بحوث قانونية

قراءة في المقتضيات المنظمة لحالات توقيف رخصة السياقة وسحبها وإلغائها وللمنع من الحصول على الرخصة في ظل القانون رقم 05-52 بمثابة مدونة السير الجديدة.

 

 

 

 

 

قراءة في المقتضيات المنظمة لحالات توقيف رخصة السياقة وسحبها وإلغائها وللمنع من الحصول على الرخصة في ظل القانون رقم 05-52 بمثابة مدونة السير الجديدة.

 

إعداد: نورالدين الواهلي

القاضي بالمحكمة الابتدائية بالرماني.

 

 

 مقدمة:

تعتبر رخصة السياقة السارية الصلاحية والمسلمة من الإدارة المختصة الأداة القانونية الوحيدة التي تمكن حاملها من حق سياقة   صنف المركبة الذي تناسبه، ويحدد صنفها حسب صنف أو أصناف المركبة التي يمكن سياقتها.وحق السياقة ليس حقا مطلقا بل قيده المشرع في حالات محددة ،سواء في إطار النصوص المنظمة للسير والجولان السارية المفعول حاليا أو في إطار القانون الجديد رقم 05-52 بمثابة مدونة السير الجديدة،بإمكانية الإيقاف أو السحب أو الإلغاء أحيانا بل وبإلزامية السحب والإلغاء  مع الحرمان من الحق في السياقة وفي الحصول على رخصة جديدة أحيانا أخرى متى توفرت حالات ذلك .

إذا كانت حالات توقيف وسحب وإلغاء رخصة السياقة في ظل ظ 19/01/1953 محددة على سبيل الحصر، فان الحالات المذكورة وردت أيضا على سبيل الحصر في إطار القانون رقم 05-52. غير إن ما يميز هدا الأخير هو انه وسع من حالات توقيف رخصة السياقة و سحبها وإلغائها وأيضا من حالات الحرمان من الحق في السياقة ودلك على النحو الذي سيتم بيانه في الفقرات الأربع الموالية:

 

الفقرة الأولى: حالات توقيف رخصة السياقة:

 

 لم يحدد المشرع في قانون 05-52 المقصود بالتوقيف لرخصة السياقة غير أنه انطلاقا من نصوص القانون المذكور فيمكن تعريف التوقيف بأنه إجراء وتدبير وقتي يتخذ في الحالات المحددة قانونا وذلك بعد زوال مبرر التوقيف أو مرور المدة المحددة وبعدها يسترجع المعني بالأمر رخصة السياقة الخاصة به، وقد يكون إجراءا إداريا أو عقوبة مقررة قانونا يصدر بها حكما من طرف المحكمة.

 

    أولاالتوقيف كإجراء وتدبير إداري تتخذه الإدارة:

أوكل المشرع في إطار مدونة السير الجديدة للإدارة ممثلة في الوزارة الوصية على قطاع النقل صلاحية اتخاذ قرار بتوقيف رخصة السياقة، وهذه الصلاحية ليست مطلقة وإنما هي مقيدة قانونا ومحددة حصرا في الحالات التالية:

الحالة الأولى: حالة عدم دفع الشخص لمبلغ الغرامة الصادرة في حقه بموجب مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقتضى به أو بموجب قرار إداري، أو عدم دفعه الصوائر المتعلقة بمخالفات لأحكام القانون رقم 05-52 والنصوص التطبيقية أو هما معاً داخل أجل أقصاه شهر من اليوم الذي تسلم فيه أو رفض فيه تسلم الإنذار بذلك الموجه إليه عن طريق القضاء.

ويكون التسليم صحيحا إذا سلم المقرر القضائي أو الإداري وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 38 من قانون المسطرة المدنية.

وهذا التوقيف كما قلنا هو إجراء وقتي لأن الرخصة في هذه الحالة ترجع لصاحبها بمجرد أداءه الغرامات أو الصوائر أو هما معاً. (المادة 95 من القانون رقم 52.05).

