في الواجهةمقالات قانونية

معايير التعويض عن الضرر الناشئ عن التعدي على العلامة التجارية: دراسة تحليلية الباحثة : نردين عبد المحسن عراقي الدكتورة: هاديه احمد بالخيور 

معايير التعويض عن الضرر الناشئ عن التعدي على العلامة التجارية: دراسة تحليلية

Standards for Compensation for Damages Arising from Trademark Infringement: An Analytical Study

الباحثة : نردين عبد المحسن عراقي

طالبة ماجستير، قسم القانون الخاص كلية الحقوق، جامعة الملك عبدالعزيز

الدكتورة: هاديه احمد بالخيور

أستاذ مساعد في القانون التجاري، قسم القانون الخاص كلية الحقوق، جامعة الملك عبدالعزيز

رابط DOI

https://doi.org/10.63585/WVGS9348

المستخلص

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على معايير التعويض عن الضرر الناتج عن التعدي على العلامة التجارية وفق نظام العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مع السعي لتقديم تحليل معمق لطبيعة الحق الاستئثاري لصاحب العلامة التجارية وفق النصوص النظامية، وطبيعة المسؤولية القانونية المترتبة على التعدي، مع تحديد صور الاعتداء التي تشكل ركن الخطأ في المسؤولية المدنية، فضلاً عن تقييم كفاية معايير التعويض المقررة نظاماً. اعتمدت الدراسة منهجاً تحليلياً لتفسير النصوص النظام  ية ذات الصلة بالتعويض، مع التركيز على ماهية التعويض الجابر للضرر ومعاييره العامة والخاصة بالتعدي على العلامات التجارية. تمحور التساؤل الرئيسي للدراسة حول ماهية معايير التعويض عن الضرر الناتج عن التعدي على العلامة التجارية ومدى كفايتها. وللإجابة على هذا التساؤل، تناول المبحث الأول حقوق مالك العلامة التجارية وأنماط التعدي عليها التي تشكل ركن الخطأ في المسؤولية المدنية، إضافة إلى تحليل طبيعة المسؤولية القانونية المترتبة على التعدي. أما المبحث الثاني، فقد خُصص لدراسة أحكام التعويض وفق القواعد العامة في نظام المعاملات المدنية والأحكام الخاصة في نظام العلامات التجارية بالمملكة العربية السعودية، مع إبراز الدور القضائي في تكييف وتقدير التعويض المستحق. خلصت الدراسة إلى نتائج ذات دلالة، أبرزها أن المادة (41) من نظام العلامات التجارية الخليجي تفتقر إلى معايير محددة ودقيقة لتقدير التعويض، حيث اقتصرت على توجيه القاضي إلى اعتبارات عامة قد يراعيها عند تقدير التعويض. وكان الأولى أن تتضمن المادة معايير دقيقة وملزمة تكفل للقضاء تقدير التعويض بصورة عادلة، دون المساس بحق المدعي في اقتراح معايير تكميلية تتلاءم مع ظروف وملابسات كل حالة تعدٍ. بناءً على ذلك، توصي الدراسة بتعديل المادة (41) من نظام العلامات التجارية الخليجي لتشتمل على معايير موضوعية لتقدير التعويض، تتضمن: قيمة الترخيص المحددة من قبل مالك العلامة، والإيرادات الإجمالية المتحققة للمعتدي، ومتوسط قيمة المنتج أو الخدمة محل التعدي، والخسائر المحتملة للأرباح، والأضرار اللاحقة بالسمعة التجارية، لما لهذه المعايير من أثر في تحقيق التعويض الكامل والعادل للضرر الناشئ عن التعدي.

الكلمات المفتاحية: العلامة التجارية – التعدي على العلامة التجارية – قانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون   لدول الخليج العربية – الحماية المدنية للعلامة التجارية – التعويض الجابر للضرر – معايير التعويض.

 

 

 

 

 

 

 

Abstract

This study aims to highlight the standards for compensating damages caused by trademark infringement under the GCC Trademark Law and to provide a deeper understanding of the nature of the trademark owner’s rights as outlined in the law, as well as the legal liability arising from infringement. It also identifies acts of infringement that constitute the fault element in civil liability. Furthermore, the study examines compensation standards and their adequacy. The study employs an analytical methodology to analyze relevant legal provisions on compensation, focusing on the concept of compensatory damages, the principle of reparation, and the standards for determining compensation for damages caused by trademark infringement. The main research question addresses the nature of compensation standards for damage resulting from trademark infringement and their adequacy. The first chapter examines the rights of trademark owners, forms of infringement that constitute the fault element, and the nature of legal liability arising from infringement. The second chapter is dedicated to an analysis of compensation for damages under general law, as codified in the Civil Transactions Law, and the specific provisions of the Saudi Trademark Law, with particular emphasis on the judiciary’s role in the classification and quantification of compensation.

The study concludes that Article 41 of the GCC Trademark Law lacks clear and precise standards for determining compensation, relying instead on general elements for judges to consider. It recommends amending the article to include specific standards to ensure fair compensation while preserving the plaintiff’s right to propose additional criteria consistent with the infringement’s nature and circumstances. Key recommendations include revising Article 41 to include fixed standards for compensation, such as licensing value, the infringer’s revenues, average product value, potential profit losses, and reputational harm. These measures aim to ensure comprehensive and adequate compensation for damage caused by infringement.

Keywords: Trademark, Trademark Infringement, GCC Trademark Law, Civil Protection of Trademarks, Restorative Compensation, Compensation Standards.

المقدمة

تُعَدُّ العلامة التجارية من الأصول القيمة التي تعكس هوية المنشأة وتسهم في بناء سمعتها. ففي عصرنا الحالي المليء بالمنافسة، تؤدي العلامة التجارية دورًا محوريًا في ترسيخ مكانة المنشأة لدى المستهلكين، إذ تجاوزت كونها مجرد اسم أو شعار لتصبح هوية متكاملة للمنتج أو الخدمة، وتشكل رابطًا وثيقًا قائمًا على الثقة والمصداقية بين المنشأة والمستهلك.[1] وعلى الرغم من أن اختيار علامة تجارية مميزة يُعد خطوة مهمة في بناء هوية المنشأة، إلا أنها غير كافية بذاتها؛ حيث تمثل حماية العلامة التجارية التزامًا ضروريًا لضمان تميزها واستمرار حضورها في أذهان المستهلكين. وتتحقق هذه الحماية من خلال اتخاذ تدابير فعالة تبدأ بتسجيل العلامة لدى الجهات المختصة بحماية الملكية الفكرية، والتي تتولى رصد الانتهاكات واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة. ويقع على عاتق مالك العلامة التجارية المسؤولية الأساسية في حمايتها، من خلال متابعة أي اعتداء قد يطالها، والمبادرة باتخاذ الإجراءات النظامية الكفيلة بمنع هذا الاعتداء والمطالبة بالتعويض المناسب عن الأضرار الناجمة عن التعدي عليها.

 

مشكلة الدراسة

يمثل الحق الاستئثاري لصاحب العلامة التجارية المسجلة ركيزة أساسية كفلها المشرع نظير الجهد الابتكاري والاستثمار المالي المبذول في تطوير وتسجيل وتجديد العلامة. غير أن هذا الحق قد يتعرض للانتهاك بصور متعددة تشمل التقليد والتزوير والاستخدام غير المشروع للعلامات المشابهة في تسويق المنتجات والخدمات، مما يلحق بالمالك أضراراً مادية ومعنوية متنوعة. استجابة لهذه الإشكالية، أفردت المادة (41) من نظام العلامات التجارية الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي أحكاماً تنظيمية للتعويض عن الضرر المترتب على التعدي على العلامة التجارية، متضمنة آليات لتقدير هذا التعويض. وتكمن الإشكالية الجوهرية للدراسة في تحليل المعايير التي استندت إليها المادة المذكورة في تقدير التعويض ومدى فاعليتها في جبر الضرر الواقع. وبناء على ذلك يتمحور التساؤل البحثي الرئيسي حول: ما هي معايير تقدير التعويض عن الضرر الناجم عن التعدي على العلامة التجارية وفق نظام العلامات التجارية الخليجي، وإلى أي مدى تحقق هذه المعايير الكفاية القانونية لجبر الضرر بصورة عادلة؟

ويتفرع من السؤال الرئيسي الأسئلة الفرعية التالية:

  1. ما الطبيعة القانونية للحق الاستئثاري المقرر لمالك العلامة التجارية المسجلة؟
  2. ما التكييف القانوني للمسؤولية الناشئة عن أفعال التعدي على العلامة التجارية؟
  3. ما صور وأشكال التعدي على العلامة التجارية التي تشكل ركن الخطأ الموجب للمسؤولية المدنية؟
  4. ما المعايير القانونية التي يستند إليها القضاء في تقدير التعويض الجابر للضرر؟
  5. ما الضوابط القانونية لتقدير التعويض عن الكسب الفائت في قضايا التعدي على العلامة التجارية؟
  6. ما أوجه التمايز بين مفهومي التعويض الجابر للضرر والتعويض المناسب في إطار التعدي على العلامة التجارية؟

أهداف الدراسة

  1. تحليل معايير التعويض عن الضرر الناجم عن التعدي على العلامة التجارية وتقييم مدى كفايتها في الجبر الكامل للضرر.
  2. تحديد الطبيعة القانونية للحق الاستئثاري لصاحب العلامة التجارية وفقاً للأنظمة ذات الصلة.
  3. بيان التكييف القانوني للمسؤولية المترتبة على التعدي على العلامة التجارية
  4. استقصاء صور وأنماط التعدي على العلامة التجارية التي تُشكل ركن الخطأ الموجب للمسؤولية المدنية.
  5. بيان الآليات القانونية والقضائية لتقدير التعويض الجابر للضرر وضوابط إعماله.
  6. تأصيل مفهوم الكسب الفائت ومعايير تقديره في نطاق التعدي على العلامة التجارية.
  7. تمييز الفوارق الجوهرية بين مفهوم التعويض الجابر للضرر والتعويض المناسب في سياق التعدي على العلامة التجارية.
  8. تقديم توعية قانونية إرشادية لأصحاب العلامات التجارية بشأن معايير تقدير التعويض عن الأضرار الناجمة عن التعدي على علاماتهم التجارية.

أهمية الدراسة

تتجلى أهمية البحث من الناحية النظرية في الوقوف على النصوص القانونية المنظمة لأحكام التعويض عن الأضرار الناتجة عن التعدي على العلامة التجارية وتحليل مدى كفايتها ووضوحها في تحقيق الغاية التشريعية منها. وتبرز أهميته كذلك في تأصيل المفاهيم القانونية المتعلقة بالحق الاستئثاري لمالك العلامة التجارية وطبيعة المسؤولية القانونية الناشئة عن التعدي عليها.

أما من الناحية العملية فتتمثل أهمية الدراسة في تسليط الضوء على التطبيقات القضائية للنصوص المتعلقة بالتعويض عن أضرار التعدي على العلامة التجارية، من خلال تحليل الاجتهادات القضائية في تفسير وتطبيق هذه النصوص، والمقارنة بين الواقع التطبيقي والغاية التشريعية، بهدف كشف الإشكاليات العملية التي تواجه القضاة عند تقدير التعويض وبيان مدى كفاية المعايير المتاحة لهم.

المنهجية البحثية

تعتمد هذه الدراسة على المنهج التحليلي بوصفه المنهج الأمثل لتحديد معايير التعويض عن الضرر الناشئ عن التعدي على العلامة التجارية. ويتجلى هذا المنهج في تحليل النصوص القانونية المنظمة للتعويض، مع التركيز بصفة خاصة على دراسة أحكام نظام العلامات التجارية لدول مجلس التعاون الخليجي، ولاسيما المادة (41) المتعلقة بالتعويض، بالإضافة إلى تحليل النصوص ذات الصلة في نظام المعاملات المدنية. وتستكمل الدراسة منهجيتها من خلال تحليل التطبيقات القضائية ذات العلاقة، بغية الوقوف على كيفية تفسير وتطبيق النصوص القانونية في الواقع العملي، الأمر الذي يتيح تقييم الفجوة بين النص التشريعي والتطبيق القضائي، وتحديد الإشكاليات العملية التي تواجه الهيئات القضائية وأصحاب الحقوق في العلامات التجارية في سياق تقدير وتحصيل التعويض المستحق.

حدود الدراسة

تحد الدراسة حدود موضوعية تتمثل في الأنظمة الآتية:

  • نظام (قانون) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) بتاريخ 26 رجب 1435 هجرياً الموافق 25 مايو 2014 ميلادي.
  • نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) وتاريخ 28 جمادى الأولى 1423 هجريهً الموافق 7 أغسطس 2002 ميلادي
  • نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 29 ذو القعدة 1444 هجرياً الموافق 18 يونيو 2023 ميلادي.

الدراسات السابقة

الدراسة الأولى: العوائد، سعيد بن أحمد بن سعيد، الحماية القانونية للعلامات التجارية وفقًا لقانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق جامعة السلطان قابوس، 2020م.

تتمثل مشكلة الدراسة في بيان أوجه الحماية القانونية للعلامات التجارية بنوعيها المدنية والجزائية وذلك وفق القانون الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بداعي ابراز القصور والخلل في القانون من خلال الوقوف على التفسير الاسلم من وجهة نظر الباحث. قسمت الدراسة الى فصل تمهيدي تطرق فيه الباحث إلى مفهوم وأنواع العلامات التجارية وفي الفصل الأول بين الباحث العلامات التي تخضع للحماية والعلامات المستثناة من الحماية ثم في الفصل الثاني تحدث الباحث عن الحماية المدنية والجزائية للعلامات التجارية.

أبرز نتيجة توصل لها الباحث هي أن قانون العلامات التجارية أخذ بالمفهوم الواسع للعلامة التجارية أسوة ببعض التشريعات الأخرى. كما أن أبرز توصية للباحث هي ضرورة النص على الجرائم الإلكترونية التي تقع على العلامات التجارية وجرائم الاستعمال الشفوي للعلامات التجارية.

تتفق الدراسة مع الدراسة الحالية في بحثها للحماية المدنية للعلامة التجارية وفق قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتناولها للتعويض عن انتهاك حقوق العلامات التجارية بينما تختلف الدراسة مع الدراسة الحالية في توسعها للجانب النظري المتعلق بمفهوم الحماية وأنواع العلامات المشمولة والمستثناة من الحماية كما تختلف في شمولها للحماية القانونية في شقيها المدني والجنائي، بيد أن الدراسة الحالية خصصت في شق الحماية المدنية للعلامة التجارية.

الدراسة الثانية: حسان، رنا ناصر، الحماية المدنية للعلامة التجارية المشهورة في القانون القطري، رسالة الماجستير، كلية القانون، جامعة قطر، 2019م

قسمت الباحثة الدراسة إلى ثلاث مباحث، في المبحث الأول عرفت العلامة التجارية المشهورة والمعايير التي يؤخذ بها لاعتبار العلامة مشهورة، وفي المبحث الثاني تناولت الباحثة حماية العلامة التجارية وفق الإجراءات التحفظية المعمول بها في القانون القطري، وفي المبحث الثالث تناولت الباحثة حماية العلامة التجارية المشهورة بالاستناد على الدعاوى المدنية ودعاوى المنافسة غير المشروعة.

أهم نتائج الدراسة تتلخص في أن المشرع القطري توسع في نطاق حماية العلامة التجارية المشهورة.  وأبرز توصيات الدراسة تتلخص في توصية الباحثة أن يتبنى المشرع القطري أحد أو بعض معايير شهرة العلامة التجارية على سبيل المثال لتمكين القضاء من الاستناد عليها عند الفصل في المنازعات المتعلقة بالعلامة المشهورة.

تتفق هذه الدراسة مع الدراسة الحالية في تناولها جانب الحماية المدنية للعلامة التجارية وتطرقها لحق صاحب العلامة في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة أمام المحاكم المدنية عند التعدي على علامة التجارية، كما تتشابه هذه الدراسة مع الدراسة الحالية في تطرق الباحثة للسوابق القضائية المطبقة لأحكام النصوص القانونية محل الدراسة .بينما تختلف هذه الدراسة في كونها تركز على العلامة التجارية المشهورة بشكل خاص بينما تتسع الدراسة الحالية للعلامة المشهورة وغير المشهورة، كما أن هذه الدراسة تعتمد على النصوص القانونية وفق القانون القطري بينما الدراسة الحالية تعتمد على النصوص القانونية في الأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية.

الدراسة الثالثة: شاويش، أحمد عماد الدين سلمان، الكسب الفائت في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة القدس، 2018م.

بحثت الدراسة في بيان المقصود بالكسب الفائت وفق آراء الفقهاء مع إثبات مشروعيته، تطبيقاته وكيفيته، قسمت الدراسة إلى فصلين، اشتمل الأول على تعريف الكسب الفائت وتكيفه فقهيًا، أما الثاني اشتمل على صور الكسب الفائت وتطبيقاته.

أن أهم نتائج الدراسة هي أن الباحث يترجح له جواز الكسب الفائت بمعايير، ويعد الكسب الفائت علة الحكم بالشرط الجزائي وتحدد قيمة الشرط الجزائي بناء عليه. لم تتضمن الدراسة توصيات.

تتفق الدراسة مع الدراسة الحالية في بحثها لماهية الكسب الفائت بوصفه أحد معايير التعويض الجابر للضرر، بيد أن الدراسة تختلف مع الدراسة الحالية في تركيزها على التأصيل الشرعي لمسألة الكسب الفائت وعرضها لاجتهادات فقهاء الشريعة وآرائهم بيد أن الدراسة الحالية تركز على معايير التعويض بشكل عام دون التقييد بمعيار الكسب الفائت.

 الدراسة الرابعة: Person, Asa, Damages as a Consequence of Trademark Infringement, Master Degree Project, School Business, Economics and Law University of Gothenburg, 2010.

بحثت هذه الدراسة الأضرار الناتجة عن انتهاك العلامة التجارية من خلال تحليل النصوص القانونية ذات الصلة في كل من القانون السويسري للعلامات التجارية والتوجيه الصادر من قبل الاتحاد الأوروبي والمتعلق بتوحيد قواعد إنفاذ حقوق الملكية الفكرية ومقارنة الوضع القانوني السائد والأضرار الناتجة عن انتهاك العلامة التجارية وفق احتياجات أصحاب العلامة التجارية. تطرق الباحث لحماية العلامة التجارية وعقوبات العلامة التجارية، عبء الإثبات والتعويض عن الاستخدام غير المشروع والربح الفائت والخسارة المتحققة.  أفرد الباحث الدراسة بمبحث أخير عنونه بالتحليلي النهائي والمناقشة، عرض فيه المشاكل التي بحثتها الدراسة واقترح حل لكل مشكلة.

أبرز نتيجة عرضها الباحث ظرًا لصعوبة إيجاد أدلة شاملة، فإن صاحب الحق عادةً ما يقدم دعمًا غير كافٍ لحججه أمام المحكمة. وتُعتبر التكاليف غير متناسبة بشكل كبير مع ما يمكن أن يتوقعه صاحب الحق من تعويضات. وأبرز توصية هي توصية صاحب الحق – إذا أمكن – بإثبات الضرر الذي يلحق بالشهرة التجارية من خلال تقدير قيمة العلامة التجارية وتكاليف حملة تسويقية عادية.

تتفق الدراسة مع الدراسة الحالية في بحثها الحماية المدنية الناتجة عن التعدي على العلامة التجارية وبحثها الكسب الفائت بشكل خاص بينما تختلف هذه الدراسة عن الدراسة الحالية في بحثها في حماية العلامة التجارية وفق أحكام قانون العلامات التجارية السويسري وتوجيه الاتحاد الأوروبي بينما تركز الدراسة الحالية على الأنظمة والقوانين المعمول بها في المملكة العربية السعودية.

تقسيم الدراسة

تتناول الدراسة موضوع العلامة التجارية من خلال مبحثين رئيسيين؛ يعالج المبحث الأول حق مالك العلامة التجارية وصور التعدي عليه، حيث يستعرض في المطلب الأول حق مالك العلامة التجارية في علامته من حيث الحماية القانونية لحق صاحب العلامة التجارية في ملكيته والتصرفات الواردة على العلامة التجارية، ثم ينتقل في المطلب الثاني لدراسة التعدي على العلامة التجارية وتكييف المسؤولية الناتجة عن التعدي من خلال بيان صور التعدي على العلامة التجارية وفق قانون العلامات التجارية الخليجي وتكييف المسؤولية المدنية الناتجة عن التعدي، أما المبحث الثاني فيتناول التعويض الناتج عن التعدي على العلامة التجارية وفق المعمول به في المملكة العربية السعودية، حيث يبحث في المطلب الأول معايير التعويض الجابر للضرر الناتج عن التعدي على العلامة التجارية من خلال دراسة التعويض عن الضرر وفق نظام المعاملات المدنية ومعايير التعويض عن الضرر الناشئ عن التعدي على العلامة التجارية وفق قانون العلامات التجارية الخليجي، ويختتم البحث في المطلب الثاني بدراسة سلطة القضاء في تكييف التعويض عن الأضرار الناتجة عن التعدي على العلامة التجارية من خلال تحليل سلطة القاضي في قضايا التعويض بشكل عام وسلطته في قضايا التعويض المتعلقة بالعلامة التجارية.

المبحث الأول: حق مالك العلامة التجارية وصور التعدي عليه

يعرف الحق بأنه سلطة يعطيها القانون لشخص من أجل إشباع حاجات مشروعة، وتكون السلطة مرتبطة بالنظام العام المتمثل في احترام مضمون الحق من قبل الكافة، كذلك حقوق الملكية الفكرية لا تخرج عن الإطار العام لمفهوم الحق[2]، حيث تعد سلطة يعطيها قانون العلامات التجارية لصاحب الحق في العلامة التجارية لإشباع حاجات مشروعة مرتبطة بالعلامة التجارية.

تعرف العلامة التجارية أنها: كل ما يميز سلع أو خدمات منشأة عن غيرها، مثل الأسماء، أو الرموز، أو الألوان، أو الأصوات، أو الروائح. أما التعدي يعرف بأنه الفعل الضار بدون حق أو جواز شرعي. [3]  ويعرف على أنه مجاوزة ما ينبغي أن يقتصر شرعًا أو عرفًا أو اتفاقًا، [4]بجمع التعاريف يمكن الخروج بتعريف للتعدي على العلامة التجارية بأنه فعل ضار بدون حق أو جواز شرعي يتجاوز الحد الشرعي على حق من حقوق صاحب الحق المتعلقة بالعلامة التجارية. في هذا المبحث نتطرق بداية لحق مالك العلامة التجارية ثم نتطرق في المطلب الثاني إلى صور التعدي على حق صاحب الحق في العلامة التجارية وذلك وفق قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.

المطلب الأول: حق مالك العلامة التجارية في علامته

أن إتمام عملية تسجيل العلامة التجارية وفقًا للنظام يترتب عليه اعتراف قانوني بهذه العلامة،[5] مما يُكسب مالكها الحق القانوني في ملكيتها. وينشأ عن ذلك الحق الحصري والخالص لمالك العلامة في استغلالها بشكل كامل ومنفرد، اعتبارًا من تاريخ تقديم طلب التسجيل المُثبت في سجل إيداع الطلب،[6]  ويعد تمتع صاحب العلامة التجارية بخلوصيه حقه في العلامة والانتفاع بها وإبقائها علامة متميزة ومتفردة في أذهان المستهلكين [7] هو الباعث الحقيقي لتسجيل العلامة التجارية وتحمل الأعباء المالية الناتجة عن التسجيل وتجديد تسجيل العلامة دوريًا، تكمن خلوصيه ملكية صاحب العلامة بأن ينفرد بالتمتع بملكية العلامة والانتفاع بها دون أن يشاركه أحد في هذا الحق إلا عند سماحة وترخيصه لذلك وهو ما يطلق عليه الحق الاستئثاري، والذي بدوره يعطي العلامة  قوة وقدرة في جذب عملاء والاستمرار في البقاء لفترة طويلة في السوق بذات النسق.[8]

الفرع الأول: الحماية القانونية لحق صاحب العلامة التجارية في ملكيته

لصاحب العلامة التجارية حق حصري وخالص في ملكيتها، يمارسه منفرداً ولا يجوز لأي شخص آخر أن ينازعه في هذا الحق إلا بموافقته أو ترخيصه، هذا الحق محمي بشقين، حماية جنائية وحماية مدنية، تثار الحماية الجنائية للعلامة التجارية في حال أقدام المتعدي على أي من الجرائم المنصوص عليها في قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مما يجعله مسؤول جنائيًا ويعاقب بالعقوبات الواردة في النظام دون أن يخل ذلك بحقه في الحماية المدنية المنصوص عليها في المادة الحادية والأربعون من النظام، والتي يمكن تعريفها بأنها الحماية المتمثلة في مسؤولية المعتدي المدنية عن الخطأ أو الفعل الذي قام به عن طريق قيام المتضرر برفع دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عما لحق به من ضرر.[9] ينحصر هدف الدعوى المدنية في إيقاف اعتداء المعتدي على العلامة وتعويض المتضرر، دون أن يتعدى ذلك لطلب زجره أو ردعه كون ذلك من متطلبات الدعوى الجنائية.[10] أن الحق الاستئثاري لصاحب العلامة التجارية معترف به على ثلاث نطاقات، محليًا في المملكة العربية السعودية، وخليجيًا في دول مجلس التعاون الخليجي، ودوليًا للدول الأعضاء في اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية.

محليًا، نص نظام العلامات التجارية في المادة الحادية والعشرون منه على أن من قام بتسجيل العلامة التجارية يعد مالكًا لها دون غيره، واي انتفاع من أي شخص بهذه العلامة المسجلة مشروطًا على موافقة مالكها.[11]

على نطاق دول مجلس التعاون الخليجي نص قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الفقرة الثانية من المادة السابعة عشر على أن لمالك العلامة التجارية المسجلة حق استئثاري في استعمالها ومنع الغير ممن لم يحصل على موافقة مالك العلامة من استعمالها أو استعمال أي إشارة مماثلة أو مشابهة لها.[12]

على المستوى الدولي، نصت اتفاقية باريس في المادة السادسة، الفقرة (خامسًا)، على أحكام قانونية تهدف إلى حماية العلامات التجارية المسجلة في إحدى دول الاتحاد داخل الدول الأخرى الأعضاء. تضمن هذه الأحكام الحفاظ على العلامة التجارية بحالتها الأصلية في الدول الأخرى، كما تقضي برفض تسجيل أي علامات تجارية قد تنتهك الحقوق المكتسبة للغير في الدولة التي تُطلب فيها الحماية.[13]

مع الاعتراف بحق مالك العلامة الاستئثاري في علامته محليًا، وخليجيًا، ودوليًا إلا أن هذا الحق قد يلحقه تعرض من قبل الغير يتمثل في التعدي على العلامة التجارية مما ينازع صاحب العلامة في حقه الاستئثاري والخالص في ملكية العلامة واحتكار استغلالها وهذا ما ستتعرض له الدراسة في المبحث الثاني.

الفرع الثاني: التصرفات الواردة على العلامة التجارية

تُعدُّ العلامة التجارية من الحقوق المالية ذات القيمة الاقتصادية التي تخوِّل مالكها إجراء مجموعة متنوعة من التصرفات القانونية عليها. تتنوع هذه التصرفات بين ما ينقل ملكية العلامة بصورة كاملة إلى الغير، وما يمنح الغير حقوقًا محددة متعلقة بالعلامة دون نقل ملكيتها. ويتناول هذا الفرع تحليل مختلف التصرفات القانونية الجائزة على العلامة التجارية، بغية توضيح طبيعة ونطاق الحقوق التي يمكن للمالك منحها للغير، مما يجعل المتصرف إليه صاحب حق قانوني على العلامة التجارية التي لا تزال مسجلة باسم مالكها الأصلي.

اولًا: نقل ملكية العلامة التجارية: يمكن لمالك العلامة التجارية نقل ملكية علامته للغير سواء ببيعها أو هبتها أو التنازل عنها كما تنتقل ملكية العلامة للورثة بوفاة مورثهم طالما أن العلامة مازالت مسجلة ومدة حمايتها سارية، يترتب على نقل ملكية العلامة التجارية انتقال الحقوق من المالك السابق الى المالك الجديد مع إلزامية شهر نقل الملكية والتأشير به في سجل العلامات التجارية ليكون لنقل الملكية حجية بالنسبة للغير.[14]

ثانيًا: رهن العلامة التجارية والحجز عليها: تعد العلامة التجارية منقولًا معنويًا يمكن التصرف فيه برهنه وفق أحكام رهن المنقولات،[15] وحتى ينتج الرهن أو الحجز اثاره أمام الغير لابد من شهره والتأشير به في سجل العلامات التجارية.

ثالثًا: الترخيص للغير باستعمال العلامة التجارية: يترتب على الترخيص للغير باستعمال العلامة التجارية نشوء حق للغير يتمثل في استعماله لهذه العلامة التجارية مع بقاء ملكيتها للمالك، يمكن أن يكون الترخيص لشخص طبيعي أو اعتباري. كما يمكن لمالك العلامة أن يستعمل علامته التجارية بنفسه أثناء الترخيص وأن يرخص لأكثر من شخص لاستعمال علامته ما لم يتفق على خلاف ذلك، جنبًا الى حق المرخص له في استعمال العلامة التجارية قد يكون له الحق في الترخيص للغير أو الترخيص من الباطن للاستعمال العلامة التجارية إذا اتفق الطرفان على ذلك. كما يلزم أن يكون الترخيص للغير باستعمال العلامة التجارية مسجل ومقيد في سجل العلامات التجارية.[16]

المطلب الثاني: التعدي على العلامة التجارية وتكييف المسؤولية الناتجة عن التعدي

بشكل عام، يُعد أي فعل ينتهك حقًا من حقوق مالك العلامة التجارية المقررة وفقًا لقانون العلامات التجارية الخليجي، تعديًا على العلامة التجارية، وامتثالًا للقاعدة الشرعية والنظامية الموجودة في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/90) وتاريخ 27 أغسطس 1412هـ، والذي نصت المادة الثامنة والثلاثون منه على: “لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي، او نص نظامي” فقد تم تحديد الأفعال التي تعد جرائم تعدي على العلامة التجارية في قانون العلامات الخليجي حتى يعي المخاطبين بالقانون هذه الأفعال التي تعد جرائم ويستبصروا تبعاتها.

