في الواجهةقانون الشغلمقالات قانونية

قراءة تحليلية في مضمون القانونين 98.15 و 99.15 الخاص بتأمين العمال غير الأجراء والمهنيين الذين يزاولون نشاطا مستقلا بالمغرب

من انجاز الباحث : عبد الرحـيم نايت مـوسى

تـــــــقــــــــــــديم :

شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة موجة من الإصلاحات الدستورية[1] و التشريعية والتعديلات التي همت العديد من المجالات ، حيث صدرت مجموعة من النصوص القانونية حاولت إدخال مستجدات ناظمة لعدة قطاعات حيوية داخل المجتمع لمواجهة رهانات و تحديات الألفية الثالثة و ما أفرزته من تداعيات خاصة على الصعيدين الاقتصادي و الاجتماعي ، وبالأخص ما يتصل منها بقطاعي التأمين و الشغل و نظم الحماية الاجتماعية .

إن التأمين كمبدأ حمائي أصيل في السياسيات العمومية ذات الطابع الاجتماعي ، استطاع أن يجد له موطأ قدم في عالم الشغل[2] ، و استهدف على الدوام تحقيق الحماية  و العدالة الاجتماعية ، و عمل على بث الثقة و الأمان في المستقبل لدى المواطنين ، فأصبح يعتبر عاملا مساعدا على الإنتاج و محافظا على القوى المنتجة ، الشيء الذي شجع حكومات الدول على تنظيمه في إطار القطاعين العام و الخاص على حد سواء، من خلال تشجيع المعنيين به على الانخراط فيه أحيانا أو فرضه عليهم  أحيانا أخرى ، و ذلك ضمانا لاستدامته و حفاظا على التوازنات المالية لصناديق الدولة .

ولما كانت الحاجة ماسة لدى شريحة واسعة من السكان النشيطين[3] لخدمات التأمين التي أضحت تتصل بأحوالهم المعيشية اليومية ، سارع المشرع بدوره إلى مسايرة هذا الاحتياجات و سن مجموعة من النصوص ذات الارتباط بقطاع التأمين ، و شجع الأفراد على الانخراط فيه ، فظهر عقد التأمين الذي يبرمه الراغبون في الاستفادة من خدماته لدى مقاولات التأمين الخاصة ، و كان وسيلة كفيلة للبعض منهم للتعويض عن خسائر تلحق أموالهم أو لجبر أضرار صحية ألمت بهم أو حتى للتوفير من أجل ضمان إيرادات و معاشات لطالبيها بوصفهم مؤمنين لهم عند بلوغ أجل معين غير أن التكاليف الباهظة و الشروط المجحفة و المبهمة التي تكتنف عقود التأمين التجارية لم تسعف الكثير من الأفراد ولم تشجعهم على الولوج إلى هذه الخدمات بسبب العوز أو التخوف من الخسارة أو الحرمان من الاستفادة نتيجة سقوط حقهم في التأمين لسبب أو لآخر .

لكن ميدان الشغل وما يميز علاقات العمل ذات الطابع المعيشي من خصوصيات [4] لم تكن تتماشى و المنطق الاختياري و الربحي المعروف لدى التأمينات التجارية، الشيء الذي فطن له المشرع المغربي ، و حاول احتواءه استجابة لمطالب الحركات الاجتماعية و النقابية بالبلاد ، فاصدر مدونة للشغل و قانونا للتعويض عن حوادث الشغل و عدل من مقتضيات القانون المتعلق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، كما أخرج حديثا مدونة للتغطية الصحية عدد 65.00 ، وذلك في محاولة جادة لاستكمال عناصر المنظومة الحمائية الاجتماعية الشاملة لكافة شرائح المجتمع .

غير أنه وبالرغم مما حققته مدونة الشغل من قفزة نوعية في مسار إصلاح علاقات الشغل الفردية و الجماعية ببلادنا ، و ما تضمنته من مقتضيات حمائية للأسرة الشغيلة في القطاع الخاص بكافة أطيافها و تشكيلاتها ، و كذا ما جاء به القانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل من أحكام اقتصرت الاستفادة منها على تأمين و تعويض ضحايا حـوادث الشغل و الأمراض المهنية حـصريا في صفـوف الأجراء ، دون تخويل هذه الإمكانية للعمال غـير المأجورين و المهنيين المستقلين ، رغم كونهم فاعلا أساسيا في عملية التنمية و خلق الثروة ببلادنا ، الشيء الذي ظلت تشتكي منه فئة واسعة من السكان النشيطين المغاربة الذين وجهوا سهام الانتقاد للمشرع بهذا الخصوص ، مستغربين استمرار هذا التمييز في حرمانهم من قوانين تضمن حقهم في التأمينات الاجتماعية و في التغطية الصحية .

إن هذه الشريحة التي يمثلها العمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين و كذا أصحاب المهن الحرة لم تسعفهم و إلى غاية الأمس القريب [5] قوانين الشغل و التأمينات التجارية التي انحصر نطاق تطبيق أحكامها ليشمل العمال الأجراء فقط و أشباههم ممن تجمعهم بالمشغلين علاقة إشراف و تبعية قانونية كانت أو اقتصادية ، بل ظل سعيهم للحصول على هذه الامتيازات و الخدمات رهينا بمدى يسرهم و مدى قدرتهم على اللجوء إلى التأمينات التجارية لدى الخواص من خلال إبرامهم لعقود تأمين متنوعة و شاملة [6].

و على الرغم مما يتميز به التأمين التجاري لدى شركات التأمين المغربية  من متانة و نمو و انتعاش على الصعيد الوطني في الوقت الحالي ، إلا أن تعدد حالات المنازعة بشأنه و تغليب المنطق المادي فيه على حساب الطابع الإنساني و الاحتياجات المعيشية التي تحرك أصحابه من المؤمنين لهم ، دفعت الحكومة المغربية ، وتحت وطأة بعض المطالب الشعبية [7]، إلى الاستمرار في ورش الإصلاح و تجسيد هذه الرغبة عبر تعديلات تشريعية همت قانونين إطارين و مندمجين يكفلان أخيرا لهاته الفئة من العمال حقهم في التأمين الاجتماعي الذي تتولى الدولة رعايته و مراقبته من خلال أحد أبرز مؤسسات الرعاية الاجتماعية ذات المنفعة العامة في البلاد والمتمثلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .[8]

و بالنظر إلى أهمية وكذا راهنية هذا الموضوع على مستوى الساحة التشريعية و القانونية بالمغرب ، يسعى العديد من الشراح و الدارسين إلى التصدي لهذه المستجدات القانونية بالدراسة و التحليل محاولين ما أمكن استجلاء مكامن القوة و الضعف فيها من أجل تجويد و تحسين المعيب منها وكذا حصر أهم ما تتضمنه من مقتضيات حمائية لفائدة الأشخاص غير الأجراء و المهنيين المستقلين إسوة بغيرهم من الأجراء ، في اتجاه الضغط للحصول على مزيد من المكتسبات و الحقوق لفائدة العمال غير الأجراء و أشباههم . فهل تمكن المشرع المغربي فعلا من خلال المنظومة القانونية للتأمين التجاري و الاجتماعي من إنصاف العمال غير الأجراء و الاستجابة لمطالبهم المعيشية و الصحية والاجتماعية المشروعة ؟ وإلى أي حد تجسد الإصلاح على مستوى القانونين 98.15 و 99.15  ؟

تلكم إذن هي الإشكالية المطروحة التي سنحاول مقاربتها من خلال الإجابة على عناصرها بناء على النصوص القانونية القائمة و ما هو متداول في مجال عقود التأمين ذات الصلة ، وذلك وفق منهج وصفي مشفوع بمقترب قانوني يعتمد كأساس له استقراء و تحليل المقتضيات التشريعية العامة منها و الخاصة .

و في سبيل ذلك سنتعمد خطة البحث التالية :

مـــــــــــــقـدمـة :

المبحث الأول : عقد التأمين التجاري للعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

المطلب الأول : إبرام عقد التأمين الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

المطلب الثاني : أحكام و مضمون عقد تأمين العمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

المبحث الثاني : نظام التأمين الاجتماعي الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

المطلب الأول : أحكام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

المطلب الثاني : مقومات نظام المعاشات الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

خـــــــــــاتـمـة :

الـــمـقـــــــــــدمـة :

تهدف التأمينات الخاصة والاجتماعية إلى توفير نوع من الأمن الاجتماعي لمجموع الأفراد الشغالين في المجتمع من المخاطر التي قد يتعرضون لها والتي من شانها أن تحول بينهم وبين الكسب و أداء العمل، الشيء الذي يعرضهم لمخاطر الحاجة والعوز.

و لما كان من أهم أسباب زعزعة الاستقرار الاجتماعي لأي دولة وجود شعور لدى المواطنين فيها- وخاصة السكان النشيطين- بالخوف من الغد المجهول و بمفاجأتهم أن هذه الدولة تتخلى عنهم عندما يكونون في أمس الحاجة لحمايتها حال تعرضهم لهذه المخاطر، سارعت كل دول العالم إلى ضمان هذه الأخطار وذلك عن طريق إقرار أنظمة للتأمينات بكل من القطاعين العام و الخاص ، وجعلت الانضمام إليها إجباريا بالنسبة للمعنيين بها ، حتى تكفل لهم بذلك الأمن و والطمأنينة ، و تحملهم على الاجتهاد و العطاء أكثر في عملهم دونما أدنى تخوف من احتمال الانقطاع عن الشغل نتيجة عجز مؤقت أو دائم قد يتصل أساس بظروف العمل ، وسواء تعلق الأمر بالمرض و الولادة أو بالعجز والبطالة و الشيخوخة و الوفاة…[9].

و لقد اهتدى الإنسان منذ القدم إلى اللجوء لعدة وسائل محدودة في سبيل الاحتياط من مكاره الحياة على غرار الادخار    و التكافل و التضامن[10]…طلبا لعيشة كريمة و لحماية مورد رزقه و صحة بدنه و كذا لضمان إعانات لأسرته بعد وفاته،    و ذلك قبل تدخل الدولة في هذا الخضم بسنها لنظم الحماية الاجتماعية والتأمينات من المخاطر .

إن الأهمية العلمية لهذا الموضوع تبقى إذن هي الدافع الأساس للبحث فيه ، و لكونها تتصل كذلك بالعدالة الاجتماعية من أجل تحقيق فعلي للإنصاف و لتكافؤ الفرص ، فماذا يمثل العامل غير الأجير غير أنه من مواطني هذا البلد، يساهم بدوره بطريقة أو بأخرى في تنميته و رواجه ، فلا ينبغي و الحال هذه أن يبقى محروما من حقه في الخدمات الإنسانية و الاجتماعية للدولة و التي تكون أساسا مدعومة بأموال الشعب .

