دور القاضي الإداري في حماية البيئة كأحد صور التنمية المستدامة – الدكتور : عصام عصر مسلم الذنيبات دكتور في القانون الاردن
دور القاضي الإداري في حماية البيئة كأحد صور التنمية المستدامة
The Role of Administrative judge in Protecting the Environment as One of the Forms of Sustainable Development
?الدكتور : عصام عصر مسلم الذنيبات
دكتور في القانون الاردن
الملخص:
إن العلاقة بين البيئة والتنمية المستدامة علاقة قوية لا تقبل الإنفصام، قوامها تحقيق التوازن بين حق الإنسان في البيئة الصحية السليمة وبين متطلبات تحقيق التنمية، حيث أن التنمية المستدامة تقوم على استغلال الموارد الطبيعية، وهذا الإستغلال قد ينتج عنه تدهور يصيب هذه الموارد ، وخاصة إذا لم تراعي الضوابط القانونية والائحية .
ويعد القضاء هى المرجع للرقابة على تصرفات الإدارة عند قيامها بأى تصرف ينصب على مشروعات التنمية المستدامة من أجل حماية البيئة .
Abstract
The relationship between the environment and sustainable development is a strong and inextricable relationship ,based on achieving abalance between human right to a healthy environment and requirements to achieve development , as sustainable development is based on on the exploitation of natural resources , and this exploitation may result in a deterioration that affects these resources ,especially if it is not observe the legal and regulatory requirements
The judiciary is the place monitor the actions of the administration when it takes any action that focus on sustainable development projects in order to protect the environment
المقدمة
قام نشاط الإنسان منذ بداية الخليقة على إستغلال ثروات الطبيعة، وكان تأثير الإنسان في ذلك الوقت على البيئة محدودًا لا يذكر، فلم تكن هناك مشكلات تلوث للبيئة أو أستنزاف لمواردها، فقد كانت البيئة قادرة على أمتصاص الملوثات وتحقيق التوازن البيئي.
فظاهرة التلوث برغم قدمها إلا الأنظار لم تلتفت إليها إلا في الأونة الأخيرة مع تطور المجتمعات، فمع بداية الثورة الصناعية ودخول الإنسان في العصر الرقمي ظهر التأثير السلبي للتلوث، كذلك تنبه الإنسان إلى سوء أستغلال الموارد والثروات الطبيعية، فقد كان كل ذلك مردود للتنمية الصناعية.
في ذلك الوقت شعر الإنسان بالإستنزاف الذي يصيب عناصر الطبيعة ، فلم تعد البيئة قادرة على تجديد مواردها، ومن ثم اختل التوازن بين مختلف العناصر البيئية، وأصبحت هذه العناصر عاجزة عن تحليل المخلفات والنفايات الناتجة عن النشاطات المختلفة للإنسان .
ولم تتيقظ البشرية للآثار السلبية للتدهور البيئي إلا مع بدايات النصف الثاني للقرن العشرين على إثر مجموعة من الكوارث البيئية التي هزت العالم، الأمر الذي نتج عنه زيادة الاهتمام بشكل متصاعد بالقضايا البيئية وعلى كافة المستويات، حيث أضحت البيئة أحد الرهانات المعاصرة ذات الارتباط الوثيق بالتنمية والنشاط الإقتصادي .
وتعد التنمية المستدامة من الحقوق حديثة النشأة والتى أقرتها الدساتير في الأونة الأخيرة، وهى تعمد بشكل رئيسي على البيئة، فلقد أشارت كافة وثائق البيئة إلى فكرة التنمية المستدامة التي تسعى إلى تلبية حاجيات وطموحات الأجيال الحاضرة من الموارد البيئية من دون الإخلال بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجياتها منها، كما تهدف التنمية المستدامة إلى تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية بمختلف أشكالها وصورها من جهة ومقتضيات حماية الموارد البيئة والثروات الطبيعية من جهة أخرى .
ونتيجة للصراع القائم بين المحافظة على البيئة والحاجة إلى التنمية المستدامة، نشأ دور القاضي الإدارى فى إقامة التوازن بين الحفاظ على موادر البيئة والتنمية المستدامة بصفتها أحد أدوات بناء الإقتصاد القومي، حيث أن إستمرار النشاطات التنموية مع التأثير السلبي على البيئة والإضرار بها سوف يكون له انعكاس سلبي على الدول بإعتبار أن التدهور البيئي لا يعترف بالحدود السياسية ولا الطبيعية.
مشكلة البحث
تظل قضية البيئة والتنمية أحد المحددات الرئيسية في صياغة وتشكيل النظم القانونية للدول، وهى معيار تقاس بخ درجة تقدمها وقدرتها على تحقيق أهدافها الوطنية، فتلك القضية ليست شكل من أشكال الترف السياسي بل هى قواعد ومفاهيم ومضمون ، فهى عملية محورية تشكل أحدى ضمانات تقدم الأمم .
تساؤلات الدراسة
سيقوم الباحث من خلال طرح مشكلة البحث بالإجابة على السؤال الأتي :
ما مدى فعالية الآليات المتخذة من قبل المشرع الأردني في تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية من جهة و مقتضيات حماية البيئة من جهة أخرى ؟
أهداف البحث
تهدف الدراسة الوقوف على عدة نقاط :
- الوقوف على طبيعة العلاقة بين البيئة التنمية المستدامة.
- الوقوف على دور القاضي الإداري في مجال الحفاظ على البيئة .
-
الوقوف على دور القاضي الإداري في مجال المسؤولية الإدارية البيئية.
منهج البحث
يعتمد الباحث على المنهج التحليل والمنهح الإستنباطي والمنهج المقارن :
المنهج التحليلي : حيث نتناول تحليل نصوص القانون الأردني التى تنظم حماية البيئة.
المنهج الإستنباطي: والذي يعتمد على أستنباط الأفكار بعد تحليل نصوص القانون وأحكام القضاء .
المنهج المقارن : حيث نتناول هنا مقارنة النظام القانوني الأردنى بما جاء في القانون المصري والقانون الفرنسي، فنعرض لإتجاهات القانون والقضاء في تلك القوانين من موضوع البيئة والتنمية المستدامة .
خطة البحث
نتناول موضوع دور القاضي الإداري في حماية البيئة كأحد صور التنمية المستدامة في مبحثين على النحو التالي :
المبحث الأول: العلاقة بين البيئة والتنمية المستدامة
المبحث الثاني : أختصاص القاضي الإداري بحماية البيئة
المبحث الأول
العلاقة بين البيئة والتنمية المستدامة
تمهيد وتقسيم
إن التدهور الذي لحق بالبيئة نتج عن النهضة الاقتصادية التى أمتدت إلى جميع أنحاء العالم، حيث بدأت الدول الصناعية في توجيه تنميتها نحو الاستغلال غير الرشيد لمواردها الطبيعية، من تربة وماء وهواء ومعادن ومصادر الطاقة، وهي كلها مصادر مسخرة للإنسان لتكفل له مقومات الحياة، مما نتج عنه إضرربالبيئة، فأصبحت التنمية وبلاً على البيئة، وهذا غير المقصود تمامًا .
ولقد تنبأ علماء البيئة و خبرائها منذ ستينات القرن الماضي بهذه الأخطار المهددة للبيئة، فعقدوا الملتقيات والندوات إلى أن توصلوا إلى عقد مؤتمرات دولية كان أولها مؤتمر الأمم المتحدة الأول للبيئة في ستوكهولم بالسويد عام 1972 ، والذي اهتمت أشغاله برسم السياسات الرشيدة وبحث الإجراءات والوسائل الكفيلة بحماية البيئة، ثم تلاه مؤتمر قمة الأرض المنعقدة بريو دي جانيرو لترجمة هذه الأهداف والسياسات عن طريق العديد من المبادئ والوسائل التي تبناها المؤتمر، لذا أسفر المجتمعون في هذا المؤتمر على طرح مفهوم جديد للتنمية من شأنه أن يراعي المخاطر والأضرار التي تهدد الموارد البيئية على المستوى المحلي والعالمي وهو مفهوم التنمية المستدام .
وهكذا ظهر إلى الوجود مصطلح التنمية المستدامة ، وتم الربط بينة وبين البيئة، فقد عمدت قوانين البيئة إلى الربط بين المصطلحين .
ونتناول في هذا المبحث عرض العلاقة بين البيئة والتنمية المستدامة ، في مطلبين على النحو الأتي :
المطلب الأول : ماهية البيئة والتنمية المستدامة
المطلب الثاني : تأثير البيئة على التنمية المستدامة
المطلب الأول
ماهية البيئة والتنمية المستدامة
تعد عناصر البيئة هى المجال الخصب للاستثمار، فإستخراج المعادن والطاقة الإحفورية يتم من جوف التربة، وكذلك إستخراج الغاز الطبيعيى، وصيد الأسماك يتم في المياة .
لذلك كان للبيئة والتنمية المستدامة علاقة لا تنفصم، فلا يكاد يذكر مصلح التنمية المستدامة إلا ويتبادر إلى الذهن مصطلح البيئة .
وسنحاول هنا تحديد مفهوم البيئة والتنمية المستدامة في فرعين على النحو التالي :
الفرع الأول : مفهوم البيئة
الفرع الثاني : تعريف التنمية المستدامة
الفرع الأول
مفهوم البيئة
تطلق كلمة البيئة على كل ما يحيط بالإنسان سواء أكانت حيوانات أم نباتات أم جمادات،ومما لا شك فيه إن كافة أوجة التقدم كان لها مردود سلبي على البيئة، فالتقدم الصناعي خلف لنا التلوث والذي كان له أثر مباشر على الحياة داخل البيئة، فقد نتجت مشكلات وعلاقات ليست فقط قاصرة على المهتمين بعلوم البيئة، بل تعدى نطاق تلك المشكلات غلى دائرة العلوم الأخرى، وحيث أن القانون ظاهرة اجتماعية وليدة واقع الحياة الاجتماعية فهو بالضرورة يتأثر بالبيئة التي ينشأ من خلالها ويتعامل معها، فالقانون يحاول تنظيم أنشطة الأفراد في علاقاتهم بالبيئة، سواء كانت أنشطة ايجابية تتعلق بالاستفادة من البيئة وما تقدمه من موارد طبيعية وامكانات اقتصادية، أو أنشطة سلبية تتعلق بالعدوان على البيئة وبتدمير مواردها والإخلال بأنظمتها الايكولوجية والتوازن الطبيعي بين عناصرها التكوينية.
وعلى مر الزمن نشأ القانون البيئي والذي كان نتاج التطور الاقتصادي والاجتماعي للعمليات الواردة على عناصر البيئة، فعندما تزايد النشاط الاقتصادي في مجال الصناعة والزراعة، حيث لم تعد المعالجة القضائية للتعويض عن الأضرار لحالات التعدي التي تقع على الأشخاص وممتلكاتهم كافية لمواكبة الآثار البيئية الملازمة لذلك التطور، مما حدا بالسلطة التشريعية مهمة الموازنة بين المصالح الإقتصادية والمصالح البيئية، وترجيح مصلحة البيئة على مصلحة الفرد الناتجة عن فكرة المنفعة والربح ومن ثمة تحديد الأعمال المحظورة .
أولا : تعريف البيئة
-
التعريف اللغوي
تتفق معاجم اللغة العربية على أن البيئة كلمة مشتقة من فعل بوأ فيقال فلان تبوأ منزلة في قومه، بمعنى احتل مكانة عندهم، كما أن لها معنى لغوي آخر يعني في بعض الأحيان المنزل وليس الموضع فيقال تبوأ الرجل منزلا أي نزل فيه().
-
التعريف الفقهي
ولا يشكل مفهوم البيئة فى علم القانون مشكلة، فهو مفهوم واسع وشامل يبدأ بالفرد وينتهي به، وموضوع الحفاظ على البيئة سلامة البيئة من التلوث هو هدف إنساني، يسعى الجميع إلى تحقيقه، فالبيئة Environment تعنى ” الوسط الطبيعي أو المحيط الحيوي الذى يعيش فيه الإنسان وبقية الكائنات الحيه ” () .
أو هى المحيط المادى الذى يعيش فيه الإنسان ويشمل الماء والهواء والفضاء والتربة والكائنات الحيه والمنشأت التى أقامها الإنسان لإشباع حاجاته المختلفة () .
فالبيئة هي كل ما يحيط بالإنسان من مكونات حية مثل، الحيوانات النباتات ومن مكونات غير حية مثل الصخور والمياه والهواء والطقس وغير ذلك ().
كما عرفها أخر بأنها “البيئة هي الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان بما يضم ظواهر طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها “() .
-
التعريف التشريعي
عرف القانون الأردنى البيئة بأنها ” المحيط الذي يشمل الكائنات الحية وغير الحية وما يحتوية من مواد وما يحيط به من هواء وماء وتربة وتفاعلات أي منها وما يقيمه الإنسان من منشات فيه ” ().
عرف القانون المصري البيئة بأنها ” المحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية و ما يحتويه من مواد و ما يحيط بها من هواء وماء وتربة وما يقيمه الإنسان من منشآت ” ().
-
التعريف بحماية الببيئة
عرف المشرع المصري حماية البيئة بأنها ” المحافظة علي مكونات البيئة و الارتقاء بها ، ومنع تدهورها أو تلوثها أو الإقلال من حدة التلوث وتشمل هذه المكونات الهواء والبحار والمياه الداخلية متضمنة نهر النيل والبحيرات والمياه الجوفية والأراضى، والمحميات الطبيعية والموارد الطبيعية الأخري “().
عرف المشرع الأردني حماية البيئة بأنها ” المحافظة على مكونات البيئة وعناصرها والإرتقاء بها ومنع تدهورها أو تلوثها أو الإقلال منها ضمن الحدود الأمنة من حدوث التلوث وتشمل هذه المكونات الهواء والمياه والتربة والإحياء الطبيعية والإنسان ومواردهم “().
بينما جعل المشرع الفرنسي حماية البيئة واجب دستورى فقد نص على
)Le peuple français proclame solennement son attachement aux droits de l’homme et aux principes de la souveraineté nationale… ainsi qu’aux droits et devoirs défins dans la charte de l’environnement de 2004).
كما نص ميثاق االبيئة الفرنسي على أن حماية البيئة وتحسينها واجب على كل شخص ، فقد نص على :
(toute personne a le devoir de prendre part à la préservation et l’amélioration de l’environnement)
ثانيًا: تلوث البيئة
-
تعريف التلوث لغويًا
تطلق كلمة التلوث في اللغة ويراد بها، خلط الشىء بما هو خارج جنسة .
فيقال لوث الشىء بالشىء أى خلطة به .
وجاء مفهوم التلوث في لسان العرب لأبن منظور في مادة لوث ( أن كل ما خلطته ومرسته فقد لثته ولوثته ، كما تلوث الطين بالتبن، والجص بالرمل، ولوث ثيابة بالطين أى لطخها، ولوث الماء : كدرة ) () .
وفى مختار الصحاح للأمام الرازى، لوث ثيابة بالطين تلويثًا أى لطخها، ولوث الماء أى كدرة ، وجاء فى المصباح المنير( لوث ثيابة بالطين أى لطخة ، وتلوث الثوب بذلك)() .
وجاء فى قاموس المصطلحات العليمة بأن التلوث عبارة عن الحالة القائمة في البيئة الناتجة عن التغيرات المستحدثة فيها، والتي تسبب للأنسان الإزعاج أو الأضرار أو الأمراض أو الوفاة بطريقة مباشرة أو عن طريق الإخلال بالأنظمة البيئية () .
-
تعريف تلوث البيئة في الإصطلاح
يعد التلوث البيئى هو أخطر أنواع التلوث، لذلك يعد تلوث البيئة هو المفتاح لحماية البيئة، وذلك لما له من أثر فى تحديد الأدوات القانونية المناسبة لمكافحة التلوث، لذلك كان من الضروري تحديد مفهوم تلوث البيئة فى الإصطلاح القانوني:
فقد عرفه أحد الفقهاء بأنه كل التغيرات في الأحوال البيئية بصورة غير مرغوب فيها، تغيرًا جزئيًا أو كليًا بفعل النشاطات الإنسانية من خلال إعادة توزيع الطاقة أو زيادة النشاط الإشعاعي أو تغير فى الأحوال الفيزيائية والكيمائية () .
كما عرفة أخر بأنه الحالة القائمة في البيئة الناتجة عن التغيرات المستحدثة فيها والتى تسبب للإنسان الإنزعاج أو الأمراض أو الوفاة بطريقة مباشرة، عن طريق الإخلال بالأنظمة البيئية() .
كما يعرفة أخر بأنه التغير الكمي والكيفي – العارض- المقصود والذى يطرأ على عنصر أو أكثر من عناصر البيئة ويكون من شأنه الإضرار بحياة الكائنات الحيه ، ويضعف من قدرة الأنظمة البيئية على مواصلة إنتاجها ().
كما يعرفه قاموس ويستر بأن حالة من عدم النقاء أو عدم النظافة أو أنها كل عملية تنتج مثل هذه الحالة () .
كما قدمت أتفاقية حماية البيئة البحرية والمنطقة الساحلية للبحر الابيض المتوسط تعريف للتلوث، فقد عرفته بأنه ” قيام الإنسان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بإدخال مواد أو طاقة في البيئة البحرية، بما فى ذلك مصاب الأنهار ينتج عنها أو يحتمل أن ينتج عنها أثار ضارة تلحق بالمواد الحيه والحياة البحرية وأخطار على الصحة البشرية وتعوق الأنشطة البحرية، بما فى ذلك صيد الأسماك والأستعمالات المشروعة للبحر وتضر بنوعية استخدام مياة البحر وخفض الأستمتاع بها ” () .
كما جاء تعريف التلوث في التقرير الذى أعده المجلس الإقتصادي والإجتماعي التابع للأمم المتحدة عام 1965 حول ” تلوث الوسط والتدابير المتخذه لمكافحتة “، حيث عرفه بأن ” التغيير الذى يحدث بفعل التأثير المباشر وغير المباشر للأنشطة في تكوين أو حالة الوسط على نحو يخل ببعض الأستعمالات والأنشطة التى كان من المستطاع القيام بها فى الحالة الطبيعية في ذلك الوسط “.
كما أشارت أتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982 في المادة 1 / 4 لتعريف التلوث البحري، فقد عرفته بأنه ” إدخال الإنسان في البيئة البحرية بما في ذلك مصاب الأنهار بصورة مباشرة أو غير مباشرة ينجم عنها أو يحتمل أن ينجم عنها أثار مؤذية مثل الإضرار بالموارد الحياة البحرية وتعرض الصحة البشرية للاخطار وإعاقة الأنشطة البحرية والحط من نوعية وقابلية مياة البحر للأستعمال ” () .
ويرى الباحث أنه يمكن تعريف تلوث البيئة بأنه أى مواد سائلة أو صلبة أو غازية أو ضوضاء أو إشعاعات حرارية أو ما شابه تتواجد بكمية أو بطريقة غير طبيعية تؤدى بطريق مباشر أو غير مباشر إلى الإضرار بالأنسان وسائر الكائنات الحيه والغير حية التى توجد بداخل البيئة .
-
أقسام تلوث البيئة
ويمكن تقسيم التلوث إلى نوعين : تلوث مادي وتلوث معنوي .
-
التلوث المادي: هو تلوث محسوس يحيط بالإنسان فيشعر به ويتأثر به ، ويراه الأنسان بالعين المجردة ، ويكون هو المتسبب فيه في معظم الأحيان ، إهمالاً منه فى حق نفسة ولهثة وراء التكنولوجيا الحديثة ، مما يتسبب فى الإخلال بالتوازن البيئي () .
فالتلوث المادى على ذلك يصيب إحدى عناصر البيئة الرئيسة وهى الهواء والماء والتربة ، كما يمتد نطاقة ليشمل العذاء .
-
التلوث المعنوي: هو تلوث غير محسوس، غالبًا ما تكون أثاره غير مباشرة على البيئة، وذلك على الرغم من أنها قد تكون قاتلة في بعض الأحيان () .
فيأخذ التلوث المعنوي صورة غير مرئية، يهملها الأنسان أعتقادًا منه بأن هذا التلوث غير مؤثر على نظام الحياو الطبيعية والمجتمعية، إلا أن هذا التلوث ينتج عنه العديد من الأضرار العضوية والسيكولوجية تتمثل فى: تلوث سمعي وتلوث إشعاعي وتلوث أخلاقي وتلوث ديني وفكري.
الفرع الثاني
تعريف التنمية المستدامة
على الرغم من ظهور مصطلح التنمية المستدامة في الأدبيات الإقتصادية والقانونية في الأونة الأخيرة إلا أن أصطلاح التنمية المستدامة إصطلاح جديد لمفهوم قديم، فمفهوم التنمية المستدامة في حد ذاتها لا يعد مفهوما جديدا أو فكرة مستحدثة، فقد ظهر هذا المفهوم في الفكر الإسلامي منذ القرن السادس ميلادي() .
أولاً : مفهوم التنمية المستدامة
فقد جاء في أحد التعاريف بأن التنمية المستدامة يراد بها ” تلك التنمية التي تلبي الإحتياجات الحالية الراهنة دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية حاجاتهم” () .
كما قال عنها أخر بأنها ” حماية الموارد الطبيعية والاستخدام الأمثل للأرضي الزراعية والموارد المائية ” ().
كما قال عنها أخر بأنها ” عملية اقتصادية واجتماعية وسياسية شاملة، تستهدف التحسين المستمر لرفاهية الشعوب، وهي عملية متكاملة لذا فان الإسهام في إيجاد ظروف مواتية لتنمية جزء كبير من الإنسانية ” ().
كما عرفها جانب من الفقة بأنها ” على الأجيال الحاضرة عدم تجاهل حقوق الأجيال المقبلة في البيئة والموارد الطبيعية عند إستخدامها ولا شك أن هذا يهدد بعدم استمرارية التنمية في المستقبل، فالحفاظ على قاعدة الموارد الطبيعية يؤدي إلى تحقيق التقدم الإقتصادي الإجتماعي المنشود، وإذا استنزفت الموارد البيئية الطبيعية و تدهورت فإن أعباء ذلك سوف تكون خطيرة ” ().
عرف المشرع الأردني التنمية المستدامة بأنها ” التنمية التى تستخدم الموارد الطبيعية بطريقة تصونها للأجيال القادمة وتحافظ على التكامل البيئي ولا تتسبب في تدهور عناصر ومكونات الأنظمة البيئية ولا تخل بالتوازن بينهما ” () .
ومن خلال التعاريف السابقة نستطيع القول بأن التنمية المستدامة هي مصطلح يراد به عدم أستنزاف موارد البيئة الطبيعية مراعاة لحقوق الأجيال القادمة، مما يستلزم خفض أستهلاك الطاقة – البترول والغاز – وتوظيف الموارد – الزراعية والمائية – من أجل رفع مستوى المعيشة والحد من الفقر .
وعلى ذلك لكي تكون التنمية مستدامة يجب ألا تتجاهل الضغوط البيئية، وألا تؤدي إلى دمار واستنزاف الموارد الطبيعية، كما يجب أن تحدث تحول تقنيا لقاعدة الصناعية والتكنولوجية السائدة .
ثانيًا : ركائز التنمية المستدامة
-
الركن الأول الإحتياط
وهو ما يعني أن الدول ملزمة بإتخاذ التدابير اللازمة لمنع تدهور البيئة أو إستدراك ما وقع من تدهور، حتى في حالة غياب اليقين العلمي القاطع حول الآثار الناجمة عن الأنشطة المزمع القيام بها، فمبدأ الأحتياط يسعى لمنع الضرر الذي يصيب البيئة هو ضرر يستعصي على المعرفة العلمية المتاحة أن تؤكد وقوعه أو تحدد آثاره ونتائج على البيئة إذا ما وقع() .
-
الركن الثاني المشاركة
التنمية المستدامة عبارة عن ميثاق يتطلب مشاركة جميع الجهات ذات العلاقة في إتخاذ قرارات جماعية من خلال الحوار، في عدة مجالات مثل التخطيط وضع السياسات وتنفيذها، فالتنمية المستدامة تبدأ في المستوى المحلي، فهى تبدأ من الأسفل، ويتطلب تحقيقها بشكل مؤثر توفير أعتناق اللامركزية، بما يمكن الهيئات الرسمية والشعبية بوجه عام من المشاركة في خطوات إعداد وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية ().
-
الركن الثالث الإدماج
وهو ما يعني وضع الإعتبارات البيئية في حسابات المخططات الإنمائية بما في ذلك تقييم الآثار البيئية للمشروع قبل البدء في تنفيذه، وهو ما يعطي أبعادا جديدة لقيمة الموارد واستخدامها على أساس تحليل التكلفة والفائدة وكيف يمكن المحافظة عليها، فضلا عما سيعود عن ذلك من فوائد اقتصادية.
مما لا شك فية أنه عندما يتعلق الأمر بحماية البيئنة، فإن الوقاية تكون أرخص من العلاج حيث تسعى معظم البلدان الآن إلى تقييم تخفيف الضرر المحتمل من الإستثمارات الجديدة في البنية التحتية، وباتت تضع في الحسبان التكاليف والمنافع النسبية عند تصميم إستراتيجيتها المتعلقة بالطاقة، كما أنها تجعل من البيئية عنصرًا فعالا في إطار السياسات الإقتصادية().
-
الركن الرابع الملوث الدافع
يراد بالملوث الدفع تحميل التكاليف الإجتماعية للتلوث الذي ينتج كأسلوب ردع يجعل المؤسسات المتسببة في التلوث تتصرف بطريقة تنسجم فيها آثار نشاطاتها مع التنمية المستدامة ().
ويبرز مبدأ الملوث الدفع فرض العقوبات الجزائية والمالية على الملوث وكذلك وضع قواعد المسؤولية المدنية عن الإضرار البيئية بما يتلائم وخصوصيات الضرر البيئي والمسائل الفنية و القانونية المرتبطة به، كما يمكن إعمال المبدأ إداريا، وذلك من خلال نظام الترخيص المسبق للأنشطة المختلفة وفرض إجراء دراسات لتقييم الأثر البيئي لتلك الأنشطة مع ما تقتضيه تلك الدراسات من تكاليف مالية وخبرات تقنية، وكذا فرض ما يسمى بالضرائب البيئية على إختلاف أنواعها ().
المطلب الثاني
تأثير البيئة على التنمية المستدامة
إذا كانت مشكلة حماية البيئة قد جذبت عناية رجال العلوم الطبيعية أو البيولوجية منذ وقت بعيد، إلا أن الفقة القانوني قد تأخر نسبيا في التنبؤ إلى المشكلة القانونية التي تثيرها المخاطر التي تهدد البيئة . ونظرًا لكون البيئة قد أصبحت عرضة الاستغلال الغير الرشيد مع ميلاد الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن19 وادخال الملوثات من مواد كيميائية وصناعية ونفايات المصانع، عندئذ أصبحت الحاجة ملحة لقواعد قانونية أو نظامية تضبط سلوك الإنسان في تعامله مع بيئته، على نحو يحفظ علي توازنها الإيكولوجي فكان ميلاد قانون حماية البيئة .
أولاً : الربط بين البيئة والتنمية المستدامة
تلتزم الجهة الإدارية بتعزيز فكرة التنمية المستدامة في سياساتها العامة، ويكون ذلك من خلال التوفيق بين حماية البيئة وتعزيز التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي، ونجد مجلس الدولة الفرنسي قرر فيما يتعلق بالطاقة النووية أن هذا المبدأ لا يمكن الدفع به دائماً للطعن في الأعمال التي هي محل لمصلحة عامة للمجتمع بأسره، حيث يجب على القاضي الإداري أن يتحقق من أهمية المشروع ومدى تحقيقه للمصالح العليا للبلاد من خلال ما يسمى بالرقابة على الموازنة التي تمارسها عادة في المشاريع التنموية، ولاسيما منذ القرار الصادر في 28 / 5 / 1971 ().
وبعبارة أخرى لتقييم ما إذا كانت الإدارة قد امتثلت لأحكام المادة 6 من الميثاق الفرنسي من عدمه، فإن القاضي الإداري يبحث في ما إذا كان الضرر بالبيئة مفرطًا أم لا، في ضوء القواعد والنتائج المرجوة من المشروع والاحتياجات المصاحبة له، وذلك في ضوء اجتهاداته التقليدية ().
ثانيًا : البيئة بعد أساسي للتنمية المستدامة
تتكون البيئة من ثلاث عناصر وهى الماء والهواء والتربة، وتلك العناصر تمثل بعد أساسي للتنمية المستدامة، لذلك فهي تمثل بعد اساسي للتنمية المستدامة، فيدون عناصر البيئة تتهدد التنمية المستدامة بعدم الإستمرار في المستقبل، فالحفاظ على قاعدة الموارد الطبيعية يؤدي إلى تحقيق التقدم الإقتصادي والإجتماعي المنشود، فمتى تم استنزف الموارد البيئية الطبيعية و تدهورت فإن أعباء ذلك سوف تكون خطير على التنمية المستدامة.
إن عماد فكرة التنمية المستدامة هي عدم إستنزاف الموارد الطبيعية التي تعتبر ضرورة لأي نشاط زراعي أو صناعي، لما لهذا الإستنزاف من آثار ضارة على التنمية والإقتصاد بشكل عام، لهذا فإن أول بند في مفهوم التنمية المستدامة هو محاولة الموازنة بين النظام الإقتصادي والنظام البيئي بدون استنزاف المورد الطبيعية مع مراعاة الأمن البيئي().
لهذا يتعين مراعاة الحدود البيئية بحيث يكون لكل نظام بيئي حدود معينة لا يمكن تجاوزها من الإستهلاك والإستنزاف، أما في حالة تجاوز تلك الحدود فإنه يؤدي إلى تدهور النظام البيئي، وعلى هذا الأساس يجب وضع الحدود أمام الإستهلاك والنمو السكاني والتلوث وأنماط الإنتاج السيئة و استنزاف المياه و قطع الغابات و انجراف التربة () .
فعلى سبيل المثال نجد أن تزايد إستخدام الطاقة الأحفورية )الفحم النفط، الغاز السائل( تسببت في مشاكل بيئية عديدة أثرت على توازن التركيب الكيميائي للغلاف الجوي، حيث أن توازن التركيب الكيميائي يعد من أهم عوامل الحياة على الأرض، لقد كان الاعتماد الرئيسي في الدول الصناعية والدول النامية على حد سواء، يقوم على استهلاك الوقود الأحفوري ولازال هذا الاعتماد قائما () .
أن البعد البيئي هو الإهتمام بإدارة المصادر الطبيعية وهو ما يمثل العمود الفقري للتنمية المستدامة، حيث أن كل تحركاتنا و بصورة رئيسية تركز على كمية و نوعية المصادر الطبيعية على الكرة الأرضية، وعامل الإستنزاف البيئي هو أحد العوامل التي تتعارض مع التنمية المستدامة، لذلك نحن بحاجة إلى معرفة علمية لإدارة المصادر الطبيعية لسنوات قادمة عديدة من أجل الحصول على طرائق منهجية تشجيعية و مترابطة مع إدارة نظام البيئة للحيلولة دون زيادة الضغوط عليها () .
المبحث الثاني
أختصاص القاضي الإداري بحماية البيئة
تمهيد وتقسيم
يجب على السلطة الإدارية عند قيامها بدورها في خدمة المجتمع وفي أدائها لأنشطتها المختلفة مراعاة احترام حقوق الأفراد وحرياتهم الفردية، حيث أن ما تقوم به من أنشطة وأعمال تخضع لرقابة القضاء الذي لا يقف عند حد رقابة المشروعية، بل يتجاوز ذلك إلى بحث الملاءمة دون أن يقوم القاضي الإداري بعمل رجل الإدارة احترامًا لمبدأ الفصل بين السلطات، لاسيما وأن الملاءمة تتصل بأهم امتياز من امتيازات السلطة الإدارية وهو السلطة التقديرية الممنوحة لها، وإن كان مجلس الدولة الفرنسي قد خفف من هذا المبدأ بعد دخول الميثاق البيئي في الدستور().
وبالنسبة للمنازعات البيئة لا يختلف دور القاضي فيها عن أى نزاع إداري أخر، فهو يقوم برقابة قرارات الضبط الإداري، وفي مجال المنازعات البيئية نجد أن القاضي يقوم بدور رقابة أستباقي يتمثل في تقييم الإثر البيئي للمشروع، وإقامة موازنة يبن الضرر البيئى والتنمية المستدامة.
هذا ما تناوله في هذا المبحث والذي قسمته إلى مطلبين على النحو الأتي :
المطلب الأول : رقابة المشروعية على الأنشطة التى تمس البيئة
المطلب الثاني : دور القاضي الإداري في مجال المسؤولية الإدارية البيئية
المطلب الأول
رقابة المشروعية على الأنشطة التى تمس البيئة
مثل كافة الدعاوى الأدارية تخضع دعاوى البيئة لرقابة القاضي الإداري، فتمتد نطاق سلطة القاضي الإداري للرقابة على مدى تأثير المشروع على البيئة، بوصف مخول الرقابة على تطبيق القوانين والقرارات التى ترمي إلى الحفاظ على البيئة .
ولقد ظهر في الأونة الأخير مصطلح الضبط الأداري البيئي، ويراد به مجموعة قيود والضوابط التى يمارسها موظوا البيئة بقصد الحفاظ على البيئة من التلوث .
ويمارس القاضي الإدري رقابة في مجال الضبط الإداري، فالإدارة تمارس عملها عن طريق آليات قانونية، تخضع لرقابة القاضي الإداري فالترخيص بإقامة مشروعات التنمية المستدامة ، عمل إداري يخضع لرقابة القاضي الإداري .
الفرع الأول
تقييم القاضي الإداري للتأثير اللبيئي للمشروع
من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية وصيانتها وتحقيق التنمية المستدامة منح التشريعات المعنية بشؤون البيئة للقاضي الإدارى الحق في تقييم الأثر البيئي للمشروع.
تعددراسة الأثر البيئي للمشروع الأداة الرئيسية بل والأكثر فعالية في التخطيط البيئي، ويقصد بها أن يتم دراسة وتحليل المشروعات المقترحة التي تؤثر إقامتها أو ممارستها لنشاطها على سلامة البيئة وذلك بهدف التنبؤ مبكرًا بالعواقب البيئية المحتملة على إنشائها ومن ثم التخطيط لتجنب تلك العوائق .
تعد عملية دراسة المردود البيئي لمشروعات التنمية المستدامة نهجًا استباقيًا وقائيًا للإدارة البيئية لحماية عناصر البيئة من التلويث أو الحد من الإضرار بها، فدراسة المردود البيئي تهدف إلى تقييم مدى تأثير مشروعات التنمية المستدامة على البيئة والصحة العامة، وتحسين عملية صنع القرار من خلال أخذ الاعتبارات البيئية بشكل واضح وجلي، بما يؤدى إلى عدم الإضرار بالبيئة، وهو ما ينتج عن تحقيق التكامل بين الأهداف الأساسية لحماية البيئة وبين التنمية المستدامة.
أولاً : التعريف بدارسة التأثير البيئي
عرف المشرع الأردني تقييم الأثر البيئي بأنة ” دراسة تنبؤية تصدر عن الجهات الإستشارية قبل البدء بأى مرحلة من مراحل المشروع الذي يمارس فيه نشاط له أثر في البيئة وتهدف لتحديد أثره في عناصر البيئة خلال تلك المرحل وحتى إنتهاء المشروع وما بعد إنتهائه للحد من التلوث أو التدهور البيئي”().
وفي فرنسا يطلق على التأثير البيئي مسمي ” التقييم البيئي ” ويراد بة ” هو عملية تقوم بها الجهة المتعاقدة لتقدير تقييم الأثر البيئي التي تعرف بإسم ” دراسة الأثر” من خلال الاستشارات المنصوص عليها في قانون البيئة والفحص من قبل الجهة المختصة بالموافقة على المشروع لجميع المعلومات المقدمة في دراسة الأثر التي تم إجراؤها. ومن الآثار الهامة المباشرة وغير المباشرة للمشروع على العوامل التالية: 1- السكان وصحة الإنسان. 2- التنوع البيولوجي مع إيلاء اهتمام خاص للأنواع والموائل المحمية بموجب التوجيه الأوروبي رقم 92 / EEC/43 الصادر في 1992/5/21 والتوجيه رقم 2009 / EC/149 الصادر في 30 / 11 / 2009 . 3- الأرض والتربة والمياه والهواء والمناخ. 4- التراث الثقافي. 5- التفاعل بين العوامل السابق ذكرها من1 إلى 4. بالإضافة إلى دراسة الأثر بالنسبة للتأثيرات على العوامل المذكورة الآثار التي يحتمل أن تنجم عن تعرض المشروع لمخاطر الحوادث الكبرى والكوارث ذات الصلة بالمشروع المعني “() .
وقد عرف التأثير البيئي جانب من الفقة بأنه ” دراسة لتوقعات الآثار أو المردود البيئي للمشاريع التنموية الضارة و المفيدة المباشرة و غير المباشرة و نتائجها و احتمال وقوع الأضرار على المجتمع في منطقة المشروع أو المناطق المجاورة سواء كانت محلية أو وطنية أو عالمية، و ذلك من أجل معالجة أو تفادي هذه الآثار ” ().
ثانيًا : أهمية دراسة التأثير البيئي
-
تجنب الآثار الضار على البيئة أو الحد منها
أن الجهة الإدارية أثناء قيامها بعامل الحماية الوقائية لعناصر البيئة المختلفة تملك سلطات واسعة، لاسيما في مجال التراخيص اللازمة للقيام بمزاولة الأنشطة الصناعية والزراعية وغيرها، أو البدء بتنفيذها، فلا يتم منح ترخيص النشاط إلا بعد إجراء القيام بدراسة لتقييم الآثار السلبية والإيجابية المحتملة لهذه الأنشطة على البيئة، ودراسة بدائل المشروع وتحديد طرق تحسين اختياره وموقعه وتصميمه وتنفيذه، وذلك لتجنب الآثار الضارة للمشروع الواقعة على البيئة والحد من تلك الأثار ().
-
تدعيم التأثيرات الإيجابية طوال مدة تنفيذ المشروع
تقوم الأجهزة المعنية بشؤون البيئة بإعداد نظام لتقييم المردود البيئي لمشاريع الدولة المختلفة وتطوير الدلائل الاسترشادية والإجراءات اللازمة وإبداء الرأي بشأنها قبل إقرار تنفيذها في الجهات المعنية .
وقد نص قانون البيئة الأردني على أن التقييم البيئي يراد به ” الدراسات العلمية التى تصدر عن الجهة الإستشارية لمراجعة آداء المنشأة العاملة من الناحية البيئية ولتحديد الثغرات التى من شأنها إحداث التلوث أو التدهور البيئي على أن تتضمن الدراسة وضع خطة التسوية البيئية”().
- تحقيق القدر اللازم من المتابعة و المراقبة البيئية المستمرة لمشروعات التنمية بما يكفل عدم انحراف هذه المشروعات عن المتطلبات البيئية التي تضمن نجاحها واستمراريتها .
- إيجاد نوع من التوازن بين البيئة بمختلف عناصرها و مشروعات خطط التنمية لتحقيق المصلحة المشتركة و المتبادلة().
- المساهمة في تحسين عملية صناعة القرار من خلال توضيح الرؤى الحالية والمستقبلية بكل الآثار البيئية السلبية و الإيجابية بما يمكن أصحاب القرار من إتخاذ الإجراءات الملائمة واقتراح البدائل المناسبة لتفادي الآثار الضارة و على الأخص في مرحلة إعداد خطط و تنفيذ المشروعات() .
-
للأجهزة المعنية بالبيئة حرية قبول أو رفض منح الترخيص
يترتب على دراسة التأثير البيئي أنه يحق للهيئة المذكورة عدم الموافقة على الدراسة الشاملة لتقييم المردود البيئي والاجتماعي، وبالتالى رفض إصدار التراخيص اللازمة لصاحب المشروع، وهنا يحق لطالب الترخيص اللجؤ إلى القضاء الإداري للطعن بالإلغاء على قرار رفض النرخيص ، وهذا يعني انعقاد اختصاص القاضي الإداري في نظر مدى مشروعية قرارات الهيئة السلبية والإيجابية في هذا الخصوص، والتأكد من عدم مخالفتها لأحكام القوانين واللوائح ذات الصلة وعدم تعسفها في تنفيذ أعمالها.
ثالثًا : دور القضاء في الرقابة على عملية تقييم الأثر البيئي
ترتبط عملية تقييم الأثر البيئي بفكرة الترخيص أرتباطًا وثيقًا ، بإعتباره قرارًا إداريا يجعل من مسألة الرقابة القضائية على عملية التقييم البيئي تدخل في إختصاص القضاء الإداري، فالقاضي الإداري عند إعماله لرقابته في هذه العمليةيعمل على الموازنة بين مصلحتين، الأولى ضرورة إعمال الترخيص بإعتباره قرارًا إداريًا، أما الثانية فهي ضرورة إيقاف الضرر الذي سوف يلحق بالبيئة إذا ما تم منح الترخيص للمشروع .
يمكن القول أن القاضي الإداري يمارس نوع من أنواع الرقابه الوقائية على القرارات الإدارية المتعلقة بالترخيص من خلال صورتين ، الأولى تتمثل في رقابته على مدى جدية و دقة دراسة التقييم البيئي، أما الثانية فتتمثل في رقابته على مدى إحترام الإدارة للشروط الإجرائية و الشكلية المتعلقة بمنح الترخيص، كالتحقيق العمومي و إجراءات الإشهار().
إن الرقابة التي يمارسها القاضي الإداري على الإدارة عند منح الترخيص تلعب دورًا هامًا في تفعيل القواعد البيئية الإحتياطية، لأنه يتعرض لفحصها قبل حدوثالضرر بالبيئة، كما نشير إلى أن الرقابة القضائية الوقائية لا تتأتى إلا بوجود عمل جماعي أو فردي ذو خبرة عالية تمكن من قراءة و فهم الدراسة و الوقوف على نقائصها().
و في إطار رقابة القاضي الإداري لمدى جدية دراسات التقييم البيئي تمتد سلطته لفحص مدى إحتواء الدراسة على الآثار المحتملة للنشاط على عناصر البيئة، أو النظر في مدى جدية الإجراءات المتخذة لإصلاح الأضرار التي يمكن أن تصيب البيئة، أو حتى النظر في مدى جدية تحليل الوسط من خلال التعرض لوصف مختلف العناصر الطبيعية المتواجدة فيه() .
الفرع الثاني
رقابة قرارات الضبط الإداري البيئي
أولاً : تعريف الضبط الإداري البيئي
الضبط الإداري عبارة عن قيود وضوابط ترد على نشاط الأفراد في ناحنة أو عدة نواحي من الحياة البشرية() .
وقد ذهب جانب من الفقة إلى أن الضبط الإداري البيئي ما هو إلا شكل من أشكال تدخل الجهات الإدارية المختصة بحماية البيئة عن طريق إصدار التعليمات والأوامر العامة للأفراد للقيام بعمل ما أو الامتناع عنه ، وذلك بهدف حماية المجتمع وتجنيبه مخاطر الإضرار بالبيئة وانتشار الأوبئة وكل ما من شأنه الإخلال بالنظام البيئي وما يدور داخل إطار المصلحة العامة والخاصة للمجتمع().
فالضبط الإداري البيئي لا يتنافى مع وجود الضبط الإداري العام، وذلك بإتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق هذه الأغراض سلفًا، شريطة أن يتم ذلك كله ضمن إطار الالتزام بمبدأ المشروعية.
فمن المعروف في مجال القانون الإداري أن الجهة الإدارية تمارس عملية الضبط الإداري من خلال وسائل متعددة و طرق مختلفة، ومن بين المجالات التي تمارس فيها الإدارة عملية الضبط الإداري مجال حماية البيئة، حيث تعمل على ضمان تطبيق ضوابط حمايتها إنطلاقًا من الوسائل التي منحها إياها القانون، و تتنوع هذه الوسائل بين التراخيص و التصاريح و الحظر والإلزام .
ثانيًا: نطاق أختصاص القاضي الإداري بمراقبة قرارات الضبط الإداري البيئي
يختص القاضي الإداري بوجة عام بمراقبة قرارات الضبط الإداري ، بما فيها قرارات الضبط الإداري البيئي ، فنطاق اختصاص القاضي الإداري يتحدد في مراقبة لوائح الضبط الإداري البيئي كغيرها من لوائح الضبط الإداري، والتي تتميز عن غيرها بتحديد وتخصيص أهدافها().
فلا يجوز للإدارة في مجال الضبط البيئي أن تتجاوز الأهداف المرسوم لها في مجال حماية البيئة، وإلا جاز الطعن على القرارات الصادرة بعيب إساءة استعمال السلطة، وكذلك في مراقبة أسباب إجراءات الضبط الإداري البيئي والتي لا تكون تلك الإجراءات غير مشروعة، إلا إذا وجدت المحكمة الدعوى ما من شأنه أن يهدد البيئة أو الصحة والسكينة العامة أو النظام العام بالخطر تهديدًا حقيقيًا ().
إن قرارات رقابة القضاء الإداري لا تخرج عن حدود وظيفتها القضائية وبالتالي يتعين علي المحكمة مراعاتها لتحديد نطاق اختصاصها ، على أنه من المقرر تطبيقًا للمبدأ الفصلبين السلطات، فإن المحكمة تخضع في أحكامها للقانون، بحيث لا تكون أعمال الإدارة ولا قراراتها صحيحة ملزمة للأفراد إلا بقدر التزامها بحدود القانون ().
وبناء على ما تقدم، نجد أن اختصاص القاضي الإداري في مراقبة إجراءات وقواعد الضبط الإداري البيئي ، ينتج عنه إحترام الإدارة لمبدأ المشروعية ، ولا يخفى على أحد أهمية مبدأ المشروعية في ظل تدخل الدولة المتزايد في أنشطة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الصناعية والتجارية والزراعية وغيرها، والتي تشكل خطورة على البيئة واتساع سلطاتها في هذا المضمار .
وتطبيقًا لذلك، قضى مجلس الدولة الفرنسي بأنه يجب على لجنة دراسة المخاطر بحث مدى سلامة الكائنات المعدلة وراثيًا على الصحة العامة والبيئة قبل إطلاقها في الأسواق، وتحديد موقعها الجغرافي، وتقديم بيان دقيق عن كل موقع من المواقع المعنية، ونظرًا لأهمية رأي اللجنة المذكورة في منح التراخيص اللازمة، فإنها تملك الحق في مراقبة هذه المواقع حتى بعد الحصول على الترخيص لجمع المعلومات، والتأكد من مراعاة الاشتراطات الواردة فيها من قبل المرخص له، ونقل هذه المعلومات ورأي الشركة المعنية في ضوء الملف الفني للكائنات المعدلة وراثيًا ومكان وجودها ().
ثالثًا : رقابة القاضي الإداري على التراخيص كأحد صور الضبط الإداري
تعريف الترخيص بأنها الإذن الذي تمنحة الإدارة المختصة بممارسة نشاط معين لا يجوز ممارسته بغير هذا الإذن، و هى تقوم بمنح الترخيص إذا توفرت الشروط اللازمة التي يحددها القانون ، و تكاد تقتصر سلطتة الإدارة التقديرية على التحقق من مدى توافر هذه الشروط و اختيار الوقت المناسب لإصدار الترخيص().
وقد عرف قانون البيئة الأردنى الترخيص البيئ بأنه ” الإذن الصادر عن الوزارة أو أى جهة تفوضها للمنشأت التى لا تتطلب أنشطتها إجراء دراسات تقييم أثر بيئي ” () .
وتأخذ التراخيص من الناحية القانونية صفة القرار الإداري ، فهى تصرفات أنفرادية للإدارة ، وبالتالى تكتسب التراخيص المركز القانوني للقرار الإداري ، من حيث قوة الإلزامية().
ويمتد نطاق التراخيص ليشمل عدة مجالات فهى إما أن تكون لممارسة نشاط غير محظور أصلا لكن مقتضيات حفظ النظام العام و حماية البيئة تقتضيه، كالترخيص باستغلال المشاريع الصاعية و التجارية والخدماتية الملوثة للبيئة أو التراخيص بالباء، و إما أن يكون الترخيص بممارسة نشاط محظور في الأصل كالترخيص بتصريف المياه الصاعية و الصحية إلى مياه الأنهار .
أن وجود الترخيص لدى المنشأة أو النشاط أو المشروع لا يعطيه أى حصانه ضد أي ملاحقة قضائية نتيجة أي ضرر يصيب البيئية ، التي قد تتسبب بها سواء فيما قد يتسبب به من ضرر خاص أو عام، ويستوي بالضرر الخاص أن يكون إقامة المشروع أو النشاط أو المنشأة سابقا في جوده على وجود المتضررين من التلوث أو لاحقا وجوده على وجود المتضررين().
المطلب الثاني
دور القاضي الإداري في مجال المسؤولية الإدارية البيئية
تعد الدعاوى الإداية هى سلاح القاضي في إعمال رقابته على أعمال الإدارة في محال البيئة، ولقد نشأت في الأونة الأخير نوع جديد من أنواع المسؤولية وهو المسؤولية الإدارية البيئة ، ومتى ثبت خطأ الإدارة في الحفاظ على البيئة هنا تتحمل تبعات تلك المسؤولية وهو ما يعرف بالجزاءات الإدارية المستخدمة في مجال حماية البيئة .
الفرع الأول
المسؤولية الإدارية في مجال حماية البيئة
تعد المسؤولية الإدارية في مجال حماية البيئة نوع من أنواع المسؤولية القانونية ، فهى تقوم في نطاق القانون الإداري، وتتعلق تلك بمسؤولية الدولة والجهات الإدارية عن أعمالها الضارة بالبيئة ، وبالتالي تطبق فيها قواعد القانون العام().
أولاً : تعريف المسؤولية الإدارية في مجال حماية البيئة
يقصد بالمسؤولية الإداري على وجه العموم ” تقرير مسؤولية الإدارة عن إصلاح الضرر الناجم عن ممارستها لأنشطتها أو التي تقع بسبب أعمال تابعيها أثناء تأديتهم للخدمة العامة مسندة للإدارة لتسيير المرافق العامة بانتظام واطِّراد أو إصدار قرارات إدارية معيبة”().
عرف جانب من الفقة المسؤولية الإدارية البيئية بأنها الحالة القانونية التى تلتزم فيها الدولة والمؤسسات والمرافق العامة بدفع التعويض عن الضرر البيئي الذي تسبب بفعل التنمية المستدامة سواء أكانت أعمال الإدارة مشروعة أم غير مشروعة().
ثانيًا : خصائص المسؤولية الإدارية البيئية
تتمتع المسؤولية الإدارية البيئية بعدة خصائص :
-
المسؤولية الإدارية البيئية مسؤولية قانونية
تتحمل الدولة غالبًا المسؤولية الإدارية بناء على نص في القانون، فالإدارة هي المسببة للضرر وبالتالى تلتزم بالتعويض عن خطئها ، فالإدارة مسؤولة عن النظام العام وعن قرارات الضبط الإداري وبالتالي فأى قرار يؤثر على البيئة ويسبب التلوث البيئي يجوز لكل متضرر الطعن في قرارها بالإلغاء ، مثل قيام جهة الإدارة بمنح ترخيص لمصنع كيمياويات دون دراسة تقييم الأثر البيئة للمشروع ، فهنا يتعتبر خطأ إداري يحق للمضرور الطعن بالإلغاء على القرار والمطالبة بالتعويض().
-
المسؤولية الإدارية البيئية مرتبطة بتصرف إداري
لا تنعقد المسؤولية الإدارية إلا بصدد تصرف إداري، فالقضاء هو الجهة المختصة بالرقابةعلى التصرفات الإدارية ، حيث أن رقابة القضاء الإداري هى رقابة مشروعية ، فيجب أن تكون قرارات الإدارة كلها مطابقة للقانون() .
-
المسؤولية الإدارية البيئية غير مباشرة
فالمتأمل هنا يجد أن الخطأ الذي أستوجب قيام المسؤولية الإدارية هو خطأ لم ترتكبة الإدارة، فالخطأ كان نتاج أحد مشروعات التنمية المستدامة، وقد تحملت الإدارة نتيجة هذا الخطأ بطريق غير مباشر.
ثالثًا : شروط قيام المسؤولية الإدارية البيئية
يشترط لقيام المسؤولية الإدارية البيئية عدة شروط
-
خطأ الإدارة في الحفاظ على البيئة
ويكون خطأ الإدارة نتيجة عدم إتخاذ الإدارة للقرارات اللازمة لحماية البيئة بالإسلوب الصحيح، فعدم قيام المرفق العام بواجبة يرتب ضرر ، فعدم قيام الإجهزة المعنية بشؤون البيئة بواجب الرقابة والتوجية وعدم دارسة مردود الأثر البيئة للتنمية المستدامة ، يمثل خطأ إداري().
فعند قيام الإدارة بالإعمال القانونية والمادية ولم تلتزم بإتخاذ كل الإحتياطات والإجراءات القانونية للوقاية من أضرار البيئة يمثل خطأ من جانبها .
-
وقوع الضرر البيئي
والضرر البيئي هو ذلك التغيير في إحدى الخصائص الفيزيائية والكيميائية لعناصر البيئة – الماء والهواء والتربة- ، سواء أكان التغيير بالزيادة أم بالنقصان ، مما ينتج عنه تأثير على العناصر المادية وغير المادية للبيئة ، وهو ما يؤدي في النهاية إلى المساس بالحق في البيئة النظية السليمة الصحية بوصفه حق من حقوق الإنسان ().
الفرع الثاني
الجزاءات الإدارية المستخدمة في مجال حماية البيئة
تتنوع الجزاءات الإدارية المستخدمة في مجال الحفاظ على البيئة على النحو التالي :
أولاً : الإخطار
يقصد بالإخطار كأسلوب من أساليب الجزاء الإداري تنبية الإدارة على المخالف لإتخاذ التدابير اللازمة لجعل نشاطه مطابقًا للقانون المعمول به .
والمتأمل يجد أن الإخطار لا يمثل جزاء إداري حقيقي، فهو عبارة عن تنبيه أو تذكير من الإدارة على المخالف أنه في حالة عدم إتخاذ المعالجة الكافية بجعل النشاط مطابق للقانون فإنة سيخضع للجزاء الوارد في القانون ، فهو بذلك مقدمة للجزاء .
وبمراجعة قانون البيئة الأردنى رقم 6 لسنة 2017 نجد أنه لم يأخذ بالإخطار كجزاء إداري في حالة مخالفة القانون .
ثانيًا : وقف النشاط
نصت معظم قوانين البيئة على وقف النشاط كعقوبة إدارية ، فغالبًا ما يتم وقف نشاط المؤسسات الصناعية نتيجة لقيامها بإرتكاب مخالفة بيئية، وغالبًا ما تلجأ الإدارة إلى وقف النشاط في حالة وقوع خطر بسبب مزاولة مشروعات التنمية المستدامة لنشاطها بصورة تؤدي إلى تلوث البيئة والمساس بالصحة العمومية().
وقد أخذ المشرع الأردنى بوقف النشاط كعقوبة إدارية في عدة مواد منها ” للوزير في حالة التلوث الطارىء أوالخطير بناء على تقرير المفتش البيئي إتخاذ التدابير العاجلة لوقف التلوث بما في ذلك إصدار قرار بإغلاق المنشأة إغلاقًا مؤقتًا أو وقف نشاطها كليًا أو جزئيًا مدة لا تزيد على أسبوعين قابلة للتجديد إلى حين زوال أسباب التلوث” () .
كما نص في موضع أخر على ” ويعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد عن الف دينار كل من يباشر نشاطًا دون الحصول على التصريح البيئي وبإغلاق المنشأة إلى حين تصويب الأوضاع” () .
ثانيًا : سحب الترخيص
يعد سحب الترخيص من اخطر الجزاءات الإدارية التى خولها المشرع للإدارة ، وبمقتضي هذه الوسيلة يتم تجريد المستغل من الرخصة، متى كان نشاطه غير مطابق للمواصفات القانونية.
فإذا كان المشرع قد أقر حق الأفراد في إقامة مشروعاتهم من أجل التنمية المستدامة إلا انه جعل الحق في الصحة والسلامة البيئة على نفس القوة القانونية ، فمتى كانت التنمية المستدامة تمثل حق من حقوق الإنسان فإن هذا الحق يقابله إلتزامات من أهمها الحفاظ على البيئة وحق المواطنين في العيش في بيئة سليمة().
الخاتمة
في ختام هذه الدراسة تخلص إلى القول بأن العلاقة بين البيئة التنمية المستدامة علاقة وطيدة لا تقبل الإنفصام ، فالبيئة بعناصرها هى محل التنمية المستدامة .
إن التلوث الذي ينتج عن التنمية المستدامة غير المدروسة يؤثر بلا شك على صحة الإنسان والحيوان والنبات ، مما يكون له مردود سلبي على حق الإنسان في البيئة السليمة الصحية.
لقد منح القانون الأردنى والمصري والفرنسي للقاضي الإداري الحق في إقامة الموازنة بين مشروعات التنمية المستدامة وبين حق الإنسان في الصحة والبيئة السليمة ، فقد منحت التشريعات المصرية والأردنية للقاضي الحق في رقابة الأثر البيئي للمشروع ، والحق في رقابة شرعية قرارات الضبط الإداري.
أن المسؤولية الإدارية البيئية هى نوع من أنواع المسؤولية القانونية لا يختلف عنها من حيث الشروط ، فيجب أن يقع ضرر يصيب البيئة وأن يكون هذا الضرر نتيجة خطأ وقع من الإدارة .
متى تحققت عناصر المسؤولية الإدارية البيئية فإن القانون قد منح المضرور الحق في طلب التعويض، كما منح الإدارة سلطة توقيع الجزاء الإداري المتمثل في الأخطار ووقف النشاط ثم سحبالترخيص في حالة تلوث البيئة الشديد.
النتائج
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج :
- أن كافة الوثائق التى تناولت موضوع التنمية المستدامة ربطت بينة وبين الحق في البيئة الصحية ، فهما لا ينفصلان ويكمل بعضهم الأخر، فالبيئة تمثل بعد أساسي من أبعاد التنمية المستدامة.
- إن القاضي الإداري يعد هو المرجع في حماية البيئة من أضرار التنمية المستدامة، بما خوله القانون من سلطة مراقبة تصرفات الإدارة.
- لقد أسفرت قضية التنمية والبيئة عن ظهور نوع جديد من الدعاوى الإدارية هو دعاوى المسؤولية الإدارية البيئية
- أن المشرع الأردني قد منح القاضي الإداري عدة آليات من أجل الرقابة على تصرفات الإدارة حتى يحافظ على البيئة الصحية من أخطار التنمية المستدامة ، وأهم تلك الآليات الحق في رقابة المشروعية عن طريق تقييم القاضي الإداري للتأثير اللبيئي للمشروع ، ورقابة قرارات الضبط البيئي.
-
يجب لتحقق المسؤولية الإدارية البيئية خطأ من الإدارة ثم ضرر أصاب البيئة ، ومتى تحقق ذلك يكون للمضرور التعويض وللإدارة حق توقيع الجزاء الأداري .
التوصيات
نوصي المشرع الأردنى:
- نوصي المشرع الأردني بالربط بين الحق في التنمية المستدامة والحق في البيئة الصحية السليمة في الدستور.
- نوصي المشرع الأردني بوجوب تخصيص دعاوى المسؤولية الإدارية البيئية بقواعد حاصة ، فيجب أن يشترط تحقق الضرر وعلاقة السببية دون أشتراط وجود خطأ بما يجعل المسؤولية البيئية مفترضة .
- نوصي المشرع الأردنى بالأخذ بعقوبة سحب الترخيص بالنسبة للمشروعات التى ينتج عنها تلوث للبيئة متى تم التنبيه عليها ، ولم تقم بتصحيح الوضع .
-
نوصي المشرع الأردني بضرورة تبني نظام للتأمين الإجباري عن أضرار التلوث الناتج عن عمليات التنمية المستدامة، لإيجاد ضمان حقيقي يوفر أمانا فعليا للمتضررين و للبيئة بدلاً من اللجوء لقواعد المسؤولية التقليدية .
المراجع والمصادر
المراجع باللغة العربية
القواميس
منجد الطلاب، الطبعة 22، دار الشروق، 1975
قاموس المصطلحات العلمية – بيروت 1999
لسان العرب لإبن منظور – دار أحياء التراث العربى – 1999 – ج 12
الكتب
أحمد بن محمد المقري – المصباح المنير – الجزء الثانى – دار الكتب العمية – بيروت – 1994
د .ألفت حسن آغا ، الأمم المتحدة في خمسين عاما ، وثائق الأمم المتحدة ، 2002
د. اسكندرى أحمد ، المسؤولية البيئية ، محاضرات ألقيت على طلبة الماجستير ، فرع البيئة العمران ، كلية الحقوق ، جامعة الجزائر ، 2013
د. أسماعيل نجم الدين زنكنة ، القانون الإداري البيئي ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، لبنان ، 2012
د. جميل طاهر، )النفط و التنمية المستديمة فني الأقطار العربية(، المعهد العربي للتخطيط، الكويت، 1997
د. خالد مصطفى قاسم ، إدارة البيئة والتنمية المستدامة في ظل العولمة المعاصرة، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2007
د. راتب السعود ، الإنسان والبيئة –دراسة فى التربية البيئية ، دار الحامد للنشر والتوزيع ، عمان ، 2004
د. زكي حسين زيدان، أضرار البيئية وأثرها على الإنسان، دار الفكر الجامعي، 1994
د. سالمي رشيد، أثر تلوث البيئة في التنمية الاقتصادية في الجزائر، أطروحة دكتوراه في العلوم الاقتصادية، فرع التسير، جامعة الجزائر، 2006
طارق إبراهيم الدسوقي عطية، الأمن البيئي، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2009 ،
عادل الطبطبائي، النظام الدستوري في الكويت، دراسة مقارنة، ط 4، منقحة، دون دار نشر، الكويت
د. عبد المطلب عبد الحميد، دراسات الجدوى الاقتصادية، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2000
عبدالقادر رزيق المخادمى ، التلوث البيئى ، مخاطر الحاضر وتحديات المستقبل ، دار المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، ط 1 ، 2006 ،
د. عبد الناصر زياد هياجنة، القانون البيئي ” النظرية العامة للقانون البيئي مع شرح التشريعات البيئية”، دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان، 2012
د. عبد الوهاب رحيم هاشم، التلوث البيئي ، جامعة الملك سعود ، الرياض ، 1997
عثمان محمد غنيم و ماجدة أحمد أبو زيط، التنمية المستدامة ، الطبعة الأولى، دار الصفاء للنشر و التوزيع عمان ، 2007
د. عطا سعد محمد، دفع المسئولية عن الضرر البيئي – مدى امكانية دفع المسؤولية بالسبب الاجنبي – اثر اسبقية الاستغلال على مسؤولية الملوث، اثر الترخيص الاداري لأعلى مسؤولية الملوث، الاسكندرية، دار الجامعة الجديدة، 2012
د. عمار عوابدي، القانون الإداري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1990
د. عمار عوابدي ، نظرية المسؤولية الإدارية ” دراسة تأصيلية تحليلية ومقارنة” ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 2012
د. محمد أمين عامر ، د. مصطفي محمود سليمان ، تلوث البيئه ، مشكله العصر ، دراسه علميه حول مشكله التلوث وحمايه صحه البيئه ، دار الكتاب الحديث ، الأسكندريه ، بدون تاريخ نشر
د. محمد حسن الكندري ، الأحكام الموضوعية والجوانب الإجرائية في جرائم تلويث البيئة ” دراسة مقارنة “، دار النهضة العربية، القاهرة ، 2020
د. محمد زهير جرانة، مبادئ القانون الإداري المصري، مكتبة عبد الله وهبة، القاهرة، 1944
د. محمد صافي يوسف، مبدأ الاحتياط لوقوع الأضرار البيئية ” دراسة في إطار القانون الدولي ” ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007
د. محمد صالح الشيخ، الآثار الاقتصادية والمالية لتلوث البيئة و وسائل الحماية منها، الطبعة الأولى، مطبعة الإشعاع الفنية، الإسكندرية ، 2002
د. محمود صالح العادلي، موسوعة حماية البيئة ” دراسة مقارنة”، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2003
د. مصطفى أبو زيد فهمي، الوسيط في القانون الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2000
د. نبيلة عبد الحليم كامل ، نحو قانون موحد لحماية البيئة ، دراسة فى القانون المصرى المقارن ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1993
د. نظميه أحمد محمود سرحان ، منهاج الخدمة الإجتماعية لحماية البيئة من التلوث ، دار الفكر العربى ، القاهرة ، ط 1 ، 2005 ،
الرسائل
د. حسونة عبدالغنى، الحماية القانونية للبيئة في إطار التنمية المستدامة، رسالة للدكتوره ، كلية الحقوق ، جامعة محمد خيضر ، الجزائر ، 2013
وناس يحي، الآليات القانونية لحماية البيئة في الجزائر ، رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ، جامعة تلمسان ، 2007
الدوريات والمؤتمرات
د. أحمد كمال أبو المجد، الدور الإنشائي للقضاء الإداري بين المذاهب الشكلية والمذاهب الموضوعية في القانون، مجلة القانون والاقتصاد، 2 مارس 1962 ، العدد الأول، السنة الثانية والثلاثون، جامعة القاهرة، 1962
د. أسماعيل نجم الدين زنكنة ، القانون الإداري البيئي ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، لبنان ، 2012 ، ص 409
زوليخة عطا الله و رؤوف بوسعدية ، المسؤولية الإدارية عن الأضرار البيئية ، مجلة الحقوق والعلوم السياسية ، المجلد 8 العدد 2، 2021
د. حسام عبد الحليم عيسى ، دور القانون الإداري في مجال حماية البيئة ، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الخامس ، كلية الحقوق ، جامعة طنطا ، تحت عنوان القانون والبيئة ، إبريل ، 2018 ،
د. كمال محمد الأمين ، مسؤولية الإدارة على أساس الخطأ في مادة التعمير والبناء ، مجلة الدراسات القانونية والسياسية ، العدد 2 ، 2015
د. ناصر مراد، ) التنمينة المستدامة و تحدياتها في الجزائر (، مجلة بحوث اقتصادية عربية، مركز دراسات الوحدة العربية، 2009
د. صالح العصفور ، ) التقييم البيئي للمشاريع(، مجلة جسر للتنمية، المعهد العربي للتخطيط بالكويت، العدد 43 يوليو 2005
. محمد حسن الكندري ، دور القاضي الإداري في المنازعات البيئية ” دراسة مقارنة” ، مجلة كلية الحقوق العالمية ، السنة التاسعة ، العدد 1 ، مارس ، 2021
د. وحيد فكري رأفت، مسؤولية الإدارة عن أعمالها أمام القضاء، مجلة القانون والقضاء، العدد الثامن، السنة التاسعة، مارس 1939 ،
القوانين
قانون البيئة المصرى رقم 4 لسنة 1994
حماية البيئة الأردنى 52 لسنة 2006
باللغة الإنجليزية
Webster’s third new international dictionary. Springfield, mars, G,G. merriam1966
باللغة الفرنسية
Martín –Bidou, le principe de précaution en droit international de l’environnement ) , .RGDIP , octobre – décembre, 1999, N 03,
Pierre-Marie , Droit International Publique , 4em Edition , Dalloz , Paris , 1998 , P101
Christian Nago et Alain Régent, Déchets effluents et pollution , 2em édition , Dunod ,Paris ,2008 ,
J-M.LAVIELLE , Droit International de l’Environnement, 2eme Edition , ELLIPSES, Paris,2004, p 166
Amandine Capitani, La charte de l’environnement, un leurre constitutionnel? RFCD.,2005, No 63,
Nadine Poulet et Gibot Leclerc, Droit administratif, 3eéd., Bréal Edition, Paris, 2007