قراءة نقدية في المرسوم الخاص بتنظيم مؤسسات الشباب التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالشباب – سعيد الطواف دكتوراه في القانون
قراءة نقدية في المرسوم الخاص بتنظيم مؤسسات الشباب التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالشباب
سعيد الطواف دكتوراه في القانون
صدر في الجريدة الرسمية عدد 7118 بتاريخ 18/08/2022 مرسوم رقم 2.21.519 الصادر في 3 غشت 2022 المتعلق بتنظيم مؤسسات الشباب التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالشباب، والذي يعتبر أول مرسوم يختص في تنظيم مؤسسات الشباب التابعة لوزارة الشباب، رغم أن هذه المؤسسات (التي حددها المرسوم في مؤسستين اثنين هي دار الشباب ومركز الاستقبال) تشتغل منذ فجر الاستقلال، حيث كان العرف الإداري، هو السائد منذ عقود.
في شأن الإحالة:
يحيل المرسوم الجديد على قانونين اثنين، يتعلق الأول بالدستور وخاصة منه الفصل 90 الذي ينص على أنه : يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه للوزراء. تحمل المقررات التنظيمية، الصادرة عن رئيس الحكومة، التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها”، وهو إجراء شكلي يخول للوزير المكلف بالقطاع بأن يوقع بالعطف على هذا المرسوم الجديد. أما القانون الثاني، فيتعلق بالمرسوم رقم 254.13.2 الصادر في 21 ماي 2013 المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة الشباب والرياضة، باعتبار أن المرسوم الجديد يخص مؤسسات تابعة لقطاع الشباب، ومن ضمن الهيكلة التي جاء بها المرسوم السالف الذكر، أن دار الشباب ومركز الاستقبال مؤسستين تابعتين إداريا لمديرية الشباب والطفولة والأندية النسوية.. وبالتالي فإن هذه الإحالات تعتبر شكلية من أجل إصدار مرسوم يحترم الشكل قبل المضمون.
من حيث الشكل:
يتألف المرسوم الجديد من 5 أبواب و25 مادة، يتكون الباب الأول الذي جاء باسم “مقتضيات عامة” من 4 مواد تهم التعريف بمؤسسات الشباب التابعة للقطاع حيث تم تحديد مؤسستين فقط هما دار الشباب ومركز الاستقبال، وكيفية إحداثها ومن المخول لهم الاستفادة منهما.
أما الباب الثاني باسم “تنظيم دار الشباب ومهامها” فيتكون من 8 مواد خصصت أساسا للتعريف بنوع الخدمات وتحديد السن المخول لها ولوج المؤسسة وتطرقت كذلك لكيفية إنشاء “مجلس دار الشباب” ، بينما جاء الباب الثالث “كيفية الاستفادة من خدمات دار الشباب” من 4 مواد حددت كيفية الانخراط في المؤسسة ومواصفات الأطر التربوية التابعة للجمعيات النشيطة بدور الشباب، وتم تسمية الباب الرابع بـ “تنظيم مراكز الاستقبال ومهامها” والمكون من 6 مواد فسرت مهام مدير المؤسسة والفئات العمرية المخول لها الاستفادة من المركز، وفي الباب الخامس “مقتضيات ختامية” من 3 مواد.
ما قبل المرسوم كان العرف الإداري:
أول سؤال يتبادر إلى الدهن عندما يوصف المرسوم الجديد بأنه أول مرسوم ينظم عمل مؤسسات الشباب، هو: كيف كانت تسيَر دور الشباب ومراكز الاستقبال سابقا؟ والجواب بسيط، لأنه أمام انعدام تشريع مكتوب، كان على مسيري مؤسسات الشباب إيجاد مصدر آخر لتأطير تدخلاتهم في التدبير والتسيير، فكان “العرف الإداري”.
فالعرف الإداري هو مجموعة القواعد التي درجت الإدارة على إتباعها في أداء وظيفتها في مجال معين من نشاطها وتستمر فتصبح ملزمة لها، وتعد مخالفتها مخالفة للمشروعية وتؤدي إلى أبطال تصرفاتها بالطرق المقررة قانوناً[1]. ويأتي العرف الإداري في مرتبة أدني من مرتبة القواعد القانونية المكتوبة، فهو مصدر تكميلي للقانون يفسر ويكمل ما نقص منه ولكي يصبح سلوك الإدارة عرفاً إدارياً و مصدراً من مصادر القانون الإداري، يجب أن يتوافر فيه ركنان: ركن مادي و ركن معنوي.
فالركن المادي يتمثل في اعتياد الإدارة على إتباع سلوك معين في نشاط معين وقد يكون هذا الاعتياد ايجابياً يظهر في صورة القيام بعمل، كما يمكن أن يكون سلبياً في صورة الامتناع عن القيام بعمل ما، على أن يكون هذا العمل أو الامتناع بشكل ثابت ومستقر ويتكرر في الحالات المماثلة بشرط أن يمضي الزمن الكافي لاستقراره، وتقدير ما إذا كانت هذه المدة كافية لوجود العرف من عدمه أمر مرجعه إلى القضاء[2].
أما الركن المعنوي، فهو اعتقاد الإدارة والأفراد بإلزامية القاعدة المتبعة وضرورة احترامها وعدم مخالفتها واعتبار ذلك مخالفة قانونية تتطلب الجزاء، وبهذا المعنى تكون القرارات الإدارية التي تصدر مخالفة للعرف الإداري غير مشروعة وعرضة للإلغاء إذا طعن في مشروعيتها أمام القضاء[3].
إلى جانب ذلك يجب أن يكون العرف الإداري عاماً تطبقه الإدارة بشكل منتظم ومستمر بلا انقطاع في جميع الحالات المماثلة وأن يكون مشروعاً وغير مخالف لنص قانوني.
ومن الجدير بالذكر إن التزام الإدارة باحترام العرف لا يحرمها من إمكانية تعديله أو تغييره نهائياً إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة فالإدارة تملك تنظيم القاعدة التي يحكمها العرف بيد أن قيام العرف الجديد يتطلب توفر الركنين السابقين فلا يتكون بمجرد مخالفة الإدارة للعرف المطبق[4].
ومع ذلك فإن دور العرف كمصدر رسمي للقانون الإداري يعد أقل أهمية من المصادر الرسمية الأخرى لصعوبة الاستدلال على القاعدة العرفية من جهة، ولأن الإدارة في الغالب تلجأ إلى المناشير والمذكرات كوسيلة لتنظيم نشاطها الإداري من جهة أخرى[5].
دواعي تنزيل المرسوم:
لا أحد ينكر أن قطاع الشباب بالمغرب يعاني من فراغ تشريعي مهول، يتمثل في قلة (إن لم نقل انعدام) التشريعات التي تؤطر بشكل خاص التدبير الإداري لمؤسسات القطاع، فمنذ عهد أحمد بن سودة، الذي كان أول مسؤول وزاري للقطاع بعد الاستقلال، عندما عين كاتبا للدولة في الشبيبة والرياضة سنة 1956، لم يجرأ أي مسؤول من الاقتراب نحو تأطير العمل الإداري لمؤسسات الشباب بقانون واضح المعالم لتيسير المأمورية للمسؤول عن مؤسسة الشباب، تاركين ذلك لبعض المذكرات والمناشير الوزارية التي استندت مجملها على العرف الإداري. حيث كانت عملية تدبير دور الشباب أو المخيمات أو مراكز الاستقبال أو الأندية النسوية أو نوادي الأطفال أو المراكز السوسيو-تربوية وغيرها، متروكة للعرف الإداري، وفي أفضل الحالات للمذكرات وبعض المناشير الوزارية التي كانت تتغير ديباجتها من وزير لآخر.
