تدبير الأملاك العامة للجماعات الترابية على ضوء القانون الجديد 57.19 – محمد الزويري
الكاتب: محمد الزويري
الصفة: طالب باحث في ماستر العقار والتعمير بكلية العلوم لقانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط
تدبير الأملاك العامة للجماعات الترابية على ضوء القانون الجديد 57.19
مقدمة
عرف المغرب في مساره نحو تأسيس ترسانة عقارية تنظم العقار في المغرب من مجموعة من المراحل، مرحلة عرفت تنوعا في النظام العقاري ومرد هذا التنوع والتعدد إلى أسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية متعددة، فقبل سنة 1912 كان المغرب في نطاق الملكية العقارية يستشف مختلف الأحكام المنظمة لها من العرف وإذا ما نشأت منازعات عقارية تم الرجوع إلى الراجح والمشهور وماجري به العمل في مذهب الإمام مالك على مستوى القضاء الشرعي، وبعد توقيع المغرب لمعاهدة الحماية سنة 1912 قامت السلطات الفرنسية بوضع مجموعة من القوانين الغرض منها أن تنظم العلاقات بين الأجانب المقيمين بالمغرب على اعتبار أن البنية العقارية بالمغرب كانت تتميز بمجموعة من الأصناف من أراض للجماعات السلالية وأراض للأوقاف وأملاك عامة وخاصة للدولة وأراض للجيش وأملاك للبلديات ثم أملاك خاصة للأفراد.
وبصدور دستور 2011 الذي أرسى ما يسمى باللامركزية الإدارية التي من خلالها تتنازل السلطة المركزية عن صلاحيات واختصاصات لفائدة مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، ومن بين هذه المؤسسات العمومية نجد الجماعات الترابية، التي كانت فيما قبل دستور 2011 تسمى بالجماعات المحلية والتي أصبح تتكون اليوم من مجالس للجهات ومجالس للعمالات والأقاليم ثم جماعات تطلق على كل الجماعات قروية كانت أم حضرية.
ومن خصائصها أنها تتمتع بالشخصية الاعتبارية تؤهلها إلى ممارسة الحقوق والالتزامات والرفع من التنمية على المستوى المنطقي في مختلف المجالات حسب خصوصية كل جماعة ترابية على اعتبار أن لها موارد ونفقات، ومن مواردها توفرها على أملاك عامة خاصة بها منظمة بالقانون 57.19الشيئ الذي يطرح إشكالية تدبير الجماعات الترابية لأملاكها العامة.
هذه الإشكالية التي تطرح مجموعة من الأسئلة المتمثلة فيما يلي:
– ما هي أنواع ومكونات الأملاك العامة للجماعات الترابية؟
– دور رؤساء الجماعات الترابية في تدبير الأملاك العامة؟
– ما هي إجراءات ومساطر التحديد الإداري والمتدخلين فيه؟
– ماهي حالات الترخيص للاحتلال المؤقت للأملاك العامة للجماعات الترابية؟
– ما هي حالات سحب رخصة الاحتلال المؤقت؟
وللإجابة على هذه الأسئلة نقترح التصميم التالي:
المطلب الأول: الأحكام العامة للملك العام للجماعات الترابية
المطلب الثاني: مسطرة الاحتلال المؤقت للملك العام للجماعات الترابية
المطلب الأول: الأحكام العامة للملك العام للجماعات الترابية
يعتبر التنظيم الترابي للمملكة المغربية تنظيم لا ترابي مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة حيث نص دستور 2011 في الباب التاسع منه للجماعات الترابية وبالظبط في الفصل 135 على ما يلي: “الجماعات الترابية بالمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات”[1] فبخصوص القانون المنظم للجهات هو القانون 111.14، أما القانون المنظم للعمالات والأقاليم هو ال112.14 أما القانون رقم 313.14 فهو المنظم للجماعات.
وما يستخلص من المواد الأولى لهذه القوانين المذكورة أن الجماعات الترابية مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي وبالتالي مثلها مثل الأشخاص الذاتية على مستوى التملك لكونها تشبع حاجيات النفع العام، فأملاك الجماعات الترابية يرجع تأصيلها التاريخي إلى التنظيمات الأولى للدولة المغربية قبل الحماية، وكذا ما أدخله المستعمر من قواعد تهم الأملاك الجماعية والتي كان لها الأثر الواضح على مغرب ما بعد الاستقلال[2].
الفقرة الأولى:مكونات الأملاك العامة وخصائصها
أولا: مكونات الأملاك العامة للجماعات الترابية
لم يعرف المشرع المغربي الأملاك العامة للجماعات الترابية، لكنه حدد العقارات التي تندرج ضمن الملك العام للجماعات الترابية في المادة الرابعة من القانون 57.19 في تلكم العقارات التي تمتلكها وتخصصها للاستعمال المباشر من قبيل العموم أو لتسيير مرفق عمومي على اعتبار أن المرافق العمومية قد لا تكون مؤسسات عمومية بمفهوم الإطلاق عكس أن المؤسسات العمومية كلها تعتبر مرافق عمومية.
فمن بين ما يدخل ضمن الملك العام للجماعات الترابية:
– الطرق وملحقاتها فير المصنفة ضمن الملك العام للدولة،
– المساحات الخضراء العامة وميادين الألعاب والمساحات المباحة المختلفة كالمساحات المخصصة للتظاهرات الثقافية والترفيهية والرياضية والبيئية.
– التجهيزات العمومية المخصصة للاستعمال الإداري والثقافي والاجتماعي والرياضي والبيئي.
منشآت وتجهيزات الإنارة العمومية والماء الصالح للشرب والتطهير.
-الأسواق الأسبوعية.
– المجازر التابعة للجماعات الترابية
– القطع الأرضية التي تمتلكها الجماعة الترابية والمخصصة لاستقبال تجهيزات وتهييئات عمومية بمقتضى قانون التعمير بمجرد إنهاء تلكم التجهيزات والهيئات.
وعليه فأملاك الجماعات الترابية تشمل على جميع العقارات[3]:
– المقتناة بالتراضي أو عن طريق نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
– المكتسبة ملكيتها عن طريق المبادلة
– المنقولة ملكيتها إلى الجماعات الترابية من طرف الدولة، أو جماعة ترابية أخرى أو مؤسسة عمومية
– المنقولة ملكيتها إلى الجماعات الترابية تطبيقا لمقتضيات تشريعية أو بموجب مقررات قضائية
– المنقولة ملكيتها إلى الجماعات الترابية عن طريق الهبات أو الوصايا
– المكتسبة ملكيتها عن طريق الحيازة المستوفية للشروط القانونية طبقا للتشريع الجاري به العمل.
وتجدر الإشارة على أن رئيس مجلس الجماعة الترابية سواء كان رئيس مجلس جهة أومجلس العمالة أو الإقليم أو الجماعة فإنه يمسك سجل المحتويات ويقيد فيه جميع العقارات التابعة لأملاك الجماعة ويقوم بتحيينه كل سنة مع تقسيمه إلى قسمين، قسم خاص بالأملاك العامة وقسم خاص بالأملاك الخاصة ويخبر المجلس بالتغييرات التي تطرأ عليه خلال الدورة العادية الأولى التي يعقدها المجلس كل سنة، إضافة إلى نشره للسجل المعين على البوابة الوطنية للجماعات الترابية مع تبليغ المحاسب المكلف بنسخة منه.
ثانيا: خصائص الأملاك العامة للجماعات الترابية
إن من بين الخصائص التي يتميز بها الملك العام للجماعات الترابية”
-عدم التفويت على اعتبار أن بإمكان الدولة أن تفوت مجانا إلى الجماعات الترابية بناء على طلبها قطعا أرضية لا تتجاوز مساحتها 2500 متر مربع تابعة للملك الخاص للدولة لغرض بناء مقراتها بناء على قرار للوزير المكلف بالمالية، وفي حالة عدم إنجاز البناء داخل أجل خمسة سنوات من تاريخ التفويت فإن الجماعة الترابية ملزمة بإرجاع العقار موضوع التفويت إلى ملك الدولة الخاص.
-عدم الحجز عليه: إلا أنه فيما يخص مسألة تفويت عقار تابع لملك الدولة الخاص إلى ملك الجماعة الترابية واستعمل لغرض غير بناء مقر الجماعة الترابية المعنية فإنه تؤدي هذه الأخيرة للدولة قيمته الحقيقية بعد تحديدها بواسطة خبرة إدارية.
-عدم تملكه بالتقادم.
– لايمكن أن يكون موضوع حقوق عينية أو عقارية أخرى.
الفقرة الثانية: التحديد الإداري للملك العام وقرارات رؤساء المجالس الترابية
أولا: التحديد الإداري للملك العام للجماعات الترابية
أ- إجراءات التحديد الإداري
تعتبر مرحلة التحديد الإداري للملك العام للجماعات الترابية مرحلة مفصلية حيث يقوم المجلس الترابي بعقد مداولات حول تعيين حدود الملك العام التابع للجماعة الترابية المعنية بناء على قرار يتخذه في النهاية رئيس المجلس الترابي حيث يقوم هذا الأخير بنشر إعلان في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها بنشر الإعلانات القانونية يضمن فيه تاريخ افتتاح واختتام البحث المذكور ويشار فيه إلى نشر مشروع قرار التحديد في الجريدة الرسمية ويودعه بمقر الجماعة الترابية كما يمكن لرئيس المجلس الاعتماد على أية وسيلة من وسائل الإشهار ولاسيما البوابة الوطنية للجماعات الترابية، إضافة إلى إجراء بحث علني لمدة شهرين حيث يتم في غضون هذه المدة تعليق مشروع قرار التحديد بمقر الجماعة الترابية، مشفوعا بالتصميم المتعلق به الذي يعده مهندس مساح طبوغرافي معتمد حصرا بخلاف التصميم في مسطرة التحديد على مستوى الأملاك الخاصة للأفراد التي تتيح إمكانية إعداد التصميم لشخص آخر متمثل في تقني بمصلحة المسح الطبوغرافي إذا تعذر الأمر بالنسبة للمهندس المساح الطبوغرافي المسجل في الهيئة الوطنية للمساحين الطبوغرافيين.
وبخصوص تصميم الأملاك العامة للجماعات الترابية يجب أن يتضمن ملاحظات المهندس المساح الطبوغرافي وتعرضاته في سجل مفتوح لهذا الغرض بمفر الجماعة الترابية مع إمكانية إرساله بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتوصل من طرف رئيس المجلس، على اعتبار أن مجلس الجماعة الترابية يقوم بدراسة الملاحظات والتعرضات المعبر عنها خلال البحث العلني قبل التداول بشأن التحديد خلافا لما هو عليه الأمر في مسطرة الأملاك الخاصة للأفراد. حيث بين القضاء إذا ما كانت هناك منازعات التعرضات
ب- التعرضات
باستقرائنا لمواد القانون 57.19 نجده لم يعرف مؤسسة التعرض لكن يمكن القول على أن التعرض على قرار تحديد الأملاك العامة للجماعات الترابية هو وسيلة قانونية يمارسها صاحب الحق للمطالبة بحقه وذلك من خلال الآجال القانونية المقررة، ويهدف التعرض بهذا المعنى حصول المتعرض على قرار معلل يتخذه رئيس مجلس الجماعة الترابية في الموضوع.
يعتبر التعرض على التحديد مسطرة يسلكها كل ذي مصلحة من خلال تقديمه لملاحظات وتعرضات على قرار التحديد داخل أجل 6أشهر ابتداء من تاريخ نشر قرار التحديد بالجريدة الرسمية بخلاف مؤسسة التعرض في مسطرة الأملاك الخاصة للأفراد التي لا تتجاوز فترة شهرين عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية وهذا إن دل على شيئ إنما يدل على دور الأمن القانوني في حماية الأملاك العامة للجماعات الترابية، على اعتبار أن رئيس مجلس الجماعة ملزم بإصدار قرار معلل داخل أجل 3 أشهر من تاريخ التوصل بالملاحظة أو التعرض. وقرار هذا الأخير قابل للطعن أمام المحكمة الإدارية المختصة، إلا أنه يطرح تساؤل حول شكل وبيانات طلب التعرض هل مثلها مثل البيانات المتعلقة بالتعرضات على الأملاك الخاصة للأفراد المنصوص عليها في الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري[4] أم غير ذلك؟ وما هي طبيعة التعرضات هل يكتفي الأمر بتصريح كتابي أو بواسطة رسالة مع إشعار بالتوصل أم بتصريح شفوي؟
ج- دور المحافظ على الأملاك العقارية
يمكن اعتبار التحديد الإداري لعقارات الجماعات الترابية مسطرة دقيقة تتبعها مالس هذه الجماعات كلما كانت حقوقها على عقار غير محفظ غير قطعية، وذلك بغية تثبيت ملكيتها عليها، تستهل لزوما بمرسوم معلن عن بداية أشغال التحديد الإداري وتنتهي بمرسوم اخر يعلن عن المصادقة على العمليات التي يتم إجراؤها لكي يصبح التحديد نهائيا[5].
وبالإضافة للظهيرين السابقين، هناك نصوص أخرى تضمنت بدورها أحكاما تهم تحديد الأملاك العامة ونقصد قانون التعمير رقم 90.12 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.31 بتاريخ 1992[6].
تتم مباشرة بعد عملية تحديد الأملاك العامة للجماعات الترابية توجيه طلب إلى المحافظ على الأملاك العقارية مرفوقا بالقرار المعين لحدود الملك العام المعني والتصميم العقاري إضافة إلى شهادة تثبت استيفاء إجراءات التحديد الإداري وعدم وجود منازعات التعرضات يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتحفيظ العقارات موضوع عملية التحديد الإداري في اسم الجماعة الترابية المعنية شريطة التحقق من الحدود والتصميم العقاري، على اعتبار أن الجماعات الترابية تعفى من أداء الوجبات المحافظة العقارية على الأملاك العقارية المستحقة على:[7]
– إدراج مطالب التحفيظ المتعلقة بأملاكها والتي يجب إرفاقها بملف تقني
– عمليات الإيداع والتقييد المرتبطة بالأملاك العامة للجماعات الترابية.
– عمليات إيداع أو تقييد عقود الاقتناء بعوض أو بدون عوض لفائدة الملك الخاص للجماعات الترابية المكرمة قبل 31 ديسمبر 2015.
ثانيا: قرارات رؤساء المجالس الترابية
أورد المشرع أملاكا جماعية عامة على سبيل الحصر يتم تعيين حدودها وفق مقتضيات وتشريعات والأنظمة المتعلقة بالتعمير خاصة تلكم المنصوص عليها في قانون التعمير ويتعلق الأمر بقرارات تخطيط حدود الطرق العامة وتلكم المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها وسنعرض لهما تبعا لما يلي:
أ- قرارات تخطيط حدود الطرق العامة
ويعد بمثابة إعلان عن المنفعة العامة إذا كان الغرض منه إحداث أو توسيع الطريق العام أو الساحة العامة أو موقف عام للسيارات فوق عقارات مملوكة للجماعة، وبموجب هذا القرار ترتب هذه العقارات ضمن الأملاك العامة الجماعية ويحق للجماعة الاستغناء عن هذا القرار في حالة توفرها على وثائق التعمير[8].
على اعتبار أنه يتخذ رئيس مجلس الجماعة قرارات تخطيط حدود الطرق العامة للجماعات الترابية بعد مداولات المجلس شريطة عدم مخالفة مقتضيات التشريعات والأنظمة المتعلقة بالتعمير.
ب- قرار تخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها
يعتبر هذا القرار لما تستوجب العملية حسب المادة 35 من قانون التعمير تكون فيها الأراضي المراد نزع ملكيتهاوخاضعة لأحلام المقررة في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة بالاحتلال المؤقت ما لم ينص على خلاف ذلك في قانون التعمير، وهكذا استنادا إلى أحكام المادة 32 من قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير فإن رئيس المجلس الجماعي يتخذ قرار تخطيط حدود الطرق العامة أو قرار تخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها هذه العقارات عندما يتعلق الأمر بإحداث طرق جماعية وساحات عامة ومواقف عامة للسيارات بالجماعات أو إلى تغيير تخطيطها أو عرضها أو حذفها كلا أو بعضا ومن جهة أخرى[9].
ج- تعيين الطرق والمسالك والممرات والأزقة المستعملة التابعة للجماعات الترابية.
بمقتضى المادة 81 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير يمكن لرئيس المجلس الجماعي اتخاذ قرار لتعيين الطرق والمسالك والممرات والأزقة المستعملة لتأكيد طابع الملكية العامة التي تكتسبها وبيان حدودها القانونية بناء على مداولة المجلس الجماعي واتخاذ مقرر في الموضوع، وتبعا لذلك فإن عملية تعيين الطرق والممرات والمسالك والأزقة التابعة للجماعة تخضع لإجراءات مسطرية كالتالي:[10]
– مداولة المجلس الجماعي واتخاذ مقرر لتعيين الطرق والمسالك والأزقة.
– يتولى رئيس المجلس الجماعي بتنفيذ مقرر المجلس الجماعي وذلك باستصدار مشروع قرار يحدد فيه نوع العملية المزعم الإقرار بملكيتها العامة مع تعيين حدودها وعرضها.
-إحالة ملف العملية على السلطة الوصية للتأشير عليه.
-إجراءات إشهار القرار: نشر قرار التعيين في الجريدة الرسمية، تعليق القرار المذكور مصحوبا بتصميم تجزيئي بمقر الجماعة المعنية حتى يتمكن من يعنيه الأمر من الاطلاع على مضمونه داخل أجل سنة من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وتقديم تعرضاته وتدوين ملاحظاته بسجل الملاحظات والتصريحات، الذي يوضع رهن إشارة العموم.
– عند انتهاء المدة، يتم إقفال سجل الملاحظات والتصريحات وتشرع الجماعة في دراسة التعرضات والملاحظات الواردة في السجل.
د- الإخراج
يتخذ رئيس المجلس الجماعة الترابية قرار يقضي بإخراج عقارات من الملك العام للجماعة الترابية ويضمها إلى الملك الخاص بعد مداولات المجلس على اعتبار أنه لا يجوز إخراج العقارات من الأملاك العامة وفقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون الذي تنص على أنه: “ترتب بحكم القانون القطع الأرضية التي تمتلكها الجماعة الترابية والمخصصة لاستقبال تجهيزات وتهييئات عمومية بمقتضى وثيقة للتعبير في الملك العام للجماعة الترابية بمجرد إنجاز التجهيزات والتهييئات السالفة الذكر فلا يتم إخراج هذه العقارات إلا بعد تعديل أو تغيير وثيقة التعمير.
المطلب الثاني:مسطرة الاحتلال المؤقت للملك العام للجماعات الترابية
يعتبر الملك العام هو ما لايكون من حق الجمهور أن يستفيد منه في إطار النصوص التشريعية والتنظيمية التي تنظم استعماله حيث تتعدد صور وأغراض شغل الملك العام التابع للجماعات الترابية وهيئاتها حسب نوع النشاط الممارس فوقه، وتقوم الجماعات الترابية بحمايتها لأنها تعتبر الوسيلة المادية الأساسية التي تعتمد عليها الإدارة للقيام بمشاريعها والقيام بأنشطتها تحقيقا للمنفعة العامة[11].
ولايمكن استغلال هذه الأملاك إلا بموجب سند قانوني وشرعي وإلا تعرض المستغل للملك العام الجماعي إلى إجراءات زجرية وقد أبانت كثرة القضايا والعون المرفوعة أمام المحاكم الإدارية في إطار تسوية المنازعات بين المرخص لهم والمجالس الجماعية من اختلالات كبيرة ساهم فيها بشكل كلي تعقد الإطار القانوني وعدم تحيينه، الشيئ الذي سينعكس على حيوية وإنتاجية القطاع مالم يتم تدارك الأمر ونهج سبل التدبير العقلانية للأملاك الجماعية[12]
وعليه سنتطرق في هذا المطلب إلى حالات الترخيص للاحتلال المؤقت ومعطيات قرار الترخيص بالفقرة الأولى ثم إلى حالات سحب رخصة الاحتلال المؤقت وجزاء عدم سحب الخصة بالفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: حالات الترخيص للاحتلال المؤقت ومعطيات قرار الترخيص
أولا: حالات الترخيص للاحتلال المؤقت وإشكالية المدة
إن عملية الترخيص للاحتلال المؤقت للملك العام للجماعات الترابية يختلف حسب طبيعة البناء فبصفة عامة رئيس مجلس الجماعة الترابية المعنية يرخص بالاحتلال المؤقت للملك العام إذا تعلق الأمر بعدم إقامة بناء أما إذا تعلق الأمر بإقامة بناء فبقر للرئيس بعد مداولات المجلس على اعتبار أنه إذا كان الغرض من الاحتلال المؤقت تجاريا أو صناعيا أو مهنيا، فإن الرئيس يتخذ القرار بعد مزايدة عمومية فلا يكون للمجلس آنذاك سوى المصادقة على دفتر التحملات وتحديد الثمن الافتتاحي بواسطة خبرة إدارية.
ثم هناك حالة الترخيص بالاحتلال المؤقت بالتراضي بناء على دفتر تحملات يحدد نموذجه بقرار مشترك لوزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية في إحدى الحالات التالية:
– بعد مزايدتين لم تسفرا عن أي نتيجة.
– لفائدة الملاك المجاورين من أجل ممارسة نشاط لا يعتبر امتدادا للنشاط الرئيسي الذي يزاولونه
– لفائدة شخص اعتباري خاضع للقانون العام من أجل إنجاز مشروع يدخل في إطار المهام المسندة إليه.
-لفائدة شخص اعتباري خاضع للقانون الخاص معهود له بتدبير مرفق عمومي واستثناء بدون مقابل على وجه السرعة ودون اعتبار مدة معينة إذا تعلق الأمر بتلبية منشآت وبنيات تحتية عسكرية والتي يتم إنجازها لاعتبارات استعجالية وفق متطلبات عملياتية.
ويجوز كذلك منح الترخيص لاحتلال قطع أرضية لازمة لإنجاز الغرض من التدبير المفوض لمرفق عمومي أو منشأة عمومية شريطة ألا تكون هذه القطع الأرضية تابعة للملك العام، هنا يطرح إشكال الترخيص الذي تمنحه الجماعة الترابية كونه عقد يخضع للقانون العام أم للقانون الخاص على اعتبار أن الطرف الثاني للعلاقة التعاقدية قد يكون شخصا من أشخاص القانون العام أو الخاص.
ولذلك اعتبرت المحكمة الإدارية بأكادير في حكم لها إن عقد الاحتلال المؤقت للملك العام يعتبر حسب ما يتضمنه من نظام قانوني غير مألوف عقدا إداريا” فالعقد الإداري إذن يمكن أن يبرمه شخص كن أشخاص القانون العام وآخر من أشخاص القانون الخاص قصد تسيير مرفق عمومي أو للقيام بأشغال عامها لتدبير الملك العام أو استغلاله[13]
دون إغفال المقتضيات القانونية المنظمة له، ذلك أن العقد غالبا ما يكون على شكل دفتر تحملات تحدد فيه التزامات وحقوق كل طرف متعاقد في هذه الحالة فقط يمكن أن يتشجع المستثمر لتوظيف أمواله فوق الملك العام[14]
بالرجوع إلى القانون 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية نجد مقتضياته تنص على أن مدة رخصة الاحتلال المؤقت لا تتعدى عشرة سنوات واستثناء لمدة أقصاها أربعون سنة شريطة إنجاز نشاط يرتبط بمرفق عام لحساب الجماعة الترابية المعنية أي مانحة الترخيص أو تعلق الأمر بمشروع ذي نفع عام يدخل في نطاق اختصاصاتها على اعتبار أنه تمنح رخصة الاحتلال المؤقت دون تحديد المدة في الحالات التالية:
– تهيئة الطرق الرابطة بين ملك مجاور للطريق العمومية وبين هذه الطريق مع السماح بالمرور على جانبي الطريق المذكورة أو عدم السماح به.
– تهيئة ممرات للربط بيم قطعتين أو أكثر مملوكة لنفس الشخص
– ربط القنوات العمومية بالسواقي المعدة لري الأملاك الخاصة أو لتصريف المياه عنها.
وعليه فإنه يبتدئ العمل برخصة الاحتلال المؤقت من يوم تبليغها إلى المعني بالأمر أو بأي وسيلة من وسائل التبليغ.
ثانيا: معطيات قرار الترخيص
إن رئيس مجلس الجماعة الترابية باعتباره مصدر قرار الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العام للجماعة الترابية فهو ملزم بإدراج مجموعة من المعطيات على مستوى قرار الترخيص من قبيل:
– اسم وعنوان المستفيد من الرخصة
– مساحة وموقع العقار
-مدة الاحتلال المؤقت
– مبلغ الإتاوة ونسبة مراجعتها
– طبيعة الأشغال والمنشآت التي يمكن للمستفيد أن ينجزها وآجال الشروع فيها والانتهاء منها
– آجال وكيفيات آداء الإتاوة
بالإضافة إلى شروط إرجاع العقار موضوع الرخصة إلى الجماعة الترابية المعنية عند انتهاء أجل الرخصة أو سحبها.
الفقرة الثانية: حالات سحب رخصة الاحتلال المؤقت وجزاء عدم سحب الرخصة
يعتبر سحب رخصة الاحتلال المؤقت إجراء أساسي وجوهري وحق للمصلحة العامة تلجأ إليه السلطة العمومية في شخص رئيس مجلس الجماعة الترابية المعنية مهما كانت مدة الرخصة شريطة تبليغ قرار السحب إلى المرخص له ثلاثة أشهر قبل التاريخ المحدد للسحب، من خلال قرار معلل لرئيس المجلس إلا أنه يحق للمرخص له الذي تم سحب رخصة الاحتلال منه المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية المباشرة المرتبطة بالبناء المشيد فوق الملك العام للجماعة الترابية دون الأضرار الناتجة عن فقدان الأصل التجاري أو جزء منه أو أي عنصر من عناصره المادية أو المعنوية أو المهنية المرتبطة به على اعتبار أن تحديد التعويض عن الضرر يحدد بواسطة خبرة إدارية وفي حالة عدم الاتفاق على التعويض يمكن للمعني بالأمر اللجوء عن طريق القضاء الإداري المختص الشيئ الذي يدعونا إلى التطرق إلى حالات سحب رخصة الاحتلال المؤقت (أولا) وإلى جزاء الاحتلال دون الترخيص (ثانيا)
أولا: حالات سحب رخصة الاحتلال المؤقت
تبعا لحالة سحب الرخصة هناك حالات يتم فيها سحب رخصة الاحتلال المؤقت للملك العام بحكم القانون وبدون أي تعويض بعد تبليغ إعذار إلى المستفيد من الرخصة شريطة ألا يتعدى شهرا واحدا لإخلاء العقار، وهذه هي الحالات:
– إذا لم يحترم المستفيد الآجال المحددة في قرار الاحتلال المؤقت للشروع في الأشغال المرخص بها والانتهاء منها دون عذر مقبول من قبل رئيس المجلس.
– إذا تخلى المستفيد للغير عن كل أو بعض الحقوق التي يخولها له قرار الترخيص بالاحتلال المؤقت.
– إذا خصص المستفيد القطع موضوع الترخيص بالاحتلال المؤقت لاستعمال آخر غير الذي تم الترخيص له به أو أحدث تغييرا في المنشآت المنجزة دون موافقة مسبقة للمجلس.
– إذا لم يقم المستفيد بدفع إتاوة الاحتلال المؤقت عند حلول أجلها
– إذا صدر حكم قضائي بالتصفية القضائية في حق المستفيد من الرخصة.
– إذا لم يحترم المستفيد بنود دفتر التحملات
وتجدر الإشارة إلى أن حالات سحب الرخصة أو انقضاء مدتها يحيل على أن المستفيد من الترخيص يجب أن يرجع العقار إلى الجماعة الترابية المعنية وإلا يقوم مقامه رئيس المجلس المعني للقيام بذلك تلقائيا وعلى نفقة المعني بالأمر
ثانيا: جزاء الاحتلال دون الترخيص
أوكل المشرع المغربي للجماعة الترابية حق مطالبة الأشخاص الذين يحتلون الملك العام التابع لها التوقف عن الاحتلال في الحال عن طريق إعذار ويكون مدينا للجماعة بتعويض يساوي 5 مرات مبلغ الإتاوة المستحقة في حالة الاستفادة من الترخيص عن كل سنة أو كسر سنة من الاحتلال غير القانوني وإلا تمت متابعته قضائيا على اعتبار أ إلزامية التعويض تتم عبر أمر يصدره رئيس المجلس بناء على محاضر يحررها موظفون وأعوان محلفون ينتذبهم رئيس المجلس ويكون لهم الحق في الولوج إلى العقار موضوع الاحتلال.
خاتمة
أخيرا وليس اخرا يتبين أن المنظومة التشريعية التي كانت متعلقة بتنظيم الأملاك التابعة للجماعات الترابي تتميز بكثرة وتشتت وقدم نصوصها القانونية والتنظيمية التي تنظم الملك العام للجماعات الترابية كان لها الأثر البليغ في ضعف مردوديتها على حساب حسن تدبير موردها الأساسي المتمثل ي الملكية العقارية التابعة لها،
لكل هذه الاعتبارات قام المشرع المغربي بإصدار القانون رقم 57.19 قصد تجاوز الثغرات التي طبعت القوانين السالفة وقصد توحيدها على مستوى قانون واحد هو القانون السالف الذكر في أفق إصدار مدونة عقارية خاصة تنظم الأملاك التابعة للمؤسسات العمومية.
لائحة المراجع
- الدستور الجديد للمملكة المغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 11.91 بتاريخ 29 يوليوز 2011، الطبعة السابعة 2019 مطبعة النجاح الجديدة.
- الظهير الشريف رقم 1.12.74 الصادر في 3 ذي الحجة 1442 14يوليو 2021 بتنفيذ القانون رقم 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية.
- الظهير الشريف رقم 1.92.31 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 15 يوليوز 1992.
- الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 الموافق ل12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تعديله بالقانون 14.07
- هشام العزوزي، المنازعات المتعلقة بأملاك الجماعات المحلية بالمغرب، رسالة بنيل دبلوم الماستر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس.
- محمد بوجيدة، تدبير الأملاك العامة للجماعات المحلية وهيئاتها، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع الرباط.
- عمر الهواري، مسطرة الضم والتحديد.
- أحمد أجعون، نشاط ووسائل الإدارة وفقا للتشريع المغربي، منشورات مجلة الحقوق سلسلة الدراسات والأبحاث، مطبعة المعارف الجديدة 2016.
- حمي الكشاف، المنازعات المتعلقة بالاحتلال المؤقت للملك العام، بحث لنيل شهادة الماستر في المنازعات الإدارية والمساعدة القضائية للجماعات المحلية، طبعة 2011.
- تدبير أملاك الجماعات الترابية، عرض في الإجازة المهنية التدبير الترابي والتنمية المجالية، الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية.
- حكم المحكمة الإدارية بأكادير رقم 124 بتاريخ 13-05-1999، في الملف عدد 276/19997.
- الموقع الإلكتروني BARREOURABAT.MA
- محمد بوجيدة، تدبير الأملاك العامة للجماعات المحلية وهيئاتها، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع الرباط.
[1] الفصل 135 من الدستور الجديد للمملكة المغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليوز 2011، الطبعة السابعة 2019 مطبعة النجاح الجديدة، ص:62
[2] هشام العزوزي، المنازعات المتعلقة بأملاك الجماعات المحلية بالمغرب، رسالة بنيل دبلوم الماستر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، ص:4
[3] المادة الثانية من الظهير الشريف رقم 1.12.74 الصادر في 3 ذي الحجة 1442 14يوليو 2021 بتنفيذ القانون رقم 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية
[4] الفصل 25 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 الموافق ل12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تعديله بالقانون 14.07
[5] عمر الهواري، مسطرة الضم والتحديد، ص: 74
[6] الظهير الشريف رقم 1.92.31 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 15 يوليوز 1992، ص: 587
[7] المادة 45 من القانون 57.19
[8] تدبير أملاك الجماعات الترابية، عرض في الإجازة المهنية التدبير الترابي والتنمية المجالية، الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، السنة الجامعية، 2019-2020، ص: 29
[9] تدبير أملاك الجماعات الترابية، نفس المرجع، ص: 29
[10] تدبير أملاك الجماعات الترابية، نفس المرجع، ص:28
[11] أحمد أجعون، نشاط ووسائل الإدارة وفقا للتشريع المغربي، منشورات مجلة الحقوق سلسلة الدراسات والأبحاث، مطبعة المعارف الجديدة 2016، ص: 169
[12] حمي الكشاف، المنازعات المتعلقة بالاحتلال المؤقت للملك العام، بحث لنيل شهادة الماستر في المنازعات الإدارية والمساعدة القضائية للجماعات المحلية، طبعة 2011، ص: 12
[13] حكم المحكمة الإدارية بأكادير رقم 124 بتاريخ 13-05-1999، في الملف عدد 276/19997 ش منشور بالموقع الإلكتروني WWW.BARREOURABAT.MA
[14] محمد بوجيدة، تدبير الأملاك العامة للجماعات المحلية وهيئاتها، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع الرباط، ص: 19 و 20