و هكذا ارتبط حق العمال غير الأجراء و أشباههم في البداية في طلب الحماية بالالتجاء إلى شركات التأمين اختياريا[11] لإبرام عقود تهدف تأمينهم من المخاطر المهنية و من الحوادث أو المسؤولية المدنية عن النشاط المهني [12] ، و كذا للتأمين عن الحياة أو إنشاء تأمينات أخرى تروم الاستفادة من تقاعد تكميلي أو معاش عند بلوغ سن الشيخوخة…، لكن بمجرد صدور قانوني 98.15 و 99.15 ، أصبحت مسألة التأمين إجبارية ، واحتضن من خلالها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هذه الفئة من العمالة المستقلة ، فخصهم من جهة بالحق في التغطية الصحية و من جهة أخرى بالحق في معاشات التقاعد على غرار ما استفاد منه غيرهم من الأجراء الأوائل .

و للحديث بشيء من التفصيل عن هذه المقتضيات ، سنقسم هذا البحث إلى محورين ، نتحدث في محوره الأول عن عقد التأمين الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين ، فيم نتطرق في محور ثان إلى أهم المستجدات المتعلقة بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض و نظام المعاشات الصادر لفائدة ذات الفئة من الأشخاص غير الأجراء الذين يزاولن أنشطة حرة و خاصة .

 

محاور البحث :

– عقد التأمين التجاري للعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين .

– نظام التأمين الاجتماعي الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين .

 

 

المبحث الأول : عقد التأمين التجاري الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

تستند فكرة التأمين التجاري بالنسبة للمهن الحرة و الأنشطة المستقلة إلى وجود عقد يبرم بين طرفين ، طرف مؤمن تمثله شركات التأمين و طرف مؤمن له يتجلى في العمال المستقلين و الأشخاص غير الأجراء ، وهما الطرفان الرئيسان اللذان تنصرف إليهما آثاره ، و قد ينضاف إليهما شخص آخر هو المستفيد في حالة الاشتراط لمصلحة الغير . وينحصر غالبا موضوع العقد في تأمين الأشخاص من الإصابات و العجز و المرض و الوفاة و حتى من المسؤولية المدنية بسبب الدعاوى التي يقيمها الغير المتضرر عليهم . كما أن لعقد التأمين هذا أحكاما متعددة تختلف تبعا لمضمونه و لنوع الالتزامات و الشروط التي يدلي بها كل طرف ، و بناء على ذلك سنحاول الحديث عن حيثيات إبرام عقد التأمين في مطلب أول ، على أن نخصص المطلب الثاني لدراسة مضمون هذا العقد مشفوعا ببعض أحكامه .

المطلب الأول : إبرام عقد التأمين الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

قبل التطرق للحديث عن مضمون و أحكام عقد تأمين العمال غير الأجراء ، لا بأس من الإشارة في فقرة أولى إلى  معنى العامل غير الأجير و تحديد بعض مواقع الإشارة إليه ضمن النصوص القانونية ذات الصلة ، ثم المرور إلى معالجة حيثيات إبرام عقد التأمين الخاص بهذه الفئة من العمال في فقرة ثانية .

الفقرة الأولى : تحديد المقصود بفئة العمال غير الأجراء

يقصد بالعمال غير الأجراء في بعض التشريعات المقارنة [13] كل الأشخاص الذين يمارسون نشاطا مهنيا غير مأجور أو الأشخاص الذين يمارسون نشاطا مهنيا لصالحهم ولحسابهم دونما إشراف من أحد وبدون مقابل، كالتجار و المحامون، والأطباء و المقاولون الذاتيون [14]…الخ .

ويعرف سوق الشغل المغربي تشغيل فئات و أنواع متعددة من هؤلاء العمال ، سبقت مدونة الشغل للإشارة إلى شريحة مهمة منهم ، لكنها لم تحصر الجميع ضمن المستفيدين من أحكامها ، و تكفل القانون 98.15 [15] بالتنصيص لأول مرة على صنف العمال غير الأجراء من حيث إمكانية استفادتهم من التغطية الصحية الإجبارية على غرار باقي الشغالين . و قد حددت المادة 3 من ذات القانون نطاق تطبيقه في ثلاث مكونات [16] و هي :

  • المهنيون المستقلون .
  • العمال المستقلون .
  • الأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا .

و إذن يتعلق الأمر باستفادة شريحة واسعة من هذا النظام تمثل حوالي ستة ملايين مواطنة ومواطن مغربي وهو ما يناهز 53% من الفئة النشيطة العاملة [17]، والتي تغطي فئة أصحاب المهن الحرة مثل : الأطباء، والصيادلة، والمحامون، الموثقون، الخبراء المحاسبون والمهندسون المعماريون… ثم العمال المستقلون، و كذا الأشخاص الذاتيين الذين يمارسون نشاطا تجاريا أو فلاحيا، والعاملون غير المأجورين بقطاع النقل الطرقي الحاملون لبطاقة السائق المهني ، بالإضافة إلى  المسيرين لإحدى الشركات ،  إلى جانب كل من الصناع التقليديين والمقاولين الذاتيين .

 

الفقرة الثانية : إبرام عقد التـأمين الخاص بالعمال غير الأجراء  :

تتعدد مفاهيم التأمين لتشمل معان لغوية و أخرى اصطلاحية، فالتأمين لغة يعني طمأنة البال وإراحة النفس وزوال الخوف بتوفير حماية و ضمانة مستقبلية . أما التأمين من الناحية الاصطلاحية فيدل على أمرين : جانب قانوني يفيد تلك العلاقة القانونية القائمة بين طرفين هما المؤمن والمؤمن له، و التي تستهدف تعويض هذا الأخير عن الخسارة التي تحل به نتيجة وقوع الخطر المعين في العقد[18]،  أو تقديم خدمات عينية أو الوفاء له بمبالغ عند حلول أجل متفق عليه .

وهناك جانب فني أو تقني يعد أكثر اتساعا من الجانب القانوني، باعتبار التأمين يقوم على أسس علمية وفنية لا تتوفر في غيره من العقود العادية، فهو يقوم على فكرة التعدد والتعاون والتنظيم والإحصاء والمقاصة.

و بناء على ما سبق يكون التأمين إذن عـملية فنية وعلمية وليست مجرد عقد عادي يقوم على عناصر محدودة هي أطراف العقد والخطر والقسط، مما يجعل التعريفات المرتكزة على الجانب العقدي دون الفني توصف بالنقصان[19]  .

و لقد عرف بعض الفقه الفرنسي عقد التأمين بأنه: “عقد يتعهد بمقتضاه شخص يسمى المؤمن بأن يعوض شخصا يسمى المؤمن له عن خسارة احتمالية يتعرض لها هذا الأخير، مقابل مبلغ من النقود هو القسط الذي يقوم المؤمن له بدفعه إلى المؤمن[20]  “.أما المشرع المغربي فقد عرف عقد التأمين بموجب المادة الأولى من مدونة التأمينات [21]التي جاء فيها : ” عقد التأمين هو اتفاق مكتوب بين المؤمن والمكتتب من أجل تغطية خطر ما، ويحدد هذا الاتفاق التزاماتهما المتبادلة”.

و على أية حال ، يتم إبرام عقد التأمين ما بين المؤمن له والمؤمن، وهما الطرفان الرئيسان اللذان تنصرف إليهما آثاره، غير أن عقد التأمين يتعدد أشخاصه وذلك لأن أطرافا أخرى تتدخل في إبرامه  كوسطاء التأمين ، أو أغيارا يستفيدون من خدماته من غير المكتتب كما هو الحال مع أفراد أسرته و ذوي حقوقه .[22]

أطراف عقد التأمين :

يتكون عقد التأمين الخاص بالمهنيين المستقلين في العادة من ثلاثة أطراف و هي :

الــــمـؤمـن  : و المؤمن في التشريع المغربي، هو مقاولة معتمدة للقيام بعمليات التأمين، إذن فهو الطرف الذي يقوم بتنظيم عملية التأمين على شكل نشاط  يقو به شخص معنوي و هو الذي يطرح عقود التأمين للإبرام، ويجب أن يتخذ شكل شركة مساهمة أو شركة تعاضدية، وأن يحصل على اعتماد من طرف الإدارة، و ذلك بعد التأكد من أن الشركة قادرة من الناحية العملية على تحمل المسؤولية و حتى لا تكون معرضة لصعوبات المقاولة وبالتالي للتسوية والتصفية القضائية[23].

الـــمـؤمـن لـه : إن المؤمن له في عقد التأمين قد تكون له أكثر من صفة فقد يكون طالبا للتأمين و مستفيدا في ذات الوقت كالعامل أو الموثق أو المقاول نفسه… أو مكتتبا لصالح مستفيد من الأغيار من أجرائه أو وكلائه أو أفراد أسرته ، وقد يكون مؤمنا له على حساب شخص ثالث ، وقد يكون مستفيدا من عقد التأمين، وغالبا ما تجتمع هذه الصفات الثلاث في شخص واحد و يسمى بالمؤمن له ، و الذي يتم إبرام عقد التأمين لحمايته أو لحماية مصالحه[24] ، كما عرفه المشرع في المادة الأولى من مدونة التأمينات بالقول :” بأنه شخص طبيعي أو معنوي يرتكز التأمين عليه[25] أو على مصالحه”[26].

المستفـــــــــيد :عرفت المادة الأولى من مدونة التأمينات المستفيد على أنه : ” شخص طبيعي أو معنوي يعيينه مكتتب التأمين والذي يحصل على الرأسمال أو الإيراد المستحق من المقاولة المؤمنة” ، وعرفه الاجتهاد الفقهي بأنه :”الشخص الذي له الحق في أن يتلقى من شركة التأمين مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه أو عند حلول الأجل المتفق عليه في العقد”، وصفة المستفيد تكون للمؤمن له كرب الأسرة و رب العمل و صاحب المهنة الحرة  أو للغير الذي عينه المؤمن له أو المضرور من الحادث المؤمن منه[27] ، كالاشتراط لفائدة من يعول أو يشغل .

و كغيره من العقود لا يقوم عقد التأمين العمال غير الأجراء إلا بتوفر أركان العقد العادي كما نص عليها المشرع في الفصل الثاني من قانون الالتزامات والعقود، وهي الأهلية و الرضا والسبب والمحل، بالإضافة إلى الأركان الخاصة.  خصوصا ما يتعلق بالمحل المتكون من ثلاثة عناصر هي الخطر والقسط ومبلغ التأمين.