استمر هذا الفراغ التشريعي في القطاع لمدة 65 سنة، ليكون تاريخ 8 شتنبر 2021 شاهدا على ميلاد أول مرسوم ينشر بالجريدة الرسمية يهم التدبير الإداري لأحد أهم مرافق القطاع “المخيم”، ثم بعد قرابة السنة تم إخراج مرسوم مؤسسات الشباب في غشت 2022، حيث يمكن اعتبار هذه البادرة غير مسبوقة من طرف الوزارة من أجل تقنين العمل الإداري لمؤسسات القطاع بآلية قانونية منشورة بالجريدة الرسمية يمكن لموظفي القطاع الاستناد إليها.
لماذا مرسوم تنظيمي وليس أداة تشريعية أخرى؟
تعرف القرارات الإدارية، ومن ضمنها المراسيم، بشكل عام على كونها إفصاح الإدارة عن إرادتها المنفردة الملزمة بمقتضى ما لها من سلطة عامة تقررها القوانين والمراسيم، وذلك بقصد إنشاء أو تعديل أو إلغاء أحد المراكز القانونية متى كان ذلك عمليا وجائزا قانونا، وكان الهدف منه تحقيق مصلحة عامة[6].
وتتميز القرارات التنظيمية باشتمالها على قاعدتي العمومية والتجريد، فهي قرارات تسري على جميع الأفراد الذين تنطبق عليهم شروط معينة، فالمراسيم تعتبر تشريعا فرعيا يقوم إلى جانب التشريع العادي، غير أن هذا التشريع لا يكون مصدره السلطة التشريعية بل التنفيذية أي الحكومة.
ولم يضع المشرع المغربي تعريفا محددا للمقررات التنظيمية، بل نص فقط، بعد تحديده لمجال القانون من خلال الفصل 72 من الدستور، على أن المواد التي لا تندرج ضمن مجال القانون تدخل ضمن مجال التنظيم. وبما أن مجال تسيير مؤسسات الشباب، لا يدخل ضمن مجالات القانون المحدد في الدستور، تم التوجه مباشرة إلى آلية المرسوم الوزاري، كونها تندرج ضمن رؤية تهدف إلى تحقيق الفعالية والسرعة في إعداد وتنفيذ القانون.
لقد أوكل الدستور المغربي لسنة 2011 في فصله 90 لرئيس الحكومة مهمة ممارسة السلطة التنظيمية (الفصل 90 من ستور 2011: “يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه للوزراء. تحمل المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة، التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها”. وبالتالي، فرئيس الحكومة هو صاحب الاختصاص الأصيل في ممارسة السلطة التنظيمية، والوزراء لا يتمتعون بأي سلطة تنظيمية مستقلة، ولا يملكون إلا التوقيع بالعطف على مراسيم رئيس الحكومة؛ وأن الموضوعات التي تناولها الفصل 71 من الدستور يجب أن لا تطالها السلطة التنظيمية، التي يمارسها رئيس الحكومة، بالتشريع؛ وتعتبر الحكومة كهيئة جماعية مكلفة بضمان تنفيذ القوانين تحت سلطة رئيس الحكومة[7].
أهم الإشكاليات المطروحة في تطبيق المرسوم
من ضمن 25 مادة يحتويها المرسوم، يمكن رصد 12 مادة قد تطرح إشكالات عند تطبيقها على أرض الواقع:
- المادة 2: التي حددت الخدمات التي تقدمها دار الشباب في الأنشطة ذات الطابع التربوي والثقافي والفني والترفيهي، متناسية الأنشطة الرياضية لأن هناك دور للشباب تتوفر على ملاعب رياضية، وأخرى رغم عدم توفرها على الملاعب ينشط بداخلها نوادي لكرة الطاولة والشطرنج والمسايفة..إلخ وهي كلها أنشطة رياضية لم يتم إدراجها في هذه المادة التي حددت على سبيل الحصر الأنشطة التي يمكن لمؤسسات الشباب احتضانها، وكأن بالمرسوم يقول لمديري دور الشباب: ممنوع ممارسة الرياضة داخل مؤسساتكم ! وفي نفس المادة 2، حدد المرسوم عمل مراكز الاستقبال كمراكز إقامة، في حين أنها مراكز إقامة وتنظيم الأنشطة، فهناك عدة جمعيات ومؤسسات أخرى وحتى مصالح الوزارة الوصية على قطاع الشباب، تنظم ورشات عمل وأنشطة ترفيهية داخل مراكز الاستقبال، وبالتالي فإن تحديد المرسوم لعمل مراكز الاستقبال في تقديم خدمات الاستقبال والإيواء والإطعام فقط هو حيف لهاته المؤسسات التي طالما استنجدت بها الجمعيات وحتى مصلحة المخيمات ومصلحة الشباب لتنظيم بعض المخيمات والأنشطة ذات الطابع النظري والعملي داخل أسوارها.
من جانب آخر، حددت المادة 2 من له حق الاستفادة من هاته المراكز في إطار خاص بالبرامج التربوية والثقافية والسياحية الموجهة للشباب، التي تعدها السلطة الحكومية المكلفة بالشباب أو تشرف عليها، أي أن برامج الوزارة هي الوحيدة المخول لها طرق باب المركز، ليبقى التساؤل مطروحا حول مدى استفادة برامج الجمعيات من احتضان مراكز الاستقبال لها وتنظيم أنشطة بداخلها؟
- المادة 3، يمكن اعتبار هذه المادة أحد حسنات هذا المرسوم، فقد حددت، ولأول مرة، من له حق إغلاق دار الشباب أو مركز الاستقبال، حيث حددتها المادة في السلطة المكلفة بقطاع الشباب، وهي إشارة قوية موجهة لبعض الجهات والوزارات التي كانت تغلق مؤسسة دار الشباب أو مركز الاستقبال لسبب من الأسباب تراه هي مناسبا دون الرجوع إلى الوزارة الوصية (كالولاة والعمال..إلخ)، لكن الإشكال المطروح في تطبيق هذه المادة يتمثل في مدى قدرة القطاع الوصي في الحفاظ على مؤسساته مفتوحة في وجه العموم وعدم الانصياع لبعض الأوامر الصادرة من أحد العمال أو الولاة؟ .
من جهة أخرى حددت المادة على سبيل الحصر أسباب إغلاق السلطة الحكومية المكلفة بالشباب لمؤسسات الشباب، من خلال ما إذا تبين للوزارة الوصية أن استمرار مؤسسة للشباب في تقديم خدماتها من شأنه أن يشكل خطرا على صحة المستفيدين أو سلامتهم أو من أجل معالجة صعوبات تتعلق بتدبير هذه المؤسسات. وبالتالي، فإن أي سبب آخر خارج هذين السببين (الخطر والصعوبة) لا يخول لأي سلطة كانت إغلاق دار الشباب أو مركز الاستقبال في وجه العموم.
- المادة 4: بعد أن حددت المادة 2 من له الحق في الاستفادة من مراكز الاستقبال، جاءت المادة 4 متعارضة مع المادة 2، حيث فتحت المجال أمام الجمعيات وبرامجها للاستفادة من مراكز الاستقبال بعد أن كانت المادة 2 قد حصرته فقط في البرامج التي تعدها السلطة الحكومية المكلفة بالشباب، وهنا يطرح إشكال أمام مدير المؤسسة، هل سيحتكم للمادة 2 التي ترفض أي برنامج جمعوي يمكن تطبيقه داخل أسوار مركز الإستقبال، أم سيرتكن للمادة 4 التي سمحت للجمعيات وبرامجها من تلك الاستفادة؟
- المادة 5: حددت هذه المادة الفئة العمرية التي يمكنها ولوج دار الشباب في 7 – 34 سنة كاملة، أي أن من له أقل من 7 سنوات ومن يفوق 34 سنة لا يحق له الاستفادة من هذه المؤسسة التي كانت منذ الاستقلال ملاذا لكل الفئات العمرية، وهو ما يعتبر أحد أكبر الإشكاليات التي ستواجه تسيير دار الشباب تحت حضن هذا المرسوم، فهل هو خطأ في التقدير أم توجه وزاري لحصر الفئات العمرية المستفيدة من خدمات دار الشباب؟ فكل أطر الوزارة والجمعيات تعلم جيدا أن الفئات العمرية التي تلج للمؤسسة تبتدأ من 5 سنوات إلى أكثر من 100 سنة، وهو ما يعتبر إقصاء لفئات عريضة ليست لها مؤسسات تحتضنها، مثل جمعيات المتقاعدين، وجمعيات أخرى يصل متوسط سن أطرها الـ 40 سنة.
- المادة 6: نفس الملاحظة التي تغاضت عنها المادة 2، أي عدم الإشارة للأنشطة الرياضية.
- المادة 13: حددت المادة ضرورة تقديم ملف الانخراط في أنشطة دار الشباب لمدير المؤسسة، والذي يجب أن يتضمن على طلب الانخراط ونسخة من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية للمعني بالأمر أو لنائبه الشرعي، ووثيقة تثبت النيابة الشرعية عند الاقتضاء، وصورتان شمسيتان للمعني بالأمر. ولم تشر المادة إلى واجب الإنخراط بالمؤسسة كما هو معمول به في جل المؤسسات منذ سنين، أي أنه الآن يجب على مدير دار الشباب الكف عن المطالبة بواجب الانخراط، سواء للمستفيد من أندية دار الشباب أو من الجمعية.
- المادة 14: فرضت هذه المادة على كل مستفيد من أنشطة دار الشباب، وكذلك كل العاملين بالمؤسسة، بأن يكتتبوا في بوليصة للتأمين، لكن المادة تغاضت عمن هو المكلف بتغطية تكاليف هذا التأمين، هل الوزارة أم الجمعية أو رائد دار الشباب؟
- المادة 15: دأبت العديد من دور الشباب بتنسيق مع مجلس الدار، على فرض واجب للإنخراط على الجمعيات النشيطة بالمؤسسة، يتراوح في المتوسط بين 50 و 100 درهم للجمعية خلال السنة، وذلك بهدف المساهمة في مصاريف التسيير الخاصة بالمؤسسة والحد من تقليص عدد الجمعيات النشيطة داخل الدار التي تكون في الغالب تتوفر على قاعات محدودة. لكن المادة 15 تغاضت عن هذا العرف الذي دأب عليه مسؤولو المؤسسة منذ سنوات، وأصبح واجب الانخراط غير قانوني في هذه الحالة.
- المادة 16: كيف لمدير مؤسسة للشباب تحديد ما إذا كان الإطار الجمعوي قد صدر في حقه حكم قضائي؟ فالمادة تعني مباشرة أنه على مدير المؤسسة فرض وثيقة السجل العدلي أو ما يعادلها لكي يلج الإطار الجمعوي للمؤسسة (يستثنى من هذا الإجراء الأطر الأعضاء في مكتب الجمعية لأنه خلال تأسيس الجمعية يتم فرض الادلاء بالسجل العدلي لأعضاء المكتب).
من جهة أخرى، فرضت المادة في فقرتها الثانية، على الإطار الجمعوي أن يكون متوفرا على سنتين من التجربة، وهذا يصعب التحقق منه، وإلا سيصبح مدير المؤسسة مثل شرطي خاص بالجمعيات!
- المادة 17: نفس الملاحظة بالنسبة للمادة 5، حيث تم تحديد السن المخول لها ولوج مركز الاستقبال ما بين 7-34 سنة!
- المادة 18: تتنافى هاته المادة مع ما جاءت به المادة 2 التي حددت مركز الاستقبال كمكان للإقامة فقط، حيث جاء في المادة 18 أن المركز يجب أن يوفر فضاءات لتنظيم الأنشطة.
- المادة 21: حددت المادة من له حق البت في طلبات الجمعيات أو المؤسسات العاملة في مجال الشباب الراغبة في الاستفادة من الخدمات التي يقدمها مركز الاستقبال، في شخص المدير فقط، أي أن مصلحة السياحة الثقافية للشباب ومراكز الاستقبال ليس لها الحق في ذلك عكس ما كان سابقا.
من جهة أخرى، لم يشر المرسوم لا من بعيد أو قريب لأي مقابل مادي يمكن فرضه على الجمعيات والهيئات التي تستفيد من المركز!
مدى استجابة المرسوم لانتظارات الموظف والجمعوي:
رغم أهمية التأطير القانوني لتدبير مؤسستي دار الشباب ومركز الإستقبال، إلا أن إخراج المرسوم بدون استشارة أهل الاختصاص (مديرو المؤسسات ورؤساء مجالس دور الشباب)، جر عليه عدة انتقادات أهمها البلاغ الصادر عن “الإئتلاف المغربي لمجالس دور الشباب” بتاريخ 4 دجنبر 2022، والذي وصف المرسوم الجديد بـ “العاجز عن الاستجابة لتطلعات مجالس دور الشباب الأعضاء بالإئتلاف”، واعتبر أن “إخراج هذا المرسوم هو محاولة لتقزيم عمل المجالس وأدوارها التاريخية في تطوير البرامج والمبادرات التي ساهمت في تعزيز موقع دار الشباب بالمغرب”، واعتبر البلاغ أن “الحاجة ملحة للعمل المشترك بين الوزارة الوصية والائتلاف من أجل إخراج إطار قانوني حقيقي لتنظيم عمل ومهام واختصاصات دار الشباب”، منوها أن الإئتلاف سيعمل على “تنظيم المناظرة الوطنية لمجالس دور الشباب خلال شهر فبراير 2023 من أجل الترافع عن إطار قانوني لمؤسسة دار الشباب دامج ومنصف”.
من جانبهم عبر مديرو دور الشباب التابعين لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، عن استغرابهم لبعض مواد المرسوم، وذلك خلال الورشات التي نظمت على هامش اللقاء الوطني لدور الشباب يومي 15 و16 نونبر 2022 تحت شعار ” دور الشباب: فضاءات للتنمية والإدماج “، حيث اعتبر العديد من مديري دور الشباب أن بعض مواد المرسوم لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع.، مطالبين بتعديلها حتى يتسنى لهم تسيير مؤسساتهم بشكل سليم وقانوني.
——————————————– سعيد الطواف
دكتوراه في القانون
- بعض المنشورات القانونية للمؤلف:
- https://academia-arabia.com/ar/reader/2/40769
- سعيد الطواف، مستجدات الرقابة على دستورية القوانين على ضوء دستور 2011، مجلة العلوم القانونية، سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية،ع2/2014.
- https://academia-arabia.com/ar/reader/2/40305
[1] عبد العزيز بن محمد الصغير – القانون الإداري بين التشريعين المصري والسعودي – الطبعة 1 /2015 – ص.32
[2] عبد العزيز بن محمد الصغير – نفس المصدر السابق – ص.32
[3] عبد العزيز بن محمد الصغير – نفس المصدر السابق – ص.32
[4] د. طعيمة الجرف – رقابة القضاء على أعمال الإدارة العامة، قضاء الإلغاء – دار النهضة العربية 1984
[5] عبد العزيز بن محمد الصغير – نفس المصدر السابق – ص.33
[6] مليكة الصروخ، القانون الإداري، دراسة مقارنة طبعة 2010، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، ص424
[7] أمين السعيد، مؤسسة رئيس الحكومة في الدستور المغربي لسنة 2011، سلسلة البحث الأكاديمي (التي تصدرها مجلة العلوم القانونية) الإصدار الثالث، مطبعة الأمينة 2014، ص 169،170.