حالة الاستثناء في الأنظمة الدستورية المغاربية (دراسة مقارنة)
حالة الاستثناء في الأنظمة الدستورية المغاربية (دراسة مقارنة)
بقلم الحسن بمب مكت باحث مدرسة دكتوراه بموريتانيا
إن أي مجتمع من المجتمعات البشرية قد يمر عبر تطوره التاريخي بفترات جد عصيبة, نتيجة ظروف استثنائية أو غير عادية طارئة, قد تكون بفعل الإنسان كما هو حال الحروب والتمرد المسلح والانقلابات، وقد تكون هذه الظروف بفعل الطبيعة كالفيضانات والبراكين والزلازل و الأوبئة، الشيء الذي يهدد النظام العام ويمثل خطرا على أمن الدولة وسلامتها، وغالبا ما تعجز التشريعات القائمة والموضوعة في الأساس للظروف العادية أن تجد الحلول المناسبة لتجاوز هذه المصاعب والطوارئ كما أن هذه الظروف الاستثنائية قد تشكل تعارضا مع اعتبارين هما: المحافظة على كيان الدولة وسلامتها من جهة، ووجوب احترام قواعد القانون من جهة أخرى, مما يستدعي إيجاد الحلول التشريعية المناسبة الكفيلة بتحقيق هذين الاعتبارين.
ولمجابهة هذه الظروف تنص أغلب الدساتي, ومنها الدساتيرالمغاربية على مقتضيات دستورية تنظم الظروف الاستثنائية، ومنحت هذه الدساتير رئيس الدولة صلاحيات متعاظمة وغير محدودة في ظل الظروف الاستثنائية, حيث يصبح المنفذ والمشرع أي أنه يجمع السلطات الثلاث بين يديه، وفي هذه الحالة قد يتعرض الأفراد لخطر جسيم عندما يتعلق الأمر بحقوقهم وحرياتهم، كما تتعرض الأسس التي تقوم عليها دولة القانون والمتمثلة في مبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ الشرعية للانتهاك، وهذا كله فيه تجاوز لاختصاصات رئيس الدولة الأصلية، وفيه تأثير على مبدأ الشرعية [1].
ومن هذا المنطلق كان لزاما على المؤسس الدستوري التنصيص على جملة من القيود والضوابط التي تحد من السلطات الواسعة لرئيس الدولة في الظروف الاستثنائية، وأوجدت الرقابة الكفيلة باحترام حقوق الأفراد وحرياتهم، وكذا مبدأ الشرعية، الذي يتقلص في هذه الظروف، ولضمان حريات الأفراد وحقوقهم فإن ثمة ثلاثة أنواع من الرقابة، تتم مباشرتها،حين يعلن رئيس الجمهورية الظروف الاستثنائية، وهي الرقابة الدستورية التي يمارسها المجلس الدستوري، وطابعها سياسي على دستورية القوانين وقد تباشرها المحكمة الدستورية وهي في هذه الحالة رقابة دستورية قضائية، وقد يشرف البرلمان على الرقابة باعتباره ممثل الشعب وكذلك باعتباره يملك مؤهلات الفاعلية لممارسة الرقابة السياسية على سلطات الأزمات الخاصة الواسعة والخطيرة.
وهذه الرقابة التي يقوم بها البرلمان تكون في الأغلب غير مباشرة وذلك من خلال طرق ووسائل تمكنه من التأثير والضغط على الحكومة أو من خلال النص على وجوب اجتماعه خلال الظروف الاستثنائية, في حين تمثل الرقابة القضائية الضمان الحقيقي لحقوق الأفراد وحرياتهم لأنها الفيصل الفاصل بين مقتضيات الضرورة ومقتضيات المشروعية أي أن السلطة التقديرية للقاضي تحتاط لما تدعي السلطة أنه مصلحة عامة وما يدعي الأفراد من مشروعية بهدف حماية حقوقهم وحرياتهم من التعدي والانتهاك غير المبرر، فهي إذن سلطة تقديرية تجري في إطار من الموازنة الدقيقة بين اعتبارات المحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم وبين سلامة الدولة ودرء الأخطار التي تتهددها، إذ أن إقرار الرقابة الفعالة يمنع رئيس الجمهورية من التعسف و الاستبداد، ((فالسلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة))[2]، وفي تداعيات هذا المعنى يعيش العالم بصفة عامة والدول المغاربية بصفة خاصة ظروفا استثنائية حيث تجري هناك تحولات عميقة وخطيرة في الأبعاد السياسية و الفكرية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الإثنية في هذه الدول خلال العشرية الأولى من الألفية الثالثة حيث شهدت هذه البلدان بعض الخروقات والانتهاكات للقانون ولحقوق الأفراد.
ويجدر التنبيه إلى أن المقتضيات الدستورية التي توجه وتحكم سير السلطات العامة في الأنظمة الديمقراطية الحديثة تقسم الأدوار بين هذه السلط بخصوص تسيير شؤون الدولة في الظروف العادية، حيث تنفرد كل سلطة باختصاصاتها من حيث المضمون والمجال عن الأخرى، كما وضعت هذه الدساتير الضمانات التي تكفل انتظام عمل تلك السلط العامة واستمرار يته[3] .
غير أن الدول قد تتعرض لأوضاع استثنائية نتيجة الاضطرابات الداخلية أو الحروب أو الأزمات المختلفة تجعل الآليات التي وضعتها القواعد الدستورية العادية في حكم المتجاوزة نتيجة القصور عن التصدي للأوضاع الجديدة التي قد تجعل النظام الدستوري للدولة بكامله في مهب الريح أو تخل بأمن الدولة أو سيادتها على أراضيها.
وفي هذه الحالة الموصوفة دستوريا بالظروف الاستثنائية أو الضرورة تميل السلطات بصورة كلية لصالح رئيس الدولة عكس رجحانها في الظروف العادية إليه، حيث يمارس اختصاصات الدولة في شموليتها دون مشاركة أي سلطة أخرى لكن ذلك يتم طبقا لقواعد وضوابط محددة بمقتضيات دستورية, فما هي إذن الظروف الاستثنائية وكيف نظمتها الدساتير المغاربية ؟
وبغية الإجابة على هذين السؤالين سيكون التركيز في هذا البحث على حالة الاستثناء في الأنظمة الدستورية المغاربية, وهو ما سنتعرض له من خلال التأصيل النظري لحالة الاستثناء (مبحث أول)،على أن نخصص لسلطات الرئيس أثناء حالة الاستثناء(مبحث ثاني), وذلك من أجل أن نبرز بشكل واضح لما لرئيس الدولة في الدساتير المغاربية من دور فعال ومتعاظم وخطير حين يتم الإعلان عن العمل بالتدابير الاستثنائية، حيث يجمع في هذه الحالة جميع السلطات في يده بلا منازع، وعلى الرغم من تأثر الدستور الموريتاني وباقي الدساتير المغاربية بالدستور الفرنسي لسنة 1958 إلى حد الاستنساخ، فإن طابع الخصوصية التي تحكم كل مجتمع ونظام الحكم فيه وكيفية إدارة مؤسساته كانت سمة بارزة في دستور كل بلد على حده[4].
المبحث الأول: التأصيل النظري لحالة الاستثناء
تعد نظرية الظروف الاستثنائية أو الضرورة استثناء أو قيدا يرد على مبدأ سمو الدستور والنتائج المترتبة عليه وتجد هذه النظرية أصلها في القاعدة الرومانية التي تقول إن ((سلام الشعب فوق القانون أو هي الشرعية الأعلى))[5] واستناد إلى هذه النظرية تم تنظيم ممارسة السلطة في الدولة من خلال التركيز على مبادئ تهدف في الأساس إلى تقييد سلطة الحكام بغية تأمين وحماية مبدأ سيادة القانون وحقوق الإنسان وحرياته في الظروف العادية. غير أن ظروفا استثنائية عصيبة قد تعرض كيان الدولة والسلامة العامة للمجتمع للخطر كالحروب والأزمات …إلخ ، تستدعي اتخاذ تدابير استثنائية مشروعة بل واجبة في الظروف الاستثنائية لأن كينونة الدولة وصيرورتها في خطر محدق يلزم ضمان حماية الوطن واستمرار حسن سير المرافق العامة ولعل هذه علة وجود السلطة العامة في الماضي والحاضر والمستقبل.
ولتأصيل هذه الفكرة فإن ظهور المفهوم التقليدي لحالة الاستثناء يجد جذوره في التنظيم الدستوري في فرنسا في الميثاق الصادر 13/12/1789، كما يرجع إلى أواخر القرن التاسع عشر في ألمانيا، حيث اعترفت الدساتير الملكية للملك بسلطة اتخاذ أوامر مستعجلة لها قوة القانون، اعتمادا على حق الضرورة العمومية، المستقاة من فلسفة هيكل عن الدولة .
لكن نظرية حالة الاستثناء لم تتضح معالمها في فرنسا إلا في ظروف الاستعداد للحرب العالمية الأولى، ثم امتدت بعد ذلك إلى عدة دول أخرى كاليونان ورومانيا واسويسرا [6] غير أن نظرية حالة الاستثناء في واقع الأمر ابتكرها اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي، في المراجعات المرفوعة إليه ضد الإدارة وأدخلها دستور 1958 في القانون الدستوري، ليجعل منها أداة دستورية لتقوية سلطة رئيس الجمهورية، وقد كرست هذه النظرية المقتبسة من دستور فايمار الألماني سنة 1919 بعد خطاب الجنرال ديكول سنة 1946 (BAYEUX) حيث أعتبرت إرادة هذا الأخير هي مصدر وجودها، وبذلك تمت ترجمتها إلى واقع ملموس في دستور 1958 حيث مارس سلطاته الدستورية بنفسه دون حاجة إلى تصديق الوزير المختص، وجعل مركز الرئاسة هو المفتاح الحقيقي للنظام مما حدا بالرئيس جورج بومبيدو أن يقول إن الغرض من فكر ديكول هذا هو أن يوضع على هامة الدولة رأس واحد[7] . وحذت الدساتير المغاربية، حذو الدستور الفرنسي 1958 حيث نظمت حالة الاستثناء على نحو شبيه بما قرره دستور الجمهورية الخامسة، حيث نص دستورا تونس 1959و2014 وكذلك الدساتير الجزائرية والمغربية المتعاقبة على حالة الاستثناء وورد النص عليها في دستوري 1961و 1991 الموريتانيين.
وفي هذا السياق وللوقوف على حقيقة حالة الاستثناء وكيفية انعكاسها، على ممارسة السلطات في الدولة سيكون الحديث عن تعريف حالة الاستثناء والأسباب التي تدعوا اليها (مطلب أول )، ثم التنظيم الدستوري لحالة الاستثناء في دول المغرب العربي(مطلب ثاني).
المطلب الأول: تعريف حالة الاستثناء وأسبابها
يرى جانب من الفقه الدستوري العالمي أن التشريعات الفرنسية اختصت بسن قوانين الأحكام العرفية وحالة الطوارئ في الأنظمة الدستورية الحديثة ومنها انتشرت إلى أنحاء من العالم باستثناء انجليترا التي لا توجد فيها مثل هذه القوانين[8].
وتتجلى الصلاحيات الاستثنائية لرئيس الدولة في استخدامه إجراءات غير مسبوقة، لم تخول له ممارستها دستوريا في الأحوال الطبيعية، لأنها صلاحيات تقتصر على الحالات التي يكون فيها البلد مهددا بأخطار جسام، يتم التصدي لها بإصدار قوانين الطوارئ أو ما يعرف بإجراءات الأحكام العرفية.
ومن هذه الناحية يمكن شرح حالة الاستثناء عن طريق تعريفها (فرع أول ) ثم عن أسباب نشأتها (فرع ثاني).
الفرع الأول: تعريف حالة الاستثناء
يقصد بنظرية حالة الاستثناء:الحالة الاستثنائية التي يتم فيها تطبيق مبدأ المشروعية في الظروف غير العادية ،وهي نظام قانوني وجد جنبا إلى جنب مع تجسيد فكرة الدولة القانونية، وما تقتضيه من احترام لمبدأ المشروعية [9] ، ويسعفنا مونتسكيو في كتابه “روح القوانين” حيث يقول في هذا الصدد : “إن هناك حالات يتعين فيها مؤقتا وضع حجاب على الحرية، كما تخفى تماثيل الآلهة” ويؤكد سيشرون هذا المعنى حيث يقول: ” إن سلامة الشعب تسمو على كل قانون وضعي، وأنه من الضروري الالتجاء إلى أنجع الوسائل لمواجهة الأزمات العصيبة” .
واستندت كل التعريفات لنظرية حالة الاستثناء على خطورتها ،لأنها استثناء على مبدأ المشروعية حيث يعرفها الدكتور يوسف سعد الله خوري في دراسته لهذه الظاهرة بقوله : “الظروف الاستثنائية هي ظروف شاذة وخارقة تهدد السلامة العامة، والأمن العام في البلاد، ومن شأنها ربما أن تعرض كيان الدولة أحيانا للزوال”[10], وتأصيلا لهذا التعريف يقول الدكتور عقل عقل وصفا لهذه الظروف بأنها: “تلك الحالة من الخطر الجسيم والداهم، التي يتعذر تداركها بالوسائل العادية ما يدفع السلطات القائمة على حالة الضرورة لللجوء إلى الوسائل القانونية الاستثنائية، لدفع هذا الخطر ولمواجهة الأزمات”[11], ويرى الأستاذ ” D.G.LAVROF” أن إعلان حالة الاستثناء يعتبر سلطة خاصة برئيس الجمهورية يلجأ إليها لممارسة دوره التحكيمي, مثلما يلجأ إلى حل الجمعية الوطنية أو إلى الاستفتاء الشعبي, لكنها من الناحية المنطقية لا يمكن أن توضع مع هاذين الإجراءين في إطار قانوني واحد, نظرا لاختلافها عنهما من حيث الهدف و من حيث الوسائل, ففي حالة اللجوء إلى حل الجمعية الوطنية أو الاستفتاء الشعبي توكل إلى الشعب صاحب السيادة مسؤولية حل الأزمة السياسية سواء عن طريق انتخاب النواب أو التصويت السلبي أو الايجابي في الإستفتاء, أما في حالة إعلان حالة الإستثناء فيقوم رئيس الجمهورية بصفة شخصية بتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة الأزمة, دون إشراك الشعب أو ممثليه في اتخاذ القرار[12] وهذا يعني أن حالة الظروف الاستثنائية لا تقرر إلا بمقتضيات قانونية ودستورية، حماية للمصالح العامة الوطنية ولا يلجأ إليها إلا بصفة استثنائية ومؤقتة، لمواجهة حالات طارئة، لا تمكن مواجهتها بالقوانين العادية، حيث تجتمع السلطات في هذا الظرف وبصورة كلية في يد رئيس الدولة، مع تنظيمها بطريقة دستورية.
الفرع الثاني: الأسباب التي تدعوا إلى إعلان حالة الاستثناء
إن الأصول الأولى لنظرية الظروف الإستثنائية، تجد منبتها في الفقه الألماني، وخاصة في كتابات بعض الفقهاء الألمان من أمثال هيكل وهيرنيك و جلتيك، حيث يسوغ هيكل خروج الدولة على القانون باعتبار أنها هي التي أوجدته، وهي تخضع له لتحقيق مصالحها، وعليه فلا خضوع لها إلا إذا كان تحقيق مصالحها هو في عدم الخضوع للقانون، الذي يعد وسيلة لغاية، هي حماية الجماعة ، فإذا لم تؤدي هذه القواعد هذه الغاية، فعلى الدولة أن تضحي بها،[13] وهناك من يرى أن فكرة الظروف الاستثنائية، كانت من ابتكار اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي، عندما وضع الضوابط الخاصة بها لتحديد شروطها، وإضفاء مشروعية من نوع خاص، على أعمال الإدارة الصادرة في ظلها، حيث أعطت سلطات استثنائية في ظروف استثنائية في غياب النصوص الدستورية المنظمة لهذه النظرية، لمواجهة هذه الظروف بتدابير تتم مراقبتها، من قبل القضاء وبالتحديد القضاء الإداري، حسب جانب كبير من الفقه.
وفي هذا السياق يؤكد الدكتور يحيى الجمل في قوله: ” أثناء الحرب العالمية الأولى أخذ مجلس الدولة الفرنسي موقفا مغايرا لموقف محكمة النقض، موقفا اعتمد نظرية الضرورة وإن أطلق عليها مسميات أخرى فأحيانا يسميها نظرية سلطات الحرب ، وأحيانا يسميها نظرية الضرورة”[14]، إلا أن المتتبع لهذا التطور التاريخي يخلص إلى أنه في ظل دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة لسنة 1958 وجدت نظرية الظروف الإستثنائية ملاذ في خطاب Bayeux الذي ألقاه الجنرال ديكول سنة 1946 ، حيث اعتبرت إرادة هذا الأخير هي مصدر وجودها، وترجمت إلى واقع ملموس في دستور 1958 الذي أبرز الدور المحوري لرئيس الجمهورية، في الجهاز التنفيذي وهو جهد قصد به الجنرال ديكول أن يجعل من مركز الرئاسة المفتاح الحقيقي للنظام، وهو ما حدا بالرئيس بومبيدو أن يفسر أن المقصود من إرادة ديكول هذه أن يضع على هامة الدولة رأسا واحدا[15] ولا تقتصر فكرة الظروف الاستثنائية على القوانين الداخلية للدولة ممثلة في دساتيرها، حيث نصت الفقرة(1) من المادة (04) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على ما يلي: “في حالة الطوارئ الاستثنائية والتي تهدد حياة الأمة والمعلن قيامها رسميا ،يجوز للدول الأطراف أن تتخذ تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها، بمقتضى هذا العهد شرط عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي، وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره هو العرق،أو اللون، أو الجنس،أو اللغة، أو الدين، أو الأصل الاجتماعي”[16] والتدابير الاستثنائية المخولة لهذه الظروف يجب أن تكون مبينة بالتشريع وبطريقة واضحة لا لبس فيها لتفادي أي تعسف أو إفراط في تطبيقها، ولتحاشي أي غموض حول حقوق الأفراد وواجباتهم، ويجب أن لا تمتد تلك التدابير إلى الحقوق الأساسية، المنصوص عليها في المواد: 6-7-8-11-15-16-18 في هذا العهد.
ولا يجوز لأي دولة أن تخالف التزامها بحماية الحق في الحياة (المادة 6)، والحق في عدم الخضوع للتعذيب (المادة7)، و الحق في عدم الخضوع للاسترقاق والعبودية ( المادة8)، والحق في عدم التعرض للحرمان من الحرية لعدم سداد الديون (المادة11) ،والحق في عدم الخضوع لرجعية قانون العقوبات ( المادة15)، والحق في الاعتراف بالشخصية القانونية (المادة16) ،وحرية الفكر والعقيدة والديانة (المادة18) ، وعند ما كان تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية يقود إلى نوع من عدم التوازن بين السلط ،حيث تتركز هذه الأخيرة في يد رئيس الدولة كان لزاما على القضاء الدستوري و الإداري، أن يضع مجموعة من الضمانات للتوفيق بين أمرين هما : صون الحقوق والحريات والحفاظ على الأمن العام من جهة ومنع تعسف السلطة التنفيذية في استخدامها في اللجوء إلى إعلان حالة الاستثناء من جهة أخرى ، وفي هذا الإطار يتفق الفقه والقضاء، على التسليم للقاضي الدستوري والإداري كل من موقعه الاختصاصي بسلطة رقابية واستقصائية صارمة، وواسعة يمارسها في هذا الشأن ، حيث تم ضبط شروط وضوابط تتعلق بمعرفة ما إذا كان هناك وجود فعلي
وحقيقي لظروف استثنائية، يترتب عليها اتخاذ قرارات وتدابير وهذه الشروط هي:
أولا: قيام ظرف استثنائي
يعني هذا الظرف الاستثنائي وجود تهديد جسيم وخطير ضد الدولة ولعله أهم الشروط اللازمة لقيام نظرية الظروف الاستثنائية ، وقد يكون داخليا كالكوارث والأوبئة والعصيان المسلح، وقد يكون خارجيا كالحروب ، واجمع الفقه على وجوب توافر وصفين لهذا الخطر هما الجسامة والحلول .
والخطر يكون جسيما حسب الفقه إذا لم تستطع التشريعات القانونية العادية دفعه والتصدي له، والخطر الحال يقصد منه بلوغ الأحداث أو الظروف حدا يقود مباشرة إلى المساس بالمصلحة موضوع الحماية أي وجود تهديد ينذر بخطر جسيم حال موجه ضد الدولة .[17]
وقد أكد المجلس الدستوري الفرنسي على مسؤولية الدولة في احترام مؤسسات الدولة واستمرار حياة الأمة وضمان حقوق وحريات المواطنين مبرزا أن هذه المهام الدستورية تقع على عاتق السلطات العامة بوجه خاص كل في حدود اختصاصاته وعليه ممارستها وبدقة في الظروف الاستثنائية عندما تتهدد المخاطر المصلحة العامة ممثلة في النظام[18].
إن هذا الشرط مرتبط بالزمان والمكان حيث تكون الصفة استثنائية حقيقية وظاهرة وتكون التدابير لمواجهة هذا الظرف موضوعية أي أنها خلصت إلى أن ثمة وضعا استثنائيا يجب التصدي له ، ومن هنا يكون لزاما على القضاء إبطال أي عمل يستند متخذه لتبرير شرعيته إلى ظروف استثنائية وهمية أو لم تعد موجودة[19]
ثانيا: استحالة التصدي للظروف الاستثنائية بالوسائل القانونية العادية
لا يلجأ إلى هذا الشرط إلا كحل أخير لمواجهة أي ظرف وبتعبير آخر فإن استخدام التدابير الاستثنائية لا يكون إلا بعد نفاد وعجز التدابير العادية وهو موقف ذهب إليه مجلس الدولة الفرنسي سنة 1958 إبان الحرب التي كانت دائرة في الهند الصينية وما خلفته من أوضاع اقتصادية واجتماعية مزرية حيث أكد أن السلطات والوسائل التي يملكها الحاكم بموجب القوانين القائمة تكفي لمواجهة متطلبات هذا الموقف دون حاجة إلى أن يتجاوز طاقات اختصاصاته المقررة في هذه القوانين وعليه فإن التصرف أو الإجراء الصادر لمواجهة هذا الظرف الاستثنائي يجب أن يكون من مقتضيات الضرورة القصوى وفي حدودها أي أن الضرورة تقدر بقدرها وعند تجاوز الإدارة لهذه الحدود فإنها تعرض نفسها للمساءلة وتتعرض قراراتها للإلغاء أو التعويض أمام القضاء، ومن هنا دأب مجلس الدولة الفرنسي على رقابة مدى تناسب التدابير محل النزاع مع الظروف الاستثنائية التي كانت سببا في إصدارها لكي يحكم بمدى صحة القرار الصادر بناء على هذه الظروف [20].