 

المطلب الثاني : مضمون عقد تأمين العمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

يعتبر التأمين بالمغرب قطاعا خدماتيا واسعا ومتنوعا، إذ يشمل التأمين على منتوجات مختلفة كالتأمين على السيارات، و على السكن، والتأمين عن الأمراض و عن الحوادث ، و التأمين على الحياة وتأمينات أخرى عن الشيخوخة و البطالة وفقدان العمل وكذا التأمين عن المسؤولية المدنية والمهنية …وغيرها من التأمينات التي تقوم بتوفير غطاء حمائي يعمل على التصدي لتأثيرات مختلف أنواع المخاطر التي قد يتم التعرض لها [28].

و تعتبر فئة العمال غير الأجراء فئة مستهدفة بخدمات التأمين شأنها شأن باقي فئات المجتمع ، و تتلقى بدورها جملة من التسهيلات و المعاملات التفضيلية في إطار سياسة استقطاب الزبناء التي تنتهجها شركات التأمين ، بحيث تحاول هاته الشركات ملاءمة سلة الخدمات التي توفروها مع احتياجاتهم الأساسية ، فيم يتصل بالتغطية الصحية و التقاعد و المسؤولية المدنية و المخاطر المهنية و فقدان الشغل…إلخ .

فبالنسبة للتأمين على الحوادث مثلا تحل شركات التأمين – بموجب العقد – محل العمال غير الأجراء في تحمل خسائر الحوادث المؤمنة عنها من خلال أداء تعويضات عن الأضرار المادية والجسدية الناتجة عن وقوع حادثة شغل مثلا أو حادثة طريق مفاجئة أو حريق أو أي خطر متفق على ضمانه ، وذلك حسب ما تعاقدوا عليه مع الشركة المؤمنة.[29]

وفي ما يخص التأمين عن المرض ، فهو عقد يلتزم بموجبه الشخص المؤمن بدفع أقساط التأمين إلى شركة التأمين، مقابل أداء تكاليف العلاج ، بالإضافة إلى خدمات أخرى كالاستشفاء و الترويض و استبدال آو تقويم الأعضاء…مع ضمانات تأمينية متعددة، إذ يمنح هذا النوع من التأمين عقدا واحدا تستفيد منه الأسرة بكاملها عن طريق ملء استمارة تتضمن كل أسماء أفراد الأسرة [30] .

ويمكن أيضا للمهنيين المستقلين و العمال غير الأجراء التأمين على الأشخاص، أي التأمين عن الأخطار التي تهدّد الشخص في حياته، أو في سلامة أعضائه، أو صحته، أو قدرته على العمل ، خصوصا أرباب العمل و المقاولين الذاتيين الذين لا ينخرطون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .

وبالنسبة للتقاعد تعمد الشركات كمبدأ عند إبرام العقد بتقديم امتيازات ضريبية مهمة كخصم المساهمات من الدخل الخاضع للضريبة وتطبيق ليونة في الأداء تصل أحيانا حتى بنسبة %40[31] ، إلى جانب مزايا إضافية لاستقطاب المزيد من المنخرطين[32] .

و أما بخصوص حلول تهيئ هذا التقاعد ، فقد استطاع كذلك عقد التأمين التجاري توفير هذه الخدمة للعمال غير الأجراء الذين لم يكن بوسعهم تحصيل هذا الامتياز من صناديق الدولة إلى غاية وقت قريب[33] ، حيث تقوم شركات التأمين بوضع حلول أساسية و أخرى تكميلية تجمع بين السهولة و المرونة من أجل تشجيعهم على الادخار للتقاعـد،   و ذلك بطبيعة الحال تماشيا مع القدرة الشرائية للراغبين في هذه الخدمات ، حيث يتم تهيئ مبالغ مالية على شكل رأسمال للمعاش يتراكم بشكل تدريجي بناء على مبلغ مساهمات الادخار و دورية دفع الأقساط [34] التي تيم الاتفاق بشأنها مع المستفيدين عند بلوغهم سن التقاعد .

و في المقابل يحق للمؤمن لهم الحصول على مدفوعات في الآجال المحددة بموجب العقد تكون مشمولة بجملة من الضمانات متعلقة بطرق صرف تلك المعاشات والتي نذكر منها ما يلي :

  • أداء مبلغ أو رأسمال إضافي في حالة عجز مطلق و دائم أو في حالة الوفاة لذوي الحقوق إضافة إلى نسبة من معاش التقاعد عند بلوغ المؤمن له سن معين [35] .
  • إدخال تأمين شامل لفائدة أفراد الأسرة مع ملحقات العقد الأصلي .
  • مكافآت و علاوات مالية تحفيزية من أجل التشجيع على الاستمرار في الادخار .
  • الاستفادة من مبلغ مالي على شكل رأسمال في حالة عجز أو وفاة نتيجة حادثة ما .
  • تعويض مصاريف البحث والإسعاف ونقل الجثمان على إثر حادثة مشمولة بالضمان .
  • تعويضات يومية تدفع للمؤمن له أو لزوجه في حاله توقفه عن العمل نتيجة حادثة ما أو مرض …

وتجدر الإشارة إلى أن بعض الشركات أيضا تقدم ضمانات إضافية في صلب العقد[36] أو في اتفاق ملحق به ، وذلك من أجل إرضاء زبنائها من العمال المستقلين الذين يزاولون نشاطا خاصا، بشكل يتلاءم و إمكانياتهم المادية، بحيث تتوزع بين “ضمان الخسائر” مثلا ، و”ضمان الحماية القانونية “[37]، و”ضمان التعويض السريع “[38] وغيرها… ويمكن للزبناء الحاصلين على مثل هذه الضمانات من تأمين جميع الجوانب الأخرى التي يغطيها العقد الأصلي لكن مع تحديد رصيد مالي من اختيار المؤمن لهم يكون بمثابة سقف يحكم مبلغ التعويض .

و من جهة أخرى تنفرد بعض المقاولات بعروض تأمينية مبتكرة [39] ، من خلال اقتراح عقود بخدمات جديدة، فنجدها مثلا تقترح على أرباب العمل ما يعرف بعقد “التأمين المهني المتعدد المخاطر” وهو تأمين شامل يشمل جميع الأنشطة المهنية التي يمارسها التجار و الحرفيين و الفلاحين و كذلك مقاولي البناء و الأشغال العمومية بالإضافة للمهن الحرة ، و يغطي هذا العقد كافة الأملاك الخاصة بالمشروع بما في ذلك أبنيتها وأثاثها المهني وأدوات التشغيل فيها، كما يضمن المسؤولية تجاه الآخرين ، و يستهدف الحماية من المخاطر المعتادة كالحريق والانفجارات و الكوارث الطبيعية والسيول والسرقة…[40]

فعلى سبيل المثال ومن باب تأمين الحلول المهنية ، فقد يندلع حريق في مكتب موثق بسبب عطب كهربائي بالحاسوب، فيخلف أضرارا بدنية ومادية جسيمة، و أمام هذا الوضع يطالب الموثق المؤمن له بالحصول على تعويضات من أجل مواجهة ما نتج عن هذا الحادث من أضرار ، و يتسنى له الاستفادة بالتالي دون التأثير على مركزه القانوني و المالي تجاه الأغيار [41].

و من جهة أخرى تحاول مقاولات التأمين تعزيز تنافسية منتوجاتها أمام عروض و خدمات المقاولات الأخرى عن طريق فوائد تميز عقد التأمين الذي تطرحه للسوق ، و من ذلك نجد مثلا : تسعيرة تنافسية –  تسهيلات في أداء الأقساط –  صيغ تأمين مرنة و قابلة للتغير تكون موجهة على مقاس كل نشاط مهني على حدة –  عقود قابلة للاستجابة الفورية لتطور النشاط المهني للمؤمن له…

و مهما كانت الأحكام التي يتميز بهذا عقد التأمين، فإنه يبقى نسبيا و بعيدا عن توفير الحماية الكافية و الشاملة التي تضمن للعامل و المهني خدمات شفافة ومضمونة الحصول عليها حتى في حالة المنازعة ، الشيء الذي لا يتحقق دائما حيث تبقى شركات التأمين هي الطرف القوي في هذه المعادلة و يمكنها في أي وقت ممارسة جميع الدفوع القانونية للحيلولة دون تمكين المؤمن له من الاستفادة من مقتضيات عقد التأمين الذي أبرمته معه [42]. لذلك كان لزاما على المشرع المغربي أن يسن تشريعات جديدة تمنح الحد الأدنى من الرعاية الاجتماعية ذات الطابع المعيشي لفائدة هؤلاء العمال و المهنيين المستقلين إلى جوار حقهم في اختيار الاستفادة من عقود شركات التأمين في إطار خدمات تكميلية .

فما هي إذن أهم مستجدات قطاع التأمين الاجتماعي الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين بالمغرب ؟

المبحث الثاني : نظام التأمين الاجتماعي الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

إن الاهتمام بإقرار و تفعيل نظم الحماية الاجتماعية ضمن السياسات العمومية للبلدان و خاصة في ميدان التغطية الصحية و الرعاية الطبية للمواطنين  وكذا حماية الشيخوخة بإقرار أنظمة لمنح رواتب المعاش، ليشكل أولوية الأولويات في البرامج الحكومية للدول قاطبة ، بنجاحها تزاد شعبية و مصداقية مسؤوليها ، و بالحرص على تتبع تطبيقها و استدامة خدماتها تتحقق العدالة الاجتماعية والسلم الاجتماعي المنشودين .

وقد أصبح الحق في الصحة و الرعاية الطبية في ظل السيرورة التاريخية للنضالات الشعبية المطالبة بتعزيز و تكريس ثقافة حقوق الإنسان في الواقع المعيش ، من المكاسب الحيوية لشرائح واسعة من المجتمع باعتبارها أحد الحقوق الأساسية المعترف بها دوليا، جاء التنصيص عليها في صلب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ذاته .[43]

وبالإضافة إلى كون الصحة حق من حقوق المواطنة، فهي مسؤولية مصيرية للسلطات العمومية، وذلك باعتبارها قطاعا منتجا يجب أخذه بعين الاعتبار عند أي تخطيط للسياسة العامة للبلاد، وهذا ما أكدته إحدى الحكومات المغربية[44] السابقة والتي جاء على لسان وزيرها في الصحة آنذاك: ” بأن أكبر خطأ قد تقع فيه أي حكومة أو دولة هو أن تعتبر قطاع الصحة قطاعا استهلاكيا، فإن هذه النظرة نظرة متأخرة لا تنفذ إلى عمق الأمور”.[45]

إلا أنه لا يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية ما لم يكن بإمكان المواطنين، بمختلف شرائحهم، الاستفادة من الخدمات الطبية الضرورية، بحيث أن كل تدبير أو إجراء اقتصادي أو سياسي ناجح ينبغي أن يتضمن بعدا صحيا. فتحسن المستوى الصحي للمواطنين ينعكس إيجابا على المردودية  والإنتاجية داخل البلاد بالنظر إلى ارتباط ذلك بالقضاء على البطالة، و حفز الاستثمار، و التحكم في النمو الديمغرافي ، و محاربة الفقر والتهميش والإجرام ، و المحافظة على البيئة…إلى غير ذلك من الحسنات .

المطلب الأول : أحكام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

لقد تعززت السياسات العمومية المهتمة بالرعاية الصحية بالمغرب مع التوجيهات الملكية السامية لخطاب العرش منذ سنة 1993 و التي حث فيها جلالته أعضاء الحكومة بالإسراع في إخراج خدمات الورش المهيكل لقطاع الصحة العمومية إلى حيز الوجود، بحيث عقدت آمال كبيرة على إصلاح نظام التغطية الصحية، وعرض هذا المشروع الإصلاحي على حكومة التناوب التوافقي والتي راهنت على استراتيجية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ثم تتبعته الحكومات المتعاقبة بعد ذلك ، إلى أن فعلته الحكومة الحالية بنصوص تنظيمية وتطبيقية ، وذلك في أفق توسيع خدمات هذا الورش الاجتماعي و الإنساني الذي يستهدف الساكنة الهشة  بالدرجة الأولى .

ومن ثم كان اهتمام المشرع المغربي ببلورة منظومة متكاملة للرعاية الصحية، وذلك بإصداره مدونة للتغـطية الصحية الأساسية في 3 أكتوبر 2002 ، والتي تتأسس أساسا على عنصرين لمنح الرعاية الصحية : نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض و نظام المساعدة الطبية .

إن هذا النظام الخاص بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض أصبح اليوم يغطي شرائح واسعة من المواطنين ،       و ازداد اتساعا بعدما أدمج فئة العمال المستقلين [46] بدورهم ضمن لوائح المستفيدين من الخدمات التي ترعاها الدولة

و بذلك تكون الدولة قد حققت نقلة نوعية في باب إصلاح التشريع الاجتماعي بشكل عام عبر التخلي عن النظام الاختياري للتأمين عن المرض، واستبداله بالنظام الإجباري الأساسي للتأمين ، ولعل ذلك راجع أساسا إلى النتائج الايجابية التي توج بها .

وللحديث أكثر عن موضوع التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة العمال غير الأجراء[47] ، سنتطرق في فقرة أولى إلى نطاق و شروط تطبيق هذا التأمين ، ثم نشير في فقرة ثانية إلى التنظيم الإداري والمالي و كذا إلى أهم الخدمات التي يؤديها هذا النظام .

الفقرة الأولى : نطاق و شروط تطبيق نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالعمال غير الأجراء

عملت وزارة الصحة منذ سنة 2012 بجهود حثيثة لتعميم التغطية الصحية الشاملة [48] ، إيمانا منها بأن هذه التغطية هي الحل الوحيد لضمان ولوج كافة المواطنات والمواطنين إلى الخدمات الصحية.

وتأتي عملية التعميم هذه في إطار توسيع نطاق الرعاية الصحية الأساسية [49] ، بغية تخويل الاستفادة منها لكل شرائح المجتمع، وتكريس مبدأ الحق في الصحة تماشيا مع مقتضيات الدستور المغربي[50] .

و في هذا الصدد فقد خرج إلى الوجود القانون 98.15 بمثابة نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالمهنيين المستقلين ، و ذلك بعد تمام المصادقة عليه من طرف البرلمان بغرفتيه ليشمل فئة المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا والذي سيهم 11 مليون عاملا من ساكنة المملكة أي ما يمثــل %30 من الساكنة بحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط [51] .

وسيستفيد من هذا النظام، الذي يأتي متجاوبا مع توصية هيئة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، مهنيو الصحة في القطاع الخاص؛ والأشخاص الذين يمارسون بقطاع التجارة أو الفلاحة أو قطاع النقل أو الصناعة التقليدية، وكذلك الأشخاص الآخرين غير الأجراء، الذين يمارسون لحسابهم الخاص نشاطا مدرا للدخل، شريطة أن يكونوا غير خاضعين لأي نظام آخر للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض . ومن مزايا هذا التأمين أنه :

  • لا يحدد هذا النظام سقفا معينا للتعويض عن المرض بخلاف ما هو معمول به في وكالات التأمين الخاصة .
  • يعـوض هذا النظام عن جميع الأمراض حتى ولو كانت تلك الأمراض ثابتة و سابقة عن تاريخ الانخراط .
  • أن هذا القانون جاء في إطار الحماية الاجتماعية الذي يضطلع بها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، ما يعني ضمان الجمع بينها و بين الاستفادة من التقاعد.
  • أن جميع الفئات المعنية بهذا النظام، ملزمة بأداء واجبات الانخراط [52] ، و ستستفيد من نفس سلة العلاجات المكفولة لباقي الفئات الأخرى .
  • سيتم تدبير هذا النظام بكيفية مستقلة عن الأنظمة الأخرى مما يقـيه من خطر الأزمات أو الإفلاس .

وتجدر الإشارة إلى أنه سيتم اعتماد مبدأ التدرج في تفعيل هذه التغطية الصحية، إلى جانب تحديد الاشتراك على أساس دخل جزافي مطبق على الصنف أو الصنف الفرعي الذي ينتمي إليه المستفيد،  وذلك مع العلم أن تنزيل هذا القانون الجديد سيؤطر بنص تنظيمي ، و سيتم إسناد تدبير هذا النظام إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بصفة مستقلة عن تدبير باقي الأنظمة بمعنى أن الصنف أو الأصناف التي ستكون جاهزة ستدخل ضمن هذا النظام هي الأولى بالأسبقية ، وبذلك سيتم تنزيل هذا النظام بطريقة تشاركية مع جميع الفرقاء.

وبهذا نسجل بأن وثيرة تعميم التغطية الصحية في بلادنا جاءت في زمن قياسي، أي في أقل من 5 سنوات، وبفضل هذا الإنجاز يسير المغرب بخطى ثابتة في اتجاه الوصول إلى التغطية الصحية الأساسية لأكــثر من %95 من الساكنة كما هو مبرمج له .

و من جهة أخرى ، فقد حدد القانون 98.15 بعض الشروط الشكلية و الموضوعية الجوهرية من أجل منح المعنيين الحق في الانخراط و المساهمة و كذا الاستفادة من خدمات هذا النظام[53] ، حددها على سبيل الحرص ضمن مقتضيات متفرقة ، نستطيع اكتشافها باستقراء مضمون المواد من  3 إلى غاية المادة 14 .

و هكذا نص المشرع على أن الاستفادة من نظام التأمين سيشمل أساسا الفئات المذكورة في المادة 3 ، بحيث ينبغي على الأشخاص أن يزاولوا أنشطتهم بصفة مستقلة وخاصة وغير تابعين لأي مشغل، و شريطة عدم خضوعهم لأي نظام آخر للتأمين الأساسي عن المرض[54] ، بالإضافة إلى عدم استفادتهم من نظام المساعدة الطبية  “راميد” RAMED [55] .

و نصت المادة 7 و ما يليها على أهم قواعد التسجيل و التي جاء فيها على أنه يتعين على كل شخص استوفى الشروط المحددة أن يطلب بنفسه تسجيله لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي . هذا الأخير يعمل على تثبيت انخراط المعنيين بالأمر و تسليمهم بطاقة التسجيل .

و في حالة رفض الصندوق الاستجابة لطلب معـين ، فيجب أن يكون هذا الرفض معــللا تحت طائلة المــسؤولية       و التعويض عن الضرر الناتج عن التعسف و الشطط في استعمال السلطة [56].

و يباشر كذلك الصندوق عملية التسجيل التلقائي بناء على التحريات التي يقوم بها مفتشوه المؤهلون ، حيث يوجه إشعارا عن طريق البريد المضمون إلى عنوان كل شخص يثبت لديه أنه مستوف للشروط النظامية و غير منخرط ويدعوه فيها إلى تقديم طلب تسجيله ، و في حالة عدم الاستجابة داخل أجل 30 يوم من تاريخ الإعلام تقوم هذه الهيئة بمباشرة التسجيل التلقائي و مطالبته بمساهمات الانخراط غير المؤداة، غير أنه يحق للمعني بالأمر ممارسة الطعن داخل أجل 6 أشهر أمام اللجنة المحدثة لذلك من طرف ذات الصندوق [57].

كما و يشترط بعد تمام عملية التسجيل ، ومن أجل تخويل الحق في الاستفادة لكل معني بالأمر من مدفوعات الصندوق  أن يحترم هذا الأخير المقتضيات المنصوص عليها في كل من المواد 12 و 13 و 14 من هذا النظام ، ويتعلق الأمر بالضوابط التالية :

  • على كل مؤمن دفع الاشتراكات بانتظام داخل الآجال المحددة قانونا .
  • ضرورة الأداء المسبق لمبالغ الاشتراك قبل الحق في الاستفادة تحت طائلة توقيف تقديم الخدمات تلقائيا .
  • عدم انقطاع المنخرط عن مزاولة المهنة أو النشاط الاعتيادي لمدة متصلة تفوق 6 أشهر[58] .

و تجدر الإشارة إلى ضرورة إخبار كل منخرط بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بكل تغيير في عنوان أو محل إقامة المنخرط و كذا كل ما يستجد بخصوص وضعيته العائلية و المهنية أو لأفراد أسرته .

ومن جهة أخرى ، و تماشيا مع حق الإدارة في الولوج للمعلومة طبقا للقانون ، فقد نصت المادتان 10 و 11 من القانون 98.15 على مكنة غاية في الأهمية تسمح للجهاز الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتجميع قاعدة بيانات خاصة بكل مستفيد بشكل سليم و مضبوط و قابلة للتحـيين بشكل دوري ، و ذلك من خلال تكليف كل سلطة حكومية أو جماعة ترابية أو أية مؤسسة عمومية [59] تتولى تنظيم و مراقبة قطاعات الأنشطة أو المهن التي ينتمي إليها هؤلاء العمال ، إلى جانب تكليف كل أنواع الهيئات التمثيلية للعمال غير الأجراء [60] إلزامـيا بموافاة الصندوق بجميع المعطيات الشخصية والمهنية المتوفرة لديها بخصوص كل شخص من الأشخاص الخاضعين لهذا النظام تحت طائلة تحميلهم مسؤولية عرقلة السير العادي لنشاط هذا المرفق العام [61].

الفقرة الثانية: التنظيم الإداري والمالي والخدماتي لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض للعمال غير الأجراء

يدبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئة العمال غير الأجراء كغيرهم من الفئات التي تنضوي في إطار القطاع الخاص. و يتكون مجلس إدارة هذا الصندوق من مجموعة من الأعضاء منهم من يمثل الدولة والباقي يمثل الأجراء والمشغـلين.

ويتمتع مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعدة صلاحيات لقيامه بتدبير التأمين الإجباري الأساسي عن المرض . و عليه سندرس هذه الفقرة من خلال بندين، نخصص البند الأول للأجهزة الإدارية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ونتناول في البند الثاني اختصاصات مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .

1- الأجهزة الإدارية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و اختصاصاتها :

تنص المادة 76 من مدونة التغطية الصحية الأساسية، على أن المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يختص بالنظر في جميع المسائل المتعلقة بتدبير نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الذي يباشره الصندوق المذكور، ويقوم بالبت في القضايا المرتبطة بذلك [62].

و بالرجوع إلى المادة 1 من مرسوم رقم 1023-04-2 صادر في 7 محرم 1426، والموافق لــ 16 فبراير 2005 لتطبيق أحكام المادة 77 من القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية بشأن مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، نجد أن مما جاء فيها : “…يتكون المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عندما يدعى للنظر في المسائل المتعلقة بتدبير نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، بالإضافة إلى ممثلي الأجراء وأرباب العمل المعنيين ….” من ممثلي الإدارة التالية  بيانهم :

  • ممثل واحد عن مصالح الوزير الأول .
  • ممثلين اثنين عن الوزارة المكلفة بالتشغيل .
  • ممثل واحد عن كل وزارة من الوزارات المكلفة بالمالية والصحة والفلاحة والتجارة والصناعة .
  • مدير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي أو ممثله .
  • يعين عضو نائب عن كل عضو رسمي .

ويتم تعيين الأعضاء ممثلو الدولة لمدة ثلاثة سنوات بمرسوم يتخذ بناء على اقتراح من السلطات الحكومية المعنية [63]. كما يعين الأعضاء الذين يمثلون الأجراء والمشغلين لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير الشغل، وباقتراح من المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا، ويجب أن تقدم الاقتراحات المذكورة في أجل شهر يبتدئ من تاريخ الطلب الذي يوجهه في هذا الشأن الوزير المكلف بالشغل إلى المنظمات المعنية بالأمر، وفي حالة عدم الجواب في الأجل المحدد، يعين تلقائيا الأعضاء الممثلون للأجراء والمشغلين بقرار لوزير الشغل.

إلا أنه ولأجل قبول عضوية الممثل[64]  يجب أن تتوفر فيه عدة شروط تتمثل فيما يلي :

  • ألا يقل عمر العضو عن خمسة وعشرين سنة.
  • ألا يكون قد صدر بشأنه حكم نهائي بعقوبة جنائية أو عقوبة سجن دون إيقاف التنفيذ من أجل جناية أو جنحة باستثناء الجرائم الغير العمدية .
  • ألا يوجد في وضعية غير قانونية تجاه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خصوصا فيما يتعلق بالانخراط وتسجيل الأجراء أو أداء واجبات الاشتراك المستحقة.

وبما أن المشرع المغربي قد اكتفى بهذه الشروط من أجل العضوية داخل المجلس الإداري، فإنه أغفل شرطا أساسيا، والمتعلق بالكفاءة، بحيث إن الظهير المتعلق بالضمان الاجتماعي، وكذا مدونة التغطية الصحية لم يتطرقا إلى هذا الشرط، إذ أن المجلس يتخذ قرارات حاسمة وله صلاحيات مهمة يكون لها تأثير على السير المالي والتقني للصندوق، والتي يتعين لسلامتها أن تتخذ بناء على كفاءة واهتمام واع بالمشاكل التي يثيرها التسيير والتدبير.

و بذلك فقد احتفظ المشرع المغربي بنفس التركيبة الإدارية للمجلس المنصوص عليها في إطار المادة 77 من مدونة التغطية الصحية، و تلك المشار إليها في ظهير 27 يوليوز 1972 المتعلق بالضمان الاجتماعي، إلا أنه استحدث عضوا جديدا في هذا المجلس، والأمر يتعلق هنا بمدير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي [65].

وإلى جانب مجلس الإدارة تتدخل لجنة التسيير والدراسات في تسيير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي [66] ، وتعتبر هذه اللجنة في الواقع هيئة مصغرة منبثقة عن المجلس الإداري، وقد تم إنشاؤها بعد ما تبين أنه من الصعب على المجلس المذكور أن يجتمع بالعدد الكافي من المرات لتسيير الصندوق تسييرا حسنا .

ويعهد إلى هذه اللجنة بمهمة تسيير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك خلال الفترات الفاصلة بين دوراته العادية، بل ولها صلاحية النظر في القضايا التي تحال عليها من طرف المجلس الإداري .

و أما بالنسبة للنظام المالي لهذا الصندوق فإننا و بالرجوع للحيثيات المتعلقة بالموارد المالية[67] للضمان الاجتماعي المنصوص عليها في ظهير27 يوليوز 1972 نجد أنها واردة على سبيل الحصر في الفصول من 18 إلى 31 منه هي :

  • الاشتراكات الواجب أداؤها و الزيادة المفروضة في حالة التأخر عن أداء الاشتراكات .
  • المتحصل من الأموال الممكن توظيفها .
  • الهبات و الوصايا .
  • الموارد الأخرى المخصصة للصندوق بموجب تشريع خصوصي .

 

والواقع أن هذه الموارد ليست كافية بالمرة ولا تضمن التوازنات المالية للصندوق على المدى البعيد أو في حالة الأزمات، وهذا الأمر يطرح أيضا على مستوى تمديد الاستفادة أو الزيادة في مدفوعاتها أو حتى توسيع سلة خدماتها.

2- اختصاصات مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و خدماته الصحية  :

لقد نص المشرع المغربي في الفصل 9 من ظهير 27 يوليوز 1972 على جملة من اختصاصات هذا المجلس وذلك بما يلي : “يتمتع المجلس الإداري بجميع السلطات والاختصاصات اللازمة لإدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي…” .

 

و عليه ، فإنه يبث بمداولته في القضايا العامة التي تهم الصندوق، و خاصة :

  • المصادقة على برنامج العمل السنوي للصندوق .
  • حصر حسابات الصندوق برسم السنة المالية المنصرمة .
  • المصادقة على ميزانية الصندوق برسم السنة المالية الموالية .
  • المصادقة على التقرير السنوي للمدير العام برسم أنشطة الصندوق .
  • الترخيص لاقتناء  وتفويت العقارات والمنقولات .
  • كما يمكن له أن يمنح إعفاءات من الزيادات عن التأخير و صوائر المتابعات المنصوص عليها في ظهير 27 يوليوز 1972 .
  • تقديم اقتراحات بشأن تقرير رواتب الزمانة والشيخوخة وذوي الحقوق .

وبالرجوع إلى قانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية نجد أن المادة 77 منه تنص على ما يلي :

“.. ويجتمع المجلس كلما استلزمت الظروف ذلك، ومرتين على الأقل في السنة للقيام على وجه الخصوص بما يلي:

  • حصر القوائم التركيبية للسنة المحاسبة المختتمة.
  • دراسـة وحصر ميزانية وبرنامج السنة المحاسبية المالية [68]. وتحدد إجراءات تطبيق هذه المادة بنص تنظيمي” [69].

إلا أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي اتخذ مجموعة من التدابير من أجل العمل على تدبير نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض والتي تتمثل أساسا في :

  • إحداث مديرية جديدة مكلفة بتدبير التأمين الإجباري الأساسي .
  • خلق فضاءات استقبال تتكفل باستقبال المؤمنين في كل الوكالات التابعة لهذا الصندوق .
  • إنشاء مجموعة من الوكالات ما بين 2004 و 2010 .
  • الاهتمام بتكوين و تأهيل الموارد البشرية، و كذلك بتوظيف عدد مهم من المستخدمين الجدد، واستقطاب كفاءات عالية على المستوى المركزي والمحلي ذات الدراية بتقنيات تسيير التأمين الإجباري الأساسي عن المرض و مساطره ، وآليات تدبير نظام الضمان الاجتماعي و نظمه المعلوماتية ، وعموما بكل ما يتعلق بإدارة هذه الهيئة .

و من جهة أخرى ، فتتنوع الخدمات الصحية المكفولة بمقتضى النظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض[70] ، والتي يسهر صندوق الضمان الاجتماعي على منحها للمؤمن لهم في حالة تحقق شروط الاستفادة لديهم ، و من هذه الخدمات نجد ما يلي [71] :

  • الخدمات الطبية الناجمة عن مرض أو حادثة أو ولادة أو تأهيل طبي أو وظيفي [72].
  • التحمل بنفقات العلاج واسترجاع المصاريف الاستشفائية بعد مرور فترة التدريب والتي حددتها في 6 أشهر تبدأ من التاريخ الذي يسري فيه آثار التسجيل في هذا النظام .
  • التعويض عن التوقف عن مزاولة العمل بسبب مرض مزمن طويل الأمد يشكو منه المنخرط أو أحد من ذوي حقوقه أن كان كذلك مصابا بمرض طويل الأمد أو مرض يترتب عنه عجز، أو مرض يستلزم علاجا خاصا ومكلفا .

المطلب الثاني : مقومات نظام المعاشات الخاص بالعمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين

صدر إلى حيز التطبيق القانون الخاص بتوفير معاشات التقاعد لفائدة العمال المستقلين غير الأجراء[73]  والذين كانوا مستثنون من بعض المقتضيات الحمائية التي جاءت بها مدونة الشغل ، ويتعلق الأمر بالقانون 99.15 بمثابة نظام للتقاعد لفائدة المهنيين و العمال المستقلين، و هو نظام تقاعد يشمل حوالي 55% من الفئة النشيطة العاملة المغربية ،   و يأتي هذا المشروع تنزيلا للالتزامات التي تعهدت بها الحكومتين الأخيرتين[74]  في برامج عملهما الحكومي للفترة الأولى من 2012 إلى غاية 2017 ، و كذا تفعيلا للبرنامج الحالي لحكومة الدكتور سعد الدين العثماني لفــــــترة 2017 – 2021 .

وللتذكير تم إحداث لجنة بين- وزارية للتنسيق بين فعاليات هذا النظام ، و كلفت بإصلاح منظومة التغطية الصحية الأساسية ، و التي قررت في اجتماعها ليوم 29 دجنبر 2014 إحداث نظام للحماية الاجتماعية للعمال المستقلين وأصحاب المهن الحرة . و في يوليوز 2015 ، تمت إحالة هذا المشروع على الأمانة العامة للحكومة. و في 7 يناير 2016 صادق المجلس الحكومي على مشروع قانون 98.15 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وعلى مشروع قانون رقم 99.15 المتعلق بالتقاعد .

و في 25 ماي 2016 قدم المشروع بمجلس المستشارين و استمرت المناقشة التفصيلية بشأنه بلجنة المالية و التخطيط و التنمية الاقتصادية إلى غاية 10 يوليوز 2017 ، حيث تمت مصادقة مجلس المستشارين علـــيه بتاريخ 2 غشت 2017 و إحالته بعد ذلك على لجنة المالية و التنمية الاقتصادية بمجلس النواب نهاية غشت 2017 .

فما هي أهم الأهداف و الأسس و الخدمات المكفولة بموجب هذا القانون ؟

الفقرة الأولى : أهداف المشروع و نطاق تطبيقه

لقد صرح المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[75] بأن هذا المشروع أو المنظومة الجديدة ستهم الأشخاص الذين يشتغلون لحسابهم الخاص من أطباء وباعة وسائقي سيارة الأجرة، لأن هذه الفئة غير مشمولة بنظام الحماية الاجتماعية.

كما أن هذا النظام الذي اشتغل عليه الصندوق مع كافة القطاعات الحكومية المعنية و الفرقاء يروم خلق منظومة جديدة لتوسيع خدمات الصندوق لتشمل فئة غير الأجراء من أجل الاستفادة من حماية اجتماعية وتأمين صحي ومن منظومة التقاعد. و لعل هذه المنظومة الجديدة تشكل تطورا هاما بالنسبة لعموم المغاربة، بالنظر إلى أن فئة غير الأجراء تشكل شريحة واسعة وعريضة من المواطنين المغاربة، مع العلم أن الصندوق قام بتوسيع سلة الخدمات بالنسبة للتأمين الصحي الإجباري منها على الخصوص عبر إدماج خدمتي علاج الأسنان والتعويض عن فقدان الشغل الذي يستفيد منه المصرح بهم في الصندوق.

بالإضافة إلى ذلك فأن التعويض عن فقدان الشغل يروم مرافقة الأجير الذي فقد عمله بشكل لا إرادي وانخرط في بحث جدي عن عمل جديد، حيث يضمن له تعويضا لفترة يمكن أن تصل إلى 6 أشهر، و خلال هذه الفترة يجب على العامل أن يخضع لبرنامج إعادة التأهيل، إذا ما استدعى الأمر ذلك، من أجل إعادة إدماجه في سوق الشغل.

و تنص المادة 1 من القانون 99.15 على أنه يتم إحداث نظام للمعاشات لفائدة المهنيين و العمال المستقلين و الأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، يعرفون باسم المنخرطين و يخضعون بصفة إلزامية لهذا النظام .

هذا و يحدد بمرسوم يتخذ بعد إجراء مشاورات مع الفئات المعنية و الفرقاء الاجتماعيين كيفيات تطبيق نظام المعاشات المحدث بموجب هذا القانون .

الفقرة الثانية :  قواعد التسجيل و نوع الخدمات الممنوحة

يخول الانخراط للفئات المذكورة على سبيل الحصر في المادة 2 من القانون 99.15 ما لم يكونوا ذووا دخل جزافي لا يتجاوز المبلغ المشار إليه في المادة 15 من ذات القانون و الذي يتم تحديده بناء على نص تنظيمي[76] .

و يتقدم كل شخص من الفئات العمالية المعنية بهذا القانون بطلب الانخراط عندما يستوفي الشروط القانونية المطلوبة برسم نظام المعاشات و إلا فيتم تسجيله تلقائيا على أساس طلب التسجيل الذي تقدم به المنخرط مسبقا للاستفادة من نظام التأمين الاجتماعي عن المرض الخاص بهذه الفئات .

هذا و يشترط على كل منخرط لتخويله حق الاستفادة أن يدفع بانتظام إلى الصندوق الوطني مبلغ الاشتراكات المستحقة خلال الآجال المحددة ، و يتم تحديد الاشتراك برسم هذا النظام على أساس الدخل الجزافي المطبق على كل صنف من المعنيين[77] . هذا وتحدد الآجال الخاصة بهذه الإجراءات و كذا قيمة المداخيل الجزافية بنص تنظيمي.

و لقد حدد النظام كذلك شرط السن في حدود 65 سنة ، حيث تنص المادة 24 أن لكل شخص بلغ سن 65 الحق في معاش الشيخوخة ، و يحتسب على أساس مجموع النقط التي اكتسبها خلال فترة عمله [78].

و بالرجوع إلى سلة الخدمات المكفولة بموجب هذا القانون ، نجد المادة 18 تنص على أنه يهدف هذا النظام إلى تأسيس حقوق لأداء معاش الشيخوخة و معاش المتوفى عنهم ، و يتم تقييد هذه الحقوق مبدئيا لفائدة كل منخرط عند تحصيل الاشتراكات من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، و هي كالآتي :

1- معاش الشيخوخة :

تنص المادة 24 من قانون إحداث معاشات العمال غير الأجراء على أنه يخول لكل شخص منخرط بلغ سن 65 سنة الحق في معاش الشيخوخة ، و يحتسب على أساس مجموع النقط التي اكتسبها و التي تكون مقيدة في حسابه الفردي في البرنام الخاص بمسك معطياته الشخصية و المهنية .

2- معاش المتوفى عنهم :

إن لكل شخص يحمل صفة فرد من أفراد عائلة المؤمن له ، الحق في الحماية من خطر المرض أو العجز أو الوفاة، وذلك شريطة توفر مجموعة من الشروط التي حددتها مدونة التغطية الصحية كأصل و القانونين 98.15  و 99.15 كفرع .

لذلك فإن معاش المتوفى عنهم وهم ذووا الحقوق يخول لهم الحق بعد وفاة المنخرط أو صاحب معاش الشيخوخة في الحصول على تعويضات نقدية للفئات التالية :

  • للزوج أو للزوجات في حالة تعددهـن .
  • للأولاد المتكفل به و البالغين أقل من 16 سنة أو 18 سنة إذا كانوا يستفيدون من تدريب مهني أو 21 سنة في حالة متابعتهم للدراسة أو طول مدة استمرار العاهة إن كانوا في حالة عجز تام و مطلق .

وقد حددت المادة 31 أنه تتم الاستفادة منه ابتداء من اليوم الأول من الشهر الموالي لتاريخ وفاة المنخرط أو صاحب معاش الشيخوخة و ذلك بناء على طلب يوجه لهذا الغرض إلى الصندوق المعني .

أما بخصوص شروط استحقاق هذه المدفوعات فتتحدد حصريا في ما يلي [79] :

  • أن يكون الزواج قد انعقد قبل الحادث المترتبة عليه وفاة المنخرط أو صاحب معاش الشيخوخة .
  • يكتسب هذا الحق إذا ولد طفل خلال مدة الزواج أو خلال الثلاثمائة يوم الموالية لتاريخ وفاة المنخرط أو صاحب معاش الشيخوخة .

الفقرة الثالثة : آلية المراقبة والمنازعات القانونية  

يختص الصندوق بتقديم خدمات ذات منفعة عامة ، و لذلك أناطت الدولة مهمة المراقبة و الافتحاص الخاصة بنظام أداء معاشات الشيخوخة للمستفيدين إلى هيئة المراقبة على التأمينات و الاحتياط الاجتماعي [80]، بحيث تتوفر هذه الهيئة على خبراء محاسبين مختصين في علم الإحصاء و الهندسة .

و في حال ثبوت مخالفات صادرة من جهة المنخرطين أو الصندوق أو كل من له صلة بتفعيل هذا النظام ، يعاقب بمقتضى الماد 52 بغرامة مالية ما بين 200 و 2000 درهم عن كل اشتراك لم يتم إيداعه في حساب الصندوق ، وفي حالة العود تضاعف هذه الغرامة .

و أما في حالة المنازعة القانونية مع الصندوق ، ينبغي على المنخرط المبادرة إلى رفع دعوى قضائية داخل الآجال القانونية تحت طائلة التقادم ، حيث تنص المادة 51 على أمد تقادم الدعاوى التي يتقدم بها المنخرطون أو ذووا حقوقهم لاستخلاص المبالغ الباقية من معاش الشيخوخة أو المتوفى عنهم بذمة الصندوق و ذلك بمرور 30 سنة .

في الختام ، يمكن القول بأن هذا النظام وعلى الرغم من حداثته سيستطيع أن يوفر الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية عبر منح معاشات التقاعد لأول مرة بالمغرب لفائدة المهنيين المستقلين و العمال غير الأجراء ، وهي بلا شك من حسنات التشريع الوطني المهيكل للقطاعات الاجتماعية ببلادنا .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخـــــــــاتمــــــــــة :

تعد أنظمة التأمينات الاجتماعية أحد صور الحماية التي نصت عليها المعاهدات والدساتير الدولية، والتي تهدف إلى ضمان صرف إعانات للمستفيدين منها ولذوي حقوقهم ، وذلك عن طريق التكفل بتعويضهم عن مجموعة من الأخطار الصحية و الاجتماعية التي يتعرضون لها.

وقد اتضح لنا من خلال دراسة نظامي التأمين التجاري و الاجتماعي الخاص بالعمال غير الأجراء و أصحاب المهن الحرة أن هذين النظامين و على اختلاف مقاصدهما و نوع الخدمات التي يوفرانها إلا أنه لازالت تكتنفهما مجموعة من النقائص .

غير أن تدخل الدولة لتسيير هذا الفرع من التأمينات ومراقبته وفق أحكام القانونين 98.15 و 99.15  اللذين يتقاطعان بشكل كبير مع ما يمتاز به تشريع الضمان الاجتماعي من خصوصيات كالمرونة والسرعة و التضامن وبإجراءات تنازعية سهلة، بعيدا تعقيدات آجالات وشكليات المساطر القضائية المباشرة، الشيء الذي سيجعل منه نظاما ذا طابع معيشي يتلاءم أكثر و انتظارات الفئات المعنية به .

و نرى بعد هذا التقييم الموجز أن ثمن هذا الانجاز الذي أحسن المشرع المغربي بإخراجه إلى حيز الوجود مساهمة منه في الإقرار الفعلي للعدالة الاجتماعية المنشودة ، كما توفق ذات المشرع في قرار إسناد مهمة تدبير هذا النظام إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي باعتباره هيئة متخصصة في هذا المجال تسلك سياسة الإصلاحات الهيكلية للعمل على تنفيذ هذه المهمة وذلك من أجل إنجاح هذا المشروع المجتمعي الكبير [81].

غير أنه لابد و أن يفسح المجال لاحقا أمام إدخال تعديلات إضافية على هذا النظام التأميني الخاص بفئة العمال غير المأجورين ، و نقترح أن تتم هذه المعالجة على مستوى النقط التالية  :

  • على مستوى نطاق الاستفادة من هذا النظام ، بحيث ينبغي إدخال فئات أخرى من المجتمع على غرار خدم البيوت للتمتع بحقها في الرعاية الاجتماعية و بالأخص في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض مادام أنها تحكمها علاقة شغل من نوع خاص جعلها تستثنى من أحكام القانون 65.99 .
  • على مستوى الخدمات التي يقدمها هذا النظام ، فإنها وإن كانت قد قدمت الجديد، إلا أنها لا تزال قاصرة، وذلك من خلال نص المشرع المغربي على بعض الاستثناءات[82].
  • على مستوى النظام المالي لهذا النظام ، فلعل إنجاحه يفترض تمكينه من مداخيل مالية هائلة ، وذلك لكون الموارد المالية المرصودة له حاليا و التي تعتمد أساسا على اشتراكات المنخرطين لا تكفي البتة ، بل يجب التفكير جديا في إدخال مساهمة الدولة سنويا و بشكل رسمي ضمن مصادر التمويل القارة للصندوق .

و خلاصة القول فإن قانوني التغطية الصحية الإجبارية و معاش المنخرطين فيه ،  يعد مكسبا تشريعيا لا يمكن لأحد أن ينكره ، كما و يعول على المشرع من أجل العمل على الاستمرار في توسيع نطاق تطبيق أحكام هذين القانونين من ناحية الفئات المستفيدة عبر إدخال العمال الأجانب مثلا إلى هذه المنظومة أو من ناحية سلة الخدمات الممكنة كزيادة خدمة التأمين عن البطالة و تتبع تفعيلها .

 

 

 

لائـــــــــــــحــــة الــــــــمــــــراجــــــع :

 

 

المـصـادر والــــمـراجع الـمعـتمـدة  :

 

  • زرارةالصالحي الواسعة ،” المخاطر المضمونة في قانون التأمينات الاجتماعية” ، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ، كلية الحقوق بجامعة منتوري– قسنطية ، السنة الجامعية 2006-2007
  • كلثومة موباريك ” أحكام عقد التأمين وأنواعه” ، مطبعة قرطبة حي السلام ، أكادير 2015 / 2016.
  • محمد عماد الدين أغربي، ” قراءة في مقتضيات القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئة المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء” – مجلة القانون والأعمال – كلية الحقوق بجامعة الحسن الأول بسطات، بتاريخ 16 فبراير 2018 .
  • الحسين بلوش، “شرح مدونة التأمينات” ج 1 عقد التأمين ، ط 2016 –
  • عيسى أطريح ،” التغطية الصحية : التأمين الأساسي الإجباري عن المرض نموذجا”- رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، كلية الحقوق بوجدة – سنة 2005\2006 .
  • علي عمي، “الإطار القانوني والعملي للضمان الاجتماعي المغربي”، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ،عين الشق بالدار البيضاء، 1995-
  • عبد الكريم غالي، “التغطية الصحية في إطار الضمان الاجتماعي”، مجلة القانون المغربي العدد 10 شتنبر 2006- ص 163 .
  • نوفل الناصري، مقال بعنوان ” هذا ما جاء به نظام التقاعد للمهنيين والعمال المستقلين” – جريدة هسبريس الالكترونية – اطلع عليه بتاريخ السبت 21 أكتوبر 2017 – 14:59 .

المواقــــــــــع الالكتــــــــرونية :

 

 

 

 

 

 

  • https://www.droitetentreprise.com

[1] . خصوصا مع دستور 2011 الذي جاء بدوره يتضمن مقتضيات حمائية ذات بعد اجتماعي تحرص على ضمان العيش الكريم للمواطنين كالحق في الشغل و الحماية الاجتماعية       و التغطية الصحية و التضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة…، أنظر ف 31 من الدستور الفقرتين 2 و 3 .

[2] . ارتبطت البدايات الأولى لخدمات التأمين بالتجارة البحرية ، ثم امتد إلى التأمينات البرية حيث شمل بمقتضياته المسؤولية في علاقات الشغل و عن الحوادث المرتبطة بها .

[3] . يتعلق الأمر خصوصا بالأجراء و أرباب المقاولات و العمال غير الأجراء و حتى أصحاب المهن الحرة و كل من يزاول نشاطا خاصا….

[4] . فعلاقة الشغل التي تنطوي على حاجة ماسة لدى العمال في الشغل و الكسب الكافي و الحق في مستقبل مضمون لم تكن تتلاءم و الطابع الاختياري للتأمين و كذا هزالة التعويضات التي كان يقدمها في الغالب ، أو حتى الرهان على رغبات المشغلين و مدى يسرهم في اللجوء إلى عقود التأمين عن مسؤولياتهم المهنية .

[5] . و ذلك إلى غاية متم سنة 2015 ، قبل صدور قانوني 98.15 و 99.15  اللذين يعتبران من نظم الحماية والتأمين الاجتماعي لفائدة العمال غير الأجراء و المهنيين المستقلين بالمغرب.

[6] . و هو ما نصت عليه المادة 9 من القانون 18.12

[7] . على غرار الإضراب العام الشامل الذي شنته المركزيات النقابية بالمغرب بتاريخ 24 فبراير 2016  و شاركت فيه شريحة واسعة من المهنيين المستقلين و أصحاب المهن الحرة .

[8] . فإذا كان الأجراء يستفيدون من التغطية الصحية و الاجتماعية و مختلف التعويضات المرتبطة بالشغل و ظروفه بناء على عقود التأمين التي يلزم مشغلوهم بإبرامها لدى شركات التأمين ، فإن هؤلاء المشغلون و غيرهم من العمال غير الأجراء و أصحاب المهن الحرة أصبحوا يستفيدون من نفس الحماية الصحية و الاجتماعية تحت رعاية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .

[9] . زرارة الصالحي الواسعة ،” المخاطر المضمونة في قانون التأمينات الاجتماعية” ، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ، كلية الحقوق بجامعة منتوري – قسنطية ، السنة  الجامعية 2006-2007 – بتصرف

[10] . التكافل بين الأسر و التضامن في إطار التعاونيات الحرفية و المهنية .

[11] . هو تامين اختياري لكونه مرتبطا برغبة الفرد فيه الاستفادة منه من جهة ، و من جهة أخرى بمدى قدرته على تحمل تكاليفه المالية .

[12] . كأنشطة الطب بمختلف تخصصاته ، والهندسة بمختلف شعبها ، و المهن القانونية من محاماة و توثيق و مكاتب استشارة…

[13] . كالتشريع الجزائري مثلا ، أنظر : المادة 13 من المرسوم رقم 35/85 المتعلق بالضمان الاجتماعي للأشخاص غیر الأجراء المعدل والمتمم منشور في الجریدة الرسمیة رقم 74 لسنة 1996 ، و هو نفس المفهوم في التشريع المصري كذلك .

[14] . زرارة الصالحي الواسعة ، المرجع السابق – ص : 79 ، بتصرف

[15] . القانون المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين و العمال المستقلين و الأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا

[16] . سيحدد لاحقا بنص تنظيمي مكونات هذه الفئات .

[17] . هذه الإحصائيات مأخوذة من الموقع الالكتروني لمجلس النواب المغربي في الرابط التالي : http://www.chambredesrepresentants.ma

[18] . كلثومة  موباريك ” أحكام عقد التأمين وأنواعه” ، مطبعة قرطبة حي السلام ، أكادير 2015 / 2016 –  ص 6 .

[19] . كلثومة موباريك، المرجع السابق- ص   10.

[20] . الحسين بلوش، “شرح مدونة التأمينات” ج 1 عقد التأمين ، ط 2016 –  ص  18 .

[21] . ظهير شريف رقم 1.02.238 الصادر في 25 رجب \ 3 أكتوبر 2002  ، بتنفيذ القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات .

[22] . يعتبر عقد التأمين في هذه الحالة بمثابة الاشتراط لمصلحة الغير .

[23] . كلثومة موباريك ، المرجع السابق- ص   54

[24] . الحسين بلوش ، المرجع السابق- ص   2

[25] . في حالة التغطية الصحية و التقاعد .

[26] . في حالة ضمان نشاطه المهني و محل ممارسة هذا النشاط .

[27]  . كلثومة موباريك ، المرجع السابق – ص  55

[28] . أنظر الموقع التالي :  https://www.hespress.com/assurance/56383.html

[29] . و في هذا السياق ، تشجع بعض شركات التأمين- على غرار سينيا السعادة – زبناءها من خلال حزمة من الإجراءات الأخرى للحصول على مزيد من المرونة والأمن في العقود المبرمة كأداء مقدر على التعويضات الاستشفائية بنسبة 100% والتي قد تصل قيمتها إلى 20.000 درهم .

[30] . للإشارة يمكن كذلك حتى للمغاربة المقيمين بالخارج الاستفادة من خدمات هذا القطاع ، خصوصا التأمين على سكناهم بالمغرب .

[31] . وهذه الخدمات التأمينية لا تتوفر إلا لدى كبار شركات التأمين في المغرب كشركة سينيا السعادة ، والتي تعد حاليا الرائد الأول في قطاع تأمين السيارات بالمغرب.

[32]. على غرار : المرونة في الادخار و الحصول على تسبيقات أو استرجاع جزئي أو كلي للمبالغ قبل نهاية العقد أو الاختيار بين عدة صيغ للاستفادة عند نهاية العقد أو الحصول على المبلغ المدخر بمردوديته المحصل عليها أو على جزء منه على شكل تسبيق أو استرجاع ….

[33] . وذلك قبل صدور قانوني التغطية الصحية و نظام المعاشات الخاص بالعمال غير المأجورين .

[34] . قد يكون القسط على شكل دفعات دورية تؤدى في كل شهر، و قد تكون مبلغا جزافيا يتم دفعه في أي وقت  .

[35] . و ذلك حسب الاتفاق و غالبا ما يحدد ما بين 60 و 65 سنة .

[36] . للإشارة يتضمن عقد التأمين التجاري التنصيص على ضمانات أساسية كالتعويضات اليومية و مصاريف العلاج…و قد يضيف إليه المؤمن ضمانات اختيارية على سبيل التحفيز كضمان السرقة و مصاريف التنقل و كسر الزجاج و مكافأة الإخلاص…

[37]. La protection juridique : La garantie “protection juridique” permet à un assuré d’être représenté et défendu par son assurance dans une procédure de justice qui l’oppose à un tiers. Elle peut aussi vous permettre d’être informé ou intervenir pour trouver une solution amiable dans un litige qui vous oppose un tiers. ( exemple : cas d’un employeur face à son employé )

[38] . هذا النوع من الضمان يمنح الحق في التعويض خلال ظرف وجيز قد يؤدى أحيانا في أجل ساعات قليلة من وقوع الضرر ، لكن طبعا مقابل أقساط مرتفعة جدا مقارنة بالأحوال العادية .

[39] . ينطبق مثلا هذا النموذج على شركة أطلنطا للتأمينات .

[40] . تشجع شركة أطلنطا العمال و المقاولين و أصحاب المهن الحرة على إبرام عقود التأمين بالحملات الاشهارية المتنقلة و بواسطة سعاة التأمين .

[41] . ففي إطار النشاط المهني لأصحاب المهن الحرة ، تكون مسؤوليتهم حاضرة و مستخدميهم بسبب الأضرار التي قد يلحقونها بالغير. فحادث بسيط تحت مسؤولية هؤلاء قد يشكل تهديدا حقيقيا لاستمرار نشاطهم في حالة غياب التأمين و جسامة الأضرار .

[42] . بطبيعة الحال في حالة المنازعة يصبح المؤمن له خصما للشركة أثناء سريان الدعوى و تدفع هذه الأخيرة مطالبه مثلا بسقوط الحق في التأمين أو بانفساخ العقد أو بالعدول أو بعدم تحقق الشرط ألاتفاقي أو حلول الأجل .

[43] . و بالضبط في المادة 25 منه .

[44] . خلال ولاية رئيس الأسبق عبدالإله بنكيران .

[45] . عيسى أطريح ،” التغطية الصحية : التأمين الأساسي الإجباري عن المرض نموذجا”- رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، كلية الحقوق بوجدة – سنة 2005\2006 .

[46] . تنص المادة الثانية من مدونة التغطية الصحية 65.00 على أن هؤلاء العمال غير الأجراء تسري عليهم مقتضيات التأمين الإجباري، وذلك بقولها ما يلي :

” يسري التأمين الإجباري الأساسي عن المرض على : ….- العمال المستقلين والأشخاص الذين يزاولون مهنة حرة وجميع الأشخاص الآخرين الذين يزاولون نشاطا غير مأجور….”.

[47] . صادق البرلمان بغرفتيه مطلع يونيو2017 على مشروع قانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء.

[48] . Couverture Médicale Universelle

[49] . حيث بلغ عدد المستفيدين من التغطية الصحية الأساسية إلى غاية اليوم حوالي 64 % و ذلك بعد أجرأة نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO) في سنة 2005 (38 % من الساكنة)، وتعميم نظام المساعدة الطبية (RAMED) في مارس 2012 (9 ملايين مستفيد)، والتغطية الصحية لفائدة الطلبة (288.000 مستفيد)، إلى جانب التغطية الصحية لفائدة المهاجرين (20.000 مستفيد) .

[50] . خاصة الفصل 31 منه الذي لا يمكن تطبيقه من دون تعميم التغطية الصحية الشاملة ، و ينص هذا الفصل على الحق في الاستفادة من خدمات التأمين الاجتماعي.

[51] . عن مقال بعنوان “بشرى للعمال المستقلين : المصادقة على مشروع التأمين الإجباري” منشور ب :  http://www.hibapress.com/details-110607.html

[52] . وستكون مساهمة المستفيدين بشكل جزافي، حسب الفئات والمهن والقدرة المادية للمستفيد. والتي سيتم تحديدها في النصوص التطبيقية التي سيتم الاتفاق حولها مع الفئات المهنية المعنية بهذا المشروع .

 

[53] . كما تنص المادة 6 من القانون 98.15 على أنه سيتم تحديد كيفيات وآليات تطبيق هذا النظام بالنسبة لكل صنف بناء على مرسوم يتخذ بعد إجراء مشاورات مع الفئات المعنية و كافة الفرقاء الاجتماعيين .

[54] . المادة 3 .

[55] .المادة 4 تمنع العمال غير الأجراء من الجمع بين الاستفادة بين التأمين الصحي الإجباري الأساسي عن المرض و نظام المساعدة الطبية .

[56] . قرار الرفض في هذه الحالة هو تصرف إداري يكون قابلا للطعن فيه بالإلغاء أمام المحكمة الإدارية المختصة .

[57] . المادة 8 .

[58] . للإشارة ينبغي أن يكون الانقطاع عن النشاط المزاول لسبب مغاير غير تلك الأسباب المذكورة في المادة 14 و المتعلقة ب : المرض – الحمل – الحوادث – قرارات التوقيف الإداري – الإحالة على القضاء …

[59] . بحكم أن هذه المؤسسات هي التي تسلم أولئك العمال رخص ممارسة الأنشطة المعنية بالمراقبة .

[60] . مثل الجمعيات المهنية – غرف التجارة و الصناعة و الخدمات – التعاونيات – النقابات…

[61] . تجدر الإشارة إلى أن هذه المسؤولية لا تتحقق إلا بعد توجيه إنذار إلى تلك المؤسسات بواسطة البريد المضمون .

[62] . و يعتبر المجلس الإداري أهم جهاز يقوم بتسيير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك بالنظر إلى تكوينه والاختصاصات المسندة إليه.

[63] . و للإشارة لم يتطرق الفصل 7 من ظهير 27 يوليوز 1972 الأنف الذكر إلى الحالة التي يسمح فيها بتمديد مهمة العضو، بخلاف ما قامت به  بعض التشريعات العربية مثلا التشريع الأردني المتعلق بالضمان الاجتماعي، بحيث نص هذا القانون على أن مدة انتداب أعضاء المجلس الإداري سنتين ولا يجوز تجديد هذه العضوية لأكثر من مرتين متتاليتين .

[64]  .علي عمي ، “الإطار القانوني والعملي للضمان الاجتماعي المغربي”، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ،عين الشق بالدار البيضاء، 1995- ص 11.

[65] . و بخلاف التشريع المغربي، نجد نظيره الفرنسي يسند تسيير نظام الضمان الاجتماعي إلى ثلاثة صناديق وطنية وهي: الصندوق الوطني لتأمين المرض، والصندوق الوطني لتأمين الشيخوخة، والصندوق الوطني للمنح العائلية. فبالنسبة للمجلس الإداري للصندوق الوطني  لتأمين المرض وهو الذي يهـمنا في هذه الحالة فإنه يتألف من 25 عضوا ، 15 منهم يمثلون الأجراء ، و 6 يمثلون المشغلين ، و 2 مؤهلان يتم تعيينهما من طرف الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي ، واحد منهم من بين نقابات الأجراء والثاني من نقابات المشغلين ، و 2 يعينان من طرف الفيدرالية الوطنية للتعاضدية الفرنسية.

[66] . وذلك ما أكدته المادة 78 من مدونة التغطية الصحية .

[67] . للإشارة فهذا التعداد يغيب تماما المساهمة المالية للدولة ، و أما القواعد العامة في التمويل لا تخرج عن ثلاث وهي : الاشتراكات – الضريبة العامة – الضرائب و الرسوم الخصوصية .

[68] . وقد نص الفصل 8 من ظهير 27 يوليوز 1972 على أن المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يجتمع كلما دعت الحاجة إلى ذلك، ومرتين في السنة على الأقل قبل 30 يونيو لحصر حسابات السنة الموالية المنصرمة وقبل 31 دجنبر لدراسة وحصر ميزانية السنة المالية الموالية .

[69] . و فعلا، فقد صدر مرسوم رقم 2.04.1023 المشار إليه أنفا، لتطبيق أحكام المادة 77 من مدونة التغطية  الصحية .

[70] . أنظر المادة 16 من القانون 15.98

[71] . عبد الكريم غالي، “التغطية الصحية في إطار الضمان الاجتماعي”، مجلة القانون المغربي العدد 10 شتنبر 2006- ص 163 .

[72] . لكن تبقى العمليات المرتبطة بالجراحة التجميلية خارج التغطية ، أضف إلى ذلك أن حوادث الشغل والأمراض المهنية تبقى خاضعة للتأمين الخاص المقدم من طرف شركات التأمين .

[73] . قامت لجنة المالية و التنمية الاقتصادية بمجلس النواب بمناقشة مشروع قانون رقم 99.15 المتعلق بإحداث نظام معاشات لفئة المهنيين و العمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء المزاولين لنشاط خاص، كما وافق عليه مجلس المستشارين في 2 غشت 2017 ، و ذلك في إطار مشروع توسيع التغطية الاجتماعية والصحية لغير المستفيدين منها بعد .

[74] . خصوصا حكومة عبدالاله بنكيران و خليفته سعد الدين العثماني .

[75] . تصريح منسوب للسيد سعيد احميدوش في مداخلة خلال ندوة نظمتها الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب بالدار البيضاء حول موضوع ” الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في وقت التحولات : الإنجازات و انتظارات المقاولات ” .

[76] . المادة 5 .

[77] . المادة 14 .

[78] . يمكن لكل منخرط الاطلاع على مجموع نقاطه في حسابه الشخصي المقيد في البرنام الخاص بصندوق الضمان الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية .

[79] . و ذلك حسب منطوق المادة 32 .

[80] . نصت على ذلك المادة 44 من القانون 99.15 ، حيث تمارس هيئة المراقبة على التأمينات و الاحتياط الاجتماعي الرقابة على ص.و.ض.ج برسم تدبير نظام المعاشات .

[81] . عيسى أطريح ، مرجع سابق ، ص : 87 – بتصرف

[82] . كاستثناء التأمين من البطالة مثلا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى