تقرير حول أشغال ندوة وطنية في موضوع» المرأة وخطة العدالة «
تقرير حول أشغال ندوة وطنية في موضوع» المرأة وخطة العدالة «
مريم خراج
باحثة بسلك الدكتوراه
مختبر البحث قانون الأعمال، كلية الحقوق سطات
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 8 مارس 2018، نظمت شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق سطات، بشراكة مع مختبر البحث قانون الأعمال ومختبر البحث حول الدراسات العقارية والتعمير و الهيئة الوطنية للعدول بالمغرب ندوة وطنية في موضوع: »المرأة وخطة العدالة « وذلك بالمدرج الرئيسي لكلية الحقوق .
حيث انطلقت أشغال الندوة على الساعة التاسعة صباحا، وقد عرفت التظاهرة حضورا وازنا تمثل في الهيئة الوطنية للعدول ممثلة في شخص رئيسها ومجموعة من أعضائها وممثلين عن وزارة العدل و ممثلين عن المعهد العالي للقضاء،و المجلس العلمي المحلي للسطات ممثلا في رئيسه، ثم السيد نائب رئيس جامعة الحسن الأول، والسيد رئيس المحكمة الابتدائية بسطات، وممثلين عن الهيئة المحلية للموثقين بسطات، والسادة أساتذة الكلية ومجموعة من القضاة والمحامون إلى جانب فعاليات مجتمعية تنشط في النسيج الجمعوي والحقوقي المهتم بقضايا المرأة.
استهلت أشغال الندوة بكلمة افتتاحية للجنة المنظمة، التي رحبت بالحضور الكريم وأعربت عن الاعتزاز والافتخار باحتضان النسخة الثالثة لهذه الندوة،و أشارت إلى انه اليوم والعالم يحتفل بالمرأة وانجازاتها حول العالم كان لابد من الوقوف مع المرأة المغربية في هذا اليوم،هذه الأخيرة التي ساهمت وتساهم في شتى مجالات الحياة والتي تخطت التحديات و أنتجت وأحدثت التغيير والتي في خضم مسيرتها نحو إثبات وجودها كفاعلة طرحت مسألة ولوج المرأة لمهنة العدول للنقاش،هذه المهنة التي ظلت إلى وقت قريب حكرا على الرجال فقط حيث كان لابد من جعل المرأة جزءا من هذه المنظومة التي لا تقل أهمية وتأثير في المجتمع عن باقي المهن،حيث استغرق الأمر وقتا طويلا وتدرجا من مرحلة كان القانون ينص صراحة على شرط الذكورة إلى مرحلة تم إسقاط هذا الشرط و صولا إلى ما نحن بصدده اليوم بعد أن اصدر صاحب الجلالة الأمر بفتح باب الترشيح في وجه الإناث الراغبات في ولوج هذه المهنة جنبا إلى جنب مع الذكور، ليصبح بذلك معيار الانتقاء هو الكفاءة وليس الجنس ليتحقق انجازا إضافيا يعزز من الحق في المساواة بين الجنسين لتنهي الكلمة بتهنئة النساء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
بعد ذلك أعطيت الكلمة للدكتور رياض فخري نائب رئيس جامعة الحسن الأول، و مدير مختبر البحث قانون الأعمال، الذي أعرب عن ترحيبه بالحضور الكريم كل باسمه،واعتزازه بان الجامعة أصبح عندها عرف الاحتفال باليوم العالمي للمرأة كل سنة،و صرح بأن هذه السنة كانت متميزة بعد أن فتح صاحب الجلالة الباب أمام النساء الراغبات في ولوج مهنة العدالة مكرسا بذلك الثقة التي يوليها جلالته للمرأة المغربية التي أثبتت كفاءتها في جميع المجالات،وأعرب عن ترحيب الجامعة بهذه الالتفاتة المولوية من خلال تكريس هذه الخطوة على أرض الواقع بتوقيع شراكة مع الهيئة المغربية للعدول للعمل سويا بجدية من خلال خلق تكوين للإجازة المهنية لمهنة العدول من أجل،أولا تكوين الطلبة و الطالبات الراغبين في ولوج هذه المهنة،وثانيا توفير تكوين مستمر لمواكبة العدول للمستجدات الحاصلة على مستوى القانون، وأكد الدكتور استعداد الجامعة لتقديم خدماتها العلمية للرقي بهذه المهنة،وأنهى كلمته بتهنئة أستاذات وطالبات الجامعة وخص بالذكر اللاتي سهرن على تنظيم هذه التظاهرة العلمية .
ومن جانبه صرح الدكتور بوشعيب الفضلاوي، رئيس الهيئة الوطنية للعدول،بأنه فور تلقيه البلاغ الملكي أرسل برقية ولاء وتثمين لصاحب الجلالة، و أعرب عن كامل استعداده لإيجاد أرضية مناسبة لاشتغال المرأة العدل جنبا إلى جنب مع الرجل العدل ,وصرح أنه من الوقت الذي وصل الخبر توافدت مجموعات من داخل وخارج المغرب لتبارك الخطوة وتستفسر عن بيداغوجية تكوين العدول ,وأكد الدكتور أن تكوين العدول يجب أن يكون شاملا ومنفتحا على جميع المجالات لأنها مهنة متشعبة تتداخل فيها جميع فروع القانون مثل القانون العقاري وقانون الشركات،مدونة الأسرة، قانون التوثيق … وانتقل إلى التأكيد على أن الالتفاتة المولوية جاءت رأفة و رحمة بالعدل, لأن صاحب الجلالة كلف وزير العدل للحرص على التطبيق الفعال لمضامين الأمر الملكي ,فقام بدوره السيد وزير العدل بالتواصل مع الهيئة الوطنية ووعدها بالعمل على تحقيق جل المطالب الحديثة والقديمة التي ناضلت من اجلها الهيئة .
و في الأخير، عبر الدكتور الفضلاوي عن فرحته أولا، بالمرأة المغربية والمكانة التي وصلت إليها وثانيا، بولوجها إلى مهنة العدول،وأكد رغبته الجادة في توقيع شراكة مع جامعة الحسن الأول لمد جسور التعاون والعمل سويا على الرقي بالمجتمع من خلال تزويد مختلف المعنيين بكل ما من شانه أن يرقى بهده المهنة، وأكد أن مكاتب العدول دائما مفتوحة لجميع من تقدم سواء للتكوين وللتزود بالمعلومات .
الدكتورة إيمان ولجي رئيس شعبة القانون الخاص، أعربت عن ترحيبها بالضيوف،وأكدت أن 8 مارس عادة وتقليد دأبت الجامعة على الاحتفال فيه بإنجازات المرأة المغربية، وأشارت أن 8 مارس تاريخيا كان يوم احتجاج تخرج فيه النساء للاحتجاج على الأوضاع المزرية التي تعانيها الكثيرات من عنف جسدي و جنسي و الحرمان من التعليم، و ترى الدكتورة أن 8 مارس هو فرصة للتقدم والدعوة للتغيير وتكثيف الجهود للنهوض بدور المرأة وتعزيز مكانتها،خصوصا أن المرأة المغربية أثبتت جدارتها من خلال انجازاتها في جميع المجالات وخير دليل تقول الأستاذة، هو موضوع الندوة،المرأة وخطة العدالة .
وصرحت الدكتورة أن أستاذات الكلية فضلوا الاحتفال باليوم العالمي للمرأة بطريقتهن باعتبارهن باحثات في المجال القانوني,من خلال ندوات علمية يناقشن فيها مواضيع علمية جديدة تهم المرأة المغربية، انطلاقا من النسخة الأولى لهذه الندوة 2016 والتي كان موضوعها حول :
« statut juridique et réalité socio-économique de la femme au Maroc »،ثم النسخة الثانية 2017 حول موضوع : . « femme et systèmes ou en sommes- nous ! »
وختمت الأستاذة كلمتها بشكر كل من ساهم في تنظيم هذه التظاهرة العلمية من جامعة والهيئة الوطنية للعدول و مدير مختبر البحث قانون الأعمال ومديرة مختبر البحث حول الدراسات العقارية و الطلبة وموظفي الجامعة، وهنئت جميع النساء الحاضرات .
تواصلت الكلمات الافتتاحية بكلمة الدكتورة وفاء الصالحي، مديرة مختبر البحث حول الدراسات العقارية و التعمير، التي رحبت بدورها بالجميع أشارت إلى أن هدا اللقاء العلمي يضاف إلى باقي الأنشطة العلمية التي تنظمها الجامعة كل سنة احتفالا بالمرأة،وأضافت أن الأمر الملكي بفتح باب ولوج المرأة لخطة العدالة أسعدها كثيرا حيث كانت تنوي تنظيم ندوة دولية حول الموضوع و مد الجهات المعنية بالتوصيات بضرورة تمكين المرأة من ممارسة مهنة العدول لكن تم إصدار الأمر الملكي الذي اسعد الجميع تقول الدكتورة .
لتنتقل للحديث عن موقف المجلس العلمي الأعلى حول الأمر، والدي بدوره صرح بعدم وجود مانع شرعي لممارسة المرأة لمهنة العدول هذا القرار الذي أنبنى على مبدأين، الأول شرعي و الثاني واقعي انطلق من كفاءة المرأة التي أثبتتها على جميع المستويات، لتختم الدكتورة بكلمة شكر وعرفان في حق كل من الهيئة الوطنية للعدول والمجلس العلمي المحلي بسطات .
وأعطيت الكلمة للدكتور عراش عبد الجبار بصفته نائبا عن عميد الكلية،الذي بدأ كلمته بتحية إجلال وتقدير و احترام للمرأة بكل مستوياتها،واستدل في كلمته بشخصيات من التاريخ ,أولهم رسول الله محمد عليه أفضل الصلوات, من خلال قوله في خطبة الوداع , »اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله «،ثم قول الفيلسوف المفكر كارل ماركس، »اذا أردت معرفة تقدم أو تخلف أي مجتمع لا عليك سوى معرفة مكانة المرأة عندهم «، وأعطى مجموعة من الإحصاءات حول أوضاع المرأة ،70% من فقراء العالم هن نساء، أجور النساء تقل عن أجور الذكور بحوالي 25%،600 مليون امرأة أمية لم تتمكن ولوج المدارس، كل دقيقة تتوفى امرأة بسبب تعقيدات الحمل و الولادة بسبب العزلة، امرأة من بين ثلاث نساء تتعرض للعنف و التعذيب و الاستغلال الجنسي.
لينتقل بعد ذلك الدكتور عراش، لتكريم الدكتورة الفاضلة فاطمة المصلوحي، بعد أن قال في حقها كلمات جد معبرة تعكس مكانة هذه الأستاذة المتميزة على جميع المستويات الشخصية، العلمية.
ليتم الانتقال لمراسيم توقيع شراكة بين جامعة الحسن الأول ممثلة في الدكتور رياض فخري والهيئة الوطنية للعدول ممثلة في شخص رئيسها الدكتور بوشعيب الفضلاوي.
و قد ترأست جلسة اللقاء العلمي المتميز الدكتورة وفاء الصالحي،حيث افتتح جلسة المداخلات العلمية الأستاذ عبد الهادي البطاح، قاضي ملحق بوزارة العدل ومستشار بمحكمة النقض بمداخلة غنية عنوانها: الإجراءات المتخذة من طرف وزارة العدل لإدماج المرأة في خطة العدالة، حيث استهل حديثه بتهنئة المرأة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة،ثم انتقل إلى مباركة الخطوة الملكية، التي اعتبرها محطة تاريخية ثانية بعد المحطة الأولى التي كانت في 5 فبراير 2004 ,و اعتبرها دلالة عميقة و حمولة قانونية مهمة عززت حقوق المرأة المغربية من خلا ل إلغاء مدونة الأحوال الشخصية وتعويضها بمدونة الأسرة, حيث اندرجت هده الخطوة في إطار الحركة التي عرفها المغرب على مستوى الترسانة القانونية خصوصا على مستوى المساواة بين الرجل والمرأة تشريعيا و مؤسساتيا .
و يضيف الأستاذ انه تجسد الاهتمام بحقوق المرأة المغربية من خلال أولا، الرقي بحقوق المرأة دستوريا من خلال دستور 2011 الذي نص على مكافحة أي شكل من أشكال التمييز بسبب الجنس و ضرورة تمتع المرأة والرجل على قدم المساواة بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و البيئية تعزيزا لمبدأ المناصفة بين الرجل والمرأة و مكافحة جميع أشكال التمييز،حيث عمل المشرع على مراجعة مجموعة من النصوص القانونية وملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب و يتعلق الأمر بمدونة الأسرة، وقانون الشغل، والمسطرة الجناية و كفالة الأطفال المهملين ،و قانون الجنسية، هذا الأخير الذي أنصف المرأة المغربية من خلال إعطائها الحق في منح جنسيتها لأطفالها من أب غير مغربي،كذلك على مستوى مدونة الأسرة فهي ذات حمولة كبيرة في باب تكريس حقوق المرأة حيث حافظت على مرتكزات الأسرة المستمدة من الشريعة الإسلامية و أضافت مقتضيات مستجدة تتناسب وخصوصيات المجتمع المغربي و ما وصل إليه من تقدم و ما واكبه من خلال انخراطه في العديد من الاتفاقيات الدولية، كما أعطى الأستاذ مجموعة من الأمثلة بهذا الخصوص كالولاية و توحيد سن الزواج، تنظيم الطلاق والتطليق و جعله تحت مراقبة القضاء و تنظيم أحكام الحضانة، تقنين التعدد و تنظيم كافة الحقوق المالية لكل من الزوجة والأطفال بعد الطلاق و غيرها من الأمثلة الكثيرة.
و اعتبر الأستاذ ولوج المرأة لخطة العدالة خطوة إصلاح مهمة نظرا لما أبانت عنه المرأة المغربية من كفاءة في كافة المجالات،و اعتبارا لارتباط هذه المهنة بتعاليم دينية وفقهية تمت إحالة الأمر للمجلس العلمي الأعلى وابدى رأيه في الأمر بالإيجاز بناء على أحكام شرعية، و أضاف الأستاذ انه مباشرة بعد هذا القرار اتخذت وزارة العدل التدابير اللازمة لتنزيل،حيث تم عقد مجموعة من الاجتماعات مع مختلف المتدخلين لترجمة هذا القرار لأرض الواقع و من بين هذه الأطراف رئيس الهيئة الوطنية للعدول، لمناقشة الآليات الكفيلة بتيسير ولوج المرأة لخطة العدالة، كما أعرب عن شكره لرئيس الهيئة الأستاذ بوشعيب الفضلاوي على تعاونه واستعداده الكامل لتقديم ما بوسعه لتسهيل العملية، كما صرح الأستاذ انه تم عقد اجتماع آخر مع مدير المعهد العالي للقضاء لمناقشة مسألة مواكبة ولوج المرأة لخطة العدالة بواسطة برنامج تكوين أساسي لدعم قدرات المرأةإلى جانب الرجل بهدف الارتقاء بهذه المهنة،كذلك صرح الأستاذ انه تم إصدار قرار لوزير العدل بفتح المباراة لدورة ماي 2018 وتم حصر المناصب المتباري بشأنها في 800 منصب موزعة على دوائر المحاكم الابتدائية و المراكز التابعة لها،كما تم تحديد تاريخ هذه المباراة يوم 6 ماي 2018 بمدن،الرباط،الدار البيضاء، اكادير، فاس،وجدة و طنجة .
وأكد انه بفضل المجهودات المبذولة من خلال المقاربة التشاركية التي نهجتها الوزارة تم التوصل لمعطيات إحصائية مهمة تعكس مدى تجاوب المرأة و إقبالها على هذه المهنة من خلال نسبة المشاركة التي وصلت إلى 42% من نسبة المشاركين، حيث بلغ العدد 12 ألف مرشحة من أصل 29 ألف مرشح، مما يؤكد أن المرأة المغربية حاضرة بقوة في هذه المهنة على غرار باقي المهن.
وخلص الأستاذ أن الحدث مناسبة لوضع ورش إصلاح القانون المتعلق بخطة العدالة لتنزيل ماجاء به الميثاق الوطني لإصلاح العدالة سواء على مستوى التحديث و التخليق و التكوين من أجل تأهيل هذه المهنة و توفير مؤسسات خاصة بها لتعزيز ثقة المتعاملين معها وإيجاد ضمانات قوية لهم، من خلال فتح نقاش مع جميع المتدخلين للاستجابة لانتظارات السادة العدول ودمج هذه المهنة مع محيطها الاقتصادي و الاجتماعي لتواكب المستجدات التي يعرفها العصر في كل المجالات.
من جانبه استعرض الدكتور بوشعيب الفضلاوي، رئيس الهيئة الوطنية للعدول، في مداخلته المعنونةبالمرأة العدل بين فانون الخطة وواقع الممارسة، انه لا يرى مانعا من ممارسة المرأة لمهنة العدول من منطلق قانوني، والشرع يفرق بين الكتابة والإشهاد ويرى الأستاذ أن هذا أمر موكول للجهات المختصة في ذلك ويضيف أنهم كجهة يكمن اختصاصهم في التوثيق والأسرة و باقي القوانين المؤطرة لمهنة العدول وأضاف أن العدل مكون في القانون بالأساس.
كما أكد الدكتور على ضرورة توفير الظروف الملائمة لاشتغال العدول وكذك من خلال تعديل القانون المؤطر لهذه المهنة، وهو فعلا ما شرعت فيه الجهات المختصة،حيث كلف صاحب الجلالة وزير العدل للوقوف على الأمر من اجل توطئة الأرضية الصالحة لمعالجة القوانين التي تؤطر هذه المهنة و وضعت مسودة لمشروع قانون مطروحة الآن للنقاش من أجل إبداء الرأي حولها من طرف مختلف المعنيين، وخلص الدكتور إلى أن ولوج المرأة لمهنة العدول هي خطوة مهمة لكن قبل تحديث هذه المنظومة يبقى أمر غير مقبول مهنيا.
و من جانبه تحدث الأستاذحسن وتاب قاضي التوثيق بالمحكمة الابتدائية بواد زم، من خلال مداخلته عن حق المرأة في ولوج العدالة بين الكتابة والإشهاد العدلي , حيث وضح الفرق بين الشهادة و الوثيقة العدلية،حيث ميز بين الشهادة العدلية التي يتلقاها عدلين أو عدل واحد وفق مسطرة قانونية محددة، كما تطرق لأنواع الشهادات و الوثائق التي يتلقاها العدول و أبدى رأيه بشأنها من خلال تجربته كقاضي للتوثيق .
و أكد الأستاذ أن الشهادة العدلية يقصد بها الشهادة المكتوبة لأن الوثيقة العدلية ليست إشهاد بل شهادة مكتوبة،اذن الأمر ليس شهادة بل توثيق تصرفات قانونية أي تحرير شهادة و تذييلها بتوقيع عدلين كما تقدم لقاضي التوثيق ليؤشر عليها فهي تخضع لمراقبة قاضي التوثيق من حيث شكلها و مضمونها، كما أثار مسألة مآل الوثيقة في حالة رفض قاضي التوثيق التأشير عليها واعتبرها من بين المشاكل العملية التي تطرح،لينهي الأستاذ مداخلته بتأكيده أن مهنة العدل في تطور دائم،وهو ما يعكس أهميتها و اعتبرها من أنبل المهن و أشرفها نظرا للوزن و الدور الذي تلعبه في الحفاظ على الأمن الاجتماعي والأسري و الأمن الاقتصادي .
و جاءت مداخلة الأستاذ محمد الصدام،ممثل المجلس العلمي و إمام مرشد بسطات، بعنوان المساواة في الحقوق و الواجبات بين المرأة و الرجل،حيث استهل حديثه بذكر حقوق المرأة و أوضاعها عبر العصور التي مرت بها الإنسانية وصولا ليومنا هذا انطلاقا من الإغريق الذين كانت عندهم المرأة مهينة، ثم الرومان الذين اعتبرو االمرأة بدون روح ، ثم الهنود الذين اعتبروا أن المرأة ليس لها حق في الحياة بعد موت زوجها، والفرس الذين أباحوا الزواج بالأمهات و الأخوات و اعتبروها من المتاع الذي يورث بعد موت صاحبه، واليهود الذين اعتبرو االمرأة لعنة حلت على الرجل و أخرجته من الجنة و اعتبروها كذلك خلقت لخدمة الرجل فقط، أما العرب الجاهلية اعتبروها متاع تملك و لا تملك، ثم الإسلامالذي جاء وحرر المرأة و كرمها و أعطاها حقوقها و أعاد لها إنسانيتها و اعتبرها شريكا للرجل في الحقوق والواجبات و الثواب و العقاب و استشهد على ذلك بالكتاب و السنة،لينهى الأستاذحديثه بتأكيده على كفاءة المرأة و جدارتها في مجتمعاتنا الحديثة في شتى المجالات، بل استطاعت المرأة في كثير من الحالات أن تتفوق على الرجل .
و في مداخلة الدكتور محمد رفيق المعنونة بقضية المساواة بين الفقه و القانون،تحدث عن مطلب المساواة و اعتبره مطلبا قديما قدم الإنسانية و أن التطور الذي عرفه المجتمع ألغى استئثار الرجل على مجموعة من المهن والمجالات التي كانت حكرا عليه،حيث أصبح المحدد هو العلم و العقل اللذان لا ينقصان المرأة .
كما تطرق الدكتور إلى أن جل الأديان تناولت و تبنت المساواة بين اتجاهات متعددة بين مضيق لها ومتحرر في تناولها وصولا إلى اتجاهات نهجت التسيب في مقاربة الأمر، لكن حسب الدكتور المنهج الصحيح هو المنهج الوسطي و الاعتدالي الذي يعطي المساواة و الحرية بناء على العرف و يراعي الخصوصيات التي يقوم عليها المجتمع، ثم حاول الدكتور مقارنة الحقوق على مستوى كل من الفقه و القانون و أعطى أمثلة تعكس المساواة بين الجنسين كالأهلية و تولي المرأة للمناصب السامية و النفقة و حق الكد و السعاية و الإرث و التراضي في الزواج و الطلاق و الحضانة، ليخلص أن الإسلام حرص على تأكيدمبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في الحقوق
و الواجبات.
و قبل الختام تم فتح باب النقاش حول الموضوع و تفاعل الحضور مع الأساتذة المتدخلين بطرح مجموعة من التساؤلات و الإجابة عنها، و تقديم مجموعة من المقترحات و الخلاصات القيمة، التي أسفر عنها هذا اللقاء العلمي المتميز و التي تتلخص في النقاط التالية:
- ولوج المرأة لخطة العدالة تكريس للمبادئ الدستورية.
- التسريع بإصلاح المنظومة القانونية المتعلقة بمهنة العدول أصبح ضرورة تفرضها المرحلة .
- ضرورة العمل على دمج مهنة العدول مع محيطها الاقتصادي و الاجتماعي لتواكب المستجدات التي يعرفها العصر في كل المجالات.
- تأهيل ومواكبة المرأة العدل الى جانب الرجل، ضرورة تعكسها أهمية الدور الذي تلعبه هذه المهنة في الحفاظ على الأمن الاجتماعي والأسري والأمن الاقتصادي.