ضريبة القيمة المضافة وآثارها على التجارة في سلطنة عُمان – الدكتور مسلم بن سالم بن محمد العوائد
ضريبة القيمة المضافة وآثارها على التجارة في سلطنة عُمان
Value Added Tax and its Impact on Trade in the Sultanate of Oman
الدكتور مسلم بن سالم بن محمد العوائد
أستاذ الاقتصاد والمالية العامة المساعد – بقسم القانون العام
كلية الحقوق – جامعة ظفار – سلطنة عمان
لتحميل الإصدار كاملا
الملخص:
تولدت فكرة هذا البحث لإعتبار أن قانون ضريبة القيمة المضافة كونها ضريبة إقليمية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، فإنها سوف تسقط على إقتصاديات تلك الدول مما يعني بأن آثارها سوف تطول الجميع دون إستثناء، مما سيترتب عليها إيجابيات وسلبيات على الحركة التجارية في دول المنطقة وأيضاً على المستوى التجارة الداخلية لكل دولة.
سلطنة عمان طبقت هذه الضريبة بالتصديق على الإتفاقية الموحدة بموجب المرسوم السلطاني رقم 50/2021م، بطبيعة الحال سبق ذلك صدور قانون ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان رقم 121/2020م، بواقع ضريبة على استيراد وتوريد السلع أو الخدمات الخاضعة للضريبة بــ: (٥%) خمسة بالمائة من القيمة الخاضعة للضريبة.
من هنا قام الباحث بتناول هذه الضريبة في مبحثين رئيسيين، وأربعة مطالب، المبحث الأول تطرق إلى تعريف ضريبة القيمة المضافة وأثرها التجارية، حيث قسمه إلى مطلبين، المطلب الأول: تعريف ضريبة القيمة المضافة وتطورها، المطلب الثاني: أثر ضريبة القيمة المضافة على التجارة، في حين تطرق المبحث الثاني إلى التنظيم الفني لضريبة القيمة المضافة، وقد قسمه الباحث إلى مطلبين، المطلب الأول: تمييز ضريبة القيمة المضافة عن ضريبة المبيعات، والمطلب الثاني: دواعى تطبيق ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان، وقد إختتم الباحث هذا العمل بخاتمة ونتائج وتوصيات، مركزاً على أهمية دور الدولة في نجاح هذه الضريبة دون تأثير على الحركة التجارية بشكل خاصة وعلى الاقتصاد القومي بشكل عام.
Abstract:
The idea of this research was generated by considering that the value-added tax law being a regional tax at the level of the countries of the )Cooperation Council for the Arab States of the Gulf – GCC) it will fall on the economies of those countries, which means that its effects will extend to everyone without exception, which will have positives and negatives on the commercial movement in the countries of the region as well as on the level of internal trade for each country.
The Sultanate of Oman applied this tax by ratifying the Unified Agreement under Royal Decree No. 50/2021. Naturally, this was preceded by the issuance of Value Added Tax Law in the Sultanate of Oman No. 121/2020, with a tax on the import and supply of taxable goods or services: (5%) of the taxable value.
From here, the researcher dealt with this tax in two main sections, and four demands, the first topic dealt with the definition of value-added tax and its commercial impact, as he divided it in two demands, the first: the definition of value-added tax and its development, the second: the impact of value-added tax on trade, and the second topic dealt with the technical regulation of the value-added tax, the researcher divided it into two demands, the first: distinguishing the value-added tax from the sales tax, and the second: the reasons for applying the value-added tax in the Sultanate of Oman, and the researcher concluded this work with a conclusion, results and recommendations, focusing on the importance of the role of the state in the success of this tax without affecting the commercial movement in particular and the national economy in general.
مقدمة:
إن ضريبة القيمة المضافة الصادرة بتاريخ 12 أكتوبر 2020م بموجب المرسوم السلطاني رقم “121/2020م” تعتبر من الضرائب المرتبطة بمنظومة مجلس التعاون الخليجي، وقد حددت المادة (٣٦) من ذات القانون احتساب الضريبة، وتفرض هذه الضريبة على استيراد السلع أو الخدمات وتوريدها، على أن تخضع للضريبة بواقع (5%) من القيمة الخاضعة للضريبة، كما أتى المرسوم السلطاني رقم ٥٠/٢٠٢١ الصادر بتاريخ 7 يوليو 2021م تأكيداً على التصديق على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الصادرة بتاريخ ٢٧ من نوفمبر ٢٠١٦م.
الجدير بالذكر هنا بأن ضريبية القيمة المضافة تصنف ضمن الضرائب الغير مباشرة، حيث أصبح في عصر سيطرت فيه الآراء الداعية للضريبة المباشرة أمراً ملفتاً للنظر، فلم تعد الضريبة المباشرة مثل الضريبة على الدخل هي الضريبة الأكثر عدالة، بل أصبحت الضريبة الغير مباشرة بفضل التقنيات الضريبية قادرة على العمل بالكفاءة عالية، فتأتي بإيرادات وافرة جداً، واستطاعت بفضل الفن الضريبي من تحقيق التصاعد الضريبي وبالتالي العدالة الضريبية من خلال المعدلات المتعددة وفقاً لطبيعة السلع ومستوى الرفاة الاجتماعي لمن يقوم باستهلاكها، وأيضاً من خلال الإعفاءات والإعانات، حيث سنت سلطنة عمان قانون ضريبة القيمة المضافة بموجب المرسوم السلطاني رقم ١٢١ / ٢٠٢٠ الذي صدر في ١٢ أكتوبر ٢٠٢٠م.
تعتبر الضريبة على القيمة المضافة ضريبة عصرية والعمل بها أهم تطور ضريبي حصل في أواخر القرن العشرين، وهي مصدر من المصادر الأساسية للإيرادات الحكومية، وتم الاعتماد عليها بشكل كبير في الاقتصاديات المتقدمة كأوروبا وأمريكا اللاتينية، وكذلك بعض الدول العربية مثل سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، على إعتبار أنها ضريبة إقليمية.
من هذا المنطلق تناول الباحث ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان في مبحثين أساسيين وأربعة مطالب، تطرق المبحث الأول لتعريف ضريبة القيمة المضافة وأثارها التجارية، مقسماً المبحث إلى مطلبين، المطلب الأول: ركز على تعريف ضريبة القيمة المضافة وتطورها، والمطلب الثاني: تناول أثر ضريبة القيمة المضافة على التجارة، في حين تناول في المبحث الثاني: التنظيم الفني لضريبة القيمة المضافة، وكذلك قسم هذا المبحث إلى مطلبين، المطلب الأول: تناول تمييز ضريبة القيمة المضافة عن ضريبة المبيعات، والمطلب الثاني: دواعي تطبيق ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان.
إشكالية البحث:
تدور إشكالية البحث حول آلية تطبيق ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان، حيث أنها ضريبة جديد ولا زالت يكتنفها الغموض، لذا أتى هذا البحث ليسلط الضوء على آلية هذه الضريبة وكيفية تطبيقها.
أهمية الدراسة:
تكتسب الدراسة أهميتها من أهمية الضريبة على القيمة المضافة، بإعتبارها تمثل التطور الطبيعي للضرائب على الإستهلاك وبإعتبارها في نفس الوقت هي آخر ما وصل إليه الفن الضريبي في مجال الضرائب غير المباشرة، إلى جانب أن تقييم التجربة العمانية في مجال تطبيق الضريبة على القيمة المضافة.
أهداف البحث:
مما لا شك فيه أنه لا يمكن لمنصف أن ينكر أن الضريبة على القيمة المضافة، والمزايا العديدة التي حققتها هذه الضريبة للمجتمع الضريبي، وتعتبر الضريبة على القيمة المضافة من أهم مصادر الخزانة العامة، وهو ما يتطلب إلزام كل من بلغ حد التسجيل بالتقدم باسمه للتسجيل في مصلحة الضرائب، وهو ما يتيح للدولة القيام بدورها من حيث الإنفاق على مرافقها العامة، وتقديم الخدمات للأفراد المقيمين على إقليمها وسد احتياجاتهم، من هنا نجد بأن الباحث يهدف من خلال هذا البحث إلى:
- تسليط الضوء على ضريبة القيمة المضافة في وآليات تطبيقها وأهم إيجابياتها وسلبياتها.
- وضع حجر الأساس لدراسات مستقبلية متقدمة في مجال الضريبة المضافة، بإعتبار هذه الدراسة هي الأولى من نوعها فيما يخص ضريبة القيمة المضافة.
- هدفت الدراسة إلى التثقيف الضريبي للمجتمع العماني.
المبحث الأول
تعريف ضريبة القيمة المضافة وأثرها التجارية
ظلت الضرائب المباشرة، وعلي رأسها ضرائب الدخل على الأفراد والشركات الاختيار الأول والأهم لتمويل الخزانة العامة في معظم دول العالم، ولكن هذا الوضع تغير بعد الأزمة المالية العالمية في 2008م[1] التي أدت إلي إنخفاض كبير ومفاجئ في إيرادات الضريبة على الشركات في معظم دول العالم، حيث أدت إلي أن قفز الضرائب الغير مباشرة لتحل مكان الضرائب المباشرة، وتعاظم اهتمام الحكومات بها، لتعويض العجز في الإيرادات الضريبية إلي أن بلغت إيرادات الضرائب الغير مباشرة – وأهمها ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الضرائب التي تفرض على السلع والخدمات – حوالي ثلث الإيرادات الضريبية في معظم الدول التي تعتمد على الضرائب.
هذا وقد انتشر تطبيق الضريبة على القيمة المضافة، وتفضل كثيراً من الحكومات الآن تطبيق هذه الضريبة نظراً إلى ما هو شائع عن سهولة تحصيلها ووفرة حصيلتها[2].
بناءاً على ما سبق سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، المطلب الأول: تعريف ضريبة القيمة المضافة وتطورها، المطلب الثاني: أثر ضريبة القيمة المضافة على التجارة.
المطلب الأول: تعريف ضريبة القيمة المضافة وتطورها.
الضريبة على القيمة المضافة هي نوع من الضريبة على الإستهلاك تشبه الضريبة على المبيعات[3]، إلا أنها تفرض على الزيادات التي تنشأ في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوزيع على قيمة السلعة أو الخدمة، ويقوم بتحصيلها وتوريدها لمصلحة الضرائب المكلفون المسجلون، وتفرض أيضاً على قيمة الواردات من السلع والخدمات عند الإفراج الجمركي، إذن تؤخذ على القيمة التي أضيفت للسلعة.
أولاً: تعريف ضريبة القيمة المضافة:
تُعرف ضريبة القيمة المضافة وفق الفصل الأول الخاص بالتعريفات والأحكام عامة من قانون ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان، بأنها: “ضريبة تفرض طبقاً لأحكام هذا القانون على استيراد وتوريد السلع أو الخدمات في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوزيع“[4]، كما تم تعريفها في الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بأنه: “ضريبة القيمة المضافة التي تفرض على استيراد وتوريد السلع والخدمات في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوزيع وتشمل التوريد المفترض[5].
كما عرفها المأمون علي جبر بأنها: “ضريبة عامة على المبيعات تفرض على القيمة التي يضيفها النشاط للمنتجات الوسيطة عند كل مرحلة إنتاجية سواءاً كانت محلية أو مستوردة في كافة مراحل تداولها“[6].
هناك تعريفات متعددة لضريبة القيمة المضافة في القانون المقارن، فقد عرف التشريع الصيربي الضريبة على القيمة المضافة بأنها “ضريبة عامة على الاستهلاك تربط وتدفع على واقعة توريد السلع أو الخدمات في كل مراحل الإنتاج وعلى السلع والخدمات المستوردة ما لم يقرر القانون خلاف ذلك“، ويتوسع التشريع التنزاني في تعريف الضريبة، إذ نصت المادة الثالثة من قانون الضريبة على القيمة المضافة على أنها: “الضريبة التي تفرض على التوريدات الخاضعة للضريبة والواردات الخاضعة للضريبة، وتشمل أيضاً الفوائد والجزاءات التي تدفع وفقاً لأحكام القانون“[7].
الجدير بالذكر هنا بأنه يقصد بالقيمة المضافة الفرق بين عوائد المبيعات وقيمة مشتريات السلع والخدمات الوسيطة خلال فترة معينة، كما قد تقرر بعض الإعفاءات تحقيقاً لأهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية، فتفرض على إجمالي الناتج المحلي مستبعداً منه الإنفاق الحكومي على الأجور والمرتبات.
وتتسم ضريبة القيمة المضافة متعددة المراحل بتوزيعها لعبء الضريبة على مختلف مراحل إنتاج وتوزيع السلع والخدمات توزيعاً عادلاً يتمشى مع قيمة ما تهتم به كل مرحلة في القيمة الكلية للسلع والخدمات بالإضافة إلى إمكانية تحقيق نظام المراجعة المزدوجة الذي يتحقق بالاعتماد على طريقة الائتمان الضريبية، الأمر الذي يحد من ظاهرة التهرب الضريبي ويقلل من إمكانية حدوثها، ويحقق مراقبة مزدوجة من قبل مصلحة الضرائب والممولين أنفسهم، وكذلك لا تميز ضريبة القيمة المضافة بين المنشآت المتكاملة والمنشآت غير المتكاملة، حيث إن المؤسسة التي تكون على درجة عالية من التكامل الاقتصادي، سوف تدفع مقدار الضريبة التي تشترك في دفعه عدة منشأت تنتج نفس قيمة الإنتاج.
كما تساعد ضريبة القيمة المضافة في ظل إتباع طريقة الائتمان الضريبي على التدعيم والمحافظة على المركز التنافسي الذي تتمتع به المنتجات المصدرة في الأسواق الخارجية، بالإضافة إلي زيادة قدرة المنتجات الوطنية على منافسة المنتجات الأجنبية في الأسواق المحلية، وقد شبه البعض ضريبة القيمة المضافة في ظل السماح بالرد الضريبي للمنتجات المصدرة، بأنها تخفيض مستتر لأسعار المنتجات المصدرة.
وتجدر الإشارة إلى أنه في الحالات التي لا يوجد فيها إعفاءات أو أسعار منخفضة على السلع الضرورية، فإن ضريبة القيمة المضافة لا تلبي متطلبات العدالة، حيث إن مقدار عبئها الضريبي توقف على إنفاق الممول وليس على دخله، كما أنها تمثل نسبة أكبر من دخول الأفراد ذوي الدخل المنخفض بما يعني أنها لا تراعي المقدرة التكليفية للممولين[8].
وبذلك تبين أنه تمارس ضريبة القيمة المضافة دوراً توجيهياً هاماً داخل الاقتصاد القومي من خلال الاعتماد على المعدلات التمييزية للضريبة، بما يتمشي مع الأهداف التي ترغب الدولة في تحقيقها بما تمتلكه من تأثيراً مباشراً على قرار الادخار والاستهلاك، وقرار الاستثمار والعديد من المتغيرات الاقتصادية الأخرى، وذلك تحقيقاً لمتطلبات تحقيق الأمن الاقتصادي.
تفضل كثير من الحكومات تطبيق هذه الضريبة نظراً إلى حصيلتها الوفيرة وكونها بديلاً عن العديد من الضرائب الأخرى، فهي ضريبة غير مباشرة تفرض على استهلاك السلع والخدمات، يتحملها المستهلك في نهاية المطاف، ولكن استيفاءها يتم في كل مرحلة من مراحل الدورة الاقتصادية لهذه السلع والخدمات بدءاً من مرحلة الإنتاج ومروراً بمرحلة التوزيع وإنتهاء بمرحلة الاستهلاك، ويقوم المكلف القانوني نفسه بجباية هذه الضريبة وتحصيلها وفقاً لمعايير معينة ثم يسددها للجهات الضريبية وتطبيقاً لذلك نصت المادة “10” من قانون الضريبة على القيمة المضافة على أنه “يجب على الخاضع للضريبة تسليم الإقرارات الضريبية والقوائم المالية والسجلات والوثائق وغير ذلك إلى الجهاز إلكترونياً، ويجوز – استثناء – تسليمها باليد أو عن طريق البريد المسجل” كما نصت المادة رقم “١٢” على أنه “تفرض ضريبة القيمة المضافة على المعاملات الآتية:[9]
- توريد السلع أو الخدمات من الخاضع للضريبة في السلطنة، بما في ذلك التوريد المفترض.
- تلقي العميل الخاضع للضريبة سلعا، أو خدمات من مورد ليس له محل إقامة في السلطنة، وغير خاضع للضريبة فيها، وذلك في الحالات التي تطبق فيها آلية الاحتساب (التكليف) العكسي.
- استيراد السلع.
ثانياً: المقصود بالقيمة المضافة التي تفرض عليها الضريبة:
يمكن تعريف القيمة المضافة بوجه عام بأنها مقياس للإنجاز المالي، وتعتبر أقرب من أي مقياس آخر لتقدير الربح الحقيقي، حيث أن هذا المقياس مرتبط بتعظيم ثروة المساهمين، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القيمة المضافة ليست مجرد مقياس للإنجاز بل تعد دليلاً يساعد الإدارة في صنع القرارات التي من شأنها تحسين جو العمل للجميع وتساعد في زيادة ثروة المساهمين[10].
يعرف الاقتصاديين القيمة المضافة بأنها “ما يضيفه أي نشاط اقتصادي على إنتاج معين من قيم قابلة للتقييم النقدي، وذلك من خلال مراحل التصنيع أو التسويق، فإن إنتاج كل سلعة يتطلب استعمال مادة أولية أو أكثر ويمر إنتاج هذه السلعة في عدة مراحل تصنيعية قبل أن تصبح بشكلها النهائي كبضاعة جاهزة للبيع“.
تتمثل القيمة المضافة على مستوي الوحدة الاقتصادية في الفرق بين القيمة النهائية لمنتجاتها وبين قيمة العناصر المستخدمة في الانتاج المشتراة من أطراف أخري وتفرض الضريبة على ما تم إضافته من قيم لدى مرحلة من مراحل الانتاج والتداول السلعي أو عند تأدية الخدمات وتصبح القيمة المضافة هي وعاء الضريبة مما يحقق العديد من المزايا، وأهمها تجنب الازدواج الضريبي لعدم تكرار حساب المنتجات الوسيطة وتحديد مسار العمليات الانتاجية المصاحبة للسلع بدءاً من منشأها حتي وصولها للمستهلك النهائي، مما يسد ثغرات التهرب الضريبي لارتباط كل مرحلة مستندياً بما يسبقها من مراحل، ويعني ذلك أن الأصل في فرض ضريبة القيمة المضافة هو خضوع كافة السلع والخدمات لضريبة، وتساهم ضريبة القيمة المضافة في زيادة الإيرادات الضريبية مما يستتبعه تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة، وتقليل الدين العام وزيادة الإستثمارات وجعل الإدارة الضريبية أكثر شفافية وعدالة، وتحسين أداء الاقتصاد القومي، بشرط أنها لا تأكل ربحية التاجر بنسبة كبيرة جداً حتى لا تضر بالإنتاج.
إذن يتضح مما سبق يتضح بأن ضريبة القيمة المضافة تحقق العدالة قدر الإمكان حيث أنها تفرض على كل مرحلة من مراحل إنتقال السلعة أو الخدمة وبمقدار إستفادة كل صاحب مرحلة بشرط لا يتكرر عبئها على الآخرين.
ثالثاً: الصفات الأساسية لضريبة القيمة المضافة:
تتميز ضريبة القيمة المضافة بمجموعة من الصفات شأنها شأن أي ضريبة أو إيراد آخر، ومن هذه الصفات ما يلي:
- ضريبة غير مباشرة: وتعتبر غير مباشرة لأنها تفرض على الدخل عند إنفاقه وإستهلاكه وليس عند تملكه[11]، وبالتالي فإن الذي يتحمل عبئها النهائي في الحقيقة هو المستهلك الذي يشتري السلعة الخاضعة لهذه الضريبة أو ينتفع بخدمة تدخل في عداد الخدمات الخاضعة لها، لذا يسمى هنا المستهلك بالمكلف الاقتصادي بدفع الضريبة، مع العلم بأنها تسقط لأمل مرة على التاجر، ويسمي الفقه الضريبي هذه الحالة بالتكليف العكسي.
- ضريبة عامة: يجب الإشارة هنا بأن “الضريبة العامة” تحتمل معنيان فهي عامة كمادة وعامة كمكان، فمن حيث المادة تعتبر الضريبة على القيمة المضافة ضريبة عامة لأنها تفرض من حيث الأصل على جميع السلع والخدمات إلا ما يستثنيه المشرع بنص خاص، وقد يكون هذا الاستثناء بإعفاء بعض السلع والخدمات من الضريبة لأسباب اقتصادية أو اجتماعية، أو يضيق المشرع من تعريف السلع والخدمات التي تفرض عليها الضريبة فتخرج باقي السلع والخدمات لا ينطلق عليها هذا التعريف من نطاق الخضوع للضريبة وتعد غير خاضعة لأحكام القانون، أما عن عمومية المكان، فالأصل أيضاً أن الضريبة على القيمة المضافة ضريبة يلتزم بها المكلفون في جميع أنحاء الدولة، ولا تستثني منطقة منها، وبهذا المدى تكون ضريبة مركزية تصب مواردها في الخزانة العامة للدولة وأحياناً ما يتسع هذا النطاق الجغرافي ليتجاوز حدود الدولة إلى عدد من الدول كما هو الحال بالنسبة لنظام الضريبة على القيمة المضافة الذي تطبقه دول الاتحاد الأوربي[12].
- ضريبة دورية التحصيل: حيث يلتزم بتوريدها المكلف بتحصيلها دورياً، ولهذا فهي تعد مورداً متجدداً وتختلف بذلك عن الضرائب المباشرة التي تورد سنوياً، وتوريدها على فترات متقاربة لا يجعل عبئها كبيراً على المكلف، كما يقلل من فرص التهرب منها.
- ضريبة عينية: حيث أنها تتناول المادة الخاضعة للضريبة سواءاً أكانت سلعاً أو خدمات أي الإيراد ذاته بصرف النظر عن الظروف الشخصية للخاضعين لها، كما أنها تساوي بين السلع المصنعة محلياً أو المستوردة بغض النظر عن ظروف ما تحمله السلعة.
- ضريبة ذات إجراءات سهلة: حيث تحتوي على مجموعة من الإجراءات البسيطة التي من شأنها تيسير التعامل بين الخاضعين لها والإدارة الضريبة ويمكن استخدام التقنية الحديثة في التعامل مثل تقديم الإقرارات عن طريق البريد الالكتروني والسداد عن طريق البنوك[13].
- ضريبة ذات رقابة ذاتية: حيث تتم الرقابة عن طريق أعمال مبدأ الخصم من خلال دورة الفواتير الضريبية ذلك إلى أحكام الرقابة على عمليات الضريبة في دوراتها المختلفة من الإنتاج والتوزيع، فكل مرحلة تراقب الأخرى مما يقلل في حد ذاته فرص التهرب الكلي من الضريبة.
- ضريبة إقليمية: بمعني أنها تفرض على السلع المنتجة محلياً والخدمات عند بيع السلعة أو أداء الخدمة داخل البلاد، كما تفرض على السلع المستوردة من الخارج عند إعادة بيعها داخل البلاد بغض النظر عن محل إقامة أو جنسية المنتج أو مؤدى الخدمة، لذا أخذت ضريبة القيمة المضافة إقليم الخليج وعاءً لها تطبيقاً للإتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الصادرة بتاريخ ٢٧ من نوفمبر ٢٠١٦م.
- ضريبة تحصل على مراحل: إذ تحصل الضريبة في كل مرحلة من مراحل إنتاج السلعة أو الخدمة وتداولها إلى أن تصل إلى المستهلك النهائي، وتكون على أساس قيمة السلعة أو الخدمة في كل مرحلة من هذه المراحل مع حق المكلف بخصم ضريبة المدخلات على مشترواته، وحساب الضريبة على مخرجاته، وتأخذ كل منشأة تعمل في سلسلة البيع أو الإنتاج دورها في الرقابة وتحصيل الضريبة ورد ما يناسبها من ضريبة بالفرق بين ضريبة المخرجات وضريبة المدخلات في كل مرحلة.
المطلب الثاني: أثر ضريبة القيمة المضافة على التجارة.
بطبيعة الحال أتى قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالمرسوم السلطاني “121/2020م” متزامناً مع توجه دول المنطقة لاسيما ما صدر عن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بتاريخ ٢٧ من نوفمبر ٢٠١٦م.
بطبيعة الحال كان دائماً يعول على الحكومات بأنها متأخرة في إصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة، ولكن عندما تصدر تلك القانون نجده يواجه نقد لاذع وشديد من كافة الأطياف رغم أن الجميع كان ينتظره، وقد يرجع ذلك إلى إرتفاع أسعار السلع والخدمات الذي يرجع ذلك إلي حالة عدم الاستقرار في السوق[14].
إن إرتفاع أسعار السلع والخدمات يرجع إلى السبب الرئيسي في إنخفاض المعروض من العملة الوطنية، وتخفيض الدعم، وثبات الدخول وغيرها من الأسباب والعوامل ولكل هذه العوامل والأسباب جعلت تطبيق الضريبة على القيمة المضافة عملية يكتنفها المخاطرة، ورغم ذلك تغاضت الحكومة عن كل هذه المشكلات التي يعاني منها المواطن وأقرت تطبق قانون القيمة المضافة رقم 121 لسنة 2020م، من هنا سوف نتطرق إلى أهم الجوانب الإيجابية والسلبية لضريبة القيمة المضافة على الوضع التجاري في سلطنة عمان.
أولاً: أهم الجوانب الإيجابية لضريبة القيمة المضافة على التجار:
بطبيعة الحال تعكس ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان مجموعة من الإيجابيات التي تترتب على تطبيقها، ويمكن الإشارة إلى أهمها فيما يلي:
- الخصم الضريبي: حيث تعمل ضريبة القيمة المضافة على إستخدام أسلوب الرقابة الذاتية في عمليات الربط والتحصيل، فكما هو معروف أن أسلوب الضريبة على القيمة المضافة يراقب نفسه بنفسه، حيث أن مبيعات المنتج هي مشتريات تاجر الجملة، ومبيعات الأخير هي مشتريات تاجر التجزئة، وحتي يستطيع كل منهم أن يخصم من الضريبة المستحقة على مبيعاته قيمة الضريبة المدفوعة على مشترياته لابد أن يقوم كل منهم بتسجيل قيمة المبيعات والمشتريات في الفاتورة الضريبية، حتي يستطيع أن يحصل على قيمة الضريبة التي دفعها سابقاً على مشترياته من قيمة الضريبة الواجب عليه دفعها عند البيع عن طريق خصم قيمة الضريبة المستحقة على مبيعاته من تلك التي سبق له دفعها على مشترياته.
ووفق نص المادة (٤١) يحق للخاضع للضريبة خصم ضريبة المدخلات عن أي فترة ضريبية، والتي تحملها على توريداته الخاضعة للضريبة أو على السلع التي استوردها خلال تلك الفترة، أو عندما يكون ملزما بسداد الضريبة باعتباره المتلقي وفقا لآلية الاحتساب (التكليف) العكسي، كما أشارت المادة (٤٢) بأنه تخصم ضريبة المدخلات في حال قيام الخاضع للضريبة بتوريدات خاضعة للضريبة، وأخرى معفاة من الضريبة، أو إذا كانت التوريدات الخاضعة للضريبة أو السلع المستوردة يتم استخدام جزء منها لغير أغراض النشاط، أما المادة (٤٦) نصت على أنه يحق للخاضع للضريبة خصم ضريبة المدخلات التي سبق له أن تحملها على توريداته الخاضعة للضريبة، أو على السلع التي استوردها خلال الفترة التي تسبق تاريخ التسجيل[15].
- تحسين إدارة الضرائب المباشرة: تساهم الضريبة على القيمة المضافة في تحسين إدارة الضرائب المباشرة، وخاصة الضرائب على الدخل حيث تساهم البيانات المقدمة عن عمليات البيع والشراء والمتمثلة في تحديد عائدات الضريبة على القيمة المضافة في حساب أرباح الشركات والمشروعات الخاضعة للضرائب على الدخل.
- الحياد والعدالة: تتميز الضريبة على القيمة المضافة بالحياد والعدالة إلي حد ما في توزيع العبء الضريبي على مراحل إنتاج وتوزيع السلع والخدمات، وفقاً للقيمة المضافة في كل مرحلة من المراحل التي تمر بها كما يتمثل حياد هذه الضريبة أيضاً في معاملة مختلف المنشآت الخاضعة لها معاملة واحدة دون تفرقة بينها [16]، وهذا يسمح بإقامة أساس عادل للمنافسة بينها، ومما يدعم حياد هذه الضريبة أنها غير تراكمية لأنها تفرض – كما أسلفنا – على القيمة المضافة، حيث يتحتم على الدول أن تطبق مبدأ دولة المقصد، وليس دولة المنشأ، بالنسبة للسلع المتبادلة بينها، ويقصد بذلك أن كل سلعة تصدر عن بلد معين تخضع للضرائب المطبقة في ذلك البلد “أي دولة المقصد” بغض النظر عن منشأ هذه السلعة “أي دولة المنشأ”.
- مصدر للموارد المالية: تعد الضريبة على القيمة المضافة من أهم المصادر المالية الضخمة للدول، فقد أكد الخبراء الإقتصاديون على أن تلك الضريبة تعد من أفضل الضرائب في توليد الموارد المالية، بل وتتفوق في ذلك على العديد من الضرائب، وتعتبر المصدر المالي البديل لبعض الضرائب كالضرائب على الشركات والضرائب على المبيعات أو الضرائب على الدخل.
ثانياً: أهم الجوانب السلبية لضريبة القيمة المضافة على التجارة:
بالإضافة إلى ما تميزت به ضريبة القيمة المضافة من جوانب إيجابية ذات أهمية بالغة على النحو السابق، إلا أنه قد اكتنفها بعض العيوب، على الرغم من إختلاف الرأى حول مدى تحقق تلك العيوب من عدمه، وفيما يلي سوف نتناول عيوب أو مساوئ الضريبة على القيمة المضافة.
- الأثر التضخمي: يقال عن الضريبة على القيمة المضافة أن لها أثاراً تضخمية، تعمل على زيادة الأسعار، وبالتالي تثقل كاهل المكلفين بدفعها، وهم المستهلكون وغالبيتهم من محدودي الدخل، وذلك ما لم تقم الدول المعنية بإتخاذ الإجراءات الكفلية بتخفيض هذا الأثر، وذلك كسياسة إلغاء بعض الضرائب أو تخفيض معدلاتها، وقد أشار البعض إلى أن ذلك الأثر يمكن أن يحدث في بعض القطاعات، ولكن ينبغي النظر إلى ذلك من منظور أكبر، وهو أن الضريبة بذلك تعمل على تطبيق سياسة ترشيد الإستهلاك.
- صعوبة إدارتها في الدول النامية: على الرغم من أن الضريبة على القيمة المضافة يسهل إدارتها في الدول المتقدمة إلا أنه من الصعب إدارتها في الدول النامية، ويرجع ذلك أن أغلب الأفراد في الدول النامية لا يتوافر لديهم الوعي الضريبي بالقدر اللازم لفهم وتطبيق هذه الضريبة خاصة من ناحية الإلتزام بإمساك الدفاتر، وإصدار الفواتير بشكل منتظم، كما أنه من المعروف أن الضريبة على القيمة المضافة تحتوى على قدر ما من التعقيد الأمر الذي ترتفع معه التكاليف الإدارية وبالتالي المزيد من الجهد نحو زيادة الإمتثال للضريبة وهو ما يفوق قدرات معظم الدول النامية.
- إنتشار التهرب الضريبي: من الممكن أن يترتب على تلك المساوي إنتشار لظاهرة التهرب الضريبي من قبل المكلفين بها، وخاصة فيما يتعلق بعدم توافر قسط كافي من الوعي الضريبي لديهم، إلا أننا نرى أنه يمكن السيطرة على تلك المشكلات البسيطة التي قد تكتنف ضريبة القيمة المضافة عند التطبيق، خاصة مع وجود جهاز ضريبي على مستوي عالي من الكفاءة والشفافية والإلتزام بروح القوانين، ولا يخفي أن المميزات المترتبة على تبني العمل بالضريبة على القيمة المضافة تفوق في قيمتها تلك المساوي والعيوب، الأمر الذي يدعو الدول إلى ضرورة تطبيق تلك الضريبة ومحاولة تلافي أي مشاكل قد تكتنفها.
المبحث الثاني
التنظيم الفني لضريبة القيمة المضافة
حرصت حكومة سلطنة عمان – في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي – على تطبيق مجموعة من السياسات الإقتصادية، وخاصة في مجال الضرائب الغير مباشرة، كان أهمها تطبيق ضريبة القيمة المضافة، رقم 121 لسنة 2020م، وفي شأن التنظيم الفني للضريبة فقد حددت المادة (٢) الشخص المسؤول عن ضريبة القيمة المضافة على النحو الآتي:
- فيما يتعلق بالمؤسسة الفردية: المالك أو المدير المسؤول، وفي حالة فرض الحراسة القضائية، أو شهر الإفلاس، يكون الحارس القضائي، أو مدير التفليسة – بحسب الأحوال – هو الشخص المسؤول.
٢ – فيما يتعلق بالشركة العمانية:
- شركة الشخص الواحد: المالك، أو المدير المسؤول.
- شركة التضامن أو التوصية: الشريك في الشركة، أو مديرها.
ج. شركة المحاصة: المدير الذي يتفق الشركاء على توليه أعمال الإدارة في الشركة سواء أكان من الشركاء، أم الغير.
د. شركة المساهمة: رئيس مجلس الإدارة، أو المدير المفوض من قبل مجلس الإدارة.
هـ. الشركة محدودة المسؤولية: مدير الشركة، أو الشخص المسؤول عن الإدارة، وفي حالة فرض الحراسة القضائية أو شهر الإفلاس أو التصفية، يكون الحارس القضائي، أو مدير التفليسة، أو المصفي -بحسب الأحوال – هو الشخص المسؤول.
٣. فيما يتعلق بالمنشأة المستقرة:
أ. المالك، أو المدير.
ب. وكيل مالك المنشأة المستقرة في حالة ممارسة نشاطها في السلطنة عن طريق وكيل.
ج. الحارس القضائي أو مدير التفليسة أو المصفي في حالة فرض الحراسة القضائية، أو شهر الإفلاس، أو التصفية.
٤. فيما يتعلق بأي شخص ليس له محل إقامة في السلطنة: أي شخص له محل إقامة في السلطنة تم تعيينه من قبل ذلك الشخص، ويجوز بقرار من رئيس جهاز الضرائب تحديد المؤهلات الواجب توافرها في الشخص المسؤول.
أوجبت المادة (٣) من قانون ضريبة القيمة المضافة على الخاضع للضريبة تعيين الشخص المسؤول، وإخطار جهاز الضرائب، وفي حالة عدم قيام الخاضع للضريبة بتعيين الشخص المسؤول، يكون لرئيس جهاز الضرائب تعيين شخص له علاقة بنشاط الخاضع للضريبة ليكون الشخص المسؤول، على أن يخطر الخاضع للضريبة بذلك، وفي شأن التواجد داخل السلطنة من عدمه، فقد أكدت المادة (٤) من ذات القانون بأنه لا يجوز للشخص المسؤول البقاء خارج السلطنة مدة تزيد على (٩٠) تسعين يوماً خلال السنة الضريبية إلا بعد إخطار جهاز الضرائب بذلك، والحصول على موافقته على تعيين شخص مسؤول آخر يحل محله طوال مدة غيابه.
حيث أن الضريبة على القيمة المضافة شأنها شأن كافة الظواهر البشرية، لها جانبان، الثوابت والمتغيرات، فالثوابت تمثل الهيكل الأساسي الذي يقوم عليه بناء الضريبة مثل العمومية وتعدد المراحل والخصم في حين أن المتغيرات تتمثل في مجموعة الإختيارات التي تتبناها كل دولة وفقاً لظروفها وثوابت منبعها الأساس النظري أو فلسفة الضريبة، وبناء على ذلك سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين وذلك على النحو التالي: المطلب الأول: تمييز ضريبة القيمة المضافة عن ضريبة المبيعات، والمطلب الثاني: دواعى تطبيق ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان[17].
المطلب الأول: تمييز ضريبة القيمة المضافة عن ضريبة المبيعات.
تعتبر الضريبة العامة على المبيعات نوعاً من أنواع الضرائب الغير المباشرة، تسري على معظم السلع والخدمات بمناسبة تداول تلك السلع أو أداء هذه الخدمات، تتناول عمليات بيع السلع سواءاً تم بيعها بحالتها أو بعد إجراء إضافات عليها، لذلك تشمل بعض الخدمات المرتبطة بنشاط تجاري أو صناعي أو حرفي معين[18]، وقد تفرض الضريبة عند مرحلة واحدة من مراحل الإنتاج التوزيع من المنتج إلى المستهلك ويطلق عليها الضريبة ذات المرحلة الواحدة، وقد تفرض على السلع عند تداولها من شخص لآخر في المراحل المتعددة من مراحل إنتاج وتوزيع السلعة ويطلق عليها الضريبة المتعددة المتتابعة وقد تفرض على الزيادة في قيمة السلعة التي تكتسبها في مختلف مراحلها عند إنتقالها من المنتج حتى تصل إلى المستهلك النهائي وتسمي في الحالة الأخيرة بالضريبة على القيمة المضافة[19].
هنا يرى البعض أن الضريبة على القيمة المضافة لا تعد شكلاً جديداً للضرائب ولكنها ضريبة مبيعات يتم إدارتها بطريقة مختلفة، وإذا كانت الضريبة على المبيعات تتفق مع الضريبة على القيمة المضافة في أن كلاهما يعتبر من الضرائب غير المباشرة التي تفرض على السلع والخدمات وأن الذي يتحملها في النهاية هو المستهلك إلا أن هناك العديد من أوجه الإختلاف بينهما، فمثلاً: الضريبة على المبيعات تفرض على قيمة السلعة كاملة أما الضريبة على القيمة المضافة فتفرض فقط على القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل مرور السلعة من المصنع حتي المستهلك، ويمكن أن نستعرض بعض أوجه الإختلاف بينها في النقاط التالية:
أولاً: إختلاف المرحلة الملائمة لفرض الضريبة: يتجلى بوضوح بأن البلدان التي تحظى بالعديد من الخيرات بأنها عند تطبيق الضريبة على المبيعات في مرحلة البيع بالتجزئة لا يكون مرضياً ويسبب العديد من المشاكل، حيث سيسعي المنتجون إلى إنتاج السلع التي لا تخضع للضريبة أو تلك التي تخضع لضريبة أقل وذلك لزيادة مبيعاتهم من هذه السلع ولزيادة أرباحهم، حيث تكون قيمة الضريبة المفروضة على كل سلعة معروفة للمستهلك، وإذا طبقت الضريبة بسعر منخفض على الواردات من السلع تامة الصنع، فإن ذلك قد يضر بالمنتجات المحلية، وإذا طبقت يسعر مرتفع على الواردات فإن ذلك قد يؤدي إلى إرتفاع الأسعار مما يؤدي إلي حدوث تضخم محلي، أما تطبيق الضريبة على القيمة المضافة في مرحلة البيع بالتجزئة فهو لا يسبب كل هذه المشاكل، لأنه يتم حساب القيمة المضافة في مرحلة البيع بالتجزئة وتفرض عليها الضريبة، وهنا تكون قيمة الضريبة المستحقة بسيطة بعكس لو فرضت ضريبة مبيعات على قيمة السلعة النهائية ومن شأن فرض الصربية على القيمة المضافة في مرحلة البيع بالتجزئة، حظر توجيه النشاط الاقتصادي إلى المراحل التي لا تفرض عليها الضريبة على القيمة المضافة وهي مرحلة الإنتاج ومرحلة البيع بالجملة، مما يساعد على زيادة الإنتاج وزيادة العرض ومما يساعد أيضاً على خفض المستوي العام للأسعار وبالتالي خفض معدلات التضخم؛ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن تطبيق الضريبة على القيمة المضافة في مرحلة الإنتاج يجعل قاعدة الضريبة ضيقة بعكس لو تم فرض الضريبة في مرحلة البيع بالتجزئة حيث تصبح قاعدة الضريبة متسعة، مما يمكن معه خفض سعر الضريبة ويقلل من حالات التهرب الضريبي.
أما في مرحلة الإنتاج فسيكون سعر الضريبة مرتفع مما قد يعيق عملية الإنتاج لأنه يرفع من نفقة الإنتاج كما أنه قد يؤدي إلي تزايد حالات التهرب من الضريبة، أما فرض الضريبة على المبيعات في مرحلة الإنتاج فأنها تكون أفضل بالنسبة للدول التي يصعب فيها على تجار التجزئة الإمساك بدفاتر منتظمة لقيد المبيعات المختلفة لكل تاجر أو في الدول التي يُخشى فيها من التجار القيام بإخفاء قيد بعض المبيعات للتهرب من الضريبة، ففي مثل هذه الدول يكون الأفضل لها تطبيق الضريبة على المبيعات في مرحلة الإنتاج وكذلك على الواردات، ولكن هذه الدول يكون أمامها إما أن تفرض ضريبة المبيعات على مرحلة واحدة وهي مرحلة الإنتاج أو أنه تفرض الضريبة على القيمة المضافة على مرحلة البيع بالتجزئة[20].
ثانياً: وقت الحصول على الإيراد “حصيلة المبيعات”: من أوجه الإختلاف الأخرى بين الضريبة على المبيعات والضريبة على القيمة المضافة هو وقت الحصول على الإيراد “حصيلة الضريبة” فإذا طبقت الضريبة على المبيعات في مرحلة البيع بالتجزئة فقط، ففي هذه الحالة لا يأتي الإيراد الضريبي إلا عند بيع السلعة للمستهلك، أما إذا طبقت الضريبة على القيمة المضافة، فإن الضريبة تصبح مستحقة الأداء في كل مرحلة إبتداءاً من مرحلة الإنتاج إلى مرحلة البيع بالتجزئة، لأن الضريبة تفرض على القيمة المضافة في كل مرحلة إنتاجية تمر بها السلعة من الإنتاج حتى تسليمها للمستهلك.
وهنا نستحضر نص المادة (٢٦) من قانون ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان، حيث نصت على أنه يستوجب استحقاق الضريبة على توريد السلع أو الخدمات في أي من التواريخ – أيها أسبق – الآتية:
- تاريخ التوريد.
- تاريخ إصدار الفاتورة الضريبية.
- تاريخ تسلم المقابل – جزئياً أو كلياً – وفي حدود المبلغ المتسلم.
أما في شأن التحصيل الضريبي فقد نصت المادة (٨١) من ذات القانون على أنه يلتزم بسداد الضريبة إلى الجهاز كل من:
- الخاضع للضريبة عند قيامه بتوريد السلع أو الخدمات.
- العميل الخاضع للضريبة عند تلقيه سلعاً أو خدمات موردة إليه من قبل شخص ليس له محل إقامة في السلطنة في الحالات التي تطبق فيها آلية الاحتساب “التكليف العكسي”.
- المستورد عند استيراد السلع وفقاً لأحكام قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي.
- الشخص الذي يدون مبلغ الضريبة على الفاتورة الصادرة منه.
في حين أكدت المادة (٨٢) من القانون نفسه، بأنه تكون الضريبة المستحقة من واقع الإقرار الضريبي واجبة السداد إلى جهاز الضرائب في الميعاد المحدد لتقديم الإقرار، وتكون الضريبة المستحقة من واقع التقدير أو التعديل الذي أجراه الجهاز، واجبة السداد في الموعد المحدد في الإخطار المرسل منه، على ألا يجاوز (٣٠) ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار، وفي حالة عدم أداء الضريبة في الموعد المحدد تستحق الضريبة الإضافية، ويجوز لرئيس جهاز الضرائب الإعفاء من كامل قيمة الضريبة الإضافية أو جزء منها[21].
ثالثاً: إمكانية التهرب من الضريبة: إن إمكانية التهرب من الضريبة على المبيعات أكبر من إمكانية التهرب من الضريبة على القيمة المضافة، خاصة إذا كانت الضريبة على المبيعات تفرض على مرحلة واحدة وهي مرحلة البيع بالتجزئة، ففي هذه المرحلة تتم معظم عمليات البيع بدون فواتير خاصة في الدول النامية، وتفرض الضريبة على إجمالي قيمة المبيعات وبالتالي يستطيع التاجر أن يتهرب من الضريبة من خلال إخفاء جزء كبير من المبيعات عند محاسبة مأمورية الضرائب على المبيعات، وهذا يعني أن إمكانية التهرب من الضريبة على المبيعات كبيرة جداً مما يضر بالحصيلة الضريبة، والوضع على عكس ذلك تماماً في الضريبة على القيمة المضافة والتي تطبق في مرحلة البيع بالتجزئة، تفسير ذلك أن من صور تطبيق الضريبة على القيمة المضافة أن يتم فرض الضريبة بسعر محدد في مرحلة البيع بالتجزئة ثم يخصم من قيمة الضريبة المستحقة قيمة الضرائب السابقة التي تم فرضها على ذات السلعة، وإذا فرضنا أن المنتج وتاجر الجملة أستطاعوا أن يتهربوا من دفع الضريبة المستحقة على السلعة في مرحلة الإنتاج وفي مرحلة البيع بالجملة، فمعني ذلك أنه ليس هناك ما يستطيع المكلف استقطاعه من قيمة الضريبة المستحقة في مرحلة البيع بالتجزئة، لذا يدفع قيمة الضريبة كاملة مما يؤدي إلي عدم إضاعة جزء من قيمة الضريبة، وبالتالي يزيد من الحصيلة الضريبية وفي ذات الوقت فإن من شأن ذلك تجنب التهرب الضريبي الذي قد يحدث في حالة تطبيق الضريبة على المبيعات[22]، أما في شأن التهرب من الضريبة وتحويلها أو نقلها لشخص آخر، فقد نصت المادة (٨٣) من قانون ضريبة القيمة المضافة على أنه لا يجوز للخاضع للضريبة الاتفاق على نقل عبء الضريبة إلى الغير، ويقع باطلاً كل اتفاق يقضي بذلك[23].
رابعاً: إمكانية فرض الضريبة على الخدمات: الضريبة على المبيعات التي تطبق فقط في المراحل السابقة على مرحلة البيع بالتجزئة لا تصل غالباً إلى الخدمات، وذلك على أساس أن العديد من الخدمات لا تقدم إلا في المرحلة الأخيرة وهي مرحلة تقديم الخدمة للمستهلك مباشرة، وقد تطبق على بعض الخدمات المحدودة في المراحل السابقة على البيع بالتجزئة كأن فرضها على الخدمات الفندقية، ولكن في حالة تطبيق الضريبة على القيمة المضافة في مرحلة البيع بالتجزئة تسري على كل الخدمات ما عدا بعض الخدمات التي تكون محدودة على سبيل الحصر مثل الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والخدمات المالية وإذا قيل أنه يمكن فرض الضريبة على المبيعات على مرحلة البيع بالتجزئة حتى تصل إلي الخدمات، إلا أنه يمكن الرد على ذلك بأن تطبيق الضريبة على القيمة المضافة على الخدمات في مرحلة البيع بالتجزئة أفضل من تطبيق الضريبة على المبيعات عليها، وذلك على أساس أن هذه الخدمات قد تدخل في إنتاج بعض السلع وبالتالي فإن دفع الضريبة عن هذه الخدمات يمثل ائتمان ضريبي ويمكن إسترداده وذلك عند إستقطاع قيمة الضرائب المستحقة على السلعة في المراحل السابقة لمرحلة البيع بالتجزئة، وذلك في حالة تطبيق الضريبة على القيمة المضافة وليس الضريبة على المبيعات، ومن شأن ذلك أن يشجع على زيادة الإنتاج لأن ذلك يخفض من نفقة الإنتاج مما يساعد في خفض معدلات التضخم، ومن شأن ذلك أيضاً أن يقلل من حالات التهرب الضريبي التي قد تظهر في حالة عدم تطبيق الضريبة على القيمة المضافة.
إن قانون ضريبة القيمة المضافة أوضح في نص المادة (١٦) مقصد توريد الخدمات بأنه أي توريد لا يعد توريداً للسلع، ويشمل – بصفة خاصة – خدمات المنح، والتخصيص، والتنازل عن أي حقوق، بما في ذلك الامتناع عن القيام بنشاط ما، ونصت المادة (١٧) من ذات القانون على أنه يعد في حكم توريد الخدمات، ما يأتي:
- استخدام الخاضع للضريبة لسلع – تعد جزءا من أصوله – بدون مقابل، لأغراض أخرى غير النشاط.
- توريد الخدمات بدون مقابل.
حيث يشترط – في جميع الأحوال – لاعتبارها من قبيل توريد الخدمات أن يكون الخاضع للضريبة قد قام بخصم ضريبة المدخلات المتعلقة بتلك الخدمات[24].
المطلب الثاني: دواعى تطبيق ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عمان.
على الرغم من أن الضريبة العامة على المبيعات كانت من أهم الوسائل التي يمكن من خلالها رفع معدل النمو في الدول المتقدمة، سواءاً من ناحية تحقيق المزيد من الإستثمارات أو إيجاد المزيد من فرص العمل الجديدة وغيرها من وسائل النمو، إلا أنه ترتب على وجودها العديد من المشكلات والعيوب والمعوقات، الأمر الذي دعا العديد من الدول المتقدمة، وخاصة دول الإتحاد الأوربي إلى تبني تطبيق ضريبة القيمة المضافة، كأفضل النظم والوسائل الضريبية التي يمكن من خلالها مواجهة العديد من المشكلات التي تواجه الضريبة على المبيعات، وذلك من أجل مواجهة التحديات الإقتصادية العالمية المعاصرة، وفيما يلي سوف نتناول أهم المبررات التي دعت الدول إلى تبني وتطبيق الضريبة على القيمة المضافة، كأحد أفضل أشكال وأنواع الضرائب على الإنفاق، حيث اتجهت سلطنة عمان نحو توجه منظومة التعاون الخليجي على أن لا تتعارض ضريبة القيمة المضافة مع الضريبة الجمركية الموحدة، بإعتبار الضريبتان من الضرائب الإقليمة لمنطقة الخليج “أي لدول مجلس التعاون”.
أولاً: مكافحة الإزدواج الضريبي: مما لا شك فيه أن هيكل الضريبة العامة على المبيعات في ظل النظام القائم ينطوي على مشكلة من أهم مشاكل الضريبة على المبيعات وهي مشكلة الإزدواج الضريبي الناتج عن تعدد فرض الضريبة على السلعة الواحدة، مما يؤدي إلى تفاقم العبء الضريبي، فعلي سبيل المثال في ظل هيكل الضريبة على المبيعات، وقبل أن يتم إنتاج السلعة تفرض الضريبة على المدخلات الأولية، ثم تفرض الضريبة على ناتج المدخلات مرة أخرى وهكذا حتى تصل السلعة إلى المستهلك الأخير، مما يؤدي إلي إزدواج وتضخم العبء الضريبي، أما في ظل نظام الضريبة على القيمة المضافة فسوف يتم خصم وإستقطاع قيمة الضريبة السابقة المفروضة على المشتريات من المدخلات من الضريبة المفروضة على المنتجات، كذلك في ظل الضريبة على المبيعات تتعدد الضرائب، مثل الضريبة الإضافية عند التأخير في السداد والضريبة الأصلية، بالإضافة إلى فرض رسوم إضافية، ومع إدخال الضريبة على القيمة المضافة سوف يتم إلغاء كل هذه الأشكال من الضرائب نظراً لأن ضريبة القيمة المضافة تتسم بطبيعتها بعنصر “تخفيف العبء الضريبي” الأمر الذي سوف يقضي على أسباب وجود تلك الضرائب الإضافية، وأهمها القضاء على مشكلة الإزدواج الضريبي، وكنتيجة لذلك سوف يتسم العبء الضريبي الشامل بالرشد الإقتصادي، كما أن الأسعار في المتوسط العام سوف تنخفض، وبالتالي فإن هيكل الضريبة على القيمة المضافة عندما يحل محل نظام الضريبة على المبيعات سوف يتسم بالبساطة، وستصبح تلك الضريبة أكثر شفافية[25].
ثانياً: مناهضة التهرب الضريبي: لقد كان من أهم المبررات التي دعت إلى تطبيق الضريبة على القيمة المضافة، وخاصة في دول الإتحاد الأوروبي هي مكافحة ظاهرة التهرب الناتجة عن تطبيق الضريبة على المبيعات، نظراً لإرتفاع عبئها على المكلفين، فالضريبة على القيمة المضافة مصممة بشكل يتم من خلاله تجنب فرض الضرائب على مدخلات المشروع، فالضريبة على القيمة المضافة هي ببساطة ضريبة على الإستهلاك العام، وتقرر على القيمة المضافة على السلع والخدمات، حيث يتم حسابها على أساس القيمة المضافة لجميع السلع والخدمات في المراحل التي تمر بها، وبالتالي إستعاضت بها البلدان الأوروبية عن فرض الضريبة على المبيعات، فالتهرب الضريبي يعد ظاهرة منتشرة في أي مكان في العالم، كما أن الفجوة الضريبية بين الإيرادات الضريبية المقدرة والمتحققة بالفعل تزداد في معظم الدول حتي في القطب الأعظم في العالم “الولايات المتحدة الأمريكية” لذا تعد الضريبة على المبيعات من أهم أسباب التهرب الضريبي نظراً لإرتفاع عبئها على المكلفين، الأمر الذي دعا معظم دول العالم، المتقدمة منها والنامية إلى محاولة تجنبها في سبيل تبني العمل بالضريبة على القيمة المضافة، ولقد ثبت أثر ضريبة المبيعات على زيادة حجم التهرب الضريبي داخل أهم الدول المطبقة للضريبة على المبيعات، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عندما تم مناقشة أمر التهرب الضريبي من ضريبة المبيعات حيث أكد المحللون أن التهرب هو أمر لا مفر منه في أي ضريبة حتى وإن كانت ضريبة المبيعات ومن هنا كان تطبيق الضريبة على القيمة المضافة مبرراً للإستغناء عن ضريبة المبيعات لتعدد مساويها، ومن أهمها التهرب الضريبي، لذا نجد بأن دول مجلس التعاون الخليجي بما فيها سلطنة عمان، قد عمدت إلى تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة لعدة إعتبارات ومنها: (كون أن إقتصاد السلطنة يوصف بالإقتصاد الريعي الذي يعتمد على النفط والغاز، فإن مسألة التهرب الضريبي هنا تصبح متاحة أكثر كما أن الضريبة على المبيعات غير مطبقة في عمان، لذا أصبح أمر تطبيق ضريبة القيمة المضافة أمر حتمي أولاً لتغذية خزانة الدولة بالمال اللآزم ثم لتخفيض من جشع القطاع الخاص والتقليص من ربحيته عبر فرض ضريبة على مراحل إنتقال السلعة والخدمة.
ثالثاً: تلبية مصالح الكيانات الإقتصادية: لا شك أن هذا المبرر أو الدواعي للأخذ بالضريبة على القيمة المضافة يهم التكتلات والكيانات الإقتصادية أكثر منه مبرر نهدف وتسعي سلطنة عمان إليه من وراء تطبيق تلك الضريبة، فقد وجدت التكتلات الإقتصادية، مثل دول الإتحاد الأوروبي أن تطبيق الضريبة على القيمة المضافة يعمل على تلبية مصالحها في داخل الدول وخارجها، فقرص وتطبيق الضريبة على القيمة المضافة يعمل على تجنب كل أشكال المنافسة غير السليمة، مما يؤدي إلى عدم حدوث تشوهات لإقتصاديات الدول وخاصة في الصناعات والتبادل التجاري فيما بينها، وقد تم تشكيل لجنة داخل الإتحاد الأوروبي لتصميم الشكل الملائم للضريبة على القيمة المضافة، لكي يتوافق مع احتياجات الدول ويوفر ما يسمى بالمرونة الاتحادية داخل الإتحاد العام، كما تم المصادقة على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الصادرة بتاريخ ٢٧ من نوفمبر ٢٠١٦م، حيث قامت دول المنطقة بتطبيقها كلاً حسب مجريات الحالة الاقتصادية التي تتوافق معها من حيث تاريخ التطبيق، أما بالنسبة لمقدار الضريبة فمحددة في الإتفاقية بــ 5 %.
خاتمة:
بالرغم من أن الإسم الشائع للضريبة هو ” الضريبة على القيمة المضافة ” إلا أن الضريبة على القيمة المضافة لا يعبر اسمها عن حقيقة كونها، فهي لا تفرض على مجرد إضافة القيمة إلى المنتج سلعة كان أم خدمة بل هي لازالت ضريبة إستهلاك لأنها تفرض على واقعة إستهلاك السلعة أو الخدمة ولكن حسابها يتحدد بالقيمة التي طرأت على السلعة أو الخدمة عند إستهلاكها أو إنتقالها }من و إلى{ حيث يخصم من قيمة السلعة التي انتقلت من المنتج إلي تاجر الجملة ما سبق أن دفعه المنتج من ضريبة، ثم يخصم من قيمة السلعة أو الخدمة بعد إنتقالها من تاجر الجملة إلي تاجر التجزئة ما سبق أن دفعه تاجر الجملة من ضريبة أو بعبارة أخرى فإن المقصود من الضريبة على القيمة المضافة هو الضريبة على الدخل عند إنفاقه، أو أنها ضريبة على الإنفاق الاستهلاكي، ويقع عبئها على المستهلك النهائي، وتتحدد قيمة الضريبة بإجمالي قيمة الإنتاج الذي تم بيعه في كل مرحلة من مراحل الإنتاج أو التداول، ثم تخصم الضريبة التي سبق دفعها في المراحل السابقة أي إن الغالب لضريبة القيمة هو الاستهلاك الشخصي للأفراد والذي يقاس بالثمن المدفوع مقابل السلع والخدمات.
إن وجود سعر واحد للضريبة مع توسيع الوعاء يجنب محاولة التهرب من الضريبة بتجزئة المبيعات، ولا يبقى أمام الممول سوى الاختيار بين الاستهلاك والفراغ أو بين السلع الخاضعة للضريبة والمعفاة منها، بخلاف الأسعار المتعددة للضريبة التي تشوه الحياد الضريبي وتزيد من التكلفة الإدارية لتحقيق الالتزام الضريبي، من هنا نجد بأن ضريبة القيمة المضافة قد حققت نتائجها على أكمل وجه.
النتائج:
- أكدت السنوات الأخيرة من انخفاض أسعار النفط أن تنويع مصادر الدخل في سلطنة عُمان أصبح ضرورة ملحة، مما من شأنه ترشيد الاستهلاك وزيادة التوسع في الإيراد المالي للأفراد والتجار والشركات، مما يزيد في الإيراد الضريبي للدولة.
- كون أن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة إقليمية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، فنجد بأن هناك تباين بين إقتصاديات تلك الدول مما يدل على أن العبء الضريبي سوف يكون له تأثير على مجريات السوق للدول الأقل إقتصاداً ومنها سلطنة عمان.
- بلا شك بأنه يقوم العديد من التجار بالتهرب الضريبي من الدفع، وخاصة أصحاب الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لأن تلك الشركات والمؤسسات ذات دخل محدود جداً، بالإضافة إلى ضعف التواصل الرسمية بين جهاز الضرائب وأصحاب تلك الجهات للحصول على الضريبة في حينها، بإعتبار ضريبة حديثة العهد.
- قيام الموزعين والتجار بزيادة تكلفة المنتجات على المواطنين، لتعويض ما تم دفعه للضرائب، وقد يكون تلك الموزعين والتجار من الذين يتهربون من دفع الضرائب، والزيادة هنا لجيوبهم الخاصة.
- كوننا من الدول النامية التي تعتمد على الاقتصاد الريعي “النفط والغاز” قد تتسبب هذه الضريبة في التأثير على مكانة الأسواق المحلية، نظراً لنقص الاستثمارات الأجنبية، وبالتالي يؤثر ذلك على الاقتصاد القومي للبلد بشكل عام وعلى الإنتاج.
التوصيات:
- يجب على الحكومة العُمانية توعية المواطنين وتثقيفهم حول التفاصيل الدقيقة للسلع والخدمات (الخاضعة و المعفاة) من ضريبة القيمة المضافة، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة الشفافية، مما سيزيد من الوعي المجتمعي.
- بما أن ضريبة القيمة المضافة تقع على الجميع ويتكبدها في نهاية الأمر المستهلك مهما كان دخله، فنوصي بأن تقوم الحكومة بتحسين من دخول بعض فئات المجتمع الذين دخولهم ما دون 600 ريال عماني.
- بما أن السوق العماني يسيطر عليه الأجانب، نوصي بأن تتخذ الحكومة آلية واضحة للجميع، ويتعرف من خلالها المستهلكين على أن هناك قيمة إضافية فعلية في السلعة أو الخدمة، تبرر ارتفاع سعرها.
المصادر والمراجع:
- علي، عبد المنعم عبد الغني: نظرية الضريبة على القيمة المضافة وإمكانيات تطبيقها في مصر، رسالة دكتوراه، حقوق أسيوط، 1994م، ص 7.
- فضلية، عابد، آلية حساب الضريبة على القيمة المضافة، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 26، العدد الثاني 2010م، ص1.
- بيومي، ذكريا، شرح قانون ضريبة المبيعات، مكتبة شادي 1991م، ص 10.
- قانون ضريبة القيمة المضافة، رقم 121/2020م، سلطنة عمان.
- الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ٢٠١٦م.
- المأمون على جبر، الضريبة على القيمة المضافة بين النظرية والواقع التطبيقي في مصر، مجلة مصر المعاصرة، السنة مائة وثمانية العدد 528، أكتوبر 2017م، ص 65.
- الشافعي، جلال، أساليب فرض الضريبة على المبيعات بحث مقدم للمؤتمر الضريبي الخامس بكلية التجارة جامعة عين شمس 1991م، ص 250.
- صابر یونس بريك، دور الضريبة العامة على المبيعات في تمويل التنمية الاقتصادية في مصر، ومدى إمكانية تطويرها إلى ضريبة على القيمة المضافة دار النهضة العربية القاهرة 2006 م ص 112.
- عثمان، سعيد عبد العزيز، المالية العامة، مدخل تحليلي معاصر، الدار الجامعية، الإسكندرية 2011م من 303.
- الشباسي، محي سامي محمد، الضريبة على القيمة المضافة بين مشكلات التطبيق وحلول الواقع، مجلة البحوث المالية والضريبية، العدد 114، يناير، فبراير 2018م، ص 110.
- عبد الحميد، أحمد ماهر، التشريع الضريبي المصري الكتاب الأول، ضريبة المبيعات وضرائب الدخل، مرجع سابق، ص 71 وما بعدها.
- لطفي، عبد المنعم، الضريبة على القيمة المضافة في مصر، المركز المصري للدراسات الاقتصادية، ورقة عمل رقم 183 مارس 2016م 50.
- الشافي، جلال، أساليب فرض الضريبية على المبيعات بحث مقدم للمؤتمر الضريبي الخامس بكلية التجارة جامعة عين شمس 1991م، ص 25.
- عيد، ياسر محمد، رؤية حول تقييم مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة، المؤتمر العلمي الضريبي الرابع والعشرين بعنوان دور الضرائب في تحقيق إستراتيجية 2030م، مجلة البحوث المالية والضريبية الجمعية المصرية للمالية العامة والضرائب، مايو 2016م.
النقلي، عاطف حسن، مبادئ الاقتصاد المالي، مكتبة النصر، 2001م، ص 366
[1]. علي، عبد المنعم عبد الغني: نظرية الضريبة على القيمة المضافة وإمكانيات تطبيقها في مصر، رسالة دكتوراه، حقوق أسيوط، 1994م، ص 7.
[2]. فضلية، عابد، آلية حساب الضريبة على القيمة المضافة، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 26، العدد الثاني 2010م، ص1.
[3]. بيومي، ذكريا، شرح قانون ضريبة المبيعات، مكتبة شادي 1991م، ص 10.
[4] . قانون ضريبة القيمة المضافة، رقم 121/2020م، سلطنة عمان.
[5] . الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ٢٠١٦م
[6]. المأمون على جبر، الضريبة على القيمة المضافة بين النظرية والواقع التطبيقي في مصر، مجلة مصر المعاصرة، السنة مائة وثمانية العدد 528، أكتوبر 2017م، ص 65.
[7]. الشافعي، جلال، أساليب فرض الضريبة على المبيعات بحث مقدم للمؤتمر الضريبي الخامس بكلية التجارة جامعة عين شمس 1991م، ص 250.
[8]. صابر یونس بريك، دور الضريبة العامة على المبيعات في تمويل التنمية الاقتصادية في مصر، ومدى إمكانية تطويرها إلى ضريبة على القيمة المضافة دار النهضة العربية القاهرة 2006 م ص 112
[9] . قانون ضريبة القيمة المضافة، رقم 121/2020م، سلطنة عمان، مرجع سابق.
[10]. عثمان، سعيد عبد العزيز، المالية العامة، مدخل تحليلي معاصر، الدار الجامعية، الإسكندرية 2011م من 303.
[11]. الشباسي، محي سامي محمد، الضريبة على القيمة المضافة بين مشكلات التطبيق وحلول الواقع، مجلة البحوث المالية والضريبية، العدد 114، يناير، فبراير 2018م، ص 110.
[12]. صديق، رمضان، الضريبة على القيمة المضافة في التشريع المصري والمقارن، مرجع سابق.
[13]. عبد الحميد، أحمد ماهر، التشريع الضريبي المصري الكتاب الأول، ضريبة المبيعات وضرائب الدخل، مرجع سابق، ص 71 وما بعدها.
[14]. لطفي، عبد المنعم، الضريبة على القيمة المضافة في مصر، المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، ورقة عمل رقم 183 مارس 2016م 50
[15] . قانون ضريبة القيمة المضافة، رقم 121/2020م، سلطنة عمان، مرجع سابق.
[16]. رمضان صديق الضريبة على القيمة المضافة في التشريع المصري والمقارن، مرجع سابق.
[17] . قانون ضريبة القيمة المضافة، رقم 121/2020م، سلطنة عمان، مرجع سابق.
[18]. الشافي، جلال، أساليب فرض الضريبية على المبيعات بحث مقدم للمؤتمر الضريبي الخامس بكلية التجارة جامعة عين شمس 1991م، ص 25.
[19]. عبد الحميد، أحمد ماهر، التشريع الضريبي المصري الكتاب الأول، ضريبة المبيعات وضرائب الدخل، مرجع سابق.
[20]. عيد، ياسر محمد، رؤية حول تقييم مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة، المؤتمر العلمي الضريبي الرابع والعشرين بعنوان دور الضرائب في تحقيق إستراتيجية 2030م، مجلة البحوث المالية والضريبية الجمعية المصرية للمالية العامة والضرائب، مايو 2016م.
[21] . قانون ضريبة القيمة المضافة، رقم 121/2020م، سلطنة عمان، مرجع سابق.
[22]. سلمي، عبد الستار عبد الحميد، الضريبة على القيمة المضافة، مرجع سابق.
[23] . قانون ضريبة القيمة المضافة، رقم 121/2020م، سلطنة عمان، مرجع سابق.
[24] . قانون ضريبة القيمة المضافة، رقم 121/2020م، سلطنة عمان، مرجع سابق.
[25]. النقلي، عاطف حسن، مبادئ الاقتصاد المالي، مكتبة النصر، 2001م، ص 366.