إن قاضي التحقيق هو الساهر الأول على إنجاز التحقيق الإعدادي ، فقد قال فيه الأستاذ بيير دوفي المحامي العام بمحكمة الاستئناف بالرباط في ندوة وزارة العدل المنعقدة بتاريخ 20 أبريل 1959 بأن " هذا الرجل الذي يملك سلطات واسعة ويتصرف في حرية المواطنين وشرفهم يباشر مهمته ضمن شبكة القوانين العسيرة حيث ينبغي له أن يستعمل علمه و خبرته، لكن في نهاية الأمر إنما هي صفاته الأخلاقية وضميره وفضائله التي تكسب مهمته عظمتها الحقيقية " .
مؤسسة قاضي التحقيق بحيث إذا كان الفصل 6 من الظهير بمثابة قانون رقم 448-74-1 الصادر بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) المتعلق بالإجراءات الانتقالية قد حصر القضاة المكلفين بالتحقيق في محاكم الاستئناف، فإن المادة 52 من ق.م.ج.الجديد قد أحدثت قضاة للتحقيق بالمحاكم الابتدائية إذ نصت على أن " * يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم الابتدائية من بين قضاة الحكم فيها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية، * يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في محاكم الاستئناف من بين مستشاريها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل بناء على اقتراح من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف " .
ويعتبر إبقاء القانون على هذه المؤسسة من المكتسبات بالنظر لما توفره من ضمانات قانونية للمتهم والمجتمع على حد سواء مما يعين على الوصول إلى الحقيقة في مجال لا يخلو من التعقيد وهو المجال الجنائي الذي يهيمن عليه مبدأ حرية الإثبات والقناعة الوجدانية للقاضي الجنائي .
و بالرجوع إلى المادة 52 من ق.م.ج. الجديد نستشف أن المشرع المغربي تبنى ثنائية التحقيق وذلك بجعل التحقيق على مستوى المحاكم الابتدائية بالإضافة إلى تواجده بمحاكم الاستئناف أسوة ببعض التشريعات المقارنة كالتشريع المصري الذي سبق له أن سلك هذا المنحى وذلك من خلال المادة 64 من قانون الإجراءات الجنائية المصري التي نصت على أنه " إذا أرادت النيابة العامة في مواد الجنايات والجنح أن تحقيق الدعوى بمعرفة قاضي التحقيق أكثر ملاءمة بالنظر إلى ظروفها الخاصة جاز لها في أية حالة كانت عليها الدعوى أن تخابر رئيس المحكمة الابتدائية وهو يندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة هذا التحقيق ".
ويجوز للمتهم أو للمدعي بالحقوق المدنية أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية إصدار قرار بهذا الندب ويصدر رئيس المحكمة هذا القرار إذا تحققت الأسباب المبينة بالفقرة السابقة بعد سماع أقوال النيابة العامة و يكون قراره غير قابل للطعن، وتستمر النيابة العامة في التحقيق حتى يباشرها القاضي المندوب في حالة صدور قرار بذلك " .
ومن الأسباب الرئيسية التي دفعت بالمشرع المغربي إلى إعادة النظر في تنظيم وتقييم مؤسسة قاضي التحقيق التحول والتطور العميق الذي شهده المغرب خلال السنوات الأخيرة من أجل تركيز سيادة دولة الحق والقانون، وكذا نتيجة لدخوله عتبة القرن الواحد والعشرين الذي تكتسحه عولمة الاقتصاد وعالمية القانون الجنائي، وقد أكد هذا التوجه المغفور له صاحب الجلالة الحسن الثاني طيب الله ثراه عند استقباله لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 24 أبريل 1995 وذلك بقوله " إن المغرب إذا أراد أن ينفتح على العالم يجب أن يكون كذلك قضاؤه متفتحا وفي مستوى قضاء العالم لأنه لا يمكن ذلك المال الأجنبي عارفا أنه في مأمن الشطط وسوء الفهم، فالقضاء اليوم لم يصبح فقط أساسا لطمأنينة الرعية والمجتمع بل أصبح ضروريا للنماء ".
وعليه ومن خلال ما سبق سنحاول التعرض إلى :
أولا : مجال التحقيق الإعدادي و السلطات التي يمارسها قاضي التحقيق
ثانيا : علاقة قاضي التحقيق بالنيابة العامة .
أولا : مجال التحقيق الإعدادي والسلطات التي يمارسها قاضي التحقيق :
– مجال التحقيق الإعدادي : إن التحقيق الإعدادي هو مرحلة من مراحل القضية الجنائية تتوسط البحث التمهيدي الذي تباشره الشرطة القضائية والتحقيق النهائي الذي تباشره المحكمة في الجلسة ، وحسب رأي الفقه والقضاء تعد هذه المرحلة دعامة أساسية لحقوق الإنسان وركيزة مهمة في تحقيق المحاكمة العادلة .
ويعد التحقيق الإعدادي كذلك مجموعة من التحريات تستهدف استكمال المعلومات وجمع الحجج التي تكون في صالح المتابع أو ضده من طرف سلطة قضائية مختصة يحق لها في نهاية الأمر أن تقرر ما إذا كان مناسبا أو غير مناسب إحالة القضية على المحكمة؛ وعليه فإن قاضي التحقيق له مهمة مزدوجة تتمثل من جهة أولى في جمع الأدلة المتعلقة بالجريمة التي توبع من أجلها الظنين، ومن جهة ثانية في تقدير قيمة تلك الأدلة لمعرفة ما إذا كانت كافية أو غير كافية للاستمرار في المتابعة ، وقد كانت المادة 84 من ق.م.ج. الصادر في 10 فبراير 1958 تلزم بالقيام بالتحقيق الإعدادي في جميع الجنايات و تجعله اختياريا في الجنح ما لم يوجد نص خاص، كما كانت تسمح للنيابة العامة بإمكانية إحالة المخالفات على التحقيق، و لم يكن يستثن من هذه القواعد العامة إلا الحالات التي يقضي فيها نص قانوني بحكم مخالف مثل المادة 2 من قانون 26 يوليو 1971 المعدل للقانون العسكري و المادة 17 من قانون محكمة العدل الخاصة( 6 أكتوبر 1970 ) اللتين تجيزان للنيابة العامة إحالة الجنايات المتلبس بها على المحكمة مباشرة دون إجراء التحقيق بشأنها .
لكن بعد صدور ظهير الإجراءات الانتقالية بتاريخ 28 شتنبر 1974 تقلص مجال التحقيق فأصبح إلزاميا فقط في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد(ف 7 م. إ) وفي الجنايات المقترفة من طرف الأحداث( ف 20 من م.إ ) أما في المخالفات فقد أسقطت إمكانية اللجوء إلى التحقيق أصلا .
أما في ظل ق.م.ج.الجديد فنجد أن المشرع حافظ على نظام التحقيق كما كان معمولا به سابقا، أي التحقيق على صعيد محكمة الاستئناف بصفة إجبارية في الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث أو الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد وفي الجنح الوارد بشأنها نص خاص و بصفة اختيارية في باقي الجنايات ، وأضاف التحقيق على صعيد المحكمة الابتدائية و ذلك بجعله إجباريا في الجنح كلما وجد نص خاص يقضي بــه واختياريا في الجنح المرتكبة من طرف الأحداث وفي الجنح التي يكون الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها هو خمس سنوات( المادة 83 من القانون الجديد ) .
– السلطات التي يمارسها قاضي التحقيق : إن السلطات التي يمارسها قاضي التحقيق متعددة ومتنوعة كما أنها خطيرة لما يترتب عليها من آثار على مستوى الحريات الفردية، و يمكن حصر هذه السلطات فيما يلي :
سماع الأشخاص : لقاضي التحقيق سماع بعض الأشخاص وهم : المتهم والشهود ، و يخضع سماع كل فئة من هؤلاء الأشخاص إلى إجراءات و شكليات خاصة .
أ- استنطاق المتهم و مواجهته مع الغير : الاستنطاق إجراء خطير أحاطه المشرع بكثير من الضمانات من بينها كونه لا يقوم به إلا قاضي و لا يكون أمام الشرطة القضائية و لو في إطار الإنابة القضائية .
والاستنطاق وسيلة يحصل بها القاضي من المتهم على تفسيرات تتعلق بالوقائع المنسوبة إليه وهو وسيلة دفاع واتهام في آن واحد، وسيلة دفاع لأنه ضروري و يؤدي انعدامه إلى بطلان المسطرة كما لو أغلق التحقيق دون الاستماع إلى المتهم أو دون استدعائه بصفة قانونية، إلا أن تحقق هذا الشرط تكفي فيه البيانات و الإيضاحات التي يفضي بها الظنين عند إجراء المقابلة الأولى، والاستنطاق يعتبر وسيلة اتهام بحيث يتمكن قاضي التحقيق من اللجوء إليه من جديد كلما وجد ضرورة لذلك، فالغاية منه هي تمكين المتهم من إقامة الدليل على براءته أو الاعتراف بالأفعال المنسوبة إليه وإن كان الاعتراف لا يفيد القاضي ولا يعفيه من الاستمرار في عملية التحقيق فهو لا يعتبر سوى وسيلة لإقامة الدليل ، وقد أشار القانون الجديد إلى استنطاق المتهم ومواجهته مع الغير في الباب السابع من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الإعدادي وخص له المواد من 134 إلى 141 .
ونظرا لخطورة هذا الإجراء وما يترتب عليه من آثار على حقوق المتهم نص المشرع على ضمانات تكفل حقوق الدفاع تخص المتهم الذي طلب الاستعانة بمحام .
تتمثل هذه الضمانات في ما يلي :
– حق المحامي في أن يحضر الاستنطاق المتعلق بالتحقيق في هوية المتهم (الفقرة 3/المادة 134)
– حق المتهم في الاتصال بمحاميه ( المادة 136 )
– حق المتهم في استجوابه بحضور محاميه أو بعد دعوته قانونا (1و2/المادة 139 )
– وضع ملف القضية رهن إشارة محامي المتهم ( الفقرة 3/ المادة 139 ) .
أما فيما يخص المواجهة فهي إجراء جوازي تخضع ملاءمة القيام به وتحديد توقيته للسلطة التقديرية لقاضي التحقيق وحده بحيث نصت المادة 135 من ق.م.ج.الجديد على انه " يجوز لقاضي التحقيق بالرغم من مقتضيات المادة السابقة أن يقوم فورا بإجراء أي استجواب أو مواجهة إذا دعت لذلك حالة الاستعجال الناتجة إما عن ظروف شاهد يهدده خطر الموت و إما لأن علامات موجودة أصبحت على وشك الاندثار .
يجب أن ينص في المحضر على أسباب الاستعجال " .
و إذا قرر قاضي التحقيق إجراء مواجهة بين المتهم و الطرف المدني يتعين عليه الالتزام بما أقره المشرع للمتهم عند استجوابه في الموضوع بخصوص حضور محامي المتهم أو دعوته قانونا للحضور، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 139 إذ " لا يجوز سماع المتهم و الطرف المدني أو مواجهتهما إلا بحضور محامي كل منهما أو بعد استدعاء هؤلاء المحامين بصفة قانونية ما لم يتنازل أحد الطرفين أو كلاهما صراحة عن مؤازرة الدفاع " .
ب- سماع الشهود : لم يوضح ق.م.ج.الجديد المقصود بالشهود غير أنه يستشف من قراءة نص المادة 117/1 منه أن المشرع يقصد بالشاهد كل شخص يرى قاضي التحقيق فائدة لسماع شهادته، ولا يشترط فيه القانون أن يكون شاهد عيان بل يكفي أن تكون شهادته مفيدة لإظهار الحقيقة، وقد أشار المشرع في القانون الجديد للاستماع إلى الشهود في الباب السادس من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الإعدادي وخص له المواد من 117 إلى 133 .
ويرجع لقاضي التحقيق وحده تقدير ملائمة الاستماع للشاهد وكذا كيفية استدعائه أمامه، فحسب المادة 117 من القانون الجديد قد يكون الاستدعاء بواسطة أعوان القوة العمومية أو بواسطة الأعوان القضائيين أو برسالة مضمونة أو بالطريقة الإدارية، كما يمكنه الحضور بمحض إرادته .
و حسب الفصل 131 من ق.م.ج.الجديد يجوز لقاضي التحقيق أن يستمع لشاهد في مكان خارج مكتبه في حالة تعذر حضور الشاهد أمامه، أو يصدر لهذه الغاية إنابة قضائية، إلا انه إذا تأكد لقاضي التحقيق في مثل هذه الحالة أن الشاهد افتعل عجزه جاز له الحكم عليه بغرامة تتراوح بين 200 و 10.000 درهم ( م 132 ق.م.ج ) .
و يخضع سماع الشهود لإجراءات شكلية خاصة نوردها فيما يأتي :
1- يؤدي الشهود شهادتهم على انفراد و بغير حضور المتهم ( المادة 119 ) غير أنه يجوز لقاضي التحقيق مواجهة الشهود بعضهم ببعض و مواجهتهم بالمتهمين ( المادة 125 )
2- ذكر هوية الشاهد إذ لا قيمة لشهادة مجهول
3- أداء اليمين بالصيغة الآتية " أقسم بالله العظيم على أن أشهد بدون حقد ولا خوف وأن أقول الحق كل الحق وأن لا أشهد إلا بالحق " (المادة 123 ق.م.ج ) .
غير أن القاصر الذي لم يبلغ سن 18 من العمر معفى من أداء اليمين، وكذا الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جنائية وأصول المتهم و فروعه وزوجه .
و يجوز لقاضي التحقيق الاستعانة بمترجم إذا كان الشهود يتكلمون لغة أو لهجة أو لسانا يصعب فهمه على المتهمين أو الأطراف أو الشهود الآخرين أو قاضي التحقيق .
فإذا كان الشاهد صما أو بكما توضع له أسئلة كتابية و يجيب عنها بالكتابة، وإذا كان لا يعرف الكتابة يعين له قاضي التحقيق مترجما قادرا على التحدث معه وفي هذه الحالة يذكر في المحضر اسم المترجم وسنه ومهنته ومحل سكناه واليمين التي أداها وتوقيعه على المحضر ( م 121 ) .
و من جهة أخرى فرض القانون على الشاهد بعض الالتزامات وهي :
• الحضور إلى مكتب قاضي التحقيق
• أداء اليمين
• الإدلاء بالشهادة .
– التنقل و التفتيش و الحجز : لا ينحصر مجال عمل قاضي التحقيق في مكتبه و لا يقتصر دوره على التحقيق فيما تنقله محاضر الضابطة القضائية بل إن ميدانه أوسع من مكتبه ومهمته أعظم من التحقيق الابتدائي مما يدعوه أحيانا إلى الانتقال إلى الميدان لإجراء معاينات مادية أو للقيام بعمليات التفتيش أو الحجز التي يراها مفيدة لإظهار الحقيقة ، وقد خص المشرع المغربي في القانون الجديد لموضوع التنقل والتفتيش والحجز المواد من 99 إلى 107 من الباب الرابع المشار إليه في القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الإعدادي من الكتاب الأول تحت عنوان " التحري عن الجرائم و معاينتها " .
أ- التنقل : من أهم إجراءات التحقيق التي تجعل القاضي المحقق يقف بنفسه على معلومات يصعب بل لا يمكن أحيانا أن تصل إليه من سبيل أخر ، و لهذا فهي وسيلة يتمكن بواسطتها قاضي التحقيق من الإدراك المباشر للجريمة ومرتكبها .
إن مهمة قاضي التحقيق كمحقق تفرض عليه أحيانا الانتقال إلى الميدان لإجراء معاينات مادية لم تجرها الضابطة القضائية أو لتكميل معاينة قامت بها الشرطة القضائية . وعندما ينتقل إلى عين المكان فإنه يكون ملزما دائما بأن يصحب معه كاتب الضبط الذي يسهر على تحرير محضر عن كل العمليات التي تم إنجازها من تفتيش وحجز إلى غير ذلك، و يقول Bruneau عن كاتب الضبط بأنه " بمثابة الشاهد على ما يقوم به القاضي ولا أحد منهما يستطيع أن يفعل شيئا بدون الآخر " ، ويتعين على قاضي التحقيق إشعار النيابة العامة قبل الانتقال إلى عين المكان ولهذه الأخيرة أن ترافقه إذا رأت ضرورة لذلك ( المادة 99 من ق.م.ج الجديد ) .
ب- التفتيش : هو وسيلة لإثبات أدلة مادية ويقصد به بحث مادي ينفذ في مكان ما سواء كان مسكونا أو غير مسكون وفي هذا الصدد تنص المادة 101 من ق.م.ج.الجديد على أن " يجرى التفتيش في جميع الأماكن التي قد يعثر فيها على أشياء يكون اكتشافها مفيدا لإظهار الحقيقة ويجب في هذه الحالة على قاضي التحقيق تحت طائلة البطلان أن يتقيد بمقتضيات المواد 59 و60 و62 " .
و هكذا فإن لقاضي التحقيق صلاحية تفتيش أي مكان يحتمل أن يعثر فيه على أشياء تساعد على تبديد غموض النازلة المعروضة عليه ، ويتعين عليه على الخصوص أن لا يقوم بالتفتيش خارج الساعات القانونية غير أن بإمكانه القيام بالتفتيش خارج الساعات القانونية حسبما أشارت إليه المادة 102 من القانون الجديد الذي حدد شروط جواز القيام بالتفتيش خارج الساعات القانونية وهي كالتالي :
الشرط الأول : ويتعلق بطبيعة الجريمة التي يجب أن تكون من نوع الجناية .
الشرط الثاني : ويهم من يقع التفتيش في منزله، ويجب أن يكون هو المتهم نفسه فإذا كان رب المنزل شخصا آخر وجب تفتيشه كمبدأ عام داخل الساعات القانونية لا خارجها و على خلاف هذا الحكم فإن الفصل 4 من قانون العدل العسكري يسمح بتفتيش أي منزل خارج الوقت القانوني حتى ولو كان منزلا غير منزل المتهم .
الشرط الثالث : ينبغي أن يقوم بالتفتيش قاض التحقيق شخصيا ولابد أن يكون برفقته كذلك ممثل النيابة العامة .
وعلاوة على ما سبق ينبغي على قاضي التحقيق أن يتخذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على السر المهني إذا كان التفتيش واقعا بمنزل شخص ملزم بكتمانه (المادة 103/2 م.ج ) .
ج- الحجز : لقاضي التحقيق حجز الأشياء والوثائق التي يرى أنها مفيدة لإظهار الحقيقة أو التي قد يضر إفشاؤها بسير التحقيق .
و إذا كان لقاضي التحقيق كل السلطة في حجز ما يراه مفيدا للتحقيق فعليه أيضا واجبات يتحتم عليه احترامها عند إجراء الحجز وهي :
– الاطلاع شخصيا على الوثائق قبل حجزها ويمكن لضابط الشرطة القضائية المنتدب من طرفه الاطلاع عليها أيضا
– إحصاء الأشياء أو الوثائق المحجوزة ووضع الأختام عليها
– دعوة المتهم و محاميه إلى حضور فتح الأختام و فرز الوثائق .
– التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد : يتعلق الأمر في هذا الصدد بمسألة بالغة الأهمية لكونها تشكل انتهاكا لحرمة المكالمات والمراسلات التي يحميها الدستور .
لم يرد في ق.م.ج. السابق في هذا الموضوع أي مقتضى، كما أنه لم يصدر عن القضاء المغربي أي اجتهاد لمعرفة موقفه منه .
و لقد سبق أن أثيرت مسألة شرعية التقاط المكالمات في فرنسا التي كان تشريعها يعرف فراغا قانونيا في هذا الشأن فلم يتردد القضاء الفرنسي في القول بقانونية هذا الإجراء حيث أكدت محكمة النقض الفرنسية شرعية التصنت التليفوني الذي يأمر به قاضي التحقيق بشرط ألا يقترن ذلك بحيلة فنية أو بمخالفة لحق الدفاع، ويرمي هذا القيد الأخير إلى حظر التصنت على الخط الهاتفي لمحامي المتهم، وقد استند القضاء الفرنسي في حكمه على عمومية نص المادة 81 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي، وبعد هذا الحكم أثار صاحب الشأن المسألة من جديد في قضية أخرى على أساس مخالفة المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية التي تحظر كل تدخل من جانب السلطات العامة في الحياة الخاصة، غير أن محكمة النقض رفضت الطلب بالرجوع إلى نص المادة 8 من الاتفاقية حيث رأت المحكمة ضرورة إعماله كله دون تجزئة، ذلك أن المادة المذكورة إذ تحظر التدخل في الحياة الخاصة فإنها أوردت تحفظا بنصها " إلا إذا كان هذا التدخل ينص عليه القانون وكان ضروريا للوقاية من الجرائم " . و تجدر الإشارة إلى أن ما قضت به محكمة النقض الفرنسية يتفق مع ما انتهت إليه محكمة استراسبورغ الأوربية لحقوق الإنسان حيث رفع خمسة مواطنين ألمان دعوى إلى هذه المحكمة ضد بلادهم ادعوا فيها أن القانون الألماني الصادر في 13 غشت 1968 يخالف أحكام المادة 8 من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان التي تكفل حرمة المراسلات والاتصالات اللاسلكية، لكن المحكمة الأوربية لم تنضم إلى وجهة نظرهم وقضت بأن القانون الألماني لا يزال متمشيا مع المبادئ المعمول بها في مجتمع ديمقراطي في حدود ما وضعه من قيود على التصنت على هذه الاتصالات ( قضية كالاس، حكم 9 مارس 1984) .
أما في مصر فيعتبر استراق السمع والتصنت على الأحاديث وتسجيلها اعتداء صارخا على الحياة الخاصة وانتهاكا لحق من الحقوق الأساسية للإنسان وهو حقه في أن يبوح وهو آمن بمكنون نفسه لمن يأنس إليه . وقد أقر الدستور المصري هذا الحق إذ نص في المادة 45 على أن المحادثات التيليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمتها وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر مسبب ولمدة محددة وفقا لأحكام القانون . وعزز قانون العقوبات هذه الحماية فعاقب على استراق السمع وعلى تسجيل المحادثات التي تجري في مكان خاص أو عن طريق التيليفون. إلا أن موضوع التسجيل الخفي قد أثير أمام القضاء المصري وانتهى إلى عدم قانونيته؛ غير أنه لما كانت مصلحة التحقيق تقتضي اللجوء في بعض الأحيان إلى مراقبة الأحاديث الخاصة وتسجيلها فقد أجاز المشرع المصري الأمر بذلك بشروط معينة بينتها المادتان 95 و206 من قانون الإجراءات بحيث جاءت هذه الإضافة بموجب القانون رقم 37 لسنة 1972 المسمى بقانون الحريات وقد أحاط هذا القانون تسجيل المحادثات الشخصية بضمانات معينة تبدو فيما يلي :
أ- قاضي التحقيق : يجوز لقاضي التحقيق أن يأمر بإجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص مع مراعاة الضمانات الآتية :
• أن يكون التسجيل بناء على أمر مسبب
• أن يكون الأمر لمدة لا تزيد على ثلاثين يوما قابلة للتجديد لمدة أخرى مماثلة .
ب- النيابة العامة : يجوز للنيابة العامة أن تأمر بإجراء تسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص مع مراعاة الضمانات السابقة مضافا إليها ما يلي :
الحصول مقدما على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزائي بعد اطلاعه على الأوراق، و يختص هذا القاضي بتحديد الأمر مدة أو مددا أخرى مماثلة، و يكون الأمر أو تحديده بناء على طلب النيابة العامة وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية بتاريخ 27 فبراير 1980 بأن " الإذن الصادر بوضع جهاز التيليفون الخاص بالمتهمة تحت المراقبة قد صدر من أحد القضاة بدرجة رئيس محكمة بناء على ند به من رئيس المحكمة الابتدائية إعمالا لنص المادة 61/2 من قانون السلطة القضائية التي تجيز لرئيس المحكمة ندب أحد قضاتها عند غياب زميل له أو قيام مانع لديه، فإن الإذن يكون صحيحا صادرا ممن يملكه " .
للنيابة العامة أن تطلع عل التسجيلات المضبوطة على أن يتم ذلك كلما أمكن بحضور المتهم مع تسجيل ملاحظاته عليها، وليس لمأمور الضبط القضائي أي اختصاص تلقائي في هذا الشأن على أنه يجوز لقاضي التحقيق أو النيابة العامة انتدابه لمباشرة هذا الإجراء بشرط مراعاة الضمانات التي يتقيد بها كل منهما سلفا .
أما فيما يخص التشريع المغربي وأسوة بباقي التشريعات المقارنة التي أخذت بهذه المسألة فقد أشار المشرع إلى موضوع التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد في الباب الخامس من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الإعدادي وخص له المواد من 108 إلى 116 من ق.م.ج.الجديد .
وقد خول المشرع لقاضي التحقيق إمكانية الأمر بالتقاط المكالمات الهاتفية وجميع الاتصالات المنجزة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها، كما مكن الوكيل العام للملك من أن يصدر أمرا بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال بعد تقديم التماس كتابي إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، غير أنه في حالة الاستعجال القصوى أجاز المشرع المغربي للوكيل العام للملك أن يأمر كتابه بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل عن بعد وتسجيلها .
– الوضع تحت المراقبة القضائية :
لقد وضع ق.م.ج. الجديد بين يدي قاضي التحقيق آليات جديدة كبديل للاعتقال الاحتياطي أهمها الوضع تحت المراقبة القضائية والتي تناولته المواد من 160 إلى 174 وهو تدبير استثنائي يعمل به في الجنايات والجنح المعاقب عليها بعقوبات سالبة للحرية . فالمادة 160 نصت أنه يمكن وضع المتهم تحت المراقبة القضائية في أية مرحلة من مراحل التحقيق لمدة شهرين قابلة للتجديد خمس مرات لأجل ضمان حضوره ما لم تكن ضرورة التحقيق أو الحفاظ على أمن الأشخاص أو على النظام العام تتطلب اعتقالا احتياطيا، كما نصت المادة 161 أيضا على ضرورة أن :
يتضمن الأمر بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية الخضوع تبعا لقرار قاضي التحقيق لواحد أو اكثر من التدابير أو الالتزامات التالية :
1- عدم مغادرة الحدود الترابية المحددة من طرف قاضي التحقيق
2- عدم التغيب عن المنزل أو السكن المحدد من طرف قاضي التحقيق إلا وفق الشروط والأسباب التي يحددها القاضي المذكور
3- عدم التردد على بعض الأمكنة التي يحددها قاضي التحقيق
4- إشعار قاضي التحقيق بأي تنقل خارج الحدود المعينة
5- التقدم بصفة دورية أمام المصالح والسلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق
6- الاستجابة للاستدعاءات الموجهة إلى الخاضع للمراقبة من أية سلطة أو أي شخص مؤهل معين من طرف القاضي
7- الخضوع لتدابير المراقبة المتعلقة بالنشاط المهني أو حول مثابرته على تعليم معين
8- إغلاق الحدود
9- تقديم الوثائق المتعلقة بهويته لاسيما جواز السفر إما لكتابة الضبط أو لمصلحة الشرطة أو الدرك الملكي مقابل وصل
10- المنع من سياقة جميع الناقلات أو بعضها أو تسليم رخصة السياقة لكتابة الضبط مقابل وصل ويمكن لقاضي التحقيق أن يأذن له باستعمال رخصة السياقة لمزاولة نشاطه المهني
11- المنع من الاتصال ببعض الأشخاص المحددين على وجه الخصوص من طرف قاضي التحقيق
12- الخضوع لتدابير الفحص والعلاج أو لنظام الاستشفاء سيما من أجل إزالة التسمم
13- إيداع كفالة مالية يحدد قاضي التحقيق مبلغها وأجل أدائها مع الأخذ بعين الاعتبار الحالة المادية للمعني بالأمر
14- عدم مزاولة بعض الأنشطة ذات طبيعة مهنية أو اجتماعية أو تجارية ما عدا المهام الانتخابية أو النقابية، وذلك في الحالة التي ترتكب فيها الجريمة أثناء ممارسة هذه الأنشطة أو بمناسبتها أو إذا كان يخشى ارتكاب جريمة جديدة لها علاقة بممارسة النشاط المعني، غير أنه إذا تعلق الأمر بعدم مزاولة مهنة المحاماة فإن الوكيل العام للملك يحيل الأمر بطلب من قاضي التحقيق على مجلس هيئة المحامين الذي يبت طبقا لمقتضيات المواد من 65 إلى 69 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، وفي حالة عدم البت داخل أجل شهرين من تاريخ الإحالة يعود لقاضي التحقيق اتخاذ القرار بنفسه .
يمكن الطعن في قرار مجلس الهيئة طبقا لأحكام المادة 90 وما يليها إلى المادة 93 من القانون المذكور
15- عدم إصدار الشيكات
16- عدم حيازة الأسلحة وتسليمها إلى المصالح الأمنية المختصة مقابل وصل
17- تقديم ضمانات شخصية أو عينية يحددها قاضي التحقيق تستهدف ضمان حقوق الضحية
18- إثبات مساهمة المتهم في التحملات العائلية أو أنه يؤدي بانتظام النفقة المحكوم بها عليه .
فهذه الالتزامات التي يخضع الشخص الواحد أو أكثر منها حينما يوضع تحت المراقبة القضائية الواردة في ق.م.ج. الجديد من شأنها أن تقوم بدورها في التخفيف على السجون بالنظر لما تعرفه من اكتظاظ وتفتح لها المجال في أن تقوم بالدور الفعال في إصلاح السجين والعمل على إدماجه في المجتمع من جديد، كما أنها تعتبر أسلوبا آخر أكثر تأثيرا ونجاعة في تقويم سلوك المتهم خاصة وأنها ستنصب على أكثر المسائل حيوية بالنسبة للمتهم كالكفالة المالية والفحص والعلاج وعدم التردد على بعض الأماكن والمنع من السياقة والمنع من الاتصال ببعض الأشخاص، مما سيكون له لا محالة تأثير بالغ في نفسية المتهم وستعمل على ردعه ودفعه إلى تقويم سلوكه، وبالتالي إلى مكافحة الجريمة بصفة عام .
– أوامر قاضي التحقيق :
تعرض ق.م.ج.الجديد لأوامر قاضي التحقيق في الباب الثاني من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الإعدادي وخص له المواد من 142 إلى 158 .
فالأوامر التي يمكن لقاضي التحقيق أن يصدرها حسب الأحوال هي :
• الأمر بالحضور
• الأمر بالإحضار
• الأمر بالإيداع في السجن
• الأمر بالإلقاء القبض .
ثانيا : علاقة قاضي التحقيق بالنيابة العامة
لقد أعطى ق.م.ج.الجديد وخاصة المادة 75 منه الحق لقاضي التحقيق إذا كان حاضرا بمكان وقوع الجريمة المتلبس بها في أن يتخلى له الوكيل العام للملك ووكيل الملك أو ضباط الشرطة القضائية بقوة القانون عن عملية البحث، إلا أن المادة 84 من نفس القانون ورد فيها أن قاضي التحقيق لا يستطيع إجراء أي تحقيق إلا بعد أن يتلقى من النيابة العامة ملتمسا بإجراء التحقيق ولو كان قاضي التحقيق يقوم بالمهام المخولة له في حالة التلبس .
فالنيابة العامة هي الجهة المخول لها تعيين من يحقق في القضية عند تعدد قضاة التحقيق لدى محكمة الاستئناف ( 90 م.ج ) كما يمكن أن تقدم ملتمسا للغرفة الجنحية بسحب القضية من قاضي التحقيق وإحالتها على قاض آخر للتحقيق ( 91 م .ج ). وتقوم النيابة العامة أيضا بإحالة محاضر الشكايات والإنابات على هيئة التحقيق وكذلك تقديم الملتمسات بقصد القيام بإجراءات التحقيق ولو كان واضعا يده على القضية في حالة التلبس طبقا للمادة 84 من ق. م ج . كما أن للنيابة العامة أن تطلب من قاضي التحقيق القيام بكل إجراء مفيد لإظهار الحقيقة أو ضروري للحفاظ على الأمن، و لا يمكن إجراء بحث من طرف قاضي التحقيق إلا بناء على ملتمس كتابي محال إليه من النيابة العامة أو بناء على شكاية المتضرر المنتصب طرفا مدنيا .
وفي إطار علاقة قاضي التحقيق مع النيابة العامة فإن القانون الجديد للمسطرة الجنائية يلقي مجموعة من الواجبات على عاتق قاضي التحقيق، منها :
1- إحالة ملف القضية على النيابة العامة لاستدعاء الأطراف للمحاكمة طبقا للقانون (المادة 209 )
2- تبليغ الشكاية إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك في حالة اتخاذه موقفا مخالفا لملتمس النيابة العامة يصدر بذلك أمرا معللا ( للمادة 93 )
3- إشعارها عند الانتقال إلى التفتيش ولها إمكانية مرافقته ( المادة 99 )
4- إخبار النيابة العامة عند الانتقال خارج نفوذ المحكمة ( المادة 100 )
5- لا يصدر قاضي التحقيق الأمر بإلقاء القبض إلا بعد استشارتها (المادة 144)
6- يجوز لقاضي التحقيق بعد تلقي رأي النيابة العامة أن يأمر بإخضاع المتهم للعلاج ضد التسمم ( المادة 88 )
7- يجب تبليغ النيابة العامة بقرار إجراء الخبرة ( م 196 ) وبأمر الاعتقال الاحتياطي ( م 175 ) و بالإفراج المؤقت ( المادة 178 )
8- تلعب النيابة العامة دورا فعالا باستئناف قرارات قاضي التحقيق الباتة في رد الأشياء المحجوزة بعد صدور قرار بعدم المتابعة ( المادة 107 )
9- تقديم طلب الإفراج المؤقت إلى الغرفة الاستئنافية طبقا لنفس الشروط والآجال المنصوص عليها في المادتين 179 و 180
10- تقديم الطعن بالاستئناف في قرارات الإفراج مع بقاء المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي إلى أن يبت في هذا الاستئناف طبقا للفقرة 2 من المادة 181
11- مطالبة قاضي التحقيق بفتح تحقيق مؤقت بواسطة ملتمس كتابي ( فقرة 4 من المادة 93 )
12- تقديم النيابة العامة ملتمسا بخصوص الأوامر القضائية بشأن انتهاء التحقيق ( المواد من 214 إلى 217 )
13- توجه النيابة العامة إلى قاضي التحقيق ملتمساتها بشأن الأوامر الآتية :
انتهاء البحث
الأمر بعدم الاختصاص
الأمر بعدم المتابعة
الأمر بوضع حد للوضع تحت المراقبة القضائية ( المواد من 214 إلى 217 )
14- للنيابة العامة حق الاستئناف أمام الغرفة الجنحية لكل الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق باستثناء الأمر القاضي بإجراء خبرة وتبلغ لها داخل أجل 24 ساعة من استئناف المتهم والطرف المدني ( المواد 222- 227 )
15- يحق للنيابة العامة وحدها أن تقرر ما إذا كان هناك مبرر لالتماس التحقيق بسبب ظهور أدلة جديدة ( الشهود والمحاضر والمستندات ) طبقا للمادة ( 228 – 230 ) .
ومما يلاحظ في نطاق هذه العلاقة هو توسيع صلاحيات النيابة العامة في علاقتها بقاضي التحقيق إذ لها صلاحيات في جل الاختصاصات الموكولة إليه .
خاتـــمة :
يمكن القول إن المشرع من خلال قانون المسطرة الجنائية الجديد قد وضع لبنات جديدة لمؤسسة قاضي التحقيق بالنظر إلى دورها الفعال في مجال التحقيق الإعدادي الذي يوفر الحماية للمتهم و المجتمع على حد سواء، كما أنه وسع من اختصاصات هذه المؤسسة وخلق ثنائية للتحقيق الذي كان محصورا في السابق في محاكم الاستئناف، وذلك بخلق قضاة مكلفين بالتحقيق في المحاكم الابتدائية؛ وتبقى هذه التجربة الجديدة رهينة بما سوف تسفر عنه الممارسة القضائية وتفعيل المقتضيات الإجرائية الجديدة ./