الفرع الأول: صور التعدي على العلامة التجارية وفق قانون العلامات التجارية الخليجي

نصت المادة الثانية والأربعون من قانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على الجرائم التي تقع على العلامة التجارية وعلى العقوبات التي فرضها النظام لكل جريمة، تتطرق الدراسة في هذا الفرع لصور التعدي على العلامة التجارية وشرح كل نوع وفق الآتي:

  1. تزوير العلامة المسجلة: ويقصد بلفظ تزوير العلامة التجارية أن يتم نقل العلامة التجارية بشكل مطابق بجميع مكونات العلامة والتجارية بحيث تكون العلامة المزورة طبق الأصل من العلامة الأصلية [17]. أن القصد الجنائي في جريمة تزوير العلامة التجارية قصدًا مفترضًا إذ أنه لا يلزم أن يكون التزوير بقصد تضليل الجمهور كما هو في التعدي على العلامة التجارية بتقليدها.
  2. تقليد العلامة المسجلة بطريقة تضلل الجمهور: يكون تقليد العلامة التجارية بنقل مكونات العلامة الرئيسية كلها أو بعضها مع التغيير فيها بحيث تكون العلامة المُقلِدة مشابهة للعلامة الأصلية إلا أنها ليست طبق الأصل منها كما هو الحال عند تزوير العلامة، حيث إن التقليد يكمن في قيام المقلد باستعمال عنصر من العناصر الأساسية للعلامة المملوكة للغير ووضعها على منتجات أو خدمات تشابهها[18]. اشترط المنظم أن يكون التقليد بطريقة تضلل الجمهور وتثير اللبس لديهم بمعنى أن يكون من الصعب عليهم التيقن من كون العلامة مُقلِدة أو أصلية.
  3. استعمال علامة مقلدة أو مزورة بسوء نية: وضع المنظم جريمة خاصة تتمثل في التعدي على العلامة التجارية المسجلة أو المشهورة باستعمال علامة مقلدة أو مزورة للعلامة الأصلية بسوء نية، ولم يقيد المشرع طرق الاستعمال المحظورة أو يحصرها في الاستعمال على المنتجات مثلًا، بل يدخل في نطاق التجريم مختلف أنواع استعمال العلامة، علاوة على أنه قد يكون من قام بتقليد أو تزوير العلامة شخص مختلف عمن يقوم باستعمالها، فلا يشترط أن يكون مستعمل العلامة التجارية هو ذات من قام بتقليدها أو تزويرها كونهم جريمتين مستقلتين.

والجدير بالذكر، قد يلبس على بعض قراء النصوص القانونية أن جريمة استعمال علامة مقلدة أو مزورة تتمثل في قيام المستهلك باستعمال منتج أو خدمة موضوع عليهم علامة تجارية مقلدة أو مزورة بيد أن التكييف النظامي للجريمة يتمثل في مرحلة تسبق مرحلة استعمال المستهلك للمنتج أو الخدمة وهي مرحلة استعمال العلامة المقلدة أو المزورة، ولا يقصد بها فعل استعمال المنتج أو الخدمة التي تحمل هذه العلامة.

  1. وضع علامة تجارية مملوكة للغير على سلعة أو خدمة بسوء نية: ويطلق عليها جريمة “اغتصاب علامة تجارية مملوكة للغير” كونها تمثل اعتداء على ممتلكات الغير بأن يقوم المعتدي بسوء نية بوضع علامة تجارية مملوكة للغير على منتجات أو سلع أو خدمات لإيهام الجمهور أنها ذات منتجات العلامة التجارية الأصلية. [19]يختلف فعل التعدي في جريمة وضع علامة تجارية مملوكة للغير عن فعل التعدي في جريمة استعمال علامة تجارية مقلدة أو مزورة من حيث طبيعة الفعل؛ إذ تتمثل الجريمة الأولى في قيام المتعدي باستخدام ذات العلامة التجارية الأصلية المملوكة للغير ووضعها على منتجاته أو خدماته، مما يوحي أن المنتجات أو الخدمات تعود لصاحب العلامة، بينما تكمن الجريمة الثانية في استخدام علامة مقلدة أو مزورة تشابه العلامة الأصلية دون أن تكون هي ذاتها، كما أن جريمة استعمال علامة مزورة أو مقلدة تشمل مختلف أنواع الاستعمال بهدف خداع المستهلكين واستغلال سمعة العلامة التجارية المملوكة للغير.
  2. بيع سلعًا تحمل علامة تجارية مزورة، أو مقلدة، أو موضوعة، أو مستعملة بغير حق مع علمه: يتمثل فعل التعدي في مجرد بيع سلعة تحمل علامة مزورة أو مقلدة ولا يشترط أن يكون البائع هو من زور العلامة أو قلدها أو وضعها أو استعملها دون وجه حق قبل بيعها، بل يكفي إتيان الفعل المجرم بالبيع بغض النظر عن فاعل التزوير أو التقليد كونها جريمة مستقلة.

ويقصد أن يتم وضع العلامة أو استعمالها دون حق أن يتم وضع أو استعمال ذات العلامة التجارية الأصلية بدون وجه حق أي بدون سماح مالكها بذلك من خلال ترخيصه لمن يستعمل هذه العلامة أن يضعها على المنتجات أو الخدمات.

  1. عرض للبيع سلعًا أو خدمات تحمل علامة تجارية مزورة، أو مقلدة، أو موضوعة، أو مستعملة بغير حق مع علمه: أوسع المنظم من جملة الانتهاكات التي قد تقع على العلامة التجارية بوصفه أنه مجرد عرض منتجات أو خدمات تحمل علامة مزورة أو مقلدة يعد جريمة قائمة بحد ذاتها، والمقصود بعرض هذه السلع أو الخدمات هو أن يتم اتاحة هذه المنتجات أو الخدمات للجمهور سواء بعرضها في المحل التجاري أو بالإعلان عنها من خلال مواقع الانترنت وتطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي بغض النظر عن تحقق البيع فعلًا أو لا؛ فيكفي لقيام هذه الجريمة عرض السلع أو الخدمات بغرض البيع دون اشتراط تحقق البيع فعلًا.
  2. حيازة سلعًا تحمل علامة تجارية مزورة، أو مقلدة، أو موضوعة، أو مستعملة بغير حق مع علمه، بقصد بيعها: تتمثل الجريمة في مجرد الحيازة بقصد البيع وإن لم يتحقق البيع، كأن يحوز الشخص علامة تجارية مزورة، أو مقلدة، أو موضوعة، أو مستعملة بغير حق في مخازنه أو بيته مع وجود قرائن تعزز من قصد بيعها مثل أن تكون هذه السلع بكميات كبيرة أو مسعرة.
  3. حيازة أدوات أو مواد بقصد ان يتم استعمالها في تزوير أو تقليد علامة تجارية مسجلة أو مشهورة: تقوم هذه الجريمة بمجرد حيازة الأدوات أو المواد التي يتم استعمالها للقيام بجريمة تزوير أو تقليد علامة مسجلة أو مشهورة، بمعنى أن جريمة التزوير أو التقليد لم تقم بعد وإنما ما تم هو حيازة الأدوات الممهدة لقيام إحدى هاتين الجريمتين ومثالها أن يحوز الشخص على مكونات العلامة التجارية المشهورة بقصد تجميعها لتزويرها أو تقليدها.

الفرع الثاني: تكييف المسؤولية المدنية الناتجة عن التعدي على العلامة التجارية

إن “التكييف” في القانون يعني تحليل الوقائع والتصرفات القانونية بدقة تمهيدًا لإعطائها الوصف المناسب وتصنيفها ضمن الإطار القانوني الملائم، [20]حيث يتم من خلال التكييف تحديد الوصف القانوني الصحيح للواقعة أو التصرف، مما يُعَدُّ الخطوة الأولى لتحديد الطبيعة القانونية لهذا التصرف أو الواقعة، بالتالي نسعى في هذا الفرع لإعطاء الوصف القانوني السليم للمسؤولية المدنية الناتجة عن التعدي على العلامة التجارية. تعرف المسؤولية المدنية بأنها جزاء يترتب على الشخص إثر الحاقه ضررًا بالغير، حيث نص نظام المعاملات المدنية أن كل خطأ ترتب على أثره ضررًا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض،[21] وتتمثل الحماية المدنية في نطاق العلامة التجارية بقيام المتضرر برفع دعوى مدنية يطالب فيها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به.[22]

قبل تكييف المسؤولية المدنية الناتجة عن التعدي لابد من التفرقة بين نوعي المسؤولية المدنية وهي المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية، تثار المسؤولية العقدية عندما يخل طرف من أطراف العقد في تنفيذ التزامه العقدي أو يمتنع عن تنفيذه وهو ما يشكل ركن الخطأ مما يرتب ضرر ناتج عن هذا الإخلال في التنفيذ أو عدم التنفيذ  من الأساس، بينما تثار المسؤولية التقصيرية نتيجة الإخلال بالتزام مفروض من الشرع أو النظام العام والقاضي بعدم الإضرار بالغير، فالقاعدة الثابتة هي أن كل خطأ سبب ضررًا يلزم من ارتكبه بالتعويض.[23] الغالب أن المسؤولية المدنية التي تنتج عن  التعدي على حق من حقوق صاحب الحق في العلامة التجارية هي مسؤولية تقصيرية كون التعدي يأتي بمثابة مخالفة أحكام قانون العلامات التجارية الذي أقر حق صاحب العلامة التجارية أو المرخص له ومخالفة النظام العام القاضي بعدم الإضرار بالغير، فلا يتصور وجود عقد قائم بين المتعدي وبين صاحب العلامة التجارية إلا في حالات نادرة واستثنائية، وهي التي يكيف فيها التعدي على علامة تجارية بأنه إخلال في التزام عقدي يتمثل في بند من بنود العقد، بمعنى أن يخل المعتدي على العلامة بالتزامه بعدم التعدي على العلامة التجارية والمفروض عليه بموجب بنود العقد المبرم بينه وبين صاحب العلامة أو المرخص له باستعمال العلامة. مما يجدر ذكره أن الفقه يتجه إلى اعتبار دعوى المنافسة غير المشروعة والتي تعرف بأنها ممارسة التاجر لطرق منافية لقوانين او عادات أو مبادئ الشرف في المعاملات[24] لا تخرج عن كونها دعوى مسؤولية تقصيرية؛[25] كون أفعال المنافسة غير المشروعة في أصلها تمثل فعل خاطئ أضر بالغير بالتالي تقوم على أثره المسؤولية التقصيرية، بيد أن المنافسة المشروعة تقتصر على الأعمال التي يقوم بها التاجر في إطار نشاطه التجاري، وعادةً ما تكون موجهة ضد تاجر آخر يعمل في المجال ذاته أو سوق مشابهة. هذا النوع من المنافسة يُعد جزءًا طبيعيًا من التفاعل التجاري، بشرط ألا يخرق القوانين أو الأعراف التجارية. أما المسؤولية التقصيرية، فهي أوسع نطاقًا بكثير، حيث تشمل جميع الأفعال الضارة التي يرتكبها أي شخص، سواء كان تاجرًا أو غير تاجر، تجاه أي طرف آخر. تقوم المسؤولية التقصيرية على أساس وجود خطأ، وضرر، وعلاقة سببية بينهما، بغض النظر عن طبيعة العلاقة بين الأطراف المعنية أو طبيعة النشاط الذي تسبب في الضرر.

سواء كانت المسؤولية ناتجة عن فعل ضار في إطار المسؤولية التقصيرية، أو عن إخلال بالتزام تعاقدي في إطار المسؤولية العقدية، فإن كلا النوعين لا يخرج عن الأركان الثلاثة الأساسية للمسؤولية، والتي تتمثل في الآتي:

اولًا. ركن الخطأ: يعرف الخطأ  بشكل عام بأنه انحراف في سلوك الشخص المعتاد بإخلاله بواجب قانوني مع إدراك المخل بفعله وتصرفاته،[26] وفي أفعال التعدي على العلامة التجارية يتمثل ركن الخطأ في فعل التعدي في كل جريمة من جرائم التعدي على أنه ركن الخطأ في المسؤولية التقصيرية، ويُعتبر ركن الخطأ في جرائم التعدي محققًا عندما يقوم المعتدي بارتكاب فعل مخالف للنصوص القانونية الواردة في قانون العلامات التجارية، من خلال ارتكابه أحد الأفعال المجرمة والتي تُعد تعديًا على حق مالك العلامة التجارية المقرر له والمكفول حفظه بموجب أحكام القانون.

ويختلف تكييف كل واقعة اعتداء عن الأخرى بناءً على ما نصه المنظم من اشتراطات أو أركان شكلية يتوجب توافرها لقيام الركن المادي للجريمة. وبمجرد تحقق الشروط المطلوبة للجريمة في الشق الجنائي، يثبت ركن الخطأ في الشق المدني، ويترتب على ذلك قيام المسؤولية المدنية تجاه المتعدي بمجرد استيفاء أركانها الثلاثة.

في معرض الحديث عن ركن الخطأ يثار سؤال حول مدى إلزامية ثبوت الجريمة في حق المعتدي جنائيًا حتى يسأل مدنيًا بالتعويض؟ الثابت أن المحكمة لا تتقيد بالحكم الجزائي المتعلق بالدعوى المعروضة على المحكمة إلا في الوقائع التي فصل فيها الحكم، كما لا تتقيد المحكم بالحكم الصادر بعدم الإدانة إلا إذا نفى الحكم نسبة الواقعة إلى المتهم[27]، بمعنى أنه إذا صدر حكمًا على المدعى عليه بعدم إدانته بالجريمة المنسوبة إليه فإن القاضي المدني أو التجاري لا يتقيد بالحكم الجزائي ما لم يكن الحكم قد صدر بناء على نفي واقعة الاتهام عن المتهم.

للتطبيق على ذلك، نستأنس بالقضية رقم 4430207784) ) لعام 1444ه والتي  دفع المدعى عليه الدعوى المقامة ضد بخصوص تعديه على علامة مسجلة للمدعي بصدور حكم من المحكمة الجزائية بعدم إدانته بالتعدي ومع ذلك، حكم الدائرة بثبوت تعدي المدعى عليه على العلامة التجارية للشركة المدعية وسببت الدائرة ذلك بأنه: لا ينال من ذلك ما دفع به وكيل المدعى عليه بصدور حكم من المحكمة الجنائية بعدم ادانة موكله، حيث أن الحكم الصادر في الدعوى الجزائية بعدم الإدانة لا تتقيد به المحكمة إلا إذا نفى نسبة الواقعة للمتهم، ومع ذلك لم تحكم الدائرة للمدعي بالتعويض رغم ثبوت التعدي لديه وذلك بداعي أن طلب التعويض عن التعدي أقيم قبل أوانه والصحيح المطالبة به بعد اكتساب الحكم القطعية.[28]

وعليه نجد أن القاضي التجاري في قضايا العلامات التجارية لا يتقيد بالحكم الجزائي إلا في حدود الوقائع التي فصل فيها الحكم كون هذه الوقائع عرضت على القضاء وسبق أن فصل فيها القضاء بالتالي وتبعًا لمبدأ حجية الأمر المقضي به ولاستقرار الأحكام القضائية واتساقها يجب أن يتقيد القاضي التجاري بفصل المحكمة الجزائية في ذات الوقائع المعروضة عليه، أما الحكم الجزائي الصادر بعدم إدانة المتهم فلا يتقيد به القاضي التجاري كون الدعوى الجزائية تبحث توافر القصد الجنائي للفاعل في جرائم التعدي بينما الدعوى التي ينظرها القاضي التجاري تبحث ثبوت التعدي وتحقق المسؤولية المدنية الموجبة للتعويض، فلا يتقيد القاضي التجاري بالحكم الصادر بعدم الإدانة إلا إذا نفى نسبة الواقعة إلى المتهم.