الحالة الثانية: حالة القيام بنقل البضائع أو بالنقل الجماعي للأشخاص دون التوفر على وثائق النقل التي تحددها الإدارة أو القيام بعملية النقل المذكور خلافا للشروط المحددة في الوثائق المذكورة، وقرار التوقيف في هذه الحالة يتخذ لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر للمرة الأولى والستة أشهر في حالة العود وذلك بناء على المحضر المثبت للمخالفة ( الفقرة الأولى من المادة 96 من نفس القانون).

الحالة الثالثة: حالة رفض السائق الامتثال للأمر بالتوقف أو رفض الخضوع لأعمال التحقق المقررة، وعدم احترام الأمر بتوقيف المركبة أو رفض سياقتها أو العمل على سياقتها إلى المحجز أو رفض الامتثال للأوامر القانونية الصادرة إليه. (الفقرة الثانية من المادة 96 أعلاه)، حيث تتخذ الإدارة في هذه الحالة قراراً بتوقيف الرخصة لنفس المدة المذكورة سلفا بحيث لا تتجاوز 3 أشهر للمرة الأولى والستة أشهر في حالة عود.

الحالة الرابعة: حالة عجز السائق عن الإدلاء بالوثائق في حالة مطالبته بذلك، حيث يقوم العون محرر المحضر في هذه الحالة بالاحتفاظ برخصة السياقة إلى حين الإدلاء بالوثائق في حالة إذا أكد السائق توفره عليها وأنه غير قادر على الإدلاء بها، فإذا لم يتم الإدلاء بها خلال مدة 72 ساعة من وقت الاحتفاظ بالرخصة فإن الإدارة تصدر قرار بتوقيف رخصة السياقة لمدة لا تتجاوز 3 أشهر للمرة الأولى و 6 أشهر في حالة العود.   

ويتوقف أثر التوقيف الإداري في الحالات المذكورة كيفما كانت مدته بعد أي قرار بالحفظ تصدره النيابة العامة أو إذا أصبح قابلا للتنفيذ من أجل نفس الأفعال مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقتضى به بتوقيف أو إلغاء رخصة السياقة أو بعد صدور أي مقرر قضائي بالبراءة أو بالإعفاء أو بعد كل ما ينهي الدعوى العمومية. وفي حالة صدور مقرر قضائي بأداء غرامة فإن التوقيف الإداري لا يتوقف إلا بعد أداء الغرامة.(المادة 96 من المدونة).

 

  ثانياالتوقيف كعقوبة إضافية:

فضلا عن التوقيف كإجراء إداري تتخذه الإدارة في الحالات السالفة الذكر، نص المشرع في إطار مدونة السير الجديدة على حالات أخرى للتوقيف كعقوبة يتعين على المحكمة اتخاذها إلى جانب العقوبة الحبسية أو الغرامة أو هما معا بحسب نوع المخالفة ودلك في الحالات التالية:

الحالة الأولى: حالة ارتكاب حادثة سير أدت إلى جروح أو إصابة أو مرض ترتب عنها عجز كلي مؤقت عن العمل تفوق مدته 21 يوماً، ففي هذه الحالة يتم توقيف رخصة السياقة لمدة ثلاثة أشهر.

أما إذا كانت الحادثة المذكورة مقترنة بإحدى الحالات التالية:

–         إذا كان الفاعل في حالة سكر أو تحت تأثير مواد مخدرة.

–         إذا كان الفاعل تحت تأثير أدوية تحظر السياقة بعد تناولها.

–         إذا تجاوز السرعة القصوى المسموح بها قانونا بما يعادل أو يفوق 50 كلم في الساعة.

–         إذا كان غير حاصل على رخصة السياقة أو على الصنف المطلوب لسياقة المركبة المعنية.

–         إذا كان يسوق مركبته خرقاً لمقرر بحسب رخصة السياقة أو بتوقيفها أو بإلغائها.

–         إذا ارتكب إحدى المخالفات الآتية:

·       عدم احترام الوقوف الإجباري المفروض بضوء تشوير أحمر.

·       عدم احترام الوقوف الإجباري المفروض بعلامة قف.

·       عدم احترام حق الأسبقية.

·       التوقف غير القانوني ليلاً من غير إنارة خارج تجمع عمراني.

·       عدم توفر المركبة على الحصارات المحددة بالنصوص التنظيمية.