ثالثا: تحقيق المصلحة العامة من خلال إعلان الظروف الاستثنائية
يعد تحقيق المصلحة العامة شرطا جوهريا لكل الأعمال التي تصدر عن الإدارة، سواء كان ذلك في الظروف العادية أو في الظروف الاستثنائية، فإن أي عمل تقوم به الإدارة أو تتخذه يجب أن يكون القصد منه تحقيق المصلحة العامة و حين تستخدم السلطة بصورة واسعة طبقا لما تتيحه الظروف الاستثنائية في هذا المجال ويكون متنافيا مع الشرط المتمثل في المصلحة العامة اعتبرت الإجراءات المتخذة في هذه الحالة فاقدة للشرعية [21]، ومن هنا يكون تحقيق شرط المصلحة العامة يدرك بداهة من الغرض الذي من أجله تعلن حالة الظروف الاستثنائية، لأن هذه الأخيرة لا تعلن إلا بهدف المحافظة على النظام العام واستمرارية حياة الدولة وهذا بالضرورة تحقيق المصلحة العامة الذي يكون معياره متوقفا على مدى ما يتخذ من إجراءات في الظروف الاستثنائية ومدى إسهام هذه الإجراءات في الهدف الذي من أجله أعلنت هذه الظروف.
رابعا: وجوب تناسب التدابير المتخذة في الظروف الاستثنائية مع الهدف المطلوب تحقيقه
إن هذه التدابير مرتبطة ومقتصرة على المدة أو الفترة التي توجد فيها الظروف الاستثنائية لأن الظروف الاستثنائية تجعل الإدارة تستفيد من شرعية استثنائية خاصة تحل محل الشرعية العادية وهذه الشرعية الاستثنائية محكوم عليها بالارتباط بتلك الظروف الاستثنائية من حيث الوجود والعدم وعليه فلا يجوز للإدارة ولا يقبل لها من الناحية القانونية أن تستمر في اتخاذ تدابير لمواجهة ظروف انقضت وأصبحت من الماضي مع العلم أن إعلان حالة الاستثناء في فرنسا استمرت لمدة ستة أشهر اثر انقلاب الجنرالات في الجزائر سنة 1961 حيث ان هذه المدة في نظر بعض الفقه لم يكن لها ما يبررها لان هذه الأحداث لم تأدي إلا شل عمل السلطات العامة في فرنسا إلا أن رأي آخر مغاير لهذا الرأي يقول بأنه يكفي أن لا يكون بوسع الحكومة و البرلمان العمل في ظروف عادية و هو ما تبناه المجلس الدستوري الفرنسي في رأيه الاستشاري بتاريخ 23 ابريل 1961 معتبرا أن الأحداث التي عرفتها الجزائر قد كانت تهدد السيادة الوطنية والشرعية الجمهورية التي تقود الى تهديد المؤسسات الجمهورية بشكل جسيم وحال حيث لم تعد هذه السلطات باستطاعتها أن تعمل بشكل منتظم لذا صرح المجلس الدستوري الفرنسي بان شروط إعمال المادة 16 قد توافرت وعلى هذا الأساس أسس الجنرال ديكول إعلان حالة الإستثناء 1961 رغم أن التمرد تم التغلب عليه بعد يومين من إعلان حالة الإستثناء، فالإشكال في هذا المقام ليس متعلقا بالمادة المنظمة لهذه السلطات الإستثنائية و إنما يتعلق بالطريقة التي يتم بها تطبيق هذه المادة[22], حيث أن رئيس الجمهورية يتمتع بسلطة تقديرية واسعة تمكنه من تمديد حالة الاستثناء.
وبناء على ما سبق ذكره وشرحه فإن الظروف الإستثنائية نادرة الوقوع ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار كل وضع أمني مغلق أو شاذ داخلا في نطاق هذه الظروف، و لا يجب التسليم بأي إدعاء من هذا القبيل للإدارة لكي تستفيد من حالة استثنائية وهمية، تخول لها تجاوز النصوص والأصول والقواعد والمبادئ القانونية الإلزامية المفروض احترامها والالتزام بها، فالفقه والاجتهاد يجمعان أن الظروف الاستثنائية ،لا تتأتى ولا تكون حقيقية إلا إذا وجدت حوادث أو أوضاع خطيرة تتهدد حياة الأمة أو مؤسساتها ، كما هو الحال في غزو البلاد واحتلالها أو الفيضانات الكبيرة أو الأوبئة الخطيرة أو الثورات الداخلية ذات الطابع العنيف [23]. أما في الدساتير المغاربية فتجد فكرة الظروف الاستثنائية أصلها ومصدرها ،في الدستور الفرنسي لسنة 1958 بموجب المادة 16 من هذا الدستور[24]، حيث نظمت هذه الدساتير حالة الاستثناء على نحو شبيه بما هو مقرر في هذا الدستور.
ومجمل القول فإن حالة الضرورة أو حالة الاستثناء تعتبر معيارا للتأكد من مدى شرعية التدابير الاستثنائية، المتخذة في النطاق الأوروبي ،وتجلى ذلك في قرار اللجنة الأوروبية الصادر1960 في “lawress” الذي تم تأييده من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يوليو 1961، وتضمن هذا القرار أن أفضل وسيلة لتقييم ضرورة التدابير الاستثنائية ،يتجلى في معيار ثلاثي الأبعاد :
- مساهمة التدابير المتخذة في حل مشكلة خاصة تمر بها البلاد تعد جزءا من الحالة الاستثنائية،
- عجز التدابير العادية التي تتفق مع القواعد الدولية عن حل تلك المشكلة ،
- إمكانية حل هذه المشكلة بتدابير استثنائية أخرى لها نتائج أقل تأثيرا على حقوق الإنسان [25].
المطلب الثاني : التنظيم الدستوري لحالة الاستثناء في دول المغرب العربي
على غرار ما هو موجود في الدستور الفرنسي لسنة 1958 نظمت الدساتير المغاربية حالة الاستثناء، دون كبير اختلاف. فقد نصت المادة 39 من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية 1991 المعدل سنوات 2006- 2012- 2017 المقابلة للمادة 25 من دستور 1961[26] على مايلي: “يتخذ رئيس الجمهورية بعد الاستشارة الرسمية للوزير الأول ولرئيس الجمعية الوطنية وللمجلس الدستوري ، التدابير التي تقتضيها الظروف حينما يهدد خطر وشيك الوقوع مؤسسات الجمهورية والأمن والاستقلال الوطنيين وحوزة البلاد ، وكذلك حينما يتعر قل السير المنتظم للسلطات العمومية الدستورية ، ويطلع الأمة على الحالة عن طريق خطاب.
* تنبع هذه الإجراءات من الرغبة في ضمان استعادة السير المضطرد والمنتظم للسلطات العمومية في أقرب الآجال، وينتهي العمل بها حسب نفس الصيغ حال ما تزول الظروف المسببة لها.
* تجتمع الجمعية الوطنية وجوبا.
* لا تحل الجمعية الوطنية خلال ممارسة السلطة الاستثنائية”.
ونص الفصل 80 من الدستور التونسي لسنة 2014 المقابل للفصل 46[27] من دستور 1959 على ما يلي: “لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستغلالها يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة ، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس نواب مجلس الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية ، ويعلن عن التدابير ببيان إلى الشعب.
ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد طيلة هذه الفترة.
وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب ، كما لا يجب تقديم لائحة لوم ضد الحكومة. وبعد مضي 30 يوما على سريان هذه التدابير ، وفي كل وقت بعد ذلك ، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو 30 ثلاثين من أعضائه البت في استمرارية الحالة الاستثنائية من عدمه ، وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه 15 خمسة عشر يوما .
وينهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها ، ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب”.
ولم تختلف الجزائر في التنصيص على حالة الاستثناء في كل دساتيرها حيث نصت المادة 93 من دستور 1996 (المقابلة للمادة 59 [28] من دستور 1963 ، والمادة 120 من دستور 1976 ، والمادة 87 من دستور 1989) على ما يلي: (“يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استغلالها أو سلامة ترابها.ولا يتخذ مثل هذا الإجراء إلا بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة والمجلس الدستوري، والاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء. تخول الحالة الاستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الاستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استغلال الأمة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية . ويجتمع البرلمان وجوبا. تنتهي الحالة الاستثنائية ، حسب الأشكال والإجراءات السالفة الذكر التي أوجبت إعلانها”).
ولم يختلف الأمر في المغرب حيث كان التنصيص على حالة الاستثناء حاضرا في جميع دساتيرها والتي كان آخرها دستور 2011 الذي نص في الفصل 59 المقابل للفصل 35 [29] من الدساتير المغربية الأخرى على ما يلي : (“إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية أمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب إلى الأمة, ويخول الملك بذلك صلاحية اتخاذ الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية ويقتضيها الرجوع في أقرب الآجال إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية, لا يحل البرلمان أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية, تبقى الحريات والحقوق المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة. ترفع حالة الاستثناء بمجرد انتفاء الأسباب التي دعت إليها وباتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها”).
وبناء على ما تقدم من نصوص دستورية فإن مسوغات العمل بحالة الاستثناء يعد تقليدا درجت عليه مختلف النصوص الدستورية المغاربية وهو تنظيم يعطي لرئيس الجمهورية مكانة خاصة ومحورية في هذه البلدان حيث تتيح له المقتضيات الدستورية المنظمة لهذه الحالة إمكانية جمع كل السلط بيده دون منازع أي أن هذه المكانة أشبه ما يمكن أن توصف به أنها دكتاتورية دستورية مؤقتة رغم ما يتعين على رئيس الدولة من إجراءات تجب مراعاتها لحظة إعلان حالة الاستثناء. كما يتأكد من خلال القراءة المتأملة لهذه النصوص أيضا أن ثمة مسوغات جوهرية وأخرى ظاهرية تختلف من دستور لآخر يجب أن تحصل حتى يتسنى لرئيس الدولة إعلان حالة الاستثناء ، عندما تتعرض الدولة لخطر داهم وحال. وهذا ما سنعالجه من خلال المسوغات الجوهرية للحالة الاستثنائية (فرع أول) والإجراءات الظاهرية لإعلان حالة الاستثناء (فرع ثان).
الفرع الأول: الشروط الجوهرية لحالة الاستثناء
لا خلاف أن حالة الاستثناء تعد خطيرة على الحقوق والحريات العامة على وجه الخصوص، لذلك كان لزاما على المشرع الدستوري أن يربط بين إعلان هذه الحالة وضرورة توافر ظروف خطيرة تفرض مواجهتها التضحية بالحقوق للمحافظة على كيان الدولة حيث أقر المشرع الدستوري مقتضيات في مختلف الدساتير المغاربية تراعي هذه الظروف كي يتسنى إعلان حالة الاستثناء:
أولا: وجود خطر داهم مهدد لمؤسسات الدولة وحوزة البلاد
إن هذا المسوغ يعني تميز الحالة بوجود خطر داهم ، والخطر يفترض وجود ما من شأنه –عند عدم التدارك – أن يؤول إلى نتائج يصعب جبرها[30]. والمقصود بالخطر الجسيم وغير المألوف ذلك الخطر الذي يتجاوز نطاق المخاطر المتوقعة حيث يبرر إعلان حالة الاستثناء كما هو حال عدوان مسلح على الدولة أو تفشي أوبئة خطيرة كارثية أو حدوث تمرد عنيف وان تكون حالة الخطر وشيكة التحقق لأن الخطر المحتمل وحده لا يسمح باللجوء إلى إعلان حالة الاستثناء[31].
ولم تختلف الدساتير المغاربية – باستثناء الدستور المغربي – على النص على هذا المسوغ وتطابقت مقتضياتها في وصفه بعبارات تفيد نفس المعنى تقريبا (الخطر الداهم) التي استخدمها الدستوران التونسيان سنتي 1959 و 2014 [32] ، وعبارة الخطر الوشيك التي استخدمها مختلف الدساتير التي عرفتها موريتانيا والجزائر[33] ، أما الدستور المغربي لم يتضمن صراحة عبارة الخطر الداهم أو الوشيك إلا أن هذا لا يعني أن هذا المسوغ غير موجود لأن صياغة الفصلين 59 من دستور 2011 و 35 من الدساتير الأخرى تفيد ذلك بالضرورة ، ذلك أن استخدام عبارة “إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من الأحداث ما يعرقل سير المؤسسات الدستورية”[34] يؤكد وجود خطر يهدد السير العادي للمؤسسات الدستورية.
ثانيا: تهديد أمن البلاد واستقلالها
إن مبرر وجود السلطة السياسية هو درء المخاطر عن الدولة والإطلاع بحفظ الأمن والاستقلال حيث أكدت الدساتير المغاربية بإجماع على تكليف رئيس الدولة بتحقيق أمن البلاد واستقلالها ، لذلك مكنته هذه الدساتير بموجب مقتضيات دستورية بإعلان حالة الاستثناء عندما يكون الأمن والاستقلال مهددين[35] ، وفي كل الحالات وأيا كان المصدر يجب أن يكون التهديد ماديا ، إذ ليس من المنطقي اعتبار قطع العلاقات الدبلوماسية من المخاطر التي تستوجب حالة الاستثناء ، لأن ذلك يعتبر من الأمور المألوفة في الحياة الدولية[36].
ثالثا: تعذر السير العادي للسلطات العامة الدستورية
ويقصد بهذا المسوغ أن تؤدي حالة الخطر الداهم إلى وضع يتعذر معه السير العادي للسلطات العمومية ويصبح غير ممكن[37] ، ويتضح هذا المسوغ في إجماع الدساتير المغاربية على إسناد مهمة ضمان السير المنتظم والمضطرد للمؤسسات العمومية لرئيس الدولة بحكم تماهيها مع مضمون المادة 16 من الدستور الفرنسي لسنة 1958. والخطير في هذا الأمر أن إعلان حالة الاستثناء مرتبط بتعذر السير المنتظم والمضطرد للمؤسسات العمومية حيث أن مفهوم التعذر يصعب تحديده، إذ ليست هناك معايير دقيقة يمكن أن تؤكد بصفة موضوعية حالة التعذر من عدمها ، وينطبق نفس الشيئ على مفهوم السير العادي. لذلك تبقى مهمة تقييم الأوضاع موكولة لرئيس الدولة وحده، فإذا كان يتميز بالحكمة والاعتدال والموضوعية يكون باستطاعته أن يقيم الأمور دون تهويل أو تخوف في غير محله ، أما إذا كان يتميز بغير ذلك فيخشى أن يعتبر بعض الأحداث العادية في حياة الدولة خطرا داهما يفرض التصدي له بإجراءات غير عادية. ومهما يكن من أمر فإن تقدير الأمور متروك إلى رئيس الدولة وحده ، لكي تكون الدولة في مأمن من أي اعتداء أو خطر يهدد حوزة البلاد[38] ولم يرد النص على هذا الشرط في الدستور الجزائري ، واكتفى الدستور المغربي بالنص على اشتراط وقوع أحداث من شأنها أن تمس سير المؤسسات الدستورية ، أي أنه لم يشترط أن يقع المساس الفعلي بالمؤسسات الدستورية ، دون تحديد لطبيعة هذه الأحداث التي تبيح الدخول بالبلاد في حالة الاستثناء.
وفي هذا السياق لاحظ الأستاذ عبد الرحمن القادري أن الفصل 35 من الدستور المغربي جاء خاليا من العديد من القيود التي وردت في الدستور الفرنسي الشيء الذي ترك للملك الحرية المطلقة في إعلان حالة الاستثناء ، ويؤخذ على رجال القانون المغاربة عدم تعرضهم بالتعليق والشرح لمضمون هذا الفصل على غرار ما فعلوا بخصوص الفصول الأخرى، رغم خلو هذا الفصل من أي ضمانة بالنسبة للبرلمان ، في الوقت الذي يلاحظ فيه أن معظم رجال القانون والفقه في فرنسا أمثال: “بوردو” و “فالين” و “ديفرجه” و “ريفيرو” تحدثوا طويلا عن المادة 16 من دستور فرنسا وعن أخطارها ، وانتقدوها انتقادا لاذعا رغم الضمانات العديدة التي تضمنتها[39] ومن الجدير بالذكر أن الدساتير المغاربية تباينت فيما يخص الشروط الثلاثة السابقة حيث أن الدستور التونسي والموريتاني اشترطا توافر هذه الشروط كاملة وإلا لايمكن لحالة الاستثناء أن تكون ممكنة ، على خلاف الدستور الجزائري الذي اكتفى بالنص على أن يكون الخطر مهددا لأحد تلك الأمور لكي يعلن رئيس الدولة حالة الاستثناء. أما الدستور المغربي اكتفى بشرطين إن تحقق أحدهما أمكن إعلان حالة الاستثناء وهما :
- تهديد حوزة التراب الوطني
- وقوع أحداث من شأنها أن تمس بسير المؤسسات الدستورية.
ويتراءى للمتأمل أن هذه الشروط لا يمكنها أن تقيد في واقع الأمر رئيس الدولة لأن تقدير الحالة في مسألة إعلان الاستثناء من عدم ذلك يعود إليه وحده بكل حرية.
الفرع الثاني : الإجراءات الظاهرية لإعلان حالة الاستثناء
لا يمكن للمسوغات الجوهرية وحدها منح رئيس الجمهورية حق إعلان حالة الاستثناء مباشرة ، ذلك أن الدساتير المغاربية فرضت إجراءات ظاهرية متمثلة في إشراك هيئات أخرى للتصدي للمخاطر التي تحدق بالبلاد واتخاذ القرار لمواجهتها وهذه الإجراءات تتمثل في :
أولا: استشارة رؤساء المجالس النيابية
والمقصود من هذا الإجراء أن رئيس الدولة عندما يستقر رأيه على إعلان حالة الاستثناء يجب أن يستشير رئيس المجلس النيابي ، لأن هذه الاستشارة لها أبعاد سياسية وقانونية خاصة في ظل أنظمة تعتمد الفصل بين السلطات والتعددية الحزبية ولأن اتخاذ أي قرار من هذا القبيل يجب أن يحظى بموافقة رئيس المجلس النيابي. وقد أجمعت الدساتير المغاربية على هذا الشرط باستثناء الدستور الجزائري، فاشترط الدستور التونسي استشارة رئيس مجلس النواب ، واشترط الدستور الموريتاني استشارة رئيسي الغرفتين في دستور 20 يوليو 1991 ورئيس الجمعية الوطنية في دستور 1991 المعدل 05 أغشت 2017 ، واشترط الدستور المغربي استشارة رئيسي مجلسي البرلمان.
ثانيا: استشارة رئيس المجلس الدستوري
إن رأي المجلس الدستوري يعد مفيدا لما لهذه الهيئة من مكانة هامة بين المؤسسات الدستورية متمثلة في السهر على احترام الدستور وسلامة تطبيقه. حيث اشترط الدستور المغربي استشارة رئيس المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية في دستور 2011) على حالة الاستثناء ، في حين اشترط كل من الدستور الموريتاني والجزائري استشارة المجلس الدستوري بكامل هيئته ، على خلاف الدستور التونسي لسنة 1959 الذي جاء خاليا من أي إشارة إلى هذا المعنى.
أما دستورها لسنة 2014 ، فقد اكتفى بإعلام رئيس المحكمة الدستورية[40].
ثالثا : توجيه خطاب إلى الأمة
استلهاما لمضمون المادة 16 من الدستور الفرنسي 1958 ، ألزمت الدساتير المغاربية رئيس الدولة قبل أن يعلن حالة الاستثناء أن يوجه خطابا إلى الأمة يحيطها علما فيه بالأوضاع الطارئة التي ستعرفها البلاد ويشرح في هذا الخطاب أسباب اللجوء إلى الحالة الاستثنائية بغية إشعار الأمة بخطورة الوضع وحشد الدعم والمساندة. ولم تخل الدساتير محل المقارنة من بعض الاختلافات حول هذا الشرط ، فلم تخل الدساتير التي عرفتها موريتانيا والمغرب من هذا الشرط في حين خلت منه مختلف الدساتير الجزائرية ، أما في تونس وبعد التعديل الدستوري لسنة 2000 تمت إضافة هذا الشرط وتمسك به دستور 2014.
رابعا: استشارة رئيس الحكومة (الوزير الأول)
وبالإضافة إلى الشروط السابقة الذكر،اشترطت الدساتير التونسية والموريتانية والمغربية استشارة رئيس الحكومة أو الوزير الأول طبقا لما هو مقرر في الدستور الفرنسي سنة 1958 في حين اكتفى الدستور الجزائري باشتراط الاستماع إلى مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للأمن.
و من الجدير بالتنبيه أن استشارة رئيس الحكومة تعتبر في نظام الدستور المغربي حديثة حيث أدخلها لأول مرة دستور 2011.
وخلاصة القول في هذا الصدد أن الآراء التي تبديها هذه الجهات سواء تعلقت برئيس الحكومة أو شملتها كهيئة جماعية فإنها لا تخرج عن كونها آراء استشارية لا تقيد رئيس الدولة و لا تلزمه حيث يمكن أن يتصرف بما يراه هو واردا ، أي أن هذه الاستشارات تعد إجبارية في طلبها واختيارية في العمل بنتيجتها[41].
المبحث الثاني : سلطات الرئيس أثناء حالة الاستثناء
لقد تأثرت الدساتير المغاربية بمضمون المادة 16 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 بخصوص سلطات رئيس الجمهورية في حالة الاستثناء رغم تباين الفقه الفرنسي حول مضمون هذه المادة مما حدى ببعضهم أن يقول إن هذه المادة شرعت لرئيس الجمهورية ممارسة الدكتاتورية في الظروف الاستثنائية حيث مهدت لنشأة ما يمكن أن يطلق عليه الدكتاتورية الدستورية المؤقتة ، كما ذهب رأي آخر إلا أن هذه المادة جعلت رئيس الجمهورية غير ممنوع من أي شيء[42] ولم يحدد الدستور الموريتاني بشكل واضح تلك السلطات حين يمارس رئيس الدولة حالة الاستثناء ، إلا أنه اكتفى بالنص على أن رئيس الدولة يتخذ التدابير اللازمة التي تفرضها مواجهة الظروف الاستثنائية، على أن تهدف تلك التدابير إلى تمكين السلطات العامة الدستورية من أداء مهامها في أقرب الآجال، وهذه التدابير تدخل في صميم السلطة التقديرية لرئيس الدولة بلا منازع سواء تعلق الأمر بإعلان حالة الاستثناء أو الإجراءات المتخذة في ظلها[43]، وانتهج الدستور المغربي و الجزائري و التونسي هذا النهج في مسألة تحديد سلطات رئيس الدولة خلال ممارسة حالة الاستثناء.
الشيء الذي يشكل خطرا على حقوق الأفراد و حرياتهم ، و مساسا بالأسس التي تقوم عليها دولة القانون كمبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ الشرعية حيث تم التنصيص في الدساتير محل المقارنة على جملة من الضوابط و القيود التي تسعى إلى الحد من السلطات الاستثنائية الواسعة و الكبيرة لرئيس الدولة وكذا السعي إلى الرقابة الكفيلة باحترام حقوق الأفراد وحرياتهم، وذلك ما سنحاول معالجته من خلال التطرق لممارسة الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة أثناء حالة الاستثناء (مطلب أول) ثم الرقابة على ممارسة السلطات الاستثنائية (مطلب ثاني).
المطلب الأول:ممارسة الوظيفة التشريعية
عندما تتوافر المسوغات الجوهرية و الإجراءات الظاهرية المتعلقة بتنظيم حالة الاستثناء في الأنظمة الدستورية يمكن لرئيس الدولة أن يعلن حالة الاستثناء و يباشر كل الاختصاصات بصورة شمولية ، غير أن السؤال المطروح ، يتركز حول مجال مباشرة الإجراءات الاستثنائية في مجال التشريع، و حول مدى جواز حل البرلمان وتعديل الدستور في هذه الفترة ؟
وللإجابة على هذا السؤال سيتم التطرق لحدود سلطة رئيس الدولة في المجال التشريع (فرع أول) ومدى جواز حل البرلمان وتعديل الدستور (فرع ثاني).
الفرع الأول: حدود سلطة رئيس الدولة في المجال التشريعي
يجمع فقهاء القانون العام على أن نطاق الإجراءات الاستثنائية ليس محدودا لا في المجال التشريعي و لا في المجالات الأخرى سواء تعلق الأمر بمجال القانون العادي أو القانون الأساسي، أي أن رئيس الدولة من حقه أن يمارس السلطتين التشريعية و التنفيذية.[44]
فسلطات الرئيس التي يتخذ فيها الإجراءات المتعلقة بالوظيفة التشريعية هي تلك التي لها علاقة بالأوضاع الاستثنائية ،أما تلك التي لا صلة لها بحالة الاستثناء فتبقى من اختصاص البرلمان[45]
وفي هذا السياق يرى الفقيه “Jean Cadart” أن سلطة الرئيس غير مقيدة بل مطلقة في المجال التشريعي والتحديد الوحيد لهذه السلطة هو منع حل الجمعية الوطنية عند ممارسته لسلطاته[46].
لقد أعطت المادة 16 من الدستور الفرنسي بإجماع الفقه ترخيصا دستوريا يخول رئيس الدولة مباشرة سلطات المشرع أي أنه يحل محل البرلمان في ممارسة الوظيفة التشريعية ويؤكد مجلس الدولة الفرنسي من خلال حكمه الشهير” RUBIN DE SERVENS ” هذا الاتجاه وتأكد ذلك في قراره المعروف بقرار”la gragne ” الصادر 22/05/1968 [47].
والرأي الراجح – رغم القول إن البرلمان يمكن أن يشرع في بعض الحالات التي لا تتصل بحالة الاستثناء كمباشرة السلطات التشريعية و الرقابية – يخلص إلى أن البرلمان لا يمكنه أن يتدخل في الأمور التي صدرت فيها قرارات تشريعية من طرف رئيس الدولة .
وهذا الرأي نستشفه من كلام الجنرال ديكول حين قال:”إنني اعتبرأن تطبيق المادة 16 لا يؤدي في الظروف الحالية إلى تعطيل نشاط البرلمان، فيما يتعلق بمباشرة سلطاته التشريعية والرقابية ، فالعلاقة بين الحكومة و البرلمان ستبقى محكومة بالقواعد العادية مادام الأمر لا يتعلق بإجراءات صدرت أو ستصدر بمقتضى المادة 16 [48].
وفي ظل تطبيق حالة الاستثناء في فرنسا سنة 1961,تمت اتخاذ (18)قرارا تتعلق بعزل الموظفين العموميين المشاركين في الانقلاب, و حماية حالة الطوارئ وتمديد فترة احتفاظ الشرطة بالشخص للتحقيق معه, ومنح الاجازة لبعض العسكريين و رجال الشرطة او طردهم , وحظر بعض الكتابات و المنشورات, اضافة الى اقامة محاكم عسكرية, كما قام بتمديد العمل بعدد من تلك القرارات الى ما بعد الاعلان عن انتهاء حالة الاستثناء[49] و بالإضافة إلى سلطاته الاستثنائية في المجالين التنفيذي و التشريعي فانه بمقدوره أن يتخذ الإجراءات اللازمة في المجالين القضائي و الدستوري,حيث قام ديكول في تطبيق حالة الاستثناء بوقف ضمانة عزل القضاة في 24 ابريل 1961 ,وقام في 27 من نفس الشهر بإنشاء محكمة عسكرية عليا أصدرت في هذه الفترة 23 حكما بالإدانة تضمنت عدة أحكام غيابية بالإعدام ,بل انه اتخذ قرارا بتاريخ 24 ابريل 1961 يقضي بتوقيع عقوبات تأديبية على بعض الموظفين المدنيين و العسكريين المشاركين في الانقلاب يدخل بعضها في الظروف العادية في اختصاص المحاكم العسكرية[50].
كما انه قام في المجال الدستوري بتعطيل بعض أحكام الدستور حيث أوقف العمل بجانب هام متعلق بالضمانات الأساسية التي تكفل الحريات العامة للمواطنين المنصوص عليها في الدستور [51].
ورغم هذه السلطات الواسعة لم يخول لرئيس الجمهورية تعديل بعض مواد الدستور وذالك بتواتر فقهاء القانون الدستوري مستنتجين من خلال النقاش و التحليل أن المادة 16 قد نصت ضمنيا على منع مراجعة الدستور في فترة الاستثناء,ذالك أن الهدف الأساسي من منحه تلك السلطات الواسعة في حالة الاستثناء هو استعادة الأوضاع الطبيعة التي تكفل سيادة الدستور وتضمن السير المنتظم للسلطات العامة الدستورية، أي أن هذه السلطات المراد ضمان سيرها تظل قائمة، و لا يمكن تعديل نظامها أو مراجعة اختصاصها[52].
وتأسيسا على كلام الجنرال ديكول المتصل بروح المادة 16 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 فإن رئيس الدولة كي تتسنى له ممارسة الوظيفة التشريعية خلال المرحلة الاستثنائية فلابد من توافر شرطين:
- وجود علاقة سببية بين الإجراءات المتخذة من رئيس الدولة وبين الظروف التي فجرت الأزمة .
وبناءا على هذا الشرط لم يكن قرار ديكول المتعلق بإصلاح النظام المالي في الجامعة مشروعا لأنه تنافى مع الأزمة التي كانت السبب في إعلان حالة الاستثناء والمتمثلة في مواجهة التمرد المسلح في الجزائر[53].
وفي هذا الإطار كان رأي مجلس الدولة الفرنسي واضحا حيث صرح رئيس المجلس الدستوري يومها بقوله : (خلال هذه الفترة حاولت مرارا عقد اجتماع للمجلس الدستوري لاقترح عليه أن يكلفني بالقيام بالاتصال برئيس الجمهورية باسمه, وإخباره بأن الاستمرار بتطبيق المادة(16) لم يعد مبررا, لكن في كل مرة كان يتم التذرع بان البلاد لازالت تتعرض للتهديدات[54]
- عودة السلطات العامة الدستورية إلى مباشرة مهامها في أقرب الآجال.
إن هذا الهدف إن لم يتحقق فان القرارات المتخذة من طرف رئيس الدولة تعد غير مشروعة[55] ، وتباعا لهذا الرأي فإن الفصول والمواد المنظمة لحالة الاستثناء ينطبق عليها ما ينطبق على المادة 16 من الدستور الفرنسي، أي أن هذه الفصول قد سمحت لرئيس الدولة أن يمارس الوظيفة التشريعية أثناء حالة الاستثناء ولم تختلف هذه الدساتير في تعبيرها عن هذه الحالة .إلا أن الدكتور مصطفى قلوش حصر الإجراءات التشريعية التي يمكن لرئيس الدولة اتخاذها أثناء حالة الاستثناء في الإجراءات التي لها علاقة بالأوضاع الاستثنائية، أما ما عدى ذلك من إجراءات فإنه يبقى من صلاحيات المجلس التشريعي [56].
و رغم وضوح هذا الرأي فإن الملك الحسن الثاني مارس الوظيفة التشريعية محل البرلمان على نطاق واسع، وذلك بعد إعلانه حالة الاستثناء بتاريخ 7/06/1965 التي امتدت إلى 31/07/1970 حيث صدرت عدة مراسيم ملكية بلغت 106 مرسوما شملت كل المجالات باستثناء القضاء الذي ظل مستقلا عن السلطتين التشريعية والتنفيذية خلال هذه المرحلة[57].
الفرع الثاني : مدى جواز حل البرلمان وتعديل الدستور أثناء حالة الاستثناء
في الظروف العادية يتمتع رئيس الدولة بسلطات تخوله إقالة الحكومة في أي وقت يريده، وكذلك تمكنه هذه السلطات من تعديل الدستور، لكن حين يباشر رئيس الدولة العمل بحالة الاستثناء و ما تتيح له من تدابير لمواجهة الأزمات التي تتعرض لها البلاد، فإن ثمة تساؤلا جوهريا حول إمكانية حل البرلمان وتعديل الدستور وهو ما سنتعرض له في الفقرة الأولى و الثانية.
الفقرة الأولى: حل البرلمان
إن إعلان حالة الاستثناء المنظمة من خلال الفصول و المواد الواردة في الدساتير المغاربية لا تؤدي إلى إمكانية حل البرلمان في فترة العمل بالإجراءات الاستثنائية، لأن هذه الدساتير نصت إما بالتصريح أو التضمين على عدم جواز ذلك كما هو الحال في كل من الدستور الموريتاني والمغربي و التونسي، حيث نصت هذه الدساتير صراحة على عدم جواز حل المجلس النيابي في هذه الفترة، بينما نص الدستور الجزائري على وجوب اجتماع البرلمان فور إعلان حالة الاستثناء وهو ما يشتم من خلاله عدم إمكانية حله [58].
ومن الجدير بالملاحظة أن الفصل 35 من الدساتير المغربية الثلاثة التي سبقت دساتير 1992, 1996, 2011 لم يكن يتضمن ما يجيز عدم حل البرلمان ، حيث لم يتطرق هذا الفصل إلى منع حل البرلمان ولا إلى إباحة ذلك ، وهو ما طرح إشكالا لدى المهتمين بالحياة السياسية في المغرب وانقسم الرأي في هذا الشأن إلى قسمين يرى أولهما أن الملك يمكنه أن يقرر حل المجلس التشريعي خلال تطبيق الفصل 35 بحجة أن الدستور لم يمنع صراحة حله [59].
أما الدكتور مصطفى قلوش فيرى عدم جواز حل البرلمان في هذه الحالة لأن الفصل 35 يمنع ضمنيا حل المجلس التشريعي خلال تطبيقه لأن في فقرته الثالثة يقرر أن حالة الاستثناء تنتهي باتخاذ نفس الإجراءات المتبعة لإعلانها.
وهذا يعني في القراءة و التحليل وجوب وجود مجلس النواب كي يستشار رئيسه عند إنهاء حالة الاستثناء, إذن لا يمكن حل البرلمان خلال ولايته مادامت استشارة رئيسه واجبة قبل الإعلان عن رفع حالة الاستثناء[60].
ومجمل القول في هذا الاتجاه انه لا يجوز لرئيس الدولة في الدستور الموريتاني و لا في باقي الدساتير المغاربية الأخرى حل البرلمان أثناء العمل بحالة الاستثناء رغم ما تعطيه المقتضيات الدستورية من حق في تقليص صلاحيات جميع المؤسسات لصالحه [61].
الفقرة الثانية: مراجعة الدستور
يمكن لمضمون التدابير الاستثنائية أن يتعلق بالميدان التنفيذي و التشريعي ، سواء تعلق الأمر بمجال القانون العادي أو مجال القانون النظامي ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح في هذا الصدد هو هل يمكن أن يتعلق مضمون تلك التدابير الاستثنائية بالمجال الدستوري ، أي هل يمكن تعديل الدستور في حالة الاستثناء ؟
إن المتتبع لنصوص الدساتير محل المقارنة في فصولها وموادها المنظمة لهذه الحالة لا تسعفه بأي إجابة على هذا التساؤل، حيث لا وجود لأي إشارة في هذه الفصول والمواد لهذه المسألة.
ويرى الأستاذ عبد الفتاح عمر:”عدم جواز إدخال تعديلات على الدستور أثناء العمل بالحالة الاستثنائية، وتبرير ذلك بالنسبة إليه هو أن هذه الظروف ، هي ظروف غير دائمة ، وأن التدابير الاستثنائية هي تدابير وقتية أملتها ظروف من المفروض أنها عابرة، لذلك فانه ليس بالإمكان استغلال ظروف وقتية وخطيرة لتعديل الدستور ، ووضع أحكام وقواعد قارة وثابة”[62]
وعلى هذا المنوال ذهب الدكتور مصطفى قلوش عندما كان بصدد تحليل حالة الاستثناء في الدستور المغربي حيث يقول :”أما فيما يخص الجانب المتعلق بتعديل الدستور، فإن المتفق عليه فقها – باستثناء جانب كبير من الباحثين المغاربة – هو أن المادة المنظمة لحالة الاستثناء لا تسمح بتغيير ما ورد في صلب الوثيقة الدستورية، لأن تكريس الوضع الاستثنائي دستوريا ما جعل إلا من أجل الحفاظ على الدستور ذاته… فتعديل الدستور يتعارض مع الحكمة التي من أجلها وضع الفصل المنظم لحالة الاستثناء، والذي يستهدف في المقام الأول والأخير عودة الحياة الدستورية إلى مسارها الطبيعي” [63].
ولعل هذا الموقف هو نفسه الذي تبناه الفقه في فرنسا ، حيث أنكر على الرئيس ديكول إجراء أي مراجعة دستورية تهدف إلى إحلال مؤسسات جديدة وبديلة عن المؤسسات التي نص عليها الدستور في مادته 16 [64].
وبناء على الآراء الفقهية المختلفة وكذلك على روح المادة 16 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 والذي استقت منه الدساتير المغاربية معظم أحكامها فإنه من غير الجائز ولا الوارد دستوريا إدخال تعديلات على الدستور أثناء العمل بحالة الاستثناء ، فإنه من الممكن تعليق بعض القواعد و الأحكام المتصلة بوجود البرلمان ذاته أو تجميد نشاطه ، و لا يمكن وضع حد لوجوده في هذه الحالة ، حيث يوجد نوع من الهدنة بين السلطة التنفيذية و التشريعية في هذه الحالة , إن كانتا في حالة خلاف، ولا شك أن هذه الهدنة تعد ضمانا من شأنه أن يمنع رئيس الدولة من التخلص من البرلمان إذا كان لا ينسجم و سياسته و يضايق حكومته[65].
وخلاصة القول فإن تعديل الدستور أثناء تطبيق الفصول المنظمة لحالة الاستثناء غير ممكن، و في حالة اللجوء إلى إدخال بعض التعديلات على الوثيقة الدستورية فإنه لا مناص من إتباع المسطرة التي حددها الدستور لتعديله [66].
ويستنتج من هذه المسطرة التي حددتها الدساتير ونصت عليها ، أن أي تعديل للدستور لا يحترم هذه المسطرة يعد غير مشروع و مخالف للدستور وبالتالي لا يمكن أن تترتب عليه أية آثار قانونية.
المطلب الثاني : الرقابة على ممارسة السلطات الاستثنائية
نصت الدساتير المغاربية بالإجماع على منح رئيس الدولة حق اتخاذ جميع الإجراءات التي يراها ضرورية ولازمة لمواجهة الظروف الاستثنائية ، وهي العبارة التي تفيد إطلاق سلطة رئيس الدولة في تقدير واتخاذ جميع التدابير التي يراها مناسبة لمواجهة هذه الظروف، لذلك فبمجرد إعلانه لحالة الاستثناء يكون قد حصل على ترخيص من المؤسس الدستوري بممارسة جميع السلطات في الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية ،الشيء الذي استدعى وجود أجهزة رقابية سياسية وقضائية لمراقبة عمل رئيس الجمهورية ومنعه من استغلال سلطاته خارج مجال ممارسته للسلطات الاستثنائية، إلا أنه يلاحظ أن الواقع يظهر عدم اكتراث رؤساء الدول بهذه الشروط فنجد في المغرب أن الملك الحسن الثاني مارس الوظيفة التشريعية للبرلمان على نطاق واسع عند ما أعلن حالة الاستثناء يوم 07/06/1965 [67] حيث حل الملك محل البرلمان في ممارسة الوظيفة التشريعية والمالية بل امتدت إلى ميادين أخرى لا علاقة لها بحالة الاستثناء لذلك صدرت خلال الفترة مابين 7/06/1965 و03/07/1970 عشرات المراسيم و الظهائر الملكية ذات القيمة القانونية أو تدابير تشريعية معدلة لتشريعات سابقة [68] وكان الأمر في الجزائر لا يختلف حيث تم إعمال مقتضيات المادة 59 من دستور 1963 آنذاك من طرف الرئيس أحمد بن بله في التحكم في جميع السلطات وقد بدت نية الرئيس في تركيزها في هذه المرحلة واتضح ذلك من خلال خطابه الذي تم بمقتضاه إعلان الحالة الاستثنائية . ومن هذا المنطلق منع أحمد بن بله أي هيئة دستورية غيره من المشاركة في دفة الحكم [69] وترجم بن بله هذا الأمر في أرض الواقع حيث أتاح له تطبيق المادة 59 التي تركز جميع السلطات بين يديه في ممارسة كامل الصلاحيات.
وعلى غرار المغرب والجزائر وجد الفصل 46 المتعلق بحالة الاستثناء في الدستور التونسي 1959 طريقه إلى التطبيق بمناسبة أحداث 26 يناير 1978 إثر أعمال الشغب التي تسبب فيها قرار رفع سعر الخبز وبعض المواد من الصندوق العام للدعم[70].
ولم تعرف موريتانيا منذ الاستقلال أي تطبيق للمقتضيات الدستورية المتعلقة بإعلان حالة الاستثناء حتى اليوم وقد يكون مرد ذلك يعود لممارسة تقليدية لا تكترث بالنصوص وإعمالها نتيجة بداوة متأصلة تجعل نظام الحكم يواجه المخاطر الطارئة بردود أفعال غير محسوبة وغير مدروسة ولا تتخذ الأبعاد الدستورية اللازمة، الشيء الذي ينتج عنه بحكم الممارسة التلقائية تطبيقا لحالة الاستثناء دون التفكير في إعمال المقتضيات الدستورية المنظمة لتلك الحالة وبصورة عفوية لا تراعي حقوق الأفراد وحرياتهم دون توقع ما قد ينجر عن ذلك من تهديد لكيان الدولة وسير مرافقها العامة بصورة مضطردة ،رغم بعض الحالات التي مرت بها البلاد (أحداث 1966[71] ، أحداث1989- 1990[72] ، انقلاب1987 ,انقلاب [73]2003) وفي هذا الإطار سنتناول هذه الرقابة من خلال فرعين أولهما (الرقابة السياسية) وثانيهما (الرقابة القضائية).
الفرع الأول : الرقابة السياسية
منحت الدساتير المغاربية البرلمان دورا حيويا في حالة الاستثناء وفرضت حضوره للإجراءات التي يقوم بها رئيس الجمهورية لاستعادة السير المنتظم للسلطات ، فنصت فيها على أن البرلمان يمكن أن يجتمع بشكل دائم طيلة فترة الظروف الاستثنائية لمراقبة عمل رئيس الجمهورية ، فذهب بعض الفقهاء إلى أن المشرع الدستوري حينما نص على أن البرلمان يجتمع بقوة القانون فإنه يقصد أن البرلمان يمارس السلطة التشريعية طيلة فترة الاستثناء أي أن البرلمان يستطيع في أوقات انعقاد دوراته العادية أن يشرع في المجال المحدد للقانون لكن بشرط أن لا يصل ذلك التشريع إلى ميدان التدابير اللازمة لمواجهة الأزمة، لأن ذلك هو مجال السلطات الاستثنائية، كما ذهب هؤلاء إلى أن البرلمان يستطيع طيلة فترة الاستثناء مراقبة عمل الحكومة في ما لا يتصل منه بالإجراءات المتخذة لمواجهة الأوضاع الاستثنائية [74]، كما أن المهمة الأساسية التي أسندت للمجلس الدستوري بمقتضيات دستورية هي ضمان مطابقة القوانين للدستور حفاظا على سموه وعلوه ، إذ ينبغي أن تكون كافة الأعمال القانونية متفقة مع أحكام الدستور ولا تخالفها أو تخرج عليها بأي شكل من الأشكال، وفي هذا يقول الفقيه الفرنسي “بيردو” : << إن علو الدستور يغدو كلمة عديمة القيمة إذا أمكن مخالفتها من جانب أجهزة الدولة بلا جزاء>>[75].
وخلاصة القول في هذا الاتجاه أن الدساتير المغاربية لم تخرج عن السياق العام لمضمون المادة 16 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 حيث كانت كل المقتضيات الدستورية توحي بأن الرقابة البرلمانية ورقابة المجلس الدستوري للتدابير الاستثنائية تكاد تكون معدومة وإن كان البعض يرى أن اجتماع البرلمان في تلك الظروف هو ضمانة حقيقية لمنع تعسف رئيس الجمهورية في استعمال سلطاته الاستثنائية.
وعلى العموم يمكن وصف الرقابة البرلمانية على المستوى العملي بأنها غير فاعلة نظرا للاعتبارات اللصيقة بالحالة الاستثنائية، فهي رقابة جزئية غير كافية. ومن هنا فإن رئيس الدولة في النظام الدستوري المغاربي تستحيل قيام أي مسؤولية في حقه عمليا وقانونيا في المغرب والجزائر كما يستحيل ذلك من الناحية العملية في موريتانيا وتونس ، فتحريك تهمة الخيانة العظمى كإجراء وحيد متاح أمام البرلمان في مواجهة رئيس الدولة يظل صعيبا خاصة إذا كانت الأغلبية الرئاسية تمثل الأغلبية الساحقة من أعضاء البرلمان والحكومة ، ففي هذه الحالة يكون إدراج هذه التهمة في جدول أعمال المجلس أمرا مستحيلا نظرا لتحكم الحكومة في جدول الأعمال ، الأمر الذي قد يؤدي في النتيجة إلى استحالة خروج تلك المقترحات إلى حيز الوجود في شكل قوانين [76].
الفرع الثاني : الرقابة القضائية
إن المبتغى من الرقابة القضائية أن تتصدى الجهة القضائية المختصة للإجراء الاستثنائي الذي ترى فيه تجاوزا صارخا يترتب عليه تعسفا في استعمال السلطة [77] ، باعتبار أن مخاصمة السلطة التنفيذية أمام القضاء ليناقشها فيما أصدرته من تصرفات ومراجعتها في مدى مشروعيتها يعد أقوى ضمانات نفوذ مبدأ المشروعية وضمان الحقوق والحريات ، فالقضاء هو حصن الحريات وحاميها ، لذا كانت أهم وأنجع أنواع الرقابة على سلطات الظروف الاستثنائية هي رقابة القاضي الإداري على هذه السلطات فيما تتخذه من إجراءات وتدابير.
وفي هذا السياق يكاد يجمع الفقه الفرنسي ويستقر الاتجاه القضائي على اعتبار قرار رئيس الجمهورية بإعلان اللجوء للمادة 16 عملا من أعمال السيادة [78] التي تنجو من رقابة القضاء فلا يجوز للقاضي أن يتصدى لنظرها أو فحص مشروعيتها فهي أعمال ليس لها الطبيعة الإدارية التي تجعلها قابلة للطعن[79] وهكذا يتضح أن مجلس الدولة يعتبر القرارات التي يتخذها رئيس الجمهورية في المجالات التشريعية أعمالا تشريعية لا تخضع بطبيعتها لرقابته، لأنها تمت صياغتها خلال فترة تطبيق السلطات الاستثنائية، أما القرارات التي يتخذها في المجالات التنظيمية فهي أعمال لائحية يبسط المجلس رقابته عليها[80].
وفي هذا المنحى ورغم ما تمنحه الحالة الاستثنائية من حرية التصرف لمجابهة الأوضاع بالتدابير اللازمة، فإنه من الملحوظ أن النصوص المنظمة لها في البلدان المغاربية لا تخل من بعض القيود على سلطة رئيس الدولة أثناء مباشرته لسلطاته أثناء الحالة الاستثنائية مع العلم أن حدة هذه الشروط تختلف من دستور لآخر.فالدستور التونسي لسنة 2014 كان الأكثر تقييدا لسلطات رئيس الدولة الاستثنائية مقارنة مع بقية الدساتير المغاربية ومقارنة أيضا مع دستورها سنة 1959 ، حيث أورد قيدين هامين على سلطة رئيس الدولة عند اتخاذه هذه الإجراءات لم يشر
إليهما دستور 1959 ولا أي دستور من الدساتير المغاربية الأخرى وهما:
– إلزام الفقرة الثانية من الفصل 80 من دستور 2014 أن تهدف هذه التدابير المتخذة في حالة الاستثناء إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال ويفهم من هذا القيد أن المشرع الدستوري التونسي ينفي المشروعية عن أي تدابير يتخذها رئيس الدولة لا تبتغي تأمين العودة إلى السير العادي لدواليب الدولة وهو ما يستخلص منه بداهة نفي صفة السيادة عن هذه التدابير وهو ما يجعلها عرضة للطعن أمام القضاء المختص أي القضاء الإداري وهذه الإمكانية لا وجود لها في بقية الدساتير المغاربية لأن المشرع الدستوري لم يميز بين الإجراءات التي يتخذها رئيس الدولة عند مباشرته لسلطاته الاستثنائية وبين ضمان العودة السريعة لدواليب الدولة حيث كانت النصوص مبهمة و تركت لرئيس الدولة الحرية الكاملة في اتخاذ التدابير.
– منح المحكمة الدستورية حق البت في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه وذلك بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه وتصرح المحكمة بقرارها علنية في أجل أقصاه 15 يوما ، الشيء الذي يعني من حيث المنطق والاستنتاج أن رئيس الدولة في تونس و إن كان له حق تقدير إعلان حالة الاستثناء فإن سلطة إنهائها تخرج عن تقديره وهذا يعني أن المؤسسة التشريعية أصبحت تلعب دور الرقيب عليه في هذا الصدد عن طريق رفع الأمر إلى المحكمة التي تعد أحكامها نهائية وملزمة ، ومن هنا يصبح رئيس الدولة ليس صاحب السلطة عند إعلان حالة الاستثناء كما كان الحال في دستور 1959 فأصبحت سلطاته مقيدة دستوريا من عدة نواحي، فلم يعد الأمر متوقفا على السلطة التقديرية له وإنما أصبح متوقفا على إرادة مجلس النواب و المحكمة الدستورية.
ولم يخل الدستور المغربي لسنة 2011 من إضافة في هذا المجال حيث استحدث قيدا من نوع خاص على سلطة الملك أثناء العمل بحالة الاستثناء حينما ألزم ببقاء الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور مضمونة في ظل حالة الاستثناء[81]. ولعل هذا القيد ينتفي رغم أهميته نظرا لاعتبارين هما:
- إن الملك هو الضامن أصلا للحقوق والحريات و هو من تتركز مختلف السلطات بيده في حالة الاستثناء فهو إذن خصم وحكم في نفس الوقت ، الشيء الذي يتنافى بالضرورة مع إمكانية ضمان الحقوق والحريات التي تفترض وجود جهة محايدة في هذه الحالة.
- انعدام أي محاسبة أو مساءلة للملك لأن بقاء الحقوق والحريات الأساسية مضمونة في حالة الاستثناء المنصوص عليه في الفصل 59 ويبقى هذا الاعتبار نظريا إلى حد بعيد لأن الملك في حالة اتخاذه التدابير غير مسؤول مطلقا كما أن التدابير المتخذة من قبله تصدر في شكل ظهائر ملكية والظهير الملكي يحوز على حصانة مطلقة ولا يجوز الطعن فيه من أي جهة.
الخاتمة
تعود نظرية الظروف الاستثنائية إلى أواخر القرن التاسع عشر في ألمانيا, لكنها في واقع الأمر ترجع إلى اجتهادات مجلس الدولة الفرنسي في المراجعات المرفوعة إليه ضد الإدارة, حيث تجسدت في المادة 16 من دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة لسنة 1958.
وقد خول المشرع الدستوري في موريتانيا و باقي بلدان المغرب العربي- استلهاما بروح المادة 16 من هذا الدستور – سلطات واسعة و متعاظمة في الظروف الاستثنائية لرئيس الدولة بالإضافة لتلك التي منحت إياه في الظروف العادية، فقد منح رئيس الدولة سلطة تقدير الأخطار التي قد تهدد كينونة الدولة وصيرورتها,واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها في حالة الاستثناء.
ففي الظروف الاستثنائية ينفرد رئيس الدولة بمطلق السلطة لتقدير توافر مسوغات إعلان الحالة الاستثنائية, فالسلطة الممنوحة إليه بمقتضيات الدستور تتعاظم و تتسع لما يحيط بالمسوغات الجوهرية و التي وضعها المشرع من ضبابية وعدم دقة,وكذلك عدم إلزامية التقيد بنتائج الاستشارات الرسمية التي يقوم بها في هذا الصدد، لان رئيس الدولة عندما يعلن حالة الاستثناء فانه يصبح المنفذ و المشرع و القاضي، حيث يمارس في هذا الظرف الدقيق ما يسميه بعض فقهاء القانون ” بالدكتاتورية الدستورية المؤقتة ” التي لا تتقيد إلا بالهدف منها الذي يعني استعادة السير المنتظم للسلطات العامة وعدم خضوعها لأي رقابة فعالة, لا من طرف المجلس الدستوري ولا من طرف القضاء الإداري الذي لا يمكن أن يؤدي دوره الرقابي إلا فيما هو من صميم التشريع اللائحي،ولا من طرف البرلمان الذي يجتمع وجوبا بقوة القانون مسلوب الوظيفة بقوة القانون أيضا.
وفي هذا المنحى، فإن الدستور التونسي لسنة 2014 كان الأكثر تقييدا لسلطات رئيس الدولة الاستثنائية مقارنة مع بقية الدساتير المغاربية الأخرى ,حيث أكد في فقرته الثانية من الفصل 80 على أن تهدف تلك التدابير المتخذة في حالة الاستثناء إلى تامين عودة السير العادي لدواليب الدولة في اقرب الآجال وكذلك منح المحكمة الدستورية حق البت في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه لأن إنهاء حالة الاستثناء مرتبط بإرادة مجلس النواب المحكمة الدستورية, الشيء الذي يعطي للرقابة القضائية نوعا من الفعالية عكس واقع الحال بالنسبة للدستور الفرنسي و الدساتير المغاربية الأخرى.
[1] – أنظر : موساوي فاطمة ،الرقابة على السلطات الاستثنائية لرئيس الجمهورية في الأنظمة القانونية: الجزائرية والفرنسية والمصرية ، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في القانون العام ، جامعة الجزائر 1 ، كلية الحقوق ، قسم القانون العام ، السنة الجامعية 2016-2017. ص : 1-2-3-4.
[2] -الدكتور : عمار عباس: مقومات النظام السياسي المنشود ومبرراته، المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية ، كلية الحقوق ، جامعة مولود معمري بتيزي وزو، العدد الأول 2012،ص 12.
[3] – د.محمد عبد الرحمن أحمد سالم ، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق ، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية آكدال – جامعة محمد الخامس 2006-2007 – ص 326
[4] د.سيد محمد ولد سيد اب الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في الدساتير المغاربية مرجع سابق ص82-83
[5] -د.أمير حسن جاسم – نظرية الظروف الاستثنائية وبعض تطبيقاتها المعاصرة – مجلة جامع تكريت للعلوم الانسانية – العدد 8 – المجلد 14 يوليو 2007 – ص 237 .
[6] – د. سيدي محمد سيد أـب ، الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في الدساتير المغاربية ، دراسة مقارنة ، كلية الحقوق ، جامعة انواكشوط – ط1 -2014 – ص 81.
[7] -د. سيدي محمد سيد أب ، الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في الدساتير المغاربية ، دراسة مقارنة ، كلية الحقوق ،مرجع سابق ،ص 82.
[8] -انظر محمد محمود محمد سالم – السلطة التنفيذية في النظام السياسي الموريتاني – رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – عين شمس – الدار البيضاء – جامعة الحسن الثاني – ص: 173
[9] – انظر محمد محمود محمد سالم – السلطة التنفيذية في النظام السياسي الموريتاني – مرجع سابق – ص 176
[10] -انظر د يوسف سعد الله الخوري – الظروف الاستثنائية والقانون الدستوري – الكتاب السنوي للمجلس الدستوري اللبناني لسنة 2013 – المجلد السابع ص 208
[11] – انظر د- عقل عقل – الظروف الاستثنائية والقانون الدستوري – الكتاب السنوي للمجلس الدستوري اللبناني لسنة 2013 المجلد 7 – ص 210
[12] -D.G.LAVROFF.op.cit.p.503-504
[13] – انظر الدكتور أمير حسن جاسم – نظرية الظروف الاستثنائية وبعض تطبيقاتها المعاصرة – مرجع سابق – ص 24
[14] – انظر د. أمير حسن جاسم – نظرية الظروف الاستثنائية وبعض تطبيقاتها المعاصرة- مرجع سابق – ص 242.
[15] – د. سيدي محمد سيد أب – الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي– سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية 2001 – ص 308
[16] – أنظر د.أحمد فتحي أسرور – القانون الدستوري الجنائي –ط1 -2002 – دار الشروق – ص 568
[17] – انظر د. أمير حسن جاسم – نظرية الظروف الاستثنائية وبعض تطبيقاتها المعاصرة- مرجع سابق – ص 244.
[18] – أنظر د.أحمد فتحي سرور – القانون الدستوري الجنائي – مرجع سابق – ص 553
[19]– انظر د يوسف سعد الله الخوري – الظروف الاستثنائية والقانون الدستوري – مرجع سابق – ص 189.
[20] – أنظر د.أحمد فتحي سرور – القانون الدستوري الجنائي- مرجع سابق -. ص 548.
[21] -. انظر د- عقل عقل – الظروف الاستثنائية والقانون الدستوري –مرجع سابق – ص 211.
[22] – د.عبد الكريم غلاب سلطة المؤسسات بين الشعب و الحكم مطبعة النجاح الجديدة 1987 ص 204 .
[23] – انظر د يوسف سعد الله الخوري – الظروف الاستثنائية والقانون الدستوري – مرجع سابق – ص 192.
[24] – الدستور الفرنسي 1958 المادة 16 (إذا أصبحت أنظمة الجمهورية أو استغلال الوطن أو سلامة أراضيه أو تنفيذ تعهداته الدولية بخطر جسيم وحال، ونشأ عن ذلك انقطاع السلطات العامة الدستورية عن مباشرة مهامها كالمعتاد ، يتخذ رئيس الجمهورية الإجراءات التي تقتضيها هذه الظروف بعد التشاور مع الوزير الأول ورئيسي المجلسين والمجلس الدستوري بصفة رسمية .
[25] – أنظر د.أحمد فتحي سرور – القانون الدستوري الجنائي- مرجع سابق -. ص 554.
[26] – تنص المادة 25 من دستور 1961 (“يتخذ رئيس الجمهورية التدابير التي تقتضيها الظروف حينما يهدد خطر وشيك الوقوع مؤسسات الجمهورية وأمن الأمة واستقلالها وحوزة بلادها ، وكذلك حينما يتعطل السير المنتظم للسلطات العامة الدستورية ويطلع الأمة على الوضع عن طريق خطاب يوجهه إليها ثم يستدعي الجمعية الوطنية ، وينتهي العمل بهذه الإجراءات فور ما تنتهي الظروف المسببة لها “).
[27] – ينص الفصل 46 من دستور 1959 على ما يلي : ” لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وأمن البلاد واستغلالها بحيث يتعذر السير العادي لدواليب الدولة ، اتخاذ ما الظروف من تدابير بعد استشارة الوزير الأول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ويوجه في ذلك بيانا إل الشعب وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة وتزول هذه التدابير بزوال أسبابها ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى مجلس النواب ومجلس المستشارين”.
[28] – تنص المادة 59 على ما يلي : “في حالة الخطر الوشيك الوقوع يمكن لرئيس الجمهورية اتخاذ تدابير استثنائية لحماية استغلال الأمة ومؤسسات الجمهورية . ويجتمع المجلس الوطني وجوبا”
[29] – الفصل 35 من دستور 1962 “إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو إذا وقع من الأحداث ما من شأنه أن يمس بسير المؤسسات الدستورية فيمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بمرسوم ملكي بعد استشارة رئيسي المجلسين وتوجيه خطاب للأمة. وبسبب فإن له الصلاحية رغم جميع النصوص المخالفة في اتخاذ التدابير التي يفرضها الدفاع عن حوزة التراب والرجوع للمؤسسات الدستورية إلى سيرها العادي. تنتهي حالة الاستثناء باتخاذ نفس الإجراءات التبعة لإعلانها” وقد تمسكت مختلف الدساتير المغربية المتعاقبة بمضمون هذا الفصل وإن كانت إعلان إجراءاته الشكلية عرفت بعض التغيير من دستور لآخر حيث اقتصرت هذه الإجراءات في دستوري 1970 و1972 على استشارة رئيس مجلس النواب وتوجيه خطاب إلى الأمة نظرا لغياب مجلس المستشارين في كلا الدستورين بعد أن كان حاضرا في دستور 1962 كما أن هذه الحالة لم تعد تعلن بمرسوم ملكي كما هو الحال في دستور 1962 وإنما أصبحت تعلن بموجب ظهير شريف ، وقد عرفت هذه الإجراءات إضافة إجراء جديد بموجب دستور 1992 هو استشارة رئيس المجلس الدستوري كما عرفت إضافة قيد هام على سلطة الملك يتمثل في عدم إمكانية حل البرلمان أثناء العمل بحالة الاستثناء ، وقد أبقى دستور 1996 على مقتضيات الفصل 35 من دستور 1992 دون تغيير باستثناء إعادته لشرط استشارة رئيس مجلس المستشارين عند إعلان حالة الاستثناء وهو المجلس الذي غاب عن الحياة الدستورية في المغرب في دساتير 1970 و1972 و1973.
[30] د مصطفى قلوش : المؤسسة الملكية ، الطبعة الأولى 1996 -1997 ، شركة بابل ، الرباط – ص 170
[31] انظر د. سيدي محمد سيد أب – الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي – مرجع سابق ص 310.
[32] يلاحظ أن الدستوران التونسيان ينفردان عن بقية الدساتير المغاربية فيما يخص هذا الشرط بربطهما ما بين الخطر وتعذر السير العادي لدواليب الدولة في حين اشترطت الدساتير الأخرى هذا الشرط دون أن تربطه بتلك النتيجة .
[33] استخدم المشرع الدستوري الجزائر عبارة الخطر الوشيك الوقوع في دستوري 1963 و 1976 ، أما في دستوري 1989 و1996 فاستخدم عبارة خطر داهم يوشك أن يصيب….
[34] انظر الدستور المغربي 2011 الباب الثالث الملكية – الفصل 59
[35] تشابهت مقتضيات الدساتير المغاربية حول هذا الشرط تشابها كبيرا حيث أجمعت دساتير الجزائر وموريتانيا وتونس على استخدام عبارة ” تهديد أمن البلاد واستغلالها ” بينما اكتفى المشرع الدستوري المغربي باستخدام “حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي….”
[36] أنظر د مصطفى قلوش : المؤسسة الملكية ، مرجع سابق ، ص 474.
[37] انطر د. سيدي محمد سيد أب – الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي – مرجع سابق ص 312.
[38] . سيدي محمد سيد أب ، الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في الدساتير المغاربية ، دراسة مقارنة ، كلية الحقوق ،مرجع سابق – ص 92.
[39] – انظرد مصطفى قلوش : المؤسسة الملكية ، مرجع سابق ،ص 171.
[40] أنظرسيدي محمد سيد أب ، الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في الدساتير المغاربية ، دراسة مقارنة ، كلية الحقوق ،مرجع سابق – ص 96.
[41] انظر د. عمار حلمي فهمي – الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في النظامين الرئاسي والبرلماني – دراسة مقارنة – ط1 1980 دار الفكر العربي – ص 327.
[42] – .Georges Burdeau , Manuel de droit constitutionnel, 21eme édition, L.G.D.J.Paris 1988. P.623
[43] -S.L. Formery . Op.Cit.P.50
[44] – أنظر د. مصطفى قلوش – المؤسسة الملكية مرحع سابق ص: 175 وكذلك د. عبد الهادي بوطالب : النطم السياسية العلمية المعاصرة ، دار الكتاب، الدر البيضاء . 1981 ص 128.
[45] – أنظر د. مصطفى قلوش – المؤسسة الملكية مرحع سابق ص: 175- 176.
[46] – et droits constitutionnel ; Paris 1975 ; P. 817 Jean Cadart : Institutions Politiques
[47] – انظر Claude LECLERQ. Op.Cit.P. 584
[48] – انظر د: عمر حلمي فهمي – مرجع سابق – ص 337.
[49] -د.محمد عبد الرحمان سالم مؤسسة رئيس الجمهورية في النظامين الدستوريين الفرنسي لسنة 1958 و الموريتاني لسنة 1991 دراسة مقارنة.اطروحة لنيل دكتورى الدولة في الحقوق كلية العلوم القانونية و الاقتصادية اكدال جامعة محمد الخامس 2006-2007 ص.345 .
[50] -د.عبد الرحمان ولد احمد سالم مرجع سابق ص 345 .
[51] -د.عبد الغني بسيوني عبد الله سلطة ومسؤولية رئيس الدولة في النظام البرلماني المؤسسة الجمعية للدراسات و النشر و التوزيع.الطبعة الاولى 1995 ص 149-150 .
[52] -د.عبد الهادي بوطالب النظم السياسية العالمية المعاصرة.دار الكتاب,الطبعة الاولى 1981 ص128 .
[53] – انظر د: عمر حلمي فهمي – مرجع سابق – ص 377.
[54] -د. عبد الهادي بوطالب مرجع سابق.
[55] – انظر د: عمر حلمي فهمي – مرجع سابق – ص 377.
[56] – أنظر د. مصطفى قلوش – المؤسسة الملكية مرجع سابق ص: 175.
[57]– أنظرسيدي محمد سيد أب ، الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في الدساتير المغاربية ، مرجع سابق ، ص : 102 – 103.
[58] – انظر د: سعيد بو الشعير : النظام السياسي الجزائري ، النظام السياسي الجزائري ، دار الهدى للطباعة ، ولاية أم البواقي ، 1992 ، ص 275.
[59] – أنظرسيدي محمد سيد أب ، الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في الدساتير المغاربية ، مرجع سابق ، ص: 104.
[60] – أنظر د. مصطفى قلوش – المؤسسة الملكية مرجع سابق ص : 177-178
[61] – أنظ Habbas JOSETTE : la fonction législative en Algérie TH . Faculté des Droits de Mompélier 1980 P : 80 et s
[62] – د. عبد الفتاح عمر : الوجيز في القانون الدستوري ، مركز الدراسات والبحوث والنشر ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، تونس ، 1987 ص 475.
[63] – أنظر د. مصطفى قلوش – المؤسسة الملكية مرجع سابق ص: 179.
[64] – انظر د: عمر حلمي فهمي – مرجع سابق – ص: 331.
[65] – انظر د. عبد الفتاح عمر : الوجيز في القانون الدستوري، مرجع سابق ، ص: 476.
[66] – انظر الدستور التونسي لسنة 1959 ، الباب العاشر ، المواد 76 – 78 بعد التعديل الذي أدخل عليه 1995 ، والباب الرابع الرابع من الفصل الثاني من الدستور الجزائري لسنة 1989 ، المواد 163-167 ، ونفس الباب من دستور 1996 (المواد من 174 – 178 ). والباب الحادي عشر من الدستور الموريتاني لسنة 1991 ، المواد :( 99- 101) ، والباب الحادي عشر من الدستور المغربي لسنة 1992 (المواد: 97-100) المقابل للباب الثاني عشر من دستور 1996 ا(المواد 103-106) ، والباب الثالث عشر من دستور 2011 ( المواد 172- 175).
[67] – في هذه الحالة قد تم استعمال مقتضيات الفصل 35 المتعلق بإعلان حالة الاستثناء
[68] – انظر د. سيدي محمد سيد أب – الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي – مرجع سابق ص 317.
[69] – د. عبد الله بوقفه – النظم الدستورية (السلطة التنفيذية بين التعسف والقيد ) دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية – الدول والحكومات –ط2- 2010- دار الهدى – مليله – ص 149
[70] – د. رافع بن عاشور – المؤسسات والنظام السياسي بتونس – ط2 -2009 – مركز النشر الجامعي – ص 357
[71] احداث 1966 التي جائت بعد المصادقة من طرف الجمعية الوطنية انذاك على قوانين تلزم ترسيم اللغة العربية و الحفاظ على الهوية و الوحدة الوطنية من قبل مجموعة من طلاب المكون الزنجي تمت مؤازرتهم من مجموعة اطلق عليها مجموعة 19 باعتبار ان ترسيم اللغة العربية فيه حيف و ظلم عليهم.
[72] النزاع الحدودي بين موريتانيا و السنغال الذي كاد ان يتحول الى محاولة لزعزعة اللحمة الوطنية.
[73]محاولات انقلابية للاطاحة بمؤسسات الدولة.
[74] – د- محمد عبد الرحمن أحمد سالم مؤسسة رئيس الجمهورية في النظامين الدستوريين الفرنسي والموريتاني (1958- 1991) – دراسة مقارنة – ص 351.
[75] – أبوبكرن مرشد فازع الزهيري – السلطات الاستثنائية لرئيس الدولة –دراسة تطبيقية على التشريعات اليمنية والسودانية – بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه في القانون – جامعة الخرطوم – كلية القانون – السودان 2005 ص 298.
[76] – انظر د. سيدي محمد سيد أب – الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي – مرجع سابق ص 414.
[77] – د. عبد الله بوقفه – مرجع سابق – ص 178.
[78] – أعمال السيادة هي مجموعة من أعمال السلطة التنفيذية ، لا تخضع لرقابة مجلس الدولة رغم اشتمالها على خصائص القرارات الإدارية ، وقد كان سند مجلس الدولة في إخراج هذه الطائفة من القرار ت من نطاق اختصاصه ، هو اتصالها بسيادة الدولة الداخلية أو الخارجية ومن ثم فإن طبيعتها تتعارض مع جعلها محلا لدعوى قضائية لما يحيط بها من اعتبارات سياسية تبرر تخويل السلطة التنفيذية سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقا تحقيقا لصالح الوطن وأمنه وسلامته ، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه من إجراءات في هذا الصدد،لأن ذلك يتطلب توافر معلومات وعناصر وموازين تقدير مختلفة لا تتاح للقضاء، وذلك فضلا عن عدم طرح هذه المسائل علنا في ساحات القضاء.
– راجع الدكتور عبد العزيز عبد المنعم خليفة – نظرية أعمال السيادة _ (دعوى إلقاء القرار الإداري الأسباب والشروط) – منشأة المعرف الاسكندرية – مصر 2008 ص 582.
[79] -Vedel et delvové, Opé cit , p74 et René Capitan : de la nature des actes de gouvernement en droit français, Etudes juridiques, DalloZ, France,1964 ; P107
[80] – D.G.LAVROFF : le système politique français. OP.Cit.P.481-482.
[81] – انظر الفقرة الرابعة من الفصل 59 من الدستور المغربي لسنة 2011.