في الواجهةمقالات قانونية

نظام جبايات الجماعات الترابية والحاجة إلى الإصلاح

نظام جبايات الجماعات الترابية والحاجة إلى الإصلاح

*يونس مليح

باحث بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –سلا-

إذا كان القرن العشرين هو قرن إنشاء المقاولات والمنشآت الصناعية والتجارية. فإن القرن الحادي والعشرين، هو قرن التراب والجماعات بامتياز، بحيث أصبح دور اللاّمركزية في عصرنا الحاضر، يتزايد يوما بعد آخر في البناء‎‎الديمقراطي العام ‏للدولة، وهو ما أكده خطاب الملك الراحل الحسن الثاني الذي جاء فيه “ترعرعت وأنـا متشبع بروح اللامركزية، مؤمنا بها، معتقدا أن الديمقراطية الحقيقية هي الديمقراطية المحلية، وإذا لم تكن هنـاك ديمقراطية محلية فلن توجـد أبدا ديمقراطية وطنية، تهيمن عليها وتطبعهـا بطابع الجد والاحترام والالتزام”[1].

فتشعب مهام الدولة وتزايد مسؤولياتها، أدى بها إلى ترك جزء‎‎من الوظيفة الإدارية، ‏والاجتماعية، والاقتصادية، إلى وحدات ترابية، تعتمد‎‎التمثيلية عبر آلية الانتخاب. والمغرب ‏كغيره من البلدان بعد أن أخذ بنظام اللاّمركزية‎، ‎راكم تجربة على هذا المستوى وخصوصا على ‏المستوى الإداري، سمحت له مع مرور الوقت بتعميق الاستقلال الإداري والمالي للجماعات الترابية، بالشكل الذي يمكنها من الموارد اللازمة لجعل القرار الترابي أمرا ممكنا.

إن توفر الموارد المالية وخاصة ذات المصدر الجبائي، هي التي تعطي السلطة الفعلية للهيئات المحلية المنتخبة في القيام بدورها في مجال خدمة المواطن، فيكون بذلك النظام الجبائي الترابي أهم عناصر الاستقلال المالي للجماعات الترابية باعتباره يتضمن مختلف الضرائب والرسوم المستحقة للجماعات الترابية وهيئاتها.

ويعتبر القانون 47.06[2] المنظم للجبايات المحلية[3] هو الإطار القانوني المنظم لهاته الجماعات الترابية وهيئاتها، فهو نتاج لمجموعة من الإكراهات والنواقص التي عرفها القانون المتجاوز 30.89[4]، والذي أبان بعد ثمانية عشر سنة من تطبيقه على محدوديته، فقد جاء لتغطية عدد من المعيقات وسد الثغرات، حيث اعتبر آنذاك بأن القانون رقم 30.89 جاء كترجمة حقيقية  للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب خلال فترات السبعينيات والثمانينيات وبداية التسعينيات. فبالرغم من أن للمنظومة الجبائية السابقة مجموعة من المزايا، حيث شكلت خطوة هامة نحو العمل على تنمية الموارد  المالية للجماعات المحلية[5]، إلا أنه لم يرقى للتوقعات والأهداف المنشوذة منه، وبهذا حل محله القانون الجديد للجبايات المحلية 47.06 الذي استكمل السنة الخامسة منذ دخوله حيز التطبيق سنة 2008، حيث حاول تجاوز مختلف الإكراهات سواء التقنية منها أو القانونية التي شابت القانون القديم، حيث حاول القانون الجديد للجبايات المحلية تبني مواصفات الأنظمة الجبائية الحديثة، وذلك من خلال تحقيق أهداف جديدة من بينها تبسيط الجبايات المحلية وتحسين مردوديتها؛ وذلك من خلال التقليص من عدد الرسوم، والعمل على تبسيط المساطر الجبائية، وأيضا العمل على مطابقة الجبايات المحلية لإطار اللامركزية، وملائمة الجبايات المحلية مع جبايات الدولة.

لكن في ظل الظروف الحالية الجديدة، وفي ظل الدستور الجديد لفاتح يوليوز 2011[6]، وفي ظل المبادئ والرؤى الترابية الجديدة التي جاء بها هذا الدستور، أصبح من اللازم العمل على إصلاح نظام الجبايات الترابية، لذلك سنحاول معرفة التطور التاريخي للمنظومة الجبائية المحلية (المحور الأول)، ورصد المبررات العامة للإصلاح الجبائي المحلي (المحور الثاني)، ومحاولة معرفة العلاقة التي تجمع الإدارة الجبائية المحلية بالملزم وفق القانون 47.06 المنظم للجبايات المحلية، ثم سنحاول في الأخير البحث عن الممكنات والمداخل الكبرى لإصلاح النظام الجبائي المحلي المنتظر (المحور الثالث).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحور الأول: التطور التاريخي للمنظومة الجبائية المحلية

لقد عرفت المنظومة الجبائية المحلية، مجموعة من المتغيرات التاريخية التي أثرت بشكل كبير على نوعية وكمية الرسوم التي كانت مطبقة قديما، مما أثر بشكل تدريجي ووفق فترات تاريخية مترابطة على المنظومة الجبائية المحلية، تحولت خلالها من منظومة جبائية قديمة، كان فيها المخزن الجبائي هو الآمر والناهي، والذي عمد إلى تطبيق مجموعة من الضرائب والرسوم ذات طابع سيادي تقليدي تجاري وجمركي كالحركة، والجزية، والخراج، والمونة، والسخرة، والهدية، وغيرها من المسميات التي أطلقت على الرسوم آنذاك.

وقد مر النظام الجبائي المحلي بثلاثة مراحل أساسية عرف خلالها تغيرات جوهرية. ويتعلق الأمر بكل من مرحلة ما قبل الحماية ومرحلة الحماية وأخيرا مرحلة ما بعد الاستقلال. ففي ما يخص مرحلة ما قبل الحماية أي قبل دخول المستعمر سنة 1912، فبالرغم من عدم وجود نظام للضرائب أو الرسوم المحلية، فإن المغرب خلال هذه الفترة عرف بعض الجبايات كان المستفيد الأول منها المدينة في إحدى منشآتها أو إنشاء تجهيزات تتطلبها الحاجات المحلية بما تسمى بالمستفادات أو المستفاد.

ويمكن تصنيف جبائية ما قبل الحماية إلى جبائية مباشرة تتكون من ضرائب دينية وأخرى سيادية، وجبائية غير مباشرة، تتكون بالأساس من الضرائب التجارية المتمثلة في المكوس والرسوم الجمركية. وتتجسد الضرائب الدينية في الزكاة بالنسبة للمواشي والمعادن، والأعشار بالنسبة للحبوب وثمار الأشجار. ومع مرور الزمن، فقدت الزكاة صفتها الجبائية لتبقى صدقة شرعية فقط، إلا أنها احتفظت بطابعها الديني، إذ يقتصر فرضها على المسلمين الذين يعيشون في بلاد الإسلام دون غيرهم ومن هذا المنطلق كان لا بد من التفكير في أشكال جبائية تفرض على غير المسلمين المتواجدين بالأراضي الإسلامية، أو البلدان التي شملها الفتح الإسلامي كلما برزت هناك ضرورة للرفع من الموارد العمومية .

المبحث الأول: النظام الجبائي التقليدي القديم

يمكن حصر النظام الجبائي التقليدي القديم في مرحلة ما قبل الحماية، وهي فترة تميزت من الناحية المالية المحلية بغياب نظام لضرائب أو رسوم محلية، بل كانت هناك فقط بعض الواجبات التي تقبض في أبواب المدن وفي أسواقها وهي على التوالي (الحافر، المكوس)[7]. وذلك من خلال منظومة المخزن الجبائي الذي سيعمد إلى توظيف موسع ومكثف ومتنوع للجباية أكانت ذات طابع سيادي تقليدي أو كانت ذات طابع تجاري وجمركي[8]. ويمكن تصنيف جبائية ما قبل الحماية إلى الجبايات التقليدية القديمة، ثم الجبايات التجارية والجمركية.

المطلب الأول: الجبايات التقليدية القديمة

طبعت الجباية في هذه الفترة بطابع سياسي صرف، إذ استعملت كوسيلة لتأديب القبائل المتمردة على السلطة المركزية، حيث أن النظام الجبائي التقليدي قرن بفريضة الجهاد المغذي للمؤسسات السياسية الحاكمة.

ويمكن تصنيف الجبايات المحلية، إلى جبايات محلية مباشرة تتكون من ضرائب دينية (الفقرة الأولى)، وأخرى سيادية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الجبايات التقليدية القديمة ذات الطابع الديني

تتجسد الضرائب الدينية في الزكاة بالنسبة للمواشي والمعادن، والأعشار بالنسبة للحبوب وثمار الأشجار[9]. ومع مرور الزمن، فقدت الزكاة صفتها الجبائية لتبقى صدقة شرعية فقط، إلا أنها احتفظت بطابعها الديني، إذ يقتصر فرضها على المسلمين الذين يعيشون في بلاد الإسلام دون غيرهم. ومن هذا المنطلق، كان لا بد من التفكير في أشكال جبائية تفرض على غير المسلمين المتواجدين بالأراضي الإسلامية، أو البلدان التي شملها الفتح الإسلامي كلما برزت هناك ضرورة للرفع من الموارد العمومية[10].

وكان الولاة المسلمون الذين يشعرون بضرورة إنشاء ضرائب جديدة، يلجأون إلى الفقهاء الذين كانوا يقومون باجتهادات في تفسير الشريعة الإسلامية، وهكذا أنشأت ضريبتان سياديتان خلال تاريخ الإسلام ، وهما الخراج والجزية.

والخراج يعني لغة الكراء والغلة، وكان معروفا قبل الإسلام[11]، على الأراضي الخاضعة لسلطة المسلمين في مقابل الاحتفاظ بالاستقلال، كما كانت أهمية ناتج هذه الضريبة تقاس بقوة الدولة.

إلى جانب الخراج فرضت الجزية كضريبة دينية، وهي تفرض على الأشخاص ذوي العقيدة اليهودية أو المسيحية المنتمين لأهل الكتاب مقابل حمايتهم من طرف الوالي[12]، وعوضت بعد ذلك الجزية بالهدية وهي مبلغ من المال (نقدي أو عيني)، يدفع إلى السلطان في المناسبات الدينية، وقد ظلت سارية كعادة تقليدية حتى أمر الملك الراحل محمد الخامس بإلغائها.

الفقرة الثانية:الجبايات التقليدية القديمة ذات الطابع السيادي

عرفت الجبايات التقليدية القديمة عدة فرائض وجبايات ظرفية ومختلفة من حيث التسمية والأهمية، منها ما كان خاصا بالسلطان ومنها ما كان يجسد في الواقع طبيعة علائق القوة السائدة، ويحاول تلبية متطلبات تزايد الإنفاق العسكري وبالأخص بسبب الهزائم العسكرية لحربي إسلي (1844) وتطوان (1860)، وإبرام اتفاقيات مع القوى الأجنبية عملت على استنزاف خزينة الإيالة الشريفة. وقد استعملت الجباية في هذه الفترة كوسيلة للاستمالة  أو لتأديب القبائل المتمردة على السلطة المركزية.

وقد طبعت الجباية في هذه الفترة بطابع سياسي صرف سواء على المستوى الداخلي، إذ استعملت كوسيلة للاستمالة أو لتأديب القبائل المتمردة على السلطة المركزية. حيث أن الجباية اعتبرت في كثير من الحالات “جباية حرب تؤدى للمخزن”، أو على المستوى الخارجي، حيث أن النظام الجبائي التقليدي قرن بفريضة الجهاز المغذي للمؤسسات السياسية الحاكمة.

ومن أبرز الجبايات السيادية التي عرفت في هذه الفترة، والتي امتازت بخاصيات العطاء التلقائي أو التعويضي أو الزجري، ويمكن ذكر:

  • الحركة: يمكن اعتبارها بمثابة حملة يقودها السلطان لمطالبة القبائل التي امتنعت عن أداء الضرائب أو الرسوم المستحقة عليها للمساهمة في تمويل الحملات العسكرية.
  • الهدية: وهي عبارة عن عطاء يقدم للسلطان بمناسبة الأعياد الدينية الثلاث (عيد الفطر، عيد الأضحى، وعيد المولد النبوي).
  • المونة والسخرة: وهما جبايتان تتخذان طابعا نقديا أو عينيا، وتخصصان لموظفي المخزن لتغطية نفقات إقامتهم بأرض القبيلة، سواء لتغطية خدمة أو لاستخلاص الضرائب.
  • الغرامة والذعيرة: وهما عبارة عن عقاب مالي، يفرض في الحالة الأولى على القبيلة التي تقع على أراضيها جرائم أو تمردات تمس بسيادة المخزن، وفي الحالة الثانية على مرتكب الجريمة، وتدفع لأهل الضحية[13].

المطلب الثاني: الجبايات التقليدية ذات الطابع التجاري والجمركي

إلى جانب الجبايات التقليدية القديمة ذات الطابع السيادي، فإن البنية الجبائية لهذا النظام اشتملت على منظومة من الجبايات ذات طابع تجاري (الفرع الأول)، ثم منظومة من الجبايات ذات طابع جمركي (الفرع الثاني).

المطلب الثاني: الجبايات التقليدية ذات الطابع التجاري والجمركي

تعتبر الجبايات التقليدية ذات الطابع التجاري والجمركي تلك الرسوم التي حاول من خلالها المخزن الجبائي توريد السيولة المالية الضرورية من أجل قضاء العديد من المآرب التي تدخل في إطار الاحتياجات الشخصية أو لاحتياجات تدخل في إطار التجهيزات التي تتطلبها الحاجات المحلية كالمكوس والعشار.

الفقرة الأولى: الجبايات التقليدية ذات الطابع التجاري

بالنسبة للجبايات التجارية، فقد ارتكزت على رافد مرجعي وهو المكس أو المكوس، وتحتوي ضريبة المكوس على جملة من الرسوم غير المباشرة والمتميزة، كرسوم الأبواب أو الدخول إلى المراكز الحضرية ورسوم الامتياز ورسوم الأسواق المقبوضة على عمليات بيع المواد المحلية بالأسواق البلدية أو القروية[14]. وقد شكلت هذه الرسوم إلى جانب كل من مداخيل الأملاك المخزنية وموارد البريد وفوائد احتكار المخزن لنوعية معينة من البضائع التجارية كالكبريت مثلا. وعموما فإن المغرب خلال هذه الفترة عرف بعض الجبايات كان المستفيد الأول منها المدينة في إحدى منشآتها، أو إنشاء تجهيزات تتطلبها الحاجات المحلية بما تسمى بالمستفادات أو المستفاد[15].

وقد أثير إشكال بخصوص الأصل التاريخي لمصطلح المكس أو المكوس، الذي يعتبر مجالا مشتركا لكل من الفضاء العربي الإسلامي و الفضاء والمغربي. وإذا علمنا أن هذا النوع من الجبايات، أوجد في بعض المحطات التاريخية موقفا رافضا لتطبيقه على أنه يدخل في إطار الضرائب غير الشرعية. ومع ذلك ونظرا لحاجة إلى المال، فقد تم الأخذ به خاصة في الفترات التاريخية المتسمة بضعف السلطة الحاكمة.

على المستوى التقني، فإن لفظ المكس لفظ واسع وفضفاض، سواء من حيث الأنشطة والمجالات محل الإخضاع والتضريب (مكوس الأبواب ومكوس الحافز ومكوس الفنادق ومكس الذبح ومكوس الموازين)، أو من حيث الأسعار التي لم تعد قارة وموحدة، بل عرفت عدة تقلبات حسب الوضعية الاقتصادية والسياسية التي تمر منها البلاد[16]. إلى جانب هذا، فإن طريقة جباية المكوس لم تكن موحدة، فالمكس كان يستخلص إما بالطريقة المباشرة عن طريق أمين المستفاد، أو بطريقة غير مباشرة (طريقة الالتزام أو المقاطعة)، إذ كان يباع عن طريق المزاد العلني إلى أحد التجار أو العمال أو الأمناء.

الفقرة الثانية: الجبايات التقليدية ذات الطابع الجمركي

هي رسوم غير مباشرة تطال البضائع ذات المصدر الخارجي (الأجنبي)، ويقوم بجبايتها ما كان يعرف بأمناء المراسي. وقد شكلت هذه الرسوم نسبا هامة في الموارد المالية للمخزن في الكثير من الفترات التاريخية. إلا أن الظروف الاقتصادية العامة للمغرب، والتأثير الذي سيطال ماليته بفعل إرجاع القروض إلى بعض القوى الاستعمارية (فرنسا وإسبانيا)، سيعطي لهذه الأخيرة عدة امتيازات على هذا النوع من الجباية وصلت مستوى الإشراف المباشر على استيفائها.

وتتكون الرسوم الجمركية من الرسوم المفروضة على الواردات والمسماة بالصالحةَ، والرسوم المطبقة على الصادرات والمسماة بالأعشار، وتراوح سعر الرسوم المفروضة على الواردات “الصالحة” في عهد السلطان سيدي محمد بين 5% و15%، وزاد في عهد السلطان مولاي سليمان إلى أن وصل إلى 15%. لكن التجار الأجانب شرعوا منذ نهاية القرن الثامن عشر في دفع المخزن إلى تطبيق السعر الموحد على سعر الصالحة في 10%، وذلك على جميع السلع وذلك عبر سلسلة من الاتفاقيات.

وعلى الرغم من المحاولات الإصلاحية المحمودة للنظام الجبائي التقليدي، خاصة في عهد كل من السلطانين سيدي محمد بن عبد الرحمن والحسن الأول، سواء في المجال المالي ( تنظيم وضبط الجبايات الجمركية والفلاحية وإعادة العمل بالمكوس)، أو في المجال الإداري (عن طريق إعادة تنظيم الإدارة المشرفة وظهور تجربة الأمناء). فإن ذلك لم يخفف من الأزمة المالية التي كان يعرفها المغرب، والتي ستترافق مع مظهرين اثنين سلبيين وهما: تنامي الطابع والسلوك الاستبدادي الجائر في المجال الجبائي، وظهور ردود فعل سلبية من طرف الخاضعين للجباية  (انتفاضات شعبية سواء في المدن أو في البوادي المغربية، ومن أبرزها انتفاضة الدباغين بفاس عن المكوس، وانتفاضة أنولتان بدمنات عن الجباية الفلاحية). هذه الأوضاع الاجتماعية والمالية المتأزمة للواقع الجبائي خلال هذه الفترات الصعبة، ستساهم في التدشين التاريخي لخضوع المغرب لتأثير وأطماع القوى الاستعمارية، التي ستستكمل بفرض نظام الحماية[17].

المبحث الثاني: النظام الجبائي المحلي الحديث والمعاصر

لقد دشنت هذه المرحلة باعتزام السلطات المغربية والحكومة الفرنسية إلى خلق نظام جديد في المغرب، قام على جملة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية والعسكرية والتعليمية والقضائية والمالية. وقد انقسمت هذه المرحلة إلى الجبايات المحلية في ظل الاستعمار (المطلب الأول)، ثم الجبايات المحلية في ظل الاستقلال( المطلب الثاني).

المطلب الأول:  الجبايات المحلية في ظل الاستعمار

تميزت هذه المرحلة بمحطتين أساسيتين: معاهدة الجزيرة الخضراء7 أبريل 1906 (الفقرة الأولى). ثم معاهدة الحماية 30 مارس 1912(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الجبايات المحلية ومعاهدة الجزيرة الخضراء (7 أبريل 1906)

عملت هذه المعاهدة على تكريس توجه إصلاحي ومخطط شامل لإصلاح الأوضاع الجبائية والقانونية، وذلك على المستويين الداخلي والخارجي. فعلى المستوى الداخلي تم تكريس ماكان يعرف “بنظام الاحترام والتوقير“، وهو نظام للإعفاءات الجبائية الرسمية أقر لفائدة مجموعة من الأشخاص والجماعات التي كانت تتمتع بمكانة خاصة في المجتمع المغربي أو في السلك الإداري[18]. أما على المستوى الخارجي فإن نظاما سلبيا آخر ميز هذه الفترة، وهو ما كان يعرف “بنظام الحمايات القنصلية” وهو عبارة عن حقوق وامتيازات خاصة تخول لممثلي الدول الأجنبية من وزراء ونواب وقناصل مقيمين على تراب دولة أخرى، أبرزها بند “الدولة المفضلة” أو “الدولة ذات الأولوية” أو “الأمة الأكثر تفضيلا”.

كما عملت معاهدة الجزيرة الخضراء، على إصلاح بعض الضرائب والجبايات التي كانت موجودة في الفترة التقليدية القديمة كنظام “الترتيب“، والذي يعني ضبط المنظومة الجبائية المحلية، وذلك بفرض الضرائب على جميع القاطنين سواء كانوا مغاربة أو أجانب. كما تم إحداث ضرائب جديدة متمثلة في الضريبة الحضرية وحقوق التسجيل والتمبر إلى جانب الزيادة في الحقوق الجمركية[19].

الفقرة الثانية: الجبايات المحلية ومعاهدة الحماية (30 مارس 1912)

دشنت هذه المرحلة باعتزام السلطات المغربية والحكومة الفرنسية خلق نظام جديد في المغرب، قام على جملة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية والعسكرية والتعليمية والقضائية والمالية. ومن بين هذه الأخيرة تلك المتعلقة بالجباية المحلية. إذ نص الفصل الأول من ظهير 22 يوليوز 1916 على تأسيس الضرائب المتعلقة بالميزانية البلدية بموجب ظهائر شريفة[20]. وخلال هذه المرحلة صدرت مجموعة من النصوص المنظمة لبعض الضرائب والرسوم المحلية، فقد صدر أول ظهير منظم للضريبة الحضرية والمتعارف عليها بضريبة المباني في 14 يوليوز 1918، كما صدر قبله الظهير المتعلق بالضرائب البلدية بتاريخ 23 مارس 1917 نص في فصله الأول على رسم  النظافة المفروضة بمناسبة كنس الشوارع والأزقة، وقد خضع هذا الرسم لتعديلات أهمها، الظهير الشريف رقم 65-560-1 المؤرخ في 24 يوليوز1956، المغير والمتمم للظهير الشريف الصادر في 10 نونبر1951، بشان الأداءات المفروضة على الطرق. وبموجب الانتقادات التي وجهت للمكوس، فقد تعرض هذا الأخير للإلغاء بناءا على ظهير 29 دجنبر 1948. وفي نفس السنة، تم إحداث الضريبة على المعاملات، وهي ضريبة عامة على مقدار المعاملات، وقد حلت محل رسوم الأبواب التي حذفت[21].

كما صدر ظهير 9 أكتوبر 1920 المتعلق بضريبة البتانتا، والتي يرجع التنصيص عليها إلى اتفاقية الجزيرة الخضراء المنعقدة سنة 1906، وشمل تطبيقها الأنظمة التجارية والصناعية والمهنية. كما فرضت على الأشخاص الذاتيين والمعنويين. وقد تنازلت الدولة عن الجزء الأصلي من الضريبة المهنية البتانتا إلى البلديات بمقتضى الظهير الشريف الصادر في 12 يونيو 1948، وذلك قصد تعزيز مواردها.

وعرفت أيضا هذه الفترة تطبيق ضريبة السكنى بموجب ظهير 30 نونبر1927، وهي ضريبة شخصية يتحدد وعاءها بالقيمة الإيجارية. وكانت محلية من حيث ناتجها، لكن لم تعمر طويلا نظرا لمقاومة الملاك والشركات العقارية وللصعوبات التقنية[22].

وقد عملت السلطات الاستعمارية بمجرد توقيع هذه المعاهدة، على ترسيخ أسس المجال الخاضع للتضريب الجبائي، من أجل الاحتفاظ ببعض الآليات التقليدية التي كانت مستخدمة من طرف السلطات المخزنية. وقد تميز تشريع فترة الحماية بخاصيتين؛ الأولى الاهتمام بالاعتبارات المالية الموظفة لخدمة الدولة الحامية، والثانية لخدمة الحاجيات التمويلية للوحدات البلدية.

المطلب الثاني: الجبايات المحلية في ظل الاستقلال

عرف المغرب في عهد الاستقلال ثلاث محطات أساسية لإصلاح الجبايات المحلية (1962-1989-2007)، وهي محطات تتقارب في المدد الزمنية التي تطلبها موضوع إصلاح التشريع الجبائي المحلي.

الفقرة الأولى: تشريعي 23 مارس 1962، وتشريع 21 نونبر 1989

  عرفت الجبايات المحلية في فترة الاستقلال صدور تشريعي 23 مارس 1962، وتشريع 21 نونبر 1989. إضافة إلى تشريع  30 نونبر 2007 أو القانون رقم 47.06، والذي سنتطرق إليه في نقطة لاحقة.

أولا: تشريع 23 مارس 1962 الخاص بالأداءات والرسوم البلدية[23]

يمكن اعتبار تشريع 23 مارس 1962 بمثابة أول نص جبائي محلي، سيعمل على خلق مرجعية جبائية خاصة بالمنظومة المحلية، سيناط بها تحديد الطرق القانونية للفرض الجبائي المحلي من خلال سرد وتبيان الحقوق والرسوم المحلية، والتي ستصنف هي الأخرى إلى ضرائب ورسوم إجبارية وأخرى اختيارية[24].

وقد خضع ظهير 23 مارس 1962 لبعض التعديلات كتلك المتضمنة في ظهير 22 فبراير 1963، والذي نص في فصله الأول بالتحديد على استبدال عنوان” الأداءات البلدية” بالأداءات الجماعية.

 ثانيا: تشريع 21 نونبر 1989 أو القانون الجبائي المحلي رقم 30.89 [25]

اعتبر القانون رقم 30.89 أكثر تطورا بالمقارنة مع ظهير 23 مارس 1962، من خلال عمله على خلق رسوم ذات أوعية متطورة تهدف إلى دعم مالية الجماعات المحلية، وكذلك تجميع الرسوم والضرائب أو دعم الاستقلال المالي للجماعات المحلية.

إلا أن القانون رقم 30.89 لم يعد مسايرا لمتطلبات المالية المحلية وحاجياتها التنموية، أمام تزايد نفقات التسيير وكثرة حدوده التقنية بالإضافة إلى عدم قدرته على مواكبة الإصلاح الإداري الذي تعرفه سياسة اللامركزية، خصوصا بعد صدور الميثاق الجماعي لسنة 2002[26]، والذي أتى بإصلاحات جديدة تندرج في سياق التوجهات الأساسية اللامركزية، من قبيل توسيع اختصاصات المجالس الجماعية والتخفيف من الوصاية ووضع نظام يوحد المدينة…، فكان لا بد من إصلاح النظام الجبائي المحلي من أجل مواصلة بناء الترسانة القانونية لنظام اللامركزية، وبناء نظام جبائي محلي يدعم المرودية المالية للجماعات المحلية.

وبالفعل فقد أكد جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح أشغال ملتقى الجماعات المحلية بأكادير أيام 12-13 دجنبر 2006 تحت شعار ” تنمية المدن مواطنة ومسؤولية“، على أن تفعيل صلاحيات الجماعات المحلية في مجال التنمية، يستوجب إصلاح النظام الجبائي والمالي والمحاسبي للجماعات المحلية في اتجاه تبسيطه وتحسين تدبيره والرفع من مردوديته.

وقد ضم القانون رقم 30.89 المتعلق بالجبايات المحلية ثلاث كتب، يهم الأول منها الأحكام العامة الخاصة ببيان الضرائب والرسوم المحلية، وطرق تحديد أسعارها وتوزيع المادة الجبائية بين الأجهزة المحلية، دون إغفال شكليات التحصيل وحقوق وواجبات طرفي العلاقة الجبائية أي الإدارة الجبائية والملزم. أما الكتاب الثاني فتطرق لمجموع الضرائب والرسوم المحلية مخصصا لأحكام كل واحدة منها بابا. وتطرق الكتاب الثالث للأحكام الانتقالية.

وهكذا، ستتم ترجمة الأهداف الأولية للإصلاح في رفع عددي للضرائب والرسوم المحلية وصل إلى 37 ضريبة ورسما، موزعة كالتالي:

  • 27 ضريبة ورسما، أفادت كلا من الجماعات الحضرية والقروية.
  • 7 ضرائب ورسوم ستفيد فقط كلا من البلديات والمراكز المستقلة.
  • 3 رسوم ستقتصر إفادتها على الهيئات غير الممركزة ( العمالات والأقاليم).

هكذا، فبعد ثمانية عشر سنة من التجربة الجبائية الثانية التي أقرها قانون 30.89، قد تم إصدار القانون رقم 47.06[27]، الذي دخل حيز التنفيذ منذ فاتح يناير 2008.

كما صدر أيضا القانون رقم 39.07[28]، لتنظيم الرسوم والحقوق والمساهمات والاْتاوى ذات الطابع الغير الجبائي، والذي دخل حيز التنفيذ منذ فاتح يناير2008.

الفقرة الثانية: تشريع 30 نونبر 2007 أو القانون رقم 47.06

بعد مجموعة من الاختلالات التي طبعت المنظومة الجبائية المحلية في ظل قانون رقم 30.89، والتي تجلت أساسا في ارتفاع عدد الرسوم والضرائب وصعوبة المساطر وتعقدها، عاملان ساهما بشكل كبير في تجاوب الملزمين المحلين مع الإدارة الضريبية ومصالحها الجبائية وصعوبة التحصيل والتطبيق من طرف المصالح الجبائية. إضافة إلى ما ميز هذه المنظومة من تركيبة ثلاثية سلبية اتسمت بالتأسيس السيئ، التوزيع السيئ، التحصيل السيئ. كلها عوامل، أدت بالمشرع المغربي إلى ضرورة إصدار منظومة جبائية حديثة لتجاوز هذه الاختلالات، والتي تجسدت أساسا في إصدار قانون رقم 47.06. هذا الأخير، سيحاول في جانب أولي مواكبة مختلف التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على المنظومة المحلية، كما سيحاول في جانب ثاني الاعتداد بمبادئ ثلاثة مؤطرة وهي التبسيط والمطابقة والملاءمة.

إن مبادئ ومحددات إصلاح جبايات الجماعات المحلية الجديد، ستتم ترجمتها من خلال خفض عددي في المنظومة الجبائية المحلية، والتي ستعتمد خيار الرسوم دون الضرائب المحلية، والتي لم تتجاوز في ظل القانون 47.06 سبعة عشرة (17) رسما، موزعة كما يلي[29]:

  • 11 رسما يفيد كلا من الجماعات الحضرية والقروية.
  • 6 رسوم تفيد فقط الجماعات الحضرية.
  • 3 رسوم تفيد العمالات والأقاليم.
  • 3 رسوم تفيد الجهات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحور الثاني: المبررات العامة للإصلاح الجبائي المحلي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يعتبر القانون 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية، أحد الأدوات الرئيسية لتدبير الجباية المحلية بجميع أنواعها، فقد تم التنصيص على هذا القانون نظرا لأهمية إدخال تعديلات جوهرية تضمن التوفر على نظام يساير التوجهات العامة للامركزية، وذلك من خلال تبني مواصفات الأنظمة الجبائية الحديثة، وكذا تجاوز النواقص والصعوبات التي تعتري المنظومة السابقة[30].

لكن في ظل التحولات الأخيرة التي عرفها ويعرفها المغرب في مجال اللامركزية والمتمثلة في إصدار دستور فاتح يوليوز 2011، حتمت ضرورة التفكير في إصلاح المنظومة الجبائية المحلية، فمن بين الأشياء التي تشكل قطيعة مع هذه التحولات المتسارعة على الساحة الوطنية نجد القانون 47.06، حيث أن هذا الأخير تم تشريعه سنة 2008 في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية تختلف عما نحن بصدده اليوم، وهو ما يستدعي أكثر من أي وقت مضى التفكير في إصلاح القانون 47.06.

فالحديث عن الإصلاح يجب أن ينطلق من القاعدة، أي من المجتمع المحلي العارف بالمشاكل التي يتخبط فيها، تنخرط فيه جميع الفعاليات الفكرية والسياسية والاجتماعية وفق تصور شمولي، يراعي خصوصية كل منطقة على حدة، كما أن الإصلاح يجب أن يعالج إشكالات النظام الجبائي المحلي[31].

وها نحن اليوم ندعو إلى إصلاح جديد للنظام الجبائي المحلي الحالي، فلماذا الإصلاح في هذا الوقت؟ هل الدواعي ذاتية ترتبط بثغرات و إكراهات تنزيله بالكيفية التي تضمن له تحقيق الأهداف المرسومة؟ أم لدواعي موضوعية فرضتها التحولات والإصلاحات الجديدة على المستوى الترابي؟ وهل لأن الإصلاح لا يمكن أن يكون عملا مكتملا و نهائيا؟

فدواعي المطالبة بالإصلاح والاستناد في إصدار هذا الحكم وتبني هذه الدعوة، ينطلق من طبيعة وعدد الثغرات التي حملها هذا القانون، أو تلك التي أبان عنها تطبيقه على أرض الواقع منذ أربع سنوات، وما صاحبها من تلك الاكراهات التي حالت دون تنزيله بالشكل الذي يحقق الأهداف المتوخاة منه. أم أن اعتبارات أخرى قد فرضت بشكل موضوعي و ملح ضرورة التفكير في إصلاح الإصلاح، وذلك في اتجاه مواكبته لمناهج توسيع الجهوية، وتعميق الديمقراطية المحلية من خلال منح سلطات أوسع للمنتخبين المحليين في اتخاذ القرار وتنزيل الدستور الجديد، من خلال بلورة الإصلاح الجبائي المتضمن للمبادئ الناظمة للتنظيم الجهوي والترابي الجديد، وفق رؤية تستند على المقاربة الترابية، والحكامة الجيدة كإطارين لتعزيز اللامركزية، والسير في بناء جهوية متقدمة[32].

وهو ما سنحاول التطرق إليه من خلال الخوض في مبررات إصلاح النظام الجبائي المحلي، من خلال التطرق إلى المبادئ والأهداف التي جاء من أجلها القانون 47.06، ثم الحديث عن المعيقات والثغرات التي تعتري المنظومة الجبائية المحلية.

المبحث الأول: جبايات الجماعات الترابية: المبادئ والأهداف

يعتبر القانون 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية، أحد الأدوات الرئيسية لتدبير الجباية المحلية بجميع أنواعها، فقد تم التنصيص على هذا القانون نظرا لأهمية إدخال تعديلات جوهرية تضمن التوفر على نظام جبائي يساير التوجهات العامة للامركزية، وذلك من خلال تبني مواصفات الأنظمة الجبائية الحديثة، وكذا تجاوز النواقص والصعوبات التي تعتري المنظومة السابقة[33]، فالتنظيم المالي للجماعات الترابية، يعبر عن إرادة متنامية من جانب المشرع في دعم أسس الاستقلال المالي للجماعات الترابية بشكل تدريجي، يتلاءم مع درجة نضج الموارد البشرية لهذه الوحدات، فإصلاح جبايات الجماعات الترابية، يندرج ضمن مسلسل الإصلاحات المعتمدة من طرف الدولة والهادفة إلى تطوير وتعزيز نظام اللامركزية. وهو ورش أصبح من الأولويات المستعجلة التي يجب المضي فيها، وذلك في اتجاه مواكبة نظام جبايات الجماعات الترابية لمناهج ترسيخ الجهوية المتقدمة (مطلب أول)، وتعميق الديمقراطية المحلية من خلال منح سلطات أوسع للمنتخبين المحليين في اتخاذ القرار وتنزيل الدستور الجديد (مطلب ثاني).

المطلب الأول : مبادئ القانون 47.06

لقد جاء قانون إصلاح الجبايات المحلية رقم 47.06، لتجاوز الاختلالات ‏المتعددة، ولتمكين الجماعات المحلية من التوفر على منظومة جبائية أكثر نجاعة تضمن مسايرة ‏التوجهات العامة لمختلف الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب، وذلك من خلال تبني مواصفات ‏الأنظمة الجبائية الحديثة‏ من خلال تحقيق الأهداف التالية :‏

الفقرة الأولى: تقليص الرسوم وتبسيط المساطر

لقد جاء القانون 47.06، بمجموعة من المبادئ شكلت الركائز الأساسية التي بني عليها هذا الأخير، حيث توج بثلاث مبادئ ستشكل فلسفته ومرتكزاته المرجعية، كما ستشكل في ذات الآن المحاور الكبرى للإصلاح الجبائي المحلي.

أولا: التقليص من عدد الرسوم:

حيث تم إلغاء ثمانية رسوم ظلت تتميز بضعف مرد وديتها كما ‏أنها كانت تشكل ازدواجا ضريبيا مع جبايات الدولة؛ وهي :‏

  • الرسم على المشاهد؛
  • الرسم المفروض على الباعة المتجولين؛
  • الرسم المتعلق بالإغلاق المتأخر والفتح المبكر؛
  • الرسم المفروض على الدراجات النارية التي يفوق محركها أو يعادل 125 سنتمتر ‏مكعب؛
  • الرسم المفروض على مؤسسات التعليم الخاص؛
  • الرسم المفروض على عمليات تقسيم الأرض؛
  • الرسم المفروض على طبع الزرابي.

وكذا إدماج مجموعة من الرسوم التي لها نفس الوعاء أو تسري على نفس النشاط لتفادي ‏الإزدواجية[34]. وفي نفس السياق، تم إخراج بعض الحقوق والإتاوات التي لا تكتسي طابعا ‏جبائيا من القانون رقم 06. 47، وتم إصدارها بموجب القانون رقم 07. 39 وعددها 13 رسم وقد ‏تقلص عدد الرسوم التي لها صبغة جبائية من 29 إلى 17 رسما فقط.

ثانيا: تبسيط المساطر الجبائية:‏

في هذا الاتجاه، تم التنصيص على تطبيق مبدأ الإقرار محل الإحصاء، باستثناء الرسم ‏المفروض على الأراضي الحضرية غير المبنية ورسم الخدمات الجماعية ورسم السكن والرسم ‏المهني، ويعتبر ذلك مسلك للحوار بين الملزم والإدارة وبالتالي إزالة الحواجز بين الطرفين ‏تجاوزا لهدر الوقت، وهو ما يعنيه الانتقال من الخضوع والإذعان إلى المشاركة تثبيتا للإنصاف ‏والحكامة الجيدة، وذلك من أجل تجاوز الوقت المخصص لعملية الإحصاء وتفادي الأخطاء ‏والنقائص التي يعرفها النظام الإحصائي. فإعمال مبدأ الإقرار سيجعل المنظومة الجبائية ترسخ ‏علاقات حديثة، مبنية على مبدأ المساهمة الفعالة للخاضعين للرسوم.‏

الفقرة الثانية: ملائمة ومطابقة الجبايات المحلية

من بين الركائز والمبادئ الأساسية التي أطرت القانون 47.06، نجد مبدأي ملائمة ومطابقة جبايات الجماعات المحلية لإطار اللامركزية، وملائمة هذه الجبايات مع جبايات الدولة.

أولا: ملائمة جبايات الجماعات الترابية مع جبايات الدولة

وتتجلى هذه الملائمة من خلال النقط التالية:

  • توحيد مسطرة حق الاطلاع، وذلك لتمكين الإدارة الجبائية من ممارسة سلطات واسعة في مجال الحصول على المعلومات والمعطيات الضرورية لتأسيس الرسوم المحلية؛
  • تطبيق حق المراقبة والتفتيش من طرف الإدارة الجبائية لتمكينها من مزاولة هذه المهام، سواء على الوثائق أو في عين المكان من خلال الزيارات التي تقوم بها؛
  • تطبيق نفس نظام الجزاءات والعلاوات المطبقة من طرف الدولة بالنسبة لكافة الرسوم المحلية؛
  • نهج نفس المساطر المتبعة من طرف مصالح الدولة في مجال تعديل الرسوم، وذلك سعيا وراء ضمان الملاءمة وتفادي كل الاختلافات التي من شأنها إذكاء المنازعات بين الخاضعين للرسوم والإدارة الجبائية؛
  • اعتماد إجراءات متقدمة بخصوص المنازعات الجبائية، سواء تعلق الأمر باللجنة المختصة أو بالأجل أو بالجانب الإجرائي[35]؛
  • التبليغ والسر المهني، وفيه ثم توحيد مسطرة التبليغ المعتمدة من طرف مصالح الدولة والجماعات المحلية، وتوضيح مفهوم السر المهني وتبيان الحالات التي يمكن فيها الحفاظ عليه.

فملائمة الجبايات المحلية مع جبايات الدولة ستعمل من دون شك على وضع حد لظاهرة الازدواجية في هذا الجانب بتوحيد المقتضيات القانونية، كما ستشكل بالتالي أحد العناصر المؤثثة لمطلب عقلنة النظام الجبائي المحلي.

ثانيا: مطابقة جبايات الجماعات الترابية لإطار اللامركزية

يرتكز هذا المبدأ على تقوية الدور الجبائي للجماعات المحلية في إطار التطور العام لسياسة ‏اللامركزية، خاصة من خلال المواكبة الموضوعية للمستجدات القانونية للامركزية بمستوياتها ‏الجهوية والإقليمية والجماعية، ومن بين الإجراءات التي تم إقرارها على هذا المستوى نجد:‏

  • تحديد نسب وأسعار بعض الرسوم المحلية بين الحد الأدنى والحد الأقصى؛
  • ممارسة المراقبة والتفتيش وزجر المخالفات في مجال الجبايات المحلية؛
  • تعزيز اختصاصات الجماعات المحلية في مجال القواعد الإجرائية الخاصة بقرارات الإعفاء والتخفيض وإبراء الذمة من الديون[36].

مبدأ المطابقة إذن، أصبح يشكل قفزة نوعية في مجال تحمل الجماعات المحلية لمسؤوليتها في مجال الاختصاص الجبائي المحلي، خصوصا وأن التطور العام للامركزية على المستوى المقارن أصبح يستدعي ضرورة إقرار وتوسيع سلطة الاختصاص المحلي في الميدان الجبائي بما يخدم أهداف التنمية المحلية.

المطلب الثاني: أهداف القانون 47.06

من بين الأهداف الأولية والمرجعية التي أثثت مطلب الإصلاح الجبائي المحلي، الدعوة الملكية الرسمية لربط هذا الأخير بشروط التنمية الاقتصادية، سواء ارتبطت هذه الشروط بالدعم الموجه للمقاولات والفاعلين الاقتصاديين خاصة على المستوى المحلي، أو بإيجاد السبل والوسائل المساعدة لتشجيع الاستثمار المحلي. وستجد هذه الأهداف مرجعيتها الرسمية في مجموعة من الخطب الملكية، خاصة الدعوة الملكية للحكومة من خلال خطاب الجرف الأصفر بتاريخ 25 سبتمبر 2000 إلى إعادة النظر في الجبايات المحلية، بحيث تكون الغاية المثلى للجبايات تشجيع الاستثمار المنتج الذي يخلق فرص الشغل[37]. كما أن ذات الأولوية في الاهتمام بإصلاح الجبايات المحلية وربطها بشروط التنمية الاقتصادية، سيتم تكريسها أيضا في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية (12 أكتوبر 2000)، وأيضا في خطاب ملكي ثالث بمناسبة افتتاح المناظرة الوطنية للسياحة بمراكش بتاريخ 10 يناير 2001، وذلك ضمن التدابير المتعين اتخاذها لتأهيل القطاع السياحي وجعله قاطرة حقيقية للتنمية[38].

الفقرة الأولى: مواكبة اللامركزية وتعزيز الديمقراطية المحلية

يعتبر هدف مواكبة الجبايات المحلية لإطار اللامركزية، وهدف تعزيز الديمقراطية المحلية، أحد الأهداف الرئيسية التي جاء من أجلها القانون 47.06، وذلك من أجل تبني السياسة الجبائية المحلية التي تنهجها الدولة، ولتحقيق العدالة الجبائية التي تضمن التوزيع العادل للعبء الجبائي ما بين الملزمين.

أولا: مواكبة اللامركزية

لقد جاء القانون الجبائي المحلي الجديد في ظل محدودية التمويل المالي التي تعيشها الجماعات المحلية، وعدم قدرة القانون رقم 89-30 على مواكبة التطورات التي تعرفها اللامركزية بالمغرب وللاختصاصات المتزايدة للجماعات المحلية؛ وهو الأمر الذي دفع بمختلف الفعاليات المهتمة بحقل الجبايات المحلية إلى الدعوة لإصلاح النظام الجبائي المحلي، وذلك في سياق الاستجابة لمعطيات اقتصادية وسياسية واجتماعية أصبحت تفرضها اشتراطات داخلية وخارجية، الأمر الذي سيجعل المشرع المغربي في مقاربته للإصلاح الجبائي الجديد محكوما بتحقيق مجموعة من الأهداف القانونية، الاقتصادية، المالية، السياسية، الاجتماعية، والجبائيةوالمجالية، التي تستجيب لتوجهات السياسة الجبائية المحلية التي تنهجها الدولة[39].

ثانيا: تعزيز الديمقراطية المحلية

لقد جاء القانون الجبائي المحلي رقم 47.06 أيضا من أجل تعزيز الديمقراطية المحلية، وذلك عبر ضمان العدالة في توزيع العبء الجبائي المحلي، ومراعاة المقدرة التكليفية للملزمين، وتعزيز الضمانات القانونية والمسطرية الممنوحة لهم بهدف إشراكهم في عملية تدبير جباياتهم، وذلك عن طريق تبسيط وتسهيل عملية ولوج مساطر المنازعات الجبائية، وذلك في سبيل بناء ثقافة الحق والواجب من أجل مواطنة جبائية مسؤولة[40].

بطبيعة الحال الهدف الرئيسي من وراء كل هذا يتمثل بالأساس في دعم اللامركزية كخيار سياسي، وذلك عن طريق مطابقة مقتضيات الإصلاح الجبائي الجديد للتطور الذي عرفته هذه الأخيرة والمتمثل في القانون 96-47 المنظم للجهات، والقانون المتعلق بالعمالات والأقاليم 00-79، والميثاق الجماعي 78.00، وعبر تبني مواصفات الأنظمة الجبائية الحديثة، وبتجاوز النواقص والصعوبات التي عرفتها المنظومة الجبائية المحلية في ظل القانون 30.89، وذلك بهدف تنمية الموارد الذاتية المحلية ودعم الاستقلال المالي للجماعات المحلية، وتمكين الهيئات المنتخبة من الاضطلاع بمهامها في أحسن الظروف، من أجل تحقيق تدبير أمثل وأكثر عقلانية لمواردها المالية ومجالات إنفاقها، وفق قواعد الممارسة الديمقراطية السليمة التي أكد جلالة الملك على ضرورة تحصينها في خطابه السامي أمام أعضاء البرلمان بتاريخ 13 أكتوبر 2000، باعتبارها شرطا أساسيا من شروط التنمية[41].

الفقرة الثانية: تدعيم اختصاصات المجالس المحلية وزجر المخالفات

لقد كرس المشرع من خلال القانون 47.06 العديد من النقط التي تعتبر بحق قفزة نوعية في مجال تمتيع الوحدات المحلية بمزيد من الاختصاص والسلطات التي بلا شك ستفك القيود التي كانت تربطها وتجعلها غير قادرة على ممارسة مهامها، وكذلك فالمشرع أعطى لهذه المجالس المحلية سلطات لزجر المخالفات التي قد تؤدي بالملزمين المحليين إلى التهرب أو الغش.

أولا: تدعيم اختصاصات المجالس الجماعية

انطلاقا من المكتسبات  التي تم تحقيقها على مستوى اللامركزية وترسيخا لذلك، فان القانون رقم 06-47 حرص على تدعيم اختصاصات المجالس المنتخبة من خلال تحديده للنسب والأسعار الدنيا والقصوى لأغلبية الرسوم، منيطا بذلك أمر تحديد نسب وأسعار الرسوم  المحلية للآمر بالصرف بعد مصادقة مجلس الجماعة المحلية المعنية في حدود الأسعار الدنيا  والقصوى المحددة بالقانون[42]. ومن أهم المستجدات التي جاء بها قانون الجبايات المحلية 47.06، إعطاء الحرية للجماعات الترابية بتحديد أسعار مجموعة من الرسوم والضرائب.

لقد حدد المشرع المغربي ثمانية رسوم بأسعار ثابتة، موزعة على الشكل التالي:

  • أربعة رسوم تعود للجماعات،وهي نفسها المدبرة من طرف الدولة باستثناء رسم المياه المعدنية؛
  • ثلاث رسوم تعود للعمالات؛
  • رسم واحد يعود للجهات.

باستثناء هذه الرسوم،اعتمد المشرع حدا أدنى وحدا أقصى في تحديد نسب وأسعار بقية الرسوم المحلية، بهدف تدعيم الاختصاصات الجبائية للجماعات الترابية، وهي كالتالي:

  • الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية؛
  • الرسم على عمليات البناء؛
  • الرسم على عمليات تجزئة الأراضي؛
  • الرسم على محال بيع المشروبات؛
  • الرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية؛
  • الرسم على النقل العمومي للمسافرين؛
  • الرسم على استخراج مواد المقالع؛
  • الرسم على استغلال المناجم؛
  • الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ.

ثانيا: سلطات زجر المخالفات

زيادة على ماسبق، فقد أعطى المشرع المغربي ومن خلال القانون المنظم للجبايات المحلية رقم 47.06 للجماعات المحلية سلطات أيضا في ميدان زجر المخالفات، سواء عن طريق الغرامات والجزاءات المفروضة على الملزمين عند الأداء المتأخر للرسوم، حيت تطبق في حقهم ذعيرة قدرها 10% وزيادة قدرها 5% عن الشهر الأول و0.5 % عن كل شهر أو جزء شهر إضافي، أو من خلال الغرامات في حالة عدم الإقرار بالعناصر الخاضعة للرسم، أو عند عدم الإقرار بشغور العقار أو عدم إيداع التصريح بالتأسيس المنصوص عليه في المادتين 67[43] و87[44] من القانون 47.06.

المبحث الثاني: ثغرات جبايات الجماعات الترابية

لقد جاء القانون 47.06 بمجموعة من المستجدات التقنية العالية والتي يصعب تفعيلها، وذلك لما تتطلبه من مصاحبة تكوينية للعنصر البشري الذي سيشرف على التطبيق، وإعادة هيكلة حديثة للإدارة الجبائية، وهو ما لم يتبلور إلى حد الآن وشكل بذلك ثغرات حقيقية تحول دون تطبيق مستجدات هذا الإصلاح.

المطلب الأول: الثغرات القانونية والتنظيمية واللوجستيكية والبشرية

حمل القانون 47.06 المنظم بموجبه لجبايات الجماعات المحلية مجموعة من الثغرات القانونية والتنظيمية واللوجستيكية والبشرية، التي شكلت قطيعة مع التوجهات التنموية التي يحملها في طياته دستور المملكة المغربية لسنة 2011، وهذه الثغرات سنحاول تبيينها من خلال الخوض فيها فيما يلي:

الفقرة الأولى: الثغرات القانونية والتنظيمية

اتسم القانون 47.06 بالعديد من الثغرات ذات الطبيعة القانونية والتنظيمية على الخصوص، والتي تجعل من هذا الأخير يتخبط في عدة مشاكل تجعل منه صعب التفعيل، وتحول دون التطبيق الأمثل والناجع له.

أولا: الثغرات القانونية:

يمكن الوقوف عند العديد من الثغرات التي شابت بعض الجوانب القانونية لإصلاح 2007، تتعلق بحذف مصطلح الضريبة أو محدودية مبدأ التبسيط، واستمرار ظاهرة التشتت الجبائي المحلي، و كثرة الاعفاءات.

  • حذف مصطلح الضريبة:

فحذف مصطلح الضريبة والابقاء على مصطلح الرسم يعكس توجه نحو إبعاد المستويات الترابية والجهات عن منازعة الدولة في الانفراد بأحقية الإفادة من كل ما له علاقة باصطلاح الضريبة، وهو ما يقتضي إعادة النظر فيه في ضوء المستجدات التي جاء بها الدستور الحالي، والتي تفترض معادلة جديدة في اقتسام الموارد الجبائية بين الدولة وباقي المستويات الترابية، كما تفترض تبني منطق جديد في تحديد مضمون هذه الرسوم يجعلها ترتبط بخدمة مباشرة تقدم للملزم، وهو الأمر الذي لا يتحقق بالنسبة لعدد من الرسوم في ظل القانون 47.06 الحالي، كما هو الحال بالنسبة لرسم الخدمات الجماعية والرسم المهني ورسم السكن.

ثانيا: الثغرات التنظيمية :

تتمثل هذه الإكراهات في غياب تنظيم هيكلي مختص في مجال تدبير الجبايات المحلية يستجيب  لواقع تدبير الجبايات المحلية فقط، ويتوفر على الإمكانات والوسائل المادية والتكنولوجية الضرورية للاضطلاع بأدوارها، وفق تقسيمة تضمن الفعالية، وتحول دون تداخل الاختصاصات، وقابلة للانسجام مع حجم وطبيعة كل جماعة ترابية على حدة.

الفقرة الثانية: الثغرات اللوجيستيكية والبشرية

يشكل القانون 47.06 أحد الأدوات الرئيسية التي بدونها لا يمكن تدبير الجباية المحلية، لكن ما يحول دون وضع هذا القانون بالشكل المطلوب هو عدد الثغرات ذات الطبيعة اللوجستيكية وعدم وجود الآليات التقنية والمعلوماتية الكافية، وأيضا ضعف العنصر البشري غير المؤهل، والذي يزيد من تعقد وصعوبة تطبيق هذا القانون.

أولا: الثغرات اللوجيستيكية:

تتمثل هذه الإكراهات في غياب آليات للتنسيق والتعاون وتبادل المعلومات بين المصالح الجبائية الجماعية وباقي المصالح والهيئات المتدخلة والمصالح التابعة للمديريات الجهوية للضرائب، وإمكانية الولوج إلى قاعدة بيانات بعض المصالح التي لها علاقة بتدبير بعض الجبايات المحلية، بالإضافة إلى محدودية التجهيزات المادية والتقنية والمعلوماتية المخصصة للمصالح الجبائية المحلية للقيام بمهامها وضمان حضورها ببعض مراكز التحصيل كالمقالع والأسواق وينابيع استخراج المياه المعدنية.

وأيضا تأخر صدور الدوريات والتعليمات المفسرة والمصاحبة للقانون 47.06، وهو ما يفسح المجال للتأويلات المتضاربة لبعض مقتضياته من طرف السلطات الوصية على القطاع، أو المتدخلة في تدبيره سواء تعلق الأمر بالخزينة العامة للمملكة أو المديرية العامة للجماعات المحلية .

ثانيا: الإكراهات البشرية

ترتبط أساسا بضعف الموارد البشرية المؤهلة في مجال المحاسبة، والقانون الضريبي، وقانون الأعمال، وعدم كفايتها كميا لتغطية المهام المنوطة بالمصالح الجبائية للجهات والجماعات الترابية[45]، والتي يتم جزء مهم منها خارج مكاتب شساعة المداخيل. غياب مقتضيات قانونية تضمن لهؤلاء الموظفين تخصصهم الوظيفي واستقرارهم داخل نفس الوظيفة، وتحديد مسؤولياتهم وتوظيف مهامهم بشكل دقيق وفق الاختصاصات الممنوحة لهم، خصوصا بعد أن يكونوا قد تلقوا تكوينات متخصصة في مجال الجبايات المحلية.

من خلال هذه المعطيات يتضح أنه لتحقيق تدبير للموارد الجبائية يعزز مداخيل الجماعات المحلية في أفق تحقيق الاستقلال المالي لا بد من الرفع من مردودية الإدارة الجبائية المحلية من خلال الاهتمام بالعنصر البشري، خاصة وأن العراقيل التي تواجه الوكالات تكمن في ضعف التأطير وغياب الحوافز المادية والمعنوية.

من أجل ذلك يجب اعتماد برنامج جهوي للتكوين بالنسبة للوكلاء والاعوان من محررين وكتاب والتركيز على الجانب الميداني، كما يجب أن يتم تبني التكوين المستمر الدوري والمنتظم على المستوى الإقليمي من أجل الوقوف على نوعية المشاكل المطروحة وخصوصيتها المحلية. ولضمان الجدية في الاستفادة من هذه الدورات التدريبية لابد من اختتامها بنشاط تقييمي يكون مقياسا لدرجة استيعاب المستفيدين للمحاور النظرية والعلمية موضوع التكوين[46].

تبقى الإشارة إلى العناصر المذكورة لإعادة هيكلة وإصلاح الإدارة الجبائية المحلية ضرورية إذا ما قامت على مبادئ أخلاقية شفافة وواضحة ومسؤولة[47]. ولا يمكن فصل بعضها عن البعض الآخر إذا ما أردنا تأهيلا حقيقيا للإدارة الجبائية المحلية؛ يجعل منها أداة فاعلة في تحصيل الجبايات المحلية من أجل تعزيز دور هذه الوحدات الترابية في عملية التنمية، وكما قال أحد الباحثين فإن الإصلاح الجبائي لا ينطوي على قيمة ومدلول علمي إلا بمقدار ما يكون مدعوما ومنطبقا على إدارة جبائية محلية[48] مؤهلة للقيام بالمهام المنوطة بها ومرتبطة بعلاقات إيجابية مع باقي المتدخلين في تدبير الجبايات المحلية.

المطلب الثاني: الثغرات التقنية

تشوب القانون 47.06 مجموعة من الثغرات التقنية التي تهم بالأساس ثلاث جوانب ترتبط بالوعاء والتصفية والتحصيل، ويمكن الوقوف على أبرزها من خلال التطرق إلى محدودية توسيع الوعاء الجبائي المحلي، ومحدودية الأسعار التصاعدية وهامشية سلطة مجالس الجماعات الترابية في تسعير رسومها المحلية[49].

الفقرة الأولى: الإشكالات ذات الطبيعة التقنية

تشكل الثغرات التقنية للقانون 47.06 أحد الإشكالات الحقيقية التي يتخبط فيها هذا الأخير، وتكمن هذه الثغرات الفنية في محدودية توسيع الوعاء الجبائي، ومحدودية الأسعار التصاعدية للرسوم، وظاهرة الباقي استخلاصه.

أولا: محدودية توسيع الوعاء :

لم يستطع القانون 47.06 تجاوز اشكالية ضيق الوعاء التي تشكو منها الجبائية المحلية، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالجماعات القروية، والتي تتميز بندرة الأوعية الجبائية، وهذا راجع إلى ضعف الأنشطة الاقتصادية والتجارية في معظم الجماعات القروية.

كما أن عددا من الجماعات القروية لا تتوفر على إمكانية فرض رسوم محلية على البناء رغم وجود أوعية بها، بداعي عدم توفرها على وثائق التعمير. كما حرم المشرع الجماعات الحضرية والقروية من إدراج العقارات المؤجرة ضمن وعاء رسم السكن، حيث إدراجها في إطار الضريبة على الدخل لفائدة الدولة .

غياب جبائية بيئية تضرب الأنشطة الملوثة للبيئة، كما هو الحال بالنسبة للعربات القديمة، ومحطات البنزين، والمصانع، والأنشطة الحرفية الموجودة داخل الأحياء السكنية، أو تلك التي تؤدي مخلفاتها إلى تلويث البيئة كما هو الحال بالنسبة للمدابغ، مع عدم القدرة على إيجاد صيغة تمكن الجهات والجماعات الترابية من تضريب الباعة المتجولين، والأنشطة الغير مهيكلة التي تكتسح لملك الجماعي العام، وتؤثر على النشاط الاقتصادي المهيكل.

حرمان الجماعات القروية من الرسوم ذات الطابع العقاري، رسم السكن، رسم الخدمات الجماعية، الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية…، مما يحرم الجماعات القروية من المدخول المهم المتأتي من هذه الرسوم[50]، وعدم تضريب المستغلات الفلاحية العصرية[51] إذ أن الرسوم العقارية تشكل موردا ماليا أساسيا بالنسبة للجماعات الحضرية في حين أن عددا كبيرا من الجماعات القروية لا تستفيد من إمكانية فرض رسوم محلية على البناء رغم وجود أوعية بهذه الجماعات، بحيث إن حركة البناء تطورت بشكل كبير في أغلب المراكز القروية خاصة تلك التي تتوفر على تصاميم معمارية.

ثانيا: محدودية الأسعار التصاعدية وظاهرة الباقي استخلاصه

  • محدودية الأسعار التصاعدية:

غياب تناسب ما بين الوعاء الجبائي والأسعار المعتمدة يعكس استجابة الرسم للواقع الاقتصادي والاجتماعي والمالي للجماعة الترابية والملزمين، كما هو الحال بالنسبة للرسم على السيارات الخاضعة للفحص التقني، حيث أن السيارات ذات القوة القوة الجبائية التي تتراوح ما بين 11 و14 حصانا، وما فوق 15 حصانا تحتاج إلى تفصيل اكثر وبأسعار اكبر إذا ما أردنا تحقيق حصيلة مالية وافرة للجماعات الترابية، والتقليل من حدة التفاوت بين المقدرة التكليفية للملزمين المحليين[52] من جهة.  من جهة ثانية نجد ظاهرة الباقي استخلاصه التي تعاني منها مختلف الجماعات الترابية، وبالتالي أصبحت ظاهرة وطنية نظرا لتفاقم حجمها وارتفاعها من سنة إلى أخرى، دون اتخاذ إجراءات حاسمة للقضاء على الوباء المالي الذي ألم بالميزانيات المحلية، فهناك مجموعة من الأسباب التي أدت إلى تقلص موارد الجماعات الترابية[53].

  • ظاهرة الباقي استخلاصه:

يحتوي الباقي استخلاص(le reste à recouvrer ) على مجموع المبالغ المستحقة للجماعات المحلية و هيآتها التي لم يتم استيفاؤها في وقتها المحدد لسبب من الأسباب، وتدرج في حسابات فصول الميزانية والحساب الإداري سنة بعد أخرى كديون عالقة في ذمته الملزم[54]، وبالتالي يشكل تراكما ماليا يستدعي بذل جهود لاستخلاصه كليا أو التقليص من حجمه[55].

ويعد الباقي إستخلاصه إحدى الظواهر الجبائية التي تتعلق بدرجة أكبر بعملية تحصيل الجبايات المحلية،وخاصة منها تلك المدبرة من طرف الجماعات المحلية، حيث يتراكم هذا الباقي في كل سنة مؤثرا على مداخيل الجماعة بل على ميزانيتها، وذلك ما يظهر جليا في خانات الميزانية نتيجة توافر مجموعة من الأسباب المسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر و المرتبطة بعملية التحصيل وجودتها وفعاليتها.

كما تشكل ظاهرة الباقي استخلاصه عقبة في تنمية الجماعة الترابية[56]،وكونه معضلة مالية مركبة تتقاطع فيها كل الاعتبارات السياسية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية، التي لها انعكاساتها السلبية على الوضعية المالية للجماعة الترابية، هذه الانعكاسات السلبية تحد من مسؤولية الجماعة الترابية في مجال التنمية، وتؤثر كذلك على التقديرات السنوية التي تبقى مرهونة بتحصيل آو عدم تحصيل المداخيل[57].

ويعود تنامي الباقي استخلاصه بالنسبة للجبايات التي تقوم المصالح التابعة للمديرية العامة للضرائب بتدبيرها إلى مجموعة من الأسباب، يبقى أبرزها قلة أو نقص الموارد البشرية العاملة بها، مما ينعكس سلبا على مستوى التحصيل الفعلي للديون الجبائية، ويؤثر في تطور عدد القباضات المحصلة للموارد الجبائية المحلية[58].

وعموما فالباقي استخلاصه له مجموعة من الآثار السلبية، إذ أن العجز الذي يصيب ميزانيات الجماعات الترابية بسبب عدم التحصيل، يدفع هذه الأخيرة إلى عدم تحقيق العديد من المشاريع المقررة من طرفها، وقد يؤثر سلبا في المسار العام لموازناتها المحلية. فإذا كان الباقي استخلاصه معضلة تتطور نسبته سنة بعد أخرى، لذلك فالأمر يتطلب إرادة حقيقية من طرف كل المتدخلين والفاعلين على الصعيد المحليلوضع حل ناجع لاسترجاع الأموال الضائعة، وتحصيل الديون العالقة في ذمة الخاضعين، لتمكين الجماعات الترابية من أموالها قصد توظيفها في المشاريع التنموية[59]،وذلك ما يستدعي اتخاذ إجراءات وتدابير حاسمة، من جملتها:

– الجرد الشامل والدقيق للباقي استخلاصه؛

– إلغاء الجزء من الباقي استخلاصه الميئوس من تحصيله؛

– إلغاء عقوبة التأخير عن الأداء؛

– إمكانية تجزئة أداء المستحقات؛

– القيام بعملية التحسيس والتوعية[60].

الفقرة الثانية: هامشية سلطة مجالس الجماعات الترابية  وثغرات التوزيع والمساطر

الخاصية الأساسية التي يمكن استنتاجها من دراسة النظام الجبائي المحلي ككل هي أن التشريع الجبائي المحلي هو تشريع وطني بامتياز[61]. بحيث أن المجالس التداولية المحلية لا تتمتع بآية سلطة تأسيسية لفرض الرسم أو لتعديله أو إلغائه[62]، لهذا يبقى الجهاز التشريعي هو المؤهل لتأسيس الرسوم المحلية، وهو الأمر الذي يؤكده الفصل 17 من الدستور المغربي لسنة 1996 وكذلك القانون 47.06[63] وكذا مقتضيات دستور فاتح يوليوز 2011.

أولا: هامشية سلطة مجالس الجماعات الترابية

بالرجوع إلى قواعد تصفية الجبايات المحلية المحددة بالقانون 47.06، نجد أن المجالس التداولية للجماعات الترابية تغيب فيها سلطة هذه الأخيرة في اختيار أوعيتها المناسبة،حيث تتمتع بسلطة هامشية في تصفية رسومها، لا تتعدى إمكانية تحديد بعض الأسعار في حدود السعر الأقصى والأدنى وهو الأمر الذي يجعل  سلطة المجالس الجماعية محدودة جدا، تخضع لسلطة الوصاية، وهو ما لا ينسجم مع حرية التدبير والإدارة المنصوص عليها في دستور 2011 لصالح الجماعات الترابية والجهات، وهو ما يستدعي توسيع حجم وطبيعة السلطة الجبائية المحلية، في ظل العلاقة الجديدة التي ستربطها بسلطة الوصاية، وذلك بعقلنة هذا التحديد من خلال التنصيص على ضرورة اختيار الجهات والجماعات الترابية لأسعارها داخل المجال المحدد، مع ضرورة تعديل هذه المجالات بشكل دوري في اتجاه الرفع من قيمته.

ويعرف القانون 47.06 مجموعة من الثغرات الأخرى، التي ترتبط بالجوانب التنظيمية، ومنها ما يتعلق بسوء توزيع الجبايات المحلية بشقيها العمودي و الأفقي، أو تلك المتعلقة بالجانب المسطري، ومنها ما يهم الإقرار، تحرير محاضر التفتيش، الطعن أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة.

ثانيا: ثغرات سوء التوزيع الجبائي المحلي ومحدودية ملائمة وتبسيط المساطر :

يعرف توزيع الجبايات المحلية وإيراداتها على المستوى العمودي والأفقي اختلالات كبيرة، فعلى المستوى العمودي تستحوذ الدولة على الضرائب الأكثر مردودية مقابل فسيفساء من الرسوم المحلية ذات المردودية الضعيفة مقارنة بالأولى. فالمشرع لم يراع فكرة الاستقلال المالي للجماعات الترابية حينما خصص لها 30% فقط من الضريبة على القيمة المضافة ، وجعل الرسم المهني محليا بنسبة 80% مقابل 10% لفائدة الدولة  و10% غرفة الصناعة و التجارة و الخدمات، كما خصص للجماعات المحلية 90% من رسم السكن مقابل 10% للدولة كمصاريف للتحصيل. هذا بالإضافة الى ضعف حصيلة الجهات والجماعات الترابية من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة.

كما أن توزيع الموارد الجبائية على المستوى العمودي كان اكثر سوءا، حيث كرس احتكار الجماعات الحضرية لأكبر عدد من الرسوم حيث تتوفر على 11 رسما، بالإضافة الى 13 رسما محددا بالقانون 39.07، في حين لا تستفيد الجماعات القروية من مجموعة من الرسوم . كما يمتد هذا الاختلال على مستوى التوزيع الافقي الى باقي الجماعات الترابية الاخرى، حيث احتفظت العمالات بنفس النسبة التمويلية السابقة وهو الأمر نفسه بالنسبة للجهات، وهو ما لم يعد مطلوبا في ظل المكانة التي ستحتلها الجهة داخل التنظيم الترابي للمغرب وتبني مبدأ التضامن ما بين المستويات الترابية المختلفة.

ورغم أن القانون 47.06 يحمل بين طياته مجموعة من المستجدات المتعلقة بالجانب المسطري، إلا أن ذلك لم يمنع من الوقوف على مجموعة من الثغرات المسطرية، تتمثل بالأساس في كثرة الإقرارات وتعدد مضامينها وضيق آجال وضعها، وعدم ملائمة نظام الجزاءات والغرامات فيما يتعلق بالإقرارات الخاطئة والتأخر عن الأداء. كما أن حرمان الملزم من الطعن أمام اللجان الوطنية يمس بمبدأ الملائمة الذي تبناه هذا الإصلاح.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحور الثالث: علاقة الإدارة الجبائية المحلية بالملزم وفق القانون 47,06

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إن العلاقة الجبائية تفترض وجود طرفين: الأول مطالب ومدين وملزم، والثاني يطلب ويفحص ويراقب وينفذ، وبالتالي فإن الخاضع للجباية المحلية تقع عليه مجموعة من الالتزامات الإدارية. كما أن الإدارة الجبائية خول لها المشرع مجموعة من السلط لتدبير الجباية والملزم أو الخاضع للجباية، وهو ذلك الشخص الذاتي أو المعنوي الذي عينه القانون، وبالتالي فإن تحديد هذا الملزم لا بد أن يكون واضحا من حيث طبيعته ومقدار مساهمته الجبائية.

إن الإصلاحات التي همت الجماعات المحلية، سواء على مستوى الجماعات الحضرية والقروية أو العمالات والأقاليم أو الجهات في اتجاه اختصاصات أكثر تدخلية، إضافة إلى تأكيد الخطاب الرسمي على ضرورة ربط الجباية المحلية بالاستثمار (الخطاب جلالة الملك بالجرف الأصفر سنة 2000. والجلسة الافتتاحية للبرلمان في نفس السنة). كما أن دور الجباية على هذين المستويين أي مواكبة الإصلاحات الإدارية والانخراط في الاستثمار يستلزم بالضرورة نظاما جبائيا مرنا وبسيطا ومندمجا في العملية التنموية مع استحضار المردودية المالية[64]. هذا الدور يستلزم تطوير وتحديد وتأهيل الإدارة الجبائية. وبالرجوع إلى القانون 30.89 نجده عرف مجموعة من الحدود التي همت عناصره التنظيمية، مما جعل المشرع يسعى من خلال القانون الجبائي المحلي رقم 47.06 إلى تجاوزها، وذلك من خلال النظر في هيكلة الإدارة الجبائية المحلية وضبط علاقتها بمحيطها الداخلي والخارجي في اتجاه بناء نظام جبائي محلي متكامل[65]. فالحديث عن علاقة الملزم بالإدارة الجبائية المحلية يقودنا إلى الحديث عن تعريف الإدارة الجبائية والحقوق والواجبات المخولة لها (المطلب الأول)، ثم التطرق إلى الحقوق و الضمانات المخولة للملزم المحلي (المطلب الثاني).

المبحث الأول: الإدارة الجبائية المحلية، الحقوق والواجبات

إن الحديث عن تنظيم الإدارة الجبائية المحلية باعتبارها العنصر الأهم لضمان تطبيق جيد للنظام الجبائي الجديد، وتحقيق أهدافه بشكل يضمن له الفعالية والمردودية، يقتضي التطرق لها من خلال تحديد مفهوم الإدارة الجبائية المحلية، كما نص عليها القانون الجبائي المحلي الجديد. وبحسب المادة 167 من هذا القانون التي تؤكد على أنه” يقصد بمصطلح الإدارة الجبائية:

  • المصالح التابعة لمديرية الضرائب، بالنسبة للرسوم الآتية (الرسم المهني، رسم السكن، ورسم الخدمات الجماعية)؛
  • المصالح الجبائية التابعة للجماعات المحلية، بالنسبة لباقي الرسوم المذكورة في قانون 47.06.

وقد حاول المشرع من خلال مقتضيات القانون 47.06 أن يشير ضمنيا إلى المكونات الثلاث للمصالح الجبائية التابعة للجماعات المحلية. من خلال تطرقه لكل من المهام الموكولة لمصلحة الوعاء التي أصبحت تحتل مكانة متميزة داخل الإصلاح الجديد ومصلحة التحصيل ومصلحة المراقبة والمنازعات، وهو ما يعتبر محاولة تجميعية متقدمة في أفق ترسيخ إدارة جبائية محلية متكاملة الهياكل والأدوار. بالإضافة إلى ذلك، هناك كذلك المصالح الجبائية التابعة للخزينة العامة للمملكة والمتمثلة في القباضة الجماعية والقباضة، ولم يتم ذكرها بشكل صريح في إطار هذا القانون، إضافة إلى بعض المصالح التابعة لبعض الوزارات على المستوى المحلي، والتي تعنى باستخلاص بعض الرسوم العائدة للجماعات المحلية.

المطلب الأول: الضمانات المخولة الإدارة الجبائية المحلية

لا تتوقف فعالية وعدالة أي نظام جبائي محلي على توسيع مجال المادة الضريبية وطريقة تحديد أسعار الضرائب والرسوم المحلية فحسب، وإنما كذلك على فعالية ومرونة الإجراءات التشريعية والتنظيمية الموضوعة لتطبيق هذا النظام.

وقد وضع المشرع الجبائي هذه الإجراءات، ليتأتى للإدارة الجبائية المحلية بمقتضاها ممارسة وظيفتها في تحصيل الضرائب والرسوم المحلية وذلك في مواجهة الملزم بالأداء. وفي هذا المجال خول المشرع للإدارة الجبائية المحلية امتيازات وصلاحيات تستهدف ضمان الحقوق المالية للجماعة (الفقرة الأولى)، وفي نفس الوقت طوقها بمجموعة من الامتيازات المسطرية بغية ضمان عدالة جبائية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الحقوق المخولة للإدارة الجبائية المحلية

إذا كان الملزم المحلي يتمتع بمجموعة من الضمانات، فإن الإدارة الجبائية في مقابل ذلك تتمتع بمجموعة من الامتيازات منحها إياها القانون 47.06، بغية حماية ديونها وضمان تحصيلها.

لقد عمل المشرع استناداً إلى القانون 47.06، على تعزيز صلاحيات الإدارة الجبائية المحلية بمجموعة من الامتيازات والحقوق، من أجل حماية مواردها المادية في علاقتها بالملزم، وذلك من خلال حق المراقبة، والاطلاع، حق فحص المحاسبة، ومسطرة توقيع الجزاءات[66].

أولا: حق المراقبة والاطلاع

لا تهدف المراقبة في ميدان الممارسة المالية، عبر مختلف أشكالها وطرقها والمعايير المعتمدة في تحديدها[67]، إلى ضمان احترام مبدأ الشرعية وتحسين مردودية التسيير المالي أو ضبط المخالفات وتطبيق العقوبات فحسب، بل أيضا السعي إلى خلق حوار جبائي بين كل أطراف العلاقة الجبائية، مبني على الثقة والتفاهم و اللا تنافر والتنازع[68].

وحسب القانون الجبائي رقم 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية، فقد اعترف هذا القانون للإدارة الجبائية بمجموعة من الإصلاحات، وهي حق المراقبة والتفتيش، وحق الإطلاع.

1- حق المراقبة والتفتيش:[69]

يعتبر هذا حقا للإدارة الجبائية يمكنها من مزاولة مهام المراقبة والتفتيش، سواء على الوثائق أو في عين المكان[70]، و ذلك من خلال الزيارات التي تقوم بها للمقرات الاجتماعية للأشخاص الذاتيين والمعنويين المعنيين، حيث إن الإدارة تراقب الإقرارات والوثائق المعتمدة لإصدار الرسوم التالية:

  • الرسم على عمليات التجزئة؛
  • الرسم على محال بيع المشروبات؛
  • الرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية؛
  • الرسم على المياه المعدنية ومياه المائدة؛
  • الرسم على النقل العمومي للمسافرين؛
  • الرسم على استخراج مواد المقالع؛
  • الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ؛
  • الرسم على استغلال المناجم.

ويجب على الملزمين، أشخاصا ذاتيين أو معنويين، أن يمتثلوا للمأمورين المحلفين التابعين للإدارة المنتدبين للقيام بالمراقبة الجبائية.

2- حق الاطلاع[71]:

تقوم الإدارة الجبائية المحلية بممارسة حق الاطلاع، بمقتضى المادة 151 التي تخولها ممارسة سلطات واسعة في مجال الحصول على المعلومات والمعطيات الضرورية لتأسيس الرسوم المحلية، حيث يجوز للإدارة لكي تتمكن من الحصول على جميع المعلومات التي من شأنها أن تفيدها في ربط ومراقبة الرسوم المستحقة على الغير، أن تطلب الاطلاع على الأصل أو تسليم النسخ على حامل مغناطيسي[72]، وعلى الورق لوثائق المصلحة، أو الوثائق المحاسبية، أو السجلات والوثائق التي تفرض القوانين أو الأنظمة الجاري بها العمل مسكها، وكذا جميع العقود والمحررات والسجلات والملفات التي يتضمنها ملف الملزم المحلي ومقارنتها بالبيانات المتوفرة لديها عن الملزم، والتي تهم مختلف الأنشطة التي يقوم بها، الأشخاص الطبيعيون أو المعنويون الذين يتعامل معهم.

ثانيا: حق فحص المحاسبة.

فيما يخص فحص المحاسبة[73]، فإذا قررت القيام بفحص محاسبة تتعلق بالرسوم المشار إليها في البند الأول من المادة 149، وجب عليها تبليغ إشعار بذلك إلى الملزم وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 152 قبل التاريخ المحدد للشروع في عملية الفحص بخمسة عشر (15) يوما على الأقل، حيث يتحقق الأعوان من صحة الوثائق والتقييدات المحاسبية والإقرارات التي أدلى بها الملزمون، ويتأكدون في عين المكان من حقيقة وجود الأموال المدرجة في الأصول[74]، فإذا ثبت أن الحسابات المدرجة بسنة محاسبية، أو فترة لفرض الرسم شابها اختلالات جسيمة من شأنها أن تشكك في قيمة الإثبات التي تكتسيها المحاسبة، جاز للإدارة أن تحدد أساس فرض الرسوم المشار إليها في المادة 149، باعتبار العناصر المتوفرة لديها، ويدخل في خانة سلطة الإدارة الجبائية التقديرية. وتطبيقا لمبدأ ملاءمة الجبايات المحلية مع النظام الجبائي للدولة، يتضح أن المادة 54 من القانون 47.06 المتعلقة بسلطة الإدارة التقديرية، تلائم الفقرة الأولى من المادة 213 من المدونة العامة للضرائب[75].

الفقرة الثانية:الامتيازات المسطرية المخولة للإدارة الجبائية المحلية.

لقد عمل المشرع من خلال قانون رقم 47.06، على دعم الإدارة الجبائية المحلية من خلال منحها مجموعة من الامتيازات المسطرية، التي تتلاءم إلى حد ما مع المساطر المتبعة من طرف مصالح الدولة في المجال الضريبي.

أولا: مسطرة التصحيح

تلجأ الإدارة إلى مسطرة التصحيح، إذا لاحظت ما يستوجب القيام بتصحيح أساس فرض الرسوم المحلية الثمانية المنصوص عليها في المادة 149، غير أن هذه المسطرة تنقسم إلى مسطرتين:

أ : المسطرة العادية للتصحيح:

أطرت المسطرة العادية مقتضيات المادة 155، فدرءًا لكل تملص ضريبي ومن أجل ضمان حقوق الجماعة، فإن هذه الأخيرة تراقب إقرارات الملزم، مع العلم أن هذه المراقبة لا تخلو من إشراك الملزم في هذه العملية، فإذا لاحظت الإدارة ما يستوجب القيام بتصحيح أسس فرض الرسوم المبنية على الإقرارات بالخصوص، فتبلغ وفقا للمقتضيات التفصيلية التي نصت عليها المادة 152، قرارها المصحح لإقرار الملزم[76]، إذ ينبغي أن يكون هذا القرار معللا بأسباب( طبيعة التصحيح تفاصيل المبلغ) وتدعوه إلى الإدلاء بملاحظاته داخل أجل شهر واحد والموالي لتسلم وثيقة التبليغ[77]، وفي حالة عدم الجواب داخل الأجل المذكور(30 يوما)، يتم وضع الواجبات التكميلية موضع التحصيل والتي لا تحول محل المنازعة الإدارية أو القضائية[78]، ولكن إذا تلقت الإدارة ملاحظات المعني بالأمر داخل الآجل السالف الذكر ولم تقتنع بأسانيد ملاحظات الملزم، فيجب عليها تبليغ المعنى بالأمر داخل أجل لا يتجاوز شهرين، ووفقا لأساليب المعتمدة أساليب رفضه وأساس فرض الرسم المعتمد مع أحقية الملزم في تقديم طعن إلى اللجنة المحلية لتقدير الضرائب داخل أجل اليومين المواليين لتاريخ تسليم رسالة التبليغ الثانية. وإلا أصبح قرار الإدارة  نهائيا.

ب : المسطرة السريعة للتصحيح.

تعتبر المادة 156 من قانون 47.06 هي المؤطرة لمسطرة التصحيح السريعة، والتي تؤكد على أحقية الإدارة في تصحيح أسس الرسوم ذات الطابع الإقراري والناتجة عن التغييرات الواقعة على النشاط المضرب، إما بسبب وفاة أو تفويت المقاولة أو تغيير شكلها القانوني والانقطاع عن النشاط أو تسوية أو تصفية قضائية، والتي تبلغ على الملزم والمتضمنة لأسباب التصحيحات وأسانيدها ليتم إعطاءه أجل معين لتقديم جوابه عن ذلك، وإلا يفرض الرسم والذي يبقى قابلا للتظلم الإداري وتسرد أحكام المادة المذكورة حالات وطرق أساليب وضع الرسم وآجال ذلك عند جواب الملزم. وهذه المقتضيات كلها تصب في آخر المطاف في إعطاء الملزم الحق في المشاركة في تصفية الرسم المفروض عليه في هذا الجانب.

وتبعا لما سبق، فإذا كانت الإدارة تلجأ إلى مسطرة التصحيح بنوعيها العادية والسريعة، إذا تبين لها ما يتطلب القيام بتصحيح أساس فرض الرسوم المحلية المنصوص عليها في المادة 149.

وبإشراك الملزم في هذه العمليات دليل على إدماج للحكامة الجيدة. أما إذا لم يدل الملزم بالإقرارات أو أدلى بإقرارات غير تامة، فإن المشرع يضمن ويكفل حق الإدارة الجبائية من خلال مسطرة فرض الرسم بصورة تلقائية[79]. وتكريسا لمبدأ ملاءمة الجبايات المحلية لجبايات الدولة، نجد أن المشرع يسلك أيضا مسطرة فرض الضريبة بصورة تلقائية من خلال المادة 228 من المدونة العامة للضرائب[80]، بحيث نجد أنه حتى في هذه الحالات التي تتعلق بعدم وضع التصريح رغم علم الملزم بإلزاميته ورغم إنذاره، فإنه لا يحرم من حقه في الطعن في الأسس التي اعتمدتها  الإدارة وإثبات مقدرته التكليفية الحقيقية بجميع وسائل الإثبات[81].

ثانيا: مسطرة توقيع الجزاءات

لقد حفل القانون 47.06 بخمسة عشر مادة تتعلق بالجزاءات في القسم الثالث، منها ما هو متعلق بالوعاء (الباب الأول) بينما يهم الباب الثاني الجزاءات المتعلقة بالتحصيل. وهذه الجزاءات منصوص عليها في المواد من 134 إلى 148 من القانون رقم 47.06، وهي تختلف بحسب نوعية المخالفة ونوعية الرسم، ويمكن تقسيمها إلى قسمين:

1- الجزاءات المتعلقة بالوعاء:

جاء في الباب الأول من القسم الثالث[82] مجموعة من الجزاءات المتعلقة بالوعاء، وقد تم تقسيمها إلى جزاءات مشتركة بين مختلف الرسوم المحلية، وجزاءات خاصة ببعض الرسوم المحلية.

أ- الجزاءات المشتركة:

يتعلق الأمر بالجزاءات المترتبة عن عدم الإقرار، أو وضع الإقرار خارج الأجل عن التصحيحات، وجزاءات عن عدم الإقرار بتفويت النشاط أو توقفه أو نقله، أو تغيير الشكل القانوني للمؤسسة، بالإضافة إلى جزاءات أخرى متعلقة بمخالفة الأحكام تخص حق الاطلاع والإدلاء بالوثائق المحاسبية، وجزاءات عن عدم الإدلاء بالرخص ثم الجزاءات الجنائية[83]. وأخيرا جزاءات المساعدة على التملص من أداء الرسم.

ب-الجزاءات الخاصة ببعض الرسوم:

تخص هذه الجزاءات الرسوم التالية: الرسم المهني، رسم السكن، رسم الخدمات الجماعية، الرسم على محال بيع المشروبات والرسم على النقل العمومي للمسافرين. ففيما يخص الرسم المهني، نجد أن المشرع رتب مجموعة من الجزاءات يهدف من خلالها إلى ضمان حقوق الإدارة الجبائية، حيث حدد مجموعة من الإجراءات الزجرية في حق الملزمين الذين يخالفون الالتزامات الجبائية[84]، وذلك من خلال تحديده لجزاء عدم التسجيل بجدول الرسم، وجزاء عدم الإقرار بالعناصر الخاضعة للرسم. ثم هناك جزاءات عدم إشعار رقم التعريف وعدم الإدلاء بوثيقة إثبات التسجيل بجدول الرسم المهني، بالإضافة إلى جزاءات عدم الإدلاء بإقرار عطالة المؤسسة.

أما الجزاءات الخاصة برسم السكن ورسم الخدمات الجماعية، فهي عدم الإدلاء بالإقرار بانتهاء أشغال البناء أو تغيير المالك الغرض المخصص له، وأيضا جزاءات عدم الإقرار بشغور العقار.

كما نجد أيضا جزاء يخص الرسم على محال بيع المشروبات، والرسم على النقل للمسافرين، هذا الجزاء يطبق عن عدم إيداع تصريح بالتأسيس[85].

2-الجزاءات المرتبطة بالتحصيل

وهي جزاءات تتلاءم وتلك المعمول بها في ضرائب الدولة، وتندرج في إطار الضمانات المخولة للإدارة الجبائية المحلية بمقتضى القانون 47.06، و ذلك من أجل استخلاص الموارد الجبائية المستحقة للجماعات المحلية، وقد خصها المشرع بمادتين هما المادة 147 و148، الأولى متعلقة بالجزاءات عن الأداء المتأخر للرسم، والثانية متعلقة بالزيادات عن التأخير في حالة الأداء المتأخر للأوامر بالاستخلاص لتسوية الرسوم.

إذا كانت هذه مجموعة من الامتيازات والحقوق المخولة الإدارة الجبائية المحلية، فماذا عن واجبات الإدارة الجبائية المحلية؟

المطلب الثاني: واجبات الإدارة الجبائية المحلية.

إذا كان المشرع قد منح للإدارة الجبائية مجموعة من الامتيازات، فإنه في مقابل ذلك فرض عليها واجبات اتجاه الملزم، والتي يمكن أن تضمن بعض الحماية لحقوق الجماعات المحلية، وتقريب الإدارة الجبائية من الملزم. كتبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية الجبائية (الفقرة الأولى)، إضافة إلى تعليل القرارات وتوعية الملزم جبائيا (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية الجبائية

يمكن اعتبار الإجراءات والمساطر مجموع الوسائل القانونية والتنظيمية التي تعتمدها الإدارة، في تنفيذ نشاطها أو عملها، بحيث لا يمكن إنجاح مهمة من المهام في إطار الارتجالية والعشوائية. ويقصد بالمساطر الإدارية تلك المساطر غير القضائية، ويجمع الباحثون والمهتمون على تعريف واحد هو أنها[86] “مجموع من القواعد والشكليات التي يجب على السلطات المختصة مراعاتها قبل وخلال اتخاذ أي قرار، حماية لحقوق وحرية الأفراد”، أما الإجراءات فقد عرفها روبرت نيوشل بأنها: ” الوسيلة التي تحدد من-كيف؟ ومتى يقوم الأفراد بالعمل؟”[87].

أما مفهوم التبسيط فهناك تعدد في التعريفات، ويعني في المقال الأول، التخفيف من الإجراءات والمساطر والمسالك الإدارية، والتقليص من نقلها ومسافات تعقيدها، بغية ربح الوقت والتكلفة والرفع من الجودة، بحيث تشكل المساطر الإدارية عامة، إما وسيلة لتحسين علاقة المرافق العمومية بالمرتفقين، أو تكوين مصدرا لإفسادها، بفعل تعددها وتعقدها.

وعلى هذا الأساس بات من الضروري وضع خطة إستراتيجية، من أجل صياغة تصور خاص بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، خاصة في المجال الجبائي، لأنه ميدان تقني بامتياز. وهذا ما يتطلبه الإصلاح الجبائي، الذي ركز على مسألة إعداد نماذج تتعلق بالإقرارات، كإجراء أولي تقوم به الإدارة الجبائية والتي تستدعي من الملزم ملء هذه النماذج، والتي أثارت الكثير من المشاكل من جانب غالبية الملزمين[88].

وتظهر أحد البحوث الميدانية[89] أن حوالي 41% من الملزمين استعانوا بمحاسبين أثناء القيام بعملية الملء، وأغلبهم من أعضاء المهن الحرة، أما نسبة 55.6% فقد استعانوا بشخص آخر، إما بشخص يعمل بإحدى مصالح الإدارة الجبائية المحلية، أو أحيانا ببعض الأشخاص المتواجدين بالقرب من هذه المصالح، بينما استعانت نسبة 2.8% من أصحاب المهن الحرة بنفسها، بحكم مستواها الثقافي (الصيادلة) وأشار إلى أن غالبية المستجوبين يشكون من كون المطبوعات تسلم لهم باللغة الفرنسية، وهذا يتطلب إعادة النظر في إعداد المطبوعات أو النماذج. حتى تكون في متناول كل الملزمين. هذا فيما يخص الرسوم التي تديرها المصالح التابعة لمديرية الضرائب، أما بالنسبة للإقرارات الخاصة بالمصالح الجبائية التابعة للجماعات، فهي الأخرى تثير بعض الإشكالات خاصة بالنظر لحجم المعلومات المتضمنة فيها، وكذا عدد أصنافها وأشكالها، إلى حد ما تكون قريبة من الاستمارة التي تتداول في مجال البحث العلمي، فهي تحتاج إلى أن يكون الملزم ملما بالقراءة والمعرفة من أجل ملئها، إضافة إلى ذلك لا بد من إعادة النظر في النماذج المتعلقة بالإقرارات حتى تصبح أكثر بساطة لأنه يكتسي أهمية كبيرة كونه[90]:

  • اقتصادي من حيث الجهد والوقت؛
  • يمثل مصدرا يمد الإدارة بالمعلومات ويساعدها على اتخاذ قراراتها بكل دقة؛
  • يمثل أداة رقابة هامة لضمان انجاز الأعمال؛
  • تسهل عمل العاملين والملزمين بوضوح الإجراءات.

وللوصول إلى نموذج جيد وبسيط يلزم ما يلي:

  • أن يعد النموذج بما يتفق وإجراءات العمل المطلوب انجازه؛
  • يكون تصميم النموذج بمظهر جيد، لكي يلفت نظر المعنيين به؛
  • مراعاة العامل النفسي للفرد عند التصميم؛
  • أن يكون واضحا وسهل الاستعمال[91].

وتجب الإشارة إلى أن التبسيط يرتبط أيضا بـ:

  • إرساء الشفافية في التعامل الإداري؛
  • خلق جسور التحاور والتفاهم مع الملزمين؛
  • تسهيل التعامل مع مطالبهم، واستيعاب توجهاتهم؛
  • ضمان المساواة بين الجميع أمام مختلف الخدمات التي تقدمها الإدارة الجبائية المحلية؛
  • تغيير عقلية الموظفين[92]؛
  • إقصاء جميع الانحرافات والسلوكيات السلبية داخل الإدارة.

وجدير بالذكر، إلى أن تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، يجب أن يكون مصحوبا ببعض الإجراءات، تتمثل في ضرورة إصلاح التجهيزات المادية وتطوير نظام المعلومات، وهو ما تفتقده الإدارة الجبائية.

إن تسريع وثيرة العمل بالإدارة الجبائية المحلية وتقريب الملزم منها تتطلب الإجراءات التالية:

  • تقليص الآجال الزمنية لمعالجة الملفات؛
  • خلق مركز للتواصل والإرشاد على مستوى الوحدات الإدارية؛
  • تعزيز الإمكانيات التقنية والمعلوماتية للمصالح الجبائية؛
  • إحداث نظام للشكايات للتعرف على مطالب وملاحظات وانتقادات الملزمين؛
  • تعزيز ثقافة الشفافية عبر تعليل القرارات الإدارية.

الفقرة الثانية: تعليل القرارات الإدارية وسبل توعية الملزم جبائيا

يعتبر تعليل القرارات الإدارية، إحدى الخطوات الأساسية في المنظومة القانونية الجبائية والمطبق بمقتضى القانون رقم 01.03[93]، فبموجب هذا القانون يتعين على الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية تعليل القرارات الصادرة عنها، مما يحتم عليها التقيد بمبدأ المشروعية في تصرفاتها اتجاه الغير، وتكمن أهمية هذا القانون على المستوى الجبائي المحلي، في كونه كلما كان القرار الجبائي المتخذ من طرف الإدارة الجبائية معللا ومبررا، فإنه يكون مفهوما وقبوله من طرف الملزمين، وسيكون الإقناع في هذه الحالة أفضل وقعا من مجرد اللجوء إلى الخضوع السلبي. وتأسيسا على ذلك، سوف تحل العلاقات المبنية على الثقة والتعاون، تدل تلك التي يغلب عليها الحذر والحيطة تارة، والمواجهة والاصطدام تارة أخرى.

وعلى هذا الأساس فالحكامة الجيدة في شق الشفافية، تقتضي توسيع نطاق تعليل القرارات الإدارية وتعميمه ليشمل كافة القرارات الموجهة إلى الأفراد بصفة عامة، والملزمين المحليين على وجه الخصوص، وذلك حتى يتسنى تفادي اللجوء إلى القضاء لمعرفة أسباب القرارات الجبائية التي تستهدف مصالحهم.

من أجل ذلك، فقد خرجت الندوة الوطنية حول” دعم الأخلاقيات بالمرفق العام” في مجال التعليل بالتوصيات التالية:

  • إصدار قانون خاص بتعليل القرارات الإدارية؛
  • اعتماد مبدأ التعليل كقاعدة عامة لتحديد المجالات التي تخضع لهذا المبدأ حسب كل قطاع.
  • وجوب تعليل القرارات الإدارية الكتابية الصادرة عن الإدارة كلما طلب منها ذلك؛
  • وجوب تعليل القرارات الضمنية من طرف الإدارة كلما طلب منها ذلك.

كما يجب على الإدارة الجبائية المحلية، أن تقوم بدور توعوي لفائدة الملزمين عن طريق:

  • تشجيع الجماعات المحلية ومساعدتها على إصدار نشرات ودلائل إرشادية ودوريات حول تنظيم الإدارة المحلية وحول ظروف عملها.
  • نشر القرارات والمقررات الجماعية بجميع الوسائل المتاحة.
  • إشراك المواطنين عن طريق الجمعيات، في مجالس قصد التنسيق على مستوى الجماعة.
  • اعتماد تقنيات العلوم الاجتماعية للاتصال بالمواطنين.
  • حث أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة على تخصيص برامج وحصص تساهم في دعم الحوار والتواصل الجبائي المحلي بين الإدارة الجبائية والملزمين. وبالرجوع إلى القانون رقم 47.06، فقد أشارت المادة 130 إلى ضرورة إعلام الملزم بكل ما يتعلق بالمعلومات الجبائية[94]، وبالرغم من ذلك فإن الوسائل المعتمدة تبقى تقليدية غير كافية، وبالتالي أصبح الأمر يتطلب اعتماد أساليب أخرى[95] من قبيل إعداد ملخصات عن الإقرارات الجبائية ونتائجها حتى يسهل الاستخدام المباشر لها، من قبل مكاتب المحاسبات المتخصصة في المجالات الإعلامية والمتعلقة بالجباية. إضافة إلى ضرورة إرسال ملخصات أو موجز تفسيري على غرار بعض الضرائب الأخرى.

لكن هذه المشاكل لا يجب أن تحجب عنا الرؤية إلى بعض الإيجابيات، التي جاء بها المشرع في قانون 47.06، فقد عمل على توسيع مجال الإعلام في إطار الضمانات المخولة للملزم، حيث نذكر على سبيل المثال، بخصوص مسطرة المراقبة، أن الإدارة أصبحت ملزمة بإعلام الملزم قبل إجراء التحقيق أو الفحص بحوالي خمسة عشر يوما على الأقل[96]، كما أن المشرع تجاوز تطبيق مسطرة الربط التلقائي، دون سابق إنذار حيث أصبحت الإدارة ملزمة ومن واجبها إعلام الملزم بجميع الإجراءات التي تهمه[97].

وهكذا، بات من الضروري إعطاء الأهمية القصوى لجانب الشفافية، من خلال إعلام الملزم وتوعيته، وذلك باعتماد وسائل الإعلام السمعي منها والبصري، وكذا المكتوبة، وأيضا الملصقات، قصد تأطير الملزمين.

وتنبغي الإشارة أنه حينما تستوفي المنازعات شروط صحتها ويكون موضوعها داخلا في مجال المنازعات، فإن الإدارة الجبائية وجب أن تنظر فيها وتبث فيها بموضوعية، وتصدر قرارا في هذا الشأن يبلغ إلى الملزم (الطاعن) عن طريق رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، وللطاعن أجل 30 يوما من تبليغ قرار الإدارة لرفع دعوى لدى القضاء تحت طائلة عدم القبول[98].

وحين لا تصدر الإدارة قرارا بالرد على المنازعة داخل أجل 60 يوما الموالية لتاريخ وضع الأمر بالاستخلاص موضع التحصيل. وفي حالة إذا لم يقبل الملزم المقرر الصادر عن الإدارة الجبائية عقب بحث مطالبته، جاز له أن يرفع الأمر إلى المحكمة المختصة داخل أجل ثلاثين يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقرر المذكور[99].

المبحث الثاني: الملزم المحلي الحقوق والضمانات

إن رغبة المشرع بالارتقاء بالجبايات المحلية من مضمونها الكلاسيكي القائم على الأداء دون المجادلة في شرعية الجباية، كان وراء إقراره لمجموعة من الضمانات التي يصبح من خلالها الملزم محصنا ضد كل التجاوزات التي قد تصدر من الإدارة الجبائية، وتمس بذمته المالية. وهذه الضمانات تم تكريسها بشكل تدريجي عبر مختلف التعديلات التي لحقت الجبايات المحلية[100]، إلا أن أهم تلك الضمانات هي ما جاء بها القانون الجبائي المحلي 47.06 حيث يتضمن مجموعة من الحقوق والواجبات لفائدة الملزم، وفي مقابل ذلك لابد من التطرق إلى الحوار الجبائي وضمانات الملزم المحلي.

المطلب الأول: الحقوق والواجبات المقررة للملزم المحلي من خلال قانون 47.06

إن تحديد الوضعية والمكانة التي يحتلها الملزم بالأداء في مواجهة الامتيازات التي خولها القانون للإدارة الجبائية المحلية، تستوجب منا رصد مختلف الحقوق والواجبات المخولة للملزم المحلي على مستوى  النصوص القانونية، لذلك فإن قانون 47.06 قد تضمن مجموعة من الحقوق لفائدة الملزم (الفقرة الأولى)، إضافة إلى مجموعة من الواجبات (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الحقوق المخولة للملزم  المحلي

إن المتتبع والدارس للقانون رقم 47.06 يلاحظ أو بالأحرى تستوقفه مجموعة من الحقوق والواجبات المتعلقة بالملزم، والتي من شأنها توفير بعض الحماية من كل تعسف أو تجاوز من قبل الإدارة الجبائية المحلية، وسيتم إبراز ذلك كما يلي:

1: احترام الحياة الخاصة للملزم.

إذا كان لكل ملزم باعتباره مواطنا حياته الخاصة، إلا أن هذه الحقوق تواجه سلطة الإدارة الجبائية المحلية، عندما تستخدم هذه الأخيرة حقها في الاطلاع والمراقبة وفحص المحاسبة…، ذلك أن الملزم ليس من حقه أن يرفض الإجابة على مثل هذه الأسئلة التي تطلبها الإدارة الجبائية المحلية.

في مقابل ذلك، يجب أن تصان حقوق الملزم المحلي، ولصيانة هذه الحقوق وتعزيزها اتجه المشرع في القانون 47.06 إلى تعميق الضمانات المتعلقة بالسر المهني، حيث يتعين إظهار فحوى وحقائق العناصر المكونة لذمته المالية وموارده، وهو ما يتضمن في مرحلة أولى تقدير الإقرار الذي يفترض أن يكون صحيحا وكاملا، ويتضمن في مرحلة ثانية التبرير والإثبات بكل الطرق لصحة وسلامة البيانات الموجودة في الإقرار أو التصريح، وهذا يجد أساسه في الثقة التي يضعها الملزم بصفة اختيارية في شخص آخر حول شؤونه الخاصة[101]. وترتيبا عليه، نجد أن مبدأ السر المهني، يتضمن التزاما على عاتق الإدارة الجبائية وموظفيها وأعوانها بضرورة مراعاة السرية التامة في أعمالهم، وبالتالي في معالجة كل المعلومات التي تتوافر لهم بالنسبة للملزم، بحيث لا يمكن أن يستخدموها في أغراض سوى الغرض المحدد لذلك بالنسبة لكل الملزمين[102]، حيث يلزم بكتمان السر المهني كل شخص يشارك بمناسبة مزاولة مهامه واختصاصاته، في تحديد الرسوم ومراقبتها واستيفائها أو المنازعات المتعلقة بها، وكذا أعضاء اللجان، حيث لا يجوز لهؤلاء الأشخاص أن يسلموا المعلومات أو نسخ من العقود أو الوثائق أو السجلات التي في حوزتهم لأشخاص غير المتعاقدين أو الملزمين المعنيين أو خلفهم العام، إلا بموجب أمر صادر عن القاضي المختص يحترم تلك الخصوصية، وذلك حماية لحقوق الملزم ولحياته مما يدعم الثقة في الإدارة الجبائية المحلية، حتى يقع الإقرار لديها بجميع المعطيات والوقائع التي تقع تحت طائلة الضريبة دون أن يخشى الملزم على إفشاء أسرار لأقرب أقربائه إلا بموجب أمر[103]، وتكريسا لمبدأ الملاءمة نجد أن مدونة الضرائب أيضا تنص على الالتزام العام بمبدأ السر المهني[104] الذي تم تكريسه بأغلب النصوص التي تتكون منها التشريعات الضريبية، سواء في القانون المغربي أو القوانين المقارنة[105].

2: الحق في الإطلاع على الملف

بحكم تمتع الإدارة الجبائية بمجموعة من السلطات الواسعة والامتيازات الكبيرة حتى تم نعتها بالطرف القوي في العلاقة الجبائية، لذلك كان لزاما حماية الملزم الطرف الضعيف في هذه العلاقة بمجموعة من الضمانات التي يجب مراعاتها واحترامها والتي من بينها كما سبقت الإشارة، الحق في المنازعة والمرونة في التعامل مع الآجال القانونية التي تم ترسيخها.

لكن، من أهم الضمانات (أو الحقوق) التي لم ترسخ بعد، الحق في الاطلاع على الملف الجبائي لمساعدة الملزم على إعداد الإثباتات والحجج للدفاع عن وجهة نظره في النزاع، لأن إحجام أو امتناع الإدارة عن ضمان هذا الحق يحرم الملزم من أهم العناصر المساعدة في المنازعة[106] ومن جانب الإدارة الجبائية ومن أجل خلق حوار مثمر وفي إطار الشفافية التي تعد ركيزة أساسية من ركائز الحكامة الجيدة، ومن أجل تمتين التواصل الجيد بينهما وبين الملزم يجب عليها تقديم خطوات كبيرة في مسار تمكين الملزم من حقه في الاطلاع على الملف الجبائي من أجل أن يكون هذا الأخير على بينة الإجراءات التي اعتمدتها الإدارة لبناء موقفها، وبالتالي تسهيل مهمة الدفاع عن نفسه.

3: الحق في إعلام الملزم المحلي.

يندرج الحق في الإعلام في إطار عملية التواصل بين الإدارة الجبائية والملزمين، وذلك من أجل تسهيل تطبيق الرسوم المحلية. وهكذا فالقانون رقم 47.06 يتضمن مجموعة من الإجراءات القانونية التي تضمن حق الملزم في الإعلام الجبائي ولعل من أهمها:

– الإعلام بفرض الرسم: يتضمن هذا الإعلام عموما جميع البيانات التي تمكن من التعرف على الملزم وتحديد هويته حسب ما إذا كان شخصا طبيعيا أو معنويا، ويحتوي لزوما مبلغ الرسم الواجب أداؤه، وتاريخ الشروع في تحصيله، ثم تاريخ استحقاقه، حيث يرسل المحاسب المكلف بالتحصيل الإعلام بفرض الرسم إلى الملزمين المسجلين بالجداول عن طريق البريد في ظرف مغلق، مجنبا بذلك كافة المواطنين الملزمين أية مصاريف عن الإرسال في مرحلة التحصيل الرضائي.

– الإخبار بتاريخ الشروع في التحصيل: حيث يتم إخبار الملزمين بتاريخ الشروع في التحصيل، وتاريخ الاستحقاق بمبادرة من للإدارة الجبائية المحلية، وذلك بجميع وسائل الإخبار خاصة إلصاق الإعلانات بمقرات الجماعة المعنية، حيث تتحدد على ضوئها المرحلة الرضائية لاستخلاص الديون المستحقة لفائدة الجماعات الترابية.

– إجراءات ومساطر التبليغ: إن مقتضيات التبليغ كما ينص عليها القانون رقم 47.06 وخاصة المادة 152 منه، مطابقة تماما لما هو معمول به في مساطر التبليغ المتعلقة بضرائب الدولة[107]، وكذلك قانون المسطرة المدنية حفاظا على سرية المراسلات الذي يعتبر مبدأ دستوريا.

و هكذا، يتم التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الملزم في إقراراته أو عقود أو مراسلاته المدلى بها إلى الإدارة التابعة لها مكان فرض الرسم، إما برسالة مضمونة مع إشعار  بالتسليم إليه بواسطة المأمورين المحلفين التابعين للإدارة أو أعوان كتابة الضبط أو المفوضين أو بالطريقة الإدارية، نظرا لما لهذا الإجراء من أهمية في وجوب توصل الملزم بالإعلام الضريبي، وافتتاح المحاولات الحبية باعتباره إجراءا أوليا للتحصيل الرضائي للدين الضريبي.

4: حق استفادة الملزم من أجل التقادم

إذا كان للإدارة الجبائية الحق في تصحيح الرسوم المحلية، فإنها ملزمة بتطبيق ما هو وارد في المادة 160 المتعلق بأجل التقادم، وعليها احترام أربع سنوات للقيام بتصحيح أوجه النقصان في الرسوم المحلية. غير أنه يمكن قطع أجل التقادم، وذلك عن طريق مسطرة التصحيح العادية والسريعة، وأيضا عن طريق فرض الرسم بصورة تلقائية عند مخالفة الأحكام المتعلقة بالإدلاء بالوثائق المحاسبية وحق المراقبة[108]، كما يمكن توقيف التقادم طوال الفترة الممتدة من تاريخ تقديم الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إلى غاية انصرام أجل ثلاثة أشهر الموالية لتاريخ تبليغ المقرر الصادر عن اللجنة المذكورة، وهذا المبدأ معمول به كذلك في ضرائب الدولة[109]، وفي جل الأنظمة الضريبية الحديثة التي  تأخد بنظام التقادم الرباعي.

5: حق المطالبة أو التظلم الجبائي[110].

يقصد بحق المطالبة أمام الإدارة الجبائية المحلية، تقديم تظلم إلى الإدارة مصدرة القرار قصد التراجع عنه أو تعديله جزئيا وفقا لمطالب المتظلم. وفي حالة النزاع الجبائي تقدم الطلبات إلى مصلحة خاصة لفض المنازعات[111]، وهي تنقسم بحسب موضوعها إلى مطالبة في حالة المنازعة في مجموع أو بعض الرسوم المفروضة وأخرى تطالب بإسقاط الرسم والإبراء منه والتخفيف من مبلغه وتحويل أدائه.

– حق المطالبة في حالة المنازعة في مجموع أو بعض مبلغ الرسوم المفروضة: يمارس هذا الحق من قبل الملزمين بالأداء الذين ينازعون في مجموع أو بعض مبلغ الرسوم المفروضة عليهم، بحيث نصت المادة 161 على ضرورة توجيه مطالباتهم إلى الآمر بالصرف أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض، وذلك في الحالة التي يفرض فيها الرسم عن طريق جداول أو أوامر بالاستخلاص خلال 6 أشهر الموالية للشهر الذي توضع فيه موضع التحصيل[112]، وكذا في حالة أداء الرسم بصورة تلقائية خلال الستة أشهر الموالية لانصرام الأجال القانونية للإقرارات. وبعد البحث الذي تقوم به المصلحة المختصة يتم البث في المطالبة من طرف:

  • الوزير المكلف بالمطالبة، أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض فيما يخص الرسم المهني، ورسم السكن ورسم الخدمات الجماعية.
  • الآمر بالصرف للجماعة المحلية، أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض بالنسبة لباقي الرسوم.

كما نصت نفس المادة على أنه، إذا لم يقبل الملزم المقرر الصادر عن الإدارة الجبائية، أو في حالة عدم جواب هذه الأخيرة داخل أجل الستة أشهر[113] الموالية لتاريخ المطالبة، جاز له رفع الأمر إلى المحكمة المختصة داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقرر المذكور. أما إذا كان الملزم غير مقيم، فإن أجل رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة يحدد في شهرين.

إذن، فطلب المراجعة كإجراء مقرر لفائدة الملزم في مواجهة الإدارة الجبائية يعد ضمانة تكفل حق هذا الأخير وتفتح باب الحوار مع الإدارة، وهذا من شأنه حماية حقه إذا ما تفهمت الجهة المطلوبة بالمراجعة حقيقة طلب الملزم قبل اللجوء إلى القضاء المختص[114]. ولعل تنصيص المشرع على حق وأجل المطالبة جاء من أجل ملاءمته مع المادة 235 من المدونة العامة للضرائب، وخاصة في ظل رفع أجل المطالبة والبث فيها إلى 6 أشهر.

– حق المطالبة بإسقاط الرسم والإبراء منه والتخفيف أو تحويل أداء مبلغه: إن إسقاط الرسوم أو الإبراء منها أو التخفيف من مبلغها، يكون بناءا على شكاية أو مطالبة من المعنيين بالأمر، ويعود للوزير المكلف بالمالية، أو الآمر بالصرف للجماعة المحلية المعنية، أو الأشخاص المفوضين من لدنهما لهذا الغرض أن يقرروا داخل أجل التقادم[115]، إسقاط الرسوم جميعها أو بعضها إذا تبثث أنها زائدة على المبلغ المستحق، وأن الأمر يتعلق برسم فرض مرتين أو فرض بغير موجب صحيح. ويجب التذكير أن حق الإبراء لا يهم سوى الزيادات والغرامات والذعائر وباقي الجزاءات، ويمنح هذا الإبراء بناء على طلب الملزم الذي يبين من خلاله الظروف الاستثنائية التي استند عليها لطلب الإبراء أو التخفيف. وفي إطار احترام مبدأ الملاءمة، نجد أن هذا الإجراء المتعلق بإسقاط الضريبة والإبراء منها وتخفيف مبلغها منصوص عليه في المادة 236 من المدونة العامة للضرائب.

 

 

6: حق الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة

إذا لم يقتنع الملزم بمسطرة التصحيح وبالمبالغ المفروضة عليه من قبل الإدارة الجبائية المحلية، فله الحق في رفع نزاعه أمام اللجنة المحلية للنظر في الطعون الجبائية، والتي يوجد مقرها بالمحكمة الابتدائية[116]. ويتوقف دور هذه اللجنة في القيام بحل الخلافات والمنازعات التي تثار بين الإدارة الجبائية المحلية والملزم، إذ تنظر في الطعون التي يقدمها الخاضعون للرسم الكائن موطنهم الضريبي أو مقرهم الاجتماعي أم مؤسستهم الرئيسية داخل دائرة اختصاصها.

وحفاظا على سرعة البث في المنازعات وحرصا على مصالح المواطنين، فالملزم يطعن في قرار اللجنة المحلية أمام القضاء مباشرة، ولعل عدم اللجوء إلى اللجنة الوطنية للطعون الجبائية يجد تفسيره الرسمي في كون المبالغ المنازع فيها والملفات المطروحة، لا تستوجب الطعن أمام اللجنة الوطنية التي تحسم عامة في الملفات الكبرى[117].

7: حق الطعن أمام القضاء المختص

نصت المادة 164 من القانون 47.06، على أنه يجوز للملزم أن ينازع عن طريق المحاكم في الرسوم المفروضة على إثر المقررات الصادرة عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أو الرسوم التي تفرضها الإدارة الجبائية تلقائيا، باعتبار الأساس الذي بلغته بسبب تصريح اللجنة المذكورة بعدم اختصاصها، وذلك داخل أجل ستين يوما الموالية لتاريخ وضع الأمر بالاستخلاص موضع التحصيل. وفي حالة إذا لم يقبل الملزم المقرر الصادر عن الإدارة الجبائية عقب بحث مطالبته، جاز له أن يرفع الأمر إلى المحكمة المختصة داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقرر المذكور[118]. وبهذه الإجراءات أصبح الملزم محصنا من تجاوزات الإدارة، وقد يجد في القوانين الجبائية ضمانات لحقوقه وتمكينه من الدفاع عنها بوسائل قضائية باعتبارها ضمانة أساسية في اتجاه ترسيخ عدالة جبائية وحماية قانونية للملزم.

وفي المقابل، منح النص الجديد للملزمين مجموعة من الضمانات كاعتماد، نفس اللجنة الخاصة بتقدير الضرائب والرسوم المحلية في تقدير الرسوم التي تقوم مديرية الضرائب بتدبيرها، وهو ما يعتبر تقريبا للمنازعة وتخفيفا للعبء على الملزم، خصوصا بعد تحديد الآجال القانونية للبث في الطعون في 12 شهرا عوض 24 شهرا، ومنح الأطراف المتنازعة إمكانية اللجوء إلى القضاء المختص بعد سلك مساطر التظلم الإدارية ومسطرة التحكيم.

وإذا كانت هذه مجموعة من الحقوق التي يضمنها القانون 47.06 للملزم والتي تيسر في اتجاه الملاءمة مع المدونة العامة للضرائب إلى حد ما، فما هي واجبات الملزم تجاه الإدارة الجبائية، والتي أتى بها القانون رقم 47.06؟

الفقرة الثانية: واجبات الملزم المحلي

يفرض القانون رقم 47.06 على الملزم المحلي مجموعة من الالتزامات الجبائية في إطار علاقته بالإدارة الجبائية، وذلك سعيا وراء الرفع من المردودية الجبائية لصالح الجماعات المحلية، بهدف تحقيق استقلال مالي محلي. ومن خلال استقراء مواد القانون 47.06 نجد أنه يحتوي على مجموعة من الواجبات الملقاة على عاتق الملزم تجاه الإدارة الجبائية المحلية. كواجب الإقرار والخضوع للمراقبة الجبائية (أولا)، وواجب حفظ الوثائق والتضامن (ثانيا).

أولا: واجب الإقرار والخضوع للمراقبة الجبائية

لقد عمل المشرع على تمكين الملزم المحلي بمجموعة من الواجبات، منها واجب الإقرار إضافة إلى واجب الخضوع للمراقبة الضريبية.

أ: واجب الإقرار

يفرض المشرع على الخاضع للرسم أو الضريبة القيام بالإقرار أمام المصالح الإدارة الجبائية المحلية، والذي يرمي من ورائه إلى إتاحة الفرصة للملزمين المحليين للمشاركة في إثبات الضرائب والرسوم المستحقة لفائدة الجماعات المحلية وهيئاتها، والمساعدة على تصفيتها، كما أن هذا الإجراء، يخفف عن الإدارة الجبائية المحلية تكاليف ربط الضريبة أو الرسم وتحديد مبلغها.

ومراعاة من المشرع لضمان فعالية الإقرار، وجعله كوسيلة ناجعة في النظام الجبائي المحلي، فإننا نجده قد رتب على عدم الإدلاء به بالمرة، أو تقديمه خارج الآجال القانوني، أو نقصانه وعدم احتوائه على كافة البيانات والعناصر المساعدة على تصفية الضريبة أو الرسم عدة جزاءات مالية[119].

على أنه يمكن القول فيما يخص نجاح الإقرار وفعاليته في إشراك الملزمين بالأداء في العملية الجبائية المحلية وضمان المردودية المالية المرجوة، يتوقف أساسا ليس فقط على تعدد الجزاءات، وإنما على وعي الملزم بالأداء ونزاهة الإدارة الجبائية المحلية في مراقبة البيانات المدرجة في الإقرار من جهة أخرى[120]. وفيما يلي نورد جدولا يوضح أنواع الإقرارات الخاصة بالجبايات المحلية من خلال القانون 47.06 وتتضمن أنواعا تختلف باختلاف الرسوم، وذلك بحسب طبيعة وعناصر وخصائص النشاط الممارس.

نوع الرسم نوع الإقرار المادة
الرسم المهني ·     الإقرار بالعناصر الخاضعة للرسم

·     إقرار عطالة المؤسسة

·     إقرار بتفويت أو توقف النشاط أو نقله أو تغيير الشكل القانوني للمؤسسة

13

15

16

رسم السكن ·     إقرار بانتهاء وأشغال البناء أو تغيير ملكية العقار أو الغرض المخصص له

·     الإقرار بالشغور

30

31

الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية · الإقرار بالأراضي (مساحة الأرض بالمتر المربع)

· الإقرار بتغيير المالك أو بتخصيص الأراضي

47

48

الرسم على عمليات تجزئة الأراضي · الإقرار بمجموع تكاليف التجهيز 62
الرسم على بيع المشروبات · التصريح بالتأسيس والإقرار بالمداخيل

· الإقرار بتفويت النشاط أو توقفه أو نقله أو تغيير الشكل  القانوني للمؤسسة

· الإقرار بالعطالة

67

68

69

الرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية · الإقرار بعدد الزبناء وليالي الإقامة

· الإقرار بتقويت النشاط أو توقيفه أو نقله أو تغيير الشكل القانوني للمؤسسة

74

75

الرسم على المياه المعدنية ومياه المائدة · الإقرار بعدد اللترات أو كسر الترات 81
الرسم على النقل العمومي للمسافرين · التصريح بالتأسيس والإقرار بالعربات المخصصة للنقل 87
الرسم على استخراج مواد المقالع · الإقرار بكميات المواد المستخرجة 95
الرسم على السيارات الخاضعة للفحص التقني · الإقرار بإجراء الفحص التقني السنوي 108
الرسم على استغلال المناجم · الإقرار بكميات المواد المستخرجة 120
الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ · الإقرار بالخدمات المقدمة 125

المصدر: مقتضيات القانون 47.06

نلاحظ من خلال الجدول، أن المشرع أشرك الملزم المحلي في الفرض الجبائي، ويعتبر ذلك من التعديلات الجوهرية المرتبطة بمبدأ التبسيط، حيث يتم فرض الرسوم المحلية عن طريق نظام الإقرار، كلما أمكن ذلك، محل نظام الإحصاء، وذلك من أجل تجاوز هدر الوقت المخصص لعمليات الإحصاء، وتفادي الأخطاء والنقائص التي طالما تعيق تطبيق الجبايات المحلية في السابق.

ب: واجب الخضوع للمراقبة الجبائية

إن حق الإدارة الجبائية في مراقبة الإقرار والوثائق المعتمدة لإصدار الرسوم الثمانية[121]، يوازيه واجب الملزمين الإدلاء بجميع الإثباتات الضرورية، وأن يقدموا جميع الوثائق المحاسبية إلى المأمورين المحلفين التابعين للإدارة المنتدبين للقيام بالمراقبة الجبائية، وذلك حسب المادة 149 من القانون 47.06.

وبناءا على ما سبق، بإمكان الإدارة الجبائية المحلية الإطلاع على جميع المعلومات والسجلات والوثائق المحاسبية[122] دون إمكانية الاعتراض على ذلك من قبل الملزم تحت ذريعة كثمان السر المهني، حسب ما تؤكده المادة 151، ولا بد من التعاون بين الإدارة الضريبية والجماعات المحلية عبر حق الاطلاع، للتأكد من مدى التطابق بين التصريحات المقدمة للإدارة الضريبية والإقرارات المقدمة للجماعات.

ثانيا: واجب حفظ الوثائق والتضامن

لقد عمل المشرع على تمكين الملزم المحلي بمجموعة من الواجبات منها، واجب حفظ الوثائق وواجب التضامن.

أ: واجب حفظ الوثائق

نص القانون الجديد 47.06 في المادة 150 على ضرورة احتفاظ الملزمين طوال عشر سنوات في المكان المفروض فيه الرسم عليهم بالوثائق المحاسبية اللازمة للمراقبة الجبائية، وكذا كل وثيقة نصت عليها القوانين. وفي حالة ضياع هذه الوثائق، يجب على الملزمين أن يخبروا بذلك مصلحة الوعاء التابع لها محل موطنهم الضريبي، أو مقرهم الاجتماعي، أو مؤسستهم الرئيسية، بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، خلال الخمسة عشر يوما الموالية للتاريخ الذي لاحظوا فيه ضياعها[123].

ب: واجب التضامن

لقد خصص القانون رقم 47.06 الباب الرابع من الجزء الثالث لما يصطلح عليه بالتضامن، فبالرجوع إلى المادة 170 التي تنص على التضامن عند تفويت عقار، يجب على المالك الجديد أن يطلب من البائع تقديم إيصالات الأداء أو شهادة من مصالح التحصيل، تثبت أداء الرسوم المستحقة على العقار المذكور المتعلق بسنة التفويت والسنوات السالفة. وإلا أصبح المالك الجديد مسؤولا، سواء تعلق الأمر بالتفويت الكلي أو الجزئي للعقار على وجه التضامن مع المالك القديم أو صاحب حق الانتفاع، عن أداء الرسوم المذكورة.

وفي حالة تفويت أصل تجاري لمقاولة، أو تخل عن جميع الأموال المدرجة في أصول شركة، أو تلك المستعملة لمزاولة مهنة خاضعة للرسم المهني، فإنه يجب على المفوت إليه عند إبرام عقد التفويت الكلي أو الجزئي التأكد من أداء جميع الرسوم المستحقة على الأصل التجاري لتفادي جميع التبعات القانونية، وذلك بناءا على شهادة مسلمة من طرف المصالح المكلفة بالتحصيل، وإلا فإنه سيصبح مسؤولا على وجه التضامن. ويجب التذكير بأنه على العدول والموثقين وكل شخص آخر يمارس مهنة تحرير العقود الحرص على استيفاء الأداءات القانونية المستحقة، وإلا أصبحوا مسؤولين على وجه التضامن مع الملزمين بالأداء، وتبقى الغاية من المقتضيات المتعلقة بالتضامن هي حفظ حقوق الإدارة الجبائية فيما يتعلق بالرسوم المستحقة. كما يعتبر مالك الأصل التجاري، مسؤولا على وجه التضامن مع المشغل عن أداء الرسوم المستحقة برسم استغلال هذا الأصل التجاري. والجدول التالي يبين أنواع واجب التضامن حسب قانون 47.06.

 

 

 

 

المادة نوع الواجب

التضامني

الإجراءات الواجب القيام بها
170 التضامن في حالة تفويت عقار – عند تفويت عقار يجب على المالك الجديد أن يطلب من البائع تقديم إيصالات الأداء أو شهادة من مصالح التحصيل تثبت أداء الرسوم المستحقة على العقارات المذكورة المتعلقة بنسبة التفويت والسنوات السالفة، وإلا أصبح المالك الجديد مسؤولا، سواء تعلق الأمر بالتفويت الكلي أو الجزئي للعقار على وجه التضامن مع المالك القديم أو صاحب حق الانتفاع، عن أداء الرسوم المذكورة.
171 تضامن العدول والموثقين وكل شخص آخر يمارس تحرير العقود – الحرص على استيفاء الأداءات القانونية المستحقة وإلا أصبحوا مسؤولين على وجه التضامن مع الملزمين بالأداء.
172 التضامن عن تفويت الأصل التجاري يعتبر مالك الأصل التجاري، مسؤولا على وجه التضامن حالة تفويت أصل تجاري لمؤسسة تجارية أو صناعية أو حرفية أو منجمية أو تخل عن جميع الأموال والعناصر المدرجة في أصول الشركة… ويجب على المفوت إليه ما يلي:

– التأكد من أداء جميع الرسوم المستحقة على المفوت عند تاريخ التفويت والمتعلقة بالنشاط المزاول وذلك استنادا إلى شهادة مسلمة من طرف المصالح المكلفة بالتحصيل.

173 تضامن المالك مع مستغل الأصل التجاري بصرف النظر عن كل الأحكام المخالفة، يعتبر مالك الأصل التجاري مسؤولا على وجه التضامن مع المستغل عن أداء الرسوم المستحقة برسم استغلال هذا الأصل التجاري

المصدر: مقتضيات القانون رقم 47.06

وعلى وجه المقارنة نجد أن إجراء التضامن معمول به في الضرائب التي تديرها الدولة، وثم إقراره في القانون 47.06 للملاءمة ولضمان تحصيل ديون الجماعات الترابية، وللحد من ظاهرة التهرب الضريبي[124].

وأخيرا، للملزم بالأداء الحق أيضا الطعن أمام القضاء. وبهذا الإجراء أصبح الملزم في منأى عن تجاوزات الإدارة وذلك لضمان حقوقه وتمكينه من الدفاع عنها بوسائل قضائية.

المطلب الثاني: ضمانات الملزم الجبائي المحلي

يعتبر الملزم المعني النهائي بالجباية المحلية، ليس باعتباره الممول القانوني للجباية المحلية وموضوعها، بل باعتباره الهدف المفترض من استعمالها، وفي هذا الجانب يمكن الإقرار بأن مسار الإصلاح الجبائي العام قديما وحديثا لم يولي العناية الإستراتيجية لهذا العنصر، بل اهتم في الغالب بالملزم كموضوع للجباية، وليس الملزم كفاعل وشريك في النظام المالي المحلي، مما يؤكد على ضعف الحوار الجبائي المحلي بين الإدارة الجبائية المحلية والملزم، إذ أن للحوار الجبائي أهمية كبرى تتمثل في خلق شعور لذا الملزم بقبول الجباية، وهذا ما ركزت عليه بعض الدول الأجنبية حيت اعتبر الملزم محور العملية الجبائية لذلك أولته اهتماما خاصا إذ حاولت إشراكه في جل مراحل التضريب[125].

الفقرة الأولى : ضرورة تفعيل التواصل بين الإدارة الجبائية والملزم.

إن تعميق أسس العمل الجماعي الهادف، رهين بمدى وجود أواصر للتعاون والتفاهم والاحترام المتبادل بين كل الأطراف المعنية بهذا العمل، وهذه الأواصر لن تتوفر إلا بوجود حوار بناء ومثمر بين الأطراف، التي هي الإدارة الجبائية المحلية والملزم. ولكي تكون الإدارة أكثر تواصلا وانسجاما مع مواطنيها، فإن ذلك يستدعي انفتاحها عليهم ومحاولة إشراكهم في العملية الجبائية. ولا شك أن مثل هذا الحوار ستكون له أهمية كبرى سواء بالنسبة للملزم، حيث سيخفف من العبء النفسي للجباية عليه ويجعله أكثر تقبلا لأداء واجبه الجبائي، أو بالنسبة للإدارة من حيث المردودية ومستوى الخدمات المقدمة. إن تيسير العلاقة بين الملزم والإدارة الجبائية المحلية يستدعي الاهتمام بتحسين الاستقبال والمساعدة، ونشر الثقافة أو المعرفة القانونية، وكذا مراعاة الجانب النفسي والاجتماعي للمدين بالأداء.

أولا : تحسين الاستقبال والمساعدة

يمثل الاستقبال مرحلة المواجهة بين ملزم راغب في خدمة، معلومة… إلخ، وبين مصالح الإدارة الجبائية المحلية. ويمكن تحديد هذه اللحظة التي يباشر فيها الملزم مصلحة جبائية إلى حين خروجه منها، ويهدف الاستقبال بالأساس إلى وضع الملزم الذي يلج الإدارة في جو ملائم، وتسهيل تبادل المعلومات التي يمكن أن تحدث مع الموظف[126]. إلا أن دراسة الوضعية الراهنة للاستقبال داخل الإدارة بصفة عامة، يكشف عن وجود أزمة حقيقية على مستوى تواصلها مع الملزمين بالأداء، تعبر عن “غياب رؤية شمولية للاستقبال والإرشاد”. لذا أصبح من اللازم ضرورة تغيير طريقة تعامل المصالح المكلفة بالاستخلاص مع المدينين بأداء الدين الجبائي وتحسين معاملتها لهم. هذه الدعوة تستند أساسا إلى التطورات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي تعرفها الدولة. وتجد مبرراتها كذلك في انتشار الأمية والجهل بأحكام القانون الجبائي. وبالتالي يظل على عاتق الإدارة مساعدة المدينين بالدين الجبائي على أداء واجباتهم تجاه خزينة الجماعات المحلية في أحسن الظروف، وتقديم النصائح والإرشادات التي هم في حاجة إليها.

إن الأجهزة المكلفة باستخلاص الجبايات المحلية، بحكم طبيعة عملها وعلاقتها اليومية، تدفع المدينين إلى زيارتها باستمرار طلبا للمعلومات أو سعيا وراء حل منازعة أو تقديم شكاية، الأمر الذي يفرض الاستقبال الجيد، وذلك بإحداث وحدات للاستقبال على صعيد الإدارات المكلفة بالاستخلاص (القباضة ووكالة المداخيل)، تتوفر على الوسائل الضرورية للاستقبال، وتكون مهمته مزدوجة تتمثل من جهة في تقديم الخدمة المطلوبة مباشرة من طرف الساهرين على الاستقبال، ومن جهة أخرى إرشاد طالب الخدمة وتوجيهه إلى المكتب المختص[127].

وبناء على هذا التأسيس، فالاستقبال الإداري مدرسة للحياة الاجتماعية ومصلحة حيوية وضرورية للمواطنين[128]. وإن جهاز الاستقبال الإداري بهذه الأهمية ينبغي أن يشكل مؤسسة وسيطة لخلق شراكة إدارية مع المواطنين، ليشعروا بأن المرافق العمومية منهم وإليهم. وينبغي أن تعزز الأجهزة الاستقبالية بأساليب التوعية استعانة بالأساليب التفسيرية ووسائل الإعلام المتاحة، لأن الاستقبال يضع مشكل التهيئة المادية وتنظيم الاستقبال الأولي، إذ لا يجب انتقال الملزم وينتظر طويلا من أجل معلومة تكاد تكون بسيطة، أو أن يسقط ضحية للتردد بين المكاتب بحثا عن حل لمشكلة بدون جدوى[129].

ثانيا : نشر المعرفة القانونية

إن النصوص القانونية المنظمة للجبايات المحلية من مرحلة الفرض إلى مرحلة التحصيل متعددة ومبهمة، ومن الصعب الوصول والاطلاع عليها. وهكذا، لكي تحقق المصالح الجبائية التواصل مع الملزمين، يجب عليها أن تتقاسم معرفتها مع هؤلاء، وأن تضمن النشر لكافة النصوص الجبائية. ولقد أضحى من اللازم تجميع النصوص الجبائية المحلية بشكل واضح ومنسجم على نهج مدونة عامة للجبايات المحلية، الأمر الذي سيسهل على الملزمين بالأداء من معرفة القوانين الجبائية.

ومن بين الوسائل التي تساعد على حد سواء الأجهزة المكلفة بالاستخلاص في أداء مهامها، والملزم بالأداء في ممارسة واجباته الجبائية وحماية حقوقه، إنجاز مطبوعات ودلائل يكون موضوعها التفسير المبسط للإجراءات والبيانات المستعملة والنصوص الجاري بها العمل[130]. وأهمية هذه المطبوعات والدلائل الجبائية تكمن في توعية الملزمين بالأداء ويبقى على عاتق الإدارة تبسيط كل البيانات والوثائق، وذلك بالتركيز على الأهم حتى تكون سهلة الفهم. ومن شأن ذلك، أن يدعم الثقة ويضمن الشفافية التي يقوم عليها حسن العلاقة بين الطرفين[131]. فإذا كان تدوين النصوص القانونية، وكذا المذكرات والدوريات وإصدار الكتيبات والدلائل مهما، فإن الأهم منه هو العمل على نشرها وتعميم توزيعها حتى لا تبقى حبيسة المصالح الإدارية فحسب، وذلك عبر عدة تدابير[132] :

  • إحداث مجلات محلية متخصصة تعنى بالمادة الجبائية؛
  • إحداث بنية إدارية مكلفة بمهمة التوجيه والإرشاد؛
  • استعمال كافة وسائل الاتصال المتاحة (صحافة مكتوبة، الاتصال السمعي البصري، واستعمال البوابات الإلكترونية…).

ثالثا : مراعاة الجانب النفسي للملزم الجبائي

يجب الانتقال من اعتبار المواطن ملزما بالضريبة إلى الإقرار به كممول لها، ومن تم فإن مواقف الإدارة الجبائية يجب أن تغير نظرتها تجاه الملزم بالأداء، وأن تأخذ بالحسبان الوضعية النفسية والاجتماعية له.

وبالنظر إلى أهمية الجانب النفسي والاجتماعي للمدين بالجباية في بناء علاقة متوازنة مع مصالح التحصيل الجبائي المحلي، لابد من تدعيم مفهوم العقوبة بمفهوم التحفيز، والانتقال من الوضعية الجبائية التي تكرس الأداء الجبائي كواجب قانوني إلى محاولة استحضار الواجب الوطني والأخلاقي عن طريق نشر الوعي الجبائي.

لذلك، نرى أنه من الضروري تعبئة الملزمين بالأداء وخلق الأرضية المناسبة لنشر الوعي الجبائي بينهم، إلا أنه يجب أن يستند إلى ثلاثة عناصر أساسية تكمن في المساعدة على فهم وإدراك الوعي الجبائي كجزء من الوعي الوطني عن طريق تجاوز المفهوم الضيق للجباية المتجسد في الجانب المالي إلى المفهوم الاجتماعي والاقتصادي، ليؤسس في آخر التحليل “مواطنة جبائية”. وكذا ترشيد صرف النفقات على المستوى المحلي، لأن المواطن بشكل عام أصبح لا يؤمن إلا “بمشروعية الإنجاز” والتي تخلف وقعا إيجابيا على نفسيته.

وأخيرا المساواة أمام تحصيل الجباية كعنصر أساسي لتثبيت الوعي الجبائي لدى الملزمين بالأداء. فعادة ما يتم التمييز في إطار الإجراءات التحفيزية بين تلك التي لها طابع مادي وتلك التي لها طابع معنوي، ففيما يخص الإجراءات التحفيزية ذات الطابع المادي، فإنه يجب حدو بعض التشريعات الأجنبية، والتي قد نصت على وسائل تحفيزية لتشجيع الملزمين على الأداء، ومن بين هذه التشريعات نجد المشرع الأمريكي الذي يحث الملزمين على أداء ما بذمتهم قبل حلول آخر الآجال المخصصة للأداء، حيث يمنحهم تخفيضات من مبلغ الجباية تتراوح ما بين 4% و%3. وإلى جانب هاته الحوافز المادية، فهناك حوافز معنوية تتمثل في نشر أسماء الملزمين المتأخرين عن الأداء، وكذا التفكير في منح جوائز للأشخاص المخلصين على حسن قيامهم بأداء واجبهم الوطني[133].

من المؤكد أن القدوم على تطبيق هذه الإجراءات، تصب في نهاية المطاف في المساعدة على معالجة التهرب من أداء الجباية، وبث الوعي لدى الملزمين بالأداء، ونعتقد أن المقاربة القانونية ظلت عاجزة في معالجتها لهاته الظاهرة، الأمر الذي ينبغي تحفيز الملزمين عن الأداء، وكذا تحسين العلاقة بين الملزم والإدارة الجبائية عبر سياسة تواصلية واضحة، وبث الوعي بأهمية الجباية لتحقيق التنمية المحلية.

الفقرة الثانية: وسائل الحوار الجبائي والتواصل المحلي

إن اقتناع الملزمين بأهمية الجباية المحلية، يرتبط أساسا بمدى وجود قنوات للحوار والتواصل معهم، وذلك من خلال توعيتهم بأهمية الفرض الضريبي، وذلك باستعمال جميع الوسائل المتاحة، والتي من أهمها:

– ضرورة التحسيس بأهمية الضريبة عموما والجباية المحلية خصوصا، على مستوى الطور الابتدائي ليلمس الطفل مفهوم الضريبة والجباية ودورهما في التعاضد الاجتماعي، وكذلك على المستوى الثانوي يتم تطوير معرفته بالجباية والضريبة بشتى أنواعهما، إلا أن في بلادنا لا يتعرف الطالب على المسألة الضريبية إلا على المستوى الجامعي وفي كليات الحقوق وبعض المعاهد العليا، وبناء عليه، يجب الأخذ بعين الاعتبار خصوصية مجتمعنا الذي تقارب فيه الأمية نسبة 60% أثناء وضع إستراتيجية للتواصل في الميدان الجبائي والضريبي، ذلك أن القانون الضريبي الحديث أصبح يعترف للملزم بالحق بالإعلام والمساعدة .[134]

– يجب استحضار أن المجتمع الضريبي غير متجانس، فهناك الملزم الصغير والمقاولة العامة والخاصة، والشخص الطبيعي والشخص المعنوي، ومجموع الشركات، والشركات القابضة، وما إلى ذلك من التصنيفات التي تنقسم بدورها إلى مجموعة من الأصناف، الشيء الذي يستدعي خلق تصورات متعددة تتوافق مع أنواع الملزمين.

– تكثيف التواصل مع كافة الهيئات المتدخلة في تدبير الجباية المحلية (المصالح التابعة لمديرية الضرائب، المصالح الجبائية المحلية)، كما يجب الانفتاح على بعض الهيئات الخاصة المتدخلة في تدبير الجباية، كاللجنة المحلية لتقدير الضريبة عن طريق تنظيم دورات وأيام دراسية أو موائد مستديرة لتوحيد التصورات والتأويلات لمختلف الإشكاليات الجبائية. بالإضافة إلى ذلك، لابد من الانفتاح على القضاء الإداري المختص بالبث في المنازعات الجبائية، لمده أولا بالنصوص الضريبية والجبائية باللغة العربية، وعقد ندوات عمل مع القضاة لتوحيد الرؤى والتأويلات المختلفة حول المساطر الجبائية.

– إيجاد طرق تحويل الإعلام الموجه والمكيف إلى إعلام تواصلي تشاركي، وعلى وسائل الإعلام أن تتكيف مع الأوضاع الخاصة للعالم القروي، وهذا لن يتأتى إلا عن طريق مجموعة من الوسائل الأساليب كتوظيف وسائل الإعلام والقيام بحملات لدعاية والتعبئة ونشر المعلومات الجبائية، وبعت الجباة إلى القرى لتقديم الأجوبة على الأسئلة المحتملة وفتح مكاتب للعلاقات العامة في أوقات فراغ الملزمين على المستوى المركزي والمحلي، أو عبر الندوات والمداومات الهاتفية التي تساهم في إعلام وتكوين الملزمين، وتعزيز تعريب الإدارة الجبائية، ويعتبر التلفاز والمذياع من أهم الوسائل التي يجب استغلالها في التواصل والإعلام المحلي لإيصال المعلومات والأخبار للمواطن، ويشكل كلاهما أداة لإقناع المواطن والتأثير على سلوكه، لذا يجب تخصيص برامج وحصص للشأن المحلي بصفة عامة، كما يجب  تشجيع الجرائد المحلية ودعمها ماديا ومعنويا خاصة بتزويدها بالمعلومات والمعطيات لتلعب دور الوسيط بين الإدارة المحلية وموظفيها[135].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحور الرابع: الممكنات والمداخل الكبرى لإصلاح النظام الجبائي المحلي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إذا كانت الجبايات المحلية ثمرة لمسار تضافر مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تحركها وتشترطها، فهي بعبارة أخرى جزء من كل أكبر، إنها إحدى عناصر النظام الاجتماعي المسيطر وهي أحد مدخلاته ومخرجاته[136]. ومن تم فإن تحديد النظام الجبائي المحلي يجب أن لا يتم في معزل عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تتحكم في تحديد مضمونها وأهدافها، والتي تتحدد على المستوى المركزي من خلال السلطات العمومية المختصة، كما لا يجب أن يكون خارج سياق هذا التحول الذي تشهده الدولة على مستوى أدوارها ووظائفها[137].

فدواعي المطالبة بإصلاح قانون الجبايات المحلية 47.06 تجد سندها في مجموعة من المبررات، فتبني هذه الدعوة ينطلق من طبيعة وعدد الثغرات التي  حملها هذا القانون، وتلك التي أبان عنها عند تطبيقه على أرض الواقع منذ أربع سنوات. كما ينطلق أيضا من اعتبارات أخرى فرضت بشكل موضوعي، وذلك في اتجاه مواكبته لمناهج توسيع الجهوية، وتعميق الديمقراطية المحلية، تنزيلا لمستجدات الدستور الجديد في مجال التنظيم الترابي للمملكة، وحكامة تدبير المرافق العمومية.

فالوقوف على الواقع المالي للجماعات الترابية في تدبيرها لمواردها المالية يكشف عن ضعف الإستقلال المالي لهذه الجماعات، حيث مازالت تغطي إمدادات الدولة ٪57 من ميزانية الجماعات الترابية، بالإضافة إلى أن ٪19 من هذه الموارد تديرها الدولة لصالح هذه الجماعات عن طريق الخزينة “الرسم المهني ورسم السكن ورسم الخدمات الجماعية”، في المقابل تبقى ٪24 هي التي تقوم الجماعات الترابية بتدبيرها لذاتها[138].

ومن دون شك، فالموارد المالية وبالخصوص الجبائية تشكل أساس الجهوية المتقدمة التي نادى بها دستور2011، وهي وسيلة من وسائل تطويرها، لكن محدودية الموارد الجبائية المتاحة لها لا تساير حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق الجهة، الأمر الذي قد يساهم في إفراغ هذه المسؤوليات من محتواها، فلا فائدة من جهوية ليس لها موارد مالية كافية لتغطية نفقاتها وممارسة اختصاصاتها، حيث نجد بأن المشرع المغربي من خلال القانون 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية أعطى الجهة موارد مالية هزيلة من خلال الرسوم التي منحها لهاته الوحدة الترابية.

لهذا وجب العمل على تغيير القانون 47.06 المنظم للجبايات الترابية، حتى يرقى للمتغيرات والمنعطف التاريخي في المسار الدستوري المغربي، من خلال دستور فاتح يوليوز 2011، الذي يعد دستورا مكرسا للحقوق والحريات بكل تجلياتها وتمظهراتها، لكن الأمر لا يستقيم بمجرد وضع الوثيقة والمصادقة عليها، ولكن في التنزيل الديمقراطي الحقيقي لمقتضياته وفلسفته، لهذا وبعد مرور ثلاث سنوات من عمر هذه الوثيقة، يطرح التساؤل حول مدى تحقيق غاياته واحترام فلسفته، ومدى تفعيل الدستور على أرض الواقع، من مختلف هذه التساؤلات يطرح تساؤل خاص آخر حول مدى تفعيل القوانين المصاحبة للمبادئ والرؤى الترابية الجديدة التي جاءت بها الوثيقة الدستورية، ومن بينها نظام جبايات الجماعات الترابية، الذي يستدعي أكثر من أي وقت مضى وقفة جدية وجادة في سبيل تحقيق مشروع جهوي متكامل، لأن الجهوية المتقدمة لن ترقى للآمال المعقودة عليها إلا في ظل موارد مالية تساهم في تحقيق هذا الصرح التنموي، ومن بين الموارد المالية التي تساهم بشكل قوي في ضخ السيولة المالية اللازمة نجد الموارد الجبائية، التي تعتبر بحق حجر الزاوية في تحقيق هذا المشروع الجهوي، لذلك فالعديد من المهتمين بالحقل الجبائي ينادون اليوم بضرورة إصدار قانون جديد للجبايات المحلية يساهم في تحقيق المبادئ الترابية الكبرى التي جاءت في الوثيقة الدستورية الجديدة للمملكة المغربية. فما هي إذن الممكنات والمداخل الكبرى لإصلاح النظام الجبائي المحلي المنتظر؟

المبحث الأول:متطلبات إصلاح النظام الجبائي المحلي

إن أي إصلاح جديد يجب أن يتبنى خارطة طريق، أهدافها ومبادئها وإجراءاتها منضبطة لما جاء به الدستور في مجال الجماعات الترابية والجهات والحكامة، ولهذا فالحاجة ملحة في الوقت الراهن إلى إصلاح المنظومة الجبائية الترابية حتى ترقى لما هو منصوص عليه من مبادئ وركائز جديدة في الدستور، فالإصلاح الجديد لنظام جبايات الجماعات الترابية يجب أن يأخذ بعين الإعتبار كل هذه النقط الأساسية، حتى تستطيع هذه الوحدات الترابية لعب دورها التنموي على أحسن وجه، وهذا لن يتأتى إلا عن طريق تزويدها بالموارد المالية والجبائية الضرورية، كما يجب أن يتبنى الإصلاح الجديد لنظام جبايات الجماعات الترابية أهدافا جديدا ورؤى مختلفة عما كان في السابق، وذلك من أجل خلق روح جديدة وبت دماء جديدة تنسجم وروح الوثيقة الدستورية الجديدة لفاتح يوليوز 2011.

المطلب الأول: إصلاح جديد بأهداف جديدة

إن الإصلاح الجديد لنظام جبايات الجماعات الترابية بالمغرب، أصبح ضرورة ملحة في ظل التطورات الحاصلة في جميع الميادين، والتحولات المتسارعة التي يعرفها عالمنا المتغير يوما بعد يوم، لذلك فهذا الإصلاح يجب أن يأخذ في الحسبان جميع هذه النقط على محمل الجد، وأن يعمل على تجسيدها وتطويرها كلما دعت الضرورة لذلك، وأن يوجهها من خلال أهداف مستقبلية مسطرة تحمل في أساسياتها الأهداف الجديدة التي نص عليها دستور المملكة لسنة 2011.

الفقرة الأولى: تعزيز اللامركزية الترابية

يبدو جليا من خلال التوصيات والاقتراحات التي سجلت في تقرير اللجنة الاستشارية حول الجهوية، بأن المغرب عازم على تكريس دولة الجهات المبنية على مبادئ وحدة الوطن والتراب والتوازن والتضامن، كأساس وقاعدة ترسو عليها الجهوية المتقدمة، وهو ما تجسد بشكل قوي وواضح من خلال نصوص الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز2011، وذلك بتخصيصه للجهات والجماعات الترابية بابا خاصا يتكون من 12 عشر فصلا خصصت جلها لهذه الوحدات الترابية، وهذا يدل على الأهمية القصوى التي أصبحت توليها الدولة للجهة وللجماعات الترابية كأحد الركائز الرئيسية التي تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وهو ما حدى بالمشرع الدستوري نحو جعل الجهات والجماعات الترابية وحدات ديمقراطية ملتزمة بمبادئ الحكامة الجيدة والتدبير الحر.

وجاء في خطاب للملك الراحل الحسن الثاني، بأنه:” ترعرعت وأنـا متشبع بروح اللامركزية مؤمنا بها، معتقدا أن الديمقراطية الحقيقية هي الديمقراطية المحلية، وإذا لم تكن هنـاك ديمقراطية محلية فلن توجـد أبدا ديمقراطية وطنية، تهيمن عليها، وتطبعهـا بطابع الجد والاحترام والالتزام”[139].

فتعزيز اللامركزية الترابية والديمقراطية المحلية، هو ما أكد عليه الدستور الجديد في الفصل 146 حينما تحدث عن أنه تحدد بقانون تنظيمي شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية لشؤونها بكيفية ديمقراطية، أو في الفصل 153 حينما نص على أن الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام، تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية، أو حينما تحدت في الفصل 155 على خضوع المرافق العمومية في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور.

فاللامركزية الجهوية كمرحلة متطورة دعا جلالة الملك لتجسيدها من أجل تحقيق الحكامة  الترابية، والتي ربطها في هذا  الإطار بين الجهوية المتقدمة وبين ضرورة انبثاق مجالس ديمقراطية لديها صلاحيات واسعة وموارد كافية تمكنها من النهوض بالتنمية المندمجة، والأكيد أن المسار الديمقراطي على هذا المستوى يفرض اعتماد الاقتراع العام المباشر في انتخاب أعضاء المجالس الجهوية حتى تعبر بحق عن طموحات وتطلعات  الساكنة الجهوية، وهو الاقتراح الذي تضمنه التقرير الختامي للجنة الاستشارية بقولها “يقتضي حث المواطنين على الاهتمام بشؤون جهتهم وجعل المنتخبين مسؤولين مباشرة  أمامهم، وأن يتم انتخاب أعضاء المجلس الجهوي ذو الصوت التقريري عن طريق الاقتراع العام المباشر”[140].

الفقرة الثانية: ترسيخ بنيات الحكامة الجيدة والتدبير الإداري الحر

ترسيخ بنيات الحكامة الجيدة والتدبير الإداري الحر، حيث ينص الدستور في فصله 136 على أن التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر، بمعنى أن تمارس الجماعات الترابية اختصاصاتها بما هو موكول لها في النصوص القانونية، والدولة لها حق المراقبة البعدية، أي ترك نوع من الحرية للمدبر المحلي في ممارسة اختصاصاته في مقابل مسائلته عن النتائج التي أنجزها، وله حرية التصرف في الموارد المتاحة له في إطار احترام القانون.

وإذا كانت الحكامة تعني إتباع الطرق الرشيدة والفعالة في تسيير الشأن العام بإشراك الجميع، فإن تطبيقاتها تجد أحسن تجلياتها على المستوى المحلي، على اعتبار أن هذا المستوى هو الأقرب للمواطن وهو الفضاء العام حسب “هابرماس” Habermas” الذي يمكن من المشاركة الفعالة المباشرة ولا يمنح للسلطة المركزية إلا مجالا ضيقا للتدخل[141].

إذن الحكامة المحلية في هذا الإطار هي نظام محلي يشارك فيه القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية عبر نسق يعتمد على مجموعة من المدخلات السياسية والإدارية والمالية والبشرية تتفاعل إيجابيا في إطار منهجي بواسطة العديد من العمليات لتحصل على مجموعة من المخرجات تستطيع استخدام السلطة السياسية، وممارسة الرقابة على المجتمع المحلي من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية[142].

غير أن سلوك هذا النظام الجديد فيما يخص التدبير الترابي، يتطلب منتخبين قادرين على لعب دورهم بالشكل المطلوب، مما يساهم في تنمية هذه الوحدات وتحقيق حكامة جيدة وخصوصا المالية منها، فليس كافيا من المشرع أن يضع مبادئ ومفاهيم المتابعة والمراقبة وربط المسؤولية بالمحاسبة، بل يجب بالإضافة إلى ذلك وضع خطط ومبادئ واضحة تصب بالأساس في تكوين منتخبين قادرين على استيعاب هذه المبادئ، كمبدأ التدبير الحر والحكامة الجيدة، فليس من المعقول الحديث عن جل هذه المبادئ في ظل نسبة 20.5% من المستشارين الجماعيين لا يتوفرون على أي مستوى تعليمي معين، ونسبة 25.2% لهم مستوى ابتدائي، أي أن 45.7% من المستشارين الجماعيين لهم مستوى تعليمي ابتدائي فأقل[143]. لذلك يجب العمل على تكوين وتأهيل المنتخبين مستقبلا، ووضع شروط ومستوى محدد من الدراسة في المنتخب، حتى تستطيع هذه الوحدات الترابية لعب الدور الموكول إليها بشكل جيد.

المطلب الثاني: الجبايات المحلية وبناء الجهوية المتقدمة

لقد أصبحت السياسة الجهوية في مختلف بلدان العالم من الاستراتيجيات الرئيسية للنهوض بالتنمية الاقتصادية، وللإقلاع السوسيو اقتصادي بصفة عامة، ذلك أن عقلية النخب الحاكمة آمنت واقتنعت أن التنمية الشاملة لا يمكن تحقيقها إلا بالمرور عبر التنمية الجهوية، إذ أن التنمية بصفة عامة لابد لإنجاحها من مجال ترابي واسع ومتكامل، كفيل بإدماج كل العوامل التنموية في مسلسل الإقلاع الاقتصادي الجهوي[144].

 

 

الفقرة الأولى: المفهوم الجديد للجهوية

اختلفت التعاريف المعطاة بخصوص وضعف مفهوم موحد حول الجهة، فمفهوم الجهوية يفيد معنيان، الأول (Régionalisme)، ويعني مجموعة متماسكة ذات أهداف سياسية وقد تتحول إلى توجه سياسي[145].أما الثاني فيفي (Régionalisation) ويقصد به بالإطار والمجال الإداري والاقتصادي، حيث لم يعد ذلك الإطار الذي تطبق فيه سياسة المركزية، بل أصبح مجالا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لمختلف المجتمعات المحلية، وذلك ليس عبر إقصاء السلطة المركزية، بل عبر إشراك مختلف الفاعلين المحليين في التخطيط والتوجيه ووضع الاستراتيجيات المحلية وتسيير الشأن العام المحلي، بل ذهب البعض إلى أن ديمقراطية القرب“Démocratie de proximité“، تفترض أن إطار تسيير الشأن العام هو المجال على أن يكون هذا الأخير مؤسسا على إرادة الفاعلين عبر دينامية جماعية[146].

المفهوم الجديد الذي كرسه دستور المملكة المغربية لسنة 2011 للجهة، قد ظهر مع منتصف القرن العشرين كمجموعة ترابية منسجمة مجاليا تهدف إلى تكامل اقتصادي إداري تنموي، من أجل النهوض بالإمكانيات البشرية والطبيعية والمالية وتسخيرها في إطار منسجم ومتوازن. وهكذا ومن خلال نبذة حول التشريع المقارن الذي عمل بهذه التجربة، نجد بأن ألمانيا قد تبنت هذا التوجه الجهوي في دستور 1948، واسبانيا في دستور سنة 1978، وكذا فرنسا سنة 1983، والعنصر الأساسي هي التنمية الاقتصادية والاجتماعية[147].

الفقرة الثانية: بناء وإقرار الجهوية المتقدمة

أمام فشل الدولة في القضاء على اللاتوازنات فيما بين مناطق وجهات المغرب، فقد تم التكريس الدستوري للجهة منذ سنة 1992، والتركيز على التوجهات التنموية والاقتصادية على أساس الجهوية والتنمية المحلية، وكذلك اختيار المخططات كوسيلة لتحقيق تلك الأهداف، سواء على المستوى الوطني والجهوي والإقليمي والمحلي[148].

فقرار اعتماد جهوية متقدمة في تدبير الفعل العمومي الترابي، يشكل تطورا نوعيا على صعيد بنيات وهياكل الدولة، الأمر الذي سيمكنه من إصلاح وتحديث العلاقة بين هذه الأخيرة وبين باقي المستويات الترابية المكونة لها، وجعل الديمقراطية التشاركية عنصرا معبئا للطاقات ومنتجا للنخب الجهوية، واعتماد التدبير الترابي كمكون أساسي في خلق توازن مؤسسي بين الدولة والجهة يهدف إلى توزيع فعال وعادل للثروة، وجعل السلط والاختصاصات قائمة على المراقبة وتلبية الحاجيات الميدانية للساكنة المحلية. لذلك يندرج اعتماد الجهوية المتقدمة ضمن إعادة الترتيب الترابي داخل الدولة[149].

وبناء جهوية متقدمة، أكد عليه الدستور الجديد بحيث نص في فصله 143 على أن الجهة تتبوأ مكانة الصدارة، ونص في فصله 135 على أن الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الترابية، بل حرص الدستور الجديد في كل الفصول الواردة بالباب المتعلق بالتنظيم الترابي على الجهة أولا تم على الجماعات الترابية الأخرى جنبا إلى جنب.

فالجهوية الموسعة ليست في آخر المطاف سوى “تمكين المواطنين في دائرة ترابية محلية محددة من تدبير أمورهم بأنفسهم، وذلك من خلال هيئات جهوية ينتخبونها، لها من الصلاحيات والموارد ما يمكنها من تحقيق التنمية المحلية، لكن ليس في انفصال عن الدولة وعن السلطة المركزية. فالجهوية الموسعة لا تعني الانفصال ولا تعني التجزيء ولا التقسيم ولا الخروج عن سيادة الدولة”[150].

المبحث الثاني: المبادئ الجديدة لإصلاح نظام جبايات الجماعات الترابية

إن الإصلاح الجديد لنظام جبايات الجماعات الترابية، يجب أن يستلهم مقوماته ومبادئه من الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز 2011، والتي تعتبر بحق قفزة نوعية في مجال التنظيم الترابي الجديد للمملكة إن وضعت بالشكل المطلوب وبالشكل الذي خطط له، فالإصلاح لا يمكن له أن يتم إلا إذا وضعت مبادئ هذه الوثيقة بحذافيرها دون أي نقصان أو زيادة، فبغياب التنزيل الحقيقي لهذه الوثيقة، وغياب الوعي الديمقراطي لدى الفاعلين في هذا الإطار، لا يمكننا الحديث عن أي إصلاح لنظامنا الجبائي الترابي.

المطلب الأول: إصلاح جديد بمبادئ جديدة

لقد أسس الدستور الجديد للمملكة مرحلة جديدة في مسار الانخراط الجاد والمسؤول في مسلسل الإصلاحات الجوهرية التي تعرفها المملكة، وفي مسار التأكيد على أن المغرب عازم وبقوة على تكريس الديمقراطية ودولة الحق والقانون، وذلك عن طريق تنصيصه على العديد من المبادئ التي تصب في هذا المنحى.

الفقرة الأولى: مبادئ المشاركة والشفافية والتضامن والتعاون

جاء الدستور الجديد لسنة 2011 بمجموعة مهمة من المبادئ التي تؤطر المجال الترابي للملكة، هذه المبادئ تشكل دعامة حقيقية في ترسيخ مسلسل الديمقراطية المحلية، وتشكل دعامة أساسية في إصلاح نظام جبايات الجماعات الترابية المنشود.

أولا: مبدأ المشاركة والشفافية :

شكلت الجبايات ولاتزال منظومة لها حساسية خاصة كواقعة سياسية، تعكس جدلية العلاقة بين الدولة كسلطة عامة تتمتع بشرعية الفرض الجبائي والمواطن كمعني مباشر بالتضريب الجبائي. هذه العلاقة انطبعت في جانب كبير من مساحتها التاريخية باتجاه أحادي غلب على الدوام منطق الجباية كواجب مفروض، ولم يكن يهتم بشروط التفاعل الإيجابي بين منطق الواجب هذا ومنطق الحق الذي يجعل “المواطن” في كل الأحوال “راض” عن أداء واجبه الجبائي[151].

وقد عمل الدستور المغربي الجديد على إقرار المقاربة التشاركية للمساهمة في اتخاذ القرار العام الوطني والمحلي بواسطة المواطنين والجمعيات والفاعلين الاجتماعيين، ومن خلال عدة صور، بدءا من تلقى المرافق العمومية لملاحظات مرتفقيها، واقتراحاتهم وتظلماتهم، وتأمين تتبعها (الفصل156)، ولا يقتصر الأمر فقط على إبداء الملاحظات، بل يتعداها، وفي إطار الديمقراطية التشاركية، إلى إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها من طرف الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية (الفصل 12)، أو مباشرة من لدن السكان الذين سيشاركون في تدبير شؤونهم المحلية المؤمنة بواسطة الجماعات الترابية، والرفع بالتالي من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة (الفصل 136).

وقد عمل الدستور على ايلاء مبدأ المشاركة مكانة متميزة داخل الهندسة الدستورية الجديدة، حيث نص في الفصل 139 على أن مجالس الجهات والجماعات الترابية تضع آليات تشاركية للحوار والتشاور لتسيير مساهمة المواطنين والمواطنات والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها، أو من خلال الفصل 136 الذي أكد على أن من بين مرتكزات التنظيم الجهوي والترابي تأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية والمندمجة والمستدامة. أما في فصله 137 فقد أكد الدستور الجديد على أن الجهات والجماعات الترابية تساهم في إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين .

إذن فالمشاركة الجبائية بالتوجه السابق، بالإمكان أجرأتها وتفعيلها انطلاقا من الإمكانات التي توفرها آلية المقاربة التشاركية، هذه الأخيرة يمكن اعتبارها أسلوبا للتدبير يسمح باستغلال القدرات الإبداعية التشاركية (عن طريق الإشراك والتشارك)، لمختلف الهيآت والفاعلين (القطاع الخاص والمجتمع المدني)، وذلك لأجل المساهمة وتتبع مجمل مراحل اتخاذ القرار بهدف الوصول إلى النتائج المنتظرة. والمقاربة التشاركية بهذا التحديد المفاهيمي، ليست أسلوبا مجردا بل إنه مثل أي هندسة لا بد له من تخطيط وبرمجة وتتبع ومراقبة من خلال صيرورة تنبني على تحديد الأهداف التي يروم إليها الأداء الجبائي، ووضع المؤشرات التي يلزم أن تحكم هذا الأداء ثم تنفيذ وإنجاز العمليات المنشودة، تلي ذلك مرحلة تتبع وتقييم الفعل والأداء الجبائيين عن طريق الحكامة التشاركية[152].

لقد كانت نقطة التحول نحو الشفافية في المغرب، عندما طالب الملك الراحل الحسن الثاني، من البنك الدولي إنجاز تقرير موضوعي حول حالة المغرب الاقتصادية والاجتماعية، والتي توجت بنشر تقرير على العموم سنة 1995، حيث عبر الملك الراحل لعبارته الشهيرة (إن المغرب يوجد على أبواب السكتة القلبية)، إثر ذلك أعطى تعليماته ببدء مسار جديد يستلهم مبادئ و آليات الحكامة، فأشرف على تداول السلطة سنة 1998. ومنذ تولي حكومة التناوب التوافقي، بدأت الإرهاصات الأولى لتخليق الشأن العام، ولما اعتلى الملك محمد السادس العرش سنة 1999، أعلن عن الشروع الحداثي والديمقراطي، الذي كان من أبرز معالمه الشفافية والمحاسبة في التدبير العمومي[153].

لذلك تم التنصيص عليها في الدستور الجديد للملكة المغربية لسنة 2011، لإعتمادها سواء أثناء العمليات التأسيسية، أو التدبيرية. ففيما يخص الجانب الأول، فقد نصت أحكام الفصل الحادي عشر على أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي. وبما أن وحدات الجماعات الترابية تقوم على انتخاب أعضاء مجالسها سواء بشكل مباشر: الجماعات والجهات (الفصل 135 من الدستور)، أو غير مباشر (العمالات والأقاليم). فمن المفترض أن تكون العمليات الاقتراعية في منأى عن أي ضغط أو تدخل أو تزوير وغيره من السلوكات الفاسدة.

وتفيد الشفافية في المجال الجبائي الترابي بالأساس الحق في الاطلاع على الوثائق الإدارية والمالية المرتبطة بالشأن الجبائي، ووضعها رهن إشارة العموم للاطلاع عليها، بما يضمن شفافية المساطر والإجراءات الجبائية الخاصة بعمليات الفرض والتصفية والتحصيل الجبائي. ومعيار الشفافية في المجال الجبائي يثير أكثر من إشكال سواء في الجانب العلائقي الذي من المفترض أن يحكم طبيعة العلاقة بين كل من الإدارة الجبائية والملزم، أو في الجانب التدبيري للمنظومة الجبائية نفسها عن طريق آلية الإعلام الجبائي، وما يعنيه ذلك من إشاعة للثقافة الجبائية وللتوعية الجبائية بل وللتربية الجبائية بين عموم المواطنين والملزمين[154]، ذلك أن ضعف التوعية الجبائية بالإمكان اعتباره سببا مباشرا في ضعف المردودية الجبائية.

وقد عمل الدستور في باب الحكامة الجيدة على التنصيص على أن المرافق العمومية تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، كما أكد في الفصل 155 على أن أعوان المرافق العمومية يمارسون وظائفهم وفق مبادئ احترام القانون و الشفافية.

ثانيا: مبدأ التضامن والتعاون ما بين الوحدات الترابية

بعد انتهاء اللجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة من أشغالها وتقديم تقريرها حول المشروع، قدمت تصورا عاما تضمن عدة اقتراحات جديدة، ويعد احداث صندوق للتأهيل الاجتماعي وآخر للتضامن الجهوي مع تقوية موارد الجهات بشكل ملموس، طفرة كبيرة في النموذج المقترح، حيث تلتزم الدولة بإقامة صندوق للتأهيل الاجتماعي للجهات وتكريسه قانونا لمعالجة العجز الملحوظ في قطاعات حيوية من البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية، وذلك على مدى 12 سنة، وبموازاة ذلك يحدث صندوق للتضامن الجهوي، تساهم فيه كل جهة بقسط من مواردها الإضافية . كما اقترحت الرفع بشكل ملموس من الموارد التي تحولها الدولة للجهات بقصد تقوية قدراتها على العمل والمبادرة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية[155].

الفقرة الثانية: مبادئ العدالة والتضامن ما بين الوحدات الترابية

يعتبر إصلاح نظام جبايات الجماعات الترابية، مطلبا ملحا وضروريا في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها المغرب، وهذا الإصلاح يجب أن يكون وفق رؤى ومبادئ جديدة، ووفق خارطة طريق تجد سندها الأساس ومرجعيتها الأساسية في مبادئ دستور المملكة لسنة 2011، وتتمثل هذه المبادئ في كل من عدالة الجبايات الترابية ومبدأ التضامن والتعاون ما بين هذه الوحدات الترابية.

أولا: مبدأ عدالة الجبايات الترابية :

بحيث يعكس الإصلاح المنشود عدالة جميع الملزمين أمام الجبايات المحلية، ومراعات مقدراتهم التكليفية، وعدالة توزيع هذه الموارد الجبائية بشكل يتناسب مع الجهات والجماعات الترابية. فمبدأ العدالة الجبائية[156]،يقتضي بأن يكون توزيع الواجب الجبائي بين مختلف الخاضعين حسب مقدرتهم على الدفع[157]، أي ما يحصلون عليه من دخل وما يمتلكونه من مال، و يقوى هذا المبدأ لارتباطه الوثيق مع مبدأ المساواة أمام القانون، لكونه يسمح بتوزيع العبء الضريبي بين جميع الأفراد بكيفية متساوية[158]؛ وذلك سعيا وراء تحقيق عدالة جبائية تلائم وضعية الخاضع وأن تأخذ بعين الاعتبار حالته الشخصية والخاصة، لذا يجب التأكد من أن العدالة الجبائية قد روعيت في أي نظام جبائي[159]، لكن هذا الهدف لن يتأتى من خلال التدقيق بالنصوص القانونية فحسب؛ لأن المكتسبات القانونية لا يجب أن تحجب عدة نقائص على المستوى الواقعي، كغياب شفافية جبائية تكرس لنزعة التباعد والتنافر بين طرفي العدالة الجبائية، وتجعل الكثير من الخاضعين يشعرون بعبء جبائي، خاصة إذا كانت الأداة الإنفاقية الترابية لا تلعب أي دور في إقامة هذه العدالة، الأمر الذي يقابل بردود أفعال سلبية من طرف الخاضعين في مختلف الممارسات ( كالتهرب، الغش الضريبي…).

أيضا غموض المساطر والتدابير الخاصة بالجباية الترابية، وعدم وضوحها أمام المعنيين، بما يمنع من التحقق من التوزيع العادل للأعباء الجبائية على كافة الشرائح الاجتماعية، يترك مجالا لانتشار ظاهرة الزبونية  والمحسوبية، التي تعبر عن ممارسة منافية لأهداف الشفافية، فهي تقدم فئة على حساب فئة أخرى، وتعتمد على روابط وعلاقات شخصية، هدفها عدم تحمل العبء الجبائي، وهي بهذا تفوت مداخيل مهمة على خزينة المستويات الترابية والتي هي في أمس الحاجة إليها.

 

ثانيا: مبدأ التضامن ما بين الجماعات الترابية:

الواقع الحالي للجماعات الترابية  بحسب التقسيم الجهوي الجديد، يتسم باللاتوازن واللاعدالة في الاستفادة من موارد الدولة، حيث تستحوذ خمس جهات على ثلثي 2/3 الاستثمارات ، وتحتكر خمس جهات 56 % من الناتج الداخلي الخام بينما جهة الحسيمة تازة تاونات2.6 % كجهة في مرتبة أخيرة حيث ضعف التجهيزات وعجز في الخدمات الاجتماعية[160].

فمصادر تمويل ميزانية الجماعات الترابية والتي تعتمد على موارد ترصدها الدولة بنسبة 30% من الضريبة على القيمة المضافة اضافة الى نسبة 1% من الضريبة على الشركات ونفس النسبة على الدخل[161] والتي ترصد للجهات إضافة الى ذلك هناكالجبايات المحلية التي تغذي ميزانية الجماعات الترابية، وتعد أداة أساسية لتمويل التنمية الإقتصادية والإجتماعية وتؤثر على النشاطين الإقتصادي والمحلي.

وتنقسم الموارد المالية الذاتية للجماعات الترابية إلى موارد ذات طبيعة جبائية وأخرى غير جبائية، كما أن الأولى منها ما يتم تدبيره من قبل المصالح التابعة للمديرية العامة للضرائب، والتي حددتها المادة 167 من القانون 06/47 السالف الذكر[162]وتهم الرسم المهني، رسم السكن، ورسم الخدمات الجماعية . أما الرسوم الأخرى التي تدبر من طرف المصالح الجبائية للجماعات الترابية، ويتعلق الأمر؛ بالرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، ورسم على عملية البناء، ورسم تجزئة الأراضي، ورسم على محلات بيع المشروبات، والرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية، والرسم على المياه المعدنية ومياه المائدة، والرسم على النقل العمومي للمسافرين، والرسم على استخراج مواد المقالع، ورسوم أخرى نص عليها القانون رقم 07/39[163]،بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية.

أما الرسوم المستحقة للعمالات والأقاليم، فهي الرسم على رخص السياقة، والرسم على السيارات التي تخضع للفحص التقني، والرسم على بيع المحصولات الغابوية.وفيما يهم الرسوم المستحقة للجهات، وهي حسب المادة 4 من القانون 06/47؛ الرسم على رخص الصيد، الرسم على استغلال المناجم، والرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ[164]. وهكذا يظهر التفاوت الكمي وأيضا النوعي للجباية المحلية، حيث الجماعات الحضرية والقروية تستأثر بأكبر عدد من الرسوم (ثمانية)، دون رسوم أخرى التي نص عليها القانون رقم 07/39. إضافة للرسوم التي تدبرها مصالح المديرية العامة للضرائب. أما الرسوم الخاصة بالعمالات والأقاليم وهي ثلاث رسوم والجهات ثلاث رسوم أيضا.أما مداخيل هذه الرسوم بلغت سنة 2008 حوالي2303 مليون درهم توزعت على الشكل التالي؛ حصة العمالات والأقاليم 92 مليون درهم بنسبة لم تتجاوز 4%. أما حصة الجهات فبلغت 230 مليون درهم بنسبة عامة تقدر بحوالي %10[165]والباقي وهو مبلغ 1981 مليون درهم وبنسبة تجاوزت 86 % عادت للجماعات الحضرية والقروية.

والملاحظ أن استفادة جميع الجهات من الموارد الجبائية المخصصة لها تكون صعبة لعدم توفر بعضها على بعض الأوعية الجبائية خاصة ما تعلق منها برسم الخدمات المقدمة بالموانئ لغياب الواجهة البحرية والموانئ، ويبقى توسيع القاعدة الجبائية للجهات أساس كل تنمية[166].

أما الموارد غير الجبائية، فتتكون من أملاك الجماعات الترابية ومورد الملك الغابوي إضافة لموارد أخرى استثنائية وتهم إعانات الدولة والقروض.ويبقى الجزء الأهم من الموارد التي تعتمد عليها الجماعات الترابية للالتزام بنفقاتها؛ هو الاعتماد الشبه التام على الجزء المحول من الضرائب الوطنية، ويتعلق الأمر بالضريبة على القيمة المضافة التي بدأ العمل بها منذ أبريل1986  بنسبة 30%، فوصل سقف تحملاتها سنة 2008، حوالي 14980 مليون درهم بنسبة 95% من موارد الجماعات المحلية. وتستحوذ الجماعات الحضرية على نسبة 39%، متبوعة بالجماعات القروية 34%، ثم العمالات والأقاليم ب27%، وتبقى النسبة غير كافية مقارنة بحجم الاختصاصات التي أسندت للجماعات الترابية واحتياجاتها المتزايدة يوميا، ما يتطلب مراجعة هذه النسبة والرفع منها مع عادة النظر بمعايير توزيعها، أخذا بالإعتبار الموقع الجغرافي والوضع المالي ومستوى برامج الجماعة ومدى تأهيلها للإندماج الإقتصادي[167].

كما تم منح الجهات نسبة 1% من ضريبتي الدخل وعلى الشركات.ويبقى أن يتم الإشارة، الى أن انفاق هذه الموارد يتم في شقين؛ شق متعلق بنفقات اجبارية للتسيير، وشق لنفقات اختيارية للتجهيز، والأخيرة نفقات غير عادية تشمل مصاريف استثنائية لا تتكرر خلال السنة، وترتبط بتوافرالإعتمادات اللازمة، وتكمن أهميتها في اعتبارها محور التنمية المحلية، حيث تسمح للجماعات المحلية بالتدخل في مختلف المجالات ذات البعد التنموي[168].

لذلك، يجب على الإصلاح  الجديد أن يكون نظاما تضامنيا وتعاونيا يحاول تقليص التفاوتات الموجودة بين الجهات وما بين الجماعات الترابية، تجسيدا للمبادئ التي حملها الدستور في الباب المتعلق بالتنظيم الترابي، حيث نص في الفصل 146 على أنه ستتحدد بقانون تنظيمي شروط تشجيع وتنمية التعاون بين الجماعات، وكذا الآليات الرامية إلى ضمان تكييف تطور التنظيم الترابي في هذا الاتجاه. كما نص الفصل 142 على أنه سيحدث أيضا صندوق للتضامن بين الجهات، بهدف التوزيع المتكافئ للموارد، قصد التقليص من التفاوتات بينهما.

المطلب الثاني: المحاور الكبرى لإصلاح نظام الجبايات الترابية

في إطار تجاوز الوضع الجبائي الراهن بثغراته وإكراهاته المتعددة والمختلفة، واستجابة للتوجهات والمبادئ الناظمة للتنظيم الجهوي والترابي التي تبناها الدستور الجديد، وتماشيا مع الأهداف والمبادئ التي اقترحناها كخارطة طريق للإصلاح المحتمل، نقترح بعض الإجراءات القانونية والتقنية والتنظيمية والمسطرية التي تنسجم مع هذا المطلب الإصلاحي الجديد، حيث ترتكز حول ستة محاور أساسية يجب أن يشملها الإصلاح، وهو ما سنتطرق إليه في هذه الفقرة.

الفقرة الأولى: المحاور التقنية لإصلاح نظام الجبايات الترابية:

تماشيا مع الرؤى الجديدة للدستور، ومع المبادئ الناظمة للتنظيم الترابي الجديد، وجب العمل على وضع آليات تقنية جديدة لنظام الجبايات الترابية، وذلك لتيسير عمل هذه الوحدات، وحتى ترقى للآمال المعقودة على عاتقها، وذلك في اتجاه خلق مردودية جبائية تساهم تنمية هذه الوحدات.

أولا: هندسة جديدة لقانون جبايات الجماعات الترابية:

تستجيب للتقسيم الذي أقامه الدستور ما بين الجهات وباقي الجماعات الترابية الأخرى، وتعكس مبدأ المرونة المطلوب، وذلك بالعودة لنظام الرسوم الاختيارية  الإجبارية كما هو معمول به في فرنسا[169]، وذلك لتمكين الجماعات الترابية من اختيار الرسوم التي تتناسب مع طبيعة وحجم الأوعية الموجودة بترابها.

ثانيا: توسيع الوعاء الجبائي وشفافية تصفية جبايات الجماعات الترابية

باعتماد أوعية موحدة وقيمية ومرنة ذكية، تستجيب للتحولات التي تعرفها هذه الأوعية، بشكل يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، بحيث تكون قابلة للتعديل بشكل دوري ومستمر، على غرار الجبايات المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية بفرنسا[170]. كما يجب تقليص حجم الإعفاءات والتخفيضات، وربطها بالقدرات السوسيو اقتصادية للجماعة الترابية، وجعلها أداة لتوجيه مخطط التنمية المحلية وأهدافها البيئية والعمرانية والاقتصادية والاجتماعية.

والحديث عن سهولة وشفافية عمليات تصفية جبايات الجماعات الترابية يأتيعن طريق تبسيط إجراءات الاحتساب، وتمكين الملزمين من فهمها بسهولة والمشاركة فيها، واعتماد تقنيات جديدة في احتساب الأسعار، تأخذ بالتصاعدية وتوسيع مجالات التسعير؛ بحيث تراعي المقدرة التكليفية للملزمين المحليين، وتمكن الجماعة من الاستفادة من الإمكانات الجبائية التي تتوفر عليها.

الفقرة الثانية: المحاور المسطرية لإصلاح نظام الجبايات الترابية

لكل مرحلة ميكانيزماتها وآلياتها واستراتيجياتها، لذلك وجب على المشرع المغربي، العمل على تبسيط الإجراءات المسطرية الناظمة للجبايات الترابية، وذلك في اتجاه خلق جو من الثقة المتبادلة بين كل من الملزم والإدارة الجبائية الترابية.

أولا: توسيع السلطة الجبائية للجماعات الترابية وإعادة توزيع جباياتها وعائداتها المالية

وذلك بتمكينها من سلطة اختيار الأوعية الجبائية التي تناسبها، ومنحها إمكانية الاقتراح والمساهمة في تحديد الإعفاءات والتخفيضات التي تنسجم مع واقعها الترابي وخصوصياته، بالإضافة إلى منحها سلطة واسعة في إحصاء وتحصيل أوعيتها، والقيام بعملية المراقبة والتفتيش، وذلك من أجل تمكينها فعلا من حرية إدارة شؤونها، واتخاذ المبادرة وتحقيق فعالية التدبير ووضوح الفعل العمومي والمسؤولية والديمقراطية المحلية[171].

تعتمد إعادة توزيع جبايات الجماعات الترابية وعائداتها المالية على اعتماد مفتاح جديد لتوزيع الموارد الجبائية بين الدولة والجهات من جهة، وما بين الجهة وباقي الجماعات الترابية الأخرى، وما بين هذه الأخيرة فيما بينها، وذلك على أساس حجم الاختصاصات الموكولة لكل مستوى من مستويات اللامركزية الترابية، وإقرار آليات جديدة للتعاون والتضامن الجبائي، داخل الهندسة اللامركزية المتعددة المستويات، بحيث يتم توزيع المادة الجبائية عمودا وأفقيا بشكل جيد، وذلك وفق منطق جديد لعلاقة الدولة بالجماعات الترابية[172].

ثانيا: عقلنة عملية التحصيل ومواكبة الإصلاح بإجراءات وإمكانات بشرية ومادية لإنجاحه

وذلك بتعزيز أساليب التحصيل الرضائية، وتيسير عملية الأداء عن طريق تمديد الآجال، والرفع من قيمة الجزاءات بحيث تتناسب تصاعديا مع طول مدة التأخر عن الأداء، مع إقرار إمكانية الأداء عن طريق أقساط في حالة ثبوت حسن النية لدى الملزمين المحليين، وإصدار الرسوم بأسماء الأشخاص الطبيعيين وليس باسم الأشخاص المعنويين، بالنسبة للمقاولات والشركات، تفاديا لكل تملص ضريبي.

ومواكبة الإصلاح بالإجراءات والإمكانات البشرية والمادية الضرورية لإنجاحه، وذلك عن طريق اعتماد إستراتيجية جديدة لتكوين الموظفين الجماعيين، وتعزيز الإدارة الجبائية المحلية بالأطر الكافية وذات التكوين العالي والمتخصص[173]، وتوفير الوسائل المادية والمعلوماتية اللازمة لقيامها بمهامها، وخلق آليات للتنسيق والتعاون بين مختلف المتدخلين في تدبير الجبايات المحلية، تعتمد على قاعدة مشتركة للبيانات.

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

في الأخير، يتضح لنا وبشكل جلي، التفاوتات والثغرات الواضحة التي شابت المنظومة الجبائية المحلية في ظل القانون 47.06، وذلك راجع بالأساس لكثرة التعقيدات غير الواضحة التي طبعت الشق التقني والمسطري لهذا القانون، لذلك فنحن اليوم ننادي من أجل وضع حد لهذه الاختلالات التي أصبحت تشكل قطيعة مع النقلة النوعية والتاريخية التي عرفها المغرب في مجال التنظيم الترابي الجديد في ظل دستور مغربي ينادي بالعديد من المبادئ التي تعد رافدا من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، والتي تتوج بدورها عهدا جديدا ومستقبلا واعدا في مسار الديمقراطية، وقطيعة مع كل أشكال التمييز والتسلط والبيروقراطية في تدبير الشأن العام المحلي.

لكن في ظل ضعف التفعيل التنظيمي لمقتضيات دستور فاتح يوليوز 2011، فإن الرهان أصبح أكثر إلحاحا على المقاربة التشاركية للإصلاح مما يدعو الجميع سواء مجتمع مدني، نخب سياسية، شباب، صحافة إلكترونية أو مكتوبة، أن يساهم وبشكل قوي وفعال في بناء هذا الصرح التنموي، فالوثيقة الدستورية إذا وضعت على أرض الواقع بالشكل المطلوب فسنكون بالفعل أمام منعطف تاريخي في بناء المؤسسات الترابية التي تعتبر شريكا مهما في بناء دولة عصرية وحديثة.

لهذا يجب العمل على إصلاح قانون الجبايات المحلية رقم 47.06، حتى يستجيب للمتطلبات والمبادئ التي نادى بها الدستور في العديد من فصوله، ولتجاوز الوضع الجبائي الراهن بثغراته واكراهاته المتعددة والمختلفة، واستجابة للتوجهات والمبادئ الناظمة للتنظيم الجهوي والترابي التي تبناها الدستور، وتماشيا مع الأهداف والمبادئ التي اقترحناها كخارطة طريق للإصلاح المحتمل، نقترح بعض الإجراءات القانونية والتقنية والتنظيمية والمسطرية التي تنسجم مع هذا المطلب الإصلاحي الجديد، حيث ترتكز حول ستة محاور أساسية يجب أن يشملها الإصلاح :

  • هندسة جديدة لقانون جبايات الجماعات الترابية ؛
  • توسيع الوعاء الجبائي للجماعات الترابية ؛
  • سهولة و شفافية عمليات تصفية جبايات الجماعات الترابية ؛
  • توسيع السلطة الجبائية للجماعات الترابية ؛
  • إعادة توزيع جبايات الجماعات الترابية وعائداتها المالية ؛
  • عقلنة عملية تحصيل جبايات الجماعات الترابية.

وفي المقابل يجب العمل كذلك على أخذ الركائز التالية  بعين الإعتبار:

  • ضرورة تفعيل مقتضيات دستور 2011، الرامية إلى تكريس مبادئ الحكامة، كميثاق المرافق العمومية الذي سيحدد قواعد الحكامة، المتعلقة بتسيير الإدارة العمومية، والجهات والجماعات الترابية، والأجهزة العمومية؛
  • فرض رسوم جديدة تتناسب مع خصوصيات كل جهة على مستعملي التجهيزات الأساسية الكبيرة كالمطارات والمحطات السككية الكبرى. تعزيز الموارد الإقتراضية للمجالس الجهوية بتوسيع طاقات صندوق التجهيز الجماعي واشراك القطاع البنكي في المشاريع القابلة للتمويل البنكي ..والترخيص للمجالس الجهوية باللجوء الى السندات الداخلية بداية ثم الخارجية ثانيا شريطة الاستعدادلاعتماد التنقيط بالنسبة لإصداراتها على غرار ما تقوم به الدولة[174]؛
  • إصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، وذلك من شأنه أن يعزز الديمقراطية المحلية ببلادنا كنمط لتسيير الشؤون المحلية للساكنة وأيضا لترسيخ الحكامة الترابية الجيدة كأداة جديدة لتوزيع الاختصاصات بين الدولة والجماعات الترابية؛
  • تحسين وتحويل آليات توزيع الجماعات الترابية من عائدات الضريبة على القيمة المضافة وفق مفتاح للتوزيع يأخذ بعين الاعتبار المعايير الموضوعية لتعدد السكان ومعدل التحصيل الجبائي المحلي ، والقدرة الاستيعابية للرأسمال والمشاريع[175]؛
  • الرفع من الحصة المرصودة للجماعات الترابية والجهات من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل من ٪1 إلى ٪5؛
  • الاقتسام المتساوي بين الدولة والمجالس الجهوية لعائدات رسوم التسجيل والضريبة السنوية الخاصة على العربات ذات المحرك؛
  • إدراج الحكومة في قوانين المالية المبالغ المرصودة للمجالس الجهوية وباقي المجالس الترابية على أن تقدم للبرلمان تقارير خاصة ترافق مشاريع قوانين المالية وقوانين التصفية حول إستعمال هذه الموارد[176].
  • إصدار مدونة عامة حول الجبايات الترابية وتتضمن:

* قانون خاص بالرسوم؛

* قانون خاص بالإتاوات والواجبات والحقوق؛

* قانون ينظم الإدارة الجبائية الجماعية ويحدد اختصاصات ومسؤوليات كل المتدخلين في هذا المجال.

  • تبسيط الأداء وجعله سنويا عوض الربع سنوي بالنسبة للرسوم؛
  • فرض نظام معلومياتي موحد على الصعيد الوطني لتدبير الجبايات الترابية وربطه بالنظام المعلوماتي لوزارة المالية؛
  • عقد اتفاقيات إطار بين الجماعات الترابية والقباضات في ميدان التحصيل؛
  • العمل على خلق إدارة جبائية جهوية لتحصيل الضرائب المحلية (A.F.R)، يتم فيها عزل مصلحة الوعاء، شساعة المداخيل، مصلحة المراقبة، مصلحة المنازعات، وتحديد اختصاصات ومهام كل مصلحة.

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس

المحور الأول: التطور التاريخي للمنظومة الجبائية المحلية 4

المبحث الأول: النظام الجبائي التقليدي القديم. 5

المطلب الأول: الجبايات التقليدية القديمة 6

المطلب الثاني: الجبايات التقليدية ذات الطابع التجاري والجمركي. 8

المبحث الثاني: النظام الجبائي المحلي الحديث والمعاصر. 10

المطلب الأول:  الجبايات المحلية في ظل الاستعمار. 10

المطلب الثاني: الجبايات المحلية في ظل الاستقلال. 12

المحور الثاني: المبررات العامة للإصلاح الجبائي المحلي. 16

المبحث الأول: جبايات الجماعات الترابية: المبادئ والأهداف.. 18

المطلب الأول : مبادئ القانون 47.06. 19

الفقرة الأولى: تقليص الرسوم وتبسيط المساطر 19

أولا: التقليص من عدد الرسوم: 19

ثانيا: تبسيط المساطر الجبائية:‏ 20

الفقرة الثانية: ملائمة ومطابقة الجبايات المحلية 20

أولا: ملائمة جبايات الجماعات الترابية مع جبايات الدولة 20

ثانيا: مطابقة جبايات الجماعات الترابية لإطار اللامركزية 21

المطلب الثاني: أهداف القانون 47.06. 22

الفقرة الأولى: مواكبة اللامركزية وتعزيز الديمقراطية المحلية 22

أولا: مواكبة اللامركزية 23

ثانيا: تعزيز الديمقراطية المحلية 23

الفقرة الثانية: تدعيم اختصاصات المجالس المحلية وزجر المخالفات.. 24

أولا: تدعيم اختصاصات المجالس الجماعية 24

ثانيا: سلطات زجر المخالفات.. 25

المبحث الثاني: ثغرات جبايات الجماعات الترابية 26

المطلب الأول: الثغرات القانونية والتنظيمية واللوجستيكية والبشرية 26

الفقرة الأولى: الثغرات القانونية والتنظيمية 26

أولا: الثغرات القانونية: 26

ثانيا: الثغرات التنظيمية : 27

الفقرة الثانية: الثغرات اللوجيستيكية والبشرية 27

أولا: الثغرات اللوجيستيكية: 27

ثانيا: الإكراهات البشرية 27

المطلب الثاني: الثغرات التقنية 29

الفقرة الأولى: الإشكالات ذات الطبيعة التقنية 29

أولا: محدودية توسيع الوعاء : 29

ثانيا: محدودية الأسعار التصاعدية وظاهرة الباقي استخلاصه 30

الفقرة الثانية: هامشية سلطة مجالس الجماعات الترابية  وثغرات التوزيع والمساطر 32

أولا: هامشية سلطة مجالس الجماعات الترابية 32

ثانيا: ثغرات سوء التوزيع الجبائي المحلي ومحدودية ملائمة وتبسيط المساطر : 33

المحور الثالث: علاقة الإدارة الجبائية المحلية بالملزم وفق القانون 47,06. 35

المبحث الأول: الإدارة الجبائية المحلية، الحقوق والواجبات.. 36

المطلب الأول: الضمانات المخولة الإدارة الجبائية المحلية 37

الفقرة الأولى: الحقوق المخولة للإدارة الجبائية المحلية 37

أولا: حق المراقبة والاطلاع. 38

ثانيا: حق فحص المحاسبة. 39

الفقرة الثانية:الامتيازات المسطرية المخولة للإدارة الجبائية المحلية. 40

أولا: مسطرة التصحيح. 40

ثانيا: مسطرة توقيع الجزاءات.. 42

المطلب الثاني: واجبات الإدارة الجبائية المحلية. 43

الفقرة الأولى: تبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية الجبائية 44

الفقرة الثانية: تعليل القرارات الإدارية وسبل توعية الملزم جبائيا 46

المبحث الثاني: الملزم المحلي الحقوق والضمانات.. 48

المطلب الأول: الحقوق والواجبات المقررة للملزم المحلي من خلال قانون 47.06. 49

الفقرة الأولى: الحقوق المخولة للملزم  المحلي. 49

الفقرة الثانية: واجبات الملزم المحلي. 55

أولا: واجب الإقرار والخضوع للمراقبة الجبائية 55

ثانيا: واجب حفظ الوثائق والتضامن. 58

المطلب الثاني: ضمانات الملزم الجبائي المحلي. 61

الفقرة الأولى : ضرورة تفعيل التواصل بين الإدارة الجبائية والملزم. 62

أولا : تحسين الاستقبال والمساعدة 62

ثانيا : نشر المعرفة القانونية 63

ثالثا : مراعاة الجانب النفسي للملزم الجبائي. 64

الفقرة الثانية: وسائل الحوار الجبائي والتواصل المحلي. 65

المحور الرابع: الممكنات والمداخل الكبرى لإصلاح النظام الجبائي المحلي. 67

المبحث الأول:متطلبات إصلاح النظام الجبائي المحلي. 69

المطلب الأول: إصلاح جديد بأهداف جديدة 70

الفقرة الأولى: تعزيز اللامركزية الترابية 70

الفقرة الثانية: ترسيخ بنيات الحكامة الجيدة والتدبير الإداري الحر 71

المطلب الثاني: الجبايات المحلية وبناء الجهوية المتقدمة 72

الفقرة الأولى: المفهوم الجديد للجهوية 73

الفقرة الثانية: بناء وإقرار الجهوية المتقدمة 73

المبحث الثاني: المبادئ الجديدة لإصلاح نظام جبايات الجماعات الترابية 74

المطلب الأول: إصلاح جديد بمبادئ جديدة 75

الفقرة الأولى: مبادئ المشاركة والشفافية والتضامن والتعاون. 75

أولا: مبدأ المشاركة والشفافية : 75

ثانيا: مبدأ التضامن والتعاون ما بين الوحدات الترابية 78

الفقرة الثانية: مبادئ العدالة والتضامن ما بين الوحدات الترابية 78

أولا: مبدأ عدالة الجبايات الترابية : 79

ثانيا: مبدأ التضامن ما بين الجماعات الترابية: 80

المطلب الثاني: المحاور الكبرى لإصلاح نظام الجبايات الترابية 83

الفقرة الأولى: المحاور التقنية لإصلاح نظام الجبايات الترابية: 83

أولا: هندسة جديدة لقانون جبايات الجماعات الترابية: 83

ثانيا: توسيع الوعاء الجبائي وشفافية تصفية جبايات الجماعات الترابية 83

الفقرة الثانية: المحاور المسطرية لإصلاح نظام الجبايات الترابية 84

أولا: توسيع السلطة الجبائية للجماعات الترابية وإعادة توزيع جباياتها وعائداتها المالية 84

ثانيا: عقلنة عملية التحصيل ومواكبة الإصلاح بإجراءات وإمكانات بشرية ومادية لإنجاحه 85

 

 

 

[1]– مقتطف من خطاب الملك الراحل الحسن الثاني لأشغال المناظرة الوطنية الخامسة للجماعات المحلية، وذلك برحاب القصر الملكي العامر بالرباط، بتاريخ 21 أبريل 1992.

[2]– هو القانون المتعلق بالجبايات المحلية الصادر بشأنه الظهير الشريف 1.07.195 بتاريخ 19 ذو القعدة 1428 الموافق ل30 نونبر 2007، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5583 بتاريخ 03 دجنبر 2007.

[3]– يقصد بالنظام الجبائي المحلي، مجموعة الضرائب والرسوم المستحقة لفائدة الجماعات المحلية وهيآتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أي تلك التي يرجع حق استخلاصها للجماعات المحلية بواسطة إدارتها الجبائية مباشرة من لدن الملزمين بأدائها، أو تلك المحولة لفائدتها من طرف الدولة.

[4]– هو القانون المتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.89.187 صادر في 21 من ربيع الآخر 1410 ( 21 نوفمبر 1989) بتنفيذ القانون رقم 30.89، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 4023 بتاريخ 06/12/1989 الصفحة 1573.

[5]-Mohamed Chafik Mouline, l’autonomie fiscale des collectivités Locales Au Maroc, Mémoire pour l’obtention du diplôme des Etudes supérieurs approfondies (D.E.S.A), Faculté du droit Rabat, Agdal, 2005, P :52.

[6]– يعتبر الدستور أسمى قانون في البلاد، وتحدد هذه الوثيقة شكل العلاقات بين مختلف السلطات، ومنه تستمد الدولة شرعيتها، ومنه تستمد مختلف القوانين والأنظمة، ومنها الضمانات القانونية التي يخولها للوحدات الترابية اللامركزية من حيث إنشاءها، وتشكيل مجالسها واختصاصاتها.

أنظر في هذا الصدد: محمد دريب، الجهوية بالمغرب، محاولة في التأصيل، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، طوب بريس الرباط، الطبعة الأولى، فبراير 2010 ، ص 35.

[7]– المهدي بنمير: “الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب”، سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى 1994، ص 11 .

[8] – سعيد جفري، هشام مليح.”التشريع الجديد للجبايات المحلية”. السلسلة المغربية لبحوث الإدارة والاقتصاد والمال، مطبعة طوبريس ، الرباط، الطبعة الأولى 2011، ص: 11

[9] – خالد عبد الغني: “تاريخ السياسة الجبائية بالمغرب ، القرن التاسع عشر”، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 2002، ص: 12.

[10] – مصطفى الكثيري، “النظام الجبائي والتنمية الاقتصادية في المغرب،” ترجمة العربي الزياتي، عبد الرحمان الشاوي، وخالد عليوة، دار النشر المغربية الدار البيضاء 1985، ص: 34.

[11] – إبراهيم بنزيت: “الجباية المحلية من الجماعة إلى الجهة” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق بالبيضاء 1997-1998، ص: 21.

[12] – مصطفى الكثيري: النظام الجبائي والتنمية الاقتصادية في المغرب ، مرجع سابق، ص:35 .

[13] – سعيد جفري، هشام مليح: التشريع الجديد للجبايات المحلية. مرجع سابق، ص:11

[14]– مصطفى الكثيري: “النظام الجبائي والتنمية الاقتصادية في المغرب”، مرجع سابق، ص :36.

[15]– أسعد عبد المجيد: “مالية الجماعات المحلية بالمغرب”، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1991، ص 136.

[16] – سعيد جفري، وآخرون، جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء القانون 06-47)، مطبعة طوب بريس- الرباط، الطبعة الأولى، نونبر 2008، ص: 27.

[17] – سعيد جفري، وآخرون، جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء القانون 06-47)، مرجع سابق، ص: 28.

[18] – سعيد جفري، هشام مليح.”التشريع الجديد للجبايات المحلية”. مرجع سابق، ص: 14

[19] – سعيد جفري، هشام مليح.”التشريع الجديد للجبايات المحلية”. نفس المرجع أعلاه، ص: 15

[20]– Fikri el kbir : le régime financier de la commune marocaine, les éditions maghrébines, Rabat 1980, p 22.

[21] – مصطفى الكثيري: “النظام الجبائي والتنمية الاقتصادية في المغرب”، مرجع سابق، ص: 39 .

[22] – أحمد حضراني: “النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريع المغربي والمقارن” ، مرجع سابق، ص: 26.

[23] – جاء عقب صدور ظهير 2 دجنبر 1952 المتعلق بالتقسيم الجماعي، وظهير 23 يوينو 1960 المتعلق بالتنظيم الجماعي، بحيث كانت حينذاك حوالي 73 جماعة تتوزع بين 28 بلدية و45 مركز مستقل 728 جماعة قروية.

[24] – الظهير الشريف رقم 121-30-1 بتاريخ 16 شوال 1381 الموافق 23 مارس 1962 بالرسوم البلدية، ج.ر عدد 2580 بتاريخ 6 أبريل 1962، ص: 496.

[25] – ظهير شريف رقم 187-89-1 بتاريخ 21 ربيع الثاني 1410، الموافق ل 21 نونبر 1989، الصادر الأمر بتنفيذ القانون رقم 89-30 المتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيآتها، ج.ر عدد 4032 بتاريخ 6 نونبر 1989، ص: 1537.

[26] – ظهير شريف  رقم 271-02-1 بتاريخ 25 من رجب 1423 ( 3اكتوبر 2002 ) بتنفيذ القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي. منشور بالجريدة الرسمية، عدد 5058 بتاريخ 21 نونبر 2002. والذي تم تعديله بقانون 17.08.

[27] – ظهير شريف رقم 195-07-1 الصادر في 30 نوفمبر 2007 بتنفيذ القانون رقم 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية .الجريدة الرسمية عدد 5583 بتاريخ 3 ديسمبر 2007.

[28] – ظهير شريف رقم 187-89-1 صادر في 27 ديسمبر 2007  بتنفيذ القانون رقم 07-39 بسن أحكام انتقالية فيما يتعلق ببعض الرسوم والحقوق والمساهمات والأتاوى المستحقة لفائدة الجماعات المحلية ،ج.ر5591  بتاريخ 31 دجنبر 2007.

[29] – سعيد جفري، هشام مليح.”التشريع الجديد للجبايات المحلية”. مرجع سابق، ص: 21.

[30]– عرض وزير الداخلية حول مشروع قانون الجبايات المحلية امام لجنة الداخلية وللامركزية والبنيات الاساسية بمجلس النواب، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة نصوص قانونية –العدد 184، سنة 2008، ص 26.

[31]– سعيد خفيف: “مسار الإصلاح الجبائي المحلي على ضوء القانون 06/47″، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات، 2007/2008، ص:116

[32]– هشام مليح، في الحاجة إلى إصلاح قانون الجبايات المحلية، منشور بمجلة العلوم والتقنيات الضريبية، 2011، مجلة داخلية خاصة بمسلك العلوم والتقنيات الضريبية جامعة الحسن الأول بسطات.

[33]– عرض لوزير الداخلية حول مشروع قانون الجبايات المحلية أمام لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية بمجلس النواب، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة نصوص قانونية – العدد 184، سنة 2008، ص 26.

[34]– يتعلق الأمر بالرسوم التالية:

  • الرسم المفروض على الصيانة والرسم الإضافي؛
  • الرسم المفروض على استخراج مواد المقالع والرسم الإضافي؛
  • الرسم المفروض على عقود التأمين والرسم الإضافي؛
  • الرسم المفروض على رخص الصيد البحري والرسم الإضافي.

 

[35]– والإجراءات المعتمدة، هي:

  • اعتماد نفس اللجنة الخاصة لتقدير الضرائب بالنسبة للرسوم المحلية، بما فيها تلك التي تقوم مديرية الضرائب بتدبيرها.
  • تحديد الآجال القانونية للبث في الطعون في 12 شهرا عوض 24 شهرا بالنسبة لتلك المتعلقة بجبايات الدولة؛
  • تمكين الملزمين من اللجوء إلى القضاء مباشرة بعد استلام مقرر اللجنة.

– أنظر في هذا الخصوص: سعيد جفري هشام مليح: التشريع الجديد للجبايات المحلية، مرجع سابق، ص 26-27.

[36]– سعيد جفري، هشام مليح، التشريع الجديد للجبايات المحلية بالمغرب، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى، 2010، ص 25-26.

[37]– خطاب الملك  محمد السادس أمام رؤساء غرف التجارة والصناعة ورؤساء المكاتب الوطنية وعدد من الفاعلين الاقتصاديين، الاثنين 25 شتنبر 2000 بالجرف الأصفر.

[38]– سعيد جفري، هشام مليح، نفس المرجع، ص 18.

[39]– سعيد جفري، هشام مليح، عبد الإله منظم، جبايات الجماعات المحلية بالمغرب على ضوء القانون 47.06، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى نونبر 2008، ص 49.

[40]– المصطفى المصبحي، التدبير الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم 47.06، المستجدات والرهانات”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات، السنة الجامعية 2007-2008، ص 110.

[41]– سعيد جفري، هشام مليح، عبد الإله منظم، جبايات الجماعات المحلية بالمغرب على ضوء القانون 47.06، مرجع سابق، ص ص 51-52.

[42]–  الدورية الصادرة عن وزارة الداخلية ،عدد 144، بتاريخ 27 دجنبر 2007، ص 7.

[43]– تنص هذه المادة على أنه : ” -Iيتعين على الملزمين إيداع تصريح بتأسيس المؤسسة يعد وفق مطبوع نموذجي للإدارة وذلك لدى مصلحة الوعاء التابعة للجماعة التي يزاول النشاط في دائرة نفوذها داخل أجل أقصاه ثلاثون (30) يوما الموالية لتاريخ الشروع في مزاولة النشاط المذكور.

-IIيجب على الملزمين الخاضعين للرسم أن يودعوا لدى مصلحة الوعاء التابعة للجماعة إقرار بالمداخيل المحققة خلال السنة المنصرمة دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة وذلك قبل فاتح أبريل من كل سنة.ويؤدى مبلغ الرسم تلقائيا كل ربع سنة قبل انصرام الشهر الموالي لربع السنة لدى صندوق وكيل المداخيل الجماعي على المداخيل المحققة خلال هذه الفترة دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة وذلك بناء على بيان للأداء يعد وفق مطبوع نموذجي للإدارة.

[44]-تنص هذه المادة على أنه :”يتعين على الملزمين الخاضعين للرسم أن يودعوا لدى مصلحة الوعاء التابعة للجماعة تصريحا بالتأسيس عند الشروع في مزاولة النشاط وإقرارا بتوقيف النشاط في حالة تفويت العربة أو تغيير طبيعة النشاط أو تغيير الشكل القانوني للمؤسسة وفق مطبوع نموذجي تعد الإدارة.

[45]Abdellatif OUERDIGHI: Vers une réforme de la fiscalité des collectivités locales au Maroc. Mémoire de fin d’étude pour l’obtention du diplôme du cycle supérieur en gestion administrative, école nationale d’administration, 2003-2005, p: 87.

[46]– خادم أحمد: “وكالة المداخيل”، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية للإدارة العمومية، الرباط، دجنبر 1992، ص 147.

[47]– أحمد حضراني، النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريع المغربي والمقارن، منشورات م.م.إ.م.ت، سلسلة مؤلفات جامعية، العدد 22، سنة 2001، ص 423.

[48]– أحمد حضراني، نفس المرجع، ص 423.

[49]– هشام مليح: “في الحاجة إلى إصلاح قانون الجبايات المحلية، مرجع سابق، ص: 19

[50]– هدار صباح، تمويل الجماعات القروية بالمغرب-جماعة لقصابي-تكوست نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة الحسن الأول، سطات، 2009-2010، ص: 34.

[51]– بلقاسم بوطيب وكريم الحرش، النظام الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم 06-47، مرجع سابق، ص: 79

[52]– هشام مليح: في الحاجة إلى إصلاح قانون الجبايات المحلية، مرجع سابق، ص: 21

[53]– كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي المغربي، في ضوء الممارسة العملية ووقائع الاجتهاد القضائي، الطبعة الاولى2010 – الرباط، ص  183

[54]– أحمد حضراني: مرجع سابق، ص 403.

[55]– دليل المصطفى: المجالس الجماعية في المغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد، منشورات م.م.إ.م.ت، سلسلة مواضيع الساعة، الطبعة الثالثة، العدد 40، السنة 2003، ص 184.

[56]-Amine Mzouri, pourqoi faut il reconsidérer la fiscalité locale?, Faculté des Sciences juridiques, Economiques et Sociales de l’Université Mohammed V – Agdal, Rabat, non daté, 4 pages, 2009-2010.

 – [57]صلاح الدين اكريلان، الميثاق الجماعي الجديد النظرية والتطبيق، اجهزة الجماعة-السلطة المحلية-، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، الطبعة الاولى، سنة2003 ، مطبعة فيديبرانت، ص 167.

[58]– هشام مليح : السياسة الجبائية المحلية بالمغرب( بين هاجسي الحضور العمومي والمحلي)، رسالة  لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، تخصص تدبير الإدارة المحلية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الأول بسطات، 2007-2008، ص: 95

[59]– سعيد جفري، ندوة حول اصلاح النظام المالي المحلي، جامعة الحسن الأول-سطات، بتاريخ 28 يونيو 2012، منشورة بالموقع الالكتروني التالي:

www.marocdroit.com

 

[60]– أشغال اللقاء العلمي الأول لمسلك العلوم والتقنيات الضريبية حول موضوع، “ظاهرة الباقي استخلاصه: أرقام ودلالات”، بتاريخ 07 يوليوز 2011.

[61]– سعيد جفري: محاضرات في مادة التشريع الجبائي المحلي، ألقيت على طلبة ماستر العلوم والتقنيات الضريبية، السنة الجامعية: 2010-2011.

[62]– احمد حضراني: “النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريع المغربي والمقارن”، مرجع سابق، ص: 53

[63]– سعيد جفري: “جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء القانون 06-47)”، مرجع سابق ، ص: 160

[64] – حفيظ يونسي:” بعض جوانب القصور في تدبير الجباية المحلية”، مسالك عدد مزدوج 11/ 12، 2009، ص: 49

[65] – سعيد جفري وآخرون: “جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء القانون 06-47)”، مرجع سابق، ص: 121.

[66] – سعيد جفري وآخرون، جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء قانون 47.06)، مرجع سابق، ص: 141

[67] – الهاشمي فاروق:”تحصيل الجبايات المحلية بين وكيل المداخيل والقابض البلدي”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 80، 2008، ص:139.

[68] – محمد بحيري، التحصيل الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم 06/47، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة الحسن الأول سطات، السنة الجامعية 2007- 2008، ص:145.

[69] – رشيدة الخير:”المراقبة الجبائية، مسطرة الفحص في عين المكان”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في المالية العامة، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، السنة الجامعية، 2000-2001، ص:60.

[70] – رشيدة الخير، :”المراقبة الجبائية، مسطرة الفحص في عين المكان” نفس المرجع أعلاه، ص: 16.

[71] – حق الاطلاع هو امتياز يضمن للإدارة الجبائية، إمكانية طلب جميع المعلومات التي من شأنها تسهيل مهمة التفتيش في الفحص الجبائي.

[72] – عملا على تكييف مقتضيات ممارسة حق الاطلاع مع مناهج التسيير والتنظيم الجديدة، تمت إضافة عبارة الأصل أو تسليم النسخ المغناطيسية “بمقتضى قانون مالية 96/97 إلى كل المواد المنظمة لحق الاطلاع من أجل تمكين الإدارة من الاطلاع على أصل الوثائق، وأخذ نسخ منجزة بالوسائل المغناطيسية، أو المعلوماتية ونفس الشيء ينطبق على القانون الجديد 47.06.

[73] – رشيدة الخير:”المراقبة الجبائية، مسطرة الفحص في عين المكان” مرجع سابق، ص: 86.

[74] – المادة  153 من القانون 47.06.

[75] – المدونة العامة للضرائب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة نصوص ووثائق، العدد 171، الطبعة السابعة، 2013، ص:223.

[76] – سعيد جفري وآخرون، جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء القانون 06-47)، مرجع سابق، ص:143

[77] – المادة 155 من القانون 47.06

[78] – المادة 162 من القانون 47.06

[79] – المادة 158 من القانون 06-47

[80] – المادة 228 من المدونة العامة للضرائب نصت على ما يلي: إذا كان الخاضع للضريبة لم يقدم داخل الآجال المحددة بتقديم:

  • الإقرار بالحصيلة الخاضعة للضريبة المنصوص عليه في المادتين 20 و50 أعلاه؛
  • الإقرار بمجموع الدخل المنصوص عليه في المادتين 82 و85 أعلاه؛…
  • وجب أن توجه إليه رسالة وفق الإجراءات المنصوص عليه في المادة 219 أعلاه يطلب إليه فليها إيداع أو تتميم إقراره.

[81] – إبراهيم مهم:”المنازعات الجبائية بالمغرب: محاولة لتحقيق التوازن بين الملزم والإدارة الضريبية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق (وحدة المالية العامة) جامعة الحسن الثاني، عين الشق البيضاء، السنة الجامعية 2005-2006، ص:110.

[82] – المواد من 134 إلى 146 من القانون 47.06.

[83] – مدني أحميدوش:”دليل الجبايات المحلية على ضوء آخر التعديلات”، دار القلم، 2008، ص:142.

[84] – سعيد جفري وآخرون، جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء القانون 06-47)،مرجع سابق، ص:147.

[85] – المادة 146 من قانون 47.06.

[86] – نسرين سعد الدين: الإدارة العمومية وإشكالية التواصل، أطروحة لنيل الدكتوراه، في القانون العام، جامعة محمد الخامس كلية الحقوق الرباط، السنة الجامعية 2006-2007، ص: 148.

[87] – نسرين سعد الدين: الإدارة العمومية وإشكالية التواصل، نفس المرجع أعلاه ، ص: 148.

[88] – محمد بحيري: التحصيل الجبائي المحلي على ضوء القانون 06-47، مرجع سابق، ص: 159.

[89] – محمد بحيري: التحصيل الجبائي المحلي على ضوء القانون 06-47، مرجع سابق، ص: 153.

[90] – إبراهيم مهم: المنازعات الجبائية بالمغرب: محاولة لتحقيق التوازن بين الملزم والإدارة الضريبية”، مرجع سابق، ص:173.

[91] – إبراهيم مهم، المنازعات الجبائية بالمغرب، مرجع سابق، ص: 173-174.

[92] – علي سدجاري، الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث، مرجع سابق، ص: 61.

[93] – ظهير شريف رقم 1.02.202 صادر في 12 جمادى الأولى 1423 الموافق 23 يوليوز 2002، بتنفيذ القانون رقم 01.03.

[94] – نصت المادة 130 من القانون 06-47 على ما يلي: يرسل المحاسب المكلف بالتحصيل الإعلام يفرض الرسم إلى الملزمين المسجلين بالجداول عن طريق البريد في ظرف مغلق وعلى أبعد تقدير عند تاريخ الشروع في التحصيل.

ويبين هذا الإعلام مبلغ الرسم الواجب أداؤه وتاريخ الشروع في التحصيل وتاريخ الاستحقاق.

[95] – إبراهيم مهم: المنازعات الجبائية بالمغرب، مرجع سابق، ص: 97.

[96] – أنظر المادة 153 من القانون 06-47 المتعلق بالجبايات المحلية.

[97] – أنظر المادة 158 من القانون رقم 06-47.

[98] – عبد الرحيم احزيكر: إشكالية تحصيل الضرائب بالمغرب محاولة في التأصيل والبحث في سبل تحقيق التوازن بين امتيازات إدارة التحصيل وضمانات الملزم، أطروحة لنيل الدكتوراه، في الحقوق، وحدة المالية العامة، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق، البيضاء، السنة الجامعية 2003 /2004، ص: 296.

[99] – المادة 156 من القانون 06-47.

[100] – أحمد قيلش: المنظومة الجبائية المحلية بين إشكالية التنازع وحركية التقاضي. مرجع سابق، ص: 114

[101] – رشيد الخير :”المراقبة الجبائية” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام كلية الحقوق- عين الشق- الدار البيضاء 2000/2001، ص: 44.

[102]– محمد شكيري: حقوق الملزمين بالضريبة وتطور مفهوم العدالة الجبائية، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، مطبعة النجاح، الدار البيضاء العدد 5، 2006، ص: 40.

[103] – فؤاد القادري: حول علاقة جديدة بين الملزم والإدارة الجبائية، الندوة الجهوية السادسة، تحت عنوان المنازعات الانتخابية والجبائية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، المنظمة من طرف المجلس الأعلى احتفاء بالذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس الأعلى، بالمركب الرياضي والاجتماعي ببنك المغرب الرباط 10- 11/ ماي 2007، ص: 285.

[104] – المادة 246، من المدونة العامة للضرائب.

[105] – سعيد جفري وآخرون: جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء القانون 06-47) مرجع سابق، ص: 127.

[106] – عبد الصادق النصاري: أزمة التواصل بين الملزم والإدارة الجبائية المحلية: محاولة نقدية لفهم وتطوير علاقة الملزم بالإدارة الجبائية في المغرب. أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2003-2004، ص: 255.

[107] – المادة 219 من المدونة العامة للضرائب 2013

[108] – تعتبر المراقبة من أهم وظائف الإدارة الجبائية، وتعد لحظة المراقبة أو الفحص الجبائي من أهم لحظات الاحتكاك والتواصل بين الملزم والإدارة.

[109] – المادة 232 من المدونة العامة للضرائب.

[110] – أحمد قيلش: المنظومة الجبائية المحلية بين إشكالية التنازع وحركية التقاضي. مرجع سابق، ص: 118

[111] – محمد شكيري: القانون الضريبي المغربي، دراسة تحليلية ونقدية، مرجع سابق، ص: 562

[112] – عرفت المادة الأولى من قانون 15.97 التحصيل بأنه: ” مجموع العمليات والإجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة والجماعات المحلية وهيآتها  والمؤسسات  العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، أو ناتجة عن أحكام وقرارات القضاء وعن الاتفاقات”

[113] – تم رفع أجل البث في المطالبة من ثلاثة أشهر في القانون رقم 30.89 إلى ستة أشهر في قانون 47.06.

[114] – عبد الله بولرباج والعزيز الوزاني: ” علاقة الملزم بالإدارة الجبائية”، تقرير نهاية التدريب بسلك الكتاب العامين للجماعات، 2004، ص: 29

[115] – لقد حددت المادة 160 من قانون 47.06 أجل التقادم في أربع سنوات

[116] – أحمد قيلش: المنظومة الجبائية المحلية بين إشكالية التنازع وحركية التقاضي. مرجع سابق، ص: 117

[117] – جواب السيد وزير المالية أمام أعضاء لجنة الداخلية واللامركزية بمجلس النواب بمناسبة المناقشة العامة لمشروع القانون رقم 06/47، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة” نصوص ووثائق”، الطبعة الأولى، عدد 184، 2008، ص:42.

[118] – المادة 165 من القانون 06/47

[119] – كريم لحرش : الإدارة الجبائية المحلية بين النص القانوني والممارسة، مرجع سابق، ص: 160

[120] – إبراهيم لين والمحجوب فتوح. “المنازعات الجبائية المحلية: الوسائل والإجراءات”. تقرير نهاية التدريب، مدرسة تكوين الأطر، القنيطرة، 1998، ص: 39.

[121] – الرسوم الثمانية جاءت مفصلة في المادة 149 من القانون 06-47 وهي الرسم على عمليات التجزئة، الرسم على محال بيع المشروبات، الرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية، الرسم على المياه المعدنية ومياه المائدة، الرسم على النقل العمومي للمسافرين، الرسم على استخراج مواد المقالع، الرسم على الخدمات المتقدمة بالموانئ، الرسم على استغلال المناجم.

[122] – أشارت المادة 151 من قانون 06-47 إلى الوثائق والسجلات كما يلي: وثائق المصلحة أو الوثائق المحاسبية الموجودة في حوزة الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وكل هيئة خاضعة لمراقبة الدولة.

– السجلات والوثائق التي تفرض القوانين والأنظمة الجاري بها العمل: يراجع المادة 151 من قانون 47.06.

[123] – سعيد جفري وأخرون: “جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء القانون 47.06)، مرجع سابق، ص: 139

[124] – سعيد جفري وأخرون: جبايات الجماعات المحلية بالمغرب (على ضوء القانون 47.06)، مرجع سابق، ص:140

[125]-G.GILBERT et A.GUENGANT, la fiscalité locale en question, édition montchreston ،paris ; 1990, P : 39.

[126] – عبد الصادق النصاري: “أزمة التواصل بين الملزم والإدارة الجبائية: محاولة نقدية لفهم وتطور علاقة الملزم بالإدارة الجبائية  في المغرب”، مرجع سابق، ص 226.

[127] – أحمد حضراني: “انطباعات حول واقع الإدارة العمومية”، مقالة منشورة بمجلة طنجيس، العدد 3، 2003، ص 206.

[128] – مولاي إدريس الحلابي الكتاني: “أسس تحديث الإدارة العمومية، استقبال المواطنين في قطاع الوظيفة العمومية”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 34، شتنبر – أكتوبر 2000، ص 92.

[129]  – علي سدجاري: “الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث”مرجع سابق ، ص: 62.

[130] – علال بوركبة: الموارد الجبائية المستخلصة مباشرة من طرف الجماعات الحضرية والقروية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق، الدار البيضاء2001/2002، ص: 128.

[131]  – أحمد خادم: وكالة المداخيل الجماعية”، رسالة لنيل دبلوم السلك العادي، المدرسة الوطنية للإدارة العمومية، الرباط 1992/1993، ص 154.

[132] – عبد الرحيم حزيكر: “إشكالية تحصيل الضرائب بالمغرب: محاولة في التأصيل والبحث في سبيل تحقيق التوازن بين امتيازات إدارة التحصيل وضمانات الملزم”. أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، عين الشق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2003/2004 ، ص: 261..

[133] – عبد الرحيم حزيكر: “إشكالية تحصيل الضرائب بالمغرب: محاولة في التأصيل والبحث في سبيل تحقيق التوازن بين امتيازات إدارة التحصيل وضمانات الملزم”.  مرجع سابق ، ص 271.

[134] – أحمد حضراني: تضريب العقار: دراسة تحليلية للمادة التالثة من ظهير 23 يونيو 1989، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق الدار البيضاء 1995، ص: 179 .

[135] – المحجوب الدربالي: “النظام الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم 47.06″، مرجع سابق، ص: 90

 

[136]– عبد الله دمومات: مقاربة حول الإصلاح الضريبي المغربي العام في ظل استراتيجية برنامج التقويم الهيكلي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، شعبة المالية العامة، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدارالبيضاء، 1994، ص1.

[137]-هشام مليح : الدولة والجبايات المحلية، السلسلة المغربية للعلوم والتقنيات الضريبية، العدد الرابع، مطبعة الأمنية-الرباط، سنة 2014، ص 3.

[138]– كريم لحرش: تدبير مالية الجماعات المحلية بالمغرب ،سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، مطبعة طوب بريس، الطبعة الثانبة2011.

[139]– مقتطف من خطاب الملك الراحل الحسن الثاني لأشغال المناظرة الوطنية الخامسة للجماعات المحلية، وذلك برحاب القصر الملكي العامر بالرباط، بتاريخ 21 أبريل 1992.

[140]– تقرير  اللجنة  الاستشارية حول  الجهوية المتقدمة، ص  39.

[141]– عبد الغني الشاوي : “الجهة كمجال لتطبيق الحكامة الجيدة”،منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة “مواضيع الساعة”، عدد خاص 71، سنة 2011، ص 60.

[142]– كريم لحرش : “الحكامة المحلية بالمغرب”، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، عدد 2، غشت 2009، الطبعة الأولى، ص : 6.

[143]– كتيب وزارة الداخلية: الجماعات المحلية في أرقام، عدد 13، سنة 2011.

[144] – عبد الحق عقلة، القانون الإداري، الجزء الأول، مطبعة دار القلم، الرباط، طبعة 2002، ص227.

[145] -صالح المستف: “التطور الإداري في أفق الجهوية بالمغرب”، مطبعة دار النشر، الدار البيضاء، 1989، ص272.

[146]-Gvenou (M) et tiberghien (B):« Décision territoriales et nouvelles approches organisationnelles », in administration, gouvernance et décision publique, S/D Ali sedjari, L’harmattan, 2004, p : 184.

[147]– خالد الشرقاوي السموني، البعد السياسي للجهة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 16، سلسلة مواضيع الساعة، 1998، ص 11.

[148] – رشيد السعيد: “مدى مساهمة اللامركزية واللاتمركز الإداري في دعم الجهوية”، أطروحة لنيل الدكتوراه، 2001-2002، ص 70.

[149]– كريم لحرش، الدستور الجديد للمملكة شرح وتحليل، سلسلة العمل التشريعي والاجتهاد القضائي، العدد 3، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، 2012، ص، 16.

[150]– سعيد جفري : “الجهوية الموسعة بالمغرب : خارطة طريق ملكية”، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، عدد 6، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى، فبراير 2010، ص ص : 9-10.

[151] – سعيد جفري: الحكامة وأخواتها، مرجع سابق، ص 213.

[152]ـ المقاربة التشاركية تتضمن في أدبياتها المرجعية الطرق والأساليب التي تساعد الجماعات على التدبير الذاتي، بحصولها على الثقة في النفس وعلى الفهم والشعور بامتلاك مشاريع التنمية التي ستحدث تغييرات دائمة. هذه الطرق والأساليب تستهدف احترام كرامة الناس وتحسين ظروف عيشهم. كما أن إشراكهم مقرون بالتزامهم وبموافقتهم على تحمل المسؤولية وعلى التحسينات المقترحة. ويمكن اختصار مفهوم المقاربة التشاركية في عبارة ” العمل مع” عوض ” العمل من أجل”، بمعنى العمل في الاتجاه الأفقي عوض الاتجاه العمودي من أعلى إلى أسفل، كما تعمل أغلب الحكومات والمؤسسات العمومية في الأنظمة المركزية التي تفرض على شعوبها سياسات فوقية دون استشارتها ودون إشراكها في التنفيذ والتتبع والتقويم، وهذا ما يفسر فشل هذه السياسات بالرغم من صرف أموال طائلة على الدراسات القبلية التي ينجزها الخبراء.

والمقاربة التشاركية، هي أيضا آلية تدبيرية حديثة تهدف إلى توحيد جهود مختلف الفاعلين في مجال من المجالات ودعم إمكانات التشاور والتحاور فيما بينهم بما يخدم تحقيق الأهداف المنتظرة. وإلى جانب كل من مقومي الأهداف العامة والمؤشرات، فإن هذه المقاربة تستحضر في إطار إنجاز العمليات المنشودة إمكانية تطور كل من المجتمع المدني والقطاع الخاص، فهذا الأخير بإمكانه تحقيق التلقائية في الأداء الجبائي عبر تفويت خدمات التحصيل الجبائي إلى وكالات جبائية متخصصة في بعض الرسوم تحظى بامتيازات الدولة على غرار العديد من التفويتات التي أبانت عن نجاعتها وحسن الخدمات المقدمة من طرفها. أما الخدمات الأخرى، فتتطلب إقامة لقاءات تحسيسية يساهم فيها المجتمع المدني بخلق تواصل جبائي فاعل وفعال عبر إشراك الفرقاء الاجتماعيين، لإرساء ثقافة جبائية تزيل علاقة التشنج والاختناق بين الإدارة الجبائية والملزمين سواء تعلق الأمر بالتحصيل الجبائي أو أساليب الإقرار التلقائي.

– أنظر في هذا الخصوص: سعيد جفري، الحكامة وأخواتها، مرجع سابق، ص 214.

[153]– محمد براو: “الشفافية والمساءلة والمراقبة العليا على المال العام في سياق الحكامة الرشيدة، المقومات – الفاعلون – التفاعلات”، دراسة مقارنة مركزة، الطبعة الأولى، 2010، ص 8.

[154]– حميد أبولاس:” قراءة عملية للجباية المحلية على ضوء القانون الجديد رقم 47.06″، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 78.

[155]– دراسة حول اللامركزية الادارية والسياسية في المغرب واسبانيا، من إنجاز مجموعة الكتاب، مطبعة سبارطيل، سنة 2010.

[156]– حاول بعض الفقهاء القانونيين تعريف العدالة الجبائية من قبيل (Jacque Perecebois)، والذي يقول على ” أن العدالة الضريبية هي التي تعمل على أن تكون منصفة équitable وذلك بتوزيعها للعبء الضريبي بحيث يتحمل كل واحد جزؤه العادل” وهي بالتالي أداة يتم من خلالها تقسيم عبء النفقات العامة على كل الملزمين وتعمل على التخفيف من التفاوت الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع، وبذلك فهذا الفقيه يحاول تحديد مفهوم العدالة الضريبية وذلك من خلال الغاية التي تسعى لتحقيقها .

أما جون رولز (john rowles) فيعتبر العدالة الضريبية هي تلك العدالة التوزيعية التي تعتمد على فكرة أن المجتمع يجب أن ينظم بمقتضى بنيان توزيعي ولا يسمح بالتضحية ببعض أفراده باسم تحقيق المنفعة لعدد أكبر من أفراده، كما يؤكد على أن العدالة الضريبية لا تشكل هدفا في حد ذاتها بل هي عبارة عن محاولة إيجاد مؤسسات ترتكز على منطق تعاقدي يتسم بالتفاوض شبه الدائم بين أفراد عقلانيين إلى درجة تجاهلهم لأحكامهم المسبقة وكذلك لمصالحهم.

أما بيرنارد ديفيناي فقد ذهب لربط العدالة الضريبية بدخول المكلفين حيث يرى أن هذا المفهوم يتحقق عندما يسهم كل الخاضعين للضريبة في تغطية النفقات العامة بما يتناسب مع دخل كل منهم، وقد وضع بيرنار دفيناي عدة شروط لتحقيق العدالة من وجهة نظره.

ورغم صعوبة تعريف العدالة الضريبية فقد ظهر مبدءان أصبحا من أهم معايير العدالة الضريبية، فالمبدأ الأول يتمثل في العدالة الأفقية Equitéhorizontal ويقضي هذا المبدأ أن تتم معاملة الأفراد ذوي الظروف الاقتصادية المتماثلة معاملة ضريبية متساوية فيقومون بتسديد ضرائب متماثلة، وهو ما يشكل أساسا لمبدأ العدالة أمام الضريبة، غير أن تحقيق العدالة بهذه الصورة يقتضي بداية محاولة تحديد المقصود بالظروف الاقتصادية المتماثلة تحديدا دقيقا وذلك عبر إمكانية قياسها إحصائيا وعدديا، وذلك عبر استعمال معيار معين كمعيار الدخل أو الثروة أو الإنفاق أو الاستهلاك ويتطلب أيضا إلى جانب تحديد معيار المقارنة تحديد الوحدات التي ستتم بها هذه المقارنة كالأسرة أو الفرد.

أما المبدأ الثاني فهو العدالة العمودية équité verticale ، التي تعني أنه يجب معاملة الأفراد ذوي الظروف الاقتصادية المختلفة معاملة ضريبية مختلفة، فمن هم في وضع أفضل يجب أن يدفعوا مزيدا من الضرائب، والعدالة الضريبية بهذا تصبح جزءا من العدالة الاجتماعية وتصبح أداة أخرى لإعادة توزيع الدخول والثروات.

[157]– ينص الفصل 39 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 على أنه:” على الجميع أن يتحمل كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور”.

[158]– مصطفى منار: ” الاقتطاع الضريبي والعدالة الاجتماعية”، بدون دار نشر، مؤلف جامعي، السنة الجامعية 2007، ص 18.

[159]– مصطفي منار : نفس المرجع، ص 19.

[160]– سلوى كركري بلقزيز:” الجهوية والتنمية”، المجلة المغربية للسياسات العمومية، عدد خريف 2010، ص 175.

[161] – قانون المالية لسنة 2012 .الجريدة الرسمية عدد 6048، بتاريخ 25 جمادى الآخرة 1433 (17 ماي 2012).

[162]– كريم لحرش:” تدبير مالية الجماعات المحلية بالمغرب على ضوء القانون رقم 08/45″،سلسلة اللامركزية والادارة المحلية . العدد 4، الطبعة الاولى، 2010، ص 17.

[163]– كريم لحرش: نفس المرجع، ص 32.

[164]– كريم لحرش: مرجع سابق، ص 37.

 – [165]كريم لحرش: نفس المرجع، ص 38.

 – [166]كريم لحرش: نفس المرجع، ص 39.

[167]– كريم لحرش: مرجع سابق، ص 65.

[168]– كريم لحرش: نفس المرجع، ص 84.

[169]– François Labie:  Finance Loacles. Edition Dalloz, Paris, 1995, p :20

[170]– René Dosière : la fiscalité locale. Que sais-je ?, presses Universitaires de France, Paris, 1996, p : 108.

[171]-Abdellatif Ouerdighi : Vers une réforme de la fiscalité des collectivités locales au Maroc, Op, cit, P : 87.

[172]-Guy Gilbert. Alain GUENGAUNT : La fiscalité locale en questions, 2éme  édition, Montchrestion, 1998, P :91

[173]– محمد شكيري: إصلاح المنظومة الجبائية المحلية بين أهداف الإصلاح وإكراهات الواقع. المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 78-79، يناير- أبريل 2008، ص: 180.

[174]– نفس المرجع السابق، ص 38.

[175]– احصائيات منشورة كتيب لوزارة الداخلية تحت عنوان الجماعات المحلية في أرقام، عدد13، سنة 2013.

[176]– تقرير حول الجهوية المتقدمة، الكتاب الأول، التصور العام، اللجنة الإستشارية حول الجهوية، المملكة المغربية، سنة 2011.