” تشغيل الأطفال: دوافع الظاهرة و الإطار القانوني المخصص لحمايتهم: (مقاربة سوسيوقانونية)” – رضوان أمينة. باحثة بسلك الدكتوراه
” تشغيل الأطفال: دوافع الظاهرة و الإطار القانوني المخصص لحمايتهم: (مقاربة سوسيوقانونية)”
“Child labor: motives of the phenomenon and the legal framework designated to protect them:
(a socio-legal approach)”
رضوان أمينة. باحثة بسلك الدكتوراه
الدّكتور حمداوي إبراهيم. أستاذ باحث بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالقنيطرة
مختبر: تراب، بيئة و تنمية. بنية التكوين: إعداد المجال و التنمية الترابية . كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل. القنيطرة
الملخص:
تعالج هذه الدراسة ظاهرة تشغيل الأطفال، حيث افتتحت بمقدمة ذكّرت بالاتفاقيات والمواثيق و النصوص القانونية الدولية التي اهتمت بالظاهرة، وخلصت إلى صعوبة إعطاء تعريف لظاهرة تشغيل الأطفال باعتبارها مفهوما معقدا. وقسمت الدراسة إلى مطلبين اثنين: بحث المطلب الأول في دوافع ظاهرة تشغيل الأطفال، و استعرض المطلب الثاني الإطار القانوني الدولي و الوطني لحماية الأطفال العاملين.
الكلمات المفتاحية: تشغيل الأطفال، أسباب الظاهرة، الإطار القانوني الدولي ، الإطار القانوني الوطني ، اقتراح الحلول.
Summary:
This study deals with the phenomenon of child labor, as it opened with an introduction that reminded of the international agreements, charters and legal texts that dealt with the phenomenon, and concluded with the difficulty of giving a definition of the phenomenon of child labor as it is a complex concept. The study was divided into two requirements: the first requirement examined the drivers of the phenomenon of child labor, and the second requirement reviewed the international and national legal framework for the protection of working children.Keywords: child labor, causes of the phenomenon, international legal framework, national legal framework, proposing solutions.
مقــدمــة :
شهـد القرن العشرون تطورا كبيرا لمفهوم حقوق الإنسان وتزايد الاهتمام الدولي بوضع القواعد والاتفاقيات التي تكفل حقوق الإنسان وتحفظ كرامته، وفي خضم هذه المسيرة انتبه المجتمع الدولي إلى الواقع السيء الذي تعيشه الفئات الخاصة كالأقليات والنساء والأطفال[1]، حيث اتجـه نحـو وضع اتفاقيات خاصة بكل منها على حدة، مما نتج عنه عدد من المواثيق والنصوص القانونية الدولية، التي تهدف إلى تحقيق العدالة والرفاهية والمساواة لكافة البشر، دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس، ونال الطفل نصيبه من هذه الاتفاقيات[2] والإعلانات التي عالجت احتياجاته ومتطلباته ليعيش حياة كريمة تراعى فيها مصلحته الفضلى بعيدا عن أية عوامل قد تمس بسلامته الجسدية والنفسية[3]. وحق الطفل هو حق غريزي، تفرضه الفطرة، وتحفظه الإنسانية وتؤمنه طبيعة الوجود، وتحميه التعاليم السماوية[4] وتنظمه القوانين الوضعية في مختلف مجالاتها.
والحق في الحياة والنمو والحفاظ على مرحلة الطفولة في طورها الطبيعي، هو حق أصيل تتفرع عنه حقوق أخرى تخدم أغراضه، وتنظم اتجاهاته، وتحيط الطفل بسياج متين من الحماية حتى يصل إلى مرحلة الشباب سليم الجسم، موفور الأمان، عندها يعتمد على نفسه، ويتعرف على واجباته إزاء ما توفر له من حقوق بغير مقابل خلال مرحلة الطفولة [5]
ويصعب إعطاء تعريف لظاهرة تشغيل الأطفال باعتبارها مفهوما معقدا فهي ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية، وعموما يقصد بها حسب المفهوم الدولي: “أي نشاط اقتصادي، ولو في نطاق الأسرة وبدون أجر، من شأنه أن يؤدي في نهاية الأمر إلى اختلال العناصر السابقة المكونة لحياة أي قاصر، بل والتأثير على نموه الجسدي والنفسي”[6].
ويأتي اختيارنا لموضوع ” تشغيل الأطفال: دوافع الظاهرة و الإطار القانوني المخصص لحمايتهم: (مقاربة سوسيوقانونية)”، انطلاقا من عدة أسباب نذكر منها :
– الوضع المأساوي الذي يعيشه الأطفال المشغلون نتيجة اشتغالهم وتشغيلهم في ظروف جد مزرية.
– البحث عن أسباب تشغيل الأطفال ومحاولة إيجاد الحلول لكبتها بدلا من الاكتفاء من سن قوانين تنظم وتحظر تشغيلهم.
– قلة المساهمات الفقهية التي تناولت الظاهرة بالبحث كموضوع مستقل.
هذا وقد اعترضتني بعض الصعوبات أثناء بحثي في هذا الموضوع تتمثل في :
– قلة المساهمات الفقهية ونذرة الأحكام القضائية الصادرة في هذا الموضوع مما جعلني أسدّ النقص بالفقه والقضاء المقارنين.
ولما كان هذا البحث عملي أكثر منه نظري فقد استدعت الضرورة زيارتي لمجموعة من المؤسسات كمندوبيات الشغل بالبيضاء ومديرية الشغل بالرباط ومجموعة من مراكز حماية الطفولة ورعايتها، حيث زرت المؤسسة الواحدة أو المركز الواحد أكثر من مرة واحدة لصعوبة الإحاطة بالوثائق والمعطيات والمعلومات اللازمة والضرورية للبحث في الزيارة الواحدة.
وعلى رغم ذلك فإنني حاولت الإحاطة بهذا الموضوع من جانبيه النظري والتطبيقي، وبالتالي تحديد الإشكالية المنبثقة عنه انطلاقا من التساؤلات التالية :
– ما هي أسباب و دوافع تشغيل الأطفال؟
– وما هو الإطار القانوني الدولي و الوطني المخصص لحمايتهم من ظاهرة تشغيلهم ؟
وبخصوص تقسيـم هذا الموضوع، فقد ارتأيت أن يكون وفق تقسيم ثنائي كالآتي :
* المطلب الأول : دوافع تشغيل الأطفال
* المطلب الثاني : الإطار القانوني لحماية الأطفال العاملين
المطلب الأول
دوافع تشغيل الأطفال
يعد موضوع تشغيل الأطفال من المواضيع المعقدة التي تشغل بال الرأي العام الدولي والوطني لكونه يهم مستقبل أبرز الشرائح داخل المجتمع، ألا وهي شريحة الأطفال الذين هم نساء ورجال المستقبل والرأسمال الأساسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد، ومن تم فقد بات لزاما علينا البحث عن أسباب و دوافع استفحال هذه الظاهرة.
وهذه الظاهرة ليست بالظاهرة الجديدة في عالمنا، بل عرفتها المجتمعات من القدم[7] لأسباب متداخلة، حيث يعد الفقر والحاجة من بين دواعي تشغيل الأطفال، فالكثير من الأسر تدفع إلى تشغيل أبنائها في سن مبكرة، من أجل توفير لقمة العيش، وهذه شهادات مجموعة من نزيلات مركزي حماية الطفولة بالدار البيضاء[8] تقول خديجة “إن ما تعيشه أسرتي من فقر مدقع دفع بأبي إلى أن يدفع بي وإخوتي إلى الاشتغال في سن 7 سنوات” والجهل والأمية عامل ودافع آخر لاستفحال هذه الظاهرة، لكون الأسر التي تتصف بهذه الخاصية السلبية لا تحرص على تعليم أبنائها، لأنه لا فائدة في تعليمهم حسب نظرها، وإلى جانب هذين العاملين هناك العامل الثقافي المترسب في بعض فئات المجتمع التي ترى بأن التحاق الطفل بحرفة ما يضمن له الاعتماد على نفسه عندما يصبح يافعا، وهذا ما يجد تفسيرا أوسع في نظرية القرار الأسري”، حيث تشير هذه النظرية إلى أن الطفل مسلوب الإرادة، ولا يستطيع تقرير مصيره بنفسه، وبناء على ذلك، فإن الأبوين يقرران عنه بما يتوافق مع مصالحهما ويخدم ويحقق رغباتهما، وبالموازاة مع ذلك نجد السبب المتمثل في قلة المدارس وارتفاع تكاليف الدراسة، فعدم وجود المدارس في المناطق القروية يدفع الأسر إلى الامتناع عن تعليم أبنائها خاصة عندما يتجاوز الطفل المستوى الابتدائي، وارتفاع تكاليف الدراسة يشجع على دفع الأسر بأبنائها إلى عالم الشغل بكل سلبياته. حقا إن المشرع المغربي أصدر منذ 13 نونبر 1963 ظهيرا متعلقا بإلزامية التعليم الأساسي الذي يقضي بإجبارية التعليم الابتدائي للأطفال المغاربة ذكورا وإناثا ما بين سبع سنوات وثلاثة عشر سنة، والذي عمل على تعديله بمقتضى الظهير المؤرخ في 19 ماي 2000، حيث بمقتضاه أصبح التمدرس إجباريا ما بين ست سنوات إلى غاية خمسة عشر سنة، وأن الدولة تلتـزم بتوفيره لهم مجانا في أقرب مؤسسة تعليمية عمومية لمكان إقامته، فإنه مع ذلك يبقى العامل الأول المتمثل في الفقر كفيل بجعل الآباء يحجمون عن تعليم أبنائهم لسبب بديهي يتمثل في ارتفاع تكاليف ومتطلبات الدراسة، وبارتباط مع هذه الأسباب هناك السبب الاقتصادي المتمثل في تدهور الاقتصاد وانتشار التضخم وارتفاع مستوى الأسعار وتفاقم المديونية وانعكاس كل ذلك على مختلف القطاعات بما فيها الطفولة نظرا لتحويل الحكومات جزء من خدماتها الأساسية لسد العجز، وبخصوص العامل الاجتماعي، فيصعب النظر إليه من جانب واحد لتعدده من جهة وتداخله من جهة أخرى، نذكر من ذلك الاعتقاد السائد لدى كثير من الأسر بعدم جدوى التعليم لسوء البرامج التعليمية، وعقم المناهج الدراسية وخلوها من التحفيز على الإبداع ورعاية المبدعين وافتقار المدرسين إلى الأساليب الحديثة التي تحث على التفكير بدلا من التلقين الذي يقتل ملكة الإبداع عند الطفل، ثم عدم وعي بعض الأسر لأبسط حقوق أطفالها . وبالإضافة إلى كل ما سبق فإن هناك عوامل وأسباب أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها تتمثل في تشجيع المشغلين لظاهرة تشغيل الأطفال، لعدة عوامل نذكر منها : قلة أجور القاصرين، الطاعة العمياء، عدم شمولهم بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي، سهولة الاستغناء عنهم، عدم امتناعهم عن الشغل لساعات طوال، وعدم مشاركتهم في نزاعات الشغل . كذلك هناك أسباب مماثلة تشجع على تشغيل الأطفال تتجلى في إنجاب الأسرة الواحدة لأكثر عدد من الأطفال، انتشار ظاهرة الزواج المبكر في بعض المجتمعات الشيء الذي يزج بالطفل في عالم الشغل ويجعله يتكبد نفقات الزواج، انتشار ظاهرة الثأر في بعض البلدان يجعل الطفل يعيش في اضطراب نفسي لا يستطيع معه التركيز في دراسته وتعليمه، مما يجعله يتخلى عن الدراسة ويلج عالم الشغل، أضف إلى ذلك انتشار المنظمات المتاجرة في الأطفال وعدم الاستقرار السياسي في بعض الدول والحروب الأهلية والتفكك العائلي وانفصال الأبوين نتيجة طلاق أو بدونه وفقدان معيل الأسرة[9] . دون أن ننسى عامل النزوح الى المدينة ، إذ أن هذه الأخيرة لم تؤهل نفسها لاستقبال هؤلاء المهاجرين و أطفالهم و لم توفر لهم أبسط شروط العيش، متى علمنا يقينا أن جلّ المدن تفتقر إلى المؤهلات لمواجهة وتيرة التحضر، مما جعل عريضة من الوافدين على المدينة تعيش أوضاعا صعبة لأنها أصبحت تعاني من ضعف دينامية خلق فرص الشغل بهذه المدن، وبالتالي يظل الطفل الضحية الأولى للزوج الجهنمي المتمثل في التحضر و التفقير. وبهذا تكون ظاهرة الهجرة قد ساهمت في تركيز التنظيمات الاجتماعية التي تتكون من الأسر وأطفالهم قرب الأوراش المهنية والتي ترتبت عنها استراتيجيات للعيش، حولّت الهدف من الشغل لدى الأسر من رغبة في تحقيق الذات بالوسط الحضري الجديد إلى وسيلة للبقاء والكسب. 9 مكرر
المطلب الثاني
الإطار القانوني لحماية الأطفال العاملين
لقد صادق المغرب على مجموعة من الاتفاقيات، من بينها تلك التي تهتم بتنظيم تشغيل الأطفال، لهذا حرص على ملائمة قوانينه الوطنية معها، حيث جاءت مدونة الشغل بمقتضيات قانونية تحمي الطفل العامل.
9 مكرر – فوزية برج – سوسيولوجيا تشغيل الأطفال بالمغرب- منشورات دار التوحيدي – الطبعة الأولى 2015 – ص9/13.
ومن تم يمكن تقسيم الإطار القانوني لحماية الأطفال المشغلين إلى إطار قانوني دولي (فقرة أولى) وإطار قانوني وطني (فقرة ثانية)
الفقرة الأولى
الإطار القانوني الدولي لحماية الأطفال من ظاهرة تشغيلهم
بادر مشرعوا الدول على اختلافها إلى سن قوانين تنظم وتحظر تشغيل القاصرين أو الأطفال، ولقد كان لانجلترا قصب السبق في تنظيم تشغيل الأطفال من خلال القانون المؤرخ في 22 يونيو 1802، وفي سنة 1815 وجه أحد رجال الصناعة الانجليزيين “روبيروان” نداءات يهدف من خلالها إلى إدخال تدابير في جميع البلدان من أجل حماية الأجراء من الجهل والاستغلال، معطيا المثال بنفسه من خلال تخفيضه مدة الشغل اليومي إلى عشر ساعات ونصف في اليوم وامتناعه عن تشغيل الأطفال الذين تقل سنهم عن عشر سنوات، وبعد ذلك صدر قانون المصانع بانجلترا سنة 1833 الذي عمل على حماية الأطفال أثناء الشغل والذي طبق على أجراء صناعة النسيج، وتلت هذه القوانين التي صدرت بانجلترا القانون المتعلق بحماية الأطفال من حوادث الشغل الصادر سنة 1844، كما أنشأ نظام الشغل نصف اليومي حتى يتفرغ الطفل في النصف الآخر للتعليم.
وقد أعقبت انجلترا ولاية زيوريخ بسويسرا بالقانون الصادر في 7 نونبر 1815، ولم يبدأ رد فعل فرنسا ضد الوضعية التعسفية للأطفال إلا في العام 1840، حيث صدر أولا القانون المؤرخ في 22 مارس 1841 المتعلق بحماية الأطفال في حين نقص القانون الصادر سنة 1822 من جديد مدة الشغل بالنسبة للأطفال[10]. وأمام استفحال ظاهرة تشغيل الأطفال عملت عصبة الأمم على إصدار إعلان جنيف لحقوق الطفل الصادر بتاريخ 1924 بمثابة أول وثيقة دولية تعترف للطفل بمجموعة من الحقوق، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948، ثم إعلان حقوق الطفل في سنة 1959، وبعد ذلك صدر العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة 1966، وعرفت سنة 1989 صدور اتفاقية حقوق الطفل، التي تظل الوثيقة الدولية الوحيدة التي حددت المفهوم الشامل لمصطلح الطفل.
ولم تكتف الأمم المتحدة بإصدار هذه القوانين بل وجهت نداءات لإنهاء تشغيل الأطفال في العالم، نذكر منه النداء الذي أصدرته اللجنة الفرعية لمقاومة التفرقة العنصرية وحماية الأقليات بجنيف التي دعت إلى اتخاذ إجراءات جديدة بشأن موضوعات كثيرة منها موضوع تشغيل الأطفال. ولم تقف الحماية الدولية بخصوص حظر تشغيل الأطفال عند هذا الحد، بل تواصلت المجهودات بتأسيس منظمة العمل الدولية سنة 1919 التي أصدرت العديد من الاتفاقيات والقرارات والتوصيات لتحقيق المعايير المتعلقة بتشغيل الأطفال.
وعلى المستوى العربي تأسست منظمة العمل العربية سنة 1965 التي أصدرت ميثاق حقوق الطفل العربي سنة 1984 الذي عمل على تأمين الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الطفل العربي.
الفقرة الثانية
الإطار القانوني الوطني لحماية الأطفال من ظاهرة تشغيلهم
لم يسلم الواقع المغربي بدوره من تنامي ظاهرة تشغيل الأطفال لأسباب سنعمل على سردها[11]، لهذا أصبحت ضرورة وضع تنظيم قانوني لاحتواء الظاهرة أمر لا محيد عنه ابتداء من ظهير 13 يوليوز 1926 المتعلق بنظام الشغل، والذي تضمن مقتضيات خاصة بتشغيل الأطفال، هذا الظهير الذي عدل بظهير 02 يوليوز 1947 المتعلق بسن ضابط الخدمة والعمل في المجال الصناعي والتجاري والمهن الحرة، والذي خصص بعض مقتضياته لتنظيم تشغيل الأطفال، فالقرار الوزاري المؤرخ في 30 شتنبر 1950 الذي حدد مختلف أنواع الأشغال المسموح بتشغيل الأطفال فيها، ثم المرسوم المؤرخ في 04 يوليوز 1957 الذي منع تشغيل الأطفال البالغين أقل من ثماني عشر سنة في مخازن التبريد، والذي تلاه ظهير 24 دجنبر 1960 المتعلق بالأعمال المنجمية المنجزة في باطن الأرض كما وقع تعديله، والذي استتبعه تعديل ظهير 25 يونيو 1927 المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية الذي غير من حيث الشكل فقط بظهير 6 يونيو 1963، هذا الأخير الذي تضمن مقتضيات تخص كيفية تحديد التعويض اليومي والإيراد الممنوح للأجير القاصر في حالة تعرضه لحادثة شغل أو مرض مهني. وفي المجال الفلاحي صدر ظهير 09 أبريل 1958 بشأن استخدام الأجراء الفلاحيين الذي تضمن مقتضيات تحظر تشغيل الأطفال البالغين أقل من اثني عشر سنة هذا الأخير الذي عدل بظهير 24 أبريل 1973 المتعلق بشروط تشغيل المأجورين الفلاحيين وأداء أجورهم.
وبمصادقة المغرب على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل سنة 1993 أصدر المشرع القانون رقم 99\65 بمثابة مدونة الشغل بتاريخ 08 دجنبر 2003 التي دخلت حيز التنفيذ في 8 يونيو 2004.
خـاتـمــة :
لقد حاولنا على مدار صفحات هذا المقال أن نبرز مجموعة من الأسباب التي دفعت إلى تشغيل الأطفال والوقوف على الإطار القانوني الدولي و الوطني لحمايتهم من ظاهرة تشغيلهم. وهنا لا بد أن نطرح بعض الاقتراحات[12] التي من شأنها أن تخفف من ظاهرة تشغيل الأطفال ، حيث يمكن تقسيمها حسب المستويين التاليين:
على مستوى التمويل :
* دعم المرصد الوطني للطفولة، باعتباره الآلية الملائمة لرعاية ومتابعة كل المبادرات الوطنية المتعلقة بحماية الطفولة،
* دراسة إمكانية تخصيص فقرة خاصة بمحاربة تشغيل الأطفال في ميزانية الاستثمار بالوزارات المعنية،
* دعم الخطة الوطنية للطفولة، باعتبارها خطة مندمجة تشمل كل الجوانب المتعلقة بحماية الطفولة، مع العمل على تعبئة الموارد الضرورية لتمويلها.