–         عدم التوقف رغم علمه بارتكابه حادثة سير أو تسبب في وقوعها، أو غير حالة مكان الحادثة محاولا بذلك التملص من المسؤولية الجنائية أو المدنية التي قد يتعرض لها.

ففي هذه الحالة فإن مدة التوقيف تكون من ستة (06) أشهر إلى سنة.

  وتجدر الإشارة هنا إلى تراجع المشرع عن تشدده بهذا الخصوص، فكما هو معلوم ففي ظل ظهير 19/1/53 فإن اقتران حادثة السير، المؤدية إلى إصابة الغير بجروح وعجز تفوق مدته 6 أيام،  بظرف التشديد المنصوص عليه في الفصل 434 من ق.ج والمتمثلة في حالة السكر  ومحاولة التملص من المسؤولية، يترتب عنه إلزامية سحب رخصة السياقة وإلغائها مع تحديد مدة للمخالف لا يمكنه خلالها التقدم بطلب رخصة جديدة.أما في ظل المدونة الجديدة وكما لاحظنا فإن الإجراء المتخذ في هذه الحالة هو التوقيف لرخصة السياقة لمدة تتراوح ما بين 06 أشهر والسنة.

الحالة الثانية: حالة ارتكاب حادثة سير نتج عنها قتل غير عمدي حيث يتم توقيف رخصة السياقة لمدة تتراوح ما بين السنة وثلاث سنوات.

الحالة الثالثة: حالة ارتكاب إحدى المخالفات المحددة في المادة 175 وهي كالتالي:

–         تجاوز السرعة القصوى المسموح بها بما يعادل أو يفوق 50 كلم في الساعة.

–         الرجوع إلى الخلف في طريق سيار أو نصف دورة في الطريق المذكور مع عبور الشريط الفاصل بين القارعتين.

–         السير في الطريق السيار في الاتجاه المعاكس للسير.

ففي هذه الحالة وفضلا عن الغرامة المقررة قانونا (4000 درهم/8000 درهم) يتم توقيف رخصة السياقة لمدة تتراوح ما بين شهر واحد وثلاثة أشهر، أما في حالة العود داخل أجل سنة من تاريخ صدور مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به من اجل أفعال مماثلة فانه فضلا عن تشديد العقوبة الحبسية والغرامة يضاعف الحد الأقصى لمدة التوقيف لتصبح ستة (06) أشهر.

الحالة الرابعة: حالة ارتكاب إحدى المخالفات المنصوص عليها وعلى عقوبتها في المادة 176 من المدونة والمتمثلة في:

–         عدم تشغيل جهاز قياس السرعة وزمن السياقة.

–         تجاوز المدة القصوى للسياقة.

–         عدم احترام مدة الراحة.

ومدة التوقيف في هذه الحالة تتراوح ما بين الشهر والثلاثة أشهر، وفي حالة العود إلى ارتكاب المخالفة داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ صدور مقرر نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به من أجل أفعال مماثلة فإن مدة التوقيف تضاعف شأنها شأن العقوبات المقررة. والملاحظ في هذا الخصوص أن المشرع لم ينص صراحة على مضاعفة مدة التوقيف على غرار ما ذهب إليه في الفقرة الأخيرة من المادة 175، وإنما اكتفى بالقول في الفقرة الأخيرة من المادة176 إلى أن العقوبات المشار إليها أعلاه، ويقصد تلك الواردة في الفقرة الأولى من نفس المادة، تضاعف.

الحالة الخامسة: حالة تجاوز الحمولة الحد الأدنى المأذون عند عبور إحدى منشآت العبور حيث يمكن للمحكمة فضلا عن الغرامة والحبس المحددين بمقتضى 178 من المدونة أن تقضي بتوقيف رخصة السياقة لمدة أقصاها سنة.

وتضاعف العقوبة وكذا مدة الإيقاف إلى الضعف في حالة العود داخل أجل 5 سنوات من تاريخ صدور مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به.

الحالة السادسة: عدم توقف السائق عقب ارتكاب حادثة سير، أو التسبب في وقوعها، وكذا محاولة التملص من المسؤولية الجنائية أو المدنية التي قد يتعرض لها إما بالفرار عقب ارتكاب الحادث أو تغيير مكان الحادث أو بأية وسيلة أخرى، وذلك دون الإخلال بأحكام المواد 167و169و172 من المدونة. حيث تأمر المحكمة في هذه الحالة بتوقيف رخصة السياقة لمدة تتراوح ما بين السنة والسنتين، وفي حالة العود داخل أجل 5 سنوات من تاريخ صدور مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به من أجل أفعال مماثلة، فإن مدة التوقيف تضاعف وذلك بمضاعفة الحد الأقصى ليصبح أربع سنوات(المادة182).وفي هده الحالة أيضا تراجع المشرع عن تشدده مقارنة مع ما كان مقررا في ظ19/01/1953 الذي يلزم الفصل 12 منه المحكمة بسحب رخصة السياقة وجوبا لمدة أقصاها 5 سنوات لا يمكن خلالها للمعني بالأمر طلب رخصة جديدة.

الحالة السابعة: حالة سياقة مركبة في حالة سكر أو تحت تأثير مواد مخدرة أو بعض الأدوية التي تحظر بعد تناولها السياقة ففي هذه الحالة تأمر المحكمة بتوقيف الرخصة لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر والسنة الواحدة وفي حالة العود ترفع مدة التوقيف إلى الضعف. ويعتبر في حالة العود الشخص الذي  يرتكب المخالفة داخل خمس سنوات التالية لتاريخ صدور مقرر قضائي مكتسب قوة الشيء المقضي به من أجل أفعال مماثلة(المادة183).

الحالة الثامنة: حالة عدم أداء الغرامات التصالحية والجزافية المنصوص عليها في المادة 219 وما يليها من المدونة داخل أجل 15 يوماً من تاريخ تحرير محضر بالمخالفة، ولا ينتهي التوقيف في هذه الحالة إلا بعد صدور مقرر حائز لقوة الشيء المقضي به.

الفقرة الثانية- حالات سحب رخصة السياقة:

لم يعرف المشرع المقصود بسحب رخصة السياقة، ومن خلال قراءة المقتضيات الواردة في القانون رقم 52.05 والوقوف على الحالات التي يتخذ في هذا الإجراء، يتضح أن السحب يتخذ في مدونة السير طابعاً احترازيا يرتبط بعدم القدرة البدنية أو العقلية لدى السائق. وبالتالي فهو إجراء مؤقت ينتهي مفعوله متى استرجع السائق قدرته البدنية والعقلية على السياقة.

والملاحظ أيضا أن المشرع لم يميز بين السحب والتوقيف أحيانا، وذلك واضح من نص المادة 98 من المدونة:

"يتوقف أثر توقيف أو سحب رخصة السياقة المقرر من قبل الإدارة وفق لأحكام المواد 95و96 و97…….". إذ بالرجوع إلى هذه المواد نجدها تتحدث فقط عن التوقيف كإجراء إداري، وهي الحالات التي تم التطرق إليها على النحو المشار إليها أعلاه، ولا تتحدث قط عن سحب رخصة السياقة.أما حـالات السحب الواردة في المدونة فهي كالتالي:

الحالة الأولى: إصابة السائق بمرض أو عجز يتنافى مع السياقة في الطريق العمومية على النحو المشار إليه في المادة 18 من مدونة السير.وفي هذه المادة أيضا لم يميز المشرع بين السحب والإلغاء باستعماله عبارة "تسحب أو تلغى "كما لم يبين المقصود بالعجز والمرض الذي يتنافى مع السياقة على الطريق العمومية، وإن كان قد تطرق في المادة 15/فق1 إلى إلزامية خضوع كل شخص حاصل على رخصة السياقة أصيب بمرض أو عجز منصوص عليه في قائمة تضعها الإدارة بعد استشارة المجلس الوطني لهيئة الأطباء الوطنية وذلك داخل أجل ثلاثون يوما الموالية للإصابة بالمرض أو العجز.ولا شك أن المشرع تعمد استعمال عبارة السحب أو الإلغاء في المادة المذكورة ليترك الإدارة إمكانية اتخاذ قرار إلغاء الرخصة بصفة نهائية في الحالة التي يكون فيها السائق قد أصيب بعجز أو مرض عقلي يستبعد شفاؤه منه وبالتالي عدم إمكانية استرجاعه قدراته التي تؤهله للسياقة.

الحالة الثانية: عدم قدرة السائق على السياقة إما بسبب حالته البدنية أو سبب حالته العقلية (م 97) وعدم القدرة يثبت بعد فحص يجرى وفقا لأحكام المواد 14 و 15 و 16 و 19 و 20 من المدونة، حيث ألزم المشرع كل شخص حاصل على رخصة السياقة بالخضوع لفحص طبي كل عشر سنوات ويتعين تجديده كل سنتين بالنسبة للأشخاص الذين يتجاوز سنهم 65 سنة، كما يلزم الأشخاص الحاصلين على رخصة سياقة المركبات المخصصة لنقل البضائع أو للنقل الجماعي للأشخاص بإجراء فحص طبي كل سنتين، كما يلزم بالفحص الطبي كل شخص حاصل على رخصة السياقة أصيب بمرض أو بعجز منصوص عليه في القائمة التي تضعها الإدارة بعد استشارة المجلس الوطني لهيئة الأطباء الوطنية وذلك داخل أجل 30 يوماً الموالية للإصابة بالمرض أو بالعجز.

كما يخضع لفحص طبي بأمر من الإدارة كل شخص حاصل على رخصة السياقة تسبب في حادثة سير نجم عنها قتل غير عمدي، وكذا كل شخص تعرض لحادثة سير أصيب بسببها بمرض أو عجز أثر في قدراته العقلية أو البدنية أو تعرض لأي عارض أو مرض آخر أثر في تلك القدرات.

وفي هذه الحالة المشار إليها أعلاه أي حالة عدم قدرة السائق على سياقة المركبة إما بسبب حالته البدنية أو بسبب حالته العقلية، فإن إرجاع الرخصة لصاحبها رهين بإجراء فحص طبي يثبت أن المعني بالأمر أصبح مؤهلا للسياقة.

الحالة الثالثة: عدم خضوع السائق الحاصل على رخصة السياقة للفحص الطبي الإلزامي المنصوص عليه في المادة 14 (الفحص المفروض كل عشر سنوات) + سنتين بالنسبة للسائقين أكثر من 65 سنة أو السائقين الذين يقومون بالنقل الجماعي للأشخاص أو لنقل البضائع.

وكما سبقت الإشارة فان سحب رخصة السياقة المقرر من طرف الإدارة وكذا توقيفها المتخذ من طرف نفس الجهة، يتوقف أثره بعد أي قرار بالحفظ تصدره النيابة العامة أو إذا أصبح المقرر القضائي الحائز لقوة الشيء المقضي به بتوقيف أو إلغاء رخصة السياقة قابلا للتنفيذ. أو بعد صدور أي مقرر قضائي بالبراءة أو بالإعفاء أو بعد كل ما ينهي الدعوى العمومية.وفي حالة المقرر القضائي القاضي بأداء غرامة فإن أثر التوقيف أو السحب لا يمكن أن يتوقف إلا بعد أداء الغرامة.

 

 

الفقرة الثالثة:حالات إلغاء رخصة السياقة.

 

الحالة الأولى:إصابة صاحب الرخصة بمرض أو عجز يتنافى مع السياقة على الطريق العمومية:وهي نفس الحالة المتحدث عنها في الفقرة السابقة بمناسبة بحث حالات سحب الرخصة وقد تعمدنا ذكرها أيضا ضمن حالات الإلغاء تمشيا مع ما قرره المشرع في الفقرة الأخيرة من المادة 18 من القانون رقم 05-52 عندما استعمل عبارة "تسحب الرخصة أو تلغى ".

 

الحالة الثانية:نفاذ رصيد النقط المخصص للرخصة (الفقرة الثالثة من المادة 22 من المدونة ) وهنا ينبغي التمييز بين رخصة السياقة للفترة الاختيارية ورخصة السياقة بعد انقضاء الفترة الاختيارية:

 أولا-رخصة السياقة للفترة الاختيارية: خصص لها المشرع رصيد من 20 نقطة حيث تلغى هذه الرخصة بقوة القانون ابتداء من تاريخ فقدان آخر نقطة، ولا يمكن لصاحبها اجتياز الاختبار مرة أخرى لأجل الحصول على رخصة سياقة جديدة إلا بعد مضي مدة 6 أشهر على الأقل من تاريخ تسليم رخصة السياقة الخاصة به للإدارة.

والملاحظ هنا أن أجل احتساب المدة يبتدأ من تاريخ تسليم الرخصة المنقضية للإدارة، وفي ذلك رغبة من المشرع في حمل أصحاب الرخص الملغاة بقوة القانون نتيجة فقدان رصيد النقط على إرجاع الرخص إلى الإدارة في أقرب وقت ممكن لأن كل تماطل معناه الزيادة في المدة اللازم انصرامها قبل اجتياز الاختبار من جديد.

وفي حالة النجاح في الامتحان فإن السائق تسلم له رخصة جديدة لفترة اختيارية جديدة مدتها سنة واحدة وبرصيد نقط لا يتجاوز 10 نقط.(فق الأخيرة من المادة 24)

وفي حالة إلغاء جديد لرخصة السياقة خلال الفترة الاختيارية المحددة في سنة واحدة، فإن المعني بالأمر لا يمكنه التقدم من جديد لامتحان الحصول على رخصة السياقة بعد انصرام أجل سنتين ابتداء من التاريخ الذي تسلم فيه رخصة السياقة للعون محرر المحضر أو للإدارة.

وبعد مرور الأجل المذكور، وفي حالة النجاح في الامتحان فإن المعني بالأمر تسلم له رخصة جديدة برصيد 20 نقطة تخضع لنفس الأحكام السابقة (المادة 25).ومما تجدر الإشارة إليه أن فقدان ثلثي النقط المخصصة للرخصة في الفقرة الاختيارية يوجب على المعني بالأمر الخضوع لدورة في التربية على السلامة الطرقية تحدد كيفياته من طرف الإدارة(المادة 26 من المدونة).

ثانيا-رخصة السياقة لما بعد الفترة الاختبارية: بعد انقضاء الفترة الاختيارية تستبدل الرخصة الخاصة بهده الفترة برخصة جديدة يخصص لها رصيد 30 نقطة.

ولن أتحدث هنا عن المخالفات والجنح الموجبة لخصم النقط وكذا لشروط استرجاع النقط وإنما سأقتصر على القول أنه إذا ما ثبت قيام السائق بارتكاب مخالفة وأدى الغرامة التصالحية والجزافية بين يدي العون محرر المحضر وترتب على ذلك فقدانه ما تبقى له من رصيد برخصة سياقته، فإن العون محرر المحضر يقوم بالاحتفاظ برخصة السياقة ويسلم صاحبها وصلا مؤقتا تحدد الإدارة شكله ومحتواه،  والذي يسمح للمخالف بالسياقة لمدة 96ساعة ابتداء من تاريخ تسلمه، ويفقد بعدها المخالف حق سياقة أي مركبة تتطلب سياقتها الحصول على رخصة سياقة، وتبعث رخصة السياقة فوراً إلى الإدارة من قبل العون محرر المحضر في أجل 48 ساعة(المادة 31من المدونة).وإذا كان الأمر واضحا في هده المادة بخصوص المدة التي تلغى فيها الرخصة ويفقد فيها السائق الحق في السياقة والمحددة في 96 ساعة بعد تسلم الوصل،  فإن الإشكال يطرح في الحالات الأخرى ولا سيما في إطار المادة 32 من المدونة التي تنص على ما يلي:"في ما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة 31 أعلاه وفي حالة فقدانه مجموع النقط، يتلقى المعني بالأمر من الإدارة بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالاستلام، موجهة إليه بالعنوان المصرح به للإدارة، تذكيرا بالمخالفات التي سبق ارتكابها والتي اشعر بها بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالاستلام و بالمخالفة الأخيرة التي ترتب عليها خصم مجموع النقط والأمر بتسليم رخصة السياقة التي بحوزته إلى مصالح الإدارة المذكورة .ويفقد حق سياقة أي مركبة تتطلب سياقتها الحصول على رخصة سياقة ".  لأن المشرع لم يحدد في هده الحالة بالضبط الوقت الذي تلغى فيه الرخصة ويفقد فيه السائق الحق في السياقة سيما وان تحديد هده الفترة يعد مسألة ضرورية في حالة ارتكاب هذا الأخير، بعد المخالفة التي نتج عنها فقدان الرصيد المتبقي من النقط، حادثة سير ترتب عنها جروح غير عمدية أو قتل غير عمدي من شأنه إثارة مسؤوليته المدنية، فالمحكمة ستكون ملزمة بالبث في التامين والقول بقيام الضمان من عدمه. وكما هو معلوم فسياقة سيارة بدون رخصة من مستثنيات الضمان، وبالتالي فمن اللازم أن نعرف بالضبط الوقت   الذي يفقد فيه السائق الحق في السياقة نتيجة إلغاء رخصته لنفاد الرصيد المخصص لها،  هل من تاريخ ارتكاب المخالفة أم من تاريخ توصله بالإشعار   أم من تاريخ تسليم الرخصة للإدارة ؟ لنفرض مثلا أن سائقا ارتكب مخالفة   ترتب عنها سحب ما تبقى له من رصيد النقط، تم بعد ذلك وقبل توصله بالإشعار وبالأمر بضرورة وضع الرخصة ارتكب حادثة سير مقترنة بجروح أو قتل، فهل في هذه الحالة  سيبقى الضمان  ساريا أم لا ؟خاصة وان السائق لا يعلم بواقعة فقدانه للرصيد الموجب لإلغاء الرخصة مادام انه لم يتوصل بعد بالإشعار وبالأمر بوضع الرخصة لدى الإدارة.

 سأكتفي بطرح الإشكال واترك الجواب لما سيفرزه العمل القضائي في هذا المجال.

وسحب النقط من رخصة السياقة   يتم بناء على نسخ مقررات قضائية حائزة لقوة الشيء المقضي به تحيلها النيابة العامة أو نسخ الوثائق التي تثبت أداء الغرامة التصالحية أو الجزافية،  وهو الأمر الذي  يطرح  عدة أسئلة  وعلامات استفهام  بخصوص مدى إمكانية  نجاح هذه التجربة،  في ظل الاحتمال الكبير  لحدوث تأخر  في تبليغ المقررات القضائية وتسجيلها بالنظر إلى الحجم الهائل  لقضايا السير التي  تروج بالمحاكم، وكذا  بالنظر الي النتائج  المسجلة على مستوى مؤسسات  مشابهة   كمؤسسة السجل العدلي   نموذجا وما تعرفه من تأخير في تسجيل العقوبات ، وكذا بالنظر لعدم تمكين المتدخلين في هذا المجال  ( شرطة قضائية  – نيابة عامة – قضاة الحكم) من الآلات والأجهزة التي تمكن من قراءة المعلومات المضمنة بالحامل الالكتروني  .

الحالة الثالثة:ارتكاب السائق حادثة سير أدت إلى جروح أو إصابة أو مرض نتج عنه عاهة مستديمة،  متى كانت الحادثة مقرونة بإحدى الأفعال المحددة في الفقرة الثانية في المادة 169 من القانون رقم 05-52 كأن يكون السائق   في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول أو تحت تأثير مواد مخدرة…(المادة 169 / فقرة 2).

و تجدر الإشارة إلى أن كل شخص أدلى بشهادة طبية تبث إصابته بعجز تفوق مدة 21 يوم أو بعاهة مستديمة سيكون ملزما بالخضوع إلى خبرة طبية ( المادة 171 من مدونة السير ).ويعتبر هدا الإجراء ضمانة أساسية للحد من ظاهرة حوادث السير الوهمية ومن الشواهد الطبية التي تسلم في حالات عديدة على سبيل المجاملة.

الحالة الرابعة:حالة ارتكاب حادثة سير أدت إلى قتل غير عمدي،  متى كان الحادث مقترنا بالحالات المحددة في الفقرة الثانية من المادة 172.  ففي هذه الحالة يتم إلغاء رخصة السياقة، مع المنع من اجتياز امتحان الحصول على رخصة   سياقة جديدة   لمدة سنتين إلى أربع سنوات على النحو الذي سيتم تفصيله في الفقرة الموالية.

 

الفقرة الرابعة: حالات الحرمان من الحق في الحصول   على رخصة سياقة جديدة:

وتتمثل هده الحالات في ما يلي:

الحالة الأولى:وهي التي تم النص عليها في المادة 148 من المدونة، حيث يتم حرمان من ضبط وهو يسوق مركبة تتطلب سياقتها رخصة دون أن يكون حاصلا على تلك الرخصة من حق الحصول على رخصة السياقة لمدة اقصاها3 اشهر، أو من ضبط وهو يسوق مركبة برخصة لا تتناسب والرخصة المتطلبة لسياقتها، حيث يحرم من حق الحصول على الرخصة الخاصة بسياقة ذلك النوع من المركبات لمدة أقصاها أيضا 3 اشهر، وترفع مدة الحرمان إلى الضعف في حالة العود.

 

الحالة الثانية:وهي المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 151 من القانون رقم 05-52 حيث لا يمكن لمن ارتكب جنح   استعمال وسائل غير قانونية للمشاركة في امتحان الحصول على رخصة السياقة   دون أن يكون له الحق، وكذا من أدلى بتصريحات كاذبة عن هويته أو انتحل صفة مرشح لاجتياز امتحان الحصول على رخصة السياقة أو زيف أو زور رخصة السياقة الخاصة به، أن يتقدم للامتحان لأجل الحصول على رخصة جديدة إلا بعد انصرام اجل   يتراوح ما بين سنة واحدة وثلاث سنوات ابتداء من تاريخ صدور مقرر حائز لقوة الشيء المقضي به.

 الحالة الثالثة: وهي المنصوص عليها في المادتين 152 و153 من نفس القانون. حيث يمنع من التقدم لامتحان   الحصول على رخصة سياقة   جديدة كل شخص   ضبطت في حقه   إحدى المخالفات المقررة في المادة 152 وهي عدم إيداع الرخصة داخل الآجال المحددة له والسياقة بدون رخصة،   الحصول أو محاولة الحصول على نظير رخصة السياقة   الخاصة به، التقدم لاجتياز امتحان الحصول على الرخصة قبل انصرام الأجل المحدد له.ومدة الحرمان في هذه الحالة تتراوح ما بين ستة اشهر والسنة الواحدة، وذلك ابتداء من صدور آخر  مقرر  قضائي  حائز  لقوة الشيء المقضي  به .

 

الحالة الرابعة:وهي المنصوص عليها في المادة 154/ الفقرة 2 حيث يحرم كل من ضبط وهو يتولى السياقة   برخصة مزورة من اجتياز امتحان الحصول على رخصة السياقة لمدة تتراوح ما بين السنة والسنتين ودائما ابتداء من تاريخ صدور مقرر حائز لقوة الشيء المقضي به.

الحالة الخامسة:حالة ارتكاب حادثة سير أدت إلى جروح أو إصابة أو مرض ترتب عنه عاهة مستديمة، وكانت الحادثة نتيجة السياقة في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول أو تحت تأثير مواد مخدرة أو كان الفاعل تحت تأثير أدوية تحظر السياقة بعد تناولها وكذا في حالة تجاوز السرعة القصوى المسموح بها بما يعادل أو يفوق 50 كلم في الساعة.أو السياقة بدون رخصة السياقة أو السياقة خرقا للمقرر القضائي   بسحب رخصة السياقة أو توقيفها أو إلغائها.   

 

 خلاصة:

هكذا يتضح إذن بان الحق في السياقة الذي تخوله الرخصة لصاحبها ليس حقا مطلقا وإنما هو حق نسبي ومؤقت يزول متى ارتكب السائق إحدى الأفعال التي تفضي إلى توقيف أو سحب أو إلغاء الرخصة، ويبقى التطبيق العملي للمقتضيات القانونية المسطرة في مدونة السير الكفيل بإظهار ايجابيات القانون الجديد وسلبياته.ولا شك أن توفير الإمكانيات والوسائل التقنية وتمكين مختلف المتدخلين والفاعلين منها يعتبر محددا وعاملا أساسيا للنجاح في ضمان الأهداف المتوخاة عند وضع هذا القانون.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى