في شركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة، لا يكتسب الصفة التجارية لمجرد دخوله كشريك في إحدى هذه الشركات.
وتقرير الصفة التجارية بالنسبة للصنف الأول من الشركاء، غير مرتبط بطبيعة هذه الشركات التجارية من حيث الشكل، و إلا اعتبر جميع الشركاء والمساهمين تجارا نتيجة انتمائهم للشركات التجارية، في حين أن المشرع حدد صفة تاجر فقط في الشريك المنتمي لشركة التضامن، وباقي الشركاء المتضامنين في كل من شركة التوصية بالأسهم وشركة التوصية البسيطة، والشريك المسير لشركة المحاصة.
ويرى الأستاذ محمد لفروجي أن الاعتبار الشخصي لهذه الشركات هو الذي يقف وراء هذا التمييز، وذلك لأن المسؤولية الشخصية التضامنية والمطلقة للشريك التاجر عن ديون الشركة تجعله يتأثر مباشرة بالأعمال التي تقوم بها الشركة، الأمر الذي يقتضي أن يكون الشريك أهلا لممارسة هذه الأعمال التجارية شأنه شأن التاجر الشخص الطبيعي الذي يمارس نشاطه بصورة مستقلة ولحسابه الخاص.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل صفة شريك في شركة تجارية تعتبر كافية لقيام اختصاص المحكمة التجارية؟ أم أنه لابد أن يكون الشريك قد اكتسب بفعل دخوله كشريك في الشركة التجارية صفة تاجر، بمعنى أخر عدم اختصاص المحكمة التجارية إذا بقي الشريك محافظا على صفته المدنية ؟
هناك جانب من الفقه المغربي يرى أن المحكمة التجارية تكون مختصة سواء كان الشريك مكتسبا للصفة التجارية أم لا، وذلك من منطلق أن المحاكم التجارية ليست بمحاكم التجار فقط، بمعنى أنها ليست بمحاكم
مهنية يتقاضى فيها التجار.
كما أن الاجتهاد القضائي الفرنسي لم يشترط الصفة التجارية في الشريك، من أجل إعطاء الاختصاص للمحكمة التجارية، وذلك بالاعتماد صياغة الفصل 2-632 من القانون التجاري الفرنسي، التي لا تميز بين الشريك التاجر وغير التاجر.
ويعزو أستاذنا محمد المجدوبي الإدريسي موقف هذا الاجتهاد القضائي، إلى ميل القضاء الفرنسي إلى اعتبار الأعمال المتعلقة بإنشاء أو تسير أو حل الشركات التجارية من قبيل الأعمال التجارية الموضوعية.
مع الإشارة إلى أن هناك محاكم تجارية مغربية، تتبنى اتجاها مخالفا، مثل ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف التجارية بفاس التي اعتبرت في قرارها رقم 72 بتاريخ 8/6/1999، في الملف عدد 62/98:" أن مجرد المساهمة في شركة تجارية بنص القانون لا يضفي على المساهم فيها الصفة التجارية إذا كان لا يمارس عملا تجاريا بصورة اعتيادية واحترافية كما تنص على ذلك أحكام المادة 6و7 من مدونة التجارة وبالتالي فإن المحكمة التجارية غير مختصة نوعيا للبت في الطلبات المدنية الصرفة".
ونحن نرى أن المحكمة التجارية تكون مختصة كيفما كان الشريك، وذلك بالنظر لعمومية البند الرابع من المادة الخامسة، التي تتحدث عن اختصاص المحكمة التجارية بالنزاعات بين الشركاء دون تمييز بين شريك تاجر وغير تاجر.
وهناك إشكال أخر يثور بشأن هذا النوع من الاختصاص، ويتمثل في توسيع اختصاص المحكمة التجارية ليشمل النزاع الحاصل بين أحد الشركاء في مواجهة الشركة؟
هناك جانب من الفقه الفرنسي يرى أن المقصود بالنزاعات بين الشركاء ليس قاصرا على المنازعات بين الشركاء في شركة تجارية بصفتهم هذه، بل من الممكن أن يمتد هذا الاختصاص ليشمل النزاع القائم بين أحد الشركاء في مواجهة الشركة، وحجتهم في ذلك هي أن الشركة هي في الأصل متكونة من الشركاء.
هذا الاتجاه أيده القضاء الفرنسي عند قبوله للدعوى التي يرفعها الشريك المساهم ضد الشركة في شخص مسيرها للمطالبة بحقه في الإطلاع على وثائق الشركة.
وهناك رأي مخالف للرأي الأول، بحيث يرفض تمديد اختصاص المحكمة التجارية للنزاع الحاصل بين الشركاء والشركة، وذلك بالنظر إلى كون هذا التمديد يتجاوز حرفية وصياغة النص زيادة على إقصائه لمفهوم الشخصية المعنوية للشركة من خلال تسليط الضوء فقط على الشركاء المكونين للشركة.
وهكذا ينبغي تفسير البند الرابع من المادة الخامسة تفسيرا ضيقا، بحيث ينحصر في النزاع الناشئ بين شريكين في نفس الشركة، في حين يتم استبعاد الدعوى التي يقيمها الشريك في شركة تجارية ضد شخص أجنبي عن الشركة، والدعوى التي ترفعها الشركة في مواجهة مراقب الحسابات….
وهكذا فإن الاختصاص ينعقد للمحكمة التجارية كلما تعلق الأمر بنزاع بين شركاء( بالمعنى المحدد أعلاه)، ينتمون لأحد الشركات التجارية المحددة في المطلب الأول من هذا المبحث، غير أن هذه الشروط لا تكفي لوحدها من أجل إعطاء الاختصاص للمحكمة التجارية، بل لابد من أن يكون للنزاع طبيعة خاصة، وهذا ما سنناقشه في المبحث الموالي.
المبحث الثاني:تحديد المقصود بالنزاعات الناشئة بين الشركاء
سنتناول في هذا المبحث الشروط المتطلبة في النزاع حتى يكون من اختصاص المحكمة التجارية( المطلب الأول)، كما سنتطرق للنزاع الذي ينشأ بين الشركاء ويكون متضمنا لجانب مدني( المطلب الثاني)
المطلب الأول :الشروط المتطلبة في النزاع
يشترط في النزاع الناشئ بين الشركاء حتى يكون من اختصاص المحكمة التجارية، أن ينصب على تأسيسها أو تسيرها أو حلها أو تصفيتها، وبصفة عامة أن يتعلق بحياة الشركة منذ تأسيسها إلى غاية تصفيتها، بمعنى أن النزاع يجب أن يأخذ مصدره من عقد الشركة.
وهذا الاشتراط يجد أساسه من خلال ملاحظة الفصل 2-632 من قانون التجارة الفرنسي الذي يستعمل عبارة pour raison أي " بسبب الشركة"، مما يعني أن النزاع يجب أن يكون متعلقا بالشركة، ثم بالنظر إلى مشروع القانون المغربي الخاص بالمحاكم التجارية، حيث أن البند الرابع من المادة الخامسة كان ينص على: "النزاعات بين شركاء في شركة تجارية فيما يتعلق بتأسيسها أو مدتها أو حلها أو تصفيتها".
وهكذا فإن المحكمة التجارية لا تختص نوعيا للبت في النزاعات الناشئة عن العلاقات الشخصية، لأن النزاع يكون أجنبيا عن المصالح المشتركة للشركاء، وهو ما قرره القضاء الفرنسي في العديد من القرارات عند استبعاده للنزاعات المتعلقة بتفويت الأسهم من اختصاص المحاكم التجارية لعدم الارتباط المباشر لهذا التفويت بعقد الشركة
غير أن تفويت الحصص والأسهم متى كان من شأنه أن يؤثر على تسيير الشركة أو مراقبتها عن طريق انتقال الحصص والأسهم، فإن النزاع المثار بشأنه يظل من اختصاص المحكمة التجارية.
كما أن الاختصاص يعود للمحكمة التجارية، إذا ما تم هذا التفويت في إطار مسطرة التصفية القضائية لكون المحاكم التجارية يرجع لها الاختصاص فيما يتعلق بصعوبات المقاولة.
وهذا ما أكد عليه القضاء المغربي من خلال الحكم رقم 147/2002 الصادر بتاريخ 28/02/2002، عن المحكمة التجارية بأكادير: " حيث إن المطالبة بمقابل بيع الأسهم أو تنفيذ الالتزامات الناشئة عن تحويل الحصص ليست سوى عملية مدنية صرفة واختصاص المحكمة التجارية حسب البند الرابع من المادة الخامسة تشير إلى النزاعات بين الشركاء في شركة تجارية واهتداء بالقانون المقارن وعلى الخصوص القانون الفرنسي المادة 631 الفقرة الثانية من القانون التجاري فإن نص المادة الخامسة المذكورة يجب أن تفهم على أساس أن النزاع الذي يكتسي صبغة تجارية يكون مصدره عقد الشركة وبمعنى أخر أن يرتبط هذا النزاع بتأسيس أو تسير أو حل الشركة أما ما عدا ذلك من النزاعات فلا يدخل في اختصاص المحاكم التجارية، كما لو كان النزاع يتعلق بموضوع لا علاقة له بالشركة كأداء دين، والاجتهاد القضائي الفرنسي جرى على استبعاد المنازعات المتعلقة ببيع الحصص أو الأسهم من دائرة الاختصاص التجاري".
وهكذا فإن المحاكم التجارية تختص في النزاعات الناشئة خلال تأسيس الشركة، والنزاع الحاصل أثناء حياة الشركة وكذا خلال انقضائها.
بالنسبة للنزاعات التي تحصل بين الشركاء في مرحل التأسيس، نجد مثلا: عدم قيام أحد الشركاء في شركة ذات المسؤولية المحدودة، بأداء كامل حصته، مما يعرقل تأسيس الشركة، على اعتبار أن المادة 50 من القانون 96-5، تشترط لصحة التأسيس، أن يتم دفع مجموع مبالغ الحصص.
بالنسبة للنزاعات التي تحصل أثناء قيام الشركة نجد:
تنازع الشركاء حول توزيع الأرباح،كما يدخل في اختصاصها أيضا طلب أحد المساهمين التصريح ببطلان محضر الجمعية العامة لإخلاله بإجراءات دعوة الجمعية العامة للانعقاد، أو الإخلال بمبدأ المساواة بين المساهمين، أو بدعوى الطعن في قرارات الجمعية العامة بسبب استبداد الأغلبية أو المساس بالمصلحة الاجتماعية للشركة كعدم الالتزام بأغراض الشركة.
كما يثور النزاع بين الشركاء، بسبب قيام أحد الشركاء بالاستيلاء على جميع أموال وعقارات الشركة وإدارتها وتسيرها لحسابه الخاص دون مراعاة أو اعتبار لأي من باقي الشركاء ودون تقديم أي حساب، كما تختص في النزاع الناتج عن استعمال أحد الشركاء لأموال أو الأشياء المشتركة لمصلحته أو لمصلحة الغير دون الحصول على إذن مكتوب من باقي الشركاء.
بالنسبة لمرحلة التصفية: غالبا ما يثور النزاع بين الشركاء بسبب كيفية تقسيم أموال الشركة.
هذا عن اختصاص المحكمة التجارية في النزاعات ذات الطابع التجاري الصرف، غير أن الإشكال يثور في الحالة التي يتضمن فيها النزاع جوانب ذات طابع مدني؟.
المطلب الثاني :النزاعات التي تتضمن جوانب مدنية
حسب المادة التاسعة من قانون المحاكم التجارية، تختص المحكمة التجارية بالنظر في مجموع النزاع التجاري الذي يتضمن جانبا مدنيا، وهكذا إذا عرض على المحكمة التجارية نزاع يتضمن جوانب مدنية، فإنه يتعين على المحكمة أن تتبين الجانب الأكثر أهمية من الأخر ، فإذا كان النزاع في جوهره يتعلق بتأسيس الشركة أو تسييرها أو حلها أو ما شابه ذلك، فإنها تكون مختصة فيه حتى ولو كان يتضمن جانبا مدنيا.
لكن المسألة تزداد تعقيدا عندما تجد المحكمة التجارية نفسها أمام نزاع يتضمن جانبا مدنيا، يرجع الاختصاص فيه للمحكمة ذات الولاية العامة، خصوصا إذا ما علمنا أن الفصل 15 من قانون المسطرة المدنية، ينص على اختصاص المحكمة بالنظر في جميع الطلبات المقابلة أو طلبات المقاصة التي تدخل بنوعها أو قيمتها في حدود اختصاصه، مما يعني بمفهوم المخالفة أنه لا يجوز للمحكمة أن تبت في الطلبات المقابلة أو طلبات المقاصة إذا خرجت عن حدود اختصاصها النوعي.
وهناك نموذج لهذا النوع من النزاعات التي تهم الشركاء والتي تتضمن جانبا مدنيا، والمتمثل في النزاع حول استحقاق متروك أو قسمته، عندما يكون هذا المتروك عبارة عن سهم أو حصة في شركة، بحيث أن الشركاء يطالبون باختصاص المحكمة التجارية بالنظر إلى أن المتروك هو جزء من رأس مال الشركة، في حين يطالب الورثة باختصاص المحكمة الابتدائية ( حاليا المختص هو قسم قضاء الأسرة)، على اعتبار أنهم ليسوا بتجار و بأن الاختصاص في التركة هو المحاكم العادية.
هذا الإشكال انعكس على القضاء، بحيث هناك اجتهاد قضائي، يحكم بعدم اختصاص المحكمة التجارية في هذا النزاع، واجتهاد أخر يقضي باختصاصه.
فالاتجاه الأول، هو الذي تمثله المحكمة التجارية بطنجة، فهذه المحكمة اعتبرت أن طلب التشطيب من السجل التجاري على إراثة وتسجيل أخرى، وإبطال محضر الجمعية العمومية للشركة يتوقف على البت في صفة المدعي كوارث أم لا للهالك، وهي مسألة تدخل في صميم الحالة المدنية للأشخاص، وبالتالي قضت بعدم اختصاصها نوعيا في هذا النزاع،هذه أهم حيثيات هذا الحكم:
وحيث إن الاتجاه المجمع عليه في القضاء الفرنسي الذي تتشابه مقتضياته في مادة الاختصاص مع مقتضيات التشريع المغربي يذهب إلى أن المحاكم التجارية غير مختصة للبت في المسائل التي تهم الحالة المدنية للأشخاص ولو كان النزاع قد أثير بصفة عارضة بمناسبة البت في قضية تجارية، وحيث إن الاستناد إلى الفصل 9 من قانون المحاكم التجارية للقول بإسناد الاختصاص هو استناد في غير محله، ذلك أن الأمر في النازلة لا يتعلق بنزاع تجاري يتضمن جانبا مدنيا وإنما بنزاع شرعي أساسا يتوقف على البت فيه قبل البت في النزاع التجاري بشأن التشطيب وبطلان محضر الجمع العام، وهو ما يجعل النزاع التجاري نزاعا فرعيا والنزاع الشرعي هو النزاع الأصلي ، وهو مما يقتضي معه التصريح بعدم اختصاص وإحالة الملف على المحكمة الابتدائية بتطوان للبت فيه طبقا للقانون".
وعلى عكس هذه المحكمة صرحت محكمة الاستئناف التجارية بفاس، بكون المحكمة التجارية تكون مختصة في مثل هذا النوع من النزاعات معتمدة على الحيثيات التالية:
وحيث إن المحكمة التجارية تكون مختصة كلما تعلق الأمر بنزاع حول قيام الشركة أو تأسيسها وبصفة عامة كل النزاعات الناشئة بين الشركاء في شركة تجارية.
وحيث إن منازعة المدعى عليهم للمدعي في صفته كوارث لا يمكن اعتباره نزاعا شرعيا معروضا على المحكمة التجارية، وإنما مجرد دفع تقيمه عند البت في الدعوى التجارية الرامية بالأساس إلى المطالبة بإبطال محضر جمع عام لشركة مجهولة الاسم.
وحيث يكون بذلك الحكم المستأنف قد جانب الصواب لما قضى بعدم اختصاص المحكمة التجارية نوعيا للبت في النزاع رغم أن موضوع الدعوى يدخل ضمن اختصاصها النوعي وفق أحكام مقتضيات الفصل 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية".
وهذه المسألة تحتاج إلى تدخلا تشريعيا، أو على الأقل صدور قرار عن المجلس الأعلى من أجل حسم الخلاف بشأنها.