على مستوى تعزيز الإطار المؤسساتي :
* إحداث آليات للتنسيق بين مختلف المتدخلين في الميدان،
* وضع نظام لتتبع وتقييم ظاهرة تشغيل القاصرين،
* تعزيز دور هيئة المساعدات الاجتماعية والعاملين الاجتماعيين عن طريق التكوين،
* مواصلة دعم عمل مفتشية الشغل في مجال محاربة تشغيل القاصرين.
ومسك الختام أن الحمد لله رب العالمين
لائحة المراجع:
المراجع باللغة العربية
محمد بلحاج الفحصي- استغلال الأطفال في المنظومة الجنائية (مقاربة سوسيوقانونية) جامعة عبد المالك السعدي – س. ج 2009/2010.
فاتن بوليفة- تشغيل الأطفال بين الواقع والآفاق- سلسلة مشروع تطوير القوانين – الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن .
حسن النصار – تشريعات حماية الطفولة – منشأة المعارف الإسكندرية .
عبد الرحمن بن محمد عسيري – تشغيل الأطفال والإنحراف– ط. 1 – الرياض 2005 م الموافق ل 1426 ﻫ.
فوزية برج – سوسيولوجيا تشغيل الأطفال بالمغرب- منشورات دار التوحيدي – الطبعة الأولى 2015 .
أحمد أبادرين – تشغيل الأطفال وحقوق الإنسان – أعمال الندوة الوطنية بمراكش 19 و20 مارس 2004 بعنوان المواطنة وحقوق الإنسان بالمغرب – ع22 – ط1 – س2005.
محمد حمـاد – تشغيل الأطفال : الواقع والآفاق – (حالة المغرب) بحث لنيل دبلوم السلك العالي في التدبير الإداري – الفوج الثامن 2008 – 2010 .
المراجع باللغة الفرنسية
– Nawz Bimine : Le travail industriel des femmes et des enfants en chine, édition pedon paris , 1993 p 199.
– Jihane Benyoussef : Le travail des enfants au maroc-mémoire de licence en droit privé présente par l’étudiante – université Mohammed V – facultés des sciences juridiques économiques et sociales de Rabat/Agdal-année 2000/2001.
l’enfant, l’éducation et le changement social – travaux du séminaire – royaume du Maroc université Mohammed V rectorat – du 28 mai au 21 juin 1979 – l’école normale supérieure université Mohammed V
– GEANNE-FAGNANI-Un travail et des enfants petits arbitrages et grands dilemmes-bayard édition
[1] – جاءت مدونة الشغل بلفظة الأحـداث، ونحن لن نستعمل هذا المصطلح لكون كلمة الأحداث تطلق على الأشخاص الجانحين، وفي مدون الشغل لا يعتبرون كذلك، لذلك سوف نستخدم كلمتي القاصرين أو الأطفال، وإن كان اللفظ الأول هو الصحيح، إلا أننا مع ذلك سنحتفظ باللفظين معا لكون الاتفاقيات الدولية التي سنعمل على تعزيز بحثنا بمقتضياتها جاءت بلفظ الأطفال. وعموما سنعطي تعريفات تفصيلية ودقيقة لكل واحدة من هذه المصطلحات، كالتالي:
الطفل لغة هو الصغير من كل شيء، الطفل، والطفالة، والطفولة، والطفولية، ولا فعل له.واصطلاحا هو كل إنسان لم يتجاوز 18 سنة، مالم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه.(المادة 1 من اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989)
والحدث هو الفتي السن وغلام حدث، أي شاب، فإذا ذكرت السن قلت حديث السن وكل فتي من الناس والدواب والإبل حدث.
والقاصر لغة يعني قصر الشيء بمعنى عجز عنه ولم يبلغه. واصطلاحا يعد القاصر مرادفا للحدث، وأطلق المشرع المغربي اصطلاح القاصر على الأشخاص الذين أتموا 12 سنة ولم يبلغوا سن الرشد.
محمد بلحاج الفحصي- استغلال الأطفال في المنظومة الجنائية (مقاربة سوسيوقانونية) جامعة عبد المالك السعدي – س ج 2009/2010- ص14.
[2] – من هذه الاتفاقيات نذكر على سبيل المثال لا الحصر :
– الاتفاقية رقم 5 حول تحريم تشغيل الأطفال في المنشآت الصناعية قبل سن الرابعة عشرة، التي تعتبر بمثابة أول اتفاقية دولية بخصوص تشغيل الأطفال، والتي عدلت بالاتفاقية رقم 59 التي بموجبها أصبح ممنوعا تشغيل الأطفال في المنشآت الصناعية قبل سن 15 بدل 14 سنة.
– اتفاقية عمل الأحداث ليلا في الصناعة، التي أصبحت نافذة سنة 1921 وعدلت سنة 1948، حيث منعت هذه الاتفاقية تشغيل الأطفال الأجراء في قطاع الصناعة ليلا.
– اتفاقية الحد الأدنى للسن التي يجوز فيها تشغيل الأطفال في الشغل البحري والتي أصبحت نافذة سنة 1921، وعدلت بالاتفاقية رقم 58 لسنة 1936.
– الاتفاقية رقم 10 بخصوص الحد الأدنى للسن التي يجوز فيها استخدام الأطفال في الزراعة والصادرة سنة 1923.
– اتفاقية الفحص الطبي الإجباري للأطفال المستخدمين على ظهر السفينة الصادرة سنة 1922.
– الاتفاقية رقم 77 بشأن الفحص الطبي لتقرير لياقة الطفل والشباب للعمل في الصناعة، التي بدأ نفاذها سنة 1950 والتي ألزمت بإجراء الفحص الطبي للأشخاص الذين تقل سنهم عن 18 سنة.
– الاتفاقية رقم 78، التي أصبحت نافذة سنة 1950، وألزمت بإجراء الفحص الطبي للأطفال المستخدمين في المهن غير الصناعية.
– الاتفاقية رقم 90 لسنة 1948 بشأن عمل الأطفال ليلا في الصناعة والتي منعت تشغيل الأطفال ليلا لغير البالغين 18 سنة. (أنظر الملحق)
[3] – فاتن بوليفة- تشغيل الأطفال بين الواقع والآفاق- سلسلة مشروع تطوير القوانين – الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن – ص 1.
[4] – أولى الإسلام اهتماما كبيرا للأطفال منذ كونهم أجنة في بطون أمهاتهم، وحدد لهم مجموعة من الحقوق، وهناك عدد من الآيات الكريمات تؤكد ذلك، يقول الله عز وجل “لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقكم وإياهم، إن قتلهم كان خطأ كبيرا ” سورة الإسراء الآية 31، وأيضا قوله تعالى : “وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى عن القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون” سورة النحل الآيتان
58-59.
وفي السنة النبوية روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن أعرابي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : “إنكم تقبلون الصبيان وما نقبلهم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك ” رواه البخاري ومسلم، كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم “أي أهل بيتك أحب إليك ؟ قال : الحسن والحسين” أخرجه الترمذي عن الإمام آنس بن مالك رضي الله عنه.
[5] – حسن النصار – تشريعات حماية الطفولة – منشأة المعارف الإسكندرية – ص 7.
[6] – أحمد أبادرين – تشغيل الأطفال وحقوق الإنسان – أعمال الندوة الوطنية بمراكش 19 و20 مارس 2004 بعنوان المواطنة وحقوق الإنسان بالمغرب – ع22 – ط1 – س2005.
[7] – محمد حمـاد – تشغيل الأطفال : الواقع والآفاق – (حالة المغرب) بحث لنيل دبلوم السلك العالي في التدبير الإداري – الفوج الثامن 2008 – 2010 – ص 4.
[8] – في إطار زيارتي لمركزي حماية الطفولة بالدار البيضاء وقبل إبراز شهادات النزيلات نعطي أولا ورقة تعريفية عن المركزين :
– مركز حماية الطفولة مرس السلطان بالدار البيضاء : دشن صاحب الجلالة محمد السادس مركز حماية الطفولة للفتيات مرس السلطان الفداء يوم 11 رمضان 1429 ﻫ الموافق لـ 12 شتنبر 2008 في إطار الشراكة بين وزارة الشباب والرياضة ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، وهذا المركز يعمل على احتواء الفتيات أقل من 18 سنة اللواتي هن في وضعية صعبة أو وضعية فعل جرمي وكذلك اللواتي هن في نزاع مع القانون، وطاقته الاستيعابية 40 سريرا.
– مركز حماية الطفولة عبد السلام بناني للفتيات بالدار البيضاء : افتتح هذا المركز بتاريخ 11 فبراير 1981، وهو يحتضن 86 نزيلة ويتوفر على 180 سريرا، ويستقبل الفتيات اللواتي هن في وضعية صعبة أو وضعية فعل جرمي أو اللواتي هن في نزاع مع القانون لما بين 12 و18 سنة. ومن خلال استماعي لشهادة مجموعة من الفتيات التي دخلنا المركز والمصنفات في قائمة وضعية صعبة تبين لي أن البعض منهم اشتغلنا كخادمات بيوت، وأجمعن على أن الفقر والحاجة كان سببا مباشرا ودافعا قويا لدخولهن الشغل في سن مبكرة، قالت البعض منهن “إنهن وعين على الدنيا وهن يفترشن أرض المطبخ في الليل ويعملن
على خدمة عائلة كبيرة بالنهار”، وأضافت البعض منهن على “أن حالتها تشمل إخوتها
الصغار كذلك، الذين عملوا في سن مبكرة في مختلف الحرف التقليدية كالخرازة
والبقالة وغيرها”، وأن هذه الفتيات سبق أن فتحت لهن ملفـــات في المحاكـم بجنـح مختلفة إما التشرد أو التسول أو السرقة وهن موضوع الأرقام التالية : 777/10 -125/11 –
02/11 ……
كما عملت على زيارة مركز حماية الطفولة تيط مليل، وهو مركز يعمل على احتواء الفتيات أقل من 18 سنة اللواتي في وضعية صعبة أو وضعية فعل جرمي أو اللواتي في نزاع مع القانون، وخلال زيارتي لهذا المركز كذلك استمعت لمجموعة من الفتيات اللواتي سبق لهن أن ولجوا عالم الشغل في سن مبكرة، فأكدن جميعا أن الحاجة والفقر = لم يمهلا أسرهن على الدفع بهن إلى عالم الشغل في حرف منحطة ومهينة بالكرامة الإنسانية.
[9] – عبد الرحمن بن محمد عسيري – تشغيل الأطفال والإنحراف – ط. 1 – الرياض 2005 م الموافق ل 1426 ﻫ – ص 35 وما يليها.
[10] – Nawz Bimine : Le travail industriel des femmes et des enfants en chine, édition pedon paris , 1993 p 199.
[11] – Jihane Benyoussef : Le travail des enfants au maroc-mémoire de licence en droit privé présente par l’étudiante – université Mohammed V – facultés des sciences juridiques économiques et sociales de Rabat/Agdal-année 2000/2001-p6 et suivre.
[12] – بالنسبة للحلول المقترحة للتخفيف من ظاهرة تشغيل الأجراء القاصرين، أنظر بحثى نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء:
– الأول للأستاذ عيسى قصي – تشغيل الأطفال بين المواثيق الدولية والقوانين المحلية – بحث نهاية التمرين بالمعهد الوطني للدراسات القضائية – الفوج 28 – الفترة التدريبية 2000-2001 .
– الثاني للأستاذ محمد المغير – تشغيل الأحداث في القانون المغربي – بحث نهاية التمرين بالمعهد الوطني للدراسات القضائية – الفوج 22 – الفترة التدريبية 1992-1994.
وأيضا:
l’enfant, l’éducation et le changement social – travaux du séminaire – royaume du Maroc université Mohammed V rectorat – du 28 mai au 21 juin 1979 – l’école normale supérieure université Mohammed V – P5