تقرير لأول اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص تناقش في الكلية المتعددة التخصصات بالناظور في موضوع : تدبير الأملاك الوقفية بين الحماية القانونية و متطلبات التنمية.
تقرير لأول اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص تناقش في الكلية المتعددة التخصصات بالناظور في موضوع : تدبير الأملاك الوقفية بين الحماية القانونية و متطلبات التنمية.
تم إعداد هذا التقرير من طرف :
محمد الملكي- باحث في ماستر العقار و التعمير – الكلية متعددة التخصصات الناظور .
ناقش الطالب حكيم بلحرش اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، بتاريخ 14/12/2019 وذلك تحت رعاية مختبر البحث في قانون العقار و التعمير -الكلية متعددة التخصصات الناظور في موضوع ” تدبير الأملاك الوقفية بين الحماية القانونية و متطلبات التنمية.
وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة :
ذ.أحمد خرطة : استاذ التعليم العالي في الكلية متعددة التخصصات بالناظور مشرفا ورئيسا.
ذة. صليحة حاحي : استاذة التعليم العالي في كلية الحقوق وجدة عضوا .
ذة. فاطمة الزهراء علاوي : أستاذة مؤهلة بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية عضوا
ذ. أمين أعزان : أستاذ مؤهل بكلية الحقوق بطنجة – عضوا .
ذ.محمد كرادة : ناظر أوقاف بالصويرة بصفته خبيرا مهنيا في موضوع الأطروحة.
مدة المناقشة 3 ساعات. الميزة: مشرف جدا
بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
بداية اسمحوا لي ان اوجه شكرا خاصا لوالدي مصداقا لقول الله عز وجل وبالوالدين احسانا.
كما اوجه فائق الشكر و التقدير لأستاذنا “أحمد خرطة” لإشرافه على اطروحتي هذه، وكذا على خصاله الحميدة، و أخلاقه العالية، و سمعته الطيبة، و تكوينه العالي .
ولا يفوتني ايضا أن اشكر السادة الأساتذة أعضاء لجنة المناقشة، لتكبدهم عناء المشاركة في مناقشة اطروحتي .
كما اشكر جميع السادة الحضور .
فبتوفيق من الله جل جلاله، ثم بعون من أصحاب الفضل، اخترت موضوع: “تدبير الأملاك الوقفية بين الحماية القانونية و متطلبات الحكامة -“، لأتقدم به لمناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص.
يعتبر الوقف من المميزات التى تتمتع بها الحضارة الإسلامية، بإعتبار غايته الأساسية تتمخذ في البر و الإحسان، كونه فعلا تعبديا، كما انه يعتبر لدى المسلمين عملا من الثواب يجزى عليه الفرد في الدنيا و الأخرة.
ويشكل الوقف ثروة حضرية مهمة، و موردا حيويا متجددا، لا يمكن الاستهانة به، فهذا الكم الهائل من الأراضي و العقارات يمكن أن يكون موردا أساسيا لتمويل المشاريع الاقتصادية و الاجتماعية، بالموازة مع ارتباطه بالجانب الديني، مما جعل المشرع الوقفي يصدر مدونة الأوقاف في 23 فبراير 2010 حتى يقوم الوقف بالدور المنوط به.
و للوقف دور هام سواء في المجال الحضري او الاقتصادي او الاجتماعي او الاسلامي، وعليه كان لزاما قي اخذ خطوة للتفكير في إحيائه، و كيفية الاستفادة منه، و لن يتأتى ذلك إلا بإنكباب مؤسسة الأوقاف على الإهتمام بها، ولعل هذا الاهتمام يستشف من خلال تدخل المشرع الوقفي لضبط هذا القطاع عن طريق وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية التى تقوم بالحفاظ على هذا التراث الإسلامي.
و للدولة دور هام في إحياء الوقف و اشراكه في التنمية و استغلال ثرواته و حمايته من الاندثار و استثمار منافعه، حتى لا ترقى فكرة الأوقاف فكرة الأوقاف مجرد فكرة جامدة، لا يتعدى موضوعها هامش الصدقة، بل يتعدى الى أعمال تكون أكثر نفعا في مجالات مختلفة.
و الجدير بالذكر أن أهمية هذه الدراسة يتدخل فيها ما هو اقتصادي بما هو ديني، بإعتبار أن الأوقاف تعد قاطبة أساسية للمجال الإقتصادي، كما أن الوقف يشكل جزءا هام من الثروة الوطنية، ودفاعا على أحباس المسلمين كان لزاما من تأطيره بقوانين للأملاك الوقفية، و حسن تدبيرها، إلا ان ذلك لا يمكن ان يتم دون ان نسجل إشكالية محورية تجعلنا نتساءل : الى اي حد وفق المشرع المعربي في وضع نظام قانوني مناطه حماية الأملاك الوقفية وغايته التأسيس لحكامة جيدة لتدبير الموارد المالية أو بعبارة أخرى الى أي حد تمكنت الأوقاف من توفير الأمن القانوني و الأمن القضائي ومن ثم تكريس الحكامة في تدبير الأملاك الوقفية؟
إن معالجة هذه الاشكالية تقتضي منا مقاربة شمولية للوقف، كمساهم للتنمية المستدامة، من خلال تأطير الوقف الإسلامي و الحماية القانونية التى خطاها المشرع المغربي في الأملاك الوقفية، وكذا مناقشة تدبير الأملاك الوقفية التى يمكن أن تساهم في الزيادة من الموارد المتعلقة بالإستثمار، محاولين التطرق لمختلف الإشكاليات التى تواجه الوقف و سبل معالجتها من خلال ذلك قمت بتقسيم الموضوع الى قسمين :
القسم الأول : تناولت فيه نطاق و اليات حماية الأملاك الوقفية
أما في القسم الثاني : فقد تناولت فيه الوقف و متطلبات التنمية الشاملة و المستدامة بالمغرب.