ثانيًا. ركن الضرر: يشكل الاعتداء على العلامة التجارية ضرر يتمثل في الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له.[29] أن الضرر الذي يستحق المدعي أن يتم تعويضه عليه هو الضرر المباشر الذي ينتج عن فعل التعدي،[30]بمعنى أن يكون الضرر نتيجة طبيعية للخطأ، ولم يشترط المنظم أن يكون الضرر متوقع أو غير متوقع كون الضرر اساسًا ناشئًا عن المسؤولية التقصيرية المتمثلة في مخالفة أحكام النظام والتعدي على حق محفوظ ومحمي بموجب النظام. تتمثل هذه الأضرار في نوعين، النوع الأول أضرار مالية تؤثر على المركز المالي لصاحب العلامة مثل التأثير على أرباح مالك العلامة أو المرخص له باستعمالها [31] النـوع الثاني هـو الضرر الأدبي أو المعنوي، والذي نص نظام المعاملات المدنية علـى شمولـه ضمـن تقدير التعويض. ويمكن تصور الضرر المعنوي الذي قد يصيب صاحب العلامة أو المرخص له باستغلالها نتيجة التأثير السلبي على سمعة العلامة جراء التعدي عليها، كما هو الحال عندما يقوم المتعدي ببيع منتجات مقلدة ذات جودة رديئة تحمل العلامة، مما يؤدي إلى عزوف المستهلكين عنها بسبب السمعة السيئة التي تلحق بها.

ثالثًا. العلاقة السببية: يلزم لقيام المسؤولية المدنية في حق المعتدي قيام علاقة سببية بين فعل الاعتداء الواقع على العلامة التجارية وبين الضرر الناتج عن الاعتداء.[32] بالتالي حتى يستحق المدعي التعويض عن الضرر الذي لحق به جراء اعتداء الغير على علامته لابد أن يثبت الأضرار التي لحقت به كنتيجة مباشرة لفعل التعدي.

استنادًا إلى ما سبق، يتضح أن حماية العلامة التجارية تستوجب تنظيمًا قانونيًا دقيقًا يضمن حقوق مالكها ويوفر الجزاءات المناسبة في حال التعدي عليها. وقد أرسى المنظم السعودي والخليجي أسسًا واضحة لتكييف المسؤولية المدنية الناشئة عن التعدي على العلامة التجارية، باعتبارها مسؤولية تقصيرية قوامها ثلاثة أركان: الخطأ المتمثل في فعل التعدي، والضرر بنوعيه المادي والمعنوي، والعلاقة السببية بينهما. وهذا التكييف يمنح القاضي التجاري سلطة تقديرية في النظر في دعاوى التعويض المدنية بصرف النظر عن الحكم الجزائي، إلا في حدود الوقائع التي فصل فيها تطبيقًا لمبدأ حجية الأمر المقضي به. وبذلك، يوفر النظام القانوني حماية متكاملة لأصحاب العلامات التجارية، تضمن جبر الضرر الناتج عن التعدي وتحقق الردع العام لمنع المساس بهذا الحق الأساسي للمنشآت التجارية.

المبحث الثاني: التعويض الناتج عن التعدي على العلامة التجارية وفق المعمول به في المملكة العربية السعودية

دون الإخلال بالمسؤولية الجنائية التي تترتب على إتيان أي من جرائم السابق الإشارة إليها في المبحث السابق، لا يستوفي صاحب العلامة التجارية حقه ممن اعتدى عليه إلا عن طريق مطالبته بالتعويض وفق أحكام المسؤولية المدنية. أن التعويض هو جبر الضرر الناشئ عن المسؤولية المدنية وجزاء للخطأ، يثار عند اكتمال أركان المسؤولية الثلاثة، والأصل في التعويض أن يكون نقدًا، ومع ذلك يمكن أن يكون التعويض بالمثل أو بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الضرر.[33]

أن الراجح في التعويض عن التعدي على العلامة التجارية أن مصدره المسؤولية التقصيرية الناتجة عن الفعل الضار المتمثل في مخالفة النصوص النظامية التي تقضي بخلوصيه حق مالك العلامة التجارية في ملكيته لها والانتفاع بها، ومع ذلك قد تثار حالات يكون التعويض قائم على أساس المسؤولية العقدية بموجب التزام عقدي بين الطرفين – صاحب الحق والمتعدي – ومثالها عقود الخدمات التي تبرم بين صاحب العلامة التجارية وبين مقدم الخدمة والتي يضع فيها الأول التزام على الأخير بعدم استعمال العلامة التجارية في غير نطاق الخدمات مما يجعل مخالفته لهذا الالتزام اخلال عقدي. في هذا المبحث تتناول الدراسة في المطلب الأول معايير التعويض الجابر للضرر الناتج عن التعدي على العلامة التجارية، ثم التكييف القضائي للتعويض في المطلب الثاني.

المطلب الأول: معايير التعويض الجابر للضرر الناتج عن التعدي على العلامة التجارية.

عند التطرق للتعويض عن الأضرار الناتجة عن التعدي على العلامة التجارية لابد من الالتفات اولًا لأن العلامة التجارية هي حق غير ملموس، وعليه تسود صعوبات بشأن كيفية إثبات أي ضرر يلحق بهذا الحق. وبالتالي، نادرا ما يمنح صاحب الحق تعويضات كافية عن الضرر الذي يسببه التعدي.[34] تهدف الدعوى المدنية في جوهرها إلى التعويض، لكنها تتضمن أيضاً غاية أساسية تتمثل في إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الاعتداء. فيرفع المتضرر الدعوى بغرض إثبات وقوع الاعتداء من قبل المعتدي ووقفه عن الاستمرار في ذلك، للحيلولة دون تكبد المتضرر خسائر جسيمة.

تم النص على معايير التعويض الجابر للضرر الناتج عن التعدي على حقوق صاحب العلامة التجارية في المادة الحادية والأربعون من قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قبل تحليل المادة واستنباط المعايير الواضحة فيها نبين في الفرع الأول أحكام التعويض عن الضرر وفق نظام المعاملات المدنية ثم في الفرع الثاني معايير التعويض عن الضرر الناشئ عن التعدي على العلامة التجارية وفق قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

 

الفرع الأول: التعويض عن الضرر وفق نظام المعاملات المدنية

بالرجوع لنظام المعاملات المدنية نجد أن الفرع الرابع من الفصل الثالث قد نظم أحكام تتعلق بالتعويض عن الضرر، أوضحت المادة السادسة والثلاثون بعد المائة أن التعويض يكون بما يجبر الضرر كاملًا وذلك بإعادة المتضرر إلى الوضع الذي كان فيه قبل وقوع الضرر أو كان من الممكن أن يكون فيه لولا أن الضرر قد وقع، كما لابد أن يكون التعويض بما يجبر الضرر دون أن يتجاوز الضرر الفعلي الذي لحق بالمتضرر.[35]

اولًا. التعويض الجابر للضرر بالكامل

حتى نطلق على التعويض أن تعويضًا كافٍ وجابرٍ للضرر يلزم أن نفرق بين حالتين من حالات التعويض التي نصت عليها المادة الخامسة والثلاثون من نظام المعاملات المدنية:

الحالة الأولى. إعادة المتضرر للوضع الذي كان فيه قبل وقوع الضرر:

وهنا يلزم أن يقوم المسؤول عن التعويض بتعويض المتضرر تعويضًا كافيًا لإعادته إلى وضعه السابق لوقوع الضرر، ومثاله إتلاف شخص ملك غيره مما يلزمه تعويضه إما بمثله أو بقيمته.

الحالة الثانية. إعادة المتضرر إلى الوضع الذي كان يمكن أن يكون فيه لولا وقوع الضرر:

تثار هذه الحالة إذا حال الضرر الواقع بين وضع كان يمكن أن يكون فيه المتضرر لولا وقوع الضرر، على سبيل المثال إذا أضر شخص ببائع على وشك إتمام صفقة بيع منتج لمشتري بأن قام المخطئ بإتلاف محل البيع مما ترتب عليه تعذر إتمام البيع لتلف المحل، فيكون التعويض هنا بإعادة المتضرر- أي البائع – إلى الوضع الذي كان يمكن أن يكون فيه لولا تلف محل البيع وهو بيع المنتج للمشتري وقبض ثمن المنتج، وعليه وحتى يعيد التعويض البائع المتضرر إلى الوضع الذي كان من الممكن أن يكون فيه لولا اتلاف الغير المسؤول للمحل؛ يجب أن يعوض البائع بالقيمة التي كان سيبيع بها المحل للمشتري وليس بقيمة المحل فعلًا، فقد يكون البائع حدد سعرًا أكثر من قيمة المحل الفعلية ليحقق ربحًا.

وللتمثيل على حالة من حالات قد يثار فيها التعويض بإعادة المتضرر إلى وضع كان يمكن أن يكون فيه لولا وقوع الضرر في ضوء الدراسة الحالية: حرمان مالك علامة تجارية مسجلة من إبرام عقد ترخيص باستعمال العلامة بسبب إقدام الغير على تقليد العلامة مما جعل المرخص له يعدل عن التعاقد كون العلامة محل العقد ليست محمية من التقليد؛ حيث لولا وقوع التقليد لأبرم صاحب العلامة عقد الترخيص.

ثانيًا. الضرر اللازم التعويض عنه

  1. التعويض عن الخسائر

يقوم التعويض عن الضرر المباشر وفق المادة السابعة والثلاثون بعد المائة من نظام المعاملات المدنية على معيارين هامين وهما الخسارة التي لحقت بالمتضرر والكسب الذي فاته. يشترط في التعويض عن الخسائر التي تلحق المتضرر أن تكون الخسائر مباشرة ومحققة، يقصد بالخسارة المباشرة الخسارة التي لحقت بالمتضرر كنتيجة طبيعية لخطأ المسؤول أما الخسارة المحققة تعني الخسارة التي وقعت فعلًا أو التي يكون وقوعها في المستقبل أمرًا حتميًا كون الضرر المستقبلي هو ضرر تحققت أسبابه وتراخت آثاره مما يجعله مشمول في حكم الضرر المحقق.[36]

  1. التعويض عن الكسب الفائت

أما بالنسبة للكسب الفائت يعرف بأنه الربح الذي توافرت شروطه وتحققت أسبابه إلا أنه لم يتحقق بسبب الفعل الضار[37]. يمكن تكييف التعويض عن الكسب الفائت في أفعال التعدي على العلامة التجارية بأنه تعويض نتج عن فعل الغصب، حيث ورد في كتاب كشاف القناع أنه: إذا كان للمغصوب منفعة من المنافع التي يمكن إجارتها عادة فعلى الغاصب أجرة مثله مدة بقائها في يده سواء استوفى الغاصب منافع المغصوب أم لا[38]. وحيث أن الغصب هو الاستيلاء على ما للغير ظلمًا وبغير حق، وتكييف أفعال التعدي على العلامة التجارية على أنها استيلاء من قبل المتعدي على مال مملوك للغير ظلمًا ودون حق مما يجعل المتعدي في حكم الغاصب الذي يلزم معه تعويض المتضرر عن الغصب.

أن الكسب الفائت مقرر وفق أحكام الشريعة الإسلامية كونه يقوم على أساس الضمان[39] وبوصف الضمان وجد لرفع الضرر والتعويض عنه، فيعد الكسب الفائت ضررًا وقع على الشخص المتضرر نتيجة الفعل الضار مما يلزم إزالته، ولا تكون ازالة إلا بالتعويض. [40] يمكن تصور حالات عدة يفوت على صاحب الحق كسب بسبب تعدي الغير على علامته منها تراجع مبيعاته، إلغاء عقود تتعلق بالعلامة التجارية التي تم الاعتداء عليها مثل عقود الترخيص أو فرص استثمارية مثل الجولات الاستثمارية.

  1. التعويض عن الضرر المعنوي

يعد الضرر المعنوي من الأضرار المشمولة في التعويض، حيث بينت المادة الثامنة والثلاثون بعد المائة أن التعويض يشمل التعويض عن الضرر المعنوي الذي لحق بالمتضرر ولعل في هذا المعرض نبين المسألة التي أثيرت حول استحقاق المتضرر ذو الصفة الاعتبارية للتعويض الناتج عن الضرر المعنوي الذي يلحق به من عدمه تبعًا لكون العلامات التجارية التي تشتهر على منتجات أو خدمات عادة ما تكون مسجلة باسم الشركة التي تمارس هذا النشاط، نصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة والثلاثون بعد المائة على أن التعويض المعنوي يشمل ما يلحق الشخص الطبيعي من أذى حسي أو نفسي ناتج عن المساس بجسده، أو حريته، أو بعرضه، أو بسمعته أو مركزه الاجتماعي.

مما جعل عدد من المجتهدين ينقسمون إلى فريقين، الأول يرى أن الفقرة الثانية هي قيدًا للفقرة الأولى كونها بينت ماهية التعويض عن الضرر المعنوي وأقصرته على الشخص الطبيعي دون الاعتباري وحجتهم في ذلك أن المادة تتناول التعويض عن الضرر المعنوي، بالتالي ذكر المنظم أن الضرر المعنوي يشمل ما يلحق الشخص الطبيعي من أذى يعني قَصر هذا الضرر على الشخص الطبيعي دون الاعتباري وأن المنظم لم يضع هذه الفقرة دون أن يراعي العلة او التبرير وراءها، والراجح أنها وضعت لداعي قصر الأضرار المعنوية على الشخص الطبيعي دون الاعتباري كون طبيعة هذه الأضرار تتنافى مع طبيعة الأشخاص الاعتباريين.

والفريق الآخر يرى أن نص المادة الثانية يفهم منه معايير قياس الضرر المعنوي الذي يلحق بالشخص الطبيعي ولم تقصر المادة الضرر المعنوي على الشخص الطبيعي دون الاعتباري، حيث إن إيراد المنظم للأضرار التي تلحق بالشخص الطبيعي في جسده، او حريته، أو عرضه، أو سمعته، أو مركز الاجتماعي لا تكاد تعدو أن تكون بيان للأضرار التي يمكن للشخص الطبيعي أن يشملها في طلب التعويض عن الضرر المعنوي، ولو أراد المنظم قصر الضرر المعنوي على الشخص الطبيعي دون الاعتباري لنص على ذلك صراحة.

والاتجاه الأخير هو ما نؤيده حيث إن الفقرة محل الخلاف لم تنص صراحة على استثناء الشخص الاعتباري من التعويض المعنوي ونجد أن المعايير التي أوجدتها المادة للشخص الطبيعي منها ما يمكن قياسه على الشخص الاعتباري مثل السمعة والمركز الاجتماعي، فالشركات تقوم على سمعتها وتحرص عليها، وبما أن الثابت مسؤولية الشخص الاعتباري عن الأضرار التي يلحقها بالغير سواء كانت مادية أو معنوية فمن المنطقي الاعتراف بذات الحق للشخص الاعتباري.[41] ومع ذلك، من الأحرى تعديل نص المادة بإزالة لفظ “طبيعي” لتجنب اللبس الحاصل في تفسير المادة.

ثالثًا. طرق تقدير التعويض

نصت المادة التاسعة والثلاثون بعد المائة من نظام المعاملات المدنية على ثلاث طرق لتقدير التعويض عن الضرر وهي الآتي:

  1. تعويض المتضرر بالنقد: وهو الأصل، يتم تقدير قيمة ما أصاب المتضرر من خسارة وما فاته من كسب بقيمة نقدية تجبر هذا الضرر.
  2. تعويض المتضرر بالمثل: يقصد بالتعويض بالمثل تعويض المتضرر بجنس ما أتلف المسؤول عن التعويض، مثال ذلك، إذا أهلك شخص لآخر مركبته وبدلًا من تحمل قيمتها طلب المتضرر من المسؤول أن يعوضه بمثلها. لا يصار إلى التعويض بالمثل إلا بحكم من المحكمة وبناء على طلب المتضرر تبعًا للظروف المحيطة سواء بخطأ المسؤول أو بالضرر الواقع جنبًا إلى رغبة المتضرر أن يتم تعويضه بالمثل بدلًا من النقد؛ حيث تكون سلطة المحكمة مقيدة بطلب المتضرر أن يتم تعويضه بالمثل، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي بالتعويض بالمثل ما لم يطلب المتضرر ذلك، ومع ذلك أن حكم المحكمة بإلزام المسؤول عن التعويض أن يعوض المتضرر بالمثل ليس واجبًا، حيث نصت المادة على أنه يجوز للمحكمة ذلك بمعنى أن للمحكمة سلطتها في تقدير ذلك بحسب ظروف وملابسات كل قضية.
  3. التعويض بإعادة الحال إلى ما كانت عليه: إذا طلب المتضرر أن يتم تعويضه بإعادة الحال إلى ما كانت عليه فيجوز للمحكمة أن تقضي بذلك، ومثال ذلك عند التعدي على ملك الغير بالغصب، يكون إعادة الحال إلى ما كان عليه بإعادة المغصوب الى صاحب الحق.
  4. التعويض بالقضاء بأمر معين متصل بالفعل الضار: في بعض الحالات يستدعي إزالة الضرر الناتج عن التعويض القيام بأمر معين يتناسب مع فعل التعدي، يمكن التمثيل على ذلك بالإساءات الإعلامية التي تتم من خلال تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن طبيعة هذه الإساءات تستدعي أن يتم إزالة الضرر من خلال قيام المسيء بأفعال معينة مرتبطة بهذا الفعل، مثل إزالة هذه المنشورات ونشر منشورات اعتذار للشخص الذي تمت الإساءة له.[42]

رابعًا. مدى إلزامية أن يكون تقدير التعويض نهائيًا

في بعض الحالات قد يصعب تقدير التعويض بشكل نهائي لما قد يصاحب فعل الضرر من ملابسات معينة تستدعي ذلك، ولحفظ حق المتضرر وتجنب تعطيله بحبس حقه في التعويض راعّ المنظم ذلك بسماحه للمحكمة أن تقدر تعويضًا أوليًا للمتضرر يجبر ما أصابه من أضرار جزئيًا وبشكل أولي ثم إعادة النظر في طلب التعويض الكافي والجابر للضرر بشكل كامل ونهائي.[43]

يتضح أن التفات المنظّم إلى السماح للمحكمة بالحكم بتعويض أولي للمدعي بهدف جبر ضرره بشكل مبدئي يُظهر رؤية مستنيرة تراعي حقوق المتضرر. إذ يتيح هذا النهج للمدعي الحصول على تعويض حتى وإن تعذّر على المحكمة تحديد قيمة التعويض بدقة وبيان قاطع. ففي بعض الحالات، قد يكون من الصعب تقدير قيمة التعويض الجابر تقديرًا نهائيًا بسبب طبيعة الأضرار أو تعقيداتها. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني حرمان المتضرر من حقه في التعويض بحجة عدم التيقن من القيمة المستحقة. بل من الأجدر تمكين المتضرر من الحصول على تعويض جزئي مبدئي، يُسهم في جبر بعض أضراره إلى حين التوصل إلى تحديد دقيق وشامل لجميع الأضرار وتعويضها بشكل كامل وجابر.

الفرع الثاني معايير التعويض عن الضرر الناشئ عن التعدي على العلامة التجارية وفق قانون العلامات التجارية الخليجي

تبعًا لكون الحق الاستئثاري لمالك العلامة التجارية معترف به بمجرد إتمام إجراءات تسجيلها وساري من تاريخ قيد طلب التسجيل، [44] فإن أي أفعال تتعارض مع هذا الحق الاستئثاري وينتج عنها ضرر مباشر على صاحب الحق تلزم من ارتكبها بتعويضه وفق أحكام قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.[45]

نصت الفقرة الأولى من المادة الحادية والأربعون من قانون العلامات التجارية الخليجي على الحق الجوازي لصاحب الحق – أي مالك العلامة التجارية أو المرخص له باستغلال العلامة التجارية بحسب الأحوال-  في حال لحقه ضرر مباشر نتيجة التعدي على أي من حقوقه المقررة بموجب أحكام النظام، وذلك من خلال رفع دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة وهي المحكمة التجارية لطلب الحكم بتعويض كاف لجبر ما لحق المتضرر من أضرار نتجت عن التعدي وبما في ذلك الأرباح التي جناها المدعى عليه المتعدي، تحدد المحكمة قيمة التعويض بالقدر الذي تراه المحكمة جابرًا للضرر على أن تراعي المحكمة قيمة السلعة أو الخدمة محل التعدي وفقًا لما يحدده المدعي بشأن سعر السلعة بالتجزئة أو أي معيار آخر مشروع يطلب المدعي تطبيقه أو التقدير من خلال الخبرة.

اولًا: صاحب الحق في رفع الدعوى

بالوقوف على الأحكام الواردة في المادة، بداية نجد أن المنظم لم يستعمل لفظ صاحب العلامة التجارية أو مالك العلامة التجارية، بل استعمل لفظ “صاحب الحق” وهو لفظ أوسع كونه يشمل كل من له حق في العلامة التجارية سواء كان صاحب العلامة نفسه أو المرخص له باستعمالها أو وكيل العلامة المرخص له.

أن التفات المنظم لهذه المسألة التفات مستحسن كونه جاء متسقًا مع أحكام نظام المرافعات الذي يعد القانون الإجرائي الخادم والمنفذ للقوانين الموضوعية مثل قانون العلامات التجارية، حيث اشترط المنظم في قانون المرافعات الشرعية توافر شرطي الصفة والمصلحة في الدعوى لقبول الدعوى. [46] بالتالي اختيار المنظم للفظ “صاحب الحق” يؤكد على أن كل من له صفة ومصلحة رفع الدعوى لطلب التعويض عن التعدي على أي من حقوقه الواردة في النظام وليس فقط مالك العلامة التجارية.

مما يجدر ذكره أن المحكمة قد ترفض طلب التعويض بحجة عدم ثبوت التعدي بحكم قطعي، حيث ترى المحكمة أن الحكم الابتدائي غير كافي لإثبات ركن الخطأ في حق المدعى عليه وأن المطالبة بالتعويض عن التعدي قبل اكتساب الحكم القطعية يعد طلب سابق لأوانه[47]

ثانيًا: معايير التعويض عن التعدي على العلامة التجارية وفق المادة الحادية والأربعون

فيما يتعلق بمعايير التعويض نجد أن المادة لم تأت بمعايير واضحة للتعويض بل وضعت ما هو أقرب إلى عناصر عامة يمكن مراعاتها أثناء تقدير التعويض، كما لم تحصر المادة القاضي بهذه العناصر بل جعلتها عناصر قابلة للتطبيق على سبيل المثال مع جواز أن يطلب المدعي معيار آخر مشروع لتطبيقه، بينت المادة أن للمدعي طلب التعويض الكافي الجابر للضرر، كما بينّا مسبقًا في الفرع الأول أن التعويض الجابر للأضرار وفق نظام المعاملات المدنية هو التعويض الذي يعيد المتضرر إلى الحالة التي كان عليها أو كان من الممكن أن يكون عليها قبل وقوع الضرر من خلال تعويضه عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة، بالإضافة إلى الأرباح التي جناها المعتدي بوصفها أرباح ناشئة بطريقة غير مشروعة وغصب ما للغير، حيث يعد كل كسب حققه المدعى عليه ببيع منتج أو خدمة تحمل علامة المدعي صاحب الحق في العلامة كسب فائتًا على المدعي صاحب الحق.

يكون تقدير التعويض الجابر للضرر اولًا وفق تقدير المحكمة بما تراه جابرًا للضرر، بالإضافة للاعتماد على قيمة السلعة أو الخدمة التي تم التعدي عليها من خلال حساب سعر التجزئة وفق تحديد المدعي صاحب الحق، نجد أن الاعتماد على سعر السلعة أو الخدمة موضوع التعدي كأساس ومعيار لتقدير الضرر الذي لحق صاحب الحق هو أساس محاسبي سليم ومنطقي في حالات عدة إلا أنه لا يكفي للاعتماد عليه وحده في جميع حالات التعدي؛ حيث نتصور منطقية الاعتماد على قيمة السلعة موضوع التعدي في حال قيام المدعى عليه بيع منتجات مزورة أو مقلدة أو جريمة اغتصاب علامة تجارية بوضعها دون وجه حق على منتجات وخدمات مما أثر على مبيعات صاحب الحق إلا أننا لا نتصور جدوى معيار قيمة السلعة أو الخدمة في جريمة حيازة سلعًا تحمل علامة تجارية مزورة أو مقلدة، أو جريمة حيازة أدوات أو مواد بقصد أن يتم استعمالها في تزوير أو تقليد علامة تجارية مسجلة أو مشهورة كون هذه الجرائم تقوم على مجرد الحيازة لا البيع، مما يجعلنا نستبعد أن يكون معيار سعر السلعة أو الخدمة معيار ناجع في هذه الحالة، الجدير بالذكر أن المنظم التفت لهذه المسائلة كونه لم يقصر معايير تحديد التعويض على سبيل الحصر، بل وضعها على سبيل المثال وأتاح للمدعي طلب تقديم معايير أخرى مشروعة.

في المقابل نجد أن المطبق واقعيًا لدى المحاكم التجارية في المملكة العربية السعودية هو تراكم السوابق القضائية التي ترفض فيها المحاكم طلب المدعي بالتعويض لعدم استناد المدعي في دعواه على أساس محاسبي صحيح.[48] حيث على الرغم من أن المادة الحادية والأربعون نصت صراحة على جواز طلب المدعي لتطبيق معيار مشروع إلا أن الحاصل عند عدم جدوى المعيار الذي يقدمه المدعي أن تحكم المحكم غالبًا برفض طلب التعويض لعدم تأسيسه بشكل صحيح من قبل المدعي والذي نجده بمثابة خطأ في تطبيق النص النظامي؛ حيث  أن المحكمة الموقرة هي الجهة المعنية بتحديد التعويض الجابر للضرر، استناداً إلى المعايير التي ترى الدائرة ملائمة تطبيقها، ورفض طلب التعويض بداعي عدم حساب التعويض المستحق للمدعي حسابًا سليمًا  يُعتبر تعطيلاً لتطبيق النص النظامي وتقليصاً للسلطة الفعلية المقررة للقضاء، التي تلزم القاضي بالسعي لتحقيق العدالة عبر محاولة تقدير التعويض بشكل يجبر الضرر بالكامل. وإن تعذر ذلك، فالواجب أن يُلجأ إلى تعويض يُرجح جبره للضرر، إذ لا يُشترط أن يكون التقدير قاطعاً ودقيقاً في كل الأحوال، كون ذلك متطلباً غير يسير ولا منطقياً في غالب الحالات، ومن باب التيسير، يُسمح بأن تُبنى الأحكام على غلبة الظن دون اشتراط اليقين المطلق، إذ أن ترك الحكم بغلبة الظن بحجة عدم اليقين يُظهر، في كثير من الأحيان، أنه مجرد حجة يغلب عليها عدم الصحة والضعف، وإعاقة تطبيق النص النظامي.

مما يجدر الاستئناس به حكم المحكمة الإدارية رقم 216/14/ق لعام 1435هـ، والذي طالب فيه المدعي تعويضه عن أضرار خسارته المتحققة والكسب الفائت عنه نتيجة القرار الإداري الصادر من مكتب العمل بإغلاق محله، حكمت الدائرة بإلزام مكتب العمل بتعويض المدعي بمبلغ 43,960 ريال سعودي والذي يمثل تعويضًا عن الخسارة التي لحقت به والربح الذي فاته، سبب القاضي حكمه بأنه الدائرة لا تسلم باستقرار القضاء على عدم التعويض عن الربح الفائت بداعي عدم انضباطه وعدم إمكانية تحديد مقداره كون التعويض يقوم على معايير ثلاث ثابتة وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية وليس من ضمن هذه المعايير إمكانية تحديد التعويض من عدمه، ومتى اكتملت الأركان الثلاث استحق المتضرر التعويض، بالإضافة إلى أنه يجب على القضاء ألا يقف موقف سلبي بعدم تعويض المتضرر بداعي أن التعويض لا يمكن تقديره بشكل دقيق بل الواجب في هذه الحالة أن يصار الى التعويض بغلبة الظن.[49]

نجد أن هذا الحكم القضائي يمثل تطبيقاً فعلياً للسلطة الممنوحة للقاضي في الاجتهاد وتحري العدالة بهدف الوصول إلى الحكم الراجح في المسألة المطروحة أمامه، والمتمثلة في طلب المدعي، ونستحسن مسلك القاضي في هذه القضية، سواء في توصيفه وتكييفه للواقعة أو في تطبيقه للنص النظامي. إذ فور تحقق الدائرة الموقرة من اكتمال أركان المسؤولية الثلاثة، استعمل القاضي سلطته لتقدير التعويض وتقييم مدى دقة معيار التعويض الذي استند إليه المدعي في طلبه، ثم حكم له بالتعويض بعد أن انتدب خبيراً محاسبياً للتحقق من قيمة التعويض ولم يعطل تطبيق النص النظامي القاضي بالتعويض بداعي عدم يقين مقدار التعويض.

نرى أن المادة الحادية والأربعين من نظام العلامات التجارية الخليجي لم تتضمن معايير واضحة ومحددة لتقدير التعويض، بل اكتفت بالإشارة إلى العناصر التي يمكن للقاضي أخذها بعين الاعتبار أثناء تقدير التعويض. وكان من الأجدر أن تتضمن المادة تفصيلًا للمعايير المنطقية التي ينبغي للقضاء الاستناد إليها، بما يحقق العدالة والوضوح في تقدير التعويض، مع ضمان حق المدعي في طلب تطبيق معايير إضافية مشروعة تتوافق مع طبيعة فعل الاعتداء وملابسات القضية.

ثالثًا: معايير منطقية لتقدير التعويض

يرى الباحثين في مجال التعويض عن انتهاك العلامة التجارية  معايير إضافية لتقدير التعويض عن التعدي على العلامة التجارية، منها الاعتماد على  قيمة ترخيص العلامة التجارية والمحددة من قبل مالك العلامة[50] والمبرر في ذلك كون عقد الترخيص هو بمثابة سماح للغير باستعمال حق خالص لمالك العلامة التجارية بالتالي صاحب العلامة التجارية بوصفه مالكها هو من له حق تقرير المقابل المالي الذي يتلقاه مقابل الترخيص للغير باستعمال علامته، وعليه وتبعًا لكون المعتدي على العلامة أتاح لنفسه هذا الحق بطريق غير مشروع وعن طريق الغصب؛ فيعد من المنطقي أن يتم تعويض مالك العلامة التجارية عن هذا الغصب وفق  التقدير الذي قدره لاستعمال العلامة بطريقة نظامية من خلال عقد الترخيص. على الرغم من منطقية هذا المعيار لتقدير التعويض إلا أنه ليس قابل للتطبيق إلا في حال كان صاحب العلامة التجارية قد رخص للغير باستعمالها.

كما يمكن تقدير التعويض عن انتهاك العلامة التجارية بالاستناد إلى مجموعة من المعايير الإضافية والتي أشار لها الباحث Asa Person  في بحثه المتعلق بالأضرار الناتجة عن التعدي على العلامات التجارية، حيث بين الباحث معايير عدة منطقية استندت عليها السوابق القضائية لتقدير التعويض الجابر للضرر. وتشمل هذه المعايير المبيعات الإجمالية للمعتدي، التي تعكس الإيرادات الكاملة الناتجة عن المنتجات موضوع التعدي، وصافي مبيعات المعتدي بعد خصم التكاليف المباشرة، إضافة إلى حجم مبيعاته السنوية. كما يُؤخذ في الاعتبار متوسط سعر المنتج أو الخدمة المنتهكة لصاحب الحق، والذي يُعد مؤشرًا على الخسارة التجارية المحتملة. علاوة على ذلك، يمكن الاعتماد على حجم المبيعات السنوية لصاحب الحق لتقييم الأثر الذي أحدثه التعدي على نشاطه التجاري.[51]

أن المعايير الموجود في القانون السويسري للعلامات التجارية تعد معايير منصفة وقابلة للتطبيق، ويمكن الاستفادة منها لتقدير التعويض في حالات الاعتداء على العلامة التجارية. فقد نصت المادة 8 من القانون السويسري للعلامات التجارية على أنه يجب على أي شخص يرتكب تعديًا على العلامة التجارية عن عمد أو نتيجة للإهمال أن يدفع تعويضًا عادلاً عن استخدام العلامة التجارية، إضافة إلى تعويض عن الأضرار الأخرى التي تسبب فيها التعدي. وعند تحديد مبلغ التعويض، يجب مراعاة ما يلي على وجه الخصوص: 1) فقدان الأرباح، 2) الأرباح غير العادلة التي حققها المعتدي نتيجة التعدي، 3) الأضرار التي لحقت بسمعة العلامة التجارية، 4) الأضرار المعنوية، و5) مصلحة صاحب الحق في تجنب التعرض للتعدي. ويجب على أي شخص يرتكب تعديًا على العلامة التجارية بدون قصد أو إهمال أن يدفع تعويضًا عن استخدام العلامة التجارية، إذا كان ذلك يعتبر معقولاً وفي الحدود المعقولة.[52]

رابعًا: طلب التعويض المناسب بدلًا من التعويض الكافي والجابر للأضرار

نصت الفقرة الثانية من المادة الحادية والأربعون من نظام العلامات التجارية الخليجي على خيار لصاحب الحق المتضرر بأن يطلب في أي وقت قبل أن يفصل في الدعوى أن يحكم له بالتعويض المناسب بدلًا من التعويض الجابر للضرر والشامل للأرباح التي جناها المتعدي، بشرط أن يثبت أن التعدي كان باستعمال العلامة التجارية في صورة جريمة تقليد عمدية للسلعة أو كان بأي صورة أخرى.

نتصور أن المنظم أورد هذه المادة بداعي ترك خيار للمدعي بطلب المحكمة تعديلًا على طلب التعويض الأصلي والغالب أن التعديل في هذه الحالة يكون بإنقاص طلب التعويض، حيث أن التعويض السابق بيانه في الفقرة الأولى من المادة وصفته المادة بأنه تعويضًا كافً وجابر للأضرار وشامل للأرباح التي جناها المعتدي، ويتم تحديد التعويض الكاف والجابر للأضرار من قبل المحكمة وبمعايير تختارها المحكمة، مع إمكانية طلب للمدعي المتضرر تطبيق معيار آخر مشروع، بينما التعويض المناسب هو تعويض يقدره المدعي نفسه، بمعنى أن وصف المناسبة يرجع للمدعي وتقديره، أضافت المادة عبارة تفيد بإمكانية طلب التعويض المناسب في حال ثبت أن التعدي كان في صورة استعمال العلامة التجارية في تقليد عمدي للسلعة، حيث اشترطت المادة وجود عنصر العمد في جريمة التقليد لقيام الجريمة ولاعتبارها عنصر الخطأ الذي تقوم عليه المسؤولية المدنية، كما أضافت المادة ما يفيد إمكانية طلب المدعي للتعويض التناسب في أي صورة أخرى مما قد يثير التساؤل حول سبب تخصيص التقليد العمدي في نص المادة، وكأنه الحالة الوحيدة التي ينطبق عليها حكم الفقرة الثانية. إلا أن عبارة “أو كان بأي صورة أخرى” توضح انطباق الحكم الوارد في المادة على جميع حالات الاعتداء الأخرى، وليس التقليد العمدي فقط.

مما يجدر الإشارة له أن قانون العلامات التجارية السويسري نص على أن المحكمة تأخذ في عين الاعتبار عند الحكم بالتعويض المعايير الآتية:  1) الخسائر الفعلية التي تكبدها صاحب الحق و2- الأرباح غير القانونية التي حققها المنتهك [53]بوصفها معايير لاحتساب التعويض الجابر للضرر وهي ذات المعايير المعتمدة لاحتساب التعويض وفق نظام المعاملات المدنية، ومع ذلك، نص التوجيه الصادر من قبل الاتحاد الأوروبي والمتعلق بتوحيد قواعد إنفاذ حقوق الملكية الفكرية على مادة تفيد بإمكانية طلب المدعي المتضرر تعويضًا معقولًا بدلًا من طلب التعويض وفق المعيارين السابقين وذلك  لمراعاة إذا كانت الظروف تجعل من الصعب أو المستحيل تحديد مستوى الضرر الفعلي، فيتم تطبيق هذا المعيار الموضوعي. [54]

بمقارنة أحكام نظام العلامات التجارية الخليجي والتوجيه الصادر من قبل الاتحاد الأوروبي، يظهر تشابه واضح في المواد التي تحدد معايير التعويض الجابر للضرر والمادة المتعلقة بـ التعويض المناسب أو المعقول، مما يتضح معه أن التعويض المناسب أو المعقول يمثل بديلًا للتعويض الجابر للضرر الفعلي في الحالات التي يكون فيها من الصعب أو المستحيل تحديد قيمة الضرر الفعلي بشكل دقيق.[55]

المطلب الثاني: سلطة القضاء في تكييف التعويض عن الأضرار الناتجة عن التعدي على العلامة التجارية.

تعرف السلطة بأنها “الصلاحية في الأمر والنهي واحداث آثار قانونية بالإرادة المنفردة في مواجهة الغير”[56] كما تعرف سلطة القاضي بأنها الصلاحية التي يتمتع بها القاضي من خلال التفكر والتدبر في عمله بحسب النظر والمقايسة من أجل إقامة شرع الله في المسائل المعروضة أمامه.[57] يستمد القاضي سلطته من النص النظامي، كما تحدد النصوص النظامية حدود هذه السلطة ونوعها؛ إذ تتضمن بعض النصوص النظامية عبارات جوازيه تمنح القاضي سلطة تقديرية في المسألة المعنية، بينما تُصاغ نصوص أخرى بعبارات آمرة تقيد تلك السلطة التقديرية مما تجعل القاضي ملزم بتطبيق ما ورد في المادة النظامي دون اجتهاد.[58]

الفرع الأول: السلطة التقديرية للقضاء في قضايا التعويض بشكل عام

جاء نظام المعاملات المدنية بمادة واضحة تبين كيفية تقدير التعويض، سواء من المحكمة، المدعي، الخبير أو أي من له صلة في بحث مسألة تقدير التعويض حيث نصت المادتين (136) و (137) على وجوب أن يكون التعويض شاملاً لجبر الضرر بالكامل، بحيث يعيد المتضرر إلى الوضع الذي كان فيه أو كان من الممكن أن يكون فيه لولا وقوع الضرر، على أن يتحدد مقدار الضرر بما أصاب المتضرر من خسارة فعلية وما فاته من كسب، شريطة أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار، ولم يكن بالإمكان تفاديه ببذل الجهد المعقول وفقاً لظروف الحال.

بشكل عام، تكمن السلطة التقديرية للمحكمة في قضايا التعويض، بعد تحقق أركان التعويض الثلاثة، في تحديد قيمة التعويض الجابر للضرر، حيث أن الأصل في تقدير التعويض أن يكون قضائيًا ويخضع لسلطة القاضي،[59] بالتالي الواجب على المحكمة أن تجتهد في تقدير التعويض النهائي الجابر للضرر،  وفي الحالات التي يتعذر فيها تقدير التعويض بشكل نهائي، يجوز للمحكمة أن تقرر تعويضًا أوليًا، دون الإخلال بحق المتضرر في طلب إعادة النظر في تقدير التعويض،[60] وفي هذه الحالة، تمتلك المحكمة سلطة تقديرية إضافية لتحديد مدة زمنية يُسمح خلالها للمدعي بإعادة طلب التعويض. ذلك أن ترك الحق في طلب التعويض مفتوحًا دون تقييد زمني يؤدي إلى عدم استقرار المراكز القانونية. فلا يصح أن يُتاح للمدعي إعادة طلب النظر في دعواه بالتعويض في أي وقت ودون تقييد، خاصة وأن طلب التعويض الأصلي مُحدد بمدة تقادم حددها المنظم بثلاث سنوات من تاريخ علم المتضرر بالضرر والمسؤول عنه.[61]

كما يكون للمحكمة تقدير طريقة أداء التعويض، حيث إن الأصل في التعويض أن يكون نقدًا ويكون للمحكمة أن تقضي بتعويض المدعي بالمثل أو بإعادته للحال الذي كان عليه أو تقضي بأمر مين متصل بالفعل الضار، ولا تقوم سلطة المحكمة التقديرية في هذه المسألة إلا بناء على طلب المتضرر وتبعًا للظروف المحيطة كما يكون للمحكمة أن تقضي بأداء التعويض على أقساط.[62]

أما بالنسبة لمسائل التعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي، فيكون للمحكمة سلطة في تعديل هذا التعويض متى ثبت لها أن التعويض المتفق عليه مبالغًا فيه، ولها في المقابل أن تزيد هذا التعويض إذا ثبت لها أن الضرر الناتج جاوز مقدار التعويض الاتفاقي بناء على غش أو خطأ جسيم من المدين.[63]

بالتالي نستنتج أن للمحكمة الموقرة سلطة واسعة في تقدير التعويض الجابر للضرر، فلها بعد ثبوت أركان المسؤولية الثلاث أن تبحث مسألة التعويض بتمحيص كل ركن، فتبحث ركن الخطأ وتحلل فعل المدين المسؤول عنه وتبحث ركن الضرر الناتج عنه وتقدر كيف أدى هذا الضرر لخسائر على الدائن المتضرر وافات عنه كسب، حتى أن كان المدعي لم يستند على تقدير سليم يتماشى مع الضرر الحاصل فيكون للمحكمة كامل السلطة في بحث التقدير المتماشي مع الأضرار الحاصلة بوصفها الخبير الأول، وللمحكمة سلطة في طلب أطراف الدعوى تقديم ما يمكنها من تقدير التعويض ولها أن تستعين بأهل الخبرة المختصين في المسألة محل التعويض.

الفرع الثاني: السلطة التقديرية للقضاء في قضايا التعويض المتعلقة بالعلامة التجارية

نصت المادة الحادية والأربعون من قانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على: “تحدد المحكمة التعويض بالقدر الذي تراه جابرًا للضرر، على أن يكون من بين ما تراعيه المحكمة في هذا الشأن قيمة السلعة أو الخدمة – موضوع التعدي – وفقًا لما يحدده المدعي بشأن سعر التجزئة أو أي معيار آخر مشروع يطلب تطبيقه أو عن طريق الخبرة.”

الثابت أن النص النظامي الخاص يقيد العام، وطالما أن نظام العلامات التجارية نص على ضوابط ومعايير خاصة تتعلق بتعويض المتضرر المتعدي على حقوقه فتقدم نصوصه عن نصوص التعويض الواردة في نظام المعاملات المدنية بوصفها نصوص عامة، ولا يعمل بها إلا لسد فراغ تشريعي أغفل النظام تضمينه في القانون الخاص بالعلامات التجارية. بالرجوع إلى نص المادة الحادية والأربعون من قانون (نظام) العلامات التجارية الخليجي نجد أنها نصت بعبارات وجوبية وإلزامية على المحكمة أن تحدد قيمة التعويض المناسب لجبر الضرر، مما يفهم منه أن القاضي هو الخبير الأول في تقدير التعويض، حتى وإن قدّم المدعي طلبًا بتعويض جزافي غير مبني على أساس حسابي صحيح، أو طلب تعويضًا ضئيلًا لا يتناسب مع حجم الضرر الناجم عن انتهاك علامته من قبل المتعدي، في كلتا الحالتين، يتوجب على المحكمة التدخل لتقدير التعويض العادل لجبر الضرر كونها صاحبة الاختصاص في هذا الشأن. ومع ذلك، نجد أن عدد السوابق القضائية التي رفضت فيها المحاكم طلبات التعويض بحجة عدم استناد المدعي إلى أساس حسابي صحيح أو لعدم إثبات الضرر الفعلي بتقدير دقيق، يفوق بكثير عدد القضايا التي حكم فيها لصالح المدعي بتعويض عن الأضرار الناتجة عن التعدي على علامته التجارية مما يُعَدّ خطأً في تطبيق النص النظامي، إذ يفترض أن تدرك الدائرة الموقرة دورها الجوهري في استنباط التعويض وتقديره وفق المعايير المحددة في النظام والتي منها قيمة السلعة أو الخدمة، أو القيمة التي قدرها المدعي المتضرر أو من خلال الاستعانة بالخبرة واستشارة المختصين في المسائل المتخصصة عند الحاجة. [64]كما يُعدّ هذا التوجه تعطيلًا لتطبيق النص النظامي الذي ينص على أحقية المدعي المتضرر في الحصول على التعويض بمخالفة القاعدة الكلية: إعمال الكلام أولى من إهماله[65] حيث يكيف فعل المحكمة بتعطيل تطبيق النص النظامي القاضي باستحقاق المدعي المتضرر من انتهاك علامته التجارية بداعي عدم التيقن من صحة تقدير التعويض من باب تعطيل وإهمال للكلام الذي يعد العمل به وفق غلبة الظن والترجيح أحرى من اهماله كليًا.

حيث إن الواجب على المحكمة الموقرة ناظرة دعوى التعويض أن تسلك النهج المتبع في هذا النوع من الدعاوى، بأن تستند إلى خطأ المدعى عليه كركن أساسي. فبحث الخطأ وتكييفه بصورة صحيحة يمكّن المحكمة من استنباط معايير تقدير التعويض عن الضرر، حيث يساعد هذا التمحيص القانوني في تحديد الأضرار الناتجة عن الخطأ حتى في حال عدم تقديم المدعي تقديرًا وافيًا ودقيقًا للأضرار، يمكن الاستئناس على هذه المسألة من خلال تسبيب إحدى الدوائر القضائية في دعوى تتعلق بتعويض عن تقليد علامة تجارية. حيث استندت الدائرة في حكمها إلى تحليل وافي، جاء فيه أن الأدلة المقدمة أثبتت استعمال المدعى عليها لعلامة المدعي التجارية بصورة مشابهة ومضللة على محلها ومنتجاتها، مما يؤدي إلى تضليل المستهلكين. وأكدت الدائرة أن نظام العلامات التجارية يمنح مالك العلامة حقًا حصريًا في استخدامها ومنع الغير من استغلالها بشكل تضليلي، خاصة مع اشتداد التنافس وانتشار المنتجات، إذ أصبحت العلامات التجارية وسيلة أساسية لتمييز السلع وجذب ثقة المستهلكين، مما يعزز من رواج المنتجات المرتبطة بها. كما أوضحت الدائرة أن حقوق مالك العلامة تشمل استثمارها والتصرف فيها دون مزاحمة أو اعتداء، وأن استغلال المدعى عليها للعلامة بشكل مضلل يضر بمالكها من خلال إضعاف قيمتها والغرض من وجودها، وهو توجيه المستهلكين نحو المنتج الأصلي.[66]

رغم أن المحكمة قضت بعدم قبول طلب المدعية بالتعويض، إلا أن تسبيب الدائرة أظهر تميزًا من خلال التكييف القانوني الدقيق للوقائع وربطها بالمواد النظامية ذات الصلة. فقد برعت الدائرة في توضيح طبيعة التعدي على العلامة التجارية عبر تقليدها، وبيان الحق المعتدى عليه وتحديد طبيعته ومصدره. كما ركزت في تسبيبها على المعاني الجوهرية المرتبطة بالعلامة التجارية، موضحة غايتها في تمييز سلع ومنتجات مالكها عن غيرها، وجذب المستهلكين وتوجيههم نحو المنتج المألوف لديهم. وأكدت الدائرة أهمية الحق الحصري الذي تترتب عليه العلامة التجارية، بما يمنح مالكها حق الانفراد بها دون مزاحمة أو اعتداء من الغير.

بعد أن يبحث القاضي مسألة التعدي التي تمثل ركن الخطأ في دعاوى العلامات التجارية، يتعين عليه تقدير الضرر الناتج عن هذا التعدي من خلال قياس آثاره. يتم ذلك بتحديد ما ترتب على الخطأ من حرمان لصاحب الحق، سواء كان ذلك بحرمانه من استئثار حقه بشكل خالص، أو تمييزه عن غيره، أو بتقليل أرباحه، أو تكبده خسائر، أو فوات كسب كان من الممكن تحقيقه، بالإضافة إلى غيرها من الأضرار التي تلحق صاحب الحق كنتيجة طبيعية ومباشرة لفعل التعدي. فالغاية من التعويض، بوصفه جزاءً للمسؤولية، هي جبر الضرر وإعادة التوازن الذي اختل نتيجة هذا التعدي، بما يشمل تعويض الأضرار بكافة أبعادها المادية والمعنوية،[67] لا خلاف على أن المدعي في دعاوى التعويض ملزم بتقديم ما يثبت تضرره إلا أن تعليق الحكم بتعويضه على مسألة التيقن من تقدير الضرر لا تكاد تعدو أن تكون تعجيز وتعطيل في تطبيق النص النظامي.

الخاتمة

إن الهدف الأساسي لصاحب العلامة التجارية من اتخاذ علامة وتسجيلها لدى الجهة المختصة يتمثل في تحقيق التميز والتفرد، إلى جانب ضمان الحماية القانونية. فالعلامة التجارية تُميّز منتجات أو خدمات صاحبها عن غيرها، كما أن عنصر التفرد يكمن في ارتباط العلامة بالمنتج أو الخدمة ومستواها المتميز من حيث الجودة، المواصفات الفنية، علاقتها بالمستهلكين، وغيرها من العوامل المؤثرة. وتبدأ الحماية القانونية للعلامة من تاريخ تقديم طلب تسجيلها، بحيث يُمنع تسجيل أي علامة مطابقة أو مشابهة لعلامة تجارية مسجلة أو مودعة مسبقًا أو مشهورة. بالإضافة إلى ذلك، تشمل الحماية تجريم أفعال التعدي على العلامة التجارية، فرض عقوبات رادعة عن هذه الجرائم، مصادرة المنتجات المقلدة ووقف الإفراج عنها، وتمكين صاحب الحق من رفع دعوى للحصول على تعويض عن الأضرار الناجمة عن التعدي. ومع ذلك، فإن تقدير التعويض الناتج عن التعدي على العلامة التجارية يُعد من المسائل المعقدة، نظرًا للطبيعة غير الملموسة لهذا الحق وصعوبة تقييم الضرر الفعلي، كما تشمل الصعوبات المتعلقة بتقدير التعويض عن الضرر تحديد معايير احتساب الضرر وتقديم الأدلة والأسانيد المثبتة له. غالبًا ما تكون التقديرات مبنية على أسس تقديرية وظنية غير يقينية، سواء من قبل المتضرر أو المحكمة أو الخبراء، وعلى الرغم من ذلك، فإن عدم اليقين في تحديد قيمة التعويض لا ينبغي أن يمنع من استحقاقه للمتضرر، إذ يُعتبر الحكم بتعويض تقديري مبني على الظن أولى وأرجح من ترك التعويض تمامًا، لا سيما في حال ثبوت أركان المسؤولية الثلاث الموجبة له.

إن تضييق تقدير التعويض بمعايير محددة يُعد خيارًا مناسبًا في بعض حالات التعدي دون الأخرى، حيث يختلف التعويض المستحق باختلاف طبيعة فعل التعدي وتكييفه القانوني. لذلك، من الضروري ترك مجال لاعتماد معايير مشروعة إضافية بخلاف تلك الواردة في المادة الحادية والأربعين من قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، دون أن يعني ذلك تحميل المدعي عبء تقدير التعويض النهائي، إذ يقتصر دوره على إثبات أركان المسؤولية الثلاثة وبيان طلب التعويض والمعايير التي استند إليها. أما السلطة النهائية في تقدير التعويض فتظل بيد القضاء، الذي يتحمل مسؤولية تحديد قيمة التعويض بما يحقق جبر الضرر كاملاً. وهذا ما سعت الدراسة إلى تسليط الضوء عليه والتأكيد على أهميته.

النتائج

  1. أن المادة الحادية والأربعين من نظام العلامات التجارية الخليجي لم تحدد معايير واضحة لتقدير التعويض، واقتصرت على توجيه القاضي نحو عناصر عامة يمكن الالتفات إليها أثناء تقدير التعويض. وكان من الأفضل أن تفصل المادة في المعايير المنطقية التي يستند عليها القضاء لتحقيق تقدير عادل للتعويض، مع الحفاظ على حق المدعي في طلب تطبيق معايير إضافية مشروعة تتناسب مع طبيعة الاعتداء وظروف القضية وملابساتها.
  2. يُعد حق مالك العلامة التجارية المسجلة حق ملكية استئثاري وخالص يمارسه منفردًا ويتمتع بمزاياه المالية دون منازعة، ما لم يمنح ترخيصًا للغير لاستعمالها.
  3. المسؤولية المدنية الناشئة عن التعدي على حقوق العلامة التجارية غالبًا ما تكون مسؤولية تقصيرية، كون التعدي يُعتبر مخالفة لأحكام قانون العلامات التجارية وللنظام العام القاضي بعدم الإضرار بالغير. ومع ذلك، في حالات استثنائية قد تُعد المسؤولية عقدية إذا كان هناك عقد قائم بين المتعدي وصاحب العلامة يتضمن التزامًا بعدم التعدي وتم الإخلال به.
  4. حدّدت المادة الثانية والأربعون من نظام العلامات التجارية الخليجي ثماني صور للتعدي، تشمل التزوير والتقليد وحيازة سلع أو أدوات تستخدم في التزوير أو التقليد. يُكيف ركن الخطأ في هذه الحالات على أنه ارتكاب لأفعال مجرمة تخالف نصوص القانون، مما يُعد تعديًا صريحًا على حقوق مالك العلامة المكفولة قانونًا.
  5. التعويض الجابر للضرر يهدف إلى إعادة المتضرر إلى الحالة التي كان عليها أو التي كان من الممكن أن يكون عليها لولا وقوع الضرر. ويُستند في تقديره إلى معيارين رئيسيين: الخسارة الفعلية التي لحقت بالمتضرر، والكسب الفائت الذي لم يتحقق بسبب الفعل الضار.
  6. الكسب الفائت يُعرف بأنه الربح الذي توافرت شروط تحققه لكنه لم يتحقق بسبب الفعل الضار. وفي سياق التعدي على العلامات التجارية، يمكن تكييف التعويض عن الكسب الفائت كتعويض ناتج عن الغصب، حيث يُعد التعدي استيلاءً غير مشروع على حقوق العلامة التجارية، مما يستوجب تعويض المتضرر باعتبار المعتدي في حكم الغاصب.
  7. التعويض الجابر للضرر يُحدد بمعايير تعيد المتضرر إلى الحالة التي كان عليها أو التي كان يمكن أن يكون عليها لولا وقوع الضرر، وفقًا لتقدير المحكمة. أما التعويض المناسب فهو ما يقدره المدعي نفسه بناءً على تصوره للضرر، ويُعد بديلًا للتعويض الجابر في الحالات التي يكون فيها تحديد قيمة الضرر الفعلي بدقة أمرًا صعبًا أو مستحيلًا. غالبًا ما يتم تعديل هذا التعويض من قبل المحكمة ليعكس الواقعية والعدالة في التعويض.
  8. تقضي المحكمة بعدم قبول طلب التعويض لرفعه قبل أوانه في حال لم يثبت تعدي المدعى عليه على علامة المدعي التجارية بحكم قطعي مما يجعل المحكمة ترفض الطلب وترشد المدعي لإمكانية رفعه بعد اكتساب الحكم القطعية.

التوصيات

  1. يُوصى بتعديل المادة 41 من نظام العلامات التجارية الخليجي، بما يضمن إدراج معايير موضوعية ومتنوعة لتقدير التعويض الجابر للضرر، تُراعي طبيعة الفعل المُعتدى به وظروفه، وتُسهم في توحيد التقدير القضائي، وتمكين أصحاب الحقوق من تأسيس مطالباتهم على أسس قانونية ومحاسبية منضبطة قابلة للإثبات. ويُقترح أن تكون الصياغة كما يلي: “عند تقدير التعويض الجابر للضرر الناتج عن التعدي على العلامة التجارية، يجوز للمحكمة الأخذ بأي من المعايير التالية، منفردة أو مجتمعة، بحسب ما تراه مناسبًا لطبيعة التعدي وظروف القضية: (1) قيمة الترخيص الذي كان من الممكن منحه لاستخدام العلامة، في ذات الظروف التي وقع فيها التعدي؛ (2) المبيعات الإجمالية التي حققها المعتدي من المنتجات أو الخدمات المخالفة؛ (3) صافي الأرباح التي جناها المعتدي بعد خصم التكاليف المباشرة؛ (4) متوسط سعر بيع المنتجات أو الخدمات المتضررة في السوق؛ (5) الأرباح التي فاتت صاحب الحق نتيجة التعدي؛ (6) الضرر اللاحق بالسمعة التجارية أو القيمة السوقية للعلامة؛ (7) حجم المبيعات السنوية المعتادة لصاحب الحق؛ وذلك بما يحقق تعويضًا كافيًا جابرًا للضرر.
  2. الثابت أن دعوى طلب التعويض لا تُقبل إلا بعد ثبوت التعدي بصدور حكم نهائي مكتسب للقطعية يُقر بوقوع التعدي وعليه يوصى أن يرفع أصحاب الحق دعوى التعويض بعد ثبوت التعدي بحكم قطعي.
  3. تخفيف العبء عن المدعي بعدم تحميله مسؤولية تقدير التعويض النهائي الجابر للضرر، حيث يُكتفى بإلزامه بإثبات أركان المسؤولية المدنية الثلاثة: الخطأ، الضرر، والعلاقة السببية بينهما، مع ترك تقدير قيمة التعويض للقضاء.
  4. يُوصى بأن تضع الهيئة السعودية للملكية الفكرية مبادئ استرشادية لتقدير التعويض في قضايا التعدي على العلامات التجارية، لتكون مرجعًا يُسترشد به في القضاء عند تقدير التعويض. ومن أبرز هذه المبادئ: اعتبار كل ربح حققه المعتدي كسبًا فائتًا للمدعي، واعتبار قيمة الترخيص الذي يمنحه صاحب العلامة للغير من المعايير المعتبرة عند تقدير التعويض الجابر للضرر.
  5. يُقترح تعديل الفقرة (41/2) من نظام العلامات التجارية الخليجي لتوضيح الفرق بين التعويض الجابر للضرر والتعويض المناسب. ويُعرَّف التعويض المناسب على أنه تعويض يلجأ إليه في حال تعذر تحديد الضرر الفعلي بدقة، مع مراعاة أن يعود وصف “المناسب” إلى صاحب الحق، وأن يخضع هذا التقدير لمراجعة القضاء لتحري صحته.
  6. تعديل (138) من نظام المعاملات المدنية للتأكيد على الضرر المعنوي يشمل ما لحق الشخص ذي الصفة الاعتبارية من أذى نتيجة المساس بسمعته التجارية، أو المهنية، أو بمركزه المالي، أو مكانته السوقية، أو بإحدى حقوقه المعنوية كعلامته التجارية أو اسمه التجاري، أو بأي فعل يؤثر على ثقة الجمهور أو الشركاء فيه.

 

المراجع العربية

الأنظمة:

  1. قانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 27 رجب 1435هـ.
  2. نظام الإثبات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) وتاريخ 26 جماد الأول 1443هـ.
  3. نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) تاريخ 28 جماد الأول 1423هـ.
  4. نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22 محرم 1435هـ.
  5. نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 29 ذو القعدة 1444هـ.

الكتب:

  1. ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم بن محمد، الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان، دار الكتب العلمية، بيروت، 1999م.
  2. بركات، محمود محمد ناصر، السلطة التقديرية للقاضي في الفقه الإسلامي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية،2008م.
  3. البشر، أنس عبدالله، الضمان أركانه وشروطه وأهم المسائل المندرجة تحته، 1444هـ، نسخة إلكترونية من خلال: https://qanoniah.com
  4. البهوتي، منصور بن يونس بن صلاح الدين، كشاف القناع على متن الإقناع، 4/111، متاح على: http://shamela.ws/book/21642
  5. الخفيف، علي، الضمان في الفقه الإسلامي، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 2000م.
  6. صادق، هاشم علي، تنازع القوانين، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2015م.
  7. عليان، شوكت محمد، السلطة القضائية في الإسلام، دار الرشيد للنشر، الرياض، 1982م.
  8. الغامدي، عبد الهادي محمد، الملكية الصناعية وفقًا لأنظمة الملكية الصناعية السعودية واتفاقيتي باريس والتربس، دار الشقري للنشر وتقنية المعلومات، جدة، الطبعة الثالثة، 2017م،
  9. موسى، خالد السيد محمد عبد المجيد، مصادر الالتزام في الفقه الإسلامي والأنظمة السعودية، دار الكتاب الجامعي للنشر والتوزيع، الرياض، 2017م.
  10. كمال، طه مصطفى، القانون التجاري، الدار الجامعية، القاهرة، 1986م.
  11. مكي، حسام أحمد حسنين، الملكية الفكرية وفقًا لما عليه العمل في القانون السوداني، ط4، شركة مطابع السودان للعملة المحدودة، الخرطوم، 2013م.
  12. نجيدة، علي، النظرية العامة للالتزام – مصادر الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005م.

الأبحاث:

  1. بخيت، محمد عبدالباري عبد الحميد، مدى أحقية الشخص الاعتباري في التعويض عن الضرر الأدبي، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، مج34، ع2، 2021م، الصفحات من 1 – 190، مسترجع من: http://search.mandumah.com/Record/1314373
  2. بن إسماعيل، البشير، التكييف القانوني والقضائي لتقليد العلامة التجارية. مجلة الإرشاد القانوني، ع12، 2024م، الصفحات 23 – 38، مسترجع من http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/1426000
  3. العجيري، عبدالإله بن عبدالله، سلطة المحكمة التقديرية في نظام المعاملات المدنية السعودي، الجمعية العلمية القضائية السعودية (قضاء) – الرياض، 2024م. مسترجع من: https://qadha.org.sa/ar/books/278
  4. العوفي، عمر بن عوض، تقدير التعويض المترتب على الفعل الضار وفق نظام المعاملات المدنية، مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية والاجتماعية، ع96، مج11 2024م، الصفحات من 65-113، مسترجع من: http://search.mandumah.com/Record/1467422

الرسائل العلمية:

  1. حسان، رنا ناصر، الحماية المدنية للعلامة التجارية المشهورة في القانون القطري، رسالة الماجستير، كلية القانون، جامعة قطر، 2019م، مسترجع من: https://qspace.qu.edu.qa/handle/10576/11656?locale-attribute=ar
  2. شاويش، أحمد عماد الدين سلمان، الكسب الفائت في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة القدس، 2018م، مسترجع من: https://dspace.alquds.edu/
  3. العوائد، سعيد بن أحمد بن سعيد، الحماية القانونية للعلامات التجارية وفقًا لقانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس، 2020م، مسترجع من: http://search.mandumah.com/Record/1174863
  4. مبارك محمود أحمد عبدالحميد، العلامة التجارية وطرق حمايتها وفق القوانين النافذة في فلسطين، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، نابلس 2006م، مسترجع من: http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/542791

القضايا:

  1. قرار رقم (31/44) الصادر من اللجنة الابتدائية الأولى المخولة بالنظر في مخالفات نظام المطبوعات والنشر، بتاريخ 03 جمادى الأولى 1444هـ في القضية رقم (853) والمقيدة بتاريخ 01 ربيع أول 1444هـ، (قرار غير منشور).
  2. قضية رقم (4430207784)، لعام 1444هـ، لدى المحكمة التجارية بالرياض، بتاريخ 10 ربيع ثاني 1444هـ، البوابة القضائية العلمية، متاحة على: https://sjp.moj.gov.sa/Filter/AhkamDetails/48508
  3. القضية رقم (429003480)، لعام 1442هـ، لدى المحكمة التجارية بمكة المكرمة، بتاريخ 25 ربيع أول 1443هـ، متاحة على: https://sjp.moj.gov.sa/Filter/AhkamDetails/41274
  4. القضية رقم 4471009849 لعام 1444هـ، البوابة القضائية العلمية، متاحة على: https://sjp.moj.gov.sa/
  5. القضية رقم (216-14-ق)، لعام 1435هـ، لدى ديوان المظالم، بتاريخ 10 ذو القعدة 1436هـ، ديوان المظالم، متاحة على: https://qanoniah.com/File/wkxV01WJv87Exp8L9r2jqQ3lp

المراجع الأجنبية

  1. Swedish Trademark Act (2010:1877). Svensk författningssamling [SFS] 2010:1877 (Swed.).
  2. Directive 2004/48/EC of the European Parliament and of the Council of 29 April 2004 on the enforcement of intellectual property rights, 2004 O.J. (L 157) 45, Preamble Cause 26 and Article 13.1(b).

Person, A. (2010). Damages as a Consequence of Trademark Infringement [Master’s thesis]. School of Business, Economics and Law, University of Gothenburg.

[1] Person, Asa, Damages as a Consequence of Trademark Infringement, master’s degree Project, School Business, Economics and Law University of Gothenburg, 2010, p11.

[2] الغامدي، عبدالهادي محمد، الملكية الصناعية وفقًا لأنظمة الملكية الصناعية السعودية واتفاقيتي باريس والتربس، دار الشقري للنشر وتقنية المعلومات- جدة، الطبعة الثالثة، 2017م، ص 25.

[3] ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم بن محمد، الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان، دار الكتب العلمية، بيروت، 1999م، ص413.

[4] شاويش، أحمد عماد الدين سلمان، الكسب الفائت في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة القدس، 2018م، ص 21.

[5] مبارك محمود أحمد عبدالحميد، العلامة التجارية وطرق حمايتها وفق القوانين النافذة في فلسطين، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، نابلس 2006م، ص 38، مسترجع من: http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/542791

[6] الغامدي، عبدالهادي محمد، مرجع سابق، ص 297.

[7] العوائد، سعيد بن أحمد بن سعيد، الحماية القانونية للعلامات التجارية وفقًا لقانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس، 2020م، ص 11، مسترجع من: http://search.mandumah.com/Record/1174863

[8] المرجع السابق، ص13.

[9] مكي، حسام أحمد حسنين، الملكية الفكرية وفقًا لما عليه العمل في القانون السوداني، ط4، شركة مطابع السودان للعملة المحدودة، الخرطوم، 2013م، ص 321.

[10] نجيدة، علي، النظرية العامة للالتزام – مصادر الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005م، ص 338.

[11] المادة (21) من نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) تاريخ 28 جماد الأول 1423ه.

[12] المادة (17/2) من قانون (نظام) العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 27 رجب 1435ه.

[13] Article 6 (quinquies) of Paris Convention For the protection of industrial Property, March 20, 1883.

[14] المادة الثانية والثلاثون من نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) تاريخ 28 جماد الأول 1423ه

[15] الغامدي، عبدالهادي محمد، مرجع سابق، ص 309.

[16] الباب السادس من نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) تاريخ 28 جماد الأول 1423ه

[17]  حسان، رنا ناصر، الحماية المدنية للعلامة التجارية المشهورة في القانون القطري، رسالة الماجستير، كلية القانون، جامعة قطر، 2019م، ص 69، مسترجع من: https://qspace.qu.edu.qa/handle/10576/11656?locale-attribute=ar  (تاريخ الدخول 23 نوفمبر 2024م)

[18] بن إسماعيل، البشير، التكييف القانوني والقضائي لتقليد العلامة التجارية. مجلة الإرشاد القانوني، ع12، 2024م، ص 26 مسترجع من http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/1426000 (تاريخ الدخول 23 نوفمبر 2024م)

[19] العوائد، سعيد بن أحمد بن سعيد، مرجع سابق، ص 153.

[20] صادق، هاشم علي، تنازع القوانين، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2015م، ص111.

[21] المادة العشرون بعد المائة من نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 29 ذو القعدة 1444 هجري.

[22] مكي، حسام أحمد حسنين، مرجع سابق، ص 321.

[23] البشر، أنس عبدالله، الضمان أركانه وشروطه وأهم المسائل المندرجة تحته، 1444ه، ص 5، نسخة إلكترونية من خلال: https://qanoniah.com، (تاريخ الدخول: 3 نوفمبر 2024م).

[24] كمال، طه مصطفى، القانون التجاري، الدار الجامعية، القاهرة، 1986م، ص 622.

[25] مبارك محمود أحمد عبدالحميد، مرجع سابق، ص 43.

[26] حسان، رنا ناصر، مرجع سابق، ص 68.

[27] المادة السابعة والثمانون من نظام الإثبات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) وتاريخ 26 جماد الأول 1443ه

[28] قضية رقم (4430207784)، لعام 1444ه، لدى المحكمة التجارية بالرياض، بتاريخ 10 ربيع ثاني 1444ه، البوابة القضائية العلمية، متاحة على: https://sjp.moj.gov.sa/Filter/AhkamDetails/48508  (تاريخ الدخول 21 نوفمبر 2025م).

[29] نجيدة، علي، مرجع سابق، ص 358.

[30] Person, Asa, Damages as a Consequence of Trademark Infringement, p16.

[31] حسان، رنا ناصر، مرجع سابق، ص 85، بتصرف.

[32] المرجع السابق، ص 86.

[33] المادة التاسعة والثلاثون بعد المائة من نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 29 ذو القعدة 1444ه.

[34] Person, Asa, Damages as a Consequence of Trademark Infringement, p14.

[35]  Person, Asa, Damages as a Consequence of Trademark Infringement, p13.

[36] موسى، خالد السيد محمد عبدالمجيد، مصادر الالتزام في الفقه الإسلامي والأنظمة السعودية، دار الكتاب الجامعي للنشر والتوزيع، الرياض، 2017م، ص 246-247.

[37] شاويش، احمد عماد الدين سلمان، مرجع سابق، ص 12.

[38] البهوتي، منصور بن يونس بن صلاح الدين، كشاف القناع على متن الإقناع، 4/111 متاح على: http://shamela.ws/book/21642

[39]  يعرف الضمان بأنه شغل الذمة بواجب يطلب الوفاء به إذا توافر شروطه، أنظر: الخفيف، علي، الضمان في الفقه الإسلامي، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 2000م، ص 4.

[40] شاويش، احمد عماد الدين سلمان، مرجع سابق، ص 22.

[41] بخيت، محمد عبدالباري عبدالحميد، مدى أحقية الشخص الاعتباري في التعويض عن الضرر الأدبي، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، مج34، ع2، 2021م، ص 91.

[42] قرار رقم (31/44) الصادر من اللجنة الابتدائية الأولى المخولة بالنظر في مخالفات نظام المطبوعات والنشر، بتاريخ 03 جماد الأول 1444ه في القضية رقم (853) والمقيدة بتاريخ 01 ربيع أول 1444ه، (قرار غير منشور). والذي طلب فيه المدعي إلزام المدعى عليه بالاعتذار عن الإساءة الصادرة منه لقاء ما تم نشره عبر الوسائل الالكترونية من منشورات تتضمن معلومات مغلوطة وإساءة لشخصية المدعي الاعتبارية ومساس بسمعتها، وصدر قرار اللجنة بالآتي: أولًا إلزام المدعى عليه بنشر تغريدة اعتذار للمدعي عبر حسابه في منصة تويتر مع تثبيته لمدة (7) أيام وفقًا للصيغة المرفقة للقرار. ثانيًا إلزام المدعي عليه بحذف التغريدة محل الدعوى من حسابه في منصة تويتر.

[43] المادة الحادية والأربعون بعد المائة من نظام المعاملات المدنية.

[44] المادة العشرون من نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) وتاريخ 28 جماد الأول 1423م.

[45] المادة الحادية والأربعون من قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

[46] المادة السادسة والسبعون من نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22 محرم 1435.

[47] القضية رقم (429003480)، لعام 1442ه، لدى المحكمة التجارية بمكة المكرمة، بتاريخ 25 ربيع أول 1443ه، متاحة على: https://sjp.moj.gov.sa/Filter/AhkamDetails/41274  (تاريخ الدخول 22 نوفمبر 2024م)

[48] في القضية رقم 4471009849 لعام 1444هـ، رفعت شركة أعمال المجد للصناعة دعوى ضد مؤسسة سليب بيد للتجارة تتهمها بانتهاك علامتها التجارية “سليب دايموند”. رفضت الدائرة الحكم بتعويض المدعية، بسبب عدم تقديمها سندًا محاسبيًا صحيحًا يدعم مطالبتها المالية بالتعويض. ورأت الدائرة أن المطالبة بمبلغ 300,000 ريال كانت مبنية على افتراض لا يقوم على سند محاسبي صحيح.

[49] القضية رقم (216-14-ق)، لعام 1435ه، لدى ديوان المظالم، بتاريخ 10 ذو القعدة 1436ه، ديوان المظالم، متاحة على: https://qanoniah.com/File/wkxV01WJv87Exp8L9r2jqQ3lp

[50] Person, Asa, Damages as a Consequence of Trademark Infringement, p19.

[51] Ibid., 19-20.

[52] Article 38 of the Swedish Trademark Act (Law 2009:110) Asa Persson translation of

[53] Article 13.1 (A) of the Swedish Trademark Act (Law 2009:110)

[54] Directive 2004/48/EC Preamble Cause 26 and Article 13.1 b.

[55]  Person, Asa, Damages as a Consequence of Trademark Infringement, p 17.

[56] عليان، شوكت محمد، السلطة القضائية في الإسلام، دار الرشيد للنشر، الرياض، 1982م، ص86.

[57] بركات، محمود محمد ناصر، السلطة التقديرية للقاضي في الفقه الإسلامي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية،2008م، ص 81.

[58] على سبيل التمثيل ما ورد في الفقرة الثانية من المادة الحادية عشرة من نظام الإثبات: “إذا كان المقر أو المستجوب أو الشاهد أو من وجهت إليه اليمين ونحوهم مقيماً خارج نطاق اختصاص المحكمة، وتعذر إجراء الإثبات إلكترونياً؛ فعلى المحكمة أن تستخلف محكمة مكان إقامته. وفي هذه الحالة يبلغ قرار الاستخلاف للمحكمة المستخلَفة.” يتضح من صياغة هذه المادة أن الاستخلاف في هذه الحالة إلزامي على المحكمة وليس جوازي، حيث لم تُترك للمحكمة أي سلطة تقديرية للنظر في المسألة أو تقديرها، بل يلزمها اتباع ما جاء في المادة بتنفيذ الاستخلاف.

[59] العوفي، عمر بن عوض، تقدير التعويض المترتب على الفعل الضار وفق نظام المعاملات المدنية، مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية والاجتماعية، ع96، مج11 2024م، ص68، مسترجع من: http://search.mandumah.com/Record/1467422  (تاريخ الدخول 23 نوفمبر 2024م)

[60] العجيري، عبدالإله بن عبدالله، سلطة المحكمة التقديرية في نظام المعاملات المدنية السعودي، الجمعية العلمية القضائية السعودية (قضاء)، الرياض، 2024م ص22، مسترجع من: https://qadha.org.sa/ar/books/278 (تاريخ الدخول 31 نوفمبر 2024م)

[61] المادة الثالثة والأربعون بعد المائة من نظام المعاملات المدنية.

[62] العجيري، عبدالإله بن عبدالله، مرجع سابق، ص 21-22.

[63] المرجع السابق، ص 26.

[64] العوائد، سعيد بن أحمد بن سعيد، مرجع سابق، ص112.

[65] القاعدة الخامسة والعشرون من فصل القواعد الكلية في نظام المعاملات المدنية.

[66] القضية رقم (429003480)، لعام 1442ه، لدى المحكمة التجارية بمكة المكرمة، بتاريخ 25 ربيع أول 1443ه، متاحة على: https://sjp.moj.gov.sa/Filter/AhkamDetails/41274  (تاريخ الدخول 26 نوفمبر 2024م)

[67] العوفي، عمر بن عوض، مرجع سابق، ص 101، بتصرف.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى