الوساطة الجنائية
التشريع الفرنسي و التونسي نموذجا
الدكتور العابد العمراني الملودي
إن من أهم الظواهر القانونية المعاصرة ظاهرة الانفتاح على الوسائل البديلة لحل النزاعات تفاديا لتعقيدات القضاء و كثرة شكلياته و العواقب التي تنجم عنها، لذلك قامت مجموعة من النظم القانونية بتبني نظام الوساطة في فروع القانون المختلفة ، في المواد المدنية والعائلية الإدارية و أيضا في المادة الجنائية . وبالرغم من كون الوساطة تقوم على فكرة واحدة إلا أن نظامها يتأثر بتأثر المجال الذي تطبق فيه وتستمد منه مبادئها و أحكامها، فالوساطة في المجال الجنائي هو نظام مستقل قائم بذاته و له مفهوم خاص يختلف به عن باقي أنواع الوساطة. وقد تبنت مجموعة من التشريعات الوساطة الجنائية ضمن منظومتها القانونية ومن بينها يوجد التشريع الفرنسي و التونسي كتجربتين مختلفتين سوف نقوم بدراستهما لكن قبل ذلك سوف نقوم بالتعريف بالوساطة الجنائية و بتحديد ماهيتها.
المبحث الأول : ماهية الوساطة الجنائية
تنفرد الوساطة في المادة الجنائية بمفهوم خاص يرجع أساسا إلى المجال الذي تطبق فيه الذي هو مرتبط بحق الدولة في العقاب فما هو مفهوم الوساطة الجنائية ؟ وما هي علاقتها بحق الدولة في العقاب؟
المطلب الأول : مفهوم الوساطة الجنائية
إن تحديد مفهوم الوساطة الجنائية يقتضي التعريف بهذا النظام، (الفقرة الأولى) و البحث في تاريخه و نشأته(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تعريف الوساطة الجنائية
الوساطة لغة مأخوذة من كلمة وسط (بفتح السين)، ويقال وسط الشيء أي ما بين طرفيه كقولك قبضت وسط الحبل. أما الوسط بسكون السين فهو ظرف مكان و من ذلك جلست وسط القوم أي بينهم، وفي الحديث أتى الرسول صلى الله عليه وسلم وسط القوم أي بينهم، ووسوط الشمس توسطها في السماء و الوسط من كل شيء أعدله و منه قول الله تعالى “و كذلك جعلناكم أمة وسطا” . والوسيط هو المتوسط بين المتخاصمين أي عمل الوساطة وأخذ بين الجيد والرديء[1].
والوساطة اصطلاحا هي:”تدخل في نزاع أو تفاوض يقبل الأطراف أن يقوم به طرف ثالث من صفاته أن يكون غير منحاز، حيادي ولا يملك السلطة أو القوة لصنع القرار، و ذلك بهدف مساعدتهم على الوصول إلى اتفاقية خاصة بهم و مقبولة منهم”[2]. كما يمكن تعريف الوساطة عموما بأنها وسيلة بديلة عن القضاء لحل النزاعات يقوم بها شخص يسمى الوسيط يعمل على تسهيل الحوار بين الأطراف المتنازعة في سبيل التوصل إلى حل للنزاع القائم بينهم.
و الوساطة الجنائية كما عرفها الفقيه عادل علي المانع بأنها “العمل عن طريق تدخل شخص من الغير
يسمى ( الوسيط)على الوصول إلى حل لنزا ع نشأ عن جريمة –غالبا ما تكون بسيطة أو متوسطة الخطورة – يتم التفاوض بشأنه بحرية بين الأطراف المعنية ، حيث كان من المقرر أن يفصل في هذا النزاع بواسطة المحكمة الجنائية المختصة”[3] وهي أيضا نظام قانوني مستحدث ، يهدف إلى حل الخصومات الجنائية بغير الطرق التقليدية ودون حاجة إلى مرورها بالإجراءات الجنائية العادية المتمثلة في التحقيق والاتهام ثم المحاكمة، فهو إجراء يجد مكانه خارج إطار السلطة القضائية على الرغم من بقائه تحت رقابتها ، فالسلطة القضائية هي التي تأذن به وتصادق على نهايته. كما يمكن تعريفها بأنها وسيلة لحل النزاعات الجنائية التي تقبل بطبيعتها التصالح عليها، وذلك بتدخل طرف ثالث مغاير عن النزاع يقوم بمساعدة الأطراف على التوصل إلى حل للنزاع القائم بينهم ، وذلك بغية الحفاظ على الروابط الاجتماعية و جبرالضرر الذي لحق بالضحية.
الفقرة الثانية نشأة وتطور الوساطة الجنائية
لقد كان للشريعة الإسلامية فضل السبق في تبني فكرة الوساطة الجنائية حيث جاء في قول الله عز وجل “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما”[4] .وهو ما أكدت السيرة النبوية حيث روِي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرّم حلالاً، أو أحلّ حراما”[5].ً
لكن التطبيق القانوني لنظام الوساطة الجنائية ظهر في الأنظمة الأنجلوسكسونية في السبعينيات من هذا القرن في كندا ثم في أمريكا حيث كانت إجراءات الوساطة تطبق بداية بشكل منفصل بين الطرفين، ثم أخدت فيما بعد مجرى المواجهة بين أطراف النزاع ، و تطورت البرامج المتعلقة بالوساطة الجنائية و انتشرت في أمريكا و إنجلترا ووصلت برامج الوساطة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى ما يزيد عن 294 برنامج في عام 1994 . ثم امتد هذا النظام في معظم دول أوروبا، حيث بدأت السياسة الجنائية في معظم دول العالم تأخذ به[6]. وقد وجدت هذه السياسة أصدائها في المؤتمرات الدولية ، حيث ناشدت هيئة الأمم المتحدة دول العالم عبر مؤتمراتها إلى تبني منحى الفكر التصالحي، عبر إنهاء الخصومة الجنائية بأسلوب بديل عن الإجراءات الجنائية التقليدية التي تمكن من إلحاق العقاب بالجاني، و من ذلك التوصية الصادرة عام 1987بشأن أهمية تنظيم الوساطة بين أطراف الدعوى العمومية ، و التوصية الصادرة سنة 1989بشأن ضرورة تطوير إدارة الدعوى العمومية عن طريق إجراءات غير الإجراءات التقليدية ومنها الوساطة و التصالح بين الأطراف المتنازعة، و التوصية التي جاء بها مؤتمر فيينا لعام 2000 حيث تم إعطاء موعد نهائي عام 2002 لتبني ” خطط عمل وطنية و إقليمية ودولية لدعم ضحايا الجريمة تشمل على آليات للوساطة والعدالة التصالحية.”[7]
المطلب الثاني علاقة الوساطة الجنائية بحق الدولة في العقاب.
إن سلطة المجتمع في العقاب تنشأ بمجرد وقوع الجريمة كرد فعل عن الاضطراب الذي تحدثه في هذا المجتمع ، فيلجأ إلى استعمال سلطته في العقاب عن طريق دعوى جنائية تنوب النيابة العامة عنه و تمثله في مباشرتها . و تعتبر الدعوى الجنائية الطريق الطبيعي التي تسلكه الدولة للمطالبة بحقها في العقاب ، بل اعتبرها بعض الفقه الطريق الوحيد الذي إذا ما انغلق أصبح متعذرا عليها استيفاء هذا الحق، ومع ذلك قد يعترف القانون أحيانا بطرق استثنائية يمكن للدولة عن طريقها اقتضاء حقها في العقاب بدون لجوء إلى الدعوى وذلك عبر ما يسمى ببدائل الدعوى الجنائية، ومن بين هذه البدائل نجد الوساطة الجنائية التي تعتبر وسيلة بديلة عن الدعوى الجنائية لاقتضاء الدولة حقها في العقاب (الفقرة الأولى) لكنها لا تعتبر وسيلة لانقضاء هذا الحق في العقاب (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الوساطة الجنائية وسيلة بديلة لاقتضاء حق الدولة في العقاب
إن حق الدولة في العقاب هو في الأصل حق قضائي أي لا يستوفى و لا يقتضى إلا باللجوء إلى القضاء الذي يصدر أحكاما تمكن من تنفيذ هذا الحق عبر تطبيق العقوبة على الجاني ، لكن قد يسمح القانون أحيانا باللجوء إلى أساليب أخرى غير الدعوى الجنائية ، ومن بين هذه الأساليب توجد الوساطة الجنائية ، فهي تعتبر من أبرز مظاهر السياسة الجنائية الحديثة التي تمكنت من تغيير بعض القواعد العامة السائدة في القوانين الجنائية و أبرزها كون الدعوى الجنائية هي الطريق الوحيد لاستيفاء الدولة حقها في العقاب . و لما كانت هذه الوسائل و من بينها الوساطة الجنائية استثناءا على مبدأ قضائية حق الدولة في العقاب فإنها لا تطبق إلا في نطاق ضيق و على الجرائم البسيطة والتي تسمح بتحقيق الهدف الذي استحدثت من أجله .
الفقرة الثانية:الوساطة الجنائية ليست سببا لانقضاء حق الدولة في العقاب
بخلاف الصلح الجنائي الذي يترتب عنه انقضاء حق الدولة في العقاب[8] و انقضاء الدعوى العمومية حيث أكدت ذلك مجموعة من التشريعات و في مقدمتها التشريع المصري الذي نص صراحة من خلال المادة 18 مكرر في فقرتها الأخيرة من قانون الإجراءات الجنائية على أنه “يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية و لو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر “[9]. إذ أن الصلح الجنائي ينتج أثره في انقضاء الدعوى الجنائية سواء قبل أو بعد رفع الدعوى الجنائية، فإذا ما وقع الصلح قبل رفع الدعوى لم يجز رفعها ولصاحب الشأن أن يدفع بسبق الصلح فيها وللمحكمة أن تقضي بعدم قبولها ، أما إذا ما وقع الصلح بعد رفعها وقبل صدور حكم بات فيها فإنه يتعين الحكم بانقضائها بالصلح ولو كانت مرفوعة أمام محكمة النقض[10]. و بذلك فالصلح يعتبر سببا من أسباب انقضاء حق الدولة في العقاب .
في حين أن الوساطة الجنائية لا تعتبر سببا من أسباب انقضاء حق الدولة في العقاب حيث يبقى للنيابة العامة حق تحريك الدعوى الجنائية متى تبين لها ذلك مناسبا و في أية مرحلة من مراحل مفاوضات الوساطة و لو بعد توصل الأطراف إلى اتفاق بينهم حول موضوع النزاع ، وذلك لما تتوفر عليه من سلطة الملائمة التي تقتضي منها التأكد من تحقيق الوساطة لأهدافها و المتمثلة في جبرر الضرر للضحية و إعادة إدماج الجاني وإعادة لحالة لما كانت عليه قبل ارتكاب الفعل الجرمي، وهذا ما أكده القانون الفرنسي من خلال المادة 41-1 من قانون الإجراءات الجنائية و التي نصت في فقرته الأخيرة على أن ” النائب العام يستطيع قبل أن يتخذ قراره بشأن الدعوى العمومية اللجوء و بموافقة الأطراف إلى الوساطة إذا ظهر له أن هذا الإجراء من شأنه أن يضمن إصلاح الضرر المسبب للضحية و أن يضع حدا للاضطراب الناشئ عن الجريمة و أن يساهم في إعادة إدماج الجاني”[11].
المبحث الثاني : الوساطة الجنائية في التشريع الفرنسي
تعتبر الوساطة الجنائية أحد الحلول البديلة عن الدعوى العمومية لحل النزاعات الجنائية، و ذلك استجابة لضرورة تبني سياسة جنائية تقوم على المصالحة بين أفراد المجتمع وجبر الضرر بالنسبة للضحية وإعادة إدماج الجاني .
وتعتبر التجربة الفرنسية رائدة في مجال الوساطة الجنائية حيث تم تطبيق نظام الوساطة الجنائية في فرنسا قبل صدور أي سند تشريعي يجيز هذا الإجراء وذلك عبر جمعيات مساندة الضحية [12]، مما أدى إلى تدخل المشرع لتقنينها و تنظيمها من خلال القانون الصادر في 4 يناير 1993 المعدل للمادة41-1 من قانون الإجراءات الجنائية [13]. و من ذلك الحين توالت مجموعة من القوانين المعدلة و المتممة للقانون المؤسس لها ، ومن هذه القوانين نجد المرسوم رقم 96-305 الصادر في 10 أبريل 1996 و الذي حدد الشروط الواجب توفرها في الوسيط ، ثم القانون رقم 99-515 الصادر في 23 يونيو 1999 و الذي عدل بموجبه المادة1-41 من قانون الإجراءات الجنائية، و أيضا المرسوم رقم 01-71 في 29 يناير 2001 الذي عدل بموجبه الأحكام المتعلقة باعتماد الوسطاء و كيفية اختيارهم والقانون رقم 291-2007 و الذي عدل بموجبه شروط الوساطة[14] . فماهي شروط الوساطة في التشريع الفرنسي ؟ و ماهي إجراءاتها ؟
المطلب الأول : شروط الوساطة الجنائية في التشريع الفرنسي
حدد المشرع الفرنسي شروط تطبيق الوساطة الجنائية دون تحديد الجرائم التي تخضع لها بل ترك ذلك لتقدير النيابة العامة، وتتمثل عموما هذه الشروط في شروط متعلقة بأهداف الوساطة و أخرى بالوسيط.
الفقرة الأولى: الشروط المتعلقة بأهداف الوساطة
قيد المشرع الفرنسي تطبيق نظام الوساطة الجنائية بضرورة تحقيقها للأهداف المتوخاة منها والمنصوص عليها في المادة41-1 من قانون الإجراءات الجنائية والمتمثلة في إصلاح الضرر الذي ألحق بالضحية و إنهاء الاضطراب الناتج عن الجريمة و إعادة إدماج الجاني.
أولا : إصلاح الضرر الذي لحق بالضحية
تهدف الوساطة الجنائية إلى جبر الضرر الذي لحق بالضحية ، وهذا الجبر لا يتم فقط بالتعويض المالي الذي تقدره الضحية بحسب ما لحق بها من خسارة، بل يمكن لجبر الضرر أن يأخذ أشكالا مختلفة مثل الاعتذار الكتابي أو الشفهي أو قيام الجاني بعمل لصالح الضحية ، لذلك فإن تقدير هذا الضرر و تقييمه يكون عبر الحوار الذي يتم في إطار الوساطة بين الجاني و الضحية.
وجبر الضرر لا يتم بالنسبة للجرائم التي لا تقبل بطبيعتها هذا الجبر، فالقتل مثلا لا يمكن أن يترتب عنه جبر الضرر نتيجة لاستحالة ذلك بالنسبة للضحية في حين يمكن أن يتم بالنسبة لورثتها. لذلك فإن النيابة العامة تقوم من خلال سلطة الملائمة التي تتمتع بها بالتثبت من الجرائم التي تقبل بطبيعتها جبر الضرر[15].
ثانيا : إنهاء الاضطراب الناشئ عن الجريمة
إن إنهاء الاضطراب الناشئ عن الجريمة مرتبط بنوع الجريمة التي يمكن أن تكون محلا للوساطة الجنائية، فكلما كانت الجريمة بسيطة كلما كان إنهاء الاضطراب الناشئ عنها سهلا و ممكنا، في حين إذا كانت الجريمة جسيمة وتمس قواعد النظام العام فإن إنهاء حالة الاضطراب لا يكون إلا بتطبيق العقوبة الجنائية التي تهدف في الأصل إلى إنهاء الاضطراب الاجتماعي و إعادة الاستقرار للمجتمع ، أما الاضطراب الناتج عن بعض الجرائم البسيطة التي تمس ببعض العلاقات الاجتماعية كالأسرة أو الجيران أو العمال فإن إزالة الاضطراب يكون أكثر نجاعة بسلوك مسطرة الوساطة و التوصل إلى حل يبقي على الروابط الاجتماعية[16].
ثالثا : إعادة إدماج الجاني
جعل المشرع الفرنسي إعادة إدماج الجاني شرطا من شروط الوساطة الجنائية ، إذ تنمي لديه روح المسؤولية و تحسسه بجسامة الفعل الضار الذي نتج عن الجريمة، عبر تهديده في حالة عدم تنفيذه للإلتزمات الناشئة عن مفاوضات الوساطة بالرجوع إلى الدعوى العمومية و ما يمكن أن ينتج عنها من عقوبات جنائية .
و قد أثارت هذه الشروط عموما مجموعة من الإشكالات أهمها ما إذا كانت واردة على سبيل الجمع أو على سبيل التخيير إذ أن المادة 41-1من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسية المعدلة بقانون 99-515 قد فصلت بين هذه الشروط ب أو بدل الواو مما أثار جدلا فقهيا حول نية المشرع من هذا التعديل[17] .
فقد اتجه بعض الفقه إلى اعتبار هذه الشروط تبادلية إذ يكفي تحقق أحدها أو بعضها لتتمكن النيابة العامة من الدعوة للوساطة الجنائية[18] ، في حين اعتبر اتجاه فقهي آخر أن هذا التعديل قد مس بأهداف الوساطة الجنائية التي تقضي مراعاة مصلحة الضحية و الجاني و المجتمع، و دعا إلى ضرورة تحقق هذه الأهداف مجتمعة لكي تتمكن الوساطة الجنائية من تحقيق فعاليتها[19].
الفقرة الثانية : الشروط المتعلقة بالوسيط
يعتبر الوسيط جوهر عملية الوساطة إذ يساهم في تيسير الحوار بين الأطراف المتنازعة و إعادة بناء الثقة بينهم وتبصيرهم بالإشكالات المتعلقة بالنزاع و مساعدتهم على إيجاد الحل المناسب لهم ، لهذا قام المشرع الفرنسي بتحديد مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوفر في الوسيط الجنائي ،وهي شروط شكلية وأخرى موضوعية .
أولا : الشروط الشكلية
حدد المشرع الفرنسي الشروط الشكلية التي يجب أن تتوفر في الوسيط الجنائي عبر المرسوم 1-71 الصادر في 29يناير2001 ، وهي:
- عدم ممارسة مهنة قضائية وتمثل هذه المهنة ليست فقط في مهنة القاضي بل كل مهنة مرتبطة بالقضاء كمهنة المحامي أو الخبير القضائي أو كاتب الضبط.
- عدم التعرض للإدانة.
- العلم بالقواعد المسطرة الجنائية.
إضافة على هذه الشروط التي يجب أن تتوفر في الوسيط سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، أضاف المشرع الفرنسي شروطا شكلية خاصة فقط بالوسيط كشخص معنوي وهي:
– تقديم نسخة من الجريدة الرسمية التي تتضمن نشر الإعلان القاضي بتأسيس الجمعية أو مستخرج من سجل الجمعيات لدى المحكمة.
– تقديم نسخة من القانون الأساسي المنظم للجمعية.
-تحديد مكان الجمعية .
– تحديد أعضاء مجلس إدارة الجمعية و مكتبها والممثلين المحليين لها إن وجدوا[20] .
بالإضافة إلى هذه الشروط الشكلية أضاف المشرع الفرنسي شروط أخرى موضوعية .
ثانيا : الشروط الموضوعية:
إن الشروط الموضوعية المتعلقة بالوسيط هي عبارة عن شروطا عامة يجب أن تتوفر في الوسيط سواء كان مختصا في الوساطة الجنائية أو غيرها من أنواع الوساطة وهذه شروط هي:
- شرط الاستقلال: أي انعدام أية صلة بين الوسيط وأطراف النزاع سواء كانت هذه الصلة عبارة عن قرابة أو مصاهرة أو أية علاقة أخرى. و شرط الاستقلال يضمن شرط الحياد.
- شرط الحياد: ويعني بأن الوسيط هو ملزم أثناء عملية تسيير مفاوضات الوساطة أن يقوم بذلك بشكل حيادي و نزيه دون تغليب طرف على طرف، والحياد يعني أيضا أن دور الوسيط ينحصر في تسيير مفاوضات الوساطة و التقريب بين وجهات نظر الأطراف المتنازعة، دون إجبار أحدهما على القبول بحل معين ، و يعني أيضا أن الوسيط يجب أن يبتعد عن إصدار أحكام أو تقديم النصح المهني أو القانوني لأطراف النزاع، كما أن شرط الحياد يقتضي أيضا عدم مشاركة الوسيط في أية وساطة تهم نزاعا قد تم في إطاره تقديم المشورة المهنية أو القانونية لأحد أطرافها.
المطلب الثاني :إجراءات الوساطة الجنائية في التشريع الفرنسي
نظم المشرع الفرنسي إجراءات الوساطة الجنائية في مرحلتين: الأولى تتمثل في إجراءات تمهيدية للوساطة الجنائية، و الثانية تتجلى في مرحلة مفاوضات الوساطة الجنائية و نهايتها.
الفقرة الأولى : الإجراءات التمهيدية للوساطة الجنائية
خول المشرع الفرنسي للنيابة العامة من خلال سلطة الملائمة التي تتمتع بها حرية اختيار الإجراء المناسب للجرائم المرتكبة، فإما أن تباشر في حقها إجراءات الدعوى العمومية أو أن تأمر بحفظ القضية إذا كانت عناصر الجريمة غير مكتملة أو كانت من الجرائم البسيطة جدا، أو أن تقوم بسلك إجراءات بديلة عن الدعوى العمومية و عن الأمر بالحفظ إذا كانت الشروط القانونية في ذلك متوفرة ، ومن بين هذه الإجراءات يوجد نظام الوساطة الجنائية الذي يكون بمبادرة من النيابة العامة أو من الأطراف أو أحدهما، والنيابة العامة يجب عليها أن تتأكد من موافقة الأطراف بهذا الإجراء البديل، ولا تشترط المادة41-1 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي أن تكون هذه الموافقة كتابة لكن يفترض أن تكون كذلك لتثبت من سلامة عنصر الرضا في القبول بها[21] .
لكن قبل الحصول على موافقة الأطراف تقوم النيابة العامة بشرح نظام الوساطة الجنائية والغاية منها، وبعد قبول الأطراف بهذا الإجراء تقوم بتعيين الطرف الوسيط من بين قائمة الوسطاء المعتمدة من قبل الجمعية العامة للقضاة[22]، ولأن الوساطة الجنائية تقوم على مبدأ الرضائية فلا يجوز إجبار الأطراف بقبول وسيط معين كما يمكن للوسيط الذي تم تعيينه من قبل النيابة العامة رفض هذا التعيين لأي سبب يراه.
الفقرة الثانية: الإجراءات المتعلقة بمفاوضات الوساطة
أثناء هذه المرحلة يقوم الوسيط الذي تم تعيينه من قبل النيابة العامة بعد اضطلاعه على نوع النزاع وطبيعته بتحديد الوقت والمكان المناسبين للبداية في مفاوضات الوساطة، وللوسيط سلطة تقديرية في الجمع بداية بين الأطراف أو مقابلة كل طرف على حدة ، وهو يهتدي في ذلك بدرجة وحدة ونوع النزاع، وأثناء المقابلة الأولى مع الأطراف يقوم الوسيط بشرح عملية الوساطة لهم و الفائدة منها كما يقوم بطرح الخيارات المناسبة لهم دون أن يمس ذلك بمبادئ الاستقلال و الحياد.
و يقوم الوسيط بتنبيه الأطراف بحقهم بالاستعانة بمحام، و حضوره هو بمثابة ضمانة لهم لتحديد الحلول المناسبة لهم. و يقتصر مع ذلك دور المحامي في التوضيح و المساعدة دون التمثيل والدفاع [23].
كما يحاول الوسيط أثناء هذه المرحلة من التقريب بين وجهات نظر الأطراف المتنازعة، ويكون ذلك عن طريق تبني قواعد الحوار كتحديد من سيبدأ الكلام أولا و الوقت الذي سيستغرقه و كيفية الرد على الأسئلة التي سيطرحها الأطراف ، وفي حالة توصل الأطراف إلى اتفاق بينهم فإن المادة41-1 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي تلزم الوسيط بتدوين كافة الإجراءات المتعلقة بالوساطة في محضر رسمي يحمل توقيعه و توقيع الأطراف، يتم تسليم نسخة منه للأطراف[24]، ومع ذلك فإن النيابة العامة تقرر ما تراه مناسبا في الدعوى فيمكن لها أن تأخذ بهذا الاتفاق إذا تبين لها تحقيقه لغاية و أهداف الوساطة الجنائية و عدم تناقضه مع القوانين و قواعد النظام العام، كما يمكن لها أن تحرك إجراءات الدعوى العمومية في حالة وجود هذا التناقض أو في حالة وجود عناصر جديدة في الجريمة أو أن تأمر بحفظ الدعوى.
كما تقوم النيابة العامة في حالة قبولها بهذا الاتفاق من التأكد من تنفيذ الالتزامات التي تم الاتفاق عليها بالشكل الصحيح و متابعة تنفيذه تحت إشرافها، وغالبا ما تعهد بذلك للوسيط الذي تولى إجراءات الوساطة [25]، و عدم تنفيذ الأطراف لهذه الالتزامات يخول للنيابة العامة صلاحية البدء في الدعوى العمومية من جديد أو الأمر بحفظ الدعوى.أما في حالة فشل الأطراف في التوصل إلى اتفاق بينهم فإن الوسيط يقوم بإعلام النيابة العامة لتتخذ الإجراء المناسب للنزاع [26].
المبحث الثالث: الوساطة الجنائية في النظام القانوني التونسي
أحدث نظام الوساطة الجنائية بتونس أول مرة في مجلة حماية الطفولة تحديدا في الباب الثالث المتعلق بحماية الطفل الجانح سنة 1995، و قد عرفها الفصل 113 من هذه المجلة بأنها “آلية ترمي إلى إبرام الصلح بين الطفل الجانح و من يمثله قانونا وبين المتضرر أو من ينوب عنه أو ورثته. و تهدف إلى إيقاف التتبعات الجزائية أو المحاكمة أو التنفيذ”.[27]ثم أضاف المشرع التونسي نظام الصلح بالوساطة في المادة الجزائية بالنسبة لأشخاص الراشدين وذلك من خلال القانون رقم 93 الصادر في29 أكتوبر 2002[28] حيث حدد هذا القانون شروط الصلح بالوساطة الجنائية والإجراءات التي تخضع لها.
المطلب الأول: شروط الصلح بالوساطة الجنائية
نص الفصل 335 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية التونسية على أنه “يهدف الصلح بالوساطة في المادة الجزائية إلى ضمان جبر الأضرار الحاصلة للمتضرر من الأفعال المنسوبة للمشتكي به مع إذكاء الشعور لديه بالمسؤولية والحفاظ على إدماجه في الحياة الاجتماعية “[29] فمن منطوق هذا الفصل نستنتج أن الصلح بالوساطة في المادة الجزائية يقوم على ازدواجية الهدف المتمثل في حصول جبر الضرر للضحية، والحفاظ على إدماج الجاني في المجتمع، وبالتالي فإن الصلح بالوساطة الجنائية في التشريع التونسي يقتضي توفر مجموعة من الشروط متمثلة في : ضرورة وجود جريمة معينة ونسبتها لشخص معين ووجود ضرر حاصل لشخص معين، أي شروط مرتبطة بوجود جريمة معينة وأخرى بأطراف النزاع.
الفقرة الأولى : الشروط المرتبطة بوجود جريمة معينة
بخلاف التشريع الفرنسي الذي لم يحدد الجرائم التي تخضع لنظام الوساطة الجنائية، فإن الفصل 335 ثالثا من مجلة الإجراءات الجزائية التونسية أكد على أن “لوكيل الجمهورية عرض الصلح بالوساطة في المادة الجزائية على الطرفين وذلك في مادة المخالفات وفي الجنح المنصوص عليها بالفقرة الأولى من الفصل 218 و الفصول 220 و225 و247 و248 و255 و256 و277 و280 و282 و286 و293 والفقرة الأولى من الفصل 297 والفصول 298 و304 و309 من المجلة الجزائية وفي القانون عدد22 لسنة 1962 المؤرخ في 24ماي 1962 المتعلق بجريمة عدم إحضار المحضون”[30] .
و من خلال منطوق هذا الفصل نستنتج أن المشرع التونسي أجاز الصلح بالوساطة في المادة الجزائية في كل المخالفات دون استثناء أو حصر، والمخالفة هي كل جريمة ينص عليها القانون بالسجن لمدة لا تتجاوز 15 يوما أو بغرامة لا تتجاوز ستين دينارا وذلك مهما كان نوع المخالفة سواء وردت في المجلة الجزائية أو في القوانين الخاصة كقانون الطرقات.
أما الجنح التي يمكن أن تخضع لنظام الصلح بالوساطة فقد حددها المشرع على سبيل الحصر وهي:
العنف الشديد (الفصل 218) المشاركة في المعركة (الفصل220) إحداث أو التسبب في أضرار بدنية للغير عن غير قصد (الفصل225) النميمة والقذف (الفصل 247) الإدعاء الباطل (الفصل 248) افتكاك حوز بقوة (الفصل 255) الدخول لمحل الغير بالرغم من إرادة صاحبه (الفصل 256) عدم القدرة على الدفع (الفصل282) تكسير حد ( الفصل286) تتبع استخلاص دين مرتين (الفصل293) الخيانة المجردة (الفصل 297) الامتناع عن تنفيذ اتفاق (الفصل 298) الإضرار عمدا بملك الغير ( الفصل 304) إحداث حريق عن غير قصد بمنقول أو بعقار الغير (الفصل 309) وعدم إحضار محضون(القانون عدد 22 الصادر بتاريخ 24ماي 1962).
ومن خلال هذا التصنيف نستنتج أن المشرع التونسي نص على نظام الصلح بالوساطة في جرائم متعددة وتمس مجالات مختلفة على سبيل الحصر، ولكنها جرائم لا ترقى إلى درجة الجنايات و ذلك لكون الجناية يصعب جبر الضرر فيها بالصلح بالوساطة ، بل تقتضي تدخل الدولة بأجهزتها الزجرية لوضع حد للخلل الذي أحدثته الجريمة ومعاقبة الجاني.
كما أن هذه الجرائم التي أجاز فيها المشرع الصلح بالوساطة هي جنح تنطوي على أضرار إما بدنية، كالتي تحصل عن العنف الشديد و المشاركة في المعركة، أو أضرار مادية كالتي تنتج عن افتكاك حوز بالقوة أو الإضرار بملك الغير أو أضرار معنوية كالنميمة أو القذف.
الفقرة الثانية: الشروط المرتبطة بأطراف النزاع
و تتمثل عموما هذه الشروط في جبر الضرر الحاصل للضحية و الحفاظ على إدماج الجاني.
* بالنسبة لجبر الأضرار الحاصلة للمتضرر فإن المادة 335 مكرر أكدت على أن الصلح بالوساطة في المادة الجزائية يهدف إلى جبر الأضرار الحاصلة للمتضرر، وهذا الجبر يكون بناءا على ما يقع عليه الاتفاق من تعويضات و رد اعتبار، وقد تكون هذه التعويضات مادية كما يمكن أن تكون مجرد تعويضات معنوية مثل تلقي اعتذارات أو تصريحات بندم الفاعل[31].
*أما بالنسبة للحفاظ على إدماج الجاني في المجتمع فإن المشرع التونسي أكد في المادة 335 مكرر على مصطلح المحافظة على إدماج الجاني وعيا منه بالمزايا التي يعرفها نظام الصلح بالوساطة، و أبرزها الحد من العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة، والتي غالبا ما تكون سببا في حالة العود نظرا لما يسبب اختلاط الجاني بالمجرمين داخل السجن من التأثير على سلوكه، كما أن لهذه العقوبات آثارا مادية تسبب في فقدان الجاني لعمله أو مورد رزقه مما يؤثر على وضعيته ووضعية عائلته المادية[32]. والحفاظ على إدماج الجاني في الحياة الاجتماعية يخضع للسلطة التقديرية لوكيل الجمهورية الذي يجب عليه الوقوف على ظروفه الاجتماعية و الاقتصادية و الوقوف أيضا على ملابسات الجريمة و طبيعتها.
المطلب الثاني إجراءات الصلح بالوساطة الجنائية
تتم إجراءات الصلح بالوساطة في المادة الجزائية عبر مرحلتين، الأولى تتمثل في إحالة الخصومة على الصلح بالوساطة، والثانية تتجلى في مفاوضات الصلح بالوساطة.
الفقرة الأولى: إحالة الخصومة على الصلح بالوساطة
ينص الفصل 335 ثالثا من مجلة الإجراءات الجزائية التونسية على أن “لوكيل الجمهورية عرض الصلح بالوساطة في المادة الجزائية على الطرفين قبل إثارة الدعوى العمومية، إما من تلقاء نفسه أو بطلب من المشتكى به أو من المتضرر أو من محامي أحدهما…” و حسب منطوق هذا الفصل فأن الصلح بالوساطة في المادة الجزائية يكون إما بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من أطراف النزاع، وهو يقوم على مبدأ الرضائية الذي يقتضي قبول الأطراف به بإرادة حرة [33].
و في حالة قبول الأطراف بالصلح بالوساطة يقوم وكيل الجمهورية باستدعاء الأطراف بطريقة إدارية، كما يمكن له الإذن لأحد الطرفين باستدعاء الطرف الآخر بواسطة عدل منفذ[34].و يكون حضور الأطراف شخصيا بالنسبة للجاني، أما بالنسبة للمتضرر فإنه يجوز أن ينوب عنه محامي بوكالة خاصة، وإذا كان المتضرر قاصرا أو فاقدا لأهلية التعاقد فيجب إحضار وليه القانوني لإبرام الصلح في حقه[35]، وذلك لكون الصلح بالوساطة هو ذو طبيعة عقدية تقتضي ضرورة مراعاة القواعد القانونية الآمرة المطبقة عموما على صحة وبطلان عقد الصلح.
الفقرة الثانية: مفاوضات الصلح بالوساطة
ينص الفصل 335 خامسا من مجلة الإجراءات الجزائية التونسية على أنه ” يتولى وكيل الجمهورية مراعاة حقوق الطرفين عند انتدابهما للصلح بالوساطة …” و من خلال هذا الفصل نستنتج أن وكيل الجمهورية يقوم بدور الوسيط مما يجعل الصلح بالوساطة في التشريع التونسي يختلف عنه في التشريع الفرنسي و التشريعات عموما الأنجلوساكسونية و اللاتينية التي تبنت نظام الوساطة الجنائية, و هو بذلك يميل إلى الصلح الجنائي أكثر من الوساطة الجنائية التي تقتضي ضرورة تدخل طرف ثالث يقوم بدور الوسيط و لاينتمي إلى جهاز القضاء.
و تدخل وكيل الجمهورية في مسطرة الصلح بالوساطة هو تدخل حيادي و مستقل يقتضي منه مراعاة حقوق الأطراف بالاستماع إلى كل واحد منهما دون تمييز في ذلك، كما يقتضي منه تذكيرهما بمقتضيات القانون و بضرورة احترامهما لقواعد النظام العام، وفي حالة توصل الأطراف إلى صلح بينهما يقوم بتضمين هذا الصلح في محضر مرقم يتضمن الالتزامات والنتائج التي تترتب عن الصلح، كما يحدد فيه آجال تنفيذ هذه الالتزامات وهو قصاه ستة أشهر ويمكن تمديده لمرة واحدة ولفترة لا تتجاوز ثلاث شهور بقرار معلل. وفي حالة عدم التزام الأطراف بما تم الاتفاق عليه يمكن لوكيل الجمهورية تحريك الدعوى العمومية من جديد أو الأمر بحفظها.
الخاتمة
في ظل الأزمة التي يعرفها جهاز القضاء و المترتبة عن طول الإجراءات الجنائية و كثرة القضايا المعروضة عليه، إضافة إلى السلبيات التي تعرفها العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة و أبرزها عجزها عن إعادة إدماج الجاني وارتفاع كلفتها، كان من الواجب إعادة النظر في السياسات الجنائية للدول و تبني حلولا بديلة عن الدعوى العمومية تمكن من تخفيف العبء عن القضاء، وإعادة إدماج الجاني داخل النسيج الاجتماعي، والاهتمام بالضحية عبر جبر الضرر الذي لحقته من جراء الجريمة ، ومن بين هذه الحلول يوجد نظام الوساطة الجنائية الذي أثبت نجاعته في العديد من التشريعات التي تبنته خصوصا الأنجلوساكسونية و اللاتينية، في حين ظل نظام الوساطة الجنائية بالنسبة للتجربة العربية لازال في بداياته و يقتضي تأهيل و تكوين وسطاء متخصصين في حل النزاعات الجنائية لا ينتمون إلى الجهاز القضائي، كما أن هناك العديد من التشريعات العربية التي لم تأخذ بالوساطة الجنائية ضمن منظومة البدائل التي قننتها، و أبرزها التشريع المغربي الذي اكتفى بتقنين مؤسسة الصلح الجنائي ضمن القانون المنظم للمسطرة الجنائية مما يقتضي ضرورة تبنيه للوساطة الجنائية للاستفادة من المزايا التي تختص بها.
[1] معجم العرب لابن منظور محمد بن مكرم بن علي الأنصاري , موجود على الموقع الالكتروني :
[2] ذ/طلعت حسن القيس، الشبكة اللبنانية لحل النزاعات، الجزء الأول: مهارات تطبيقية في حل النزاع، الطبعة الأولى، ص،117
[3] ذ/ عادل علي المانع، الوساطة في حل المنازعات الجنائية، مجلة الحقوق العدد الرابع ، السنة الثلاثون ، ديسمبر 2006 ص50.
[4] سورة الحجرات الآية 9.
[5] سنن أبي داوود، دار إحياء السنة النبوية ، الجزء الثالث ص304.
[7] ذ/ مصطفى حلمي، السياسة الجنائية الاجتماعية والعدالة التصالحية والطرق البديلة لحل النزاعات. أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل بمكناس أيام 9-10-و11 دجنبر 2004 تحت عنوان ، السياسة الجنائية بالمغرب: واقع وآفاق.منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ، سلسة الندوات والأيام الدراسية العدد4 الطبعة الأولى السنة 2005 ص،,359
[8] أسباب انقضاء الدعوى الجنائية إما طبيعية ، و هي متمثلة في الحكم بالبراءة أو الأدانة و ذلك ما جاء في منطوق المادة 4 من القانون الجنائي المغربي الذي نص على أن ” الدعوى العمومية تسقط بصدور مقرر اكتسب قوة الشيء المقضي به”، كما أن هذه الأسباب قد تكون عارضة وهي تحدث بعد ارتكاب الجريمة و قبل صدور حكم بات فيها وتتمثل في التنازل عن الشكاية متى كانت الشكاية شرطا لرفع الدعوى الجنائية، العفو سواءا كان شاملا أو خاصا ن نسخ المقتضيات الجنائية ، الصلح ثم وفاة المتابع . للمزيد حول هذا الموضوع انظر :شرح قانون المسطرة الجنائية ، الجزء الأول ، الدعوى العمومية . منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية ، سلسلة الشروح و الدلائل العدد2 ، العدد2، مطبعة فضالة ص51 و مايليها.
[9] ذّ/ أنيس حسيب السيد المحلاوي ، الصلح وأثره في العقوبة والخصومة الجنائية . دراسة مقارنة بين القانون الجنائي و الفقه الإسلامي . دار الفكر الجامعي ، الطبعة الأولى .2001ص459.
[10] ذّ/ أنيس حسيب السيد المحلاوي ، الصلح وأثره في العقوبة والخصومة الجنائية . دراسة مقارنة بين القانون الجنائي و الفقه الإسلامي مرجع سابق ص460.
[11] ذّ/ ليلى القايد ، الصلح في جرائم الاعتداء على الأفراد ، فلسفته و تطبيقه في القانون الجنائي المقارن. دار الجامعة الجديدة 2011، ص281.
[12] Leblois-Happe jocelyne, La médiation pénale comme de réponse à la petite délinquance : état des lieux et perspectives .R .S.C ,1994 , p 526.
[13] J-P Bonnafé schmitt, La médiation pénale en France et aux Etats-Unis. L.G.D.J 1998 P 26.
[14] ذّ/ ليلى القايد ، الصلح في جرائم الاعتداء على الأفراد ، فلسفته و تطبيقه في القانون الجنائي المقارن. مرجع سابق ، ص290.
[15] ذّ/ ليلى القايد ، الصلح في جرائم الاعتداء على الأفراد ، فلسفته و تطبيقه في القانون الجنائي المقارن. مرجع سابق ، ص291.
[16] M.Jacoud, Justice réparatrice et médiation : convergences et divergences. Edit. L’Harmatton : collection sciences criminelles 2003 P189.
[17] M.Jacoud, Justice réparatrice et médiation : convergences et divergences. Edit. L’Harmatton : collection sciences criminelles 2003 P190|.
[18] Fauchan pierre , alternatives aux poursuites ,renfort de l’efficacité de la procédure pénale et délégation aux greffiers des attributions dévolus par la loi aux greffiers en chef ,senat, commission des loi, rapport in : www.senat.fr/197-468.html
[19] ذّ/ أسامة حسنين عبيد، الصلح في قانون الإجراءات الجنائية، ماهيته و النظم المرتبطة بهدار النهضة العربية ، الطبعة الأولى، 2005 ، ص518.
[20]www.vosdroits-service.public.fr
[21]www.vosdroits-service.public.fr
[22]www.justice.gouv.fr/publication/fr-mediation-penale .pdf
[23]Blanc Gérard, La médiation pénale (commentaire de l’article 6 de la loi n°93-2 du 4 janvier 1993portant réforme de la procédure pénale) J.C.P 1994 , I 3760 P 212.
[24]J. Faget , Le cadre juridique et éthique de la médiation pénale, l’Harmattan 1997 p 37.
[25]www.cad-herault.justice.fr
[26]www.cad-herault.justice.fr
[27]www.wrcati.cawtar.org
[28]www.wrcati.cawtar.org
[29]www.wrcati.cawtar.org
[30]www.wrcati.cawtar.org
[31] ذّ/ جمال يازار باشا ، التقرير التمهيدي للندوة التي أقامتها وزارة العدل وحقوق الإنسان والمعهد العالي للقضاء سنة 2003 تحت عنوان “الصلح بالوساطة في المادة الجزائية” منشورة على الموقع: www.ism-justice.nat.tn .
[32] للمزيد حول هذا الموضوع انظر،ذ/ لطيفة المهداتي، الشرعية في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية الشركة الوطنية الرباط 2005.
[33] ذّ/ محمد نجيب معاوية ،المفهوم القانوني للصلح بالوساطة في المادة الجزائية و آلياته. الندوة التي أقامتها وزارة العدل وحقوق الإنسان والمعهد العالي للقضاء سنة 2003 تحت عنوان “الصلح بالوساطة في المادة الجزائية” مرجع سابق .
[34] ذّ/ محمد نجيب معاوية ،المفهوم القانوني للصلح بالوساطة في المادة الجزائية و آلياته. الندوة التي أقامتها وزارة العدل وحقوق الإنسان والمعهد العالي للقضاء سنة 2003 تحت عنوان “الصلح بالوساطة في المادة الجزائية” مرجع سابق .
[35] ذّ/ محمد نجيب معاوية ،المفهوم القانوني للصلح بالوساطة في المادة الجزائية و آلياته. الندوة التي أقامتها وزارة العدل وحقوق الإنسان والمعهد العالي للقضاء سنة 2003 تحت عنوان “الصلح بالوساطة في المادة الجزائية” مرجع سابق .