لقد حاولت في القسم الأول التطرق لأهم سياق إستثمار الأملاك الوقفية كالكراء و المعاوضة، و كذا مجموعة من العقود و المعاملات و التصرفات التى يقوم بها الناظر او المسؤول عن ادارة الوقف، في قدر الامكانيات المتوفرة داخل المؤسسة.
و بإعتبار ان المؤسسة الوقفية أصبح لها دور فعال في هذا المجال، لذلك ارتأى المشرع المغربي لوضع اطار قانوني لها، و تنظيمها، و فسر في مدونتها طرق تسيير الأملاك الوقفية، حيث تتكلف الإدارة بتدبير أملاك الوقف، و استثمارها، و تنظيم هياكلها، وكذا ممارسة رقابة تدبيرها، إلا ان الحماية المتعلقة بالوقف تقتضي وجود اليات تسهر على تنظيم و مراقبة مالية الأوقاف، حيث تم إحداث المجلس الأعلى المتعلق بمراقبة مالية الأوقاف.
أما القسم الثاني فهو المتعلق بعلاقة الوقف بالتنمية، فقد حاولت أن ابرز كيف حاول المشرع المغربي خلق أو تكريس الوقف في التنمية من جانبه الاسلامي، ليرقى به الى اليات اجتماعية، من اجل النهوض بالقطاع الوقفي، لإزدهار التنمية المستدامة، و عدم الاقتصار على استثمار الأراضي الوقفية، وإنما وجب تحسين أداء المشاريع الوقفية، وترشيد اتخاذ القرارات فيها، كل هذا في اطار النهوض بالقطاع الوقفي في تمويل التنمية المستدامة، من خلال التركيز على حكامة عالية للوصول الى القطاع الوقفي التنموي، الذي خلق من أجله، و المزواجة بين ما هو ديني وإجتماعي و إقتصادي، ولتحقيق هذه المعادلة بين الوقف و التنمية يقتضى منا التفكير في اساليب لتطويره.
و في المغرب فإن تحقيق كل هذه الأهداف، و تفعيل هذه الآليات قد تم عن طريق جمع الأحكام الفقهية، ذات البعد الإقتصادي و الاجتماعي، و اصدراها في تقنين موحد، من خلال مدونة الأوقاف، التى تمثل اطارا قانونيا و اقتصاديا مناسبا للإستثمار الاوقاف، و تنميتها، وليس مجرد اعتبارها احكام فقهية.
فقد عملت مدونة الأوقاف على تجميع الأحكام الفقهية المتناثرة في قالب قانوني عصري، يشكل الوحدة الشمولية في مرجعيته، مما من شأنه الحد من الاختلاف في التأويل عند التطبيق، و انعكاسه على مستوى العمل القضائي، مع الاحتفاظ بالخصوصية التى تميز الأوقاف بالمغرب.
و من خلال دراستنا لموضوع تدبير الأملاك الوقفية بين الحماية القانونية و متطلبات الحكامة يمكن أن نقترح مجموعة من الإقتراحات .
– تعزيز التواصل مع المحسنين، لتحفيزهم على التحبيس و اطلاعهم على المجالات ذات الأولوية.
– اعداد خطة تواصلية تقوم بها الادارة، للتعريف بالوقف و الادلاء بأهمية وظائفه التاريخية، و الأدوار التى يقوم بها في الحاضر و المستقبل.
– اتخاذ الاجراءات القانوينة لحماية الرصيد العقاري الحبوسي، و تحبيس وضعيته القانونية، وذلك من خلال متابعة قضايا التحفيظ، و قضايا الملكية، و قضايا الاعتداء المادي، وقضايا دعوى ثبوت الوقف.
– إعداد خطة استراتيجية محلية، تصب نحو تنمية الوقف، و تنويع الاستثمارات الوقفية.
– ضرورة توفير دليل عملي، يبين تطبيق أحكام مدونة الأوقاف و نصوصها، حيث يكون بمثابة المرشد للناظر، و المراقب في تنظيم المقتضيات القانونية، مما يؤدي الى تجاوز سوء الفهم الذي يؤدي الى تعطيل العمل.
– التعجيل في صدور نصوص خاصة جنائية في مدونة الأوقاف، تجرم الاعتداءات التى تمس بالأوقاف العامة في خصوصيتها.
– تنظيم المحاضرات و الندوات و اللقاءات العلمية لمناقشة قضايا الوقف.
و نستنج من هذا كله، أنه ومن أجل توفير حماية قانونية للأملاك الوقفية لابد من تفعيل فكرة الأملاك الوقفية و أن لا تبقى عرضة للنهب و أختم بقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه” ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة”.