خاتمــة:
من خلال ما يبق اتضح لنا أن انعقاد الاختصاص للمحاكم التجارية في النزعات الناشئة بين الشركاء في شركة تجارية، يتطلب أن يكون لشركة الصفة التجارية، وأن يكون النزاع حاصل بين الشركاء فقط، كما أن هذا النزاع ينبغي أن لا يكون ذا طابع شخصي، كما لاحظنا أن هناك مجموعة من الإشكالات تثور بصدد تحديد هذا الاختصاص، بعضها وجد الحل مثل مسألة تأثير عدم اكتساب بعض الشركاء لصفة التجارية، على من الاختصاص للمحاكم التجارية، في حين أن هناك إشكالات أخرى ما تزال تنتظر الحل، وبالأخص مسألة النزاع المتضمن لجانب مدني.
لائحة المراجع والملاحق:
محمد لفروجي:" التاجر وقانون التجارة بالمغرب"، الطبعة الثانية، 1999، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص 379.
محمد المجدوبي الإدريسي:" عمل المحاكم التجارية"، طبعة الأولى، 1999، بابل للطباعة والنشر والتوزيع، ص 13.
نشير إلى أنه في مصر تم إنشاء محكمة تجارية جزئية في كل من القاهرة والإسكندرية ، للمزيد حول هذا الموضوع أنظر: مصطفى كمال طه: " القانون التجاري"، 1996، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، ص103و104.
محمد المجدوبي الإدريسي:" عمل المحاكم التجارية"، م س، ص85.
تختص المحاكم التجارية بالنظر في:
محمد المجدوبي الادريسي: " المحاكم التجارية بالمغرب دراسة تحليلية نقدية مقارنة"، ط الأولى، 1998، مطبعة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، ص78.
إدريس العلمي المشيشي: " خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد"، مجلة المحاكم المغربية، يناير- فبراير، 2000، عدد 80، ص30و31.
حسين الماحي: " الشركات التجارية"، طبعة الثانية، 1996، دار أم القرى، المنصورة، م س، صفحات من 135 إلى 146.
للمعرفة المزيد حول اكتساب الشخصية المعنوية أنظر:
عز الدين بنستي : " الشركات في التشريع المغربي والمقارن"، جزء 1، ط 2، 1998، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص74 و93 وما بعدها.
و مصطفى كمال طه:" القانون التجاري، مقدمة الأعمال التجارية والتجار والشركات التجارية، الملكية التجارية والصناعية"، بيروت، الدار الجامعية،ص 266.
وأبوزيد رضوان:" مفهوم الشخصية المعنوية بين الحقيقة والخيال"، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، السنة 12، عدد 1، 1970، القاهرة، ص 193و194.
أنظر أيضا:
فؤاد معلال: " شرح القانون التجاري المغربي الجديد"، م س، ص261 و 271و279 280.
بالنسبة للتشريع المصري في الموضوع أنظر: حسين الماحي: " الشركات التجارية"، م س ، صفحات 97 و 101 و121 و124.
بالنسبة للتشريع الفرنسي أنظر:
أنظر:
محمد المجدوبي الادريسي: " المحاكم التجارية بالمغرب دراسة نقدية تحليلية مقارنة"، م س، ص 78.
أطروحة الأستاذ، محمد المجدوبي الإدريسي:" المحاكم التجارية بالمغرب إشكاليات التطبيق وآفاق التجربة"، م س، ص 103.
يسين امساعف:" الأرباح في الشركة التجارية: مفهومها وإشكالات توزيعها"، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد4، يناير 2004، ص 56 وما بعدها.
التصميم
مقــدمـــة
المبحث لاول:الاشخاص المشمولين بهذا الاختصاص
المطلب الأول :المقصود بالشركة التجارية:
المطلب الثاني :المقصود بالشركاء في شركة تجارية
المبحث الثاني:تحديد المقصود بالنزاعات الناشئة بين الشركاء
المطلب الأول :الشروط المتطلبة في النزاع
المطلب الثاني :النزاعات التي تتضمن جوانب مدنية
خاتمــة:
لائحة المراجع والملاحق: