النظام العام الاستهلاكي، اي تاثير على المبادئ العامة
أيوب الراوي: طالب باحث في السنة الثانية من سلك الماستر تخصص القانون والمقاولة بجامعة الحسن الأول بسطات
أيوب الراوي: طالب باحث في السنة الثانية من سلك الماستر تخصص القانون والمقاولة بجامعة الحسن الأول بسطات
مقدمة :
أفرزت التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عرفتها المجتمعات آثارا عميقة على فكرة العقد ومفهومه كوسيلة للتعامل، وما صاحبه من تطورات في مجال العقود، كالانتشار الواسع لعقود الإذعان وظهور مهنيين متخصصين ومحترفين، مما أصبحت معه الإرادة عاجزة عن تحقيق المساواة بين أطراف العقد، خاصة في العقود الاستهلاكية[1].
وأمام هذا الوضع غير المتوازن بين أطراف العملية الاستهلاكية الذي نتج عن المبادئ التقليدية، تدخل المشرع بمجموعة من القوانين الحمائية تحت غطاء النظام العام الاستهلاكي لعل أهمها القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك والقانون رقم 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات والخدمات، والهدف إعادة النظر في هذه المبادئ، بما يكفل مصلحة المستهلك من جهة، وإعادة التوازن العقدي المفقود بينه وبين المهني من جهة أخرى، حتى يتمكن الطرف الضعيف تقنيا واقتصاديا من حقوقه كاملة ودون تعسف من الطرف القوي.
ولهذا فإن مدلول النظام العام ،انتقل من دور الحد من سلطان الإرادة وتحقيق التوازن داخل العقد، إلى مهمة تقوية مبدأ سلطان الإرادة وخاصة في حمايته للطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية[2] وبالتالي فإذا كانت الإرادة تنشئ العقد طبقا للمادة 230 من ق.ل.ع فإن النظام العام يستبعد إرادة الأطراف والقوة الملزمة للعقد في حالة مخالفته[3] ،حيث أن القانون تدخل ليقضي بجواز ممارسة هذه الحرية التعاقدية في الحدود التي لا تخالف فيها النظام العام[4] والآداب، أي في النهاية ضمان حرية الآخرين[5].
▪أهمية الموضوع : تتجلى في كونه يفرز مدى تأثر المبادئ العامة للقانون المدني بالتوجهات التشريعية الحديثة، بما يخدم حماية المستهلك، وذلك من خلال قانون 31.08 ،حيث وسم المشرع جل قواعده بالنظام العام لإعادة التوازن العقدي للعلاقة التي تربط المستهلك بالمهني.
▪إشكالية الموضوع : إلى أي حد استطاع النظام العام الاستهلاكي،التأثير في القواعد العامة للقانون المدني بما يوفر حماية للمستهلك وتحقيق العدالة التعاقدية المطلوبة ؟
وللإجابة عن هذه الإشكالية ، ومن أجل الإحاطة بهذا الموضوع من كل الجوانب ارتأينا اعتماد التصميم الآتي :
المبحث الأول : خضوع مبدأ سلطان الإرادة لفكرة النظام العام الاستهلاكي
المبحث الثاني : البعد الجديد للنظريات التقليدية على ضوء قانون حماية المستهلك
المبحث الأول : خضوع مبدأ سلطان الإرادة لفكرة النظام العام الاستهلاكي
أصبح قانون 31.08 يلعب دورا بارزا ومهما في تقوية مبدأ سلطان الإرادة خاصة في حمايته للطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، وذلك راجع لعدة اعتبارات كون أن أغلب مقتضياته من النظام العام.
وبمراجعة مقتضيات التشريع، نجده لم يتطرق لتعريف مبدأ سلطان الإرادة وحسنا فعل،لأن التعريف مسألة من اختصاص الفقه الذي لم يمانع من الخوض في إبراز عدة تعاريف تعالج بعض أحكام هذا المبدأ، حيث ذهب البعض إلى القول بأن مبدأ سلطان الإرادة يفيد أن الفرد حر في أن يتعاقد أو لا يتعاقد، وإذا ما قيد نفسه بالموافقة على العقد فهذا يكون عن اقتناع واختيار تامين، لكن هاته الحرية ليست مطلقة بل مقيدة بمجموعة من الضوابط القانونية كالنظام العام والآداب العامة[6].
وعليه فإن من النتائج المترتبة على مبدأ سلطان الإرادة، تتمثل في أن الإرادة كافية وحدها لإبرام العقد، أي يكفي حصول التراضي بين المتعاقدين، فالرضا هو العنصر الأساسي اللازم لإنشاء العقد، وعليه فلا يجوز إكراه الناس على التعاقد بدون رضاهم، فلا بد أن يكون هذا الرضا سليما من كل عيب، كما أن الأفراد أحرار في تحديد الالتزامات التعاقدية من حيث مكانها ومداها[7] . إلا أن هذا الأمر لا يستقيم والعملية الاستهلاكية التي تتميز باللا توازن بين أطرافها مما يستدعي إعادة توجيهه بما يخدم مصلحة المستهلك (الطرف الضعيف).
وعليه يقتضي منا هذا المبحث معالجته على مستوى العقد شريعة المتعاقدين (المطلب الأول)،ومبدأ نسبية آثار العقد(المطلب الثاني) وذلك في ظل اعتبار جل أحكام القانون رقم 31.08 من النظام العام.
المطلب الأول : مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في ظل النظام العام الاستهلاكي
يقوم مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، على أساس الفصل 230 من ق.ل.ع بحيث أن كل توافق إرادتين على إنشاء التزام معين، يترتب عنه التزامهما بمضمونه، بحيث يقوم مقام القانون بالنسبة لهما، ومن تمت لا يمكن تعديله أو تغييره أو إنهاؤه إلا بتلك الإرادتين، وهذا يمثل أسمى درجات العدالة والمساواة عندما يتعلق الأمر بطرفين متساويين في المراكز القانونية والمادية.
وهكذا فإن مبدأ العقد شريعة المتعاقدين يقوم على ركيزتين أساسيتين، تتمثل الأولى في أن المتعاقدين هم وحدهم من لهم حق التدخل في العقد وتحديد شروطه وبنوده، والثانية أن طرفي العقد هم من يتحملون كل الآثار المترتبة عنه.
كما أن مبدأ القوة الملزمة للعقد من أهم النتائج المترتبة عن مبدأ سلطان الإرادة، فالأفراد لهم مطلق الحرية في إبرام ما شاءوا من العقود بشرط احترامهم لمقتضيات النظام العام والأخلاق والآداب العامة، وإذا حصل مثل هذا الاتفاق بناء على هذه الحرية فإن العقد يصبح بمثابة شريعة للمتعاقدين[8].
ومنه فإن أي محاولة للمراجعة الفردية أو إظهار لنية العدول عن مقتضيات الاتفاق لا يكون لها من أثر إلا إذا حصلت عن طريق التراضي المزدوج بين هؤلاء الأطراف[9] ،وهذا مقبول جدا في ظل العلاقات التقليدية المتكافئة بين أطرافها، لكن ماذا عن العملية الاستهلاكية اليوم هل لا زال مبدأ العقد شريعة المتعاقدين مواكبا لها ؟
إذا كان يرى البعض أنه بسبب اختلال ميزان القوى في العلاقة التي تقوم بين المورد من جهة والمستهلك من جهة أخرى، فإنه من غير الممكن أن يترك مجال واسع لتطبيق مبدأ سلطان الإرادة على اعتبار أنه كاف لتحقيق مصالح الطرفين، فلا يمكن للمستهلك بأي حال أن يقف في مواجهة المورد الذي يتمتع بالخبرة والكفاءة التي تؤهله للسيطرة على العقد، بل يجب وضع هذا المبدأ جانبا في إطار العلاقة الاستهلاكية، لأنه لم يعد للإرادة دورا لا محدود في خلق العقود التي تبرم بين المستهلك والمحترف وإنما تم تحديد ذلك الدور عن طريق فرض التزامات وشروط على عاتق المورد[10] ، حتى ولو كان المشرع اعتبر أن العقد الصحيح بمثابة شريعة بين المتعاقدين يحتكمان لها في تنفيذ التزاماتهما التعاقدية، فإن ضرورة الحفاظ على العدالة التعاقدية يقتضي في بعض الظروف التدخل للتلطيف من حدة المبدأ، والحد من حرية إرادة المتعاقدين في تنفيذ ما يترتب عن العقد من آثار[11].
كذلك الأمر في التشريع لم تعد الحرية التعاقدية، حرية الفرد المطلقة في أن يتعاقد أو لا يتعاقد، فقد تدخل المشرع وفرض حالات يجب فيها على الفرد التعاقد، ومثال ذلك فرض أنماط من عقود التأمين، كما عملت التشريعات على الحد من مبدأ سلطان الإرادة شكلا وموضوعا، فمن حيث الشكل أخذت أهمية الكتابة تتزايد قصد حماية الأطراف، ومن حيث الموضوع فقد عمل المشرع على وضع قواعد تتعلق بالنظام العام الذي لا يجوز للأطراف مخالفته[12].
وهذا ما عمل عليه المشرع المغربي في القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك، حيث نص على اعتبار مجموعة من مقتضيات قانون حماية المستهلك من النظام العام، وذلك من خلال التنصيص على مجموعة من الحقوق والآليات لصالح المستهلك، التي لا يجوز للأطراف مخالفتها لارتباطها بالنظام العام، وبالتالي حماية المستهلك لإعادة التوازن العقدي للعلاقة الاستهلاكية التي كان ينفرد المهني بتحديد شروطها وإجراءاتها.
ولعل أهم هذه الآليات هو التنصيص على إمكانية المستهلك الرجوع في العقد وفقا لمجموعة من الشروط والآجال، وهو ما يدعم حقه في الرضا الحر والمستنير، لأنه أحيانا قد يدخل المستهلك في عقود لا فائدة له منها ،نتيجة الضغط الهائل الذي يمارسه المهنيين والمنتجين من إشهار وإعلانات خادعة تفرض على المستهلك التعاقد، وكثيرا ما يكتشف بعد فوات الأوان أنه ليس بحاجة لتلك السلع أو الخدمات، أو أن شروط العقد الذي أبرمه لا تناسبه أو لا يقدر على دفع الثمن المضمن في العقد.
وهذا فيه تجاوز لمبدأ الحرية التعاقدية، فكيف نلزم المستهلك بأشياء لم يقررها عن حرية واختيار تامين، وهل من المنطق أن نحمله عواقب ما أقدم عليه في ظل القوة الكبيرة التي يتمتع بها المحترف في توجيه إرادته، هذا ما جعل المشرع المغربي على غرار الكثير من التشريعات إلى تقرير حق المستهلك في التراجع عن العقد[13] الذي أبرمه كلما تبين له بعد التفكير المجدد فيه والتقدير والتروي في نتائجه أن العملية التي أنجزها لم تكن في مصلحته[14] داخل الأجل القانوني المحدد في المادة 36 من القانون رقم 31.08 وهو أجل 7 أيام أما إذا كان التعاقد عن بعد فيتمدد الأجل إلى 30 يوما ،ويبتدئ هذا الأجل من يوم تسليم السلع أو من يوم قبول العرض بخصوص الخدمات.
ولتسهيل ممارسة الحق في الرجوع على المقترض، فإنه يجب أن يكون العرض المسبق الصادر عن المقرض مصحوبا باستمارة قابلة للاقتطاع[15] بحيث لا يكون للمقترض الراغب في ممارسة حقه في الرجوع سوى ملء هذا المطبوع وإيداعه مقابل وصل يحمل طابع وتوقيع المقرض[16]، ومع ذلك فإن استعمال هذا المطبوع يبقى اختياريا بالنسبة للمستهلك، الذي يمكنه أن يخبر المقرض بقرار رجوعه عن القرض بأية وسيلة أخرى[17].
كما تظهر تجليات تدخل المشرع في العقد الاستهلاكي لحماية المستهلك من خلال تدخله لمنع الشروط التعسفية[18] في المواد من 15 إلى 20 من قانون حماية المستهلك ،وذلك تدعيما لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين ومنع استحواذ المهنيين على العقد،ومن تم فإن المقتضيات المتعلقة بالشروط التعسفية ختمها المشرع بمادة تعتبرها من النظام العام[19] حيث سنخصص للحديث عن هذه الخصوصيات في إحدى محاور الشق الثاني من هذا البحث.
المطلب الثاني : تأثير النظام العام الاستهلاكي على مبدأ نسبية آثار العقد
نظم المشرع المغربي مبدأ نسبية آثار العقد في الفصول 228 و 229 من ق. ل.ع حيث يقصد بمبدأ نسبية آثار العقد ،أن العقد لا يضر ولا ينفع إلا من كان طرفا فيها، إلا أن ارتباط المتعاقدين بورثتهما وخلفائهما ودائنيهما بمقتضى علاقات القرابة أو المديونية قد يسمح بسريان بعض الآثار العقدية في حق هؤلاء الأشخاص .أما بالنسبة للغير فإن القاعدة العامة هي عدم سريان آثار العقد في حقهم وذلك مالم يكن هناك استثناء من المشرع يقضي بانسحاب هذه الآثار في حق الغير كالاشتراط لمصلحة الغير[20] .
وعليه فإنه للتطرق لمدى كفاية مبدأ نسبية آثار العقد في توفير الحماية الكافية للمستهلك ،يقتضي منا الأمر الوقوف على أهم المبررات التي أدت إلى ضعف مبدأ نسبية آثار العقد (الفقرة الأولى )،على أن نتطرق لضرورة توسيع هذا المبدأ لحاجة المستهلك الملحة لهذا المبدأ (الفقرة الثانية ) وهذا ما استجاب له المشرع في قانون تحديد تدابير لحماية المستهلك إلى حد ما .
الفقرة الأولى : مبررات ضعف مبدأ نسبية آثار العقد
أدى تطور المعاملات في العصر الحديث، وما يفرضه ذلك من ضرورة الحفاظ على استقرارها إلى ظهور أساليب جديدة للتصرفات العقدية[21] تعبر عن ما يمكن القول أنه خروج على مبدأ نسبية آثار العقد. وعليه فإنه لاعتبارات تتعلق بحماية المستهلك، خرجت تشريعات الاستهلاك عن مبدأ الأثر النسبي للعقد ،الذي كان الأصل فيه أن من يبرم عدة عقود هو بقاء هذه العقود مستقلة عن بعضها البعض لعدم وجود رابطة بينها.
كما أن العملية الاستهلاكية اعتبارا لخصوصياتها واتصافها بوجود أطراف جد متباينة في الوضعية الاقتصادية والمراكز القانونية، جعلت من مبدأ نسبية آثار العقد مبدأ عديم الجدوى بصيغته التقليدية، لذلك قام المشرع المغربي بالتنصيص على مجموعة من الميكانيزمات في قانون حماية المستهلك.
وأمام هذا الوضع وفي ظل أحكام مبدأ نسبية آثار العقد التي ليس بمقدورها توفير حماية كافية للمستهلك في متابعة متدخلين في العقد كثر ،بحيث يكون ملزما بالرجوع على المهني الذي باع له السلعة أو البضاعة فقط ،ولا تكون له قدرة للرجوع على المنتج الأصلي لها أو المستوردين، كما أنه لا يمكن للمستهلك بمفهومه الواسع الرجوع على هؤلاء. وهذا لا تحققه المبادئ العامة ممثلة في مبدأ نسبية آثار العقد، حيث تسمح بالرجوع على الغير في حالات خاصة وجد محدودة وتتطلب موافقته على ذلك.
وإعمالا لمبدأ نسبية آثار العقد، فإن المستهلك لا يستطيع الرجوع إلا على بائعه المباشر للسلعة بدعوى ضمان العيب الخفي، على أساس المسؤولية العقدية، ولا يمكنه الرجوع على أي من البائعين السابقين[22] وهذا ما يعتبر ضعفا لمبدأ نسبية آثار العقد عن عدم قدرتها على احتواء الحماية اللازمة للمستهلك وتمكينه من الرجوع على كل المتدخلين في البضاعة أو السلعة انطلاقا من المنتج وصولا إلى المستورد والبائع.
الفقرة الثانية : حماية المستهلك عن طريق التوسع في مبدأ نسبية آثار العقد
تنص المادة 2 من قانون حماية المستهلك على أنه ” يقصد بالمستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي “. وبالتالي نجد أنها وسعت من نطاق مفهوم المستهلك، بحيث يشمل المستهلك الأصلي الذي اقتنى السلعة أو البضاعة، كما يدخل فيه عائلته التي قد تستعمل تلك البضاعة، فمثلا إذا اقتنى شخص معين فرن كهربائي أو جهاز آخر ووضعه في المنزل رهن تصرف أبنائه وزوجته، وأثناء فترة الضمان استعمله ابنه فترة من جراء عيب في الجهاز، فهل يمكنه الرجوع على المنتج أو المورد؟ ،فمن خلال المادة سالفة الذكر فإن عائلة الشخص الذي اقتنى منتوجا أو سلعة معينة، تدخل في مفهوم المستهلك مما يخولها الرجوع على المنتج.
ويمكن متابعة المنتج الأصلي للسلعة أو البضاعة من طرف المستهلك عند اكتشافه لعيب في السلعة أو ما يسمى بحق إقامة دعوى مباشرة للضمان بحيث تنص المادة 65 من قانون حماية المستهلك على أنه :” تطبق على عقود بيع السلع أو المنتوجات المبرمة بين المستهلك والموردين الأحكام المتعلقة بالضمان القانوني لعيوب الشيء المبيع والواردة في الفصول من 549 إلى 575 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331، (12 أغسطس ) بمثابة قانون الالتزامات و العقود.
كذلك بالرجوع إلى القانون رقم 24.09 فقد قضى في المادة 106/1 بأن المنتج يعتبر مسؤولا عن الضرر الناتج عن عيب في منتوجه، فهذا القانون أعطى الحق للمضرور المستهلك بإقامة الدعوى في مواجهة المنتج الذي تسبب منتوجه المعيب في إلحاق الضرر به.
فمسؤولية المنتج العقدية تقوم على ضمان العيب الخفي وبحسب الأصل في مواجهة المشتري المباشر ،ويكون هذا الأخير في غالب الأحيان هو أحد وسطاء التوزيع، ويعتبر موزعا وتقوم هناك سلسلة تعاقدية متتالية إلى أن نصل إلى آخر مشتري الذي يعتبر مستهلكا.
وقد اعترف المشرع المغربي لجمعيات حماية المستهلك بإمكانية تمثيل المستهلك والدفاع عنه في الفصل 152 من قانون حماية المستهلك، شريطة توفرها على صفة المنفعة العامة وذلك بنص الفصل 154 ،ومن ثم يمكن لها اللجوء إلى القضاء لحماية حقوق المستهلك والترافع عنه ،ويعتبر تدخل الجامعة الوطنية وجمعيات حماية المستهلكين المنضوية تحت لوائها، في هذه الدعاوى خروجا عن مبدأ الأثر النسبي للعقد، باعتبارها أجنبية عن العقد المبرم بين المهني والمستهلك، لكن رغبة المشرع في توفير الحماية اللازمة للمستهلك هي التي فرضت ذلك.
كما أن الفصل 157 من ق.ح.م أعطى لجمعيات حماية المستهلك حق التدخل في مجموعة من الدعاوى القضائية حيث جاء واضحا بالنص على أنه “يمكن للجامعة الوطنية و لجمعيات حماية المستهلك المعترف لها بصفة المنفعة العامة طبقا لأحكام المادة 154 أن ترفع دعاوى قضائية أو أن تتدخل في دعاوى جارية أو تنصب نفسها طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق، للدفاع عن مصالح المستهلك وتمارس كل الحقوق المخولة للطرف المدني والمتعلقة بالأفعال والتصرفات التي تلحق ضررا بالمصلحة الجماعية للمستهلكين.
المبحث الثاني : البعد الجديد للنظريات التقليدية على ضوء القانون 31.08
جاء قانون حماية المستهلك[23] بمجموعة من الوسائل الحديثة التي اعتمدتها العديد من التشريعات المعاصرة لتحقيق هذا المبتغى والوقوف بجانب المستهلك وإبراز مدى نجاعتها في تخليق المعاملات وبث الاستقرار من خلال تطهيرها للعقود من كل ما من شأنه أن يمس الاستقامة التي يكون على كل الفاعلين أن يتحلوا بها[24] بشكل يساهم في إعادة التوازن العقدي للعلاقة الاستهلاكية، وأمام عجز وعدم كفاية النظريات التقليدية في توفير الحماية اللازمة للطرف الضعيف(المستهلك) ونظرا للطبيعة النظامية لهذا القانون، فقد تمت إعادة النظر في هذه النظريات بشكل يخدم المستهلك .
وعليه يقتضي منا الأمر معالجة مدى تأثر نظرية التعسف في استعمال الحق بالنظام العام الاستهلاكي(المطلب الأول)،على أن نتناول تأثير النظام العام الاستهلاكي على نظرية عيوب الرضا.
المطلب الأول : تأثر نظرية التعسف في استعمال الحق بالنظام العام الاستهلاكي
إن تأثر نظرية التعسف في استعمال الحق بالنظام العام الاستهلاكي يتطلب منا تسليط الضوء على محدودية نظرية التعسف في استعمال الحق عن حماية المستهلك (الفقرة الأولى) مما استدعى المشرع إلى تدعيمها بمجموعة من الآليات القانونية من خلال قانون حماية المستهلك (الفقرة الثانية ) لعل أبرزها محاربة الشروط التعسفية وتفسير العقد لفائدة المستهلك وذلك في نقطتين متتابعتين.
الفقرة الأولى : محدودية نظرية التعسف في استعمال الحق عن حماية المستهلك
من المعلوم أنه لا يجوز للشخص أن يستعمل حقه بصورة مطلقة، ذلك أن القانون منح الأشخاص حقوقا قصد تحقيق غاية اجتماعية معينة، فكل من استعمل حقه بقصد آخر يكون متعسفا في استعمال حقه، وبهذا ظهرت نظرية التعسف في استعمال الحق، ومؤداها وجوب تقييد استعمال الحق على نحو يحول دون الإضرار بالغير أو بالصالح العام ،بالرغم من ان صاحب الحق يعمل في حدود مضمون حقه.
ولقد تناول المشرع المغربي هذه النظرية في الفصل 94 من ق.ل.ع حيث جاء في الفقرة الأولى من الفصل أعلاه أنه ” لا محل للمسؤولية المدنية إذا فعل الشخص بغير قصد الإضرار ما كان له الحق في فعله ” . أما الفقرة الثانية منه فجاء فيها ” غير أنه إذا كان من شأن مباشرة هذا الحق أن تؤدي إلى إلحاق ضرر فادح بالغير وكان من الممكن تجنب هذا الضرر أو إزالته من غير أذى جسيم لصاحب الحق، فإن المسؤولية تقوم إذا لم يجر الشخص ما كان يلزم لمنعه أو لإيقافه “.
وقد جاء في حكم للمحكمة التجارية بالدار البيضاء أنه “وحيث إن الإشهار موضوع الدعوى، تضمن تلميحا صريحا لمنتوج المدعية بهدف ترسيخ انطباع سيئ عن هذا المنتوج والتشهير به أنه منتوج يشتمل على بيانات كاذبة، وأن من شأن ذلك المس بمصداقية الشركة المدعية في السوق والإساءة إلى سمعتها، وتحويل الزبناء من منتجاتها وانصرافهم عنها كنتيجة حتمية للإشهار المذكور وهو ما يجعله يدخل في نطاق الإشهار الممنوع ” [25]. ويستفاد من هذا الحكم القضائي أن الشركة المذكورة، استغلت حقها المشروع في خدمة أهداف غير مشروعة، بحيث أنها قامت بتوجيه إشهارها للنيل من شركة أخرى وذلك بالتشهير بأحد منتجاتها، بقصد تحويل الزبناء عن منتجاتها وانصرافهم عنها، وهو ما يعد تعسفا في استعمال الحق.
ومن ثم فإن نظرية التعسف في استعمال الحق أبانت عن قصورها في تمكين المستهلك من الحماية اللازمة في مواجهة المورد، ذلك أنها نظرية توضع بين يدي كل منهما له أن يحتج بها ، هذا بالإضافة إلى محدوديتها في الاعتماد عليها كأساس لإبطال الشروط التعسفية التي تعرف انتشارا مهولا في العملية الاستهلاكية، والتي يتحكم المورد في وضعها على المقاس الذي يوفر له أكبر مصلحة في مواجهة المستهلك الطرف الضعيف الذي ليس له إلا أن يقبل التعاقد أو يرفضه، وما يترتب عنه من حرمانه من عقود قد يكون في أمس الحاجة إليها.
الفقرة الثانية : آليات النظام العام الاستهلاكي في إعادة قراءة نظرية التعسف في استعمال الحق
إذا كانت نظرية التعسف في استعمال الحق، صمام الأمان للمستهلك لأخذ حقه من المهني قبل صدور قانون حماية المستهلك، حيث كان القضاء يعتمد عليها بشكل أساسي في إحقاق الحق للمستهلك في مواجهة المهني. غير أنها لم تعد كافية في توفير الحماية اللازمة للمستهلك لذلك تدخل المشرع المغربي من خلال قانون حماية المستهلك ونص على العديد من المقتضيات الإلزامية المرتبطة بالنظام العام، بحيث أعطت بعد جديد لنظرية التعسف في استعمال الحق مما يكفل توفير حماية فعالة للمستهلك، لعل أبرزها التنصيص على محاربة الشروط التعسفية (أولا )،تم مبدأ تفسير العقد بالمعنى الأكثر فائدة للمستهلك (ثانيا).
أولا : محاربة الشروط التعسفية في ظل قانون 31.08
إذا كان القانون المدني في ثوبه التقليدي لا يسعى سوى لتحقيق التوازن القانوني بين أطراف العلاقة العقدية، فإن هذا الأمر قد يسبب اختلالا كبيرا على مستوى التوازن الاقتصادي نظرا لاستغلال المتعاقد القوة لمركزه الاقتصادي المتفوق عن طريق فرض شروط تعاقدية مجحفة في حق المتعاقد الآخر الضعيف[26].
ولمواجهة هذه الظاهرة عمل القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك على وضع مقتضيات خاصة “لحماية المستهلك من هذه الشروط”تأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذه العلاقة وصفة أطراف العقد وهو ما يعتبر في نظرنا خطوة مهمة نحو تحقيق عدالة تعاقدية ناجحة[27] .
وعلى هذا الأساس سوف نعمل على تسليط الضوء على ما جاء به هذا القانون رقم 31.08 من مقتضيات في هذا المجال، من خلال القيام بقراءة أولية في المواد من 15 إلى 20 للوقوف على أبعادها الحمائية، وذلك من خلال نقطتين نخصص الأولى لمفهوم الشرط التعسفي في عقد الاستهلاك، أما الثانية للجزاء المترتب على الشروط التعسفية في عقد الاستهلاك
1- مفهوم الشرط التعسفي في عقد الاستهلاك
جاء بهذا الخصوص ضمن المادة 15 في فقرتها الأولى من القانون رقم 31.08 ما يأتي : ” يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد و المستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك “.
وللإشارة يقترب هذا التعريف من نظيره الذي سبق للمشرع الفرنسي أن استقر عليه بموجب قانون 1 فبراير 1995 الذي أورد في مادته 132 في فقرتها الأولى ما يأتي :” في العقود المبرمة بين المحترفين والمستهلكين، تعتبر تعسفية، الشروط التي يكون موضوعها أو أثرها هو خلق اختلال مبالغ فيه بين حقوق والتزامات أطراف العقد على حساب الطرف غير المحترف أو المستهلك.
وكما تلاحظ تبقى للمحكمة في ظل المادة 15 من القانون رقم 31.08 وأيضا في ظل التشريع الفرنسي سلطة واسعة لتقدير مدى تحقق الشرط التعسفي وذلك انطلاقا من عدة معطيات أشارت إليها المادة 16 من نفس القانون بقولها :”… يقدر الطابع التعسفي لشرط من الشروط بالرجوع وقت إبرام العقد إلى جميع الظروف المحيطة بإبرامه وإلى جميع الشروط الأخرى الواردة في العقد، ويقدر كذلك بالنظر إلى الشروط الواردة في عقد آخر عندما يكون إبرام أو تنفيذ العقدين المذكورين مرتبطين بعضهما ببعض من الوجهة القانونية “.
وقد وسع المشرع عندنا من مفهوم الشرط التعسفي بحيث جعله يشمل وفقا للمادة 15 في فقرتها الثانية من القانون رقم 31.08 حتى :” سندات الطلب والفاتورات وأذون الضمان والقوائم أو أذون التسليم والأوراق أو التذاكر والتي تتضمن شروطا متفاوضا في شأنها بحرية أو غير متفاوض في شأنها أو إحالات إلى شروط عامة محددة مسبقا “.
2- الجزاء المترتب على الشروط التعسفية في عقد الاستهلاك
جاء بهذا الخصوص ضمن المادة 19 من قانون 31.08 يعتبر باطلا ولاغيا الشرط التعسفي الوارد في العقد المبرم بين المورد و المستهلك.
تطبق باقي مقتضيات العقد الأخرى إذا أمكن أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور “.
يتبين من خلال ذلك أن الجزاء المترتب عن الشرط التعسفي هو بطلانه بقوة القانون بطلانا يتعلق بالنظام العام، لأن المشرع يستهدف بالخصوص حماية المصلحة العامة لعموم طائفة المستهلكين الضعاف المراكز في مواجهة الموردين ذوي النفوذ والسلطة الاقتصادية. وهذا ما أكد عليه هذا القانون في المادة 20 عندما نص على أنه : تعتبر أحكاما أمرة مقتضيات القسم الثالث المتعلقة بحماية المستهلك من الشروط التعسفية.
وجدير بالذكر إلى أنه إذا كانت غاية المشرع من ترتيب الجزاء على الشرط التعسفي هي تصحيح عدم التوازن الذي يشوب العلاقة التعاقدية بين المستهلك والمهني فإن ما يحد من فعالية هذا الجزاء – البطلان- عدم اقترانه بعقوبة ردعية[28] . ومن بين الإكراهات كذلك التي التي يمكن أن تساهم في التقليص من الحماية المقررة بمقتضى هذا القانون، تلك المتعلقة بإثارة دعوى بطلان الشرط التعسفي، فطبقا للقواعد العامة المقررة في قانون المسطرة المدنية، لابد لقبول الدعوى من التوفر على بعض الشروط “الصفة والمصلحة والأهلية “[29].
فهو بطلان بنص قانوني خاص يمكن إثارته من كل ذي مصلحة، ويمكن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ولا يزول بالإجازة أو التقادم[30] .
وللإشارة فبطلان الشرط التعسفي يترتب عليه بطلان عقد الاستهلاك برمته إذا أبرم هذا العقد كمجموعة شروط متكاملة لا يمكن الفصل بينها دون ضرر يلحق العاقدين، لكن إذا كان هذا الشرط التعسفي مستقلا عن بقية بنود العقد ،فإنه يبطل لوحده في حين تبقى سارية باقي بنود العقد الأخرى الصحيحة. وفي الحقيقة تشكل هذه الحالة أحد تطبيقات نظرية انتقاص العقد الباطل والتي نص عليها الفصل 308 من ق.ل.ع بقوله : ” بطلان جزء من الالتزام يبطل الالتزام في مجموعه، إلا إذا أمكن لهذا الالتزام أن يبقى قائما بدون الجزء الذي لحقه البطلان . وفي هذه الحالة يبقى الالتزام قائما باعتباره متميزا عن العقد الأصلي “.
ثانيا : وجوب تأويل شروط عقد الاستهلاك الغامضة لفائدة المستهلك في ظل قانون 31.08
إذا كان ق.ل.ع شأن القانون المدني الفرنسي يخلو من أي نص عام يحمي الطرف الضعيف في عموم عقود الإذعان ،فإن مشرع قانون 31.08 اعتبر عقود الاستهلاك بمثابة عقود إذعان مادامت تبرم بين مستهلك يتعاقد لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلع أو خدمات وبين مورد – محترف – يتصرف ضمن نشاطه المهني أو التجاري. لذلك فقد أتى هذا القانون بعدة تدابير لحماية الطرف الأول في مواجهة الطرف الثاني، من بينها وجوب حمل الشروط الغامضة لعقود الاستهلاك على المعنى الأكثر فائدة بالنسبة للمستهلك. جاء في المادة 9 من هذا القانون :” فيما يتعلق بالعقود التي يحرر جميع أو بعض شروطها المقترحة على المستهلك كتابة ،يجب تقديم هذه الشروط وتحريرها بصورة واضحة ومفهومة، وفي حالة الشك حول مدلول أحد الشروط، يرجح التأويل الأكثر فائدة بالنسبة إلى المستهلك “.
وبذلك يكون المشرع عندنا قد تأثر بالتوجه المعاصر في قانون العقود والذي يروم حماية الطرف المستهلك في عقود الاستهلاك. جاء في المادة 5 من التوجيهية الأوروبية رقم 13.93 لسنة 1993 :” في حالة الشك في معنى شرط ما يفسر الشك لمصلحة المستهلك “.
وهكذا فقد توسع نطاق حماية عديم الخبرة من خلال قواعد التفسير، كما أكدت عليه أيضا المادة 355 من قانون 10 فبراير 1978 الفرنسي بخصوص إعلام وحماية المستهلك،والتي تجيز للقاضي إبطال أي شرط في عقود الإذعان يفضي إلى الإضرار بمصلحة المستهلك أو عديم الخبرة، أي يفضي إلى الإخلال الواضح في تكافؤ في حقوق المتعاقدين والتزاماتهم.
وهذا ما ينطوي في الحقيقة على مساس بقاعدة القوة الملزمة للعقد، مادام الشك حول مدلول عبارات عقد الاستهلاك يفسر دائما لفائدة المستهلك سواء أكان مدينا أو دائنا. ويعود السبب في ذلك إلى أن هذا الأخير لم يشارك -في الغالب – في صياغة عبارات العقد، فلا يتحمل وزر غموضها[31] ، وهذا ما سوف يحمل بدون شك المهني باعتباره الطرف القوي والذي يستقل – في العادة – بصياغة عبارات العقد، على التزام أكبر قدر من الدقة والوضوح عند قيامه بهذه المهمة.
المطلب الثاني : تأثير النظام العام الاستهلاكي على نظرية عيوب الرضا
جاء القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك بمجموعة من الآليات القانونية المرتبطة بالنظام العام، التي أثرت بشكل غير مباشر على نظرية عيوب الرضا بحيث أعادت النظر فيها بما يخدم مصلحة المستهلك، وهذا ما يفرض علينا أن نتناول هذا المطلب في فقرتين، نتطرق في الأولى لصعوبة الاعتماد على نظرية عيوب الرضا في حماية المستهلك، على أن نعرج في الفقرة الثانية لتأثر نظرية عيوب الرضا بالتوجهات الحديثة المرتبطة بالنظام العام الاستهلاكي.
الفقرة الأولى : صعوبة الاعتماد على نظرية عيوب الرضا في حماية المستهلك
يقصد بعيوب الرضا أمور تلحق إرادة أحد المتعاقدين أو كليهما فتفسد الرضا دون أن تجهز عليه، فرضا المتعاقد هنا موجود كل ما في الأمر أن إرادته لا تأتي سليمة ولم تصدر عن بينة واختيار، ولا يحول هذا دون وجود التصرف، إنما يكون لمن عيبت إرادته أن يطلب إبطال هذا التصرف، حيث يكون التصرف قابلا للإبطال[32] .
وهكذا فقد نص المشرع المغربي على نظرية عيوب الرضا في الفصل 39 من ق.ل.ع حيث جاء فيه :” يكون قابلا للإبطال الرضا الصادر عن غلط أو الناتج عن تدليس أو المنتزع بإكراه “، ومن ثم فإننا سنتطرق لكل عيب من عيوب الرضا بإيجاز، لنرى مدى قدرته على حماية المستهلك في مواجهة المهني،وذلك في نقطتين متتابعتين.
أولا : الاعتماد على نظريتي الغلط والتدليس كآليتين لحماية المستهلك
1- بالنسبة لنظرية الغلط :
يتحدد الأساس القانوني للغلط في الفصول من 39 إلى 45 من قانون الالتزامات و العقود ،والذي يعتبر وهم يتولد في ذهن الشخص فيعكس له الأمر على غير صورته الحقيقية، ويكون هذا الدافع إلى التعاقد بأن يرى فيه شيئا غير موجود في الحقيقة أو يتوهم خلوه من صفة حالة كونها تلازمه[33].
والمستهلك باعتباره شخصا عديم الخبرة والكفاءة من السهل عليه أن يقع في الغلط بشأن عقد يصعب عليه فهم بنوده وإدراك محتواه ،وهذا الغلط قد يقع فيه أي شخص عادي وجد في نفس ظروف المستهلك من حيث عدم الدراية والخبرة وقلة المعرفة القانونية والحاجة الملحة للسلعة أو الخدمة . لكن إن كان هذا الشرط لوحده فلا مشكل في ذلك، إلا أن المشرع اشترط في الفصلين 41 و 42 من ق.ل.ع أن يكون الغلط الذي وقع فيه المتعاقد هو السبب الدافع إلى الرضا، بحيث لولاه لما دخل في التعاقد أي أن يكون الغلط جوهريا .
وبالتالي نخلص إلى أن عيب الغلط من الصعب أن يعتمد عليه المستهلك في إبطال العقد في مواجهة المستهلك، نظرا لكون المشرع لم يكتفي بأن يكون هذا العيب واقعا على أحد شروط العقد، بل اشترط أن ينسحب على الصفة الجوهرية في العقد، كذلك فإن المهنيين لهم من الإمكانيات الاقتصادية والتقنية ما تجنبهم ترك مثل هذه الثغرات لينفذ منها المستهلك، لذلك فإن الأمر يتطلب تدعيم نظرية الغلط بمقتضيات حديثة تمكنها من القيام بدور أساسي في حماية المستهلك في ظل العملية الاستهلاكية الغير متكافئة.
2- بخصوص نظرية التدليس :
لقد نص المشرع المغربي على التدليس في الفصول 52 و 53 من ق.ل.ع ويتمثل التدليس في استعمال طرق احتيالية من طرف أحد المتعاقدين بقصد إيقاع الطرف الآخر في غلط يدفعه إلى التعاقد أو إصدار رضا في غير مصلحته[34] وهو الالتجاء إلى الحيلة والتضليل والخداع بقصد إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد، فهو يثير الغلط في ذهن المتعاقد عن طريق إيهامه بأمر يخالف الحقيقة ويجره بذلك إلى التعاقد[35] .
غير أن التدليس خاصة وعيوب الرضا عامة تظل غير كافية لحماية المستهلك خصوصا وأن مجال العلاقات الاقتصادية في توسع مستمر، كما أن التجربة بينت من خلال ما جاء في عيوب الإرادة التي يتضمنها ق.ل.ع عدم فعاليتها في توفير مناخ ملائم لتأكيد صحة إرادة المستهلك، فالمؤثرات الحقيقية التي تدفع بالمستهلك نحو التعاقد في وضع يميل فيه ميزان الالتزامات التعاقدية، إلى ما يحقق مصلحة المهني لا تعتبر عيوبا للإرادة وهي على الخصوص احتياج المستهلك إلى التعاقد للحصول على السلع والخدمات من جهة وضعف قدراته وعدم خبرته من جهة أخرى.
لهذا تدخل المشرع المغربي من خلال القانون رقم 31.08 والذي جاء بمجموعة من الميكانيزمات الحمائية، يهدف من خلالها تطوير وإعادة النظر في عيوب الرضا بما فيها التدليس، لما يخدم المستهلك في مواجهة المهني الذي له من الإمكانيات ما تمكنه من توجيه العملية الاستهلاكية لمصلحته، في ظل التحولات الاقتصادية التي شهدتها نظرية العقد.
ثانيا : الاستناد إلى نظريتي الإكراه والغبن في حماية المستهلك
1- بخصوص نظرية الإكراه :
يعرف الإكراه بأنه عبارة عن ضغط غير مشروع يمارس على إرادة الشخص فيولد لديه حالة من الرهبة والخوف، الأمر الذي يحمله على التعاقد[36] . وعرفه المشرع المغربي في الفصل 46 من ق.ل.ع بأنه :” إجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون، يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عملا بدون رضاه.
وبالتالي نستنتج أن الرهبة والخوف التي تتولد لدى المتعاقد جراء الإكراه الممارس ضده من طرف المتعاقد الثاني، هي التي تجعله يتعاقد دون رضاه، ومن ثم فإن الإكراه قد يكون من أقل عيوب الرضا التي يمكن أن تواجه المستهلك في العملية الاستهلاكية، لأن المهني لا يرغم المستهلك على التعاقد بتهديده في شخصه أو ماله بل يعمل على جذبه وتحفيزه على التعاقد بطرق ودية، غير أن هذا لا يعني أن الإكراه غير موجود في العقد الاستهلاكي، إذ قد يطال المستهلك إكراه من نوع آخر، وذلك عند توقيعه على عقد نموذجي لا يملك القدرة على مناقشة بنوده ويكون مضطرا لحاجته الملحة لمحل العقد.
لذلك فإن الاعتماد علي عيب الإكراه لحماية المستهلك، يتطلب من القضاء موقفا أكثر جرأة حتى يتمكن من تأويل الضغط الذي يتعرض له في علاقته بالمهني، والمتمثل في قبوله لعقد غير متوازن بمثابة إكراه وفقا للمادتين 46 و 47 من ق.ل.ع يخول إمكانية إبطال العقد. لكن هذه المبادرة من القضاء المغربي تبقى بعيدة المنال، لأنه يبقى وفيا لمقتضيات القانون المدني التي تفترض المساواة بين الأطراف المتعاقدة.
2- بالنسبة لنظرية الغبن :
يعرف الغبن بأنه عدم التعادل المادي بين الأداءات المتقابلة يؤدي إلى اختلال العقد ،وعدم التعادل المقصود ليس هو عدم التعادل العادي الذي لا تخلو منه جميع المعاملات تقريبا والذي يصعب تجنبه في كل العقود ،إنما عدم التعادل هنا يقصد به معنى خاص ولا يدخل في الاعتبار إلا إذا كان خارجا عن المألوف[37]. وفكرة الغبن تتمثل في ذلك التفاوت الصارخ بين الأداءات المتقابلة حيث يحصل الاختلال في المراكز الاقتصادية للعقد ،أما المراكز القانونية فتبقى سليمة لا عيب فيها[38].
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يقف موقفا صريحا وواضحا بحيث تذبذب بين الأخذ بالنظرية التقليدية للغبن والنظرية الحديثة (الغبن الاستغلالي)، فبالنسبة للنظرية التقليدية لم يعتد المشرع بالغبن باعتباره عيبا عاما ينبسط على العقود كالإكراه والتدليس والغلط، وإنما ربط الغبن بالتدليس ولم يأخذ بهذه النظرية إلا في عقود محددة كالغبن الذي يلحق القاصر أو ناقصي الأهلية. أما بالنسبة للنظرية الحديثة للغبن أو ما يطلق عليها اسم نظرية الاستغلال فقد أخذ المشرع بها في الفصل 54 من قانون الالتزامات و العقود، ويقصد بالغبن الاستغلالي بأنه تلك الحالة التي يضطر فيها الشخص إلى إبرام تصرف قانوني معين تحت وطأة الحاجة أو المرض أو نقص التجربة.
وقد كرس قانون حماية المستهلك نظرية الغبن الاستغلالي في فصل وحيد، وذلك في الفصل 59 من القانون رقم 31.08 حيث ينص على أنه : ” يقع باطلا بقوة القانون كل التزام نشأ بفعل استغلال ضعف أو جهل المستهلك مع حفظ حقه في استرجاع المبالغ المؤداة من طرفه وتعويضه عن الأضرار اللاحقة “.
وهكذا فإن المشرع من خلال الفصل أعلاه، قطع مع إمكانية استغلال المهني لضعف المستهلك اقتصاديا وتقنيا وكذا جهله بالكثير من الأمور، حيث ربط ذلك بالبطلان بنص القانون، وهو ما يمنع إلى حد ما المهنيين والمنتجين من استغلال المستهلك.
الفقرة الثانية : تأثر نظرية عيوب الرضا بالتوجهات الحديثة المرتبطة بالنظام العام الاستهلاكي
إذا كانت نظرية عيوب الإرادة تدخل ضمن الأسس التقليدية التي يمكن الاستناد عليها للاعتراف بوجوب حماية قانونية مباشرة للمستهلك، كمحاولة لسد إشكالية خلل وعدم توازن العقد، فإنها لوحدها ليست كافية اليوم لتوفير الحماية اللازمة للمستهلك في ظل التطورات الاقتصادية والتحولات التي رافقتها على مستوى العقود، مما جعل المشرع المغربي يصدر قانون حماية المستهلك التي ترتبط أغلب مواده بالنظام العام، مما يفرض على الأطراف الالتزام بها وعدم مخالفتها، كما أنه يضيف آليات جديدة تكرس عيوب الإرادة وتمنح للمستهلك القدرة للدفاع على حقوقه في أفق تحقيق توازن عقدي.
وبالتالي فإن التأثر الذي عرفته نظرية عيوب الرضا من خلال الآليات القانونية الحديثة المرتبطة بالنظام العام الاستهلاكي، لتدعيم رضا المستهلك ليكون رضاه حرا ومستنيرا، جعلت هذا الأخير لم يعد ينتظر تحقق إحدى عيوب الرضا وبالشروط التي نعرفها في قانون الالتزامات و العقود ليبطل العقد أو يتراجع عنه ،بل أصبح بإمكانه أن يمارس حقه في الرجوع عن العقد طبقا للمادة 36 من القانون رقم 31.08 والتحلل من التزاماته داخل الآجال والإجراءات القانونية (المواد 37 و38 من نفس القانون)،كما أنه في حالة حدوث نزاع بين المورد و المستهلك حول التقديم المسبق للمعلومات المنصوص عليها في المادة 29 وتأكيدها واحترام الآجال وكذا قبول المستهلك، فإن المادة 34 من قانون حماية المستهلك، تشير إلى أن عبء الإثبات يقع على المورد وأن كل اتفاق مخالف في هذا الإطار يعتبر باطلا و عديم الأثر[39] .
وعليه فإن المستهلك عندما يتعاقد مع المهني فهو تعاقد لحاجته لذلك المنتوج، البضاعة أو الخدمة، وقد يكون أحيانا في أمس الحاجة إليه ،مما يجعله هو المستفيد الأول من التعاقد، بحيث لا يعقل أن يتراجع عنه إلا لسبب معقول كأن تتعيب إرادته بأحد عيوب الإرادة. لذلك ففي الأحوال العادية قبل صدور القانون رقم 31.08 ،عندما يكتشف أنه وقع في أحد عيوب الإرادة يواجه مجموعة من الصعوبات للتحلل من التزامه مع المورد، لكن اليوم بصدور قانون حماية المستهلك، صارت بيده إمكانية جديدة تخوله التحلل من التزامه عندما يكتشف أنه وقع في أحد هذه العيوب، مما يجعلنا نستشف أن هذه الوسائل الحديثة جاءت لإعادة قراءة نظرية عيوب الرضا بما يوفر الحماية اللازمة للمستهلك.
خاتمة :
ختاما يمكن القول أن المشرع المغربي من خلال إحداثه للقانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك حاول بموجبه التدخل تحت غطاء النظام العام الاستهلاكي،لتحقيق العدالة التعاقدية وذلك من خلال مجموعة من الآليات التشريعية غايتها حماية المستهلكين من تعسفات المهنيين، الذين لهم من الإمكانيات المادية والتقنية ما تخولهم توجيه العقود لمصلحتهم بواسطة العقود النموذجية والإذعانية ،وذلك في ظل محدودية المبادئ التقليدية لوحدها في توفير الحماية الكافية للمستهلك.
وعليه فإن النظام العام الاستهلاكي سيلعب دورا مهما في تقوية الكفة التفاوضية للمستهلك عن طريق استعانته بالآليات التي منحه المشرع إياها، من استعمال حق التراجع ومكافحة الشروط التعسفية وغيرها، لذلك فإن إضفاء صبغة النظام العام على أغلب أحكام قانون حماية المستهلك يمنع الأطراف من إمكانية الاتفاق على مخالفة بنوده، وهو ما يخول المستهلك مجموعة من الضمانات القانونية في ممارسة التدابير الحمائية، التي جاء بها المشرع لإعادة التوازن العقدي للعلاقة الاستهلاكية.
لائحة المراجع :
- الكتب
– عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، مصادر الالتزام العقد،الجزء الأول.
– محمد الشيلح، سلطان الإرادة في ضوء ق.ل.ع المغربي أسسه ومظاهره في نظرية العقد، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، السنة الجامعية 1983-1984
– إدريس العلوي العبدلاوي، النظرية العامة للالتزام نظرية العقد، مطبعة النجاح، الطبعة الأولى، 1996
– محمد الشرقاني، نظرية العقد في قانون الالتزامات و العقود وأحكام القضاء والتشريع المقارن، دار وليلي للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، مراكش، 1996
– عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزامات، الكتاب الأول، نظرية العقد، مطبعة دار الأمان، الطبعة الرابعة 2014 الرباط
– نزهة الخلدي، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام، الكتاب الأول، مطبعة تطوان، الطبعة الثانية، 2015
– عبد الحق الصافي، الوجيز في القانون المدني، الجزء الأول المصادر الإرادية للالتزام، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2016
– أبو بكر مهم ، حماية المستهلك المتعاقد، مطبعة الكرامة، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2017
- الرسائل الجامعية
– أبو جعفر عمر المنصوري، فكرة النظام العام والآداب العامة في القانون والفقه مع التطبيقات القضائية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، 2002-2003
– بوشعيب بلقاضي، المسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة – دراسة مقارنة -أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاضي عياض، كلية الحقوق مراكش ،2012/2013
– عمر الموساوي ، مفهوم النظام العام في قانون حماية المستهلك، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون تخصص قانون الأعمال، الكلية المتعددة التخصصات، جامعة عبد المالك السعدي -تطوان-،2015-2016.
– نزهة الخالدي،الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية، “عقد البيع نموذجا “،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس أكدال، الرباط، 2004
– مجاهدين خالد، مفهوم النظام العام في العقد، رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، 2004- 2005
– أيوب العنتير، التوازن العقدي بين قواعد قانون الالتزامات و العقود وقانون تدابير حماية المستهلك، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص قانون الأعمال والمقاولات ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،جامعة محمد الخامس السويسي الرباط،السنة الجامعية 2011-2012
- المقالات
– جمال النكاس، حماية المستهلك وأثرها على النظرية العامة للعقد في القانون الكويتي، مجلة الحقوق، العدد الثاني، يونيو 1989
– أبو بكر مهم، قراءة في المقتضيات المتعلقة بالبيع عن بعد، مجلة الدفاع، العدد 6 سنة 2011
الفهرس
المبحث الأول : خضوع مبدأ سلطان الإرادة لفكرة النظام العام الاستهلاكي. 4
المطلب الأول : مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في ظل النظام العام الاستهلاكي. 4
المطلب الثاني : تأثير النظام العام الاستهلاكي على مبدأ نسبية آثار العقد 7
الفقرة الأولى : مبررات ضعف مبدأ نسبية آثار العقد 8
الفقرة الثانية : حماية المستهلك عن طريق التوسع في مبدأ نسبية آثار العقد 8
المبحث الثاني : البعد الجديد للنظريات التقليدية على ضوء القانون 31.08. 12
المطلب الأول : تأثر نظرية التعسف في استعمال الحق بالنظام العام الاستهلاكي. 12
الفقرة الأولى : محدودية نظرية التعسف في استعمال الحق عن حماية المستهلك. 12
الفقرة الثانية : آليات النظام العام الاستهلاكي في إعادة قراءة نظرية التعسف في استعمال الحق. 13
المطلب الثاني : تأثير النظام العام الاستهلاكي على نظرية عيوب الرضا 17
الفقرة الأولى : صعوبة الاعتماد على نظرية عيوب الرضا في حماية المستهلك. 17
الفقرة الثانية : تأثر نظرية عيوب الرضا بالتوجهات الحديثة المرتبطة بالنظام العام الاستهلاكي. 20
[1] – عمر الموساوي، مفهوم النظام العام في قانون حماية المستهلك، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون تخصص قانون الأعمال، الكلية المتعددة التخصصات، جامعة عبد المالك السعدي -تطوان-،2015-2016 ص 6.
[2]– مجاهدين خالد، مفهوم النظام العام في العقد، رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، 2004-2005 ص 29.
-[3] مجاهدين خالد، مرجع سابق، ص 27.
[4] – محمد الشيلح، سلطان الإرادة في ضوء ق.ل.ع المغربي أسسه ومظاهره في نظرية العقد، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، السنة الجامعية 1983-1984 ص .188
[5] – محمد الشرقاني، نظرية العقد في قانون الالتزامات و العقود وأحكام القضاء والتشريع المقارن، دار وليلي للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، مراكش، 1996 ص 57.
[6] – محمد الشرقاني، مرجع سابق، ص 157.
[7] – أبو جعفر عمر المنصوري، فكرة النظام العام والآداب العامة في القانون والفقه مع التطبيقات القضائية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، 2002-2003 ص 27.
[8] – عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزامات، الكتاب الأول، نظرية العقد، مطبعة دار الأمان، الطبعة الرابعة 2014 الرباط، ص 316.
[9] – عبد القادر العرعاري، مرجع سابق، ص 317.
[10] – جمال النكاس، حماية المستهلك وأثرها على النظرية العامة للعقد في القانون الكويتي، مجلة الحقوق، العدد الثاني، يونيو 1989 ص 96.
[11] – نزهة الخلدي، الموجز في النظرية العامة للإلتزامات، مصادر الإلتزام، الكتاب الأول، مطبعة تطوان، الطبعة الثانية، 2015 ص 125.
[12] – أبو جعفر عمر المنصوري، مرجع سابق، ص 31.
[13] – يعرف حق التراجع بأنه :” ميزة قانونية أعطاها المشرع للمستهلك في التراجع عن العقد، بعد أن أبرم العقد صحيحا أو قبل إبرامه،دون أن تترتب على ذلك مسؤولية المستهلك عن ذلك التراجع أو مسؤولية المتعاقد الآخر، عما قد يصيبه من أضرار.
[14] – وفي نفس الإطار يقول ذ J.C.Auloy ” صحيح أن قانوننا بفرضه على البائع أن يقدم جدولا (barème un)،كان يسعى إلى إعلام المستهلك بصفة مسبقة حول شروط القرض المقترح عليه، ولكن هذا ليس كافيا، لأنه من النادر أن يفكر المستهلك قبل أن يوقع، بل هو يفعل ذلك بعد التوقيع.
[15] – تنص المادة 85 من القانون على ما يلي :” … ولممارسة الحق في التراجع، يرفق العرض المسبق باستمارة قابلة للاقتطاع “.
[16] – تنص الفقرة الأخيرة من المادة 85 على ما يلي :” يلزم المقترض، في حالة التراجع، بإيداع الاستمارة مقابل وصل يحمل طابع وتوقيع المقرض “.
حدد القرار المشترك لوزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي ووزير الاقتصاد والمالية رقم 14.4031 الصادر في ربيع الأول 1436 الموافق ل 29 ديسمبر 2014 نماذج العروض المسبقة للقروض واستماراتهم للتراجع القابلة للاقتطاع. (ج ر عدد 6400 بتاريخ 17 ذو الحجة 1436 لموافق لفاتح أكتوبر 2015 ،ص 8140 ).
[17] – أبو بكر مهم، مرجع سابق، ص 99.
[18] – يكون الشرط تعسفيا بمجرد ما يكون الغرض منه خلق اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك وبالتالي يجب طلب إبطاله ولا يجب أن ننتظر إلى حين إنتاج آثاره.
[19] – تنص المادة 20 من قانون حماية المستهلك على أنه :” تعتبر أحكام هذا القسم من النظام العام “.
[20] – عبد القادر العرعاري،مرجع سابق، ص 330.
[21] – مثل البيع خارج المحلات التجارية والعقود المبرمة عن بعد.
[22] – بوشعيب بلقاضي، المسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة – دراسة مقارنة -أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاضي عياض، كلية الحقوق مراكش ،2012/2013 ص 158.
[23] – ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول1432(18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك .
[24] – أبو بكر مهم ، حماية المستهلك المتعاقد، مطبعة الكرامة، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2017 ص 13.
[25] – حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء، عدد 72/2006 بتاريخ 2/1/2006 ملف تجاري رقم 2879 /16/2005 بين شركة صافولا وشركة لوسيور كريسطال، أورده مريم خليفة، حسن النية في تنفيذ العقد، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات، السنة 2007 /2008 ص 48.
[26] – عبد الحق الصافي، الوجيز في القانون المدني، الجزء الأول المصادر الإرادية للالتزام، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2016 ص 298.
[27] – أبو بكر مهم، مرجع سابق، ص 231.
[28] – نزهة الخالدي،الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية، “عقد البيع نموذجا “،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس أكدال، الرباط، 2004، ص 71.
[29] – أيوب العنتير، التوازن العقدي بين قواعد قانون الالتزامات و العقود وقانون تدابير حماية المستهلك، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص قانون الأعمال والمقاولات ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،جامعة محمد الخامس السويسي الرباط،السنة الجامعية 2011-2012 ص 101.
[30] – عبد الحق الصافي،مرجع سابق، ص 301.
[31] – عبد الحق الصافي ،مرجع سابق، ص 303.
[32] – إدريس العلوي العبدلاوي، النظرية العامة للالتزام نظرية العقد، مطبعة النجاح، الطبعة الأولى، 1996 ص 329.
[33] – إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص 332.
[34] – عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، مصادر الالتزام العقد،الجزء الأول، ص 342.
[35] – إدريس العلوي العبدلاوي، مرجع سابق، ص 361.
[36] – عبد القادر العرعاري، مرجع سابق، ص 159.
[37] – إدريس العلوي العبدلاوي،مرجع سابق، ص 398.
[38] – عبد القادر العرعاري، مرجع سابق، ص 125.
[39] – أبو بكر مهم، قراءة في المقتضيات المتعلقة بالبيع عن بعد، مجلة الدفاع، العدد 6 سنة 2011 ،ص 80.